المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[ما يشترط في وجوب نسك المرأة] - نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج - جـ ٣

[الرملي، شمس الدين]

فهرس الكتاب

- ‌فَصْلٌ فِي دَفْنِ الْمَيِّتِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ

- ‌[اللَّحْدُ أَفْضَلُ مِنْ الشَّقِّ]

- ‌لَا يُدْفَنُ اثْنَانِ فِي قَبْرٍ)

- ‌[الْجُلُوس عَلَى الْقَبْرِ]

- ‌[التَّعْزِيَةُ لِأَهْلِ الْمَيِّتِ سُنَّةٌ]

- ‌[يَحْرُمُ النَّدْبُ وَالنَّوْحُ]

- ‌[الْبُكَاءُ عَلَى الْمَيِّتِ قَبْلَ الْمَوْتِ]

- ‌[اتِّبَاعُ الْمُسْلِمِ جِنَازَةَ قَرِيبِهِ الْكَافِرِ]

- ‌[لَا يَحْمِلُ الْجِنَازَةَ إلَّا الرِّجَالُ]

- ‌[اللَّغَطُ فِي سَيْرِ الْجِنَازَةِ]

- ‌[شُرُوطُ صِحَّةِ صَلَاةِ الْجِنَازَة]

- ‌[الدَّفْنُ بِالْمَقْبَرَةِ أَفْضَلُ مِنْ الدَّفْنُ بِالْبَيْتِ]

- ‌[الْمَبِيتُ بِالْمَقْبَرَةِ]

- ‌[الدَّفْنُ لَيْلًا]

- ‌[تَجْصِيصُ الْقَبْرِ وَالْبِنَاءُ عَلَيْهِ وَالْكِتَابَةُ عَلَيْهِ]

- ‌[زِيَارَةُ قُبُورِ الْمُسْلِمِينَ لِلرِّجَالِ]

- ‌[نَقْلُ الْمَيِّتِ قَبْلَ دَفْنِهِ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ آخَرَ]

- ‌كِتَابُ الزَّكَاةِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الْحَيَوَانِ

- ‌[الشَّرْطُ الْأَوَّلُ النَّعَم]

- ‌[الشَّرْطِ الثَّانِي النِّصَابُ]

- ‌فَصْلٌ فِي بَيَانِ كَيْفِيَّةِ الْإِخْرَاجِ لِمَا مَرَّ وَبَعْضِ شُرُوطِ الزَّكَاةِ

- ‌ أَسْبَابِ النَّقْصِ فِي الزَّكَاةِ

- ‌[الْخُلْطَةِ فِي الزَّكَاة]

- ‌بَابُ زَكَاةِ النَّبَاتِ

- ‌[نِصَابُ الْقُوتُ الَّذِي تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ]

- ‌ خَرْصُ الثَّمَرِ)

- ‌[شَرْطُ الْخَارِصِ]

- ‌بَابُ زَكَاةِ النَّقْدِ

- ‌[يُحَرَّمُ عَلَى الرَّجُلِ وَالْخُنْثَى حُلِيُّ الذَّهَبِ]

- ‌[تَحْلِيَةِ الْمُصْحَفِ بِالذَّهَبِ]

- ‌شَرْطُ زَكَاةِ النَّقْدِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الْمَعْدِنِ وَالرِّكَازِ وَالتِّجَارَةِ

- ‌[يُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الْمَعْدِن]

- ‌الرِّكَازِ

- ‌[شَرْطُ الرِّكَاز]

- ‌فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ زَكَاةِ التِّجَارَةِ

- ‌(شَرْطُ وُجُوبِ زَكَاةِ التِّجَارَةِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ

- ‌[تَأْخِيرَ زَكَاةِ الْفِطْرِ إلَى مَا بَعْدَ صَلَاةِ الْعِيدِ]

- ‌[يَلْزَمُهُ فِطْرَةُ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ]

- ‌(مَنْ أَيْسَرَ) بِبَعْضِ صَاعٍ وَهُوَ فِطْرَةُ الْوَاحِدِ (يَلْزَمُهُ)

- ‌[بَابُ مَنْ تَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ]

- ‌فَصْلٌ فِي أَدَاءِ الزَّكَاةِ

- ‌فَصْلٌ فِي تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ

- ‌كِتَابُ الصِّيَامِ

- ‌[إذَا الْهِلَالُ رُئِيَ بِبَلَدٍ لَزِمَ حُكْمُهُ الْبَلَدَ الْقَرِيبَ]

- ‌فَصْلٌ فِي أَرْكَانِ الصَّوْمِ

- ‌[يُسَنُّ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي شَرْطِ الصَّوْمِ]

- ‌فَصْلٌ شَرْطُ صِحَّةِ الصَّوْمِ مِنْ حَيْثُ الْفَاعِلِ وَالْوَقْتِ

- ‌فَصْلٌ فِي شُرُوطِ وُجُوبِ صَوْمِ رَمَضَانَ وَمَا يُبِيحُ تَرْكَ صَوْمِهِ

- ‌فَصْلٌ فِي فِدْيَةِ الصَّوْمِ الْوَاجِبِ

- ‌فَصْلٌ فِي مُوجِبِ كَفَّارَةِ الصَّوْمِ

- ‌[مَصْرِفُ فِدْيَةُ الصَّوْم]

- ‌بَابُ صَوْمِ التَّطَوُّعِ

- ‌ صَوْمُ يَوْمِ (عَرَفَةَ)

- ‌ صَوْمُ (أَيَّامِ) اللَّيَالِي (الْبِيضِ)

- ‌ صَوْمُ (سِتَّةٍ مِنْ شَوَّالٍ)

- ‌[صَوْمُ عَاشُورَاءَ]

- ‌(إفْرَادُ) يَوْمِ (الْجُمُعَةِ) بِالصَّوْمِ

- ‌[وَصَوْمُ الدَّهْرِ غَيْرُ الْعِيدِ]

- ‌كِتَابُ الِاعْتِكَافِ

- ‌[صَوْمُ تَطَوُّعٍ مِنْ غَيْرِ إذْنِ زَوْجِهَا وَهُوَ حَاضِرٌ]

- ‌[شُرُوطُ الْمُعْتَكِفِ]

- ‌فَصْلٌ فِي حُكْمِ الِاعْتِكَافِ الْمَنْذُورِ

- ‌[كِتَابُ الْحَجِّ]

- ‌[شُرُوط صِحَّة الْحَجّ وَالْعُمْرَة]

- ‌[شُرُوط وُجُوب الْحَجّ وَالْعُمْرَة]

- ‌[مَا يُشْتَرَطُ فِي وُجُوبِ نُسُكِ الْمَرْأَةِ]

- ‌بَابُ الْمَوَاقِيتِ لِلنُّسُكِ زَمَانًا وَمَكَانًا

- ‌[الْمِيقَات الزَّمَانِيّ]

- ‌الْمِيقَاتُ الْمَكَانِيُّ

- ‌بَابُ الْإِحْرَامِ

- ‌فَصْلٌ فِي رُكْنِ الْإِحْرَامِ وَمَا يُطْلَبُ لِلْمُحْرِمِ مِنْ الْأُمُورِ الْآتِيَةِ

- ‌[بَابُ دُخُولِ الْمُحْرِمِ مَكَّةَ]

- ‌فَصْلٌ فِيمَا يُطْلَبُ فِي الطَّوَافِ مِنْ وَاجِبَاتٍ وَسُنَنٍ

- ‌[وَاجِبَات الطَّوَاف]

- ‌[سُنَن الطَّوَاف]

- ‌فَصْلٌ فِيمَا يَخْتِمُ بِهِ الطَّوَافَ وَبَيَانُ كَيْفِيَّةِ السَّعْيِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ

- ‌(فَصْلٌ فِي الْمَبِيتِ بِالْمُزْدَلِفَةِ وَالدَّفْعِ مِنْهَا وَفِيمَا يُذْكَرُ مَعَهُمَا

- ‌ الْمَبِيتِ بِمِنًى لَيَالِيَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ

- ‌فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَرْكَانِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، وَبَيَانِ أَوْجُهِ أَدَائِهِمَا مَعَ مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ

- ‌بَابُ مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ

- ‌[مَا يَحِلّ مِنْ شجر الحرم وَمَا يحرم]

- ‌[أَنْوَاعِ الدِّمَاءِ فِي الْحَجّ]

- ‌بَابُ الْإِحْصَارِ وَالْفَوَاتِ

- ‌كِتَابُ الْبَيْعِ

- ‌[شُرُوط الْبَيْع] [

- ‌أَلْفَاظ الْبَيْع]

- ‌[يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بِالْكِنَايَةِ مَعَ النِّيَّةِ]

- ‌[شُرُوط الْعَاقِدِ]

- ‌[شِرَاء الْكَافِر الْمُصْحَف]

- ‌[شُرُوط الْمَبِيع]

- ‌[مِنْ شُرُوط الْمَبِيع طَهَارَة عَيْنه]

- ‌ مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ (النَّفْعُ)

- ‌[مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ إمْكَانُ تَسْلِيمِهِ]

- ‌ مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ (الْمِلْكُ)

- ‌ مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ (الْعِلْمُ بِهِ)

- ‌بَابُ الرِّبَا

- ‌[الْمُمَاثَلَةُ تُعْتَبَرُ فِي الْمَكِيلِ]

- ‌[بَاب الْبُيُوعِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا وَمَا يَتْبَعُهَا]

- ‌[الصُّوَر المستثناة مِنْ النَّهْي عَنْ بَيْع وَشَرْط]

- ‌[بَاعَ عَبْدًا بِشَرْطِ إعْتَاقِهِ]

- ‌فَصْلٌ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي مِنْ الْمَنْهِيَّاتِ الَّتِي لَا يَقْتَضِي النَّهْيُ فَسَادَهَا كَمَا قَالَ

- ‌[بَيْعُ الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ لِعَاصِرِ الْخَمْرِ وَالنَّبِيذِ]

- ‌فَصْلٌ فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ

- ‌[بَيْعُ الْعَرَبُونِ]

- ‌[جُمِعَ الْعَاقِدُ أَوْ الْعَقْدُ فِي صَفْقَةٍ مُخْتَلِفَيْ الْحُكْمِ]

الفصل: ‌[ما يشترط في وجوب نسك المرأة]

وَإِنْ اسْتَوْحَشَ خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ، وَفَارَقَ التَّيَمُّمَ وَغَيْرَهُ بِأَنَّهُ لَا بَدَلَ لِمَا هُنَا بِخِلَافِهِ ثُمَّ، وَتُعْتَبَرُ الِاسْتِطَاعَةُ الْمَارَّةُ فِي الْوَقْتِ، فَلَوْ اسْتَطَاعَ فِي رَمَضَانَ ثُمَّ افْتَقَرَ فِي شَوَّالٍ فَلَا اسْتِطَاعَةَ، وَكَذَا لَوْ افْتَقَرَ بَعْدَ حَجِّهِمْ وَقَبْلَ الرُّجُوعِ لِمَنْ يُعْتَبَرُ فِي حَقِّهِ الْإِيَابُ.

(وَ) يُشْتَرَطُ (فِي) وُجُوبِ نُسُكِ (الْمَرْأَةِ) زِيَادَةٌ عَلَى مَا مَرَّ فِي الرَّجُلِ لَا لِلِاسْتِقْرَارِ (أَنْ يَخْرُجَ مَعَهَا زَوْجٌ أَوْ مَحْرَمٌ) بِنَسَبٍ أَوْ غَيْرِهِ لِتَأْمَنَ عَلَى نَفْسِهَا لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَا تُسَافِرُ الْمَرْأَةُ يَوْمَيْنِ إلَّا وَمَعَهَا زَوْجُهَا» وَلِمَا صَحَّ مِنْ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «لَا تُسَافِرُ الْمَرْأَةُ إلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ» وَلَمْ يُحْمَلْ هَذَا الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ؛ لِأَنَّ ذِكْرَ نَحْوِ الْبَرِيدِ مِنْ بَابِ ذِكْرِ بَعْضِ أَفْرَادِ الْعَامِّ وَهُوَ لَا يُخَصِّصُهُ، وَيَكْفِي الْمَحْرَمُ الذَّكَرُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثِقَةً فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّ الْوَازِعَ الطَّبِيعِيَّ أَقْوَى مِنْ الشَّرْعِيِّ، وَمِثْلُهُ عَبْدَهَا الثِّقَةَ إنْ كَانَتْ ثِقَةً أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَحِلُّ لَهُ نَظَرُهَا وَالْخَلْوَةُ بِهَا حِينَئِذٍ كَمَا يَأْتِي فِي النِّكَاحِ، وَالْمَمْسُوحُ مِثْلُهُ فِي ذَلِكَ.

وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمْ مُرَاهِقًا أَوْ أَعْمَى لَهُ وَجَاهَةٌ وَفِطْنَةٌ بِحَيْثُ تَأْمَنُ عَلَى نَفْسِهَا مَعَهُ كَفَى فِيمَا يَظْهَرُ.

وَاشْتِرَاطُ الْعَبَّادِيُّ الْبَصَرَ فِيهِ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ لَا فِطْنَةَ مَعَهُ، وَإِلَّا فَكَثِيرٌ مِنْ الْعُمْيَانِ أَعْرَفُ بِالْأُمُورِ وَأَدْفَعُ لِلتُّهَمِ وَالرِّيَبِ مِنْ كَثِيرٍ مِنْ الْبُصَرَاءِ، وَالْأَوْجَهُ اشْتِرَاطُ مُصَاحَبَةِ مَنْ يَخْرُجُ مَعَهَا لَهَا بِحَيْثُ يَمْنَعُ تَطَلُّعَ أَعْيُنَ الْفَجَرَةِ إلَيْهَا وَإِنْ بَعُدَ عَنْهَا قَلِيلًا فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ، وَيُعْتَبَرُ فِي الْأَمْرَدِ الْجَمِيلِ خُرُوجُ مَنْ يَأْمَنُ بِهِ عَلَى نَفْسِهِ مَعَهُ مِنْ قَرِيبٍ وَنَحْوِهِ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ (أَوْ نِسْوَةٌ) بِكَسْرِ النُّونِ وَضَمِّهَا جَمْعُ امْرَأَةٍ مِنْ غَيْرِ لَفْظِهَا (ثِقَاتٌ) جَمَعْنَ صِفَاتِ الْعَدَالَةِ وَإِنْ كُنَّ إمَاءً، سَوَاءٌ الْعَجَائِزُ وَغَيْرُهُنَّ، وَمِنْ ثَمَّ جَازَ خَلْوَةُ رَجُلٍ بِامْرَأَتَيْنِ وَلَا عَكْسَ، وَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُ مِنْ عَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِغَيْرِ الثِّقَاتِ ظَاهِرٌ فِي غَيْرِ الْمَحَارِمِ.

أَمَّا فِيهِنَّ فَلَا عَلَى قِيَاسِ مَا مَرَّ فِي الذُّكُورِ. نَعَمْ إنْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ حَمْلُهُنَّ لَهَا عَلَى مَا هُنَّ عَلَيْهِ اُعْتُبِرَ فِيهِنَّ الثِّقَةُ أَيْضًا.

وَيُتَّجَهُ الِاكْتِفَاءُ بِالْمُرَاهِقَاتِ عِنْدَ حُصُولِ الْأَمْنِ بِهِنَّ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ اعْتِبَارَ ثَلَاثٍ غَيْرَهَا، لَكِنْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَتَبِعَهُ جَمَاعَةٌ: يَكْفِي اثْنَتَانِ غَيْرُهَا، وَهُوَ الْأَوْجَهُ لِانْقِطَاعِ الْأَطْمَاعِ بِاجْتِمَاعِهِنَّ، وَقَوْلُ الْأَذْرَعِيُّ: تَكْفِي الْوَاحِدَةُ فِي الْوُجُوبِ مَرْدُودٌ وَإِنْ أَطَالَ فِيهِ وَجَزَمَ بِهِ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، ثُمَّ اعْتِبَارُ الْعَدَدِ بِالنِّسْبَةِ لِلْوُجُوبِ الَّذِي كَلَامُنَا فِيهِ، أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِجَوَازِ خُرُوجِهَا فَلَهَا ذَلِكَ مَعَ وَاحِدَةٍ لِفَرْضِ الْحَجِّ كَمَا فِي شَرْحَيْ الْمُهَذَّبِ وَمُسْلِمٍ، وَمِثْلُهُ الْعُمْرَةُ، وَكَذَا وَحْدَهَا إذَا أَمِنَتْ، وَعَلَيْهِ حَمَلَ مَا دَلَّ مِنْ الْأَخْبَارِ عَلَى جَوَازِ سَفَرِهَا وَحْدَهَا.

أَمَّا سَفَرُهَا وَإِنْ قَصُرَ لِغَيْرِ فَرْضٍ فَحَرَامٌ مَعَ النِّسْوَةِ مُطْلَقًا.

وَعَلَيْهِ حَمَلَ الشَّافِعِيُّ الْخَبَرَ السَّابِقَ، وَفَارَقَ الْوَاجِبَ غَيْرَهُ بِأَنَّ مَصْلَحَةَ تَحْصِيلِهِ اقْتَضَتْ الِاكْتِفَاءَ بِأَدْنَى مَرَاتِبِ مَظِنَّةِ الْأَمْنِ، بِخِلَافِ مَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ فَاحْتِيطَ مَعَهُ فِي تَحْصِيلِ الْأَمْنِ.

وَالْخُنْثَى الْمُشْكِلُ كَالْمَرْأَةِ حَتَّى فِي النِّسَاءِ الْأَجْنَبِيَّاتِ لِجَوَازِ خَلْوَةِ رَجُلٍ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الرُّجُوعِ خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ مَاتَ بَعْدَ حَجَّتِهِمْ وَقَبْلَ الرُّجُوعِ فَإِنَّ الْحَجَّ يَسْتَقِرُّ فِي ذِمَّتِهِ

(قَوْلُهُ: لَا لِلِاسْتِقْرَارِ) أَيْ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهَا وَلَا يَسْتَقِرُّ (قَوْلُهُ: يَوْمَيْنِ) وَفِي رِوَايَةٍ صَحِيحَةٍ فِي أَبِي دَاوُد بَدَلُ الْيَوْمَيْنِ «بَرِيدًا» شَرْحُ الْبَهْجَةِ الْكَبِيرِ (قَوْلُهُ إلَّا وَمَعَهَا زَوْجُهَا) قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: أَوْ مَحْرَمٌ اهـ شَرْحُ مَنْهَجِهِ (قَوْلُهُ: وَلَمَّا صَحَّ إلَخْ) إنَّمَا ذَكَرَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ بَعْدَ الْأُولَى لِيُنَبِّهَ عَلَى أَنَّ الْأُولَى لَيْسَتْ مُتَّفِقًا عَلَيْهَا، وَأَخَّرَهَا لِقِلَّتِهَا وَعَدَمِ شُمُولِهَا لِلزَّوْجِ.

وَقَوْلُهُ إلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ: أَيْ ذِي مَحْرَمِيَّةٍ، وَإِلَّا فَلَا يَظْهَرُ لِقَوْلِهِ صَاحِبُ مَحْرَمٍ مَعْنَى إذْ ذِي بِمَعْنَى صَاحِبٌ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْوَازِعَ) أَيْ الْمَيْلَ (قَوْلُهُ وَلَا عَكَسَ) أَيْ لَا يَجُوزُ خَلْوَةُ رَجُلَيْنِ بِامْرَأَةٍ (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَصُرَ لِغَيْرِ فَرْضٍ إلَخْ) وَمِنْهُ خُرُوجُهُنَّ لِزِيَارَةِ الْقُبُورِ حَيْثُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

[مَا يُشْتَرَطُ فِي وُجُوبِ نُسُكِ الْمَرْأَةِ]

قَوْلُهُ لَا لِلِاسْتِقْرَارِ) مُتَعَلِّقٌ بِوُجُوبٍ (قَوْلُهُ: أَنْ يَخْرُجَ مَعَهَا زَوْجٌ أَوْ مَحْرَمٌ) أَيْ بِأَنْ تَكُونَ بِحَيْثُ لَوْ خَرَجَتْ لَخَرَجَ مَعَهَا مَنْ ذَكَرَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ ذِكْرَ نَحْوِ الْبَرِيدِ إلَخْ) فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَقِبَ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ الْمَارَّةِ مَا لَفْظُهُ: وَفِي رِوَايَةٍ صَحِيحَةٍ فِي أَبِي دَاوُد بَدَلَ الْيَوْمَيْنِ بَرِيدًا، فَكَأَنَّهَا سَقَطَتْ مِنْ الْكَتَبَةِ مِنْ نُسَخِ الشَّارِحِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا ذُكِرَ

ص: 250

بِنِسْوَةٍ ثِقَاتٍ لَا مَحْرَمَ لَهُ فِيهِنَّ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ مُعْتَرِضًا بِهِ قَوْلَ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ بِالْحُرْمَةِ، وَبِهِ اسْتَغْنَى عَنْ تَضْعِيفِ مَا قَدَّمَهُ عَنْ الْبَيَانِ وَغَيْرِهِ مِنْ حُرْمَةِ ذَلِكَ عَلَى الْخُنْثَى؛ لِأَنَّهُ إذَا بَيَّنَ جَوَازَ خَلْوَةِ الرَّجُلِ بِهِنَّ فَالْخُنْثَى الَّذِي يُحْتَمَلُ كَوْنُهُ أُنْثَى بِالْجَوَازِ أَوْلَى فَانْدَفَعَ مَا فِي الْإِسْعَادِ. وَلَوْ تَطَوَّعَتْ بِحَجٍّ وَمَعَهَا مَحْرَمٌ فَمَاتَ فَلَهَا إتْمَامُهُ كَمَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ: أَيْ إنْ أَمِنَتْ عَلَى نَفْسِهَا فِي الْمُضِيِّ وَحَرُمَ عَلَيْهَا التَّحَلُّلَ حِينَئِذٍ وَإِلَّا جَازَ لَهَا التَّحَلُّلُ، وَظَاهِرُ تَعْبِيرِهِ بِالْإِتْمَامِ لُزُومُ الرُّجُوعِ لَهَا لَوْ مَاتَ قَبْلَ إحْرَامِهَا، وَهُوَ مُحْتَمَلٌ بِشَرْطِ أَنْ تَأْمَنَ عَلَى نَفْسِهَا فِي الرُّجُوعِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ لَهَا الْإِحْرَامَ مُطْلَقًا (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ وُجُودُ مُحْرِمٍ) أَوْ نَحْوِهِ (لِإِحْدَاهُنَّ) لِانْقِطَاعِ الْأَطْمَاعِ بِاجْتِمَاعِهِنَّ وَالثَّانِي يُشْتَرَطُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَنُوبُهُنَّ أَمْرٌ فَيَسْتَعِنَّ بِهِ.

(وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ)(تَلْزَمُهَا أُجْرَةُ الْمَحْرَمِ إذَا لَمْ يَخْرُجْ) مَعَهَا (إلَّا بِهَا) وَهِيَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَوَجَدْتَهَا فَاضِلَةً عَمَّا مَرَّ كَأُجْرَةِ الْبَذْرَقَةِ وَأَوْلَى بِاللُّزُومِ لِرُجُوعِ ذَلِكَ إلَى مَعْنًى فِيهَا، فَكَانَ شَبِيهًا بِمُؤْنَةِ الْحَمْلِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ وَأُجْرَةِ الزَّوْجِ كَالْمَحْرَمِ كَمَا فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْأَوْجَهُ إلْحَاقُ النِّسْوَةِ فِي ذَلِكَ بِالْمَحْرَمِ وَإِنْ نَظَرَ فِيهِ الْإِسْنَوِيُّ، وَلَيْسَ لِلْمَرْأَةِ الْحَجُّ إلَّا بِإِذْنِ الزَّوْجِ فَرْضًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ، وَلَوْ امْتَنَعَ مَحْرَمُهَا مِنْ الْخُرُوجِ بِالْأُجْرَةِ لَمْ يُجْبَرْ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ حَدِّ الزِّنَا، وَمِثْلُهُ الزَّوْجُ فِي ذَلِكَ. نَعَمْ لَوْ كَانَ قَدْ أَفْسَدَ حَجَّهَا وَوَجَبَ عَلَيْهَا الْإِحْجَاجُ بِهَا لَزِمَهُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ أُجْرَةٍ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَلَوْ كَانَ عَبْدُهَا مَحْرَمًا لَهَا أَجْبَرَتْهُ عَلَى الْخُرُوجِ، وَفَائِدَةُ لُزُومِ الْأُجْرَةِ مَعَ كَوْنِ النُّسُكِ عَلَى التَّرَاخِي عِصْيَانُهَا بِالْمَوْتِ وَوُجُوبُ قَضَائِهِ مِنْ تَرَكْتهَا أَوْ تَكُونُ قَدْ نَذَرَتْ الْحَجَّ فِي سَنَةٍ مُعَيَّنَةٍ أَوْ خَشِيَتْ الْعَضْبَ، فَإِنْ لَمْ تَقْدِرْ عَلَى ذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْهَا نُسُكٌ.

(الرَّابِعُ) مِنْ شُرُوطِ الِاسْتِطَاعَةِ (أَنْ يَثْبُتَ عَلَى الرَّاحِلَةِ) أَوْ نَحْوِهَا (بِلَا مَشَقَّةٍ شَدِيدَةٍ) فَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ عَلَيْهَا أَصْلًا أَوْ ثَبَتَ فِي مَحْمَلٍ بِمَشَقَّةٍ شَدِيدَةٍ لِكِبَرٍ أَوْ نَحْوِهِ لَوْ يَكُنْ مُسْتَطِيعًا بِنَفْسِهِ. نَعَمْ تُغْتَفَرُ مَشَقَّةٌ تُحْتَمَلُ عَادَةً.

(وَعَلَى الْأَعْمَى الْحَجُّ) أَيْ النُّسُكُ (إنْ وَجَدَ) مَعَ مَا مَرَّ (قَائِدًا) يَقُودُهُ وَيَهْدِيهِ وَيُعِينُهُ عِنْدَ حَاجَتِهِ لِذَلِكَ (وَهُوَ) فِي حَقِّهِ (كَالْمَحْرَمِ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ) فَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ، وَالْأَوْجَهُ اشْتِرَاطُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ مَكِّيًّا وَأَحْسَنَ الْمَشْيِ بِالْعَصَا وَلَا يَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ فِي الْجُمُعَةِ عَنْ الْقَاضِي حُسَيْنٍ لِبُعْدِ الْمَسَافَةِ عَنْ مَكَانِ الْجُمُعَةِ غَالِبًا، وَلَوْ أَمْكَنَ مَقْطُوعُ الْأَطْرَافِ الثُّبُوتَ عَلَى الرَّاحِلَةِ لَزِمَهُ بِشَرْطِ وُجُودِ مُعِينٍ لَهُ، وَالْمُرَادُ بِالرَّاحِلَةِ هُنَا الْبَعِيرُ بِمَحْمَلٍ أَوْ غَيْرِهِ، خِلَافُ الرَّاحِلَةِ فِيمَا مَرَّ فَإِنَّهَا الْبَعِيرُ الْخَالِي عَنْ الْمَحْمَلِ.

(وَالْمَحْجُورُ عَلَيْهِ لِسَفَهٍ كَغَيْرِهِ) فِي وُجُوبِ النُّسُكِ عَلَيْهِ وَلَوْ بِنَحْوِ نَذْرٍ قَبْلَ الْحَجْرِ، وَإِنْ أَحْرَمَ بِهِ بَعْدَهُ أَوْ نَفْلٍ شَرَعَ فِيهِ قَبْلَ الْحَجْرِ؛ لِأَنَّ زِيَادَةَ النَّفَقَةِ حِينَئِذٍ بِسَبَبِ السَّفَرِ تَكُونُ فِي مَالِهِ لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ فَيَصِحُّ إحْرَامُهُ وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ (لَكِنْ لَا يَدْفَعُ الْمَالَ إلَيْهِ) لِئَلَّا يُضَيِّعَهُ (بَلْ يَخْرُجُ مَعَهُ الْوَلِيُّ) بِنَفْسِهِ إنْ شَاءَ لِيُنْفِقَ عَلَيْهِ بِالْمَعْرُوفِ (أَوْ يُنَصِّبَ شَخْصًا لَهُ) ثِقَةً يَنُوبُ عَنْ الْوَلِيِّ وَلَوْ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ إنْ لَمْ يَجِدْ مُتَبَرِّعًا كَافِيًا لِيُنْفِقَ عَلَيْهِ فِي الطَّرِيقِ بِالْمَعْرُوفِ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ أُجْرَتَهُ كَأُجْرَةِ مَنْ يَخْرُجُ مَعَ الْمَرْأَةِ، وَشَمِلَ ذَلِكَ مَا لَوْ قَصُرَتْ مُدَّةُ السَّفَرِ، وَلَا يَرُدُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُمْ لِلْوَلِيِّ أَنْ يُسَلِّمَهُ نَفَقَةَ أُسْبُوعٍ فَأُسْبُوعٍ إذَا كَانَ لَا يُتْلِفُهَا؛ لِأَنَّ الْوَلِيَّ فِي الْحَضَرِ يُرَاقِبُهُ، فَإِنْ أَتْلَفَهَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ السَّفَرِ فَرُبَّمَا أَتْلَفَهَا وَلَا يَجِدُ مَنْ يُنْفِقُ عَلَيْهِ فَيَضِيعَ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ إذَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ، فَإِنْ تَبَرَّعَ الْوَلِيُّ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ وَأَعْطَاهُ السَّفِيهَ مِنْ غَيْرِ تَمْلِيكٍ فَلَا مَنْعَ مِنْهُ.

(النَّوْعُ الثَّانِي

ــ

[حاشية الشبراملسي]

كَانَ خَارِجُ السُّوَرِ وَلَوْ بِإِذْنِ الزَّوْجِ (قَوْلُهُ بِشَرْطٍ أَنْ تَأْمَنَ عَلَى نَفْسِهَا) هُوَ الْمُعْتَمَدُ

(قَوْلُهُ وَوَجَبَ عَلَيْهِ الْإِحْجَاجُ) وَهُوَ الرَّاجِحُ

(قَوْلُهُ: وَالْمَحْجُورُ عَلَيْهِ لَسَفَهٍ إلَخْ) مَفْهُومُهُ أَنَّ الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ بِفَلْسٍ لَيْسَ كَذَلِكَ فَيُمْنَعُ مِنْهُ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغُرَمَاءِ بِأَمْوَالِهِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْحَاجُّ فَوْرِيًّا بِأَنْ أَفْسَدَ الْحَجَّ قَبْلَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ بِالْفَلْسِ فَلِيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجُهُ أَنَّ أُجْرَتَهُ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَأَعْطَاهُ السَّفِيهُ مِنْ غَيْرِ تَمْلِيكٍ) هَذَا الْقَيْدُ لِلْوَاقِعِ فَلَا مَفْهُومَ لَهُ إذْ لَا يَتَأَتَّى تَمْلِيكُهُ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ قَبُولُهُ التَّمْلِيكَ وَالْوَلِيُّ

ص: 251

اسْتِطَاعَةُ تَحْصِيلِهِ) أَيْ الْحَجِّ لَا بِالْمُبَاشَرَةِ بَلْ (بِغَيْرِهِ فَمَنْ مَاتَ) غَيْرُ مُرْتَدٍّ (وَفِي ذِمَّتِهِ حَجٌّ) وَاجِبٌ مُسْتَقِرٌّ وَلَوْ بِنَحْوِ نَذْرٍ بِأَنْ تَمَكَّنَ بَعْدَ قُدْرَتِهِ عَلَى فِعْلِهِ بِنَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ وَذَلِكَ بَعْدَ انْتِصَافِ لَيْلَةِ النَّحْرِ وَمَضَى إمْكَانُ الرَّمْيِ وَالطَّوَافِ وَالسَّعْيِ إنْ دَخَلَ الْحَاجُّ بَعْدَ الْوُقُوفِ ثُمَّ مَاتَ أَثِمَ وَلَوْ شَابًّا، وَإِنْ لَمْ تَرْجِعْ الْقَافِلَةُ وَ (وَجَبَ الْإِحْجَاجُ عَنْهُ) وَزَادَ عَلَى الْمُحَرَّرِ قَوْلُهُ (مِنْ تَرِكَتِهِ) وَلَا بُدَّ مِنْهُ كَمَا يُقْضَى مِنْهَا دَيْنُهُ سَوَاءٌ فِي الْمُتَصَرِّفِ فِيهَا أَكَانَ وَارِثًا أَمْ وَصِيًّا أَمْ حَاكِمًا، وَالْعُمْرَةُ إذَا اسْتَقَرَّتْ كَالْحَجِّ فِيمَا تَقَرَّرَ وَإِنْ لَمْ يُوصِ بِذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ تَرِكَةٌ اُسْتُحِبَّ لِوَارِثِهِ الْحَجُّ عَنْهُ بِنَفْسِهِ أَوْ نَائِبِهِ وَلِأَجْنَبِيٍّ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ الْوَارِثُ وَيَبْرَأُ بِهِ الْمَيِّتُ وَفَارَقَ الصَّوْمَ حَيْثُ تُوَقَّفَ عَلَى إذْنٍ مِنْهُ بِأَنَّهُ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ مَحْضَةٌ بِخِلَافِ الْحَجِّ.

وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ مَا صَحَّ «أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ فِي الْحَجِّ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَثْبُتَ عَلَى الرَّاحِلَةِ أَفَأَحُجُّ عَنْهُ؟ قَالَ: نَعَمْ» وَمَا صَحَّ أَيْضًا «أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَلَمْ تَحُجَّ قَطُّ أَفَأَحُجُّ عَنْهَا؟ قَالَ: حُجِّي عَنْهَا، وَأَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ أُخْتِي نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ وَمَاتَتْ قَبْلَ أَنْ تَحُجَّ أَفَأَحُجُّ عَنْهَا؟ قَالَ: لَوْ كَانَ عَلَى أُخْتِكَ دَيْنٌ أَكُنْتَ قَاضَيْتَهُ؟ قَالَ نَعَمْ، قَالَ فَاقْضُوا حَقَّ اللَّهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِالْقَضَاءِ» فَشَبَّهَ الْحَجَّ بِالدَّيْنِ الَّذِي لَا يَسْقُطُ بِالْمَوْتِ فَوَجَبَ أَنْ يُعْطَى حُكْمُهُ، أَمَّا الْمُرْتَدُّ فَلَا تَصِحُّ الْإِنَابَةُ عَنْهُ، وَهُوَ مَعْلُومٌ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِتَرِكَتِهِ إذْ الْمُرْتَدُّ لَا تَرِكَةَ لَهُ لِتَبَيُّنِ زَوَالِ مِلْكِهِ بِالرِّدَّةِ؛ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ يَلْزَمُ مِنْ صِحَّتِهَا وُقُوعُهَا لِلْمُسْتَنَابِ عَنْهُ وَهُوَ مُسْتَحِيلٌ، وَبِهِ فَارَقَ إخْرَاجَ الزَّكَاةِ مِنْ تَرِكَتِهِ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ وَفِي ذِمَّتِهِ حَجُّ التَّطَوُّعِ فَلَا تَلْزَمُ فِيهِ نِيَابَةٌ عَنْ الْمَيِّتِ، وَمَا تَقَرَّرَ مِنْ اعْتِبَارِ إمْكَانِ الرَّمْيِ هُوَ مَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ التَّهْذِيبِ وَأَقَرَّهُ.

قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَلَا بُدَّ مِنْ زَمَنِ الْحَلْقِ أَوْ التَّقْصِيرِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ رُكْنٌ وَيُعْتَبَرُ الْأَمْنُ فِي السَّيْرِ إلَى مَكَّةَ لِلطَّوَافِ لَيْلًا اهـ. وَهُوَ مَرْدُودٌ إذْ الْحَلْقُ أَوْ التَّقْصِيرُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى زَمَنٍ يَخُصُّهُ؛ لِأَنَّ تَقْصِيرَ ثَلَاثِ شَعَرَاتٍ أَوْ حَلْقَهَا أَوْ نَتْفَهَا كَافٍ، وَيُمْكِنُ فِعْلُهُ وَهُوَ سَائِرٌ إلَى مَكَّةَ فَيَنْدَرِجُ زَمَنُهُ فِي زَمَنِ السَّيْرِ إلَيْهَا، وَلَوْ تَمَكَّنَ مِنْ النُّسُكِ سِنِينَ وَلَمْ يَفْعَلْهُ حَتَّى مَاتَ أَوْ عُضِبَ عَصَى مِنْ آخَرِ سِنِي الْإِمْكَانِ فَيَتَبَيَّنُ بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ عَضْبِهِ فِسْقُهُ فِي الْأَخِيرَةِ بَلْ وَفِيمَا بَعْدَهَا فِي الْمَعْضُوبِ إلَى أَنْ يَفْعَلَ عَنْهُ فَلَا يُحْكَمُ بِشَهَادَتِهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَيُنْقَضُ مَا شَهِدَ بِهِ فِي الْأَخِيرَةِ بَلْ وَفِيمَا بَعْدَهَا فِي الْمَعْضُوبِ إلَى مَا ذَكَرَ كَمَا فِي نَقْضِ الْحُكْمِ بِشُهُودٍ بَانَ فِسْقُهُمْ، وَعَلَى كُلٍّ مَنْ الْوَارِثِ أَوْ الْمَعْضُوبِ الِاسْتِنَابَةُ فَوْرًا لِلتَّقْصِيرِ. .

نَعَمْ لَوْ بَلَغَ مَعْضُوبًا جَازَ لَهُ تَأْخِيرُ الِاسْتِنَابَةِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ (وَالْمَعْضُوبُ) بِضَادٍ مُعْجَمَةٍ مِنْ الْعَضْبِ وَهُوَ الْقَطْعُ كَأَنَّهُ قُطِعَ عَنْ كَمَالِ الْحَرَكَةِ وَبِصَادٍ مُهْمَلَةٍ كَأَنَّهُ قُطِعَ عَصَبُهُ وَوَصَفَهُ بِقَوْلِهِ (الْعَاجِزُ عَنْ الْحَجِّ بِنَفْسِهِ) حَالًا وَمَآلًا لِكِبَرٍ أَوْ زَمَانَةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا وَهُوَ صِفَةٌ كَاشِفَةٌ فِي مَعْنَى التَّفْسِيرِ لِلْمَعْضُوبِ وَلَيْسَتْ خَبَرًا لَهُ بَلْ الْخَبَرُ جُمْلَتَا الشَّرْطِ وَالْجَزَاءِ فِي قَوْلِهِ (إنْ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَيْ أُجْرَةُ كُلٍّ مِنْ الْوَلِيِّ أَوْ مَنْصُوبِهِ

(قَوْلُهُ: مِنْ تَرِكَتِهِ) وَلَا يَشْتَرِطُ فِيمَنْ يَحُجُّ عَنْ غَيْرِهِ مُسَاوَاتُهُ لِلْمَحْجُوجِ عَنْهُ فِي الذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ فَيَكْفِي حَجُّ الْمَرْأَةِ عَنْ الرَّجُلِ كَعَكْسِهِ أَخْذًا مِنْ الْحَدِيثِ الْآتِي (قَوْله إذْ الْمُرْتَدُّ لَا تَرِكَةَ لَهُ) أَيْ مَوْرُوثٌ عَنْهُ، وَإِلَّا فَلَوْ خَلَّفَ مَالًا قُضِيَ مِنْهُ دِينُهُ وَمَا فَضَلَ يَكُونُ فَيْئًا (قَوْلُهُ: مِنْ آخِرِ سِنِي الْإِمْكَانِ) وَالْعِصْيَانُ ابْتِدَاؤُهُ مِنْ وَقْتِ خُرُوجِ قَافِلَةِ بَلَدِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ

(قَوْلُهُ: جَازَ لَهُ تَأْخِيرُ الِاسْتِنَابَةِ) أَيْ فَإِنْ مَاتَ وَلَمْ يَسْتَنِبْ عَصَى مِنْ آخِرِ سِنِي الْإِمْكَانِ (قَوْلُهُ الْعَاجِزُ عَنْ الْحَجِّ) هَلْ يَكْفِي فِي الْعَجْزِ عِلْمُهُ مِنْ نَفْسِهِ بِذَلِكَ أَوْ يَتَوَقَّفُ ذَلِكَ عَلَى

ــ

[حاشية الرشيدي]

لَا يَصِحُّ أَنْ يَتَوَلَّى لَهُ الطَّرَفَيْنِ

(قَوْلُهُ: وَذَلِكَ) يَعْنِي الْمَوْتَ وَكَانَ الْأَوْلَى إسْقَاطَ هَذِهِ الْإِشَارَةِ لِإِيهَامِهَا (قَوْلُهُ: إنْ دَخَلَ الْحَاجُّ) يَعْنِي إلَى مَكَّةَ، وَهُوَ قَيْدٌ فِي الِاكْتِفَاءِ بِمُضِيِّ إمْكَانِ الرَّمْيِ وَالطَّوَافِ وَالسَّعْيِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ مَاتَ) الصَّوَابُ حَذْفُهُ (قَوْلُهُ: أَثِمَ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ حَيْثُ جَعَلَ هَذَا جَوَابَ الشَّرْطِ فِي الْمَتْنِ أَنْ يَزِيدَ وَاوًا مِنْهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَجَبَ الْإِحْجَاجُ عَنْهُ

ص: 252

وَجَدَ أُجْرَةَ مَنْ يَحُجَّ عَنْهُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ) أَيْ مِثْلُ مُبَاشَرَةٍ فَمَا دُونُهَا (لَزِمَهُ) الْحَجُّ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَطِيعٌ بِغَيْرِهِ إذْ الِاسْتِطَاعَةُ كَمَا تَكُونُ بِالنَّفْسِ تَكُون بِبَذْلِ الْمَالِ وَطَاعَةِ الرِّجَالِ، وَلِهَذَا يُقَالُ لِمَنْ لَا يُحْسِنُ الْبِنَاءَ: إنَّكَ مُسْتَطِيعٌ بِنَاءَ دَارِكَ إذَا كَانَ مَعَهُ مَا يَفِي بِبِنَائِهَا، وَإِذَا صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مُسْتَطِيعٌ وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَجُّ. نَعَمْ لَوْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ أَقَلَّ مِنْ مَسَافَةِ الْقَصْرِ أَوْ كَانَ بِمَكَّةَ لَزِمَهُ الْحَجُّ بِنَفْسِهِ لِقِلَّةِ الْمَشَقَّةِ عَلَيْهِ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَأَقَرَّهُ، فَإِذَا انْتَهَى حَالُهُ لِشِدَّةِ الضَّنَا إلَى حَالَةٍ لَا يَحْتَمِلُ مَعَهَا الْحَرَكَةَ بِحَالٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ الِاسْتِنَابَةُ فِي ذَلِكَ كَمَا بَحَثَهُ السُّبْكِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَلَوْ لَمْ يَجِدْ الْمَعْضُوبُ سِوَى أُجْرَةَ مَاشٍ، وَالسَّفَرُ طَوِيلٌ لَزِمَهُ اسْتِئْجَارُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُكَلَّفًا بِالْمَشْيِ لَوْ فَعَلَهُ بِنَفْسِهِ إذْ لَا مَشَقَّةَ عَلَيْهِ فِي مَشْيِ غَيْرِهِ مَا لَمْ يَكُنْ أَصْلًا أَوْ فَرْعًا فَلَا يَلْزَمُهُ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا يَأْتِي فِي الْمُطَاعِ، وَلَوْ اسْتَأْجَرَ مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ فَحَجَّ عَنْهُ ثُمَّ شُفِيَ لَمْ يُجْزِئْهُ وَلَمْ يَقَعْ عَنْهُ فَلَا يَسْتَحِقُّ الْأَجِيرُ أُجْرَةً كَمَا رَجَّحَاهُ هُنَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ: إنَّهُ الصَّوَابُ وَإِنْ رَجَّحَا قَبْلَهُ بِقَلِيلٍ اسْتِحْقَاقَهُ.

(وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهَا) أَيْ الْأُجْرَةِ السَّابِقَةِ (فَاضِلَةٌ عَنْ الْحَاجَاتِ)(الْمَذْكُورَةُ فِيمَنْ حَجَّ بِنَفْسِهِ) وَقَدْ مَرَّ بَيَانُهَا (لَكِنْ لَا يُشْتَرَطُ نَفَقَةُ الْعِيَالِ) وَلَا غَيْرُهَا مِنْ مُؤْنَتِهِمْ (ذَهَابًا وَإِيَابًا) لِإِقَامَتِهِ عِنْدَهُمْ وَتَمَكُّنِهِ مِنْ تَحْصِيلِ مُؤْنَتِهِ وَمُؤْنَتِهِمْ.

نَعَمْ يَشْتَرِطُ كَوْنِ الْأُجْرَةِ فَاضِلَةً عَنْ مُؤْنَتِهِ وَمُؤْنَتِهِمْ يَوْمَ الِاسْتِئْجَارِ (وَلَوْ) وَجَدَ دُونَ الْأُجْرَةِ وَرَضِيَ الْأَجِيرُ بِهِ لَزِمَهُ الِاسْتِئْجَارُ لِاسْتِطَاعَتِهِ، وَالْمِنَّةُ فِيهِ دُونَ الْمِنَّةِ فِي الْمَالِ فَلَوْ لَمْ يَجِدْ أُجْرَةً وَ (بَذَلَ) بِالْمُعْجَمَةِ أَيْ أَعْطَى لَهُ (وَلَدُهُ أَوْ أَجْنَبِيٌّ مَالًا لِلْأُجْرَةِ لَمْ يَجِبْ قَبُولُهُ فِي الْأَصَحِّ) لِمَا فِيهِ مِنْ الْمِنَّةِ.

وَالثَّانِي يَجِبُ كَبَذْلِ الطَّاعَةِ وَالْأَبُ كَالِابْنِ فِي أَصَحِّ احْتِمَالَيْ الْإِمَامِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ كَانَ الْوَلَدُ الْمُطِيعُ عَاجِزًا عَنْ الْحَجِّ أَيْضًا وَقَدَرَ عَلَى أَنْ يَسْتَأْجِرَ لَهُ مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ وَبَذَلَ لَهُ ذَلِكَ وَجَبَ الْحَجُّ عَنْ الْمَبْذُولِ لَهُ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْبَنْدَنِيجِيِّ وَجَمَاعَةٍ.

وَفِي الْمَجْمُوعِ عَنْ تَصْحِيحِ الْمُتَوَلِّي: لَوْ اسْتَأْجَرَ الْمُطِيعُ إنْسَانًا لِلْحَجِّ عَنْ الْمُطَاعِ الْمَعْضُوبِ فَالْمَذْهَبُ لُزُومُهُ إنْ كَانَ الْمُطِيعُ وَلَدًا لِتَمَكُّنِهِ، فَإِنْ كَانَ الْمُطِيعُ أَجْنَبِيًّا فَوَجْهَانِ اهـ.

وَالْأَوْجَهُ عَدَمِ اللُّزُومِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَاعْتَمَدَهُ الْأَذْرَعِيُّ،

ــ

[حاشية الشبراملسي]

إخْبَارِ طَبِيبٍ عَدْلٍ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَقِيَاسُ نَظَائِرِهِ مِنْ التَّيَمُّمِ وَنَحْوِهِ الثَّانِي، وَقَدْ يُقَالُ: بَلْ الْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُ إنَّمَا اُحْتِيجَ لِإِخْبَارِ الطَّبِيبِ ثُمَّ لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ تَرْكِ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ فِعْلُهُ كَالْوُضُوءِ، بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّهُ عَمَلٌ بِمُقْتَضَى الْوُجُوبُ إذْ خُوطِبَ بِهِ عِنْدَ وُجُودِ شُرُوطِهِ وَقَدْ وُجِدَتْ، وَالتَّضْيِيقُ لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ تَرْكُ وَاجِبٍ بَلْ وَلَا مَطْلُوبٍ وَإِنَّمَا تَرَتَّبَ عَلَيْهِ تَعْجِيلُ مَا طُلِبَ مِنْهُ، ثُمَّ رَأَيْت فِي الْعُبَابِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إخْبَارِ طَبِيبَيْنِ عَدْلَيْنِ (قَوْلُهُ: بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ) أَيْ فَلَا يُكَلَّفُ الزِّيَادَةُ وَإِنْ قَلَّتْ قِيَاسًا عَلَى أُجْرَةِ الرَّاحِلَةِ وَيَسْتَرِدُّ مِنْهُ الْأُجْرَةَ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَقَعْ عَنْهُ) أَيْ وَيَقَعُ عَنْ الْأَجِيرِ

(قَوْلُهُ: لَوْ كَانَ الْوَلَدُ الْمُطِيعُ عَاجِزًا) فُهِمَ أَنَّ الْقَادِرَ إذَا بَذَلَ ذَلِكَ لَا يَجِبُ قَبُولُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ اللُّزُومِ) أَيْ عَدَمُ لُزُومِ قَبُولِ ذَلِكَ مِنْ الْوَلَدِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ فِيهِمَا وَالْكَلَامُ فِي الْوَلَدِ الْقَادِرِ لِمَا مَرَّ

ــ

[حاشية الرشيدي]

وَلَعَلَّهُ زَادَهَا وَسَقَطَتْ مِنْ الْكَتَبَةِ

(قَوْلُهُ: وَبَذَلَ لَهُ) أَيْ الْأَجِيرُ (قَوْلُهُ لَوْ كَانَ الْوَلَدُ الْمُطِيعُ عَاجِزًا) قَالَ فِي التُّحْفَةِ: أَوْ قَادِرًا اهـ.

وَأَخَذَ الشَّيْخُ فِي الْحَاشِيَةِ بِمَفْهُومِ هَذَا الْقَيْدِ ثُمَّ اسْتَظْهَرَهُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ بِحَسَبِ مَا فَهِمَ وَلَمْ يَطَّلِعْ عَلَى مَا قَالَهُ فِي التُّحْفَةِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَبْذُولِ لَهُ) اللَّامُ لِلتَّعْلِيلِ أَيْ الْمَبْذُولِ لِأَجْلِهِ (قَوْلُهُ وَفِي الْمَجْمُوعِ إلَخْ) صَدْرُ مَا فِي الْمَجْمُوعِ هُوَ مَا فِي الْبَيَانِ وَإِنَّمَا سَاقَهُ بَعْدَهُ لِبَيَانِ حُكْمِ الْأَجْنَبِيِّ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ) أَيْ مِنْ الْوَجْهَيْنِ فَهُوَ فِي الْأَجْنَبِيِّ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ مِنْ رُجُوعِهِ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ وَعِبَارَةُ الْأَذْرَعِيِّ.

وَقَالَ الْبَغَوِيّ فِي تَعْلِيقِهِ بَعْدَ قَوْلِهِ إنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ قَبُولُ الْمَالِ.

وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ إذَا قَالَ رَجُلٌ لِلْمَعْضُوبِ ائْذَنْ لِي حَتَّى أَسْتَأْجِرَ مَنْ يَحُجُّ عَنْك يَلْزَمُ كَمَا بَذَلَ لَهُ الطَّاعَةَ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ لِأَنَّهُ فِي ضِمْنِهِ تَقْلِيدُ مِنَّةِ الْمَالِ اهـ وَهُوَ كَمَا قَالَ.

وَادَّعَى

ص: 253

وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ أَبِي حَامِدٍ لُزُومَهُ وَكَالْوَلَدِ فِي هَذَا الْوَالِدُ (وَلَوْ بَذَلَ الْوَلَدُ) وَإِنْ سَفَلَ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى (الطَّاعَةَ) فِي فِعْلِ النُّسُكِ بِنَفْسِهِ (وَجَبَ قَبُولُهُ) وَهُوَ الْإِذْنُ لَهُ ذَلِكَ لِحُصُولِ الِاسْتِطَاعَةِ مَعَ خِفَّةِ الْمِنَّةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَالِ، فَإِنْ امْتَنَعَ لَمْ يَأْذَنْ عَنْهُ الْحَاكِمُ فِي الْأَصَحِّ إذْ مَبْنَى الْحَجِّ عَلَى التَّرَاخِي، كَذَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ، وَوَقَعَ فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّ الْحَاكِمَ يَلْزَمُهُ بِالْإِنَابَةِ.

قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ وَلَمْ نَرَ مَنْ قَالَ بِهِ، وَالْمُدْرِكُ فِي الْإِنَابَةِ وَالِاسْتِئْجَارِ وَاحِدٌ، وَاعْتَرَضَهُ الزَّرْكَشِيُّ فِي خَادِمِهِ (وَكَذَا الْأَجْنَبِيُّ) لَوْ بَذَلَ الطَّاعَةَ يَجِبُ قَبُولُهُ (فِي الْأَصَحِّ) لِمَا ذُكِرَ وَالْأَبُ وَالْأُمُّ وَالْأَخُ فِي بَذْلِ الطَّاعَةِ كَالْأَجْنَبِيِّ. وَالثَّانِي لَا لِكَوْنِ الْوَلَدِ بَضْعَةٌ مِنْهُ فَنَفْسُهُ كَنَفْسِهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ، وَمَحَلُّ اللُّزُومِ إذَا وُثِقَ بِهِمْ وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمْ حَجٌّ وَلَوْ نَذْرًا وَكَانُوا مِمَّنْ يَصِحُّ مِنْهُمْ فَرْضُ الْإِسْلَامِ وَلَا عَضْبَ بِهِمْ. وَلَوْ تَوَسَّمَ طَاعَةَ وَاحِدٍ مِنْهُمْ لَزِمَهُ سُؤَالُهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَنْوَارِ وَغَيْرِهِ وَلَا يَلْزَمُ الْوَلَدَ طَاعَتُهُ، بِخِلَافِ إعْفَافِهِ لِعَدَمِ الضَّرَرِ عَلَى الْوَالِدِ هُنَا بِامْتِنَاعِ وَلَدِهِ مِنْ الْحَجِّ إذْ هُوَ حَقُّ الشَّرْعِ، فَإِذَا عَجَزَ عَنْهُ لَمْ يَأْثَمْ وَلَمْ يُكَلَّفْ بِهِ بِخِلَافِهِ ثُمَّ فَإِنَّهُ لِحَقِّ الْوَالِدِ وَضَرَرِهِ عَلَيْهِ فَأَشْبَهَ النَّفَقَةَ.

قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ، وَمَتَى كَانَ الْأَصْلُ وَإِنْ عَلَا أَوْ الْفَرْعُ وَإِنْ سَفَلَ مَاشِيًا أَوْ مُعَوِّلًا عَلَى الْكَسْبِ أَوْ السُّؤَالِ وَلَوْ رَاكِبًا أَوْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا وَمِنْ الْأَجْنَبِيِّ مُغَرِّرًا بِنَفْسِهِ بِأَنْ يَرْكَبَ مَفَازَةً لَا كَسْبَ بِهَا وَلَا سُؤَالَ لَمْ يَلْزَمْهُ قَبُولٌ فِي ذَلِكَ لِمَشَقَّةِ مَشْيِ مَنْ ذُكِرَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَشْيِ الْأَجْنَبِيِّ، وَالْكَسْبُ قَدْ يَنْقَطِعُ وَالسَّائِلُ قَدْ يُمْنَعُ وَالتَّغْرِيرُ بِالنَّفْسِ حَرَامٌ، وَمَرَّ أَنَّ الْقَادِرَ عَلَى الْمَشْيِ وَالْكَسْبِ فِي يَوْمٍ كِفَايَةُ أَيَّامٍ غَيْرُ مَعْذُورٍ فِي السَّفَرِ الْقَصِيرِ فَيَظْهَرُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وُجُوبُ الْقَبُولِ فِي الْمَكِّيِّ وَنَحْوِهِ، وَحَيْثُ أَجَابَ الْمُطَاعُ لَمْ يَرْجِعْ، وَكَذَا الْمُطِيعُ إنْ أَحْرَمَ، وَلَوْ مَاتَ الْمُطِيعُ أَوْ الْمُطَاعُ أَوْ رَجَعَ الْمُطِيعُ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ إمْكَانِ الْحَجِّ سَوَاءٌ أَذِنَ لَهُ الْمُطَاعُ أَمْ لَا كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُ الْمَجْمُوعِ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ اسْتَقَرَّ الْوُجُوبُ فِي ذِمَّةِ الْمُطَاعِ وَإِلَّا فَلَا، وَاقْتِضَاءُ كَلَامِ الْمَجْمُوعِ أَنَّ الِاسْتِقْرَارَ إنَّمَا هُوَ فِي ذِمَّةِ الْمُطِيعِ غَيْرُ مُرَادٍ وَإِنْ اغْتَرَّ بِهِ فِي الْإِسْعَادِ إذْ كَيْفَ يَسْتَقِرُّ فِي ذِمَّتِهِ مَعَ جَوَازِ الرُّجُوعِ كَمَا مَرَّ، وَوُجُوبُ قَبُولِ الْمُطِيعِ خَاصٌّ بِالْمَعْضُوبِ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْحَاوِي، فَلَوْ تَطَوُّعَ آخَرُ عَنْ مَيِّتٍ بِفِعْلِ حِجَّةِ الْإِسْلَامِ لَمْ يَجِبْ عَلَى الْوَارِثِ قَبُولُهُ؛ لِأَنَّ لَهُ الِاسْتِقْلَالَ بِذَلِكَ مِنْ غَيْرِ إذْنٍ كَمَا مَرَّ، وَلَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ أَوْ مَنْ يُطِيعُهُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِطَاعَتِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَجُّ اعْتِبَارًا بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَمَا اسْتَشْكَلَهُ الشَّيْخَانِ مِنْ أَنَّهُ مُعَلَّقٌ بِالِاسْتِطَاعَةِ وَلَا اسْتِطَاعَةَ مَعَ عَدَمِ الْعِلْمِ بِالْمَالِ وَالطَّاعَةِ يُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الِاسْتِطَاعَةَ: إمَّا اسْتِطَاعَةٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُبَاشَرَةِ وَهَذِهِ مُنْتَفِيَةٌ مَعَ الْجَهْلِ وَإِمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلِاسْتِقْرَارِ وَهِيَ غَيْرُ مُنْتَفِيَةٍ فِيهِ

وَتَجُوزُ النِّيَابَةُ فِي نُسُكِ التَّطَوُّعِ كَمَا فِي النِّيَابَةِ عَنْ الْمَيِّتِ إذَا أَوْصَى بِهِ وَلَوْ كَانَ النَّائِبُ فِيهِ صَبِيًّا مُمَيِّزًا أَوْ عَبْدًا، بِخِلَافِ الْفَرْضِ لِأَنَّهُمَا مِنْ أَهْلِ التَّطَوُّعِ بِالنُّسُكِ لِأَنْفُسِهِمَا، وَيَجُوزُ أَنْ يَحُجَّ عَنْ غَيْرِهِ بِالنَّفَقَةِ وَهِيَ الْكِفَايَةُ كَمَا يَجُوزُ بِالْإِجَارَةِ وَالْجَعَالَة وَإِنْ اسْتَأْجَرَ بِهَا لَمْ يَصِحَّ لِجَهَالَةِ الْعِوَضِ، وَلَوْ قَالَ مَعْضُوبٌ: مَنْ حَجَّ عَنِّي فَلَهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ، فَمَنْ حَجَّ عَنْهُ مِمَّنْ سَمِعَهُ أَوْ سَمِعَ مَنْ أَخْبَرَهُ عَنْهُ اسْتَحَقَّهَا وَإِنْ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فِي الْعَاجِزِ (قَوْلُهُ: بَضْعَةٌ مِنْهُ) بِفَتْحِ الْبَاءِ، قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: وَالْبَضْعَةُ بِالْفَتْحِ: الْقِطْعَةُ مِنْ اللَّحْمِ وَالْجَمْعُ بَضْعٌ مِثْلَ تَمْرَةٌ وَتَمْرٌ، وَقِيلَ بِضَعٌ مِثْلُ بَدْرَةٍ وَبَدَرٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَوَسَّمْ) أَيْ جَوَّزَ (قَوْلُهُ: وَحَيْثُ أَجَابَ الْمُطَاعُ لَمْ يَرْجِعْ) أَيْ لَمْ يَجُزْ لَهُ الرُّجُوعُ حَتَّى لَوْ رَجَعَ وَتَرَتَّبَ عَلَى رُجُوعِهِ امْتِنَاعُ الْمُطِيعِ مِنْ الْفِعْلِ تَبَيَّنَ عِصْيَانُهُ وَاسْتِقْرَارُ الْحَجِّ فِي ذِمَّتِهِ (قَوْلُهُ وَهِيَ غَيْرُ مُنْتَفِيَةٌ فِيهِ) أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ لِعُذْرِهِ

(قَوْلُهُ: أَوْ سَمِعَ مَنْ أَخْبَرَهُ عَنْهُ) أَيْ وَوَقَعَ فِي قَلْبِهِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

الرُّويَانِيُّ أَنَّ الْمَذْهَبَ مَا قَالَهُ أَبُو حَامِدٍ اهـ كَلَامُ الْأَذْرَعِيِّ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ أَذِنَ لَهُ الْمُطَاعُ أَمْ لَا) هَذَا لَا يُنَافِيهِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ حَجُّهُ عَنْهُ إلَّا بِإِذْنِهِ، لِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي مُجَرَّدِ الِاسْتِقْرَارِ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: وَوُجُوبُ قَبُولِ الْمُطِيعِ) الْمَصْدَرُ مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ.

ص: 254