المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل في حكم الاعتكاف المنذور - نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج - جـ ٣

[الرملي، شمس الدين]

فهرس الكتاب

- ‌فَصْلٌ فِي دَفْنِ الْمَيِّتِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ

- ‌[اللَّحْدُ أَفْضَلُ مِنْ الشَّقِّ]

- ‌لَا يُدْفَنُ اثْنَانِ فِي قَبْرٍ)

- ‌[الْجُلُوس عَلَى الْقَبْرِ]

- ‌[التَّعْزِيَةُ لِأَهْلِ الْمَيِّتِ سُنَّةٌ]

- ‌[يَحْرُمُ النَّدْبُ وَالنَّوْحُ]

- ‌[الْبُكَاءُ عَلَى الْمَيِّتِ قَبْلَ الْمَوْتِ]

- ‌[اتِّبَاعُ الْمُسْلِمِ جِنَازَةَ قَرِيبِهِ الْكَافِرِ]

- ‌[لَا يَحْمِلُ الْجِنَازَةَ إلَّا الرِّجَالُ]

- ‌[اللَّغَطُ فِي سَيْرِ الْجِنَازَةِ]

- ‌[شُرُوطُ صِحَّةِ صَلَاةِ الْجِنَازَة]

- ‌[الدَّفْنُ بِالْمَقْبَرَةِ أَفْضَلُ مِنْ الدَّفْنُ بِالْبَيْتِ]

- ‌[الْمَبِيتُ بِالْمَقْبَرَةِ]

- ‌[الدَّفْنُ لَيْلًا]

- ‌[تَجْصِيصُ الْقَبْرِ وَالْبِنَاءُ عَلَيْهِ وَالْكِتَابَةُ عَلَيْهِ]

- ‌[زِيَارَةُ قُبُورِ الْمُسْلِمِينَ لِلرِّجَالِ]

- ‌[نَقْلُ الْمَيِّتِ قَبْلَ دَفْنِهِ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ آخَرَ]

- ‌كِتَابُ الزَّكَاةِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الْحَيَوَانِ

- ‌[الشَّرْطُ الْأَوَّلُ النَّعَم]

- ‌[الشَّرْطِ الثَّانِي النِّصَابُ]

- ‌فَصْلٌ فِي بَيَانِ كَيْفِيَّةِ الْإِخْرَاجِ لِمَا مَرَّ وَبَعْضِ شُرُوطِ الزَّكَاةِ

- ‌ أَسْبَابِ النَّقْصِ فِي الزَّكَاةِ

- ‌[الْخُلْطَةِ فِي الزَّكَاة]

- ‌بَابُ زَكَاةِ النَّبَاتِ

- ‌[نِصَابُ الْقُوتُ الَّذِي تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ]

- ‌ خَرْصُ الثَّمَرِ)

- ‌[شَرْطُ الْخَارِصِ]

- ‌بَابُ زَكَاةِ النَّقْدِ

- ‌[يُحَرَّمُ عَلَى الرَّجُلِ وَالْخُنْثَى حُلِيُّ الذَّهَبِ]

- ‌[تَحْلِيَةِ الْمُصْحَفِ بِالذَّهَبِ]

- ‌شَرْطُ زَكَاةِ النَّقْدِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الْمَعْدِنِ وَالرِّكَازِ وَالتِّجَارَةِ

- ‌[يُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الْمَعْدِن]

- ‌الرِّكَازِ

- ‌[شَرْطُ الرِّكَاز]

- ‌فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ زَكَاةِ التِّجَارَةِ

- ‌(شَرْطُ وُجُوبِ زَكَاةِ التِّجَارَةِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ

- ‌[تَأْخِيرَ زَكَاةِ الْفِطْرِ إلَى مَا بَعْدَ صَلَاةِ الْعِيدِ]

- ‌[يَلْزَمُهُ فِطْرَةُ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ]

- ‌(مَنْ أَيْسَرَ) بِبَعْضِ صَاعٍ وَهُوَ فِطْرَةُ الْوَاحِدِ (يَلْزَمُهُ)

- ‌[بَابُ مَنْ تَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ]

- ‌فَصْلٌ فِي أَدَاءِ الزَّكَاةِ

- ‌فَصْلٌ فِي تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ

- ‌كِتَابُ الصِّيَامِ

- ‌[إذَا الْهِلَالُ رُئِيَ بِبَلَدٍ لَزِمَ حُكْمُهُ الْبَلَدَ الْقَرِيبَ]

- ‌فَصْلٌ فِي أَرْكَانِ الصَّوْمِ

- ‌[يُسَنُّ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي شَرْطِ الصَّوْمِ]

- ‌فَصْلٌ شَرْطُ صِحَّةِ الصَّوْمِ مِنْ حَيْثُ الْفَاعِلِ وَالْوَقْتِ

- ‌فَصْلٌ فِي شُرُوطِ وُجُوبِ صَوْمِ رَمَضَانَ وَمَا يُبِيحُ تَرْكَ صَوْمِهِ

- ‌فَصْلٌ فِي فِدْيَةِ الصَّوْمِ الْوَاجِبِ

- ‌فَصْلٌ فِي مُوجِبِ كَفَّارَةِ الصَّوْمِ

- ‌[مَصْرِفُ فِدْيَةُ الصَّوْم]

- ‌بَابُ صَوْمِ التَّطَوُّعِ

- ‌ صَوْمُ يَوْمِ (عَرَفَةَ)

- ‌ صَوْمُ (أَيَّامِ) اللَّيَالِي (الْبِيضِ)

- ‌ صَوْمُ (سِتَّةٍ مِنْ شَوَّالٍ)

- ‌[صَوْمُ عَاشُورَاءَ]

- ‌(إفْرَادُ) يَوْمِ (الْجُمُعَةِ) بِالصَّوْمِ

- ‌[وَصَوْمُ الدَّهْرِ غَيْرُ الْعِيدِ]

- ‌كِتَابُ الِاعْتِكَافِ

- ‌[صَوْمُ تَطَوُّعٍ مِنْ غَيْرِ إذْنِ زَوْجِهَا وَهُوَ حَاضِرٌ]

- ‌[شُرُوطُ الْمُعْتَكِفِ]

- ‌فَصْلٌ فِي حُكْمِ الِاعْتِكَافِ الْمَنْذُورِ

- ‌[كِتَابُ الْحَجِّ]

- ‌[شُرُوط صِحَّة الْحَجّ وَالْعُمْرَة]

- ‌[شُرُوط وُجُوب الْحَجّ وَالْعُمْرَة]

- ‌[مَا يُشْتَرَطُ فِي وُجُوبِ نُسُكِ الْمَرْأَةِ]

- ‌بَابُ الْمَوَاقِيتِ لِلنُّسُكِ زَمَانًا وَمَكَانًا

- ‌[الْمِيقَات الزَّمَانِيّ]

- ‌الْمِيقَاتُ الْمَكَانِيُّ

- ‌بَابُ الْإِحْرَامِ

- ‌فَصْلٌ فِي رُكْنِ الْإِحْرَامِ وَمَا يُطْلَبُ لِلْمُحْرِمِ مِنْ الْأُمُورِ الْآتِيَةِ

- ‌[بَابُ دُخُولِ الْمُحْرِمِ مَكَّةَ]

- ‌فَصْلٌ فِيمَا يُطْلَبُ فِي الطَّوَافِ مِنْ وَاجِبَاتٍ وَسُنَنٍ

- ‌[وَاجِبَات الطَّوَاف]

- ‌[سُنَن الطَّوَاف]

- ‌فَصْلٌ فِيمَا يَخْتِمُ بِهِ الطَّوَافَ وَبَيَانُ كَيْفِيَّةِ السَّعْيِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ

- ‌(فَصْلٌ فِي الْمَبِيتِ بِالْمُزْدَلِفَةِ وَالدَّفْعِ مِنْهَا وَفِيمَا يُذْكَرُ مَعَهُمَا

- ‌ الْمَبِيتِ بِمِنًى لَيَالِيَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ

- ‌فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَرْكَانِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، وَبَيَانِ أَوْجُهِ أَدَائِهِمَا مَعَ مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ

- ‌بَابُ مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ

- ‌[مَا يَحِلّ مِنْ شجر الحرم وَمَا يحرم]

- ‌[أَنْوَاعِ الدِّمَاءِ فِي الْحَجّ]

- ‌بَابُ الْإِحْصَارِ وَالْفَوَاتِ

- ‌كِتَابُ الْبَيْعِ

- ‌[شُرُوط الْبَيْع] [

- ‌أَلْفَاظ الْبَيْع]

- ‌[يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بِالْكِنَايَةِ مَعَ النِّيَّةِ]

- ‌[شُرُوط الْعَاقِدِ]

- ‌[شِرَاء الْكَافِر الْمُصْحَف]

- ‌[شُرُوط الْمَبِيع]

- ‌[مِنْ شُرُوط الْمَبِيع طَهَارَة عَيْنه]

- ‌ مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ (النَّفْعُ)

- ‌[مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ إمْكَانُ تَسْلِيمِهِ]

- ‌ مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ (الْمِلْكُ)

- ‌ مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ (الْعِلْمُ بِهِ)

- ‌بَابُ الرِّبَا

- ‌[الْمُمَاثَلَةُ تُعْتَبَرُ فِي الْمَكِيلِ]

- ‌[بَاب الْبُيُوعِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا وَمَا يَتْبَعُهَا]

- ‌[الصُّوَر المستثناة مِنْ النَّهْي عَنْ بَيْع وَشَرْط]

- ‌[بَاعَ عَبْدًا بِشَرْطِ إعْتَاقِهِ]

- ‌فَصْلٌ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي مِنْ الْمَنْهِيَّاتِ الَّتِي لَا يَقْتَضِي النَّهْيُ فَسَادَهَا كَمَا قَالَ

- ‌[بَيْعُ الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ لِعَاصِرِ الْخَمْرِ وَالنَّبِيذِ]

- ‌فَصْلٌ فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ

- ‌[بَيْعُ الْعَرَبُونِ]

- ‌[جُمِعَ الْعَاقِدُ أَوْ الْعَقْدُ فِي صَفْقَةٍ مُخْتَلِفَيْ الْحُكْمِ]

الفصل: ‌فصل في حكم الاعتكاف المنذور

الشَّارِحِ مَحْمُولٌ عَلَى هَذَا مُرَاعَاةً لِلتَّتَابُعِ. نَعَمْ لَوْ كَانَ الْجُنُبُ مُسْتَجْمِرًا بِالْحَجَرِ وَنَحْوِهِ وَجَبَ خُرُوجُهُ وَتَحْرُمُ إزَالَةُ النَّجَاسَةِ فِي الْمَسْجِدِ، وَيَجِبُ أَيْضًا إذَا حَصَلَ بِالْغُسَالَةِ ضَرَرٌ لِلْمَسْجِدِ أَوْ الْمُصَلِّينَ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَيَلْزَمُهُ الْمُبَادَرَةُ بِغُسْلِهِ لِئَلَّا يَبْطُلَ تَتَابُعُ اعْتِكَافِهِ (وَلَا يُحْسَبُ زَمَنُ الْحَيْضِ) وَالنِّفَاسِ (وَلَا) زَمَنُ (الْجَنَابَةِ) مِنْ الِاعْتِكَافِ إنْ اتَّفَقَ الْمُكْثُ مَعَهُمَا فِي الْمَسْجِدِ لِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ لِمُنَافَاةِ ذَلِكَ لِلِاعْتِكَافِ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى الْحَائِضِ هَلْ تَبْنِي عَلَى مَا مَضَى أَوْ لَا؟ . أَمَّا الْمُسْتَحَاضَةُ فَإِنْ أَمِنَتْ تَلْوِيثَهُ لَمْ تَخْرُجْ مِنْ اعْتِكَافِهَا فَإِنْ خَرَجَتْ بَطَلَ تَتَابُعُهُ. .

‌فَصْلٌ فِي حُكْمِ الِاعْتِكَافِ الْمَنْذُورِ

(إذَا نَذَرَ مُدَّةً مُتَتَابِعَةً) كَ لِلَّهِ عَلَيَّ اعْتِكَافُ عَشَرَةِ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَةٍ (لَزِمَهُ) التَّتَابُعُ فِيهَا إنْ صَرَّحَ بِهِ لَفْظًا؛ لِأَنَّهُ وَصْفٌ مَقْصُودٌ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمُبَادَرَةِ لِلْبَاقِي عَقِبَ الْإِتْيَانِ بِبَعْضِهِ، فَإِنْ نَوَى التَّتَابُعَ بِقَلْبِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ، كَمَا لَوْ نَذَرَ أَصْلَ الِاعْتِكَافِ بِقَلْبِهِ كَمَا صَحَّحَاهُ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَا جَرَى عَلَيْهِ فِي الْإِرْشَادِ وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ لَيُوَافِقَ مَا تَقَرَّرَ فِي عَشَرَةٍ بِلَيَالٍ، وَقَوْلُهُمْ: لَوْ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ أَيَّامَ شَهْرٍ أَوْ شَهْرًا نَهَارًا لَمْ تَلْزَمْهُ اللَّيَالِي حَتَّى يَنْوِيَهَا كَمَنْ نَذَرَ اعْتِكَافَ يَوْمٍ لَا يَلْزَمُهُ ضَمُّ اللَّيْلَةِ إلَيْهِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَهَا اهـ.

وَصَوَّبَهُ الْإِسْنَوِيُّ نَقْلًا عَنْ الْغَزَالِيِّ وَجَمَاعَةٍ وَمُغْنِي؛ لِأَنَّ اللَّيَالِيَ إذَا وَجَبَتْ بِالنِّيَّةِ مَعَ أَنَّ فِي ذَلِكَ وَقْتًا زَائِدًا فَوُجُوبَ التَّتَابُعِ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ مُجَرَّدُ وَصْفٍ، وَصَحَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ لَكِنَّ الْمُصَحَّحَ عِنْدَهُمَا وَجَرَى عَلَيْهِ فِي الْحَاوِي عَدَمَ وُجُوبِ التَّتَابُعِ بِنِيَّتِهِ.

وَأَجَابَ الْبَدْرُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ قَوْلِهِمْ الْمَذْكُورِ بِأَنَّ صُورَتَهُ أَنْ يَنْذُرَ أَيَّامًا مُعَيَّنَةً فَتَجِبُ اللَّيَالِي الْمُتَخَلِّلَةُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَحَاطَ بِهَا وَاجِبَانِ، كَمَا لَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ شَهْرٍ وَظَاهِرٌ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ صُورَتَهُ فَالْأَوْلَى مَا أَجَابَ بِهِ الشَّيْخُ مِنْ أَنَّ التَّتَابُعَ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الزَّمَنِ الْمَنْذُورِ، بِخِلَافِ اللَّيَالِي بِالنِّسْبَةِ لِلْأَيَّامِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ إيجَابِ الْجِنْسِ بِنِيَّةِ التَّتَابُعِ إيجَابُ غَيْرِهِ بِهَا، وَفَارَقَ أَيْضًا تَأْثِيرَ النِّيَّةِ فِي قَوْلِهِمْ الْمَذْكُورِ عَدَمَ تَأْثِيرِهَا فِيمَا لَوْ اسْتَثْنَى مِنْ الشَّهْرِ وَنَحْوِهِ الْأَيَّامَ أَوْ اللَّيَالِي بِقَلْبِهِ فَإِنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ بِأَنَّ فِي ذَلِكَ احْتِيَاطًا لِلْعِبَادَةِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ، وَبِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ النِّيَّةِ هُنَاكَ إدْخَالُ مَا قَدْ يُرَادُ مِنْ اللَّفْظِ؛ لِأَنَّ الْيَوْمَ قَدْ يُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهِ الْيَوْمَ بِلَيْلَتِهِ، وَهُنَا إخْرَاجُ مَا شَمِلَهُ اللَّفْظُ، وَلَوْ الْتَزَمَ بِالنَّذْرِ التَّفْرِيقَ أَجْزَأَهُ التَّتَابُعُ وَفَارَقَ مَا لَوْ نَذَرَ صَوْمًا مُتَفَرِّقًا حَيْثُ لَا يَخْرُجُ عَنْ عُهْدَتِهِ بِالْمُتَوَالِي كَعَكْسِهِ بِأَنَّ الشَّارِعَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

(قَوْلُهُ: وَجَبَ خُرُوجُهُ) أَيْ لِيَغْتَسِلَ خَارِجَهُ احْتِرَازًا مِنْ وُصُولِ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ فِي النَّجَاسَةِ لِلْمَسْجِدِ (قَوْلُهُ: وَتَحْرُمُ إزَالَةُ النَّجَاسَةِ فِي الْمَسْجِدِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُحْكَمْ بِنَجَاسَةِ الْغُسَالَةِ حَجّ (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ أَيْضًا) أَيْ الْخُرُوجُ مِنْ الْمَسْجِدِ.

(فَصْلٌ) فِي حُكْمِ الِاعْتِكَافِ (قَوْلُهُ: بِنِيَّةِ التَّتَابُعِ) قَضَيْتُهُ وُجُوبُ اللَّيَالِيِ بِنِيَّةِ التَّتَابُعِ لِلْأَيَّامِ وَإِنْ لَمْ يَخْطُرْ بِبَالِهِ اللَّيَالِي، وَقَوْلُهُ لَمْ تَلْزَمْهُ اللَّيَالِيُ حَتَّى يَنْوِيَهَا ظَاهِرٌ فِي خِلَافِهِ، فَلَعَلَّ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ هُنَا بِنِيَّةِ التَّتَابُعِ اللَّازِمِ لِنِيَّةِ اللَّيَالِيِ التَّتَابُعُ لَا التَّتَابُعُ الْمَنْوِيِّ بِمُجَرَّدِهِ (قَوْلُهُ: التَّفْرِيقُ مَرَّةً إلَخْ) أَيْ وَذَلِكَ فِي دَمِ التَّمَتُّعِ وَنَحْوِهِ وَالتَّتَابُعُ أُخْرَى فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَنَحْوِهَا

ــ

[حاشية الرشيدي]

[فَصْلٌ فِي حُكْمِ الِاعْتِكَافِ الْمَنْذُورِ]

ِ (قَوْلُهُ لِيُوَافِقَ مَا تَقَرَّرَ إلَخْ) هَذَا مِنْ جَانِبِ الْمُخَالِفِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُ مِنْ إيجَابِ الْجِنْسِ بِنِيَّةِ التَّتَابُعِ) اُنْظُرْ مَا مَعْنَى هَذَا التَّعْبِيرِ، وَكَانَ الظَّاهِرُ أَنْ يَقُولَ: وَلَا يَلْزَمُ مِنْ إيجَابِ الْجِنْسِ بِالنِّيَّةِ إيجَابُ غَيْرِهِ بِهَا

ص: 226

اعْتَبَرَ فِي الصَّوْمِ التَّفْرِيقَ مَرَّةً وَالتَّتَابُعَ أُخْرَى، بِخِلَافِ الِاعْتِكَافِ لَمْ يَطْلُبْ فِيهِ التَّفْرِيقَ أَصْلًا، وَقَوْلُ الْغَزَالِيِّ: لَوْ نَوَى أَيَّامًا مُعَيَّنَةً كَسَبْعَةِ أَيَّامٍ مُتَفَرِّقَةٍ أَوَّلُهَا غَدًا تَعَيَّنَ تَفْرِيقُهَا إنَّمَا يَأْتِي عَلَى رَأْيِهِ مِنْ كَوْنِ النِّيَّةِ تُؤَثِّرُ كَاللَّفْظِ وَالْأَصَحُّ عَدَمُ تَأْثِيرِهَا كَمَا مَرَّ (وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ التَّتَابُعُ بِلَا شَرْطٍ) إذْ لَفْظُ الْأُسْبُوعِ وَنَحْوِهِ صَادِقٌ عَلَى الْمُتَتَابِعِ وَغَيْرِهِ فَلَا يَجِبُ أَحَدُهُمَا بِخُصُوصِهِ إلَّا بِدَلِيلٍ، نَعَمْ يُسَنُّ التَّتَابُعُ.

وَالثَّانِي يَجِبُ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ فُلَانًا شَهْرًا، وَفَرَّقَ الْأَوَّلَ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ فِي الْيَمِينِ الْهَجْرُ وَلَا يَتَحَقَّقُ بِدُونِ التَّتَابُعِ، وَحُكْمُ الْأَيَّامِ مَعَ نَذْرِ اللَّيَالِي كَحُكْمِ اللَّيَالِيِ مَعَ نَذْرِ الْأَيَّامِ فِيمَا مَرَّ (وَ) الْأَصَحُّ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ (أَنَّهُ لَوْ نَذَرَ يَوْمًا لَمْ يَجُزْ تَفْرِيقُ سَاعَاتِهِ) مِنْ أَيَّامٍ بَلْ عَلَيْهِ الدُّخُولُ قَبْلَ الْفَجْرِ وَاللُّبْثُ إلَى مَا بَعْدَ الْغُرُوبِ، إذْ الْمَفْهُومُ مِنْ لَفْظِ الْيَوْمِ الِاتِّصَالُ، فَقَدْ قَالَ الْخَلِيلُ: إنَّ الْيَوْمَ اسْمٌ لِمَا بَيْنَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَغُرُوبِ الشَّمْسِ: وَالثَّانِي يَجُوزُ تَنْزِيلًا لِلسَّاعَاتِ مِنْ الْيَوْمِ مَنْزِلَةَ الْأَيَّامِ مِنْ الشَّهْرِ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ مَا لَمْ يُعَيِّنْ يَوْمًا، فَإِنْ عَيَّنَهُ امْتَنَعَ التَّفْرِيقُ جَزْمًا وَلَوْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فِي أَثْنَائِهِ وَمَكَثَ إلَى مِثْلِهِ مِنْ الْغَدِ مَعَ اللَّيْلَةِ الْمُتَخَلِّلَةِ أَجْزَأَ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ لِحُصُولِ التَّتَابُعِ بِالْبَيُّوتَةِ فِي الْمَسْجِدِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ ذَهَبَ أَبُو إِسْحَاقَ إلَى عَدَمِ إجْزَائِهِ، وَقَالَ الشَّيْخَانِ: إنَّهُ الْوَجْهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِيَوْمٍ مُتَوَاصِلِ السَّاعَاتِ وَاللَّيْلَةُ لَيْسَتْ مِنْ الْيَوْمِ، وَلَوْ نَذَرَ يَوْمًا أَوَّلُهُ مِنْ الزَّوَالِ مَثَلًا امْتَنَعَ عَلَيْهِ الْخُرُوجُ لَيْلًا بِاتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُعَيِّنْ مُدَّةً كَأُسْبُوعٍ) عَيَّنَهُ كَهَذَا الْأُسْبُوعِ أَوْ هَذِهِ السَّنَةِ (وَتَعَرَّضَ لِلتَّتَابُعِ) فِيهَا لَفْظًا (وَفَاتَتْهُ لَزِمَهُ التَّتَابُعُ فِي الْقَضَاءِ) لِالْتِزَامِهِ إيَّاهُ.

وَالثَّانِي لَا يَلْزَمُهُ لِوُقُوعِ التَّتَابُعِ ضَرُورَةً فَلَا أَثَرَ لِتَصْرِيحِهِ بِهِ، فَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ الْأُسْبُوعَ لَمْ يَتَصَوَّرْ فِيهِ فَوَاتٌ؛ لِأَنَّهُ عَلَى التَّرَاخِي. وَقَوْلُ الشَّارِحِ وَالْأَصَحُّ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ أَشَارَ بِهِ لِقُوَّةِ الْخِلَافِ وَأَنَّهُ غَيْرُ مَعْطُوفٍ عَلَى مَا قَبْلَهُ مِنْ دُخُولِ الصَّحِيحِ فَيُفِيدُ ضَعْفَهُ (وَإِنْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ) أَيْ التَّتَابُعِ (لَمْ يَلْزَمْهُ فِي الْقَضَاءِ) قَطْعًا لِوُقُوعِ التَّتَابُعِ فِيهِ غَيْرُ مَقْصُودٍ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ ضَرُورَةِ تَعَيُّنِ الْوَقْتِ فَأَشْبَهَ التَّتَابُعَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ

وَلَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ يَوْمٍ مُعَيَّنٍ فَفَاتَهُ فَقَضَاهُ لَيْلًا أَجْزَأَهُ، بِخِلَافِ الْيَوْمِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: أَيَّامًا مُعَيَّنَةٍ كَسَبْعَةِ) أَيْ كَأَنْ نَذَرَ سَبْعَةَ أَيَّامٍ وَنَوَى أَنَّهَا مُتَفَرِّقَةٌ (قَوْلُهُ: فِيمَا مَرَّ) أَيْ فِي أَنَّهُ إنْ نَوَى الْأَيَّامَ فِي نَذْرِهِ اللَّيَالِي وَجَبَتْ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: لَمْ يَجُزْ تَفْرِيقُ سَاعَاتِهِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ نَوَى قَدْرَ الْيَوْمِ وَيَنْبَغِي خِلَافُهُ وَأَنَّ مَا ذَكَرَهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا لَوْ أَطْلَقَ فَإِنْ نَوَى يَوْمًا كَامِلًا وَجَبَ بِلَا خِلَافٍ، وَإِنْ نَوَى قَدْرَ الْيَوْمِ اكْتَفَى بِهِ وَلَوْ مِنْ أَيَّامٍ لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنَّهُ اسْتَعْمَلَ الْيَوْمَ فِي سَاعَاتٍ تُسَاوِيهِ مَجَازًا أَوْ أَنَّهُ قَدْرٌ مُضَافًا فِي الْكَلَامِ وَكِلَاهُمَا لَا مَانِعَ مِنْهُ.

وَبَقِيَ مَا لَوْ نَذَرَ يَوْمًا مِنْ أَيَّامِ الدَّجَّالِ هَلْ يَخْرُجُ مِنْ عُهْدَةِ النَّذْرِ بِأَنْ يُقَدَّرَ لَهُ يَوْمًا مِنْ الْأَيَّامِ الَّتِي قَبْلَ خُرُوجِهِ كَمِائَةِ دَرَجَةٍ لِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ «اُقْدُرُوا لَهُ قَدْرَهُ» أَوْ يُحْمَلُ عَلَى الْيَوْمِ الْحَقِيقِيِّ مِنْ أَيَّامِهِ وَيَخْرُجُ مِنْ الْعُهْدَةِ وَلَوْ بِآخِرِ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ) وَلَوْ نَذَرَ أَيَّامًا كَعَشَرَةٍ وَجَعَلَ مَبْدَأَهَا مِنْ وَقْتِ النَّذْرِ كَأَنْ قَالَ أَعْتَكِفُ عَشَرَةَ أَيَّامٍ مِنْ هَذَا الْوَقْتِ كَمَّلَ مِمَّا انْكَسَرَ مِنْ الْحَادِيَ عَشَرَ، كَمَا لَوْ أَسْلَمَ فِي أَثْنَاءِ يَوْمٍ فِي نَحْو بُرٍّ وَأَجَّلَ بِمُدَّةٍ كَشَهْرٍ فَإِنَّهُ يَحْسِبُ الْمُنْكَسِرُ وَيُكَمِّلُ مِمَّا يَلِي انْتِهَاءَ الثَّلَاثِينَ مِمَّا بَعْدَهُ وَهُوَ الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ، وَيُفَرِّقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا لَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ يَوْمِ قُدُومِ زَيْدٍ وَقَدِمَ نَهَارًا حَيْثُ كَفَّاهُ اعْتِكَافُ بَقِيَّةِ يَوْمِهِ بِأَنَّ مَا فَاتَ قَبْلَ قُدُومِ زَيْدٍ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ وُجُوبٌ أَصْلًا، وَمَا هُنَا تَعَلَّقَ بِنَذْرِهِ بِمَا يُسَمَّى أَيَّامًا وَلَا يَتَحَقَّقُ ذَلِكَ إلَّا بِإِتْمَامِ الْكَسْرِ (قَوْلُهُ وَإِنْ ذَهَبَ أَبُو إِسْحَاقَ) أَيْ الْمَرْوَزِيِّ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَقَوْلُ الْغَزَالِيِّ لَوْ نَوَى أَيَّامًا مُعَيَّنَةً) أَيْ كَأَنْ قَالَ سَبْعَةَ أَثَانِينَ مَثَلًا، كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ مُعَيَّنَةً وَمِنْ قَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ فِي تَأْيِيدِهِ: وَهُوَ مُتَعَيِّنٌ لِتَعَيُّنِ زَمَنِ الِاعْتِكَافِ بِالتَّعْيِينِ اهـ.

وَحِينَئِذٍ فَالِاعْتِرَاضُ عَلَى الْغَزَالِيِّ إنَّمَا هُوَ فِي كَوْنِ النِّيَّةِ بِمُجَرَّدِهَا تَكْفِي فِي ذَلِكَ، أَمَّا لَوْ تَلَفَّظَ بِذَلِكَ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَلْزَمُ فَلْيُرَاجَعْ

ص: 227

الْمُطْلَقِ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْوَفَاءِ بِنَذْرِهِ عَلَى صِفَتِهِ الْمُلْتَزَمَةِ، وَلَا كَذَلِكَ الْمُعَيَّنُ كَنَظِيرِهِ فِي الصَّلَاةِ فِي الْقِسْمَيْنِ.

حَكَاهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَأَقَرَّهُ، وَيُؤْخَذُ مِنْ تَعْلِيلِهِ فِيهِ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا سَاوَتْ اللَّيْلَةُ الْيَوْمَ وَإِلَّا لَمْ يَكْفِهِ

وَلَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ يَوْمِ قُدُومِ زَيْدٍ فَقَدِمَ لَيْلًا لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ لِعَدَمٍ وُجُودِ الصِّفَةِ، وَيُسَنُّ كَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ الصَّوْمِ قَضَاءُ اعْتِكَافِ يَوْمٍ شُكْرًا كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ، فَإِنْ قَدِمَ نَهَارًا أَجْزَأَهُ مَا بَقِيَ مِنْهُ وَلَا يَلْزَمُهُ قَضَاءُ مَا مَضَى مِنْهُ، إذْ الْوُجُوبُ إنَّمَا ثَبَتَ مِنْ وَقْتِ قُدُومِهِ وَفَارَقَ الصَّوْمَ بِصِحَّةِ تَبْعِيضِ مَا هُنَا بِخِلَافِ مَا ذَكَرَ.

نَعَمْ يُسَنُّ قَضَاءُ يَوْمٍ كَامِلٍ كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي تَبَعًا لِلْمَجْمُوعِ عَنْ الْمُزَنِيّ فِي مَوْضِعٍ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ صُحِّحَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْهُ لُزُومُ قَضَائِهِ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ أَصْلِ الرَّوْضَةِ فِي بَابِ النَّذْرِ، وَمَحَلُّ مَا ذُكِرَ إنْ قَدِمَ حَيًّا مُخْتَارًا فَلَوْ قَدِمَ بِهِ مَيِّتًا أَوْ مُكْرَهًا لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ كَمَا قَالَهُ الصَّيْمَرِيُّ؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَ الْحُكْمَ عَلَى الْقُدُومِ، وَفِعْلُ الْمُكْرَهِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ هُنَا شَرْعًا.

وَلَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ الْعَشْرِ الْأَخِيرِ دَخَلَتْ لَيَالِيِهِ حَتَّى أَوَّلَ لَيْلَةٍ مِنْهُ وَيُجْزِئُهُ وَإِنْ نَقَصَ الشَّهْرُ لِوُقُوعِ الِاسْمِ عَلَى مَا بَعْدَ الْعِشْرِينَ إلَى انْتِهَاءِ الشَّهْرِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ نَذَرَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ مِنْ آخِرِهِ وَكَانَ نَاقِصًا لَا يُجْزِئُهُ لِتَجْرِيدِ قَصْدِهِ لَهَا فَعَلَيْهِ اعْتِكَافُ يَوْمٍ بَعْدَهُ، وَيُسَنُّ لَهُ فِي هَذِهِ اعْتِكَافُ يَوْمٍ قَبْلَ الْعَشْرِ لِاحْتِمَالِ نُقْصَانِ الشَّهْرِ فَيَكُونُ ذَلِكَ الْيَوْمُ دَاخِلًا فِي نَذْرِهِ إذْ هُوَ أَوَّلُ الْعَشَرَةِ مَعَ آخِرِهِ، فَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ ثُمَّ بَانَ النَّقْصُ أَجْزَأَهُ عَنْ قَضَاءِ يَوْمٍ كَمَا قَطَعَ بِهِ الْبَغَوِيّ، وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ الْخِلَافُ فِيمَنْ تَيَقَّنَ طُهْرًا وَشَكَّ فِي ضِدِّهِ فَتَوَضَّأَ مُحْتَاطًا فَبَانَ مُحْدِثًا: أَيْ فَلَا يُجْزِئُهُ

(وَإِذَا ذَكَرَ) النَّاذِرُ (التَّتَابُعَ) فِي نَذْرِهِ لَفْظًا (وَشَرَطَ الْخُرُوجَ لِعَارِضٍ) مُبَاحٍ مَقْصُودٍ غَيْرِ مُنَافٍ لِلِاعْتِكَافِ (صَحَّ الشَّرْطُ فِي الْأَظْهَرِ) ؛ لِأَنَّ الِاعْتِكَافَ إنَّمَا لَزِمَ بِالِالْتِزَامِ فَكَانَ عَلَى حَسَبِ مَا الْتَزَمَ، فَلَوْ عَيَّنَ نَوْعًا أَوْ فَرْدًا كَعِيَادَةِ الْمَرْضَى أَوْ زَيْدٍ خَرَجَ لَهُ دُونَ غَيْرِهِ، فَلَوْ أَطْلَقَ الْعَارِضَ أَوْ الشُّغْلَ خَرَجَ لِكُلِّ مُهِمٍّ دِينِيٍّ كَالْجُمُعَةِ أَوْ دُنْيَوِيٍّ مُبَاحٍ كَلِقَاءِ الْأَمِيرِ، وَالثَّانِي بُطْلَانُ الشَّرْطِ لِمُخَالَفَتِهِ لِمُقْتَضَاهُ فَلَمْ يَصِحَّ كَمَا لَوْ شَرَطَ الْخُرُوجَ لِلْجِمَاعِ، وَخَرَجَ بِشَرْطِ الْخُرُوجِ لِعَارِضٍ مَا لَوْ شَرَطَ قَطْعَ الِاعْتِكَافِ لَهُ، فَإِنَّهُ وَإِنْ صَحَّ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْعَوْدُ عِنْدَ زَوَالِ الْعَارِضِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ شَرَطَ الْخُرُوجَ لِلْعَارِضِ فَيَجِبُ عَوْدُهُ، وَلَوْ قَالَ: إلَّا أَنْ يَبْدُوَا لِي لَمْ يَصِحَّ الشَّرْطُ لِتَعْلِيقِهِ عَلَى مُجَرَّدِ الْخِيرَةِ وَهُوَ مُنَافٍ لِلِالْتِزَامِ، وَكَذَا النَّذْرُ كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَهُوَ الْأَشْبَهُ فِي الصَّغِيرِ، وَلَمْ يُصَرِّحْ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا بِتَرْجِيحٍ، وَبِمُبَاحٍ مَا لَوْ شَرَطَهُ لِمُحْرِمٍ كَسَرِقَةٍ، وَبِمَقْصُودِهِ مَا لَوْ شَرَطَهُ لِغَيْرِهِ كَنُزْهَةٍ، وَبِغَيْرِ مُنَافٍ لِلِاعْتِكَافِ مَا لَوْ شَرَطَهُ لِمُنَافٍ لَهُ كَقَوْلِهِ: إنْ اخْتَرْت جَامَعْت أَوْ إنْ اتَّفَقَ لِي جِمَاعٌ جَامَعْت، فَلَا يَنْعَقِدُ نَذْرُهُ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي الْمُحْرِمِ وَالْجِمَاعِ وَمِثْلُهُمَا الْبَقِيَّةُ (وَالزَّمَانُ الْمَصْرُوفُ إلَيْهِ) أَيْ الْعَارِضُ الْمَذْكُورُ (لَا يَجِبُ تَدَارُكُهُ إنْ عَيَّنَ الْمُدَّةَ كَهَذَا الشَّهْرِ) لِأَنَّ النَّذْرَ فِي الْحَقِيقَةِ لِمَا عَدَاهُ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُعَيِّنْهَا كَشَهْرٍ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ وَإِلَّا لَمْ يَكْفِهِ) أَيْ فَيَحْتَاجُ إلَى مُكْثِ مَا يُتِمُّ بِهِ مِقْدَارُ الْيَوْمِ

(قَوْلُهُ: اعْتِكَافُ يَوْمٍ شُكْرًا) أَيْ بِنِيَّةِ الْقَضَاءِ وَيَقَعُ شُكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى لَا أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ أَنْ يَقُولَ شُكْرًا (قَوْلُهُ: مَا بَقِيَ مِنْهُ) أَيْ وَيُعْتَبَرُ ذَلِكَ مِنْ وُصُولِهِ مَا يَنْقَطِعُ بِهِ سَفَرُهُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا ذَكَرَ) أَيْ ثُمَّ

(قَوْلُهُ كَمَا قَطَعَ بِهِ الْبَغَوِيّ) مُعْتَمَدٌ

(قَوْلُهُ: صَحَّ الشَّرْطُ فِي الْأَظْهَرِ) وَلَوْ نَذَرَ نَحْوَ صَلَاةٍ أَوْ صَوْمٍ أَوْ حَجٍّ وَشَرَطَ الْخُرُوجَ لِعَارِضٍ فَكَمَا تَقَرَّرَ. كَذَا بِهَامِشٍ وَعَلَيْهِ فَلَوْ نَوَى الصَّلَاةَ بَعْدَ النَّذْرِ جَازَ أَنْ يَقُولَ فِي نِيَّتِهِ وَأَخْرُجُ مِنْهَا إنْ عَرَضَ لِي كَذَا، لِأَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ، نِيَّتُهُ مَحْمُولَةٌ عَلَيْهِ، فَمَتَى عَرَضَ لَهُ مَا اسْتَثْنَاهُ جَازَ لَهُ الْخُرُوجُ وَإِنْ كَانَ فِي تَشَهُّدِ الصَّلَاةِ وَجَازَ لَهُ الْخُرُوجُ مِنْ الصَّوْمِ وَإِنْ كَانَ قَرِيبَ الْغُرُوبِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: كَلِقَاءِ الْأَمِيرِ) أَيْ لِحَاجَةٍ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا سَاوَتْ اللَّيْلَةُ الْيَوْمَ وَإِلَّا لَمْ يَكْفِهِ) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ اللَّيْلَةُ أَقْصَرَ: أَيْ فَيُكَمِّلُ عَلَيْهَا مِنْ النَّهَارِ كَمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ، وَانْظُرْ لَوْ كَانَتْ أَطْوَلَ هَلْ يُكْتَفَى بِمِقْدَارِ الْيَوْمِ مِنْهَا أَوْ لَا بُدَّ مِنْ اسْتِيعَابِهَا

(قَوْلُهُ مِنْ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ) خِلَافًا لِحَجِّ

ص: 228

مُطْلَقٍ (فَيَجِبُ) تَدَارُكُهُ لِتَتِمَّ الْمُدَّةُ، وَيَكُونُ فَائِدَةُ الشَّرْطِ تَنْزِيلُ ذَلِكَ الْعَارِضِ مَنْزِلَةَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ فِي أَنَّ التَّتَابُعَ لَا يَنْقَطِعُ بِهِ

(وَيَنْقَطِعُ التَّتَابُعُ) زِيَادَةً عَلَى مَا مَرَّ (بِالْخُرُوجِ) مِنْ الْمَسْجِدِ بِجَمِيعِ بَدَنِهِ أَوْ بِمَا اعْتَمَدَ عَلَيْهِ مِنْ نَحْوِ يَدَيْهِ أَوْ رِجْلَيْهِ أَوْ رَأْسِهِ قَائِمًا أَوْ مُنْحَنِيًا أَوْ مِنْ الْعَجُزِ قَاعِدًا أَوْ مِنْ الْجَنْبِ مُضْطَجِعًا (بِلَا عُذْرٍ) مِنْ الْأَعْذَارِ الْآتِيَةِ وَإِنْ قَلَّ زَمَنُهُ لِمُنَافَاتِهِ اللُّبْثَ إذْ هُوَ فِي مُدَّةِ الْخُرُوجِ الْمَذْكُورِ غَيْرُ مُعْتَكِفٍ وَمَحَلُّ ذَلِكَ حَيْثُ كَانَ عَامِدًا عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ مُخْتَارًا (وَلَا يَضُرُّ) فِي تَتَابُعِ اعْتِكَافِهِ (إخْرَاجُ بَعْضِ الْأَعْضَاءِ) مِنْ الْمَسْجِدِ كَرَأْسِهِ أَوْ يَدِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى خَارِجًا، فَقَدْ وَرَدَ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُدْنِي رَأْسَهُ إلَى عَائِشَةَ فَتُرَجِّلُهُ: أَيْ تُسَرِّحُهُ وَهُوَ مُعْتَكِفٌ فِي الْمَسْجِدِ» ، فَلَوْ أَخْرَجَ إحْدَى رِجْلَيْهِ وَاعْتَمَدَ عَلَيْهِمَا لَمْ يَضُرَّ فِيمَا يَظْهَرُ لِعَدَمِ صِدْقِ الْخُرُوجِ عَلَيْهِ، فَقَدْ قَالَ فِي الْبَسِيطِ: قَضِيَّةُ تَعْلِيلِ الْبَغَوِيّ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ.

قُلْت: وَيُؤَيِّدُهُ مَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ فَأَدْخَلَ إحْدَى رِجْلَيْهِ وَاعْتَمَدَ عَلَيْهِمَا مِنْ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ فَعَمِلْنَا بِالْأَصْلِ فِيهِمَا.

(وَلَا) يَضُرُّ (الْخُرُوجُ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ) مِنْ بَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ وَمِثْلُهُمَا الرِّيحُ فِيمَا يَظْهَرُ إذْ لَا بُدَّ مِنْهُ وَإِنْ أَكْثَرَ خُرُوجَهُ لِذَلِكَ لِعَارِضٍ نَظَرًا إلَى جِنْسِهِ، وَلَا يَشْتَرِطُ أَنْ يَصِلَ لِحَدِّ الضَّرُورَةِ، وَإِذَا خَرَجَ لَا يُكَلَّفُ الْإِسْرَاعَ بَلْ يَمْشِي عَلَى سَجِيَّتِهِ، فَإِنْ تَأَنَّى أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ بَطَلَ كَمَا فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ عَنْ الْبَحْرِ، وَيَجُوزُ لَهُ الْوُضُوءُ بَعْدَ قَضَائِهَا خَارِجَ الْمَسْجِدِ تَبَعًا لَهَا وَاجِبًا كَانَ أَوْ مَنْدُوبًا، وَإِنْ لَمْ يَجُزْ لَهُ الْخُرُوجُ وَحْدَهُ وَلَوْ عَنْ حَدَثٍ حَيْثُ أَمْكَنَهُ فِي الْمَسْجِدِ وَاقْتِصَارُهُ عَلَى قَضَاءِ الْحَاجَةِ مِثَالٌ فَغَيْرُهَا كَذَلِكَ كَغُسْلِ جَنَابَةٍ وَإِزَالَةِ نَجَاسَةٍ وَرُعَافٍ وَأَكْلٍ (مَا يَجُوزُ لِلْمُعْتَكِفِ الْخُرُوجُ لَهُ) ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَحْيِي مِنْهُ فِي الْمَسْجِدِ وَإِنْ أَمْكَنَهُ الْأَكْلُ فِيهِ، بِخِلَافِ الشُّرْبِ كَمَا مَرَّ إذَا وُجِدَ الْمَاءُ فِيهِ وَيُؤْخَذُ مِنْ الْعِلَّةِ كَمَا أَفَادَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ الْكَلَامَ فِي مَسْجِدٍ مَطْرُوقٍ، بِخِلَافِ الْمُخْتَصِّ وَالْمَهْجُورِ الَّذِي يَنْدُرُ طَارِقُوهُ، فَلَوْ خَرَجَ لِلشُّرْبِ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْهُ فِيهِ انْقَطَعَ تَتَابُعُهُ، وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَنَّ الْوُضُوءَ الْمَنْدُوبَ لِغُسْلِ الِاحْتِلَامِ مُغْتَفِرٌ كَالتَّثْلِيثِ فِي الْوُضُوءِ الْوَاجِبِ (وَلَا يَجِبُ فِعْلُهَا فِي غَيْرِ دَارِهِ) الَّتِي يَسْتَحِقُّ مَنْفَعَتَهَا كَسِقَايَةِ الْمَسْجِدِ وَدَارِ صَدِيقٍ لَهُ بِجِوَارِ الْمَسْجِدِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ وَخَرْمِ الْمُرُوءَةِ، وَتَزِيدُ دَارُ الصَّدِيقِ بِالْمِنَّةِ بِهَا، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَنْ لَا تَخْتَلُّ مُرُوءَتُهُ بِالسِّقَايَةِ وَلَا يَشُقُّ عَلَيْهِ تَكْلِيفُهَا إنْ كَانَتْ أَقْرَبُ مِنْ دَارِهِ، وَبِهِ صَرَّحَ الْقَاضِي وَالْمُتَوَلِّي، وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا إذَا كَانَتْ السِّقَايَةُ الْمَصُونَةُ مُخْتَصَّةٌ بِالْمَسْجِدِ لَا يَدْخُلُهَا إلَّا أَهْلُ ذَلِكَ الْمَكَانِ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ (وَلَا يَضُرُّ بُعْدُهَا) أَيْ دَارِهِ الْمَذْكُورَةِ عَنْ الْمَسْجِدِ مُرَاعَاةً لِمَا مَرَّ مِنْ الْمَشَقَّةِ وَالْمِنَّةِ (إلَّا أَنْ يَفْحُشَ) بُعْدَهَا عَنْهُ وَثَمَّ لَائِقٍ بِهِ أَوْ تَرَكَ الْأَقْرَبَ مِنْ دَارَيْهِ وَذَهَبَ إلَى أَبْعَدِهِمَا وَضَابِطُ الْفُحْشِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ أَنْ يَذْهَبَ أَكْثَرُ الْوَقْتِ فِي التَّرَدُّدِ لِلْمَنْزِلِ (فَيَضُرُّ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ قَدْ يَحْتَاجُ فِي عَوْدِهِ أَيْضًا إلَى الْبَوْلِ فَيُمْضِي يَوْمَهُ فِي الذَّهَابِ وَالْإِيَابِ وَلِاغْتِنَائِهِ بِالْأَقْرَبِ مِنْ دَارَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فِي طَرِيقِهِ مَكَانًا أَوْ وَجَدَهُ وَلَمْ يَلِقْ بِهِ دُخُولُهُ لَمْ يَضُرَّ فُحْشُ الْبُعْدِ.

وَالثَّانِي لَا يَضُرُّ فُحْشُ ذَلِكَ مُطْلَقًا لِمَا مَرَّ مِنْ مَشَقَّةِ الدُّخُولِ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ فِي غَيْرِ دَارِهِ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ الْخُرُوجُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

اقْتَضَتْ خُرُوجَهُ لِلِقَائِهِ لَا مُجَرَّدِ التَّفَرُّجِ عَلَيْهِ

(قَوْلُهُ: إذْ لَا بُدَّ مِنْهُ) أَيْ وَإِخْرَاجُهُ فِي الْمَسْجِدِ مَكْرُوهٌ (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَأَتَّى أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ وَيَرْجِعُ فِي ذَلِكَ إلَيْهِ لِأَنَّهُ أَمِينٌ عَلَى عِبَادَتِهِ (قَوْلُهُ أَنْ يَذْهَبَ أَكْثَرُ الْوَقْتِ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ أَنْ يَذْهَبَ أَكْثَرُ الْوَقْتِ فِي التَّرَدُّدِ لِلْمَنْزِلِ) اُنْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِالْوَقْتِ هُنَا، ثُمَّ رَأَيْت الزِّيَادِيَّ صَرَّحَ بِأَنَّهُ الْوَقْتُ الَّذِي نَذَرَ اعْتِكَافَهُ.

ص: 229

لِنَوْمٍ أَوْ غُسْلِ نَحْوِ جُمُعَةٍ كَمَا ذَكَرَهُ الْخُوَارِزْمِيَّ (وَلَوْ عَادَ مَرِيضًا) أَوْ زَارَ قَادِمًا (فِي طَرِيقِهِ) لِقَضَاءِ حَاجَتِهِ (لَمْ يَضُرَّ مَا لَمْ يَطُلْ وُقُوفُهُ) بِأَنْ لَمْ يَقِفْ أَصْلًا أَوْ وَقَفَ يَسِيرًا كَأَنْ اقْتَصَرَ عَلَى السَّلَامِ وَالسُّؤَالِ (أَوْ) لَمْ (يَعْدِلْ عَنْ طَرِيقِهِ) بِأَنْ كَانَ الْمَرِيضُ وَالْقَادِمُ فِيهَا «لِخَبَرِ عَائِشَةَ إنِّي كُنْت أَدْخُلُ الْبَيْتَ لِلْحَاجَةِ أَيْ التَّبَرُّزِ وَالْمَرِيضُ فِيهِ فَمَا أَسْأَلُ عَنْهُ إلَّا وَأَنَا مَارَّةٌ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَفِي أَبِي دَاوُد مَرْفُوعًا «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَمُرُّ بِالْمَرِيضِ وَهُوَ مُعْتَكِفٌ فَيَمُرُّ كَمَا هُوَ يَسْأَلُ عَنْهُ وَلَا يَعْرُجُ» فَإِنْ طَالَ وُقُوفُهُ عُرْفًا أَوْ عَدَلَ عَنْ طَرِيقِهِ وَإِنْ قَلَّ ضَرَّ وَلَوْ صَلَّى فِي طَرِيقِهِ عَلَى جِنَازَةٍ فَإِنْ لَمْ يَنْتَظِرْهَا وَلَمْ يَعْدِلْ عَنْ طَرِيقِهِ إلَيْهَا جَازَ وَإِلَّا فَلَا، وَهَلْ عِيَادَةُ الْمَرِيضِ وَنَحْوُهَا لَهُ أَفْضَلُ أَوْ تَرْكُهَا أَوْ هُمَا سَوَاءٌ؟ وُجُوهٌ أَرْجَحُهَا أَوَّلُهَا (وَلَا يَنْقَطِعُ التَّتَابُعُ) بِخُرُوجِهِ (لِمَرَضٍ يُحْوِجُ إلَى الْخُرُوجِ) لِدُعَاءِ الْحَاجَةِ لَهُ كَمَا فِي قَضَاءِ الْحَاجَةِ وَالْمُحْوِجُ لِذَلِكَ مَا يَشُقُّ مَعَهُ الْمُقَامُ فِي الْمَسْجِدِ لِحَاجَةِ فُرُشٍ وَخَادِمٍ وَتَرَدُّدِ طَبِيبِ، أَوْ بِأَنْ يَخَافَ مِنْهُ تَلْوِيثَ الْمَسْجِدِ كَإِسْهَالٍ وَإِدْرَارِ بَوْلٍ، بِخِلَافِ مَرَضٍ لَا يُحْوِجُ إلَى الْخُرُوجِ كَصُدَاعٍ وَحُمَّى خَفِيفَةٍ فَيَنْقَطِعُ التَّتَابُعُ بِالْخُرُوجِ لَهُ، وَفِي مَعْنَى مَا ذَكَرَ فِي الْمَرَضِ الْخَوْفُ مِنْ نَحْوِ لِصٍّ أَوْ حَرِيقٍ، فَإِنْ زَالَ خَوْفُهُ عَادَ لِمَكَانِهِ وَبَنَى عَلَيْهِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَلَعَلَّهُ فِيمَنْ لَمْ يَجِدْ مَسْجِدًا قَرِيبًا يَأْمَنُ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ.

(وَ) لَا يَنْقَطِعُ التَّتَابُعُ (بِحَيْضٍ إنْ طَالَتْ مُدَّةُ الِاعْتِكَافِ) بِحَيْثُ لَا يَخْلُو عَنْهُ غَالِبًا كَصَوْمِ شَهْرَيْ كَفَّارَةِ قَتْلٍ لِعُرُوضِهِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهَا، وَضُبِطَ جَمْعُ الْمُدَّةِ الَّتِي لَا تَخْلُو عَنْهُ غَالِبًا بِأَكْثَرَ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، وَتَبِعَهُمْ الْمُصَنِّفُ وَنَظَرَ فِيهِ آخَرُونَ بِأَنَّ الْعِشْرِينَ وَالثَّلَاثَةَ وَعِشْرِينَ تَخْلُو عَنْهُ غَالِبًا إذْ هِيَ غَالِبُ الطُّهْرِ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقْطَعَهَا وَمَا دُونَهَا الْحَيْضُ وَلَا يَقْطَعُ مَا فَوْقَهَا، وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْغَالِبِ هُنَا أَنْ لَا يَسَعَ زَمَنَ أَقَلَّ الطُّهْرِ الِاعْتِكَافُ لَا الْغَالِبُ الْمَفْهُومُ مِمَّا مَرَّ فِي بَابِ الْحَيْضِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ مَتَى زَادَ مِنْ الِاعْتِكَافِ عَلَى أَقَلِّ الطُّهْرِ كَانَتْ مُعَرَّضَةً لِطُرُوقِ الْحَيْضِ فَعُذِرَتْ لِأَجْلِ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَتْ تَحِيضُ وَتَطْهُرُ غَالِبَ الْحَيْضِ وَالطُّهْرِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْغَالِبُ قَدْ يَتَجَزَّأُ.

أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ تَحِيضُ أَقَلَّ الْحَيْضِ لَا يَنْقَطِعُ اعْتِكَافُهَا بِهِ إذَا زَادَتْ مُدَّةُ اعْتِكَافِهَا عَلَى أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ مَعَ أَنَّهُ يُمْكِنُهَا إيقَاعُهُ فِي زَمَنِ طُهْرِهَا، فَكَذَلِكَ هَذِهِ لَا يَلْزَمُهَا إيقَاعُهُ فِي زَمَنِ طُهْرِهَا، وَإِنْ وَسِعَهُ، وَلَا نَظَرَ لِلْفَرْقِ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ طُهْرَ تِلْكَ عَلَى خِلَافِ الْغَالِبِ، بِخِلَافِ هَذِهِ؛ لِأَنَّهُمْ تَوَسَّعُوا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَيْ الَّذِي نَذَرَ اعْتِكَافُهُ اهـ زِيَادِي (قَوْلُهُ: فَإِنْ طَالَ وُقُوفُهُ عُرْفًا) أَيْ بِأَنْ زَادَ فِي قَدْرِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ: أَيْ أَقَلُّ مُجْزِئٌ مِنْهَا فِيمَا يَظْهَرُ اهـ حَجّ.

أَمَّا قَدْرُهَا فَيُحْتَمَلُ لِجَمِيعِ الْأَعْرَاضِ (قَوْلُهُ: جَازَ) أَيْ الْوُقُوفُ وَلَمْ يَقْطَعْ التَّتَابُعُ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا) وَهَلْ لَهُ تَكْرِيرُ هَذِهِ كَالْعِيَادَةِ عَلَى مَوْتَى أَوْ مَرْضَى مَرَّ بِهِمْ فِي طَرِيقِهِ بِالشَّرْطَيْنِ الْمَذْكُورِينَ أَخَذَا مِنْ جَعْلِهِمْ قَدْرُ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ مَعْفُوًّا عَنْهُ بِكُلِّ غَرَضٍ فِيمَنْ خَرَجَ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ أَوْ لَا يَفْعَلُ إلَّا وَاحِدًا لِأَنَّهُمْ عَلَّلُوا فِعْلَهُ لِنَحْوِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ بِأَنَّهُ يَسِيرٌ وَوَقَعَ تَابِعًا لَا مَقْصُودًا؟ كُلٌّ مُحْتَمَلُ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ نَحْوِ الْعِيَادَةِ وَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَزِيَارَةِ الْقَادِمِ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ.

وَمَعْنَى التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ أَنَّ كُلًّا عَلَى حِدَتِهِ تَابِعٌ وَزَمَنُهُ يَسِيرٌ، فَلَا نَظَرَ لِضَمِّهِ إلَى غَيْرِهِ الْمُقْتَضِي لِطُولِ الزَّمَنِ، وَنَظِيرُهُ مَا مَرَّ فِيمَنْ عَلَى بَدَنِهِ دَمٌ قَلِيلٌ مَعْفُوٌّ عَنْهُ وَتَكَرَّرَ بِحَيْثُ لَوْ جَمَعَ لَكَثُرَ فَهَلْ يَقْدِرُ الِاجْتِمَاعُ حَتَّى يَضُرَّ أَوْ لَا حَتَّى يَسْتَمِرَّ الْعَفْوُ؟ فِيهِ خِلَافٌ لَا يَبْعُدُ مَجِيئُهُ هُنَا وَإِنْ أَمْكَنَ الْفَرْقُ بِأَنَّهُ يُحْتَاطُ لِلصَّلَاةِ بِالنَّجَاسَةِ مَا لَا يُحْتَاطُ هُنَا وَأَيْضًا فَمَا هُنَا فِي التَّابِع وَهُوَ يُغْتَفَرُ فِيهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمَقْصُودِ. اهـ حَجّ (قَوْلُهُ أَرْجَحُهَا أَوَّلُهَا) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَرِيضُ جَارًا لِلْمُعْتَكِفِ وَلَا نَحْوَ صَدِيقٍ، وَعِبَارَةُ حَجّ قُبَيْلَ الْكِتَابِ وَبَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّ الْخُرُوجَ لِعِيَادَةٍ نَحْوَ رَحِمٍ وَجَارٍ وَصَدِيقٍ أَفْضَلُ اهـ وَالْمُوَافِقُ لِكَلَامِ حَجّ أَنْ يَجْعَلَ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ لَهُ لِلْمُعْتَكِفِ لَا لِمَنْ خَرَجَ لِحَاجَةٍ

(قَوْلُهُ: قَدْ يَتَجَزَّأُ) أَيْ بِأَنْ يُوجَدُ تَارَةً فِي شَهْرٍ قَدْرٌ مَخْصُوصٌ

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 230

هُنَا فِي الْأَعْذَارِ بِمَا يَقْتَضِي أَنَّ مُجَرَّدَ إمْكَانِ طُرُوُّ الْحَيْضِ عُذْرٌ فِي عَدَمِ الِانْقِطَاعِ فَتَبْنِي عَلَى مَا سَبَقَ إذَا طَهُرَتْ؛ لِأَنَّهُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهَا (فَإِنْ كَانَتْ) مُدَّةُ الِاعْتِكَافِ (بِحَيْثُ تَخْلُو عَنْهُ) أَيْ الْحَيْضِ (انْقَطَعَ) التَّتَابُعُ (فِي الْأَظْهَرِ) ؛ لِأَنَّهَا بِسَبِيلٍ مِنْ أَنْ تَشْرَعَ كَمَا طَهُرَتْ وَكَالْحَيْضِ النِّفَاسُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ.

وَالثَّانِي لَا يَنْقَطِعُ؛ لِأَنَّ جِنْسَ الْحَيْضِ مِمَّا يَتَكَرَّرُ فِي الْجُمْلَةِ فَلَا يُؤَثِّرُ فِي التَّتَابُعِ كَقَضَاءِ الْحَاجَةِ وَلَا تَخْرُجُ لِاسْتِحَاضَةِ بَلْ تَحْتَرِزُ عَنْ تَلْوِيثِ الْمَسْجِدِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ إنْ سَهُلَ احْتِرَازُهَا وَإِلَّا خَرَجَتْ وَلَا انْقِطَاعَ

(وَلَا) يَنْقَطِعُ التَّتَابُعُ (بِالْخُرُوجِ) مِنْ الْمَسْجِدِ (نَاسِيًا) اعْتِكَافَهُ (عَلَى الْمَذْهَبِ) الْمَقْطُوعِ بِهِ أَوْ مُكْرَهًا عَلَيْهِ بِغَيْرِ حَقٍّ كَمَا فِي الْجِمَاعِ نَاسِيًا وَمِثْلُ ذَلِكَ الْجَاهِلُ الَّذِي يَخْفَى عَلَيْهِ مَا ذُكِرَ لِخَبَرِ «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» وَكَالْإِكْرَاهِ مَا لَوْ حُمِلَ وَأُخْرِجَ بِغَيْرِ أَمْرِهِ وَإِنْ أَمْكَنَهُ التَّخَلُّصُ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ، وَيُحْتَمَلُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يُمْكِنُهُ ذَلِكَ، وَلَعَلَّهُ الْأَقْرَبُ، فَإِنْ أُخْرِجَ مُكْرَهًا بِحَقٍّ كَالزَّوْجَةِ وَالْعَبْدِ يَعْتَكِفَانِ بِلَا إذْنٍ أَوْ أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ لِحَقٍّ لَزِمَهُ أَوْ خَرَجَ خَوْفَ غَرِيمٍ لَهُ وَهُوَ غَنِيٌّ مُمَاطِلٌ أَوْ مُعْسِرٌ، وَلَهُ بَيِّنَةٌ: أَيْ وَثَمَّ حَاكِمٌ يَقْبَلُهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ انْقَطَعَ تَتَابُعُهُ لِتَقْصِيرِهِ.

وَلَوْ خَرَجَ لِأَدَاءِ شَهَادَةٍ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ تَحَمُّلُهُ وَأَدَاؤُهَا لَمْ يَنْقَطِعْ تَتَابُعُهُ لِاضْطِرَارِهِ إلَى الْخُرُوجِ وَإِلَى سَبَبِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ أَحَدُهُمَا أَوْ تَعَيَّنَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ الْأَدَاءُ مُسْتَغْنٍ عَنْ الْخُرُوجِ وَإِلَّا فَتَحَمُّلُهُ لَهَا إنَّمَا يَكُونُ لِلْأَدَاءِ فَهُوَ بِاخْتِيَارِهِ، وَقَيَّدَهُ الشَّيْخُ بَحْثًا بِمَا إذَا تَحَمَّلَ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الِاعْتِكَافِ وَإِلَّا فَلَا يَنْقَطِعُ الْوَلَاءُ كَمَا لَوْ نَذَرَ صَوْمَ الدَّهْرِ فَفَوَّتَهُ لِصَوْمِ كَفَّارَةٍ لَزِمَتْهُ قَبْلَ النَّذْرِ لَا يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ

وَلَوْ خَرَجَ لِإِقَامَةِ حَدٍّ أَوْ تَعْزِيرٍ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ لَمْ يَقْطَعْ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْجَرِيمَةَ لَا تُرْتَكَبُ لِإِقَامَةِ الْحَدِّ، بِخِلَافِ تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ إنَّمَا يَكُونُ لِلْأَدَاءِ كَمَا مَرَّ، بِخِلَافِ مَا إذَا ثَبَتَ بِإِقْرَارِهِ، وَمَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ إذَا أَتَى بِمُوجِبِ الْحَدِّ قَبْلَ الِاعْتِكَافِ، فَإِنْ أَتَى بِهِ حَالَ الِاعْتِكَافِ كَمَا لَوْ قَذَفَ مَثَلًا فَإِنَّهُ يَقْطَعُ الْوَلَاءَ.

وَلَا يَقْطَعُهُ خُرُوجُ امْرَأَةٍ لِأَجْلِ قَضَاءَ عِدَّةِ حَيَاةٍ أَوْ وَفَاةٍ وَإِنْ كَانَتْ مُخْتَارَةً لِلنِّكَاحِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْصَدُ لِلْعِدَّةِ، بِخِلَافِ التَّحَمُّلِ كَمَا مَرَّ مَا لَمْ تَكُنْ بِسَبَبِهَا كَأَنْ طَلَّقَتْ نَفْسَهَا بِتَفْوِيضِ ذَلِكَ لَهَا أَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِمَشِيئَتِهَا فَشَاءَتْ وَهِيَ مُعْتَكِفَةٌ فَإِنَّهُ يَنْقَطِعُ لِاخْتِيَارِهَا الْخُرُوجَ، فَإِنْ أَذِنَ لَهَا الزَّوْجُ فِي اعْتِكَافِ مُدَّةٍ مُتَتَابِعَةٍ ثُمَّ طَلَّقَهَا فِيهَا أَوْ مَاتَ قَبْلَ انْقِضَائِهَا فَيَنْقَطِعُ التَّتَابُعُ بِخُرُوجِهَا قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ الَّتِي قَدَّرَهَا لَهَا زَوْجُهَا، إذْ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا الْخُرُوجُ قَبْلَ انْقِضَائِهَا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، وَكَذَا لَوْ اعْتَكَفَتْ بِغَيْرِ إذْنِهِ ثُمَّ طَلَّقَهَا وَأَذِنَ لَهَا فِي إتْمَامِ اعْتِكَافِهَا فَيَنْقَطِعُ التَّتَابُعُ بِخُرُوجِهَا.

(وَلَا) يَنْقَطِعُ التَّتَابُعُ (بِخُرُوجِ الْمُؤَذِّنِ الرَّاتِبِ إلَى مَنَارَةٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ لِلْمَسْجِدِ (مُنْفَصِلَةٍ عَنْ الْمَسْجِدِ) بِأَنْ لَا يَكُونَ بَابُهَا فِيهِ وَلَا فِي رَحْبَتِهِ الْمُتَّصِلَةِ بِهِ قَرِيبَةٍ مِنْهُ (لِلْأَذَانِ فِي الْأَصَحِّ) لِإِلْفِهِ صُعُودَهَا لِلْأَذَانِ وَإِلْفِ النَّاسِ صَوْتَهُ، بِخِلَافِ خُرُوجِ غَيْرِ الرَّاتِبِ لِلْأَذَانِ وَخُرُوجِ الرَّاتِبِ لِغَيْرِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

وَفِي آخَرَ دُونَهُ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ

(قَوْلُهُ وَمِثْلُ ذَلِكَ الْجَاهِلُ) وَمِثْلُهُ جَاهِلٌ يُعْذَرُ بِجَهْلِهِ اهـ حَجّ.

وَظَاهِرُ عِبَارَةِ الشَّارِحِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ كَوْنِهِ قَرُبَ عَهْدُهُ بِالْإِسْلَامِ أَمْ لَا، نَشَأْ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ الْعُلَمَاءِ أَمْ لَا وَهِيَ ظَاهِرَةٌ

(قَوْلُهُ لَمْ يَنْقَطِعْ تَتَابُعُهُ) أَيْ وَإِنْ طَالَ زَمَنُ خُرُوجِهِ لِأَنَّهُ مُكْرَهٌ عَلَيْهِ شَرْعًا

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ) هَذَا لَا يَتَأَتَّى مَعَ قَوْلِهِ الْآتِي وَمَحِلُّ مَا تَقَرَّرَ إذَا أَتَى بِمُوجِبِ الْحَدِّ إلَخْ فَإِنَّهُ مَعَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ التَّقْيِيدِ عَنْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ يَصِيرُ حُكْمُ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَاحِدًا، فَالشَّهَادَةُ قَبْلَ الِاعْتِكَافِ كَمُوجِبِ الْحَدِّ قَبْلَهُ فِي أَنَّ الْخُرُوجَ لِأَدَاءِ الشَّهَادَةِ أَوْ الْحَدِّ لَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ، وَهُمَا بَعْدَ الِاعْتِكَافِ يَقْطَعَانِ التَّتَابُعَ إذَا خَرَجَ لِأَدَاءِ الشَّهَادَةِ أَوْ الْحَدِّ

(قَوْلُهُ: وَلَا بِخُرُوجِ الْمُؤَذِّنِ الرَّاتِبِ) وَمِثْلُ الرَّاتِبِ نَائِبُهُ حَيْثُ اسْتَنَابَهُ لِعُذْرٍ اهـ سم عَلَى حَجّ.

أَقُولُ: وَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ حَيْثُ كَانَ النَّائِبُ كَالْأَصِيلِ فِيمَا طَلَبَ مِنْهُ (قَوْلُهُ: قَرِيبَةٌ مِنْهُ) صِفَةٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ مَنَارَةٌ مُنْفَصِلَةٌ (قَوْلُهُ لِلْأَذَانِ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ الْأَذَانِ مَا اُعْتِيدَ مِنْ التَّسْبِيحِ الْمَعْرُوفِ الْآنَ، وَمِنْ أُولَى الْجُمُعَةِ وَثَانِيَتِهَا لِاعْتِيَادِ النَّاسِ التَّهَيُّؤِ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ أَوْ الْجُمُعَةِ بِذَلِكَ فَيُلْحَقُ بِالْأَذَانِ (قَوْلُهُ: لِإِلْفِهِ صُعُودَهَا) قَالَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 231

الْأَذَانِ وَلَوْ بِحُجْرَةٍ بَابُهَا فِي الْمَسْجِدِ أَوْ لِلْأَذَانِ لَكِنْ بِمَنَارَةٍ لَيْسَتْ لِلْمَسْجِدِ أَوْ لَهُ لَكِنْ بَعِيدَةٌ عَنْهُ وَعَنْ رَحْبَتِهِ.

وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ امْتِنَاعَ الْخُرُوجِ لِلْمَنَارَةِ فِيهَا إذَا حَصَلَ الشِّعَارُ بِالْأَذَانِ بِظَهْرِ السَّطْحِ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ، وَكَالْمَنَارَةِ مَحَلٌّ عَالٍ بِقُرْبِ الْمَسْجِدِ اُعْتِيدَ الْأَذَانُ لَهُ عَلَيْهِ، وَكَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ عَالِيًا لَكِنْ تَوَقَّفَ الْإِعْلَامُ عَلَيْهِ لِكَوْنِ الْمَسْجِدِ فِي مُنْعَطَفٍ مَثَلًا، وَإِضَافَةُ الْمَنَارَةِ إلَى الْمَسْجِدِ لِلِاخْتِصَاصِ وَإِنْ لَمْ تُبْنَ لَهُ كَأَنْ خَرِبَ مَسْجِدٌ وَبَقِيَتْ مَنَارَتُهُ فَجُدِّدَ مَسْجِدٌ قَرِيبٌ مِنْهَا وَاعْتِيدَ الْأَذَانُ عَلَيْهَا لَهُ فَحُكْمُهَا حُكْمُ الْمَبْنِيَّةِ لَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.

وَقَوْلُ الْمَجْمُوعِ: إنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ فِي مَنَارَةٍ مَبْنِيَّةٍ لَهُ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ فَلَا مَفْهُومَ لَهُ، أَمَّا مَنَارَةُ الْمَسْجِدِ الَّتِي بَابُهَا فِيهِ أَوْ فِي رَحْبَتِهِ فَلَا يَضُرُّ صُعُودُهَا وَلَوْ لِغَيْرِ الْأَذَانِ وَإِنْ خَرَجَتْ عَنْ سَمْتُ بِنَاءِ الْمَسْجِدِ كَمَا رَجَّحَاهُ وَتَرْبِيعِهِ إذْ هِيَ فِي حُكْمِ الْمَسْجِدِ كَمَنَارَةٍ مَبْنِيَّةٍ فِيهِ مَالَتْ إلَى الشَّارِعِ فَيَصِحُّ الِاعْتِكَافُ فِيهَا، وَإِنْ كَانَ الْمُعْتَكِفُ فِي هَوَاءِ الشَّارِعِ، وَأَخَذَ الزَّرْكَشِيُّ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ اُتُّخِذَ لِلْمَسْجِدِ جَنَاحٌ إلَى الشَّارِعِ فَاعْتَكَفَ فِيهِ صَحَّ؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لَهُ صَحِيحٌ، وَإِنْ زَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ مَرْدُودٌ بِأَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الْجَنَاحِ وَالْمَنَارَةِ لَائِحٌ أَيْ لِكَوْنِ الْمَنَارَةِ تُنْسَبُ إلَى الْمَسْجِدِ، وَيُحْتَاجُ إلَيْهَا غَالِبًا فِي إقَامَةِ شَعَائِرِهِ بِخِلَافِ الْجَنَاحِ فِيهِمَا وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِضَبْطِ الْبَعِيدَةِ، وَالْأَقْرَبُ الرُّجُوعُ فِي ذَلِكَ لِلْعُرْفِ، وَإِنْ ضَبَطَهُ بَعْضُهُمْ بِكَوْنِهَا خَارِجَةٌ عَنْ جِوَارِ الْمَسْجِدِ وَجَارُهُ أَرْبَعُونَ دَارًا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ وَبَعْضٌ آخَرُ بِمَا جَاوَزَ حَرِيمُ الْمَسْجِدِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ يَنْقَطِعُ بِخُرُوجِهِ مُطْلَقًا لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهَا بِسَطْحِهِ وَفِي ثَالِثٍ يُفَرِّقُ بَيْنَ الرَّاتِبِ وَغَيْرِهِ

(وَيَجِبُ)(قَضَاءُ أَوْقَاتِ الْخُرُوجِ) مِنْ الْمَسْجِدِ مَنْ نَذَرَ اعْتِكَافَ مُتَتَابِعٍ (بِالْأَعْذَارِ) السَّابِقَةِ الَّتِي لَا يَنْقَطِعُ بِهَا التَّتَابُعُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُعْتَكِفٍ فِيهَا (إلَّا أَوْقَاتُ قَضَاءِ الْحَاجَةِ) ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَثْنًى إذْ لَا بُدَّ مِنْهُ، وَاقْتِصَارُهُ عَلَى قَضَاءِ الْحَاجَةِ مِثَالٌ إذْ الْأَوْجَهُ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ تَبَعًا لِجَمْعٍ مُتَقَدِّمِينَ جَرَيَانُهُ فِي كُلِّ مَا يُطْلَبُ الْخُرُوجُ لَهُ وَلَمْ يَطُلْ زَمَنُهُ عَادَةً كَأَكْلٍ وَغُسْلِ جَنَابَةٍ وَأَذَانِ مُؤَذِّنٍ رَاتِبٍ، بِخِلَافِ مَا يَطُولُ زَمَنُهُ كَمَرَضٍ وَعِدَّةٍ وَحَيْضٍ وَنِفَاسٍ، وَعُلِمَ مِمَّا مَرَّ عَدَمُ لُزُومِ تَجْدِيدِ النِّيَّةِ لِمَنْ خَرَجَ لِمَا ذَكَرَ بَعْدَ عَوْدِهِ إنْ خَرَجَ لِمَا لَا بُدَّ مِنْهُ وَإِنْ طَالَ زَمَنُهُ كَتَبَرُّزٍ وَغُسْلٍ وَاجِبٍ وَأَذَانٍ جَازَ الْخُرُوجُ لَهُ أَوْ لِمَا مِنْهُ بُدٌّ لِشُمُولِ النِّيَّةِ جَمِيعِ الْمُدَّةِ، وَلَوْ عَيَّنَ مُدَّةً وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلتَّتَابُعِ فَجَامَعَ أَوْ خَرَجَ بِلَا عُذْرٍ ثُمَّ عَادَ لِتَتْمِيمِ الْبَاقِي جَدَّدَ النِّيَّةَ، وَلَوْ أَحْرَمَ مُعْتَكِفٌ بِنُسُكٍ فَإِنْ لَمْ يَخْشَ الْفَوَاتَ أَتَمَّهُ، وَإِلَّا خَرَجَ وَلَهُ وَلَا يَبْنِي بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ النُّسُكِ عَلَى اعْتِكَافِهِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ نَذَرَ اعْتِكَافَ شَهْرٍ بِعَيْنِهِ فَبَانَ انْقِضَاؤُهُ قَبْلَ نَذْرِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ لِأَنَّ اعْتِكَافَ شَهْرٍ قَدْ مَضَى مُحَالٌ.

ــ

[حاشية الشبراملسي]

حَجّ: وَبِمَا تَقَرَّرَ فِي الْمَنَارَةِ فَارَقَتْ الْخَلْوَةُ الْخَارِجَةُ عَنْ الْمَسْجِدِ الَّتِي بَابُهَا فِيهِ فَيَنْقَطِعُ بِدُخُولِهَا قَطْعًا (قَوْلُهُ: وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ امْتِنَاعَ الْخُرُوجِ) عِبَارَةُ سم عَلَى حَجّ فِي أَثْنَاءِ قَوْلِهِ وَانْظُرْ بَحْثَ الْأَذْرَعِيُّ مَعَ أَنَّ مُقَابِلَ الْأَصَحِّ نَظَرُ لِلِاسْتِغْنَاءِ بِالسَّطْحِ.

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 232