الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَكَلَامُهُ يُفْهِمُ أَنَّ مَنْ لَمْ يَأْكُلْ ثُمَّ ثَبَتَ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِمْسَاكُ مِنْ بَابٍ أَوْلَى، لَكِنْ قَدْ يَتَبَادَرُ إلَى الذِّهْنِ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ وَهُوَ قَضِيَّةُ نَقْلِ ابْنِ الرِّفْعَةِ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْأَكْثَرِينَ وَاَلَّذِي قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ صَاحِبِ التَّتِمَّةِ أَنَّ الْقَوْلَيْنِ فِيمَا إذَا بَانَ مِنْ رَمَضَانَ قَبْلَ الْأَكْلِ فَإِنْ بَانَ بَعْدَهُ فَإِنْ قُلْنَا الْإِمْسَاكُ لَا يَجِبُ هُنَاكَ أَوْلَى وَإِلَّا فَوَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الْوُجُوبُ (وَإِمْسَاكُ بَقِيَّةِ النَّهَارِ مِنْ خَوَاصِّ رَمَضَانَ) لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ وَلِأَنَّهُ اُخْتُصَّ بِفَضَائِلَ لَمْ يُشَارِكْهُ غَيْرُهُ فِيهَا إذْ هُوَ سَيِّدُ الشُّهُورِ وَيَوْمٌ مِنْهُ أَفْضَلُ مِنْ يَوْمِ عِيدِ الْفِطْرِ (بِخِلَافِ النَّذْرِ وَالْقَضَاءِ) وَالْكَفَّارَةِ فَلَا إمْسَاكَ عَلَى مُتَعَدٍّ فِيهَا لِانْتِفَاءِ شَرَفِ الْوَقْتِ كَمَا لَا كَفَّارَةَ فِيهَا.
فَصْلٌ فِي فِدْيَةِ الصَّوْمِ الْوَاجِبِ
(مَنْ)(فَاتَهُ شَيْءٌ مِنْ رَمَضَانَ) أَوْ غَيْرِهِ مِنْ نَذْرٍ أَوْ كَفَّارَةٍ بِعُذْرٍ (فَمَاتَ قَبْلَ إمْكَانِ الْقَضَاءِ) كَأَنْ اسْتَمَرَّ مُسَافِرًا أَوْ مَرِيضًا أَوْ الْمَرْأَةُ حَامِلًا أَوْ مُرْضِعًا إلَى قَابِلٍ (فَلَا تَدَارُكَ لَهُ) بِفِدْيَةٍ وَلَا قَضَاءٍ (وَلَا إثْمَ عَلَيْهِ) مَا دَامَ عُذْرُهُ بَاقِيًا وَإِنْ اسْتَمَرَّ سِنِينَ لِأَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ فِي الْأَدَاءِ بِالْعُذْرِ عَلَى الْقَضَاءِ بِهِ أَوْلَى، أَمَّا غَيْرُ الْمَعْذُورِ وَهُوَ الْمُتَعَدِّي بِالْفِطْرِ فَإِنَّهُ يَأْثَمُ وَيُتَدَارَكُ عَنْهُ بِالْفِدْيَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ النَّذْرِ فِي نَذْرِ صَوْمِ الدَّهْرِ
(وَإِنْ)(مَاتَ بَعْدَ التَّمَكُّنِ) مِنْ الْقَضَاءِ وَلَمْ يَقْضِ (لَمْ يَصُمْ عَنْهُ وَلِيُّهُ فِي الْجَدِيدِ) أَيْ لَا يَصِحُّ إذْ الصَّوْمُ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ لَا تَدْخُلُهَا النِّيَابَةُ فِي الْحَيَاةِ فَكَذَلِكَ بَعْدَ الْمَوْتِ كَالصَّلَاةِ، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ مَا فَاتَ بِعُذْرٍ أَمْ بِغَيْرِهِ، وَعُلِمَ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْمَوْتِ عَدَمُ صِحَّةِ الصَّوْمِ عَنْ حَيٍّ تَعَذَّرَ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
فَصْلٌ) فِي فِدْيَةِ الصَّوْمِ الْوَاجِبِ
(قَوْلُهُ: فِي فِدْيَةِ الصَّوْمِ) أَيْ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ كَعَدَمِ فِعْلِ الصَّلَاةِ وَالِاعْتِكَافِ عَمَّنْ مَاتَ وَقَوْلُهُ الْوَاجِبُ لِبَيَانِ الْوَاقِعِ لَا لِلِاحْتِرَازِ (قَوْلُهُ: بِعُذْرٍ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ مَنْ فَاتَهُ شَيْءٌ مِنْ رَمَضَانَ (قَوْلُهُ: وَلَا قَضَاءَ) هَذَا قَدْ يُخَالِفُ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ مَنْ أَفْطَرَ لِهَرَمٍ أَوْ عَجْزٍ عَنْ صَوْمٍ وَاجِبٍ لِزَمَانَةٍ أَوْ مَرَضٍ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ وَجَبَ عَلَيْهِ مُدٌّ لِكُلِّ يَوْمٍ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ مَا يَأْتِي فِيمَنْ لَا يَرْجُو الْبُرْءَ وَمَا هُنَا فِي خِلَافِهِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى مَنْهَجٍ مَا نَصُّهُ: لَا يُشْكَلُ عَلَى مَا تَقَرَّرَ الشَّيْخُ اللَّهُمَّ إذَا مَاتَ قَبْلَ التَّمَكُّنِ وَلِأَنَّ وَاجِبَهُ أَصَالَةُ الْفِدْيَةِ بِخِلَافِ هَذَا ذَكَرَ الْفَرْقَ الْقَاضِي اهـ (قَوْلُهُ بَاقِيًا) أَيْ إلَى مَوْتِهِ (قَوْلُهُ: بِالْفِدْيَةِ) زَادَ حَجّ أَوْ الصَّوْمِ
(قَوْلُهُ: وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ التَّمَكُّنِ) أَيْ وَقَدْ فَاتَ بِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ أَثِمَ كَمَا أَفْهَمَهُ الْمَتْنُ وَصَرَّحَ بِهِ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ، وَأَجْرَوْا ذَلِكَ فِي كُلِّ عِبَادَةٍ وَجَبَ قَضَاؤُهَا وَأَخَّرَهُ مَعَ التَّمَكُّنِ إلَى أَنْ مَاتَ قَبْلَ الْفِعْلِ وَإِنْ ظَنَّ السَّلَامَةَ فَيَعْصِي مِنْ آخِرِ زَمَنِ الْإِمْكَانِ كَالْحَجِّ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَعْلَمْ الْآخَرُ كَانَ التَّأْخِيرُ لَهُ مَشْرُوطًا بِسَلَامَةِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
لَا يُجْزِئُهُ عَنْ صِيَامِ ذَلِكَ الْيَوْمِ إلَّا إنْ قَلَّدَهُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَكَلَامُهُ يُفْهِمُ) أَيْ مَفْهُومُهُ مُوَافَقَةُ أَوْلَوِيٍّ.
[فَصْلٌ فِي فِدْيَةِ الصَّوْمِ الْوَاجِبِ]
(فَصْلٌ) فِي فِدْيَةِ الصَّوْمِ الْوَاجِبِ (قَوْلُهُ أَوْ غَيْرُهُ مِنْ نَذْرٍ أَوْ كَفَّارَةٍ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِأَنَّهُ سَيَأْتِي فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: إلَى قَابِلٍ) صَوَابُهُ إلَى الْمَوْتِ وَهُوَ سَبْقُ نَظَرٍ مِنْ مَسْأَلَةِ التَّأْخِيرِ الْآتِيَةِ إلَى مَسْأَلَةِ الْمَوْتِ وَكَذَا قَوْلُهُ الْآتِي مَا دَامَ عُذْرُهُ بَاقِيًا إلَخْ، وَسَيُعِيدُ الْعِبَارَتَيْنِ بِلَفْظِهِمَا فِي مَسْأَلَةِ التَّأْخِيرِ (قَوْلُهُ: وَيُتَدَارَكُ عَنْهُ بِالْفِدْيَةِ) اُنْظُرْ هَلْ يُتَدَارَكُ عَنْهُ بِالصَّوْمِ أَيْضًا عَلَى الْقَدِيمِ الْآتِي
(قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْمَوْتِ إلَخْ) فِي هَذَا السِّيَاقِ تَهَافُتٌ، وَكَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يُؤَخِّرَ هَذَا عَنْ حِكَايَةِ الْقَدِيمِ ثُمَّ يَقُولُ: وَعُلِمَ مِنْ فَرْضِ الْخِلَافِ فِي الْمَيِّتِ أَنَّ الْحَيَّ إلَخْ.
صَوْمُهُ بِمَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ.
وَلَوْ مَأْيُوسًا مِنْ بُرْئِهِ، وَادَّعَى فِي زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ، وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ إجْمَاعٌ (بَلْ يُخْرَجُ مِنْ تَرِكَتِهِ لِكُلِّ يَوْمٍ) فَاتَهُ صَوْمُهُ (مُدُّ طَعَامٍ) مِنْ غَالِبِ قُوتِ بَلَدِهِ وَالْقَدِيمُ أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ الْإِطْعَامُ بَلْ يَجُوزُ لِلْوَلِيِّ الصَّوْمُ عَنْهُ بَلْ يُسْتَحَبُّ لَهُ ذَلِكَ كَمَا فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ لِخَبَرِ «مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ» وَسَيَأْتِي تَرْجِيحُهُ هَذَا كُلُّهُ فِيمَنْ مَاتَ مُسْلِمًا، فَإِنْ ارْتَدَّ وَمَاتَ لَمْ يُصَمْ عَنْهُ وَيَتَعَيَّنُ الْإِطْعَامُ قَطْعًا (وَكَذَا النَّذْرُ وَالْكَفَّارَةُ) بِأَنْوَاعِهَا فِي تَدَارُكِهِمَا الْقَوْلَانِ وَتَقْيِيدُ الْحَاوِي الصَّغِيرِ الْكَفَّارَةَ بِالْقَتْلِ غَرِيبٌ بَلْ قَالَ بَعْضُهُمْ لَا يُوجَدُ فِي غَيْرِهِ (قُلْت: الْقَدِيمُ هُنَا أَظْهَرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَعَبَّرَ عَنْهُ فِي التَّصْحِيحِ بِالْمُخْتَارِ وَفِي الرَّوْضَةِ (بِالصَّوَابِ) وَأَنَّهُ الَّذِي يَنْبَغِي الْجَزْمُ بِهِ لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ وَلَيْسَ لِلْجَدِيدِ حُجَّةٌ مِنْ السُّنَّةِ وَالْحَدِيثُ الْوَارِدُ بِالْإِطْعَامِ ضَعِيفٌ اهـ.
وَنَقَلَ الْبَنْدَنِيجِيُّ أَنَّ الشَّافِعِيَّ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأَمَالِي أَيْضًا فَقَالَ: إنْ صَحَّ الْحَدِيثُ قُلْت بِهِ، وَالْأَمَالِي مِنْ كُتُبِهِ الْجَدِيدَةِ.
وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: لَوْ وَقَفَ الشَّافِعِيُّ عَلَى جَمِيعِ طُرُقِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ وَتَظَاهُرِهَا لَمْ يُخَالِفْهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
قَالَ السُّبْكِيُّ: وَهُوَ كَمَا قَالَ وَيَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمُخْتَارُ وَالْمُفْتَى بِهِ (وَالْوَلِيُّ) الَّذِي يَصُومُ عَلَى الْقَدِيمِ (كُلُّ قَرِيبٍ) أَيْ أَيُّ قَرِيبٍ كَانَ (عَلَى الْمُخْتَارِ) لِأَنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنْ الْوَلْيِ بِإِسْكَانِ اللَّامِ وَهُوَ الْقُرْبُ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَى خِلَافِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَارِثًا وَلَا وَلِيَّ مَالٍ وَلَا عَاصِبًا.
وَالْأَوْجَهُ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ فِي خَادِمِهِ اشْتِرَاطُ بُلُوغِهِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْآذِنِ وَالْمَأْذُونِ لَهُ الْحُرِّيَّةُ فِيمَا يَظْهَرُ لِأَنَّ الْقِنَّ مِنْ أَهْلِ فَرْضِ الصَّوْمِ بِخِلَافِ الصَّبِيِّ، وَيُؤَيِّدُهُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
الْعَاقِبَةِ، بِخِلَافِ الْمُؤَقَّتِ الْمَعْلُومِ الطَّرَفَيْنِ لِأَنَّهُ أَثِمَ فِيهِ بِالتَّأْخِيرِ عَنْ زَمَنِ إمْكَانِ أَدَائِهِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَأْيُوسًا مِنْ بُرْئِهِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ أَخْبَرَ بِهِ مَعْصُومٌ وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم عَلَى حَجّ فِي الْعُبَابِ.
[فَرْعٌ] لَا يُصَامُ عَنْ حَيٍّ وَإِنْ أَيِسَ مِنْهُ، قَالَ فِي شَرْحِهِ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ خِلَافًا لِجَمْعِ قَوْلِ الْإِمَامِ، وَتَبِعَهُ الشَّيْخَانِ فِيمَنْ نَذَرَ صَوْمَ الدَّهْرِ وَأَفْطَرَ مُتَعَدِّيًا الظَّاهِرُ أَنَّ وَلِيَّهُ يَصُومُ عَنْهُ فِي حَيَاتِهِ اهـ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ إجْمَاعٌ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: مِنْ غَالِبِ قُوتِ بَلَدِهِ) قَالَ حَجّ وَيُؤْخَذُ مِمَّا مَرَّ فِي الْفِطْرَةِ أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا بِالْبَلَدِ الَّتِي يُعْتَبَرُ غَالِبُ قُوتِهَا الْمَحَلُّ الَّذِي هُوَ فِيهِ عِنْدَ أَوَّلِ مُخَاطَبَتِهِ بِالْقَضَاءِ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ) قَالَ حَجّ: وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يُسَنُّ أَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ الْإِطْعَامِ وَهُوَ بَعِيدٌ كَيْفَ وَفِي إجْزَائِهِ الْخِلَافُ الْقَوِيُّ وَالْإِطْعَامُ لَا خِلَافَ فِيهِ فَالْوَجْهُ أَنَّ الْإِطْعَامَ أَفْضَلُ مِنْهُ (قَوْلُهُ: لَمْ يُصَمْ عَنْهُ) أَيْ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْعِبَادَةِ الْآنَ (قَوْلُهُ: وَيَتَعَيَّنُ الْإِطْعَامُ) أَيْ مِمَّا خَلْفَهُ (قَوْلُهُ: وَتَقْيِيدُ الْحَاوِي إلَخْ) هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا فِي الزِّيَادِيِّ وَعِبَارَتِهِ، أَمَّا كَفَّارَةُ ظِهَارٍ فَالْإِطْعَامُ فِيهِ وَاجِبٌ أَصَالَةً لَا بَدَلًا لِخُصُوصِ الْمَوْتِ اهـ.
أَيْ بَلْ لِعَجْزِهِ عَنْ الصَّوْمِ فَإِنَّهُ حَيْثُ عَجَزَ عَنْهُ انْتَقَلَ لِلْإِطْعَامِ وَلَوْ فِي الْحَيَاةِ، وَوَجْهُ الْمُخَالَفَةِ أَنَّ مَا هُنَا يُفِيدُ أَنَّ الصَّوْمَ بَاقٍ فِي ذِمَّتِهِ إلَى الْمَوْتِ وَبِمَوْتِهِ يَجِبُ الْإِطْعَامُ فِي تَرِكَتِهِ بَدَلًا عَنْ الصَّوْمِ أَوْ يَصُومُ الْوَلِيُّ عَنْهُ عَلَى الْخِلَافِ.
وَمَا فِي الزِّيَادِيِّ يُفِيدُ أَنَّ الْإِطْعَامَ كَفَّارَةُ الظِّهَارِ: أَيْ وَالْوِقَاعُ أَصْلٌ لَا بَدَلٌ (قَوْلُهُ: وَتَظَاهُرِهَا) التَّظَاهُرُ التَّعَاوُنُ اهـ مُخْتَارٌ.
وَالْمُرَادُ هُنَا أَنَّ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ يُقَوِّي بَعْضُهَا بَعْضًا (قَوْلُهُ: أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمُخْتَارُ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: أَيُّ قَرِيبٍ كَانَ) أَيْ بِشَرْطِ أَنْ يُعْرَفَ نَسَبُهُ مِنْهُ وَيُعَدُّ فِي الْعَادَةِ قَرِيبًا لَهُ شوبرى اهـ سم عَلَى بَهْجَةٍ.
وَظَاهِرُهُ وَلَوْ رَقِيقًا.
وَعِبَارَةُ حَجّ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ مَاتَ إلَخْ: نَعَمْ لَوْ قِيلَ فِي حُرُمَاتٍ وَلَهُ قَرِيبٌ رَقِيقٌ لَهُ الصَّوْمُ عَنْهُ لَمْ يَبْعُدْ لِأَنَّ الْمَيِّتَ أَهْلٌ لِلْإِنَابَةِ عَنْهُ، وَأَيْ فِي كَلَامِهِ بِالرَّفْعِ بَدَلٌ أَوْ عَطْفُ بَيَانٍ لِكُلِّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَارِثًا) أَيْ بِالْقَرَابَةِ الْخَاصَّةِ كَابْنِ الْخَالِ وَقَوْلُهُ وَلَا وَلِيَّ مَالٍ: أَيْ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ وَصِيًّا وَلَا قَيِّمًا مِنْ جِهَةِ الْقَاضِي (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْقِنَّ إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ الصَّبِيِّ فَإِنَّهُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: لَا يُشْتَرَطُ فِي الْآذِنِ وَالْمَأْذُونِ) كَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرُهُ عَنْ الْمَتْنِ الْآتِي
مَا يَأْتِي مِنْ اشْتِرَاطِ بُلُوغِ مَنْ يَحُجُّ عَنْ الْغَيْرِ، وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَتْ حُرِّيَّتُهُ ثُمَّ لِأَنَّ الْقِنَّ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ فَهُوَ ثَمَّ كَالصَّبِيِّ بِخِلَافِهِ هُنَا (وَلَوْ صَامَ أَجْنَبِيٌّ) عَلَى هَذَا الْقَوْلِ (بِإِذْنِ الْوَلِيِّ صَحَّ) وَوَقَعَ عَنْ الْمَيِّتِ سَوَاءٌ أَكَانَ بِأُجْرَةٍ وَهِيَ عِنْدَ اسْتِئْجَارِ الْوَارِثِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ أَوْ دُونَهُمَا لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ كَخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ الْمَارِّ وَخَبَرِ مُسْلِمٍ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِامْرَأَةٍ قَالَتْ لَهُ إنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ نَذْرٍ أَفَأَصُومُ عَنْهَا؟ فَقَالَ لَهَا عليه الصلاة والسلام: صُومِي عَنْ أُمِّك» .
قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَهَذَا يُبْطِلُ احْتِمَالَ وِلَايَةِ الْمَالِ وَالْعُصُوبَةِ اهـ.
وَبِمَا يُبْطِلُ الْإِرْثَ خَبَرُ أَحْمَدَ وَأَبِي دَاوُد «أَنَّ امْرَأَةً رَكِبَتْ الْبَحْرَ فَنَذَرَتْ إنْ نَجَّاهَا اللَّهُ أَنْ تَصُومَ شَهْرًا فَلَمْ تَصُمْ حَتَّى مَاتَتْ، فَجَاءَتْ قَرَابَةٌ لَهَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَتْ لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ: صُومِي عَنْهَا» فَعَدَمُ اسْتِفْصَالِهِ عَنْ إرْثِهَا وَعَدَمِهِ يَدُلُّ عَلَى الْعُمُومِ، وَفِي الْمَجْمُوعِ أَيْضًا مَذْهَبُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ لَوْ صَامَ عَنْهُ بِالْإِذْنِ ثَلَاثُونَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ أَجْزَأَ وَهُوَ الظَّاهِرُ الَّذِي اعْتَقَدَهُ، وَلَكِنْ لَمْ أَرَ فِيهِ كَلَامًا لِأَصْحَابِنَا اهـ.
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَأَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ الْأُسْتَاذِ تَفَقُّهًا، وَيَشْهَدُ لَهُ نَظِيرُهُ فِي الْحَجِّ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ: أَيْ فِيمَا إذَا وَجَبَ صِيَامٌ بَدَلًا عَنْ أَمْدَادٍ وَجَبَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَصُومَ فَإِنَّهُ إذَا صَامَ عَنْهُ جَمَاعَةٌ بِعَدَدِ الْأَمْدَادِ أَجْزَأَهُ.
وَاسْتَشْهَدَ لَهُ الْبَارِزِيُّ أَيْضًا بِمَا لَوْ اُسْتُؤْجِرَ عَنْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ لِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَاحِدٌ وَآخَرُ لِنَذْرٍ وَآخَرُ لِقَضَاءٍ فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ، وَسَوَاءٌ فِي جَوَازِ فِعْلِ الصَّوْمِ أَكَانَ قَدْ وَجَبَ فِيهِ التَّتَابُعُ أَمْ لَا لِأَنَّ التَّتَابُعَ إنَّمَا وَجَبَ فِي حَقِّ الْمَيِّتِ لِمَعْنًى لَا يُوجَدُ فِي حَقِّ الْقَرِيبِ، وَلِأَنَّهُ الْتَزَمَ صِفَةً زَائِدَةً عَلَى أَصْلِ الصَّوْمِ فَسَقَطَتْ بِمَوْتِهِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ اسْتِوَاءُ مَأْذُونِ الْمَيِّتِ وَالْقَرِيبِ فَلَا يُقَدَّمُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ.
أَمَّا إذَا لَمْ يُخَلِّفْ تَرِكَةً
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّوْمِ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ فَرْضِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ صَامَ أَجْنَبِيٌّ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ أَذِنَ الْأَجْنَبِيُّ الْمَأْذُونُ لَهُ لِأَجْنَبِيٍّ آخَرَ فَلَا يُعْتَدُّ بِإِذْنِهِ (قَوْلُهُ: بِإِذْنِ الْوَلِيِّ) أَيْ السَّابِقِ الَّذِي يَصُومُ عَلَى الْقَدِيمِ، وَالْأَلِفُ وَاللَّامُ فِيهِ لِلْعَهْدِ فَيَصْدُقُ بِكُلِّ قَرِيبٍ وَإِنْ بَعُدَ وَلَمْ يَكُنْ وَارِثًا، وَقَدْ يُشْعِرُ بِهِ قَوْلُهُ بَعُدَ وَلَوْ قَامَ بِالْقَرِيبِ مَا يَمْنَعُ الْإِذْنَ كَصِبَا إلَخْ حَيْثُ لَمْ يُعَبِّرْ فِيهِ بِالْوَلِيِّ، وَيُحْتَمَلُ تَخْصِيصُ الْوَلِيِّ هُنَا بِمَنْ لَهُ وِلَايَةُ الْمَالِ كَالْأَبِ وَالْجَدِّ لِلْمَيِّتِ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى إطْلَاقِ الْوَلِيِّ هُنَا وَتَقْيِيدُهُ لِلْوَلِيِّ فِيمَا مَرَّ بِقَوْلِهِ الَّذِي يَصُومُ عَلَى الْقَدِيمِ، لَكِنْ يَمْنَعُ هَذَا الِاحْتِمَالُ مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْإِذْنِ إلَخْ (قَوْلُهُ: مِنْ رَأْسِ الْمَالِ) وَمَحَلُّ ذَلِكَ حَيْثُ كَانَ جَائِزًا أَوْ غَيْرَهُ وَاسْتَأْجَرَ بِإِذْنِ بَاقِي الْوَرَثَةِ وَإِلَّا كَانَ مَا زَادَ عَلَى مَا يَخُصُّهُ تَبَرُّعًا مِنْهُ فَلَا تَعَلُّقَ لِشَيْءٍ مِنْهُ بِالتَّرِكَةِ (قَوْلُهُ: فَقَالَ لَهَا عليه الصلاة والسلام) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَ قَوْلِهِ أَوَّلًا قَالَ لِامْرَأَةٍ إلَخْ، ثُمَّ رَأَيْت فِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ إسْقَاطَ قَوْلِهِ فَقَالَ لَهَا عليه الصلاة والسلام وَمِثْلُهُ فِي الْمَحَلِّيِّ (قَوْلُهُ: وَبِمَا يُبْطِلُ الْإِرْثَ) أَيْ يُبْطِلُ اشْتِرَاطَ كَوْنِ مَنْ يَصُومُ عَنْ الْمَيِّتِ وَارِثًا (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ فِي جَوَازِ فِعْلِ الصَّوْمِ) أَيْ الْوَاقِعِ مِنْ جَمَاعَةٍ فِي يَوْمٍ عَنْ شَخْصٍ (قَوْلُهُ: صِفَةٍ زَائِدَةٍ) هِيَ التَّتَابُعُ (قَوْلُهُ: وَالْقَرِيبِ) أَيْ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: فَلَا يُقَدَّمُ أَحَدُهُمَا) أَيْ لِأَنَّ الْقَرِيبَ قَائِمٌ مَقَامَ الْمَيِّتِ فَكَأَنَّهُ أَذِنَ لَهُمَا، وَعَلَيْهِ فَلَوْ صَامَ عَنْ الْمَيِّتِ قَدْرَ مَا عَلَيْهِ فَإِنْ وَقَعَ ذَلِكَ مُرَتَّبًا وَقَعَ الْأَوَّلُ عَنْهُ وَالثَّانِي نَفْلًا لِلصَّائِمِ، وَلَوْ وَقَعَا مَعًا احْتَمَلَ أَنْ يُقَالَ وَقَعَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَنْ الْمَيِّتِ لَا بِعَيْنِهِ وَالْآخَرُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَهِيَ عِنْدَ اسْتِئْجَارِ الْوَارِثِ إلَخْ) خَرَجَ بِالْوَارِثِ غَيْرُهُ فَالْأُجْرَةُ عَلَيْهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَسَيَأْتِي مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ لِلْوَارِثِ أَخْذُ الْأُجْرَةِ إذَا صَامَ (قَوْلُهُ لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ إلَخْ) اسْتِدْلَالٌ لِأَصْلِ مَسْأَلَةِ الصِّيَامِ عَلَى الْقَدِيمِ وَأَخَّرَهُ إلَى هُنَا حَتَّى تَمَّمَ الْمَسْأَلَةَ (قَوْلُهُ: فَعَدَمُ اسْتِفْصَالِهِ عَنْ إرْثِهَا وَعَدَمُهُ) أَيْ أَنَّهُ يُسْأَلُ عَنْ كَوْنِهَا إرْثَهُ أَوْ هُنَاكَ مَنْ يَحْجُبُهَا لَا عَنْ سَبَبِ إرْثِهَا مِنْ كَوْنِهَا بِالْبِنْتِيَّةِ أَوْ الْأُخْتِيَّةِ مَثَلًا فَلَا يُقَالُ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ كَانَ يَعْرِفُ جِهَةَ قَرَابَتِهَا (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ الْتِزَامُ صِفَةٍ زَائِدَةٍ) فِي التَّعْبِيرِ بِالِالْتِزَامِ تَسَاهُلٌ (قَوْلُهُ فَسَقَطَتْ بِمَوْتِهِ) مُجَرَّدُ دَعْوَى لَمْ يُقَدِّمْ عَلَيْهَا دَلِيلًا، وَلَعَلَّ الْمَقِيسَ عَلَيْهِ سَاقِطٌ مِنْ النُّسَخِ مِنْ الْكَتَبَةِ
فَلَا يَلْزَمُ الْوَارِثَ إطْعَامٌ وَلَا صَوْمٌ بَلْ يُسَنُّ لَهُ ذَلِكَ.
وَيَنْبَغِي نَدْبُهُ لِمَنْ عَدَّ الْوَرَثَةَ مِنْ بَقِيَّةِ الْأَقَارِبِ إذَا يُخَلِّفُ تَرِكَةً أَوْ خَلَّفَهَا وَتَعَدَّى الْوَارِثُ بِتَرْكِ ذَلِكَ (لَا مُسْتَقِلًّا فِي الْأَصَحِّ) فَلَا يَجُوزُ لَهُ الصَّوْمُ لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ بِهِ نَصٌّ، وَلَا هُوَ فِي مَعْنًى وَرَدَ بِهِ النَّصُّ، وَفَارَقَ نَظِيرُهُ فِي الْحَجِّ بِأَنَّ لَهُ بَدَلًا وَهُوَ الْإِطْعَامُ وَبِأَنَّهُ لَا يَقْبَلُ النِّيَابَةَ فِي الْحَيَاةِ فَضُيِّقَ فِيهِ بِخِلَافِ الْحَجِّ، وَهَلْ لَهُ أَنْ يَسْتَقِلَّ بِالْإِطْعَامِ لِأَنَّهُ مَحْضُ مَالٍ كَالدَّيْنِ أَوْ يُفَرَّقُ بِأَنَّهُ هُنَا بَدَلٌ عَمَّا لَا يَسْتَقِلُّ بِهِ؟ الْأَقْرَبُ لِكَلَامِهِمْ وَجَزَمَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ الثَّانِي.
وَلَوْ قَامَ بِالْقَرِيبِ مَا يَمْنَعُ الْإِذْنَ كَصِبًا وَجُنُونٍ، أَوْ امْتَنَعَ الْأَهْلُ مِنْ الْإِذْنِ أَوْ الصَّوْمِ، أَوْ لَمْ يَكُنْ قَرِيبٌ أَذِنَ الْحَاكِمُ فِيمَا يَظْهَرُ خِلَافًا لِمَنْ اسْتَوْجَهَ عَدَمَهُ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ فَيُقْتَصَرُ فِيهِ فَتَتَعَيَّنُ الْفِدْيَةُ، وَلَوْ قَالَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ أَنَا أَصُومُ وَآخُذُ الْأُجْرَةَ جَازَ، أَوْ قَالَ بَعْضُهُمْ نُطْعِمُ وَبَعْضُهُمْ نَصُومُ أُجِيبَ الْأَوَّلُونَ كَمَا رَجَّحَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَابْنُ الْعِمَادِ لِأَنَّ إجْزَاءَ الطَّعَامِ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ.
وَيُؤَيِّدُ إجَابَةَ مَنْ طَلَبَ التَّكْفِينَ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ تَكْمِيلًا لِحَقِّ الْمَيِّتِ، وَلَوْ تَعَدَّدَ الْوَارِثُ وَلَمْ يَصُمْ عَنْهُ قَرِيبٌ وُزِّعَتْ عَلَيْهِمْ الْأَمْدَادُ عَلَى قَدْرِ إرْثِهِمْ ثُمَّ مَنْ خَصَّهُ شَيْءٌ لَهُ إخْرَاجُهُ وَالصَّوْمُ عَنْهُ وَيُجْبَرُ الْكَسْرُ.
نَعَمْ لَوْ كَانَ الْوَاجِبُ يَوْمًا لَمْ يَجُزْ تَبْعِيضُ وَاجِبِهِ صَوْمًا وَإِطْعَامًا لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ كَفَّارَةٍ وَاحِدَةٍ وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ يَصِحُّ كَمَا يُوَفَّى دَيْنُهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ
(وَلَوْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صَلَاةٌ أَوْ اعْتِكَافٌ لَمْ يُفْعَلْ ذَلِكَ عَنْهُ وَلَا فِدْيَةَ لَهُ) لِعَدَمِ وُرُودِهَا بَلْ نَقَلَ الْقَاضِي عِيَاضٌ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّهُ لَا يُصَلَّى عَنْهُ.
نَعَمْ لَوْ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
عَنْ الصَّائِمِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَلْزَمُ الْوَارِثَ) وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الصَّوْمُ لِكَوْنِ الْمَيِّتِ لَمْ يُخَلِّفْ تَرِكَةً يَتَعَلَّقُ بِهَا الْوَاجِبُ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَجِبْ الصَّوْمُ عَلَى وَارِثِ مَنْ خَلَّفَ تَرِكَةً، وَغَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ سَقَطَ التَّعَلُّقُ بِالتَّرِكَةِ بِصَوْمِهِ (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ نَظِيرَهُ فِي الْحَجِّ) أَيْ حَيْثُ يَصِحُّ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ بِلَا إذْنٍ مِنْ الْمَيِّتِ وَلَا مِنْ الْقَرِيبِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ لَهُ) أَيْ الصَّوْمَ (قَوْلُهُ: فِي الْحَيَاةِ) أَيْ بِخِلَافِ الْحَجِّ فَإِنَّهُ يَقْبَلُهَا حَيْثُ كَانَ الْمُسْتَنِيبُ مَغْصُوبًا (قَوْلُهُ وَهَلْ لَهُ) أَيْ لِلْأَجْنَبِيِّ (قَوْلُهُ: أَذِنَ الْحَاكِمُ) أَيْ وُجُوبًا لِأَنَّ فِيهِ مَصْلَحَةً لِلْمَيِّتِ وَالْحَاكِمُ يَجِبُ عَلَيْهِ رِعَايَتُهَا وَالْكَلَامُ فِيمَا لَوْ اسْتَأْذَنَهُ مَنْ يَصُومُ أَوْ يُطْعِمُ عَنْ الْمَيِّتِ (قَوْلُهُ: فِيمَا يَظْهَرُ خِلَافًا) لِمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَعِبَارَةُ سم عَلَى شَرْحِ الْبَهْجَةِ: فَإِنْ قَامَ بِالْقَرِيبِ مَا يَمْنَعُ الْإِذْنَ كَصِبًا وَجُنُونٍ أَوْ امْتَنَعَ مِنْ الْإِذْنِ وَالصَّوْمِ أَوْ لَمْ يَكُنْ قَرِيبٌ فَهَلْ يَأْذَنُ الْحَاكِمُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَوْجَهُ الْمَنْعُ لِأَنَّهُ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ فَيُقْتَصَرُ عَلَيْهِ فَتَتَعَيَّنُ الْفِدْيَةُ اهـ كَلَامُ شَرْحِ الرَّوْضِ، إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ وَالْأَوْجَهُ الْمَنْعُ إلَخْ الْأَوْجَهُ أَنَّهُ يَأْذَنُ لَهُ وَيَسْتَأْجِرُ مِنْ التَّرِكَةِ مَرَّ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِمَنْ اسْتَوْجَبَهُ) مَشَى عَلَيْهِ حَجّ (قَوْلُهُ: فَيُقْتَصَرُ فِيهِ) أَيْ عَلَى الْوَارِدِ (قَوْلُهُ: وَآخُذُ الْأُجْرَةَ جَازَ) أَيْ حَيْثُ رَضِيَ بِذَلِكَ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ أَوْ قَالَ بَعْضُهُمْ إلَخْ (قَوْلُهُ: أُجِيبَ الْأَوَّلُونَ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِقَدْرِ حِصَّتِهِمْ فَقَطْ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ ثُمَّ مَنْ خَصَّهُ شَيْءٌ لَهُ إخْرَاجُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ إجْزَاءَ الْإِطْعَامِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْإِطْعَامَ أَفْضَلُ مِنْ الصَّوْمِ وَبِهِ صَرَّحَ حَجّ حَيْثُ قَالَ: فَظَاهِرُ قَوْلِهِ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ يُسَنُّ أَنَّهُ: أَيْ الصَّوْمُ أَفْضَلُ مِنْ الْإِطْعَامِ، وَهُوَ بَعِيدٌ كَيْفَ وَفِي إجْزَائِهِ الْخِلَافُ وَالْإِطْعَامُ لَا خِلَافَ فِيهِ فَالْوَجْهُ أَنَّ الْإِطْعَامَ أَفْضَلُ مِنْهُ (قَوْلُهُ: لَمْ يَجُزْ تَبْعِيضٌ) أَيْ فَالطَّرِيقُ أَنْ يَتَّفِقُوا عَلَى صَوْمٍ وَاحِدٍ أَوْ يُخْرِجُوا مُدَّ طَعَامٍ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَجَبَ عَلَى الْحَاكِمِ إجْبَارُهُمْ عَلَى الْفِدْيَةِ أَوْ أَخْذُ مُدٍّ مِنْ تَرِكَتِهِ وَإِخْرَاجُهُ
(قَوْلُهُ: لِعَدَمِ وُرُودِهَا) أَيْ وَهَلْ تُسَنُّ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ فِي الصَّلَاةِ الْمَذْكُورَةِ عَنْ حَجّ الْآتِي قَرِيبًا
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: فَيُقْتَصَرُ فِيهِ) عِبَارَةُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ: وَهُوَ الَّذِي عَرَّضَ بِهِ الشَّارِحُ فَيُقْتَصَرُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَيُجْبَرُ الْكَسْرُ) أَيْ فِي الصَّوْمِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَجُزْ تَبْعِيضُ وَاجِبِهِ صَوْمًا وَإِطْعَامًا) وَلَعَلَّ الْمَانِعَ مِنْ وُقُوعِ الصَّوْمِ الَّذِي صَامَهُ مَنْ خَصَّهُ الصَّوْمُ عَنْ الْمَيِّتِ كَوْنُهُ نَوَاهُ عَنْ خُصُوصِ حِصَّتِهِ
صَائِمًا اعْتَكَفَ عَنْهُ وَلِيُّهُ صَائِمًا.
قَالَهُ فِي التَّهْذِيبِ، وَمِثْلُهُ رَكْعَتَا الطَّوَافِ فَيَجُوزُ تَبَعًا لِلْحَجِّ (وَفِي الِاعْتِكَافِ قَوْلٌ) أَنَّهُ يَعْتَكِفُ عَنْهُ قِيَاسًا عَلَى الصَّوْمِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا كُفَّ وَمُنِعَ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ)
(وَالْأَظْهَرُ وُجُوبُ الْمُدِّ) عَنْ كُلِّ يَوْمٍ (عَلَى مَنْ)(أَفْطَرَ) مِنْ رَمَضَانَ (لِكِبَرٍ) كَأَنْ صَارَ شَيْخًا هَرَمًا لَا يُطِيقُ الصَّوْمَ فِي زَمَنِ الْأَزْمَانِ، وَإِلَّا لَزِمَهُ إيقَاعُهُ فِيمَا يُطِيقُهُ فِيهِ، وَمِثْلُهُ كُلُّ عَاجِزٍ عَنْ صَوْمٍ وَاجِبٍ سَوَاءٌ فِي رَمَضَانَ وَغَيْرِهِ لِزَمَانَةٍ أَوْ مَرَضٍ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ أَوْ مَشَقَّةٍ شَدِيدَةٍ تَلْحَقُهُ وَلَمْ يَتَكَلَّفْهُ، قَالَ تَعَالَى {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة: 184] أَيْ لَا يُطِيقُونَهُ أَوْ يُطِيقُونَهُ حَالَ الشَّبَابِ ثُمَّ يَعْجِزُونَ عَنْهُ حَالَ الْكِبَرِ، أَوْ يُطِيقُونَهُ: أَيْ يُكَلَّفُونَهُ فَلَا يُطِيقُونَهُ كَمَا مَرَّ، وَإِنَّمَا لَمْ يَلْزَمْ مِنْ ذِكْرِ قَضَاءٍ إذَا قَدَرَ بَعْدَ ذَلِكَ لِسُقُوطِ الصَّوْمِ عَنْهُ وَعَدَمُ مُخَاطَبَتِهِ بِهِ كَمَا هُوَ الْأَصَحُّ فِي الْمَجْمُوعِ مِنْ أَنَّ الْفِدْيَةَ وَاجِبَةٌ فِي حَقِّهِ ابْتِدَاءً لَا بَدَلًا عَنْ الصَّوْمِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ نَذَرَ صَوْمَ مَا لَمْ يَصِحَّ نَذْرُهُ وَإِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْفِطْرِ لَمْ يَلْزَمْهُ قَضَاؤُهُ، بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْحَجِّ عَنْ مَغْضُوبٍ قَدَرَ بَعْدُ لِأَنَّهُ خُوطِبَ بِالْحَجِّ، وَلَوْ تَكَلَّفَ الصَّوْمَ فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْبَنْدَنِيجِيِّ كَمَا لَوْ تَكَلَّفَ مَنْ سَقَطَتْ عَنْهُ الْجُمُعَةُ فِعْلَهَا حَيْثُ أَجْزَأَتْهُ عَنْ وَاجِبِهِ فَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ قِيَاسُ مَا صَحَّحُوهُ مِنْ أَنَّهُ مُخَاطَبٌ بِالْفِدْيَةِ ابْتِدَاءُ عَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِالصَّوْمِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمَا أَنَّ مَنْ ذُكِرَ إذَا عَجَزَ عَنْ الْفِدْيَةِ ثَبَتَتْ فِي ذِمَّتِهِ كَالْكَفَّارَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَمَا بَحَثَهُ فِي الْمَجْمُوعِ مِنْ أَنَّهُ يَنْبَغِي هُنَا عَكْسُهُ كَالْفِطْرَةِ لِأَنَّهُ عَاجِزٌ حَالَ التَّكْلِيفِ بِالْفِدْيَةِ وَلَيْسَتْ فِي مُقَابَلَةِ جِنَايَةٍ وَنَحْوِهَا رُدَّ بِأَنَّ حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى الْمَالِيَّ إذَا عَجَزَ عَنْهُ الْعَبْدُ وَقْتَ الْوُجُوبِ اسْتَقَرَّ فِي ذِمَّتِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى جِهَةِ الْبَدَلِ إذَا كَانَ بِسَبَبٍ مِنْهُ وَهُوَ هُنَا كَذَلِكَ إذْ سَبَبُهُ فِطْرُهُ بِخِلَافِ زَكَاةِ الْفِطْرِ، وَلَوْ أَخَّرَ نَحْوُ الْهَرَمِ الْفِدْيَةَ عَنْ السَّنَةِ الْأُولَى لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ لِلتَّأْخِيرِ، وَلَيْسَ لَهُ وَلَا لِلْحَامِلِ أَوْ الْمُرْضِعِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: اعْتَكَفَ عَنْهُ وَلِيُّهُ صَائِمًا) أَيْ جَازَ أَنْ يَعْتَكِفَ صَائِمًا فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ بَقِيَ الِاعْتِكَافُ فِي ذِمَّةِ الْمَيِّتِ (قَوْلُهُ: وَفِي الِاعْتِكَافِ قَوْلُهُ) قَالَ حَجّ: وَفِي الصَّلَاةِ قَوْلٌ أَيْضًا أَنَّهَا تُفْعَلُ عَنْهُ أَوْصَى بِهَا أَوْ لَا. حَكَاهُ الْعَبَّادِيُّ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَغَيْرُهُ عَنْ إِسْحَاقَ وَعَطَاءٍ لِخَبَرٍ فِيهِ لَكِنَّهُ مَعْلُولٌ، بَلْ نَقَلَ ابْنُ بُرْهَانَ عَنْ الْقَدِيمِ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْوَلِيَّ: أَيْ إنْ خَلَّفَ تَرِكَةً أَنْ يُصَلِّيَ عَنْهُ كَالصَّوْمِ، وَوَجَّهَ عَلَيْهِ كَثِيرُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ يُطْعِمُ عَنْ كُلِّ صَلَاةٍ مُدًّا، وَاخْتَارَ جَمْعٌ مِنْ مُحَقِّقِي الْمُتَأَخِّرِينَ الْأَوَّلَ. وَفَعَلَ بِهِ السُّبْكِيُّ عَنْ بَعْضِ أَقَارِبِهِ، وَبِمَا تَقَرَّرَ يُعْلَمُ أَنَّ نَقْلَ جَمْعِ شَافِعِيَّةٍ وَغَيْرِهِمْ الْإِجْمَاعَ فِي الْمَنْعِ الْمُرَادُ بِهِ إجْمَاعُ الْأَكْثَرِ، وَقَوْلُهُ وَاخْتَارَ جَمْعٌ مِنْ مُحَقِّقِي الْمُتَأَخِّرِينَ الْأَوَّلَ: أَيْ أَنَّ الصَّلَاةَ تُفْعَلُ عَنْهُ
(قَوْلُهُ: لِكِبَرٍ) تَعْبِيرُهُ بِالْكِبَرِ يَقْتَضِي أَنَّ مَنْ أَصَابَهُ مَرَضٌ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ وَعَجَزَ مَعَهُ عَنْ الصَّوْمِ وَلَمْ يَبْلُغْ سِنَّ الْكِبَرِ وَأَفْطَرَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْمُدُّ بَلْ لَا يُعْتَدُّ بِهِ مِنْهُ، ثُمَّ إنْ اسْتَمَرَّ كَذَلِكَ حَتَّى مَاتَ أُخْرِجَ عَنْهُ لِكُلِّ يَوْمٍ مُدٌّ كَمَا تَقَدَّمَ، وَقَدْ يَقْتَضِيه قَوْلُ الشَّارِحِ أَوَّلَ الْفَصْلِ وَعُلِمَ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْمَوْتِ عَدَمُ صِحَّةِ الصَّوْمِ عَنْ حَيٍّ إلَخْ، لَكِنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ الْآتِي وَمِثْلُهُ كُلُّ عَاجِزٍ عَنْ صَوْمٍ وَاجِبٍ إلَخْ يَقْتَضِي خِلَافَهُ وَهُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ: أَوْ مَشَقَّةٍ شَدِيدَةٍ تَلْحَقُهُ) لَمْ يُبَيِّنْ ضَابِطَ الْمَشَقَّةِ هُنَا الْمُبِيحَةِ لِلْفِدْيَةِ وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الْمَرَضِ أَنَّهَا الَّتِي يُخْشَى مِنْهَا مَحْذُورٌ تَيَمَّمَ (قَوْلُهُ: أَيْ لَا يُطِيقُونَهُ) أَيْ فَلَا مَقْدِرَةَ، فَإِنْ قُلْت: أَيُّ قَرِينَةٍ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ ذَلِكَ؟ قُلْت: يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ قَدْ وُجِدَتْ عِنْدَ النُّزُولِ قَرِينَةٌ حَالِيَّةٌ فُهِمَ مِنْهَا ذَلِكَ، وَلَا يَضُرُّ عَدَمُ بَقَائِهَا فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى بَهْجَةٍ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ يَلْزَمْ مِنْ ذِكْرِ قَضَاءٍ) أَيْ وَإِنْ كَانَتْ الْفِدْيَةُ بَاقِيَةً فِي ذِمَّتِهِ (قَوْلُهُ لَمْ يَصِحَّ نَذْرُهُ) أَيْ لِعَجْزِهِ عَنْهُ حَالَ النَّذْرِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ خُوطِبَ بِالْحَجِّ) وَيَقَعُ الْحَجُّ الْأَوَّلُ لِلنَّائِبِ وَيَسْتَرِدُّ مِنْهُ مَا دَفَعَهُ إلَيْهِ مِنْ الْأُجْرَةِ (قَوْلُهُ: وَمَا بَحَثَهُ فِي الْمَجْمُوعِ مِنْ أَنَّهُ يَنْبَغِي هُنَا عَكْسُهُ) أَيْ وَهُوَ عَدَمُ ثُبُوتِهَا فِي ذِمَّتِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَخْرَجَ)
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ قَوْلُهُ لِأَنَّهُ خُوطِبَ بِالْحَجِّ) أَيْ ابْتِدَاءً فَلَا يُقَالُ إنَّ كَوْنَهُ مُخَاطَبًا بِالْحَجِّ هُوَ مَحَلُّ النِّزَاعِ
الِاثْنَيْنِ تَعْجِيلُ فِدْيَةِ يَوْمَيْنِ فَأَكْثَرَ، وَلَهُمْ تَعْجِيلُ فِدْيَةِ يَوْمٍ فِيهِ أَوْ فِي لَيْلَتِهِ
وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ الْمَنْعُ لِأَنَّهُ أَفْطَرَ لِأَجْلِ نَفْسِهِ بِعُذْرٍ فَأَشْبَهَ الْمُسَافِرَ وَالْمَرِيضَ إذَا مَاتَا قَبْلَ انْقِضَاءِ السَّفَرِ وَالْمَرَضِ وَفَرَّقَ الْأَوَّلَ بِأَنَّ الشَّيْخَ لَا يَتَوَقَّعُ زَوَالَ عُذْرِهِ بِخِلَافِهِمَا
(وَأَمَّا)(الْحَامِلُ وَالْمُرْضِعُ فَإِنْ أَفْطَرَتَا خَوْفًا) مِنْ الصَّوْمِ (عَلَى نَفْسَيْهِمَا) وَلَوْ مَعَ وَلَدَيْهِمَا تَغْلِيبًا لِلْمُسْقِطِ وَعَمَلًا بِالْأَصْلِ مِنْ حُصُولِ مَرَضٍ وَنَحْوِهِ بِالصَّوْمِ كَالضَّرَرِ الْحَاصِلِ مِنْ الصَّوْمِ لِلْمَرِيضِ (وَجَبَ) عَلَيْهِمَا (الْقَضَاءُ بِلَا فِدْيَةٍ) كَالْمَرِيضِ الْمَرْجُوِّ الْبُرْءِ (أَوْ عَلَى الْوَلَدِ) وَحْدَهُ وَلَوْ مِنْ غَيْرِهَا بِأَنْ خَافَتْ الْحَامِلُ مِنْ إسْقَاطِهِ وَخَافَتْ الْمُرْضِعُ مِنْ أَنْ يَقِلَّ اللَّبَنُ فَيَهْلِكُ الْوَلَدُ (لَزِمَتْهُمَا) مَعَ الْقَضَاءِ (الْفِدْيَةُ فِي الْأَظْهَرِ) فِي مَالِهِمَا وَإِنْ كَانَتَا مُسَافِرَتَيْنِ أَوْ مَرِيضَتَيْنِ، نَعَمْ إنْ أَفْطَرَتَا لِأَجْلِ السَّفَرِ أَوْ الْمَرَضِ فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِمَا وَكَذَا إنْ أُطْلِقَتَا فِي الْأَصَحِّ ثُمَّ الْكَلَامُ فِي الْحُرَّةِ أَمَّا الْقِنَّةُ فَسَتَأْتِي وَفِي غَيْرِ الْمُرْضِعِ الْمُتَحَيِّرَةِ، وَأَمَّا هِيَ فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهَا لِلشَّكِّ وَكَذَا الْحَامِلُ الْمُتَحَيِّرَةُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَامِلَ تَحِيضُ، ثُمَّ مَحَلُّ مَا ذُكِرَ فِي الْمُتَحَيِّرَةِ إذَا أَفْطَرَتْ سِتَّةَ عَشَرَ يَوْمًا فَأَقَلَّ، فَإِنْ أَفْطَرَتْ أَزْيَدَ مِنْ ذَلِكَ وَجَبَتْ الْفِدْيَةُ لِمَا زَادَ لِأَنَّهَا أَكْثَرُ مَا يُحْتَمَلُ فَسَادُهُ بِالْحَيْضِ حَتَّى لَوْ أَفْطَرَتْ كُلَّ رَمَضَانَ لَزِمَهَا مَعَ الْقَضَاءِ فِدْيَةُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ يَوْمًا، نَبَّهَ عَلَيْهِ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ، وَشَمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ الْمُسْتَأْجَرَةَ لِلْإِرْضَاعِ، وَإِنَّمَا لَزِمَهَا وَلَمْ يَلْزَمْ الْأَجِيرَ دَمُ التَّمَتُّعِ لِأَنَّ الدَّمَ ثَمَّ مِنْ تَتِمَّةِ الْحَجِّ الْوَاجِبِ عَلَى الْمُسْتَأْجَرِ وَهُنَا الْفِطْرُ مِنْ تَتِمَّةِ إيصَالِ الْمَنَافِعِ اللَّازِمَةِ لِلْمُرْضِعِ، وَمَا بَحَثَهُ الشَّيْخُ مِنْ أَنَّ مَحَلَّ مَا ذُكِرَ فِي الْمُسْتَأْجَرَةِ وَالْمُتَطَوِّعَةِ إذَا لَمْ تُوجَدْ مُرْضِعَةٌ مُفْطِرَةٌ أَوْ صَائِمَةٌ لَا يَضُرُّهَا الْإِرْضَاعُ، مَحْمُولٌ فِي الْمُسْتَأْجَرَةِ عَلَى مَا إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهَا احْتِيَاجُهَا إلَى الْإِفْطَارِ قَبْلَ الْإِجَارَةِ، وَإِلَّا فَالْإِجَارَةُ لِلْإِرْضَاعِ لَا تَكُونُ إلَّا إجَارَةَ عَيْنٍ، وَلَا يَجُوزُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَيْ بَعْدَ مُضِيِّ سَنَتَيْنِ مَثَلًا لِأَنَّهُ لَوْ أَخْرَجَ فِدْيَةَ السَّنَةِ الْأُولَى فِيهَا لَمْ يَكُنْ تَأْخِيرٌ حَتَّى يُقَالَ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ لِلتَّأْخِيرِ (قَوْلُهُ: الْآتِيَيْنِ تَعْجِيلُ) أَيْ وَإِذَا قُلْنَا بِعَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِمَا عَجَّلَهُ هَلْ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْآخِذُ بِكَوْنِهَا مُعَجَّلَةً أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِيمَا لَوْ أَخْرَجَ غَيْرَ الْجِنْسِ فَإِنَّهُ يُسْتَرَدُّ مِنْهُ مُطْلَقًا لِفَسَادِ الْقَبْضِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ كُلُّ مَا لَمْ يَقَعْ الْمَوْقِعَ وَكَانَ قَبْضُهُ فَاسِدًا، وَكَذَا لَوْ عَجَّلَ لَيْلًا الْفِطْرَ لِلْكِبَرِ أَوْ الْمَرَضِ ثُمَّ تَحَمَّلَ الْمَشَقَّةَ وَصَامَ صَبِيحَةَ لَيْلَةِ التَّعْجِيلِ فَيَتَبَيَّنُ عَدَمُ وُقُوعِ مَا عَجَّلَهُ الْمَوْقِعَ وَيَسْتَرِدُّهُ عَلَى مَا مَرَّ
(قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْحَامِلُ) أَيْ وَلَوْ كَانَ الْحَمْلُ مِنْ زِنًا أَوْ بِغَيْرِ آدَمِيٍّ وَلَا فَرْقَ فِي الرَّضِيعِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ آدَمِيًّا أَوْ حَيَوَانًا مُحْتَرَمًا ثُمَّ رَأَيْته فِي الزِّيَادِيِّ (قَوْلُهُ مِنْ حُصُولِ مَرَضٍ وَنَحْوِهِ) أَيْ مِنْ كُلِّ ضَرَرٍ يُبِيحُ التَّيَمُّمَ حَجّ.
أَقُولُ: وَيَنْبَغِي فِي اعْتِمَادِ الْخَوْفِ الْمَذْكُورِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إخْبَارِ طَبِيبٍ مُسْلِمٍ عَدْلٍ وَلَوْ عَدْلَ رِوَايَةٍ أَخْذًا مِمَّا قِيلَ فِي التَّيَمُّمِ (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى الْوَلَدِ) أَيْ وَلَوْ حَرْبِيًّا عَلَى الْأَوْجَهِ لِأَنَّهُ مُحْتَرَمٌ خِلَافًا لِمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُ الزَّرْكَشِيّ اهـ إيعَابٌ.
وَقَوْلُهُ وَلَوْ حَرْبِيًّا: أَيْ بِأَنْ اُسْتُؤْجِرَتْ امْرَأَةٌ مُسْلِمَةٌ لِإِرْضَاعِ وَلَدِ حَرْبِيٍّ مَثَلًا (قَوْلُهُ: فَيَهْلَكُ الْوَلَدُ) مِثْلُ الْهَلَاكِ غَيْرُهُ مِمَّا يُبِيحُ التَّيَمُّمَ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ أُطْلِقَتَا) أَيْ بِأَنْ لَمْ يُرِيدَا بِالْفِطْرِ خُصُوصَ الْوَلَدِ وَلَا السَّفَرَ أَوْ الْمَرَضَ (قَوْلُهُ: وَجَبَتْ الْفِدْيَةُ لِمَا زَادَ) أَيْ عَلَى سِتَّةَ عَشْرَ (قَوْلُهُ: كُلَّ رَمَضَانَ) أَيْ مِنْ سَنَةٍ وَاحِدَةٍ (قَوْلُهُ الْمُسْتَأْجَرَةَ) وَكَذَا الْمُتَبَرِّعَةُ اهـ حَجّ.
وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ تَتَعَيَّنْ لِلْإِرْضَاعِ وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ فِي قَوْلِهِ وَمَا بَحَثَهُ الشَّيْخُ إلَخْ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهَا) أَيْ فَلَا يَجُوزُ لَهَا حَيْثُ عَلِمَتْ بِذَلِكَ الْإِيجَارِ وَتَبْطُلُ الْإِجَارَةُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: مِنْ حُصُولِ مَرَضٍ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ خَوْفًا، وَقَوْلُهُ كَالضَّرَرِ وَصْفٌ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ: أَيْ ضَرَرًا كَالضَّرَرِ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَمَّا الْقِنَّةُ فَسَتَأْتِي) اُنْظُرْ أَيْنَ تَأْتِي (قَوْلُهُ: وَمَا بَحَثَهُ الشَّيْخُ مِنْ أَنَّ مَحَلَّ مَا ذُكِرَ) يَعْنِي جَوَازَ الْفِطْرِ (قَوْلُهُ: وَيُتَدَارَكُ عَنْهُ بِالْفِدْيَةِ) اُنْظُرْ هَلْ يُتَدَارَكُ عَنْهُ بِالصَّوْمِ أَيْضًا عَلَى الْقَدِيمِ الْآتِي (قَوْلُهُ: مَحْمُولٌ فِي الْمُسْتَأْجِرَةِ عَلَى مَا إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهَا إلَخْ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا تَصِحُّ الْإِجَارَةُ لِعَدَمِ قُدْرَتِهَا عَلَى تَسْلِيمِ الْمَنْفَعَةِ شَرْعًا، وَخَرَجَ بِذَلِكَ
إبْدَالُ الْمُسْتَوْفَى مِنْهُ فِيهَا وَالْفِطْرُ فِيمَا ذُكِرَ جَائِزٌ بَلْ وَاجِبٌ إنْ خِيفَ نَحْوُ هَلَاكِ الْوَلَدِ وَلَا تَتَعَدَّدُ الْفِدْيَةُ بِتَعَدُّدِ الْأَوْلَادِ لِأَنَّهَا بَدَلٌ عَنْ الصَّوْمِ، بِخِلَافِ الْعَقِيقَةِ لِأَنَّهَا فِدَاءٌ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ، وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ لَا يَلْزَمُهُمَا كَالْمُسَافِرِ وَالْمَرِيضِ لِأَنَّ فِطْرَهُمَا لِعُذْرٍ، وَقِيلَ يَجِبُ عَلَى الْمُرْضِعِ دُونَ الْحَامِلِ لِأَنَّ فِطْرَهَا لِمَعْنًى فِيهَا كَالْمَرِيضِ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُلْحَقُ بِالْمُرْضِعِ) فِي إيجَابِ الْفِدْيَةِ مَعَ الْقَضَاءِ
(مَنْ)(أَفْطَرَ لِإِنْقَاذِ) مُحْتَرَمٍ (مُشْرِفٍ عَلَى هَلَاكٍ) بِغَرَقٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ عَلَى إتْلَافِ عُضْوٍ أَوْ مَنْفَعَتِهِ أَخْذًا مِنْ نَظَائِرِهِ وَتَوَقَّفَ الْإِنْقَاذُ عَلَى الْفِطْرِ فَأَفْطَرَ وَلَمْ تَكُنْ امْرَأَةً مُتَحَيِّرَةً لِأَنَّهُ فِطْرٌ ارْتَفَقَ بِهِ شَخْصَانِ وَإِنْ وَجَبَ كَمَا مَرَّ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ النَّفْسِ وَالْمَالِ، لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ كَمَا فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ عَدَمُ لُزُومِ ذَلِكَ فِي الْمَالِ وَلَوْ مَالَ غَيْرِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ حَيَوَانًا وَإِنْ كَانَ الْقَفَّالُ فَرَضَهُ فِي مَالِ نَفْسِهِ لِأَنَّهُ فِطْرٌ ارْتَفَقَ بِهِ شَخْصٌ وَاحِدٌ، بِخِلَافِ الْحَيَوَانِ الْمُحْتَرَمِ وَلَوْ بَهِيمَةً فَإِنَّهُ ارْتَفَقَ بِهِ شَخْصَانِ، وَمَحَلُّهُ فِي مُنْقِذٍ لَا يُبَاحُ لَهُ الْفِطْرُ لَوْلَا الْإِنْقَاذُ.
أَمَّا مَنْ يُبَاحُ لَهُ الْفِطْرُ لِعُذْرٍ كَسَفَرٍ أَوْ غَيْرِهِ فَأَفْطَرَ فِيهِ لِلْإِنْقَاذِ وَلَوْ بِلَا نِيَّةِ التَّرَخُّصِ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فِدْيَةَ، وَيُتَّجَهُ تَقْيِيدُهُ بِمَا مَرَّ آنِفًا فِي الْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ وَالثَّانِي لَا يُلْحَقُ بِهِمَا لِأَنَّ إيجَابَ الْفِدْيَةِ مَعَ الْقَضَاءِ بَعِيدٌ مِنْ الْقِيَاسِ، وَإِنَّمَا قُلْنَا بِهِ فِي حَقِّ الْمُرْضِعِ وَالْحَامِلِ لِوُرُودِ الْأَخْبَارِ بِهِ فَبَقِيَ مَا عَدَاهُمَا عَلَى الْأَصْلِ وَالْفِطْرُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَاجِبٌ كَمَا مَرَّ إنْ لَمْ يُمْكِنْ تَخْلِيصُهُ إلَّا بِهِ (لَا الْمُتَعَدِّي بِفِطْرِ رَمَضَانَ بِغَيْرِ جِمَاعٍ) فَلَا يُلْحَقُ بِهَا لِعَدَمِ وُرُودِهِ وَفَارَقَ لُزُومَهَا لِلْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ بِمَا مَرَّ وَبِأَنَّ الْفِدْيَةَ غَيْرُ مُتَقَيِّدَةٍ بِالْإِثْمِ بَلْ إنَّمَا هِيَ حِكْمَةٌ اسْتَأْثَرَ اللَّهُ بِهَا.
أَلَا تَرَى أَنَّ الرِّدَّةَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ أَفْحَشُ مِنْ الْوَطْءِ مَعَ أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ فِيهَا، وَفَارَقَ ذَلِكَ أَيْضًا لُزُومَ الْكَفَّارَةِ فِي الْيَمِينِ الْغَمُوسِ وَفِي الْقَتْلِ عَمْدًا عُدْوَانًا بِأَنَّ الصَّوْمَ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ وَالْكَفَّارَةُ فِيهَا عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ فَيُقْتَصَرُ فِيهَا عَلَى مَا وَرَدَ فِيهِ نَصٌّ أَوْ كَانَ فِي مَعْنَاهُ بِخِلَافِهَا فِي تَيْنِكَ.
نَعَمْ يَلْزَمُهُ التَّعْزِيرُ
(وَمَنْ)(أَخَّرَ قَضَاءَ رَمَضَانَ) أَوْ شَيْئًا مِنْهُ (مَعَ إمْكَانِهِ) بِأَنْ كَانَ صَحِيحًا مُقِيمًا (حَتَّى دَخَلَ رَمَضَانُ آخَرُ)(لَزِمَهُ مَعَ الْقَضَاءِ لِكُلِّ يَوْمٍ مُدٌّ) وَهُوَ آثِمٌ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ لِخَبَرٍ فِيهِ ضَعِيفٍ لَكِنَّهُ رُوِيَ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
لَوْ صَدَرَتْ مِنْهَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لِعَجْزِهَا عَنْ تَسْلِيمِ مَنْفَعَةِ نَفْسِهَا بِوُجُودِ مَنْ لَا يَضُرُّهَا الْإِرْضَاعُ (قَوْلُهُ: بِمَا مَرَّ آنِفًا) أَيْ بِأَنْ أَفْطَرَ لِنَحْوِ السَّفَرِ لَا لِلْإِنْقَاذِ، وَعَلَيْهِ فَقَوْلُهُ أَوَّلًا لِلْإِنْقَاذِ مَعْنَاهُ عِنْدَهُ (قَوْلُهُ: وَالْمُرْضِعُ) أَيْ وَذَلِكَ بِأَنْ أَفْطَرَتْ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهَا عَلَى مَا بَحَثَهُ الشَّيْخُ رحمه الله
(قَوْلُهُ بِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ ارْتَفَقَ بِهِ شَخْصَانِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ يَلْزَمُهُ) أَيْ الْمُتَعَدِّي
(قَوْلُهُ: صَحِيحًا مُقِيمًا) أَيْ وَحُرًّا لِمَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ: أَمَّا الْقِنُّ إلَخْ، وَلَا فَرْقَ فِي الْحُرِّ بَيْنَ كَوْنِهِ حُرَّ الْكُلِّ أَوْ الْبَعْضِ أَخْذًا مِنْ تَعْلِيلِ الِاحْتِرَازِ بِالْحُرِّ عَنْ الرَّقِيقِ لِأَنَّهُ لَا تَرِكَةَ لَهُ فَيُخْرَجُ عَنْ الْمُبَعَّضِ مِمَّا خَلَّفَهُ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مُدٌّ كَمَا
ــ
[حاشية الرشيدي]
مَا إذَا لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهَا مَا ذُكِرَ فَتَصِحُّ الْإِجَارَةُ وَيَجُوزُ لَهَا الْفِطْرُ، بَلْ يَجِبُ وَيَمْتَنِعُ عَلَيْهَا دَفْعُ الطِّفْلِ لِغَيْرِهَا، وَهَذَا مَوْضُوعُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ وَهُوَ حَاصِلُ قَوْلِهِ وَإِلَّا فَالْإِجَارَةُ إلَخْ
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ فِطْرٌ ارْتَفَقَ بِهِ شَخْصَانِ) هَذَا وَجْهُ إلْحَاقِهِ بِالْمَوْضِعِ فَهُوَ الْجَامِعُ فِي الْقِيَاسِ لَا حِكْمَةُ إيجَابِ الْفِدْيَةِ، وَإِلَّا فَسَيَأْتِي أَنَّ الْفِدْيَةَ حِكْمَةٌ اسْتَأْثَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا.
لَا يُقَالُ: يَلْزَمُ عَلَى هَذَا أَنَّ الْمَقِيسَ عَلَيْهِ تَعَبُّدِيٌّ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَصِحُّ الْقِيَاسُ لِأَنَّ مِنْ شَرْطِهِ أَنْ لَا يَكُونَ الْمَقِيسُ عَلَيْهِ تَعَبُّدِيًّا.
لِأَنَّا نَقُولُ: الَّذِي اسْتَأْثَرَ اللَّهُ بِهِ إنَّمَا هُوَ إنَاطَةُ الْحُكْمِ بِخُصُوصِ هَذِهِ الْعِلَّةِ فَالْحُكْمُ مُعَلَّلٌ لَا تَعَبُّدِيٌّ فَهُوَ كَالطَّعْمِ فِي الرِّبَوِيَّاتِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ كَمَا فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ عَدَمُ لُزُومِ ذَلِكَ) أَيْ الْفِدْيَةِ (قَوْلُهُ: فَأَفْطَرَ فِيهِ لِلْإِنْقَاذِ) لَيْسَ فِي كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ فَيَجِبُ حَذْفُهُ لِذَلِكَ وَلِيَتَأَتَّى قَوْلُهُ بَعْدُ وَيَتَّجِهُ تَقْيِيدُهُ بِمَا مَرَّ آنِفًا فِي الْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ، وَنَصُّ عِبَارَةِ الْأَذْرَعِيِّ: وَكُلُّ مَا سَبَقَ فِي مُنْقِذٍ لَا يُبَاحُ لَهُ الْفِطْرُ لَوْلَا الْإِنْقَاذُ أَمَّا لَوْ كَانَ يُبَاحُ لَهُ ذَلِكَ لِعُذْرِ سَفَرٍ أَوْ غَيْرِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ وَلَا شَكَّ فِيهِ إذَا نَوَى الْفِطْرَ بِذَلِكَ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ وَالْكَفَّارَةُ فِيهَا عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ) يَعْنِي الْفِدْيَةَ
مَوْقُوفًا عَلَى رَاوِيهِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ، وَيُعَضِّدُهُ إفْتَاءُ سِتَّةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَلَا مُخَالِفَ لَهُمْ وَلِتَعَدِّيهِ بِحُرْمَةِ التَّأْخِيرِ حِينَئِذٍ، وَإِنَّمَا جَازَ تَأْخِيرُ قَضَاءِ الصَّلَاةِ إلَى مَا بَعْدَ صَلَاةٍ أُخْرَى مِثْلِهَا بَلْ إلَى سِنِينَ، لِأَنَّ تَأْخِيرَ الصَّوْمِ إلَى رَمَضَانَ آخَرَ تَأْخِيرٌ إلَى زَمَنٍ لَا يَقْبَلُهُ وَلَا يَصِحُّ فِيهِ فَهُوَ كَتَأْخِيرِهِ عَنْ الْوَقْتِ، بِخِلَافِ قَضَاءِ الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ فِي كُلِّ الْأَوْقَاتِ، وَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَقْتَضِي مَجِيءَ الْحُكْمِ فِيمَا هُوَ قُبَيْلَ عِيدِ النَّحْرِ إذْ التَّأْخِيرُ إلَيْهِ تَأْخِيرٌ لِزَمَنٍ لَا يَقْبَلُهُ لِأَنَّ الْمُرَادَ تَأْخِيرُهُ إلَى زَمَنٍ هُوَ نَظِيرُهُ لَا يَقْبَلُهُ فَانْتَفَى الْعِيدُ عَلَى أَنَّ إيرَادَ ذَلِكَ غَفْلَةٌ عَنْ قَوْلِهِمْ فِي الْإِشْكَالِ مِثْلُهَا، وَخَرَجَ بِإِمْكَانِهِ مَا لَوْ أَخَّرَهُ بِعُذْرٍ كَأَنْ اسْتَمَرَّ مُسَافِرًا أَوْ مَرِيضًا أَوْ الْمَرْأَةُ حَامِلًا أَوْ مُرْضِعًا إلَى قَابِلٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ بِالتَّأْخِيرِ مَا دَامَ الْعُذْرُ بَاقِيًا وَإِنْ اسْتَمَرَّ سِنِينَ لِأَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ فِي الْأَدَاءِ بِالْعُذْرِ فَفِي الْقَضَاءِ بِهِ أَوْلَى، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا كَغَيْرِهِمَا، وَصَرَّحَ بِهِ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ بَيْنَ مَنْ فَاتَهُ شَيْءٌ بِعُذْرٍ وَغَيْرِهِ، لَكِنْ سَيَأْتِي فِي صَوْمِ التَّطَوُّعِ تَبَعًا لِمَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ التَّهْذِيبِ وَأَقَرَّهُ أَنَّ التَّأْخِيرَ لِلسَّفَرِ حَرَامٌ، وَقَضِيَّتُهُ لُزُومُهَا وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: لَا يَلْزَمُ مِنْ الْحُرْمَةِ الْفِدْيَةُ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمَا أَنَّهُ لَوْ شَفَى أَوْ أَقَامَ مُدَّةً تَمَكَّنَ فِيهَا مِنْ الْقَضَاءِ ثُمَّ سَافَرَ فِي شَعْبَانَ مَثَلًا وَلَمْ يَقْضِ فِيهِ لُزُومُ الْفِدْيَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَإِنْ نَظَرَ فِيهِ الْإِسْنَوِيُّ، وَأَخَذَ الْأَذْرَعِيُّ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ التَّأْخِيرَ جَهْلًا أَوْ نِسْيَانًا عُذْرٌ فَلَا فِدْيَةَ بِهِ، وَسَبَقَهُ لِذَلِكَ الرُّويَانِيُّ لَكِنْ خَصَّهُ بِمَنْ أَفْطَرَ بِعُذْرٍ، وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ الْفَرْقِ، وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ سُقُوطَ الْإِثْمِ بِهِ دُونَ الْفِدْيَةِ وَمِثْلُهُمَا الْإِكْرَاهُ كَمَا فِي نَظَائِرِ ذَلِكَ وَمَوْتُهُ أَثْنَاءَ يَوْمٍ يَمْنَعُ تَمَكُّنَهُ فِيهِ (وَالْأَصَحُّ تَكَرُّرُهُ) أَيْ الْمُدِّ إذَا لَمْ يُخْرِجْهُ (بِتَكَرُّرِ السِّنِينَ) لِأَنَّ الْحُقُوقَ الْمَالِيَّةَ لَا تَتَدَاخَلُ بِخِلَافِهِ فِي نَحْوِ الْهَرَمِ لَا يَتَكَرَّرُ بِذَلِكَ لِانْتِفَاءِ التَّقْصِيرِ.
أَمَّا الْقِنُّ فَلَا تَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ قَبْلَ الْعِتْقِ بِتَأْخِيرِ الْقَضَاءِ كَمَا أَخَذَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ فِي نَظِيرِهِ، لِأَنَّ هَذِهِ فِدْيَةٌ مَالِيَّةٌ لَا مَدْخَلَ لِلصَّوْمِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
تُقْضَى دُيُونُهُ مِنْ تَرِكَتِهِ، وَلَا فَرْقَ فِي وُجُوبِ الْمُدِّ لِكُلِّ يَوْمٍ بَيْنَ كَوْنِهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ مُهَايَأَةً أَمْ لَا: أَيْ وَلَمْ تَكُنْ الْمَرْأَةُ حَامِلًا أَوْ مُرْضِعًا أَخْذًا مِمَّا مَرَّ وَيَأْتِي (قَوْلُهُ: قَضَاءِ الصَّلَاةِ) أَيْ حَيْثُ فَاتَتْهُ بِعُذْرٍ (قَوْلُهُ: إذْ التَّأْخِيرُ إلَيْهِ) أَيْ إلَى يَوْمِ عِيدِ النَّحْرِ (قَوْلُهُ: لَا يَقْبَلُهُ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِإِمْكَانِهِ مَا لَوْ أَخَّرَهُ بِعُذْرٍ كَأَنْ اسْتَمَرَّ إلَخْ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مِنْهُ مَا لَوْ نَذَرَ صَوْمَ شَعْبَانَ فِي كُلِّ سَنَةٍ وَفَاتَتْهُ شَيْءٌ مِنْ رَمَضَانَ وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ قَضَائِهِ حَتَّى دَخَلَ شَعْبَانُ فَيُعْذَرُ فِي تَأْخِيرِ قَضَاءِ رَمَضَانَ إلَى شَوَّالٍ مَثَلًا لِأَنَّ صَوْمَ شَعْبَانَ اُسْتُحِقَّ عَلَيْهِ بِالنَّذْرِ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِ صَوْمِهِ عَنْ الْقَضَاءِ (قَوْلُهُ: وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي لُزُومِ الْفِدْيَةِ بِالتَّأْخِيرِ (قَوْلُهُ بَيْنَ مَنْ فَاتَهُ شَيْءٌ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: أَنَّ التَّأْخِيرَ) أَيْ تَأْخِيرَ قَضَاءِ رَمَضَانَ بِسَبَبِ السَّفَرِ (قَوْلُهُ: أَنَّ التَّأْخِيرَ جَهْلًا) وَمُرَادُهُ الْجَهْلُ بِحُرْمَةِ التَّأْخِيرِ وَإِنْ كَانَ مُخَالِطًا لِلْعُلَمَاءِ لِخَفَاءِ ذَلِكَ لَا بِالتَّكَرُّرِ فَلَا يُعْذَرُ لِجَهْلِهِ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِيمَا لَوْ عَلِمَ حُرْمَةَ التَّنَحْنُحِ وَجَهِلَ الْبُطْلَانَ بِهِ اهـ حَجّ اهـ زِيَادِيٌّ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ الْفَرْقِ) أَيْ بَيْنَ مَنْ أَفْطَرَ لِعُذْرٍ وَغَيْرِهِ، فَكُلٌّ مِنْ الْجَهْلِ وَالنِّسْيَانِ عُذْرٌ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ سُقُوطَ الْإِثْمِ بِهِ) أَيْ الْجَهْلِ (قَوْلُهُ: وَمَوْتُهُ أَثْنَاءَ يَوْمٍ) أَيْ وَلَوْ كَانَ مُفْطِرًا لِتَبَيُّنِ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ صَوْمِ ذَلِكَ الْيَوْمِ (قَوْلُهُ: يُمْنَعُ تَمَكُّنُهُ فِيهِ) أَيْ فَلَا يَكُونُ سَبَبًا فِي تَكَرُّرِ الْفِدْيَةِ (قَوْلُهُ بِتَكَرُّرِ السِّنِينَ) أَيْ بِقَيْدِهِ الْمَارِّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ الْإِمْكَانُ، وَعِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ: فَرْعٌ: إذَا تَكَرَّرَ التَّأْخِيرُ هَلْ يُعْتَبَرُ الْإِمْكَانُ فِي كُلِّ عَامٍ أَمْ يَكْفِي لِتَكَرُّرِ الْفِدْيَةِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: غَفْلَةً عَنْ قَوْلِهِمْ فِي الْإِشْكَالِ) أَيْ الْمُقَدَّرِ فِي قَوْلِهِ وَإِنَّمَا جَازَ تَأْخِيرُ الصَّلَاةِ إلَى مَا بَعْدَ صَلَاةٍ أُخْرَى مِثْلِهَا إذْ هُوَ جَوَابٌ عَنْ إشْكَالٍ مُقَدَّرٍ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي عَدَمِ لُزُومِ الْفِدْيَةِ فِي التَّأْخِيرِ لِعُذْرٍ (قَوْلُهُ: إنَّ التَّأْخِيرَ لِلسَّفَرِ حَرَامٌ) أَيْ فِيمَا إذَا كَانَ الْفَوَاتُ لِغَيْرِ عُذْرٍ (قَوْلُهُ وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ سُقُوطَ الْإِثْمِ بِهِ) الضَّمِيرُ لِمَا ذَكَرَ مِنْ الْجَهْلِ وَالنِّسْيَانِ (قَوْلُهُ: أَمَّا الْقِنُّ إلَخْ) كَأَنَّهُ تَوَهَّمَ أَنَّهُ قَيَّدَ فِيمَا مَرَّ لُزُومَ الْفِدْيَةِ بِالْحُرِّ، وَأَنَّهُ سَقَطَ مِنْ النُّسَخِ وَإِلَّا
فِيهَا وَالْعَبْدُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا لَكِنْ هَلْ تَجِبُ عَلَيْهِ بَعْدَ عِتْقِهِ؟ وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ الْوُجُوبِ.
وَقِيلَ نَعَمْ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ وَلَزِمَتْ ذِمَّةُ عَاجِزٍ وَمَا فَرَّقَ بِهِ الْبَغَوِيّ مِنْ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْفِدْيَةِ وَقْتَ الْفِطْرِ بِخِلَافِ الْحُرِّ صَحِيحٌ، وَإِنْ زَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ يُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْكَفَّارَةِ بِوَقْتِ الْأَدَاءِ لَا بِوَقْتِ الْوُجُوبِ لِظُهُورِ الْفَرْقِ وَهُوَ أَنَّ الْمُكَفِّرَ ثُمَّ أَهْلٌ لِلْوُجُوبِ فِي حَالَتَيْهِ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفَ وَصْفُهُ بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّهُ غَيْرُ أَهْلٍ لِالْتِزَامِ الْفِدْيَةِ وَقْتَ الْوُجُوبِ وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ لَا تَتَكَرَّرُ كَالْحُدُودِ.
(وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَوْ)(أَخَّرَ الْقَضَاءَ) أَيْ قَضَاءَ رَمَضَانَ (مَعَ إمْكَانِهِ فَمَاتَ)(أُخْرِجَ مِنْ تَرِكَتِهِ لِكُلِّ يَوْمٍ مُدَّانِ مُدٌّ لِلْفَوَاتِ) مَا لَمْ يَصُمْ عَنْهُ أَحَدٌ كَمَا أُمِرَ (وَمُدٌّ لِلتَّأْخِيرِ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُوجَبٌ عِنْدَ الِانْفِرَادِ فَكَذَا عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ.
وَالثَّانِي يَكْفِي مُدٌّ وَهُوَ لِلْفَوَاتِ، وَعُلِمَ أَنَّهُ مَتَى تَحَقَّقَ الْفَوَاتُ وَجَبَتْ الْفِدْيَةُ وَلَمْ يَدْخُلْ رَمَضَانُ فَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ عَشَرَةُ أَيَّامٍ فَمَاتَ لِبَوَاقِي خَمْسٍ مِنْ شَعْبَانَ لَزِمَهُ خَمْسَةَ عَشَرَ مُدًّا عَشَرَةٌ لِأَصْلِ الصَّوْمِ وَخَمْسَةٌ لِلتَّأْخِيرِ لِأَنَّهُ لَوْ عَاشَ لَمْ يُمْكِنْهُ إلَّا قَضَاءُ خَمْسَةٍ، وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ لُزُومُ الْفِدْيَةِ حَالًا عَمَّا لَا يَسَعُهُ، وَهُوَ مَا صَوَّبَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا بَعْدُ مِنْ عَدَمِ اللُّزُومِ حَتَّى يَدْخُلَ رَمَضَانُ كَمَنْ حَلَفَ لَيَأْكُلَنَّ هَذَا الرَّغِيفَ غَدًا فَتَلِفَ بِغَيْرِ إتْلَافِهِ قَبْلَ الْغَدِ فَلَا يَحْنَثُ، وَأَخَذَ ابْنُ الْعِمَادِ بِالْقَضِيَّةِ الثَّانِيَةِ وَفَرَّقَ بَيْنَ صُورَةِ الْمَيِّتِ وَالْحَيِّ بِأَنَّ الْأَزْمِنَةَ الْمُسْتَقْبَلَةَ يُقَدَّرُ حُضُورُهَا بِالْمَوْتِ كَمَا يَحِلُّ الْأَجَلُ بِهِ، وَهَذَا مَفْقُودٌ فِي الْحَيِّ إذْ لَا ضَرُورَةَ إلَى تَعْجِيلِ الزَّمَنِ الْمُسْتَقْبَلِ فِي حَقِّهِ، وَلَوْ عَجَّلَ فِدْيَةَ التَّأْخِيرِ لِيُؤَخِّرَ الْقَضَاءَ مَعَ الْإِمْكَانِ أَجْزَأَتْهُ وَإِنْ حَرُمَ عَلَيْهِ التَّأْخِيرُ، وَلَا شَيْءَ عَلَى الْهَرَمِ وَالزَّمِنِ وَمَنْ اشْتَدَّتْ مَشَقَّةُ الصَّوْمِ عَلَيْهِ لِتَأْخِيرِ الْفِدْيَةِ إذَا أَخَّرَهَا عَنْ السَّنَةِ الْأُولَى
(وَمَصْرِفُ الْفِدْيَةِ الْفُقَرَاءُ وَالْمَسَاكِينُ) دُونَ غَيْرِهِمَا مِنْ مُسْتَحَقِّي الزَّكَاةِ لِأَنَّ الْمِسْكِينَ ذُكِرَ فِي الْآيَةِ وَالْخَبَرِ وَالْفَقِيرُ أَسْوَأُ حَالًا مِنْهُ أَوْ دَاخِلٌ فِيهِ إذْ كُلٌّ مِنْهُمَا إذَا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وُجُودُ الْإِمْكَانِ فِي الْعَامِ الْأَوَّلِ الظَّاهِرُ الْأَوَّلُ كَمَا يُرْشِدُ إلَيْهِ قَوْلُ الْبَغَوِيّ أَنَّ الْمُتَعَدِّي بِالْفِطْرِ لَا يُعْذَرُ بِالسَّفَرِ فِي الْقَضَاءِ اهـ.
الَّذِي تَحَرَّرَ فِي مَجْلِسٍ مَرَّ مَعَهُ بِحَضْرَةِ الْعَلَّامَةِ الطَّبَلَاوِيِّ الْأَوَّلِ
(قَوْلُهُ: مَعَ إمْكَانِهِ) وَلَا يُمْنَعُ مِنْ الْإِمْكَانِ مَا لَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَنَّهُ لَا يَصُومُ قَبْلَ رَمَضَانَ لِتَقْصِيرِهِ بِالْيَمِينِ فَتَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ إذَا أَخَّرَ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا صَوَّبَهُ الزَّرْكَشِيُّ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: فَلَا يَحْنَثُ) أَيْ قَبْلَ الْغَدِ (قَوْلُهُ: وَلَا شَيْءَ عَلَى الْهَرَمِ) تَقَدَّمَ التَّصْرِيحُ بِهِ فِي قَوْلِهِ بِخِلَافِهِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
فَلَا مَوْقِعَ لِلتَّعْبِيرِ بِأَمَّا هُنَا
(قَوْلُهُ: وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا بَعْدُ مِنْ عَدَمِ اللُّزُومِ إلَخْ) أَيْ بِأَنَّهُ مَاتَ هُنَا عَاصِيًا بِالتَّأْخِيرِ وَتَحَقَّقَ الْيَأْسُ بِفَوَاتِ الْبَعْضِ فَلَزِمَهُ بَدَلُهُ بِخِلَافِهِ ثُمَّ فِيهِمَا، أَمَّا الْأَوَّلُ فَوَاضِحٌ وَأَمَّا الثَّانِي فَلِجَوَازِ مَوْتِهِ قَبْلَ الْغَدِ فَلَا يَحْنَثُ، هَذَا نَصُّ عِبَارَةِ الْإِمْدَادِ الَّذِي مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ إلَى آخِرِ السِّوَادَةِ عِبَارَتُهُ بِالْحَرْفِ إلَّا أَنَّهُ أَسْقَطَ مِنْهَا مَا ذَكَرْته، وَلَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ وَفُرِّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا بَعْدُ مِنْ عَدَمِ اللُّزُومِ إلَخْ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ مَسْأَلَتَيْ الصِّيَامِ وَأَنَّ الزَّرْكَشِيَّ يُفَرِّقُ بَيْنَ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ وَأَنَّ تَصْوِيبَهُ فِي خُصُوصِ مَسْأَلَةِ الْمَيِّتِ مَعَ أَنَّ مَا ذَكَرَ مِنْ الْفَرْقِ إنَّمَا هُوَ بَيْنَ الصِّيَامِ وَالْحَلْقِ، وَأَيْضًا فَقَوْلُهُ وَأَخَذَ ابْنُ الْعِمَادِ بِالْقَضِيَّةِ الثَّانِيَةِ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الزَّرْكَشِيَّ غَيْرُ قَائِلٍ بِالْفَرْقِ وَكُلُّ ذَلِكَ تَنَاقُضٌ، ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ وَأَخَذَ ابْنُ الْعِمَادِ بِالْقَضِيَّةِ الثَّانِيَةِ لَا يَخْفَى أَنَّ الْقَضِيَّةَ الثَّانِيَةَ إنَّمَا هِيَ عَدَمُ اللُّزُومِ مُطْلَقًا، وَابْنُ الْعِمَادِ لَا يَقُولُ بِعَدَمِ اللُّزُومِ مُطْلَقًا بَلْ إنَّمَا يَقُولُ بِهِ فِي الْحَيِّ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ بَاقِي الْكَلَامِ، وَبِالْجُمْلَةِ فَفِي هَذَا السِّيَاقِ مُؤَاخَذَاتٌ لَا تَخْفَى، وَحَاصِلُ مَا فِي هَذَا الْمَقَامِ أَنَّ الشَّيْخَيْنِ لَمَّا ذَكَرَا الْمَسْأَلَةَ مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ عَشَرَةُ أَيَّامٍ لِبَوَاقِي خَمْسٍ مِنْ شَعْبَانَ الَّتِي مَرَّتْ الْمُقْتَضِيَةُ لُزُومَ الْفِدْيَةِ فِي تَرِكَتِهِ حَالًا قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ وَاللَّفْظُ لِلرَّوْضَةِ، وَإِذَا لَمْ يَبْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَمَضَانِ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مَا يَتَأَتَّى فِيهِ قَضَاءُ جَمِيعِ الْفَائِتِ فَهَلْ تَلْزَمُهُ فِي الْحَالِ الْفِدْيَةُ عَمَّا لَا يَسَعُهُ الْوَقْتُ أَمْ لَا تَلْزَمُهُ إلَّا بَعْدَ دُخُولِ رَمَضَانَ؟ فِيهِ وَجْهَانِ كَالْوَجْهَيْنِ فِيمَنْ حَلَفَ لَيَأْكُلَنَّ هَذَا الرَّغِيفَ غَدًا فَتَلِفَ
ذُكِرَ مُنْفَرِدًا يَشْمَلُ الْآخَرَ وَلَا يَجِبُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا (وَلَهُ)(صَرْفُ أَمْدَادٍ) مِنْهَا (إلَى شَخْصٍ وَاحِدٍ) بِخِلَافِ الْمُدِّ الْوَاحِدِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ صَرْفُهُ إلَى شَخْصَيْنِ لِأَنَّ كُلَّ مُدٍّ كَفَّارَةٌ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَجُزْ إعْطَاؤُهُ مِنْ أَمْدَادِ الْكَفَّارَةِ الْوَاحِدَةِ أَكْثَرَ مِنْ مُدٍّ، أَمَّا إعْطَاءُ دُونَ الْمُدِّ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ مُدٍّ كَامِلٍ فَيَمْتَنِعُ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ بَدَلٌ عَنْ صَوْمِ يَوْمٍ وَهُوَ لَا يَتَبَعَّضُ، بِخِلَافِهِ فِي كَفَّارَةِ الْحَجِّ فَإِنَّهُ أَصْلٌ، وَأَيْضًا فَالْمَغْرُومُ ثُمَّ قَدْ يَكُونُ أَقَلَّ مِنْ مُدٍّ بِلَا ضَرُورَةٍ بِخِلَافِهِ هُنَا (وَجِنْسُهَا) أَيْ الْفِدْيَةِ (جِنْسُ الْفِطْرَةِ) الَّتِي مَرَّ الْكَلَامُ عَلَيْهَا وَمَرَّ فِيهَا أَنَّ الْمُدَّ رِطْلٌ وَثُلُثٌ وَأَنَّ الْمُعْتَبَرَ الْكَيْلُ لَا الْوَزْنُ.
ــ
[حاشية الشبراملسي]
فِي نَحْوِ الْهَرَمِ إلَخْ
(قَوْلُهُ: وَلَهُ صَرْفُ أَمْدَادٍ) التَّعْبِيرُ بِهِ مُشْعِرٌ بِأَنَّ صَرْفَهُ لِأَشْخَاصٍ مُتَعَدِّدِينَ أَوْلَى وَهُوَ كَذَلِكَ وَيُؤَيِّدُهُ مَا نُقِلَ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ مِنْ أَنَّ سَدَّ جَوْعَةِ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ أَفْضَلُ مِنْ سَدِّ جَوْعَةِ وَاحِدٍ عَشَرَةَ أَيَّامٍ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمُنَاوِيِّ عَلَى مَنْظُومَةِ الْأَكْلِ لِابْنِ الْعِمَادِ قَبْلَ قَوْلِهِ وَإِنْ دَعَوْت صُوفِيًّا إلَخْ مَا نَصُّهُ: فَائِدَةٌ: لَوْ سَدَّ جَوْعَةَ مِسْكِينٍ عَشَرَةَ أَيَّامٍ هَلْ أَجْرُهُ كَأَجْرِ مَنْ سَدَّ جَوْعَةَ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ؟ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: لَا فَقَدْ يَكُونُ فِي الْجَمْعِ وَلِيٌّ وَقَدْ حَثَّ اللَّهُ عَلَى الْإِحْسَانِ لِلصَّالِحِينَ وَهَذَا لَا يَتَحَقَّقُ فِي وَاحِدٍ، وَلِأَنَّهُ يُرْجَى مِنْ دُعَاءِ الْجَمْعِ مَا لَا يُرْجَى مِنْ دُعَاءِ الْوَاحِدِ، وَمِنْ ثَمَّ أَوْجَبَ الشَّافِعِيُّ دَفْعَ الزَّكَاةِ إلَى الْأَصْنَافِ لِمَا فِيهِ مِنْ دَفْعِ أَنْوَاعٍ مِنْ الْمَفَاسِدِ وَجَلْبِ أَنْوَاعٍ مِنْ الْمَصَالِحِ، إنَّ دَفْعَ الْفَقْرِ وَالْمَسْكَنَةِ نَوْعٌ مُخَالِفٌ لِدَفْعِ الرِّقِّ عَنْ الْمُكَاتَبِ وَالْغُرْمِ عَنْ الْغَارِمِ وَالْغُرْبَةِ وَالِانْقِطَاعِ عَنْ ابْنِ السَّبِيلِ اهـ (قَوْلُهُ: مِنْهَا إلَى شَخْصٍ) أَيْ وَلَهُ نَقْلُهَا أَيْضًا لِأَنَّ حُرْمَةَ النَّقْلِ خَاصَّةٌ بِالزَّكَاةِ بِخِلَافِ الْكَفَّارَاتِ (قَوْلُهُ: فَيُمْتَنَعُ) أَيْ فِي الدُّونِ وَفِيمَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدِ (قَوْلُهُ: وَجِنْسُهَا) قَالَ الْقَفَّالُ: وَيُعْتَبَرُ فَضْلُهَا عَمَّا يُعْتَبَرُ ثَمَّ. اهـ حَجّ أَقُولُ: يُتَأَمَّلُ هَذَا مَعَ كَوْنِ الْفَرْضِ أَنَّهُ مَاتَ وَأَنَّ الْوَاجِبَ تَعَلَّقَ بِالتَّرِكَةِ وَبَعُدَ التَّعَلُّقُ بِالتَّرِكَةِ، فَأَيُّ شَيْءٍ عَلَيْهِ بَعْدَ مَوْتِهِ يَحْتَاجُ فِي إخْرَاجِ الْكَفَّارَةِ إلَى زِيَادَةِ مَا يُخْرِجُهُ عَنْهُ، بَلْ الْقِيَاسُ أَنْ يُقَالَ: يُعْتَبَرُ الْوُجُوبُ الْإِخْرَاجُ فَضْلُ مَا يُخْرِجُهُ مِنْ مُؤْنَةِ تَجْهِيزِهِ، وَيُقَدَّمُ ذَلِكَ عَلَى دَيْنِ الْآدَمِيِّ إنْ فُرِضَ أَنَّ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنًا.
نَعَمْ مَا ذَكَرَهُ ظَاهِرٌ فِيمَا لَوْ أَفْطَرَ لِكِبَرٍ أَوْ مَرَضٍ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَبْلَ الْغَدِ هَلْ يَحْنَثُ فِي الْحَالِ أَمْ بَعْدَ مَجِيءِ الْغَدِ انْتَهَى.
وَقَضِيَّةُ التَّشْبِيهِ بِمَسْأَلَةِ الْحَلِفِ عَدَمُ اللُّزُومِ فِي الْحَالِ وَفِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ مَفْرُوضَةٌ فِي الْحَيِّ كَمَا لَا يَخْفَى، فَرَمَاهُمَا الْإِسْنَوِيُّ كَالسُّبْكِيِّ بِالتَّنَاقُضِ فِي ذَلِكَ، فَالزَّرْكَشِيُّ صَوَّبَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا أَوَّلًا مِنْ اللُّزُومِ حَالًا: أَيْ فِي مَسْأَلَتَيْ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ وَفَرَّقَ بَيْنَ مَسْأَلَتَيْ الصَّوْمِ وَالْحَلِفِ، وَأَمَّا ابْنُ الْعِمَادِ فَاعْتَمَدَ كُلًّا مِنْ الْقَضِيَّتَيْنِ وَفَرَّقَ بَيْنَ مَسْأَلَتَيْ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ بَعْدَ سَوْقِ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ، وَإِثْبَاتِ التَّنَاقُضِ بَيْنَهُمَا وَنِسْبَتِهِ لِلسُّبْكِيِّ وَالْإِسْنَوِيِّ نَصُّهَا: وَرَدَّهُ أَيْ مَا ذَكَرَهُ السُّبْكِيُّ وَالْإِسْنَوِيُّ وَابْنُ الْعِمَادِ بِأَنْ لَا مُخَالَفَة فَإِنَّ الْأَزْمِنَةَ الْمُسْتَقْبَلَةَ بِقَدْرِ حُضُورِهَا بِالْمَوْتِ كَمَا يَحِلُّ الْأَجَلُ بِهِ، وَهَذَا مَفْقُودٌ فِي الْحَيِّ إذْ لَا ضَرُورَةَ إلَى تَعْجِيلِ الزَّمَانِ الْمُسْتَقْبَلِ فِي حَقِّهِ وَالزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّ الصَّوَابَ هُوَ الْأَوَّلُ: أَيْ لُزُومُ الْفِدْيَةِ فِي الْحَالِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ التَّشْبِيهِ بِمَسْأَلَةِ الرَّغِيفِ خِلَافُهُ، ثُمَّ فَرَّقَ بَيْنَ صُورَتَيْ الصَّوْمِ وَصُورَةِ الْيَمِينِ بِأَنَّهُ مَاتَ هُنَا عَاصِيًا بِالتَّأْخِيرِ فَلَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ فِي الْحَالِ بِخِلَافِ صُورَةِ الْيَمِينِ، وَبِأَنَّهُ هُنَا قَدْ تَحَقَّقَ الْيَأْسُ بِفَوَاتِ الْبَعْضِ فَلَزِمَهُ بَدَلُهُ بِخِلَافِهِ فِي الْيَمِينِ لِجَوَازِ مَوْتِهِ قَبْلَ الْغَدِ فَلَا يَحْنَثُ انْتَهَتْ.
وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْفَرْقَ الْأَوَّلَ مِنْ فَرْقَيْ الزَّرْكَشِيّ قَاصِرٌ عَلَى مَسْأَلَةِ الْمَوْتِ وَبِهَذَا تَعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ كَالْإِمْدَادِ.