الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ فِي مُوجِبِ كَفَّارَةِ الصَّوْمِ
(تَجِبُ الْكَفَّارَةُ بِإِفْسَادِ صَوْمِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ) يَقِينًا وَخَرَجَ بِهِ الْوَطْءُ فِي أَوَّلِهِ إذَا صَامَهُ بِالِاجْتِهَادِ وَلَمْ يَتَحَقَّقْ أَنَّهُ مِنْهُ أَوْ فِي صَوْمِ يَوْمِ الشَّكِّ حَيْثُ جَازَ فَبَانَ مِنْ رَمَضَانَ (بِجِمَاعٍ) وَلَوْ لِوَاطًا وَإِتْيَانَ بَهِيمَةٍ أَوْ مَيِّتٍ وَإِنْ لَمْ يَنْزِلْ (أَثِمَ بِهِ بِسَبَبِ الصَّوْمِ) أَيْ لِأَجْلِهِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «جَاءَ رَجُلٌ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ هَلَكْتُ، قَالَ: وَمَا أَهْلَكَكَ؟ قَالَ وَاقَعْتُ امْرَأَتِي فِي رَمَضَانَ، قَالَ: هَلْ تَجِدُ مَا تُعْتِقُ رَقَبَةً؟ قَالَ لَا، قَالَ: فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؟ قَالَ لَا، قَالَ: فَهَلْ تَجِدُ مَا تُطْعِمُ سِتِّينَ مِسْكِينًا؟ قَالَ لَا، ثُمَّ جَلَسَ، فَأَتَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِعَرَقٍ» وَهُوَ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَتَيْنِ مِكْتَلٌ يُنْسَجُ مِنْ خُوصِ النَّخْلِ، «فِيهِ تَمْرٌ فَقَالَ: تَصَدَّقْ بِهَذَا، فَقَالَ: عَلَى أَفْقَرَ مِنَّا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَوَاَللَّهِ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا أَهْلُ بَيْتٍ أَحْوَجُ إلَيْهِ مِنَّا، فَضَحِكَ صلى الله عليه وسلم حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ ثُمَّ قَالَ: اذْهَبْ فَأَطْعِمْهُ أَهْلَك» وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ «فَأَعْتِقْ رَقَبَةً فَصُمْ شَهْرَيْنِ فَأَطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا» بِلَفْظِ الْأَمْرِ. وَرِوَايَةُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
[فَصْلٌ فِي مُوجِبِ كَفَّارَةِ الصَّوْمِ]
ِ) (قَوْلُهُ: كَفَّارَةِ الصَّوْمِ) أَيْ وَبَيَانُهَا وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِهِ) أَيْ بِقَوْلِهِ يَقِينًا (قَوْلُهُ: حَيْثُ جَازَ) أَيْ بِأَنْ أَخْبَرَهُ مَوْثُوقٌ بِهِ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ فَصَامَ اعْتِمَادًا عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ: بِجِمَاعٍ) قَدْ يَخْرُجُ مَا لَوْ قَارَنَ الْجِمَاعَ مُفْطِرٌ آخَرُ كَأَكْلٍ فَلَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ، وَهُوَ مُتَّجَهٌ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ وَلَمْ يَتَمَحَّضْ الْجِمَاعُ لِلْهَتْكِ اهـ سم عَلَى شَرْحِ الْبَهْجَةِ.
فَلَوْ أَوْلَجَ فِي فَرْجٍ مَقْطُوعٍ هَلْ يَجِبُ فِيهِ الْكَفَّارَةُ وَيَفْسُدُ الصَّوْمُ كَمَا يَجِبُ الْغُسْلُ بِالْإِيلَاجِ فِيهِ أَوْ لَا وَيُفَرَّقُ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمَدَارَ هُنَا عَلَى مُسَمَّى الْجِمَاعِ وَهُوَ مُنْتَفٍ فِيهِ، بِخِلَافِ الْغُسْلِ فَإِنَّ الْحُكْمَ فِيهِ مَنُوطٌ بِمُسَمَّى الْفَرْجِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لِوَاطًا) صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْجِمَاعَ يَشْمَلُ ذَلِكَ لَكِنَّهُ قَالَ فِي الْإِيعَابِ بَعْدَ تَعْبِيرِ الْمَتْنِ بِالْجِمَاعِ الْأَوْلَى بِوَطْءٍ لِيَشْمَلَ اللِّوَاطَ وَإِتْيَانَ الْبَهِيمَةِ وَالْمَيْتَةِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ تَفْسِيرُ مُرَادٍ فَلَا يُنَافِي مَا ذَكَرَهُ فِي الْإِيعَابِ (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ جَاءَ رَجُلٌ) وَاسْمُهُ سَلَمَةُ بْنُ صَخْرٍ الْبَيَاضِيُّ (قَوْلُهُ: قَالَ «هَلْ تَجِدُ مَا تُعْتِقُ؟» ) أَيْ تَسْتَطِيعُ وَمَا مَصْدَرِيَّةٌ (قَوْلُهُ «فَهَلْ تَجِدُ مَا تُطْعِمُ؟» ) مَا مَصْدَرِيَّةٌ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَهُوَ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَتَيْنِ) هَذَا هُوَ الصَّوَابُ الْمَشْهُورُ فِي الرِّوَايَةِ وَاللُّغَةِ، وَحَكَاهُ الْقَاضِي عَنْ رِوَايَةِ الْجُمْهُورِ ثُمَّ قَالَ: وَرَوَاهُ كَثِيرٌ مِنْ شُيُوخِنَا وَغَيْرُهُمْ بِإِسْكَانِ الرَّاءِ، قَالَ: وَالصَّوَابُ الْفَتْحُ، وَيُقَالُ الْعَرَقُ الزَّبِيلُ بِفَتْحِ الزَّايِ مِنْ غَيْرِ نُونٍ وَالزِّنْبِيلُ بِكَسْرِ الزَّايِ وَزِيَادَةِ نُونٍ، وَيُقَالُ لَهُ الْقُفَّةُ وَالْمِكْتَلُ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ التَّاءِ الْمُثَنَّاةِ فَوْقٍ وَالسَّفِيفَةُ بِفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَبِالْفَاءَيْنِ.
قَالَ الْقَاضِي: قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: تُسَمَّى زِنْبِيلًا لِأَنَّهُ يُحْمَلُ فِيهِ الزِّبْلُ، وَالْعَرَقُ عِنْدَ الْفُقَهَاء مَا يَسَعُ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا وَهُوَ سِتُّونَ مُدًّا لِسِتِّينَ مِسْكِينًا لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدٌّ اهـ شَرْحُ مُسْلِمٍ لِلنَّوَوِيِّ.
وَأَمَّا الْفَرَقُ بِالْفَاءِ وَالرَّاءِ الْمَفْتُوحَتَيْنِ فَهُوَ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ مِكْيَالٌ يُقَالُ إنَّهُ يَسَعُ سِتَّةَ عَشَرَ رِطْلًا (قَوْلُهُ: مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا) وَهُمَا الْحَرَّتَانِ أَيْ الْجَبَلَانِ الْمُحِيطَانِ بِالْمَدِينَةِ وَفِي رِوَايَةٍ ذَكَرَهَا
ــ
[حاشية الرشيدي]
[مَصْرِفُ فِدْيَةُ الصَّوْم]
(فَصْلٌ فِي مُوجِبِ كَفَّارَةِ الصَّوْمِ)(قَوْلُهُ: يَقِينًا) يَعْنِي ظَنًّا مُسْتَنِدًا إلَى رُؤْيَةٍ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (قَوْلُهُ: أَوْ فِي صَوْمِ يَوْمِ الشَّكِّ إلَخْ) سَيَأْتِي أَنَّهُ يُورِدُ ذَلِكَ عَلَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَيُجِيبُ عَنْهُ بِأَنَّهُ خَارِجٌ بِقَيْدِ الْإِفْسَادِ فَلَا حَاجَةَ إلَى قَوْلِ الشَّارِحِ يَقِينًا هُنَا بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ.
وَاعْلَمْ أَنَّهُ إنَّمَا يَرِدُ عَلَى الْمُصَنِّفِ إنْ جَعَلَ قَوْلَهُ مِنْ رَمَضَانَ وَصْفًا لِيَوْمٍ، فَإِنْ جُعِلَ وَصْفًا لِصَوْمٍ لَمْ يَرِدْ فَتَأَمَّلْ.
«أَنَّهُ كَانَ فِيهِ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا» كَمَا قَالَهُ الْبَيْهَقِيُّ أَصَحُّ مِنْ رِوَايَةِ «أَنَّهُ كَانَ فِيهِ عِشْرُونَ صَاعًا»
وَسَتَأْتِي الْقُيُودُ مَشْرُوحَةً فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ.
وَأُورِدَ عَلَى هَذَا الضَّابِطِ أُمُورٌ أَحَدُهَا إذَا جَامَعَ الْمُسَافِرُ وَنَحْوُهُ امْرَأَتَهُ فَفَسَدَ صَوْمُهَا لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ بِإِفْسَادِهِ عَلَى الْأَظْهَرِ فَيَنْبَغِي التَّقْيِيدُ بِصَوْمِ نَفْسِهِ وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الْكَفَّارَةَ إذَا لَمْ تَلْزَمْ بِإِفْسَادِهَا صَوْمَهَا بِالْجِمَاعِ كَمَا يَأْتِي فَبِالْأَوْلَى إفْسَادُ غَيْرِهَا لَهُ.
الثَّانِي لَوْ ظَنَّ غُرُوبَ الشَّمْسِ مِنْ غَيْرِ أَمَارَةٍ فَجَامَعَ ثُمَّ بَانَ نَهَارًا فَلَا كَفَّارَةَ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ الْهَتْكَ.
قَالَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَالْمُتَوَلِّي وَالْبَغَوِيُّ.
قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَبِهِ قَطَعَ الْأَصْحَابُ إلَّا الْإِمَامُ فَإِنَّهُ قَالَ: مَنْ أَوْجَبَ الْكَفَّارَةَ عَلَى النَّاسِي يُوجِبُهَا هَهُنَا.
وَقَالَ الرَّافِعِيُّ وَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا مُفَرَّعًا عَلَى تَجْوِيزِ الْإِفْطَارِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ، وَإِلَّا فَتَجِبُ الْكَفَّارَةُ وَفَاءً بِالضَّابِطِ الْمَذْكُورِ.
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي وَالْمُتَوَلِّي وَالْبَغَوِيِّ مُصَرَّحٌ بِالْمَعْصِيَةِ وَعَدَمِ الْكَفَّارَةِ، قَالَ الْقَاضِي: لِأَنَّهَا تُدْرَأُ بِالشُّبْهَةِ كَالْحَدِّ.
قَالَ: وَلَوْ بَانَ أَنَّ الشَّمْسَ قَدْ غَرَبَتْ خَرَجَ وَلَا قَضَاءَ فَلَا يَصِحُّ الْحَمْلُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ اهـ.
وَيُجَابُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ بِأَنَّهَا إنَّمَا سَقَطَتْ بِالشُّبْهَةِ وَهِيَ عَدَمُ تَحَقُّقِ الْمُوجِبِ عِنْدَ الْجِمَاعِ الْمُعْتَضِدِ بِأَصْلِ بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ لَا تَجْوِيزَ الْإِفْطَارِ لِأَنَّهُ حَرَامٌ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ.
الثَّالِثُ لَوْ شَكَّ فِي النَّهَارِ هَلْ نَوَى لَيْلًا أَمْ لَا ثُمَّ جَامَعَ فِي حَالِ الشَّكِّ ثُمَّ تَذَكَّرَ أَنَّهُ نَوَى فَإِنَّهُ يَبْطُلُ صَوْمُهُ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، وَيُجَابُ عَنْهُ بِمَا قَبْلَهُ.
الرَّابِعُ إذَا نَوَى صَوْمَ يَوْمِ الشَّكِّ عَنْ قَضَاءٍ أَوْ نَذْرٍ ثُمَّ أَفْسَدَهُ نَهَارًا بِجِمَاعٍ ثُمَّ تَبَيَّنَ بَعْدَ الْإِفْسَادِ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ فَإِنَّهُ يَصْدُقُ أَنْ يُقَالَ إنَّهُ أَفْسَدَ صَوْمَ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ بِجِمَاعٍ أَثِمَ بِهِ لِأَجْلِ الصَّوْمِ وَمَعَ ذَلِكَ فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْوِهِ عَنْ رَمَضَانَ وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّهُ مُفْطِرٌ حَقِيقَةً لِتَبَيُّنِ عَدَمِ صِحَّةِ صَوْمِهِ مِنْ غَيْرِ رَمَضَانَ وَعَنْهُ أَيْضًا لِانْتِفَاءِ نِيَّتِهِ لَهُ.
الْخَامِسُ، وَهُوَ وَارِدٌ عَلَى عَكْسِ الضَّابِطِ إذَا طَلَعَ الْفَجْرُ وَهُوَ مَجَامِعُ فَاسْتَدَامَ فَإِنَّ الْأَصَحَّ فِي الْمَجْمُوعِ عَدَمُ انْعِقَادِ صَوْمِهِ.
وَتَجِبُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يُفْسِدْ صَوْمًا، وَيُجَابُ بِعَدَمِ وُرُودِهِ إنْ فَسَّرَ الْإِفْسَادَ بِمَا يَمْنَعُ الِانْعِقَادَ تَجَوُّزًا بِخِلَافِ تَفْسِيرِهِ بِمَا يَرْفَعُهُ، عَلَى أَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يُفْسِدْهُ فَهُوَ فِي مَعْنَى مَا يُفْسِدُهُ فَكَأَنَّهُ انْعَقَدَ ثُمَّ فَسَدَ، وَزَادَ فِي الرَّوْضَةِ تَبَعًا لِلْغَزَالِيِّ تَامٌّ احْتِرَازًا عَنْ الْمَرْأَةِ فَإِنَّهَا تُفْطِرُ بِدُخُولِ شَيْءٍ مِنْ الذَّكَرِ فَرْجَهَا وَلَوْ دُونَ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
الْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ مِنْ رِوَايَةِ الْأَوْزَاعِيِّ «وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا بَيْنَ طُنُبَيْ الْمَدِينَةِ» وَهُوَ تَثْنِيَةٌ طُنُبٍ بِضَمِّ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالنُّونِ أَحَدُ أَطْنَابِ الْخَيْمَةِ وَاسْتَعَارَهُ لِلطَّرَفِ، وَقَوْلُهُ (أَهْلُ) هُوَ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ أَحْوَجُ وَبَيْنَ لَابَتَيْهَا حَالٌ وَيَجُوزُ كَوْنُ مَا حِجَازِيَّةً أَوْ تَمِيمِيَّةً، فَعَلَى الْأَوَّلِ أَحْوَجُ مَنْصُوبٌ وَعَلَى الثَّانِي مَرْفُوعٌ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ خَبَرًا مُقَدَّمًا وَأَهْلُ مُبْتَدَأٌ وَأَحْوَجُ صِفَةٌ لِأَهْلُ، وَيَتَعَيَّنُ عَلَى هَذَا رَفْعُ أَحْوَجَ عَلَى أَنَّهُ صِفَةٌ وَيَجُوزُ نَصْبُهُ عَلَى أَنَّهُ حَالٌ، وَيَسْتَوِي عَلَى هَذَا الْحِجَازِيَّةُ وَالتَّمِيمِيَّةُ لِسَبْقِ الْخَبَرِ
(قَوْلُهُ: خَرَجَ) أَيْ مِنْ الصَّوْمِ
(قَوْلُهُ وَيُجَابُ عَنْهُ بِمَا قَبْلَهُ) هُوَ قَوْلُهُ وَيُجَابُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ بِأَنَّهَا إلَخْ
(قَوْلُهُ: إنْ فَسَّرَ الْإِفْسَادَ بِهِمَا يُمْنَعُ الِانْعِقَادُ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ بِمَا يَشْمَلُ مَعَ الِانْعِقَادِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَكَأَنَّهُ انْعَقَدَ إلَخْ)
ــ
[حاشية الرشيدي]
(قَوْلُهُ: وَسَتَأْتِي الْقُيُودُ) يَعْنِي مَفْهُومَاتُهَا (قَوْلُهُ يُجَابُ بِأَنَّ الْكَفَّارَةَ إذَا لَمْ تَلْزَمْ بِإِفْسَادِهَا صَوْمَهَا إلَخْ) فِي هَذَا الْجَوَابِ تَسْلِيمُ الْإِيرَادِ، وَلَا يَخْفَى انْدِفَاعُهُ بِقَيْدِ الْجِمَاعِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ مَعَ أَنَّهُ يَرِدُ عَلَى مَا قَالَهُ أَنَّهُ لَا يُكْتَفَى فِي الْحُدُودِ بِالْمَفَاهِيمِ
(قَوْلُهُ حَرِجَ) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ أَيْ أَثِمَ (قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ الْحَمْلُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ) هَذَا مِنْ تَتِمَّةِ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ فَالضَّمِيرُ فِي ذِكْرِهِ لِلرَّافِعِيِّ الَّذِي تَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ: أَيْ حَيْثُ كَانَ كَلَامُ الْقَاضِي مُصَرِّحًا بِالْإِثْمِ فَلَا يَصِحُّ مَا حَمَلَهُ عَلَيْهِ الرَّافِعِيُّ.
(قَوْلُهُ: وَيُجَابُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ بِأَنَّهَا إنَّمَا سَقَطَتْ بِالشُّبْهَةِ إلَخْ) هَذَا الْجَوَابُ لَا يَدْفَعُ الْإِيرَادَ وَكَذَا الَّذِي بَعْدَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: لَا تَجْوِيزُ الْإِفْطَارِ) أَيْ الَّذِي بَحَثَهُ الرَّافِعِيُّ فِيمَا مَرَّ وَهَذَا لَا دَخْلَ لَهُ فِي الْجَوَابِ
(قَوْلُهُ إنْ فُسِّرَ الْإِفْسَادُ بِمَا يَمْنَعُ الِانْعِقَادَ تَجَوُّزًا) فِيهِ أَنَّ الضَّوَابِطَ تُصَانُ عَنْ التَّجَوُّزِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ عَلَى أَنَّهُ إلَخْ
الْحَشَفَةِ.
وَالتَّامُّ يَحْصُلُ بِالْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ، فَإِذَا مَكَّنَتْهُ مِنْهُ فَالْكَفَّارَةُ عَلَيْهِ دُونَهَا وَزَيَّفَهُ كَثِيرٌ بِخُرُوجِ ذَلِكَ الْجِمَاعِ إذْ الْفَسَادُ فِيهِ بِغَيْرِهِ وَبِأَنَّهُ يُتَصَوَّرُ فَسَادُ صَوْمِهَا بِالْجِمَاعِ بِأَنْ يُولِجَ فِيهَا نَائِمَةً أَوْ نَاسِيَةً أَوْ مُكْرَهَةً ثُمَّ تَسْتَيْقِظُ أَوْ تَتَذَكَّرُ أَوْ تَقْدِرُ عَلَى الدَّفْعِ وَتَسْتَدِيمُ فَفَسَادُهُ فِيهَا بِالْجِمَاعِ، إذْ اسْتِدَامَةُ الْوَطْءِ هُنَا وَطْءٌ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهَا لِأَنَّهُ لَمْ يُؤْمَرْ بِهَا فِي الْخَبَرِ إلَّا الرَّجُلُ الْمُجَامِعُ مَعَ الْحَاجَةِ إلَى الْبَيَانِ وَلِأَنَّهَا غُرْمٌ مَالِيٌّ يَتَعَلَّقُ بِالْجِمَاعِ فَيَخْتَصُّ بِالرَّجُلِ الْوَاطِئِ كَالْمَهْرِ، فَلَا يَجِبُ عَلَى الْمَوْطُوءَةِ فِي الْقُبُلِ أَوْ الدُّبُرِ وَلَا عَلَى الرَّجُلِ الْمَوْطُوءِ لِمَا نَقَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ (فَلَا كَفَّارَةَ عَلَى نَاسٍ) أَوْ جَاهِلٍ تَحْرِيمَهُ أَوْ مُكْرَهٍ لِأَنَّ صَوْمَهُ لَمْ يَفْسُدْ بِذَلِكَ كَمَا مَرَّ، وَقَدْ اُحْتُرِزَ عَنْهُ بِإِفْسَادٍ بَلْ لَا كَفَّارَةَ أَيْضًا عَلَى الصَّحِيحِ وَإِنْ جَعَلْنَاهُ مُفْسِدًا لِانْتِفَاءِ الْإِثْمِ، وَلَوْ عَلِمَ التَّحْرِيمَ وَجَهِلَ وُجُوبَ الْكَفَّارَةِ وَجَبَتْ قَطْعًا
(وَلَا مُفْسِدَ غَيْرُ رَمَضَانَ) مِنْ نَحْوِ نَذْرٍ وَقَضَاءٍ لِأَنَّ النَّصَّ وَرَدَ فِي رَمَضَانَ وَهُوَ أَفْضَلُ الشُّهُورِ وَمَخْصُوصٌ بِفَضَائِلَ لَمْ يُشَارِكْهُ فِيهَا غَيْرُهُ فَلَا يَصِحُّ قِيَاسُ غَيْرِهِ عَلَيْهِ.
وَقَدْ اُحْتُرِزَ عَنْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ مِنْ رَمَضَانَ (أَوْ بِغَيْرِ جِمَاعٍ) كَأَكْلٍ أَوْ غَيْرِهِ لِوُرُودِ النَّصِّ فِي الْجِمَاعِ وَهُوَ أَغْلَظُ مِنْ غَيْرِهِ وَقَدْ اُحْتُرِزَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ بِجِمَاعٍ (وَلَا) عَلَى صَائِمٍ (مُسَافِرٍ جَامَعَ بِنِيَّةِ التَّرَخُّصِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَأْثَمْ لِوُجُودِ الْقَصْدِ مَعَ الْإِبَاحَةِ (وَكَذَا بِغَيْرِهَا فِي الْأَصَحِّ) لِإِبَاحَةِ الْإِفْطَارِ لَهُ فَصَارَ شُبْهَةً فِي دَرْءِ الْكَفَّارَةِ، وَالثَّانِي تَلْزَمُهُ لِأَنَّ الرُّخْصَةَ لَا تَحْصُلُ بِدُونِ قَصْدِهَا.
أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُسَافِرَ إذَا أَخَّرَ الظُّهْرَ إلَى الْعَصْرِ فَإِنْ كَانَ بِنِيَّةِ الْجَمْعِ جَمَعَ وَإِلَّا فَلَا، وَجَوَابُهُ أَنَّ الْفِطْرَ يَحْصُلُ بِلَا نِيَّةٍ بِدَلِيلِ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَلَا كَذَلِكَ تَأْخِيرُ الصَّلَاةِ، وَالْمَرِيضُ فِي ذَلِكَ كَالْمُسَافِرِ، وَقَدْ اُحْتُرِزَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ أَثِمَ، إذْ كَلَامُهُ فِي آثِمٍ لَا يُبَاحُ لَهُ الْفِطْرُ بِحَالٍ، وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ اُحْتُرِزَ بِهِ عَنْ جِمَاعِ الصَّبِيِّ (وَلَا عَلَى مَنْ ظَنَّ) وَقْتَ الْجِمَاعِ (اللَّيْلَ) فَجَامَعَ (فَبَانَ نَهَارًا) لِانْتِفَاءِ الْإِثْمِ (وَلَا عَلَى مَنْ جَامَعَ) عَامِدًا (بَعْدَ الْأَكْلِ نَاسِيًا وَظَنَّ أَنَّهُ أَفْطَرَ بِهِ) أَيْ الْأَكْلُ لِأَنَّهُ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ غَيْرُ صَائِمٍ وَقَوْلُهُ نَاسِيًا مُتَعَلِّقٌ بِالْأَكْلِ (وَإِنْ كَانَ الْأَصَحُّ بُطْلَانَ صَوْمِهِ) بِهَذَا الْجِمَاعِ كَمَا لَوْ جَامَعَ عَلَى ظَنِّ بَقَاءِ اللَّيْلِ فَبَانَ خِلَافُهُ.
وَالثَّانِي لَا يَبْطُلُ كَمَا لَوْ سَلَّمَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ الظُّهْرِ نَاسِيًا ثُمَّ تَكَلَّمَ عَامِدًا لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ، وَالْفَرْقُ عَلَى الْأَوَّلِ أَنَّهُ هُنَا صَائِمٌ وَقْتَ الْجِمَاعِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَزَيَّفَهُ كَثِيرٌ) أَيْ أَفْسَدَهُ (قَوْلُهُ: إذْ اسْتِدَامَةُ الْوَطْءِ إلَخْ) اُنْظُرْهُ مَعَ مَا قَرَّرُوهُ فِي بَابِ الْأَيْمَانِ وَعِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ ثُمَّ: وَاسْتِدَامَةُ طِيبٍ لَيْسَتْ تَطْيِيبًا فِي الْأَصَحِّ وَكَذَا وَطْءٌ وَصَوْمٌ وَصَلَاةٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ. إلَّا أَنْ يُرَادَ أَنَّ اسْتِدَامَةَ الْجِمَاعِ لَهَا حُكْمُ الْجِمَاعِ هُنَا، وَيُؤَيِّدُهُ مَا تَقَدَّمَ فِي النَّزْعِ مَعَ طُلُوعِ الْفَجْرِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ قَصْدُ التَّرْكِ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ اهـ سم عَلَى شَرْحِ الْبَهْجَةِ الْكَبِيرِ، وَكَتَبَ بِهَامِشِهِ الْعَلَّامَةُ الشَّوْبَرِيُّ مَا نَصُّهُ: عِبَارَةُ الْأَمْدَادِ فِي بَابِ الظِّهَارِ وَاسْتِمْرَارِ الْوَطْءِ وَطْءٌ: أَيْ فِي الْحُرْمَةِ لَا مُطْلَقًا لِمَا يَأْتِي فِي الْأَيْمَانِ اهـ. وَهِيَ تُؤَيِّدُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمُحَشَّى مِنْ الْحَمْلِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: أَوْ جَاهِلِ تَحْرِيمِهِ) أَيْ وَقَدْ قَرُبَ عَهْدُهُ بِالْإِسْلَامِ أَوْ نَشَأَ بَعِيدًا عَنْ الْعُلَمَاءِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ لِأَنَّ صَوْمَهُ لَمْ يَفْسُدْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَلِمَ بِالتَّحْرِيمِ) شَمِلَ مَا لَوْ عَلِمَ بِالتَّحْرِيمِ وَجَهِلَ إبْطَالَهُ لِلصَّوْمِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ اُحْتُرِزَ عَنْهُ) أَيْ عَمَّا ذُكِرَ
(قَوْلُهُ: بِدَلِيلِ غُرُوبِ الشَّمْسِ) أَيْ فَإِنَّهُ يُفْطِرُ بِمُجَرَّدِ غُرُوبِهَا وَإِنْ لَمْ يَتَعَاطَ مُفْطِرًا، وَيُؤَيِّدُهُ مَا أَجَابَ بِهِ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يُفْطِرُ عَلَى حَارٍّ وَلَا عَلَى بَارِدٍ لَمْ يَحْنَثْ بِتَنَاوُلِ أَحَدِهِمَا بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ لِأَنَّهُ حُكِمَ بِفِطْرِهِ قَبْلَ التَّنَاوُلِ، لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ فِي تِلْكَ الْحِنْثِ لِأَنَّ مَبْنَى الْأَيْمَانِ عَلَى الْعُرْفِ (قَوْلُهُ: عَنْ جِمَاعِ الصَّبِيِّ) عِبَارَةُ سم
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: إذْ كَلَامُهُ فِي آثِمٍ لَا يُبَاحُ لَهُ الْفِطْرُ بِحَالٍ) يُقَالُ عَلَيْهِ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ احْتَرَزَ بِهِ عَنْ جِمَاعِ الصَّبِيِّ) أَيْ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ عَلَى الْأَوَّلِ أَنَّهُ هُنَا صَائِمٌ وَقْتَ الْجِمَاعِ إلَخْ) فِي هَذَا الْفَرْقِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ وَمَا فِي
وَهُنَاكَ غَيْرُ مُصَلٍّ فِي حَالَةِ الْكَلَامِ.
أَمَّا إذَا عَلِمَ أَنَّهُ لَا يُفْطِرُ بِهِ ثُمَّ جَامَعَ فِي يَوْمِهِ فَيُفْطِرُ وَتَجِبُ الْكَفَّارَةُ جَزْمًا.
وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الَّذِي ظَنَّ الْفِطْرَ فِي مَسْأَلَتِنَا فَجَامَعَ إنْ عَلِمَ وُجُوبَ الْإِمْسَاكِ عَنْ الْجِمَاعِ وَغَيْرِهِ فَإِثْمُهُ لَا بِسَبَبِ الصَّوْمِ فَيَخْرُجُ بِالْقَيْدِ الْأَخِيرِ وَإِنْ ظَنَّ الْإِبَاحَةَ خَرَجَ بِقَوْلِهِ أَثِمَ بِهِ.
(وَلَا) عَلَى (مَنْ زَنَى نَاسِيًا) لِلصَّوْمِ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْثَمْ بِسَبَبِ الصَّوْمِ، وَهَذَا دَاخِلٌ فِيمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ (وَلَا نَاسٍ) ، فَعَدَمُ الْكَفَّارَةِ عَلَيْهِ لِعَدَمِ فِطْرِهِ، لَا جَرَمَ أَنَّ الرَّافِعِيَّ فَرَّعَهُ فِي الشَّرْحِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْجِمَاعَ نَاسِيًا مُفْسِدٌ، وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ بَيَانًا لِمَا اُحْتُرِزَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ بِسَبَبِ الصَّوْمِ لِأَنَّ الْإِثْمَ بِسَبَبِ الزِّنَا خَاصَّةً (وَلَا) عَلَى (مُسَافِرٍ أَفْطَرَ بِالزِّنَا مُتَرَخِّصًا) لِأَنَّ الْفِطْرَ جَائِزٌ لَهُ وَإِثْمُهُ بِسَبَبٍ الزِّنَا لَا بِالصَّوْمِ فَيَكُونُ أَيْضًا بَيَانًا لِمَا بَيَّنَ بِهِ الَّذِي قَبْلَهُ، وَقَوْلُهُ مُتَرَخِّصًا مِثَالٌ لَا قَيْدٌ، فَلَوْ لَمْ يَنْوِ التَّرْخِيصَ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ
(وَالْكَفَّارَةُ عَلَى الزَّوْجِ عَنْهُ) دُونَهَا لِأَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْ بِهَا زَوْجَةَ الْمُجَامِعِ مَعَ مُشَارَكَتِهَا لَهُ فِي السَّبَبِ لِأَنَّهُ جَاءَ فِي رِوَايَةٍ «هَلَكْت وَأَهْلَكْت» وَلَوْ وَجَبَتْ عَلَيْهَا لَبَيَّنَهُ كَمَا مَرَّ (وَفِي قَوْلٍ عَنْهُ وَعَنْهَا) أَيْ يَلْزَمُهُمَا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ وَيَتَحَمَّلُهَا الزَّوْجُ، وَعَلَى هَذَا قِيلَ يَجِبُ كَمَا قَالَ الْمَحَامِلِيُّ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُهَا ثُمَّ يَتَحَمَّلُ الزَّوْجُ مَا وَجَبَ عَلَيْهَا، وَقِيلَ يَجِبُ كَمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا كَفَّارَةٌ تَامَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ وَلَكِنْ يَحْمِلُهَا الزَّوْجُ عَنْهَا ثُمَّ يَتَدَاخَلَانِ وَهَذَا مُقْتَضَى كَلَامِ الرَّافِعِيِّ (وَفِي قَوْلٍ عَلَيْهَا كَفَّارَةٌ أُخْرَى) قِيَاسًا عَلَى الرَّجُلِ لِتَسَاوِيهِمَا فِي السَّبَبِ وَالْإِثْمِ كَحَدِّ الزِّنَا وَمَحَلُّ هَذَا فِي غَيْرِ الْمُتَحَيِّرَةِ.
أَمَّا هِيَ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهَا، وَمَحَلُّ هَذَا الْقَوْلِ أَيْضًا وَاَلَّذِي قَبْلَهُ إذَا مَكَّنَتْهُ طَائِعَةً عَالِمَةً، فَلَوْ كَانَتْ مُفْطِرَةً أَوْ نَائِمَةً صَائِمَةً فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهَا قَطْعًا وَلَا يَبْطُلُ صَوْمُهَا، وَمَحَلُّ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ مِنْهُمَا مِنْ أَصْلِهِ إذَا لَمْ يَكُونَا مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ فَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِهِ لِكَوْنِهِمَا مُعْسِرَيْنِ أَوْ مَمْلُوكَيْنِ لَزِمَ كُلَّ وَاحِدٍ صَوْمُ شَهْرَيْنِ لِأَنَّ الْعِبَادَةَ الْبَدَنِيَّةَ لَا تُتَحَمَّلُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْعِتْقِ أَوْ الْإِطْعَامِ وَهِيَ مِنْ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
عَلَى شَرْحِ الْبَهْجَةِ: قَوْلُهُ كَجِمَاعِ الْمُسَافِرِ إلَخْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَخْرُجَ بِهِ: أَيْ بِقَوْلِهِ أَثِمَ بِهِ لِلصَّوْمِ مَا لَوْ جَامَعَ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ صَبِيٌّ ثُمَّ بَانَ أَنَّهُ كَانَ بَالِغًا عِنْدَ الْجِمَاعِ لِعَدَمِ إثْمِهِ، وَيُحْتَمَلُ خِلَافًا لِتَقْصِيرِهِ بِعَدَمِ مَعْرِفَةِ حَالِهِ، وَقَدْ يُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ مَسْأَلَةُ ظَنِّ بَقَاءِ اللَّيْلِ اهـ.
وَكَتَبَ بِهَامِشِهِ شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ الشَّوْبَرِيُّ: اعْتِقَادُ الصَّبِيِّ لَا يُبِيحُ الْجِمَاعَ فِي رَمَضَانَ، وَسُقُوطُ الْإِثْمِ لِعَدَمِ التَّكْلِيفِ لَا يَقْتَضِي الْإِبَاحَةَ فَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْهُ كَمَا يُمْنَعُ مِنْ الزِّنَا فَالْوَجْهُ وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ، وَلَا تَأْيِيدَ فِيمَا ذَكَرَهُ لِلْفَرْقِ الظَّاهِرِ بَيْنَ إبَاحَةِ الْإِقْدَامِ وَعَدَمِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
وَيُؤَيِّدُ مَا ذَكَرْنَاهُ وُجُوبُ الْحَدِّ عَلَيْهِ لَوْ كَانَ زَانِيًا حِينَئِذٍ اهـ.
أَقُولُ: وَفِيهِ نَظَرٌ، أَمَّا أَوَّلًا فَلِأَنَّ الصَّبِيَّ حَيْثُ لَمْ يُعْلَمْ بِبُلُوغِهِ لَا إثْمَ عَلَيْهِ كَمَنْ ظَنَّ بَقَاءَ اللَّيْلِ بَلْ هَذَا أَوْلَى لِعُسْرِ مَعْرِفَةِ الْبُلُوغِ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ مَعْرِفَةِ بَقَاءِ اللَّيْلِ لِسُهُولَةِ الْبَحْثِ عَنْهَا، وَأَمَّا ثَانِيًا فَحُرْمَةُ الْفِطْرِ لَا تَسْتَلْزِمُ الْكَفَّارَةَ كَمَا يَأْتِي فِي ظَنِّ دُخُولِ اللَّيْلِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْفِطْرُ، وَمَعَ ذَلِكَ إذَا جَامَعَ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ لِلشُّبْهَةِ وَإِنْ حَرُمَ جِمَاعُهُ، وَأَمَّا كَوْنُهُ يُحَدُّ حَيْثُ زَنَى ظَانًّا صِبَاهُ فَبَانَ خِلَافُهُ فَوَجْهُهُ أَنَّ الزِّنَا مَعْصِيَةٌ فِي نَفْسِهِ وَمِنْ ثَمَّ يَمْنَعُهُ مِنْهُ الْحَاكِمُ وَيُؤَدَّبُ عَلَيْهِ، وَفِطْرُ الصَّبِيِّ لَيْسَ فِي نَفْسِهِ مَعْصِيَةٌ وَأَمْرُ وَلِيِّهِ لَهُ بِهِ وَضَرْبُهُ عَلَيْهِ إنَّمَا هُوَ لِيَعْتَادَهُ فَلَا يَتْرُكُهُ بَعْدُ إنْ شَاءَ اللَّهُ، وَمَا تَقَرَّرَ مِنْ وُجُوبِ الْحَدِّ عَلَيْهِ صَرَّحَ بِهِ الشَّارِحُ فِي كِتَابِ الزِّنَا بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَحُدَّ الْمُحْصَنُ بِقَوْلِهِ نَعَمْ لَوْ أَوْلَجَ ظَانًّا أَنَّهُ غَيْرُ بَالِغٍ فَبَانَ كَوْنُهُ بَالِغًا وَجَبَ الْحَدُّ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ (قَوْلُهُ: وَهُنَاكَ غَيْرُ مُصَلٍّ إلَخْ) أَيْ لِخُرُوجِهِ بِالسَّلَامِ مِنْ الصَّلَاةِ ظَاهِرًا فَلَا يُقَالُ إنَّ سَلَامَهُ لَغْوٌ لِكَوْنِهِ نَاسِيًا فَهُوَ بَاقٍ فِي صَلَاتِهِ كَمَا أَنَّ الْجَامِعَ صَائِمٌ بَعْدَ أَكْلِهِ (قَوْلُهُ أَنَّهُ لَا يُفْطِرُ بِهِ) أَيْ بِالْأَكْلِ
(قَوْلُهُ أَوْ نَائِمَةً) أَيْ أَوْ مُكْرَهَةً (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ) هُوَ قَوْلُهُ وَفِي قَوْلٍ عَنْهُ وَعَنْهَا
ــ
[حاشية الرشيدي]
حَاشِيَةِ الشَّيْخِ لَا يَدْفَعُهُ
(قَوْلُهُ: فِي قَوْلِهِ وَلَا نَاسٍ) صَوَابُهُ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَى نَاسٍ (قَوْلُهُ: بَيَانًا لِمَا بَيَّنَ بِهِ الَّذِي قَبْلَهُ) صَوَابُهُ لِمَا بَيَّنَهُ بِاَلَّذِي قَبْلَهُ
(قَوْلُهُ: وَفِي قَوْلٍ عَلَيْهَا كَفَّارَةٌ أُخْرَى) أَيْ وَيَتَحَمَّلُهَا الزَّوْجُ كَمَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ صَاحِبِ الْمُعَايَاةِ (قَوْلُهُ إذَا لَمْ يَكُونَا مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ) أَيْ فِي الْكَفَّارَةِ (قَوْلُهُ: لَزِمَ كُلَّ وَاحِدٍ صَوْمُ شَهْرَيْنِ) الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى تَفْسِيرِ
أَهْلِ الصِّيَامِ فَأَعْتَقَ أَوْ أَطْعَمَ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُجْزِئُ عَنْهُمَا، إلَّا أَنْ تَكُونَ أَمَةً فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُ الْعِتْقُ عَنْهَا عَلَى الصَّحِيحِ، وَمَحَلُّهُ أَيْضًا إذَا كَانَتْ زَوْجَةً كَمَا يُرْشِدُ إلَيْهِ قَوْلُهُ عَلَى الزَّوْجِ.
أَمَّا الْمَوْطُوءَةُ بِشُبْهَةٍ وَالْمَزْنِيُّ بِهَا فَلَا يُتَحَمَّلُ عَنْهَا قَطْعًا وَتَجِبُ عَلَيْهَا، وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ مَجْنُونًا لَمْ يَلْزَمْهَا شَيْءٌ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ، وَيَلْزَمُهَا عَلَى الثَّانِي لِأَنَّ الزَّوْجَ غَيْرُ أَهْلٍ لِلتَّحَمُّلِ هَذَا وَالْمَذْهَبُ عَدَمُ وُجُوبِ شَيْءٍ عَلَيْهَا مِنْ ذَلِكَ مُطْلَقًا
(وَتَلْزَمُ مَنْ)(انْفَرَدَ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ وَجَامَعَ فِي يَوْمِهِ) بَعْدَ شُرُوعِهِ فِي الصَّوْمِ وَإِنْ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ كَمَا مَرَّ لِأَنَّهُ هَتَكَ حُرْمَةِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ عِنْدَهُ بِإِفْسَادِهِ صَوْمَهُ بِالْجِمَاعِ فَأَشْبَهَ سَائِرَ الْأَيَّامِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ مِثْلَهُ مَنْ صَدَّقَهُ فِي ذَلِكَ لِمَا مَرَّ مِنْ وُجُوبِ الصَّوْمِ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ، فَإِنْ رَأَى هِلَالَ شَوَّالٍ وَحْدَهُ لَزِمَهُ الْفِطْرُ وَيُخْفِيهِ نَدْبًا فِيمَا يَظْهَرُ فَإِنْ شَهِدَ فَرُدَّ ثُمَّ أَفْطَرَ لَمْ يُعْذَرْ وَإِنْ أَفْطَرَ ثُمَّ شَهِدَ رُدَّ وَعُزِّرَ، وَاسْتَشْكَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ بِأَنَّ صِدْقَهُ مُحْتَمَلٌ وَالْعُقُوبَةُ تُدْرَأُ بِدُونِ هَذَا.
قَالَ: وَلِمَ لَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مَنْ عُلِمَ دِينُهُ وَأَمَانَتُهُ وَمَنْ يُعْلَمُ مِنْهُ ضِدُّ ذَلِكَ؟ وَيُجَابُ بِأَنَّ الِاحْتِيَاطَ لِرَمَضَانَ مَعَ وُجُودِ قَرِينَةِ التُّهْمَةِ اقْتَضَى وُجُوبَ التَّشْدِيدِ فِيهِ وَعَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ الصَّالِحِ وَغَيْرِهِ.
(وَمَنْ جَامَعَ فِي يَوْمَيْنِ لَزِمَهُ كَفَّارَتَانِ) سَوَاءٌ أَكَفَّرَ عَنْ الْأَوَّلِ قَبْلَ الثَّانِي أَمْ لَا لِأَنَّ كُلَّ يَوْمٍ عِبَادَةٌ مُنْفَرِدَةٌ فَلَا تَتَدَاخَلُ كَفَّارَتَاهُمَا كَحَجَّتَيْنِ جَامَعَ فِيهِمَا، بِخِلَافِ الْحُدُودِ الْمَبْنِيَّةِ عَلَى الْإِسْقَاطِ فَإِنْ تَكَرَّرَ الْجِمَاعُ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ فَلَا تَعَدُّدَ وَإِنْ كَانَ لِأَرْبَعِ زَوْجَاتٍ عَلَى الْمَذْهَبِ.
أَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عَلَيْهِمَا وَيَتَحَمَّلُهَا فَعَلَيْهِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَرْبَعُ كَفَّارَاتٍ (وَحُدُوثُ السَّفَرِ) وَلَوْ طَوِيلًا (بَعْدَ الْجِمَاعِ لَا يُسْقِطُ الْكَفَّارَةَ) لِأَنَّ السَّفَرَ لَا يُنَافِي الصَّوْمَ فَيَتَحَقَّقُ هَتْكُ حُرْمَتِهِ، وَلِأَنَّ طُرُوَّهُ لَا يُبِيحُ الْفِطْرَ فَلَا يُؤَثِّرُ فِيمَا وَجَبَ مِنْ الْكَفَّارَةِ (وَكَذَا الْمَرَضُ) عَلَى الْمَذْهَبِ لِهَتْكِهِ حُرْمَةَ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: وَتَجِبُ عَلَيْهَا) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ مِنْ ذَلِكَ مُطْلَقًا) أَيْ حُرَّةٌ أَوْ أَمَةٌ زَوْجَةٌ أَوْ غَيْرُهَا
(قَوْلُهُ: وَتَلْزَمُ مَنْ انْفَرَدَ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ) خَرَجَ بِهِ الْحَاسِبُ وَالْمُنَجِّمُ إذَا دَلَّ الْحِسَابُ عِنْدَهُمَا عَلَى دُخُولِ رَمَضَانَ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِمَا، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُمَا لَمْ يَتَيَقَّنَا بِذَلِكَ دُخُولَ الشَّهْرِ فَأَشْبَهَا مَا لَوْ اجْتَهَدَ مَنْ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ فَأَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ إلَى شَهْرٍ فَصَامَهُ وَجَامَعَ فِيهِ فَإِنَّهُ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ مِنْ وُجُوبِ الصَّوْمِ) يُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّ مَنْ ظَنَّ بِالِاجْتِهَادِ دُخُولَ رَمَضَانَ يَلْزَمُهُ الصَّوْمُ مَعَ أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ اهـ سم. اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ تَصْدِيقَ الرَّائِي أَقْوَى مِنْ الِاجْتِهَادِ لِأَنَّهُ بِتَصْدِيقِهِ نُزِّلَ مَنْزِلَةَ الرَّائِي وَالرَّائِي مُتَيَقِّنٌ فَمَنْ صَدَّقَهُ مِثْلُهُ حُكْمًا وَلَا كَذَلِكَ الْمُجْتَهِدُ. هَذَا وَمَا ذُكِرَ مِنْ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ هُنَا قَدْ يُخَالِفُهُ عُمُومُ قَوْلِهِ السَّابِقِ أَوْ فِي صَوْمِ يَوْمِ الشَّكِّ حَيْثُ جَازَ إلَخْ
(قَوْلُهُ: وَحُدُوثُ السَّفَرِ) لَوْ حَدَثَ وُصُولُهُ إلَى مَحَلٍّ مُخْتَلِفِ الْمَطْلَعِ مَعَ مَحَلِّهِ فَوَجَدَ أَهْلَهُ مُعَيِّدِينَ عَيَّدَ مَعَهُمْ وَسَقَطَتْ عَنْهُ الْكَفَّارَةُ، كَمَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ لِتَبَيُّنِ عَدَمِ وُجُوبِ صَوْمِ ذَلِكَ الْيَوْمِ عَلَيْهِ بَلْ عَدَمُ جَوَازِهِ اهـ. فَلَوْ عَادَ لِمَحَلِّهِ فِي بَقِيَّةِ الْيَوْمِ فَهَلْ يَتَبَيَّنُ وُجُوبَ الْكَفَّارَةِ لِأَنَّهَا إنَّمَا كَانَتْ سَقَطَتْ لِصَيْرُورَتِهِ مِنْ أَهْلِ الْمَحَلِّ الْمُنْتَقَلِ إلَيْهِ بِوُصُولِهِ إلَيْهِ وَقَدْ لَغَا ذَلِكَ بِعَوْدِهِ فِي يَوْمِهِ إلَى مَحَلِّهِ، إذْ قَدْ يَتَبَيَّنُ بِعَوْدِهِ إلَيْهِ أَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ حُكْمِهِ وَمُجَرَّدُ الْوُصُولِ إلَى الْمُنْتَقَلِ إلَيْهِ مَعَ عَدَمِ اسْتِكْمَالِهِ ذَلِكَ الْيَوْمَ فِيهِ لَا يَصْلُحُ شُبْهَةً لِسُقُوطِ الْكَفَّارَةِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
الْمُتَوَلِّي، أَمَّا عَلَى تَفْسِيرِ الْمَحَامِلِيِّ فَاَلَّذِي يَنْبَغِي أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ شَهْرًا فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ مَجْنُونًا لَمْ يَلْزَمْهَا شَيْءٌ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ) أَيْ إذَا لَمْ يَكُونَا مِنْ أَهْلِ الصَّوْمِ. أَمَّا إذَا كَانَا مِنْ أَهْلِهِ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَلْزَمُهَا الصَّوْمُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فَلْيُرَاجَعْ
(قَوْلُهُ: فَإِنْ رَأَى هِلَالَ شَوَّالٍ وَحْدَهُ إلَخْ) هَذَا اسْتِطْرَادٌ وَإِلَّا فَهُوَ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِمَا نَحْنُ فِيهِ
(قَوْلُهُ: أَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عَلَيْهَا وَيَتَحَمَّلُهَا) يَعْنِي الْقَوْلَ الثَّانِيَ، وَوَجْهُهُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ عَنْ صَاحِبِ الْمُعَايَاةِ أَنَّ وَاحِدَةً عَنْ وَطْئِهِ الْأَوَّلِ عَنْهُ وَعَنْهَا وَثَلَاثًا عَنْ الْبَاقِيَاتِ لِأَنَّهَا لَا تَتَبَعَّضُ إلَّا فِي مَوْضِعٍ يُوجِبُ تَحَمُّلَ الْبَاقِي. قَالَ: وَيَلْزَمُهُ عَلَى الْقَوْلِ الثَّالِثِ خَمْسُ كَفَّارَاتٍ كَفَّارَتَانِ عَنْهُ وَعَنْهَا بِالْوَطْءِ الْأَوَّلِ: أَيْ وَالثَّلَاثُ عَنْ الْبَاقِيَاتِ
الصَّوْمِ بِذَلِكَ، وَالثَّانِي تَسْقُطُ لِأَنَّ حُدُوثَ الْمَرَضِ يُبِيحُ الْفِطْرَ فَيَتَبَيَّنُ بِهِ أَنَّ الصَّوْمَ لَمْ يَقَعْ وَاجِبًا، وَمِثْلُ طُرُوِّ الْمَرَضِ وَالسَّفَرِ الرِّدَّةُ، فَلَوْ ارْتَدَّ بَعْدَ جِمَاعِهِ فِي يَوْمِهِ لَمْ تَسْقُطْ عَنْهُ الْكَفَّارَةُ بِلَا خِلَافٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ التَّغْلِيظُ عَلَيْهِ فَلَا يُنَاسِبُهُ التَّخْفِيفُ وَتَسْقُطُ إذَا جُنَّ أَوْ مَاتَ يَوْمَ الْجِمَاعِ لِأَنَّهُ بِطُرُوِّ ذَلِكَ بَانَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي صَوْمٍ لِمُنَافَاتِهِ لَهُ، وَلَوْ سَافَرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ثُمَّ طَرَأَ عَلَيْهِ جُنُونٌ أَوْ مَوْتٌ فَالظَّاهِرُ أَيْضًا سُقُوطُ الْإِثْمِ. قَالَ النَّاشِرِيُّ: يَنْبَغِي أَنْ لَا يَسْقُطَ عَنْهُ إثْمُ تَرْكِ الْجُمُعَةِ وَإِنْ سَقَطَ عَنْهُ إثْمُ عَدَمِ الْإِتْيَانِ بِهَا كَمَا إذَا وَطِئَ زَوْجَتَهُ ظَانًّا أَنَّهَا أَجْنَبِيَّةٌ وَمَا ذَكَرَهُ ظَاهِرٌ
(وَيَجِبُ) عَلَى الْوَاطِئِ (مَعَهَا) أَيْ الْكَفَّارَةِ (قَضَاءُ يَوْمِ الْإِفْسَادِ)(عَلَى الصَّحِيحِ) لِأَنَّهُ إذَا وَجَبَ عَلَى الْمَعْذُورِ فَعَلَى غَيْرِهِ أَوْلَى، وَلِمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِهِ الْأَعْرَابِيَّ» ، وَالثَّانِي لَا يَجِبُ لِجَبْرِ الْخَلَلِ بِالْكَفَّارَةِ (وَهِيَ) يَعْنِي كَفَّارَةَ الْوِقَاعِ فِي رَمَضَانَ كَكَفَّارَةِ الظِّهَارِ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «مَنْ أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ فَعَلَيْهِ مَا عَلَى الْمُظَاهِرِ» وَكَفَّارَةُ الظِّهَارِ مُرَتَّبَةٌ بِالْإِجْمَاعِ وَلِأَنَّ فِيهَا صَوْمًا مُتَتَابِعًا فَكَانَتْ مُرَتَّبَةً كَالْقَتْلِ وَلِأَنَّهَا كَفَّارَةٌ ذُكِرَ فِيهَا الْأَغْلَظُ أَوَّلًا وَهُوَ الْعِتْقُ فَكَانَتْ مُرَتَّبَةً بِخِلَافِ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ، وَقَدْ أَشَارَ إلَى تَرْتِيبِهَا بِقَوْلِهِ (عِتْقُ رَقَبَةٍ) مُؤْمِنَةٍ (فَإِنْ لَمْ يَجِدْ) هَا (فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ) صَوْمَهُمَا (فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا) أَوْ فَقِيرًا لِلْخَبَرِ الْمَارِّ أَوَّلَ الْفَصْلِ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى صِفَتِهَا فِي كِتَابِ الْكَفَّارَةِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَلَوْ شَرَعَ فِي الصَّوْمِ ثُمَّ وَجَدَ الرَّقَبَةَ نُدِبَ لَهُ عِتْقُهَا، وَلَوْ شَرَعَ فِي الْإِطْعَامِ ثُمَّ قَدَرَ عَلَى الصَّوْمِ نُدِبَ لَهُ (فَلَوْ عَجَزَ عَنْ الْجَمِيعِ) أَيْ جَمِيعِ خِصَالِهَا الْمَذْكُورَةِ (اسْتَقَرَّتْ) الْكَفَّارَةُ (فِي ذِمَّتِهِ فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ الْأَعْرَابِيَّ بِأَنْ يُكَفِّرَ بِمَا دَفَعَهُ إلَيْهِ مَعَ إخْبَارِهِ بِعَجْزِهِ فَدَلَّ عَلَى ثُبُوتِهَا فِي الذِّمَّةِ كَمَا مَرَّ إيضَاحُهُ، وَالثَّانِي لَا بَلْ تَسْقُطُ كَزَكَاةِ الْفِطْرِ (فَإِذَا قَدَرَ عَلَى خَصْلَةٍ) مِنْهَا (فَعَلَهَا) كَمَا لَوْ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
مَعَ تَعَدِّيهِ الْإِفْسَادَ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَعَلَّ الْأَقْرَبَ الْأَوَّلُ. وَلَوْ بَيَّتَ النِّيَّةَ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ لِعَدَمِ ثُبُوتِ هِلَالِ شَوَّالٍ وَأَصْبَحَ صَائِمًا فَثَبَتَ شَوَّالٌ نَهَارًا، ثُمَّ انْتَقَلَ إلَى مَحَلٍّ آخَرَ مُخَالِفٍ لِلْأَوَّلِ فِي الْمَطْلَعِ، أَهْلُهُ صِيَامٌ مِنْ غَيْرِ تَنَاوُلِ مُفْطِرٍ قَبْلَ وُصُولِهِ إلَيْهِ فَهَلْ يُحْسَبُ لَهُ صَوْمُ هَذَا الْيَوْمِ لِأَنَّهُ بِانْتِقَالِهِ إلَيْهِ صَارَ وَاجِبُهُ الصَّوْمُ وَقَدْ شَرَعَ فِيهِ بِنِيَّةٍ مُعْتَبَرَةٍ وَثُبُوتُ شَوَّالٍ قَبْلَ انْتِقَالِهِ لَا يُفْسِدُ نِيَّتَهُ وَصَوْمَهُ لِزَوَالِ أَثَرِ الثُّبُوتِ فِي حَقِّهِ بِانْتِقَالِهِ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ الْأَوَّلُ اهـ سم عَلَى شَرْحِ الْبَهْجَةِ (قَوْلُهُ: لَمْ تَسْقُطْ الْكَفَّارَةُ بِلَا خِلَافٍ) أَيْ وَإِنْ اتَّصَلَ بِهَا الْجُنُونُ فِيمَا يَظْهَرُ اهـ سم عَلَى بَهْجَةٍ (قَوْلُهُ: لِمُنَافَاتِهِ لَهُ) بَقِيَ مَا لَوْ شَرِبَ دَوَاءً لَيْلًا يَعْلَمُ أَنَّهُ يُجَنِّنُهُ فِي النَّهَارِ ثُمَّ أَصْبَحَ صَائِمًا ثُمَّ جَامَعَ ثُمَّ حَصَلَ الْجُنُونُ مِنْ ذَلِكَ الدَّوَاءِ فَهَلْ تَسْقُطُ الْكَفَّارَةُ لِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مُخَاطَبًا بِالصَّوْمِ حِينَ التَّعَاطِي. وَبَقِيَ مَا لَوْ تَعَدَّى بِالْجُنُونِ نَهَارًا بَعْدَ الْجِمَاعِ كَأَنْ أَلْقَى نَفْسَهُ مِنْ شَاهِقٍ فَجُنَّ بِسَبَبِهِ هَلْ تَسْقُطُ الْكَفَّارَةُ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ فِيهِ أَيْضًا سُقُوطُ الْكَفَّارَةِ لِأَنَّهُ وَإِنْ تَعَدَّى بِهِ لَمْ يَصْدُقْ عَلَيْهِ أَنَّهُ أَفْسَدَ صَوْمَ يَوْمٍ لِأَنَّهُ بِجُنُونِهِ خَرَجَ عَنْ أَهْلِيَّةِ الصَّوْمِ وَإِنْ أَثِمَ بِالسَّبَبِ الَّذِي صَارَ بِهِ مَجْنُونًا (قَوْلُهُ: وَمَا ذَكَرَهُ) أَيْ النَّاشِرِيُّ
(قَوْلُهُ: ذُكِرَ فِيهَا الْأَغْلَظُ) لَعَلَّهُ فِي قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ الْمَارِّ «هَلْ تَجِدُ مَا تُعْتِقُ بِهِ رَقَبَةً» (قَوْلُهُ: نُدِبَ لَهُ عِتْقُهَا) أَيْ وَيَتْرُكُ صَوْمَ بَقِيَّةِ الْمُدَّةِ وَيَقَعُ لَهُ مَا صَامَهُ نَفْلًا مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: نُدِبَ لَهُ) أَيْ وَسَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ قَرِيبًا فَيَتْرُكُ مَا بَقِيَ مِنْ الْإِطْعَامِ وَيَقَعُ لَهُ مَا أَطْعَمَهُ نَفْلًا مُطْلَقًا (قَوْلُهُ فِي الْأَظْهَرِ) زَادَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ الْكَبِيرِ وَلِأَنَّ حُقُوقَ اللَّهِ تَعَالَى الْمَالِيَّةَ إذَا عَجَزَ عَنْهَا وَقْتَ وُجُوبِهَا، فَإِنْ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ فِيهَا صَوْمًا مُتَتَابِعًا إلَخْ) اُنْظُرْ مَا الدَّاعِي إلَى الِاسْتِدْلَالِ عَلَى كَفَّارَةِ الظِّهَارِ هُنَا مَعَ أَنَّ لَهَا مَحَلًّا يَخُصُّهَا، وَمَعَ أَنَّ رِوَايَاتِ حَدِيثِ الْبَابِ كَافِيَةٌ فِي الْمَقْصُودِ هُنَا وَالْأَمْرُ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَى الْقِيَاسِ (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ إيضَاحُهُ) الَّذِي مَرَّ إنَّمَا هُوَ مُجَرَّدُ لَفْظِ الْحَدِيثِ وَلَمْ يُقَدِّمْ لَهُ إيضَاحًا.