المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

لِأَنَّ الْعُمْرَةَ لَا تَدْخُلُ عَلَى الْعُمْرَةِ كَمَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي أَبُو - نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج - جـ ٣

[الرملي، شمس الدين]

فهرس الكتاب

- ‌فَصْلٌ فِي دَفْنِ الْمَيِّتِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ

- ‌[اللَّحْدُ أَفْضَلُ مِنْ الشَّقِّ]

- ‌لَا يُدْفَنُ اثْنَانِ فِي قَبْرٍ)

- ‌[الْجُلُوس عَلَى الْقَبْرِ]

- ‌[التَّعْزِيَةُ لِأَهْلِ الْمَيِّتِ سُنَّةٌ]

- ‌[يَحْرُمُ النَّدْبُ وَالنَّوْحُ]

- ‌[الْبُكَاءُ عَلَى الْمَيِّتِ قَبْلَ الْمَوْتِ]

- ‌[اتِّبَاعُ الْمُسْلِمِ جِنَازَةَ قَرِيبِهِ الْكَافِرِ]

- ‌[لَا يَحْمِلُ الْجِنَازَةَ إلَّا الرِّجَالُ]

- ‌[اللَّغَطُ فِي سَيْرِ الْجِنَازَةِ]

- ‌[شُرُوطُ صِحَّةِ صَلَاةِ الْجِنَازَة]

- ‌[الدَّفْنُ بِالْمَقْبَرَةِ أَفْضَلُ مِنْ الدَّفْنُ بِالْبَيْتِ]

- ‌[الْمَبِيتُ بِالْمَقْبَرَةِ]

- ‌[الدَّفْنُ لَيْلًا]

- ‌[تَجْصِيصُ الْقَبْرِ وَالْبِنَاءُ عَلَيْهِ وَالْكِتَابَةُ عَلَيْهِ]

- ‌[زِيَارَةُ قُبُورِ الْمُسْلِمِينَ لِلرِّجَالِ]

- ‌[نَقْلُ الْمَيِّتِ قَبْلَ دَفْنِهِ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ آخَرَ]

- ‌كِتَابُ الزَّكَاةِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الْحَيَوَانِ

- ‌[الشَّرْطُ الْأَوَّلُ النَّعَم]

- ‌[الشَّرْطِ الثَّانِي النِّصَابُ]

- ‌فَصْلٌ فِي بَيَانِ كَيْفِيَّةِ الْإِخْرَاجِ لِمَا مَرَّ وَبَعْضِ شُرُوطِ الزَّكَاةِ

- ‌ أَسْبَابِ النَّقْصِ فِي الزَّكَاةِ

- ‌[الْخُلْطَةِ فِي الزَّكَاة]

- ‌بَابُ زَكَاةِ النَّبَاتِ

- ‌[نِصَابُ الْقُوتُ الَّذِي تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ]

- ‌ خَرْصُ الثَّمَرِ)

- ‌[شَرْطُ الْخَارِصِ]

- ‌بَابُ زَكَاةِ النَّقْدِ

- ‌[يُحَرَّمُ عَلَى الرَّجُلِ وَالْخُنْثَى حُلِيُّ الذَّهَبِ]

- ‌[تَحْلِيَةِ الْمُصْحَفِ بِالذَّهَبِ]

- ‌شَرْطُ زَكَاةِ النَّقْدِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الْمَعْدِنِ وَالرِّكَازِ وَالتِّجَارَةِ

- ‌[يُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الْمَعْدِن]

- ‌الرِّكَازِ

- ‌[شَرْطُ الرِّكَاز]

- ‌فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ زَكَاةِ التِّجَارَةِ

- ‌(شَرْطُ وُجُوبِ زَكَاةِ التِّجَارَةِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ

- ‌[تَأْخِيرَ زَكَاةِ الْفِطْرِ إلَى مَا بَعْدَ صَلَاةِ الْعِيدِ]

- ‌[يَلْزَمُهُ فِطْرَةُ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ]

- ‌(مَنْ أَيْسَرَ) بِبَعْضِ صَاعٍ وَهُوَ فِطْرَةُ الْوَاحِدِ (يَلْزَمُهُ)

- ‌[بَابُ مَنْ تَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ]

- ‌فَصْلٌ فِي أَدَاءِ الزَّكَاةِ

- ‌فَصْلٌ فِي تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ

- ‌كِتَابُ الصِّيَامِ

- ‌[إذَا الْهِلَالُ رُئِيَ بِبَلَدٍ لَزِمَ حُكْمُهُ الْبَلَدَ الْقَرِيبَ]

- ‌فَصْلٌ فِي أَرْكَانِ الصَّوْمِ

- ‌[يُسَنُّ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي شَرْطِ الصَّوْمِ]

- ‌فَصْلٌ شَرْطُ صِحَّةِ الصَّوْمِ مِنْ حَيْثُ الْفَاعِلِ وَالْوَقْتِ

- ‌فَصْلٌ فِي شُرُوطِ وُجُوبِ صَوْمِ رَمَضَانَ وَمَا يُبِيحُ تَرْكَ صَوْمِهِ

- ‌فَصْلٌ فِي فِدْيَةِ الصَّوْمِ الْوَاجِبِ

- ‌فَصْلٌ فِي مُوجِبِ كَفَّارَةِ الصَّوْمِ

- ‌[مَصْرِفُ فِدْيَةُ الصَّوْم]

- ‌بَابُ صَوْمِ التَّطَوُّعِ

- ‌ صَوْمُ يَوْمِ (عَرَفَةَ)

- ‌ صَوْمُ (أَيَّامِ) اللَّيَالِي (الْبِيضِ)

- ‌ صَوْمُ (سِتَّةٍ مِنْ شَوَّالٍ)

- ‌[صَوْمُ عَاشُورَاءَ]

- ‌(إفْرَادُ) يَوْمِ (الْجُمُعَةِ) بِالصَّوْمِ

- ‌[وَصَوْمُ الدَّهْرِ غَيْرُ الْعِيدِ]

- ‌كِتَابُ الِاعْتِكَافِ

- ‌[صَوْمُ تَطَوُّعٍ مِنْ غَيْرِ إذْنِ زَوْجِهَا وَهُوَ حَاضِرٌ]

- ‌[شُرُوطُ الْمُعْتَكِفِ]

- ‌فَصْلٌ فِي حُكْمِ الِاعْتِكَافِ الْمَنْذُورِ

- ‌[كِتَابُ الْحَجِّ]

- ‌[شُرُوط صِحَّة الْحَجّ وَالْعُمْرَة]

- ‌[شُرُوط وُجُوب الْحَجّ وَالْعُمْرَة]

- ‌[مَا يُشْتَرَطُ فِي وُجُوبِ نُسُكِ الْمَرْأَةِ]

- ‌بَابُ الْمَوَاقِيتِ لِلنُّسُكِ زَمَانًا وَمَكَانًا

- ‌[الْمِيقَات الزَّمَانِيّ]

- ‌الْمِيقَاتُ الْمَكَانِيُّ

- ‌بَابُ الْإِحْرَامِ

- ‌فَصْلٌ فِي رُكْنِ الْإِحْرَامِ وَمَا يُطْلَبُ لِلْمُحْرِمِ مِنْ الْأُمُورِ الْآتِيَةِ

- ‌[بَابُ دُخُولِ الْمُحْرِمِ مَكَّةَ]

- ‌فَصْلٌ فِيمَا يُطْلَبُ فِي الطَّوَافِ مِنْ وَاجِبَاتٍ وَسُنَنٍ

- ‌[وَاجِبَات الطَّوَاف]

- ‌[سُنَن الطَّوَاف]

- ‌فَصْلٌ فِيمَا يَخْتِمُ بِهِ الطَّوَافَ وَبَيَانُ كَيْفِيَّةِ السَّعْيِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ

- ‌(فَصْلٌ فِي الْمَبِيتِ بِالْمُزْدَلِفَةِ وَالدَّفْعِ مِنْهَا وَفِيمَا يُذْكَرُ مَعَهُمَا

- ‌ الْمَبِيتِ بِمِنًى لَيَالِيَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ

- ‌فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَرْكَانِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، وَبَيَانِ أَوْجُهِ أَدَائِهِمَا مَعَ مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ

- ‌بَابُ مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ

- ‌[مَا يَحِلّ مِنْ شجر الحرم وَمَا يحرم]

- ‌[أَنْوَاعِ الدِّمَاءِ فِي الْحَجّ]

- ‌بَابُ الْإِحْصَارِ وَالْفَوَاتِ

- ‌كِتَابُ الْبَيْعِ

- ‌[شُرُوط الْبَيْع] [

- ‌أَلْفَاظ الْبَيْع]

- ‌[يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بِالْكِنَايَةِ مَعَ النِّيَّةِ]

- ‌[شُرُوط الْعَاقِدِ]

- ‌[شِرَاء الْكَافِر الْمُصْحَف]

- ‌[شُرُوط الْمَبِيع]

- ‌[مِنْ شُرُوط الْمَبِيع طَهَارَة عَيْنه]

- ‌ مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ (النَّفْعُ)

- ‌[مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ إمْكَانُ تَسْلِيمِهِ]

- ‌ مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ (الْمِلْكُ)

- ‌ مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ (الْعِلْمُ بِهِ)

- ‌بَابُ الرِّبَا

- ‌[الْمُمَاثَلَةُ تُعْتَبَرُ فِي الْمَكِيلِ]

- ‌[بَاب الْبُيُوعِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا وَمَا يَتْبَعُهَا]

- ‌[الصُّوَر المستثناة مِنْ النَّهْي عَنْ بَيْع وَشَرْط]

- ‌[بَاعَ عَبْدًا بِشَرْطِ إعْتَاقِهِ]

- ‌فَصْلٌ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي مِنْ الْمَنْهِيَّاتِ الَّتِي لَا يَقْتَضِي النَّهْيُ فَسَادَهَا كَمَا قَالَ

- ‌[بَيْعُ الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ لِعَاصِرِ الْخَمْرِ وَالنَّبِيذِ]

- ‌فَصْلٌ فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ

- ‌[بَيْعُ الْعَرَبُونِ]

- ‌[جُمِعَ الْعَاقِدُ أَوْ الْعَقْدُ فِي صَفْقَةٍ مُخْتَلِفَيْ الْحُكْمِ]

الفصل: لِأَنَّ الْعُمْرَةَ لَا تَدْخُلُ عَلَى الْعُمْرَةِ كَمَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي أَبُو

لِأَنَّ الْعُمْرَةَ لَا تَدْخُلُ عَلَى الْعُمْرَةِ كَمَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ.

وَلَوْ أَحْرَمَ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ ثُمَّ شَكَّ هَلْ أَحْرَمَ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ فَهُوَ عُمْرَةٌ، أَوْ أَحْرَمَ بِحَجٍّ ثُمَّ شَكَّ هَلْ كَانَ إحْرَامُهُ فِي أَشْهُرِهِ أَمْ قَبْلَهَا قَالَ الصَّيْمَرِيُّ: كَانَ حَجًّا؛ لِأَنَّهُ تَيَقَّنَ إحْرَامَهُ الْآنَ وَشَكَّ فِي تَقَدُّمِهِ.

قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ، وَالْمِيقَاتُ الزَّمَانِيُّ لِلْعُمْرَةِ جَمِيعُ السَّنَةِ كَمَا قَالَ (وَجَمِيعُ السَّنَةِ وَقْتٌ لِإِحْرَامِ الْعُمْرَةِ) وَجَمِيعُ أَفْعَالِهَا لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم اعْتَمَرَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مُتَفَرِّقَاتٍ فِي ذِي الْقِعْدَةِ: أَيْ فِي ثَلَاثَةِ أَعْوَامٍ، وَأَنَّهُ اعْتَمَرَ عُمْرَةً فِي رَجَبٍ» كَمَا رَوَاهُ ابْنُ عُمَرَ وَإِنْ أَنْكَرَتْهُ عَلَيْهِ عَائِشَةُ، وَأَنَّهُ قَالَ:«عُمْرَةٌ فِي رَمَضَانَ تَعْدِلُ حِجَّةً» وَفِي رِوَايَةٍ لَهُمَا «حِجَّةٌ مَعِي» وَرُوِيَ «أَنَّهُ اعْتَمَرَ فِي رَمَضَانَ وَفِي شَوَّالٍ» فَدَلَّتْ السُّنَّةُ عَلَى عَدَمِ التَّأْقِيتِ، وَقَدْ يُمْتَنَعُ الْإِحْرَامُ بِهَا فِي أَوْقَاتٍ كَمَا لَوْ كَانَ مُحْرِمًا بِعُمْرَةٍ وَقَدْ مَرَّ أَوْ كَانَ مُحْرِمًا بِحَجٍّ إذْ الْعُمْرَةُ لَا تَدْخُلُ عَلَيْهِ أَوْ أَحْرَمَ بِهَا قَبْلَ نَفْرِهِ لِاشْتِغَالِهِ بِالرَّمْيِ وَالْمَبِيتِ فَهُوَ عَاجِزٌ عَنْ الِاشْتِغَالِ بِعَمَلِهَا، وَلِأَنَّ بَقَاءَ أَثَرِ الْإِحْرَامِ كَبَقَائِهِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الرَّمْيُ وَالْمَبِيتُ وَمَنْ سَقَطَا عَنْهُ: أَيْ وَلَمْ يَنْفِرْ فَتَعْبِيرٌ كَثِيرٌ بِمِنًى إنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَارِ الْأَصْلِ وَالْغَالِبِ، وَأَنَّهُ يَمْتَنِعُ حَجَّتَانِ فِي عَامٍ وَاحِدٍ وَهُوَ مَا فِي الْأُمِّ وَجَزَمَ بِهِ الْأَصْحَابُ وَحَكَى فِيهِ الْإِجْمَاعَ، وَتَصْوِيرُ الزَّرْكَشِيّ وُقُوعَهُمَا فِي عَامٍ وَاحِدٍ مَرْدُودٌ، أَمَّا إحْرَامُهُ بِهَا بَعْدَ نَفْرِهِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي فَصَحِيحٌ مُطْلَقًا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَإِنْ بَقِيَ وَقْتُ الرَّمْيِ فِي الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ بِهِ خَرَجَ مِنْ الْحَجِّ وَصَارَ كَمَا لَوْ مَضَى وَقْتُ الرَّمْيِ، وَلَا يُكْرَهُ تَكْرِيرُهَا بَلْ يُسَنُّ الْإِكْثَارُ مِنْهَا «؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم اعْتَمَرَ فِي عَامٍ مَرَّتَيْنِ» وَكَذَلِكَ عَائِشَةُ وَابْنُ عُمَرَ، وَيَتَأَكَّدُ فِي رَمَضَانَ وَفِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَهِيَ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ وَالْعِيدِ وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ لَيْسَتْ كَفَضْلِهَا فِي غَيْرِهَا؛ لِأَنَّ الْأَفْضَلَ فِعْلُ الْحَجِّ فِيهَا وَشُغْلُ الزَّمَنِ بِالِاعْتِمَارِ أَفْضَلُ مِنْ صَرْفِ قَدْرِهِ فِي الطَّوَافِ عَلَى الْأَصَحِّ. .

ثُمَّ شَرَعَ فِي الْمَكَانِ فَقَالَ (وَ‌

‌الْمِيقَاتُ الْمَكَانِيُّ

لِلْحَجِّ) وَلَوْ بِقِرَانٍ (فِي حَقِّ مَنْ بِمَكَّةَ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِهَا (نَفْسُ مَكَّةَ) لِلْخَبَرِ الْآتِي (وَقِيلَ كُلُّ الْحُرُمِ) ؛ لِأَنَّ مَكَّةَ وَسَائِرَ الْحَرَمِ فِي الْحُرْمَةِ سَوَاءٌ، فَلَوْ أَحْرَمَ بَعْدَ مُفَارَقَةِ بُنْيَانِ مَكَّةَ وَلَمْ يَرْجِعْ إلَيْهَا إلَّا بَعْدَ الْوُقُوفِ أَسَاءَ عَلَى الْأَوَّلِ وَلَزِمَهُ دَمٌ دُونَ الثَّانِي.

نَعَمْ بَحَثَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ لَوْ أَحْرَمَ مِنْ مُحَاذَاتِهَا فَلَا إسَاءَةَ وَلَا دَمَ كَمَا لَوْ أَحْرَمَ مِنْ مُحَاذَاةِ سَائِرِ الْمَوَاقِيتِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ، وَإِنْ نَظَرَ فِيهِ، وَفِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَاعْتَمَدَهُ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّ مَحَلَّ الْإِسَاءَةِ فِيمَا ذَكَرَ إذَا لَمْ يَصِلْ إلَى مِيقَاتٍ، فَإِنْ عَادَ إلَيْهَا قَبْلَ الْوُقُوفِ وَلَمْ يَصِلْ فِي خُرُوجِهِ مَسَافَةَ الْقَصْرِ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ الدَّمُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ وَصَلَ إلَيْهَا فَلَا يَسْقُطُ إلَّا بِوُصُولِهِ لِمِيقَاتِ الْآفَاقِيِّ صَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ، وَسَيُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي أَنَّ مَنْ مَسْكَنُهُ بَعْدَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْعِلَّةِ الثَّانِيَةِ وَهِيَ قَوْلُهُ وَلِأَنَّ بَقَاءَ أَثَرِ الْإِحْرَامِ إلَخْ (قَوْلُهُ بِمِنًى) أَيْ حَيْثُ قَالُوا وَلَوْ أَحْرَمَ بِهَا بِمِنًى (قَوْلُهُ: وَتَصْوِيرُ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ يَأْتِيَ مَكَّةَ نِصْفَ اللَّيْلَةِ وَيَطُوفُ وَيَسْعَى بَعْدَ الْوُقُوفِ ثُمَّ يَرْجِعُ إلَى مِنًى لِحُصُولِ التَّحَلُّلَيْنِ بِمَا فَعَلَهُ، وَوَجْهُ رَدِّهِ بَقَاءُ أَثَرِ الْإِحْرَامِ الْمَانِعِ مِنْ حَجِّهِ الْحِجَّةُ الثَّانِيَةُ مِنْ الْمَبِيتِ بِمِنًى وَرَمْيُ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ (قَوْلُهُ: لَيْسَتْ كَفَضْلِهَا فِي غَيْرِهَا) أَيْ بَلْ فَضْلُهَا فِيهَا دُونَهُ فِي غَيْرِهَا كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ لِأَنَّ الْأَفْضَلَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَشُغْلُ الزَّمَنِ بِالِاعْتِمَارِ أَفْضَلُ) أَيْ لِأَنَّهَا لَا تَقَعُ مِنْ الْمُكَلَّفِ الْحُرِّ إلَّا فَرْضًا وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ التَّطَوُّعِ اهـ حَجّ

(قَوْلُهُ: وَلَا دَمَ) خِلَافًا لحج حَيْثُ قَالَ: عَلَيْهِ دَمٌ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ أَيْ فِي ثَلَاثَةِ أَعْوَامٍ) تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ مُتَفَرِّقَاتٍ (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ يَمْتَنِعُ حَجَّتَانِ) مَعْطُوفٌ عَلَى عَدَمِ الْفَرْقِ (قَوْلُهُ: وَيَتَأَكَّدُ فِي رَمَضَانَ وَفِي أَشْهُرِ الْحَجِّ) قَدْ يُقَالُ: إنَّهُ يُؤْخَذُ مِمَّا يَأْتِي مِنْ أَفْضَلِيَّتِهِ الْإِفْرَادُ عَلَى التَّمَتُّعِ أَنَّ مَحَلَّ التَّأَكُّدِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ فِيمَنْ لَمْ يُرِدْ الْحَجَّ فِي عَامِهِ فَلْيُرَاجَعْ.

[الْمِيقَاتُ الْمَكَانِيُّ]

(قَوْلُهُ: فَإِنْ عَادَ إلَيْهَا قَبْلَ الْوُقُوفِ إلَخْ) هَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ فَلَوْ أَحْرَمَ بَعْدَ مُفَارَقَةِ بُنْيَانِ مَكَّةَ وَلَمْ يَرْجِعْ إلَيْهَا إلَخْ فَلَا تَعَلُّقَ لَهُ بِمَا قَبْلَهُ كَمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ وَصَلَ إلَيْهَا) أَيْ إلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ

ص: 258

الْمِيقَاتِ وَلَوْ فِي الْحَرَمِ يَكُونُ مَحَلُّهُ مِيقَاتُهُ، وَالْأَفْضَلُ لِلْمَكِّيِّ أَنْ يُصَلِّيَ بِالْمَسْجِدِ سُنَّةَ الْإِحْرَامِ ثُمَّ يَأْتِيَ إلَى بَابِ دَارِهِ وَيُحْرِمَ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ غَيْرُ مُسْتَحَبٍّ عَقِبَ الصَّلَاةِ بَلْ عِنْدَ الْخُرُوجِ إلَى عَرَفَاتٍ ثُمَّ يَأْتِي الْمَسْجِدَ لِطَوَافِ الْوَدَاعِ، فَانْدَفَعَ اسْتِشْكَالُ الصَّلَاةِ فِي الْمَسْجِدِ بِالْإِحْرَامِ مِنْ بَابِ دَارِهِ وَلَا يُسَنُّ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ الطَّرَفِ الْأَبْعَدِ مِنْ مَكَّةَ لِيَقْطَعَ الْبَاقِيَ مُحْرِمًا، بِخِلَافِ مَنْ مِيقَاتُهُ قَرْيَتُهُ أَوْ حِلَّتُهُ لِأَنَّ ذَاكَ يَقْصِدُ مَكَانًا أَشْرَفَ مِمَّا هُوَ بِهِ وَهَذَا بِعَكْسِهِ.

(وَأَمَّا غَيْرُهُ) وَهُوَ مَنْ لَمْ يَكُنْ بِمَكَّةَ عِنْدَ إرَادَتِهِ الْحَجَّ فَمِيقَاتُهُ مُخْتَلِفٌ بِحَسَبِ النَّوَاحِي (فَمِيقَاتُ الْمُتَوَجِّهِ مِنْ الْمَدِينَةِ ذُو الْحُلَيْفَةِ) وَهُوَ الْمَعْرُوفُ الْآنَ بِأَبْيَارِ عَلِيٍّ وَهُوَ عَلَى نَحْوِ ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ مِنْ الْمَدِينَةِ، وَتَصْحِيحُ الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ أَنَّهَا عَلَى سِتَّةِ أَمْيَالٍ لَعَلَّهُ بِاعْتِبَارِ أَقْصَى عُمْرَانِ الْمَدِينَةِ وَحَدَائِقِهَا مِنْ جِهَةِ تَبُوكَ أَوْ خَيْبَرَ، وَالرَّافِعِيُّ أَنَّهَا عَلَى مِيلٍ لَعَلَّهُ بِاعْتِبَارِ عُمْرَانِهَا الَّذِي كَانَ مِنْ جِهَةِ الْحُلَيْفَةِ وَهِيَ أَبْعَدُ الْمَوَاقِيتِ مِنْ مَكَّةَ (وَ) الْمُتَوَجِّهُ (مِنْ الشَّامِ) بِالْهَمْزِ وَالْقَصْرِ، وَيَجُوزُ تَرْكُ الْهَمْزِ وَالْمَدِّ مَعَ فَتْحِ الشِّينِ ضَعِيفٌ وَأَوَّلُهُ نَابُلُسْ وَآخِرُهُ الْعَرِيشُ. قَالَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَقَالَ غَيْرُهُ: حَدُّهُ طُولًا مِنْ الْعَرِيشِ إلَى الْفُرَاتِ وَعَرْضًا مِنْ جَبَلِ طَيٍّ مِنْ نَحْوِ الْقِبْلَةِ إلَى بَحْرِ الرُّومِ وَمَا سَامَتَ ذَلِكَ مِنْ الْبِلَادِ، وَهُوَ مُذَكِّرٌ عَلَى الْمَشْهُورِ (وَ) مِنْ (مِصْرَ) وَهِيَ الْمَدِينَةُ الْمَعْرُوفَةُ تُذَكَّرُ وَتُؤَنَّثُ وَحَدُّهَا طُولًا مِنْ بَرْقَةَ الَّتِي فِي جَنُوبِ الْبَحْرِ الرُّومِيِّ إلَى أَيْلَةَ وَمَسَافَةُ ذَلِكَ قَرِيبٌ مِنْ أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَعَرْضُهُ مِنْ مَدِينَةِ أُسْوَانَ وَمَا سَامَتَهَا مِنْ الصَّعِيدِ الْأَعْلَى إلَى رَشِيدٍ وَمَا حَاذَاهَا مِنْ مَسَاقِطِ النِّيلِ فِي بَحْرِ الرُّومِ وَمَسَافَةُ ذَلِكَ قَرِيبٌ مِنْ ثَلَاثِينَ يَوْمًا، سُمِّيَتْ بِاسْمِ مَنْ سَكَنَهَا أَوَّلًا وَهُوَ مِصْرُ بْنُ بَيْصَرَ بْنِ نُوحٍ (وَ) مِنْ (الْمَغْرِبِ الْجُحْفَةُ) قَرْيَةٌ كَبِيرَةٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَقَدْ خَرِبَتْ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ السَّيْلَ أَجْحَفَهَا وَهِيَ عَلَى سِتِّ مَرَاحِلَ مِنْ مَكَّةَ، وَقَوْلُ الْمَجْمُوعِ عَلَى ثَلَاثٍ لَعَلَّهُ بِسَيْرِ الْبِغَالِ النَّفِيسَةِ (وَمِنْ تِهَامَةَ الْيَمَنِ) بِكَسْرِ التَّاءِ اسْمٌ لِكُلِّ مَا نَزَلَ عَنْ نَجْدٍ مِنْ بِلَادِ الْحِجَازِ وَالْيَمَنُ إقْلِيمٌ مَعْرُوفٌ (يَلَمْلَمُ) وَيُقَالُ لَهُ أَلَمْلَمُ وَهُوَ أَصْلُهُ قُلِبَتْ الْهَمْزَةُ يَاءً وَيُرَمْرِمُ بِرَاءَيْنِ وَهِيَ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ مِنْ مَكَّةَ (وَ) مِنْ (نَجْدٍ الْيَمَنُ)(وَ) نَجْدٌ (الْحِجَازُ قَرْنُ) بِسُكُونِ الرَّاءِ وَيُقَالُ لَهُ قَرْنُ الْمَنَازِلِ وَقَرْنُ الثَّعَالِبِ وَهُوَ جَبَلٌ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ مِنْ مَكَّةَ، وَغَلَطَ الْجَوْهَرِيُّ فِي أَنَّ رَاءَهُ مُحَرَّكَةٌ وَأَنَّ إلَيْهِ يُنْسَبُ أَوَيْسُ الْقَرَنِيُّ إذْ هُوَ مَنْسُوبٌ إلَى قَرَنٍ قَبِيلَةٌ مِنْ مُرَادٍ كَمَا فِي مُسْلِمٍ، وَنَجْدٌ فِي الْأَصْلِ الْمَكَانُ الْمُرْتَفِعُ، وَيُسَمَّى الْمُنْخَفِضُ غَوْرًا، وَحَيْثُ أَطْلَقَ نَجْدٌ فَالْمُرَادُ نَجْدُ الْحِجَازِ (وَمِنْ الْمَشْرِقِ) الْعِرَاقِ وَغَيْرِهِ (ذَاتُ عِرْقٍ) وَهِيَ قَرْيَةٌ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ مِنْ مَكَّةَ وَقَدْ خَرِبَتْ، وَفَوْقَهَا وَادٍ يُقَالُ لَهُ الْعَقِيقُ، وَالْأَوْلَى لِهَؤُلَاءِ الْإِحْرَامُ مِنْهُ لِلِاحْتِيَاطِ، وَلِمَا حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم وَقَّتَ لِأَهْلِ الْمَشْرِقِ الْعَقِيقَ» لَكِنْ رَدَّهُ فِي الْمَجْمُوعِ فَفِيهِ ضَعْفٌ.

وَالْأَصْلُ فِي الْمَوَاقِيتِ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم وَقَّتَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ، وَلِأَهْلِ الشَّامِ الْجُحْفَةَ، وَلِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ الْمَنَازِلِ»

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: ثُمَّ يَأْتِي الْمَسْجِدَ) أَيْ نَدْبًا وَلَوْ مَكِّيًّا (قَوْلُهُ: قَرْيَتُهُ أَوْ حِلَّتُهُ) أَيْ فَإِنَّهُ يُحْرِمُ مِنْ الطَّرَفِ الْأَبْعَدِ

(قَوْلُهُ: ذُو الْحُلَيْفَةِ) قَالَ حَجّ: تَصْغِيرُ حَلَفَةَ بِفَتْحِ أَوَّلِيهِ وَاحِدَةُ الْحُلَفَاءِ نَبَاتٌ مَعْرُوفٌ اهـ.

وَقَالَ فِي الْمُخْتَارِ: كَقَصَبَةِ وَطَرَفَةِ.

وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ: حَلِفَةُ بِكَسْرِ اللَّامِ اهـ (قَوْلُهُ: مِنْ مَدِينَةِ أُسْوَانَ) قَالَ فِي لُبِّ الْأَلْبَابِ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَالْوَاوِ وَسُكُونِ السِّينِ بَلَدٌ بِصَعِيدِ مِصْرَ قُلْت: الصَّحِيحُ ضَمُّ أَوَّلِهِ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْلَى لِهَؤُلَاءِ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: بِالْإِحْرَامِ مِنْ بَابِ دَارِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِاسْتِشْكَالٍ

(قَوْلُهُ: وَالْمَدُّ مَعَ فَتْحِ الشَّيْنِ) أَيْ وَمَعَ الْهَمْزِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَحْدَهَا طُولًا) أَيْ حَدُّ إقْلِيمِهَا وَمَا يُنْسَبُ إلَيْهَا (قَوْلُهُ: ابْنُ بَيْصَرِ بْنِ نُوحٍ) عِبَارَةُ الدَّمِيرِيِّ، ابْنُ بَيْصَرِ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ فَلَعَلَّ قَوْلَهُ ابْنِ سَامٍ سَقَطَ مِنْ الشَّرْحِ مِنْ النُّسَّاخِ (قَوْلُهُ: لِكُلِّ مَا نَزَلَ عَنْ نَجْدٍ مِنْ بِلَادِ الْحِجَازِ) كَذَا فِي النُّسَخِ،

ص: 259

وَلِأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمُ وَقَالَ: هُنَّ لَهُنَّ وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِنَّ مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ، وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ " زَادَ الشَّافِعِيُّ " وَلِأَهْلِ الْمَغْرِبِ الْجُحْفَةَ " وَهُوَ وَإِنْ كَانَ مُرْسَلًا لَكِنْ قَامَ الْإِجْمَاعُ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ السَّكَنِ، وَتَوْقِيتُ عُمَرَ رضي الله عنه ذَاتَ عِرْقٍ لِأَهْلِ الْعِرَاقِ اجْتِهَادٌ مِنْهُ وَافَقَ النَّصَّ، وَقَوْلُ الْبَارِزِيِّ إحْرَامُ الْحَاجِّ الْمِصْرِيِّ مِنْ رَابِغٍ الْمُحَاذِيَةِ لِلْجُحْفَةِ مُشْكِلٌ، وَكَانَ يَنْبَغِي إحْرَامُهُمْ مِنْ بَدْرٍ؛ لِأَنَّهُمْ يَعْبُرُونَ عَلَيْهِ وَهُوَ مِيقَاتٌ لِأَهْلِهِ، كَمَا أَنَّ الشَّامِيَّ يُحْرِمُ مِنْ الْحُلَيْفَةِ وَلَا يَصْبِرُ لِلْجُحْفَةِ مَرْدُودٌ لِمُخَالَفَتِهِ النَّصَّ؛ وَلِأَنَّ أَهْلَ الشَّامِ يَمُرُّونَ عَلَى مِيقَاتٍ مَنْصُوصٍ عَلَيْهِ بِخِلَافِ أَهْلِ مِصْرَ، وَلَا أَثَرَ لِلْمُحَاذَاةِ مَعَ تَعْيِينِ مِيقَاتٍ لَهُمْ عَلَى أَنَّ بَدْرًا لَيْسَ مِيقَاتًا لِأَهْلِهِ بَلْ مِيقَاتُهُمْ الْجُحْفَةُ كَمَا يَأْتِي، وَالْعِبْرَةُ فِي هَذِهِ الْمَوَاقِيتِ بِالْبُقْعَةِ لَا بِمَا بَنَى وَلَوْ قَرِيبًا مِنْهَا بِنَقْضِهَا وَإِنْ سُمِّيَ بِاسْمِهَا: وَيُسْتَثْنَى مِنْ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ الْأَجِيرُ فَإِنْ عَلَيْهِ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ مِيقَاتِ الْمَنُوبِ عَنْهُ، فَإِنْ مَرَّ بِغَيْرِ ذَلِكَ الْمِيقَاتِ أَحْرَمَ مِنْ مَوْضِعٍ بِإِزَائِهِ إذَا كَانَ أَبْعَدَ مِنْ ذَلِكَ الْمِيقَاتِ مِنْ مَكَّةَ، حَكَاهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْفُورَانِيِّ وَأَقَرَّهُ وَقْتَ أَقَتَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْمَوَاقِيتَ عَامَ حَجِّهِ.

(وَالْأَفْضَلُ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ أَوَّلِ الْمِيقَاتِ) وَهُوَ طَرَفُهُ الْأَبْعَدُ عَنْ مَكَّةَ لَا مِنْ وَسَطِهِ وَلَا آخِرِهِ لِيَقْطَعَ الْبَاقِيَ مُحْرِمًا.

قَالَ السُّبْكِيُّ: إلَّا ذَا الْحُلَيْفَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ إحْرَامُهُ مِنْ الْمَسْجِدِ الَّذِي أَحْرَمَ مِنْهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَفْضَلُ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهَذَا حَقٌّ إنْ عَلِمَ أَنَّ ذَلِكَ الْمَسْجِدَ هُوَ الْمَوْجُودُ آثَارُهُ الْيَوْمَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ هُوَ (وَيَجُوزُ مِنْ آخِرِهِ) لِوُقُوعِ الِاسْمِ عَلَيْهِ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا لَا يَنْتَهِي إلَى مِيقَاتٍ) مِمَّا ذُكِرَ (فَإِنْ حَاذَى) بِذَالٍ مُعْجَمَةٍ أَيْ سَامَتَ (مِيقَاتًا) مِنْهَا يَمْنَةً أَوْ يَسْرَةً سَوَاءٌ أَكَانَ فِي الْبَرِّ أَمْ فِي الْبَحْرِ لَا مِنْ ظَهْرِهِ أَوْ وَجْهِهِ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ وَرَاءَهُ وَالثَّانِي أَمَامَهُ (أَحْرَمَ مِنْ مُحَاذَاتِهِ) لِمَا صَحَّ أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه حَدَّ لِأَهْلِ الْعِرَاقِ ذَاتَ عِرْقٍ لَمَّا قَالُوا لَهُ: إنَّ قَرْنًا الْمُؤَقَّتُ لِأَهْلِ نَجْدٍ جَوْرٌ: أَيْ مَائِلٌ عَنْ طَرِيقِنَا وَإِنْ أَرَدْنَاهُ شَقَّ عَلَيْنَا وَلَمْ يُنْكِرْهُ عَلَيْهِ أَحَدٌ، فَإِنْ أَشْكَلَ عَلَيْهِ الْمِيقَاتُ أَوْ مَوْضِعُ مُحَاذَاتِهِ تَحَرَّى إنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يُخْبِرُهُ عَنْ عِلْمٍ وَلَا يُقَلِّدُ غَيْرَهُ فِي التَّحَرِّي إلَّا أَنْ يَعْجِزَ عَنْهُ كَالْأَعْمَى.

وَيُسَنُّ لَهُ أَنْ يَسْتَظْهِرَ حَتَّى يَتَيَقَّنَ أَنَّهُ حَاذَاهُ أَوْ أَنَّهُ فَوْقَهُ. نَعَمْ بَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ إنْ تَحَيَّرَ فِي اجْتِهَادِهِ لَزِمَهُ الِاسْتِظْهَارُ إنْ خَافَ فَوْتَ الْحَجِّ أَوْ كَانَ قَدْ تَضَيَّقُ عَلَيْهِ (أَوْ) حَاذَى (مِيقَاتَيْنِ) عَلَى التَّرْتِيبِ أَحْرَمَ مِنْ الْأَوَّلِ أَوْ مَعًا أَحْرَمَ مِنْ أَقْرَبِهِمَا إلَيْهِ وَإِنْ كَانَ الْآخِرُ أَبْعَدَ إلَى مَكَّةَ إذْ لَوْ كَانَ أَمَامَهُ مِيقَاتٌ فَإِنَّهُ مِيقَاتُهُ وَإِنْ حَاذَى مِيقَاتًا أَبْعَدَ فَكَذَا مَا هُوَ بِقُرْبِهِ فَإِنْ اسْتَوَيَا فِي الْقُرْبِ إلَيْهِ (فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُحْرِمُ مِنْ مُحَاذَاةِ أَبْعَدِهِمَا مِنْ مَكَّةَ) وَإِنْ حَاذَى

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَيْ أَهْلُ الْمَشْرِقِ (قَوْلُهُ وَقَالَ هُنَّ لَهُنَّ) أَيْ لِأَهْلِهِنَّ وَلِمَنْ إلَخْ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُمْ يَعْبُرُونَ) أَيْ يَمُرُّونَ (قَوْلُهُ: أَنْ يُحْرِمَ مِنْ مِيقَاتِ الْمَنُوبِ عَنْهُ) أَيْ أَوْ مَا قُيِّدَ بِهِ مِنْ أَبْعَدِ كَمَا يَعْلَمُ مِنْ كِتَابِ الْوَصِيَّةِ اهـ شَرْحُ مَنْهَجٍ.

أَقُولُ: فَإِنْ جَاوَزَهُ بِغَيْرِ إحْرَامٍ فَهَلْ يَلْزَمُهُ دَمٌ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ إنْ أَحْرَمَ مَنْ مِثْلُهُ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَعَلَيْهِ دَمٌ، وَفِي حَجّ مَا يُوَافِقُهُ.

أَمَّا لَوْ عُيِّنَ لَهُ مَكَانُ لَيْسَ مِيقَاتًا لِأَحَدٍ كَأَنَّ قِيلَ لَهُ أَحْرِمْ مِنْ مِصْرَ فَهَلْ يَلْزَمُهُ دَمٌ بِمُجَاوَزَتِهِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ عَدَمُ اللُّزُومِ لَكِنْ يُحَطُّ قِسْطٌ مِنْ الْمُسَمَّى بِاعْتِبَارِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ، فَإِنْ كَانَتْ أُجْرَةُ مِثْلِ الْمُدَّةِ بِتَمَامِهَا مِنْ مِصْرَ مَثَلًا عَشَرَةٌ وَمِنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي أَحْرَمَ مِنْهُ تِسْعَةٌ حَطَّ مِنْ الْمُسْمَى عَشَرَةٌ (قَوْلُهُ: عَامُ حَجِّهِ) وَكَانَ فِي السُّنَّةِ الْعَاشِرَةِ كَمَا تَقَدَّمَ

(قَوْلُهُ: جَوْرُ) أَيْ مَائِلٌ عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ بِالرَّاءِ، وَفِي الصِّحَاحِ الْجَوْرُ الْمَيْلُ.

ــ

[حاشية الرشيدي]

وَصَوَابُهُ كَمَا فِي الدَّمِيرِيِّ: لِكُلِّ مَا نَزَلَ عَنْ نَجْدٍ إلَى بِلَادِ الْحِجَازِ (قَوْلُهُ: اجْتِهَادٌ مِنْهُ وَافَقَ النَّصَّ) مُرَادُهُ بِهِ الْجَمْعُ بَيْنَ مَا وَقَعَ لِلْأَصْحَابِ مِنْ الْخِلَافِ فِي أَنَّ ذَلِكَ بِالنَّصِّ أَوْ بِاجْتِهَادِ عُمَرَ رضي الله عنه كَمَا حَكَاهُ الْأَذْرَعِيُّ فَكَأَنَّهُ يَقُولُ: لَا خِلَافَ بَيْنَ الْأَصْحَابِ فِي الْمَعْنَى، لَكِنَّ اسْتِدْلَالَهُ فِيمَا يَأْتِي لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ: فَإِنْ حَاذَى مِيقَاتًا أَحْرَمَ مِنْ مُحَاذَاتِهِ بِقَوْلِهِ لِمَا صَحَّ أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه حَدَّ لِأَهْلِ الْعِرَاقِ ذَاتَ عِرْقٍ إلَخْ، صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَيْسَ إلَّا بِاجْتِهَادِ عُمَرَ،

ص: 260

الْأَقْرَبَ إلَيْهَا أَوَّلًا كَأَنْ كَانَ الْأَبْعَدُ مُنْحَرِفًا أَوْ وَعِرًا، فَلَوْ جَاوَزَهُمَا مُرِيدًا لِلنُّسُكِ وَلَمْ يَعْرِفْ مَوْضِعَ الْمُحَاذَاةِ ثُمَّ رَجَعَ إلَى الْأَبْعَدِ أَوْ إلَى مِثْلِ مَسَافَتِهِ سَقَطَ الدَّمُ أَوْ إلَى الْآخِرِ لَمْ يَسْقُطْ، فَإِنْ اسْتَوَيَا فِي الْقُرْبِ إلَيْهَا وَإِلَيْهِ أَحْرَمَ مِنْ مُحَاذَاتِهَا إنْ لَمْ يُحَاذِ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْآخِرِ وَإِلَّا فَمِنْ مُحَاذَاةِ الْأَوَّلِ وَلَا يَنْتَظِرُ مُحَاذَاةَ الْآخِرِ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمَارِّ عَلَى ذِي الْحُلَيْفَةِ أَنْ يُؤَخِّرَ إحْرَامَهُ إلَى الْجُحْفَةِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يَتَخَيَّرُ فَإِنْ شَاءَ أَحْرَمَ مِنْ الْمَوْضِعِ الْمُحَاذِي لِأَبْعَدِهِمَا وَإِنْ شَاءَ لِأَقْرَبِهِمَا.

(وَإِنْ لَمْ يُحَاذِ) مِيقَاتًا مِمَّنْ سَبَقَ كَالْجَائِي مِنْ الْبَحْرِ مِنْ جِهَةِ سَوَاكِنَ فَإِنَّهُ قَدْ لَا يُحَاذِي مِيقَاتًا، فَقَوْلُ ابْنُ يُونُسَ وَمَنْ تَبِعَهُ: الْمُرَادُ بِعَدَمِ الْمُحَاذَاةِ فِي عِلْمِهِ دُونَ نَفْسِ الْأَمْرِ فَإِنَّ الْمَوَاقِيتَ تَعُمُّ جِهَاتِ مَكَّةَ فَلَا بُدَّ أَنْ يُحَاذِيَ أَحَدَهَا مَرْدُودٌ (أَحْرَمَ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ مِنْ مَكَّةَ) إذْ لَيْسَ شَيْءٌ مِنْ الْمَوَاقِيتِ أَقَلَّ مَسَافَةً مِنْ هَذَا الْمِقْدَارِ

(وَمَنْ مَسْكَنُهُ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمِيقَاتِ فَمِيقَاتُهُ) لِلنُّسُكِ (مَسْكَنُهُ) مِنْ قَرْيَةٍ أَوْ حِلَّةٍ لِمَا مَرَّ فِي الْخَبَرِ «وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ» هَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ مِيقَاتٌ آخَرُ، وَإِلَّا كَأَهْلِ بَدْرٍ وَالصَّفْرَاءِ فَإِنَّهُمْ بَعْدَ الْحُلَيْفَةِ وَقَبْلَ الْجُحْفَةِ فَمِيقَاتُهُمْ الثَّانِي وَهُوَ الْجُحْفَةُ.

(وَمَنْ بَلَغَ) يَعْنِي جَاوَزَ (مِيقَاتًا) مِنْ الْمَوَاقِيتِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهَا أَوْ مَوْضِعًا جَعَلْنَاهُ مِيقَاتًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِيقَاتًا أَصْلِيًّا (غَيْرُ مُرِيدٍ نُسُكًا ثُمَّ أَرَادَهُ فَمِيقَاتُهُ مَوْضِعُهُ) وَلَا يُكَلَّفُ الْعَوْدَ إلَى الْمِيقَاتِ لِلْخَبَرِ الْمَارِّ (وَمَنْ بَلَغَهُ) أَيْ وَصَلَ (مُرِيدًا) نُسُكًا (لَمْ تَجُزْ مُجَاوَزَتُهُ) إلَى جِهَةِ الْحَرَمِ (بِغَيْرِ إحْرَامٍ) إجْمَاعًا وَيَجُوزُ إلَى جِهَةِ الْيَمْنَةِ أَوْ الْيَسْرَةِ وَيُحْرِمُ مِنْ مِثْلِ مِيقَاتِ بَلَدِهِ أَوْ أَبْعَدَ كَمَا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ (فَإِنْ) خَالَفَ وَ (فَعَلَ) مَا مُنِعَ مِنْهُ بِأَنْ جَاوَزَهُ إلَى جِهَةِ الْحَرَمِ (لَزِمَهُ الْعَوْدُ لِيُحْرِمَ مِنْهُ) ؛ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ مِنْهُ كَانَ وَاجِبًا عَلَيْهِ فَتَرَكَهُ وَقَدْ أَمْكَنَهُ تَدَارَكَهُ فَيَأْتِي بِهِ، وَقَوْلُهُ مِنْهُ مِثَالٌ فَلَوْ عَادَ إلَى مِثْلِ مَسَافَتِهِ مِنْ مِيقَاتٍ آخَرَ جَازَ.

قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ، وَيُؤَيِّدُهُ تَجْوِيزُهُمْ فِي قَضَاءِ الْمُفْسِدِ تَرْكَ الْمِيقَاتِ الَّذِي أَحْرَمَ مِنْهُ فِي الْأَدَاءِ مَعَ وُجُوبِ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَالْإِحْرَامُ مِنْ مِثْلِ مَسَافَتِهِ مِنْ مَوْضِعٍ آخَرَ، وَلَا يَجِبُ تَأْخِيرُ الْإِحْرَامِ إلَى الْعَوْدِ؛ لِأَنَّا إذَا قُلْنَا بِالْأَصَحِّ أَنَّ الْعَوْدَ بَعْدَ الْإِحْرَامِ يُسْقِطُ الدَّمَ كَانَ لَهُ الْإِحْرَامُ ثُمَّ يَعُودُ إلَى الْمِيقَاتِ مُحْرِمًا؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ قَطْعُ الْمَسَافَةِ مُحْرِمًا كَالْمَكِّيِّ وَلَوْ أَرَادَ الِاعْتِمَارَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الْإِحْرَامُ مِنْ مَكَّةَ ثُمَّ يَخْرُجُ إلَى الْحِلِّ عَلَى الصَّحِيحِ. نَعَمْ يَتَّجِهُ الِاكْتِفَاءُ بِقَدْرِ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَا عَادَ إلَيْهِ مِيقَاتًا، وَمَا أَوْهَمَهُ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ الْعَوْدِ إذَا أَحْرَمَ لِجَعْلِهِ الْعِلَّةَ فِي عَوْدِهِ إنْشَاءَ الْإِحْرَامِ وَقَدْ زَالَ ذَلِكَ غَيْرُ مُرَادٍ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْعَوْدُ وَلَوْ بَعْدَ الْإِحْرَامِ، وَلَا فَرْقَ فِي الْمُجَاوَزَةِ بَيْنَ الْعَمْدِ وَالسَّهْوِ وَالْعِلْمِ وَالْجَهْلِ إذْ الْمَأْمُورَاتُ لَا يَفْتَرِقُ فِيهَا الْحَالُ بَيْنَ الْعَمْدِ وَغَيْرِهِ كَنِيَّةِ الصَّلَاةِ لَكِنْ لَا إثْمَ عَلَى الْجَاهِلِ وَالنَّاسِي، وَلَا يَقْدَحُ فِيمَا ذُكِرَ فِي السَّاهِي أَنَّهُ بِسَهْوِهِ عَنْ الْإِحْرَامِ يَسْتَحِيلُ كَوْنُهُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ مُرِيدًا لِلنُّسُكِ إذْ يُمْكِنُ تَصْوِيرُهُ بِمَنْ أَنْشَأَ سَفَرَهُ مِنْ مَحَلِّهِ قَاصِدًا لَهُ وَقَصْدُهُ مُسْتَمِرٌّ فَسَهَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: أَوْ إلَى الْآخِرِ لَمْ يَسْقُطْ) أَيْ الَّذِي هُوَ الْأَقْرَبُ.

(قَوْلُهُ مِنْ مَكَّةَ) أَيْ وَتَحْصُلُ مَعْرِفَةُ ذَلِكَ بِأَنْ كَانَ عِنْدَهُ مِنْ يَعْرِفُ تِلْكَ الْمَسَافَةَ أَوْ بِأَنْ يَجْتَهِدَ فِيهَا

(قَوْلُهُ لِلنُّسُكِ) أَشَارَ بِهِ إلَى تَصْحِيحِ إضَافَةِ الْمِيقَاتِ لِضَمِيرِهِ وَهُوَ أَنَّ الْإِضَافَةَ تَكُونُ لِأَدْنَى مُلَابَسَةٍ

(قَوْلُهُ: مِنْ مِيقَاتٍ آخَرَ) سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ نَعَمْ يَتَّجِهُ الِاكْتِفَاءُ بِقَدْرِ ذَلِكَ إلَخْ فَمَا هُنَا مُجَرَّدُ تَصْوِيرٍ

ــ

[حاشية الرشيدي]

وَإِلَّا لَمْ يَتِمَّ بِهِ الدَّلِيلُ لِمَا ذُكِرَ كَمَا لَا يَخْفَى.

(قَوْلُهُ: فَلَوْ جَاوَزَهُمَا مُرِيدًا لِلنُّسُكِ إلَخْ) هَذَا هُوَ ثَمَرَةُ كَوْنِهِ يُحْرِمُ مِنْ أَبْعَدِهِمَا مِنْ مَكَّةَ، وَإِلَّا فَالصُّورَةُ أَنَّ الْمَحَلَّ الَّذِي يُحْرِمُ مِنْهُ فِيهِ مُحَاذَاةُ الْمِيقَاتَيْنِ مَعًا فَلَا وَجْهَ لِنِسْبَةِ الْإِحْرَامِ لِأَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ: فَإِنْ قِيلَ فَإِذَا اسْتَوَيَا فِي الْقُرْبِ فَكِلَاهُمَا مِيقَاتُهُ، قُلْنَا: لَا بَلْ مِيقَاتُهُ الْأَبْعَدُ إلَى مَكَّةَ، وَتَظْهَرُ فَائِدَتُهُ فِيمَا لَوْ جَاوَزَهُمَا مُرِيدًا لِلنُّسُكِ وَلَمْ يَعْرِفْ مَوْضِعَ الْمُحَاذَاةِ إلَخْ

ص: 261

عَنْهُ حِينَ الْمُجَاوَزَةِ، ثُمَّ اسْتَثْنَى مِنْ لُزُومِ الْعَوْدِ قَوْلُهُ (إلَّا إذَا ضَاقَ الْوَقْتُ) عَنْ الْعَوْدِ إلَى الْمِيقَاتِ (أَوْ كَانَ الطَّرِيقُ مَخُوفًا) أَوْ كَانَ مَعْذُورًا بِمَرَضٍ شَاقٍّ أَوْ خَافَ انْقِطَاعًا عَنْ رُفْقَتِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ الْعَوْدُ حِينَئِذٍ بَلْ يُرِيقُ دَمًا، وَالْأَوْجَهُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ تَحْرِيمُ عَوْدِهِ لَوْ عَلِمَ أَنَّهُ لَوْ عَادَ لَفَاتَ الْحَجُّ وَلَوْ كَانَ مَاشِيًا وَلَمْ يَتَضَرَّرْ بِالْمَشْيِ فَهَلْ يَلْزَمُهُ الْعَوْدُ أَوْ لَا؟ قَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ لُزُومُهُ، وَنَظَرَ فِيهِ الْإِسْنَوِيُّ وَقَالَ: الْمُتَّجَهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ عَلَى دُونِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ لَزِمَهُ وَإِلَّا فَلَا كَمَا قُلْنَا فِي الْحَجِّ مَاشِيًا اهـ.

قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ: بَلْ الْمُتَّجَهُ لُزُومُ الْعَوْدِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ قَضَاءٌ لِمَا تَعَدَّى فِيهِ فَأَشْبَهَ وُجُوبَ قَضَاءِ الْحَجِّ الْفَاسِدِ وَإِنْ بَعُدَتْ الْمَسَافَةُ اهـ.

وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ كَانَ قَدْ تَعَدَّى بِمُجَاوَزَةِ الْمِيقَاتِ أَخْذًا مِنْ تَعْلِيلِهِ وَإِلَّا فَالْمُتَّجَهُ مَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ (فَإِنْ لَمْ يَعُدْ) لِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ (لَزِمَهُ) بِتَرْكِهِ الْإِحْرَامَ مِنْ الْمِيقَاتِ (دَمٌ) لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: مَنْ نَسِيَ مِنْ نُسُكِهِ شَيْئًا أَوْ تَرَكَهُ فَلْيُهْرِقْ دَمًا. رَوَاهُ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ

وَمَحَلُّ لُزُومِهِ إنْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ مُطْلَقًا أَوْ بِحَجٍّ فِي تِلْكَ السَّنَةِ فَإِنْ لَمْ يُحْرِمْ أَصْلًا فَلَا إذْ لُزُومُهُ لِنُقْصَانِ النُّسُكِ لَا بُدَّ مِنْهُ، وَكَذَا إنْ أَحْرَمَ بِحَجٍّ فِي سَنَةٍ أُخْرَى إذْ إحْرَامُ سَنَةً لَا يَصْلُحُ لِإِحْرَامِ غَيْرِهَا، وَاقْتَضَى كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مُسَاوَاةَ الْكَافِرِ لِلْمُسْلِمِ فِيمَا لَوْ جَاوَزَهُ مُرِيدًا لِلنُّسُكِ ثُمَّ أَسْلَمَ وَأَحْرَمَ دُونَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ كَلَامِهِ مَا لَوْ مَرَّ صَبِيٌّ أَوْ عَبْدٌ بِالْمِيقَاتِ غَيْرَ مُحْرِمٍ مُرِيدًا لِلنُّسُكِ ثُمَّ بَلَغَ أَوْ عَتَقَ قَبْلَ الْوُقُوفِ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ عَلَى الصَّحِيحِ.

أَفَادَهُ الْبَدْرُ بْنُ شُهْبَةَ فِي الْعَبْدِ وَابْنُ قَاسِمٍ فِيهِمَا فِي شَرْحَيْهِمَا الْكِتَابِ.

(وَإِنْ أَحْرَمَ) مَنْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ غَيْرَ مُحْرِمٍ (ثُمَّ عَادَ) لَهُ (فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إنْ عَادَ) إلَيْهِ (قَبْلَ تَلَبُّسِهِ بِنُسُكٍ سَقَطَ الدَّمُ) عَنْهُ: أَيْ لَمْ يَجِبْ لِقَطْعِهِ الْمَسَافَةَ مِنْ الْمِيقَاتِ مُحْرِمًا وَفِعْلِهِ جَمِيعَ الْمَنَاسِكِ بَعْدَهُ فَكَانَ كَمَا لَوْ أَحْرَمَ مِنْهُ سَوَاءٌ أَدَخَلَ مَكَّةَ أَمْ لَا؟ (وَإِلَّا) بِأَنْ عَادَ بَعْدَ تَلَبُّسِهِ بِنُسُكٍ وَلَوْ طَوَافِ قُدُومٍ (فَلَا) يَسْقُطُ الدَّمُ عَنْهُ لِتَأَدِّي النُّسُكِ بِإِحْرَامٍ نَاقِصٍ، وَحَيْثُ لَمْ يَجِبْ بِعَوْدِهِ لَمْ تَكُنْ مُجَاوَزَتُهُ مُحَرَّمَةٌ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْمَحَامِلِيُّ وَالرُّويَانِيُّ. نَعَمْ يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ الْمُجَاوَزَةُ بِنِيَّةِ الْعَوْدِ كَمَا قَالَهُ الْمَحَامِلِيُّ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ إطْلَاقُ الْغَزَالِيِّ وَطَائِفَةٍ وَجْهَيْنِ فِي سُقُوطِ الدَّمِ وَجْهٌ عَدَمُهُ تَأَكُّدُ الْإِسَاءَةِ بِإِنْشَاءِ الْإِحْرَامِ مِنْ غَيْرِ مَوْضِعِهِ.

(وَالْأَفْضَلُ) لِمَنْ فَوْقَ الْمِيقَاتِ (أَنْ يُحْرِمَ مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ) ؛ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ عَمَلًا إلَّا نَحْوَ حَائِضٍ فَالْأَفْضَلُ لَهَا الْإِحْرَامُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْله أَوْ كَانَ الطَّرِيقُ مَخُوفًا) أَيْ بِأَنْ خَافَ فِيهِ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ وَدَخَلَ فِي الْمَالِ مَا لَوْ كَانَ الْقَدْرُ الَّذِي يَخَافُ عَلَيْهِ فِي رُجُوعِهِ بِقَدْرِ قِيمَةِ الدَّمِ الَّذِي يَلْزَمُهُ حَيْثُ لَمْ يَعُدْ أَوْ دُونَهَا، وَقِيَاسُ مَا فِي التَّيَمُّمِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ خَافَ عَلَى مَال يُسَاوِي ثَمَنَ مَاءِ الطَّهَارَةِ لَا يُعْتَبَرُ أَنَّهُ هُنَا كَذَلِكَ فَيَجِبُ الْعَوْدُ وَإِنْ خَافَ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ مَا هُنَا إسْقَاطٌ لِمَا ارْتَكَبَهُ وَمَا فِي التَّيَمُّمِ طَرِيقٌ لِلطَّهَارَةِ الَّتِي هِيَ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ وَهِيَ أَضْيَقُ مِمَّا هُنَا فَلَا يَجِبُ الْعَوْدُ وَلَا إثْمَ بِعَدَمِهِ (قَوْلُهُ: بِمَرَضٍ شَاقٍّ) أَيْ لَا يُحْتَمَلُ عَادَةً وَإِنْ لَمْ يُبَحْ التَّيَمُّمُ (قَوْلُهُ: الْمُتَّجَهُ لُزُومُ الْعَوْدِ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ أَوْ فَوْقَهَا (قَوْلُهُ بِعُمْرَةٍ مُطْلَقًا) أَيْ وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ سَنَتِهِ (قَوْلُهُ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ إلَخْ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا عِنْدَ الْمُجَاوَزَةِ غَيْرُ أَهْلٍ لِلْإِرَادَةِ لِأَنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ. اهـ حَجّ: أَيْ الْقِنُّ وَيَأْتِي مِثْلُهُ فِي الصَّبِيِّ.

قَالَ حَجّ: أَيْ وَمُجَاوَزَةُ الْوَلِيِّ بِمُوَلِّيهِ مُرِيدِ النُّسُكِ بِهِ فِيهَا الدَّمُ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ

(قَوْلُهُ: إلَّا نَحْوَ حَائِضٍ) كَالْجُنُبِ أَيْ لِكَرَاهَةٍ الْإِحْرَامِ مَعَ الْحَيْضِ وَنَحْوِهِ كَمَا يَأْتِي فِي فَصْلِ الْمُحْرِمِ يَنْوِي وَيُلَبِّي مِنْ قَوْلِهِ وَيُكْرَهُ تَرْكُهُ: أَيْ الْغُسْلِ وَإِحْرَامُهُ جُنُبًا (قَوْلُهُ: فَالْأَفْضَلُ لَهَا الْإِحْرَامُ) هُوَ ظَاهِرٌ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهَا

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ) أَيْ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَيُسْتَثْنَى مِنْ كَلَامِهِ مَا لَوْ مَرَّ صَبِيٌّ أَوْ عَبْدٌ بِالْمِيقَاتِ غَيْرُ مُحْرِمٍ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ هُنَا عَنْ ابْنِ شُهْبَةَ وَقَاسِمٍ فِي الصَّبِيِّ وَالْعَبْدِ يُخَالِفُ مَا ذَكَرَهُ فِيهِمَا فِي الْبَابِ الْمُتَقَدِّمِ عَنْ النَّصِّ مِنْ لُزُومِ الدَّمِ لَهُمَا حِينَئِذٍ، لَكِنْ يُؤْخَذُ مِمَّا أَلْحَقَهُ هُنَاكَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ كَمَا قَدَّمْنَا التَّنْبِيهَ عَلَيْهِ أَنَّ مَحَلَّ مَا هُنَا إذَا خَرَجَا بِغَيْرِ إذْنِ الْوَلِيِّ وَالسَّيِّدِ وَمَا هُنَاكَ فِيمَا إذَا خَرَجَا بِإِذْنِهِمَا وَإِنْ كَانَ الشَّارِحُ وَضَعَهُ هُنَاكَ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ كَمَا تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ

ص: 262

مِنْ الْمِيقَاتِ (وَفِي قَوْلٍ) الْأَفْضَلُ أَنْ يُحْرِمَ (مِنْ الْمِيقَاتِ) تَأَسِّيًا بِهِ صلى الله عليه وسلم (قُلْت: الْمِيقَاتُ) أَيْ الْإِحْرَامُ مِنْهُ إنْ لَمْ يَلْتَزِمْ بِالنَّذْرِ الْإِحْرَامُ مِمَّا قَبْلَهُ (أَظْهَرُ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِمَا صَحَّ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَحْرَمَ بِحَجَّتِهِ وَبِعُمْرَةِ الْحُدَيْبِيَةِ مِنْ الْحُلَيْفَةِ» ، وَإِنَّمَا جَازَ قَبْلَ الْمِيقَاتِ الْمَكَانِيِّ دُونَ الزَّمَانِيِّ لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ تَعَلُّقَ الْعِبَادَةِ بِالْوَقْتِ أَشَدُّ مِنْهُ بِالْمَكَانِ، وَلِأَنَّ الْمَكَانِيَّ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْبِلَادِ بِخِلَافِ الزَّمَانِيِّ وَالْأَفْضَلُ لِلْمَكِّيِّ الْإِحْرَامُ مِنْهَا وَأَنْ لَا يُحْرِمَ مِنْ خَارِجِهَا فِي جِهَةِ الْيَمَنِ، وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ إحْرَامُ الْمِصْرِيِّينَ مِنْ رَابِغٍ مَفْضُولًا، وَإِنْ كَانَتْ قَبْلَ الْمِيقَاتِ؛ لِأَنَّهُ لِعُذْرٍ وَهُوَ إبْهَامُ الْجُحْفَةِ عَلَى أَكْثَرِهِمْ وَعَدَمُ وُجُودِ مَاءٍ فِيهَا وَخَشْيَةُ مَنْ قَصَدَهَا عَلَى مَالِهِ وَنَحْوِهِ.

(وَمِيقَاتُ الْعُمْرَةِ) الْمَكَانِيِّ (لِمَنْ هُوَ خَارِجُ الْحَرَمِ)(مِيقَاتُ الْحَجِّ) لِلْخَبَرِ الْمَارِّ مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ (وَمَنْ) هُوَ (بِالْحَرَمِ) مَكِّيًّا أَوْ غَيْرَهُ (يَلْزَمُهُ الْخُرُوجُ إلَى أَدْنَى الْحِلِّ وَلَوْ بِخُطْوَةٍ) أَيْ بِقَلِيلِ مِنْ أَيِّ جَانِبٍ شَاءَ لِلْجَمْعِ فِيهَا بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ لِمَا صَحَّ مِنْ «أَمْرِهِ صلى الله عليه وسلم عَائِشَةَ بِالْخُرُوجِ إلَيْهِ لِلْإِحْرَامِ بِالْعُمْرَةِ مَعَ ضِيقِ الْوَقْتِ بِرَحِيلِ الْحَاجِّ» (فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ) إلَى أَدْنَى الْحِلِّ (وَأَتَى بِأَفْعَالِ الْعُمْرَةِ) بَعْدَ إحْرَامِهِ بِهَا فِي الْحَرَمِ انْعَقَدَتْ عُمْرَتُهُ جَزْمًا وَ (أَجْزَأَتْهُ) هَذِهِ الْعُمْرَةُ عَنْ عُمْرَتِهِ (فِي الْأَظْهَرِ) لِانْعِقَادِ إحْرَامِهِ وَإِتْيَانِهِ بَعْدَهُ بِالْوَاجِبَاتِ (وَ) لَكِنْ (عَلَيْهِ دَمٌ) لِتَرْكِهِ الْإِحْرَامَ عَنْ الْمِيقَاتِ.

وَالثَّانِي لَا تُجْزِؤُهُ لِأَنَّ الْعُمْرَةَ أَحَدُ النُّسُكَيْنِ فَيُشْتَرَطُ فِيهَا الْجَمْعُ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ كَالْحَجِّ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْحِلِّ وَهُوَ عَرَفَةَ (فَلَوْ خَرَجَ) عَلَى الْأَوَّلِ (إلَى) أَدْنَى (الْحِلِّ بَعْدَ إحْرَامِهِ) وَقَبْلَ طَوَافِهِ وَسَعْيِهِ (سَقَطَ الدَّمُ) أَيْ لَمْ يَجِبْ (عَلَى الْمَذْهَبِ) كَمَا لَوْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ ثُمَّ عَادَ إلَيْهِ مُحْرِمًا، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي الْقَطْعُ بِالسُّقُوطِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ ذَاكَ قَدْ انْتَهَى إلَى الْمِيقَاتِ عَلَى قَصْدِ النُّسُكِ ثُمَّ جَاوَزَهُ فَكَانَ مُسِيئًا حَقِيقَةً وَهَذَا الْمَعْنَى غَيْرُ مَوْجُودٍ هَهُنَا فَكَانَ شَبِيهًا بِمَنْ أَحْرَمَ قَبْلَ الْمِيقَاتِ.

(وَأَفْضَلُ بِقَاعِ الْحِلِّ) لِلْإِحْرَامِ بِالْعُمْرَةِ (الْجِعْرَانَةُ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَهِيَ بِإِسْكَانِ الْعَيْنِ وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ أَفْصَحُ مِنْ كَسْرِ الْعَيْنِ وَتَثْقِيلِ الرَّاءِ وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ أَكْثَرُ الْمُحَدِّثِينَ، وَهِيَ فِي طَرِيقِ الطَّائِفِ عَلَى سِتَّةِ فَرَاسِخَ مِنْ مَكَّةَ، وَيُحْكَى أَنَّهُ أَحْرَمَ مِنْهَا ثَلَاثُمِائَةِ نَبِيٍّ صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ (ثُمَّ التَّنْعِيمُ) لِأَمْرِهِ صلى الله عليه وسلم بِالِاعْتِمَارِ مِنْهُ، وَقَدَّمَهُ عَلَى الْجِعْرَانَةِ لِضِيقِ الْوَقْتِ أَوْ لِبَيَانِ الْجَوَازِ مِنْ أَدْنَى الْحِلِّ وَهُوَ عِنْدَ الْمَسَاجِدِ الْمَعْرُوفَةِ بِمَسَاجِدِ عَائِشَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ فَرْسَخٌ فَهُوَ أَقْرَبُ أَطْرَافِ الْحِلِّ إلَى مَكَّةَ.

سُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ عَلَى يَمِينِهِ جَبَلًا يُقَال لَهُ نَعِيمٌ وَعَلَى يَسَارِهِ جَبَلًا يُقَالُ لَهُ نَاعِمٌ وَالْوَادِي نُعْمَانُ (ثُمَّ الْحُدَيْبِيَةُ) بِتَخْفِيفِ الْيَاءِ فِي الْأَفْصَحِ، وَهِيَ اسْمٌ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

انْقِطَاعُ دَمِهَا قَبْلَ مُجَاوَزَتِهَا الْمِيقَاتِ بِزَمَنٍ يُمَكِّنُهَا فِيهِ الِاغْتِسَالُ وَالْإِحْرَامُ مِنْ الْمِيقَاتِ، وَإِلَّا فَيَنْبَغِي عَلَى هَذَا أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ لَهَا التَّأْخِيرُ إذْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهَا أَنْ تُحْرِمَ مِنْ الْمِيقَاتِ مَعَ الْحَيْضِ (قَوْلُهُ: الْإِحْرَامُ بِمَا قَبْلَهُ) أَيْ أَمَّا إذَا الْتَزَمَ ذَلِكَ وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِحْرَامُ مِمَّا الْتَزَمَهُ، وَلَا يُقَالُ: إنَّ هَذَا مَفْضُولٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْمِيقَاتِ فَكَيْفَ انْعَقَدَ.

لِأَنَّا نَقُولُ: الْمَانِعُ مِنْ الِانْعِقَادِ هُوَ الْمَكْرُوهُ لَا مَا كَانَ غَيْرَهُ أَفْضَلُ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَالْأَفْضَلُ لِلْمَكِّيِّ الْإِحْرَامُ) هَذَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ السَّابِقِ وَالْمِيقَاتُ الْمَكَانِيُّ لِلْحَجِّ فِي حَقِّ مَنْ بِمَكَّةَ نَفْسُ مَكَّةَ

(قَوْلُهُ: سَقَطَ الدَّمُ عَلَى الْمَذْهَبِ) قَضَيْته وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْخُرُوجَ إلَى الْحِلِّ حَالَةَ الْإِحْرَامِ وَعَلَيْهِ فَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَمَا سَبَقَ مِنْ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ أَنَّهُ هُنَا بِنَفْسِ الْإِحْرَامِ لَمْ تَتَحَقَّقْ الْإِسَاءَةُ حَتَّى يَحْتَاجَ لِمَسْقَطٍ لِلْإِثْمِ بِهَا وَفِيهَا سَبَقَ يُقَالُ مُجَاوَزَتُهُ لِلْمِيقَاتِ بِلَا إحْرَامٍ مَمْنُوعَةٌ فَاحْتَاجَ لِنِيَّةِ الْعَوْدِ لِيَمْنَعَ مِنْ تَرَتُّبِ الْإِثْمِ عَلَيْهَا: ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى مَنْهَجٍ قَوْلُهُ فَلَا دَمَ: أَيْ وَأَمَّا الْإِثْمُ فَالْوَجْهُ أَنَّهُ إذَا أَحْرَمَ بِهَا قَبْلَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ) بَدَلٌ مِنْ لَفْظِ الْخَبَرِ

ص: 263