المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[ما يحل من شجر الحرم وما يحرم] - نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج - جـ ٣

[الرملي، شمس الدين]

فهرس الكتاب

- ‌فَصْلٌ فِي دَفْنِ الْمَيِّتِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ

- ‌[اللَّحْدُ أَفْضَلُ مِنْ الشَّقِّ]

- ‌لَا يُدْفَنُ اثْنَانِ فِي قَبْرٍ)

- ‌[الْجُلُوس عَلَى الْقَبْرِ]

- ‌[التَّعْزِيَةُ لِأَهْلِ الْمَيِّتِ سُنَّةٌ]

- ‌[يَحْرُمُ النَّدْبُ وَالنَّوْحُ]

- ‌[الْبُكَاءُ عَلَى الْمَيِّتِ قَبْلَ الْمَوْتِ]

- ‌[اتِّبَاعُ الْمُسْلِمِ جِنَازَةَ قَرِيبِهِ الْكَافِرِ]

- ‌[لَا يَحْمِلُ الْجِنَازَةَ إلَّا الرِّجَالُ]

- ‌[اللَّغَطُ فِي سَيْرِ الْجِنَازَةِ]

- ‌[شُرُوطُ صِحَّةِ صَلَاةِ الْجِنَازَة]

- ‌[الدَّفْنُ بِالْمَقْبَرَةِ أَفْضَلُ مِنْ الدَّفْنُ بِالْبَيْتِ]

- ‌[الْمَبِيتُ بِالْمَقْبَرَةِ]

- ‌[الدَّفْنُ لَيْلًا]

- ‌[تَجْصِيصُ الْقَبْرِ وَالْبِنَاءُ عَلَيْهِ وَالْكِتَابَةُ عَلَيْهِ]

- ‌[زِيَارَةُ قُبُورِ الْمُسْلِمِينَ لِلرِّجَالِ]

- ‌[نَقْلُ الْمَيِّتِ قَبْلَ دَفْنِهِ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ آخَرَ]

- ‌كِتَابُ الزَّكَاةِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الْحَيَوَانِ

- ‌[الشَّرْطُ الْأَوَّلُ النَّعَم]

- ‌[الشَّرْطِ الثَّانِي النِّصَابُ]

- ‌فَصْلٌ فِي بَيَانِ كَيْفِيَّةِ الْإِخْرَاجِ لِمَا مَرَّ وَبَعْضِ شُرُوطِ الزَّكَاةِ

- ‌ أَسْبَابِ النَّقْصِ فِي الزَّكَاةِ

- ‌[الْخُلْطَةِ فِي الزَّكَاة]

- ‌بَابُ زَكَاةِ النَّبَاتِ

- ‌[نِصَابُ الْقُوتُ الَّذِي تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ]

- ‌ خَرْصُ الثَّمَرِ)

- ‌[شَرْطُ الْخَارِصِ]

- ‌بَابُ زَكَاةِ النَّقْدِ

- ‌[يُحَرَّمُ عَلَى الرَّجُلِ وَالْخُنْثَى حُلِيُّ الذَّهَبِ]

- ‌[تَحْلِيَةِ الْمُصْحَفِ بِالذَّهَبِ]

- ‌شَرْطُ زَكَاةِ النَّقْدِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الْمَعْدِنِ وَالرِّكَازِ وَالتِّجَارَةِ

- ‌[يُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الْمَعْدِن]

- ‌الرِّكَازِ

- ‌[شَرْطُ الرِّكَاز]

- ‌فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ زَكَاةِ التِّجَارَةِ

- ‌(شَرْطُ وُجُوبِ زَكَاةِ التِّجَارَةِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ

- ‌[تَأْخِيرَ زَكَاةِ الْفِطْرِ إلَى مَا بَعْدَ صَلَاةِ الْعِيدِ]

- ‌[يَلْزَمُهُ فِطْرَةُ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ]

- ‌(مَنْ أَيْسَرَ) بِبَعْضِ صَاعٍ وَهُوَ فِطْرَةُ الْوَاحِدِ (يَلْزَمُهُ)

- ‌[بَابُ مَنْ تَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ]

- ‌فَصْلٌ فِي أَدَاءِ الزَّكَاةِ

- ‌فَصْلٌ فِي تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ

- ‌كِتَابُ الصِّيَامِ

- ‌[إذَا الْهِلَالُ رُئِيَ بِبَلَدٍ لَزِمَ حُكْمُهُ الْبَلَدَ الْقَرِيبَ]

- ‌فَصْلٌ فِي أَرْكَانِ الصَّوْمِ

- ‌[يُسَنُّ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي شَرْطِ الصَّوْمِ]

- ‌فَصْلٌ شَرْطُ صِحَّةِ الصَّوْمِ مِنْ حَيْثُ الْفَاعِلِ وَالْوَقْتِ

- ‌فَصْلٌ فِي شُرُوطِ وُجُوبِ صَوْمِ رَمَضَانَ وَمَا يُبِيحُ تَرْكَ صَوْمِهِ

- ‌فَصْلٌ فِي فِدْيَةِ الصَّوْمِ الْوَاجِبِ

- ‌فَصْلٌ فِي مُوجِبِ كَفَّارَةِ الصَّوْمِ

- ‌[مَصْرِفُ فِدْيَةُ الصَّوْم]

- ‌بَابُ صَوْمِ التَّطَوُّعِ

- ‌ صَوْمُ يَوْمِ (عَرَفَةَ)

- ‌ صَوْمُ (أَيَّامِ) اللَّيَالِي (الْبِيضِ)

- ‌ صَوْمُ (سِتَّةٍ مِنْ شَوَّالٍ)

- ‌[صَوْمُ عَاشُورَاءَ]

- ‌(إفْرَادُ) يَوْمِ (الْجُمُعَةِ) بِالصَّوْمِ

- ‌[وَصَوْمُ الدَّهْرِ غَيْرُ الْعِيدِ]

- ‌كِتَابُ الِاعْتِكَافِ

- ‌[صَوْمُ تَطَوُّعٍ مِنْ غَيْرِ إذْنِ زَوْجِهَا وَهُوَ حَاضِرٌ]

- ‌[شُرُوطُ الْمُعْتَكِفِ]

- ‌فَصْلٌ فِي حُكْمِ الِاعْتِكَافِ الْمَنْذُورِ

- ‌[كِتَابُ الْحَجِّ]

- ‌[شُرُوط صِحَّة الْحَجّ وَالْعُمْرَة]

- ‌[شُرُوط وُجُوب الْحَجّ وَالْعُمْرَة]

- ‌[مَا يُشْتَرَطُ فِي وُجُوبِ نُسُكِ الْمَرْأَةِ]

- ‌بَابُ الْمَوَاقِيتِ لِلنُّسُكِ زَمَانًا وَمَكَانًا

- ‌[الْمِيقَات الزَّمَانِيّ]

- ‌الْمِيقَاتُ الْمَكَانِيُّ

- ‌بَابُ الْإِحْرَامِ

- ‌فَصْلٌ فِي رُكْنِ الْإِحْرَامِ وَمَا يُطْلَبُ لِلْمُحْرِمِ مِنْ الْأُمُورِ الْآتِيَةِ

- ‌[بَابُ دُخُولِ الْمُحْرِمِ مَكَّةَ]

- ‌فَصْلٌ فِيمَا يُطْلَبُ فِي الطَّوَافِ مِنْ وَاجِبَاتٍ وَسُنَنٍ

- ‌[وَاجِبَات الطَّوَاف]

- ‌[سُنَن الطَّوَاف]

- ‌فَصْلٌ فِيمَا يَخْتِمُ بِهِ الطَّوَافَ وَبَيَانُ كَيْفِيَّةِ السَّعْيِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ

- ‌(فَصْلٌ فِي الْمَبِيتِ بِالْمُزْدَلِفَةِ وَالدَّفْعِ مِنْهَا وَفِيمَا يُذْكَرُ مَعَهُمَا

- ‌ الْمَبِيتِ بِمِنًى لَيَالِيَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ

- ‌فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَرْكَانِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، وَبَيَانِ أَوْجُهِ أَدَائِهِمَا مَعَ مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ

- ‌بَابُ مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ

- ‌[مَا يَحِلّ مِنْ شجر الحرم وَمَا يحرم]

- ‌[أَنْوَاعِ الدِّمَاءِ فِي الْحَجّ]

- ‌بَابُ الْإِحْصَارِ وَالْفَوَاتِ

- ‌كِتَابُ الْبَيْعِ

- ‌[شُرُوط الْبَيْع] [

- ‌أَلْفَاظ الْبَيْع]

- ‌[يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بِالْكِنَايَةِ مَعَ النِّيَّةِ]

- ‌[شُرُوط الْعَاقِدِ]

- ‌[شِرَاء الْكَافِر الْمُصْحَف]

- ‌[شُرُوط الْمَبِيع]

- ‌[مِنْ شُرُوط الْمَبِيع طَهَارَة عَيْنه]

- ‌ مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ (النَّفْعُ)

- ‌[مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ إمْكَانُ تَسْلِيمِهِ]

- ‌ مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ (الْمِلْكُ)

- ‌ مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ (الْعِلْمُ بِهِ)

- ‌بَابُ الرِّبَا

- ‌[الْمُمَاثَلَةُ تُعْتَبَرُ فِي الْمَكِيلِ]

- ‌[بَاب الْبُيُوعِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا وَمَا يَتْبَعُهَا]

- ‌[الصُّوَر المستثناة مِنْ النَّهْي عَنْ بَيْع وَشَرْط]

- ‌[بَاعَ عَبْدًا بِشَرْطِ إعْتَاقِهِ]

- ‌فَصْلٌ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي مِنْ الْمَنْهِيَّاتِ الَّتِي لَا يَقْتَضِي النَّهْيُ فَسَادَهَا كَمَا قَالَ

- ‌[بَيْعُ الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ لِعَاصِرِ الْخَمْرِ وَالنَّبِيذِ]

- ‌فَصْلٌ فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ

- ‌[بَيْعُ الْعَرَبُونِ]

- ‌[جُمِعَ الْعَاقِدُ أَوْ الْعَقْدُ فِي صَفْقَةٍ مُخْتَلِفَيْ الْحُكْمِ]

الفصل: ‌[ما يحل من شجر الحرم وما يحرم]

إذْ إبَاحَةُ ذَلِكَ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى فِعْلٍ بِدَلِيلِ حِلِّ ابْتِلَاعِهِ بِدُونِهِ وَإِنْ قَالَ هُنَا إنَّ الْأَشْهَرَ الْحُرْمَةُ، وَلِلْمُحْرِمِ أَكْلُ صَيْدٍ غَيْرِ حَرَمِيُّ إنْ لَمْ يَدُلَّ أَوْ يُعِنْ عَلَيْهِ، فَإِنْ دَلَّ أَوْ صِيدَ لَهُ وَلَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ وَعَلِمَهُ حَرُمَ عَلَيْهِ الْأَكْلُ مِنْهُ وَأَثِمَ بِالدَّلَالَةِ وَبِالْأَكْلِ وَإِنَّمَا حَرُمَتْ دَلَالَتُهُ لَلْحَلَال عَلَيْهِ مَعَ أَنَّهَا دَلَالَةٌ عَلَى مُبَاحٍ لَلْحَلَال؛ لِأَنَّهَا تَعَرُّضٌ مِنْهُ لِلصَّيْدِ وَإِيذَاءٌ لَهُ وَجِنَايَةٌ عَلَيْهِ فَدَخَلَتْ فِي عُمُومِ التَّعَرُّضِ الَّذِي مَرَّ تَحْرِيمُهُ بِسَائِرِ أَنْوَاعِهِ، لَكِنْ لَا جَزَاءَ عَلَيْهِ بِدَلَالَتِهِ وَلَا بِإِعَانَتِهِ وَلَا بِأَكْلِهِ مِمَّا صِيدَ لَهُ؛ وَلَوْ أَمْسَكَهُ مُحْرِمٌ حَتَّى قَتَلَهُ حَلَالٌ لَزِمَهُ الْجَزَاءُ وَلَا رُجُوعَ لَهُ بِهِ عَلَى الْقَاتِلِ أَوْ مُحْرِمٌ رَجَعَ كَمَا مَرَّ.

، (وَيَحْرُمُ) عَلَى مُحْرِمٍ وَحَلَالٍ (قَطْعُ) أَوْ قَلْعُ (نَبَاتِ الْحَرَمِ) الرَّطْبِ وَكَانَ بَعْضُ أَصْلِهِ فِيهِ: أَيْ فِي الْحَرَمِ مُبَاحًا كَانَ أَوْ مَمْلُوكًا (الَّذِي لَا يُسْتَنْبَتُ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ: أَيْ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ لَا يَسْتَنْبِتَهُ الْآدَمِيُّونَ بِأَنْ يَنْبُتَ بِنَفْسِهِ كَالطَّرْفَاءِ شَجَرًا أَوْ غَيْرَهُ لِقَوْلِهِ فِي الْخَبَرِ الْمَارِّ «وَلَا يُعْضَدُ شَجَرُهُ» أَيْ لَا يُقْطَعُ «وَلَا يُخْتَلَى خَلَاهُ» وَهُوَ بِالْقَصْرِ الْحَشِيشُ الرَّطْبُ وَقِيسَ بِمَكَّةَ بَاقِي الْحَرَمِ، وَفُهِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّهُ لَوْ غُرِسَتْ شَجَرَةٌ حَرَمِيَّةٌ فِي الْحِلِّ أَوْ عَكْسُهُ لَمْ تَنْتَقِلْ الْحُرْمَةُ عَنْهَا فِي الْأُولَى وَلَا إلَيْهَا فِي الثَّانِيَةِ، بِخِلَافِ صَيْدٍ دَخَلَ الْحَرَمَ، إذْ لِلشَّجَرِ أَصْلٌ ثَابِتٌ فَاعْتُبِرَ مَنْبَتُهُ، بِخِلَافِ الصَّيْدِ فَاعْتُبِرَ مَكَانُهُ وَلَا تُضْمَنُ حَرَمِيَّةٌ نُقِلَتْ مِنْ الْحَرَمِ إلَيْهِ إنْ نَبَتَتْ وَكَذَا إلَى الْحِلِّ، لَكِنْ يَجِبُ رَدُّهَا مُحَافَظَةً عَلَى حُرْمَتِهَا وَإِلَّا ضَمِنَهَا كَمَا قَالَهُ جَمْعٌ وَاعْتَمَدَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ: أَيْ بِمَا بَيْنَ قِيمَتِهَا مُحْتَرَمَةً وَغَيْرَ مُحْتَرَمَةٍ، وَمَنْ قَلَعَهَا مِنْ الْحِلِّ اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ ضَمَانُهَا وَفُهِمَ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ غُصْنًا فِي الْحَرَمِ أَصْلُهُ فِي الْحِلِّ نَظَرًا لِأَصْلِهِ وَإِنْ ضَمِنَ صَيْدًا فَوْقَهُ لِذَلِكَ.

قَالَ الْفُورَانِيُّ: وَلَوْ غَرَسَ فِي الْحِلِّ نَوَاةَ شَجَرَةٍ حَرَمِيَّةٍ ثَبَتَ لَهَا حُكْمُ الْأَصْلِ، وَيَحْرُمُ قَطْعُ شَجَرَةٍ أَصْلُهَا فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ تَغْلِيبًا لِلْحُرْمَةِ، وَخَرَجَ بِالرَّطْبِ الْيَابِسُ، فَلَا يَحْرُمُ قَطْعُهُ وَلَا قَلْعُهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ نَابِتًا فِي الْحَرَمِ بَلْ مَغْرُوزٌ فِيهِ بِشَرْطِ مَوْتِ أَصْلِهِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

عَلَى الْمُحْرِمِ، وَكَذَا مَا قَتَلَهُ الْمُحْرِمُ مِنْ الْجَرَادِ وَمِثْلُهُمَا مَا حَلَبَهُ الْمُحْرِمُ مِنْ اللَّبَنِ اهـ حَجّ.

وَقِيَاسُ مَا ذَكَرَ أَنَّ مَا جَزَّهُ الْمُحْرِمُ مِنْ الشَّعْرِ يَحْرُمُ عَلَيْهِ دُونَ الْحَلَالِ، هَذَا وَقَضِيَّةُ التَّعْبِيرِ بِالْحَلَالِ حُرْمَةُ أَكْلِهِ عَلَى مُحْرِمٍ آخَرَ، وَقَضِيَّةُ قَوْلِ حَجّ الْحِلُّ لِغَيْرٍ كَأَسْرِهِ مِنْ حَلَالٍ أَوْ مُحْرِمٍ (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ) أَيْ الْمُحْرِمَ

(قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ قَطْعُ نَبَاتِ الْحَرَمِ) أَيْ مَا نَبَتَ فِيهِ وَإِنْ نُقِلَ إلَى غَيْرِهِ، بِخِلَافِ غَيْرِهِ فَلَا يَحْرُمُ وَإِنْ نُقِلَ إلَى الْحَرَمِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَفُهِمَ مِمَّا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ نَبَاتُ الْحَرَمِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ صَيْدٍ دَخَلَ الْحَرَمَ) أَيْ أَوْ أُخْرِجَ مِنْهُ (قَوْلُهُ: لَا يَضْمَنُ غُصْنًا فِي الْحَرَمِ أَصْلُهُ فِي الْحِلِّ) أَيْ بِخِلَافِ عَكْسِهِ فِيهِمَا فَيَضْمَنُ أَغْصَانَ شَجَرَةٍ فِي الْحِلِّ أَصْلُهَا فِي الْحَرَمِ، وَلَا يَضْمَنُ صَيْدًا عَلَى أَغْصَانِهَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْمُحْرِمِ (قَوْلُهُ وَإِنْ ضَمِنَ صَيْدًا فَوْقَهُ لِذَلِكَ) أَيْ لِكَوْنِهِ فِي هَوَاءِ الْحَرَمِ (قَوْلُهُ: ثَبَتَ لَهَا حُكْمُ الْأَصْلِ) وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

يَقُولَ دُونَ غَيْرِهِ كَمَا فِي الْإِمْدَادِ.

[مَا يَحِلّ مِنْ شجر الحرم وَمَا يحرم]

(قَوْلُهُ: وَكَانَ بَعْضُ أَصْلِهِ فِيهِ) لَعَلَّهُ أَوْ كَانَ بَعْضُ أَصْلِهِ فِيهِ بِزِيَادَةِ هَمْزَةٍ قَبْلَ الْوَاوِ وَإِلَّا فَلَا مَعْنَى لِتَقْيِيدِهِ الْمَتْنَ بِذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ وَلَا يَضْمَنُ حَرَمِيُّهُ نَقَلْت إلَخْ) أَنْ لَا يَضْمَنَهَا الضَّمَانَ الْآتِيَ بِالْبَقَرَةِ أَوْ الشَّاةِ فَلَا يُنَافِي مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَإِلَّا ضَمِنَهَا كَمَا قَالَهُ جَمْعٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ لَمْ يُرِدْهَا.

وَالصُّورَةُ أَنَّهَا نَبَتَتْ فَمَعْنَى ضَمَانِهَا تَعَلُّقُهُ بِهِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهَا إذَا لَمْ تَنْبُتْ أَنَّهُ يَضْمَنُهَا بِالْبَقَرَةِ أَوْ الشَّاةِ (قَوْلُهُ: وَمَنْ قَطَعَهَا مِنْ الْحِلِّ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ قَلَعَهَا، وَالْمُرَادُ مِنْ قَطْعِهَا أَوْ قَلْعِهَا مِنْ الْحِلِّ بَعْدَ غَرْسِ الْأَوَّلِ لَهَا فِيهِ يَكُونُ فِعْلُهُ قَاطِعًا لِحُكْمِ فِعْلِ الْأَوَّلِ وَيَنْتَقِلُ الضَّمَانُ إلَيْهِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَفُهِمَ أَيْضًا إلَخْ) عِبَارَةُ الْإِمْدَادِ: وَأَفْهَمَ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ غُصْنًا فِي الْحَرَمِ أَصْلُهُ فِي الْحِلِّ نَظَرًا لِأَصْلِهِ وَإِنْ ضَمِنَ صَيْدًا فَوْقَهُ نَظَرًا لِمَكَانِهِ، وَأَنَّهُ يَضْمَنُ غُصْنًا فِي الْحِلِّ أَصْلُهُ فِي الْحَرَمِ وَإِنْ لَمْ يَضْمَنْ الصَّيْدَ فَوْقَهُ لِذَلِكَ انْتَهَتْ.

فَلَعَلَّ الْجُمْلَةَ الْأُولَى سَقَطَتْ مِنْ نُسَخِ الشَّارِحِ، إذْ مِنْ جُمْلَتِهَا مَرْجِعُ الضَّمِيرِ (قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ قَطْعُ شَجَرَةٍ أَصْلُهَا فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ) تَقَدَّمَ هَذَا فِي كَلَامِهِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: بِشَرْطِ مَوْتِ أَصْلِهِ) هُنَا سَقْطٌ فِي

ص: 353

وَلَمْ يُرْجَ نَبَاتُهُ وَإِلَّا لَمْ يَحِلَّ بِخِلَافِ قَطْعِهِ فَيَحِلُّ مُطْلَقًا، وَإِنَّمَا لَمْ يَأْتِ نَظِيرُ هَذَا التَّفْصِيلِ فِي الشَّجَرِ الْيَابِسِ؛ لِأَنَّهُ يُسْتَخْلَفُ مَعَ الْقَطْعِ وَلَا كَذَلِكَ الشَّجَرُ، فَإِنَّ فِي الْمَجْمُوعِ: وَإِطْلَاقُ الْحَشِيشِ عَلَى الرَّطْبِ مَجَازٌ فَإِنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي الْيَابِسِ وَإِنَّمَا يُقَالُ لِلرَّطْبِ كَلَأٌ وَعُشْبٌ، وَلَوْ أَخَذَ غُصْنًا مِنْ شَجَرَةٍ حَرَمِيَّةٍ فَأَخْلَفَ مِثْلَهُ فِي سَنَتِهِ بِأَنْ كَانَ لَطِيفًا كَالسِّوَاكِ فَلَا ضَمَانَ فِيهِ فَإِنْ لَمْ يُخْلِفْ أَوْ أَخْلَفَ لَا مِثْلَهُ أَوْ مِثْلَهُ لَا فِي سَنَتِهِ فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ، فَإِنْ أَخْلَفَ مِثْلَهُ بَعْدَ وُجُوبِ ضَمَانِهِ لَمْ يَسْقُطْ الضَّمَانُ كَمَا لَوْ قَلَعَ سِنَّ مَثْغُورٍ فَنَبَتَتْ، وَيَجُوزُ أَخْذُ أَوْرَاقِ الشَّجَرِ بِلَا خَبْطٍ لِئَلَّا يَضُرَّ بِهَا، إذْ خَبْطُهَا حَرَامٌ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ نَقْلًا عَنْ الْأَصْحَابِ، وَنَقَلَ اتِّفَاقَهُمْ عَلَى جَوَازِ أَخْذِ ثَمَرِهَا وَعُودِ السِّوَاكِ وَنَحْوِهِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ الْغُصْنَ اللَّطِيفَ وَإِنْ لَمْ يُخْلِفْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهُوَ الْأَقْرَبُ.

قَالَ الشَّيْخُ: لَكِنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ انْتَهَى، وَالْأَوْجَهُ حَمْلُ مَا هُنَا عَلَى مَا هُنَاكَ (وَالْأَظْهَرُ تَعَلُّقُ الضَّمَانِ بِهِ) أَيْ بِقَطْعِ نَبَاتِ الْحَرَمِ الرَّطْبِ، وَهُوَ شَامِلٌ لِلشَّجَرِ كَمَا مَرَّ فَقَوْلُهُ (وَبِقَطْعِ أَشْجَارِهِ) مِنْ ذِكْرِ الْخَاصِّ بَعْدَ الْعَامِّ لِلِاهْتِمَامِ (فَفِي) أَيْ يَجِبُ فِي قَطْعِ أَوْ قَلْعِ (الشَّجَرَةِ) الْحَرَمِيَّةِ (الْكَبِيرَةِ) بِأَنْ تُسَمَّى كَبِيرَةً عُرْفًا (بَقَرَةٌ) كَمَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَلَا يُقَالُ مِثْلُهُ إلَّا بِتَوْقِيفٍ، وَسَوَاءٌ أَخْلَفَتْ الشَّجَرَةُ أَمْ لَا، وَالْبَدَنَةُ فِي مَعْنَى الْبَقَرَةِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَسْمَحُوا بِهَا عَنْ الْبَقَرَةِ وَلَا عَنْ الشَّاةِ فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ لِمُرَاعَاتِهِمْ الْمِثْلِيَّةَ فِيهِ بِخِلَافِهِ هُنَا (وَ) فِي (الصَّغِيرَةِ) إنْ قَارَبَتْ سُبُعَ الْكَبِيرَةِ (شَاةٌ) فَإِنْ صَغُرَتْ جِدًّا فَفِيهَا الْقِيمَةُ.

قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَسَكَتَ الرَّافِعِيُّ عَمَّا جَاوَزَ سُبُعَ الْكَبِيرَةِ وَلَمْ يَنْتَهِ إلَى حَدِّ الْكِبَرِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ فِيهِ شَاةٌ أَعْظَمُ مِنْ الْوَاجِبَةِ فِي سُبُعِ الْكَبِيرَةِ اهـ.

وَسَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ الْوَاجِبِ فِي غَيْرِ الشَّجَرِ مِنْ النَّبَاتِ، وَالْوَاجِبُ فِيهِ الْقِيمَةُ؛ لِأَنَّهُ الْقِيَاسُ وَلَمْ يَرِدْ نَصٌّ بِدَفْعِهِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ الْمُصَنِّفُ كَالرَّافِعِيِّ لِسِنِّ الْبَقَرَةِ وَالشَّاةِ.

وَالْأَوْجَهُ اشْتِرَاطُ إجْزَائِهِمَا فِي الْأُضْحِيَّةِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ وَإِنْ جَرَى الْإِسْنَوِيُّ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الشَّاةِ وَالْبَقَرَةِ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يَقْتَضِي وُجُوبَ الْبَقَرَةِ أَوْ الشَّاةِ بِمُجَرَّدِ الْقَطْعِ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى قَلْعِ الشَّجَرَةِ، وَكَلَامُ التَّنْبِيهِ يَقْتَضِي التَّوَقُّفَ عَلَيْهِ، وَلَمْ يُصَرِّحَا فِي الشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ بِالْمَسْأَلَةِ نَعَمْ عَبَّرَ الرَّافِعِيُّ بِالتَّامَّةِ، وَلَعَلَّهُ احْتَرَزَ بِهِ عَنْ قَطْعِ الْغُصْنِ (قُلْت: وَ) كَذَا (الْمُسْتَنْبَتُ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ،

ــ

[حاشية الشبراملسي]

لَوْ غَرَسَ فِي الْحَرَمِ نَوَاةً مِنْ شَجَرَةِ حِلْيَةٍ لَمْ تَثْبُتْ الْحُرْمَةُ لَهَا، وَيُؤَيِّدُهُ مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَوْ نَقَلَ تُرَابَ الْحِلِّ إلَى الْحَرَمِ، لَمْ تَثْبُتْ الْحُرْمَةُ اعْتِبَارًا بِأَصْلِهِ، وَقَدْ يَشْمَلُ ذَلِكَ قَوْلَ حَجّ.

أَمَّا مَا اسْتُنِبْتَ فِي الْحَرَمِ مِمَّا أَصْلُهُ مِنْ الْحِلِّ فَلَا شَيْءَ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَمْ يَحِلَّ) أَيْ وَإِلَّا يَرْجُ نَبَاتَهُ لَمْ تَحِلَّ (قَوْلُهُ: فَيَحِلُّ مُطْلَقًا) مَاتَ أَصْلُهُ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: فَإِنَّ حَقِيقَةَ إلَخْ) وَفِي نُسْخَةٍ فَإِنَّ حَقِيقَةَ الْيَابِسِ (قَوْلُهُ: أَوْ مِثْلُهُ لَا فِي سَنَتِهِ فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ) أَيْ بِالْقِيمَةِ عَلَى مَا يَأْتِي، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهَا لَوْ اخْتَلَفَتْ فِي سَنَتِهِ دُونَهُ ضَمِنَهَا ضَمَانَ الْكُلِّ لَا التَّفَاوُتُ بَيْنَ قِيمَةِ الْمَقْطُوعِ وَمَا أَخْلَفَ (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يُضِرَّ بِهَا) مِنْ أَضَرَّ فَهُوَ بِضَمِّ الْيَاءِ (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ أَخْلَفَتْ الشَّجَرَةُ أَمْ لَا) وَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ الشَّجَرَةِ وَالْغُصْنِ بِأَنَّ الْغُصْنَ اللَّطِيفَ مِنْ شَأْنِهِ الْإِخْلَافُ وَلَا كَذَلِكَ الشَّجَرَةُ، ثُمَّ رَأَيْت فِي حَجّ مَا نَصُّهُ: وَكَانَ الْفَرْقُ بَيْنَهُ: أَيْ الْحَشِيشِ وَبَيْنَ غُصْنِ الشَّجَرَةِ حَيْثُ فَصَلُوا فِيهِ بَيْنَ الشَّجَرِ إذَا أُخِذَ مِنْ أَصْلِهِ يُضْمَنُ وَإِنْ أَخْلَفَ فِي سَنَتِهِ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ أَيْضًا أَنَّ الشَّجَرَ يُحْتَاطُ لَهُ أَكْثَرُ، إذْ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الْمُسْتَنْبَتِ وَغَيْرِهِ وَيُضْمَنُ بِالْحَيَوَانِ بِخِلَافِ الْحَشِيشِ فِيهِمَا (قَوْلُهُ: وَالْبَدَنَةُ فِي مَعْنَى الْبَقَرَةِ) أَيْ بَلْ هِيَ أَفْضَلُ مِنْ الْبَقَرَةِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ يَسْمَحُوا بِهَا عَنْ الْبَقَرَةِ) أَيْ بِأَنْ يَقُولُوا بِإِجْزَائِهَا عَنْهَا (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَسَكَتَ الرَّافِعِيُّ) لَعَلَّ الْمُرَادَ سَكَتَ عَنْ التَّصْرِيحِ بِهِ، وَإِلَّا فَقَوْلُ الرَّافِعِيِّ فِي الشَّرْحِ عَلَى مَا نَقَلَهُ الشَّارِحُ عَنْهُ أَنَّ مَا دُونَ الْكَبِيرَةِ يُضْمَنُ بِشَاةٍ صَادِقٌ بِالْقَرِيبَةِ مِنْ الْكَبِيرَةِ.

(قَوْلُهُ: أَعْظَمُ مِنْ الْوَاجِبَةِ) وَيَنْبَغِي أَنْ يُرَاعَى فِي الْعِظَمِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

النُّسَخِ، وَلَعَلَّ السَّاقِطَ عَقِبَ قَوْلِهِ بَلْ هُوَ مَغْرُوزٌ فِيهِ نَحْوُ قَوْلِهِ كَقَلْعِ حَشِيشِهِ وَقَطْعِهِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَحْرُمُ إنْ كَانَ أَخْضَرَ، بِخِلَافِ الْيَابِسِ فَإِنَّهُ يَحِلُّ قِطْعَةُ بِشَرْطِ إلَخْ، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ الْإِرْشَادِ وَشَرْحِهِ (قَوْلُهُ وَكَذَا بَعْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ قُلْت)

ص: 354

وَهُوَ مَا اسْتَنْبَتَهُ الْآدَمِيُّونَ مِنْ الشَّجَرِ (كَغَيْرِهِ) فِي الْحُرْمَةِ وَالضَّمَانِ (عَلَى الْمَذْهَبِ) وَهُوَ الْقَوْلُ الْأَظْهَرُ لِعُمُومِ الْحَدِيثِ.

وَالثَّانِي الْمَنْعُ تَشْبِيهًا لَهُ بِالزَّرْعِ: أَيْ كَالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالْبُقُولِ وَالْخَضْرَاوَاتِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ قَطْعُهُ وَلَا ضَمَانَ فِيهِ بِلَا خِلَافٍ. قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ، وَكَالزَّرْعِ مَا نَبَتَ بِنَفْسِهِ (وَيَحِلُّ) مِنْ شَجَرِ الْحَرَمِ (الْإِذْخِرُ) قَلْعًا وَقَطْعًا لِاسْتِثْنَائِهِ فِي الْخَبَرِ الْمَارِّ.

قَالَ الْعَبَّاسُ «يَا رَسُولَ اللَّهِ إلَّا الْإِذْخِرَ فَإِنَّهُ لِقَيْنِهِمْ وَبُيُوتِهِمْ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم إلَّا الْإِذْخِرَ» وَمَعْنَى كَوْنِهِ لِبُيُوتِهِمْ أَنَّهُمْ يَسْقُفُونَهَا بِضَمِّ الْقَافِ فَوْقَ الْخَشَبِ، وَالْقَيْنُ الْحَدَّادُ، وَظَاهِرُ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ جَوَازَ تَصَرُّفِ الْآخِذِ لِذَلِكَ بِجَمِيعِ التَّصَرُّفَاتِ مِنْ بَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَهُوَ مَا عَبَّرَ بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي فَتَاوِيهِ بِقَوْلِهِ قَدْ يُقَالُ يَجُوزُ بَيْعُهُ لِخَبَرِ الْعَبَّاسِ: إلَّا الْإِذْخِرَ، فَيَشْمَلُ مَنْ أَخَذَهُ لِيَنْتَفِعَ بِثَمَنِهِ، وَقَدْ قَالُوا: إنَّ الْإِذْخِرَ مُبَاحٌ، ثُمَّ عَقَّبَهُ بِقَوْلِهِ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ إنَّمَا أُبِيحَ لِحَاجَةٍ فِي جِهَةٍ خَاصَّةٍ، وَقَدْ قَالُوا: لَا يَجُوزُ بَيْعُ شَيْءٍ مِنْ شَجَرِ الْحَرَمِ وَالْبَقِيعِ (وَكَذَا)(الشَّوْكُ) يَحِلُّ شَجَرُهُ (كَالْعَوْسَجِ) جَمْعُ عَوْسَجَةٍ نَوْعٌ مِنْ الشَّوْكِ (وَغَيْرُهُ) مِنْ كُلِّ مُؤْذٍ كَالْمُنْتَشِرِ مِنْ الْأَغْصَانِ الْمُضِرَّةِ فِي طَرِيقِ النَّاسِ (عِنْدَ الْجُمْهُورِ) كَالصَّيْدِ الْمُؤْذِي، وَقَدْ أَجَابَ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «وَلَا يُعْضَدُ شَوْكُهُ» بِأَنَّهُ مُخَصَّصٌ بِالْقِيَاسِ عَلَى الْفَوَاسِقِ الْخَمْسِ، وَمَا اعْتَرَضَهُ السُّبْكِيُّ بِأَنَّهُ لَا يَتَنَاوَلُ غَيْرَهُ فَكَيْفَ يَجِيءُ التَّخْصِيصُ؟ يُرَدُّ بِأَنَّهُ مُتَنَاوِلٌ لِمَا فِي الطُّرُقَاتِ وَغَيْرِهِ فَيُخَصُّ بِغَيْرِ مَا فِي الطُّرُقَاتِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُؤْذِي، وَقِيلَ يَحْرُمُ وَيَجِبُ الضَّمَانُ بِقَطْعِهِ، وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّيُودِ الْمُؤْذِيَةِ بِأَنَّهَا تَقْصِدُ الْأَذَى بِخِلَافِ الشَّجَرِ.

وَيَجُوزُ رَعْيُ حَشِيشِ الْحَرَمِ بَلْ وَشَجَرُهُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ بِالْبَهَائِمِ؛ لِأَنَّ الْهَدَايَا كَانَتْ تُسَاقُ فِي عَصْرِهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ رضي الله عنهم وَمَا كَانَتْ تُسَدُّ أَفْوَاهُهَا فِي الْحَرَمِ (وَالْأَصَحُّ حِلُّ أَخْذِ نَبَاتِهِ) مِنْ حَشِيشٍ أَوْ نَحْوِهِ (لِعَلْفِ الْبَهَائِمِ) بِسُكُونِ اللَّامِ كَمَا يَجُوزُ تَسْرِيحُهَا فِيهِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (وَلِلدَّوَاءِ) بِالْمَدِّ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) كَحَنْظَلٍ وَسَنَى وَتَغَذٍّ كَرَجْلَةٍ وَبَقْلَةٍ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ؛ وَلِأَنَّ ذَلِكَ فِي مَعْنَى الزَّرْعِ وَلَا يُقْطَعُ لِذَلِكَ إلَّا بِقَدْرِ الْحَاجَةِ، وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَجُزْ قَطْعُهُ لِلْبَيْعِ مِمَّنْ يَعْلِفُ بِهِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ؛ لِأَنَّهُ كَطَعَامٍ أُبِيحَ أَكْلُهُ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

النِّسْبَةُ بَيْنَ الصَّغِيرَةِ وَمَا زَادَ عَلَيْهَا وَلَمْ يَنْتَهِ إلَى حَدِّ الْكَبِيرَةِ، فَإِذَا كَانَ قِيمَةُ الْمُجْزِئَةِ فِي الصَّغِيرَةِ دِرْهَمًا وَالزَّائِدَةُ عَلَيْهَا فِي الْمِقْدَارِ بَلَغَتْ نِصْفَ الشَّجَرَةِ اُعْتُبِرَ فِي الشَّاةِ الْمُجْزِئَة فِيهَا أَنْ تُسَاوِيَ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ وَنِصْفَ دِرْهَمٍ؛ لِأَنَّ الصَّغِيرَةَ بِسَبْعِ مِنْ الْكَبِيرَةِ تَقْرِيبًا وَهَذِهِ مِقْدَارُ النِّصْفِ، وَالتَّفَاوُتُ بَيْنَهُمَا سُبْعَانِ وَنِصْفُ سُبْعٍ، وَنَظِيرُ هَذَا مَا مَرَّ فِي الزَّكَاةِ مِنْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْفَصِيلِ أَوْ ابْنِ اللَّبُونِ زِيَادَةُ قِيمَتِهِ عَلَى الْمَأْخُوذِ فِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ بِمَا بَيْنَهُمَا مِنْ التَّفَاوُتِ (قَوْلُهُ وَهُوَ مَا اسْتَنْبَتَهُ الْآدَمِيُّونَ مِنْ الشَّجَرِ) أَيْ مِنْ الزَّرْعِ (قَوْلُهُ: وَكَالزَّرْعِ مَا نَبَتَ بِنَفْسِهِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ مِمَّا مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَسْتَنْبِتَهُ النَّاسُ كَحِنْطَةٍ حَمَلَهَا سَيْلٌ أَوْ هَوَاءٌ (قَوْلُهُ: الْإِذْخِرَ) بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ انْتَهَى مَحَلِّيٌّ (قَوْلُهُ: وَقَدْ قَالُوا لَا يَجُوزُ بَيْعُ شَيْءٍ مِنْ شَجَرِ الْحَرَمِ) أَيْ فَيَحْرُمُ بَيْعُهُ وَلَا يَصِحُّ خِلَافًا لِحَجِّ (قَوْلُهُ مِنْ الْأَغْصَانِ الْمُضِرَّةِ فِي طَرِيقِ النَّاسِ) مَفْهُوهُهُ أَنَّ الْأَغْصَانَ الْمُضِرَّةَ بِالشَّجَرِ نَفْسِهِ كَكَثْرَةِ جَرِيدِ النَّخْلِ مَثَلًا لَا يَجُوزُ قَطْعُهُ، وَيَنْبَغِي الْجَوَازُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِصْلَاحِ (قَوْلُهُ: يُرَدُّ بِأَنَّهُ إلَخْ) لَكِنْ هَذَا يَتَوَقَّفُ عَلَى حُرْمَةِ قَطْعِ السِّوَاكِ مِنْ غَيْرِ الطَّرِيقِ.

وَقَضِيَّةُ الْمَتْنِ خِلَافُهُ

(قَوْلُهُ: بَلْ وَشَجَرُهُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ قَطْعُهُ لِلدَّوَابِّ، وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ الْآتِي مِنْ حَشِيشٍ أَوْ نَحْوِهِ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: كَرَجْلَةٍ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

لَا حَاجَةَ إلَيْهِ بَلْ الْأَوْلَى حَذْفُهُ (قَوْلُهُ: يُرَدُّ بِأَنَّهُ مُتَنَاوِلٌ لِمَا فِي الطَّرَقَاتِ وَغَيْرِهِ) هَذَا الرَّدُّ لَا يُلَاقِي اعْتِرَاضَ السُّبْكِيّ، إذْ هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الشَّوْكَ كُلَّهُ مُؤْذٍ: أَيْ إمَّا بِالْفِعْلِ أَوْ بِالْقُوَّةِ، وَمِنْ ثَمَّ رَدَّ الشِّهَابُ حَجّ هَذَا الرَّدَّ بِقَوْلِهِمْ: لَا فَرْقَ

ص: 355

وَغَيْرُهُ أَنَّا حَيْثُ جَوَّزْنَا أَخْذَ السِّوَاكِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ جَوَازَ أَخْذِهِ لِلدَّوَاءِ وَالْعَلَفِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى وُجُودِ السَّبَبِ حَتَّى يَجُوزَ أَخْذُهُ لِيَسْتَعْمِلَهُ عِنْدَ وُجُودِهِ.

قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَتَبِعَهُ جَمَاعَةٌ وَهُوَ الْمُتَّجَهُ، وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ خَالَفَ فِيهِ بَعْضَهُمْ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ يَمْنَعُ ذَلِكَ وُقُوفًا مَعَ ظَاهِرِ الْخَبَرِ، وَاقْتِصَارُ الْمُصَنِّفِ عَلَى النَّبَاتِ يُفْهِمُ عَدَمَ التَّعَدِّي لِغَيْرِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ، فَيَحْرُمَ نَقْلُ تُرَابِ الْحَرَمِ وَحَجَرِهِ إلَى الْحِلِّ فَيَجِبَ رَدُّهُ إلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَا ضَمَانَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِنَامٍ فَأَشْبَهَ الْكَلَأَ الْيَابِسَ، وَنَقْلُ تُرَابِ الْحِلِّ وَأَحْجَارِهِ إلَى الْحَرَمِ خِلَافُ الْأَوْلَى كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ لِئَلَّا يُحْدِثَ لَهُ حُرْمَةً لَمْ تَكُنْ، وَلَا يُقَالُ مَكْرُوهٌ لِعَدَمِ ثُبُوتِ النَّهْيِ فِيهِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحِلَّ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ لِحَاجَةِ بِنَاءٍ وَنَحْوِهِ وَإِنْ ذَهَبَ فِي الرَّوْضَةِ إلَى الْكَرَاهَةِ، وَيَحْرُمُ أَخْذُ طِيبِ الْكَعْبَةِ أَوْ سُتْرَتِهَا، وَيَجِبُ رَدُّ مَا أَخَذَ مِنْهُمَا فَإِنْ أَرَادَ التَّبَرُّكَ بِهَا أَتَى بِطِيبٍ مَسَحَهَا بِهِ ثُمَّ أَخَذَهُ، وَفِي الرَّوْضَةِ عَنْ ابْنِ الصَّلَاحِ: الْأَمْرُ فِي سُتْرَتِهَا إلَى الْإِمَامِ يَصْرِفُهَا فِي بَعْضِ مَصَارِفِ بَيْتِ الْمَالِ بَيْعًا وَعَطَاءً؛ لِأَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه كَانَ يَقِسْهُمَا عَلَى الْحَاجِّ وَهُوَ حَسَنٌ مُتَعَيِّنٌ لِئَلَّا تَتْلَفَ بِالْبِلَى.

ثُمَّ نُقِلَ عَنْ جَمْعٍ مِنْ الصَّحَابَةِ أَنَّهُمْ جَوَّزُوا ذَلِكَ وَلَهُ لُبْسُهَا وَلَوْ لِنَحْوِ حَائِضٍ وَكَذَا اسْتَحْسَنَهُ فِي الْمَجْمُوعِ، لَكِنْ نَبَّهَ فِي الْمُهِمَّاتِ عَلَى أَنَّ هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا وَافَقَ عَلَيْهِ الرَّافِعِيُّ آخِرَ الْوَقْفِ أَنَّهَا تُبَاعُ إذَا لَمْ يَبْقَ فِيهَا جَمَالٌ وَيُصْرَفُ ثَمَنُهَا فِي مَصَالِحِ الْمَسْجِدِ وَحَمَلَهُ عَلَى مَا إذَا وُقِفَتْ لِلْكِسْوَةِ، وَكَلَامُ ابْنِ الصَّلَاحِ وَعَلَى مَا إذَا كَسَاهَا الْإِمَامُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَإِنْ وُقِفَتْ تَعَيَّنَ صَرْفُهَا فِي مَصَالِحِ الْكَعْبَةِ جَزْمًا، وَأَمَّا إذَا مَلَّكَهَا مَالِكُهَا لِلْكَعْبَةِ فَلِقَيِّمِهَا مَا يَرَاهُ مِنْ تَعْلِيقِهَا عَلَيْهَا أَوْ بَيْعِهَا وَصَرْفِ ثَمَنِهَا لِمَصَالِحِهَا، فَإِنْ وُقِفَ شَيْءٌ عَلَى أَنْ يُؤْخَذَ مِنْ رِيعِهِ وَشَرَطَ الْوَاقِفُ شَيْئًا مِنْ بَيْعٍ أَوْ إعْطَاءٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ اُتُّبِعَ، وَإِلَّا فَإِنْ لَمْ يَقِفْهَا النَّاظِرُ فَلَهُ بَيْعُهَا وَصَرْفُ ثَمَنِهَا فِي كِسْوَةٍ أُخْرَى، فَإِنْ وَقَفَهَا فَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ مِنْ الْخِلَافِ فِي الْبَيْعِ.

قَالَ: وَبَقِيَ قِسْمٌ آخَرُ وَهُوَ الْوَاقِعُ الْيَوْمَ، وَهُوَ أَنَّ الْوَاقِفَ لَمْ يَشْتَرِطْ شَيْئًا وَشَرَطَ تَجْدِيدَهَا كُلَّ سَنَةٍ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّ بَنِي شَيْبَةَ كَانُوا يَأْخُذُونَهَا كُلَّ سَنَةٍ لَمَّا كَانَتْ تُكْسَى مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَرَجَّحَ فِي هَذَا أَنَّ لَهُمْ أَخْذَهَا الْآنَ.

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَيْ وَخُبَّيْزَةٍ (قَوْلُهُ: حَيْثُ جَوَّزَنَا أَخْذَ السِّوَاكِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ) مُعْتَمَدٌ وَهَلْ يَجُوزُ لَهُ أَخْذُ عِوَضٍ فِي مُقَابَلَةِ رَفْعِ الْيَدِ عَنْ الِاخْتِصَاصِ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: فَيَحْرُمُ نَقْلُ تُرَابِ الْحَرَمِ وَحَجَرِهِ إلَى الْحِلِّ) أَيْ دُونَ مَائِهِ (قَوْلُهُ: فَأَشْبَهَ الْكَلَأَ الْيَابِسَ) أَيْ فِي مُجَرَّدِ عَدَمِ الضَّمَانِ فَلَا يُنَافِي الْكَلَأَ الْيَابِسَ لَا يَحْرُمُ قَطْعُهُ لَكِنْ هَلْ يَحْرُمُ نَقْلُهُ إلَى غَيْرِ الْحَرَمِ كَتُرَابِهِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لِحَاجَةِ بِنَاءٍ إلَخْ) أَيْ فَإِنْ كَانَ لِذَلِكَ كَانَ مُبَاحًا (قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ أَخْذُ طِيبِ الْكَعْبَةِ أَوْ سُتْرَتِهَا) أَيْ يَحْرُمُ عَلَى الْآحَادِ الِاسْتِقْلَالُ بِأَخْذِهَا، وَأَمْرُهَا لِلْإِمَامِ عَلَى مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ لِمَا وَافَقَ عَلَيْهِ) أَيْ النَّوَوِيُّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ وُقِفَتْ تَعَيَّنَ صَرْفُهَا) مُعْتَمَدٌ وَلَيْسَ مِنْ وَقْفِهَا مَا اُعْتِيدَ فِي زَمَانِنَا مِنْ أَخْذِ غَلَّةِ مَا وُقِفَ عَلَيْهَا ثُمَّ يَشْتَرِي بِهِ وَالْأَمْرُ فِيهَا لِلْإِمَامِ (قَوْلُهُ: فَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ مِنْ الْخِلَافِ) لَمْ يَتَقَدَّمْ هُنَا حِكَايَةُ خِلَافٍ

ــ

[حاشية الرشيدي]

بَيْنَ مَا فِي الطَّرِيقِ وَغَيْرِهَا الصَّرِيحُ فِي أَنَّ الْمُرَادَ الْمُؤْذِي بِالْفِعْلِ أَوْ الْقُوَّةِ

(قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ أَخْذُ طِيبِ الْكَعْبَةِ أَوْ سُتْرَتِهَا) أَيْ اسْتِبْدَادًا وَإِلَّا فَالْأَمْرُ فِي ذَاكَ لِلْإِمَامِ عَلَى مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَهُوَ حَسَنٌ مُتَعَيِّنٌ) مِنْ جُمْلَةِ كَلَامِ الرَّوْضَةِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ وُقِفَتْ تَعَيَّنَ صَرْفُهَا فِي مَصَالِحِ الْكَعْبَةِ جَزْمًا) سَقَطَ قَبْلَهُ كَلَامٌ مِنْ نُسَخِ الشَّرْحِ، وَعِبَارَةُ الْإِمْدَادِ كَشَرْحِ الرَّوْضِ، وَحَمَلَهُ عَلَى مَا إذَا وُقِفَتْ لِلْكِسْوَةِ، وَكَلَامُ ابْنِ الصَّلَاحِ عَلَى مَا إذَا كَسَاهَا الْإِمَامُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ حَيْثُ ذَكَرَ أَنَّهَا إمَّا أَنْ تُوقَفَ عَلَى الْكَعْبَةِ وَحُكْمُهَا مَا مَرَّ وَخَطَّأَهُ غَيْرُهُ بِأَنَّ مَا مَرَّ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا كُسِيَتْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَإِنْ وُقِفَتْ تَعَيَّنَ

ص: 356

وَقَالَ الْعَلَائِيُّ: لَا تَرَدُّدَ فِي جَوَازِ بَيْعِهَا وَالْحَالَةُ هَذِهِ، وَحُدُودُ الْحَرَمِ مَعْرُوفَةٌ نَظَمَ بَعْضُهُمْ مَسَافَتَهَا بِالْأَمْيَالِ فِي قَوْلِهِ:

وَلِلْحَرَمِ التَّحْدِيدُ مِنْ أَرْضٍ طَيْبَةَ

ثَلَاثَةُ أَمْيَالٍ إذَا رُمْت إتْقَانَهْ

وَسَبْعَةُ أَمْيَالٍ عِرَاقٌ وَطَائِفٌ

وَجُدَّةُ عَشْرٌ ثُمَّ تِسْعٌ جِعْرَانَهْ

بِتَقْدِيمِ السِّينِ فِي الْأُولَى بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ وَزَادَ بَعْضُهُمْ:

وَمِنْ يَمَنٍ سَبْعٌ بِتَقْدِيمِ سِينِهِ

وَقَدْ كَمُلَتْ فَاشْكُرْ لِرَبِّك إحْسَانَهْ.

(وَصَيْدُ) حَرَمِ (الْمَدِينَةِ) وَأَخْذُ نَبَاتِهِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ (حَرَامٌ) وَكَذَا وَجُّ وَادٍ بِالطَّائِفِ لِخَبَرِ «إنِّي حَرَّمْت الْمَدِينَةَ» أَيْ أَحْدَثْت حُرْمَتَهَا «كَمَا حَرَّمَ إبْرَاهِيمُ مَكَّةَ» أَيْ أَظْهَرَ حُرْمَتَهَا إذْ الْأَصَحُّ أَنَّهَا حُرِّمَتْ مِنْ حِينِ خُلِقَتْ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ، وَعَرْضُ الْحَرَمِ مَا بَيْنَ حَرَّتَيْهَا وَهِيَ الْحِجَارَةُ السُّودُ، وَطُولُهُ مَا بَيْنَ عَيْرٍ وَثَوْرٍ وَهُوَ جَبَلٌ صَغِيرٌ وَرَاءَ أُحُدٍ (وَلَا يُضْمَنُ) الصَّيْدُ وَلَا النَّبَاتُ (فِي الْجَدِيدِ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَحَلًّا لِلنُّسُكِ بِخِلَافِ حَرَمِ مَكَّةَ، وَالْقَدِيمُ أَنَّهُ يُضْمَنُ بِسَلْبِ الصَّائِدِ وَالْقَاطِعِ لِشَجَرِهِ، وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْمَجْمُوعِ وَتَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ لِثُبُوتِ ذَلِكَ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم كَمَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الشَّجَرِ وَأَبُو دَاوُد فِي الصَّيْدِ وَعَلَى هَذَا فَقِيلَ إنَّهُ كَسَلْبِ الْقَتِيلِ الْكَافِرِ، وَقِيلَ ثِيَابُهُ فَقَطْ، وَقِيلَ وَصَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ يُتْرَكُ لِلْمَسْلُوبِ مَا يَسْتُرُ بِهِ عَوْرَتَهُ، وَالْأَصَحُّ أَنَّ السَّلْبَ لِلسَّالِبِ، وَقِيلَ لِفُقَرَاء الْمَدِينَةِ، وَقِيلَ لِبَيْتِ الْمَالِ، وَالنَّقِيعُ بِالنُّونِ وَقِيلَ بِالْبَاءِ لَيْسَ بِحَرَمٍ، وَلَكِنْ حَمَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِنَعَمِ الصَّدَقَةِ وَنَعَمِ الْجِزْيَةِ فَلَا يُمْلَكُ شَيْءٌ مِنْ نَبَاتِهِ وَلَا يَحْرُمُ صَيْدُهُ وَلَا يُضْمَنُ، وَيَضْمَنُ مَا أَتْلَفَهُ مِنْ نَبَاتِهِ؛ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْهُ فَيَضْمَنُهُ بِقِيمَتِهِ قَالَ الشَّيْخَانِ: وَمَصْرِفُهَا مَصْرِفُ نَعَمِ الْجِزْيَةِ وَالصَّدَقَةِ، وَبَحَثَ الْمُصَنِّفُ أَنَّهَا لِبَيْتِ الْمَالِ

، ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ أَنْوَاعِ الدِّمَاءِ وَهِيَ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ؛ لِأَنَّ الدَّمَ إمَّا مُخَيَّرٌ أَوْ مُرَتَّبٌ وَكُلٌّ مِنْهُمَا إمَّا مُعَدَّلٌ أَوْ مُقَدَّرٌ، وَسَتَأْتِي مَجْمُوعَةٌ آخِرَ هَذَا الْبَابِ.

وَقَدْ بَدَأَ بِالْمُخَيَّرِ الْمُعَدَّلِ فَقَالَ (وَيُتَخَيَّرُ فِي) جَزَاءِ إتْلَافِ (الصَّيْدِ الْمِثْلِيِّ بَيْنَ) ثَلَاثَةِ أُمُورٍ (ذَبْحُ) بِمُعْجَمَةٍ (مِثْلِهِ) بِمُثَلَّثَةٍ (وَ) بَيْنَ (الصَّدَقَةِ بِهِ) بِأَنْ يُفَرِّقَ لَحْمَهُ مَعَ النِّيَّةِ حَتْمًا (عَلَى مَسَاكِينِ الْحَرَمِ) وَعَلَى فُقَرَائِهِ أَوْ يُمَلِّكَهُمْ جُمْلَتَهُ مَذْبُوحًا، وَلَا يَجُوزُ إخْرَاجُهُ حَيًّا وَلَا أَكْلُ شَيْءٍ مِنْهُ (وَبَيْنَ أَنْ يُقَوِّمَ الْمِثْلَ) بِالنَّقْدِ الْغَالِبِ (دَرَاهِمَ) أَوْ غَيْرَهَا (وَيَشْتَرِيَ بِهَا طَعَامًا لَهُمْ) مِمَّا يُجْزِي فِي الْفِطْرَةِ أَوْ يُخْرِجَ مِقْدَارَهَا مِنْ طَعَامِهِ إذْ الشِّرَاءُ مِثَالٌ (أَوْ يَصُومَ) فِي أَيِّ مَكَان شَاءَ (عَنْ كُلِّ مُدٍّ) مِنْ الطَّعَامِ (يَوْمًا) وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} [المائدة: 95] الْآيَةَ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ إطْلَاقِهِ ذَبْحُ الْمِثْلِ مَا لَوْ قَتَلَ صَيْدًا مِثْلِيًّا حَامِلًا فَلَا يَجُوزُ ذَبْحُ مِثْلِهِ كَمَا مَرَّ بَلْ يُقَوِّمُ الْمِثْلَ حَامِلًا وَيَتَصَدَّقُ بِقِيمَتِهِ طَعَامًا وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ عَدَمُ اخْتِصَاصِ التَّقْوِيمِ بِالدَّرَاهِمِ.

وَقَوْلُهُ لَهُمْ: أَيْ لِأَجْلِهِمْ إذْ الشِّرَاءُ لَا يَقَعُ لَهُمْ، وَدَرَاهِمَ مَنْصُوبٌ بِنَزْعِ الْخَافِضِ، وَلَوْ بَقِيَ مِنْ الطَّعَامِ أَقَلُّ مِنْ مُدٍّ صَامَ عَنْهُ يَوْمًا تَكْمِيلًا لِلْمُنْكَسِرِ، وَقَدْ مَرَّ مُسَاوَاةُ الْكَافِرِ لِلْمُسْلِمِ فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ فَيُتَخَيَّرُ بَيْنَ شَيْئَيْنِ فَقَطْ (وَغَيْرُ الْمِثْلِيِّ) مِمَّا لَا نَقْلَ فِيهِ مِنْ الصَّيْدِ يُتَخَيَّرُ فِي جَزَاءِ إتْلَافِهِ بَيْنَ أَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: وَقَالَ الْعَلَائِيُّ لَا تَرَدُّدَ فِي جَوَازِ بَيْعِهَا) مُعْتَمَدٌ مِمَّنْ يَأْخُذُ وَهُمْ بَنُو شَيْبَةَ (قَوْلُهُ: وَلِلْحَرَمِ التَّحْدِيدُ) وَبِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّ حُدُودَ الْحَرَمِ دُونَ الْمَوَاقِيتِ إذْ أَقَلُّ مَوَاقِيتِهِ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ وَلَا شَيْءَ مِنْ الْحُدُودِ يَقْرَبُ مِنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَجُدَّةَ) بِضَمِّ الْجِيمِ.

(قَوْلُهُ: وَصَيْدُ الْمَدِينَةِ حَرَامٌ) وَيَصِيرُ حَرَامًا كَمَذْبُوحِ الْمُحْرِمِ (قَوْلُهُ: وَعَلَى هَذَا) أَيْ الْقَدِيمِ (قَوْلُهُ: قَالَ الشَّيْخَانِ وَمَصْرِفُهَا إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: إنَّهَا لِبَيْتِ الْمَالِ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَمَا قَبْلَهُ أَنَّ نَعَمَ الْجِزْيَةِ تُصْرَفُ لِأَهْلِ الْفَيْءِ خَاصَّةً

ــ

[حاشية الرشيدي]

إلَخْ

(قَوْلُهُ: بِنَزْعِ الْخَافِضِ) أَيْ وَيُعْرَبُ فِيمَا صَنَعَهُ الشَّارِحُ بَدَلًا مِنْ النَّقْدِ (قَوْلُهُ وَلَوْ بَقِيَ مِنْ الطَّعَامِ أَقَلُّ مِنْ مُدٍّ) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ الصَّوْمِ (قَوْلُهُ: مِمَّا لَا نَقْلَ فِيهِ) أَخْرَجَ الْحَمَامَ

ص: 357