المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[الخلطة في الزكاة] - نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج - جـ ٣

[الرملي، شمس الدين]

فهرس الكتاب

- ‌فَصْلٌ فِي دَفْنِ الْمَيِّتِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ

- ‌[اللَّحْدُ أَفْضَلُ مِنْ الشَّقِّ]

- ‌لَا يُدْفَنُ اثْنَانِ فِي قَبْرٍ)

- ‌[الْجُلُوس عَلَى الْقَبْرِ]

- ‌[التَّعْزِيَةُ لِأَهْلِ الْمَيِّتِ سُنَّةٌ]

- ‌[يَحْرُمُ النَّدْبُ وَالنَّوْحُ]

- ‌[الْبُكَاءُ عَلَى الْمَيِّتِ قَبْلَ الْمَوْتِ]

- ‌[اتِّبَاعُ الْمُسْلِمِ جِنَازَةَ قَرِيبِهِ الْكَافِرِ]

- ‌[لَا يَحْمِلُ الْجِنَازَةَ إلَّا الرِّجَالُ]

- ‌[اللَّغَطُ فِي سَيْرِ الْجِنَازَةِ]

- ‌[شُرُوطُ صِحَّةِ صَلَاةِ الْجِنَازَة]

- ‌[الدَّفْنُ بِالْمَقْبَرَةِ أَفْضَلُ مِنْ الدَّفْنُ بِالْبَيْتِ]

- ‌[الْمَبِيتُ بِالْمَقْبَرَةِ]

- ‌[الدَّفْنُ لَيْلًا]

- ‌[تَجْصِيصُ الْقَبْرِ وَالْبِنَاءُ عَلَيْهِ وَالْكِتَابَةُ عَلَيْهِ]

- ‌[زِيَارَةُ قُبُورِ الْمُسْلِمِينَ لِلرِّجَالِ]

- ‌[نَقْلُ الْمَيِّتِ قَبْلَ دَفْنِهِ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ آخَرَ]

- ‌كِتَابُ الزَّكَاةِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الْحَيَوَانِ

- ‌[الشَّرْطُ الْأَوَّلُ النَّعَم]

- ‌[الشَّرْطِ الثَّانِي النِّصَابُ]

- ‌فَصْلٌ فِي بَيَانِ كَيْفِيَّةِ الْإِخْرَاجِ لِمَا مَرَّ وَبَعْضِ شُرُوطِ الزَّكَاةِ

- ‌ أَسْبَابِ النَّقْصِ فِي الزَّكَاةِ

- ‌[الْخُلْطَةِ فِي الزَّكَاة]

- ‌بَابُ زَكَاةِ النَّبَاتِ

- ‌[نِصَابُ الْقُوتُ الَّذِي تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ]

- ‌ خَرْصُ الثَّمَرِ)

- ‌[شَرْطُ الْخَارِصِ]

- ‌بَابُ زَكَاةِ النَّقْدِ

- ‌[يُحَرَّمُ عَلَى الرَّجُلِ وَالْخُنْثَى حُلِيُّ الذَّهَبِ]

- ‌[تَحْلِيَةِ الْمُصْحَفِ بِالذَّهَبِ]

- ‌شَرْطُ زَكَاةِ النَّقْدِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الْمَعْدِنِ وَالرِّكَازِ وَالتِّجَارَةِ

- ‌[يُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الْمَعْدِن]

- ‌الرِّكَازِ

- ‌[شَرْطُ الرِّكَاز]

- ‌فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ زَكَاةِ التِّجَارَةِ

- ‌(شَرْطُ وُجُوبِ زَكَاةِ التِّجَارَةِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ

- ‌[تَأْخِيرَ زَكَاةِ الْفِطْرِ إلَى مَا بَعْدَ صَلَاةِ الْعِيدِ]

- ‌[يَلْزَمُهُ فِطْرَةُ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ]

- ‌(مَنْ أَيْسَرَ) بِبَعْضِ صَاعٍ وَهُوَ فِطْرَةُ الْوَاحِدِ (يَلْزَمُهُ)

- ‌[بَابُ مَنْ تَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ]

- ‌فَصْلٌ فِي أَدَاءِ الزَّكَاةِ

- ‌فَصْلٌ فِي تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ

- ‌كِتَابُ الصِّيَامِ

- ‌[إذَا الْهِلَالُ رُئِيَ بِبَلَدٍ لَزِمَ حُكْمُهُ الْبَلَدَ الْقَرِيبَ]

- ‌فَصْلٌ فِي أَرْكَانِ الصَّوْمِ

- ‌[يُسَنُّ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي شَرْطِ الصَّوْمِ]

- ‌فَصْلٌ شَرْطُ صِحَّةِ الصَّوْمِ مِنْ حَيْثُ الْفَاعِلِ وَالْوَقْتِ

- ‌فَصْلٌ فِي شُرُوطِ وُجُوبِ صَوْمِ رَمَضَانَ وَمَا يُبِيحُ تَرْكَ صَوْمِهِ

- ‌فَصْلٌ فِي فِدْيَةِ الصَّوْمِ الْوَاجِبِ

- ‌فَصْلٌ فِي مُوجِبِ كَفَّارَةِ الصَّوْمِ

- ‌[مَصْرِفُ فِدْيَةُ الصَّوْم]

- ‌بَابُ صَوْمِ التَّطَوُّعِ

- ‌ صَوْمُ يَوْمِ (عَرَفَةَ)

- ‌ صَوْمُ (أَيَّامِ) اللَّيَالِي (الْبِيضِ)

- ‌ صَوْمُ (سِتَّةٍ مِنْ شَوَّالٍ)

- ‌[صَوْمُ عَاشُورَاءَ]

- ‌(إفْرَادُ) يَوْمِ (الْجُمُعَةِ) بِالصَّوْمِ

- ‌[وَصَوْمُ الدَّهْرِ غَيْرُ الْعِيدِ]

- ‌كِتَابُ الِاعْتِكَافِ

- ‌[صَوْمُ تَطَوُّعٍ مِنْ غَيْرِ إذْنِ زَوْجِهَا وَهُوَ حَاضِرٌ]

- ‌[شُرُوطُ الْمُعْتَكِفِ]

- ‌فَصْلٌ فِي حُكْمِ الِاعْتِكَافِ الْمَنْذُورِ

- ‌[كِتَابُ الْحَجِّ]

- ‌[شُرُوط صِحَّة الْحَجّ وَالْعُمْرَة]

- ‌[شُرُوط وُجُوب الْحَجّ وَالْعُمْرَة]

- ‌[مَا يُشْتَرَطُ فِي وُجُوبِ نُسُكِ الْمَرْأَةِ]

- ‌بَابُ الْمَوَاقِيتِ لِلنُّسُكِ زَمَانًا وَمَكَانًا

- ‌[الْمِيقَات الزَّمَانِيّ]

- ‌الْمِيقَاتُ الْمَكَانِيُّ

- ‌بَابُ الْإِحْرَامِ

- ‌فَصْلٌ فِي رُكْنِ الْإِحْرَامِ وَمَا يُطْلَبُ لِلْمُحْرِمِ مِنْ الْأُمُورِ الْآتِيَةِ

- ‌[بَابُ دُخُولِ الْمُحْرِمِ مَكَّةَ]

- ‌فَصْلٌ فِيمَا يُطْلَبُ فِي الطَّوَافِ مِنْ وَاجِبَاتٍ وَسُنَنٍ

- ‌[وَاجِبَات الطَّوَاف]

- ‌[سُنَن الطَّوَاف]

- ‌فَصْلٌ فِيمَا يَخْتِمُ بِهِ الطَّوَافَ وَبَيَانُ كَيْفِيَّةِ السَّعْيِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ

- ‌(فَصْلٌ فِي الْمَبِيتِ بِالْمُزْدَلِفَةِ وَالدَّفْعِ مِنْهَا وَفِيمَا يُذْكَرُ مَعَهُمَا

- ‌ الْمَبِيتِ بِمِنًى لَيَالِيَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ

- ‌فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَرْكَانِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، وَبَيَانِ أَوْجُهِ أَدَائِهِمَا مَعَ مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ

- ‌بَابُ مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ

- ‌[مَا يَحِلّ مِنْ شجر الحرم وَمَا يحرم]

- ‌[أَنْوَاعِ الدِّمَاءِ فِي الْحَجّ]

- ‌بَابُ الْإِحْصَارِ وَالْفَوَاتِ

- ‌كِتَابُ الْبَيْعِ

- ‌[شُرُوط الْبَيْع] [

- ‌أَلْفَاظ الْبَيْع]

- ‌[يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بِالْكِنَايَةِ مَعَ النِّيَّةِ]

- ‌[شُرُوط الْعَاقِدِ]

- ‌[شِرَاء الْكَافِر الْمُصْحَف]

- ‌[شُرُوط الْمَبِيع]

- ‌[مِنْ شُرُوط الْمَبِيع طَهَارَة عَيْنه]

- ‌ مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ (النَّفْعُ)

- ‌[مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ إمْكَانُ تَسْلِيمِهِ]

- ‌ مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ (الْمِلْكُ)

- ‌ مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ (الْعِلْمُ بِهِ)

- ‌بَابُ الرِّبَا

- ‌[الْمُمَاثَلَةُ تُعْتَبَرُ فِي الْمَكِيلِ]

- ‌[بَاب الْبُيُوعِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا وَمَا يَتْبَعُهَا]

- ‌[الصُّوَر المستثناة مِنْ النَّهْي عَنْ بَيْع وَشَرْط]

- ‌[بَاعَ عَبْدًا بِشَرْطِ إعْتَاقِهِ]

- ‌فَصْلٌ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي مِنْ الْمَنْهِيَّاتِ الَّتِي لَا يَقْتَضِي النَّهْيُ فَسَادَهَا كَمَا قَالَ

- ‌[بَيْعُ الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ لِعَاصِرِ الْخَمْرِ وَالنَّبِيذِ]

- ‌فَصْلٌ فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ

- ‌[بَيْعُ الْعَرَبُونِ]

- ‌[جُمِعَ الْعَاقِدُ أَوْ الْعَقْدُ فِي صَفْقَةٍ مُخْتَلِفَيْ الْحُكْمِ]

الفصل: ‌[الخلطة في الزكاة]

الْأَزْهَرِيُّ وَالْجَوْهَرِيُّ إلَى شَهْرَيْنِ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا تُرَبِّي وَلَدَهَا (وَ) لَا (أَكُولَةٌ) وَهِيَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَضَمِّ الْكَافِ مَعَ التَّخْفِيفِ الْمُسَمَّنَةُ لِلْأَكْلِ كَمَا قَالَهُ فِي الْمُحَرَّرِ (وَ) لَا (حَامِلٌ) إذْ فِي أَخْذِهَا أَخْذُ حَيَوَانَيْنِ بِحَيَوَانٍ، وَأُلْحِقَ بِهَا فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْأَصْحَابِ الَّتِي طَرَقَهَا الْفَحْلُ لِغَلَبَةِ حَمْلِ الْبَهَائِمِ مِنْ مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ بِخِلَافِ الْآدَمِيَّاتِ، وَإِنَّمَا لَمْ تُجْزِ فِي الْأُضْحِيَّةِ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَهَا اللَّحْمُ وَلَحْمُهَا رَدِيءٌ وَهُنَا مُطْلَقُ الِانْتِفَاعِ، وَهُوَ بِالْحَامِلِ أَكْثَرُ لِزِيَادَةِ ثَمَنِهَا غَالِبًا، وَالْحَمْلُ إنَّمَا يَكُونُ عَيْبًا فِي الْآدَمِيَّاتِ (وَ) لَا (خِيَارٌ) عَامٌّ بَعْدَ خَاصٍّ، وَيَظْهَرُ ضَبْطُهُ بِأَنْ يَزِيدَ قِيمَةُ بَعْضِهَا بِوَصْفٍ آخَرَ غَيْرَ مَا ذُكِرَ عَلَى قِيمَةِ كُلٍّ مِنْ الْبَاقِيَاتِ، وَأَنَّهُ لَا عِبْرَةَ هُنَا بِزِيَادَةٍ لِأَجْلِ نَحْوِ نِطَاحٍ، وَأَنَّهُ إذَا وُجِدَ وَصْفٌ مِنْ أَوْصَافِ الْخِيَارِ الَّتِي ذَكَرُوهَا لَا يُعْتَبَرُ مَعَهُ زِيَادَةُ قِيمَةٍ وَلَا عَدَمُهَا وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم لِمُعَاذٍ «إيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ» وَلِقَوْلِ عُمَرَ رضي الله عنه: وَلَا تُؤْخَذُ الْأَكُولَةُ وَلَا الرُّبَّى وَلَا الْمَاخِضُ: أَيْ الْحَامِلُ، وَلَا فَحْلُ الْغَنَمِ.

نَعَمْ لَوْ كَانَتْ مَاشِيَتُهُ كُلُّهَا كَذَلِكَ أُخِذَ مِنْهَا إلَّا الْحَوَامِلَ فَلَا يُطَالَبُ بِحَامِلٍ مِنْهَا لِمَا مَرَّ كَمَا نَقَلَهُ الْإِمَامُ عَنْ صَاحِبِ التَّقْرِيبِ وَارْتَضَاهُ وَاسْتَحْسَنَهُ (إلَّا بِرِضَا الْمَالِكِ) فِي الْجَمِيعِ؛ لِأَنَّهُ مُحْسِنٌ بِالزِّيَادَةِ، قَالَ تَعَالَى {مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ} [التوبة: 91]

ثُمَّ شَرَعَ فِي الْخُلْطَةِ وَهِيَ نَوْعَانِ: خُلْطَةُ شَرِكَةٍ، وَيُعَبَّرُ عَنْهَا بِخُلْطَةِ الْأَعْيَانِ وَالشُّيُوعِ، وَخُلْطَةُ جِوَارٍ.

وَقَدْ شَرَعَ فِي الْأَوَّلِ فَقَالَ (وَلَوْ اشْتَرَكَ أَهْلُ الزَّكَاةِ) أَيْ اثْنَانِ مِنْ أَهْلِهَا كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ زَكَّيَا، وَإِطْلَاقُ أَهْلٍ عَلَى الِاثْنَيْنِ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّهُ اسْمُ جِنْسٍ وَهَذَا مِثَالٌ (فِي مَاشِيَةٍ) مِنْ جِنْسٍ بِشِرَاءٍ أَوْ إرْثٍ أَوْ غَيْرِهِ وَهِيَ نِصَابٌ أَوْ أَقَلُّ، وَلِأَحَدِهِمَا نِصَابٌ أَوْ أَكْثَرُ وَدَامَ ذَلِكَ (زَكَّيَا كَرَجُلٍ) وَاحِدٍ إذْ خُلْطَةُ الْجِوَارِ تُفِيدُ ذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي فَخُلْطَةُ الْأَعْيَانِ أَوْلَى،

ــ

[حاشية الشبراملسي]

بِالْكَسْرِ اهـ عَلَى مَنْهَجٍ.

وَقَوْلُهُ شَاةً كَانَتْ أَوْ نَاقَةً أَوْ بَقَرَةً زَادَ حَجّ: وَإِنْ اخْتَلَفَ أَهْلُ اللُّغَةِ فِي إطْلَاقِهَا عَلَى الثَّلَاثَةِ (قَوْلُهُ: وَالْجَوْهَرِيُّ إلَى شَهْرَيْنِ) أَيْ وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ إلَخْ: قَالَ حَجّ: وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِكَوْنِهَا تُسَمَّى حَدِيثَةً عُرْفًا؛ لِأَنَّهُ الْمُنَاسِبُ لِنَظَرِ الْفُقَهَاءِ (قَوْلُهُ: وَلَا حَامِلٌ) أَيْ وَلَوْ بِغَيْرِ مَأْكُولٍ اهـ سم، وَظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ غَيْرُ الْمَأْكُولِ نَجِسًا كَمَا لَوْ نَزَا خِنْزِيرٌ عَلَى بَقَرَةٍ فَحَمَلَتْ مِنْهُ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ فِي أَخْذِهَا الِاخْتِصَاصَ بِمَا فِي جَوْفِهَا (قَوْلُهُ: الَّتِي طَرَقَهَا الْفَحْلُ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمَحَلُّهُ إنْ لَمْ تَدُلَّ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّهَا لَمْ تَحْمِلْ مِنْهُ (قَوْلُهُ: لِغَلَبَةِ حَمْلِ الْبَهَائِمِ) وَبَقِيَ مَا لَوْ دَفَعَ حَائِلًا فَتَبَيَّنَ حَمْلُهَا هَلْ يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ فَيَسْتَرِدُّهَا (قَوْلُهُ غَيْرَ مَا ذَكَرَ) أَيْ مِنْ الرُّبَّى وَالْأَكُولَةِ وَالْحَامِلِ (قَوْلُهُ: وَلِقَوْلِ عُمَرَ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ مَا فِيهِ هَذِهِ الْأَوْصَافُ مِنْ الْكَرَائِمِ (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ كَمَا نَقَلَهُ الْإِمَامُ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ إذْ فِي أَخْذِهَا أَخْذُ حَيَوَانَيْنِ بِحَيَوَانٍ (قَوْلُهُ: إلَّا بِرِضَا الْمَالِكِ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ فِي الرُّبَّى إذَا اسْتَغْنَى الْوَلَدُ عَنْهَا، وَإِلَّا فَلَا لِحُرْمَةِ التَّفْرِيقِ حِينَئِذٍ

(قَوْلُهُ: وَلَوْ اشْتَرَكَ أَهْلُ الزَّكَاةِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ بَيْنَهُمَا مَالٌ مَمْلُوكٌ لَهُمَا سَوَاءٌ كَانَ بِاشْتِرَاكٍ مِنْهُمَا بِعَقْدٍ أَوْ لَا كَأَنْ وَرِثَاهُ.

(قَوْلُهُ: وَهِيَ) أَيْ مَاشِيَتُهُ (قَوْلُهُ: وَلِأَحَدِهِمَا نِصَابٌ أَوْ أَكْثَرُ) كَمَا لَوْ اشْتَرَكَا فِي عِشْرِينَ شَاةً مَثَلًا وَلِأَحَدِهِمَا مَا يَبْلُغُ بِهِ مَالُهُ نِصَابًا فَأَكْثَرَ كَأَنْ تَمَيَّزَ بِثَلَاثِينَ غَيْرِ الْعَشَرَةِ الْمَخْلُوطَةِ، وَبِذَلِكَ صَرَّحَ حَجّ حَيْثُ قَالَ: وَقَدْ تُفِيدُ تَثْقِيلًا عَلَى أَحَدِهِمَا وَتَخْفِيفًا عَلَى الْآخَرِ كَسِتِّينَ لِأَحَدِهِمَا ثُلُثَاهَا، وَكَأَنْ اُشْتُرِكَ فِي عِشْرِينَ مُنَاصَفَةً وَلِأَحَدِهِمَا ثَلَاثُونَ انْفَرَدَ بِهَا فَيَلْزَمُهُ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ شَاةٍ وَالْآخَرُ خُمُسُ شَاةٍ اهـ.

وَسَتَأْتِي الْإِشَارَةُ إلَيْهِ فِي قَوْلِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَيَظْهَرُ ضَبْطُهُ بِأَنْ تَزِيدَ قِيمَةُ بَعْضِهَا بِوَصْفٍ آخَرَ غَيْرِ مَا ذُكِرَ) لَعَلَّ هُنَا سَقْطًا فِي نُسَخِ الشَّارِحِ وَإِلَّا فَهَذَا لَا يُلَائِمُ كَوْنَهُ مِنْ الْعَامِّ بَعْدَ الْخَاصِّ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: عَامٌّ بَعْدَ خَاصٍّ، كَذَا قِيلَ وَهُوَ غَيْرُ مُتَّجَهٍ بَلْ هُوَ مُغَايِرٌ، وَالْمُرَادُ وَخِيَارٌ بِوَصْفٍ آخَرَ غَيْرِ مَا ذُكِرَ، وَحِينَئِذٍ فَيَظْهَرُ ضَبْطُهُ بِأَنْ تَزِيدَ قِيمَةُ بَعْضِهَا إلَى آخِرِ مَا فِي الشَّارِحِ

[الْخُلْطَةِ فِي الزَّكَاة]

(قَوْلُهُ: وَلِأَحَدِهِمَا نِصَابٌ أَوْ أَكْثَرُ) أَيْ وَلَوْ بِالْمَخْلُوطِ وَهُوَ فِي صُورَةِ الْأَقَلِّ فَقَطْ

ص: 59

وَهَذِهِ الشَّرِكَةُ قَدْ تُفِيدُ تَخْفِيفًا كَالِاشْتِرَاكِ فِي ثَمَانِينَ عَلَى السَّوَاءِ أَوْ تَثْقِيلًا كَالِاشْتِرَاكِ فِي أَرْبَعِينَ أَوْ تَخْفِيفًا عَلَى أَحَدِهِمَا وَتَثْقِيلًا عَلَى الْآخَرِ كَأَنْ مَلَكَا سِتِّينَ لِأَحَدِهِمَا ثُلُثَاهَا وَلِلْآخَرِ ثُلُثُهَا، وَقَدْ لَا تُفِيدُ شَيْئًا كَمِائَتَيْنِ عَلَى السَّوَاءِ وَتَأْتِي هَذِهِ الْأَقْسَامُ فِي خُلْطَةِ الْجِوَارِ أَيْضًا، وَهِيَ الثَّانِي الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ فَقَالَ (وَكَذَا لَوْ خُلِطَا مُجَاوَرَةً) لِجَوَازِ ذَلِكَ بِالْإِجْمَاعِ وَلِخَبَرِ أَنَسٍ «وَلَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ» نَهَى الْمَالِكَ عَنْ كُلٍّ مِنْ التَّفْرِيقِ وَالْجَمْعِ خَشْيَةَ وُجُوبِهَا أَوْ كَثْرَتِهَا، وَنَهَى السَّاعِيَ عَنْهُمَا خَشْيَةَ سُقُوطِهَا أَوْ قِلَّتِهَا، وَالْخَبَرُ ظَاهِرٌ فِي الْجِوَارِ وَمِثْلُهَا الشُّيُوعُ وَأَوْلَى، وَيُسَمَّى هَذَا النَّوْعُ خُلْطَةَ جِوَارٍ وَخُلْطَةَ أَوْصَافٍ، وَنَبَّهَ بِقَوْلِهِ أَهْلُ الزَّكَاةِ عَلَى أَنَّهُ قَيْدٌ فِي الْخَلِيطَيْنِ، فَلَوْ كَانَ أَحَدُ الْمَالَيْنِ مَوْقُوفًا أَوْ لِذِمِّيٍّ أَوْ مُكَاتَبٍ أَوْ لِبَيْتِ الْمَالِ لَمْ تُؤَثِّرْ الْخُلْطَةُ شَيْئًا بَلْ يُعْتَبَرُ نَصِيبُ مَنْ هُوَ مِنْ أَهْلِ الزَّكَاةِ إنْ بَلَغَ نِصَابًا زَكَّاهُ زَكَاةَ الْمُنْفَرِدِ وَإِلَّا فَلَا زَكَاةَ، وَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ اعْتِبَارُ كَوْنِ الْمَالَيْنِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ، لَا غَنَمٍ مَعَ بَقَرٍ، وَكَوْنِ مَجْمُوعِ الْمَالَيْنِ نِصَابًا فَأَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ وَلِأَحَدِهِمَا نِصَابٌ فَأَكْثَرُ، فَلَوْ مَلَكَ كُلٌّ مِنْهُمَا عِشْرِينَ مِنْ الْغَنَمِ فَخُلِطَ تِسْعَةَ عَشَرَ بِمِثْلِهَا، وَتَرَكَا شَاتَيْنِ مُنْفَرِدَتَيْنِ فَلَا خُلْطَةَ وَلَا زَكَاةَ.

وَدَوَامُ الْخُلْطَةِ سَنَةً إنْ كَانَ الْمَالُ حَوْلِيًّا، فَلَوْ مَلَكَ كُلٌّ مِنْهُمَا أَرْبَعِينَ شَاةً فِي أَوَّلِ الْمُحَرَّمِ، وَخُلِطَا فِي أَوَّلِ صَفَرٍ فَالْجَدِيدُ أَنَّهُ لَا خُلْطَةَ فِي الْحَوْلِ الْأَوَّلِ، بَلْ إذَا جَاءَ الْمُحَرَّمُ وَجَبَ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا شَاةٌ، وَتَثْبُتُ الْخُلْطَةُ فِي الْحَوْلِ الثَّانِي وَمَا بَعْدَهُ.

فَإِنْ اخْتَلَّ شَرْطٌ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يُؤَثِّرْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَوْلِيًّا اُشْتُرِطَ بَقَاؤُهَا إلَى زَهْوِ الثِّمَارِ وَاشْتِدَادِ الْحَبِّ فِي النَّبَاتِ

وَإِنَّمَا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي شَرِكَةِ الْمُجَاوَرَةِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الشَّارِحِ: وَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ اعْتِبَارُ كَوْنِ الْمَالَيْنِ إلَخْ

1 -

(قَوْلُهُ: وَهِيَ الثَّانِي) أَيْ النَّوْعُ الثَّانِي (قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ خُلِطَا مُجَاوَرَةً) وَيَنْبَغِي لِلْوَلِيِّ أَنْ يَفْعَلَ بِمَالِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ مَا فِيهِ لِمَصْلَحَةٍ لَهُ مِنْ الْخُلْطَةِ وَعَدَمِهَا قِيَاسًا عَلَى مَا سَيَأْتِي فِي الْأُسَامَةِ، وَبَقِيَ مَا لَوْ اخْتَلَفَتْ عَقِيدَةُ الْوَلِيِّ وَالْمُوَلَّى عَلَيْهِ فَهَلْ يُرَاعِي عَقِيدَةَ نَفْسِهِ أَوْ عَقِيدَةَ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ، وَكَذَا لَوْ اخْتَلَفَتْ عَقِيدَتُهُ وَعَقِيدَةُ شَرِيكِهِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ فَكُلٌّ مِنْهُمَا يَعْمَلُ بِعَقِيدَتِهِ، فَلَوْ خَلَطَ شَافِعِيٌّ عِشْرِينَ شَاةً بِعِشْرِينَ شَاةً بِمِثْلِهَا لِصَبِيٍّ حَنَفِيٍّ وَجَبَ عَلَى الشَّافِعِيِّ نِصْفُ شَاةٍ عَمَلًا بِعَقِيدَتِهِ دُونَ الْحَنَفِيِّ (قَوْلُهُ: نَهَى الْمَالِكُ عَنْ كُلٍّ مِنْ التَّفْرِيقِ وَالْجَمْعِ خَشْيَةَ وُجُوبِهَا) قَالَ الْعَلَّامَةُ الْحَلَبِيُّ: لَا يَتَأَتَّى الْجَمْعُ خَشْيَةَ الْوُجُوبِ اهـ.

ثُمَّ رَأَيْت بِهَامِشٍ صَحِيحٍ مُعْتَمَدٍ فَائِدَةً: مَعْنَى قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ لَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ إلَخْ كَانَ النَّاسُ فِي الْحَيِّ أَوْ فِي الْقَرْيَةِ إذَا عَلِمُوا أَنَّ الْمُصَدِّقَ يَقْصِدُهُمْ لِيَأْخُذَ صَدَقَاتِهِمْ فَيَكُونُ مَثَلًا ثَلَاثَةَ أَنْفُسٍ فَيَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدٍ أَرْبَعُونَ شَاةً فَيَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: تَعَالَوْا حَتَّى نَخْتَلِطَ بِهَا، فَيَقُولُونَ نَحْنُ ثَلَاثُ خُلَطَاءَ لَنَا عِشْرُونَ وَمِائَةُ شَاةٍ فَيَأْخُذُ الْمُصَدِّقُ مِنْهُمْ شَاةً وَاحِدَةً، فَقَدْ نَقَصُوا الْمَسَاكِينَ شَاتَيْنِ، لِأَنَّهُمْ لَوْ تَرَكُوهَا عَلَى حَالِهَا لَوَجَبَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ شَاةٌ فَنُهُوا عَنْ هَذَا الْفِعْلِ، فَهَذَا مَعْنَى لَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ مَخَافَةَ الصَّدَقَةِ أَنْ تَكْثُرَ عَلَيْهِمْ.

وَقَوْلُهُ وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمَعٍ هَذَا خِطَابٌ لِعَامِلِ الصَّدَقَةِ، قِيلَ لَهُ إذَا كَانُوا خُلَطَاءَ اثْنَانِ لَهُمَا ثَمَانُونَ شَاةً يَجِبُ عَلَيْهِمَا شَاةٌ وَاحِدَةٌ لَا يُفَرِّقُهَا عَلَيْهِمَا فَيَقُولُ إذَا فَرَّقْتهَا عَلَيْهِمَا أَخَذْت مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ شَاةً، فَأَمَرَ كُلَّ وَاحِدٍ أَنْ يُدِيمَ الشَّيْءَ عَلَى حَالِهِ وَيَتَّقِيَ اللَّهَ عز وجل انْتَهَى.

أَقُولُ: لَكِنْ مَا ذَكَرَهُ مِنْ قَوْلِهِ لِأَنَّهُمْ لَوْ تَرَكُوهَا عَلَى حَالِهَا لَوَجَبَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ شَاةٌ الْجَمْعُ عَلَيْهِ إنَّمَا يُفِيدُ تَقْلِيلَ الْوُجُوبِ لَا إسْقَاطَهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ خَشْيَةَ الْوُجُوبِ فِي الْجُمْلَةِ لَا خُصُوصَ الْإِسْقَاطِ (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ) أَيْ فِي قَوْلِهِ مِنْ جِنْسٍ بِشِرَاءٍ أَوْ إرْثٍ أَوْ غَيْرِهِ وَهِيَ نِصَابٌ أَوْ أَقَلُّ (قَوْلُهُ: لَا غَنَمَ مَعَ بَقَرٍ) أَيْ بِخِلَافِ ضَأْنٍ مَعَ مَعْزٍ لِعَدَمِ اخْتِلَافِ الْجِنْسِ (قَوْلُهُ: وَتَثْبُتُ الْخُلْطَةُ فِي الْحَوْلِ الثَّانِي وَمَا بَعْدَهُ) أَيْ مِنْ أَوَّلِ الْمُحَرَّمِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: لِجَوَازِ ذَلِكَ بِالْإِجْمَاعِ) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ كَوْنِ هَذَا تَعْلِيلًا لِوُجُوبِ الزَّكَاةِ كَرَجُلٍ فِي خُلْطَةِ الْجِوَارِ (قَوْلُهُ: نَهَى الْمَالِكُ إلَخْ) وَعَلَيْهِ فَيَخْتَلِفُ تَقْدِيرُ الْمُضَافِ بِاخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ الْأَرْبَعَةِ الْآتِيَةِ

ص: 60

(بِشَرْطِ أَنْ لَا يَتَمَيَّزَ) مَاشِيَةُ أَحَدِهِمَا عَنْ مَاشِيَةِ الْآخَرِ (فِي الْمَشْرَعِ) وَهُوَ مَوْضِعُ شُرْبِ الْمَاشِيَةِ، وَلَا فِي الْمَكَانِ الَّذِي تُوقَفُ فِيهِ عِنْدَ إرَادَةِ سَقْيِهَا، وَلَا فِي الَّذِي تُنَحَّى إلَيْهِ لِيَشْرَبَ غَيْرُهَا (وَ) لَا فِي (الْمَسْرَحِ) وَهُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي تَجْتَمِعُ فِيهِ ثُمَّ تُسَاقُ إلَى الْمَرْعَى، وَلَا فِي الْمَرْعَى وَهُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي تَرْعَى فِيهِ، وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا اتِّحَادُ الْمَمَرِّ بَيْنَهُمَا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ (وَ) لَا فِي (الْمُرَاحِ) وَهُوَ بِضَمِّ الْمِيمِ مَأْوَاهَا لَيْلًا (وَ) لَا فِي (مَوْضِعِ الْحَلَبِ) وَهُوَ بِفَتْحِ اللَّامِ يُقَالُ لِلَّبَنِ وَلِلْمَصْدَرِ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا، وَحُكِيَ سُكُونُهَا لِأَنَّهُ إذَا تَمَيَّزَ مَالُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِشَيْءٍ لَمْ يَصِرْ ذَلِكَ كَمَالٍ وَاحِدٍ، وَالْغَرَضُ مِنْ الْخُلْطَةِ صَيْرُورَتُهُمَا كَمَالٍ وَاحِدٍ لِخِفَّةِ الْمُؤْنَةِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ كَمَا قَالَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُمَا إلَّا مَشْرَعٌ أَوْ مَرْعًى أَوْ مُرَاحٌ وَاحِدٌ بِالذَّاتِ بَلْ لَا بَأْسَ بِتَعَدُّدِهَا، وَلَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ لَا تُخَصَّ مَاشِيَةُ هَذَا بِمُرَاحٍ وَمَشْرَعٍ وَمَاشِيَةُ الْآخَرِ بِمُرَاحٍ وَمَشْرَعٍ (وَكَذَا) يُشْتَرَطُ (اتِّحَادُ الرَّاعِي وَالْفَحْلِ فِي الْأَصَحِّ) لِخَبَرِ «وَالْخَلِيطَانِ مَا اجْتَمَعَا فِي الْمَرْعَى وَالْفَحْلِ وَالرَّاعِي» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ، وَيَجُوزُ تَعَدُّدُ الرُّعَاةِ قَطْعًا بِشَرْطِ عَدَمِ انْفِرَادِ كُلٍّ بِرَاعٍ.

وَالْمُرَادُ بِالِاتِّحَادِ أَنْ يَكُونَ الْفَحْلُ أَوْ الْفُحُولُ مُرْسَلَةً فِيهَا تَنْزُو عَلَى كُلٍّ مِنْ الْمَاشِيَتَيْنِ بِحَيْثُ لَا تَخْتَصُّ مَاشِيَةُ كُلٍّ بِفَحْلٍ عَنْ مَاشِيَةِ الْآخَرِ وَإِنْ كَانَتْ مِلْكًا لِأَحَدِهِمَا أَوْ مُعَارَةً لَهُ أَوْ لَهُمَا إلَّا إذَا اخْتَلَفَ النَّوْعُ كَضَأْنٍ وَمَعْزٍ فَلَا يَضُرُّ اخْتِلَافُهُ جَزْمًا لِلضَّرُورَةِ، وَيُشْتَرَطُ اتِّحَادُ مَكَانِ الْإِنْزَاءِ كَالْحَلَبِ، وَلَوْ افْتَرَقَتْ مَاشِيَتُهُمَا زَمَنًا طَوِيلًا وَلَوْ مِنْ غَيْرِ قَصْدِ ضُرٍّ، فَإِنْ كَانَ يَسِيرًا وَلَمْ يَعْلَمَا بِهِ لَمْ يَضُرَّ، فَإِنْ عَلِمَا بِهِ وَأَقَرَّاهُ أَوْ قَصَدَا ذَلِكَ أَوْ عَلِمَهُ أَحَدُهُمَا فَقَطْ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ ضَرَّ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ فِي الرَّاعِي وَالْفَحْلِ يُنْظَرُ إلَى أَنَّ الِافْتِرَاقَ فِيهِمَا لَا يَرْجِعُ إلَى نَفْسِ الْمَالِ بِخِلَافِهِ فِيمَا قَبْلَهُمَا، وَفُهِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ اتِّحَادُ الْحَالِبِ وَلَا الْإِنَاءِ الَّذِي يُحْلَبُ فِيهِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ، كَمَا لَا يُشْتَرَطُ اتِّحَادُ آلَةِ الْجَزِّ وَلَا خُلْطَةُ اللَّبَنِ فِي الْأَصَحِّ (لَا نِيَّةُ الْخُلْطَةِ فِي الْأَصَحِّ) إذْ مُقْتَضَى تَأْثِيرِ الْخُلْطَةِ مِنْ خِفَّةِ الْمُؤْنَةِ حَاصِلٌ وَإِنْ لَمْ تُنْوَ.

وَالثَّانِي تُشْتَرَطُ؛ لِأَنَّ الْخُلْطَةَ مُغَيِّرَةٌ لِمِقْدَارِ الزَّكَاةِ فَلَا بُدَّ مِنْ قَصْدِهِ دَفْعًا لِضَرَرِهِ فِي الزِّيَادَةِ وَضَرَرِ الْفُقَرَاءِ فِي النُّقْصَانِ، ثُمَّ مَحَلُّ مَا تَقَدَّمَ حَيْثُ لَمْ يَتَقَدَّمْ لِلْخَلِيطَيْنِ حَالَةَ انْفِرَادٍ، فَإِنْ انْعَقَدَ الْحَوْلُ عَلَى الِانْفِرَادِ، ثُمَّ طَرَأَتْ الْخُلْطَةُ فَإِنْ اتَّفَقَ حَوْلَاهُمَا بِأَنْ مَلَكَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَرْبَعِينَ شَاةً ثُمَّ خُلِطَا فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ لَمْ تَثْبُتْ الْخُلْطَةُ فِي السَّنَةِ الْأُولَى، فَيَجِبُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ عِنْدَ تَمَامِهَا شَاةٌ، وَإِنْ اخْتَلَفَ حَوْلَاهُمَا كَأَنْ مَلَكَ هَذَا غُرَّةَ الْمُحَرَّمِ وَهَذَا غُرَّةَ صَفَرٍ وَخُلِطَا غُرَّةَ شَهْرِ رَبِيعٍ فَعَلَى كُلِّ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: اتِّحَادُ الْمَمَرِّ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ الْمَسْرَحِ وَالْمَرْعَى لَا بَيْنَ الْمَشْرَعِ وَالْمَسْرَحِ (قَوْلُهُ: رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ) وَضَعْفُهُ لَا يَمْنَعُ مِنْ مَقْصُودِ الشَّارِحِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهِ الِاسْتِدْلَالَ عَلَى أَصْلِ الْخُلْطَةِ بَلْ الدَّلِيلُ بَلْ أَصْلُهَا الْإِجْمَاعُ وَعَلَى اعْتِبَارِ الشُّرُوطِ مَا يُحَقِّقُ خِفَّةَ الْمُؤْنَةِ، وَهِيَ إنَّمَا تَحْصُلُ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ تَعَدُّدُ الرُّعَاةِ) قَالَ فِي مُخْتَارِ الصِّحَاحِ: وَجَمْعُ الرَّاعِي رُعَاةٌ كَقَاضٍ وَقُضَاةٌ وَرُعْيَانٌ كَشَابٍّ وَشُبَّانٍ اهـ أَيْ وَيُجْمَعُ أَيْضًا عَلَى رِعَاءٍ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ} [القصص: 23] الْآيَةَ، وَصَرَّحَ بِهِ فِي الصِّحَاحِ وَالْقَامُوسِ، وَزَادَ فِي الْقَامُوسِ: وَرَعَاءٌ بِالْفَتْحِ قَالَا وَبِالضَّمِّ اسْمُ جَمْعٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ افْتَرَقَتْ مَاشِيَتُهُمَا زَمَنًا طَوِيلًا) وَهُوَ الزَّمَانُ الَّذِي لَا تَصِيرُ فِيهِ الْمَاشِيَةُ عَلَى تَرْكِ الْعَلَفِ بِلَا ضَرَرٍ بَيِّنٍ (قَوْلُهُ: وَفُهِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يُتَعَرَّضْ لَهُ (قَوْلُهُ: كَمَا لَا يُشْتَرَطُ اتِّحَادُ آلَةِ الْجَزِّ) وَكَذَا لَا يُشْتَرَطُ اتِّحَادُ الْجِزَازِ قِيَاسًا عَلَى الْحَالِبِ، وَلَا خُلْطَةُ الصُّوفِ قِيَاسًا عَلَى خُلْطَةِ اللَّبَنِ وَقِيَاسُ اشْتِرَاطِ اتِّحَادِ مَوْضِعِ الْحَلْبِ اشْتَرَطَ اتِّحَادَ مَوْضِعِ الْجَزِّ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: يَنْظُرُ إلَى أَنَّ الِافْتِرَاقَ فِيهِمَا لَا يَرْجِعُ إلَى نَفْسِ الْمَالِ) أَيْ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ افْتِرَاقُ الْمَالِ إذْ هُوَ مَخْلُوطٌ بِالْفِعْلِ، بِخِلَافِ نَحْوِ الْمَسْرَحِ يَلْزَمُ مِنْ اخْتِلَافِهِ افْتِرَاقُ عَيْنِ الْمَالِ إذْ يَصِيرُ كُلُّ مَالٍ فِي مَسْرَحٍ عَلَى حِدَةٍ

ص: 61

وَاحِدَةٍ عِنْدَ انْقِضَاءِ حَوْلِهِ شَاةٌ، وَإِذَا طَرَأَ الِانْفِرَادُ عَلَى الْخُلْطَةِ فَمَنْ بَلَغَ مَالُهُ نِصَابًا زَكَّاهُ وَمَنْ لَا فَلَا، وَلَمْ يُبَيِّنْ الْمُصَنِّفُ حُكْمَ التَّرَاجُعِ.

وَحَاصِلُهُ جَوَازُ أَخْذِ السَّاعِي مِنْ مَالِ أَحَدِ الْخَلِيطَيْنِ وَإِنْ لَمْ يُضْطَرَّ إلَيْهِ، فَإِذَا أَخَذَ شَاةً مَثَلًا مِنْ أَحَدِهِمَا رَجَعَ عَلَى صَاحِبِهِ بِمَا يَخُصُّهُ مِنْ قِيمَتِهَا لَا مِنْهَا؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مِثْلِيَّةٍ، فَلَوْ خَلَطَا مِائَةً بِمِائَةٍ وَأَخَذَ السَّاعِي شَاتَيْنِ مِنْ أَحَدِهِمَا رَجَعَ عَلَى صَاحِبِهِ بِنِصْفِ قِيمَتِهِمَا لَا بِقِيمَةِ نِصْفِهِمَا وَلَا بِشَاةٍ وَلَا بِنِصْفَيْ شَاتَيْنِ، فَإِذَا أَخَذَ مِنْ كُلٍّ شَاةً فَلَا تَرَاجُعَ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ قِيمَتُهُمَا فَلَوْ كَانَ لِزَيْدٍ ثَلَاثُونَ وَلِعَمْرٍو عَشْرٌ فَأَخَذَ الشَّاةَ مِنْ عَمْرٍو وَرَجَعَ عَلَى زَيْدٍ بِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ قِيمَتِهَا أَوْ أَخَذَهَا مِنْ زَيْدٍ رَجَعَ عَلَى عَمْرٍو بِالرُّبْعِ، وَإِنْ كَانَ لِزَيْدٍ مِائَةٌ وَلِعَمْرٍو خَمْسُونَ فَأَخَذَ السَّاعِي الشَّاتَيْنِ مِنْ عَمْرٍو رَجَعَ عَلَى زَيْدٍ بِثُلُثَيْ قِيمَتِهِمَا أَوْ مِنْ زَيْدٍ رَجَعَ بِالثُّلُثِ، وَإِنْ أَخَذَ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا شَاةً رَجَعَ زَيْدٌ بِثُلُثِ قِيمَةِ شَاتِه وَعَمْرٌو بِثُلُثَيْ قِيمَةِ شَاتِهِ، وَإِنْ تَنَازَعَا فِي قِيمَةِ الْمَأْخُوذِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَرْجُوعِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ غَارِمٌ وَقَدْ يَقَعُ التَّقَاصُّ وَإِنْ كَانَ لِزَيْدٍ أَرْبَعُونَ مِنْ الْبَقَرِ وَلِعَمْرٍو مِنْهَا ثَلَاثُونَ فَأَخَذَ السَّاعِي التَّبِيعَ وَالْمُسِنَّةَ مِنْ عَمْرٍو رَجَعَ بِأَرْبَعَةِ أَسْبَاعِ قِيمَتِهِمَا أَوْ مِنْ زَيْدٍ رَجَعَ بِثَلَاثَةِ أَسْبَاعِ قِيمَتِهِمَا، فَإِنْ أَخَذَ مِنْ كُلٍّ فَرْضَهُ فَلَا تَرَاجُعَ، فَإِنْ أَخَذَ التَّبِيعَ مِنْ زَيْدٍ وَالْمُسِنَّةَ مِنْ عَمْرٍو رَجَعَ عَلَى زَيْدٍ بِأَرْبَعَةِ أَسْبَاعِهَا، وَرَجَعَ عَلَيْهِ زَيْدٌ بِثَلَاثَةِ أَسْبَاعِ التَّبِيعِ، وَلَا يُعْتَبَرُ فِي الرُّجُوعِ فِيمَا ذُكِرَ إذْنُ الشَّرِيكِ الْآخَرِ فِي الدَّفْعِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْخَبَرِ السَّابِقِ.

قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَكَلَامُ الْإِمَامِ مُصَرَّحٌ بِهِ لِإِذْنِ الشَّارِعِ فِيهِ، وَلِأَنَّ الْمَالَيْنِ بِالْخُلْطَةِ صَارَا كَالْمَالِ الْمُنْفَرِدِ، وَجَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْأُسْتَاذِ قَالَ: لِأَنَّ نَفْسَ الْخُلْطَةِ مُسَلَّطَةٌ عَلَى الدَّفْعِ الْمُبْرِئِ الْمُوجِبِ لِلرُّجُوعِ.

وَقَالَ الْجُرْجَانِيُّ: لِكُلٍّ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ أَنَّهُ يُخْرِجُ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ، وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّ نِيَّةَ أَحَدِهِمَا تُغْنِي عَنْ نِيَّةِ الْآخَرِ وَأَنَّ قَوْلَ الرَّافِعِيِّ كَالْإِمَامِ فِي كِتَابِ الْحَجِّ أَنَّ مَنْ أَدَّى حَقًّا عَلَى غَيْرِهِ يَحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ بِغَيْرِ إذْنِهِ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ الْخَلِيطَيْنِ فِي الزَّكَاةِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ كَالْخَبَرِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الرُّجُوعِ بِغَيْرِ إذْنٍ بَيْنَ أَنْ يُخْرِجَ مِنْ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ وَأَنْ يُخْرِجَ مِنْ غَيْرِهِ، لَكِنْ نَقَلَ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ الْقَاضِي أَبِي مُحَمَّدٍ الْمَرْوَزِيِّ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا أُخْرِجَ مِنْ الْمُشْتَرَكِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ كَلَامَهُمْ كَالْخَبَرِ مَحْمُولٌ عَلَيْهِ، وَعِبَارَةُ الْمَجْمُوعِ: قَالَ أَصْحَابُنَا: أَخْذُ الزَّكَاةِ مِنْ مَالِ الْخَلِيطَيْنِ يَقْتَضِي التَّرَاجُعَ بَيْنَهُمَا، وَقَدْ يَقْتَضِي رُجُوعَ أَحَدِهِمَا عَلَى صَاحِبِهِ دُونَ الْآخَرِ (وَالْأَظْهَرُ)(تَأْثِيرُ خُلْطَةِ الثَّمَرِ وَالزَّرْعِ وَالنَّقْدِ وَعَرْضِ التِّجَارَةِ) بِاشْتِرَاكٍ أَوْ مُجَاوَرَةٍ كَمَا فِي الْمَاشِيَةِ لِعُمُومِ خَبَرِ «لَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ»

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: فَلَا تُرَاجَعْ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ قِيمَتُهُمَا) قِيَاسُ مَا يَأْتِي فِيمَا لَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا مِائَةٌ وَالْآخَرِ خَمْسُونَ رُجُوعُ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ بِنِصْفِ قِيمَةِ شَاةٍ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ لَمَّا أَخَذَ مِنْ عَمْرٍو فَوْقَ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ وَرَجَعَ عَلَى زَيْدٍ بِهِ سَوَّى بَيْنَهُمَا بِرُجُوعِ زَيْدٍ عَلَيْهِ أَيْضًا، بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا أَخَذَ مِنْهُ قَدْرَ حِصَّتِهِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يَقَعُ التَّقَاصُّ) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ قِيمَتُهُمَا مُسْتَوِيَةً جِنْسًا وَقَدْرًا وَصِفَةً (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّ نِيَّةَ أَحَدِهِمَا) أَيْ الْمُخْرِجِ عَنْ الزَّكَاةِ (قَوْلُهُ: يَحْتَاجُ هُوَ صِفَةُ حَقًّا، وَقَوْلُهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ صِلَةُ أَدَّى قَوْلُهُ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا أُخْرِجَ مِنْ الْمُشْتَرَكِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: دُونَ الْآخَرِ) أَيْ كَأَنْ دَفَعَ مِنْ غَيْرِ الْمَالِ الْمَخْلُوطِ بِغَيْرِ إذْنٍ مِنْ شَرِيكِهِ (قَوْلُهُ: لِعُمُومِ خَبَرِ إلَخْ) بِبَعْضِ الْهَوَامِشِ كَانَ الْأَوْلَى أَنْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْخَبَرِ السَّابِقِ) تَبِعَ فِي هَذَا التَّعْبِيرِ شَرْحَ الرَّوْضِ، لَكِنَّ ذَاكَ أَحَالَ عَلَى مَا قَدَّمَهُ فِي خَبَرِ الْبُخَارِيِّ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ السَّابِقِ وَلَفْظُهُ «وَمَا كَانَ مِنْ خَلِيطَيْنِ فَإِنَّهُمَا يَتَرَاجَعَانِ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ» وَكَأَنَّ الشَّارِحَ أَرَادَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ الْخَبَرَ السَّابِقَ بَعْضُهُ (قَوْلُهُ: وَقَالَ الْجُرْجَانِيُّ لِكُلٍّ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يُخْرِجَ) أَيْ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ السِّيَاقِ فَإِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَا تَسَلُّطَ لَهُ عَلَى مِلْكِ الْآخَرِ، بِخِلَافِ السَّاعِي إذْ الشَّارِعُ سَلَّطَهُ (قَوْلُهُ: مِنْ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ) أَيْ مِمَّا يَخُصُّهُ مِنْهُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فَلْيُرَاجَعْ

ص: 62

وَلِأَنَّ الْمُقْتَضِيَ لِتَأْثِيرِ الْخُلْطَةِ فِي الْمَاشِيَةِ هُوَ خِسَّةُ الْمُؤْنَةِ، وَذَلِكَ مَوْجُودٌ هُنَا لِلِارْتِفَاقِ.

وَالثَّانِي، وَهُوَ الْقَدِيمُ لَا تُؤَثِّرُ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ الْمَوَاشِيَ فِيهَا أَوْقَاصٌ، وَالْخُلْطَةَ فِيهَا نَفْعُ الْمَالِكِ تَارَةً وَالْمُسْتَحَقِّينَ أُخْرَى، وَلَا وَقَصَ فِي غَيْرِ الْمَوَاشِي، وَعَلَى الْأَوَّلِ إنَّمَا تُؤَثِّرُ خُلْطَةُ الْجِوَارِ فِي الزِّرَاعَةِ (بِشَرْطِ أَنْ لَا يَتَمَيَّزَ النَّاطُورُ) بِالْمُهْمَلَةِ أَشْهُرُ مِنْ الْمُعْجَمَةِ: أَيْ الْحَافِظُ لَهُمَا (وَالْجَرِينُ) بِفَتْحِ الْجِيمِ مَوْضِعُ تَجْفِيفِ الثِّمَارِ، وَالْبَيْدَرُ بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ مَوْضِعُ تَصْفِيَةِ الْحِنْطَةِ، قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ.

وَقَالَ الثَّعَالِبِيُّ: الْجَرِينُ لِلزَّبِيبِ، وَالْبَيْدَرُ لِلْحِنْطَةِ، وَالْمِرْبَدُ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ لِلتَّمْرِ (وَ) فِي التِّجَارَةِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَتَمَيَّزَ (الدُّكَّانُ) بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ الْحَانُوتُ (وَالْحَارِسُ) ذَكَرَهُ بَعْدَ النَّاطُورِ مِنْ ذِكْرِ الْأَعَمِّ بَعْدَ الْأَخَصِّ (وَمَكَانُ الْحِفْظِ) كَخِزَانَةٍ وَلَوْ كَانَ مَالُ كُلٍّ بِنَاحِيَةٍ مِنْهُ (وَنَحْوُهَا) كَالْوِزَانِ وَالْمِيزَانِ وَالْمُنَادِي وَالنُّقَّادِ وَالْحُرَّاثِ وَجِذَاذِ النَّخْلِ وَالْحَمَّالِ وَالْكَيَّالِ وَالْمُتَعَهِّدِ وَالْحَصَادِ وَالْمُلَقِّحِ وَمَا يُسْقَى لَهُمَا بِهِ، فَإِنْ كَانَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا نَخِيلٌ أَوْ زَرْعٌ مُجَاوِرٌ لِنَخِيلِ الْآخَرِ أَوْ لِزَرْعِهِ أَوْ لِكُلِّ وَاحِدٍ كِيسٌ فِيهِ نَقْدٌ فِي صُنْدُوقٍ وَاحِدٍ وَأَمْتِعَةُ تِجَارَةٍ فِي مَخْزَنٍ وَاحِدٍ، وَلَمْ يَتَمَيَّزْ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ بِشَيْءٍ مِمَّا مَرَّ ثَبَتَتْ الْخُلْطَةُ؛ لِأَنَّ الْمَالَيْنِ يَصِيرَانِ كَذَلِكَ كَالْمَالِ الْوَاحِدِ

(وَلِوُجُوبِ زَكَاةِ الْمَاشِيَةِ) أَيْ الزَّكَاةِ فِي النَّعَمِ كَمَا عُرِفَ مِمَّا قَدَّمَهُ، فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ، وَالْإِضَافَةُ هُنَا بِمَعْنَى فِي نَحْوِ {بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ} [سبأ: 33] وَيَصِحُّ كَوْنُهَا بِمَعْنَى اللَّامِ (شَرْطَانِ) مُضَافَانِ لِمَا مَرَّ مِنْ كَوْنِهَا نِصَابًا مِنْ النَّعَمِ، وَلِمَا سَيَأْتِي مِنْ كَمَالِ الْمِلْكِ وَإِسْلَامِ الْمَالِكِ وَحُرِّيَّتِهِ (مُضِيُّ الْحَوْلِ) سُمِّيَ بِهِ لِتَحَوُّلِهِ: أَيْ ذَهَابِهِ وَمَجِيءِ غَيْرِهِ (فِي مِلْكِهِ) لِخَبَرِ «لَا زَكَاةَ فِي مَالٍ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ» وَلِأَنَّهُ لَا يَتَكَامَلُ نَمَاؤُهُ قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلِ (لَكِنْ مَا نُتِجَ) بِضَمِّ النُّونِ وَكَسْرِ التَّاءِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ (مِنْ نِصَابٍ) قَبْلَ انْقِضَاءِ حَوْلِهِ وَلَوْ بِلَحْظَةٍ (يُزَكَّى بِحَوْلِهِ) أَيْ النِّصَابِ بِشَرْطِ كَوْنِهِ مَمْلُوكًا لِمَالِكِ النِّصَابِ بِالسَّبَبِ الَّذِي مَلَكَ بِهِ النِّصَابَ إذَا اقْتَضَى الْحَالُ لُزُومَ الزَّكَاةِ فِيهِ، وَإِنْ مَاتَتْ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

يَقُولُ: لِمُطْلَقِ مَا تَقَدَّمَ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْعَامِّ اهـ. أَقُولُ: قَدْ يُقَالُ الْمُطْلَقُ هُوَ مَا دَلَّ عَلَى مُجَرَّدِ الْمَاهِيَّةِ.

وَلَيْسَ ذَلِكَ مُرَادًا هُنَا بَلْ الْمُرَادُ النَّهْيُ عَنْ كُلِّ فَرْدٍ فَرْدٍ يَصْدُقُ عَلَيْهِ التَّفْرِيقُ أَوْ الْجَمْعُ لِكَوْنِهِ فِي حَيِّزِ النَّهْيِ، وَذَلِكَ مِنْ قَبِيلِ الْعَامِّ لَا الْمُطْلَقِ (قَوْلُهُ: وَلَا وَقَصَ) بِفَتْحِ الْقَافِ أَفْصَحُ مِنْ إسْكَانِهَا اهـ شَرْحُ رَوْضٍ (قَوْلُهُ: أَيْ الْحَافِظُ لَهُمَا) أَيْ الْمَالَيْنِ (قَوْلُهُ: مِنْ ذِكْرِ الْأَعَمِّ بَعْدَ الْأَخَصِّ) لَمْ يَتَقَدَّمْ فِي كَلَامِهِ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ وَجْهُ الْعُمُومِ.

نَعَمْ فِي كَلَامِ الْمَحَلِّيِّ مَا يَقْتَضِيهِ حَيْثُ قَالَ: النَّاطُورُ بِالْمُهْمَلَةِ هُوَ حَافِظُ النَّخْلِ وَالشَّجَرِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْمَالَيْنِ يَصِيرَانِ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا جَوَابُ مَا وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهُ فِي الدَّرْسِ مِنْ أَنَّ جَمَاعَةً وَدَعُوا عِنْدَ شَخْصٍ دَرَاهِمَ وَمَضَى عَلَى ذَلِكَ سَنَةٌ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِمْ الزَّكَاةُ أَمْ لَا؟ وَهُوَ وُجُوبُ الزَّكَاةِ سَوَاءٌ كَانَ مَالُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَبْلُغُ نِصَابًا أَمْ لَا فِيمَا يَظْهَرُ فَلْيُرَاجَعْ، ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى الْغَايَةِ مَا نَصُّهُ: فَرْعٌ عِنْدَهُ وَدَائِعُ لَا يَبْلُغُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا نِصَابًا فَجَعَلَهَا فِي صُنْدُوقٍ وَاحِدٍ جَمِيعَ الْحَوْلِ فَهَلْ يَثْبُتُ حُكْمُ الْخُلْطَةِ فِيهِ، وَالظَّاهِرُ الثُّبُوتُ لِانْطِبَاقِ ضَابِطِهَا، وَنِيَّةُ الْخُلْطَةِ لَا تُشْتَرَطُ، ثُمَّ حَيْثُ تَثْبُتُ الْخُلْطَةُ فَلِلسَّاعِي أَنْ يَأْخُذَ الْوَاجِبَ أَوْ بَعْضَهُ مِنْ مَالِ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ، وَإِذَا رَجَعَ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ عَلَى غَيْرِهِ رَجَعَ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ مِنْ مَجْمُوعِ الْمَالَيْنِ مَثَلًا فِي الْمِثْلِيِّ وَقِيمَةً فِي الْمُتَقَوِّمِ اهـ. أَيْ حَيْثُ كَانَ السَّاعِي يَرَى أَخْذَ الْقِيمَةِ

(قَوْلُهُ: وَإِسْلَامِ الْمَالِكِ وَحُرِّيَّتِهِ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: مِنْ ذِكْرِ الْأَعَمِّ بَعْدَ الْأَخَصِّ) يُنَافِيهِ مَا قَدَّرَهُ فِي الْمَتْنِ مِنْ جَعْلِ هَذَا فِي التِّجَارَةِ خَاصَّةً وَمَا مَرَّ فِي الزُّرُوعِ وَالثِّمَارِ (قَوْلُهُ وَالْحَصَادُ وَالْمُلَقَّحُ إلَخْ) كَانَ الْمُنَاسِبُ لِصَنِيعِهِ أَنْ يَذْكُرَ هَذَا قَبْلَ الدُّكَّانِ وَمَا بَعْدَهُ مِمَّا هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِالتِّجَارَةِ

(قَوْلُهُ: بِالسَّبَبِ الَّذِي مَلَكَ بِهِ النِّصَابَ) يَعْنِي أَنَّهُ انْجَرَّ إلَيْهِ مِلْكُهُ مِنْ مِلْكِ الْأَصْلِ لَا أَنَّهُ مَلَكَهُ بِسَبَبٍ مُسْتَقِلٍّ كَالسَّبَبِ الَّذِي مَلَكَ بِهِ النِّصَابَ

ص: 63

الْأُمَّهَاتُ لِقَوْلِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه لِسَاعِيهِ: اُعْتُدْ عَلَيْهِمْ بِالسَّخْلَةِ، وَلِأَنَّ الْحَوْلَ إنَّمَا اُعْتُبِرَ لِتَكَامُلِ النَّمَاءِ الْحَاصِلِ، وَالنِّتَاجُ نَمَاءٌ فِي نَفْسِهِ، فَلَوْ كَانَ عِنْدَهُ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ مِنْ الْغَنَمِ فَوَلَدَتْ وَاحِدَةٌ مِنْهَا سَخْلَةً قَبْلَ الْحَوْلِ وَلَوْ بِلَحْظَةٍ وَالْأُمَّهَاتُ بَاقِيَةٌ لَزِمَهُ شَاتَانِ، وَلَوْ مَاتَتْ الْأُمَّهَاتُ وَبَقِيَ مِنْهَا دُونَ النِّصَابِ، أَوْ مَاتَتْ كُلُّهَا وَبَقِيَ النِّتَاجُ نِصَابًا فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ أَوْ مَا يَكْمُلُ بِهِ النِّصَابُ فِي الْأُولَى زُكِّيَ بِحَوْلِ الْأَصْلِ، فَإِنْ انْفَصَلَ النِّتَاجُ بَعْدَ الْحَوْلِ أَوْ قَبْلَهُ، وَلَمْ يَتِمَّ انْفِصَالُهُ إلَّا بَعْدَهُ كَجَنِينٍ خَرَجَ بَعْضُهُ فِي الْحَوْلِ وَلَمْ يَتِمَّ انْفِصَالُهُ إلَّا بَعْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ لَمْ يَكُنْ حَوْلُ النِّصَابِ حَوْلَهُ لِانْقِضَاءِ حَوْلِ أَصْلِهِ، وَلِأَنَّ الْحَوْلَ الثَّانِيَ أَوْلَى بِهِ، وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ نَتَجَ عَمَّا لَوْ اسْتَفَادَ بِشِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَسَيَأْتِي وَمِنْ نِصَابٍ عَمَّا نَتَجَ مِنْ دُونِهِ كَعِشْرِينَ شَاةً نَتَجَتْ عِشْرِينَ فَحَوْلُهَا مِنْ حِينِ تَمَامِ النِّصَابِ، وَخَرَجَ بِقَوْلِنَا بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مَمْلُوكًا إلَى آخِرِهِ مَا لَوْ أَوْصَى الْمُوصَى لَهُ بِالْحَمْلِ بِهِ قَبْلَ انْفِصَالِهِ لِمَالِكِ الْأُمَّهَاتِ، ثُمَّ مَاتَ ثُمَّ حَصَلَ النِّتَاجُ لَمْ يُزَكَّ بِحَوْلِ الْأَصْلِ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَأَقَرَّهُ، وَلَوْ كَانَ النِّتَاجُ مِنْ غَيْرِ نَوْعِ الْأُمَّهَاتِ كَأَنْ حَمَلَتْ الْمَعْزُ بِضَأْنٍ أَوْ عَكْسِهِ فَعَلَى مَا مَرَّ فِي تَكْمِيلِ أَحَدِ النَّوْعَيْنِ بِالْآخَرِ، لَا يُقَالُ: شَرْطُ وُجُوبِ الزَّكَاةِ السَّوْمُ فِي كَلَأٍ مُبَاحٍ فَكَيْفَ وَجَبَتْ فِي النِّتَاجِ.

لِأَنَّا نَقُولُ: اشْتِرَاطُ ذَلِكَ خَاصٌّ بِغَيْرِ النِّتَاجِ التَّابِعِ لِأُمِّهِ فِي الْحَوْلِ، وَلَوْ سُلِّمَ عُمُومُهُ لَهُ فَاللَّبَنُ كَالْكَلَأِ؛ لِأَنَّهُ نَاشِئٌ عَنْهُ عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْكَلَأِ أَنْ يَكُونَ مُبَاحًا عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ، وَلِأَنَّ اللَّبَنَ الَّذِي يَشْرَبُهُ لَا يُعَدُّ مُؤْنَةً؛ لِأَنَّهُ يَأْتِي مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تَعَالَى وَيُسْتَخْلَفُ إذَا حَلَبَ فَهُوَ شَبِيهٌ بِالْمَاءِ فَلَمْ تَسْقُطْ الزَّكَاةُ، وَلِأَنَّ اللَّبَنَ وَإِنْ عُدَّ شُرْبُهُ مُؤْنَةً إلَّا أَنَّهُ قَدْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنَّهُ يَجِبُ صَرْفُهُ فِي حَقِّ السَّخْلَةِ، وَلَا يَحِلُّ لِلْمَالِكِ أَنْ يَحْلُبَ إلَّا مَا فَضَلَ عَنْ وَلَدِهَا، وَإِذَا تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى كَانَ مُقَدَّمًا عَلَى حَقِّ الْمَالِكِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى مَالِكِ الْمَاءِ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِ الصَّلَاةِ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ غَيْرُهُ، وَلَوْ بَاعَهُ أَوْ وَهَبَهُ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ لَمْ يَصِحَّ لِتَعَلُّقِ حَقِّ اللَّهِ بِهِ، وَيَجِبُ صَرْفُهُ لِلْوُضُوءِ فَكَذَا لَبَنُ الشَّاةِ يَجِبُ صَرْفُهُ إلَى السَّخْلَةِ فَلَا تَسْقُطُ الزَّكَاةُ، وَلِأَنَّ النِّتَاجَ لَا يُمْكِنُ حَيَاتُهُ إلَّا بِاللَّبَنِ، فَلَوْ اعْتَبَرْنَا السَّوْمَ لَأَلْغَيْنَاهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ، بِخِلَافِ الْكِبَارِ فَإِنَّهَا تَعِيشُ بِغَيْرِ اللَّبَنِ، وَلِأَنَّ مَا تَشْرَبُهُ السَّخْلَةُ مِنْ اللَّبَنِ يَنْمُو بِنُمُوِّهَا وَكِبَرِهَا، بِخِلَافِ الْمَعْلُوفَةِ فَإِنَّهَا قَدْ لَا تَسْمَنُ وَلَا تَكْبَرُ، وَلِأَنَّ الصَّحَابَةَ أَوْجَبُوا الزَّكَاةَ فِي السَّخْلَةِ الَّتِي يَرُوحُ بِهَا الرَّاعِي عَلَى يَدَيْهِ مَعَ عِلْمِهِمْ بِأَنَّهَا لَا تَعِيشُ إلَّا بِاللَّبَنِ، وَذَكَرَ فِي الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ أَنَّ فَائِدَةَ الضَّمِّ إنَّمَا تَظْهَرُ إذَا بَلَغَتْ بِالنِّتَاجِ نِصَابًا آخَرَ بِأَنْ مَلَكَ مِائَةَ شَاةٍ فَنَتَجَتْ إحْدَى وَعِشْرِينَ فَيَجِبُ شَاتَانِ،

ــ

[حاشية الشبراملسي]

لَا يُنَافِي هَذَا مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ شُرُوطَ زَكَاةِ الْحَيَوَانِ أَرْبَعَةٌ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْإِسْلَامِ وَالْحُرِّيَّةِ وَتَمَامِ الْمِلْكِ لَا يَخْتَصُّ بِجِنْسٍ دُونَ آخَرَ (قَوْلُهُ: اُعْتُدْ عَلَيْهِمْ بِالسَّخْلَةِ) أَيْ اُحْسُبْهَا، وَفِي الْمُخْتَارِ: السَّخْلَةُ لِوَلَدِ الْغَنَمِ مِنْ الضَّأْنِ وَالْمَعْزِ سَاعَةَ وَضْعِهِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى، وَجَمْعُهُ سَخْلٌ بِوَزْنِ فَلْسٍ، وَسِخَالٌ بِالْكَسْرِ اهـ رحمه الله (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ شَاتَانِ) أَيْ كَبِيرَتَانِ (قَوْلُهُ: أَوْ مَاتَتْ كُلُّهَا وَبَقِيَ النِّتَاجُ)، وَيُخْرِجُ مِنْ الصِّغَارِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَتِمَّ انْفِصَالُهُ إلَّا بَعْدَهُ) أَفْهَمَ أَنَّهُ لَوْ تَمَّ انْفِصَالُهُ مَعَ تَمَامِ الْحَوْلِ كَأَنَّ حَوْلَ أَصْلِهِ حَوْلُهُ، لَكِنْ قَالَ حَجّ: خَرَجَ بِحَوْلِهِ مَا حَدَثَ بَعْدَ الْحَوْلِ أَوْ مَعَ آخِرِهِ فَلَا يُضَمُّ لِلْحَوْلِ الْأَوَّلِ بَلْ الثَّانِي (قَوْلُهُ: مَا لَوْ أَوْصَى الْمُوصَى لَهُ إلَخْ) كَأَنْ أَوْصَى زَيْدٌ الْمَالِكُ لِأَرْبَعَيْنِ مِنْ الْغَنَمِ بِحَمْلِهَا لِعَمْرٍو، ثُمَّ مَاتَ زَيْدٌ وَقَبِلَ عَمْرٌو الْوَصِيَّةَ بِالْحَمْلِ، ثُمَّ أَوْصَى بِهِ قَبْلَ انْفِصَالِهِ لِوَارِثِ زَيْدٍ الْمَالِكِ لِلْأُمَّهَاتِ بِالْإِرْثِ، ثُمَّ مَاتَ عَمْرٌو وَقَبِلَ وَارِثُ زَيْدٍ الْوَصِيَّةَ فَلَا يُزَكِّي النِّتَاجَ بِحَوْلِ الْأَصْلِ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَ النِّتَاجَ بِسَبَبٍ غَيْرِ الَّذِي مَلَكَ بِهِ الْأُمَّهَاتِ (قَوْلُهُ: فَعَلَى مَا مَرَّ فِي تَكْمِيلِ أَحَدِ النَّوْعَيْنِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ أَنْ يَحْلُبَ) بِالضَّمِّ اهـ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: إلَّا مَا فَضَلَ عَنْ وَلَدِهَا) أَيْ عَمَّا يَحْصُلُ بِهِ النُّمُوُّ لِوَلَدِهَا، وَلَا يَكْفِي مَا يَمْنَعُ مِنْهُ الضَّرَرَ فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَلَا تَكْبُرُ) هُوَ بِضَمِّ الْبَاءِ: أَيْ لَا تَعْظُمُ جُثَّتُهَا، وَعِظَمُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 64

فَلَوْ نَتَجَتْ عَشَرَةً فَقَطْ لَمْ يَفْدِ اهـ.

قَالَ بَعْضُهُمْ: وَهُوَ مَمْنُوعٌ بَلْ قَدْ تَظْهَرُ لَهُ فَائِدَةٌ وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ بِهِ نِصَابًا آخَرَ، وَذَلِكَ عِنْدَ التَّلَفِ بِأَنْ مَلَكَ أَرْبَعِينَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ فَوَلَدَتْ عِشْرِينَ، ثُمَّ مَاتَتْ عِشْرُونَ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْحَوْلِ، وَكَذَلِكَ لَوْ مَاتَ فِي الصُّورَةِ الَّتِي مَثَّلَ بِهَا ثَمَانُونَ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْحَوْلِ فَإِنَّا نُوجِبُ شَاةً لِحَوْلِ الْأُمَّهَاتِ بِسَبَبِ ضَمِّ السِّخَالِ فَظَهَرَتْ فَائِدَةُ إطْلَاقِ الضَّمِّ، وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ النِّصَابَ (وَلَا يُضَمُّ الْمَمْلُوكُ بِشِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ) كَإِرْثٍ وَوَصِيَّةٍ وَهِبَةٍ إلَى مَا عِنْدَهُ (فِي الْحَوْلِ) لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مَعْنَى النِّتَاجِ لِقِيَامِ الدَّلِيلِ عَلَى اشْتِرَاطِ الْحَوْلِ خَرَجَ النِّتَاجُ لِمَا مَرَّ فَبَقِيَ مَا سِوَاهُ عَلَى الْأَصْلِ، وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ فِي الْحَوْلِ عَنْ النِّصَابِ فَإِنَّهُ يُضَمُّ إلَيْهِ عَلَى الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّهُ بِالْكَثْرَةِ فِيهِ بَلَغَ حَدًّا يَحْتَمِلُ الْمُوَاسَاةَ، فَلَوْ مَلَكَ ثَلَاثِينَ بَقَرَةً غُرَّةَ الْمُحَرَّمِ، ثُمَّ اشْتَرَى عَشْرًا أَوْ وَرِثَهَا أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ غُرَّةَ رَجَبٍ فَعَلَيْهِ عِنْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ الْأَوَّلِ فِي الثَّلَاثِينَ تَبِيعٌ، وَلِكُلِّ حَوْلٍ بَعْدَهُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ مُسِنَّةٍ، وَعِنْدَ تَمَامِ كُلِّ حَوْلٍ لِلْعَشْرِ رُبْعُ مُسِنَّةٍ (فَلَوْ)(ادَّعَى) الْمَالِكُ (النِّتَاجَ بَعْدَ الْحَوْلِ) أَوْ اسْتَفَادَتْهُ بِنَحْوِ شِرَاءٍ وَادَّعَى السَّاعِي خِلَافَهُ مَعَ احْتِمَالِ مَا يَقُولُهُ كُلٌّ مِنْهُمَا (صُدِّقَ) الْمَالِكُ؛ لِأَنَّهُ مُؤْتَمَنٌ؛ وَلِأَنَّ الْأَصْل عَدَمُ مَا ادَّعَاهُ السَّاعِي لِعَدَمِ الْوُجُوبِ (فَإِنْ اُتُّهِمَ حَلَفَ) نَدْبًا احْتِيَاطًا لِلْمُسْتَحِقِّينَ لَا وُجُوبًا فَلَوْ نَكَلَ تُرِكَ، وَلَا يَجُوزُ تَحْلِيفُ السَّاعِي لِأَنَّهُ وَكِيلٌ وَلَا الْمُسْتَحِقِّينَ لِعَدَمِ تَعْيِينِهِمْ.

وَالشَّرْطُ الرَّابِعُ بَقَاءُ الْمِلْكِ فِي الْمَاشِيَةِ جَمِيعَ الْحَوْلِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ (وَلَوْ زَالَ مِلْكُهُ فِي الْحَوْلِ) عَنْ النِّصَابِ أَوْ بَعْضِهِ بِبَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ (فَعَادَ) بِشِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ (أَوْ بَادَلَ بِمِثْلِهِ) مُبَادَلَةً صَحِيحَةً فِي غَيْرِ التِّجَارَةِ (اسْتَأْنَفَ) الْحَوْلَ لِانْقِطَاعِ الْأَوَّلِ بِمَا فَعَلَهُ فَصَارَ مِلْكًا جَدِيدًا لَا بُدَّ لَهُ مِنْ حَوْلٍ لِلْخَبَرِ الْمَارِّ، وَعُلِمَ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْفَاءِ الدَّالَّةِ عَلَى التَّعْقِيبِ، وَقَوْلُهُ بِمِثْلِهِ لِلِاسْتِئْنَافِ عِنْدَ طُولِ الزَّمَنِ وَاخْتِلَافِ النَّوْعِ بِالْأُولَى، وَيُكْرَهُ تَنْزِيهًا فِعْلُ ذَلِكَ فِرَارًا مِنْ الزَّكَاةِ بِخِلَافِهِ لِحَاجَةِ أَوَّلِهَا وَلِلْفِرَارِ، أَوْ مُطْلَقًا عَلَى مَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُمْ فَلَا يُنَافِي مَا قَرَّرْنَاهُ مِنْ عَدَمِهَا هُنَا فِيمَا لَوْ قَصَدَ الْفِرَارَ مَعَ الْحَاجَةِ لِمَا مَرَّ مِنْ كَرَاهَةِ ضَبَّةٍ صَغِيرَةٍ لِحَاجَةٍ وَزِينَةٍ؛ لِأَنَّ فِي الضَّبَّةِ اتِّخَاذًا فَقَوِيَ الْمَنْعُ بِخِلَافِ الْفِرَارِ، فَلَوْ عَارَضَ غَيْرَهُ بِأَنْ أَخَذَ مِنْهُ تِسْعَةَ عَشَرَ دِينَارًا بِمِثْلِهَا مِنْ عِشْرِينَ دِينَارًا زَكَّى الدِّينَارَ لِحَوْلِهِ وَالتِّسْعَةَ عَشَرَ لِحَوْلِهَا.

أَمَّا الْمُبَادَلَةُ الْفَاسِدَةُ فَلَا تَقْطَعُ الْحَوْلَ وَإِنْ اتَّصَلَتْ بِالْقَبْضِ؛ لِأَنَّهَا لَا تُزِيلُ الْمِلْكَ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ بَاعَ النَّقْدَ بِبَعْضِهِ لِلتِّجَارَةِ كَالصَّيَارِفَةِ فَإِنَّهُمْ يَسْتَأْنِفُونَ الْحَوْلَ كُلَّمَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْجُثَّةِ لَا يَسْتَلْزِمُ السَّمْنَ فَهُوَ عَطْفُ أَعَمَّ عَلَى أَخَصَّ (قَوْلُهُ: فَلَوْ نَتَجَتْ عَشَرَةً) عِبَارَةُ حَجّ: فَلَوْ نَتَجَتْ عِشْرِينَ فَقَطْ لَمْ يَفْدِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ اهـ.

وَهُوَ الصَّوَابُ الْمُوَافِقُ لِقَوْلِهِ بَعْدُ: وَلِذَلِكَ لَوْ مَاتَ فِي الصُّورَةِ الَّتِي مَثَّلَ إلَخْ، فَإِنَّهُ بِفَرْضِ أَنْ يَكُونَ النِّتَاجُ عَشَرَةً فَقَطْ إذَا مَاتَ ثَمَانُونَ لَمْ يَكُنْ الْبَاقِي نِصَابًا إذْ هُوَ ثَلَاثُونَ فَقَطْ (قَوْلُهُ: الَّتِي مَثَّلَ بِهَا) هِيَ قَوْلُهُ فَلَوْ نَتَجَتْ إلَخْ (قَوْلُهُ: غَيْرِ التِّجَارَةِ) أَمَّا هِيَ فَلَا تَضُرُّ الْمُبَادَلَةُ فِيهَا أَثْنَاءَ الْحَوْلِ عَلَى مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: اسْتَأْنَفَ) أَيْ فِيمَا بَادَلَ فِيهِ دُونَ غَيْرِهِ.

(قَوْلُهُ: مَنْ عَدِمَهَا هُنَا) الْإِشَارَةُ لِقَوْلِهِ أَوْ لَهَا لِلْفِرَارِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ عَارَضَ غَيْرَهُ إلَخْ) صَرِيحُ مَا ذَكَرَ أَنَّ الْحَوْلَ إنَّمَا يَنْقَطِعُ فِيمَا خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ دُونَ مَا بَقِيَ فَلْيُرَاجَعْ، وَمُقْتَضَى قَوْلِهِ قَبْلُ عَنْ النِّصَابِ أَوْ بَعْضِهِ بِبَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ إلَخْ خِلَافُهُ فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ فِي اسْتِئْنَافِ الْحَوْلِ بِالنِّسْبَةِ لِلْكُلِّ، وَإِنْ كَانَ الِاسْتِبْدَالُ فِي بَعْضِهِ، وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَاشِيَةِ وَغَيْرِهَا إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ اسْتَأْنَفَ فِيمَا بَادَلَ فِيهِ، وَقَدْ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ قَبْلُ فَصَارَ مِلْكًا جَدِيدًا، لِأَنَّ مَا لَمْ يَسْتَبْدِلْ فِيهِ فَلَيْسَ بِمِلْكٍ جَدِيدٍ.

وَأَجَابَ عَنْهُ سم عَلَى حَجّ بِجَوَابٍ آخَرَ، فَقَالَ: وَبَعْضُهُمْ أَجَابَ بِأَنَّ مَحَلَّ انْقِطَاعِهِ بِمَا إذَا لَمْ يُقَارِنْهَا مَا يَحْصُلُ بِهِ تَمَامُ النِّصَابِ مِنْ نَوْعِ الْمُتَمِّمِ لَهُ (قَوْلُهُ: أَمَّا الْمُبَادَلَةُ الْفَاسِدَةُ إلَخْ) كَالْمُعَاطَاةِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُمْ يَسْتَأْنِفُونَ) أَيْ بِشَرْطِ صِحَّةِ الْمُبَادَلَةِ مِنْ الْحَوْلِ وَالتَّقَابُضِ وَالْمُمَاثَلَةِ عِنْدَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ وَالْحُلُولُ تَقَابُضٌ فَقَطْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: مُبَادَلَةً صَحِيحَةً فِي غَيْرِ التِّجَارَةِ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الصَّرْفِ كَمَا يَأْتِي، وَلَا يُعْتَرَضُ بِهِ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْمَفْهُومَ إذَا كَانَ فِيهِ تَفْصِيلٌ لَا يُعْتَرَضُ بِهِ (قَوْلُهُ: وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ بَاع النَّقْدَ بِبَعْضِهِ) أَيْ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَمَّا قَيَّدَهُ بِهِ مِنْ قَوْلِهِ فِي غَيْرِ

ص: 65

بَادَلُوا، وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ: بُشِّرَ الصَّيَارِفَةُ بِأَنَّهُ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِمْ، وَلَوْ بَاعَ النِّصَابَ قَبْلَ تَمَامِ حَوْلِهِ، ثُمَّ رُدَّ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ أَوْ إقَالَةٍ اسْتَأْنَفَهُ مِنْ حِينِ الرَّدِّ، فَإِنْ حَالَ الْحَوْلُ قَبْلَ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ امْتَنَعَ الرَّدُّ فِي الْحَالِ لِتَعَلُّقِ الزَّكَاةِ بِالْمَالِ فَهُوَ عَيْبٌ حَادِثٌ عِنْدَ الْمُشْتَرِي، وَتَأْخِيرُ الرَّدِّ لِإِخْرَاجِهَا لَا يَبْطُلُ بِهِ الرَّدُّ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ أَدَائِهَا، فَإِنْ سَارَعَ لِإِخْرَاجِهَا أَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْعَيْبِ إلَّا بَعْدَ إخْرَاجِهَا نَظَرَ، فَإِنْ أَخْرَجَهَا مِنْ الْمَالِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ بِأَنْ بَاعَ مِنْهُ بِقَدْرِهَا، وَاشْتَرَى بِثَمَنِهِ وَاجِبَهُ لَمْ يُرَدَّ لِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ، وَلَهُ الْأَرْشُ كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي تَبَعًا لِلْمَجْمُوعِ وَإِنْ أَخْرَجَهَا مِنْ غَيْرِهِ رَدَّ، إذْ لَا شَرِكَةَ حَقِيقَةً بِدَلِيلِ جَوَازِ الْأَدَاءِ مِنْ مَالٍ آخَرَ، وَلَوْ بَاعَ النِّصَابَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ، فَإِنْ كَانَ الْمِلْكُ لِلْبَائِعِ بِأَنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُ أَوْ مَوْقُوفًا بِأَنْ كَانَ لَهُمَا، ثُمَّ فُسِخَ الْعَقْدُ لَمْ يَنْقَطِعْ الْحَوْلُ لِعَدَمِ تَجَدُّدِ الْمِلْكِ، وَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي، فَإِنْ فُسِخَ اسْتَأْنَفَ الْبَائِعُ الْحَوْلَ، وَإِنْ أَجَازَ فَالزَّكَاةُ عَلَيْهِ وَحَوْلُهُ مِنْ الْعَقْدِ، وَلَوْ مَاتَ الْمَالِكُ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ اسْتَأْنَفَ الْوَارِثُ حَوْلَهُ مِنْ وَقْتِ الْمَوْتِ، وَمِلْكُ الْمُرْتَدِّ وَزَكَاتُهُ وَحَوْلُهُ مَوْقُوفَاتٌ، فَإِنْ عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ تَبَيَّنَّا بَقَاءَ مِلْكِهِ وَحَوْلِهِ وَوُجُوبَ زَكَاتِهِ عَلَيْهِ عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِهِ وَإِلَّا فَلَا (وَ) الشَّرْطُ الثَّانِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَهُوَ الشَّرْطُ الْخَامِسُ (كَوْنُهَا سَائِمَةً) أَيْ رَاعِيَةً لِخَبَرِ أَنَسٍ «وَفِي صَدَقَةِ الْغَنَمِ فِي سَائِمَتِهَا» إلَى آخِرِهِ دَلَّ بِمَفْهُومِهِ عَلَى نَفْيِ الزَّكَاةِ فِي مَعْلُوفَةِ الْغَنَمِ، وَقِيسَ بِهَا الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ اخْتَصَّتْ السَّائِمَةُ بِالزَّكَاةِ لِتَوَفُّرِ مُؤْنَتِهَا بِالرَّعْيِ فِي كَلَأٍ مُبَاحٍ (فَإِنْ عُلِفَتْ مُعْظَمَ الْحَوْلِ) وَلَوْ مُفَرَّقًا (فَلَا زَكَاةَ) فِيهَا، إذْ الْغَلَبَةُ لَهَا تَأْثِيرٌ فِي الْأَحْكَامِ (وَإِلَّا) بِأَنْ عُلِفَتْ دُونَ الْمُعْظَمِ (فَالْأَصَحُّ أَنَّهَا إنْ عُلِفَتْ قَدْرًا تَعِيشُ بِدُونِهِ بِلَا ضَرَرٍ بَيِّنٍ وَجَبَتْ زَكَاتُهَا) لِخِفَّةِ الْمُؤْنَةِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ كَانَتْ لَا تَعِيشُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ بِدُونِهِ، أَوْ تَعِيشُ لَكِنْ بِضَرَرٍ بَيِّنٍ فَلَا تَجِبُ فِيهَا زَكَاةٌ لِظُهُورِ الْمُؤْنَةِ، وَالْمَاشِيَةُ تَصْبِرُ الْيَوْمَيْنِ وَلَا تَصْبِرُ الثَّلَاثَةَ غَالِبًا.

وَالثَّانِي إنْ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

عِنْدَ اخْتِلَافِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ حَالَ الْحَوْلُ إلَخْ) أَيْ حَوْلُ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: امْتَنَعَ) أَيْ عَلَى الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ أَدَائِهَا) أَمَّا التَّأْخِيرُ بَعْدَ التَّمَكُّنِ مِنْ الْأَدَاءِ فَيُبْطِلُ الرَّدَّ؛ لِأَنَّ إمْسَاكَهُ تِلْكَ الْمُدَّةَ كَأَنَّهُ رَضِيَ بِالْعَيْبِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ اشْتَرَى شَيْئًا وَاطَّلَعَ فِيهِ عَلَى عَيْبٍ وَلَمْ يُبَادِرْ بِرَدِّهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الشَّرْطُ الْخَامِسُ) أَيْ بِوَاسِطَةِ مَا أَشَارَ إلَيْهِ قَبْلُ مِنْ جَعْلِ مُضِيِّ الْحَوْلِ شَرْطًا وَالْبَقَاءِ فِي مِلْكِهِ إلَى تَمَامِهِ شَرْطًا آخَرَ (قَوْلُهُ: دَلَّ بِمَفْهُومِهِ إلَخْ) فَإِنْ قُلْت: لِمَ خَصَّ الْقِيَاسَ بِالْمَفْهُومِ، وَلَمْ يُعَمِّمْهُ فِيهِ وَفِي الْمَنْطُوقِ؟ قُلْت: لِأَنَّ غَيْرَ الْغَنَمِ مِنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ دَلَّ حَدِيثُ أَنَسٍ الْمُتَقَدِّمُ عَلَى وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهَا مِنْ غَيْرِ قَيْدٍ، وَالْقَصْدُ إخْرَاجُ الْمَعْلُوفَةِ فَيَحْتَاجُ إلَى دَلِيلٍ وَهُوَ الْقِيَاسُ عَلَى مَعْلُوفَةِ الْغَنَمِ، عَلَى أَنَّ إيرَادَ هَذَا الْحَدِيثِ إنَّمَا قُصِدَ بِهِ إخْرَاجُ الْمَعْلُوفَةِ مِنْ الْغَنَمِ، وَمِنْ ثَمَّ جَعَلَهُ دَلِيلًا عَلَى اشْتِرَاطِ السَّوْمِ.

وَأَمَّا أَصْلُ الزَّكَاةِ فِي الْغَنَمِ فَقَدْ عُلِمَ مِمَّا سَبَقَ أَيْضًا هَذَا.

فَإِنْ قُلْت: جَعْلُ الْحَدِيثِ دَالًّا بِالْمَفْهُومِ مُشْكِلٌ، فَإِنَّ شَرْطَ الْعَمَلِ بِالْمَفْهُومِ أَنْ لَا يَكُونَ الْقَيْدُ مِمَّا يَغْلِبُ وُقُوعُهُ فِي الْمُقَيَّدِ، وَالسَّوْمُ غَالِبٌ فِي غَنَمِ الْعَرَبِ.

قُلْت: أَجَابَ سم عَلَى مَنْهَجٍ بِأَنَّ ذَلِكَ مَحَلُّهُ حَيْثُ لَمْ يَظْهَرْ لِلْقَيْدِ مَعْنًى غَيْرَ كَوْنِهِ مُجَرَّدَ الْغَالِبِ، وَهُنَا يُمْكِنُ أَنَّهُ ذُكِرَ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى خِفَّةِ الْمُؤْنَةِ اهـ.

وَفِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ أَيْضًا فِيمَا لَمْ يُفِدْ حُكْمًا عَامًّا.

أَمَّا هُوَ فَيُعْمَلُ بِمَفْهُومِهِ وَإِنْ كَانَ غَالِبًا أَوْ فِي جَوَابِ سُؤَالٍ، وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: فَلَا تَجِبُ فِيهَا زَكَاةٌ) أَيْ فَلَوْ ادَّعَى الْمَالِكُ أَنَّهَا عُلِفَتْ الْقَدْرَ الَّذِي يَقْطَعُ السَّوْمَ، وَأَنْكَرَ السَّاعِي فَهَلْ يُصَدَّقُ الْمَالِكُ بِلَا بَيِّنَةٍ أَوْ لَا لِإِمْكَانِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى مَا ادَّعَاهُ.

قَالَ سم: فِيهِ نَظَرٌ، وَاسْتُقْرِبَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ كَمَا لَوْ ادَّعَى الْوَدِيعُ تَلَفَ الْوَدِيعَةِ بِسَبَبٍ ظَاهِرٍ اهـ.

أَقُولُ: وَقَضِيَّةُ قَوْلِ الشَّارِحِ فَإِنْ اُتُّهِمَ حَلَفَ نَدْبًا أَنَّهُ يُصَدَّقُ بِلَا بَيِّنَةٍ، وَأَظْهَرُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

التِّجَارَةِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ حَالَ الْحَوْلُ) يَعْنِي عِنْدَ الْمُشْتَرِي أَيْ حَوْلُ غَيْرِ حَوْلِ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ فَإِنْ سَارَعَ بِإِخْرَاجِهَا) أَيْ بِأَنْ لَمْ يُؤَخَّرْ تَأْخِيرًا يُبْطِلُ رَدَّهُ بِأَنْ أَخْرَجَ مَعَ التَّمَكُّنِ (قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَكَوْنُهَا سَائِمَةً) أَيْ بِإِسَامَةِ الْمَالِكِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي

ص: 66

عُلِفَتْ قَدْرًا يُعَدُّ مُؤْنَةً بِالْإِضَافَةِ إلَى رَفَقِ الْمَاشِيَةِ فَلَا زَكَاةَ، وَإِنْ كَانَ حَقِيرًا بِالْإِضَافَةِ إلَيْهِ وَجَبَتْ، وَفُسِّرَ الرُّفْقُ بِدَرِّهَا وَنَسْلِهَا وَصُوفِهَا وَوَبَرِهَا، وَلَوْ أُسِيمَتْ فِي كَلَأٍ مَمْلُوكٍ كَأَنْ نَبَتَ فِي أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ لِشَخْصٍ أَوْ مَوْقُوفَةٍ عَلَيْهِ فَهَلْ هِيَ سَائِمَةٌ أَوْ مَعْلُوفَةٌ وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْقَفَّالُ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي أَوَّلُهُمَا لِأَنَّ قِيمَةَ الْكَلَأِ تَافِهَةٌ غَالِبًا، وَلَا كُلْفَةَ فِيهَا، وَرَجَّحَ السُّبْكِيُّ أَنَّهَا سَائِمَةٌ إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْكَلَأِ قِيمَةٌ، أَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ يَسِيرَةً لَا يُعَدُّ مِثْلُهَا كُلْفَةً فِي مُقَابَلَةِ نَمَائِهَا، وَإِلَّا فَمَعْلُوفَةٌ، وَالْمُنَاسِبُ لِمَا يَأْتِي فِي الْمُعْشَرَاتِ مِنْ أَنَّ فِيهَا سَقَى بِمَاءٍ اشْتَرَاهُ أَوْ اتَّهَبَهُ نِصْفَ الْعُشْرِ كَمَا لَوْ سَقَى بِالنَّاضِحِ وَنَحْوُهُ أَنَّ الْمَاشِيَةَ هُنَا مَعْلُوفَةٌ بِجَامِعِ كَثْرَةِ الْمُؤْنَةِ.

قَالَ الشَّيْخُ: وَهُوَ الْأَوْجُهُ، وَلَوْ جَزَّهُ وَأَطْعَمَهَا إيَّاهُ فِي الْمَرْعَى أَوْ الْبَلَدِ فَمَعْلُوفَةٌ، وَلَوْ رَعَاهَا وَرَقًا تَنَاثَرَ فَسَائِمَةٌ، فَلَوْ جَمَعَ وَقَدَّمَ لَهَا فَمَعْلُوفَةٌ.

قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ: وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا إذَا أَخَذَ كَلَأَ الْحَرَمِ وَعَلَفهَا بِهِ فَلَا يَنْقَطِعُ السَّوْمُ؛ لِأَنَّ كَلَأَ الْحَرَمِ لَا يُمْلَكُ وَلِهَذَا لَا يَصِحُّ أَخْذُهُ لِلْبَيْعِ، وَإِنَّمَا يَثْبُتُ بِهِ نَوْعُ اخْتِصَاصٍ، (وَلَوْ)(سَامَتْ) الْمَاشِيَةُ (بِنَفْسِهَا) أَوْ أَسَامَهَا غَاصِبٌ أَوْ مُشْتَرٍ شِرَاءً فَاسِدًا فَلَا زَكَاةَ كَمَا يَأْتِي لِعَدَمِ إسَامَةِ الْمَالِكِ، وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ قَصْدُهُ دُونَ قَصْدِ الِاعْتِلَافِ؛ لِأَنَّ السَّوْمَ يُؤَثِّرُ فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ فَاعْتُبِرَ قَصْدُهُ وَالِاعْتِلَافُ يُؤَثِّرُ فِي سُقُوطِهَا فَلَا يُعْتَبَرُ قَصْدُهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ وُجُوبِهَا، أَوْ اعْتَلَفَتْ السَّائِمَةُ بِنَفْسِهَا أَوْ عَلَفَهَا الْغَاصِبُ الْقَدْرَ الْمُؤَثِّرَ مِنْ الْعَلَفِ فِيهِمَا لَمْ تَجِبْ الزَّكَاةُ فِي الْأَصَحِّ لِعَدَمِ السَّوْمِ، وَكَالْغَاصِبِ الْمُشْتَرِي شِرَاءً فَاسِدًا (أَوْ كَانَتْ عَوَامِلَ) لِمَالِكِهَا أَوْ بِأُجْرَةٍ (فِي حَرْثٍ وَنَضْحٍ) وَهُوَ حَمْلُ الْمَاءِ لِلشُّرْبِ (وَنَحْوِهِ) كَحَمْلِ غَيْرِ الْمَاءِ وَلَوْ مُحَرَّمًا (فَلَا زَكَاةَ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهَا لَا تُقْتَنَى لِلنَّمَاءِ بَلْ لِلِاسْتِعْمَالِ كَثِيَابِ الْبَدَنِ وَمَتَاعِ الدَّارِ، فَقَوْلُهُ فِي الْأَصَحِّ رَاجِعٌ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

مِنْهُ قَوْلُ الْمَحَلِّيِّ: قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: إنَّ الْيَمِينَ مُسْتَحَبَّةٌ بِلَا خِلَافٍ فِي هَذَا الَّذِي لَا يُخَالِفُهُ الظَّاهِرُ وَمُسْتَحَبَّةٌ، وَقِيلَ وَاجِبَةٌ فِيمَا يُخَالِفُ الظَّاهِرَ كَقَوْلِهِ كُنْت بِعْت الْمَالَ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ، ثُمَّ اشْتَرَيْته وَاتَّهَمَهُ السَّاعِي فِي ذَلِكَ فَيَعْلِفُهُ (قَوْلُهُ: بِالْإِضَافَةِ إلَى رَفَقِ الْمَاشِيَةِ) أَيْ بِالنَّظَرِ (قَوْلُهُ: كَأَنْ نَبَتَ فِي أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ) أَيْ أَوْ اشْتَرَاهُ وَلَوْ بِقِيمَةٍ كَثِيرَةٍ، وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا يَسْتَنْبِهُ النَّاسَ كَأَنْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِلزِّرَاعَةِ وَبَذَرَ بِهَا حَبًّا فَنَبَتَ فَهُوَ مِنْ الْكَلَأِ الْمَمْلُوكِ فَفِي الرَّاعِيَةِ لَهُ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ قَالَ سم: وَنُقِلَ عَنْ الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ مَا يُخَالِفُهُ.

قَالَ: وَرَدَّهُ وَلَدُهُ وَذَكَرَ أَنَّهُ بِتَسْلِيمِ صِحَّةِ نَقْلِهِ عَنْهُ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ إلَّا بِنَقْلٍ (قَوْلُهُ: أَصَحُّهُمَا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْقَفَّالُ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي أَوَّلُهُمَا) أَيْ أَنَّهَا سَائِمَةٌ فَتَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ (قَوْلُهُ: وَرَجَّحَ السُّبْكِيُّ أَنَّهَا سَائِمَةٌ) نَقَلَ سم عَلَى حَجّ عَنْ الشَّارِحِ اعْتِمَادَ مَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ (قَوْلُهُ: قَالَ الشَّيْخُ وَهُوَ الْأَوْجُهُ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: فَمَعْلُوفَةٌ) أَيْ إنْ كَانَ مَا أَكَلَتْهُ مِنْ الْمَجْزُورِ قَدْرًا لَا تَعِيشُ بِدُونِهِ بِلَا ضَرَرٍ بَيِّنٍ (قَوْلُهُ: وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ فَلَوْ جَمَعَ وَقَدَّمَ لَهَا فَمَعْلُوفَةٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ سَامَتْ بِنَفْسِهَا) وَمِنْ ذَلِكَ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ رَعْيِ الدَّوَابِّ فِي نَحْوِ الْجَزَائِرِ فَهِيَ سَائِمَةٌ، وَأَمَّا مَا يَأْخُذُهُ الْمُتَكَلِّمُ عَلَيْهَا مِنْ نَحْوِ الْمُلْتَزَمِ مِنْ الدَّرَاهِمِ فَهُوَ ظُلْمٌ مُجَرَّدٌ لَا يَمْنَعُ مِنْ الْإِسَامَةِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا تَجِبُ الزَّكَاةُ إلَّا إذَا كَانَتْ كَذَلِكَ جَمِيعَ السَّنَةِ وَبَقِيَ مَا لَوْ كَانَتْ تَرْعَى فِي كَلَأٍ مُبَاحٍ جَمِيعَ السَّنَةِ، لَكِنْ جَرَتْ عَادَةُ مَالِكِهَا بِعَلْفِهَا إذَا رَجَعَتْ إلَى بُيُوتِ أَهْلِهَا قَدْرًا لِزِيَادَةِ النَّمَاءِ أَوْ دَفْعِ ضَرَرٍ يَسِيرٍ لِلْحِفْظِ هَلْ ذَلِكَ يَقْطَعُ حُكْمَ السَّوْمِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي، وَلَوْ كَانَ يُسَرِّحُهَا نَهَارًا وَيُلْقِي لَهَا شَيْئًا مِنْ الْعَلَفِ لَيْلًا لَمْ يُؤْثِرْ أَنَّهَا سَائِمَةٌ (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَتْ عَوَامِلَ) أَيْ وَلَوْ فِي مُحَرَّمٍ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ، وَفَرَّقَ بَيْنَ الْمُسْتَعْمَلَةِ فِي مُحَرَّمٍ إلَخْ.

[تَنْبِيهٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا لَوْ حَصَلَ مِنْ الْعَوَامِلِ نِتَاجٌ هَلْ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ أَمْ لَا؟ وَالْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنْ يُقَالَ: تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ إذَا تَمَّ نِصَابُهُ وَحَوْلُهُ مِنْ حِينِ الِانْفِصَالِ، وَمَا مَضَى مِنْ حَوْلِ الْأُمَّهَاتِ قَبْلَ انْفِصَالِهِ لَا يُعْتَدُّ بِهِ لِعَدَمِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهَا (قَوْلُهُ وَهُوَ حَمْلُ الْمَاءِ لِلشُّرْبِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِهِ إخْرَاجُ الْمَاءِ مِنْ الْبِئْرِ لِلشُّرْبِ أَوْ نَحْوِهِ لِمَا يَأْتِي فِي كَلَامِ الْمَحَلِّيِّ مِنْ أَنَّ النَّضْحَ السَّقْيُ مِنْ مَاءِ بِئْرٍ أَوْ نَهْرٍ بِبَعِيرٍ أَوْ بَقَرَةٍ، وَيُسَمَّى نَاضِحًا

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 67

لِلْجَمِيعِ كَمَا تَقَرَّرَ.

وَالثَّانِي فِي الْأَوَّلِ مَبْنِيٌّ عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ قَصْدِ السَّوْمِ لِحُصُولِ الرِّفْقِ، وَفِي الثَّانِيَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ فِي الْعَلَفِ، وَفِي الثَّالِثَةِ يَقُولُ الِاسْتِعْمَالُ زِيَادَةُ فَائِدَةٍ عَلَى حُصُولِ الرِّفْقِ بِإِسَامَتِهَا، وَلَا بُدَّ أَنْ يَسْتَعْمِلَهَا الْقَدْرَ الَّذِي لَوْ عَلَفَهَا فِيهِ سَقَطَتْ الزَّكَاةُ كَمَا نَقَلَهُ الْبَنْدَنِيجِيُّ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ، وَفَرَّقَ بَيْنَ الْمُسْتَعْمَلَةِ فِي الْمُحَرَّمِ، وَبَيْنَ الْحُلِيِّ الْمُسْتَعْمَلِ فِيهِ بِأَنَّ الْأَصْلَ فِيهَا الْحِلُّ، وَفِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ الْحُرْمَةُ إلَّا مَا رُخِّصَ، فَإِذَا اُسْتُعْمِلَتْ الْمَاشِيَةُ فِي الْمُحَرَّمِ رَجَعَتْ إلَى أَصْلِهَا، وَلَا يُنْظَرُ إلَى الْفِعْلِ الْخَسِيسِ، وَإِذَا اُسْتُعْمِلَ الْحُلِيُّ فِي ذَلِكَ فَقَدْ اُسْتُعْمِلَ فِي أَصْلِهِ، وَلَا أَثَرَ لِمُجَرَّدِ نِيَّةِ الْعَلَفِ وَلَا لِعَلَفٍ يَسِيرٍ كَمَا مَرَّ إلَّا إنْ قُصِدَ بِهِ لِقَطْعِ السَّوْمِ وَكَانَ مِمَّا يُتَمَوَّلُ.

وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ إسَامَةُ الْمَالِكِ أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ مِنْ وَكِيلٍ أَوْ وَلِيٍّ أَوْ حَاكِمٍ بِأَنْ غَصَبَ مَعْلُوفَةً وَرَدَّهَا عِنْدَ غِيبَةِ الْمَالِكِ لِلْحَاكِمِ فَأَسَامَهَا صُرِّحَ بِهِ فِي الْبَحْرِ.

قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: لَوْ كَانَ الْأَحَظُّ لِلْمَحْجُورِ فِي تَرْكِهَا فَهُوَ مَوْضِعُ تَأَمُّلٍ اهـ.

وَظَاهِرُ عَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِهَا حِينَئِذٍ لِتَعَدِّيهِ بِفِعْلِهَا وَهَلْ تُعْتَبَرُ إسَامَةُ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ مَاشِيَتَهُمَا أَوْ لَا أَثَرَ لِذَلِكَ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَيَبْعُدُ تَخْرِيجُهُمَا عَلَى أَنَّ عَمْدَهُمَا عَمْدٌ أَمْ لَا، هَذَا إنْ كَانَ لَهُمَا تَمْيِيزٌ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ لَوْ اعْتَلَفَتْ مِنْ مَالٍ حَرْبِيٍّ لَا يُضْمَنُ أَنَّ السَّوْمَ لَا يَنْقَطِعُ كَمَا لَوْ جَاعَتْ بِلَا رَعْيٍ وَلَا عَلَفٍ.

وَلَوْ وَرِثَ سَائِمَةً وَدَامَتْ كَذَلِكَ سَنَةً، ثُمَّ عَلِمَ بِإِرْثِهَا لَمْ تَجِبْ زَكَاتُهَا لِمَا مَرَّ مِنْ اشْتِرَاطِ إسَامَةِ الْمَالِكِ أَوْ نَائِبِهِ، وَهُوَ مَفْقُودٌ هُنَا كَمَا صُرِّحَ بِهِ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْمُتَوَلِّدُ بَيْنَ سَائِمَةٍ وَمَعْلُوفَةٍ لَهُ حُكْمُ الْأُمِّ، فَإِنْ كَانَتْ سَائِمَةً ضُمَّ إلَيْهَا فِي الْحَوْلِ وَإِلَّا فَلَا، وَلَوْ كَانَ يُسَرِّحُهَا نَهَارًا وَيُلْقِي لَهَا شَيْئًا مِنْ الْعَلَفِ لَيْلًا لَمْ يُؤَثِّرْ (وَإِذَا وَرَدَتْ) أَيْ الْمَاشِيَةُ (مَاءً أُخِذَتْ زَكَاتُهَا عِنْدَهُ) لِأَنَّهُ أَسْهَلُ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْمَالِكِ وَالسَّاعِي وَأَقْرَبُ لِلضَّبْطِ مِنْ الْمَرْعَى وَفِي الْحَدِيثِ «تُؤْخَذُ زَكَاةُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى مِيَاهِهِمْ» (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَرِدْ الْمَاءَ بِأَنْ اسْتَغْنَتْ عَنْهُ بِالرَّبِيعِ مَثَلًا (فَعِنْدَ بُيُوتِ أَهْلِهَا) وَأَفْنِيَتِهِمْ تُؤْخَذُ زَكَاتُهَا.

قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَمُقْتَضَاهُ جَوَازُ تَكْلِيفِهِمْ الرَّدَّ إلَى الْأَفْنِيَةِ، وَبِهِ صَرَّحَ الْمَحَامِلِيُّ وَغَيْرُهُ، وَالْأَوْجَهُ فِيمَا لَا تَرِدُ مَاءً وَلَا مُسْتَقَرَّ لِأَهْلِهَا لِدَوَامِ انْتِجَاعِهِمْ تَكْلِيفُ السَّاعِي النُّجْعَةَ إلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ كُلْفَتَهُ أَهْوَنُ مِنْ تَكْلِيفِهِمْ رَدَّهَا إلَى مَحَلٍّ آخَرَ، وَلَوْ كَانَتْ مُتَوَحِّشَةً يَعْسُرُ أَخْذُهَا وَإِمْسَاكُهَا فَعَلَى رَبِّ الْمَالِ تَسْلِيمُ السِّنِّ الْوَاجِبِ لِلسَّاعِي، وَلَوْ تَوَقَّفَ ذَلِكَ عَلَى عِقَالٍ لَزِمَهُ أَيْضًا، وَهُوَ مَحْمَلُ قَوْلِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ أَنْ يَسْتَعْمِلَهَا إلَخْ) وَلَوْ لِغَيْرِهِ وَبِأُجْرَةٍ أَوْ عَارِيَّةٍ (قَوْلُهُ: إلَّا مَا رُخِّصَ) أَيْ فِيهِ (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ قَصَدَ بِهِ قَطْعَ السَّوْمِ) وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ لَوْ اسْتَعْمَلَهَا قَدْرًا يَسِيرًا، وَقَصَدَ بِهِ قَطْعَ الْحَوْلِ سَقَطَتْ الزَّكَاةُ (قَوْلُهُ: لَوْ كَانَ الْأَحَظُّ لِلْمَحْجُورِ فِي تَرْكِهَا) أَيْ السَّائِمَةِ (قَوْلُهُ: وَيَبْعُدُ تَخْرِيجُهُمَا) أَيْ فَيَكُونُ الرَّاجِحُ أَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ بِإِسَامَتِهَا (قَوْلُهُ: لَا يَضْمَنُ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَمَانٌ (قَوْلُهُ أَنَّ السَّوْمَ لَا يَنْقَطِعُ) مُعْتَمَدٌ

(قَوْلُهُ: وَلَوْ وَرِثَ سَائِمَةً وَدَامَتْ إلَخْ) وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا لَوْ أَسَامَهَا الْوَارِثُ عَلَى ظَنِّ بَقَاءِ مُورِثِهِ، ثُمَّ تَبَيَّنَ وَفَاتُهُ، وَأَنَّهَا فِي مِلْكِ الْمُورِثِ جَمِيعَ الْمُدَّةِ هَلْ تَجِبُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ لِكَوْنِهِ أَسَامَهَا بِالْفِعْلِ مَعَ كَوْنِهَا فِي مِلْكِهِ فَظَنُّهُ لِلْإِسَامَةِ عَنْ غَيْرِهِ لَا يَمْنَعُ مِنْ وُقُوعِهَا لَهُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ.

أَقُولُ: وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي، وَقَدْ يَدُلُّ لَهُ مَا ذَكَرَهُ سم عَلَى مَنْهَجٍ حَيْثُ قَالَ قَوْلُهُ وَلَمْ يَعْلَمْ عِبَارَةَ الْبَهْجَةِ وَشَرْحَهَا لِلشَّارِحِ: وَمَا عَلِمَ أَيْ الْوَارِثُ بِمَوْتِ مُورِثِهِ أَوْ بِأَنَّهَا نِصَابٌ أَوْ بِكَوْنِهَا سَائِمَةً لِعَدَمِ إسَامَةِ الْمَالِكِ لِاسْتِحَالَةِ الْقَصْدِ إلَيْهَا مَعَ عَدَمِ الْعِلْمِ اهـ. وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ غَيْرَ الْوَارِثِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ مَاشِيَتَهُ نِصَابٌ لَا زَكَاةَ وَإِنْ أَسَامَهَا إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ فَلْيُحَرَّرْ اهـ.

أَقُولُ: وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَقْرَبُ فَإِنَّهُمْ إذَا اشْتَرَطُوا كَوْنَ الْمَالِ نِصَابًا وَلَمْ يَذْكُرُوا اشْتِرَاطَ الْعِلْمِ.

بِخِلَافِ السَّوْمِ فَإِنَّهُمْ لَمْ يَكْتَفُوا بِمُجَرَّدِهِ بَلْ اشْتَرَطُوا قَصْدَهُ، وَقَدْ حَصَلَ فَلَا أَثَرَ لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِكَوْنِهِ نِصَابًا (قَوْلُهُ: لَمْ يُؤَثِّرْ فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ) أَيْ حَيْثُ كَانَ الْقَدْرُ الَّذِي عَلَفَهَا بِهِ تَعِيشُ بِدُونِهِ بِلَا ضَرَرٍ بَيِّنٍ (قَوْلُهُ: أُخِذَتْ زَكَاتُهَا) أَيْ نَدْبًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَوَقَّفَ ذَلِكَ عَلَى عِقَالٍ لَزِمَهُ أَيْضًا) أَيْ وَيَتَصَرَّفُ فِيهِ السَّاعِي بِمَا يَتَعَلَّقُ بِمَالِ الزَّكَاةِ وَيَبْرَأُ الْمَالِكُ بِتَسْلِيمِهَا لِلسَّاعِي عَلَى الْوَجْهِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 68