المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب البيوع المنهي عنها وما يتبعها] - نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج - جـ ٣

[الرملي، شمس الدين]

فهرس الكتاب

- ‌فَصْلٌ فِي دَفْنِ الْمَيِّتِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ

- ‌[اللَّحْدُ أَفْضَلُ مِنْ الشَّقِّ]

- ‌لَا يُدْفَنُ اثْنَانِ فِي قَبْرٍ)

- ‌[الْجُلُوس عَلَى الْقَبْرِ]

- ‌[التَّعْزِيَةُ لِأَهْلِ الْمَيِّتِ سُنَّةٌ]

- ‌[يَحْرُمُ النَّدْبُ وَالنَّوْحُ]

- ‌[الْبُكَاءُ عَلَى الْمَيِّتِ قَبْلَ الْمَوْتِ]

- ‌[اتِّبَاعُ الْمُسْلِمِ جِنَازَةَ قَرِيبِهِ الْكَافِرِ]

- ‌[لَا يَحْمِلُ الْجِنَازَةَ إلَّا الرِّجَالُ]

- ‌[اللَّغَطُ فِي سَيْرِ الْجِنَازَةِ]

- ‌[شُرُوطُ صِحَّةِ صَلَاةِ الْجِنَازَة]

- ‌[الدَّفْنُ بِالْمَقْبَرَةِ أَفْضَلُ مِنْ الدَّفْنُ بِالْبَيْتِ]

- ‌[الْمَبِيتُ بِالْمَقْبَرَةِ]

- ‌[الدَّفْنُ لَيْلًا]

- ‌[تَجْصِيصُ الْقَبْرِ وَالْبِنَاءُ عَلَيْهِ وَالْكِتَابَةُ عَلَيْهِ]

- ‌[زِيَارَةُ قُبُورِ الْمُسْلِمِينَ لِلرِّجَالِ]

- ‌[نَقْلُ الْمَيِّتِ قَبْلَ دَفْنِهِ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ آخَرَ]

- ‌كِتَابُ الزَّكَاةِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الْحَيَوَانِ

- ‌[الشَّرْطُ الْأَوَّلُ النَّعَم]

- ‌[الشَّرْطِ الثَّانِي النِّصَابُ]

- ‌فَصْلٌ فِي بَيَانِ كَيْفِيَّةِ الْإِخْرَاجِ لِمَا مَرَّ وَبَعْضِ شُرُوطِ الزَّكَاةِ

- ‌ أَسْبَابِ النَّقْصِ فِي الزَّكَاةِ

- ‌[الْخُلْطَةِ فِي الزَّكَاة]

- ‌بَابُ زَكَاةِ النَّبَاتِ

- ‌[نِصَابُ الْقُوتُ الَّذِي تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ]

- ‌ خَرْصُ الثَّمَرِ)

- ‌[شَرْطُ الْخَارِصِ]

- ‌بَابُ زَكَاةِ النَّقْدِ

- ‌[يُحَرَّمُ عَلَى الرَّجُلِ وَالْخُنْثَى حُلِيُّ الذَّهَبِ]

- ‌[تَحْلِيَةِ الْمُصْحَفِ بِالذَّهَبِ]

- ‌شَرْطُ زَكَاةِ النَّقْدِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الْمَعْدِنِ وَالرِّكَازِ وَالتِّجَارَةِ

- ‌[يُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الْمَعْدِن]

- ‌الرِّكَازِ

- ‌[شَرْطُ الرِّكَاز]

- ‌فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ زَكَاةِ التِّجَارَةِ

- ‌(شَرْطُ وُجُوبِ زَكَاةِ التِّجَارَةِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ

- ‌[تَأْخِيرَ زَكَاةِ الْفِطْرِ إلَى مَا بَعْدَ صَلَاةِ الْعِيدِ]

- ‌[يَلْزَمُهُ فِطْرَةُ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ]

- ‌(مَنْ أَيْسَرَ) بِبَعْضِ صَاعٍ وَهُوَ فِطْرَةُ الْوَاحِدِ (يَلْزَمُهُ)

- ‌[بَابُ مَنْ تَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ]

- ‌فَصْلٌ فِي أَدَاءِ الزَّكَاةِ

- ‌فَصْلٌ فِي تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ

- ‌كِتَابُ الصِّيَامِ

- ‌[إذَا الْهِلَالُ رُئِيَ بِبَلَدٍ لَزِمَ حُكْمُهُ الْبَلَدَ الْقَرِيبَ]

- ‌فَصْلٌ فِي أَرْكَانِ الصَّوْمِ

- ‌[يُسَنُّ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي شَرْطِ الصَّوْمِ]

- ‌فَصْلٌ شَرْطُ صِحَّةِ الصَّوْمِ مِنْ حَيْثُ الْفَاعِلِ وَالْوَقْتِ

- ‌فَصْلٌ فِي شُرُوطِ وُجُوبِ صَوْمِ رَمَضَانَ وَمَا يُبِيحُ تَرْكَ صَوْمِهِ

- ‌فَصْلٌ فِي فِدْيَةِ الصَّوْمِ الْوَاجِبِ

- ‌فَصْلٌ فِي مُوجِبِ كَفَّارَةِ الصَّوْمِ

- ‌[مَصْرِفُ فِدْيَةُ الصَّوْم]

- ‌بَابُ صَوْمِ التَّطَوُّعِ

- ‌ صَوْمُ يَوْمِ (عَرَفَةَ)

- ‌ صَوْمُ (أَيَّامِ) اللَّيَالِي (الْبِيضِ)

- ‌ صَوْمُ (سِتَّةٍ مِنْ شَوَّالٍ)

- ‌[صَوْمُ عَاشُورَاءَ]

- ‌(إفْرَادُ) يَوْمِ (الْجُمُعَةِ) بِالصَّوْمِ

- ‌[وَصَوْمُ الدَّهْرِ غَيْرُ الْعِيدِ]

- ‌كِتَابُ الِاعْتِكَافِ

- ‌[صَوْمُ تَطَوُّعٍ مِنْ غَيْرِ إذْنِ زَوْجِهَا وَهُوَ حَاضِرٌ]

- ‌[شُرُوطُ الْمُعْتَكِفِ]

- ‌فَصْلٌ فِي حُكْمِ الِاعْتِكَافِ الْمَنْذُورِ

- ‌[كِتَابُ الْحَجِّ]

- ‌[شُرُوط صِحَّة الْحَجّ وَالْعُمْرَة]

- ‌[شُرُوط وُجُوب الْحَجّ وَالْعُمْرَة]

- ‌[مَا يُشْتَرَطُ فِي وُجُوبِ نُسُكِ الْمَرْأَةِ]

- ‌بَابُ الْمَوَاقِيتِ لِلنُّسُكِ زَمَانًا وَمَكَانًا

- ‌[الْمِيقَات الزَّمَانِيّ]

- ‌الْمِيقَاتُ الْمَكَانِيُّ

- ‌بَابُ الْإِحْرَامِ

- ‌فَصْلٌ فِي رُكْنِ الْإِحْرَامِ وَمَا يُطْلَبُ لِلْمُحْرِمِ مِنْ الْأُمُورِ الْآتِيَةِ

- ‌[بَابُ دُخُولِ الْمُحْرِمِ مَكَّةَ]

- ‌فَصْلٌ فِيمَا يُطْلَبُ فِي الطَّوَافِ مِنْ وَاجِبَاتٍ وَسُنَنٍ

- ‌[وَاجِبَات الطَّوَاف]

- ‌[سُنَن الطَّوَاف]

- ‌فَصْلٌ فِيمَا يَخْتِمُ بِهِ الطَّوَافَ وَبَيَانُ كَيْفِيَّةِ السَّعْيِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ

- ‌(فَصْلٌ فِي الْمَبِيتِ بِالْمُزْدَلِفَةِ وَالدَّفْعِ مِنْهَا وَفِيمَا يُذْكَرُ مَعَهُمَا

- ‌ الْمَبِيتِ بِمِنًى لَيَالِيَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ

- ‌فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَرْكَانِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، وَبَيَانِ أَوْجُهِ أَدَائِهِمَا مَعَ مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ

- ‌بَابُ مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ

- ‌[مَا يَحِلّ مِنْ شجر الحرم وَمَا يحرم]

- ‌[أَنْوَاعِ الدِّمَاءِ فِي الْحَجّ]

- ‌بَابُ الْإِحْصَارِ وَالْفَوَاتِ

- ‌كِتَابُ الْبَيْعِ

- ‌[شُرُوط الْبَيْع] [

- ‌أَلْفَاظ الْبَيْع]

- ‌[يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بِالْكِنَايَةِ مَعَ النِّيَّةِ]

- ‌[شُرُوط الْعَاقِدِ]

- ‌[شِرَاء الْكَافِر الْمُصْحَف]

- ‌[شُرُوط الْمَبِيع]

- ‌[مِنْ شُرُوط الْمَبِيع طَهَارَة عَيْنه]

- ‌ مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ (النَّفْعُ)

- ‌[مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ إمْكَانُ تَسْلِيمِهِ]

- ‌ مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ (الْمِلْكُ)

- ‌ مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ (الْعِلْمُ بِهِ)

- ‌بَابُ الرِّبَا

- ‌[الْمُمَاثَلَةُ تُعْتَبَرُ فِي الْمَكِيلِ]

- ‌[بَاب الْبُيُوعِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا وَمَا يَتْبَعُهَا]

- ‌[الصُّوَر المستثناة مِنْ النَّهْي عَنْ بَيْع وَشَرْط]

- ‌[بَاعَ عَبْدًا بِشَرْطِ إعْتَاقِهِ]

- ‌فَصْلٌ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي مِنْ الْمَنْهِيَّاتِ الَّتِي لَا يَقْتَضِي النَّهْيُ فَسَادَهَا كَمَا قَالَ

- ‌[بَيْعُ الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ لِعَاصِرِ الْخَمْرِ وَالنَّبِيذِ]

- ‌فَصْلٌ فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ

- ‌[بَيْعُ الْعَرَبُونِ]

- ‌[جُمِعَ الْعَاقِدُ أَوْ الْعَقْدُ فِي صَفْقَةٍ مُخْتَلِفَيْ الْحُكْمِ]

الفصل: ‌[باب البيوع المنهي عنها وما يتبعها]

بِنَاءً فِي الْمَأْكُولِ عَلَى أَنَّ اللُّحُومَ أَجْنَاسٌ، وَالْقِيَاسُ عَلَى بَيْعِ اللَّحْمِ بِاللَّحْمِ وَفِي غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ سَبَبَ الْمَنْعِ بَيْعُ مَالِ الرِّبَا بِأَصْلِهِ الْمُشْتَمِلِ عَلَيْهِ وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ هُنَا، وَيَصِحُّ بَيْعُ لَبَنِ شَاةٍ بِشَاةٍ حُلِبَ لَبَنُهَا وَإِنْ بَقِيَ فِيهَا لَبَنٌ لَا يُقْصَدُ حَلْبُهُ، فَإِنْ قُصِدَ لِكَثْرَتِهِ أَوْ بَاعَ ذَاتَ لَبَنٍ مَأْكُولَةً بِذَاتِ لَبَنٍ كَذَلِكَ مِنْ جِنْسِهَا لَمْ يَصِحَّ، إذْ اللَّبَنُ فِي الضَّرْعِ يَأْخُذُ قِسْطًا مِنْ الثَّمَنِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَجِبُ التَّمْرُ فِي مُقَابَلَتِهِ فِي الْمُصَرَّاةِ، بِخِلَافِ الْآدَمِيَّةِ ذَاتِ اللَّبَنِ فَفِي الْبَيَانِ عَنْ الشَّاشِيِّ الْجَوَازُ فِيهَا، وَفَرَّقَ بِأَنَّ لَبَنَ الشَّاةِ فِي الضَّرْعِ لَهُ حُكْمُ الْعَيْنِ وَلِهَذَا امْتَنَعَ عَقْدُ الْإِجَارَةِ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ لَبَنِ الْآدَمِيَّةِ فَلَهُ حُكْمُ الْمَنْفَعَةِ؛ وَلِهَذَا جَازَ عَقْدُ الْإِجَارَةِ عَلَيْهِ، وَلَوْ بَاعَ لَبَنَ بَقَرَةٍ بِشَاةٍ فِي ضَرْعِهَا لَبَنٌ صَحَّ لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ، أَمَّا بَيْعُ ذَاتِ لَبَنٍ بِغَيْرِ ذَاتِ لَبَنٍ فَصَحِيحٌ، وَبَيْعُ بَيْضِ دَجَاجَةٍ بِدَجَاجَةٍ كَبَيْعِ لَبَنِ شَاةٍ، فَإِنْ كَانَ فِي الدَّجَاجَةِ بَيْضٌ وَالْبَيْضُ الْمَبِيعُ بَيْضُ دَجَاجَةٍ لَمْ يَصِحَّ فِي الْأَصَحِّ، وَبَيْعُ دَجَاجَةٍ فِيهَا بَيْضٌ بِدَجَاجَةٍ كَذَلِكَ بَاطِلٌ كَبَيْعِ ذَاتِ لَبَنٍ بِمِثْلِهَا.

(بَابٌ) بِالتَّنْوِينِ فِي الْبُيُوعِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا وَمَا يَتْبَعُهَا ثُمَّ النَّهْيُ قِسْمَانِ: أَحَدُهُمَا مَا يَقْتَضِي الْفَسَادَ وَالْحُرْمَةَ؛ لِأَنَّ تَعَاطِي الْعَقْدِ الْفَاسِدِ: أَيْ مَعَ الْعِلْمِ بِفَسَادِهِ أَوْ مَعَ التَّقْصِيرِ فِي تَعَلُّمِهِ لِكَوْنِهِ مِمَّا لَا يَخْفَى، وَهُوَ مُخَالِطٌ لِلْمُسْلِمِينَ بِحَيْثُ يَبْعُدُ جَهْلُهُ بِذَلِكَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: وَالْقِيَاسُ) عَطْفٌ عَلَى الْمَعْنَى أَيْ لِلْبِنَاءِ وَالْقِيَاسِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ سَبَبَ) الْأُولَى عَلَى أَنَّ سَبَبَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ بَقِيَ) غَايَةٌ (قَوْلُهُ كَذَلِكَ) أَيْ مَأْكُولَةٌ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ لَبَنِ الْآدَمِيَّةِ) وَمِثْلُهَا الْفَرَسُ ذَاتُ اللَّبَنِ فَتُبَاعُ بِمِثْلِهَا؛ لِأَنَّ لَبَنَهَا غَيْرُ مَقْصُودٍ بِالْعِوَضِ وَإِنْ قُصِدَ فِي نَفْسِهِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يُرَدُّ بَدَلُهُ فِي الْمُصَرَّاةِ صَاعُ تَمْرٍ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ وَإِنْ نُوزِعُوا فِيهِ اهـ حَجّ. وَعُمُومُ قَوْلِ الشَّارِحِ مَأْكُولَةٌ يُخَالِفُهُ (قَوْلُهُ: فَلَهُ حُكْمُ الْمَنْفَعَةِ) قَدْ يُقَالُ: قِيَاسُ مَا مَرَّ مِنْ جَوَازِ بَيْعِ دَارٍ بِهَا بِئْرُ مَاءٍ بِمِثْلِهَا؛ لِأَنَّ الْمَاءَ فِيهَا تَابِعٌ لَا مَقْصُودُ جَوَازِ بَيْعِ الشَّاةِ الْمَذْكُورَةِ بِمِثْلِهَا؛ لِأَنَّ اللَّبَنَ فِي الضَّرْعِ غَيْرُ مَقْصُودٍ بِالْعَقْدِ كَالْمَاءِ فِي الْبِئْرِ. اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الشَّارِعَ لَمَّا أَوْجَبَ الصَّاعَ فِي مُقَابَلَتِهِ عِنْدَ الرَّدِّ جَعَلَهُ مَقْصُودًا بِالْعَقْدِ كَالشَّاةِ وَلَا كَذَلِكَ الْبِئْرُ (قَوْلُهُ بِغَيْرِ ذَاتِ لَبَنٍ) أَيْ وَلَوْ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ وَبَيْعُ دَجَاجَةٍ فِيهَا بَيْضٌ) أَيْ بِقَصْدِ أَكْلِهِ مُسْتَقِلًّا كَأَنْ تَصَلَّبَ.

(بَابٌ) فِي الْبُيُوعِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا.

(قَوْلُهُ: وَمَا يَتْبَعُهَا) مِنْهُ تَلَقِّي الرُّكْبَانِ وَالنَّجْشُ (قَوْلُهُ: ثُمَّ النَّهْيُ) أَيْ مِنْ حَيْثُ هُوَ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ فِي هَذَا الْبَابِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ تَعَاطِيَ الْعَقْدِ) عِلَّةٌ لِلْحُرْمَةِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ التَّحْرِيمَ إنَّمَا نَشَأَ مِنْ فَسَادِ الْعَقْدِ فَلَيْسَ هُوَ مُقْتَضَى النَّهْيِ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: النَّهْيُ يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ مُطْلَقًا سَوَاءٌ رَجَعَ لِذَاتِ الْعَقْدِ أَوْ لَازِمِهِ أَوْ مَعْنًى خَارِجٍ أَوْ كَانَ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ غَيْرَ عَقْدٍ وَيَقْتَضِي الْفَسَادَ إنْ رَجَعَ لِذَاتِ الْعَقْدِ أَوْ لَازِمِهِ، وَيَحْرُمُ مِنْ حَيْثُ تَعَاطِي الْعَقْدِ الْفَاسِدِ كَمَا أَنَّهُ يَحْرُمُ لِكَوْنِهِ مَنْهِيًّا عَنْهُ (قَوْلُهُ: أَوْ مَعَ التَّقْصِيرِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ مَعَ التَّقْصِيرِ يَأْثَمُ بِتَعَاطِي الْعَقْدِ كَمَا يَأْثَمُ بِتَرْكِ التَّعَلُّمِ، فَلَيْسَ الْإِثْمُ بِالتَّقْصِيرِ دُونَ تَعَاطِي الْعَقْدِ وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ مُرَادُ حَجّ بِقَوْلِهِ حَرَامٌ عَلَى الْمَنْقُولِ الْمُعْتَمَدِ: يَعْنِي أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ تَعَاطِيَ الْعَقْدِ الْفَاسِدِ مَعَ الْجَهْلِ بِفَسَادِهِ حَرَامٌ حَيْثُ قَصَّرَ فِي التَّعَلُّمِ فَلَيْسَتْ الْحُرْمَةُ مَخْصُوصَةً بِالتَّقْصِيرِ (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ يَبْعُدُ جَهْلُهُ بِذَلِكَ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

[بَاب الْبُيُوعِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا وَمَا يَتْبَعُهَا]

(بَابٌ) فِي الْبُيُوعِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا

ص: 445

حَرَامٌ أَيْضًا سَوَاءٌ مَا فَسَادُهُ بِالنَّصِّ أَوْ الِاجْتِهَادِ، وَالْمُرَادُ بِهِ مَا حَصَلَ بِسَبَبِ مَفْسَدَةٍ نَشَأَتْ مِنْ اخْتِلَالِ أَحَدِ أَرْكَانِ الْعَقْدِ كَالنَّهْيِ عَنْ بَيْعِ مَالِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَبَيْعِ الْخَمْرِ وَالْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ وَالْمُلَامَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ فَإِنَّ مَنْشَأَ الْمَفْسَدَةِ الدَّاعِيَةِ إلَى النَّهْيِ عَنْهُ فِي الْأَوَّلِ إنَّمَا هُوَ أُمُورٌ رَاجِعَةٌ إلَى الْعَاقِدِ وَفِي الثَّانِي إلَى الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، وَفِي الثَّالِثِ إلَى الصِّيغَةِ وَقَيَّدَ ذَلِكَ الْغَزَالِيُّ وَاعْتَمَدَهُ الزَّرْكَشِيُّ بِمَا إذَا قُصِدَ بِهِ تَحْقِيقُ الْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ دُونَ إجْرَاءِ اللَّفْظِ مِنْ غَيْرِ تَحْقِيقِ مَعْنَاهُ فَإِنَّهُ بَاطِلٌ، ثُمَّ إنْ كَانَ لَهُ مَحْمَلٌ كَمُلَاعَبَةِ الزَّوْجَةِ بِنَحْوِ بِعْتُك نَفْسَك لَمْ يَحْرُمْ وَإِلَّا حَرُمَ إذْ لَا مَحْمَلَ لَهُ غَيْرَ الْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ، وَقَدْ يَجُوزُ لِاضْطِرَارِ تَعَاطِيهِ كَأَنْ امْتَنَعَ ذُو طَعَامٍ مِنْ بَيْعِهِ مِنْهُ إلَّا بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ فَلَهُ الِاحْتِيَالُ بِأَخْذِهِ مِنْهُ بِبَيْعٍ فَاسِدٍ حَتَّى لَا يَلْزَمَهُ إلَّا الْمِثْلُ أَوْ الْقِيمَةُ وَثَانِيهِمَا مَا كَانَ النَّهْيُ عَنْهُ بِسَبَبٍ عَارِضٍ لِهَذِهِ الْحَقِيقَةِ خَارِجٍ عَنْهُ فَلَا يُوجِبُ الْفَسَادَ كَالْبَيْعِ وَقْتَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ مَا يَقَعُ كَثِيرًا فِي قُرَى مِصْرِنَا مِنْ بَيْعِ الدَّوَابِّ وَيُؤَجَّلُ الثَّمَنُ إلَى أَنْ يُؤْخَذَ مِنْ أَوْلَادِ الدَّابَّةِ الْمُسَمَّى بِبَيْعِ الْمُقَاوَمَةِ لَا إثْمَ عَلَى فَاعِلِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا يَخْفَى فَيُعْذَرُ فِيهِ (قَوْلُهُ: حَرَامٌ أَيْضًا) أَيْ كَاَلَّذِي عَلِمَ بِفَسَادِهِ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِهِ) أَيْ بِمَا يَقْتَضِي الْفَسَادَ وَالْحُرْمَةَ (قَوْلُهُ: نَشَأَتْ مِنْ اخْتِلَالِ أَحَدِ أَرْكَانِ الْعَقْدِ) أَيْ أَوْ شُرُوطِهِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ كَالْجَهْلِ بِمُدَّةِ الْخِيَارِ أَوْ الْأَجَلِ وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْمَفْسَدَةُ سَبَبُهَا فَقْدُ الرُّكْنِ مِنْ أَصْلِهِ كَالصِّيغَةِ أَوْ فَقْدُهُ أَوْ فَقْدُ مَا يُعْتَبَرُ فِي الرُّكْنِ كَالْعَجْزِ عَنْ التَّسْلِيمِ.

(قَوْلُهُ: فِي الْأَوَّلِ) هُوَ قَوْلُهُ كَالنَّهْيِ عَنْ بَيْعِ مَالِ الْغَيْرِ وَالثَّانِي بَيْعُ الْخَمْرِ وَالثَّالِثُ الْمُلَامَسَةُ (قَوْلُهُ: إنَّمَا هُوَ أُمُورٌ) لَعَلَّهُ أَرَادَ الْأُمُورَ مَا فَوْقَ الْوَاحِدِ إذْ سَبَبُ الْمَفْسَدَةِ عَدَمُ الْمِلْكِ وَالْقُدْرَةِ عَلَى التَّسْلِيمِ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَمْرَانِ (قَوْلُهُ: وَقَيَّدَ ذَلِكَ) أَيْ كَوْنَ الْعَقْدِ الْفَاسِدِ حَرَامًا (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ تَحْقِيقٍ) أَيْ بِأَنْ أَطْلَقَ أَوْ قَصَدَ غَيْرَ الْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ (قَوْلُهُ: مَحْمَلَ) أَيْ عُرْفًا (قَوْلُهُ: إذْ لَا مَحْمَلَ لَهُ) هُوَ وَاضِحٌ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، أَمَّا لَوْ قَصَدَ غَيْرَ الْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ فَفِيهِ نَظَرٌ، وَيَنْبَغِي عَدَمُ الْحُرْمَةِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يَجُوزُ) أَيْ الْعَقْدُ الْفَاسِدُ (قَوْلُهُ: كَأَنْ امْتَنَعَ ذُو طَعَامٍ) أَيْ أَوْ ذُو دَابَّةٍ مِنْ إيجَارِهَا (قَوْلُهُ: فَلَهُ الِاحْتِيَالُ) أَيْ فَلَوْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ بَلْ اشْتَرَاهُ بِمَا سَمَّاهُ الْبَائِعُ لَزِمَهُ الْمُسَمَّى وَاضْطِرَارُهُ لَا يَجْعَلُهُ مُكْرَهًا عَلَى الْعَقْدِ بِمَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: أَوْ الْقِيمَةُ) قَضِيَّةُ التَّعْبِيرِ بِالْقِيمَةِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ أَقْصَى الْقِيَمِ، وَقَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّ جَوَازَ ذَلِكَ لَهُ أَخْرَجَهُ عَنْ نَظَائِرِهِ مِنْ الْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقِيمَةِ أَقْصَى الْقِيَمِ وَلَكِنَّ الْأَوَّلَ هُوَ الظَّاهِرُ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يَتْلَفَ حَالًا أَوْ بَعْدَ مُدَّةٍ لِإِذْنِ الشَّارِعِ لَهُ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: خَارِجٍ عَنْهُ) أَيْ بِأَنْ لَا يَكُونَ بِفَقْدِ رُكْنٍ وَلَا شَرْطٍ وَعِبَارَةُ سم عَلَى حَجّ بِأَنْ لَا يَكُونَ لِذَاتِهِ وَلَا اللَّازِمَةِ بِقَرِينَةِ مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: فَلَا يُوجِبُ الْفَسَادَ) أَيْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِهِ مَا حَصَلَ بِسَبَبِ مَفْسَدَةٍ نَشَأَتْ مِنْ أَحَدِ أَرْكَانِ الْعَقْدِ) صَادِقٌ بِأَنْ تَكُونَ الْمَفْسَدَةُ بِسَبَبِ انْتِفَاءِ ذَاتِ الرُّكْنِ أَوْ انْتِفَاءِ شَرْطٍ مِنْ شُرُوطِهِ، وَهَذَا مُرَادُهُ بِدَلِيلِ أَمْثِلَتِهِ الْآتِيَةِ، فَهُوَ مُسَاوٍ لِقَوْلِ الشِّهَابِ حَجّ ثُمَّ النَّهْيُ إنْ كَانَ لِذَاتِ الْعَقْدِ أَوْ لَازِمِهِ بِأَنْ فَقَدَ بَعْضَ أَرْكَانِهِ أَوْ شُرُوطِهِ اقْتَضَى بُطْلَانَهُ وَحُرْمَتَهُ إلَخْ، فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى زِيَادَةٍ أَوْ شُرُوطِهِ بَعْدَ قَوْلِ الشَّارِحِ مِنْ أَحَدِ أَرْكَانِ الْعَقْدِ خِلَافًا لِمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: إنَّمَا هُوَ أُمُورٌ رَاجِعَةٌ إلَى الْعَاقِدِ) أَيْ كَعَدَمِ الْمِلْكِ وَعَدَمِ الْوِلَايَةِ وَعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّسْلِيمِ شَرْعًا، فَالْجَمْعِيَّةُ عَلَى بَابِهَا خِلَافًا لِمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: وَقَيَّدَ ذَلِكَ الْغَزَالِيُّ) يَعْنِي الْحُرْمَةَ (قَوْلُهُ: أَوْ الْقِيمَةُ) بَحَثَ الشَّيْخُ فِي الْحَاشِيَةِ أَنَّ الْمُرَادَ قِيمَةُ يَوْمِ التَّلَفِ لَا أَقْصَى الْقِيَمِ، وَإِنْ كَانَ الْمَقْبُوضُ بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ كَالْمَغْصُوبِ كَمَا يَأْتِي وَهُوَ وَجِيهٌ وَيُصَرِّحُ بِهِ مَا يَأْتِي فِي تَعْلِيلِ ضَمَانِ الْمَقْبُوضِ بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ ضَمَانَ الْمَغْصُوبِ مِنْ أَنَّهُ مُطَالَبٌ بِرَدِّهِ فِي كُلِّ وَقْتٍ إذْ هَذَا مَنْفِيٌّ هُنَا كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: وَثَانِيهِمَا مَا كَانَ النَّهْيُ عَنْهُ بِسَبَبٍ عَارِضٍ) هَذَا قَسِيمُ قَوْلِهِ أَحَدُهُمَا مَا يَقْتَضِي الْفَسَادَ وَالْحُرْمَةَ الَّذِي الْمُرَادُ بِهِ مَا حَصَلَ بِسَبَبِ مَفْسَدَةٍ نَشَأَتْ مِنْ أَحَدِ أَرْكَانِ الْعَقْدِ الْمُسَاوِي لِقَوْلِ غَيْرِهِ إنْ كَانَ لِذَاتٍ أَوْ لَازِمِهِ فَالْمُقَابَلَةُ مَعْنَوِيَّةٌ لَا لَفْظِيَّةٌ

ص: 446

النِّدَاءِ.

وَقَدْ أَشَارَ إلَى أَشْيَاءَ مِنْ الْأَوَّلِ فَقَالَ (نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ عَسْبِ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ لِلْمُهْمَلَتَيْنِ وَبِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ (الْفَحْلِ) رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (وَهُوَ ضِرَابُهُ) بِكَسْرِ الضَّادِ: أَيْ طُرُوقُهُ لِلْأُنْثَى وَهَذَا هُوَ الْأَشْهَرُ وَمِنْ ثَمَّ حَكَى مُقَابِلِيهِ بِيُقَالُ (وَيُقَالُ مَاؤُهُ) وَكُلٌّ مِنْ هَذَيْنِ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ نَهْيٌ، فَالتَّقْدِيرُ عَنْ بَدَلِ عَسْبٍ مِنْ أُجْرَةِ ضِرَابِهِ وَثَمَنِ مَائِهِ: أَيْ إعْطَاءُ ذَلِكَ وَأَخْذُهُ وَإِلَّا فَالْعَسْبُ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ النَّهْيُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَفْعَالِ الْمُكَلَّفِينَ (وَيُقَالُ أُجْرَةُ ضِرَابِهِ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَالْأَوَّلِ أَنَّ الْأُجْرَةَ ثَمَّ مُقَدَّرَةٌ مَعَ عُمُومِهِ وَهُنَا ظَاهِرَةٌ وَهَذِهِ حِكْمَةُ اقْتِصَارِ الشَّارِحِ عَلَى ذِكْرِ التَّقْدِيرِ فِي الْأَوَّلَيْنِ مَعَ أَنَّهُ جَارٍ فِي الثَّلَاثَةِ مَعَ أَنَّ الْأَوَّلَيْنِ فِيهِمَا تَقْدِيرَانِ وَفِي الثَّالِثِ وَاحِدٌ (فَيَحْرُمُ ثَمَنُ مَائِهِ) وَيَبْطُلُ بَيْعُهُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَقَوِّمٍ وَلَا مَقْدُورٍ عَلَى تَسْلِيمِهِ وَلَا مَعْلُومٍ (وَكَذَا) تَحْرُمُ (أُجْرَتُهُ) لِلضِّرَابِ (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

وَلَكِنَّهُ حَرَامٌ.

(قَوْلُهُ: عَنْ عَسْبِ الْفَحْلِ) قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ: قَدْ وَرَدَ التَّصْرِيحُ بِالنَّهْيِ عَنْ ثَمَنِهِ فِي رِوَايَةِ الشَّافِعِيِّ فِي الْمُخْتَصَرِ كَذَا بِهَامِشِ الْمَحَلِّيِّ لِشَيْخِنَا اهـ أَيْ فَيَكُونُ الْحَمْلُ أَوْلَى: أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ لِتَقْدِيرِ مُضَافٍ وَقَدْ يُجَابُ عَنْ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّهُ اخْتَارَ مَا ذَكَرَهُ لِشُمُولِهِ لِلْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي مَعْنَى الْعَسْبِ (قَوْلُهُ: رَوَاهُ الشَّيْخَانِ) عِبَارَةُ الْمَنْهَجِ: رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمِثْلُهُ فِي الْخَطِيبِ، وَعِبَارَةُ حَجّ كَعِبَارَةِ الشَّارِحِ، وَلَعَلَّ مَنْ اقْتَصَرَ عَلَى الرِّوَايَةِ عَنْ الْبُخَارِيِّ أَنَّ رِوَايَتَهُ هَكَذَا نَهَى رَسُولُ اللَّهِ عَنْ عَسْبِ الْفَحْلِ، بِخِلَافِ مَنْ رَوَى عَنْهُمَا فَإِنَّهُ نَظَرَ إلَى أَنَّهُ وَرَدَ فِي مُسْلِمٍ نَهَى عَنْ بَيْعِ عَسْبِ الْفَحْلِ فَكَانَ مُسَاوِيًا لِلنَّهْيِ عَنْ عَسْبِ الْفَحْلِ، أَوْ أَنَّ الْبُخَارِيَّ رَوَاهُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَمُسْلِمًا عَنْ غَيْرِهِ، فَمَنْ رَوَاهُ عَنْهُمَا نُظِرَ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى رِوَايَتِهِ وَمَنْ خَصَّهُ بِالْبُخَارِيِّ نَظَرَ إلَى رِوَايَتِهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ (قَوْلُهُ بِكَسْرِ الضَّادِ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: ضَرَبَ الْفَحْلُ النَّاقَةَ ضِرَابًا بِالْكَسْرِ نَزَا عَلَيْهَا اهـ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الضِّرَابَ مَصْدَرُ ضَرَبَ وَعَلَيْهِ فَهُوَ مَصْدَرٌ سَمَاعِيٌّ، وَإِلَّا فَالضِّرَابُ وِزَانُ فِعَالٍ بِالْكَسْرِ وَهُوَ مَصْدَرٌ لِفَاعِلٍ، فَقِيَاسُهُ أَنْ يَكُونَ مَصْدَرًا لِضَارِبٍ لَا لِضَرَبَ (قَوْلُهُ: إعْطَاءُ ذَلِكَ) أَيْ وَالْعَقْدُ الْمُقْتَضِي لِذَلِكَ أَيْضًا اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَيُقَالُ أُجْرَةُ ضِرَابِهِ) أَسْقَطَهُ الشَّيْخُ مِنْ شَرْحِ مَنْهَجِهِ، وَلَعَلَّ سَبَبَ ذَلِكَ رُجُوعُهُ فِي الْمَعْنَى إلَى الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ أُجْرَةُ ضِرَابِهِ (قَوْلُهُ: وَالْأَوَّلُ) هُوَ قَوْلُهُ وَهُوَ ضِرَابُهُ (قَوْلُهُ: مَعَ عُمُومِهِ) أَيْ الْمُقَدَّرِ بِمَعْنَى احْتِمَالِهِ لِغَيْرِ الْأُجْرَةِ (قَوْلُهُ: وَهَذِهِ) أَيْ الْحِكْمَةُ الْمُشَارُ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ وَالْفَرْقُ إلَخْ حِكْمَةٌ إلَخْ.

(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَقَوِّمٍ) أَيْ لَا قِيمَةَ لَهُ شَرْعًا وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ مَا قَابَلَ الْمِثْلِيَّ (قَوْلُهُ وَكَذَا تَحْرُمُ أُجْرَتُهُ) أَيْ إيجَارُهُ وَهَلْ يَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ كَمَا فِي الْإِجَارَاتِ الْفَاسِدَةِ اهـ سم عَلَى حَجّ: أَيْ أَوَّلًا؛ لِأَنَّ طُرُوقَهُ لِلْأُنْثَى لَا مِثْلَ لَهُ يُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ الْأَوَّلُ، وَعَلَيْهِ فَالْمُرَادُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ لَوْ اُسْتُعْمِلَ فِيمَا يُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ كَالْحَرْثِ مُدَّةَ وَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهِ لِلِانْتِفَاعِ الْمَذْكُورِ، وَيُحْتَمَلُ الثَّانِي؛ لِأَنَّ هَذَا الْفِعْلَ نَفْسَهُ مِمَّا لَا يُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ، وَمَحَلُّ حُرْمَةِ الِاسْتِئْجَارِ حَيْثُ اسْتَأْجَرَهُ لِلضِّرَابِ قَصْدًا فَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِيَنْتَفِعَ بِهِ مَا شَاءَ جَازَ أَنْ يَسْتَعْمِلَهُ فِي الْإِنْزَاءِ تَبَعًا لِاسْتِحْقَاقِهِ الْمَنْفَعَةَ، بِخِلَافِ مَا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِلْحَرْثِ أَوْ نَحْوِهِ فَلَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْإِنْزَاءِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَذِنَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّهُ جَارٍ فِي الثَّلَاثَةِ) اعْلَمْ أَنَّ الَّذِي قَدَّرَهُ الشَّارِحُ الْجَلَالُ فِي الْأَوَّلَيْنِ هُوَ لَفْظُ بَدَلٌ مِنْ أُجْرَةٍ أَوْ ثَمَنٍ وَهُوَ لَا يَجْرِي فِي الثَّالِثِ إذْ الْبَدَلُ فِيهِ مَذْكُورٌ، وَالْجَارِي فِي الثَّلَاثَةِ إنَّمَا هُوَ الْمُضَافُ الثَّانِي وَهُوَ الْأَخْذُ أَوْ الْعَطَاءُ، وَقَدْ قَدَّرَهُ الشَّارِحُ الْجَلَالُ بَعْدُ أَيْضًا وَعِبَارَتُهُ: وَعَلَى الْأَوَّلَيْنِ يُقَدَّرُ فِي الْحَدِيثِ مُضَافٌ لِيَصِحَّ النَّهْيُ: أَيْ نَهْيٌ عَنْ بَدَلِ عَسْبِ الْفَحْلِ مِنْ أُجْرَةِ ضِرَابِهِ أَوْ ثَمَنِ مَائِهِ: أَيْ بَذْلِ ذَلِكَ وَأَخْذِهِ انْتَهَتْ، فَقَوْلُهُ أَيْ بَدَلِ ذَلِكَ وَأَخْذِهِ هُوَ الْمُضَافُ الثَّانِي وَهُوَ رَاجِعٌ لِلثَّلَاثَةِ (قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّ الْأَوَّلَيْنِ فِيهِمَا تَقْدِيرَانِ) لَا مَوْقِعَ لِلتَّعْبِيرِ بِالْمَعِيَّةِ هُنَا

ص: 447

فِعْلَ الضِّرَابِ غَيْرُ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ لِلْمَالِكِ.

وَالثَّانِي يَجُوزُ كَالِاسْتِئْجَارِ لِتَلْقِيحِ النَّخْلِ، وَفَرَّقَ الْأَوَّلَ بِأَنَّ الْإِيجَارَ لِتَلْقِيحِ النَّخْلِ فِي الْمُسْتَأْجَرِ عَلَيْهِ هُوَ فِعْلُ الْأَجِيرِ الَّذِي هُوَ قَادِرٌ عَلَيْهِ، وَيَجُوزُ الْإِهْدَاءُ لِصَاحِبِ الْفَحْلِ وَتُسْتَحَبُّ إعَارَتُهُ لِلضِّرَابِ.

(وَعَنْ حَبَلِ الْحَبَلَةِ) رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (هُوَ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ فِيهَا وَغَلِطَ مَنْ سَكَّنَهُمَا جَمْعُ حَابِلٍ وَقِيلَ مُفْرَدٌ، وَهَاؤُهُ لِلْمُبَالَغَةِ (نِتَاجُ النِّتَاجِ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَكَسْرِهِ، وَهُوَ الْمَوْجُودُ فِي خَطِّ الْمُصَنِّفِ، وَعَلَيْهِ عُرْفُ الْفُقَهَاءِ، وَفِي هَذَا تَجُوزُ مِنْ حَيْثُ إطْلَاقِ الْحَبَلِ عَلَى الْبَهَائِمِ مَعَ أَنَّهُ مُخْتَصٌّ بِالْآدَمِيَّاتِ وَمِنْ حَيْثُ إطْلَاقُ الْمَصْدَرِ عَلَى اسْمِ الْمَفْعُولِ: أَيْ الْمَحْبُولِ (بِأَنْ يَبِيعَ نِتَاجَ النِّتَاجِ) كَمَا عَلَيْهِ أَهْلُ اللُّغَةِ (أَوْ بِثَمَنٍ إلَى نِتَاجِ النِّتَاجِ) كَمَا فَسَّرَهُ رَاوِيهِ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما: أَيْ إلَى أَنْ تَلِدَ هَذِهِ الدَّابَّةُ وَيَلِدَ وَلَدُهَا مِنْ نُتِجَتْ النَّاقَةُ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ لَا غَيْرَ،

ــ

[حاشية الشبراملسي]

لَهُ فِي اسْتِعْمَالِهِ فِيمَا سَمَّاهُ لَهُ مِنْ حَرْثٍ أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَفَرَّقَ الْأَوَّلَ) وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَسْتَأْجِرَهُ لِلضِّرَابِ، فَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى أَنْ يُنْزِي فَحْلَهُ عَلَى أُنْثَى أَوْ إنَاثٍ صَحَّ، قَالَهُ الْقَاضِي؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ مُبَاحٌ وَعَمَلَهُ مَضْبُوطٌ عَادَةً، وَيَتَعَيَّنُ الْفَحْلُ الْمُعَيَّنُ فِي الْعَقْدِ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِهِ، فَإِنْ تَلِفَ: أَيْ أَوْ تَعَذَّرَ إنْزَاؤُهُ بَطَلَتْ الْإِجَارَةُ اهـ سم عَلَى حَجّ: أَيْ عَنْ شَرْحِ الْعُبَابِ لحج، وَقَالَ سم عَلَى حَجّ بَعْدَ مَا ذَكَر وَقَدْ يَسْتَشْكِلُ هَذَا مَعَ تَفْسِيرِهِ الضِّرَابَ بِالطُّرُوقِ، وَيُقَالُ لَمْ تَظْهَرْ مُغَايَرَتُهُ لِلْإِنْزَاءِ الْمَذْكُورِ، وَلَا إشْكَالَ؛ لِأَنَّ الطُّرُوقَ فِعْلُ الْفَحْلِ، بِخِلَافِ الْإِنْزَاءِ فَإِنَّهُ فِعْلُ صَاحِبِ الْفَحْلِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ.

لَكِنْ قَدْ يُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّ الْإِنْزَاءَ وَإِنْ كَانَ مِنْ فِعْلِ صَاحِبِ الْفَحْلِ إلَّا أَنَّ نَزَوَانَ الْفَحْلِ بِاخْتِيَارِهِ وَصَاحِبُهُ عَاجِزٌ عَنْ تَسْلِيمِهِ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْإِجَارَةَ وَاقِعَةٌ عَلَى فِعْلِ الْمُكَلَّفِ الَّذِي هُوَ الْإِنْزَاءُ، وَالْمُرَادُ مِنْهُ مُحَاوَلَةُ صُعُودِ الْفَحْلِ عَلَى الْأُنْثَى عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ، وَفِعْلُ الْفَحْلِ وَإِنْ كَانَ هُوَ الْمَقْصُودُ لَكِنَّهُ لَيْسَ مَعْقُودًا عَلَيْهِ فَيَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ إذَا حَصَلَ الطُّرُوقُ بِالْفِعْلِ، فَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ لَمْ يَسْتَحِقَّ أُجْرَةً فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ الْإِهْدَاءُ لِصَاحِبِ الْفَحْلِ) بَلْ لَوْ قِيلَ يُنْدَبُ لَمْ يَبْعُدْ اهـ حَجّ. وَعِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ قَالَ مَرَّ: وَيُسْتَحَبُّ هَذَا الْإِعْطَاءُ اهـ. وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ إعْطَاءِ الْفَحْلِ أَوْ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَتُسْتَحَبُّ إعَارَتُهُ لِلضِّرَابِ) وَمَحَلُّ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَتَعَيَّنْ وَإِلَّا وَجَبَ، وَكَانَ الِامْتِنَاعُ مِنْهَا كَبِيرَةً حَيْثُ لَا ضَرُورَةَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ، وَلَا فَرْقَ فِي حُرْمَةِ الِامْتِنَاعِ حَيْثُ تَعَيَّنَ الْفَحْلُ بَيْنَ امْتِنَاعِهِ مِنْ إعَارَتِهِ لِعَامَّةِ النَّاسِ أَوْ بَعْضِهِمْ، وَتَجِبُ الْإِعَارَةُ مَجَّانًا، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُصْحَفِ حَيْثُ لَا تَجِبُ إعَارَتُهُ مَجَّانًا وَإِنْ تَعَيَّنَ لِقِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْبَلَدِ غَيْرُهُ بِأَنَّ الْمُصْحَفَ لَهُ بَدَلٌ بِأَنْ يُلَقِّنَهُ غَيْبًا بِخِلَافِ هَذَا وَبِأَنَّ الْمُصْحَفَ تُمْكِنُ إجَارَتُهُ بِخِلَافِ الْفَحْلِ، وَيَنْبَغِي وُجُوبُ اتِّخَاذِ الْفَحْلِ عَلَى أَهْلِ الْبَلَدِ حَيْثُ تَعَيَّنَ لِبَقَاءِ نَسْلِ دَوَابِّهِمْ عَلَى الْكِفَايَةِ حَيْثُ لَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُمْ اسْتِعَارَتُهُ مِمَّا يَقْرُبُ مِنْ بَلْدَتِهِمْ عُرْفًا.

(قَوْلُهُ: وَغَلِطَ مَنْ سَكَنَهَا) ظَاهِرُهُ فِيهِمَا (قَوْلُهُ وَهَاؤُهُ لِلْمُبَالَغَةِ) وَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ الْمُفْرَدِ وَجَمْعِهِ بِالْهَاءِ (قَوْلُهُ: مِنْ نُتِجَتْ النَّاقَةُ إلَخْ) قَالَ بَعْضُهُمْ فِي هَذَا الْمَقَامِ أَنَّ نُتِجَ وَإِنْ كَانَ فِي صُورَةِ الْمَبْنِيِّ لِلْمَفْعُولِ لَكِنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ مَبْنِيٌّ لِلْفَاعِلِ فَنُتِجَتْ النَّاقَةُ كَقَوْلِك: وَلَدَتْ النَّاقَةُ، فَالنَّاقَةُ فَاعِلٌ وَنُتِجَتْ مَبْنِيٌّ لِلْفَاعِلِ لَكِنَّهُ غُيِّرَ إلَى صُورَةِ الْمَبْنِيِّ لِلْمَفْعُولِ اهـ. وَيَرُدُّهُ قَوْلُهُمْ فِي بَابِ النَّائِبِ عَنْ الْفَاعِلِ: إنَّ لِلْعَرَبِ أَفْعَالًا الْتَزَمُوا مَجِيئَهَا مَبْنِيَّةً لِلْمَفْعُولِ وَلَمْ يَذْكُرُوا لَهَا فَاعِلًا، وَعِبَارَةُ شَيْخِ مَشَايِخِنَا الشَّنَوَانِيِّ فِي حَوَاشِي الْأَزْهَرِيَّةِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: كَمَا فَسَّرَهُ رِوَايَةُ ابْنِ عُمَرَ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ: كَمَا فَسَّرَهُ رَاوِيهِ ابْنُ عُمَرَ بِهَاءِ الضَّمِيرِ وَبِتَقْدِيمِ الْأَلْفِ عَلَى الْوَاوِ وَهِيَ أَصْوَبُ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَإِنَّمَا اُخْتُلِفَ فِي تَفْسِيرِ الْحَدِيثِ، فَالْأَوَّلُ تَفْسِيرُ أَهْلِ اللُّغَةِ، وَالثَّانِي تَفْسِيرُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَاوِيَ النَّهْيِ قَالَ: وَكَانَ بَيْعًا يَتَبَايَعُهُ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ كَانَ الرَّجُلُ يَبْتَاعُ الْجُذُورَ إلَى أَنْ تُنْتِجَ النَّاقَةُ ثُمَّ تُنْتِجَ الَّتِي فِي بَطْنِهَا.

ص: 448

وَوَجْهُ الْبُطْلَانِ ثَمَّ انْعِدَامُ شُرُوطِ الْبَيْعِ وَهُنَا جَهَالَةُ الْأَجَلِ.

(وَعَنْ الْمَلَاقِيحِ) جَمْعُ مَلْقُوحَةٍ (وَهِيَ)(مَا فِي الْبُطُونِ) مِنْ الْأَجِنَّةِ (وَ) عَنْ (الْمَضَامِينِ) جَمْعُ مَضْمُونٍ (وَهِيَ مَا فِي أَصْلَابِ الْفُحُولِ) مِنْ الْمَاءِ، رَوَاهُ مَالِكٌ مُرْسَلًا وَالْبَزَّارُ مُسْنَدًا وَانْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَيْهِ لِفَقْدِ شُرُوطِ الْبَيْعِ وَإِطْلَاقُ الْمَلَاقِيحِ عَلَى مَا فِي بُطُونِ الْإِبِلِ وَغَيْرِهَا الَّذِي يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُهُ سَائِغٌ لُغَةً أَيْضًا خِلَافًا لِلْجَوْهَرِيِّ.

(وَ) عَنْ (الْمُلَامَسَةِ) رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (بِأَنْ يَلْمُسَ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِهَا، وَمَا اشْتَهَرَ عَلَى الْأَلْسِنَةِ مِنْ الْفَتْحِ فَلَا وَجْهَ لَهُ؛ لِأَنَّهَا فِي الْمَاضِي مَفْتُوحَةٌ وَلَيْسَتْ حَرْفَ حَلْقٍ (ثَوْبًا مَطْوِيًّا) أَوْ فِي ظُلْمَةٍ (ثُمَّ يَشْتَرِيه عَلَى أَنْ لَا خِيَارَ لَهُ إذَا رَآهُ) أَوْ عَلَى أَنَّهُ يَكْتَفِي بِلَمْسِهِ عَنْ رُؤْيَتِهِ (أَوْ يَقُولُ إذَا لَمَسْته فَقَدْ بِعْتُكَهُ) اكْتِفَاءً بِلَمْسِهِ عَنْ الصِّيغَةِ أَوْ عَلَى أَنَّهُ مَتَى لَمَسَهُ انْقَطَعَ خِيَارُ الْمَجْلِسِ أَوْ الشَّرْطِ.

(وَ) عَنْ (الْمُنَابَذَةِ) بِالْمُعْجَمَةِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (بِأَنْ يَجْعَلَا النَّبْذَ) أَيْ الطَّرْحَ (بَيْعًا) اكْتِفَاءً بِهِ عَنْ الصِّيغَةِ أَوْ يَقُولَ: إذَا نَبَذْته فَقَدْ بِعْتُكَهُ، أَوْ مَتَى نَبَذْته انْقَطَعَ الْخِيَارُ، أَوْ عَلَى أَنَّك تَكْتَفِي بِنَبْذِهِ عَنْ رُؤْيَتِهِ وَبُطْلَانُهُ لِعَدَمِ الرُّؤْيَةِ أَوْ الصِّيغَةِ أَوْ الشَّرْطِ الْفَاسِدِ.

(وَ) عَنْ (بَيْعِ الْحَصَاةِ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ (بِأَنْ يَقُولَ: بِعْتُك مِنْ هَذِهِ الْأَثْوَابِ مَا تَقَعُ هَذِهِ الْحَصَاةُ عَلَيْهِ، أَوْ يَجْعَلَا الرَّمْيَ لَهَا بَيْعًا، أَوْ بِعْتُك) عَطْفٌ عَلَى بِعْتُك فَقَوْلُهُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

نَصُّهَا: وَذَهَبَ قَوْمٌ إلَى أَنَّ الْمَبْنِيَّ لِلْمَفْعُولِ أَصْلٌ بِرَأْسِهِ، إذْ لَنَا أَفْعَالٌ لَمْ تُبْنَ قَطُّ لِفَاعِلٍ نَحْوُ جُنَّ وَحُمَّ اهـ.

وَعِبَارَةُ الْمُرَادِيِّ أَيْضًا: وَهَذَا مِنْ الْأَفْعَالِ الَّتِي الْتَزَمَ فِيهَا حَذْفُ الْفَاعِلِ وَجَاءَتْ عَلَى صِيغَةِ الْمَفْعُولِ نَحْوِ سُرَّ وَجُنَّ وَزُكِمَ، وَفِي الْمُخْتَارِ: نُتِجَتْ النَّاقَةُ عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ تَنْتِجُ نِتَاجًا وَنَتَجَهَا أَهْلُهَا مِنْ بَابِ ضَرَبَ اهـ. هَذَا وَفِي الْمِصْبَاحِ وَالْقَامُوسِ مَا قَدْ يُخَالِفُهُ فَرَاجِعْهُمَا (قَوْلُهُ: وَوَجْهُ الْبُطْلَانِ ثَمَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ بِأَنْ يَبِيعَ نِتَاجَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَهُنَا جَهَالَةٌ) أَيْ فِي قَوْلِهِ أَوْ بِثَمَنٍ إلَى نِتَاجٍ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: جَمْعُ مَلْقُوحَةٍ) أَيْ مَلْقُوحٍ بِهَا فَفِيهِ حَذْفٌ وَإِيصَالٌ (قَوْلُهُ: وَهِيَ مَا فِي الْبُطُونِ) هَذَا تَفْسِيرٌ لَهُ شَرْعًا، أَمَّا لُغَةً فَهُوَ جَنِينُ النَّاقَةِ خَاصَّةً كَمَا فِي الْمَنْهَجِ، وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ. ثُمَّ تَفْسِيرُ الْمَلَاقِيحِ إنْ شَمَلَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى اُحْتِيجَ إلَى الْمُسَامَحَةِ فِي قَوْلِهِ جَمْعُ مَلْقُوحَةٍ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَعَنْ الْمَضَامِينِ) قَالَ عَمِيرَةُ: قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ اللَّهَ أَوْدَعَهَا ظُهُورَهَا فَكَأَنَّهَا ضَمِنَتْهَا اهـ. وَفَسَّرَهَا الْإِسْنَوِيُّ بِمَا تَحْمِلُهُ مِنْ ضِرَابِ الْفَحْلِ فِي عَامٍ أَوْ عَامَيْنِ مَثَلًا وَنَحْوُهُ فِي الْقُوتِ، كَذَا بِهَامِشِ الْمَحَلِّيِّ بِخَطِّ شَيْخِنَا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: مِنْ الْمَاءِ) إنْ قُلْت: حِينَئِذٍ يُسْتَغْنَى عَنْ هَذَا بِمَا تَقَدَّمَ فِي الصَّبِّ فَمَا وَجْهُ ذِكْرِهِ، قُلْت: وَجْهُهُ وُرُودُ النَّهْيِ عَلَى خُصُوصِ الصِّيغَتَيْنِ، فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى إحْدَاهُمَا فَرُبَّمَا يُتَوَهَّمُ مُخَالَفَةُ الْمَتْرُوكَةِ لِلْمَذْكُورَةِ مَعَ أَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا مَعْنًى آخَرَ بِهِ تُفَارِقُ الْأُخْرَى فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَقَالَ فِي حَاشِيَةِ حَجّ بَعْدَ مِثْلِ مَا ذُكِرَ: وَحِينَئِذٍ فَمَا سَبَقَ لَا يُغْنِي عَنْ هَذَا الِاحْتِمَالِ أَنْ يُفَسَّرَ بِغَيْرِهِ: أَيْ كَضِرَابِهِ أَوْ أُجْرَةِ ضِرَابِهِ، وَهَذَا لَا يُغْنِي عَمَّا سَبَقَ؛ لِأَنَّ لَهُ مَعْنًى آخَرَ يُصَاحِبُهُ الْبُطْلَانُ أَيْضًا فَتَأَمَّلْ اهـ. وَلَمْ يَظْهَرْ مِنْ كَلَامِهِ الْمَعْنَى الثَّانِي لِلْمَضَامِينِ الْمُغَايِرِ لِمَعَانِي عَسْبِ الْفَحْلِ هَذَا، وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ: الْأَوَّلُ أَنْ يَشْتَرِيَ مَاءَهُ مُطْلَقًا. وَالثَّانِي أَنْ يَشْتَرِيَ مَا تَحْمِلُهُ الْأُنْثَى مِنْ ضِرَابِهِ فِي عَامٍ أَوْ عَامَيْنِ وَعَلَيْهِ فَهُمَا مَعْنَيَانِ مُخْتَلِفَانِ.

(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهَا فِي الْمَاضِي مَفْتُوحَةٌ) نَقَلَ الْإِسْنَوِيُّ فِي بَابِ الْإِحْدَاثِ الْكَسْرَ فِي الْمَاضِي وَعَلَيْهِ فَيَكُونُ الْمُضَارِعُ بِالْفَتْحِ، فَلَعَلَّ الشَّارِحَ اقْتَصَرَ عَلَى الْأَشْهَرِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ يَقُولُ إذَا نَبَذْته) قَالَ عَمِيرَةُ: تَصِحُّ قِرَاءَتُهُ بِضَمِّ التَّاءِ وَبِفَتْحِهَا وَكَذَا كُلُّ صُوَرِهَا أَيْ التَّاءِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ رَمْيِ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ أَوْ الصِّيغَةِ) يُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّ قَوْلَهُ فَقَدْ بِعْتُكَهُ صِيغَةٌ فَكَانَ الْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْبُطْلَانَ فِي هَذِهِ لِلتَّعْلِيقِ لَا لِعَدَمِ الصِّيغَةِ. وَأَجَابَ عَمِيرَةُ بِأَنَّهُ يُعْلَمُ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّ قَوْلَهُ فَقَدْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

(قَوْلُهُ فَلَا وَجْهَ لَهُ) هَذَا بَنَاهُ كَمَا تَرَى عَلَى أَنَّ الْمَاضِيَ بِالْفَتْحِ لَا غَيْرُ، لَكِنْ ذَكَرَ الْإِسْنَوِيُّ فِي نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ أَنَّهُ سَمِعَ لَمِسَ بِكَسْرِ الْمِيمِ فَاتَّضَحَ وَجْهُ الْفَتْحِ فِي الْمُضَارِعِ

ص: 449

أَوْ يَجْعَلَا شِبْهُ اعْتِرَاضٍ وَمِثْلُهُ شَائِعٌ لَا يَخْفَى (وَلَك) أَوْ لِي أَوْ لَنَا (الْخِيَارُ إلَى رَمْيِهَا) لِنَحْوِ مَا مَرَّ فِيمَا قَبْلَهَا.

(وَعَنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ) رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ (بِأَنْ يَقُولَ: بِعْتُك بِأَلْفٍ نَقْدًا أَوْ أَلْفَيْنِ إلَى سَنَةٍ) فَخُذْ بِأَيِّهِمَا شِئْت أَنْتَ أَوْ أَنَا أَوْ شَاءَ فُلَانٌ لِلْجَهَالَةِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ بِأَلْفٍ نَقْدًا وَأَلْفَيْنِ إلَى سَنَةٍ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَيَكُونُ الثَّمَنُ ثَلَاثَةَ آلَافٍ حَالَّةً وَأَلْفَانِ مُؤَجَّلَةً لِسَنَةٍ (أَوْ بِعْتُك ذَا الْعَبْدَ) مَثَلًا (بِأَلْفٍ عَلَى أَنْ تَبِيعَنِي) أَوْ فُلَانَ (دَارَك بِكَذَا) أَوْ تَشْتَرِيَ مِنِّي أَوْ مِنْ فُلَانٍ كَذَا بِكَذَا لِلشَّرْطِ الْفَاسِدِ.

(وَعَنْ بَيْعٍ كَشَرْطٍ كَبَيْعٍ بِشَرْطِ بَيْعٍ) كَمَا مَرَّ (أَوْ) بَيْعِ دَارٍ بِأَلْفٍ بِشَرْطِ (قَرْضِ) مِائَةٍ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْأَلْفَ وَرَفَقَ الْعَقْدَ الثَّانِي ثَمَنًا وَاشْتِرَاطُهُ فَاسِدٌ فَبَطَلَ مُقَابِلُهُ مِنْ الثَّمَنِ، وَهُوَ مَجْهُولٌ فَصَارَ الْكُلُّ مَجْهُولًا، ثُمَّ إذَا عُقِدَ الثَّانِي مَعَ عِلْمِهِمَا بِفَسَادِ الْأَوَّلِ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا كَمَا صَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ (وَلَوْ اشْتَرَى زَرْعًا بِشَرْطِ أَنْ يَحْصُدَهُ) بِضَمِّ الصَّادِ وَكَسْرِهَا (الْبَائِعُ أَوْ ثَوْبًا يَخِيطُهُ) الْبَائِعُ أَوْ بِشَرْطِ أَنْ يَخِيطَهُ كَمَا بِأَصْلِهِ وَعَدَلَ عَنْهُ لَيُبَيِّنَ عَدَمَ الْفَرْقِ بَيْنَ التَّصْرِيحِ بِالشَّرْطِ وَالْإِتْيَانِ بِهِ عَلَى صُورَةِ الْإِخْبَارِ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي مَجْمُوعِهِ وَفِي كَلَامِ غَيْرِهِ مَا يَقْتَضِي أَنَّ خَلْطَهُ بِالْأَمْرِ لَا يَكُونُ شَرْطًا، وَيَظْهَرُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا أَرَادَ مُجَرَّدَ الْأَمْرِ لَا الشَّرْطَ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ خِطْهُ وَتَخِيطُهُ بِأَنَّ الْأَمْرَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

بِعْتُكَهُ إخْبَارٌ لَا إنْشَاءٌ اهـ: أَيْ أَوْ أَنَّهُ جَعَلَ الصِّيغَةَ مَفْقُودَةً لِانْتِفَاءِ شَرْطِهَا وَهُوَ عَدَمُ التَّعْلِيقِ.

(قَوْلُهُ: شِبْهَ اعْتِرَاضٍ) إنَّمَا جَعَلَهُ شِبْهَ اعْتِرَاضٍ وَلَمْ يَجْعَلْهُ اعْتِرَاضًا؛ لِأَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى يَقُولُ وَالْعَامِلُ فِيهِ أَنَّ فَهُوَ مِنْ قَبِيلِ الْمُفْرَدِ فِي الْحَقِيقَةِ وَالِاعْتِرَاضُ شَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ بِجُمْلَةٍ لَا مَحَلَّ لَهَا مِنْ الْإِعْرَابِ، قَالَ سم عَلَى حَجّ: وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْمُولًا لِمَحْذُوفٍ مَعْطُوفٍ عَلَى يَقُولُ: أَيْ أَوْ يَقُولُ بِعْتُك، وَقَدْ يَنْظُرُ فِيهِ بِأَنَّ عَطْفَ مِثْلِ ذَلِكَ مِنْ خَصَائِصِ الْوَاوِ، وَقَدْ يَجْعَلُ قَوْلَهُ أَوْ يَجْعَلُ إلَخْ الْمَعْطُوفُ عَلَى يَقُولُ مُقَدَّمًا عَلَى مَا بَعْدَهُ الْمَعْطُوفُ عَلَى بِعْتُك مِنْ تَأْخِيرٍ.

(قَوْلُهُ: وَعَنْ بِيعَتَيْنِ) بِكَسْرِ الْبَاءِ عَلَى مَعْنَى الْهَيْئَةِ وَيَجُوزُ الْفَتْحُ كَمَا فِي فَتْحِ الْبَارِي، وَقَوْلُهُ فِي بَيْعِهِ بِفَتْحِ الْبَاءِ لَا غَيْرَ (قَوْلُهُ: وَأَلْفَيْنِ سَنَةً) لَوْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَخُذْ بِأَيِّهِمَا شِئْت إلَخْ، فَفِي شَرْحِ الْعُبَابِ أَنَّ الَّذِي يَتَّجِهُ الْبُطْلَانُ وَإِنْ تَرَدَّدَ فِيهِ الزَّرْكَشِيُّ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ فَخُذْ إلَخْ مُبْطِلٌ لِإِيجَابِهِ فَبَطَلَ الْقَبُولُ الْمُتَرَتِّبُ عَلَيْهِ اهـ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: أَلْفٍ حَالَةً) التَّأْنِيثُ لِتَأْوِيلِ الْأَلْفِ بِالدَّرَاهِمِ أَوْ نَحْوِهَا وَإِلَّا فَالْأَلْفُ مُذَكَّرٌ، قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ (قَوْلُهُ: أَوْ فُلَانٌ) عِبَارَةُ حَجّ: أَوْ فُلَانًا اهـ. وَلَعَلَّ الشَّارِحَ أَشَارَ إلَى أَنَّ مِثْلَ شَرْطِ بَيْعِ الْمُشْتَرِي شَرْطُ بَيْعِ غَيْرِهِ كَأَنْ يَقُولَ: بِعْتُك هَذَا بِشَرْطِ أَنْ يَبِيعَنِي زَيْدٌ عَبْدَهُ أَوْ دَارِهِ.

(قَوْلُهُ: بِشَرْطِ قَرْضِ) أَيْ مِثْلًا كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ كَمَا صَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ) عِبَارَةُ حَجّ هُنَا بَعْدَ مَا ذَكَرَهُ نَصُّهَا: وَمَا وَقَعَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا مِنْ صِحَّةِ الرَّهْنِ فِيمَا لَوْ رَهَنَ بِدَيْنٍ قَدِيمٍ مَعَ ظَنِّ صِحَّةِ شَرْطِهِ فِي بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ بِأَنَّ فَسَادَهُ ضَعِيفٌ أَوْ أَنَّ الرَّهْنَ مُسْتَثْنًى؛ لِأَنَّهُ مُجَرَّدُ تَوَثُّقٍ فَلَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ ظَنُّ الصِّحَّةِ إذْ لَا جَهَالَةَ تَمْنَعُهُ بِخِلَافِ مَا هُنَا اهـ. أَقُولُ: وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ حَجّ اعْتِمَادُ أَنَّ الرَّهْنَ مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي الرَّهْنِ، فَلَوْ رَهَنَهُ بَعْدُ بِلَا شَرْطٍ مُفْسِدٍ صَحَّ اهـ.

وَوَجْهُ الْأَخْذِ أَنَّهُ أَطْلَقَ فِي صِحَّةِ الرَّهْنِ فَشَمَلَ مَا لَوْ عَلِمَا فَسَادَ الْأَوَّلِ وَمَا لَوْ ظَنَّا صِحَّتَهُ، وَيُوَافِقُهُ مَا نَقَلَهُ سم عَلَى حَجّ عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ مِنْ أَنَّهُ لَمْ يُضَعِّفْهُ بَلْ فَرَّقَ (قَوْلُهُ: أَوْ ثَوْبًا وَيَخِيطُهُ) عِبَارَةُ حَجّ: وَالْبَائِعُ يَخِيطُهُ، ثُمَّ قَالَ: تَنْبِيهٌ: قَدَّرْت مَا مَرَّ قَبْلَ يَخِيطُهُ رَدًّا لِمَا يُقَالُ ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهَا جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ، وَهُوَ مُمْتَنِعٌ؛ لِأَنَّ الْمُضَارِعِيَّةَ الْمُثْبَتَةَ لَا تَدْخُلُ عَلَيْهَا وَاوُ الْحَالِ اهـ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم أَنَّ الْوَاوَ مِنْ الْمُصَنِّفِ فَيُصَدَّقُ بِوُجُودِهَا مِنْ الْمُشْتَرِي وَعَدَمِهِ (قَوْلُهُ: لَا الشَّرْطُ) وَمِثْلُهُ الْإِطْلَاقُ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: وَيُفَرَّقُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ هَذَا الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا بَعْدَ الْحَمْلِ الْمَذْكُورِ، وَيَشْكُلُ بِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ بِقَوْلِهِ وَتَخِيطُهُ الِاسْتِئْنَافَ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ قَصْدَ الِاسْتِئْنَافِ مُنَافٍ لِلْحَالِيَّةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلْبُطْلَانِ،

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَيُفَرَّقُ بَيْنَ خَطَّهُ وَتَخَيَّطَهُ) أَيْ حَيْثُ انْصَرَفَ الثَّانِي إلَى الشَّرْطِيَّةِ وَإِنْ صُرِفَ عَنْهَا، بِخِلَافِ الْأَوَّلِ كَمَا هُوَ

ص: 450

بِشَيْءٍ مُبْتَدَأٍ غَيْرُ مُقَيِّدٍ لِمَا قَبْلَهُ، بِخِلَافِ الثَّانِي فَإِنَّهُ حَالٌ وَهِيَ مُقَيِّدَةٌ لِمَا قَبْلَهَا فَكَانَتْ فِي مَعْنَى الشَّرْطِ (فَالْأَصَحُّ بُطْلَانُهُ) أَيْ الشِّرَاءِ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى شَرْطٍ عَمَلٍ فِيمَا لَمْ يَمْلِكْهُ الْمُشْتَرِي إلَى الْآنَ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ تَضَمَّنَ إلْزَامَهُ بِالْعَمَلِ فِيمَا يَمْلِكُهُ كَأَنْ اشْتَرَى ثَوْبًا بِشَرْطِ أَنْ يَبْنِيَ حَائِطَهُ صَحَّ وَهُوَ غَيْرُ مُرَادٍ، بَلْ الْأَوْجَهُ الْبُطْلَانُ هُنَا قَطْعًا كَمَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ بِشَرْطِ بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ إذْ هُمَا مِثَالَانِ، فَبَيْعٌ بِشَرْطِ إجَارَةٍ أَوْ إعَارَةٍ بَاطِلٌ لِذَلِكَ، سَوَاءٌ أَقَدَّمَ ذِكْرَ الثَّمَنِ عَلَى الشَّرْطِ أَمْ أَخَّرَهُ عَنْهُ، وَإِنَّمَا جَرَى الْخِلَافُ فِي صُورَةِ الْمَتْنِ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ فِي الْمَبِيعِ وَقَعَ تَابِعًا لِمَبِيعِهِ فَاغْتُفِرَ عَلَى مُقَابِلِ الْأَصَحِّ الْقَائِلِ إنَّ فِيهِ جَمْعًا بَيْنَ بَيْعٍ وَإِجَارَةٍ، وَقِيلَ يَبْطُلُ الشَّرْطُ، وَفِي الْبَيْعِ قَوْلَا تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ، وَلَوْ اشْتَرَى حَطَبًا مَثَلًا عَلَى دَابَّةٍ بِشَرْطِ إيصَالِهِ مَنْزِلَهُ لَمْ يَصِحَّ وَإِنْ عَرَفَ الْمَنْزِلَ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ بِشَرْطٍ، وَإِنْ أَطْلَقَ صَحَّ الْعَقْدُ وَلَمْ يُكَلَّفْ إيصَالَهُ مَنْزِلَهُ وَلَوْ اُعْتِيدَ بَلْ يُسَلِّمُهُ لَهُ فِي مَوْضِعِهِ.

وَالْحَاصِلُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ كُلَّ شَرْطٍ مُنَافٍ لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ إنَّمَا يُبْطِلُهُ إذَا وَقَعَ فِي صُلْبِهِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ لُزُومِهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ تَقَدَّمَ عَلَيْهِ وَلَوْ فِي مَجْلِسِهِ كَمَا سَيَأْتِي، وَحَيْثُ صَحَّ لَمْ يُجْبَرْ عَلَى فَسْخِهِ بِوَجْهٍ، وَمَا قُبِضَ بِشِرَاءٍ فَاسِدٍ مَضْمُونٌ بَدَلًا وَمَهْرًا وَقِيمَةُ وَلَدٍ وَأُجْرَةُ ضَمَانِ الْمَغْصُوبِ إذْ هُوَ مُخَاطَبٌ بِرَدِّهِ كُلَّ لَحْظَةٍ وَمَتَى وَطِئَهَا الْمُشْتَرِي لَمْ يُحَدَّ وَلَوْ مَعَ عِلْمِهِ بِالْفَسَادِ إلَّا أَنْ يُعْلِمَهُ وَالثَّمَنُ مَيْتَةٌ أَوْ دَمٌ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَمْلِكُ بِهِ أَصْلًا، بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ الثَّمَنُ نَحْوَ خَمْرٍ كَخِنْزِيرٍ؛ لِأَنَّ الشِّرَاءَ بِهِ يُفِيدُ الْمِلْكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَلَوْ كَانَتْ بِكْرًا فَهُوَ مَهْرُ بِكْرٍ كَالنِّكَاحِ الْفَاسِدِ وَأَرْشُ بَكَارَةٍ لِإِتْلَافِهَا، بِخِلَافِهِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ إذْ فَاسِدُ كُلِّ عَقْدٍ كَصَحِيحِهِ فِي الضَّمَانِ وَعَدَمِهِ،

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فَلَعَلَّ الْفَرْقَ بِمَا ذُكِرَ وَاقِعٌ فِي كَلَامِ غَيْرِ الشَّارِحِ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ الْحَمْلِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: فَالْأَصَحُّ بُطْلَانُهُ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ: إنْ اشْتَرَى زَرْعًا أَوْ ثَوْبًا مَثَلًا بِعَشَرَةٍ بِشَرْطِ حَصْدِهِ وَخِيَاطَتِهِ لَهُ بِدِرْهَمٍ لَمْ يَصِحَّ الشِّرَاءُ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى شَرْطِ عَمَلٍ لَهُ فِيمَا لَمْ يَمْلِكْهُ بَعْدُ سَوَاءٌ شَرَطَ الْعَمَلَ عَلَى الْبَائِعِ أَمْ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ، فَتَعْبِيرُهُ بِمَا قَالَهُ أَوْلَى مِنْ تَقْيِيدِهِ الْأَصْلَ بِالْبَائِعِ.

وَإِنْ قَالَ اشْتَرَيْته بِعَشَرَةٍ وَاسْتَأْجَرْتُك لِحَصْدِهِ أَوْ لِخِيَاطَتِهِ بِدِرْهَمٍ وَقَبِلَ بِأَنْ قَالَ بِعْت وَأَجَّرْت صَحَّ الْبَيْعُ وَحْدَهُ: أَيْ دُونَ الْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّهُ اسْتَأْجَرَ قَبْلَ الْمِلْكِ لِمَحَلِّ الْعَمَلِ، وَإِنْ اشْتَرَاهُ وَاسْتَأْجَرَهُ بِالْعَشَرَةِ فَقَوْلَا تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ فِي الْبَيْعِ وَتَبْطُلُ الْإِجَارَةُ وَلَا تَصِحُّ فِي الْأَصْلِ فَإِنَّهُ قَالَ فَطَرِيقَانِ: أَحَدُهُمَا عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ مُخْتَلِفَيْ الْحُكْمِ وَالثَّانِي تَبْطُلُ الْإِجَارَةُ، وَفِي الْبَيْعِ قَوْلَا تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ فَلْيُرَاجَعْ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ، فَلَوْ جَمَعَهَا مَعَ الَّتِي قَبْلَهَا بِأَنْ قَالَ قَبْلَ قَوْلِهِ وَقَبِلَ أَوْ اشْتَرَاهُ وَاسْتَأْجَرَهُ بِالْعَشَرَةِ كَانَ أَحْسَنَ وَأَخْصَرَ (قَوْلُهُ: فِيمَا لَمْ يَمْلِكْهُ الْمُشْتَرِي إلَى الْآنَ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَمْلِكُهُ بَعْدَ تَمَامِ الصِّيغَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ) غَايَةً (قَوْلُهُ: وَحَيْثُ صَحَّ) أَيْ الْعَقْدُ وَهُوَ فَائِدَةٌ مُجَرَّدَةٌ لَا تَعَلُّقَ لَهَا بِشَرْحِ الْمَتْنِ وَقَوْلُهُ لَمْ يُجْبَرْ: أَيْ الْعَاقِدُ (قَوْلُهُ: وَأُجْرَةُ ضَمَانِ الْمَغْصُوبِ) وَيَقْلَعُ غَرْسَ وَبِنَاءَ الْمُشْتَرِي هُنَا مَجَّانًا عَلَى مَا فِي مَوْضِعٍ مِنْ فَتَاوَى الْبَغَوِيّ مُعْتَمَدٌ وَرَجَّحَهُ جَامِعُهَا، لَكِنَّ صَرِيحَ مَا رَجَّحَهُ الشَّيْخَانِ مِنْ رُجُوعِ مُشْتَرٍ مِنْ غَاصِبٍ بِالْأَرْشِ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ بِهِ هُنَا عَلَى الْبَائِعِ بِالْأَوْلَى لِعُذْرِهِ مَعَ شُبْهَةِ إذْنِ الْمَالِكِ ظَاهِرًا فَأَشْبَهَ الْمُسْتَعِيرَ اهـ شَرْحُ حَجّ. وَكَتَبَ سم عَلَى قَوْلِهِ مَجَّانًا ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا، وَقَوْلُهُ الْآتِي بِعُذْرِهِ يَقْتَضِي أَنَّهُ فِي الْجَاهِلِ اهـ. أَقُولُ: وَقَوْلُهُ بِالْأَوْلَى قَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ بِأَنَّ التَّغْرِيرَ مُحَقَّقٌ مِنْ الْغَاصِبِ، وَلَا كَذَلِكَ هُنَا لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْفَسَادُ نَشَأَ مِنْ تَقْصِيرِ الْمُشْتَرِي.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ مَعَ عِلْمِهِ بِالْفَسَادِ) أَيْ إذَا كَانَ عَلَى وَجْهٍ يَقُولُ بِالْمِلْكِ مَعَهُ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ عَلَى مَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُعْلِمَهُ وَالثَّمَنُ إلَخْ (قَوْلُهُ: مِمَّا لَا يُمْلَكُ) اُنْظُرْ مَا ضَابِطُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ (قَوْلُهُ: فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ) أَيْ فَإِنَّهُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

حَاصِلُ كَلَامِهِ (قَوْلُهُ: حَطَبًا عَلَى دَابَّةٍ) أَيْ مَثَلًا

ص: 451