المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[نقل الميت قبل دفنه من بلد إلى بلد آخر] - نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج - جـ ٣

[الرملي، شمس الدين]

فهرس الكتاب

- ‌فَصْلٌ فِي دَفْنِ الْمَيِّتِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ

- ‌[اللَّحْدُ أَفْضَلُ مِنْ الشَّقِّ]

- ‌لَا يُدْفَنُ اثْنَانِ فِي قَبْرٍ)

- ‌[الْجُلُوس عَلَى الْقَبْرِ]

- ‌[التَّعْزِيَةُ لِأَهْلِ الْمَيِّتِ سُنَّةٌ]

- ‌[يَحْرُمُ النَّدْبُ وَالنَّوْحُ]

- ‌[الْبُكَاءُ عَلَى الْمَيِّتِ قَبْلَ الْمَوْتِ]

- ‌[اتِّبَاعُ الْمُسْلِمِ جِنَازَةَ قَرِيبِهِ الْكَافِرِ]

- ‌[لَا يَحْمِلُ الْجِنَازَةَ إلَّا الرِّجَالُ]

- ‌[اللَّغَطُ فِي سَيْرِ الْجِنَازَةِ]

- ‌[شُرُوطُ صِحَّةِ صَلَاةِ الْجِنَازَة]

- ‌[الدَّفْنُ بِالْمَقْبَرَةِ أَفْضَلُ مِنْ الدَّفْنُ بِالْبَيْتِ]

- ‌[الْمَبِيتُ بِالْمَقْبَرَةِ]

- ‌[الدَّفْنُ لَيْلًا]

- ‌[تَجْصِيصُ الْقَبْرِ وَالْبِنَاءُ عَلَيْهِ وَالْكِتَابَةُ عَلَيْهِ]

- ‌[زِيَارَةُ قُبُورِ الْمُسْلِمِينَ لِلرِّجَالِ]

- ‌[نَقْلُ الْمَيِّتِ قَبْلَ دَفْنِهِ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ آخَرَ]

- ‌كِتَابُ الزَّكَاةِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الْحَيَوَانِ

- ‌[الشَّرْطُ الْأَوَّلُ النَّعَم]

- ‌[الشَّرْطِ الثَّانِي النِّصَابُ]

- ‌فَصْلٌ فِي بَيَانِ كَيْفِيَّةِ الْإِخْرَاجِ لِمَا مَرَّ وَبَعْضِ شُرُوطِ الزَّكَاةِ

- ‌ أَسْبَابِ النَّقْصِ فِي الزَّكَاةِ

- ‌[الْخُلْطَةِ فِي الزَّكَاة]

- ‌بَابُ زَكَاةِ النَّبَاتِ

- ‌[نِصَابُ الْقُوتُ الَّذِي تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ]

- ‌ خَرْصُ الثَّمَرِ)

- ‌[شَرْطُ الْخَارِصِ]

- ‌بَابُ زَكَاةِ النَّقْدِ

- ‌[يُحَرَّمُ عَلَى الرَّجُلِ وَالْخُنْثَى حُلِيُّ الذَّهَبِ]

- ‌[تَحْلِيَةِ الْمُصْحَفِ بِالذَّهَبِ]

- ‌شَرْطُ زَكَاةِ النَّقْدِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الْمَعْدِنِ وَالرِّكَازِ وَالتِّجَارَةِ

- ‌[يُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الْمَعْدِن]

- ‌الرِّكَازِ

- ‌[شَرْطُ الرِّكَاز]

- ‌فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ زَكَاةِ التِّجَارَةِ

- ‌(شَرْطُ وُجُوبِ زَكَاةِ التِّجَارَةِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ

- ‌[تَأْخِيرَ زَكَاةِ الْفِطْرِ إلَى مَا بَعْدَ صَلَاةِ الْعِيدِ]

- ‌[يَلْزَمُهُ فِطْرَةُ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ]

- ‌(مَنْ أَيْسَرَ) بِبَعْضِ صَاعٍ وَهُوَ فِطْرَةُ الْوَاحِدِ (يَلْزَمُهُ)

- ‌[بَابُ مَنْ تَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ]

- ‌فَصْلٌ فِي أَدَاءِ الزَّكَاةِ

- ‌فَصْلٌ فِي تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ

- ‌كِتَابُ الصِّيَامِ

- ‌[إذَا الْهِلَالُ رُئِيَ بِبَلَدٍ لَزِمَ حُكْمُهُ الْبَلَدَ الْقَرِيبَ]

- ‌فَصْلٌ فِي أَرْكَانِ الصَّوْمِ

- ‌[يُسَنُّ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي شَرْطِ الصَّوْمِ]

- ‌فَصْلٌ شَرْطُ صِحَّةِ الصَّوْمِ مِنْ حَيْثُ الْفَاعِلِ وَالْوَقْتِ

- ‌فَصْلٌ فِي شُرُوطِ وُجُوبِ صَوْمِ رَمَضَانَ وَمَا يُبِيحُ تَرْكَ صَوْمِهِ

- ‌فَصْلٌ فِي فِدْيَةِ الصَّوْمِ الْوَاجِبِ

- ‌فَصْلٌ فِي مُوجِبِ كَفَّارَةِ الصَّوْمِ

- ‌[مَصْرِفُ فِدْيَةُ الصَّوْم]

- ‌بَابُ صَوْمِ التَّطَوُّعِ

- ‌ صَوْمُ يَوْمِ (عَرَفَةَ)

- ‌ صَوْمُ (أَيَّامِ) اللَّيَالِي (الْبِيضِ)

- ‌ صَوْمُ (سِتَّةٍ مِنْ شَوَّالٍ)

- ‌[صَوْمُ عَاشُورَاءَ]

- ‌(إفْرَادُ) يَوْمِ (الْجُمُعَةِ) بِالصَّوْمِ

- ‌[وَصَوْمُ الدَّهْرِ غَيْرُ الْعِيدِ]

- ‌كِتَابُ الِاعْتِكَافِ

- ‌[صَوْمُ تَطَوُّعٍ مِنْ غَيْرِ إذْنِ زَوْجِهَا وَهُوَ حَاضِرٌ]

- ‌[شُرُوطُ الْمُعْتَكِفِ]

- ‌فَصْلٌ فِي حُكْمِ الِاعْتِكَافِ الْمَنْذُورِ

- ‌[كِتَابُ الْحَجِّ]

- ‌[شُرُوط صِحَّة الْحَجّ وَالْعُمْرَة]

- ‌[شُرُوط وُجُوب الْحَجّ وَالْعُمْرَة]

- ‌[مَا يُشْتَرَطُ فِي وُجُوبِ نُسُكِ الْمَرْأَةِ]

- ‌بَابُ الْمَوَاقِيتِ لِلنُّسُكِ زَمَانًا وَمَكَانًا

- ‌[الْمِيقَات الزَّمَانِيّ]

- ‌الْمِيقَاتُ الْمَكَانِيُّ

- ‌بَابُ الْإِحْرَامِ

- ‌فَصْلٌ فِي رُكْنِ الْإِحْرَامِ وَمَا يُطْلَبُ لِلْمُحْرِمِ مِنْ الْأُمُورِ الْآتِيَةِ

- ‌[بَابُ دُخُولِ الْمُحْرِمِ مَكَّةَ]

- ‌فَصْلٌ فِيمَا يُطْلَبُ فِي الطَّوَافِ مِنْ وَاجِبَاتٍ وَسُنَنٍ

- ‌[وَاجِبَات الطَّوَاف]

- ‌[سُنَن الطَّوَاف]

- ‌فَصْلٌ فِيمَا يَخْتِمُ بِهِ الطَّوَافَ وَبَيَانُ كَيْفِيَّةِ السَّعْيِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ

- ‌(فَصْلٌ فِي الْمَبِيتِ بِالْمُزْدَلِفَةِ وَالدَّفْعِ مِنْهَا وَفِيمَا يُذْكَرُ مَعَهُمَا

- ‌ الْمَبِيتِ بِمِنًى لَيَالِيَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ

- ‌فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَرْكَانِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، وَبَيَانِ أَوْجُهِ أَدَائِهِمَا مَعَ مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ

- ‌بَابُ مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ

- ‌[مَا يَحِلّ مِنْ شجر الحرم وَمَا يحرم]

- ‌[أَنْوَاعِ الدِّمَاءِ فِي الْحَجّ]

- ‌بَابُ الْإِحْصَارِ وَالْفَوَاتِ

- ‌كِتَابُ الْبَيْعِ

- ‌[شُرُوط الْبَيْع] [

- ‌أَلْفَاظ الْبَيْع]

- ‌[يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بِالْكِنَايَةِ مَعَ النِّيَّةِ]

- ‌[شُرُوط الْعَاقِدِ]

- ‌[شِرَاء الْكَافِر الْمُصْحَف]

- ‌[شُرُوط الْمَبِيع]

- ‌[مِنْ شُرُوط الْمَبِيع طَهَارَة عَيْنه]

- ‌ مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ (النَّفْعُ)

- ‌[مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ إمْكَانُ تَسْلِيمِهِ]

- ‌ مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ (الْمِلْكُ)

- ‌ مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ (الْعِلْمُ بِهِ)

- ‌بَابُ الرِّبَا

- ‌[الْمُمَاثَلَةُ تُعْتَبَرُ فِي الْمَكِيلِ]

- ‌[بَاب الْبُيُوعِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا وَمَا يَتْبَعُهَا]

- ‌[الصُّوَر المستثناة مِنْ النَّهْي عَنْ بَيْع وَشَرْط]

- ‌[بَاعَ عَبْدًا بِشَرْطِ إعْتَاقِهِ]

- ‌فَصْلٌ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي مِنْ الْمَنْهِيَّاتِ الَّتِي لَا يَقْتَضِي النَّهْيُ فَسَادَهَا كَمَا قَالَ

- ‌[بَيْعُ الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ لِعَاصِرِ الْخَمْرِ وَالنَّبِيذِ]

- ‌فَصْلٌ فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ

- ‌[بَيْعُ الْعَرَبُونِ]

- ‌[جُمِعَ الْعَاقِدُ أَوْ الْعَقْدُ فِي صَفْقَةٍ مُخْتَلِفَيْ الْحُكْمِ]

الفصل: ‌[نقل الميت قبل دفنه من بلد إلى بلد آخر]

وَتَعْبِيرُهُ بِالْبَلَدِ مِثَالٌ فَالصَّحْرَاءُ كَذَلِكَ، وَحِينَئِذٍ فَيَنْتَظِمُ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ مِنْهَا أَرْبَعُ مَسَائِلَ، وَلَا شَكَّ فِي جَوَازِهِ فِي الْبَلَدَيْنِ الْمُتَّصِلَيْنِ أَوْ الْمُتَقَارِبَيْنِ لَا سِيَّمَا وَالْعَادَةُ جَارِيَةٌ بِالدَّفْنِ خَارِجَ الْبَلَدِ، وَلَعَلَّ الْعِبْرَةَ فِي كُلِّ بَلَدٍ بِمَسَافَةِ مَقْبَرَتِهَا.

أَمَّا بَعْدَ دَفْنِهِ فَسَيَأْتِي (وَقِيلَ يُكْرَهُ) لِعَدَمِ مَا يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِهِ (إلَّا أَنْ يَكُونَ بِقُرْبِ مَكَّةَ أَوْ الْمَدِينَةِ أَوْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ نَصَّ عَلَيْهِ) إمَامُنَا رضي الله عنه، وَإِنْ نُوزِعَ فِي ثُبُوتِهِ عَنْهُ، إذْ مَنْ حَفِظَ حُجَّةً عَلَى مَنْ لَمْ يَحْفَظْ لِفَضْلِهَا وَحِينَئِذٍ فَالِاسْتِثْنَاءُ عَائِدٌ لِلْكَرَاهَةِ، وَيَلْزَمُ مِنْهُ عَدَمُ الْحُرْمَةِ أَوْ إلَيْهِمَا مَعًا، وَهُوَ أَوْلَى كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ عَمَلًا بِقَاعِدَةِ الِاسْتِثْنَاءِ عَقِبَ الْجُمَلِ، وَمُرَادُهُ بِالْقُرْبِ مَسَافَةٌ لَا يَتَغَيَّرُ الْمَيِّتُ فِيهَا قَبْلَ وُصُولِهِ، وَالْمُرَادُ بِمَكَّةَ جَمِيعُ الْحَرَمِ لَا نَفْسَ الْبَلَدِ.

قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْمُحِبِّ الطَّبَرِيِّ وَغَيْرِهِ: وَلَا يَنْبَغِي التَّخْصِيصُ بِالثَّلَاثَةِ لَوْ كَانَ بِقُرْبِ مَقَابِرِ أَهْلِ الصَّلَاحِ وَالْخَيْرِ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الشَّخْصَ يَقْصِدُ الْجَارَ الْحَسَنَ.

قَالَ: وَيَنْبَغِي اسْتِثْنَاءُ الشَّهِيدِ وَقَدْ مَرَّ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ، وَلَوْ أَوْصَى بِنَقْلِهِ مِنْ مَحَلِّ مَوْتِهِ إلَى مَحَلٍّ مِنْ الْأَمَاكِنِ الثَّلَاثَةِ نُفِّذَتْ وَصِيَّتُهُ حَيْثُ قَرُبَ، وَأُمِنَ التَّغَيُّرُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ.

وَمَحَلُّ جَوَازِ نَقْلِهِ بَعْدَ غُسْلِهِ وَتَكْفِينِهِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ لَتَوَجَّهَ فَرْضُ ذَلِكَ عَلَى مَحَلِّ مَوْتِهِ فَلَا تَسْقُطُ عَنْهُمْ بِجَوَازِ نَقْلِهِ، قَالَهُ ابْنُ شُهْبَةَ وَهُوَ ظَاهِرٌ.

وَلَوْ مَاتَ سُنِّيٌّ فِي مَحَلِّ بِدْعَةٍ وَلَمْ يُمْكِنْ إخْفَاءُ قَبْرِهِ نُقِلَ، وَكَذَا لَوْ مَاتَ أَمِيرُ الْجَيْشِ وَنَحْوُهُ بِدَارِ الْحَرْبِ وَعَلِمَ بِهِ الْكُفَّارُ وَخِفْنَا عَلَيْهِ مِنْ دَفْنِهِ، ثُمَّ مِنْ إخْرَاجِهِ وَالتَّمْثِيلِ بِهِ.

وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ نَحْوُ السَّيْلِ يَعُمُّ مَقْبَرَةَ الْبَلَدِ وَيُفْسِدُهَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ مَنْ اعْتَادَ الدَّفْنَ فِيهَا أَوْ فِي أنبابة فِيمَا يَظْهَرُ، وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِيمَا إذَا كَانَ فِي الْبَلَدِ الْوَاحِدِ مَقَابِرُ مُتَعَدِّدَةٌ كَبَابِ النَّصْرِ وَالْقَرَافَةِ وَالْأَزْبَكِيَّةِ بِالنِّسْبَةِ لِأَهْلِ مِصْرَ فَلَهُ الدَّفْنُ فِي أَيُّهَا شَاءَ؛ لِأَنَّهَا مَقْبَرَةُ بَلَدِهِ، بَلْ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ سَاكِنًا بِقُرْبِ أَحَدِهَا جِدًّا لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: أَرْبَعُ مَسَائِلَ) وَهِيَ نَقْلُهُ مِنْ بَلَدٍ لِبَلَدٍ أَوْ لِصَحْرَاءَ أَوْ مِنْ صَحْرَاءَ لِصَحْرَاءَ أَوْ بَلَدٍ (قَوْلُهُ: بِمَسَافَةِ مَقْبَرَتِهَا) يَعْنِي فَلَوْ أَرَادَ النَّقْلَ إلَى بَلَدٍ آخَرَ اُعْتُبِرَ فِي التَّحْرِيمِ الزِّيَادَةُ عَلَى مِثْلِ تِلْكَ الْمَسَافَةِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ وُصُولِهِ) أَيْ لَا يَتَغَيَّرُ فِيهَا غَالِبًا وَلَوْ زَادَتْ عَنْ يَوْمٍ، وَمِنْ التَّغَيُّرِ انْتِفَاخُهُ أَوْ نَحْوُهُ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِمَكَّةَ جَمِيعُ الْحَرَمِ) قَالَ حَجّ: وَكَذَا الْبَاقِي اهـ.

وَالْأَوْلَى إذَا وَصَلَ إلَى الْحَرَمِ أَنْ يُدْفَنَ فِي مَقْبَرَتِهِ لَا فِي غَيْرِهَا لِمَا عَلَّلُوا بِهِ أَوْلَوِيَّةَ الدَّفْنِ فِي الْمَقْبَرَةِ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ هَذِهِ الْأَمَاكِنِ، عَلَى أَنَّ قَوْلَهُمْ الدَّفْنُ فِي الْمَقْبَرَةِ أَفْضَلُ شَامِلٌ لِهَذِهِ الْبِلَادِ الثَّلَاثِ (قَوْلُهُ: فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ) نَقَلَ سم عَلَى مَنْهَجٍ عَنْ الشَّارِحِ أَنَّهُ مَالَ لِخِلَافِهِ أَخْذًا بِإِطْلَاقِهِمْ (قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي اسْتِثْنَاءُ الشَّهِيدِ) أَيْ مِنْ النَّقْلِ فَيَحْرُمُ (قَوْلُهُ مِنْ الْأَمَاكِنِ الثَّلَاثَةِ) أَيْ أَمَّا غَيْرُهَا فَيَحْرُمُ تَنْفِيذُهَا (قَوْلُهُ: نُفِّذَتْ وَصِيَّتُهُ) أَيْ وَلَوْ دُفِنَ بِغَيْرِهَا نُقِلَ وُجُوبًا عَمَلًا بِوَصِيَّتِهِ عَلَى مَا يَأْتِي وَالْمُعْتَمَدُ مِنْهُ عَدَمُ النَّقْلِ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ وَأَمِنَ التَّغَيُّرَ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ: عَلَى مَحَلِّ مَوْتِهِ) أَيْ أَهْلِ مَحَلٍّ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُمْكِنُ إخْفَاءُ قَبْرِهِ نُقِلَ) أَيْ جَازَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: يَعُمُّ مَقْبَرَةَ الْبَلَدِ وَيُفْسِدُهَا) أَيْ وَلَوْ فِي بَعْضِ فُصُولِ السَّنَةِ كَأَنْ كَانَ الْمَاءُ يُفْسِدُهَا زَمَنَ النِّيلِ دُونَ غَيْرِهِ فَيَجُوزُ نَقْلُهُ فِي جَمِيعِ السَّنَةِ.

وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ جَوَازِ النَّقْلِ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ وَإِلَّا دُفِنَ بِمَكَانِهِ، وَيُحْتَاطُ فِي إحْكَامِ قَبْرِهِ بِالْبِنَاءِ وَنَحْوِهِ كَجَعْلِهِ فِي صُنْدُوقٍ

ــ

[حاشية الرشيدي]

[نَقْلُ الْمَيِّتِ قَبْلَ دَفْنِهِ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ آخَرَ]

وَلَعَلَّ الْعِبْرَةَ فِي كُلِّ بَلَدٍ بِمَسَافَةِ مَقْبَرَتِهَا) أَيْ فَلَا يَحْرُمُ نَقْلُهُ إلَى بَلَدٍ آخَرَ إلَّا إذَا كَانَ أَبْعَدَ مَسَافَةً مِنْ مَقْبَرَةِ بَلَدِهِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَحِينَئِذٍ فَالِاسْتِثْنَاءُ عَائِدٌ لِلْكَرَاهَةِ) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ هَذَا الِاسْتِنْتَاجِ (قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُ مِنْهُ عَدَمُ الْحُرْمَةِ) فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ، إذْ لَا يَلْزَمُهُ مِنْ انْتِفَاءِ الْكَرَاهَةِ الَّتِي هِيَ أَخَفُّ انْتِفَاءُ الْحُرْمَةِ الَّتِي هِيَ أَثْقَلُ، إذْ الْكَرَاهَةُ تَنْتَفِي بِأَدْنَى سَبَبٍ لِلتَّسَامُحِ فِيهَا بِخِلَافِ الْحُرْمَةِ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ قَالَ وَيَنْبَغِي اسْتِثْنَاءُ الشَّهِيدِ) أَيْ فَلَا يُنْقَلُ وَإِنْ كَانَ بِقُرْبِ أَحَدِ الْأَمَاكِنِ الثَّلَاثَةِ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِقَتْلَى أُحُدٍ أَنْ يُرَدُّوا إلَى مَصَارِعِهِمْ وَكَانُوا نُقِلُوا إلَى الْمَدِينَةِ (قَوْلُهُ: فِي مَحَلِّ بِدْعَةٍ) أَيْ

ص: 38

جَازَ لَهُمْ النَّقْلُ إلَى مَا لَيْسَ كَذَلِكَ، وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ، جَوَازَهُ لِأَحَدِ الثَّلَاثَةِ بَعْدَ دَفْنِهِ إذَا أَوْصَى بِهِ، وَوَافَقَهُ غَيْرُهُ فَقَالَ: هُوَ قَبْلَ التَّغَيُّرِ وَاجِبٌ، وَعَلَى كُلٍّ فَلَا حُجَّةَ فِيمَا رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ: أَنَّ يُوسُفَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَى سَائِرِ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ وَسَلَّمَ نُقِلَ بَعْدَ سِنِينَ كَثِيرَةٍ مِنْ مِصْرَ إلَى جِوَارِ جَدِّهِ الْخَلِيلِ عليه السلام، وَإِنْ صَحَّ مَا جَاءَ: أَيْ النَّاقِلُ لَهُ مُوسَى عليه السلام؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ شَرْعِنَا، وَمُجَرَّدُ حِكَايَتِهِ صلى الله عليه وسلم لَا يَجْعَلُهُ مِنْ شَرْعِهِ، هَذَا وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ نَقْلِهِ بَعْدَ دَفْنِهِ مُطْلَقًا كَمَا قَالَهُ فِي الْعُبَابِ، وَلَا أَثَرَ لِوَصِيَّتِهِ وَلَوْ تَعَارَضَ الْقُرْبُ مِنْ الْأَمَاكِنِ الْمَذْكُورَةِ وَدَفْنُهُ بَيْنَ أَهْلِهِ فَالْأُولَى أَوْلَى كَمَا بَحَثَهُ الشَّيْخُ رحمه الله

(وَنَبْشُهُ بَعْدَ دَفْنِهِ) وَقَبْلَ بِلَاهُ عِنْدَ أَهْلِ الْخِبْرَةِ بِتِلْكَ الْأَرْضِ (لِلنَّقْلِ) وَلَوْ لِنَحْوِ مَكَّةَ (وَغَيْرِهِ) وَلَوْ لِصَلَاةٍ عَلَيْهِ أَوْ تَكْفِينِهِ كَمَا سَيَأْتِي (حَرَامٌ) لِمَا فِيهِ مِنْ هَتْكِ حُرْمَتِهِ (إلَّا لِضَرُورَةٍ بِأَنْ دُفِنَ بِلَا غُسْلٍ) وَلَا تَيَمُّمٍ بِشَرْطِهِ وَهُوَ مِمَّنْ يَجِبُ غُسْلُهُ فَيَجِبُ نَبْشُهُ لِطُهْرِهِ تَدَارُكًا لِلْوَاجِبِ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ أَوْ يَنْقَطِعْ ثُمَّ يُصَلَّى عَلَيْهِ (أَوْ) دُفِنَ (فِي أَرْضٍ أَوْ) فِي (ثَوْبٍ مَغْصُوبَيْنِ) وَطَلَبَهُمَا مَالِكُهُمَا فَيُنْبَشُ حَتْمًا وَإِنْ تَغَيَّرَ، وَحَصَلَ هَتْكُ حُرْمَتِهِ لِيَصِلَ الْمَالِكُ لِحَقِّهِ، وَيُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ كَمَا نُقِلَ عَنْ النَّصِّ، وَيُسَنُّ فِي حَقِّهِ التَّرْكُ، فَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ الْمَالِكُ ذَلِكَ حَرُمَ النَّبْشُ كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْأُسْتَاذِ.

قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: مَا لَمْ يَكُنْ مَحْجُورًا عَلَيْهِ أَوْ مِمَّنْ يُحْتَاطُ لَهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ، ثُمَّ مَحَلُّ النَّبْشِ أَيْضًا فِي الْكَفَنِ الْمَغْصُوبِ إذَا وُجِدَ مَا يُكَفَّنُ فِيهِ الْمَيِّتُ، وَإِلَّا حَرُمَ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَغَيْرِهِ بِنَاءً عَلَى قَهْرِ مَالِكِهِ عَلَيْهِ لَوْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَلَوْ كُفِّنَ فِي حَرِيرٍ لَمْ يَجُزْ نَبْشُهُ؛ لِأَنَّهُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُسَامَحَةِ، وَدَفْنُهُ فِي مَسْجِدٍ كَهُوَ فِي الْمَغْصُوبِ فَيُنْبَشُ وَيُخْرَجُ مُطْلَقًا فِيمَا يَظْهَرُ (أَوْ وَقَعَ فِيهِ) أَيْ الْقَبْرِ (مَالٌ) مِمَّا يُتَمَوَّلُ وَإِنْ قَلَّ كَخَاتَمٍ فَيُنْبَشُ حَتْمًا وَإِنْ تَغَيَّرَ الْمَيِّتُ؛ لِأَنَّ تَرْكَهُ فِيهِ إضَاعَةُ مَالٍ، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ طَلَبَهُ مَالِكُهُ أَوْ لَا، وَقَيَّدَ فِي الْمُهَذَّبِ بِطَلَبِهِ لَهُ.

قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَلَمْ يُوَافِقُوهُ عَلَيْهِ، وَاعْتَرَضَ بِمُوَافَقَةِ صَاحِبَيْ الِانْتِصَارِ وَالِاسْتِقْصَاءِ لَهُ، وَعَلَى الْإِطْلَاقِ قَدْ يُفَارِقُ مَا فِي الِابْتِلَاعِ وَفِي التَّكْفِينِ وَالدَّفْنِ فِي الْمَغْصُوبِ بِأَنَّ فِي الْأَوَّلِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: جَازَ لَهُمْ النَّقْلُ) أَيْ وَلَوْ فِي بَلَدٍ آخَرَ يَسْلَمُ مِنْهُ الْمَيِّتُ مِنْ الْفَسَادِ

(قَوْلُهُ: وَقَبْلَ بِلَاهُ) عِبَارَةُ الْمُخْتَارِ: بَلِيَ الثَّوْبُ بِالْكَسْرِ بِلًى بِالْقَصْرِ فَإِنْ فَتَحْت بَاءَ الْمَصْدَرِ مَدَدْت اهـ.

وَهِيَ تُفِيدُ أَنَّ مَا هُنَا يَجُوزُ فِيهِ الْكَسْرُ مَعَ الْقَصْرِ وَالْفَتْحُ مَعَ الْمَدِّ (قَوْلُهُ: وَلَا تَيَمُّمَ بِشَرْطِهِ) أَفْهَمَ أَنَّهُ إذَا يُمِّمَ قَبْلَ الدَّفْنِ لَا يَجُوزُ نَبْشُهُ لِلْغُسْلِ وَإِنْ كَانَ تَيَمُّمُهُ فِي الْأَصْلِ لِفَقْدِ الْغَاسِلِ أَوْ لِفَقْدِ الْمَاءِ بِمَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ وُجُودُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَطْلُبُ الْمَالِكُ ذَلِكَ) شَمِلَ مَا لَوْ سَكَتَ عَنْ الطَّلَبِ، وَلَمْ يُصَرِّحْ بِالْمُسَامَحَةِ فَيَحْرُمُ إخْرَاجُهُ، وَعِبَارَةُ حَجّ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ مَغْصُوبَيْنِ: وَإِنْ غَرِمَ الْوَرَثَةُ مِثْلَهُ أَوْ قِيمَتَهُ مَا لَمْ يُسَامِحْ الْمَالِكُ انْتَهَى.

وَمُقْتَضَاهَا وُجُوبُ نَبْشِهِ عِنْدَ سُكُوتِ الْمَالِكِ، وَقَدْ يُمْنَعُ بِأَنَّ فِي إخْرَاجِ الْمَيِّتِ إزْرَاءً وَالْمُسَامَحَةُ جَارِيَةٌ بِمِثْلِهِ، فَالْأَقْرَبُ عَدَمُ جَوَازِ نَبْشِهِ مَا لَمْ يُصَرِّحْ الْمَالِكُ بِالطَّلَبِ (قَوْلُهُ: لَوْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ وَهُوَ الْأَصَحُّ) أَيْ وَيُعْطِي قِيمَتَهُ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ إنْ كَانَتْ، وَإِلَّا فَمِنْ مُنْفِقِهِ إنْ كَانَ، وَإِلَّا فَمِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَمَيَاسِيرِ الْمُسْلِمِينَ إنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ مِنْهُمْ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) تَغَيَّرَ أَمْ لَا (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ طَلَبَهُ مَالِكُهُ أَوْ لَا) الْمُتَبَادَرُ مِنْ عَدَمِ الطَّلَبِ السُّكُوتُ وَهُوَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

وَخُشِيَ عَلَيْهِ مِنْهُمْ كَمَا قَالَهُ الشِّهَابُ حَجّ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي وَخِفْنَا إلَخْ رَاجِعًا إلَى هَذَا أَيْضًا (قَوْلُهُ: هُوَ قَبْلَ التَّغَيُّرِ وَاجِبٌ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ بَعْدَ التَّغَيُّرِ بَاقٍ عَلَى الْجَوَازِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ لِهَذَا الْقَائِلِ فَلْيُرَاجَعْ

(قَوْلُهُ: أَوْ يَنْقَطِعُ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ بَعْدَ قَوْلِهِ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ (قَوْلُهُ: أَوْ مِمَّنْ يُحْتَاطُ لَهُ) أَيْ كَالْغَائِبِ

ص: 39

بَشَاعَةً بِشَقِّ نَحْوِ جَوْفِهِ، وَالْأَخِيرَيْنِ ضَرُورِيَّانِ لَهُ فَاحْتِيطَ لَهُمَا بِالطَّلَبِ بِخِلَافِ هَذَا.

قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَلَمْ يُبَيِّنْ هَلْ كَلَامُهُ هُنَا فِي وُجُوبِ النَّبْشِ أَوْ جَوَازِهِ، وَيُحْتَمَلُ حَمْلُ كَلَامِ الْمُطْلِقِينَ عَلَى الْجَوَازِ وَكَلَامِ الْمُهَذَّبِ عَلَى الْوُجُوبِ عِنْدَ الطَّلَبِ فَلَا يَكُونُ مُخَالِفًا لِإِطْلَاقِهِمْ انْتَهَى، وَلَوْ بَلَعَ مَالَ غَيْرِهِ وَطَلَبَهُ مَالِكُهُ، وَلَمْ يَضْمَنْ بَدَلَهُ أَحَدٌ مِنْ وَرَثَتِهِ أَوْ غَيْرِهِمْ كَمَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ صَاحِبِ الْعُدَّةِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ نُبِشَ وَشُقَّ جَوْفُهُ وَأُخْرِجَ مِنْهُ وَدُفِعَ لِمَالِكِهِ، فَإِنْ ابْتَلَعَ مَالَ نَفْسِهِ فَلَا يُنْبَشُ وَلَا يُشَقُّ لِاسْتِهْلَاكِهِ لَهُ حَالَ حَيَاتِهِ (أَوْ دُفِنَ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ) وَإِنْ كَانَ رِجْلَاهُ إلَيْهَا فِيمَا يَظْهَرُ خِلَافًا لِلْمُتَوَلِّي فَيُنْبَشُ حَتْمًا مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ وَيُوَجَّهُ لِلْقِبْلَةِ، فَإِنْ تَغَيَّرَ فَلَا (لَا لِلتَّكْفِينِ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ غَرَضَ التَّكْفِينِ السِّتْرُ، وَقَدْ حَصَلَ بِالتُّرَابِ مَعَ مَا فِي نَبْشِهِ مِنْ هَتْكِهِ.

وَالثَّانِي: يُنْبَشُ قِيَاسًا عَلَى الْغُسْلِ بِجَامِعِ الْوُجُوبِ، وَيُنْبَشُ أَيْضًا فِي صُوَرٍ كَمَا لَوْ دُفِنَتْ امْرَأَةٌ حَامِلٌ بِجَنِينٍ تُرْجَى حَيَاتُهُ بِأَنْ يَكُونَ لَهُ سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ فَيُشَقُّ جَوْفُهَا وَيُخْرَجُ إذْ شَقُّهُ لَازِمٌ قَبْلَ دَفْنِهَا أَيْضًا، فَإِنْ لَمْ تُرْجَ حَيَاتُهُ فَلَا لَكِنْ يُتْرَكُ دَفْنُهَا إلَى مَوْتِهِ، ثُمَّ تُدْفَنُ، وَقَوْلُ التَّنْبِيهِ تُرِكَ عَلَيْهِ شَيْءٌ حَتَّى يَمُوتَ ضَعِيفٌ بَلْ غَلَطٌ فَاحِشٌ فَلْيُحْذَرْ، أَوْ بُشِّرَ بِمَوْلُودٍ فَقَالَ إنْ كَانَ ذَكَرًا فَعَبْدِي حُرٌّ أَوْ أُنْثَى فَأَمَتِي حُرَّةٌ، وَدُفِنَ الْمَوْلُودُ قَبْلَ الْعِلْمِ بِحَالِهِ فَيُنْبَشُ لِيُعْلَمَ مَنْ وُجِدَتْ صِفَتُهُ، أَوْ قَالَ: إنْ وَلَدْت ذَكَرًا فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً أَوْ أُنْثَى فَطَلْقَتَيْنِ فَوَلَدَتْ مَيِّتًا وَدُفِنَ وَجُهِلَ حَالُهُ فَالْأَصَحُّ فِي الزَّوَائِدِ نَبْشُهُ، أَوْ ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى مَيِّتٍ بَعْدَ دَفْنِهِ أَنَّهُ امْرَأَتُهُ، وَأَنَّ هَذَا الْوَلَدَ وَلَدُهُ مِنْهَا، وَطَلَبَ إرْثَهُ مِنْهَا وَادَّعَتْ امْرَأَةٌ أَنَّهُ زَوْجُهَا، وَأَنَّ هَذَا وَلَدُهَا مِنْهُ وَطَلَبَتْ إرْثَهَا مِنْهُ، وَأَقَامَ كُلٌّ بَيِّنَةً فَإِنَّهُ يُنْبَشُ، فَإِنْ وُجِدَ خُنْثَى قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الرَّجُلِ أَوْ لَحِقَ الْمَيِّتَ سَيْلٌ أَوْ نَدَاوَةٌ فَيُنْبَشُ لِنَقْلِهِ، أَوْ قَالَ: إنْ رَزَقَنِي اللَّهُ وَلَدًا ذَكَرًا فَلِلَّهِ عَلَيَّ كَذَا وَدُفِنَ قَبْلَ الْعِلْمِ بِحَالِهِ فَيُنْبَشُ قَطْعًا لِلنِّزَاعِ، أَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى شَخْصِهِ وَاشْتَدَّتْ الْحَاجَةُ وَلَمْ تَتَغَيَّرْ صُورَتُهُ فَيُنْبَشُ لِيُعْرَفَ عَلَى مَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ، وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ،

أَوْ اخْتَلَفَ الْوَرَثَةُ فِي أَنَّ الْمَدْفُونَ ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى لِيَعْلَمَ كُلٌّ مِنْ الْوَرَثَةِ قَدْرَ حِصَّتِهِ، وَتَظْهَرُ ثَمَرَةُ ذَلِكَ فِي الْمُنَاسَخَاتِ، أَوْ زَعَمَ الْجَانِي شَلَلَ الْعُضْوِ وَلَوْ أُصْبُعًا فَإِنَّهُ يُنْبَشُ لِيُعْلَمَ، ذَكَرَهُ ابْنُ كَجٍّ، أَوْ دُفِنَ فِي ثَوْبٍ مَرْهُونٍ وَطَلَبَ الْمُرْتَهِنُ إخْرَاجَهُ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: فَالْقِيَاسُ غُرْمُ الْقِيمَةِ فَإِنْ تَعَذَّرَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ نُهِيَ عَنْهُ لَمْ يُنْبَشْ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَالْأَخِيرَيْنِ ضَرُورِيَّانِ) أَيْ وَبِأَنَّ الْأَخِيرَيْنِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَضْمَنْ بَدَلَهُ) أَيْ أَمَّا لَوْ ضَمِنَهُ أَحَدٌ مِنْ الْوَرَثَةِ أَوْ غَيْرِهِمْ أَوْ يَدْفَعُ لِصَاحِبِ الْمَالِ بَدَلَهُ حَرُمَ نَبْشُهُ وَشَقُّ جَوْفِهِ لِقِيَامِ بَدَلِهِ مَقَامَهُ وَصَوْنًا لِلْمَيِّتِ مِنْ انْتِهَاكِ حُرْمَتِهِ (قَوْلُهُ: وَدُفِعَ لِمَالِكِهِ) أَيْ وَإِنْ تَغَيَّرَ (قَوْلُهُ: لِاسْتِهْلَاكِهِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُشَقُّ وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِإِهْلَاكِهِ قَبْلَ تَعَلُّقِ الْغُرَمَاءِ بِهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ حَيْثُ كَانَ الْقَبْرُ مَحْفُورًا عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ رِجْلَاهُ إلَيْهَا) ظَاهِرُهُ وَإِنْ رُفِعَ رَأْسُهُ، وَتَقَدَّمَ عَنْ الشَّيْخِ عَمِيرَةَ وحج التَّصْرِيحُ بِالْحُرْمَةِ وَإِنْ رُفِعَ رَأْسُهُ (قَوْلُهُ: لَكِنْ يُتْرَكُ دَفْنُهَا إلَى مَوْتِهِ) أَيْ وَلَوْ تَغَيَّرَتْ لِئَلَّا يُدْفَنَ الْحَمْلُ حَيًّا (قَوْلُهُ: بَلْ غَلَطٌ فَاحِشٌ) أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ لَا ضَمَانَ فِيهِ مُطْلَقًا بَلَغَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ أَوْ لَا لِعَدَمِ تَيَقُّنِ حَيَاتِهِ (قَوْلُهُ: خُنْثَى قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الرَّجُلِ) أَيْ لِأَنَّ بَيِّنَتَهُ تَشْهَدُ عَلَى خُرُوجِ الْوَلَدِ مِنْ فَرْجِهَا وَبَيِّنَةُ الْمَرْأَةِ تَشْهَدُ لِظَنِّهَا حُصُولَ الْوَلَدِ مِنْهُ مُسْتَنِدَةً لِمُجَرَّدِ الزَّوْجِيَّةِ (قَوْلُهُ: أَوْ نَدَاوَةٌ) أَيْ وَلَوْ قَبْلَهَا عِنْدَ ظَنِّ حُصُولِهَا ظَنَّا قَوِيًّا، وَلَوْ عَلِمَ قَبْلَ دَفْنِهِ حُصُولَ ذَلِكَ لَهُ وَجَبَ اجْتِنَابُهُ حَيْثُ أَمْكَنَ وَلَوْ بِمَحَلٍّ بَعِيدٍ (قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ) وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذِهِ وَمَسْأَلَةِ النَّذْرِ أَنَّ النَّذْرَ لِكَوْنِهِ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى وَإِنْشَاءِ النَّاذِرِ الْتِزَامَهُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَلَمْ يُبَيِّنْ هَلْ كَلَامُهُ) أَيْ وَلَمْ يُبَيِّنْ فِي الْمَجْمُوعِ هَلْ كَلَامُ الْمُهَذَّبِ (قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ فِي الزَّوَائِدِ نَبْشُهُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَأَنَّ هَذَا الْوَلَدَ وَلَدُهُ مِنْهَا) إنَّمَا قَيَّدَ بِهِ لِأَجْلِ مَا يَأْتِي فِي الْخُنْثَى لِتُقَدَّمَ فِيهِ بَيِّنَةُ الرَّجُلِ أَيْ لِأَنَّ بَيِّنَتَهُ مَعَهَا زِيَادَةُ عِلْمٍ بِمُشَاهَدَةِ الْوِلَادَةِ

ص: 40

نُبِشَ وَأُخْرِجَ مَا لَمْ تَنْقُصْ قِيمَتُهُ بِالْبِلَى، أَوْ تَدَاعَيَا مَوْلُودًا فَيُنْبَشُ لِيَلْحَقَهُ الْقَائِفُ بِأَحَدِ الْمُتَدَاعِيَيْنِ، وَقَيَّدَهُ الْبَغَوِيّ بِمَا إذَا لَمْ تَتَغَيَّرُ صُورَتُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ، أَوْ دُفِنَ كَافِرٌ فِي الْحَرَمِ فَيُنْبَشُ، وَيُخْرَجُ عَلَى مَا سَيَأْتِي فِي الْجِزْيَةِ، وَلَوْ كَفَّنَهُ أَحَدُ الْوَرَثَةِ مِنْ التَّرِكَةِ وَأَسْرَفَ غَرِمَ حِصَّةَ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ.

فَلَوْ طَلَبَ إخْرَاجَ الْمَيِّتِ لِأَخْذِ ذَلِكَ لَمْ تَلْزَمْهُمْ إجَابَتُهُ، وَلَيْسَ لَهُمْ نَبْشُهُ لَوْ كَانَ الْكَفَنُ مُرْتَفِعَ الْقِيمَةِ، وَإِنْ زَادَ فِي الْعَدَدِ فَلَهُمْ النَّبْشُ وَإِخْرَاجُ الزَّائِدِ، وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ الْمُرَادَ الزَّائِدُ عَلَى الثَّلَاثِ.

أَمَّا بَعْدَ الْبِلَى عِنْدَ مَنْ مَرَّ فَلَا يَحْرُمُ النَّبْشُ بَلْ تَحْرُمُ عِمَارَتُهُ وَتَسْوِيَةُ تُرَابِهِ عَلَيْهِ إذَا كَانَ فِي مَقْبَرَةٍ مُسْبَلَةٍ لِامْتِنَاعِ النَّاسِ عَنْ الدَّفْنِ فِيهِ لِظَنِّهِمْ بِهِ عَدَمَ الْبِلَى، وَمَحَلُّ ذَلِكَ كَمَا قَالَهُ الْمُوَفَّقُ بْنُ حَمْزَةَ فِي مُشْكِلِ الْوَسِيطِ مَا لَمْ يَكُنْ الْمَدْفُونُ صَحَابِيًّا أَوْ مِمَّنْ اُشْتُهِرَتْ وِلَايَتُهُ وَإِلَّا اُمْتُنِعَ نَبْشُهُ عِنْدَ الِانْمِحَاقِ، وَأَيَّدَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ بِجَوَازِ الْوَصِيَّةِ بِعِمَارَةِ قُبُورِ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ لِمَا فِيهِ مِنْ إحْيَاءِ الزِّيَارَةِ وَالتَّبَرُّكِ، إذْ قَضِيَّتُهُ جَوَازُ عِمَارَةِ قُبُورِهِمْ مَعَ الْجَزْمِ هُنَا بِمَا مَرَّ مِنْ حُرْمَةِ تَسْوِيَةِ الْقَبْرِ وَعِمَارَتِهِ فِي الْمُسْبَلَةِ

(وَيُسَنُّ أَنْ تَقِفَ جَمَاعَةٌ بَعْدَ دَفْنِهِ عِنْدَ قَبْرِهِ سَاعَةً يَسْأَلُونَ لَهُ التَّثْبِيتَ)"؛ لِأَنَّهُ عليه السلام كَانَ إذَا فَرَغَ مِنْ دَفْنِ الْمَيِّتِ وَقَفَ عَلَيْهِ وَقَالَ: اسْتَغْفِرُوا لِأَخِيكُمْ وَاسْأَلُوا لَهُ التَّثْبِيتَ فَإِنَّهُ الْآنَ يُسْأَلُ " وَيُسْتَحَبُّ تَلْقِينُ الْمَيِّتِ الْمُكَلَّفِ بَعْدَ تَمَامِ دَفْنِهِ لِخَبَرِ «إنَّ الْعَبْدَ إذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ وَتَوَلَّى عَنْهُ أَصْحَابُهُ إنَّهُ يَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ، فَإِذَا انْصَرَفُوا أَتَاهُ مَلَكَانِ» الْحَدِيثَ فَتَأْخِيرُ تَلْقِينِهِ لِمَا بَعْدَ إهَالَةِ التُّرَابِ أَقْرَبُ إلَى حَالَةِ سُؤَالِهِ، فَيَقُولُ لَهُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ ابْنَ أَمَةِ اللَّهِ اُذْكُرْ مَا خَرَجْت عَلَيْهِ مِنْ الدُّنْيَا: شَهَادَةَ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَأَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ وَأَنَّ النَّارَ حَقٌّ، وَأَنَّ الْبَعْثَ حَقٌّ، وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا، وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ، وَأَنَّك رَضِيت بِاَللَّهِ رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم نَبِيًّا، وَبِالْقُرْآنِ إمَامًا، وَبِالْكَعْبَةِ قِبْلَةً، وَبِالْمُؤْمِنِينَ إخْوَانًا.

وَأَنْكَرَ بَعْضُهُمْ قَوْلَهُ: يَا ابْنَ أَمَةِ اللَّهِ؛ لِأَنَّ الْمَشْهُورَ دُعَاءُ النَّاسِ بِآبَائِهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ فِي غَيْرِ الْمَنْفِيِّ وَوَلَدِ الزِّنَا عَلَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ فِي مَجْمُوعِهِ خَيَّرَ فَقَالَ يَا فُلَانُ ابْنُ فُلَانٍ أَوْ يَا عَبْدَ اللَّهِ ابْنَ أَمَةِ اللَّهِ، وَيَقِفُ الْمُلَقِّنُ عِنْدَ رَأْسِ الْقَبْرِ.

وَيَنْبَغِي أَنْ يَتَوَلَّاهُ أَهْلُ الدِّينِ وَالصَّلَاحِ مِنْ أَقْرِبَائِهِ وَإِلَّا فَمِنْ غَيْرِهِمْ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَلَا يُلَقَّنُ طِفْلٌ وَلَوْ مُرَاهِقًا وَمَجْنُونٌ لَمْ يَتَقَدَّمْهُ تَكْلِيفٌ كَمَا قَيَّدَ بِهِ الْأَذْرَعِيُّ لِعَدَمِ افْتِتَانِهِمَا، وَاسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ شَهِيدَ الْمَعْرَكَةِ كَمَا لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْغَالِبُ عَدَمُ تَيَسُّرِ بَيِّنَةٍ تَشْهَدُ بِهِ، وَإِنْ نَذَرَهُ لِمُعَيَّنٍ، بِخِلَافِ مَنْ أُقِيمَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى شَخْصِهِ فَإِنَّهُ يُمْكِنُ عَادَةً إقَامَةُ غَيْرِهَا (قَوْلُهُ: وَهُوَ ظَاهِرٌ) أَيْ فَإِنْ تَغَيَّرَتْ تَغَيُّرًا يَمْنَعُ مَعْرِفَةَ صُورَتِهِ لَوْ أُخْرِجَ لَمْ يُنْبَشْ، وَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَتَنَازَعَا فِيهِ وَحَيْثُ لَمْ يُنْبَشْ وُقِفَ إلَى الصُّلْحِ (قَوْلُهُ: لَمْ تَلْزَمْهُمْ إجَابَتُهُ) أَيْ وَيَجُوزُ فَيُنْبَشُ لِإِخْرَاجِهِ (قَوْلُهُ: أَمَّا بَعْدَ الْبِلَى) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ وَقِيلَ بِلَاهُ عِنْدَ أَهْلٍ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: عِنْدَ مَنْ مَرَّ) أَيْ مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ (قَوْلُهُ وَالصَّالِحِينَ) أَيْ وَالْعُلَمَاءِ اهـ.

وَالْمُرَادُ بِعِمَارَةِ ذَلِكَ بِنَاءُ مَحَلِّ الْمَيِّتِ فَقَطْ لَا بِنَاءُ الْقِبَابِ وَنَحْوِهَا

(قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ أَنْ تَقِفَ جَمَاعَةٌ) أَيْ قَدْرَ مَا يُنْحَرُ جَزُورٌ وَيُفَرَّقُ لَحْمُهَا اهـ حَجّ (قَوْلُهُ وَاسْأَلُوا لَهُ التَّثْبِيتَ) أَيْ كَأَنْ يَقُولُوا: اللَّهُمَّ ثَبِّتْهُ، فَلَوْ أَتَوْا بِغَيْرِ ذَلِكَ كَالذِّكْرِ عَلَى الْقَبْرِ لَمْ يَكُونُوا آتِينَ بِالسُّنَّةِ وَإِنْ حَصَلَ لَهُمْ ثَوَابٌ عَلَى ذِكْرِهِمْ وَبَقِيَ إتْيَانُهُمْ بِهِ بَعْدَ سُؤَالِ التَّثْبِيتِ لَهُ هَلْ هُوَ مَطْلُوبٌ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي، وَمِثْلُ الذِّكْرِ بِالْأَوْلَى الْأَذَانُ، فَلَوْ أَتَوْا بِهِ كَانُوا آتِينَ بِغَيْرِ الْمَطْلُوبِ مِنْهُمْ (قَوْلُهُ: وَلَا يُلَقَّنُ طِفْلٌ) أَيْ لَا يُنْدَبُ تَلْقِينُهُ (قَوْلُهُ: وَاسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ شَهِيدَ الْمَعْرَكَةِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسْأَلُ وَأَفَادَ اقْتِصَارُهُ عَلَيْهِ أَنَّ غَيْرَهُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ وَلَيْسَ لَهُمْ نَبْشُهُ) أَيْ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمَذْكُورَةِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُمْ النَّبْشُ بِطَلَبِ الَّذِي كَفَّنَ مِنْ الْوَرَثَةِ وَهَلْ يَجُوزُ لَهُمْ النَّبْشُ فِيهِ التَّفْصِيلُ الْمَذْكُورُ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ مِمَّا هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى فَهْمِهِ أَنَّ هَذَا مَسْأَلَةٌ أُخْرَى (قَوْلُهُ: أَمَّا بَعْدَ الْبِلَى) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ وَقَبْلَ بِلَائِهِ فِيمَا مَرَّ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَنَبْشُهُ بَعْدَ بِلَائِهِ

ص: 41

وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَا يُسْأَلُونَ؛ لِأَنَّ غَيْرَ النَّبِيِّ يُسْأَلُ عَنْ النَّبِيِّ فَكَيْفَ يُسْأَلُ هُوَ عَنْ نَفْسِهِ (وَ) يُسَنُّ (لِجِيرَانِ أَهْلِهِ) وَلَوْ أَجَانِبَ وَأَقَارِبِهِ الْأَبَاعِدِ وَإِنْ كَانُوا بِغَيْرِ بَلَدِ الْمَيِّتِ وَمَعَارِفِهِمْ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا جِيرَانًا كَمَا فِي الْأَنْوَارِ (تَهْيِئَةُ طَعَامٍ يُشْبِعُهُمْ يَوْمَهُمْ وَلَيْلَتَهُمْ) لِخَبَرِ «اصْنَعُوا لِآلِ جَعْفَرٍ طَعَامًا فَقَدْ جَاءَهُمْ مَا يُشْغِلُهُمْ» وَلِأَنَّهُ بِرٌّ وَمَعْرُوفٌ، وَقَيَّدَ الْإِسْنَوِيُّ الْيَوْمَ وَاللَّيْلَةَ بِمَا إذَا مَاتَ أَوَائِلَهُ، وَإِلَّا ضَمَّ إلَيْهِ اللَّيْلَةَ الثَّانِيَةَ أَيْضًا لَا سِيَّمَا إذَا تَأَخَّرَ الدَّفْنُ عَلَى تِلْكَ اللَّيْلَةِ (وَيُلَحُّ عَلَيْهِمْ) نَدْبًا (فِي الْأَكْلِ) لِئَلَّا يَضْعُفُوا بِتَرْكِهِ، وَلَا بَأْسَ بِالْقَسَمِ عَلَيْهِمْ إذَا عَرَفَ أَنَّهُمْ يَبَرُّونَ قَسَمَهُ، وَيُكْرَهُ كَمَا فِي الْأَنْوَارِ وَغَيْرِهِ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ وَالْمُصَنِّفِ أَنَّهُ بِدْعَةٌ لِأَهْلِهِ صُنْعُ طَعَامٍ يَجْمَعُونَ النَّاسَ عَلَيْهِ قَبْلَ الدَّفْنِ وَبَعْدَهُ لِقَوْلِ جَرِيرٍ: كُنَّا نَعُدُّ ذَلِكَ مِنْ النِّيَاحَةِ، وَالذَّبْحُ وَالْعَقْرُ عِنْدَ الْقَبْرِ مَذْمُومٌ لِلنَّهْيِ (وَتَحْرُمُ تَهْيِئَتُهُ لِلنَّائِحَاتِ) وَنَحْوِهِنَّ؛ لِأَنَّهُ إعَانَةٌ عَلَى مَعْصِيَةٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ــ

[حاشية الشبراملسي]

مِنْ الشُّهَدَاءِ يُسْأَلُ.

وَعِبَارَةُ الزِّيَادِيِّ: وَالسُّؤَالُ فِي الْقَبْرِ عَامٌّ لِكُلِّ مُكَلَّفٍ وَلَوْ شَهِيدًا إلَّا شَهِيدَ الْمَعْرَكَةِ، وَيُحْمَلُ الْقَوْلُ بِعَدَمِ سُؤَالِ الشُّهَدَاءِ وَنَحْوِهِمْ مِمَّنْ وَرَدَ الْخَبَرُ بِأَنَّهُمْ لَا يُسْأَلُونَ عَلَى عَدَمِ الْفِتْنَةِ فِي الْقَبْرِ خِلَافًا لِلْجَلَالِ السُّيُوطِيّ، وَقَوْلُهُ فِي الْقَبْرِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَقْبُورِ وَغَيْرِهِ فَيَشْمَلُ الْغَرِيقَ وَالْحَرِيقَ وَإِنْ سُحِقَ وَذُرِّيَ فِي الرِّيحِ وَمَنْ أَكَلَتْهُ السِّبَاعُ (قَوْلُهُ: وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ) خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ لَا يُسْأَلُونَ) أَيْ فَلَا يُلَقَّنُونَ، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِمْ مِنْ أَنَّهُ يُدْعَى لَهُمْ بِمَا يُدْعَى بِهِ لِغَيْرِهِمْ أَنَّ الدُّعَاءَ لِلْأَنْبِيَاءِ بِالصَّلَاةِ مَطْلُوبٌ لِزِيَادَةِ الدَّرَجَةِ فَطَلَبُ الدُّعَاءِ لَهُمْ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِمْ لِذَلِكَ، وَالْمَقْصُودُ مِنْ التَّلْقِينِ تَذْكِيرُهُمْ بِمَا يُجِيبُونَ بِهِ السَّائِلَ لَهُمْ، وَذَلِكَ مُنْتَفٍ عَنْهُمْ (قَوْلُهُ: إذَا عَرَفَ أَنَّهُمْ يَبَرُّونَ قَسَمَهُ) أَيْ بِفَتْحِ الْبَاءِ مُضَارِعُ بَرِرَ بِالْكَسْرِ.

قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: بَرِرْت وَالِدِي بِالْكَسْرِ بَرًّا فَأَنَا بَرٌّ بِهِ وَبَارٌّ (قَوْلُهُ: قَبْلَ الدَّفْنِ وَبَعْدَهُ) وَمِنْهُ الْمَشْهُورُ بِالْوَحْشَةِ وَالْجُمَعِ الْمَعْلُومَةِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَالذَّبْحُ وَالْعَقْرُ عِنْدَ الْقَبْرِ مَذْمُومٌ) أَيْ فَيَكُونُ مَكْرُوهًا. .

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 42