المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[نصاب القوت الذي تجب فيه الزكاة] - نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج - جـ ٣

[الرملي، شمس الدين]

فهرس الكتاب

- ‌فَصْلٌ فِي دَفْنِ الْمَيِّتِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ

- ‌[اللَّحْدُ أَفْضَلُ مِنْ الشَّقِّ]

- ‌لَا يُدْفَنُ اثْنَانِ فِي قَبْرٍ)

- ‌[الْجُلُوس عَلَى الْقَبْرِ]

- ‌[التَّعْزِيَةُ لِأَهْلِ الْمَيِّتِ سُنَّةٌ]

- ‌[يَحْرُمُ النَّدْبُ وَالنَّوْحُ]

- ‌[الْبُكَاءُ عَلَى الْمَيِّتِ قَبْلَ الْمَوْتِ]

- ‌[اتِّبَاعُ الْمُسْلِمِ جِنَازَةَ قَرِيبِهِ الْكَافِرِ]

- ‌[لَا يَحْمِلُ الْجِنَازَةَ إلَّا الرِّجَالُ]

- ‌[اللَّغَطُ فِي سَيْرِ الْجِنَازَةِ]

- ‌[شُرُوطُ صِحَّةِ صَلَاةِ الْجِنَازَة]

- ‌[الدَّفْنُ بِالْمَقْبَرَةِ أَفْضَلُ مِنْ الدَّفْنُ بِالْبَيْتِ]

- ‌[الْمَبِيتُ بِالْمَقْبَرَةِ]

- ‌[الدَّفْنُ لَيْلًا]

- ‌[تَجْصِيصُ الْقَبْرِ وَالْبِنَاءُ عَلَيْهِ وَالْكِتَابَةُ عَلَيْهِ]

- ‌[زِيَارَةُ قُبُورِ الْمُسْلِمِينَ لِلرِّجَالِ]

- ‌[نَقْلُ الْمَيِّتِ قَبْلَ دَفْنِهِ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ آخَرَ]

- ‌كِتَابُ الزَّكَاةِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الْحَيَوَانِ

- ‌[الشَّرْطُ الْأَوَّلُ النَّعَم]

- ‌[الشَّرْطِ الثَّانِي النِّصَابُ]

- ‌فَصْلٌ فِي بَيَانِ كَيْفِيَّةِ الْإِخْرَاجِ لِمَا مَرَّ وَبَعْضِ شُرُوطِ الزَّكَاةِ

- ‌ أَسْبَابِ النَّقْصِ فِي الزَّكَاةِ

- ‌[الْخُلْطَةِ فِي الزَّكَاة]

- ‌بَابُ زَكَاةِ النَّبَاتِ

- ‌[نِصَابُ الْقُوتُ الَّذِي تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ]

- ‌ خَرْصُ الثَّمَرِ)

- ‌[شَرْطُ الْخَارِصِ]

- ‌بَابُ زَكَاةِ النَّقْدِ

- ‌[يُحَرَّمُ عَلَى الرَّجُلِ وَالْخُنْثَى حُلِيُّ الذَّهَبِ]

- ‌[تَحْلِيَةِ الْمُصْحَفِ بِالذَّهَبِ]

- ‌شَرْطُ زَكَاةِ النَّقْدِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الْمَعْدِنِ وَالرِّكَازِ وَالتِّجَارَةِ

- ‌[يُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الْمَعْدِن]

- ‌الرِّكَازِ

- ‌[شَرْطُ الرِّكَاز]

- ‌فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ زَكَاةِ التِّجَارَةِ

- ‌(شَرْطُ وُجُوبِ زَكَاةِ التِّجَارَةِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ

- ‌[تَأْخِيرَ زَكَاةِ الْفِطْرِ إلَى مَا بَعْدَ صَلَاةِ الْعِيدِ]

- ‌[يَلْزَمُهُ فِطْرَةُ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ]

- ‌(مَنْ أَيْسَرَ) بِبَعْضِ صَاعٍ وَهُوَ فِطْرَةُ الْوَاحِدِ (يَلْزَمُهُ)

- ‌[بَابُ مَنْ تَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ]

- ‌فَصْلٌ فِي أَدَاءِ الزَّكَاةِ

- ‌فَصْلٌ فِي تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ

- ‌كِتَابُ الصِّيَامِ

- ‌[إذَا الْهِلَالُ رُئِيَ بِبَلَدٍ لَزِمَ حُكْمُهُ الْبَلَدَ الْقَرِيبَ]

- ‌فَصْلٌ فِي أَرْكَانِ الصَّوْمِ

- ‌[يُسَنُّ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي شَرْطِ الصَّوْمِ]

- ‌فَصْلٌ شَرْطُ صِحَّةِ الصَّوْمِ مِنْ حَيْثُ الْفَاعِلِ وَالْوَقْتِ

- ‌فَصْلٌ فِي شُرُوطِ وُجُوبِ صَوْمِ رَمَضَانَ وَمَا يُبِيحُ تَرْكَ صَوْمِهِ

- ‌فَصْلٌ فِي فِدْيَةِ الصَّوْمِ الْوَاجِبِ

- ‌فَصْلٌ فِي مُوجِبِ كَفَّارَةِ الصَّوْمِ

- ‌[مَصْرِفُ فِدْيَةُ الصَّوْم]

- ‌بَابُ صَوْمِ التَّطَوُّعِ

- ‌ صَوْمُ يَوْمِ (عَرَفَةَ)

- ‌ صَوْمُ (أَيَّامِ) اللَّيَالِي (الْبِيضِ)

- ‌ صَوْمُ (سِتَّةٍ مِنْ شَوَّالٍ)

- ‌[صَوْمُ عَاشُورَاءَ]

- ‌(إفْرَادُ) يَوْمِ (الْجُمُعَةِ) بِالصَّوْمِ

- ‌[وَصَوْمُ الدَّهْرِ غَيْرُ الْعِيدِ]

- ‌كِتَابُ الِاعْتِكَافِ

- ‌[صَوْمُ تَطَوُّعٍ مِنْ غَيْرِ إذْنِ زَوْجِهَا وَهُوَ حَاضِرٌ]

- ‌[شُرُوطُ الْمُعْتَكِفِ]

- ‌فَصْلٌ فِي حُكْمِ الِاعْتِكَافِ الْمَنْذُورِ

- ‌[كِتَابُ الْحَجِّ]

- ‌[شُرُوط صِحَّة الْحَجّ وَالْعُمْرَة]

- ‌[شُرُوط وُجُوب الْحَجّ وَالْعُمْرَة]

- ‌[مَا يُشْتَرَطُ فِي وُجُوبِ نُسُكِ الْمَرْأَةِ]

- ‌بَابُ الْمَوَاقِيتِ لِلنُّسُكِ زَمَانًا وَمَكَانًا

- ‌[الْمِيقَات الزَّمَانِيّ]

- ‌الْمِيقَاتُ الْمَكَانِيُّ

- ‌بَابُ الْإِحْرَامِ

- ‌فَصْلٌ فِي رُكْنِ الْإِحْرَامِ وَمَا يُطْلَبُ لِلْمُحْرِمِ مِنْ الْأُمُورِ الْآتِيَةِ

- ‌[بَابُ دُخُولِ الْمُحْرِمِ مَكَّةَ]

- ‌فَصْلٌ فِيمَا يُطْلَبُ فِي الطَّوَافِ مِنْ وَاجِبَاتٍ وَسُنَنٍ

- ‌[وَاجِبَات الطَّوَاف]

- ‌[سُنَن الطَّوَاف]

- ‌فَصْلٌ فِيمَا يَخْتِمُ بِهِ الطَّوَافَ وَبَيَانُ كَيْفِيَّةِ السَّعْيِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ

- ‌(فَصْلٌ فِي الْمَبِيتِ بِالْمُزْدَلِفَةِ وَالدَّفْعِ مِنْهَا وَفِيمَا يُذْكَرُ مَعَهُمَا

- ‌ الْمَبِيتِ بِمِنًى لَيَالِيَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ

- ‌فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَرْكَانِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، وَبَيَانِ أَوْجُهِ أَدَائِهِمَا مَعَ مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ

- ‌بَابُ مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ

- ‌[مَا يَحِلّ مِنْ شجر الحرم وَمَا يحرم]

- ‌[أَنْوَاعِ الدِّمَاءِ فِي الْحَجّ]

- ‌بَابُ الْإِحْصَارِ وَالْفَوَاتِ

- ‌كِتَابُ الْبَيْعِ

- ‌[شُرُوط الْبَيْع] [

- ‌أَلْفَاظ الْبَيْع]

- ‌[يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بِالْكِنَايَةِ مَعَ النِّيَّةِ]

- ‌[شُرُوط الْعَاقِدِ]

- ‌[شِرَاء الْكَافِر الْمُصْحَف]

- ‌[شُرُوط الْمَبِيع]

- ‌[مِنْ شُرُوط الْمَبِيع طَهَارَة عَيْنه]

- ‌ مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ (النَّفْعُ)

- ‌[مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ إمْكَانُ تَسْلِيمِهِ]

- ‌ مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ (الْمِلْكُ)

- ‌ مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ (الْعِلْمُ بِهِ)

- ‌بَابُ الرِّبَا

- ‌[الْمُمَاثَلَةُ تُعْتَبَرُ فِي الْمَكِيلِ]

- ‌[بَاب الْبُيُوعِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا وَمَا يَتْبَعُهَا]

- ‌[الصُّوَر المستثناة مِنْ النَّهْي عَنْ بَيْع وَشَرْط]

- ‌[بَاعَ عَبْدًا بِشَرْطِ إعْتَاقِهِ]

- ‌فَصْلٌ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي مِنْ الْمَنْهِيَّاتِ الَّتِي لَا يَقْتَضِي النَّهْيُ فَسَادَهَا كَمَا قَالَ

- ‌[بَيْعُ الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ لِعَاصِرِ الْخَمْرِ وَالنَّبِيذِ]

- ‌فَصْلٌ فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ

- ‌[بَيْعُ الْعَرَبُونِ]

- ‌[جُمِعَ الْعَاقِدُ أَوْ الْعَقْدُ فِي صَفْقَةٍ مُخْتَلِفَيْ الْحُكْمِ]

الفصل: ‌[نصاب القوت الذي تجب فيه الزكاة]

وَتِهَامَةَ، فَتِهَامَةُ حَارَّةٌ يُسْرِعُ إدْرَاكُ ثَمَرِهَا وَنَجْدٌ بَارِدَةٌ، وَالْمُرَادُ بِالْعَامِ هَذَا اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا عَرَبِيَّةً.

قَالَ الشَّيْخُ: وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَأَشَارَ بِذَلِكَ لِلرَّدِّ عَلَى ابْنِ الرِّفْعَةِ؛ لِأَنَّهُ نَقَلَهُ عَنْ الْأَصْحَابِ، وَالْعِبْرَةُ فِي الضَّمِّ هُنَا بِإِطْلَاعِهِمَا فِي عَامٍ وَاحِدٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي شَرْحِ إرْشَادِهِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَا فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ مِنْ اعْتِبَارِ الْقَطْعِ فَيُضَمُّ طَلْعُ نَخْلِهِ إلَى الْآخَرِ إنْ أَطْلَعَ الثَّانِي قَبْلَ جِذَاذِ الْأَوَّلِ وَكَذَا بَعْدَهُ فِي عَامٍ وَاحِدٍ، (وَقِيلَ إنْ أَطْلَعَ الثَّانِي بَعْدَ جِذَاذِ الْأَوَّلِ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِهَا وَإِهْمَالِ الدَّالَيْنِ وَإِعْجَامِهِمَا أَيْ قَطْعِهِ (لَمْ يُضَمَّ) لِأَنَّهُ يُشْبِهُ ثَمَرَ عَامَيْنِ، وَلَوْ أَطْلَعَ الثَّانِي قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِ الْأَوَّلِ ضُمَّ إلَيْهِ جَزْمًا (وَزَرْعَا الْعَامِ يُضَمَّانِ) وَإِنْ اخْتَلَفَتْ زِرَاعَتُهُ فِي الْفُصُولِ، وَيُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِي الذُّرَةِ فَإِنَّهَا تُزْرَعُ فِي الرَّبِيعِ وَالْخَرِيفِ وَالصَّيْفِ (وَالْأَظْهَرُ) فِي الضَّمِّ (اعْتِبَارُ وُقُوعِ حَصَادَيْهِمَا فِي سَنَةٍ) وَاحِدَةٍ بِأَنْ يَكُونَ بَيْنَ حَصْدِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي أَقَلُّ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا عَرَبِيَّةً، وَإِنْ لَمْ يَقَعْ الزَّرْعَانِ فِي سَنَةٍ إذْ الْحَصَادُ هُوَ الْمَقْصُودُ وَعِنْدَهُ يَسْتَقِرُّ الْوُجُوبُ.

وَالثَّانِي الِاعْتِبَارُ بِوُقُوعِ الزَّرْعَيْنِ فِي السَّنَةِ؛ لِأَنَّ الزِّرَاعَةَ هِيَ الْأَصْلُ، وَدَاخِلَةٌ أَيْضًا تَحْتَ الْقُدْرَةِ، وَجُمْلَةُ مَا فِيهَا عَشَرَةُ أَقْوَالٍ أَصَحُّهَا مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَنَقَلَهُ عَنْ الْأَكْثَرِينَ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: إنَّهُ نَقْلٌ بَاطِلٌ يَطُولُ الْقَوْلُ بِتَفْصِيلِهِ.

وَالْحَاصِلُ أَنِّي لَمْ أَرَ مَنْ صَحَّحَهُ فَضْلًا عَنْ عَزْوِهِ إلَى الْأَكْثَرِينَ، بَلْ رَجَّحَ كَثِيرُونَ اعْتِبَارَ وُقُوعِ الزَّرْعَيْنِ فِي عَامٍ مِنْهُمْ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ، وَذَكَرَ نَحْوَهُ ابْنُ النَّقِيبِ.

قَالَ الشَّيْخُ فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ: وَيُجَابُ بِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَقْدَحُ فِي نَقْلِ الشَّيْخَيْنِ؛ لِأَنَّ مَنْ حَفِظَ حُجَّةً عَلَى مَنْ لَمْ يَحْفَظْ: أَيْ لِأَنَّ الْمُثْبِتَ مُقَامٌ عَلَى النَّافِي.

وَالْمُرَادُ بِالْحَصَادِ حُصُولُهُ بِالْقُوَّةِ لَا بِالْفِعْلِ كَمَا أَفَادَهُ الْكَمَالُ بْنُ أَبِي شَرِيفٍ، وَقَالَ: إنَّ تَعْلِيلَهُمْ يُرْشِدُ إلَيْهِ، وَلَوْ وَقَعَ الزَّرْعَانِ مَعًا أَوْ عَلَى التَّوَاصُلِ الْمُعْتَادِ، ثُمَّ أُدْرِكَ أَحَدُهُمَا وَالْآخَرُ بَقْلٌ لَمْ يَشْتَدَّ حَبُّهُ فَالْأَصَحُّ الْقَطْعُ فِيهِ بِالضَّمِّ، وَلَوْ اخْتَلَفَ الْمَالِكُ وَالسَّاعِي فِي أَنَّهُ زَرْعُ عَامٍ أَوْ عَامَيْنِ صُدِّقَ الْمَالِكُ فِي دَعْوَاهُ كَوْنَهُ فِي عَامَيْنِ، فَإِنْ اتَّهَمَهُ حَلَّفَهُ نَدْبًا؛ لِأَنَّ مَا ادَّعَاهُ غَيْرُ مُخَالَفٍ بِالظَّاهِرِ وَالْمُسْتَخْلَفُ مِنْ أَصْلٍ كَذُرَةٍ سَنْبَلَتْ مَرَّةً ثَانِيَةً فِي عَامٍ يُضَمُّ إلَى الْأَصْلِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ، بِخِلَافِ نَظِيرِهِ مِنْ الْكَرْمِ وَالنَّخْلِ؛ لِأَنَّهُمَا يُرَادَانِ لِلتَّأْبِيدِ فَجُعِلَ كُلُّ حَمْلٍ كَثَمَرَةِ عَامٍ، بِخِلَافِ الذُّرَةِ وَنَحْوِهَا فَأُلْحِقَ الْخَارِجُ مِنْهَا ثَانِيًا بِالْأَوَّلِ كَزَرْعٍ تُعُجِّلَ إدْرَاكُ بَعْضِهِ

(وَوَاجِبُ مَا شَرِبَ بِالْمَطَرِ) أَوْ مَاءٍ انْصَبَّ إلَيْهِ مِنْ نَهْرٍ أَوْ عَيْنٍ أَوْ سَاقِيَةٍ حُفِرَتْ مِنْ النَّهْرِ وَإِنْ احْتَاجَتْ لِمُؤْنَةٍ (أَوْ عُرُوقِهِ لِقُرْبِهِ مِنْ الْمَاءِ) وَهُوَ الْبَعْلُ (مِنْ ثَمَرٍ وَزَرْعٍ الْعُشْرُ وَ) وَاجِبُ (مَا سُقِيَ) مِنْهُمَا (بِنَضْحٍ) مِنْ نَحْوِ نَهْرٍ بِحَيَوَانٍ، وَيُسَمَّى الذَّكَرُ نَاضِحًا وَالْأُنْثَى نَاضِحَةً، وَيُسَمَّى هَذَا الْحَيَوَانُ أَيْضًا سَانِيَةً بِسِينٍ مُهْمَلَةٍ وَنُونٍ وَمُثَنَّاةٍ مِنْ تَحْتُ (أَوْ دُولَابٍ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِهِ، وَهُوَ مَا يُدِيرُهُ الْحَيَوَانُ، أَوْ دَالِيَةٌ وَهِيَ الْمَنْجَنُونُ وَهُوَ مَا يُدِيرُهُ الْحَيَوَانُ، وَقِيلَ الْبَكْرَةُ أَوْ نَاعُورَةٌ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

لَهُ بَيْعٌ تَبَيَّنَ بُطْلَانُهُ فِي قَدْرِ الزَّكَاةِ، وَيَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي رَدُّهُ إنْ كَانَ بَاقِيًا، وَرَدُّ بَدَلِهِ إنْ كَانَ تَالِفًا.

ثُمَّ رَأَيْت فِي كَلَامِ سم عَلَى حَجّ مَا يُصَرِّحُ بِذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ.

(قَوْلُهُ: وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ غَيْرُ صَحِيحٍ) لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِأَنَّ مَا بَيْنَ إطْلَاعِ النَّخْلَةِ إلَى بُدُوِّ صَلَاحِهِ وَمُنْتَهَى إدْرَاكِهَا ذَلِكَ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وُقُوعِ حَصَادَيْهِمَا فِي سَنَةٍ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ النَّخْلِ حَيْثُ اُعْتُبِرَ فِيهِ اتِّحَادُ الْإِطْلَاعَيْنِ أَنَّ نَحْوَ النَّخْلِ بِمُجَرَّدِ الْإِطْلَاعِ صَلَحَ لِلِانْتِفَاعِ بِهِ سَائِرُ أَنْوَاعِهِ، بِخِلَافِ الزَّرْعِ فَإِنَّهُ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ مِنْهُ لِلْآدَمِيِّينَ الْحَبُّ خَاصَّةً فَاعْتُبِرَ حَصَادُهُ (قَوْلُهُ يُضَمُّ إلَى الْأَصْلِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ طَالَتْ الْمُدَّةُ وَلَمْ يَقَعْ حَصَادَاهُمَا فِي عَامٍ، وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُهُ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ مُسْتَخْلَفًا مِنْ الْأَصْلِ نُزِّلَ مَنْزِلَةَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

[نِصَابُ الْقُوتُ الَّذِي تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ]

(قَوْلُهُ: أَوْ دَالِيَةٍ وَهِيَ الْمَنْجَنُونُ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ بِهِ بَعْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ وَالدَّوَالِيبُ لَفْظُهَا جَمْعُ دُولَابٍ بِضَمِّ الدَّالِ وَقَدْ تُفْتَحُ، وَيُقَالُ لَهُ الدَّالِيَةُ وَهِيَ الْمَنْجَنُونُ وَهُوَ مَا يُدِيرُهُ الْحَيَوَانُ، وَقِيلَ الدَّالِيَةُ الْبَكَرَةُ انْتَهَتْ

ص: 75

أَوْ مَا يُدِيرُهُ الْمَاءُ بِنَفْسِهِ (أَوْ بِمَا اشْتَرَاهُ) أَوْ وُهِبَ لَهُ لِعِظَمِ الْمِنَّةِ فِيهِ أَوْ غَصَبَهُ لِوُجُوبِ ضَمَانِهِ (نِصْفُهُ) أَيْ الْعُشْرِ وَذَلِكَ لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «فِيمَا سَقَتْ السَّمَاءُ وَالْعُيُونُ، أَوْ كَانَ عَثَرِيًّا الْعُشْرُ، وَفِيمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ نِصْفُ الْعُشْرِ» فَشَمِلَ مَا لَوْ قُصِدَ عِنْدَ ابْتِدَاءِ الزَّرْعِ السَّقْيُ بِأَحَدِ الْمَاءَيْنِ، ثُمَّ حَصَلَ السَّقْيُ بِالْآخَرِ وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ «فِيمَا سَقَتْ الْأَنْهَارُ وَالْغَيْمُ الْعُشْرُ، وَفِيمَا سُقِيَ بِالسَّانِيَةِ نِصْفُ الْعُشْرِ» وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُد «فِي الْبَعْلِ الْعُشْرُ» وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ كَثْرَةُ الْمُؤْنَةِ وَخِفَّتُهَا كَمَا فِي السَّائِمَةِ وَالْمَعْلُوفَةِ بِالنَّظَرِ لِلْوُجُوبِ وَعَدَمِهِ، وَلَا فَرْقَ فِي وُجُوبِ الْعُشْرِ أَوْ نِصْفِهِ بَيْنَ الْأَرْضِ الْمُسْتَأْجَرَةِ وَذَاتِ الْخَرَاجِ وَغَيْرِهِمَا لِعُمُومِ الْإِخْبَارِ وَخَبَرِ «لَا يَجْتَمِعُ عُشْرٌ وَخَرَاجٌ فِي أَرْضِ مُسْلِمٍ» ضَعِيفٌ، وَتَكُونُ الْأَرْضُ خَرَاجِيَّةً إذَا فَتَحَهَا الْإِمَامُ عَنْوَةً، ثُمَّ تَعَوَّضَهَا مِنْ الْغَانِمِينَ وَوَقَفَهَا عَلَيْنَا، وَضَرَبَ عَلَيْهَا خَرَاجًا أَوْ فَتَحَهَا صُلْحًا عَلَى أَنْ تَكُونَ لَنَا وَيَسْكُنَهَا الْكُفَّارُ بِخَرَاجٍ مَعْلُومٍ فَهُوَ أُجْرَةٌ لَا يَسْقُطُ بِإِسْلَامِهِمْ، فَإِنْ سَكَنُوهَا بِهِ وَلَمْ تُشْتَرَطْ هِيَ لَنَا كَانَ جِزْيَةً تَسْقُطُ بِإِسْلَامِهِمْ، وَالْأَرَاضِي الَّتِي يُؤْخَذُ مِنْهَا وَلَا يُعْرَفُ أَصْلُهُ يُحْكَمُ بِجَوَازِ أَخْذِهِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ بِحَقٍّ، وَيُحْكَمُ بِمِلْكِ أَهْلِهَا لَهَا فَلَهُمْ التَّصَرُّفُ فِيهَا لِأَنَّ الظَّاهِرَ فِي الْيَدِ الْمِلْكُ، وَلَا يَجِبُ فِي الْمُعْشَرَاتِ زَكَاةٌ لِغَيْرِ السَّنَةِ الْأُولَى بِخِلَافِ غَيْرِهَا مِمَّا مَرَّ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَتَكَرَّرُ فِي الْأَمْوَالِ النَّامِيَةِ وَهَذِهِ مُنْقَطِعَةُ النَّمَاءِ مُعَرَّضَةٌ لِلْفَسَادِ.

قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَالْأَصْوَبُ قِرَاءَةُ مَا فِي قَوْلِهِ بِمَا اشْتَرَاهُ مَقْصُورَةً عَلَى أَنَّهَا مَوْصُولَةٌ لَا مَمْدُودَةٌ اسْمًا لِلْمَاءِ الْمَعْرُوفِ، فَإِنَّهَا عَلَى التَّقْدِيرِ الْأَوَّلِ تَعُمُّ الثَّلْجَ وَالْبَرَدَ وَالْمَاءَ النَّجِسَ بِخِلَافِ الْمَمْدُودِ اهـ.

وَيُجَابُ بِأَنَّ الْبَرَدَ وَالثَّلْجَ قَبْلَ ذَوْبِهِمَا كَمَا لَا يُسَمَّيَانِ مَاءً لَا يُمْكِنُ السَّقْيُ بِهِمَا، وَالْمَاءُ النَّجِسُ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ فَلَمْ يَشْمَلْهُ كَلَامُهُ (وَالْقَنَوَاتُ) وَكَذَا السَّوَاقِي الْمَحْفُورَةُ فِي نَحْوِ نَهْرٍ (كَالْمَطَرِ عَلَى الصَّحِيحِ) فَفِي الْمُسْقَى بِمَاءٍ يَجْرِي فِيهَا مِنْهُ الْعُشْرُ، وَلَا عِبْرَةَ بِمُؤْنَةٍ تُصْرَفُ عَلَيْهَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَصْلِهِ

(قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا يُدِيرُهُ الْمَاءُ بِنَفْسِهِ) حَيْثُ كَانَ الْمَاءُ يُدِيرُهَا بِنَفْسِهِ هَلَّا وَجَبَ فِيمَا سُقِيَ بِهَا الْعُشْرُ لِخِفَّةِ الْمُؤْنَةِ رَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ عَثَرِيًّا) الْعَثَرِيُّ بِفَتْحِ الثَّاءِ وَقَدْ تُسَكَّنُ اهـ شَرْحُ رَوْضٍ.

قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: هُوَ الَّذِي لَا يَسْقِيهِ إلَّا الْمَطَرُ، وَأَوْضَحَهُ الْأَزْهَرِيُّ فَقَالَ: هُوَ أَنْ يَحْفِرَ حَفِيرَةً يَجْرِي فِيهَا الْمَاءُ مِنْ السَّيْلِ إلَى أُصُولِ الشَّجَرِ، وَتُسَمَّى تِلْكَ الْحَفِيرَةُ عَاثُورًا؛ لِأَنَّ الْمَارَّ عَلَيْهَا يَتَعَثَّرُ بِهَا (قَوْلُهُ: وَلَا فَرْقَ فِي وُجُوبِ الْعُشْرِ أَوْ نِصْفِهِ إلَخْ) وَلَا يُؤَدِّيهِمَا مِنْ حَبِّهَا إلَّا بَعْدَ إخْرَاجِ زَكَاةِ الْكُلِّ، وَفِي الْمَجْمُوعِ: وَلَوْ آجَرَ الْخَرَاجِيَّةِ فَالْخَرَاجُ عَلَى الْمَالِكِ، وَلَا يَحِلُّ لِلْمُؤَجِّرِ أَرْضٌ أَخَذَ أُجْرَتِهَا مِنْ حَبِّهَا قَبْلَ أَدَاءِ زَكَاتِهِ.

فَإِنْ فَعَلَ لَمْ يَمْلِكْ قَدْرَ الزَّكَاةِ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ عُشْرُ مَا بِيَدِهِ أَوْ نِصْفُهُ كَمَا لَوْ اشْتَرَى زَكَوِيًّا لَمْ يُخْرِجْ زَكَاتَهُ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَالْأَرَاضِي الَّتِي يُؤْخَذُ مِنْهَا) أَيْ الْخَرَاجُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الظَّاهِرَ فِي الْيَدِ الْمِلْكُ) قَالَ حَجّ: وَحِينَئِذٍ فَالْوَجْهُ أَنَّ أَرْضَ مِصْرَ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَثُرَ الْخِلَافُ فِي فَتْحِهَا أَهُوَ عَنْوَةٌ أَوْ صُلْحٌ فِي جَمِيعِهَا أَوْ بَعْضِهَا كَمَا يَأْتِي بَسْطُهُ قُبَيْلَ الْأَمَانِ صَارَتْ مَشْكُوكًا فِي حِلِّ أَخْذِهِ مِنْهَا، وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ مَا هِيَ كَذَلِكَ تُحْمَلُ عَلَى الْحِلِّ فَانْدَفَعَ الْأَخْذُ الْمَذْكُورُ.

[تَنْبِيهٌ آخَرُ] قَدَّمَ مُخَالِفٌ لِشَافِعِيٍّ أَوْ بَاعَهُ مَثَلًا مَا لَا يَعْتَقِدُ تَعَلُّقَ الزَّكَاةِ بِهِ عَلَى خِلَافِ عَقِيدَةِ الشَّافِعِيِّ فَهَلْ لَهُ أَخْذُهُ اعْتِبَارًا بِاعْتِبَارِ الْمُخَالِفِ كَمَا اعْتَبَرُوهُ فِي الْحُكْمِ بِاسْتِعْمَالِ مَاءِ وُضُوئِهِ الْخَالِي عَنْ النِّيَّةِ، وَفَرَّقُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا مَرَّ فِي اعْتِقَادِ الْمُقْتَدِي بِأَنَّ سَبَبَ هَذَا رَابِطَةُ الِاقْتِدَاءِ، وَلَا رَابِطَةَ ثَمَّ حَتَّى يَعْتَبِرَ لِأَجْلِهَا اعْتِقَادَ الشَّافِعِيِّ، وَهَذَا بِعَيْنِهِ مَوْجُودٌ هُنَا، وَأَيْضًا مَرَّ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى شَافِعِيٍّ لَعِبُ الشِّطْرَنْجِ مَعَ حَنَفِيٍّ لِأَنَّ فِيهِ إعَانَةً عَلَى مَعْصِيَةٍ بِالنِّسْبَةِ لِاعْتِقَادِ الْحَنَفِيِّ، إذْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْبَرَدَ وَالثَّلْجَ قَبْلَ ذَوْبِهِمَا كَمَا لَا يُسَمَّيَانِ مَاءً إلَخْ) فِي هَذَا الْجَوَابِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ إذَا سُقِيَ بِهِمَا بَعْدَ ذَوْبِهِمَا لَا يَصْدُقُ أَنَّهُ سُقِيَ بِمَاءٍ اشْتَرَاهُ بِالْمُدِّ لِأَنَّهُ إنَّمَا اشْتَرَى ثَلْجًا أَوْ بَرَدًا، وَيَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ بِمَا اشْتَرَاهُ بِالْقَصْرِ (قَوْلُهُ: فَلَمْ يَشْمَلْهُ كَلَامُهُ)

ص: 76

لِأَنَّهَا لِعِمَارَةِ الضَّيْعَةِ لَا لِنَفْسِ الزَّرْعِ، فَإِذَا تَهَيَّأَتْ وَصَلَ الْمَاءُ بِنَفْسِهِ، بِخِلَافِ النَّضْحِ وَنَحْوِهِ فَإِنَّ الْمُؤْنَةَ لِلزَّرْعِ نَفْسِهِ.

وَالثَّانِي يَجِبُ فِيهَا نِصْفُ الْعُشْرِ لِكَثْرَةِ الْمُؤْنَةِ فِيهَا وَالْأَوَّلُ يَمْنَعُ ذَلِكَ (وَ) وَاجِبُ (مَا سُقِيَ بِهِمَا) أَيْ بِالنَّوْعَيْنِ كَمَطَرٍ وَنَضْحٍ (سَوَاءٌ) أَوْ جُهِلَ حَالُهُ كَمَا يَأْتِي (ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ) أَيْ الْعُشْرِ رِعَايَةً لِلْجَانِبَيْنِ (فَإِنْ غَلَبَ أَحَدُهُمَا فَفِي قَوْلٍ يُعْتَبَرُ هُوَ) فَإِنْ غَلَبَ الْمَطَرُ فَالْعُشْرُ أَوْ النَّضْحُ فَنِصْفُهُ تَرْجِيحًا لِجَانِبِ الْغَلَبَةِ (وَالْأَظْهَرُ يُقَسَّطُ) لِأَنَّهُ الْقِيَاسُ، فَإِنْ كَانَ ثُلُثَاهُ بِمَاءِ السَّمَاءِ وَثُلُثُهُ بِالدُّولَابِ وَجَبَ خَمْسَةُ أَسْدَاسِ الْعُشْرِ ثُلُثُ الْعُشْرِ لِلثُّلُثَيْنِ وَثُلُثُ نِصْفِ الْعُشْرِ لِلثُّلُثِ وَفِي عَكْسِهِ ثُلُثَا الْعُشْرِ، وَإِنَّمَا يُقَسَّطُ الْوَاجِبُ (بِاعْتِبَارِ عَيْشِ الزَّرْعِ) أَوْ الثَّمَرِ (وَنَمَائِهِ) لَا بِأَكْثَرِهِمَا وَلَا بِعَدَدِ السَّقْيَاتِ، فَلَوْ كَانَتْ الْمُدَّةُ مِنْ وَقْتِ الزَّرْعِ إلَى وَقْتِ الْإِدْرَاكِ ثَمَانِيَةَ أَشْهُرٍ وَاحْتَاجَ فِي أَرْبَعَةٍ مِنْهَا إلَى سَقْيَةٍ فَسُقِيَ بِالْمَطَرِ وَفِي الْأَرْبَعَةِ الْأُخْرَى إلَى سَقْيَتَيْنِ فَسُقِيَ بِالنَّضْحِ وَجَبَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْعُشْرِ، وَكَذَا لَوْ جَهِلْنَا الْمِقْدَارَيْنِ مِنْ نَفْعِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِاعْتِبَارِ الْمُدَّةِ أُخِذَ بِالِاسْتِوَاءِ أَوْ احْتَاجَ فِي سِتَّةٍ مِنْهَا إلَى سَقْيَتَيْنِ فَسُقِيَ بِمَاءِ السَّمَاءِ، وَفِي شَهْرَيْنِ إلَى ثَلَاثِ سَقَيَاتٍ فَسُقِيَ بِالنَّضْحِ وَجَبَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْعُشْرِ وَرُبْعُ نِصْفِ الْعُشْرِ.

وَلَوْ اخْتَلَفَ الْمَالِكُ وَالسَّاعِي فِي أَنَّهُ سَقَى بِمَاذَا صُدِّقَ الْمَالِكُ إذْ الْأَصْلُ عَدَمُ وُجُوبِ الزِّيَادَةِ عَلَيْهِ فَإِنْ اتَّهَمَهُ السَّاعِي حَلَّفَهُ نَدْبًا، وَلَوْ كَانَ لَهُ زَرْعٌ أَوْ ثَمَرٌ مُسْقًى بِمَطَرٍ وَآخَرُ مُسْقًى بِنَضْحٍ وَلَمْ يَبْلُغْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا نِصَابًا ضُمَّ أَحَدُهُمَا إلَى الْآخَرِ لِتَمَامِ النِّصَابِ، وَإِنْ اخْتَلَفَ قَدْرُ الْوَاجِبِ وَهُوَ الْعُشْرُ فِي الْأَوَّلِ وَنِصْفُهُ فِي الثَّانِي، وَلَوْ عَلِمْنَا أَنَّ أَحَدَهُمَا أَكْثَرُ وَجَهِلْنَا عَيْنَهُ فَالْوَاجِبُ يَنْقُصُ عَنْ الْعُشْرِ، وَيَزِيدُ عَلَى نِصْفِ الْعُشْرِ فَيُؤْخَذُ الْيَقِينُ إلَى أَنْ يُعْلَمَ الْحَالُ، قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ (وَقِيلَ بِعَدَدِ السَّقْيَاتِ) الْمُفِيدَةِ دُونَ مَا لَا يُفِيدُ؛ لِأَنَّ الْمُؤْنَةَ تَكْثُرُ بِكَثْرَةِ السَّقْيَاتِ (وَتَجِبُ) الزَّكَاةُ فِيمَا ذُكِرَ (بِبُدُوِّ صَلَاحِ الثَّمَرِ) ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ ثَمَرَةٌ كَامِلَةٌ وَقَبْلَهُ بَلَحٌ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

لَا يَتِمُّ اللَّعِبُ الْمُحَرَّمُ عِنْدَهُ إلَّا بِمُسَاعَدَةِ الشَّافِعِيِّ لَهُ، وَيَأْتِي أَنَّ الشَّافِعِيَّ لَا يُنْكِرُ عَلَى مُخَالِفٍ فِعْلَ مَا يَحِلُّ عِنْدَهُ وَيَحْرُمُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، لِأَنَّا نُقِرُّ مَنْ اجْتَهَدَ أَوْ قَلَّدَ مَنْ يَصِحُّ تَقْلِيدُهُ عَلَى فِعْلِهِ اتِّفَاقًا أَوْ لَا اعْتِبَارًا بِعَقِيدَةِ نَفْسِهِ، وَيُجَابُ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ اعْتِبَارَ الِاسْتِعْمَالِ الْمُؤَدِّي لِلتَّرْكِ احْتِيَاطًا، مَعَ أَنَّهُ لَا مُخَالَفَةَ مِنَّا لِإِمَامِنَا بِهِ بِوَجْهٍ لَا يُقَاسُ بِهِ الْفِعْلُ الْمُؤَدِّي لِلْوُقُوعِ فِي وَرْطَةِ تَحْرِيمِ إمَامِنَا لِنَحْوِ أَكْلِ مَا تَعَلَّقَتْ بِهِ الزَّكَاةُ قَبْلَ إخْرَاجِهَا، وَعَنْ الثَّانِي وَالثَّالِثِ بِأَنَّا وَإِنْ لَزِمَنَا تَقْرِيرُ الْمُخَالِفِ لَكِنْ يَلْزَمُنَا الْإِنْكَارُ عَلَيْهِ فِي فِعْلِهِ مَا يَرَى هُوَ تَحْرِيمُهُ، فَحُرْمَةُ إعَانَتِهِ لَهُ بِالْأَوْلَى، وَهَذَا هُوَ الَّذِي يُتَّجَهُ تَرْجِيحُهُ خِلَافًا لِمَنْ مَالَ إلَى الْأَوَّلِ، وَعِبَارَةُ السُّبْكِيّ فِي فَتَاوِيهِ صَرِيحَةٌ فِيمَا ذَكَرْته، وَحَاصِلُهَا أَنَّ مَنْ تَصَرَّفَ فَاسِدًا اخْتَلَفَتْ الْمَذَاهِبُ فِيهِ فَأَرَادَ قَضَاءَ دَيْنٍ بِهِ لِمَنْ يُفْسِدُهُ فَفِيهِ خِلَافٌ، وَالْأَصَحُّ أَنَّ مَنْ يُصَحِّحُهُ إنْ كَانَ قَوْلُهُ مِمَّا يُنْقَضُ لَمْ يَحِلَّ لَهُ، وَكَذَلِكَ إنْ لَمْ يُنْقَضْ، وَقُلْنَا الْمُصِيبُ وَاحِدٌ: أَيْ وَهُوَ الْأَصَحُّ مَا لَمْ يَتَّصِلْ بِهِ حُكْمٌ؛ لِأَنَّهُ فِيمَا بَاطِنُ الْأَمْرِ فِيهِ كَظَاهِرِهِ يَنْفُذُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا كَمَا يَأْتِي بَسْطُهُ فِي الْقَضَاءِ وَنَظَرَ فِيهِ بِمَا لَا يُلَاقِيهِ اهـ (قَوْلُهُ: بِاعْتِبَارِ عَيْشِ الزَّرْعِ) عِبَارَةُ حَجّ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي: وَقِيلَ بَعْدَ السَّقِيَّاتِ: أَيْ النَّافِعَةِ بِقَوْلِ الْخُبَرَاءِ اهـ.

وَيَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ فِي ذَلِكَ بِإِخْبَارٍ وَاحِدٍ أَخْذًا مِنْ الِاكْتِفَاءِ مِنْهُمْ بِهِ فِي الْخَارِصِ الْآتِي فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: فَيُؤْخَذُ الْيَقِينُ إلَى أَنْ يُعْلَمَ الْحَالُ) قَالَ سم عَلَى

ــ

[حاشية الرشيدي]

وَانْظُرْ هَلْ عَدَمُ الشُّمُولِ مُرَادٌ حَتَّى لَوْ سُقِيَ بِالْمَاءِ النَّجِسِ يَكُونُ فِيهِ الْعُشْرُ أَوْ هُوَ غَيْرُ مُرَادٍ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ فِي الْحُكْمِ أَنَّهُ إنْ بَذَلَ مَالًا فِي مُقَابَلَتِهِ يَكُونُ فِيهِ نِصْفُ الْعُشْرِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ شِرَاءً شَرْعِيًّا لِأَنَّ الْمَالَ مَبْذُولٌ بِحَقٍّ فِي نَظِيرِ إسْقَاطِ صَاحِبِهِ اخْتِصَاصَهُ عَنْهُ، كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي نَظِيرِهِ مِنْ نَحْوِ السَّرْجَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَبْذُلْ فِيهِ مَالًا كَأَنْ غَصَبَهُ فِيهِ الْعُشْرُ لِانْتِقَاءِ ضَمَانِهِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: فَيُؤْخَذُ الْيَقِينُ) أَيْ وَيُوقَفُ الْبَاقِي كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَمَعْنَى أَخْذِ الْيَقِينِ أَنْ يُعْتَبَرَ بِكُلٍّ مِنْ التَّقْدِيرَيْنِ وَيُؤْخَذُ الْأَقَلُّ مِنْهُمَا هَكَذَا ظَهَرَ فَلْيُرَاجَعْ

ص: 77

وَحِصْرِمٌ، (وَ) بِبُدُوِّ (اشْتِدَادِ الْحَبِّ) لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ طَعَامٌ وَهُوَ قَبْلَ ذَلِكَ بَقْلٌ، وَلَا يُشْتَرَطُ إتْمَامُ الصَّلَاحِ وَالِاشْتِدَادِ وَلَا بُدُوُّ صَلَاحِ الْجَمِيعِ وَاشْتِدَادُهُ بَلْ يَكْفِي فِي الْبَعْضِ كَمَا يُعْلَمُ بَيَانُ بُدُوِّ صَلَاحِ الثَّمَرِ مِنْ بَابِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِوُجُوبِ الزَّكَاةِ بِمَا ذُكِرَ وُجُوبَ إخْرَاجِهَا فِي الْحَالِ بَلْ انْعِقَادَ سَبَبِ وُجُوبِهِ، وَلَوْ أَخْرَجَ فِي الْحَالِ الرُّطَبَ وَالْعِنَبَ مِمَّا يَتَتَمَّرُ وَيَتَزَبَّبُ غَيْرَ رَدِيءٍ لَمْ يَجْزِهِ، وَلَوْ أَخَذَهُ السَّاعِي لَمْ يَقَعْ الْمَوْقِعَ، وَإِنْ جَفَّفَهُ وَلَمْ يَنْقُصْ لِفَسَادِ الْقَبْضِ كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي وَاخْتَارَهُ فِي الرَّوْضَةِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ نُقِلَ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ خِلَافُهُ، وَيَرُدُّهُ حَتْمًا إنْ كَانَ بَاقِيًا، وَمِثْلُهُ إنْ كَانَ تَالِفًا كَمَا فِي الرَّوْضَةِ فِي بَابِ الْغَصْبِ.

وَصُحِّحَ فِي الْمَجْمُوعِ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ فِي مَوْضِعَيْنِ ضَمَانُهُ بِالْقِيمَةِ، قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَهُوَ الْأَصَحُّ الْمُفْتَى بِهِ وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَالْأَكْثَرُونَ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي هُنَا، وَالْقَائِلُ بِالْأَوَّلِ حَمَلَ النَّصَّ عَلَى فَقْدِ الْمِثْلِ، وَانْتَصَرَ النَّاشِرِيُّ لِلثَّانِي نَقْلًا عَنْ وَالِدِهِ بِأَنَّهُ إنَّمَا وَجَبَتْ الْقِيمَةُ هُنَا لِئَلَّا يَفُوتَ عَلَى الْمُسْتَحِقِّينَ مَا يَسْتَحِقُّونَهُ مِنْ بَقَاءِ الثَّمَرَةِ عَلَى رُءُوسِ الشَّجَرِ إلَى وَقْتِ الْجِذَاذِ، وَفِي الْغَصْبِ إنَّمَا غَصَبَ مَا عَلَى الْأَرْضِ وَأَتْلَفَهُ، فَلَوْ أَتْلَفَهُ عَلَى رُءُوسِ الشَّجَرِ تَعَيَّنَ ضَمَانُهُ بِالْقِيمَةِ، وَاسْتَشْهَدَ لِكَلَامِ وَالِدِهِ بِمَا لَوْ أَتْلَفَ رَجُلٌ عَلَى آخَرَ زَرْعًا أَوَّلَ خُرُوجِهِ مِنْ الْأَرْضِ فِي الْحَالِ الَّذِي لَا قِيمَةَ لَهُ.

قَالَ إسْمَاعِيلُ الْحَضْرَمِيُّ فِيهِ: لَعَلَّ الْجَوَابَ إنْ كَانَ فِي أَرْضٍ مَغْصُوبَةٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، أَوْ فِي مَمْلُوكَةٍ أَوْ مُسْتَأْجَرَةٍ وَجَبَتْ قِيمَتُهُ عِنْدَ مَنْ يُبْقِيهِ، كَمَا ذَكَرُوا ذَلِكَ فِي إتْلَافِ أَحَدِ خُفَّيْنِ يُسَاوِيَانِ عَشَرَةً غَصَبَهُمَا فَعَادَتْ قِيمَةُ الْبَاقِي دِرْهَمَيْنِ فَيَضْمَنُ ثَمَانِيَةً عَلَى الْمَذْهَبِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

حَجّ: اُنْظُرْ مَا الْيَقِينُ الَّذِي يَأْخُذُهُ وَمَا حُكْمُ تَصَرُّفِ الْمَالِكِ فِي الْمَالِ الْمَشْكُوكِ فِي قَدْرِ الْوَاجِبِ مِنْهُ اهـ.

وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْيَقِينِ مَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّ الْوَاجِبَ لَا يَنْقُصُ عَنْهُ، وَإِنْ تَصَرَّفَ الْمَالِكُ فِيمَا زَادَ عَلَى مَا يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ الْوَاجِبُ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْوُجُوبِ (قَوْلُهُ: وَاشْتِدَادِ الْحَبِّ إلَخْ) أَيْ وَحَيْثُ اشْتَدَّ الْحَبُّ فَيَنْبَغِي أَنْ يَمْتَنِعَ عَلَى الْمَالِكِ الْأَكْلُ وَالتَّصَرُّفُ، وَحِينَئِذٍ فَيَنْبَغِي اجْتِنَابُ الْفَرِيكِ وَنَحْوِهِ مِنْ الْفُولِ حَيْثُ عُلِمَ وُجُوبُ الزَّكَاةِ فِي ذَلِكَ الزَّرْعِ اهـ عَمِيرَةُ (قَوْلُهُ: بَلْ يَكْفِي فِي الْبَعْضِ) قِيَاسُ مَا يَأْتِي، ثُمَّ إنَّهُ لَا بُدَّ فِي إلْحَاقِ مَا لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ بِمَا بَدَا صَلَاحُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ اتِّحَادِ الْجِنْسِ وَالْبُسْتَانِ وَالْحَمْلِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ بَدَا صَلَاحُ ثَمَرِ أَحَدِ بَسَاتِينَ، وَالْآخَرُ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ جَازَ لَهُ التَّصَرُّفُ فِي الثَّانِي لِعَدَمِ تَعَلُّقِ الزَّكَاةِ بِهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ جَفَّفَهُ وَلَمْ يَنْقُصْ) أَيْ بَلْ وَلَوْ زَادَ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ) وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ أَخْرَجَ حَبًّا فِي تِبْنِهِ أَوْ ذَهَبًا مِنْ الْمَعْدِنِ فِي تُرَابِهِ فَصَفَّاهُ الْآخِذُ فَبَلَغَ الْحَاصِلُ مِنْهُ قَدْرَ الزَّكَاةِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْوَاجِبَ هُنَا لَيْسَ كَامِنًا فِي ضِمْنِ الْمُخْرَجِ مِنْ الرُّطَبِ وَنَحْوِهِ بِخِلَافِهِ فِي الْحَبِّ الْمَذْكُورِ وَالْمَعْدِنِ فَإِنَّ الْوَاجِبَ بِعَيْنِهِ مَوْجُودٌ فِيمَا أَخْرَجَهُ غَايَتُهُ أَنَّهُ اخْتَلَطَ بِالتُّرَابِ أَوْ التِّبْنِ فَمَنَعَ الْمُخْتَلِطُ مِنْ مَعْرِفَةِ مِقْدَارِهِ، فَإِذَا صُفِّيَ وَتُبُيِّنَ أَنَّهُ قَدْرُ الْوَاجِبِ أَجْزَأَ لِزَوَالِ الْإِبْهَامِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي حَجّ فِيمَا يَأْتِي فِي الْمَعْدِنِ مَا هُوَ صَرِيحٌ فِي الْفَرْقِ الْمَذْكُورِ، وَعِبَارَتُهُ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ حَتَّى يَبْلُغَ خَالِصُهُ نِصَابًا نَصُّهَا: وَعَلَى عَدَمِ الْإِجْزَاءِ لَوْ خَلَصَ الْمَغْشُوشُ فِي يَدِ السَّاعِي أَوْ الْمُسْتَحِقِّ أَجْزَأَ كَمَا فِي تُرَابِ الْمَعْدِنِ، بِخِلَافِ سَخْلَةٍ كَبِرَتْ فِي يَدِهِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ بِصِفَةِ الْإِجْزَاءِ يَوْمَ الْأَخْذِ، وَالتُّرَابُ وَالْمَغْشُوشُ هُنَا بِصِفَتِهِ لَكِنَّهُ مُخْتَلِطٌ بِغَيْرِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَيَرُدُّهُ حَقًّا) وَهَلْ يَحْتَاجُ فِي الرَّدِّ إلَى نِيَّةٍ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ بَاقِيًا وَرَدَّهُ فَقَدْ رَدَّ لِلْمَالِكِ مَا لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ عَنْهُ، وَإِنْ كَانَ تَالِفًا فَهُوَ دَيْنٌ فِي ذِمَّتِهِ، وَالْبَرَاءَةُ فِي أَدَاءِ الدَّيْنِ تَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ الدَّفْعِ مِنْ نَوْعِ مَا فِي ذِمَّتِهِ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ تَالِفًا) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَالْقَائِلُ بِالْأَوَّلِ) هُوَ قَوْلُهُ وَيَرُدُّهُ حَتْمًا إنْ كَانَ بَاقِيًا (قَوْلُهُ: وَفِي الْغَصْبِ إنَّمَا غَصَبَ إلَخْ) أَيْ إنَّمَا هُوَ مَفْرُوضٌ فِيمَا لَوْ غَصَبَ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ مُسْتَأْجَرَةٍ وَجَبَتْ قِيمَتُهُ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: كَمَا ذَكَرُوا ذَلِكَ فِي إتْلَافِ إلَخْ) قَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُ ثَمَّ اسْتَوْلَى عَلَى الْخُفَّيْنِ فَدَخَلَ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي ضَمَانِهِ بِخِلَافِ الْمُتْلَفِ هُنَا فَإِنَّ الْحَاصِلَ مِنْهُ مُجَرَّدُ مُبَاشَرَةِ الْإِتْلَافِ، وَهِيَ إنَّمَا تَقْتَضِي ضَمَانَ مَا أَتْلَفَهُ كَمَا لَوْ أَتْلَفَ وَلَدَ دَابَّةٍ

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 78

وَمَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ فِي غَيْرِ الْأَرُزِّ وَالْعَلَسِ أَمَّا هُمَا فَيُؤْخَذُ وَاجِبُهُمَا فِي قِشْرِهِمَا كَمَا مَرَّ، وَمُؤْنَةُ الْجَفَافِ وَالتَّصْفِيَةِ وَالْجِذَاذِ وَالدِّيَاسِ وَالْحَمْلِ وَغَيْرِهَا مِمَّا يَحْتَاجُ إلَى مُؤْنَةٍ عَلَى الْمَالِكِ لَا مِنْ مَالِ الزَّكَاةِ، وَلَوْ اشْتَرَى نَخِيلًا وَثَمَرَتَهَا بِشَرْطِ الْخِيَارِ فَبَدَا الصَّلَاحُ فِي مُدَّتِهِ فَالزَّكَاةُ عَلَى مَنْ لَهُ الْمِلْكُ فِيهَا، وَهُوَ الْبَائِعُ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُ وَالْمُشْتَرِي إنْ كَانَ لَهُ ثُمَّ إنْ لَمْ يَبْقَ الْمِلْكُ لَهُ، وَأَخَذَ السَّاعِي الزَّكَاةَ مِنْ الثَّمَرَةِ رَجَعَ عَلَيْهِ مَنْ انْتَقَلَتْ إلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا وُقِفَتْ الزَّكَاةُ فَمَنْ ثَبَتَ الْمِلْكُ لَهُ وَجَبَتْ عَلَيْهِ، وَإِنْ اشْتَرَى النَّخِيلَ بِثَمَرَتِهَا أَوْ ثَمَرَتَهَا فَقَطْ مُكَاتَبٌ أَوْ كَافِرٌ فَبَدَا الصَّلَاحُ لَمْ تَجِبْ زَكَاتُهَا عَلَى أَحَدٍ أَمَّا الْمُشْتَرِي فَلِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ لِوُجُوبِهَا، وَأَمَّا الْبَائِعُ فَلِانْتِفَاءِ كَوْنِهَا فِي مِلْكِهِ حَالَ الْوُجُوبِ، أَوْ اشْتَرَاهَا مُسْلِمٌ فَبَدَا الصَّلَاحُ فِي مِلْكِهِ، ثُمَّ وَجَدَ بِهَا عَيْبًا لَمْ يَرُدَّهَا عَلَى الْبَائِعِ قَهْرًا لِتَعَلُّقِ الزَّكَاةِ بِهَا فَهُوَ كَعَيْبٍ حَدَثَ بِيَدِهِ، فَلَوْ أَخْرَجَ الزَّكَاةَ مِنْ الثَّمَرَةِ لَمْ يُرَدَّ وَلَهُ الْأَرْشُ، أَوْ مِنْ غَيْرِهَا فَلَهُ الرَّدُّ، أَمَّا لَوْ رَدَّهَا عَلَيْهِ بِرِضَاهُ كَانَ جَائِزًا لِإِسْقَاطِ الْبَائِعِ حَقَّهُ.

وَإِنْ اشْتَرَى الثَّمَرَةَ وَحْدَهَا بِشَرْطِ الْقَطْعِ فَبَدَا الصَّلَاحُ حَرُمَ الْقَطْعُ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُسْتَحِقِّينَ بِهَا، فَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْبَائِعُ بِالْإِبْقَاءِ فَلَهُ الْفَسْخُ لِتَضَرُّرِهِ بِمَصِّ الثَّمَرَةِ وَرُطُوبَةِ الشَّجَرَةِ، وَلَوْ رَضِيَ بِهِ وَأَبَى الْمُشْتَرِي إلَّا الْقَطْعَ امْتَنَعَ عَلَى الْمُشْتَرِي الْفَسْخُ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ قَدْ رَضِيَ بِإِسْقَاطِ حَقِّهِ وَلِلْبَائِعِ الرُّجُوعُ فِي الرِّضَا بِالْإِبْقَاءِ؛ لِأَنَّ رِضَاهُ إعَارَةٌ، وَإِذَا فُسِخَ الْبَيْعُ لَمْ تَسْقُطْ الزَّكَاةُ عَنْ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ بُدُوَّ الصَّلَاحِ كَانَ فِي مِلْكِهِ فَإِذَا أَخَذَهَا السَّاعِي مِنْ الثَّمَرَةِ رَجَعَ الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَلَوْ بَدَا الصَّلَاحُ قَبْلَ الْقَبْضِ كَانَ عَيْبًا حَادِثًا بِيَدِ الْبَائِعِ، فَيَنْبَغِي كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ ثُبُوتُ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي، وَمَا قَالَهُ مِنْ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا كَانَ الْبُدُوُّ بَعْدَ اللُّزُومِ وَإِلَّا فَهِيَ ثَمَرَةٌ اُسْتُحِقَّ بَقَاؤُهَا فِي زَمَنِ الْخِيَارِ فَصَارَ كَالْمَشْرُوطِ فِي زَمَنِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَنْفَسِخَ الْعَقْدُ إنْ قُلْنَا الشَّرْطُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ يَلْحَقُ الْعَقْدَ مَرْدُودٌ، وَالْأَرْجَحُ عَدَمُ انْفِسَاخِ الْعَقْدِ بِمَا ذُكِرَ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قِيمَتُهُ تَافِهَةٌ حِينَ الْإِتْلَافِ، فَإِنَّهُ إنَّمَا يَضْمَنُ قِيمَتَهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ لَا قِيمَتَهُ كَبِيرًا بِتَقْدِيرِ بَقَائِهِ، هَذَا وَكَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ التَّنْظِيرَ بِمَا لَوْ أُتْلِفَ أَحَدُ الْخُفَّيْنِ فِي يَدِ مَالِكِهِ، وَمَعَ ذَلِكَ يُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّ الْمُتْلِفَ ثَمَّ لَهُ قِيمَةٌ فِي نَفْسِهِ بِخِلَافِهِ هُنَا.

(قَوْلُهُ: لَا مِنْ مَالِ الزَّكَاةِ) أَيْ فَلَوْ خَالَفَ وَأَخْرَجَهَا مِنْ مَالِ الزَّكَاةِ وَتَعَذَّرَ اسْتِرْدَادُهَا مِنْ آخِذِهَا ضَمِنَ قَدْرَ مَا فَوَّتَهُ، وَيَرْجِعُ فِي مِقْدَارِهِ لِغَلَبَةِ ظَنِّهِ، وَسَنَذْكُرُ نَظِيرَهُ عَنْ الدَّمِيرِيِّ فِيمَا لَوْ فُقِدَ الْمُخْتَلِطُ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ مِنْ أَنَّهُ يَعْمَلُ بِمَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ، قَالَ: وَيُعَضِّدُهُ التَّخْمِينُ فِي مَسْأَلَةِ الْمَذْيِ وَالْوَدْيِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ اشْتَرَى نَخِيلًا إلَخْ) وَيَأْتِي رَدُّ قَوْلِ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ الْمَنْعُ الْكُلِّيُّ مِنْ التَّصَرُّفِ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ وَضَعْفُ تَرْكِ شَيْءٍ مِنْ الرُّطَبِ لِلْمَالِكِ، وَأَحَادِيثُ الْبَاكُورَةِ وَأَمْرُ الشَّافِعِيِّ بِشِرَاءِ الْفُولِ الرَّطْبِ مَحْمُولَانِ عَلَى مَا لَا زَكَاةَ فِيهِ إذْ الْوَقَائِعُ الْفِعْلِيَّةُ تَسْقُطُ بِالْإِجْمَاعِ، وَكَمَا لَوْ لَمْ يَنْظُرْ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا فِي مَنْعِ بَيْعِ هَذَا فِي قِشْرِهِ إلَى الِاعْتِرَاضِ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ الْفِعْلِيِّ، وَكَلَامُ الْأَكْثَرِينَ وَعَلَيْهِ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ كَذَلِكَ لَا يَنْظُرُ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ إلَى خِلَافِ مَا صَرَّحَ بِهِ كَلَامُهُمْ وَإِنْ اُعْتُرِضَ بِنَحْوِ ذَلِكَ إذْ الْمَذَاهِبُ نَقْلٌ، فَإِذَا زَادَتْ الْمَشَقَّةُ فِي الْتِزَامِهِ هَذَا فَلَا عَتْبَ عَلَى الْمُتَخَلِّصِ بِتَقْلِيدِ مَذْهَبٍ آخَرَ كَمَذْهَبِ أَحْمَدَ فَإِنَّهُ يُجِيزُ التَّصَرُّفَ قَبْلَ الْخَرْصِ وَالتَّضْمِينِ، وَأَنْ يَأْكُلَ هُوَ وَعِيَالُهُ عَلَى الْعَادَةِ وَلَا يُحْسَبُ عَلَيْهِ، وَكَذَا مَا يُهْدِيهِ فِي أَوَانِهِ اهـ حَجّ بِحُرُوفِهِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ إنْ لَمْ يَبْقَ الْمِلْكُ لَهُ) أَيْ لِمَنْ لَهُ الْمِلْكُ مُدَّةَ الْخِيَارِ (قَوْلُهُ: رَجَعَ عَلَيْهِ مَنْ انْتَقَلَتْ إلَيْهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ لِلْمُشْتَرِي الرَّدَّ قَهْرًا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لَهُ، وَأُخِذَتْ الزَّكَاةُ مِنْ الثَّمَرَةِ الْمُشْتَرَاةِ، وَيُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا يَأْتِي فِيمَا لَوْ اطَّلَعَ فِي الْمَبِيعِ عَلَى عَيْبٍ، وَقَدْ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي حَيْثُ يَسْقُطُ الرَّدُّ قَهْرًا، وَقَدْ يُقَالُ: مَا هُنَا مُصَوَّرٌ بِمَا إذَا قَبِلَهَا الْبَائِعُ وَهُوَ الْأَظْهَرُ، وَقَدْ يُقَالُ بِوُجُوبِهِ مُطْلَقًا، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْبَائِعَ بِشَرْطِهِ الْخِيَارَ مَعَ غَلَبَةِ بُدُوِّ الصَّلَاحِ مُوَطِّنٌ نَفْسَهُ عَلَى قَبُولِهِ إذَا أُخِذَتْ الزَّكَاةُ مِنْهُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْبَائِعُ بِالْإِبْقَاءِ فَلَهُ) أَيْ الْبَائِعِ بِهِ، ثُمَّ إذَا فَسَخَ وَأَرَادَ الْقَطْعَ هَلْ يُمَكَّنُ مِنْهُ وَإِنْ أَدَّى ذَلِكَ إلَى قَطْعِ ثَمَرَةِ الْمُسْتَحِقِّينَ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُسْتَحِقِّينَ بِهَا، وَعَلَيْهِ فَلَعَلَّ فَائِدَةَ الْفَسْخِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 79