الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
زَوْجِهَا مُؤْنَتُهَا فَلَوْ كَانَتْ نَاشِزَةً لَزِمَهَا فِطْرَةُ نَفْسِهَا.
(وَلَوْ انْقَطَعَ خَبَرُ الْعَبْدِ) أَيْ الرَّقِيقُ الْغَائِبُ فَلَمْ تُعْلَمْ حَيَاتُهُ مَعَ تَوَاصُلِ الرِّفَاقِ وَلَمْ تَنْتَهِ غَيْبَتُهُ إلَى مُدَّةٍ يُحْكَمُ فِيهَا بِمَوْتِهِ (فَالْمَذْهَبُ وُجُوبُ إخْرَاجِ فِطْرَتِهِ فِي الْحَالِّ) أَيْ فِي يَوْمِ الْعِيدِ وَلَيْلَتِهِ إذْ الْأَصْلُ بَقَاءُ حَيَاتِهِ وَإِنْ لَمْ يَجُزْ إعْتَاقُهُ عَنْ الْكَفَّارَةِ احْتِيَاطًا فِيهِمَا (وَقِيلَ) إنَّمَا يَجِبُ إخْرَاجُهَا (إذَا عَادَ) كَزَكَاةِ مَالِهِ الْغَائِبِ. وَأَجَابَ الْأَوَّلَ بِأَنَّ التَّأْخِيرَ إنَّمَا جُوِّزَ هُنَاكَ لِلنَّمَاءِ وَهُوَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ (وَفِي قَوْلٍ لَا شَيْءَ) أَصْلًا عَمَلًا بِأَصْلِ بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ وَمَحِلُّ هَذَا إذَا اسْتَمَرَّ انْقِطَاعُ خَبَرِهِ، فَلَوْ بَانَتْ حَيَاتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَعَادَ لِسَيِّدِهِ وَجَبَ الْإِخْرَاجُ وَإِنْ لَمْ يَعُدْ إلَى سَيِّدِهِ فَعَلَى الْخِلَافِ فِي الضَّالِّ، أَمَّا لَوْ انْتَهَتْ غَيْبَتُهُ إلَى مَا ذُكِرَ لَمْ تَجِبْ الْفِطْرَةُ جَزْمًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي الْفَرَائِضِ، وَمَا اسْتَشْكَلَ بِهِ هَذَا مِنْ أَنَّ الْأَصَحَّ فِي جِنْسِ الْفِطْرَةِ اعْتِبَارُ بَلَدِ الْعَبْدِ، فَإِذَا لَمْ يُعْرَفْ مَوْضِعُهُ فَكَيْفَ يُخْرَجُ مِنْ جِنْسِ بَلَدِهِ رَدَّ بِأَنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ الْقَاعِدَةِ لِلضَّرُورَةِ، أَوْ يُخْرَجُ مِنْ قُوتِ آخِرِ بَلْدَةٍ عُلِمَ وُصُولُهُ إلَيْهَا وَهِيَ مُسْتَثْنَاةٌ أَيْضًا، أَوْ يَدْفَعُ فِطْرَتَهُ لِلْقَاضِي الَّذِي لَهُ وِلَايَةُ ذَلِكَ لِيُخْرِجَهَا لِأَنَّ لَهُ نَقْلَ الزَّكَاةِ وَهِيَ مُسْتَثْنَاةٌ فِيهَا وَفِيمَا قَبْلَهَا أَيْضًا لِاحْتِمَالِ اخْتِلَافِ أَجْنَاسِ الْأَقْوَاتِ. نَعَمْ إنْ دَفَعَ الْقَاضِي الْبُرَّ خَرَجَ عَنْ الْوَاجِبِ بِيَقِينٍ لِأَنَّهُ أَعْلَى الْأَقْوَاتِ.
(وَالْأَصَحُّ أَنَّ)
(مَنْ أَيْسَرَ) بِبَعْضِ صَاعٍ وَهُوَ فِطْرَةُ الْوَاحِدِ (يَلْزَمُهُ)
أَيْ إخْرَاجُهُ مُحَافَظَةً عَلَى الْوَاجِبِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ وَالثَّانِي يَقُولُ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْوَاجِبِ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ لَوْ وَجَدَ بَعْضَ الصِّيعَانِ قَدَّمَ) وُجُوبًا (نَفْسَهُ) لِخَبَرِ «ابْدَأْ بِنَفْسِك فَتَصَدَّقْ عَلَيْهَا، فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ فَلِأَهْلِك، فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ فَلِذِي قَرَابَتِك» وَالثَّانِي يُقَدِّمُ زَوْجَتَهُ وَالثَّالِثُ يَتَخَيَّرُ (ثُمَّ زَوْجَتَهُ) لِتَأَكُّدِ نَفَقَتِهَا؛ لِأَنَّهَا مُعَاوَضَةٌ لَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ (ثُمَّ وَلَدَهُ الصَّغِيرَ)
ــ
[حاشية الشبراملسي]
مَذْهَبَهَا (قَوْلُهُ: فَلَوْ كَانَتْ نَاشِزَةً) لَمْ يَسْتَغْنِ عَنْ هَذِهِ بِمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ أَمَّا مَنْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ لِزَوْجَتِهِ النَّاشِزَةِ إلَخْ، لِأَنَّ الْمُسْتَفَادَ بِمَا مَرَّ عَدَمُ الْوُجُوبِ عَلَيْهَا وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ الْوُجُوبُ عَلَى الزَّوْجِ.
(قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ انْتَهَتْ غَيْبَتُهُ إلَى مَا ذُكِرَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ إلَى مُدَّةٍ يُحْكَمُ فِيهَا بِمَوْتِهِ (قَوْلُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ مَعَ ذَلِكَ إلَى الْحُكْمِ بِمَوْتِهِ. وَقَالَ الزِّيَادِيُّ: وَهَلْ يُحْتَاجُ إلَى حُكْمِ حَاكِمٍ بِمَوْتِهِ أَوْ يَكْفِي بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْفَرَائِضِ الَّذِي جَزَمَ بِهِ حَجّ أَيْ مُضِيُّ الْمُدَّةِ كَافٍ، وَخَالَفَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ فَقَالَ: لَا بُدَّ مِنْ الْحُكْمِ بِمَوْتِهِ، وَفِي تَصْوِيرِ الْحُكْمِ نَظَرٌ إذْ لَا بُدَّ مِنْ تَقَدُّمِ دَعْوَى وَيُمْكِنُ تَصْوِيرُهَا بِمَا لَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ بَعْضُ الْمُسْتَحِقِّينَ بِفِطْرَةِ عَبْدِهِ فَادَّعَى مَوْتَهُ وَأَنْكَرَهُ الْمُسْتَحِقُّ فَحَكَمَ الْقَاضِي بِمَوْتِهِ لِدَفْعِ الْمُطَالَبَةِ عَنْ السَّيِّدِ.
(قَوْلُهُ: فَكَيْفَ يُخْرِجُ) أَيْ السَّيِّدُ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ دَفَعَ لِلْقَاضِي الْبُرَّ إلَخْ) وَصُورَةُ ذَلِكَ أَنَّ الْعَبْدَ لَمْ يَتَحَقَّقْ خُرُوجُهُ عَنْ مَحِلِّ وِلَايَةِ الْقَاضِي، فَإِنْ تَحَقَّقَ خُرُوجُهُ عَنْ مَحِلِّ وِلَايَتِهِ أَيْضًا فَالْإِمَامُ، فَإِنْ تَحَقَّقَ خُرُوجُهُ عَنْ مَحِلِّ وِلَايَةِ الْإِمَامِ أَيْضًا بِأَنْ تَعَدَّدَ الْمُتَغَلِّبُونَ وَلَمْ يَنْفُذْ فِي كُلِّ قُطْرٍ إلَّا أَمْرُ الْمُتَغَلِّبِ فِيهِ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ الِاسْتِثْنَاءُ لِلضَّرُورَةِ حِينَئِذٍ، أَمَّا إذَا لَمْ يَنْقَطِعْ خَبَرُهُ فَيُخْرِجُ عَنْهُ فِي بَلَدِهِ، وَبِهَذَا مَعَ مَا قَبْلَهُ يَظْهَرُ الْفَرْقُ بَيْنَ مُنْقَطِعِ الْخَبَرِ وَغَيْرِهِ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَ عَدَمَ الْفَرْقِ اهـ حَجّ.
وَقَوْلُ حَجّ فِي بَلَدِهِ: أَيْ الْعَبْدِ.
[مَنْ أَيْسَرَ بِبَعْضِ صَاعٍ وَهُوَ فِطْرَةُ الْوَاحِدِ يَلْزَمُهُ]
(قَوْلُهُ: قَدَّمَ وُجُوبًا نَفْسَهُ) فَلَوْ وَجَدَ بَعْضَ الصِّيعَانِ وَخَالَفَ التَّرْتِيبَ فَإِنَّ الْمُتَّجَهَ عَدَمُ الِاعْتِدَادِ مَعَ الْإِثْمِ وَيُتَّجَهُ الِاسْتِرْدَادُ وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْهُ وَلَا عَلِمَ الْقَابِضُ لِفَسَادِ الْقَبْضِ مِنْ أَصْلِهِ م ر اهـ سم عَلَى حَجّ.
وَقَوْلُ حَجّ: وَخَالَفَ التَّرْتِيبَ وَيُعْلَمُ ذَلِكَ مِنْهُ فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ. وَبَقِيَ مَا لَوْ وَجَدَ كُلَّ الصِّيعَانِ هَلْ يَجِبُ التَّرْتِيبُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الْوُجُوبِ كَمَا نَقَلَهُ سم عَلَى حَجّ عَنْ الشَّارِحِ اسْتِدْرَاكًا عَلَى حَجّ.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ زَوْجَتُهُ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الزَّوْجُ مُوسِرًا فَلَا خَرَّجَتْ عَنْ نَفْسِهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ لَا رُجُوعَ لَهَا لِأَنَّهَا مُتَبَرِّعَةٌ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَلِأَنَّهَا عَلَى الزَّوْجِ كَالْحَوَالَةِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَالْمُحِيلُ لَوْ أَدَّى بِغَيْرِ إذْنِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
[فَرْعٌ] خَادِمُ الزَّوْجَةِ حَيْثُ وَجَبَتْ فِطْرَتُهَا يَكُونُ فِي أَيِّ مَرْتَبَةٍ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بَلَدُ الزَّوْجَةِ، وَقِيلَ سَائِرُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
لِأَنَّهُ أَعْجَزُ مِمَّنْ يَأْتِي وَنَفَقَتُهُ ثَابِتَةٌ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ (ثُمَّ الْأَبَ) وَإِنْ عَلَا وَلَوْ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ لِشَرَفِهِ (ثُمَّ الْأُمَّ) كَذَلِكَ عَكْسُ النَّفَقَةِ لِأَنَّهَا لِلْحَاجَةِ وَالْأُمُّ أَحْوَجُ، وَأَمَّا الْفِطْرَةُ فَطُهْرَةٌ وَشَرَفٌ وَالْأَبُ أَوْلَى بِهِمَا فَإِنَّهُ مَنْسُوبٌ إلَيْهِ وَيَشْرُفُ بِشَرَفِهِ، وَلِأَنَّ الزَّكَاةَ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ وَهِيَ لِلرِّجَالِ آكَدُ بِخِلَافِ النَّفَقَةِ. قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَمُرَادُهُمْ بِأَنَّهَا كَالنَّفَقَةِ أَصْلُ التَّرْتِيبِ لَا كَيْفِيَّتُهُ، وَأَبْطَلَ الْإِسْنَوِيُّ الْفَرْقَ بِالْوَلَدِ الصَّغِيرِ فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ عَلَى الْأَبَوَيْنِ هُنَا وَهُمَا أَشْرَفُ مِنْهُ فَدَلَّ عَلَى اعْتِبَارِهِمْ الْحَاجَةَ فِي الْبَابَيْنِ، وَرَدَّهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِأَنَّهُمْ إنَّمَا قَدَّمُوا الْوَلَدَ الصَّغِيرَ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّهُ كَبَعْضِ وَالِدِهِ وَنَفْسُهُ مُقَدَّمَةٌ عَلَيْهِمَا. وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ أَيْضًا بِأَنَّ النَّظَرَ لِلشَّرَفِ إنَّمَا يَظْهَرُ وَجْهُهُ عِنْدَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ كَالْأَصَالَةِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُرَدُّ مَا ذَكَرَهُ (ثُمَّ) وَلَدَهُ (الْكَبِيرَ) الَّذِي لَا كَسْبَ لَهُ وَهُوَ زَمِنٌ أَوْ مَجْنُونٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَمْ تَجِبْ نَفَقَتُهُ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ، ثُمَّ الرَّقِيقَ لِأَنَّ الْحُرَّ أَشْرَفُ مِنْهُ وَعَلَاقَتُهُ لَازِمَةٌ بِخِلَافِ الْمِلْكِ، وَيَنْبَغِي كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ أَنْ يَبْدَأَ مِنْهُ بِأُمِّ الْوَلَدِ ثُمَّ بِالْمُدَبَّرِ ثُمَّ بِالْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ، فَلَوْ اسْتَوَى اثْنَانِ فِي دَرَجَةٍ كَابْنَيْنِ وَزَوْجَتَيْنِ تَخَيَّرَ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْوُجُوبِ وَإِنْ تَمَيَّزَ بَعْضُهُمْ بِفَضَائِلَ فِيمَا يَظْهَرُ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِيهَا التَّطْهِيرُ وَهُمْ مُسْتَوُونَ فِيهِ بَلْ النَّاقِصُ أَحْوَجُ إلَيْهِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُوَزَّعْ بَيْنَهُمَا لِنَقْصِ الْمُخْرَجِ عَنْ الْوَاجِبِ فِي حَقِّ كُلٍّ مِنْهُمَا بِلَا ضَرُورَةٍ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَجِدْ إلَّا بَعْضَ الْوَاجِبِ.
(وَهِيَ) أَيْ فِطْرَةُ الْوَاحِدِ (صَاعٌ) لِخَبَرِ ابْنِ عُمَرَ الْمَارِّ (وَهُوَ سِتُّمِائَةِ دِرْهَمٍ وَثَلَاثَةٌ وَتِسْعُونَ) دِرْهَمًا (وَثُلُثُ) دِرْهَمٍ لِأَنَّهُ أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ وَالْمُدُّ رِطْلٌ وَثُلُثٌ بِالْبَغْدَادِيِّ وَالرِّطْلُ مِائَةٌ وَثَلَاثُونَ دِرْهَمًا (قُلْت: الْأَصَحُّ سِتُّمِائَةٍ وَخَمْسَةٌ وَثَمَانُونَ دِرْهَمًا وَخَمْسَةُ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ لِمَا سَبَقَ فِي زَكَاةِ النَّبَاتِ) مِنْ كَوْنِ الرِّطْلِ مِائَةً وَثَمَانِيَةً وَعِشْرِينَ دِرْهَمًا وَأَرْبَعَةَ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) كَمَا مَرَّ فِي زَكَاةِ النَّبَاتِ إيضَاحُهُ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ الْكَيْلُ، وَإِنَّمَا قَدَّرُوهُ بِالْوَزْنِ اسْتِظْهَارًا عَلَى أَنَّ التَّقْدِيرَ بِالْوَزْنِ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْحُبُوبِ كَالذُّرَةِ وَالْحِمَّصِ، وَالْعِبْرَةُ فِي الْكَيْلِ بِالصَّاعِ النَّبَوِيِّ وَعِيَارُهُ مَوْجُودٌ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
مَنْ عَدَاهَا حَتَّى وَلَدِهِ الصَّغِيرِ وَمَا يَلِدُهُ لِأَنَّهَا وَجَبَتْ بِسَبَبِ الزَّوْجِيَّةِ الْمُقَدَّمَةِ عَلَى سَائِرِ مَنْ عَدَاهَا وِفَاقًا فِي ذَلِكَ لمر اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَعْجَزُ مِمَّنْ يَأْتِي) أَيْ الْأَبُ وَمَا بَعْدَهُ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ كَبَعْضِ وَالِدِهِ) لَكِنْ يَرِدُ عَلَيْهِ تَأْخِيرُ الْوَالِدِ الْكَبِيرِ عَنْ الْأَبَوَيْنِ مَعَ أَنَّهُ بَعْضُهُ (قَوْلُهُ: ثُمَّ الرَّقِيقُ) أَيْ ثُمَّ بَعْدَ الْوَلَدِ قُدِّمَ الرَّقِيقُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.
[فَرْعٌ] قَالَ لِعَبْدِهِ أَنْتَ حُرٌّ مَعَ آخِرِ جُزْءٍ مِنْ رَمَضَانَ، فَهَلْ تَجِبُ عَلَى الْعَبْدِ فِطْرَتُهُ بِشَرْطِهِ؟ لَا يَبْعُدُ الْوُجُوبُ لِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ حَاصِلَةٌ مَعَ آخِرِ جُزْءٍ كَالْجُزْءِ الْأَوَّلِ مِنْ شَوَّالٍ، فَقَدْ تَحَقَّقَتْ الْحُرِّيَّةُ مَعَ سَبَبِ الْوُجُوبِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. لَكِنْ يَبْقَى الْكَلَامُ فِي تَصْوِيرِ مِلْكِهِ وَقْتَ الْوُجُوبِ مَا يُخْرِجُهُ، فَإِنَّهُ قَبْلَ وَقْتِ الْوُجُوبِ رَقِيقٌ وَوَقْتَ نُفُوذِ الْعِتْقِ لَا مِلْكَ لَهُ، وَمَا يَقَعُ مِنْ الْإِرْثِ أَوْ الْهِبَةِ أَوْ نَحْوِهِمَا بَعْدَ الْوُجُوبِ لَا يُوجِبُ عَلَيْهِ الْإِخْرَاجَ فَلْيُتَأَمَّلْ. وَيُمْكِنُ تَصْوِيرُهُ بِمَا لَوْ مَاتَ مُوَرِّثُهُ مُقَارِنًا لِغُرُوبِ الشَّمْسِ فَيَقَعُ الْعِتْقُ وَمِلْكُ مَا يَصْرِفُهُ فِي الزَّكَاةِ مُتَقَارِنَيْنِ فَيُقَدَّرُ سَبْقُ الْمِلْكِ عَلَى الْحُرِّيَّةِ أَوْ سَبْقُهُمَا مَعًا عَلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ.
(قَوْلُهُ: كَابْنَيْنِ) هَلْ مِثْلُهُمَا أَبُو الْأَبِ وَأَبُو الْأُمِّ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الدَّرَجَةِ أَوْ يُقَدَّمُ أَبُو الْأَبِ لِتَقَدُّمِ ابْنِهِ عَلَى الْأُمِّ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ الْأَوَّلُ فَلْيُرَاجَعْ.
(قَوْلُهُ: إلَّا بَعْضَ الْوَاجِبِ) أَيْ فَإِنَّهُ يُخْرِجُهُ عَنْ نَفْسِهِ مَثَلًا وَإِنْ لَمْ يَفِ بِالْوَاجِبِ لِلضَّرُورَةِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يَتَخَيَّرُ إذَا قَدَرَ عَلَى بَعْضِ الْوَاجِبِ عِنْدَ اسْتِوَاءِ اثْنَيْنِ فِي دَرَجَةٍ.
(قَوْلُهُ: وَثُلُثُ دِرْهَمٍ) الْأَوْلَى مِنْ دِرْهَمٍ لِئَلَّا يُغَيِّرَ إعْرَابَ الْمَتْنِ.
(قَوْلُهُ: وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ الْكَيْلُ) هُوَ كَذَلِكَ وَلَكِنَّهُ لَا يَتَأَتَّى فِي مِثْلِ الْجُبْنِ بُرٌّ اهـ سم عَلَى بَهْجَةٍ. أَقُولُ: أَيْ فَيُقَيَّدُ ذَلِكَ بِمَا يَتَأَتَّى فِيهِ الْكَيْلِ عَادَةً.
(قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ التَّقْدِيرَ بِالْوَزْنِ إلَخْ) اعْتِرَاضٌ عَلَى جَعْلِهِمْ الْوَزْنَ اسْتِظْهَارًا. وَحَاصِلُهُ أَنَّ الِاسْتِظْهَارَ لَا يَتَأَتَّى مَعَ اخْتِلَافِ الْحُبُوبِ خِفَّةً وَثِقَلًا وَعَدَمِ اخْتِلَافِ مَا يَحْوِيهِ الْمِكْيَالُ فِي الْقَدْرِ، وَمِنْ ثَمَّ كَتَبَ عَلَيْهِ سم عَلَى شَرْحِ الْبَهْجَةِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَهُوَ قَدَحَانِ بِالْكَيْلِ الْمِصْرِيِّ وَيُزَادَانِ شَيْئًا يَسِيرًا لِاحْتِمَالِ اشْتِمَالِهِمَا عَلَى طِينٍ أَوْ تِبْنٍ، فَإِنْ فُقِدَ مَا يُعَايَرُ بِهِ أَخْرَجَ قَدْرًا يَتَيَقَّنُ أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ عَنْ الصَّاعِ، وَإِذَا كَانَ الْمُعْتَبَرُ الْكَيْلَ فَالْوَزْنُ تَقْرِيبٌ، وَيَجِبُ تَقْيِيدُ هَذَا بِمَا مِنْ شَأْنِهِ الْكَيْلُ، أَمَّا مَا لَا يُكَالُ أَصْلًا كَالْأَقِطِ وَالْجُبْنِ إذَا كَانَ قِطَعًا كِبَارًا فَمِعْيَارُهُ الْوَزْنُ لَا غَيْرُ كَمَا فِي الرِّبَا، قِيلَ وَمِنْ ذَلِكَ اللَّبَنُ، وَفِيهِ نَظَرٌ، بَلْ الْكَيْلُ لَهُ دَخَلَ فِيهِ كَمَا قَالُوهُ فِي الرِّبَا. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَقَالَ جَمَاعَةٌ: الصَّاعُ أَرْبَعُ حَفَنَاتٍ بِكَفَّيْ رَجُلٍ مُعْتَدِلِهِمَا.
قَالَ الْقَفَّالُ: وَالْحِكْمَةُ فِي إيجَابِ الصَّاعِ أَنَّ النَّاسَ غَالِبًا يَمْتَنِعُونَ مِنْ التَّكَسُّبِ فِي يَوْمِ الْعِيدِ وَثَلَاثَةِ أَيَّامٍ بَعْدَهُ، وَلَا يَجِدُ الْفَقِيرُ مَنْ يَسْتَعْمِلُهُ فِيهَا لِأَنَّهَا أَيَّامُ سُرُورٍ وَرَاحَةٍ عَقِبَ الصَّوْمِ، وَاَلَّذِي يَتَحَصَّلُ مِنْ الصَّاعِ عِنْدَ جَعْلِهِ خُبْزًا ثَمَانِيَةُ أَرْطَالٍ فَإِنَّ الصَّاعَ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَثُلُثٌ كَمَا مَرَّ، وَيُضَافُ إلَيْهِ مِنْ الْمَاءِ نَحْوُ الثَّالِثِ فَيَأْتِي مِنْ ذَلِكَ مَا قُلْنَاهُ وَهُوَ كِفَايَةُ الْفَقِيرِ فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ رِطْلَانِ (وَجِنْسُهُ) أَيْ الصَّاعِ الْوَاجِبِ (الْقُوتُ الْمُعَشَّرُ) أَيْ الَّذِي يَجِبُ فِيهِ الْعُشْرُ أَوْ نِصْفُهُ لِأَنَّ النَّصَّ وَرَدَ فِي بَعْضِ الْمُعَشَّرَاتِ كَالْبُرِّ وَالشَّعِيرِ وَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ وَقِيسَ الْبَاقِي عَلَيْهِ بِجَامِعِ الِاقْتِيَاتِ (وَكَذَا الْأَقِطُ فِي الْأَظْهَرِ) لِثُبُوتِهِ فِي الْأَخْبَارِ السَّابِقَةِ وَهُوَ لَيِّنٌ يَابِسٌ لَمْ يُنْزَعْ زُبْدُهُ، وَفِي مَعْنَى ذَلِكَ لَبَنٌ وَجُبْنٌ لَمْ يُنْزَعْ زُبْدُهُمَا فَيَجْزِيَانِ وَلَا يَجْزِي مِنْ اللَّبَنِ إلَّا الْقَدْرُ الَّذِي يَتَأَتَّى مِنْهُ صَاعٌ مِنْ الْأَقِطِ لِأَنَّهُ فَرْعٌ عَنْ الْأَقِطِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَنْقُصَ عَنْ أَصْلِهِ، قَالَهُ الْعُمْرَانِيُّ فِي الْبَيَانِ وَهُوَ ظَاهِرٌ. وَقَدْ عَلَّلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إجْزَاءَ الْأَقِطِ بِأَنَّهُ مُقْتَاتٌ مُتَوَلِّدٌ مِمَّا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ وَيُكَالُ فَكَانَ كَالْحَبِّ، وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُتَّخَذَ مِنْ لَبَنِ الظَّبْيَةِ وَالضَّبُعِ وَالْآدَمِيَّةِ إذَا جَوَّزْنَا شُرْبَهُ لَا يَجْزِي قَطْعًا، وَيُتَّجَهُ بِنَاؤُهُ عَلَى أَنَّ الصُّورَةَ النَّادِرَةَ هَلْ تَدْخُلُ فِي الْعُمُومِ أَوْ لَا، وَالْأَصَحُّ الدُّخُولُ ثُمَّ مَحِلُّ إجْزَاءِ مَا ذُكِرَ لِمَنْ هُوَ قُوتُهُ سَوَاءٌ أَكَانَ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ أَوْ الْحَاضِرَةِ، أَمَّا مَنْزُوعُ الزُّبْدِ فَلَا يَجْزِي وَكَذَا الْكَشْكُ وَالْمَخِيضُ وَالْمَصْلُ وَالسَّمْنُ وَاللَّحْمُ وَمَا مُلِّحَ مِنْ أَقِطٍ أَفْسَدَ كَثْرَةُ الْمِلْحِ جَوْهَرَهُ، بِخِلَافِ مَا ظَهَرَ مِلْحُهُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
عَلَى مِثْلِ هَذِهِ الْعِبَارَةِ: وَقَوْلُهُ اسْتِظْهَارًا إلَخْ: أَيْ اسْتِظْهَارًا مَعَ شِدَّةِ تَفَاوُتِ الْحُبُوبِ ثِقَلًا وَخِفَّةً.
(قَوْلُهُ: وَيُزَادَانِ شَيْئًا يَسِيرًا) الْمُرَادُ أَنْ يَزِيدَ الْمُخْرِجُ عَلَى الْقَدَحَيْنِ مَا ذُكِرَ وَيَنْبَغِي أَنَّ ذَلِكَ مَنْدُوبٌ فَقَطْ.
(قَوْلُهُ: فِي كُلِّ يَوْمٍ رِطْلَانِ) قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ بَعْدَ مَا ذُكِرَ: اُنْظُرْ هَذِهِ الْحِكْمَةَ كَيْفَ تَأْتِي عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ مِنْ وُجُوبِ دَفْعِ الْفِطْرَةِ لِسَبْعَةِ أَصْنَافٍ اهـ. أَقُولُ: هَذِهِ حِكْمَةٌ لِلْمَشْرُوعِيَّةِ وَهِيَ لَا يَلْزَمُ اطِّرَادُهَا.
(قَوْلُهُ: الْعُشْرُ أَوْ نِصْفُهُ) عِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ: وَكَذَا نِصْفُهُ اهـ. أَقُولُ: وَمَا ذَكَرَهُ الْمَحَلِّيُّ أَوْلَى مِمَّا ذَكَرَ مَرَّ كحج، لِأَنَّ أَوْ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ هُوَ الْأَحَدُ الدَّائِرُ بَيْنَ الْعُشْرِ وَنِصْفِهِ عَلَى أَنَّ أَيَّهُمَا أَخْرَجَهُ أَجْزَأَ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مُرَادًا بَلْ الْمُرَادُ أَنَّ الْوَاجِبَ تَارَةً الْعُشْرُ وَتَارَةً النِّصْفُ وَحِكْمَةُ الْفَصْلِ بِكَذَا الْإِشَارَةُ إلَى أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْمُعَشَّرِ أَنَّهُ الَّذِي يَجِبُ فِيهِ الْعُشْرُ.
(قَوْلُهُ: وَفِي مَعْنَى ذَلِكَ لَبَنٌ إلَخْ) وَهَلْ يُجْزِئُ اللَّبَنُ الْمَخْلُوطُ بِالْمَاءِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنْ يُقَالَ: إنْ كَانَ اللَّبَنُ يَتَأَتَّى مِنْهُ صَاعٌ أَجْزَأَ وَإِلَّا فَلَا، وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا فِيمَنْ يَقْتَاتُهُ مَخْلُوطًا، أَمَّا إذَا كَانُوا يَقْتَاتُونَهُ خَالِصًا فَالظَّاهِرُ عَدَمُ إجْزَائِهِ مُطْلَقًا كَالْمَعِيبِ مِنْ الْحَبِّ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ يَقْتَضِي) أَيْ قَوْلُهُ وَقَدْ عُلِّلَ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ الدُّخُولُ) أَيْ فَيُجْزِئُ لَبَنُ كُلِّ مَا ذُكِرَ مِنْ الظَّبْيَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَكَذَا الْكَشْكُ إلَخْ) هُوَ بِفَتْحِ الْكَافِ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ: أَيْ فَلَوْ كَانُوا لَا يَقْتَاتُونَ سِوَى هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ وَجَبَ اعْتِبَارُ أَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَيْهِمْ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي وَلَوْ كَانَ فِي بَلْدَةٍ لَا يَقْتَاتُونَ مَا يَجْزِي فِيهَا أَخْرَجَ مِنْ غَالِبِ قُوتِ أَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: جَوْهَرَهُ) أَيْ ذَاتَهُ.
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: قَالَ الْقَفَّالُ وَالْحِكْمَةُ فِي إيجَابِ الصَّاعِ إلَخْ) نُقِضَتْ هَذِهِ الْحِكْمَةُ بِأَنَّهَا لَا تَتَأَتَّى عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ مِنْ وُجُوبِ دَفْعِ الصَّاعِ إلَى سَبْعَةِ أَصْنَافٍ وَأَجَابَ عَنْهُ الشَّيْخُ فِي الْحَاشِيَةِ أَنَّ هَذِهِ حِكْمَةُ الْمَشْرُوعِيَّةِ وَلَا يَلْزَمُ اطِّرَادُهَا اهـ. وَفِي هَذَا الْجَوَابِ وَقْفَةٌ لِأَنَّهَا لَمْ تُشْرَعْ لِوَاحِدٍ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ (قَوْلُهُ: وَيُتَّجَهُ بِنَاؤُهُ) أَيْ وُجُوبُ الزَّكَاةِ فِي الْمَذْكُورَاتِ وَعَدَمُهُ
فَيَجْزِي غَيْرَ أَنَّهُ لَا يُحْسَبُ الْمِلْحُ بَلْ يُخْرِجُ قَدْرًا يَكُونُ مَحْضُ الْأَقِطِ مِنْهُ صَاعًا.
(وَيَجِبُ) الصَّاعُ (مِنْ) غَالِبِ (قُوتِ بَلَدِهِ) إنْ كَانَ بَلَدِيًّا وَفِي غَيْرِهِ مِنْ غَالِبِ قُوتِ مَحِلِّهِ لِأَنَّ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ النَّوَاحِي (وَقِيلَ) مِنْ غَالِبِ (قُوتِهِ) عَلَى الْخُصُوصِ (وَقِيلَ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ) جَمِيعِ (الْأَقْوَاتِ) فَأَوْفَى الْخَبَرَيْنِ السَّابِقَيْنِ عَلَى الْأَوَّلَيْنِ لِلتَّنْوِيعِ وَعَلَى الثَّالِثِ لِلتَّخْيِيرِ، وَالْمُعْتَبَرُ فِي غَالِبِ الْقُوتِ غَالِبُ قُوتِ السَّنَةِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ لَا غَالِبُ قُوتِ وَقْتِ الْوُجُوبِ، فَإِنْ غَلَبَ فِي بَعْضِهَا جِنْسٌ وَفِي بَعْضِهَا جِنْسٌ آخَرُ أَجْزَأَ أَدْنَاهَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ كَمَا فِي الْعُبَابِ (وَيُجْزِئُ) عَلَى الْأَوَّلَيْنِ الْقُوتُ (الْأَعْلَى عَنْ) الْقُوتِ (الْأَدْنَى) بَلْ هُوَ أَفْضَلُ لِأَنَّهُ زَادَ خَيْرًا فَأَشْبَهَ. مَا لَوْ دَفَعَ بِنْتَ لَبُونٍ عَنْ بِنْتِ مَخَاضٍ، قِيلَ لَا يَجْزِي كَالْحِنْطَةِ عَنْ الشَّعِيرِ وَالذَّهَبِ عَنْ الْفِضَّةِ، وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الزَّكَاةَ الْمَالِيَّةَ تَتَعَلَّقُ بِالْمَالِ فَأُمِرَ أَنْ يُوَاسِيَ الْمُسْتَحِقِّينَ بِمَا أَعْطَاهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَالْفِطْرَةُ زَكَاةُ الْبَدَنِ فَوَقَعَ النَّظَرُ فِيهَا إلَى مَا هُوَ غِذَاءُ الْبَدَنِ وَبِهِ قِوَامُهُ وَالْأَعْلَى يَحْصُلُ بِهِ هَذَا الْغَرَضُ وَزِيَادَةٌ فَأَجْزَأَ (وَلَا عَكْسَ) لِنَقْصِهِ عَنْ الْحَقِّ فَفِيهِ ضَرَرٌ بِمُسْتَحِقِّيهَا (وَالِاعْتِبَارُ) فِي الْأَعْلَى وَالْأَدْنَى (بِزِيَادَةِ الْقِيمَةِ فِي وَجْهٍ) رِفْقًا بِالْمُسْتَحَقِّينَ (وَبِزِيَادَةِ الِاقْتِيَاتِ فِي الْأَصَحِّ) بِالنَّظَرِ لِلْغَالِبِ لَا لِبَلْدَةِ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ وَعَلَيْهِ (فَالْبُرُّ خَيْرٌ مِنْ التَّمْرِ وَالْأَرُزِّ) وَمِنْ الزَّبِيبِ وَالشَّعِيرِ وَسَائِرِ الْأَقْوَاتِ لِكَوْنِهِ أَنْفَعَ اقْتِيَاتًا مِمَّا سِوَاهُ (وَالْأَصَحُّ أَنَّ الشَّعِيرَ خَيْرٌ مِنْ التَّمْرِ) لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الِاقْتِيَاتِ (وَأَنَّ التَّمْرَ خَيْرٌ مِنْ الزَّبِيبِ) لِمَا مَرَّ.
وَالثَّانِي أَنَّ التَّمْرَ خَيْرٌ مِنْ الشَّعِيرِ وَأَنَّ الزَّبِيبَ خَيْرٌ مِنْ التَّمْرِ نَظَرًا إلَى الْقِيمَةِ، وَالْأَوْجَهُ عَلَى الْأَوَّلِ تَقْدِيمُ الشَّعِيرِ عَلَى الْأَرُزِّ وَالْأَرُزِّ عَلَى التَّمْرِ لِغَلَبَةِ الِاقْتِيَاتِ بِهِ، وَقَوْلُ الْجَارْبُرْدِيِّ فِي شَرْحِ الْحَاوِي: وَالْأَرُزُّ خَيْرٌ مِنْ الشَّعِيرِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمُعْتَبَرَ زِيَادَةُ الْقِيمَةِ، وَيَظْهَرُ تَقَدُّمُ السُّلْتِ عَلَى الشَّعِيرِ وَتَقْدِيمُ الذُّرَةِ وَالدَّخَنِ عَلَى مَا بَعْدَ الشَّعِيرِ وَلَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا، وَيَبْقَى النَّظَرُ فِي مَرَاتِبِ بَقِيَّةِ الْمُعَشَّرَاتِ الَّتِي سَكَتُوا عَنْهَا وَالْمَرْجِعُ فِي ذَلِكَ لِغَلَبَةِ الِاقْتِيَاتِ.
(وَلَهُ أَنْ)(يُخْرِجَ عَنْ نَفْسِهِ مِنْ قُوتٍ) وَاجِبٍ (وَعَنْ قَرِيبِهِ) أَيْ مَنْ تَلْزَمُهُ فِطْرَتُهُ كَزَوْجَتِهِ وَعَبْدِهِ أَوْ مَنْ تَبَرَّعَ عَنْهُ بِإِذْنِهِ مِنْ (أَعْلَى مِنْهُ) لِأَنَّهُ زَادَ خَيْرًا كَمَا يَجُوزُ أَنْ يُخْرِجَ لِأَحَدِ جِيرَانَيْنِ شَاتَيْنِ وَلِلْآخَرِ عِشْرِينَ دِرْهَمًا (وَلَا يُبَعَّضُ الصَّاعُ) الْمُخْرَجُ عَنْ الْوَاحِدِ مِنْ جِنْسَيْنِ وَإِنْ كَانَ أَحَدُ الْجِنْسَيْنِ أَعْلَى مِنْ الْوَاجِبِ كَمَا لَا يَجْزِي فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ أَنْ يَكْسُوَ خَمْسَةً وَيُطْعِمَ خَمْسَةً، فَإِنْ أَخْرَجَ ذَلِكَ عَنْ اثْنَيْنِ كَأَنْ مَلَكَ وَاحِدٌ نِصْفَيْ عَبْدَيْنِ أَوْ مُبَعَّضَيْنِ مِنْ بَلَدَيْنِ مُخْتَلِفَيْ الْقُوتِ جَازَ تَبْعِيضُ الصَّاعِ. وَلَوْ أَخْرَجَ صَاعًا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: فَإِنْ غَلَبَ فِي بَعْضِهَا جِنْسٌ وَفِي بَعْضِهَا جِنْسٌ آخَرُ) قَالَ الشَّارِحُ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْعُبَابِ وَاسْتَوَى فِي الْغَلَبَةِ كَسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ بُرٍّ وَسِتَّةٍ مِنْ شَعِيرٍ: أَيْ أَمَّا لَوْ غَلَبَ أَحَدُهُمَا لَمْ يَجُزْ غَيْرُهُ.
(قَوْلُهُ: الْأَعْلَى) رَسْمُهُ بِالْيَاءِ هُوَ الصَّوَابُ لِأَنَّهُ يُمَالُ بِمَالٍ.
(قَوْلُهُ: فَأَجْزَأَ) قَالَ حَجّ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ إخْرَاجَ الْأَعْلَى فَأَبَى الْمُسْتَحِقُّونَ إلَّا قَبُولَ الْوَاجِبِ أُجِيبَ الْمَالِكُ، وَفِيهِ نَظَرٌ، بَلْ يَنْبَغِي إجَابَةُ الْمُسْتَحِقِّ حِينَئِذٍ لِأَنَّ الْأَعْلَى إنَّمَا أَجْزَأَ رِفْقًا بِهِ فَإِذَا أَبَى إلَّا الْوَاجِبَ لَهُ فَيَنْبَغِي إجَابَتُهُ كَمَا لَوْ أَبَى الدَّائِنُ غَيْرَ جِنْسِ دَيْنِهِ وَلَوْ أَعْلَى وَإِنْ أَمْكَنَ الْفَرْقُ اهـ حَجّ.
أَقُولُ: وَلَعَلَّهُ أَنَّ الزَّكَاةَ لَيْسَتْ دَيْنًا حَقِيقِيًّا كَسَائِرِ الدُّيُونِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى الْإِخْرَاجِ مِنْ عَيْنِ الْمَالِ، بَلْ إذَا أَخْرَجَ عَنْ غَيْرِهِ مِنْ جِنْسِهِ وَجَبَ قَبُولُهُ فَالْمُغَلَّبُ فِيهَا مَعْنَى الْمُوَاسَاةِ وَهِيَ حَاصِلَةٌ بِمَا أَخْرَجَهُ، وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ لَوْ أَخْرَجَ ضَأْنًا عَنْ مَعْزٍ أَوْ عَكْسَهُ وَجَبَ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ قَبُولُهُ مَعَ أَنَّ الْحَقَّ تَعَلَّقَ بِغَيْرِهِ.
(قَوْلُهُ: وَتَقْدِيمُ الذُّرَةِ وَالدَّخَنِ) وَتَقَدَّمَ أَنَّ الدَّخَنَ نَوْعٌ مِنْ الذُّرَةِ وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّهُمَا فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ.
(قَوْلُهُ: عَلَى مَا بَعْدَ الشَّعِيرِ) أَيْ فَيَكُونَانِ فِي مَرْتَبَةِ الشَّعِيرِ فَيُقَدَّمَانِ عَلَى الْأَرُزِّ زِيَادِيٌّ وَيَنْبَغِي تَقْدِيمُ الذُّرَةِ عَلَى الدَّخَنِ وَتَقَدُّمُ الْأَرُزِّ عَلَى التَّمْرِ.
(قَوْلُهُ: بَلَدَيْنِ مُخْتَلِفَيْ الْقُوتِ) أَيْ أَوْ بَلَدٍ
ــ
[حاشية الرشيدي]
(قَوْلُهُ كَالْحِنْطَةِ عَنْ الشَّعِيرِ) أَيْ فِي زَكَاةِ الْمُعَشَّرَاتِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ) يَعْنِي الِاقْتِيَاتَ
(قَوْلُهُ: أَوْ مَنْ تَلْزَمُهُ فِطْرَتُهُ كَزَوْجَتِهِ وَعَبْدِهِ) مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ (قَوْلُهُ: مِنْ بَلَدَيْنِ مُخْتَلِفَيْ الْقُوتِ) مِثَالٌ وَإِلَّا فَمِثْلُهُ لَوْ كَانَا مِنْ بَلَدٍ وَاحِدٍ
عَنْ وَاحِدٍ مِنْ نَوْعَيْنِ جَازَ حَيْثُ كَانَا مِنْ الْغَالِبِ (وَلَوْ كَانَ فِي بَلَدٍ أَقْوَاتٌ لَا غَالِبَ فِيهَا) وَلَمْ يَعْتَبِرْ قُوتَ نَفْسِهِ لِمَا مَرَّ (تَخَيَّرَ) إذْ لَيْسَ تَعَيُّنُ الْبَعْضِ لِلْوُجُوبِ أَوْلَى مِنْ تَعَيُّنِ الْآخَرِ، وَعُلِمَ مِنْ عَدَمِ جَوَازِ تَبْعِيضِ الصَّاعِ الْمُخْرَجِ أَنَّهُمْ لَوْ كَانُوا يَقْتَاتُونَ بُرًّا مَخْلُوطًا بِشَعِيرٍ أَوْ نَحْوِهِ تَخَيَّرَ إنْ كَانَ الْخَلِيطَانِ عَلَى السَّوَاءِ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَكْثَرَ وَجَبَ مِنْهُ، نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ، فَلَوْ لَمْ يَجِدْ سِوَى نِصْفٍ مِنْ هَذَا وَنِصْفٍ مِنْ الْآخَرِ فَوَجْهَانِ أَقْرَبُهُمَا أَنَّهُ يُخْرِجُ النِّصْفَ الْوَاجِبَ وَلَا يَجْزِي الْآخَرُ لِمَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ جَوَازِ تَبْعِيضِ الصَّاعِ مِنْ جِنْسَيْنِ.
وَلَوْ كَانَ فِي بَلْدَةٍ لَا يَقْتَاتُونَ مَا يَجْزِي فِيهَا أَخْرَجَ مِنْ غَالِبِ قُوتِ أَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَيْهِ مِمَّا يَجْزِي فِيهَا، فَإِنْ اسْتَوَى بَلَدَانِ فِي الْقُرْبِ إلَيْهِ وَاخْتَلَفَ الْغَالِبُ مِنْ أَقْوَاتِهَا تَخَيَّرَ (وَالْأَفْضَلُ أَشْرَفُهَا) أَيْ أَعْلَاهَا (وَلَوْ كَانَ عَبْدَهُ) أَيْ رَقِيقَهُ (بِبَلَدٍ آخَرَ فَالْأَصَحُّ أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِقُوتِ بَلَدِ الْعَبْدِ) بِنَاءً عَلَى وُجُوبِهَا عَلَى الْمُؤَدَّى عَنْهُ ابْتِدَاءً وَهُوَ الْأَصَحُّ. وَالثَّانِي أَنَّ الْعِبْرَةَ بِبَلَدِ السَّيِّدِ بِنَاءً عَلَى وُجُوبِهَا عَلَى الْمُؤَدِّي (قُلْت: الْوَاجِبُ الْحَبُّ) عِنْدَ تَعَيُّنِهِ فَلَا تُجْزِئُ الْقِيمَةُ بِالِاتِّفَاقِ وَلَا الْخُبْزُ وَلَا السَّوِيقُ وَلَا الدَّقِيقُ وَنَحْوُهَا، إذْ الْحَبُّ يَصْلُحُ لِمَا يَصْلُحُ لَهُ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ (السَّلِيمُ) فَلَا يَجْزِي الْمُسَوَّسُ وَإِنْ اقْتَاتَهُ وَالْمَعِيبُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} [البقرة: 267] وَيُجْزِئُ حَبٌّ قَدِيمٌ قَلِيلُ الْقِيمَةِ إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ لَوْنُهُ أَوْ طَعْمُهُ أَوْ رِيحُهُ.
(وَلَوْ أَخْرَجَ مِنْ مَالِهِ فِطْرَةَ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ الْغَنِيِّ جَازَ) لِأَنَّ لَهُ وِلَايَةً عَلَيْهِ وَيَسْتَقِلُّ بِتَمْلِيكِهِ فَيُقَدَّرُ كَأَنَّهُ مَلَّكَهُ ذَلِكَ ثُمَّ تَوَلَّى الْأَدَاءَ عَنْهُ وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهِ إنْ أَدَّى بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ، أَمَّا الْوَصِيُّ وَالْقَيِّمُ فَلَا يُخْرِجَانِ عَنْهُ مِنْ مَالِهِمَا إلَّا بِإِذْنِ الْحَاكِمِ نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَاحِدٍ تَعَدَّدَ فِيهَا الْغَالِبُ (قَوْلُهُ: حَيْثُ كَانَا مِنْ الْغَالِبِ) عِبَارَةُ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ وَلَوْ كَانُوا يَقْتَاتُونَ الْبُرَّ الْمُخْتَلِطَ بِالشَّعِيرِ فَإِنْ اسْتَوَيَا تَخَيَّرَ بَيْنَهُمَا اهـ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إخْرَاجُ نِصْفٍ مِنْ أَحَدِهِمَا وَنِصْفٍ مِنْ الْآخَرِ، وَهُوَ مُسْتَفَادٌ مِمَّا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ حَيْثُ قَيَّدَ جَوَازَ التَّبْعِيضِ بِالنَّوْعَيْنِ وَالشَّعِيرُ وَالْبُرُّ جِنْسَانِ، ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَهُ وَعُلِمَ مِنْ عَدَمِ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: تَخَيَّرَ إنْ كَانَ الْخَلِيطَانِ إلَخْ) ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إخْرَاجُ بَعْضِهِ مِنْ أَحَدِهِمَا وَبَعْضِهِ مِنْ الْآخَرِ وَهُوَ ظَاهِرٌ عَلَى مَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَخْرَجَ صَاعًا عَنْ وَاحِدٍ مِنْ نَوْعَيْنِ جَازَ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَكْثَرَ وَجَبَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ خَالِصِ ذَلِكَ الْأَكْثَرِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُخْرِجَ قَمْحًا مَخْلُوطًا بِشَعِيرٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، فَلَوْ خَالَفَ وَأَخْرَجَ مِنْهُ وَجَبَ دَفْعُ مَا يُقَابِلُ الشَّعِيرَ قَمْحًا خَالِصًا إنْ كَانَ الْأَغْلَبُ مِنْ الْبُرِّ وَإِلَّا تَخَيَّرَ بَيْنَهُمَا.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ اسْتَوَى الْبَلَدَانِ فِي الْقُرْبِ) أَيْ وَيُرْجَعُ فِي ذَلِكَ إلَيْهِ إنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَنْ يَعْرِفُهُ.
(قَوْلُهُ: أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِقُوتِ بَلَدِ الْعَبْدِ) أَيْ وَيُدْفَعُ لِفُقَرَاءَ بَلَدِ الْعَبْدِ وَإِنْ بَعُدَ، وَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ التَّوْكِيلُ فِي زَمَنٍ بِحَيْثُ يَصِلُ الْخَبَرُ إلَى الْوَكِيلِ فِيهِ قَبْلَ مَجِيءِ وَقْتِ الْوُجُوبِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي أَخْذًا مِمَّا قَالُوهُ فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّ حَقَّهُ وَقْتَ كَذَا وَتَوَقَّفَ تَسْلِيمُهُ لَهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ عَلَى السَّفَرِ قَبْلَ مَجِيءِ الْوَقْتِ فَإِنَّهُ لَا يُكَلَّفُ ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: فَلَا تُجْزِئُ الْقِيمَةُ بِالِاتِّفَاقِ) أَيْ مِنْ مَذْهَبِنَا.
(قَوْلُهُ: السَّلِيمُ) قَالَ سم عَلَى حَجّ: لَوْ فُقِدَ السَّلِيمُ مِنْ الدُّنْيَا فَهَلْ يُخْرِجُ مِنْ الْمَوْجُودِ أَوْ يَنْتَظِرُ وُجُودَ السَّلِيمِ أَوْ يُخْرِجُ الْقِيمَةَ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالثَّانِي قَرِيبٌ مَرَّ.
وَتَوَقَّفَ فِيهِ شَيْخُنَا وَقَالَ: الْأَقْرَبُ الثَّالِثُ أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ فِيمَا لَوْ فُقِدَ الْوَاجِبُ مِنْ أَسْنَانِ الزَّكَاةِ مِنْ أَنَّهُ يُخْرِجُ الْقِيمَةَ وَلَا يُكَلَّفُ الصُّعُودَ عَنْهُ وَلَا النُّزُولَ مَعَ الْجُبْرَانِ (قَوْلُهُ فَلَا يُجْزِئُ الْمُسَوَّسُ) قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ: لَوْ لَمْ يَكُنْ قُوتُهُمْ إلَّا الْحَبَّ الْمُسَوَّسُ أَجْزَأَ كَمَا قَالَهُ مَرَّ. قَالَ فِي الْعُبَابِ: وَيُتَّجَهُ اعْتِبَارُ بُلُوغِ لُبِّ الْمُسَوَّسِ صَاعًا اهـ. وَوَافَقَ عَلَيْهِ مَرَّ اهـ. وَقَضِيَّةُ قَوْلِ الشَّارِحِ السَّابِقِ فَلَوْ كَانَ فِي بَلَدٍ لَا يَقْتَاتُونَ مَا يُجْزِئُ فِيهَا أَخْرَجَ مِنْ غَالِبِ قُوتِ أَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَخْ خِلَافُهُ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ اقْتَاتَهُ) أَيْ هُوَ دُونَ أَهْلِ الْبَلَدِ.
(قَوْلُهُ: فَلَا يُخْرِجَانِ عَنْهُ مِنْ مَالِهِمَا) أَيْ مَالِ أَنْفُسِهِمَا سَوَاءٌ نَوَيَا الرُّجُوعَ أَمْ لَا.
(قَوْلُهُ: إلَّا بِإِذْنِ الْحَاكِمِ) بَقِيَ مَا لَوْ فُقِدَ الْوَصِيُّ وَالْقَيِّمُ وَالْحَاكِمُ هَلْ لِلْآحَادِ الْإِخْرَاجُ عَنْهُ أَمْ لَا؟ فِيهِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
وَفِيهِ قُوتَانِ لَا غَالِبَ فِيهِمَا أَوْ كَانَ هُنَاكَ الْوَاجِبُ، وَأَعْلَى مِنْهُ (قَوْلُهُ: أَنَّهُمْ لَوْ كَانُوا يَقْتَاتُونَ بُرًّا مَخْلُوطًا بِشَعِيرٍ أَوْ نَحْوِهِ تَخَيَّرَ)
الْمَاوَرْدِيِّ وَالْبَغَوِيِّ وَأَقَرَّهُ وَيُخَالِفُ مَا لَوْ قَضَيَا دَيْنَهُ مِنْ مَالِهِمَا بِغَيْرِ إذْنِ الْقَاضِي فَإِنَّهُ يَبْرَأُ لِأَنَّ رَبَّ الدَّيْنِ مُتَعَيَّنٌ بِخِلَافِ مُسْتَحِقِّ الزَّكَاةِ قَالَهُ الْقَاضِي (كَأَجْنَبِيٍّ أَذِنَ) كَمَا لَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ اقْضِ دَيْنِي فَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَمْ يُجْزِهِ جَزْمًا لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ تَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ فَلَا تَسْقُطُ عَمَّنْ كُلِّفَ بِهَا بِدُونِ إذْنِهِ (بِخِلَافِ الْكَبِيرِ) فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إذْنِهِ لِعَدَمِ اسْتِقْلَالِهِ بِتَمْلِيكِهِ، وَقَيَّدَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَالْبَغَوِيِّ وَأَقْوَى بِالرَّشِيدِ فَأَفْهَمَ أَنَّ السَّفِيهَ كَالصَّغِيرِ، وَهُوَ كَذَلِكَ وَإِنْ نُوزِعَ فِيهِ وَالْمَجْنُونُ مِثْلُهُ أَيْضًا.
(وَلَوْ)(اشْتَرَكَ مُوسِرٌ وَمُعْسِرٌ) مُنَاصَفَةً مَثَلًا (فِي عَبْدٍ) أَيْ رَقِيقٍ وَالْمُعْسِرُ مُحْتَاجٌ إلَى خِدْمَتِهِ (لَزِمَ الْمُوسِرَ نِصْفُ صَاعٍ) إذْ هُوَ الْمُكَلَّفُ بِهَا وَمَحِلُّهُ حَيْثُ لَا مُهَايَأَةَ بَيْنَهُمَا، وَإِلَّا فَجَمِيعُهَا عَلَى الْمُوسِرِ إنْ وَقَعَ زَمَنُ الْوُجُوبِ فِي نَوْبَتِهِ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ أَوْ فِي نَوْبَةِ الْمُعْسِرِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَالْمُبَعَّضِ الْمُعْسِرِ (وَلَوْ أَيْسَرَا) أَيْ الشَّرِيكَانِ فِي الرَّقِيقِ (وَاخْتَلَفَ وَاجِبُهُمَا) لِاخْتِلَافِ قُوتِ بَلَدِهِمَا بِأَنْ كَانَا بِبَلَدَيْنِ مُخْتَلِفَيْ الْقُوتِ (أَخْرَجَ كُلُّ وَاحِدٍ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ وَاجِبِهِ) أَيْ مِنْ قُوتِ بَلَدِهِ (فِي الْأَصَحِّ) كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِأَنَّهُمَا إذَا أَخْرَجَا هَكَذَا أَخْرَجَ كُلُّ وَاحِدٍ جَمِيعَ وَاجِبِهِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ كَثَلَاثَةٍ مُحْرِمِينَ قَتَلُوا ظَبْيَةً فَذَبَحَ أَحَدُهُمْ ثُلُثَ شَاةٍ وَأَطْعَمَ الثَّانِي بِقِيمَةِ ثُلُثِ شَاةٍ وَصَامَ الثَّالِثُ عَدْلَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَجْزِيهِمْ، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا أَهَلَّ شَوَّالٌ عَلَى الْعَبْدِ وَهُوَ فِي بَرِّيَّةٍ نِسْبَتُهَا فِي الْقُرْبِ إلَى بَلَدَيْ السَّيِّدَيْنِ عَلَى السَّوَاءِ فَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ الْمُعْتَبَرُ قُوتُ بَلَدَيْ السَّيِّدَيْنِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْعَبْدُ فِي بَلَدٍ لَا قُوتَ فِيهَا وَإِنَّمَا يُحْمَلُ إلَيْهَا مِنْ بَلَدِ السَّيِّدَيْنِ مِنْ الْأَقْوَاتِ مَا لَا يُجْزِئُ فِي الْفِطْرَةِ كَالدَّقِيقِ وَالْخُبْزِ، وَحَيْثُ أَمْكَنَ تَنْزِيلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفَيْنِ عَلَى تَصْوِيرٍ صَحِيحٍ لَا يُعْدَلُ إلَى تَغْلِيطِهِمْ، وَقَدْ عُلِمَ أَنَّهُ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ مَا صَحَّحَهُ هُنَا وَمَا صَحَّحَهُ أَوَّلًا مِنْ كَوْنِ الْأَصَحِّ اعْتِبَارَ قُوتِ بَلَدِ الْعَبْدِ، فَسَقَطَ مَا قِيلَ: إنَّ مَا ذَكَرَهُ مُفَرَّعٌ عَلَى أَنَّهَا تَجِبُ عَلَى السَّيِّدِ ابْتِدَاءً وَإِنْ جَرَى عَلَيْهِ الشَّارِحُ تَبَعًا لِكَثِيرٍ مِنْ الشُّرَّاحِ، وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ أَخْرَجَ كُلٌّ عَنْ وَاجِبِهِ: أَيْ جَوَازًا لَا وُجُوبًا لِيُوَافِقَ مَا مَرَّ فِي نَظِيرِهِ مِنْ التَّخْيِيرِ بَيْنَ الْقُوَّتَيْنِ.
ــ
[حاشية الشبراملسي]
نَظَرٌ، ثُمَّ رَأَيْت عَنْ الْقُوتِ لِلْأَذْرَعِيِّ مَا يُفِيدُ الْأَوَّلَ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ رَبَّ الدَّيْنِ مُتَعَيَّنٌ) أَيْ فَلَا يُنْسَبُ فِي الدَّفْعِ لَهُ إلَى أَنَّهُ قَدْ يَتَصَرَّفُ بِلَا مَصْلَحَةٍ، بِخِلَافِ الْفُقَرَاءِ فَإِنَّهُ قَدْ يُتَّهَمُ بِأَنَّهُ قَدْ يَدْفَعُ لِمَنْ لَا يَسْتَحِقُّ أَوْ لِمَنْ غَيْرُهُ أَحْوَجُ مِنْهُ، وَيُؤْخَذُ مِنْ تَعْلِيلِ الشَّارِحِ أَنَّهُ لَوْ انْحَصَرَ الْمُسْتَحِقُّونَ جَازَ لِلْوَصِيِّ وَالْقَيِّمِ لِلدَّفْعِ لَهُمْ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَمْ يُجْزِهِ) أَيْ وَإِنْ كَانَ الْمُخْرَجُ عَنْهُ مِمَّنْ يُنْفِقُ عَلَيْهِ الْمُخْرِجُ مُرُوءَةً وَحَيْثُ لَمْ يَجُزْ لَا تَسْقُطُ عَمَّنْ أَخْرَجَهُ عَنْهُ وَلَهُ اسْتِرْدَادُهُ مِنْ الْآخِذِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّهُ أَخْرَجَ عَنْ غَيْرِهِ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ تَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ) مِنْهُ يُؤْخَذُ جَوَابُ مَا وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهُ فِي الدَّرْسِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ امْتَنَعَ أَهْلُ الزَّكَاةِ مِنْ دَفْعِهَا وَظَفِرَ بِهَا الْمُسْتَحِقُّ هَلْ يَجُوزُ لَهُ أَخْذُهَا وَتَقَعُ زَكَاةً أَمْ لَا؟ وَهُوَ عَدَمُ جَوَازِ الْأَخْذِ ظَفْرًا وَعَدَمُ الْإِجْزَاءِ لِمَا عَلَّلَ بِهِ الشَّارِحُ.
(قَوْلُهُ: وَالْمَجْنُونُ مِثْلُهُ) أَيْ مِثْلُ الصَّغِيرِ. .
ــ
[حاشية الرشيدي]
أَيْ بَيْنَ إخْرَاجِ بُرٍّ وَحْدَهُ أَوْ شَعِيرٍ وَحْدَهُ وَلَا يُخْرِجُ صَاعًا مُبَعَّضًا كَمَا مَرَّ
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ رَبَّ الدَّيْنِ مُتَعَيِّنٌ إلَخْ) لَا دَخْلَ لَهُ فِي الْفَرْقِ كَمَا قَالَهُ الشِّهَابُ حَجّ، وَفُرِّقَ بِوُجُوبِ النِّيَّةِ فِي الزَّكَاةِ بِخِلَافِ أَدَاءِ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْكَبِيرِ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إذْنِهِ) أَيْ وَالصُّورَةُ أَنَّهُ غَنِيٌّ.