المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كِتَابُ الصِّيَامِ هُوَ لُغَةً الْإِمْسَاكُ، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى حِكَايَةٌ عَنْ - نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج - جـ ٣

[الرملي، شمس الدين]

فهرس الكتاب

- ‌فَصْلٌ فِي دَفْنِ الْمَيِّتِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ

- ‌[اللَّحْدُ أَفْضَلُ مِنْ الشَّقِّ]

- ‌لَا يُدْفَنُ اثْنَانِ فِي قَبْرٍ)

- ‌[الْجُلُوس عَلَى الْقَبْرِ]

- ‌[التَّعْزِيَةُ لِأَهْلِ الْمَيِّتِ سُنَّةٌ]

- ‌[يَحْرُمُ النَّدْبُ وَالنَّوْحُ]

- ‌[الْبُكَاءُ عَلَى الْمَيِّتِ قَبْلَ الْمَوْتِ]

- ‌[اتِّبَاعُ الْمُسْلِمِ جِنَازَةَ قَرِيبِهِ الْكَافِرِ]

- ‌[لَا يَحْمِلُ الْجِنَازَةَ إلَّا الرِّجَالُ]

- ‌[اللَّغَطُ فِي سَيْرِ الْجِنَازَةِ]

- ‌[شُرُوطُ صِحَّةِ صَلَاةِ الْجِنَازَة]

- ‌[الدَّفْنُ بِالْمَقْبَرَةِ أَفْضَلُ مِنْ الدَّفْنُ بِالْبَيْتِ]

- ‌[الْمَبِيتُ بِالْمَقْبَرَةِ]

- ‌[الدَّفْنُ لَيْلًا]

- ‌[تَجْصِيصُ الْقَبْرِ وَالْبِنَاءُ عَلَيْهِ وَالْكِتَابَةُ عَلَيْهِ]

- ‌[زِيَارَةُ قُبُورِ الْمُسْلِمِينَ لِلرِّجَالِ]

- ‌[نَقْلُ الْمَيِّتِ قَبْلَ دَفْنِهِ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ آخَرَ]

- ‌كِتَابُ الزَّكَاةِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الْحَيَوَانِ

- ‌[الشَّرْطُ الْأَوَّلُ النَّعَم]

- ‌[الشَّرْطِ الثَّانِي النِّصَابُ]

- ‌فَصْلٌ فِي بَيَانِ كَيْفِيَّةِ الْإِخْرَاجِ لِمَا مَرَّ وَبَعْضِ شُرُوطِ الزَّكَاةِ

- ‌ أَسْبَابِ النَّقْصِ فِي الزَّكَاةِ

- ‌[الْخُلْطَةِ فِي الزَّكَاة]

- ‌بَابُ زَكَاةِ النَّبَاتِ

- ‌[نِصَابُ الْقُوتُ الَّذِي تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ]

- ‌ خَرْصُ الثَّمَرِ)

- ‌[شَرْطُ الْخَارِصِ]

- ‌بَابُ زَكَاةِ النَّقْدِ

- ‌[يُحَرَّمُ عَلَى الرَّجُلِ وَالْخُنْثَى حُلِيُّ الذَّهَبِ]

- ‌[تَحْلِيَةِ الْمُصْحَفِ بِالذَّهَبِ]

- ‌شَرْطُ زَكَاةِ النَّقْدِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الْمَعْدِنِ وَالرِّكَازِ وَالتِّجَارَةِ

- ‌[يُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الْمَعْدِن]

- ‌الرِّكَازِ

- ‌[شَرْطُ الرِّكَاز]

- ‌فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ زَكَاةِ التِّجَارَةِ

- ‌(شَرْطُ وُجُوبِ زَكَاةِ التِّجَارَةِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ

- ‌[تَأْخِيرَ زَكَاةِ الْفِطْرِ إلَى مَا بَعْدَ صَلَاةِ الْعِيدِ]

- ‌[يَلْزَمُهُ فِطْرَةُ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ]

- ‌(مَنْ أَيْسَرَ) بِبَعْضِ صَاعٍ وَهُوَ فِطْرَةُ الْوَاحِدِ (يَلْزَمُهُ)

- ‌[بَابُ مَنْ تَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ]

- ‌فَصْلٌ فِي أَدَاءِ الزَّكَاةِ

- ‌فَصْلٌ فِي تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ

- ‌كِتَابُ الصِّيَامِ

- ‌[إذَا الْهِلَالُ رُئِيَ بِبَلَدٍ لَزِمَ حُكْمُهُ الْبَلَدَ الْقَرِيبَ]

- ‌فَصْلٌ فِي أَرْكَانِ الصَّوْمِ

- ‌[يُسَنُّ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي شَرْطِ الصَّوْمِ]

- ‌فَصْلٌ شَرْطُ صِحَّةِ الصَّوْمِ مِنْ حَيْثُ الْفَاعِلِ وَالْوَقْتِ

- ‌فَصْلٌ فِي شُرُوطِ وُجُوبِ صَوْمِ رَمَضَانَ وَمَا يُبِيحُ تَرْكَ صَوْمِهِ

- ‌فَصْلٌ فِي فِدْيَةِ الصَّوْمِ الْوَاجِبِ

- ‌فَصْلٌ فِي مُوجِبِ كَفَّارَةِ الصَّوْمِ

- ‌[مَصْرِفُ فِدْيَةُ الصَّوْم]

- ‌بَابُ صَوْمِ التَّطَوُّعِ

- ‌ صَوْمُ يَوْمِ (عَرَفَةَ)

- ‌ صَوْمُ (أَيَّامِ) اللَّيَالِي (الْبِيضِ)

- ‌ صَوْمُ (سِتَّةٍ مِنْ شَوَّالٍ)

- ‌[صَوْمُ عَاشُورَاءَ]

- ‌(إفْرَادُ) يَوْمِ (الْجُمُعَةِ) بِالصَّوْمِ

- ‌[وَصَوْمُ الدَّهْرِ غَيْرُ الْعِيدِ]

- ‌كِتَابُ الِاعْتِكَافِ

- ‌[صَوْمُ تَطَوُّعٍ مِنْ غَيْرِ إذْنِ زَوْجِهَا وَهُوَ حَاضِرٌ]

- ‌[شُرُوطُ الْمُعْتَكِفِ]

- ‌فَصْلٌ فِي حُكْمِ الِاعْتِكَافِ الْمَنْذُورِ

- ‌[كِتَابُ الْحَجِّ]

- ‌[شُرُوط صِحَّة الْحَجّ وَالْعُمْرَة]

- ‌[شُرُوط وُجُوب الْحَجّ وَالْعُمْرَة]

- ‌[مَا يُشْتَرَطُ فِي وُجُوبِ نُسُكِ الْمَرْأَةِ]

- ‌بَابُ الْمَوَاقِيتِ لِلنُّسُكِ زَمَانًا وَمَكَانًا

- ‌[الْمِيقَات الزَّمَانِيّ]

- ‌الْمِيقَاتُ الْمَكَانِيُّ

- ‌بَابُ الْإِحْرَامِ

- ‌فَصْلٌ فِي رُكْنِ الْإِحْرَامِ وَمَا يُطْلَبُ لِلْمُحْرِمِ مِنْ الْأُمُورِ الْآتِيَةِ

- ‌[بَابُ دُخُولِ الْمُحْرِمِ مَكَّةَ]

- ‌فَصْلٌ فِيمَا يُطْلَبُ فِي الطَّوَافِ مِنْ وَاجِبَاتٍ وَسُنَنٍ

- ‌[وَاجِبَات الطَّوَاف]

- ‌[سُنَن الطَّوَاف]

- ‌فَصْلٌ فِيمَا يَخْتِمُ بِهِ الطَّوَافَ وَبَيَانُ كَيْفِيَّةِ السَّعْيِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ

- ‌(فَصْلٌ فِي الْمَبِيتِ بِالْمُزْدَلِفَةِ وَالدَّفْعِ مِنْهَا وَفِيمَا يُذْكَرُ مَعَهُمَا

- ‌ الْمَبِيتِ بِمِنًى لَيَالِيَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ

- ‌فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَرْكَانِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، وَبَيَانِ أَوْجُهِ أَدَائِهِمَا مَعَ مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ

- ‌بَابُ مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ

- ‌[مَا يَحِلّ مِنْ شجر الحرم وَمَا يحرم]

- ‌[أَنْوَاعِ الدِّمَاءِ فِي الْحَجّ]

- ‌بَابُ الْإِحْصَارِ وَالْفَوَاتِ

- ‌كِتَابُ الْبَيْعِ

- ‌[شُرُوط الْبَيْع] [

- ‌أَلْفَاظ الْبَيْع]

- ‌[يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بِالْكِنَايَةِ مَعَ النِّيَّةِ]

- ‌[شُرُوط الْعَاقِدِ]

- ‌[شِرَاء الْكَافِر الْمُصْحَف]

- ‌[شُرُوط الْمَبِيع]

- ‌[مِنْ شُرُوط الْمَبِيع طَهَارَة عَيْنه]

- ‌ مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ (النَّفْعُ)

- ‌[مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ إمْكَانُ تَسْلِيمِهِ]

- ‌ مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ (الْمِلْكُ)

- ‌ مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ (الْعِلْمُ بِهِ)

- ‌بَابُ الرِّبَا

- ‌[الْمُمَاثَلَةُ تُعْتَبَرُ فِي الْمَكِيلِ]

- ‌[بَاب الْبُيُوعِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا وَمَا يَتْبَعُهَا]

- ‌[الصُّوَر المستثناة مِنْ النَّهْي عَنْ بَيْع وَشَرْط]

- ‌[بَاعَ عَبْدًا بِشَرْطِ إعْتَاقِهِ]

- ‌فَصْلٌ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي مِنْ الْمَنْهِيَّاتِ الَّتِي لَا يَقْتَضِي النَّهْيُ فَسَادَهَا كَمَا قَالَ

- ‌[بَيْعُ الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ لِعَاصِرِ الْخَمْرِ وَالنَّبِيذِ]

- ‌فَصْلٌ فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ

- ‌[بَيْعُ الْعَرَبُونِ]

- ‌[جُمِعَ الْعَاقِدُ أَوْ الْعَقْدُ فِي صَفْقَةٍ مُخْتَلِفَيْ الْحُكْمِ]

الفصل: ‌ ‌كِتَابُ الصِّيَامِ هُوَ لُغَةً الْإِمْسَاكُ، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى حِكَايَةٌ عَنْ

‌كِتَابُ الصِّيَامِ

هُوَ لُغَةً الْإِمْسَاكُ، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى حِكَايَةٌ عَنْ مَرْيَمَ {إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا} [مريم: 26] أَيْ إمْسَاكًا وَسُكُوتًا عَنْ الْكَلَامِ. وَشَرْعًا: إمْسَاكُ مُسْلِمٍ مُمَيِّزٍ عَنْ الْمُفْطِرَاتِ، سَالِمٍ مِنْ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالْوِلَادَةِ فِي جَمِيعِهِ، وَمِنْ الْإِغْمَاءِ وَالسُّكْرِ فِي بَعْضِهِ. وَالْأَصْلُ فِي وُجُوبِهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ مَعَ مَا يَأْتِي آيَةُ {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} [البقرة: 183] وَالْأَيَّامُ الْمَعْدُودَاتُ أَيَّامُ شَهْرِ رَمَضَانَ وَجَمَعَهَا جَمْعَ قِلَّةٍ لِيُهَوِّنَهَا، وَقَوْلُهُ {كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [البقرة: 183] قِيلَ مَا مِنْ أُمَّةٍ إلَّا وَقَدْ فُرِضَ عَلَيْهِمْ رَمَضَانُ إلَّا أَنَّهُمْ ضَلُّوا عَنْهُ أَوْ التَّشْبِيهُ فِي أَصْلِ الصَّوْمِ دُونَ وَقْتِهِ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: رَمَضَانُ أَفْضَلُ الْأَشْهُرِ لِحَدِيثِ «رَمَضَانُ سَيِّدُ الشُّهُورِ» وَخَبَرِ «بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ» وَفُرِضَ فِي شَعْبَانَ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ.

ــ

[حاشية الشبراملسي]

كِتَابُ الصِّيَامِ. (قَوْلُهُ إمْسَاكًا وَسُكُوتًا) عَطْفُ تَفْسِيرٍ وَلَمْ يَقْتَصِرْ عَلَيْهِ ابْتِدَاءً قَصْدًا لِبَيَانِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ لِلصَّوْمِ.

(قَوْلُهُ: عَنْ الْمُفْطِرَاتِ) قِيلَ لَوْ أَبْدَلَهُ بِقَوْلِهِ عَنْ عَيْنٍ لَكَانَ أَوْضَحَ لِأَنَّا لَمْ نَعْلَمْ حَقِيقَةَ الْمُفْطِرِ مَا هُوَ اهـ.

أَقُولُ: لَكِنَّهُ لَوْ عَبَّرَ بِهِ لَوَرَدَ عَلَيْهِ مَا لَوْ جَامَعَ أَوْ تَقَايَا أَوْ ارْتَدَّ فَمَا ذَكَرَهُ أَوَّلًا غَايَتُهُ أَنَّهُ مُجْمَلٌ يُعْلَمُ تَفْصِيلُهُ مِمَّا يَأْتِي (قَوْلُهُ فِي جَمِيعِهِ) أَيْ النَّهَارِ الْقَابِلِ لِلصَّوْمِ (قَوْلُهُ: وَالْأَصْلُ فِي وُجُوبِهِ) هُوَ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ آيَةُ إلَخْ، وَقَوْلُهُ مَعَ مَا يَأْتِي حَالٌ مِنْ الْخَبَرِ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ أَيَّامُ شَهْرِ رَمَضَانَ) وَقِيلَ الْمَعْدُودَاتُ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ وَجَرَى عَلَيْهِ صَاحِبُ الْبَهْجَةِ حَيْثُ قَالَ: وَعَشْرُ عِيدِ النَّحْرِ مَعْلُومَاتٌ وَمَا لِتَشْرِيقٍ فَمَعْدُودَاتٌ كَذَا بِهَامِشٍ وَلَعَلَّهُ اشْتِبَاهٌ، فَإِنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ أَيَّامُ رَمَضَانَ بَيَانٌ لِلْمَعْدُودَاتِ فِي قَوْلِهِ أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ، وَمَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْبَهْجَةِ بَيَانٌ لَهَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} [البقرة: 203] .

(قَوْلُهُ: وَفُرِضَ فِي شَعْبَانَ) لَمْ يُبَيِّنْ كَابْنِ حَجَرٍ هَلْ كَانَ ذَلِكَ فِي أَوَّلِهِ أَوْ آخِرِهِ أَوْ وَسَطِهِ فَرَاجِعْهُ.

(قَوْلُهُ: فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ) قَالَ حَجّ: وَيَنْقُصُ وَيَكْمُلُ وَثَوَابُهُمَا وَاحِدٌ كَمَا لَا يَخْفَى، وَمَحِلُّهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فِي الْفَضْلِ الْمُرَتَّبِ عَلَى رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ لِأَيَّامِهِ، أَمَّا مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى يَوْمِ الثَّلَاثِينَ مِنْ ثَوَابِ وَاجِبِهِ وَمَنْدُوبِهِ عِنْدَ سُحُورِهِ وَفِطْرِهِ فَهُوَ زِيَادَةٌ يَفُوقُ بِهَا النَّاقِصَ، وَكَأَنَّ حِكْمَةَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَكْمُلْ لَهُ رَمَضَانُ إلَّا سَنَةً وَاحِدَةً وَالْبَقِيَّةُ نَاقِصَةٌ زِيَادَةُ تَطْمِينِ نُفُوسِهِمْ عَلَى مُسَاوَاةِ النَّاقِصِ لِلْكَامِلِ فِيمَا قَدَّمْنَاهُ اهـ.

وَقَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ لِأَيَّامِهِ قَدْ يُقَالُ الْفَضْلُ الْمُرَتَّبُ عَلَى رَمَضَانَ لَيْسَ إلَّا مَجْمُوعَ الْفَضْلِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَى أَيَّامِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ جِدًّا اهـ سم عَلَيْهِ. أَقُولُ: قَدْ يُقَالُ يُمْنَعُ الْحَصْرُ وَأَنَّ لِرَمَضَانَ فَضْلًا مِنْ حَيْثُ هُوَ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ مَجْمُوعِ أَيَّامِهِ كَمَا فِي مَغْفِرَةِ الذُّنُوبِ لِمَنْ صَامَهُ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا وَالدُّخُولِ مِنْ بَابِ الْجَنَّةِ الْمُعَدِّ لِصَائِمِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا وَرَدَ أَنَّهُ يُكَرَّمُ بِهِ صَوَّامُ رَمَضَانَ، وَهَذَا لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ كَوْنِ رَمَضَانَ نَاقِصًا أَوْ تَامًّا، وَأَمَّا الثَّوَابُ الْمُتَرَتِّبُ عَلَى كُلِّ يَوْمٍ بِخُصُوصِهِ فَأَمْرٌ آخَرُ فَلَا مَانِعَ أَنْ يَثْبُتَ لِلْكَامِلِ بِسَبَبِهِ مَا لَا يَثْبُتُ لِلنَّاقِصِ، وَقَوْلُهُ وَكَأَنَّ حِكْمَةَ إلَخْ قَالَ شَيْخُنَا

ــ

[حاشية الرشيدي]

[كِتَابُ الصِّيَامِ]

ِ (قَوْلُهُ: إمْسَاكٌ عَنْ الْمُفْطِرَاتِ) أَيْ بِنِيَّةٍ (قَوْلُهُ: وَخَبَرِ «بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ» ) يَصِحُّ رَفْعُهُ عَطْفًا عَلَى آيَةِ {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} [البقرة: 183] وَجَرُّهُ عَطْفًا عَلَى الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ فَيَكُونُ دَلِيلًا لِأَفْضَلِيَّتِهِ، وَوَجْهُهُ أَنَّهُ جَعَلَ صَوْمَهُ أَحَدَ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ فَفُضِّلَ بِاعْتِبَارِ مَا يَقَعُ فِيهِ

ص: 148

وَأَرْكَانُهُ ثَلَاثَةٌ: صَائِمٌ وَنِيَّةٌ وَإِمْسَاكٌ عَنْ الْمُفْطِرَاتِ (يَجِبُ صَوْمُ رَمَضَانَ) إجْمَاعًا. وَسُمِّيَ رَمَضَانَ مِنْ الرَّمَضِ وَهُوَ شِدَّةُ الْحَرِّ، لِأَنَّ الْعَرَبَ لَمَّا أَرَادَتْ وَضْعَ أَسْمَاءِ الشُّهُورِ وَافَقَ الشَّهْرُ الْمَذْكُورُ شِدَّةَ الْحَرِّ فَسُمِّيَ بِذَلِكَ كَمَا سُمِّيَ الرَّبِيعَانِ لِمُوَافَقَتِهِمَا زَمَنَ الرَّبِيعِ، وَهُوَ مَعْلُومٌ مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ مَنْ جَحَدَ وُجُوبَهُ كَفَرَ مَا لَمْ يَكُنْ قَرِيبَ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ أَوْ نَشَأَ بَعِيدًا عَنْ الْعُلَمَاءِ، وَمَنْ تَرَكَ صَوْمَهُ غَيْرَ جَاحِدٍ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ كَمَرَضٍ وَسَفَرٍ كَأَنْ قَالَ الصَّوْمُ وَاجِبٌ عَلَيَّ وَلَكِنْ لَا أَصُومُ حُبِسَ وَمُنِعَ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ نَهَارًا لِيَحْصُلَ لَهُ صُورَةُ الصَّوْمِ بِذَلِكَ، وَفَهِمَ مِنْ عِبَارَتِهِ عَدَمُ كَرَاهَةِ ذِكْرِ رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ شَهْرٍ، وَهُوَ الصَّوَابُ فِي الْمَجْمُوعِ وَعَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ لِعَدَمِ ثُبُوتِ نَهْيٍ فِيهِ بَلْ ثَبَتَ ذِكْرُهُ بِدُونِ شَهْرٍ فِي أَخْبَارٍ صَحِيحَةٍ كَخَبَرِ «مَنْ قَامَ» وَفَسَّرُوا قِيَامَهُ بِصَلَاةِ التَّرَاوِيحِ «رَمَضَانَ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» وَإِنَّمَا يَجِبُ (بِإِكْمَالِ شَعْبَانَ ثَلَاثِينَ) يَوْمًا (أَوْ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ) لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ مِنْهُ،

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الشَّوْبَرِيُّ: كَذَا وَقَعَ لحج هُنَا، وَوَقَعَ لَهُ فِي مَحِلَّيْنِ آخَرَيْنِ أَنَّهُ قَالَ: لَمْ يَصُمْ شَهْرًا كَامِلًا إلَّا سَنَتَيْنِ، وَجَرَى عَلَيْهِ الْمُنْذِرِيُّ فِي سُنَنِهِ وَقَالَ: فَمَا وَقَعَ لَهُ هُنَا غَلَطٌ سَبَبُهُ اعْتِمَادُهُ عَلَى حِفْظِهِ اهـ.

أَقُولُ: لَا يَلْزَمُ أَنَّ مَا هُنَا غَلَطٌ بَلْ يَحْتَمِلُ أَنَّ مَا قَالَهُ الْمُنْذِرِيُّ مَقَالَةٌ لَمْ يَعْرُجْ عَلَيْهَا الشَّارِحُ لِشَيْءٍ ظَهَرَ لَهُ، ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا الْعَلَامَةَ الَأُجْهُورِيُّ الْمَالِكِيَّ اسْتَوْعَبَ مَا ذُكِرَ ثُمَّ قَالَ نَظْمًا: وَفَرْضُ الصِّيَامُ ثَانِيَ الْهِجْرَةِ فَصَامَ تِسْعَةً نَبِيُّ الرَّحْمَةِ أَرْبَعَةً تِسْعًا وَعِشْرِينَ وَمَا زَادَ عَلَى ذَا بِالْكَمَالِ اتَّسَمَا كَذَا لِبَعْضِهِمْ وَقَالَ الْهَيْتَمِيُّ: " مَا صَامَ كَامِلًا سِوَى شَهْرٍ " اعْلَمْ. وَلِلدَّمِيرِيِّ: " أَنَّهُ شَهْرَانِ وَنَاقِصٌ سِوَاهُ " خُذْ بَيَانِي اهـ.

(قَوْلُهُ: وَسُمِّيَ رَمَضَانُ مِنْ الرَّمَضِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ فِي مَادَّةِ ج م د: وَيُحْكَى أَنَّ الْعَرَبَ حِينَ وَضَعَتْ الشُّهُورَ وَافَقَ الْوَضْعَ الْأَزْمِنَةَ، فَاشْتُقَّ لِلشُّهُورِ مَعَانٍ مِنْ تِلْكَ الْأَزْمِنَةِ ثُمَّ كَثُرَ حَتَّى اسْتَعْمَلُوهَا فِي الْأَهِلَّةِ وَإِنْ لَمْ تُوَافِقْ ذَلِكَ الزَّمَانَ فَقَالُوا رَمَضَانُ لَمَّا أَرْمَضَتْ الْأَرْضُ مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ، وَشَوَّالٌ لِمَا شَالَتْ الْإِبِلُ بِأَذْنَابِهَا لِلطُّرُوقِ، وَذُو الْقَعَدَةِ لَمَّا ذَلَّلُوا الْقُعْدَانَ لِلرُّكُوبِ، وَذُو الْحِجَّةِ لَمَّا حَجُّوا، وَالْمُحَرَّمُ لَمَّا حَرَّمُوا الْقِتَالَ أَوْ التِّجَارَةَ، وَالصَّفَرُ لَمَّا غَزَوْا وَتَرَكُوا دِيَارَ الْقَوْمِ صُفْرًا، وَشَهْرُ رَبِيعٍ لَمَّا أَرْبَعَتْ الْأَرْضُ وَأَمْرَعَتْ، وَجُمَادَى لَمَّا جَمَدَ الْمَاءُ، وَرَجَبٌ لَمَّا رَجَوْا الشَّجَرَ، وَشَعْبَانُ لَمَّا أَشَعَبُوا مِثْلَ الْعُودِ اهـ.

وَقَالَ حَجّ بَعْدَ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ: كَذَا قَالُوهُ وَهُوَ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى الضَّعِيفِ أَنَّ اللُّغَاتِ اصْطِلَاحِيَّةٌ، أَمَّا عَلَى أَنَّهَا تَوْقِيفِيَّةٌ: أَيْ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ: أَيْ أَنَّ الْوَاضِعَ لَهَا هُوَ اللَّهُ تَعَالَى وَعَلَّمَهَا جَمِيعَهَا لِآدَمَ عِنْدَ قَوْلِ الْمَلَائِكَةِ لَا عِلْمَ لَنَا فَلَا يَأْتِي ذَلِكَ.

(قَوْلُهُ: كَمَا سُمِّيَ الرَّبِيعَانِ) أَيْ بِذَلِكَ.

(قَوْلُهُ: حُبِسَ) أَيْ وَالْحَابِسُ لَهُ الْحَاكِمُ (قَوْلُهُ بَلْ ثَبَتَ ذِكْرُهُ) إنَّمَا يَتِمُّ بِهِ الرَّدُّ عَلَى مَنْ أَطْلَقَ كَرَاهَتَهُ بِدُونِ شَهْرٍ أَمَّا مَنْ قَيَّدَ كَرَاهَتَهُ بِانْتِفَاءِ الْقَرِينَةِ الدَّالَّةِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الشَّهْرُ فَلَا يَتِمُّ الرَّدُّ عَلَيْهِ بِمَا ذُكِرَ لِوُجُودِ الْقَرِينَةِ الدَّالَّةِ عَلَى الْمُرَادِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ) لَوْ رَآهُ حَدِيدُ الْبَصَرِ دُونَ غَيْرِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِهِ الْعُمُومُ وَهَلْ يَثْبُتُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ مَرَّ، وَقَدْ يُقَالُ إنْ كَفَى الْعِلْمُ بِوُجُودِهِ بِلَا رُؤْيَةٍ ثَبَتَ بِرُؤْيَةِ حَدِيدِ الْبَصَرِ بِلَا تَوَقُّفٍ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ بِنَحْوِ أَنَّ لَهَا بَدَلًا حَيْثُ لَا يَلْزَمُ بِسَمَاعِ حَدِيدِ السَّمْعِ أَحَدًا حَتَّى السَّامِعَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَفِيهِ نَظَرٌ اهـ سم عَلَى حَجّ.

أَقُولُ: وَالْأَوْلَى أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الْجُمُعَةَ تَسْقُطُ بِالْعُذْرِ وَوُجُوبُ السَّعْيِ إلَيْهَا إذَا سَمِعَ النِّدَاءَ حَدِيدُ السَّمْعِ فِيهِ مَشَقَّةٌ لِبُعْدِ الْمَكَانِ الَّذِي يَسْمَعُ مِنْهُ فَفَرْقٌ فِيهِ بَيْنَ حَدِيدِ السَّمْعِ وَمُعْتَدِلِهِ لِوُجُودِ الْمَشَقَّةِ فِي السَّعْيِ عِنْدَ سَمَاعِ حَدِيدِ السَّمْعِ، وَلَا كَذَلِكَ هُنَا فَإِنَّ الْمَدَارَ فِيهِ عَلَى رُؤْيَةِ الْهِلَالِ وَقَدْ رُئِيَ، فَلَا فَرْقَ بَيْنَ حَدِيدِ الْبَصَرِ وَغَيْرِهِ عِنْدَ رُؤْيَتِهِ، وَعَلَى هَذَا فَالْقِيَاسُ عَلَى مَا لَوْ أَخْبَرَهُ شَخْصٌ بِوُجُودِهِ وَوُثِقَ بِهِ مِنْ لُزُومِ الصَّوْمِ ثُبُوتُهُ هُنَا عَلَى الْعُمُومِ؛ لِأَنَّهُ يَحْصُلُ الظَّنُّ بِوُجُودِهِ فَلْيُرَاجَعْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 149

أَوْ عِلْمِ الْقَاضِي لِخَبَرِ «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، فَإِنَّ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلَاثِينَ» .

وَيُضَافُ إلَى الرُّؤْيَةِ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَإِكْمَالِ الْعَدَدِ ظَنُّ دُخُولِهِ بِالِاجْتِهَادِ عِنْدَ الِاشْتِبَاهِ عَلَى أَهْلِ نَاحِيَةٍ حَدِيثِ عَهْدِهِمْ بِإِسْلَامٍ أَوْ أَسَارَى وَهَلْ الْأَمَارَةُ الظَّاهِرَةُ الدَّلَالَةِ فِي حُكْمِ الرُّؤْيَةِ مِثْلَ أَنْ يَرَى أَهْلُ الْقَرْيَةِ الْقَرِيبَةِ مِنْ الْبَلَدِ الْقَنَادِيلَ قَدْ عُلِّقَتْ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ بِمَنَابِرَ الْمِصْرِ كَمَا هُوَ الْعَادَةُ؟ الظَّاهِرُ نَعَمْ وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُهُمْ الْمَنْعَ، وَمِثْلُ ذَلِكَ الْعَلَامَاتُ الْمُعْتَادَةُ لِدُخُولِ شَوَّالٍ مِنْ إيقَادِ النَّارِ عَلَى الْجِبَالِ أَوْ سَمْعِ ضَرْبِ الطُّبُولِ وَنَحْوِهَا مِمَّا يَعْتَادُونَ فِعْلَهُ لِذَلِكَ، فَمَنْ حَصَلَ لَهُ بِهِ الِاعْتِقَادُ الْجَازِمُ وَجَبَ عَلَيْهِ الْفِطْرُ كَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ الصَّوْمُ فِي أَوَّلِهِ عَمَلًا بِالِاعْتِقَادِ الْجَازِمِ فِيهِمَا كَذَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ أَفْتَى الشَّيْخُ بِعَدَمِ جَوَازِ الْفِطْرِ بِذَلِكَ مُتَمَسِّكًا بِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ رَمَضَانَ وَشَغْلُ الذِّمَّةِ بِالصَّوْمِ حَتَّى يَثْبُتَ خِلَافُهُ شَرْعًا، وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَنْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ بِذَلِكَ الِاعْتِقَادُ الْجَازِمُ، وَمِمَّنْ أَفْتَى بِالْأَوَّلِ ابْنُ قَاضِي عَجْلُونٍ وَالشَّمْسُ الْجَوْجَرِيُّ. وَمِمَّا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى تَعْلِيقُ الْقَنَادِيلِ لَيْلَةَ ثَلَاثِينَ شَعْبَانَ فَتُبَيَّتُ النِّيَّةُ اعْتِمَادًا عَلَيْهَا ثُمَّ تُزَالُ وَيَعْلَمُ بِهَا مَنْ نَوَى ثُمَّ يَتَبَيَّنُ نَهَارًا أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ.

وَقَدْ أَفْتَى الْوَالِدُ رحمه الله بِصِحَّةِ صَوْمِهِ بِالنِّيَّةِ الْمَذْكُورَةِ لِبِنَائِهِ عَلَى أَصْلٍ صَحِيحٍ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ، فَإِنْ نَوَى عِنْدَ الْإِزَالَةِ تَرْكَهُ لَزِمَهُ قَضَاؤُهُ وَفُهِمَ مِنْ كَلَامِهِ عَدَمُ وُجُوبِهِ بِقَوْلِ الْمُنَجِّمِ بَلْ لَا يَجُوزُ نَعَمْ لَهُ أَنْ يَعْمَلَ بِحِسَابِهِ وَيَجْزِيهِ عَنْ فَرْضِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَإِنْ وَقَعَ فِي الْمَجْمُوعِ عَدَمُ إجْزَائِهِ عَنْهُ، وَقِيَاسُ قَوْلِهِمْ إنَّ الظَّنَّ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

(قَوْلُهُ: أَوْ عَلِمَ الْقَاضِي) أَيْ حَيْثُ كَانَ يَقْضِي بِعِلْمِهِ بِأَنْ كَانَ مُجْتَهِدًا كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي بَابِ الْقَضَاءِ فَإِذَا شَهِدَ بِرَمَضَانَ وَكَذَا بِشَهْرٍ نَذَرَ صَوْمَهُ عَدْلٌ عِنْدَ الْقَاضِي كَفِي فِي وُجُوبِ صَوْمِهِ فَهُوَ بِطَرِيقِ الشَّهَادَةِ لَا بِطَرِيقِ الرِّوَايَةِ فَلَا يَكْفِي عَبْدٌ وَلَا امْرَأَةٌ.

(قَوْلُهُ: وَيُضَافُ إلَى الرُّؤْيَةِ) أَيْ فِي ثُبُوتِ رَمَضَانَ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُهُمْ الْمَنْعَ) عِبَارَةُ حَجّ: وَمُخَالَفَةُ جَمْعٍ فِي هَذِهِ غَيْرُ صَحِيحَةٍ لِأَنَّهَا أَقْوَى مِنْ الِاجْتِهَادِ الْمُصَرَّحِ فِيهِ بِوُجُوبِ الْعَمَلِ بِهِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ سَمْعِ ضَرْبِ الطُّبُولِ) أَيْ وَهَذِهِ عَادَةُ أَهْلِ مَكَّةَ.

(قَوْلُهُ: وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ) أَيْ مَا قَالَ الشَّيْخُ (قَوْلُهُ: وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ) قَالَ سم: مَا لَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّهَا أُزِيلَتْ لِلشَّكِّ فِي دُخُولِ رَمَضَانَ أَوْ لِتَبَيُّنِ عَدَمِ دُخُولِهِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ عِلْمَهُ بِذَلِكَ مُتَضَمِّنٌ لِرَفْضِ النِّيَّةِ السَّابِقَةِ حُكْمًا وَرَفْضُهَا لَيْلًا يُبْطِلُهَا، لَكِنْ التَّقْيِيدُ بِقَوْلِهِ مَا لَمْ يُعْلَمْ مُخَالِفٌ لِقَوْلِ الشَّارِحِ وَيُعْلَمُ بِهَا مَنْ نَوَى، فَلَعَلَّ مَا قَالَهُ سم تَعَقُّبٌ لِعِبَارَةٍ لَيْسَ فِيهَا التَّقْيِيدُ بِمَا ذُكِرَ.

(قَوْلُهُ: نَعَمْ لَهُ أَنْ يَعْمَلَ بِحِسَابِهِ) قَالَ سم عَلَى حَجّ: سُئِلَ الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ عَنْ الْمُرَجَّحِ مِنْ جَوَازِ عَمَلِ الْحَاسِبِ بِحِسَابِهِ فِي الصَّوْمِ هَلْ مَحِلُّهُ إذَا قَطَعَ بِوُجُودِهِ وَرُؤْيَتِهِ أَمْ بِوُجُودِهِ وَإِنْ لَمْ يُجَوِّزْ رُؤْيَتَهُ، فَإِنَّ أَئِمَّتَهُمْ قَدْ ذَكَرُوا لِلْهِلَالِ ثَلَاثَ حَالَاتٍ: حَالَةٌ يُقْطَعُ فِيهَا بِوُجُودِهِ وَبِامْتِنَاعِ رُؤْيَتِهِ. وَحَالَةٌ يُقْطَعُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: أَوْ عَلِمَ الْقَاضِي) لَا مَحَلَّ لَهُ هُنَا عَلَى أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى عَطْفِهِ عَلَى مَا قَبْلَهُ فَسَادٌ لَا يَخْفَى لِاقْتِضَائِهِ أَنَّهُ أَمْرٌ ثَالِثٌ غَيْرُ الْإِكْمَالِ وَالرُّؤْيَةِ، فَالصَّوَابُ ذِكْرُهُ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَثُبُوتُ رُؤْيَتِهِ بِعَدْلٍ، وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ الْآتِي وَيَثْبُتُ الشَّهْرُ بِالشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ (قَوْلُهُ وَيُعْلَمُ بِهَا) أَيْ بِإِزَالَتِهَا احْتِرَازًا عَمَّا لَوْ أَزَالُوهَا بَعْدَ نَوْمِهِ أَوْ نَحْوِهِ، فَهَذَا غَيْرُ مَا بَحَثَهُ الشِّهَابُ سم فِيمَا إذَا عُلِمَ سَبَبُ إزَالَتِهَا وَأَنَّهُ عَدَمُ ثُبُوتِ الشَّهْرِ مِنْ أَنَّهُ يَضُرُّ لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ رَفْضَ النِّيَّةِ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ نَوَى عِنْدَ الْإِزَالَةِ تَرْكَهُ) خَرَجَ بِهِ مَا إذَا حَصَلَ لَهُ تَرَدُّدٌ عِنْدَ الْإِزَالَةِ وَلَمْ يَنْوِ التَّرْكَ فَلَا يَضُرُّهُ ذَلِكَ لِمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ مِنْ أَنَّ النِّيَّةَ بَعْدَ عَقْدِهَا لَا يُبْطِلُهَا إلَّا رَفْضُهَا أَوْ الرِّدَّةُ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَهُ أَنْ يَعْمَلَ بِحِسَابِهِ) أَيْ الدَّالِّ عَلَى وُجُودِ الشَّهْرِ وَإِنْ دَلَّ عَلَى عَدَمِ إمْكَانِ الرُّؤْيَةِ كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي كَلَامِ وَالِدِهِ، وَهُوَ فِي غَايَةِ الْإِشْكَالِ لِأَنَّ الشَّارِعَ إنَّمَا أَوْجَبَ عَلَيْنَا الصَّوْمَ بِالرُّؤْيَةِ لَا بِوُجُودِ الشَّهْرِ، وَيَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّهُ إذَا دَخَلَ الشَّهْرُ فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ أَنَّهُ يَجِبُ الْإِمْسَاكُ مِنْ وَقْتِ دُخُولِهِ، وَلَا أَظُنُّ الْأَصْحَابَ يُوَافِقُونَ عَلَى ذَلِكَ، وَقَدْ بَسَطْت الْقَوْلَ عَلَى ذَلِكَ فِي غَيْرِ هَذَا

ص: 150

يُوجِبُ الْعَمَلَ أَنْ يَجِبَ عَلَيْهِ الصَّوْمُ وَعَلَى مَنْ أَخْبَرَهُ وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ صِدْقُهُ، وَأَيْضًا فَهُوَ جَوَازٌ بَعْدَ حَظْرٍ، وَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْعُمُومِ. وَالْحَاسِبُ وَهُوَ مَنْ يَعْتَمِدُ مَنَازِلَ الْقَمَرِ وَتَقْدِيرَ سَيْرِهِ فِي مَعْنَى الْمُنَجِّمِ وَهُوَ مَنْ يَرَى أَنَّ أَوَّلَ الشَّهْرِ طُلُوعُ النَّجْمِ الْفُلَانِيِّ وَلَا اعْتِبَارَ بِقَوْلِ مَنْ ادَّعَى رُؤْيَتَهُ صلى الله عليه وسلم وَأَنَّهُ أُخْبِرَهُ فِي النَّوْمِ بِأَنَّ غَدًا مِنْ رَمَضَانَ وَلَا يَصِحُّ الصَّوْمُ بِهِ إجْمَاعًا لَا لِشَكٍّ فِي رُؤْيَتِهِ وَإِنَّمَا هُوَ لِعَدَمِ ضَبْطِ النَّائِمِ.

وَيَثْبُتُ الشَّهْرُ بِالشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ (وَثُبُوتُ رُؤْيَتِهِ) يَحْصُلُ (بِعَدْلٍ) وَإِنْ كَانَتْ السَّمَاءُ مُصْحِيَةً «لِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ أَخْبَرْت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَنِّي رَأَيْت الْهِلَالَ فَصَامَ وَأَمَرَ النَّاسَ بِصِيَامِهِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ. وَالْمَعْنَى فِي ثُبُوتِهِ بِالْوَاحِدِ الِاحْتِيَاطُ لِلصَّوْمِ، وَلِأَنَّ الصَّوْمَ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ فَيَكْفِي فِي الْإِخْبَارِ بِدُخُولِ وَقْتِهَا وَاحِدٌ كَالصَّلَاةِ حَتَّى لَوْ نَذَرَ صَوْمَ شَهْرٍ مُعَيَّنٍ وَلَوْ ذَا الْحَجَّةِ فَشَهِدَ بِرُؤْيَةِ هِلَالِهِ عَدْلٌ كَفَى كَمَا رَجَّحَهُ فِي الْبَحْرِ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ، وَيَكْفِي قَوْلُ وَاحِدٍ فِي طُلُوعِ الْفَجْرِ وَغُرُوبِهَا قِيَاسًا عَلَى مَا قَالُوهُ فِي الْقِبْلَةِ وَالْوَقْتِ وَالْأَذَانِ وَلِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُفْطِرُ بِقَوْلِهِ، وَبِمَا تَقَرَّرَ يُعْلَمُ أَنَّ إخْبَارَ الْعَدْلِ الْمُوجِبَ لِلِاعْتِقَادِ الْجَازِمِ بِدُخُولِ شَوَّالٍ يَجِبُ الْفِطْرُ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَقَوْلُ الرُّويَانِيِّ بِعَدَمِ جَوَازِ اعْتِمَادِهِ فِي الْفِطْرِ آخِرَ النَّهَارِ ضَعِيفٌ، وَلَا أَثَرَ لِلْفَرْقِ بِأَنَّ آخِرَ النَّهَارِ يَجُوزُ فِيهِ الْفِطْرُ بِالِاجْتِهَادِ بِخِلَافِهِ آخِرَ رَمَضَانَ، لِأَنَّ الِاجْتِهَادَ مُمْكِنٌ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي إذْ مِنْ شَرْطِهِ الْعَلَامَةُ وَهِيَ مَوْجُودَةٌ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فِيهَا بِوُجُودِهِ وَرُؤْيَتِهِ. وَحَالَةٌ يُقْطَعُ فِيهَا بِوُجُودِهِ وَيُجَوِّزُونَ رُؤْيَتَهُ. فَأَجَابَ بِأَنَّ عَمَلَ الْحَاسِبِ شَامِلٌ لِلْمَسَائِلِ الثَّلَاثَةِ اهـ.

(قَوْلُهُ: فَهُوَ جَوَازٌ بَعْدَ حَظْرٍ) أَيْ مَنْعٍ فَيُصَدَّقُ بِالْوُجُوبِ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ ضَبْطِ النَّائِمِ) زَادَ حَجّ: وَفِيهِ وَجْهٌ بِالْوُجُوبِ كَكُلِّ مَا يَأْمُرُ بِهِ وَلَمْ يُخَالِفْ مَا اسْتَقَرَّ فِي شَرْعِهِ، لَكِنَّهُ شَاذٌّ فَقَدْ حَكَى عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ الْإِجْمَاعَ عَلَى الْأَوَّلِ: أَيْ وَهُوَ عَدَمُ الْعَمَلِ بِقَوْلِهِ فَلَا يُعْمَلُ بِهِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ أَخْبَرَ صلى الله عليه وسلم بِهِ، ثُمَّ إنْ كَانَ لَهُ وَجْهٌ مُجَوِّزٌ لِلْعَمَلِ بِهِ لِكَوْنِهِ نَفْلًا مُنْدَرِجًا تَحْتَ مَا أَمَرَهُ بِهِ الشَّارِعُ أَوْ جَوَّزَهُ جَازَ الْعَمَلُ بِهِ وَإِلَّا فَلَا.

(قَوْلُهُ: وَيَثْبُتُ الشَّهْرُ بِالشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ) وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهُ اثْنَيْنِ كَمَا ذَكَرَهُ حَجّ لِأَنَّهُ يُثْبِتُ شَهَادَةَ الْأَصْلِ لَا مَا شَهِدَ بِهِ الْأَصْلُ (قَوْلُهُ: بِعَدْلٍ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ دَلَّ الْحِسَابُ عَلَى عَدَمِ إمْكَانِ الرُّؤْيَةِ اهـ سم عَلَى بَهْجَةٍ، وَظَاهِرُهُ أَيْضًا وَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِالْحِسَابِ وَقَطَعَ بِمُقْتَضَى عِلْمِهِ بِعَدَمِ وُجُودِهِ، وَلَوْ قِيلَ بِأَنَّ لَهُ الْعَمَلَ فِي هَذِهِ بِعِلْمِهِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا.

(قَوْلُهُ: وَالْمَعْنَى فِي ثُبُوتِهِ) أَيْ وَالْعِلَّةُ فِي إلَخْ أَوْ وَالسَّبَبُ فِي إلَخْ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ أَمْرًا مَعْنَوِيًّا.

(قَوْلُهُ: وَغُرُوبِهَا) أَيْ الشَّمْسِ (قَوْلُهُ: كَأَنْ يُفْطِرَ بِقَوْلِهِ) أَيْ الْوَاحِدِ (قَوْلُهُ: وَبِمَا تَقَرَّرَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَلِأَنَّ الصَّوْمَ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ إلَخْ (قَوْلُهُ بِدُخُولِ شَوَّالٍ) مُتَعَلِّقٌ بِإِخْبَارٍ (قَوْلُهُ: يُوجِبُ الْفِطْرَ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

الْمَحَلِّ

(قَوْلُهُ: وَلَوْ ذَا الْحِجَّةِ فَشَهِدَ بِرُؤْيَةِ هِلَالِهِ عَدْلٌ) أَيْ أَوْ أَخْبَرَ (قَوْلُهُ: وَبِمَا تَقَرَّرَ) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ الْقَنَادِيلِ الْمُتَقَدِّمَةِ مِنْ أَنَّ مَنْ حَصَلَ لَهُ بِذَلِكَ الِاعْتِقَادُ الْجَازِمُ وَجَبَ عَلَيْهِ الصَّوْمُ فَإِنَّ هَذَا الْكَلَامَ بِرُمَّتِهِ لِلْإِمْدَادِ، وَهُوَ إنَّمَا ذَكَرَهُ عَقِبَ ذَلِكَ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُ الشَّارِحِ بِمَا تَقَرَّرَ الْكِفَايَةَ بِقَوْلِ الْوَاحِدِ فِي طُلُوعِ الْفَجْرِ وَغُرُوبِ الشَّمْسِ وَوَجْهُ عِلْمِهِ مِنْهُ أَنَّهُ نَظِيرُهُ (قَوْلُهُ: ضَعِيفٌ) أَيْ كَمَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ الْمَارِّ وَيَكْفِي قَوْلٌ وَاحِدٌ فِي طُلُوعِ الْفَجْرِ وَغُرُوبِهَا (قَوْلُهُ: وَلَا أَثَرَ لِلْفَرْقِ إلَخْ) أَيْ بَيْنَ مَسْأَلَةِ الْإِخْبَارِ بِدُخُولِ شَوَّالٍ وَالْإِخْبَارُ فِي الْفِطْرِ آخِرَ النَّهَارِ: أَيْ بِنَاءً عَلَى الرَّاجِحِ خِلَافًا لِلرُّويَانِيِّ فَإِنَّ هُنَاكَ مِمَّنْ يَرَى مُخَالَفَةَ الرُّويَانِيِّ مَنْ يَمْنَعُ الْأَخْذَ بِإِخْبَارِ الْوَاحِدِ فِي دُخُولِ شَوَّالٍ، وَيُفَرِّقُ بِمَا ذُكِرَ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قُوَّةِ كَلَامِ الْإِمْدَادِ الَّذِي مَا هُنَا بَعْضُ مَا فِيهِ بِالْحَرْفِ، لَكِنَّهُ عَبَّرَ بَدَلَ قَوْلِ الشَّارِحِ وَلَا أَثَرَ لِلْفَرْقِ بِقَوْلِهِ وَلَا يُفَرَّقُ بِأَنَّ إلَخْ، وَقَوْلُهُ لِأَنَّ الِاجْتِهَادَ مُمْكِنٌ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي إلَخْ هُوَ وَجْهُ عَدَمِ تَأْثِيرِ الْفَرْقِ فَلَيْسَ مِنْ تَمَامِ الْفَرْقِ خِلَافًا لِمَا وَهِمَ فِيهِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إنَّمَا جَازَ الْفِطْرُ بِالِاجْتِهَادِ بِخِلَافِهِ آخِرَ رَمَضَانَ لِعَدَمِ تَأَتِّي الِاجْتِهَادِ فِي الثَّانِي إذْ مِنْ شَرْطِهِ الْعَلَامَةُ وَلَا وُجُودَ لَهَا فِيهِ، بِخِلَافِهَا فِي الْأَوَّلِ، فَعَدَمُ جَوَازِ الْفِطْرِ بِالِاجْتِهَادِ فِيهِ إنَّمَا هُوَ لِعَدَمِ تَأَتِّيهِ لَا أَنَّهُ يُمْكِنُ

ص: 151

فِي ذَاكَ لَا هَذَا خِلَافًا لِمَنْ فَرَّقَ بِهِ (وَفِي قَوْلٍ) يُشْتَرَطُ فِي ثُبُوتِ رُؤْيَتِهِ (عَدْلَانِ) كَغَيْرِهِ مِنْ الشُّهُورِ، وَادَّعَى الْإِسْنَوِيُّ أَنَّهُ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ لِرُجُوعِهِ إلَيْهِ، فَفِي الْأُمِّ قَالَ الشَّافِعِيُّ بَعْدُ: لَا يَجُوزُ عَلَى هِلَالِ رَمَضَانَ إلَّا شَاهِدَانِ.

وَنَقَلَ الْبُلْقِينِيُّ مَعَ هَذَا النَّصِّ نَصًّا آخَرَ صِيغَتُهُ: رَجَعَ الشَّافِعِيُّ بَعْدُ فَقَالَ: لَا يُصَامُ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ، لَكِنْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ قَالَ الصَّيْمَرِيُّ: إنْ صَحَّ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَبِلَ شَهَادَةَ الْأَعْرَابِيِّ وَحْدَهُ أَوْ شَهَادَةَ ابْنِ عُمَرَ قُبِلَ الْوَاحِدُ وَإِلَّا فَلَا يُقْبَلُ أَقَلُّ مِنْ اثْنَيْنِ وَقَدْ صَحَّ كُلٌّ مِنْهُمَا. وَعِنْدِي أَنَّ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ قَبُولُ الْوَاحِدِ، وَإِنَّمَا رَجَعَ إلَى الِاثْنَيْنِ بِالْقِيَاسِ لَمَّا لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَهُ فِي الْمَسْأَلَةِ سُنَّةٌ فَإِنَّهُ تَمَسَّكَ لِلْوَاحِدِ بِأَثَرِ عَلِيٍّ، وَلِهَذَا قَالَ فِي الْمُخْتَصَرِ: وَلَوْ شَهِدَ بِرُؤْيَتِهِ عَدْلٌ رَأَيْت أَنْ أَقْبَلَهُ لِلْأَثَرِ فِيهِ اهـ.

وَمِنْهُمْ مَنْ قَطَعَ بِالْأَوَّلِ وَهُوَ الْأَصَحُّ. وَمَحِلُّ الْخِلَافِ مَا لَمْ يَحْكُمْ بِهِ حَاكِمٌ، فَإِنْ حَكَمَ بِشَهَادَةِ الْوَاحِدِ حَاكِمٌ يَرَاهُ فَنُقِلَ فِي الْمَجْمُوعِ الْإِجْمَاعُ عَلَى وُجُوبِ الصَّوْمِ، وَأَنَّهُ لَا يُنْقَضُ الْحُكْمُ، وَمَحِلُّ ثُبُوتِ رُؤْيَتِهِ بِعَدْلٍ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّوْمِ وَيَلْحَقُ بِهِ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ تَوَابِعَهُ كَالتَّرَاوِيحِ وَالِاعْتِكَافِ وَالْإِحْرَامِ وَالْعُمْرَةِ الْمُعَلَّقِينَ بِدُخُولِ رَمَضَانَ لَا بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ ذَلِكَ كَحُلُولِ مُؤَجَّلٍ وَوُقُوعِ طَلَاقٍ وَعِتْقٍ عُلِّقَا بِهِ. لَا يُقَالُ: هَلْ لَا ثَبَتَتْ ضِمْنًا كَمَا ثَبَتَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَيْ وَإِنْ كَانَ صَامَ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا فَقَطْ، وَلَمْ يَذْكُرْ الشَّارِحُ هَذَا عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي الشَّهَادَاتِ: فَصْلٌ لَا يُحْكَمُ بِشَاهِدٍ إلَّا فِي هِلَالِ رَمَضَانَ فَلْيُرَاجَعْ، وَلَعَلَّ مَا هُنَا مَفْرُوضٌ فِيمَا لَوْ أَخْبَرَهُ بِدُخُولِ شَوَّالٍ عَدْلٌ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْفِطْرُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ شَهِدَ بِهِ الْعَدْلُ عِنْدَ الْقَاضِي فَلَا يَثْبُتُ بِهِ شَوَّالٌ فَيُوَافِقُ ظَاهِرَ مَا فِي الشَّهَادَاتِ وَيُوَافِقُهُ أَيْضًا مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ: وَرَدُّهُ الْأَوَّلَ بِأَنَّ الشَّيْءَ قَدْ يَثْبُتُ ضِمْنًا بِمَا لَا يَثْبُتُ بِهِ مَقْصُودًا فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي أَنَّا إنَّمَا قُلْنَا بِدُخُولِ شَوَّالٍ بِشَهَادَةِ الْوَاحِدِ حَيْثُ كَانَ ذَلِكَ مُتَرَتِّبًا عَلَى شَهَادَةِ الْوَاحِدِ بِهِلَالِ رَمَضَانَ.

(قَوْلُهُ: فِي ذَاكَ) هُوَ قَوْلُهُ بِأَنَّ آخِرَ النَّهَارِ يَجُوزُ فِيهِ الْفِطْرُ، وَقَوْلُهُ لَا هَذَا هُوَ قَوْلُهُ بِخِلَافِهِ آخِرَ رَمَضَانَ.

(قَوْلُهُ: وَقَدْ صَحَّ كُلٌّ مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ: قَبِلَ شَهَادَةَ الْأَعْرَابِيِّ وَحْدَهُ وَشَهَادَةَ ابْنِ عُمَرَ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ حَكَمَ بِشَهَادَةِ الْوَاحِدِ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ مَا صُورَةُ الْحُكْمِ بِشَهَادَةِ الْوَاحِدِ فَإِنَّ صُورَةَ الثُّبُوتِ بِهِ كَمَا قَالَهُ حَجّ أَنْ يَقُولَ الْحَاكِمُ ثَبَتَ عِنْدِي أَوْ حَكَمْت بِشَهَادَتِهِ، لَكِنْ لَيْسَ الْمُرَادُ هُنَا حَقِيقَةَ الْحُكْمِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ عَلَى مُعَيَّنٍ مَقْصُودٍ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ حَقُّ آدَمِيٍّ ادِّعَاءً كَانَ حُكْمًا حَقِيقِيًّا، لَكِنَّهُ إذَا تَرَتَّبَ عَلَى مُعَيَّنٍ لَا يَكْفِي الْوَاحِدُ فِيهِ، وَالْكَلَامُ فِي أَنَّهُ إذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ بِشَهَادَةِ الْوَاحِدِ ثَبَتَ الصَّوْمُ قَطْعًا، ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى حَجّ مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ لَكِنْ لَيْسَ الْمُرَادُ إلَخْ الَّذِي حَرَّرَهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ كَالْإِتْحَافِ خِلَافَهُ، وَعِبَارَةُ الْإِتْحَافِ: وَمَحِلُّ الْخِلَافِ فِي قَبُولِ الْوَاحِدِ إذَا لَمْ يَحْكُمْ بِهِ حَاكِمٌ فَإِنْ حَكَمَ بِهِ حَاكِمٌ يَرَاهُ وَجَبَ الصَّوْمُ عَلَى الْكَافَّةِ وَلَمْ يُنْقَضْ الْحُكْمُ إجْمَاعًا، قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ إلَى أَنْ قَالَ: وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ لِلْقَاضِي أَنْ يَحْكُمَ بِكَوْنِ اللَّيْلَةِ مِنْ رَمَضَانَ وَحِينَئِذٍ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ رَدُّ قَوْلِ الزَّرْكَشِيّ: وَلَا يَحْكُمُ الْقَاضِي بِكَوْنِ اللَّيْلَةِ مِنْ رَمَضَانَ مَثَلًا لِأَنَّ الْحُكْمَ لَا مَدْخَلَ لَهُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ إلْزَامٌ لِمُعَيَّنٍ إلَى أَنْ قَالَ: وَمِمَّا يَرُدُّهُ أَيْضًا أَنَّ قَوْلَهُمْ فِي تَعْرِيفِ الْحُكْمِ أَنَّهُ إلْزَامٌ لِمُعَيَّنٍ مُرَادُهُمْ بِهِ غَالِبًا فَقَدْ ذَكَرَ الْعَلَائِيُّ صُوَرًا فِيهَا حُكْمٌ وَلَا يُتَصَوَّرُ فِيهَا إلْزَامٌ لِمُعَيَّنٍ إلَّا عَلَى نَوْعٍ مِنْ التَّعَسُّفِ اهـ الْمَقْصُودُ نَقْلُهُ وَأَطَالَ فِيهِ جِدًّا بِنَفَائِسَ لَا يُسْتَغْنَى عَنْهَا، فَعُلِمَ أَنَّهُ هُنَا تَبِعَ الزَّرْكَشِيَّ فِيمَا قَالَهُ وَالْوَجْهُ مَا حَرَّرَهُ هُنَاكَ خُصُوصًا وَكَلَامُ الْمَجْمُوعِ دَالٌّ عَلَيْهِ كَمَا تَقَرَّرَ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ لَا يُنْقَضُ الْحُكْمُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ رَجَعَ الشَّاهِدُ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الصَّوْمِ (قَوْلُهُ: لَا بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ ذَلِكَ) أَيْ فَلَا يَثْبُتُ بِوَاحِدٍ قَالَ سم عَلَى بَهْجَةٍ: فَلَوْ انْتَقَلَ الرَّائِي إلَى بَلَدٍ مُخَالِفٍ فِي الْمَطْلَعِ لَمْ يُرَ فِيهِ فَهَلْ يَسْتَمِرُّ وُقُوعُ طَلَاقِهِ الْمُعَلَّقِ مَثَلًا؟ الْوَجْهُ الِاسْتِمْرَارُ خُصُوصًا، وَالْمُقَرَّرُ فِي بَابِ الطَّلَاقِ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ عَلَى رُؤْيَةِ الْهِلَالِ بِبَلَدِ التَّعْلِيقِ (قَوْلُهُ: طَلَاقٍ وَعِتْقٍ عُلِّقَا بِهِ) أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ الْمُخْبِرُ الْمُعَلِّقَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 152

شَوَّالٌ بِثُبُوتِ رَمَضَانَ بِوَاحِدٍ وَالنَّسَبُ وَالْإِرْثُ بِثُبُوتِ الْوِلَادَةِ بِالنِّسَاءِ. لِأَنَّا نَقُولُ: الضِّمْنِيُّ فِي هَذِهِ الْأُمُورِ لَازِمٌ لِلْمَشْهُودِ بِهِ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ وَنَحْوِهِ، وَبِأَنَّ الشَّيْءَ إنَّمَا يَثْبُتُ ضِمْنًا إذَا كَانَ التَّابِعُ مِنْ جِنْسِ الْمَتْبُوعِ كَالصَّوْمِ وَالْفِطْرِ فَإِنَّهُمَا مِنْ الْعِبَادَاتِ، وَكَالْوِلَادَةِ وَالنَّسَبِ وَالْإِرْثِ فَإِنَّهَا مِنْ الْمَالِ وَالْآيِلِ إلَيْهِ بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّ التَّابِعَ مِنْ الْمَالِ أَوْ الْآيِلِ إلَيْهِ وَالْمَتْبُوعِ مِنْ الْعِبَادَاتِ، هَذَا إنْ سَبَقَ التَّعْلِيقَ الشَّهَادَةُ، فَلَوْ سَبَقَ الثُّبُوتُ ذَلِكَ وَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِهَا بِعَدْلٍ ثُمَّ قَالَ قَائِلٌ: إنْ ثَبَتَ رَمَضَانُ فَعَبْدِي حُرٌّ أَوْ زَوْجَتِي طَالِقٌ وَقَعَا وَمَحِلُّهُ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ: مَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِالشَّاهِدِ فَإِنْ تَعَلَّقَ بِهِ ثَبَتَ الِاعْتِرَافُ بِهِ، وَشَمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ ثُبُوتَهُ بِالشَّهَادَةِ مَا لَوْ دَلَّ الْحِسَابُ عَلَى عَدَمِ إمْكَانِ الرُّؤْيَةِ، وَانْضَمَّ إلَى ذَلِكَ أَنَّ الْقَمَرَ غَابَ لَيْلَةَ الثَّالِثِ عَلَى مُقْتَضَى تِلْكَ الرُّؤْيَةِ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِ الْعِشَاءِ لِأَنَّ الشَّارِعَ لَمْ يَعْتَمِدْ الْحِسَابَ بَلْ أَلْغَاهُ بِالْكُلِّيَّةِ، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لِلسُّبْكِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ، وَلَوْ عَلِمَ فِسْقَ الشُّهُودِ أَوْ كَذِبَهُمْ فَالظَّاهِرُ عَدَمُ لُزُومِ الصَّوْمِ لَهُ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ جَزْمُهُ بِالنِّيَّةِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ الصَّوْمُ حَيْثُ يَحْرُمُ صَوْمُ يَوْمِ الشَّكِّ، وَلَوْ عُلِمَ فِسْقُ الْقَاضِي الْمَشْهُودِ عِنْدَهُ وَجُهِلَ حَالُ الْعُدُولِ فَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ كَمَا لَوْ لَمْ يَشْهَدُوا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَنْعَزِلُ بِالْفِسْقِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ الْقَاضِي أَهْلًا لَكِنَّهُ عَدْلٌ فَالْأَقْرَبُ لُزُومُ الصَّوْمِ تَنْفِيذًا لِحُكْمِهِ حَيْثُ كَانَ مِمَّنْ يَنْفُذُ حُكْمُهُ شَرْعًا وَلَا أَثَرَ لِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ نَهَارًا فَلَا نُفْطِرُ إنْ كَانَ فِي ثَلَاثِينَ رَمَضَانَ، وَلَا نُمْسِكُ إنْ كَانَ فِي ثَلَاثِينَ شَعْبَانَ (وَشَرْطُ الْوَاحِدِ صِفَةُ الْعُدُولِ فِي الْأَصَحِّ لَا عَبْدٌ أَوْ امْرَأَةٌ) فَلْيُتَأَمَّلْ فَلَيْسَا مِنْ عُدُولِ الشَّهَادَةِ،

ــ

[حاشية الشبراملسي]

(قَوْلُهُ: لِأَنَّا نَقُولُ الضِّمْنِيُّ فِي هَذِهِ الْأُمُورِ لَازِمٌ لِلْمَشْهُودِ بِهِ) وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ عَلَى شَرْحِ الْبَهْجَةِ نَقْلًا عَنْ الْإِمْدَادِ لحج نَصُّهَا: لَازِمٌ شَرْعِيٌّ لِلْمَشْهُودِ بِهِ وَإِثْبَاتُ اللَّازِمِ الشَّرْعِيِّ ضَرُورَةٌ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ، بِخِلَافِ الطَّلَاقِ وَنَحْوِهِ بِالنِّسْبَةِ لِرَمَضَانَ فَإِنَّهُ لَازِمٌ وَضْعِيٌّ لَهُ إذْ لَمْ يُرَتِّبْهُ الشَّارِعُ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا رَتَّبَهُ وَاضِعُهُ فَهُوَ فِي نَفْسِهِ قَابِلٌ لِلِانْفِكَاكِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِمُجَرَّدِ الْهِلَالِ لِاحْتِيَاجِهِ إلَى ثُبُوتِ التَّعْلِيقِ وَنَحْوِهِ وَلِأَنَّ الشَّيْءَ إنَّمَا يَثْبُتُ ضِمْنًا إذَا كَانَ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَعَبْدِي حُرٌّ) خَرَجَ بِقَوْلِهِ ثَبَتَ مَا لَوْ كَانَتْ صُورَةُ التَّعْلِيقِ: إنْ كَانَ غَدًا مِنْ رَمَضَانَ فَعَبْدِي حُرٌّ فَلَا يُعْتَقُ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ فِيمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ الثُّبُوتُ وَقَدْ وُجِدَ وَالْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ فِيمَا لَوْ قَالَ: إنْ كَانَ غَدًا مِنْ رَمَضَانَ الْكَوْنُ مِنْ رَمَضَانَ وَهُوَ لَمْ يَعْلَمْ فَلَمْ يَحْصُلْ الْعِتْقُ.

(قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِالشَّاهِدِ) بَقِيَ مَا لَوْ رَأَتْهُ الزَّوْجَةُ دُونَ الزَّوْجِ وَلَمْ يُصَدِّقْهَا هَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهَا تَمْكِينُهُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ فَيَجِبُ عَلَيْهَا الْهَرَبُ قِيَاسًا عَلَى مَا قَالَهُ الشَّارِحُ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَالْقَضَاءُ يَنْفُذُ ظَاهِرًا لَا بَاطِنًا مِنْ قَوْلِهِ وَيَلْزَمُ الْمَحْكُومَ عَلَيْهَا بِنِكَاحٍ كَاذِبٍ الْهَرَبُ بَلْ وَالْقَتْلُ إنْ قَدَرَتْ عَلَيْهِ كَالصَّائِلِ عَلَى الْبُضْعِ، وَلَا نَظَرَ لِاعْتِقَادِهِ إبَاحَتَهُ كَمَا يَجِبُ دَفْعُ الصَّبِيِّ عَنْهُ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُكَلَّفٍ، وَهَذَا ظَاهِرٌ حَيْثُ عُلِّقَ بِرُؤْيَتِهَا، فَإِنْ عُلِّقَ عَلَى ثُبُوتِهِ فَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ بِرُؤْيَتِهَا لِأَنَّهُ عُلِّقَ بِصِفَةٍ وَهِيَ الثُّبُوتُ وَلَمْ تُوجَدْ فَيَجِبُ عَلَيْهَا تَمْكِينُهُ لِبَقَاءِ الزَّوْجِيَّةِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا.

(قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَنْعَزِلُ بِالْفِسْقِ) يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْمَوْلَى بِفِسْقِهِ وَيُوَلِّيهِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يَنْعَزِلُ (قَوْلُهُ: وَشَرْطُ الْوَاحِدِ إلَخْ) لَوْ رَأْي فَاسِقٌ جَهِلَ الْحَاكِمُ فِسْقَهُ الْهِلَالَ فَهَلْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

وَيَمْتَنِعُ الْفِطْرُ بِهِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: لَازِمٌ لِلْمَشْهُودِ بِهِ) لَا يَتَأَتَّى فِي الِاعْتِكَافِ وَالْإِحْرَامِ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ نَحْوِ الطَّلَاقِ فِي عَدَمِ اللُّزُومِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَلَيْسَا مَذْكُورَيْنِ فِي عِبَارَةِ الْإِمْدَادِ الَّتِي هِيَ أَصْلُ مَا هُنَا (قَوْلُهُ: ثُبُوتُهُ بِالشَّهَادَةِ) مَرْفُوعٌ بَدَلٌ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالْمَفْعُولُ قَوْلُهُ مَا لَوْ دَلَّ إلَخْ (قَوْلُهُ: بَلْ أَلْغَاهُ بِالْكُلِّيَّةِ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلْأُمُورِ الْعَامَّةِ كَمَا سَيُصَرِّحُ بِهِ فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ لَهُ مِنْ وُجُوبِ الصَّوْمِ بِهِ عَلَى مَنْ وَثِقَ بِهِ (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَنْعَزِلُ بِالْفِسْقِ) أَيْ فَالْكَلَامُ فِي غَيْرِ قَاضِي الضَّرُورَةِ (قَوْلُهُ: فَلَيْسَا مِنْ عُدُولِ الشَّهَادَةِ) أَيْ عَلَى الْإِطْلَاقِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَرْأَةِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي

ص: 153

وَإِطْلَاقُ الْعُدُولِ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ مُنْصَرِفٌ إلَى الشَّهَادَةِ، فَانْدَفَعَ مَا قِيلَ مِنْ أَنَّ قَوْلَهُ وَشَرْطَ الْوَاحِدِ صِفَةُ الْعُدُولِ بَعْدَ قَبُولِهِ بِعَدْلٍ رَكِيكٍ إذْ الْعَدْلُ مَنْ كَانَتْ فِيهِ صِفَةُ الْعُدُولِ وَبِأَنَّ مَا زَعَمَهُ مِنْ أَنَّ الْعَبْدَ وَالْمَرْأَةَ لَيْسَا مِنْ الْعُدُولِ بَاطِلٌ إذَا الْعَدْلُ مَنْ لَمْ يَرْتَكِبْ كَبِيرَةً وَلَا أَصَرَّ عَلَى صَغِيرَةٍ. نَعَمْ لَيْسَا مِنْ أَهْلِ قَبُولِ الشَّهَادَةِ وَالْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الثُّبُوتَ بِالْوَاحِدِ شَهَادَةٌ أَوْ رِوَايَةٌ فَلَا يَثْبُتُ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْأَوَّلِ وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَعَلَيْهِ فَلَا بُدَّ مِنْ لَفْظِ الشَّهَادَةِ وَهِيَ شَهَادَةُ حِسْبَةٍ وَتَخْتَصُّ بِمَجْلِسِ الْقَاضِي كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ، وَلَا تُشْتَرَطُ الْعَدَالَةُ الْبَاطِنَةُ وَهِيَ الَّتِي يُرْجَعُ فِيهَا لِقَوْلِ الْمُزَكِّينَ كَمَا صَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ بَلْ يُكْتَفَى بِالْعَدَالَةِ الظَّاهِرَةِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِالْمَسْتُورِ، وَاكْتَفَى بِهِ وَإِنْ كَانَ شَهَادَةً احْتِيَاطًا لِلصَّوْمِ، وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّ مَا تَقَرَّرَ بِالنِّسْبَةِ لِوُجُوبِ الصَّوْمِ عَلَى عُمُومِ النَّاسِ، أَمَّا وُجُوبُهُ عَلَى الرَّائِي فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى كَوْنِهِ عَدْلًا مَنْ رَأَى هِلَالَ رَمَضَانَ وَجَبَ عَلَيْهِ الصَّوْمُ وَإِنْ كَانَ فَاسِقًا وَمِثْلُهُ مَنْ أَخْبَرَهُ بِهِ عَدَدُ التَّوَاتُرِ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ الْبَغَوِيّ: يَجِبُ الصَّوْمُ عَلَى مَنْ أَخْبَرَهُ مَوْثُوقٌ بِهِ بِالرُّؤْيَةِ إذَا اعْتَقَدَ صِدْقَهُ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَلَمْ يُفَرِّعُوهُ عَلَى شَيْءٍ وَمِثْلُهُ فِي الْمَجْمُوعِ بِزَوْجَتِهِ وَجَارِيَتِهِ وَصَدِيقِهِ، وَيَكْفِي فِي الشَّهَادَةِ أَشْهَدُ أَنِّي رَأَيْت الْهِلَالَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

لَهُ الْإِقْدَامُ عَلَى الشَّهَادَةِ يُتَّجَهُ الْجَوَازُ بَلْ الْوُجُوبُ إنْ تَوَقَّفَ ثُبُوتُ الصَّوْمِ عَلَيْهَا م ر وَسَيَأْتِي نَظِيرُ ذَلِكَ فِي الشَّهَادَاتِ.

(قَوْلُهُ: صِفَةُ الْعُدُولِ) أَيْ وَمِنْهَا السَّلَامَةُ مِنْ خَارِمِ الْمُرُوءَةِ.

(قَوْلُهُ: مُنْصَرِفٌ إلَى الشَّهَادَةِ) أَيْ إلَى عُدُولِ الشَّهَادَةِ (قَوْلُهُ: بَلْ يُكْتَفَى بِالْعَدَالَةِ الظَّاهِرَةِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ سَلَامَتُهَا هُنَا مِنْ خَارِمِ الْمُرُوءَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، لَكِنْ قَضِيَّةُ قَوْلِ شَرْحِ الْبَهْجَةِ الْكَبِيرِ وَطَرِيقِهِ: أَيْ الْعَدْلُ الْوَاحِدُ الشَّهَادَةُ لَا الرِّوَايَةُ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْقَضَاءِ صِفَةُ الشُّهُودِ وَالْأَدَاءِ عِنْدَ الْقَاضِي اهـ خِلَافُهُ. وَكَذَا قَضِيَّةُ قَوْلِ الشَّارِحِ السَّابِقِ وَالْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الثُّبُوتَ بِالْوَاحِدِ شَهَادَةٌ إلَخْ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْمُرَادُ بِالْمَسْتُورِ) فَسَّرَهُ فِي النِّكَاحِ بِأَنَّهُ الَّذِي لَمْ يُعْرَفْ لَهُ مُفَسِّقٌ وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ لَهُ تَقْوَى ظَاهِرًا وَفَسَّرَهُ حَجّ هُنَا بِأَنَّهُ مَنْ عُرِفَ تَقْوَاهُ ظَاهِرًا.

(قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ مَنْ أَخْبَرَهُ بِهِ عَدَدُ التَّوَاتُرِ) وَلَوْ شَهِدَ اثْنَانِ بِرُؤْيَتِهِ وَتَعَارَضَا فِي مَحِلِّهِ عُمِلَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَإِطْلَاقُ الْعُدُولِ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ مُنْصَرِفٌ إلَى الشَّهَادَةِ) أَيْ بِخِلَافِ إطْلَاقِ الْعَدْلِ فَإِنَّهُ يَشْمَلُهُ وَيَشْمَلُ عَدْلَ الرِّوَايَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّارِحُ أَيْضًا (قَوْلُهُ: فَانْدَفَعَ مَا قِيلَ مِنْ أَنَّ قَوْلَهُ وَشَرْطُ الْوَاحِدِ إلَخْ) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ انْدِفَاعِ الْأَوَّلِ بِمُجَرَّدِ مَا ذَكَرَهُ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: قِيلَ قَوْلُهُ صِفَةُ الْعُدُولِ بَعْدَ قَوْلِهِ بِعَدْلٍ فِيهِ رِكَّةٌ فَإِنَّ الْعَدْلَ مَنْ فِيهِ صِفَةُ الْعُدُولِ، وَزَعْمُ أَنَّ الْمَرْأَةَ وَالْعَبْدَ غَيْرُ عَدْلَيْنِ مَمْنُوعٌ اهـ. وَلَيْسَ فِي مَحَلِّهِ فَإِنَّ الْعَدْلَ لَهُ إطْلَاقَانِ عَدْلُ رِوَايَةٍ وَعَدْلُ شَهَادَةٍ، وَعَدْلُ الشَّهَادَةِ لَهُ إطْلَاقَانِ عَدْلٌ فِي كُلِّ شَهَادَةٍ وَعَدْلٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى بَعْضِ الشَّهَادَاتِ دُونَ بَعْضٍ كَالْمَرْأَةِ، وَلَمَّا كَانَ قَوْلُهُ بِعَدْلٍ مُحْتَمِلًا لِكُلٍّ مِنْهُمَا عَقَّبَهُ بِمَا يُبَيِّنُ الْمُرَادَ مِنْهُ وَهُوَ عَدَالَةُ الشَّهَادَةِ بِالنِّسْبَةِ لِكُلِّ شَهَادَةٍ، وَنَفْيُ عَدَالَةِ الشَّهَادَةِ عَنْ الْعَبْدِ وَاضِحٌ وَعَنْ الْمَرْأَةِ بِاعْتِبَارِ مَا تَقَرَّرَ أَنَّهَا لَا تُعْطَى حُكْمَ الْعُدُولِ فِي كُلِّ شَهَادَةٍ فَاتَّضَحَ أَنَّهُ لَا غُبَارَ عَلَى عِبَارَتِهِ اهـ (قَوْلُهُ نَعَمْ لَيْسَا مِنْ أَهْلِ قَبُولِ الشَّهَادَةِ) أَيْ هُنَا وَلَا حَاجَةَ لِلَفْظِ قَبُولٍ، لَكِنَّ عِبَارَةَ الْمَحَلِّيِّ: وَالْمَرْأَةُ لَا تُقْبَلُ فِي الشَّهَادَةِ وَحْدَهَا انْتَهَتْ، فَهِيَ الْمُرَادَةُ مِنْ عِبَارَةِ الشَّارِحِ وَإِنْ كَانَ فِيهَا قَلَاقَةٌ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ مَنْ أَخْبَرَهُ بِهِ عَدَدُ التَّوَاتُرِ) يُغْنِي عَنْهُ مَا بَعْدَهُ بِالْأَوْلَى، وَالشِّهَابُ حَجّ إنَّمَا ذَكَرَ هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلْعُمُومِ: أَيْ فَإِخْبَارُ عَدَدِ التَّوَاتُرِ مِنْ جُمْلَةِ مَا يَثْبُتُ بِهِ الشَّهْرُ عَلَى الْعُمُومِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ قَاضٍ وَعِبَارَتُهُ: وَكَهَذَيْنِ: أَيْ إكْمَالِ شَعْبَانَ ثَلَاثِينَ وَرُؤْيَةِ الْهِلَالِ لِلْخَبَرِ الْمُتَوَاتِرِ بِرُؤْيَتِهِ وَلَوْ مِنْ كُفَّارٍ انْتَهَتْ. نَعَمْ فِي عَطْفِهِ الْمَذْكُورِ نَظِيرٌ يُعْلَمُ مِمَّا قَدَّمْنَاهُ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ أَوْ عَلِمَ الْقَاضِي، وَظَاهِرٌ أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُمْ أَخْبَرُوا عَنْ رُؤْيَتِهِمْ أَوْ عَنْ رُؤْيَةِ عَدَدِ التَّوَاتُرِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ شُرُوطِ عَدَدِ التَّوَاتُرِ الَّذِي يُفِيدُ الْعِلْمَ فَلَيْسَ مِنْهُ إخْبَارُهُمْ عَنْ وَاحِدٍ رَآهُ أَوْ أَكْثَرَ مِمَّنْ لَمْ يَبْلُغْ عَدَدَ التَّوَاتُرِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ كَمَا يَقَعُ كَثِيرٌ مِنْ الْإِشَاعَاتِ فَتَنَبَّهْ

ص: 154

فِي صَلَاةِ الْعِيدِ، خِلَافًا لِابْنِ أَبِي الدَّمِ قَالَ: لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ، وَلَا يَكْفِي أَنْ يَقُولَ غَدًا مِنْ رَمَضَانَ عَارِيًّا عَنْ لَفْظِ أَشْهَدُ وَلَا مَعَ ذِكْرِهَا مَعَ وُجُودِ رِيبَةٍ كَاحْتِمَالِ كَوْنِهِ قَدْ يَعْتَقِدُ دُخُولَهُ بِسَبَبٍ لَا يُوَافِقُهُ عَلَيْهِ الْمَشْهُودُ عِنْدَهُ، بِأَنْ يَكُونَ أَخَذَهُ مِنْ حِسَابٍ، أَوْ يَكُونَ حَنَفِيًّا يَرَى إيجَابَ الصَّوْمِ لَيْلَةَ الْغَيْمِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، وَلَوْ شَهِدَ الشَّاهِدُ بِالرُّؤْيَةِ فَصَامَ النَّاسُ ثُمَّ رَجَعَ لَزِمَهُمْ الصَّوْمُ عَلَى أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ لِأَنَّ الشُّرُوعَ فِيهِ بِمَنْزِلَةِ الْحُكْمِ بِالشَّهَادَةِ. وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّهُ الْأَقْرَبُ، وَيُفْطِرُونَ بِإِتْمَامِ الْعِدَّةِ وَإِنْ لَمْ يُرَ الْهِلَالُ، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ: وَثُبُوتُ رُؤْيَتِهِ بِعَدْلٍ بَيَانٌ لِأَقَلَّ مَا يَثْبُتُ بِهِ، فَلَا يُنَافِي كَوْنَهُ قَدْ يُثْبِتُ أَكْثَرُ مِنْهُ بَلْ يَلْزَمُ مِنْ ثُبُوتِهِ بِالْوَاحِدِ ثُبُوتُهُ بِمَا فَوْقَهُ بِالْأَوْلَى.

(وَإِذَا صُمْنَا بِعَدْلٍ وَلَمْ نَرَ الْهِلَالَ بَعْدَ الثَّلَاثِينَ أَفْطَرْنَا فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الشَّهْرَ يَتِمُّ بِمُضِيِّ ثَلَاثِينَ (وَإِنْ كَانَتْ السَّمَاءُ مُصْحِيَةً) أَيْ لَا غَيْمَ بِهَا لِكَمَالِ الْعَدَدِ بِحُجَّةٍ شَرْعِيَّةٍ، وَأَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الْخِلَافَ فِي حَالَتَيْ الصَّحْوِ وَالْغَيْمِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ بِالْإِفْطَارِ فِي حَالِ الْغَيْمِ دُونَ الصَّحْوِ، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ صَامَ شَخْصٌ بِقَوْلِ مَنْ يَثِقُ بِهِ ثَلَاثِينَ وَلَمْ يَرَ الْهِلَالَ فَإِنَّهُ يُفْطِرُ فِي أَوْجَهِ احْتِمَالَيْنِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ لَا يُفْطِرُ لِأَنَّ الْفِطْرَ يُؤَدِّي إلَى ثُبُوتِ شَوَّالٍ بِقَوْلِ وَاحِدٍ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ. وَرَدُّهُ الْأَوَّلَ بِأَنَّ الشَّيْءَ قَدْ يَثْبُتُ ضِمْنًا بِمَا لَا يَثْبُتُ بِهِ مَقْصُودًا كَمَا مَرَّ.

(وَإِذَا رُئِيَ بِبَلَدٍ لَزِمَ حُكْمُهُ الْبَلَدَ الْقَرِيبَ) مِنْهُ قَطْعًا كَبَغْدَادَ وَالْكُوفَةِ لِأَنَّهُمَا كَبَلْدَةٍ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

بِأَصْلِ الرُّؤْيَةِ فَيَجِبُ الصَّوْمُ لِثُبُوتِ أَصْلِ الرُّؤْيَةِ.

(قَوْلُهُ: إذَا اعْتَقَدَ صِدْقَهُ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَعْتَقِدْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الصَّوْمُ، وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ بَلْ حَيْثُ عَرَفَ عَدَالَتَهُ وَجَبَ الْأَخْذُ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ خَبَرَ الْعَدْلِ فِي الْعِبَادَاتِ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ الْيَقِينِ، كَمَا لَوْ أَخْبَرَهُ بِطَهَارَةِ الْمَاءِ أَوْ نَجَاسَتِهِ فَإِنَّهُ يَجِبُ اعْتِمَادُ قَوْلِهِ فِيهَا وَإِنْ لَمْ يَعْتَقِدْ صِدْقَهُ فِيمَا أَخْبَرَهُ بِهِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى حَجّ بَعْدَ كَلَامٍ ذَكَرَهُ مَا نَصُّهُ: بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّ جَمِيعَ ذَلِكَ مَمْنُوعٌ، وَأَنَّ مَنْ أَخْبَرَهُ عَدْلٌ أَوْ سَمِعَ شَهَادَتَهُ بَيْنَ يَدَيْ الْحَاكِمِ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ الْحَاكِمُ ثَبَتَ عِنْدِي وَلَا نَحْوَ ذَلِكَ وَجَبَ عَلَيْهِ الصَّوْمُ كَمَا هُوَ قِيَاسُ نَظَائِرِهِ مَا لَمْ يَعْتَقِدْ خَطَأَهُ بِمُوجِبٍ قَامَ عِنْدَهُ اهـ.

وَقَوْلُهُ بِمُوجِبٍ: أَيْ كَضَعْفِ بَصَرِهِ أَوْ الْعِلْمِ بِفِسْقِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَيَكْفِي فِي الشَّهَادَةِ أَشْهَدُ أَنِّي رَأَيْت الْهِلَالَ) أَيْ كَمَا يَكْفِي أَنْ يَقُولَ أَشْهَدُ أَنَّهُ هَلَّ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِابْنِ أَبِي الدَّمِ) وَلَعَلَّ الْكَافِيَ عَلَى كَلَامِهِ أَنْ يَقُولَ: أَشْهَدُ أَنَّ غَدًا مِنْ رَمَضَانَ وَلَا رِيبَةَ. وَقَوْلُنَا وَلَا رِيبَةَ الْوَاوُ وَاوُ الْحَالِ: أَيْ وَالْحَالُ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: قَالَ) أَيْ ابْنُ أَبِي الدَّمِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ) تَوْجِيهٌ لِمَا قَالَهُ ابْنُ أَبِي الدَّمِ (قَوْلُهُ: أَوْ يَكُونُ حَنَفِيًّا) صَوَابُهُ حَنْبَلِيًّا لِأَنَّهُ الَّذِي يَرَى وُجُوبَ الصَّوْمِ لَيْلَةَ الْغَيْمِ سم عَلَى حَجّ بِالْمَعْنَى.

(قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ) قَالَ حَجّ بَعْدَ مِثْلِ مَا ذُكِرَ: وَمِنْ ثَمَّ لَمْ تَجُزْ مُرَاعَاةُ خِلَافِ مُوجِبِهِ اهـ.

أَقُولُ: وَلَعَلَّ مَحِلَّ عَدَمِ الْجَوَازِ مَا لَمْ يُقَلِّدْ الْقَائِلَ بِهِ فِي ذَلِكَ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الشُّرُوعَ فِيهِ بِمَنْزِلَةِ الْحُكْمِ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْ الْعِلَّةِ أَنَّهُ لَوْ حُكِمَ بِشَهَادَتِهِ وَجَبَ الصَّوْمُ وَإِنْ لَمْ يَشْرَعُوا فِيهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَعِبَارَةُ ابْنِ سم عَلَى مَنْهَجٍ: فَرْعٌ لَوْ رَجَعَ الْعَدْلُ عَنْ الشَّهَادَةِ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْحُكْمِ لَمْ يُؤَثِّرْ وَكَذَا قَبْلَهُ، وَبَعْدَ الشُّرُوعِ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْحُكْمِ وَالشُّرُوعِ جَمِيعًا امْتَنَعَ الْعَمَلُ بِشَهَادَتِهِ مَرَّ، وَإِنْ كَانَ رُجُوعُهُ قَبْلَ الْحُكْمِ وَبَعْدَ الشُّرُوعِ ثُمَّ لَمْ يُرَ الْهِلَالُ بَعْدَ ثَلَاثِينَ وَالسَّمَاءُ مُصْحِيَةٌ فَهَلْ نُفْطِرُ؟ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّا نُفْطِرُ لِأَنَّهُمْ جَوَّزُوا الِاعْتِمَادَ عَلَيْهِ، وَجَرَى عَلَى ذَلِكَ مَرَّ، وَخَالَفَ شَيْخُنَا فِي إتْحَافِهِ فَمَنَعَ الْفِطْرَ لِأَنَّا إنَّمَا عَوَّلْنَا عَلَيْهِ مَعَ رُجُوعِهِ احْتِيَاطًا وَالِاحْتِيَاطُ عَدَمُ الْفِطْرِ حَيْثُ لَمْ يُرَ الْهِلَالُ كَمَا ذَكَرَهُ اهـ. وَالْقَلْبُ إلَى مَا قَالَهُ فِي الْإِتْحَافِ أَمْيَلُ (قَوْلُهُ: وَيُفْطِرُونَ بِإِتْمَامِ الْعِدَّةِ) ظَاهِرُهُ رُجُوعُهُ لِقَوْلِهِ وَلَوْ شَهِدَ الشَّاهِدُ بِالرُّؤْيَةِ إلَخْ.

(قَوْلُهُ مُصْحِيَةٌ) مِنْ أَصْحَتْ السَّمَاءُ انْقَشَعَ عَنْهَا الْغَيْمُ فَهِيَ مُصْحِيَةٌ مُخْتَارٌ.

(قَوْلُهُ: وَأَشَارَ بِهِ) أَيْ بِقَوْلِهِ وَإِنْ كَانَتْ السَّمَاءُ إلَخْ (قَوْلُهُ: ضِمْنًا) أَيْ تَبَعًا.

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: خِلَافًا لِابْنِ أَبِي الدَّمِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ لَا يَكْفِي (قَوْلُهُ: أَوْ يَكُونُ حَنَفِيًّا) لَعَلَّهُ حَنْبَلِيًّا لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يَرَى ذَلِكَ وَرَأَيْته كَذَلِكَ فِي بَعْضِ الْهَوَامِشِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: فَلَا يُنَافِي كَوْنَهُ قَدْ يَثْبُتُ بِأَكْثَرَ مِنْهُ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: بَلْ الثُّبُوتُ فِي صُورَةِ الْأَكْثَرِ إنَّمَا حَصَلَ بِوَاحِدٍ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِهِ فَمَا زَادَ لَمْ يُفِدْ إلَّا التَّأْكِيدَ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ مَنْطُوقًا

ص: 155