الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لِتَعَذُّرِ وَفَائِهِ بِالشَّرْطِ لِكَوْنِهِ يَعْتِقُ عَلَيْهِ قَبْلَ إعْتَاقِهِ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ نَظَرَ فِيهِ فِي الْمَجْمُوعِ وَأَبْدَى لِلصِّحَّةِ احْتِمَالًا وَيَكُونُ شَرْطُهُ تَوْكِيدًا لِلْمَعْنَى.
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ شِرَاءَ مَنْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّتِهِ أَوْ شَهِدَ بِهَا أَوْ بَيْعَهُ بِشَرْطِ الْعِتْقِ كَشِرَاءِ الْقَرِيبِ: وَيُحْتَمَلُ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ (وَالْأَصَحُّ أَنَّ لِلْبَائِعِ) وَيُظْهِرُ إلْحَاقَ وَارِثِهِ بِهِ (مُطَالَبَةُ الْمُشْتَرِي بِالْإِعْتَاقِ) ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى لَكِنْ لَهُ غَرَضٌ فِي تَحْصِيلِهِ لِإِثَابَتِهِ عَلَى شَرْطِهِ وَبِهِ فَارَقَ الْآحَادَ، وَأَمَّا قَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ: لِمَ لَا يُقَالُ لِلْآحَادِ الْمُطَالَبَةُ بِهِ حِسْبَةً لَا سِيَّمَا عِنْدَ مَوْتِ الْبَائِعِ أَوْ جُنُونِهِ، يَرُدُّهُ مَا سَيَأْتِي فِي الْمُمَاثَلَةِ فِي الْقِصَاصِ مِمَّا يُؤْخَذُ مِنْهُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ مِنْ امْتِنَاعِ الْمُطَالَبَةِ، وَأَنَّ النَّظَرَ فِي مِثْلِهِ لِلْحَاكِمِ، وَلَا يَلْزَمُهُ عِتْقُهُ فَوْرًا إلَّا عِنْدَ الطَّلَبِ (أَوْ ظَنِّ فَوَاتِهِ) فَإِنْ امْتَنَعَ أَجْبَرَهُ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَرْفَعْهُ إلَيْهِ الْبَائِعُ بَلْ وَإِنْ أَسْقَطَ هُوَ أَوْ الْقِنُّ حَقَّهُ، فَإِنْ أَصَرَّ أَعْتَقَهُ عَلَيْهِ كَمَا يُطْلَقُ عَنْ الْمَوْلَى وَالْوَلَاءُ مَعَ ذَلِكَ لِلْمُشْتَرِي، وَلَهُ قَبْلَ عِتْقِهِ وَطْؤُهَا وَاسْتِخْدَامُهُ وَكَسْبُهُ وَقِيمَتُهُ إنْ قُتِلَ، وَلَا يَلْزَمُهُ صَرْفُهَا لِشِرَاءِ مِثْلِهِ كَمَا لَا يَلْزَمُهُ عِتْقُ وَلَدِ الْحَامِلِ لِانْقِطَاعِ التَّبَعِيَّةِ لَا نَحْوُ بَيْعٍ وَوَقْفٍ وَإِجَارَةٍ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
مِنْ الصِّحَّةِ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى نِصْفَهُ بِشَرْطِ إعْتَاقِ رُبْعِهِ صَحَّ (قَوْلُهُ وَيَكُونُ) مِنْ تَتِمَّةِ كَلَامِ الْمَجْمُوعِ (قَوْلُهُ أَوْ بَيْعِهِ) أَيْ أَوْ شَهِدَ بِبَيْعِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِشَرْطِ الْعِتْقِ) أَيْ إذَا شَهِدَ بِشِرَائِهِ بِشَرْطِ الْعِتْقِ فَلَا يَصِحُّ شِرَاؤُهُ لَهُ وَلَوْ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ مُؤَلِّفٌ (قَوْلُهُ كَشِرَاءِ الْقَرِيبِ) أَيْ فَلَا يَصِحُّ فِي الثَّلَاثِ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ) قَالَ حَجّ: وَمَحَلُّ الْبُطْلَانِ فِي الْكُلِّ حَيْثُ قَصَدَ شَرْطَ إنْشَاءِ الْعِتْقِ وَإِلَّا صَحَّ، وَعَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ يُحْمَلُ قَوْلُ مَنْ قَالَ بِالصِّحَّةِ وَمَنْ قَالَ بِالْمَنْعِ اهـ بِالْمَعْنَى. قَالَ سم عَلَيْهِ: وَالْمَنْقُولُ الْبُطْلَانُ مُطْلَقًا اهـ. وَهُوَ مُقْتَضَى إطْلَاقِ كَلَامِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ وَالْأَصَحُّ أَنَّ لِلْبَائِعِ) أَيْ بَعْدَ لُزُومِ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِي قَبْلَهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ الْفَسْخِ (قَوْلُهُ: فِي تَحْصِيلِهِ لِإِثَابَتِهِ) قَدْ يُخْرِجُ مَسْأَلَةَ ابْتِدَاءِ الْمُشْتَرِي إلَّا أَنْ يُقَالَ: مُوَافَقَةُ الْبَائِعِ كَشَرْطِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ.
(قَوْلُهُ: يَرُدُّهُ) مَا سَيَأْتِي خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ (قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُهُ عِتْقُهُ فَوْرًا) وَالْقِيَاسُ اللُّزُومُ فِيمَا لَوْ شَرَطَ الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي إعْتَاقَهُ فَوْرًا عَمَلًا بِالشَّرْطِ (قَوْلُهُ: وَلَهُ قَبْلَ عِتْقِهِ وَطْؤُهَا) أَيْ وَإِنْ حَبِلَتْ وَيُجْبَرُ عَلَى إعْتَاقِهَا كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَكَسْبُهُ) قَدْ يُشْكِلُ بِمَا لَوْ أَوْصَى بِإِعْتَاقِ رَقِيقٍ فَتَأَخَّرَ عِتْقُهُ عَنْ الْمَوْتِ حَتَّى حَصَلَ مِنْهُ إكْسَابٌ فَإِنَّهَا لَهُ لَا لِلْوَارِثِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْوَصِيَّةَ بِالْعِتْقِ بَعْدَ الْمَوْتِ أَلْزَمُ مِنْ الْبَيْعِ بِشَرْطِ الْعِتْقِ، إذْ لَا يُمْكِنُ بَعْدَ الْمَوْتِ رَفْعُهَا بِالِاخْتِيَارِ وَالْبَيْعُ بِشَرْطِ الْعِتْقِ يُمْكِنُ رَفْعُهُ بِالِاخْتِيَارِ بِالتَّقَايُلِ وَفَسْخُهُ بِالْخِيَارِ وَالْعَيْبِ وَنَحْوِهِمَا فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُهُ صَرْفُهَا) أَيْ؛ لِأَنَّ مَصْلَحَةَ الْحُرِّيَّةِ لَهُ وَقَدْ فَاتَتْ، بِخِلَافِ مَصْلَحَةِ الْأُضْحِيَّةَ الْمَنْذُورَةِ فَإِنَّهَا لِلْفُقَرَاءِ فَلِذَا وَجَبَ شِرَاءُ مِثْلِهَا بِقِيمَتِهَا إذَا تَلِفَتْ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَلَدِ الْحَامِلِ) قَالَ سم عَلَى حَجّ: عِبَارَةُ الرَّوْضِ: وَإِنْ شَرَطَ عِتْقَ حَامِلٍ فَوَلَدَتْ ثُمَّ أَعْتَقَهَا فَفِي عِتْقِ الْوَلَدِ وَجْهَانِ اهـ. قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَالْأَصَحُّ مِنْهُمَا فِي الْمَجْمُوعِ الْمَنْعُ لِانْقِطَاعِ التَّبَعِيَّةِ بِالْوِلَادَةِ اهـ.
وَاعْلَمْ أَنَّ فِي بَابِ التَّدْبِيرِ أَنَّ الْمُعَلَّقَ عِتْقُهَا يَتْبَعُهَا وَلَدُهَا فِي الْعِتْقِ إنْ كَانَ حَمْلًا عِنْدَ التَّعْلِيقِ أَوْ الصِّفَةِ، وَأَنَّ فِي الرَّوْضِ فِي بَابِ الرَّهْنِ مَا نَصُّهُ: وَالْحَمْلُ الْمُقَارِنُ لِلْعَقْدِ لَا لِلْقَبْضِ مَرْهُونٌ فَتُبَاعُ بِحَمْلِهَا وَكَذَا إنْ انْفَصَلَ اهـ. وَهَذَا يُشْكِلُ عَلَى مَا هُنَا فَلْيُتَأَمَّلْ الْفَرْقُ، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ نَظِيرَ دُخُولِهِ فِي الرَّهْنِ وَبَيْعِهِ مَعَهَا مُطْلَقًا دُخُولُهُ هُنَا فِي الْمَبِيعِ وَثُبُوتُ أَحْكَامِ الْمَبِيعِ لَهُ، وَأَمَّا الْعِتْقُ فَخَارِجٌ عَنْ أَحْكَامِ الْمَبِيعِ فَلَا حَاجَةَ لِفَرْقٍ وَفِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ: لَا نَحْوُ بَيْعٍ) أَيْ وَلَوْ بِشَرْطِ الْعِتْقِ أَوْ لِمَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
[بَاعَ عَبْدًا بِشَرْطِ إعْتَاقِهِ]
قَوْلُهُ: أَوْ بَيْعِهِ) هُوَ بِالْجَرِّ وَفِي بَعْضِ الْهَوَامِشِ عَنْ الشَّارِحِ مَا نَصُّهُ: أَيْ شَهِدَ بِشِرَائِهِ بِشَرْطِ الْعِتْقِ فَلَا يَصِحُّ بَعْدَ ذَلِكَ شِرَاؤُهُ لَهُ وَلَوْ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ اهـ (قَوْلُهُ: بِشَرْطِ الْعِتْقِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَاهُ فِي مَسْأَلَةٍ مَا لَوْ أَقَرَّ بِبَيْعِهِ بِشَرْطِ الْعِتْقِ أَوْ شَهِدَ بِذَلِكَ بِدُونِ شَرْطِ الْعِتْقِ أَنَّهُ يَصِحُّ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي قَرِيبًا فِي كَلَامِهِ، ثُمَّ إنَّ مَا ذُكِرَ هُنَا قَدْ يُشْكِلُ عَلَى مَا صَرَّحُوا بِهِ مِنْ أَنَّ شِرَاءَ مَنْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّتِهِ افْتِدَاءً وَلَيْسَ بَيْعًا حَقِيقِيًّا، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الِافْتِدَاءَ لَيْسَ مِنْ الْعُقُودِ الَّتِي تَتَأَثَّرُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ فَلْيُنْظَرْ مَعَهُ.
وَلَوْ جَنَى قَبْلَ إعْتَاقِهِ لَزِمَهُ فِدَاؤُهُ كَأُمِّ الْوَلَدِ، وَلَوْ أَعْتَقَهُ عَنْ كَفَّارَتِهِ لَمْ يَجْزِهِ عَنْهَا وَإِنْ أَذِنَ لَهُ الْبَائِعُ فِيهِ لِاسْتِحْقَاقِهِ الْعِتْقَ بِجِهَةِ الشَّرْطِ فَلَا يُصْرَفُ إلَى غَيْرِهَا كَمَا لَا يُعْتَقُ الْمَنْذُورُ عَنْ الْكَفَّارَةِ، وَلَوْ مَاتَ الْمُشْتَرِي قَبْلَ إعْتَاقِهِ فَالْقِيَاسُ أَنَّ وَارِثَهُ يَقُومُ مَقَامَهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي غَيْرِ مَنْ اسْتَوْلَدَهَا.
أَمَّا هِيَ فَالْأَوْجَهُ عِتْقُهَا بِمَوْتِهِ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ قَوْلُهُمْ إنَّ الِاسْتِيلَادَ لَا يَجْزِي؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِإِعْتَاقٍ، إذْ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا يُسْقِطُ عَنْهُ طَلَبَ الْعِتْقِ لَا أَنَّهَا لَا تُعْتَقُ بِمَوْتِهِ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ مُتَشَوِّفٌ إلَى الْعِتْقِ مَا أَمْكَنَ وَالْحَقُّ فِي ذَلِكَ لِلَّهِ تَعَالَى لَا لِلْبَائِعِ، فَعِتْقُهَا بِمَوْتِهِ أَوْلَى مِنْ أَنْ تَأْمُرَ الْوَارِثَ بِإِعْتَاقِهَا، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ لَيْسَ لَهُ مُطَالَبَتُهُ إذْ لَا وَلَاءَ لَهُ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى.
(وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ) أَيْ الْبَائِعَ (لَوْ شَرَطَ مَعَ الْعِتْقِ الْوَلَاءَ لَهُ أَوْ شَرَطَ تَدْبِيرَهُ أَوْ كِتَابَتَهُ) أَوْ تَعْلِيقَ عِتْقِهِ بِصِفَةٍ (أَوْ إعْتَاقَهُ بَعْدَ شَهْرٍ) أَوْ لَحْظَةٍ أَوْ وَقَفَهُ وَلَوْ حَالًّا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ) لِمُخَالَفَةِ الْأَوَّلِ مَا اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الشَّرْعُ مِنْ أَنَّ الْوَلَاءَ مَنْ أَعْتَقَهُ وَالْبَقِيَّةُ لِغَرَضِ الشَّارِعِ مِنْ تَنْجِيزِ الْعِتْقِ وَأَجَابَ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه عَنْ خَبَرِ «وَاشْتَرِطِي لَهُمْ الْوَلَاءَ» بِأَنَّ لَهُمْ بِمَعْنَى عَلَيْهِمْ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} [الإسراء: 7] وَالثَّانِي يَصِحُّ الْبَيْعُ وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ، وَلَوْ بَاعَ رَقِيقًا بِشَرْطِ أَنْ يَبِيعَهُ الْمُشْتَرِي بِشَرْطِ الْإِعْتَاقِ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ كَمَا لَوْ اشْتَرَى دَارًا بِشَرْطِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَكَذَا مِنْ نَفْسِهِ وَإِنْ كَانَ عَبْدَ عَتَاقَةٍ فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّ أَخْذَ الْعِوَضِ خِلَافُ قَضِيَّةِ شَرْطِ الْعِتْقِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَذَكَرَ أَيْضًا أَنَّ مِثْلَ بَيْعِهِ مِنْ نَفْسِهِ مَا لَوْ وَهَبَهُ لِمَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ أَوْ بِشَرْطِ إعْتَاقِهِ (قَوْلُهُ لَمْ يَجْزِهِ) وَهَلْ يَعْتِقُ عَنْ جِهَةِ شَرْطٍ أَوْ يَلْغُو مَا أَتَى بِهِ فَيَسْتَمِرُّ عَلَى الرِّقِّ وَيُطَالِبُ بِعِتْقِهِ ثَانِيًا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ إذَا بَطَلَ خُصُوصُ كَوْنِهِ عَنْ الْكَفَّارَةِ بَقِيَ مُطْلَقُ الْعِتْقِ وَقَدْ يُشْعِرُ بِهِ قَوْلُهُ عَنْهَا.
وَبَقِيَ مَا لَوْ بَاعَهُ ابْتِدَاءً بِشَرْطِ الْإِعْتَاقِ عَنْ كَفَّارَةِ الْمُشْتَرِي هَلْ يَصِحُّ الْبَيْعُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مَعْنَى مَا وَرَدَ فِي الْخَبَرِ [فَرْعٌ] لَوْ اشْتَرَى رَقِيقًا بِشَرْطِ إعْتَاقِ يَدِهِ مَثَلًا فَهَلْ يَصِحُّ وَيُعْتَقُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ، وَنَقَلَ سم عَنْ مَرَّ عَلَى حَجّ عَدَمَ الصِّحَّةِ، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ الْعُضْوَ الْمُعَيَّنَ قَدْ يَسْقُطُ قَبْلَ إعْتَاقِهِ فَلَا يُمْكِنُ إعْتَاقُهُ بَعْدَ سُقُوطِهِ وَمَعَ هَذَا فَالْأَقْرَبُ الصِّحَّةُ، وَيَكُونُ شَرْطُ ذَلِكَ شَرْطًا لِإِعْتَاقِ الْجُمْلَةِ إمَّا مِنْ بَابِ التَّعْبِيرِ بِالْجُزْءِ عَنْ الْكُلِّ وَإِمَّا مِنْ بَابِ السِّرَايَةِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ سُقُوطِ الْعُضْوِ وَبِتَقْدِيرِ سُقُوطِهِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ يَجِبُ إعْتَاقُ الْجُمْلَةِ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَهُ بِالْتِزَامِ إعْتَاقِ الْيَدِ (قَوْلُهُ: يَقُومُ مَقَامَهُ) أَيْ فَيُجْبَرُ عَلَى إعْتَاقِهِ إنْ امْتَنَعَ مِنْهُ (قَوْلُهُ: فَالْأَوْجَهُ عِتْقُهَا) أَيْ عَنْ الشَّرْطِ وَمِثْلُهَا أَوْلَادُهَا الْحَاصِلُونَ بَعْدَ الْإِيلَادِ فَيُعْتَقُونَ بِمَوْتِهِ.
(قَوْلُهُ: الْوَلَاءَ لَهُ) قَالَ سم عَلَى حَجّ: قَوْلُهُ الْوَلَاءُ إلَخْ قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ: إنَّ هَذَا فِي غَيْرِ الْبَيْعِ الضِّمْنِيِّ، أَمَّا الْبَيْعُ الضِّمْنِيُّ كَأَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي عَلَى كَذَا بِشَرْطِ أَنَّ الْوَلَاءَ لَك فَيَصِحُّ الْعَقْدُ وَيَلْغُو الشَّرْطُ وَيَقَعُ الْعِتْقُ عَنْ الْمُسْتَدْعِي وَتَلْزَمُهُ الْقِيمَةُ. ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الْكَفَّارَةِ نَقْلًا عَنْ التَّتِمَّةِ اهـ.
أَقُولُ: وَلَعَلَّ مَعْنَى قَوْلِهِ فَيَصِحُّ الْعَقْدُ إلَخْ أَنَّهُ يُحْكَمُ بِعِتْقِهِ مَعَ فَسَادِ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ صَحَّ لَزِمَ الثَّمَنُ لَا الْقِيمَةُ فَفِي قَوْلِهِ فَيَصِحُّ الْعَقْدُ مُسَامَحَةً، وَعَلَيْهِ فَالْبَيْعُ الضِّمْنِيُّ كَغَيْرِهِ فِي الْفَسَادِ حَيْثُ شَرْطُ الْوَلَاءِ لِغَيْرِ الْمُعْتِقِ، لَكِنَّهُمَا يَفْتَرِقَانِ فِي أَنَّ غَيْرَ الضِّمْنِيِّ لَا يُعْتَقُ فِيهِ الْمَبِيعُ، بِخِلَافِ الضِّمْنِيِّ فَإِنَّهُ يُعْتَقُ فِيهِ لِإِتْيَانِهِ فِيهِ بِصِيغَةِ الْعِتْقِ، وَكَثِيرًا مَا تَجِبُ الْقِيمَةُ مُتَرَتِّبَةً عَلَى الْعِتْقِ بِدُونِ الْبَيْعِ، ثُمَّ رَأَيْت عَنْ الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ فِي حَوَاشِي الرَّوْضِ أَنَّهُ قَالَ: لَا اسْتِثْنَاءَ؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ لَزِمَتْهُ الْقِيمَةُ كَانَ لُزُومُهَا دَلِيلًا عَلَى فَسَادِ الْبَيْعِ اهـ. وَهُوَ غَيْرُ مَا قُلْنَاهُ (قَوْلُهُ: {وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} [الإسراء: 7] وَأُجِيبَ أَيْضًا بِأَنَّ الشَّرْطَ
ــ
[حاشية الرشيدي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أَنْ يَقِفَهَا أَوْ ثَوْبًا بِشَرْطِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ فِي مَعْنَى مَا وَرَدَ بِهِ الشَّرْعُ.
(وَلَوْ شَرَطَ مُقْتَضَى الْعَقْدِ كَالْقَبْضِ وَالرَّدِّ بِعَيْبٍ صَحَّ) يَعْنِي لَمْ يَضُرَّ؛ لِأَنَّهُ تَصْرِيحٌ بِمَا أَوْجَبَهُ الشَّارِعُ عَلَى أَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ ضَمِيرُ صَحَّ عَائِدًا عَلَى الْعَقْدِ الْمَقْرُونِ بِهَذَا الشَّرْطِ، بَلْ يَتَعَيَّنُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ الْمُرَادُ فِي الَّذِي بَعْدَهُ كَمَا يَأْتِي وَحِينَئِذٍ فَهُوَ بِمَعْنَى لَمْ يَضُرَّ مِنْ غَيْرِ تَأْوِيلٍ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ، وَنُقِلَ عَنْ بَعْضِهِمْ صِحَّةُ الشَّرْطِ هُنَا وَثَمَّ وَبَنَى عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ رَدًّا عَلَى مَنْ قَالَ الْخِلَافُ لَفْظِيٌّ مَا لَوْ تَعَذَّرَ قَبْضُ الْمَبِيعِ لِمَنْعِ الْبَائِعِ مِنْهُ فَيَتَخَيَّرُ إنْ قُلْنَا بِصِحَّتِهِ لَا فَسَادِهِ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لِمُجَرَّدِ التَّأْكِيدِ فَلَا خِيَارَ بِفَقْدِهِ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ قَوْلُ الشَّارِحِ صَحَّ الْعَقْدُ فِيهِمَا وَلَغَا الشَّرْطُ فِي الثَّانِي، إلَّا أَنْ يُرِيدَ مَا قُلْنَاهُ أَنَّ الثَّانِيَ لَمْ يُفِدْ شَيْئًا أَصْلًا وَالْأَوَّلُ أَفَادَ التَّأْكِيدَ.
(أَوْ) شَرَطَ (مَا لَا غَرَضَ فِيهِ) أَيْ عُرْفًا فَلَا عِبْرَةَ بِغَرَضِ الْعَاقِدَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا فِيمَا يَظْهَرُ وَسَيَأْتِي مَا يُصَرِّحُ بِهِ (كَشَرْطِ أَنْ لَا يَأْكُلَ) أَوْ لَا يَلْبَسَ (إلَّا كَذَا) وَلَوْ حَرِيرًا (صَحَّ) الْعَقْدُ وَلَغَا الشَّرْطُ، وَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ جَمْعٌ مِنْ أَنَّ مَحَلَّهُ أَنْ لَا تَأْكُلَ إلَّا كَذَا بِالْفَوْقِيَّةِ؛ لِأَنَّ هَذَا هُوَ الَّذِي لَا غَرَضَ فِيهِ أَلْبَتَّةَ، بِخِلَافِهِ بِالتَّحْتِيَّةِ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ حِينَئِذٍ فَيَفْسُدُ بِهِ الْعَقْدُ مَرْدُودٌ، إذْ الصَّحِيحُ عَدَمُ الْفَرْقِ لِانْتِفَاءِ غَرَضِ الْبَائِعِ بَعْدَ خُرُوجِهِ عَنْ مِلْكِهِ فِي تَعْيِينِ غِذَاءٍ مَعَ أَنَّهُ يَحْصُلُ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ مِنْ إطْعَامِهِ، وَلِهَذَا لَوْ شَرَطَ مَا لَا يَلْزَمُ السَّيِّدَ أَصْلًا كَجَمْعِهِ بَيْنَ أُدْمَيْنِ أَوْ صَلَاتِهِ لِلنَّوَافِلِ وَكَذَا لِلْفَرْضِ أَوَّلَ وَقْتِهِ فَسَدَ الْعَقْدُ كَبَيْعِ سَيْفٍ بِشَرْطِ أَنْ يَقْطَعَ بِهِ الطَّرِيقَ، بِخِلَافِ بَيْعِ ثَوْبٍ حَرِيرٍ بِشَرْطِ لُبْسِهِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ الْمَعْصِيَةُ فِيهِ لِجَوَازِهِ فِي الْجُمْلَةِ لِأَعْذَارٍ فَانْدَفَعَ مَا لِلزَّرْكَشِيِّ هُنَا فِيمَا لَوْ شَرَطَ أَنْ يُلْبِسَهُ الْحَرِيرَ وَكَانَ بَالِغًا، وَلَوْ بَاعَهُ إنَاءً بِشَرْطِ أَنْ لَا يَجْعَلَ فِيهِ مُحَرَّمًا أَوْ سَيْفًا بِشَرْطِ أَنْ لَا يَقْطَعَ بِهِ الطَّرِيقَ أَوْ عَبْدًا بِشَرْطِ أَنْ لَا يُعَاقِبَهُ بِمَا لَا يَجُوزُ صَحَّ الْبَيْعُ وَيُقَاسُ بِهِ مَا فِي مَعْنَاهُ.
(وَلَوْ)(شَرَطَ) الْبَائِعُ مَعَ مُوَافَقَةِ الْمُشْتَرِي حَبْسَ الْمَبِيعِ بِثَمَنٍ فِي الذِّمَّةِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الْحَالُّ لَا الْمُؤَجَّلُ، وَخَافَ فَوْتَ الثَّمَنِ بَعْدَ التَّسْلِيمِ صَحَّ؛ لِأَنَّ حَبْسَهُ حِينَئِذٍ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ الْعَقْدِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ مُؤَجَّلًا أَوْ حَالًّا وَلَمْ يَخَفْ فَوْتَهُ بَعْدَ التَّسْلِيمِ؛ لِأَنَّ الْبُدَاءَةَ حِينَئِذٍ فِي التَّسْلِيمِ بِالْبَائِعِ.
ــ
[حاشية الشبراملسي]
كَانَ خَارِجَ الْعَقْدِ وَهَذَا أَوْلَى.
(قَوْلُهُ: بَلْ يَتَعَيَّنُ ذَلِكَ) اسْمُ الْإِشَارَةِ رَاجِعٌ إلَى صَحَّ عَائِدًا (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ) أَيْ الشَّرْطَ (قَوْلُهُ: فَلَا خِيَارَ) وَطَرِيقُهُ أَنْ يَرْفَعَ الْأَمْرَ لِلْحَاكِمِ لِيُلْزِمَهُ بِالْإِقْبَاضِ (قَوْلُهُ أَنَّ الثَّانِيَ) أَيْ شَرْطُ مَا لَا غَرَضَ فِيهِ الْآتِي (قَوْلُهُ: وَالْأَوَّلُ) هُوَ شَرْطُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ حَرِيرًا) أَيْ حَيْثُ أَطُلِقَ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي عَنْ سم مِنْ قَوْلِهِ فَإِنْ زَادَ مِنْ غَيْرِ إلَخْ (قَوْلُهُ إذْ الصَّحِيحُ عَدَمُ الْفَرْقِ) أَيْ بَيْنَ التَّحْتِيَّةِ وَالْفَوْقِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا لَوْ شَرَطَ) غَرَضُهُ مِنْهُ رَدُّ مَا اعْتَرَضَ بِهِ الْإِسْنَوِيُّ عَلَى الرَّافِعِيِّ مِنْ أَنَّ الشَّافِعِيَّ نَصَّ عَلَى الْبُطْلَانِ فِيمَا لَوْ شَرَطَ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ كَذَا وَكَذَا، وَوَجْهُ الرَّدِّ أَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ أُدْمَيْنِ لَا يَلْزَمُ السَّيِّدَ بِحَالٍ، بِخِلَافِ شَرْطِهِ أَنْ لَا يَأْكُلَ إلَّا كَذَا فَإِنَّ الْمَشْرُوطَ مِنْ جِنْسِ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ فِي الْجُمْلَةِ (قَوْلُهُ زِيَادَةٍ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ فَإِنْ زَادَ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ وَلَا حَاجَةٍ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ اهـ سم.
(قَوْلُهُ: مِنْ مُقْتَضَيَاتِ الْعَقْدِ) كَانَ الْأَوْلَى لَهُ إدْخَالَهَا فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ شَرَطَ مُقْتَضَى الْعَقْدِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَخَفْ فَوْتَهُ بَعْدَ التَّسْلِيمِ إلَخْ)
ــ
[حاشية الرشيدي]
(قَوْلُهُ: وَحِينَئِذٍ فَهُوَ بِمَعْنَى لَمْ يَضُرَّ) تَوَقَّفَ فِيهِ الشِّهَابُ سم مَعَ جَعْلِ الضَّمِيرِ رَاجِعًا إلَى الْبَيْعِ
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ هَذَا هُوَ الَّذِي لَا غَرَضَ فِيهِ أَلْبَتَّةَ) مَبْنِيٌّ عَلَى أَخْذِ الْمَتْنِ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَإِلَّا فَقَدْ مَرَّ لِلشَّارِحِ تَخْصِيصُهُ بِالْعُرْفِ وَأَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِغَرَضِ الْعَاقِدَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا (قَوْلُهُ: لِانْتِفَاءِ غَرَضِ الْبَائِعِ) فِي هَذَا الْجَوَابِ تَسْلِيمُ أَنَّ غَرَضَ الْبَائِعِ مُعْتَبَرٌ فَيُنَافِي مَا قَدَّمَهُ، فَكَانَ حَقُّ الرَّدِّ الْمُوَافِقِ لِمَا قَدَّمَهُ أَنْ يَقُولَ مَا ذُكِرَ وَإِنْ كَانَ فِيهِ غَرَضٌ إلَّا أَنَّهُ لِخُصُوصِ الْبَائِعِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ (قَوْلُهُ: فَيَفْسُدُ بِهِ الْعَقْدُ) أَيْ فِي خُصُوصِ هَذِهِ الصُّورَةِ، وَإِلَّا فَلَا مُلَازَمَةَ بَيْنَ اخْتِلَافِ الْغَرَضِ وَالْفَسَادِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّهُ) أَيْ مَا عَيَّنَهُ مِنْ الْمَأْكُولِ
وَإِنْ شَرَطَ (وَصْفًا يُقْصَدُ كَكَوْنِ الْعَبْدِ كَاتِبًا أَوْ الدَّابَّةِ) أَوْ الْأَمَةِ بَلْ يُمْكِنُ شُمُولُ كَلَامِهِ لَهَا حَمْلًا لِلدَّابَّةِ عَلَى مَعْنَاهَا لُغَةً (حَامِلًا أَوْ لَبُونًا) أَيْ ذَاتَ لَبَنٍ (صَحَّ) الْعَقْدُ مَعَ الشَّرْطِ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ يَتَعَلَّقُ بِمَصْلَحَةِ الْعَقْدِ وَهُوَ الْعِلْمُ بِصِفَاتِ الْمَبِيعِ الَّتِي يَخْتَلِفُ بِهَا الْأَغْرَاضُ؛ وَلِأَنَّهُ الْتَزَمَ مَوْجُودًا عِنْدَ الْعَقْدِ، وَلَا يَتَوَقَّفُ الْتِزَامُهُ عَلَى إنْشَاءِ أَمْرٍ مُسْتَقْبَلٍ فَلَا يَدْخُلُ فِي النَّهْيِ عَنْ بَيْعٍ وَشَرْطٍ وَإِنْ سُمِّيَ شَرْطًا تَجَوُّزًا فَإِنَّ الشَّرْطَ لَا يَكُونُ إلَّا مُسْتَقْبَلًا، وَيَكْفِي أَنْ يُوجَدَ مِنْ الْوَصْفِ الْمَشْرُوطِ مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ الِاسْمُ إلَّا إنْ شَرَطَ الْحُسْنَ فِي شَيْءٍ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ حَسَنًا عُرْفًا وَإِلَّا تَخَيَّرَ، وَلَوْ قُيِّدَ بِحَلْبِ أَوْ كِتَابَةِ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ كُلَّ يَوْمٍ وَإِنْ عَلِمَ قُدْرَتَهُ عَلَيْهِ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ، وَلَا يَأْتِي هُنَا بَحْثُ السُّبْكِيّ الْآتِي فِي الْجَمْعِ فِي الْإِجَارَةِ بَيْنَ الْعَمَلِ وَالزَّمَانِ، وَلَوْ تَعَذَّرَ الْفَسْخُ فِي مَحَلِّ ثُبُوتِهِ لِنَحْوِ حُدُوثِ عَيْبٍ عِنْدَهُ فَلَهُ الْأَرْشُ بِتَفْصِيلِهِ الْآتِي، وَلَوْ مَاتَ الْمَبِيعُ قَبْلَ اخْتِيَارِهِ صُدِّقَ الْمُشْتَرِي بِيَمِينِهِ فِي فَقْدِ الشَّرْطِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْقَفَّالُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ ادَّعَى عَيْبًا قَدِيمًا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ السَّلَامَةُ، وَلَا يُنَافِي مَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي أَنَّهُمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي كَوْنِ الْحَيَوَانِ حَامِلًا صُدِّقَ الْبَائِعُ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ تَسَلُّطِ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ بِالرَّدِّ بِدَلِيلِ مَا سَيَأْتِي فِي دَعْوَى الْمُشْتَرِي قِدَمَ الْعَيْبِ مَعَ احْتِمَالِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَا مَرَّ فِي مَوْتِ الرَّقِيقِ قَبْلَ اخْتِبَارِهِ وَمَا هُنَا فِي شَيْءٍ يُمْكِنُ الْوُقُوفُ عَلَيْهِ مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ وَدَعْوَى أَنَّ ذِكْرَ الْمَوْتِ تَصْوِيرٌ مَمْنُوعَةٌ عَلَى أَنَّ الْكِتَابَةَ أَمْرٌ مُشَاهَدٌ لَا يَخْفَى وَلَا كَذَلِكَ الْحَمْلُ فَلَا قِيَاسَ، وَسَيُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي أَنَّهُ يَتَيَقَّنُ وُجُودَ الْحَمْلِ عِنْدَهُ بِانْفِصَالِهِ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْهُ مُطْلَقًا أَوْ لِدُونِ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْهُ بِشَرْطِ أَنْ لَا تُوطَأَ وَطْئًا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ، وَيَأْتِي فِي الْوَصِيَّةِ أَنَّهُ يَرْجِعُ فِي حَمْلِ الْبَهِيمَةِ لِأَهْلِ الْخِبْرَةِ فَيَكُونُ هُنَا كَذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ،
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَيْ فَلَا يَصِحُّ، وَقَدْ يُقَالُ مَا الْمَانِعُ مِنْ الصِّحَّةِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ مَصَالِحِ الْعَقْدِ؛ وَلِأَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَخْشَ فَوْتَ الثَّمَنِ قَدْ يَكُونُ لَهُ غَرَضٌ فِي تَعْجِيلِ الْقَبْضِ. .
(قَوْلُهُ: وَإِنَّ شَرَطَ) الْأَوْلَى أَوْ (قَوْلُهُ: كَكَوْنِ الْعَبْدِ كَاتِبًا) .
[فَائِدَةٌ] لَوْ شَرَطَ كَوْنَ الْمَبِيعِ عَالِمًا هَلْ يَكْفِي مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ الِاسْمُ أَمْ يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ عَالِمًا عُرْفًا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِانْتِفَاءِ صِدْقِ الْعَالِمِ عَلَى مَنْ اشْتَغَلَ بِالْعِلْمِ وَلَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ قَدْرًا يُسَمَّى بِهِ عَالِمًا عُرْفًا وَهَلْ يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ اسْمُ الْعَالِمِ فَإِذَا تَعَدَّدَتْ الْعُلُومُ الَّتِي يَشْتَغِلُونَ بِهَا أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ أَيْضًا، وَالظَّاهِرُ الثَّانِي، وَيُكْتَفَى بِمَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ فِي عُرْفِ أَهْلِ بَلَدِهِ أَنَّهُ عَالِمٌ. وَبَقِيَ مَا لَوْ شَرَطَ كَوْنَهُ قَارِئًا وَيَنْبَغِي أَنْ يُكْتَفَى فِيهِ بِالْقِرَاءَةِ الْعُرْفِيَّةِ بِأَنْ يَكُونَ يُحْسِنُ الْكِتَابَةَ وَالْقِرَاءَةَ وَلَوْ فِي الْمُصْحَفِ مَا لَمْ يَشْرِطْ حِفْظَهُ عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ (قَوْلُهُ: أَيْ ذَاتَ لَبَنٍ) كَأَنَّهُ أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّهُ لَوْ شَرَطَ كَثْرَةَ لَبَنِهَا لَمْ يَصِحَّ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: قَدْ يُقَالُ بِصِحَّةِ الشَّرْطِ وَيُحْمَلُ عَلَى الْكَثْرَةِ عُرْفًا كَمَا لَوْ شَرَطَ كَوْنَهُ كَاتِبًا كِتَابَةً حَسَنَةً فَيَصِحُّ وَيُحْمَلُ عَلَى الْحُسْنِ الْعُرْفِيِّ، بَلْ قَدْ يَشْمَلُهُ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي إلَّا إنْ شَرَطَ الْحُسْنَ إلَخْ، قَالَ حَجّ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ: لَوْ شَرَطَ كَوْنَهُ كَاتِبًا فَهَلْ يَجِبُ كَوْنُ تِلْكَ الْكِتَابَةِ عَرَبِيَّةً أَوْ غَيْرَهَا أَوْ لَا؟ وَعَلَى الثَّانِي فَهَلْ يُحْمَلُ عَلَى الْكِتَابَةِ الْعَرَبِيَّةِ أَوْ يُكْتَفَى بِكَوْنِهِ يُحْسِنُ الْكِتَابَةَ بِأَيِّ قَلَمٍ كَانَ؟ أَوْ يُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى الْمُتَعَارَفِ الْآتِي فِي مَحَلِّ الْعَقْدِ؟ لِلنَّظَرِ فِيهِ مَجَالٌ، وَلَا يَبْعُدُ الِاكْتِفَاءُ بِالْإِطْلَاقِ وَيَكُونُ يُحْسِنُ الْكِتَابَةَ بِأَيِّ قَلَمٍ كَانَ مَا لَمْ تَكُنْ الْأَغْرَاضُ فِي مَحَلِّ الْعَقْدِ مُخْتَلِفَةً لِاخْتِلَافِ الْأَقْلَامِ فَيَجِبُ التَّعْيِينُ (قَوْلُهُ: مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ الِاسْمُ) وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ شَرَطَ كَوْنَهَا ذَاتَ لَبَنٍ وَتَبَيَّنَ أَنَّهَا كَذَلِكَ لَكِنْ مَا تَحْلِبُهُ قَلِيلٌ جِدًّا بِالنِّسْبَةِ لِأَمْثَالِهَا مِنْ جِنْسِهَا اُكْتُفِيَ بِذَلِكَ، وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ بِأَنَّ مِثْلَ هَذَا يُعَدُّ عَيْبًا، وَقَدْ يَشْمَلُهُ قَوْلُ حَجّ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ وُجُودِ قَدْرٍ مِنْهُ: أَيْ اللَّبَنِ يُقْصَدُ بِالشَّرْطِ عُرْفًا فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: بَيْنَ الْعَمَلِ وَالزَّمَانِ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَطَعَ بِإِمْكَانِ فِعْلِهِ عَادَةً صَحَّ وَإِنْ كَانَ الْمُعْتَمَدُ ثَمَّ خِلَافَهُ (قَوْلُهُ: عِنْدَهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: قَبْلَ اخْتِبَارِهِ) أَيْ وَلَا طَرِيقَ إلَى إمْكَانِ مَعْرِفَتِهِ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ صُدِّقَ الْمُشْتَرِي بِيَمِينِهِ) أَيْ فِي غَيْرِ الْحَمْلِ لِمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ تُوطَأُ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: لِأَهْلِ الْخِبْرَةِ) أَيْ فَلَوْ فُقِدُوا فَيَنْبَغِي تَصْدِيقُ الْمُشْتَرِي
ــ
[حاشية الرشيدي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَيَكْتَفِي بِرَجُلَيْنِ أَوْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ (وَلَهُ الْخِيَارُ إنْ أُخْلِفَ) الشَّرْطُ لِتَضَرُّرِهِ بِذَلِكَ لَوْ لَمْ نُخَيِّرْهُ، أَمَّا مَا لَا يُقْصَدُ كَالسَّرِقَةِ فَلَا خِيَارَ بِفَوَاتِهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْبَائِعِ إعْلَامٌ بِعَيْبِهِ مِنْ الْمُشْتَرِي رِضًا بِهِ، وَأَمَّا إذَا أُخْلِفَ إلَى مَا هُوَ أَعْلَى كَأَنْ شَرَطَ ثُيُوبَتَهَا فَخَرَجَتْ بِكْرًا فَلَا خِيَارَ أَصْلًا وَلَا أَثَرَ لِفَوَاتِ غَرَضِهِ لِنَحْوِ ضَعْفِ آلَتِهِ إذْ الْعِبْرَةُ فِي الْأَعْلَى وَضِدُّهُ بِالْعُرْفِ لَا يُغَيِّرُهُ وَمِنْ ثَمَّ قَالُوا لَوْ شَرَطَ كَوْنَهُ خَصِيًّا فَبَانَ فَحْلًا تَخَيَّرَ؛ لِأَنَّهُ يَدْخُلُ عَلَى الْحُرَمِ وَمُرَادُهُمْ الْمَمْسُوحُ الَّذِي يُبَاحُ لَهُ النَّظَرُ إلَيْهِنَّ فَانْدَفَعَ تَنْظِيرُ الْبَدْرِ بْنِ شُهْبَةَ فِيهِ (وَفِي قَوْلٍ يَبْطُلُ الْعَقْدُ فِي الدَّابَّةِ) إذَا شُرِطَ فِيهَا مَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ وَيُرَدُّ بِأَنَّهُمْ أَعْطَوْهُ حُكْمَ الْمَعْلُومِ عَلَى أَنَّهُ تَابِعٌ، إذْ الْقَصْدُ الْوَصْفُ بِذَلِكَ لَا إدْخَالُهُ فِي الْعَقْدِ؛ لِأَنَّهُ دَاخِلٌ فِيهِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ.
(وَلَوْ)(قَالَ بِعْتُكهَا وَحَمْلَهَا) أَوْ بِحَمْلِهَا أَوْ مَعَ حَمْلِهَا (بَطَلَ فِي الْأَصَحِّ) كَمَا لَوْ قَالَ بِعْتُكهَا وَلَبَنَ ضَرْعِهَا.
وَالثَّانِي يَجُوزُ لِدُخُولِهِ فِي الْعَقْدِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فَلَمْ يَضُرَّ التَّنْصِيصُ عَلَيْهِ، وَيُفَارِقُ الْبُطْلَانُ الصِّحَّةَ فِيمَا لَوْ قَالَ بِعْتُك هَذَا الْجِدَارَ وَأُسَّهُ أَوْ بِأُسِّهِ أَوْ مَعَ أُسِّهِ بِدُخُولِهِ فِي مُسَمَّاهُ لَفْظًا فَلَمْ يَلْزَمْ عَلَى ذِكْرِهِ مَحْذُورٌ وَالْحَمْلُ لَيْسَ دَاخِلًا فِي مُسَمَّى
ــ
[حاشية الشبراملسي]
لِمَا عُلِّلَ بِهِ قَبْلُ مِنْ أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ وُجُودِ الْوَصْفِ فِي الْمَبِيعِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ بِفَقْدِهِمْ فَقْدُهُمْ فِي مَحَلِّ الْعَقْدِ فَلَا يُكَلَّفُ السَّفَرُ لَهُمْ لَوْ وُجِدُوا فِي غَيْرِهِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ مَحَلِّ الْعَقْدِ مَا دُونَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى؛ لِأَنَّ مَنْ بِهَا بِمَنْزِلَةِ الْحَاضِرِ بِدَلِيلِ وُجُوبِ حُضُورِهِ إذَا اسْتَعْدَى عَلَيْهِ مِنْهُ (قَوْلُهُ: أَوْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ) هَذَا ظَاهِرٌ فِي حَمْلِ الْأَمَةِ، أَمَّا الْبَهِيمَةُ فَقَدْ يُقَالُ لَا يَثْبُتُ حَمْلُهَا بِالنِّسَاءِ الْخُلَّصِ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا تَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ غَالِبًا.
[فَائِدَةٌ] قَالَ حَجّ: فَرْعٌ: اخْتَلَفَ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ فِيمَنْ اشْتَرَى حَبًّا لِلْبَذْرِ بِشَرْطِ أَنَّهُ يَنْبُتُ، وَاَلَّذِي يَتَّجِهُ فِيهِ أَنَّهُ إنْ شَهِدَ قَبْلَ بَذْرِهِ بِعَدَمِ إنْبَاتِهِ خَبِيرَانِ تَخَيَّرَ فِي رَدِّهِ، وَلَا نَظَرَ لِإِمْكَانِ عِلْمِ عَدَمِ إنْبَاتِهِ بِبَذْرٍ قَلِيلٍ مِنْهُ لَا يُمْكِنُ الْعِلْمُ بِدُونِهِ، وَلَيْسَ كَمَا لَوْ اشْتَرَى بِطِّيخًا فَغَرَزَ إبْرَةً فِي وَاحِدَةٍ مِنْهَا فَوَجَدَهَا مَعِيبَةً يَرُدُّ الْجَمِيعَ؛ لِأَنَّهُ ثَمَّ لَمْ يَتْلَفْ مِنْ عَيْنِ الْمَبِيعِ شَيْءٌ، وَكَذَا لَوْ حَلَفَ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ لَا يَنْبُتُ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فِي فَقْدِ الشَّرْطِ، فَإِنْ انْتَفَى ذَلِكَ كُلُّهُ بِأَنْ بَذَرَهُ كُلَّهُ فَلَمْ يَنْبُتْ شَيْئًا مَعَ صَلَاحِيَّةِ الْأَرْضِ وَتَعَذَّرَ إخْرَاجُهُ مِنْهَا أَوْ صَارَ غَيْرَ مُتَقَوِّمٍ أَوْ حَدَثَ بِهِ عَيْبٌ فَلَهُ الْأَرْشُ، وَهُوَ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ حَبًّا نَابِتًا وَحَبًّا غَيْرَ نَابِتٍ، كَمَا لَوْ اشْتَرَى بَقَرَةً بِشَرْطِ أَنَّهَا لَبُونٌ فَمَاتَتْ فِي يَدِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا لَبُونٌ وَحَلَفَ عَلَى أَنَّهَا غَيْرُ لَبُونٍ لَهُ الْأَرْشُ وَالْمَبِيعُ تَلِفَ مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي، وَأَمَّا إطْلَاقُ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَنْبُتْ يَلْزَمُ الْبَائِعَ جَمِيعُ مَا خَسِرَهُ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ كَأُجْرَةِ الْبَاذِرِ وَنَحْوِ الْحِرَاثَةِ وَبَعْضِهِمْ أُجْرَةِ الْبَاذِرِ فَقَطْ فَبَعِيدٌ جِدًّا، وَالْوَجْهُ بَلْ الصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، وَلَيْسَ مُجَرَّدُ شَرْطِ الْإِنْبَاتِ تَغْرِيرًا مُوجِبًا لِذَلِكَ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي بَابِ خِيَارِ النِّكَاحِ، ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا أَفْتَى فِي بَيْعِ بَذْرٍ عَلَى أَنَّهُ بَذْرُ قِثَّاءٍ فَزَرَعَهُ الْمُشْتَرِي فَأَوْرَقَ وَلَمْ يُثْمِرْ بِأَنَّهُ لَا يَتَخَيَّرُ وَإِنْ أَوْرَقَ غَيْرَ وَرَقِ الْقِثَّاءِ فَلَهُ الْأَرْشُ، وَقَوْلُهُ لَا يُمْكِنُ الْعِلْمُ بِدُونِهِ: أَيْ فَلَوْ بَذَرَ قَلِيلًا مِنْهُ لِيَخْتَبِرَهُ فَلَمْ يَنْبُتْ امْتَنَعَ عَلَيْهِ الرَّدُّ قَهْرًا.
(قَوْلُهُ: وَلَهُ الْخِيَارُ) قَالَ حَجّ فَوْرًا اهـ قَالَ سم عَلَيْهِ: لَوْ شَرَطَ كَوْنَهَا حَامِلًا فَتَبَيَّنَ أَنَّهَا كَانَتْ عِنْدَ الْعَقْدِ غَيْرَ حَامِلٍ لَكِنْ حَمَلَتْ قَبْلَ الْقَبْضِ فَهَلْ يَسْقُطُ الْخِيَارُ كَمَا لَوْ دَرَّ اللَّبَنُ عَلَى الْحَدِّ الَّذِي أَشْعَرَتْ بِهِ التَّصْرِيَةُ بِجَامِعِ حُصُولِ الْمَقْصُودِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ السُّقُوطُ اهـ. وَقَدْ يُقَالُ: بَلْ الْأَقْرَبُ عَدَمُ سُقُوطِ الْخِيَارِ؛ لِأَنَّ تَأْخِيرَ الْحَمْلِ قَدْ يُنْقِصُ الرَّغْبَةَ فِي الْحَامِلِ بِتَأْخِيرِ الْوَضْعِ فَيَفُوتُ غَرَضُ الْمُشْتَرِي، وَلَا كَذَلِكَ الْمُصَرَّاةُ فَإِنَّهُ حَيْثُ دَرَّ اللَّبَنُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي أَشْعَرَتْ بِهِ التَّصْرِيَةُ حَصَلَ بِهِ غَرَضُ الْمُشْتَرِي، وَقِيَاسُ مَا فِي الْمُصَرَّاةِ أَنَّ الْعَبْدَ لَوْ تَعَلَّمَ الْكِتَابَةَ بَعْدَ الْعَقْدِ الصِّحَّةُ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ، وَقَوْلُهُ لَكِنْ حَمَلَتْ قَبْلَ الْقَبْضِ مَفْهُومُهُ الضَّرَرُ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ وَيُقَالُ الْأَقْرَبُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ مَا قَبْلَ الْقَبْضِ وَمَا بَعْدَهُ، فَإِمَّا أَنْ يُقَالَ بِالسُّقُوطِ فَبِهِمَا أَوْ بِعَدَمِهِ فِيهِمَا (قَوْلُهُ: إنْ أَخْلَفَ الشَّرْطَ) وَمِنْهُ مَا لَوْ شَرَطَ كَوْنَ الْعَبْدِ نَصْرَانِيًّا فَتَبَيَّنَ إسْلَامُهُ فَلَهُ الْخِيَارُ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ) أَيْ الْخَصِيَّ. .
(قَوْلُهُ: بِدُخُولِهِ فِي مُسَمَّاهُ لَفْظًا إلَخْ)
ــ
[حاشية الرشيدي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْبَهِيمَةِ، كَذَلِكَ فَيَلْزَمُ مِنْ ذِكْرِهِ تَوْزِيعُ الثَّمَنِ عَلَيْهِمَا، وَهُوَ مَجْهُولٌ وَإِعْطَاؤُهُ حُكْمَ الْمَعْلُومِ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ كَوْنِهِ تَبَعًا لَا مَقْصُودًا وَكَالْجِدَارِ وَأُسِّهِ الْجُبَّةُ وَحَشْوُهَا.
(وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْحَمْلِ وَحْدَهُ) كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ مِنْ بُطْلَانِ بَيْعِ الْمَلَاقِيحِ، وَإِنَّمَا ذِكْرُهُ تَوْطِئَةٌ لِقَوْلِهِ (وَلَا) بَيْعُ (الْحَامِلِ دُونَهُ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ إفْرَادُهُ بِالْعَقْدِ لِتَعَذُّرِ اسْتِئْذَانِهِ؛ لِأَنَّهُ كَعُضْوٍ مِنْهَا، وَمَا أَوْرَدَهُ الْبَدْرُ بْنُ شُهْبَةَ عَلَى مَفْهُومِهِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ وَكَّلَ مَالِكُ الْحَمْلِ مَالِكَ الْأُمِّ فَبَاعَهُمَا دَفْعَةً فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الْعَقْدَ بِنَفْسِهِ فَلَا يَصِحُّ مِنْهُ التَّوْكِيلُ فِيهِ ظَاهِرُ الْفَسَادِ بِأَدْنَى تَأَمُّلٍ.
(وَلَا) يَصِحُّ بَيْعُ (الْحَامِلِ بِحُرٍّ) أَوْ رَقِيقٍ لِغَيْرِ مَالِكِ الْأُمِّ إلْحَاقًا لِلِاسْتِثْنَاءِ الشَّرْعِيِّ بِالْحِسِّيِّ، وَإِنَّمَا صَحَّ بَيْعُ الدَّارِ الْمُسْتَأْجَرَةِ؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ لَيْسَتْ عَيْنًا مُسْتَثْنَاةً وَالْحَمْلُ جُزْءٌ مُتَّصِلٌ فَلَمْ يَصِحَّ اسْتِثْنَاؤُهُ، وَأَيْضًا فَالْمَنْفَعَةُ يَصِحُّ إيرَادُ الْعَقْدِ عَلَيْهَا وَحْدَهَا فَصَحَّ اسْتِثْنَاؤُهَا بِخِلَافِ الْحَمْلِ.
(وَلَوْ)(بَاعَ حَامِلًا مُطْلَقًا) مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِدُخُولٍ وَعَدَمِهِ (دَخَلَ الْحَمْلُ فِي الْبَيْعِ) إنْ كَانَ مَالِكُهُمَا مُتَّحِدًا وَإِلَّا بَطَلَ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ بِيعَتْ فِي حَقِّ الْمُرْتَهِنِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِ مَالِكِهَا أَوْ خَرَجَ بَعْضُهُ قَبْلَ الْبَيْعِ أَوْ اشْتَرَى سَمَكَةً فَوَجَدَ فِي بَطْنِهَا أُخْرَى، وَلَوْ وَضَعَتْ ثُمَّ بَاعَهَا فَوَلَدَتْ آخَرَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْأَوَّلِ فَهُوَ لِلْمُشْتَرِي لِانْفِصَالِهِ فِي مِلْكِهِ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخَانِ فِي الْكِتَابَةِ وَإِنْ نُقِلَ عَنْ النَّصِّ أَنَّهُ لِلْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُمَا حَمْلٌ وَاحِدٌ، إذْ الْمَدَارُ فِي الِاسْتِتْبَاعِ عَلَى حَالَةِ الْبَيْعِ وَمَا انْفَصَلَ لَا اسْتِتْبَاعَ فِيهِ، بِخِلَافِ مَا اتَّصَلَ فَأُعْطِيَ كُلٌّ حُكْمَهُ، وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ غَيْرُ مُسْتَثْنَاةٍ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَمَنْ اسْتَثْنَاهَا فَقَدْ وَهِمَ.
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأُسِّ طَرَفُهُ النَّابِتُ فِي الْأَرْضِ، وَأَنَّهُ لَوْ بَاعَهُ مَعَ أُسِّهِ الْحَامِلِ لَهُ مِنْ الْأَرْضِ لَمْ يَصِحَّ، وَالْأَقْرَبُ الصِّحَّةُ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَعْلُومٌ يُقَابَلُ بِجُزْءٍ مِنْ الثَّمَنِ، وَيُغْتَفَرُ عَدَمُ رُؤْيَةِ الْأُسِّ لِتَعَذُّرِ رُؤْيَتِهِ حَيْثُ بِيعَ مَعَ الْجِدَارِ فَهُوَ غَيْرُ مَقْصُودٍ بِالذَّاتِ بِالنِّسْبَةِ لِجُمْلَةِ الْمَبِيعِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ وَحَشْوُهَا) أَيْ أَوْ بِحَشْوِهَا أَوْ مَعَ حَشْوِهَا فَيَصِحُّ وَلَا يُشْتَرَطُ رُؤْيَةُ شَيْءٍ مِنْ الْحَشْوِ، وَهَذَا بِخِلَافِ اللُّحُفِ وَالْفُرُشِ فَلَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَةِ الْبَعْضِ مِنْ الْبَاطِنِ كَمَا رَجَّحَهُ ابْنُ قَاضِي شُهْبَةَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَمِثْلُهُ الْمُجَوَّزَةُ وَحَشْوُهَا فَيَصِحُّ.
(قَوْلُهُ: لَوْ وَكَّلَ مَالِكُ الْحَمْلِ مَالِكَ الْأُمِّ) أَيْ كَأَنْ أَوْصَى بِحَمْلِهَا (قَوْلُهُ: بِأَدْنَى تَأَمُّلٍ) وَكَانَ وَجْهُ فَسَادِهِ أَنَّ هَذَا الْمَفْهُومَ قَدْ صَرَّحَ الْمُصَنِّفُ بِحُكْمِهِ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ قَالَ بِعْتُكهَا وَحَمْلَهَا بَطَلَ فِي الْأَصَحِّ فَتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ.
(قَوْلُهُ: أَوْ رَقِيقٍ) أَيْ أَوْ مُغَلَّظٍ اهـ حَجّ: أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَابَلُ بِمَالٍ فَهُوَ كَالْحُرِّ وَاعْتَمَدَ الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ الصِّحَّةَ فِيهِ اهـ كَذَا بِهَامِشٍ صَحِيحٍ. أَقُولُ: وَهُوَ ظَاهِرٌ وَيُوَافِقُهُ اقْتِصَارُ الشَّارِحِ فِي الْبُطْلَانِ عَلَى مَا لَوْ كَانَ الْحَمْلُ حُرًّا أَوْ رَقِيقًا لِغَيْرِ مَالِكِ الْأُمِّ، وَقَدْ يُوَجَّهُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّارِحِ تَبَعًا لِوَالِدِهِ مِنْ الصِّحَّةِ بِمَا يَأْتِي فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ مِنْ أَنَّهُ مَتَى كَانَ الْحَرَامُ غَيْرَ مَقْصُودٍ كَالدَّمِ كَانَ الْبَيْعُ فِي الْحَالِ صَحِيحًا بِجَمِيعِ الثَّمَنِ، وَيَلْغُو ذِكْرُ غَيْرِهِ لِتَنْزِيلِهِ مَنْزِلَةَ الْعَدَمِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ مَقْصُودًا.
(قَوْلُهُ: أَوْ خَرَجَ بَعْضُهُ) أَيْ الْحَمْلِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْبَيْعِ) أَيْ أَوْ مَعَهُ (قَوْلُهُ: ثُمَّ بَاعَهَا) أَيْ بَعْدَ مَوْتِ الْوَلَدِ الْمُنْفَصِلِ لِحُرْمَةِ التَّفْرِيقِ بَيْنَ الْأُمِّ وَوَلَدِهَا حَتَّى يُمَيِّزَ أَوْ بَاعَهُمَا مَعًا (قَوْلُهُ: فَهُوَ لِلْمُشْتَرِي) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ غَيْرُ مُسْتَثْنَاةٍ) أَيْ لِدُخُولِهِ فِي بَيْعِهَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ.
ــ
[حاشية الرشيدي]
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ إفْرَادُهُ بِالْعَقْدِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْجَلَالِ الْمَحَلِّيِّ: لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ إفْرَادُهُ بِالْعَقْدِ فَلَا يَجُوزُ اسْتِثْنَاؤُهُ (قَوْلُهُ: ظَاهِرُ الْفَسَادِ بِأَدْنَى تَأَمُّلٍ) قَالَ الشِّهَابُ سم: وَكَانَ وَجْهُ فَسَادِهِ أَنَّ هَذَا الْمَفْهُومَ قَدْ صَرَّحَ الْمُصَنِّفُ بِحُكْمِهِ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ قَالَ بِعْتُكهَا وَحَمَلَهَا بَطَلَ فِي الْأَصَحِّ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ
(قَوْلُهُ: أَوْ اشْتَرَى سَمَكَةً إلَخْ) فِي شُمُولِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِهَذِهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ، لِأَنَّ السَّمَكَةَ الَّتِي ابْتَلَعَتْهَا لَيْسَتْ حَمْلَهَا وَلَا يَتَأَتَّى فِي السَّمَكِ حَمْلٌ.