الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه وَاَللَّهِ لَوْ مَنَعُونِي عِقَالًا لِأَنَّهُ هُنَا مِنْ تَمَامِ التَّسْلِيمِ (وَيُصَدَّقُ الْمَالِكُ فِي عَدَدِهَا إنْ كَانَ ثِقَةً) ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ وَلَهُ مَعَ ذَلِكَ أَنْ يَعُدَّهَا، وَمُرَادُهُ بِالْمَالِكِ الْمُخْرِجُ وَلَوْ وَلِيًّا وَوَكِيلًا (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ ثِقَةً أَوْ قَالَ لَا أَعْرِفُ عَدَدَهَا فَتُعَدُّ (وُجُوبًا كَمَا لَا يَخْفَى عِنْدَ مَضِيقٍ) لِأَنَّهُ أَسْهَلُ لِعَدَدِهَا وَأَبْعَدُ عَنْ الْغَلَطِ فَتَمُرُّ وَاحِدَةً وَاحِدَةً وَبِيَدِ كُلٍّ مِنْ الْمَالِكِ وَالسَّاعِي أَوْ نَائِبِهِمَا قَضِيبٌ يُشِيرَانِ بِهِ إلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ، فَلَوْ ادَّعَى رَبُّ الْمَالِ الْخَطَأَ أُعِيدَ لَهُ الْعَدَدُ، وَكَذَا لَوْ ظَنَّ السَّاعِي خَطَأَ عَادِّهِ فَيُعَادُ أَيْضًا، وَيُسَنُّ لِلسَّاعِي عِنْدَ أَخْذِهِ الزَّكَاةَ الدُّعَاءُ لِلْمَالِكِ تَرْغِيبًا لَهُ فِي الْخَيْرِ وَتَطْيِيبًا لِقَلْبِهِ بِأَنْ يَقُولَ: أَجَرَك اللَّهُ فِيمَا أَعْطَيْت وَجَعَلَهُ لَك طَهُورًا، وَبَارَكَ لَك فِيمَا أَبْقَيْت، وَلَا يَتَعَيَّنُ دُعَاءٌ، وَيُكْرَهُ أَنْ يُصَلَّى عَلَيْهِ فِي الْأَصَحِّ إذْ ذَاكَ خَاصٌّ بِالْأَنْبِيَاءِ وَالْمَلَائِكَةِ مَا لَمْ يَقَعْ ذَلِكَ تَبَعًا لَهُمْ كَالْآلِ فَلَا تُكْرَهُ وَهُمْ بَنُو هَاشِمٍ وَالْمُطَّلِبِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ كَمَا مَرَّ.
نَعَمْ مَنْ اُخْتُلِفَ فِي نُبُوَّتِهِ كَلُقْمَانَ وَمَرْيَمَ لَا كَرَاهَةَ فِي إفْرَادِ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَيْهِ لِارْتِفَاعِهِ عَنْ حَالِ مَنْ يُقَالُ رضي الله عنه هَذَا كُلُّهُ فِي الصَّلَاةِ مِنْ غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمَلَائِكَةِ، أَمَّا مِنْهُمَا فَلَا كَرَاهَةَ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهَا حَقُّهُمَا فَلَهُمَا الْإِنْعَامُ بِهَا عَلَى غَيْرِهِمَا لِخَبَرِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ «اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ أَبِي أَوْفَى» وَالسَّلَامُ كَالصَّلَاةِ فِيمَا ذُكِرَ لَكِنَّ الْمُخَاطَبَةَ بِهِ مُسْتَحَبَّةٌ لِلْأَحْيَاءِ وَالْأَمْوَاتِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ ابْتِدَاءً وَوَاجِبَةٌ جَوَابًا كَمَا سَيَأْتِي فِي مَحَلِّهِ، وَمَا يَقَعُ مِنْهُ غَيْبَةٌ فِي الْمُرَاسَلَاتِ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ مَا يَقَعُ خِطَابًا، وَيُسَنُّ التَّرَضِّي وَالتَّرَحُّمُ عَلَى غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ الْأَخْيَارِ.
قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ مِنْ أَنَّ التَّرَاضِيَ مُخْتَصٌّ بِالصَّحَابَةِ وَالتَّرَحُّمَ بِغَيْرِهِمْ ضَعِيفٌ.
قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَيُسْتَحَبُّ لِكُلِّ مَنْ أَعْطَى زَكَاةً أَوْ صَدَقَةً أَوْ كَفَّارَةً أَوْ نَذْرًا أَوْ نَحْوَهَا كَإِقْرَاءِ دَرْسٍ وَتَصْنِيفٍ وَإِفْتَاءٍ أَنْ يَقُولَ: {رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [البقرة: 127] .
بَابُ زَكَاةِ النَّبَاتِ
الْمُرَادُ بِهِ هُنَا الِاسْمُ بِمَعْنَى النَّابِتِ لَا الْمَصْدَرِ.
وَيَنْقَسِمُ إلَى شَجَرٍ، وَهُوَ مَا لَهُ سَاقٌ وَإِلَى نَجْمٍ وَهُوَ مَا لَا سَاقَ لَهُ كَالزَّرْعِ، وَالزَّكَاةُ تَجِبُ فِي النَّوْعَيْنِ، وَلِذَلِكَ عُبِّرَ بِالنَّبَاتِ لِشُمُولِهِ لَهُمَا، لَكِنَّ الْمُصَنِّفَ فِي نُكَتِ التَّنْبِيهِ ذَكَرَ أَنَّ اسْتِعْمَالَ النَّبَاتِ فِي الثِّمَارِ غَيْرُ مَأْلُوفٍ.
وَالْأَصْلُ فِي الْبَابِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ مَعَ مَا يَأْتِي
ــ
[حاشية الشبراملسي]
الْمَذْكُورِ، وَلَا ضَمَانَ عَلَى السَّاعِي أَيْضًا إنْ تَلِفَتْ فِي يَدِهِ بِلَا تَقْصِيرٍ (قَوْلُهُ: أُعِيدَ لَهُ الْعَدَدُ) أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ: فَيُعَادُ أَيْضًا) أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ لِلسَّاعِي) وَمِثْلُهُ الْمُسْتَحِقُّ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: الدُّعَاءُ لِلْمَالِكِ) شَمِلَ مَا لَوْ دَفَعَ الْمَالِكُ بِوَكِيلِهِ وَعَلَيْهِ فَاللَّائِقُ أَنْ يَقُولَ: بَارَكَ اللَّهُ لِمُوَكِّلِك فِيمَا أَعْطَى، وَجَعَلَهُ لَهُ طَهُورًا وَبَارَكَ لَهُ فِيمَا أَبْقَى (قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ أَنْ يُصَلَّى عَلَيْهِ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْك (قَوْلُهُ: مَنْزِلَةَ مَا يَقَعُ خِطَابًا) أَيْ فَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ عَلَى غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمَلَائِكَةِ (قَوْلُهُ كَإِقْرَاءِ دَرْسٍ) أَيْ وَكَقِرَاءَةِ شَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ أَوْ تَسْبِيحٍ أَوْ ذِكْرٍ أَوْ غَيْرِهِمَا مِنْ سَائِرِ الْقُرَبِ (قَوْلُهُ أَنْ يَقُولَ {رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا} [البقرة: 127] إلَخْ) وَكَذَا يَنْبَغِي لِلطَّالِبِ بَعْدَ حُضُورِهِ أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ تَعَبَهُ فِي التَّحْصِيلِ عِبَادَةٌ.
[بَابُ زَكَاةِ النَّبَاتِ]
(قَوْلُهُ: وَالزَّكَاةُ تَجِبُ فِي النَّوْعَيْنِ) أَيْ فِي ثَمَرِهِمَا عَلَى مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: غَيْرُ مَأْلُوفٍ) أَيْ وَالْمَعْرُوفُ تَخْصِيصُهُ بِالزَّرْعِ، وَلَا يُرَدُّ هَذَا عَلَى الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُعَبِّرْ بِالثِّمَارِ بَلْ بِالنَّبَاتِ وَهُوَ شَامِلٌ لِلشَّجَرِ وَالزَّرْعِ، وَغَايَتُهُ أَنَّهُ عَلَى
ــ
[حاشية الرشيدي]
بَابُ زَكَاةِ النَّبَاتِ (قَوْلُهُ
{وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: 141] وقَوْله تَعَالَى {أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ} [البقرة: 267] فَأَوْجَبَ الْإِنْفَاقَ مِمَّا أَخْرَجَتْهُ الْأَرْضُ وَهُوَ الزَّكَاةُ؛ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ فِيمَا أَخْرَجَهُ غَيْرُهَا (تَخْتَصُّ بِالْقُوتِ) ؛ لِأَنَّ الِاقْتِيَاتَ مِنْ الضَّرُورِيَّاتِ الَّتِي لَا حَيَاةَ بِدُونِهَا، فَلِذَا أَوْجَبَ الشَّارِعُ مِنْهُ شَيْئًا لِأَرْبَابِ الضَّرُورَاتِ خَرَجَ بِهِ مَا يُؤْكَلُ تَدَاوِيًا أَوْ تَنَعُّمًا أَوْ تَأَدُّمًا كَالزَّيْتُونِ وَالزَّعْفَرَانِ وَالْوَرْسِ وَعَسَلِ النَّحْلِ وَالْقُرْطُمِ وَحَبِّ الْفُجْلِ وَالسُّمْسُمِ وَالْبِطِّيخِ وَالْكُمَّثْرَى وَالرُّمَّانِ وَغَيْرِهَا كَمَا يَأْتِي بَعْضُ ذَلِكَ (وَهُوَ مِنْ الثِّمَارِ الرُّطَبُ وَالْعِنَبُ) بِالْإِجْمَاعِ (وَمِنْ الْحَبِّ الْحِنْطَةُ وَالشَّعِيرُ) بِفَتْحِ الشِّينِ وَيُقَالُ بِكَسْرِهَا (وَالْأَرُزُّ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَضَمِّ الرَّاءِ وَتَشْدِيدِ الزَّايِ فِي أَشْهَرِ اللُّغَاتِ السَّبْعِ (وَالْعَدَسُ) بِفَتْحِ الدَّالِ وَمِثْلُهُ الْبِسِلَّا (وَسَائِرُ الْمُقْتَاتِ اخْتِيَارًا) كَالْحِمَّصِ وَالْبَاقِلَّا وَالذُّرَةِ وَالْهُرْطُبَانِ وَهُوَ الْجُلْبَانُ وَالْمَاشُّ وَهُوَ نَوْعٌ مِنْهُ، فَتَجِبُ الزَّكَاةُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ لِوُرُودِهَا فِي بَعْضِهِ فِي الْأَخْبَارِ الْآتِيَةِ وَإِلْحَاقًا لِبَاقِيهَا بِهِ، وَثَبَتَ أَيْضًا انْتِفَاؤُهَا فِي بَعْضِ مَا لَا يَصْلُحُ لِلِاقْتِيَاتِ فَأَلْحَقْنَا الْبَاقِيَ بِهِ، وَأَمَّا «قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم لِأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ وَمُعَاذٍ لَمَّا بَعَثَهُمَا إلَى الْيَمَنِ» فِيمَا رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ «لَا تَأْخُذَا الصَّدَقَةَ إلَّا مِنْ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ: الشَّعِيرِ وَالْحِنْطَةِ وَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ» فَالْحَصْرُ فِيهِ إضَافِيٌّ لِمَا رَوَاهُ الْحَاكِمُ، وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ مِنْ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «فِيمَا سَقَتْ السَّمَاءُ وَالسَّيْلُ وَالْبَعْلُ الْعُشْرُ، وَفِيمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ نِصْفُ الْعُشْرِ» وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ فِي التَّمْرِ وَالْحِنْطَةِ وَالْحُبُوبِ، فَأَمَّا الْقِثَّاءُ وَالْبِطِّيخُ وَالرُّمَّانُ وَالْقَصَبُ فَعَفْوٌ عَفَا عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَالْقَضْبُ بِسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ الرَّطْبُ بِسُكُونِ الطَّاءِ وَخَرَجَ بِالِاخْتِيَارِ مَا يُقْتَاتُ بِهِ حَالَ الضَّرُورَةِ مِنْ حُبُوبِ الْبَوَادِي كَحَبِّ الْغَاسُولِ وَالْحَنْظَلِ فَلَا زَكَاةَ فِيهَا كَمَا لَا زَكَاةَ فِي الْوَحْشِيَّاتِ مِنْ الظِّبَاءِ وَنَحْوِهَا وَعُبِّرَ فِي التَّنْبِيهِ بَدَلَ هَذَا الْقَيْدِ بِمَا يَسْتَنْبِتُهُ الْآدَمِيُّونَ.
قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: قَالَ أَصْحَابُنَا وَقَوْلُهُمْ بِمَا يُنْبِتُهُ الْآدَمِيُّونَ لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ أَنْ تُقْصَدَ زِرَاعَتُهُ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَنْ يَكُونَ جِنْسَ مَا يَزْرَعُونَهُ حَتَّى لَوْ سَقَطَ الْحَبُّ مِنْ يَدِ مَالِكِهِ عِنْدَ حَمْلِ الْغَلَّةِ، أَوْ وَقَعَتْ الْعَصَافِيرُ عَلَى السَّنَابِلِ فَتَنَاثَرَ الْحَبُّ وَنَبَتَ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ إذَا بَلَغَ نِصَابًا بِلَا خِلَافٍ اتَّفَقَ عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ مَا لَوْ حَمَلَ السَّيْلُ حَبًّا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ فَنَبَتَ بِأَرْضِنَا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
تَقْدِيرِ مُضَافٍ: أَيْ ثَمَرِ كُلٍّ مِنْهُمَا، فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يُطْلَقُ النَّبَاتُ عَلَى الشَّجَرِ، وَإِنَّمَا يُطْلَقُ عَلَى الزَّرْعِ اتَّضَحَ الْإِيرَادُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الْقُوتُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مِنْ الثِّمَارِ) وَقَدَّمَهُ لِقِلَّةِ الْكَلَامِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَالْأَرُزُّ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ إلَخْ) ، الثَّانِيَةُ كَذَلِكَ إلَّا أَنَّ الْهَمْزَةَ مَضْمُومَةٌ أَيْضًا، الثَّالِثَةُ ضَمُّهُمَا وَتَخْفِيفُ الزَّايِ عَلَى وَزْنِ كُتُبٍ، الرَّابِعَةُ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ كَوَزْنِ قُفْلٍ، الْخَامِسَةُ حَذْفُ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدُ الزَّايِ، السَّادِسَةُ رَنْزٌ أَعْنِي بِنُونٍ بَيْنَ الرَّاءِ وَالزَّايِ، السَّابِعَةُ فَتْحُ الْهَمْزَةِ مَعَ تَخْفِيفِ الزَّايِ عَلَى وَزْنِ عَضُدٍ اهـ س كَذَا بِهَامِشِ دَم بِخَطِّ شَيْخِ الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْجُلْبَانُ) بِضَمِّ الْجِيمِ اهـ شَرْحُ رَوْضٍ (قَوْلُهُ: فَالْحَصْرُ فِيهِ إضَافِيٌّ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِأَهْلِ الْيَمَنِ اهـ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ (قَوْلُهُ: وَالْبَعْلِ الْعُشْرُ) بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى مَا مِنْ قَوْلِهِ فِيمَا (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ فِي الثَّمَرِ) مُدْرَجٌ مِنْ الرَّاوِي تَفْسِيرٌ لِلْمُرَادِ مِنْ الْحَدِيثِ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِالِاخْتِيَارِ مَا يُقْتَاتُ بِهِ) الْأَوْلَى إسْقَاطُهَا؛ لِأَنَّ الَّذِي يَتَعَدَّى بِالْبَاءِ عَلَى مَا يُفْهَمُ مِنْ الْمُخْتَارِ تَفَوُّتٌ (قَوْلُهُ حَالَ الضَّرُورَةِ) قَالَ حَجّ: ضَبْطُهُ جُمِعَ بِكُلِّ مَا لَا يَسْتَنْبِتُهُ الْآدَمِيُّونَ، لِأَنَّ مِنْ لَازِمِ عَدَمِ اسْتِنْبَاتِهِمْ لَهُ عَدَمَ اقْتِيَاتِهِمْ بِهِ اخْتِيَارٌ: أَيْ وَلَا عَكْسَ إذْ الْحُلْبَةُ تُسْتَنْبَتُ اخْتِيَارًا، وَلَا تُقْتَاتُ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: كَحَبِّ الْغَاسُولِ) وَهُوَ الْأُشْنَانُ اهـ حَجّ، وَفِيهِ أَنَّهُمْ فَسَّرُوهُ فِي مَحَلٍّ آخَرَ بِأَنَّ الْأُشْنَانَ حَلْفَاءُ مَكَّةَ، وَبِأَنَّهُ نَبْتٌ طَيِّبُ الرَّائِحَةِ يُغَسَّلُ بِهِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ مُشْتَرَكٌ (قَوْلُهُ: فَنَبَتَ بِأَرْضِنَا) أَيْ فِي مَحَلٍّ لَيْسَ مَمْلُوكًا لِأَحَدٍ كَالْمُوَاتِ، وَقَوْلُهُ وَغَلَّةُ الْقَرْيَةِ إلَخْ، أَيْ وَالْحَالُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
وَعَبَّرَ فِي التَّنْبِيهِ يَدُلُّ هَذَا الْقَيْدِ) أَيْ قَيْدِ الِاخْتِيَارِ وَالصُّورَةُ أَنَّهُ مُقْتَاتٌ
فَإِنَّهُ لَا زَكَاةَ فِيهِ كَالنَّخْلِ الْمُبَاحِ بِالصَّحْرَاءِ، وَكَذَا ثِمَارُ الْبُسْتَانِ، وَغَلَّةُ الْقَرْيَةِ الْمَوْقُوفِينَ عَلَى الْمَسَاجِدِ وَالرُّبُطِ وَالْقَنَاطِرِ وَالْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ لَا تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ عَلَى الصَّحِيحِ إذْ لَيْسَ لَهُ مَالِكٌ مُعَيَّنٌ، وَلَوْ أَخَذَ الْخَرَاجَ الْإِمَامُ عَلَى أَنْ يَكُونَ بَدَلًا عَنْ الْعُشْرِ كَانَ كَأَخْذِهِ الْقِيمَةَ فِي الزَّكَاةِ بِالِاجْتِهَادِ فَيَسْقُطُ بِهِ الْفَرْضُ، وَإِنْ نَقَصَ عَنْ الْوَاجِبِ تَمَّمَهُ (وَفِي الْقَدِيمِ تَجِبُ فِي الزَّيْتُونِ) لِقَوْلِ عُمَرَ رضي الله عنه: فِي الزَّيْتُونِ الْعُشْرُ، وَقَوْلُ الصَّحَابِيِّ حُجَّةٌ فِي الْقَدِيمِ فَلِذَلِكَ أَوْجَبَهُ لَكِنَّ الْأَثَرَ ضَعِيفٌ (وَ) فِي (الزَّعْفَرَانِ وَ) فِي (الْوَرْسِ) لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْمَنْفَعَةِ وَلِأَثَرٍ ضَعِيفٍ فِي الزَّعْفَرَانِ وَأُلْحِقَ بِهِ الْوَرْسُ وَهُوَ بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ نَبْتٌ أَصْفَرُ يُصْبَغُ بِهِ الثِّيَابُ وَهُوَ كَثِيرٌ بِالْيَمَنِ (وَ) فِي (الْقُرْطُمِ)
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَنَّ الْغَلَّةَ حَصَلَتْ مِنْ حَبٍّ مُبَاحٍ أَوْ يَذُرُّهُ النَّاظِرُ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ، أَمَّا لَوْ اسْتَأْجَرَ شَخْصٌ الْأَرْضَ وَبَذَرَ فِيهَا حَبًّا يَمْلِكُهُ فَالزَّرْعُ مِلْكُ صَاحِبِ الْبَذْرِ وَعَلَيْهِ زَكَاتُهُ، وَلَيْسَ مِنْ الْمُعَيَّنِ الْوَقْفُ عَلَى إمَامِ الْمَسْجِدِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ زَكَاةٌ.
قَالَ حَجّ بَعْدَ مِثْلِ مَا ذُكِرَ: وَأَفْتَى بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْمَوْقُوفَ الْمَصْرُوفَ لِأَقْرِبَاءِ الْوَاقِفِ فِيمَا يَأْتِي كَالْوَقْفِ عَلَى مُعَيَّنٍ وَفِيهِ نَظَرٌ، بَلْ الْوَجْهُ خِلَافُهُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْوَاقِفَ لَمْ يَقْصِدْهُمْ، وَإِنَّمَا الصَّرْفُ إلَيْهِمْ حُكْمُ الشَّرْعِ، وَمِنْ ثُمَّ لَا زَكَاةَ فِيمَا جُعِلَ نَذْرًا أَوْ أُضْحِيَّةً أَوْ صَدَقَةً قَبْلَ وُجُوبِهَا وَلَوْ نَذْرًا مُعَلَّقًا بِصِفَةٍ حَصَلَتْ قَبْلَهُ كَإِنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَعَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِثَمَرِ نَخْلِي فَشُفِيَ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ فَإِنْ بَدَا قَبْلَ الشِّفَاءِ، فَإِنْ قُلْنَا: إنَّ النَّذْرَ الْمُعَلَّقَ يَمْنَعُ التَّصَرُّفَ قَبْلَ وُجُودِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ لَمْ تَجِبْ وَإِلَّا وَجَبَ عَلَيْهِ اهـ.
وَفِيهِ لَوْ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِ زَيْدٍ وَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ؛ لِأَنَّهُ مُعَيَّنٌ صَحَّ، وَعَلَيْهِ فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الصُّورَةِ وَبَيْنَ قَوْلِهِ السَّابِقِ لِأَقْرِبَاءِ الْوَاقِفِ، وَلَعَلَّهُ أَنَّ صُورَةَ أَقْرِبَاءِ الْوَاقِفِ أَنَّهُ وَقَفَ عَلَى غَيْرِهِمْ وَقْفًا مُنْقَطِعَ الْآخِرِ فَانْقَطَعَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِمْ وَانْتَقَلَ الْحَقُّ إلَى أَقْرَبِ رَحِمِ الْوَاقِفِ، وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا قَوْلُهُ بِأَنَّ الْمَوْقُوفَ الْمَصْرُوفَ لِأَقْرِبَاءِ إلَخْ، وَلَمْ يَقُلْ الْوَقْفُ عَلَى أَقْرِبَاءِ الْوَاقِفِ وَتَعْلِيلُهُ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ الْوَاقِفَ لَمْ يَقْصِدْهُمْ، وَإِنَّمَا الصَّرْفُ إلَخْ، وَمَا الْوَاقِفُ عَلَى أَوْلَادِ زَيْدٍ فَإِنَّهُمْ عَيَّنَهُمْ فِي وَقْفِهِ فَهُمْ مَقْصُودُونَ بِالْوَقْفِ مِنْهُ دُونَ غَيْرِهِ فَاسْتِحْقَاقُهُمْ بِتَعْيِينِ الْوَاقِفِ لَهُمْ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا زَكَاةَ فِيهِ) ظَاهِرُهُ أَنَّ مَنْ قَصَدَ تَمَلُّكَهُ مَلَكَ جَمِيعَهُ فَلْيُنْظَرْ وَجْهُ ذَلِكَ وَهَلَّا جُعِلَ غَنِيمَةً أَوْ فَيْئًا، بَلْ لَا يَنْبَغِي إلَّا أَنْ يَكُونَ غَنِيمَةً إنْ وُجِدَ اسْتِيلَاءٌ عَلَيْهِ أَوْ جَعَلْنَا الْقَصْدَ اسْتِيلَاءً عَلَيْهِ، وَهُوَ بَعِيدٌ خُصُوصًا إنْ نَبَتَ فِي غَيْرِ أَرْضِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ.
أَقُولُ: يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إنْ كَانَ هَذَا مِمَّا يُعْرَضُ عَنْهُ مَلَكَهُ مَنْ نَبَتَ فِي أَرْضِهِ بِلَا قَصْدٍ، فَإِنْ نَبَتَ فِي مَوَاتٍ مَلَكَهُ مَنْ اسْتَوْلَى عَلَيْهِ كَالْحَطَبِ وَنَحْوِهِ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُعْرَضُ عَنْهُ لَكِنْ تَرَكُوهُ خَوْفًا مِنْ دُخُولِهِمْ بِلَادَنَا فَهُوَ فَيْءٌ، وَإِنْ قَصَدُوهُ فَمَنَعُوهُ بِقِتَالٍ فَهُوَ غَنِيمَةٌ لِمَنْ مَنَعَهُمْ (قَوْلُهُ إذْ لَيْسَ لَهُ مَالِكٌ مُعَيَّنٌ) أَفْهَمَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ مَالِكٌ مُعَيَّنٌ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ وَبِهِ صَرَّحَ سم عَلَى مَنْهَجٍ وَعِبَارَتُهُ بَعْدَ مِثْلِ مَا ذُكِرَ بِخِلَافِ الْمُعَيَّنِينَ كَمَا سَبَقَ فِي الْخُلْطَةِ اهـ (قَوْلُهُ كَأَخْذِهِ الْقِيمَةَ إلَخْ) أَوْ ظُلْمًا لَمْ يَجُزْ عَنْهَا، وَإِنْ نَوَاهَا الْمَالِكُ وَعَلِمَ الْإِمَامُ بِذَلِكَ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: فَيَسْقُطُ بِهِ الْفَرْضُ) أَيْ وَتَقُومُ نِيَّةُ الْإِمَامِ مَقَامَ نِيَّةِ الْمَالِكِ كَالْمُمْتَنِعِ، وَلَيْسَ مِنْهُ مَا يَأْخُذُهُ الْمُلْتَزِمُونَ بِالْبِلَادِ مِنْ غَلَّةٍ أَوْ دَرَاهِمَ؛ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا نَائِبِينَ عَنْ الْإِمَامِ فِي قَبْضِ الزَّكَاةِ، وَلَا يَقْصِدُونَ بِالْمَأْخُوذِ الزَّكَاةَ بَلْ يَجْعَلُونَهُ فِي مُقَابَلَةِ تَعَبِهِمْ فِي الْبِلَادِ وَنَحْوِهِ.
[تَنْبِيهٌ] أَخَذَ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ أَرْضَ مِصْرَ لَيْسَتْ خَرَاجِيَّةً، ثُمَّ نُقِلَ عَنْ بَعْضِ الْحَنَابِلَةِ أَنَّهُ أَنْكَرَ إفْتَاءَ حَنَفِيٍّ بِعَدَمِ وُجُوبِ زَكَاتِهَا لِكَوْنِهَا خَرَاجِيَّةً، فَإِنَّ شَرْطَ الْخَرَاجِيَّةِ أَنَّ مَنْ عَلَيْهِ الْخَرَاجُ يَمْلِكُهَا مِلْكًا تَامًّا، وَهِيَ لَيْسَتْ كَذَلِكَ فَتَجِبُ الزَّكَاةُ: أَيْ حَتَّى عَلَى قَوَاعِدِ الْحَنَفِيَّةِ.
وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ بَنَى ذَلِكَ عَلَى مَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ الْحَنَفِيَّةُ أَنَّهَا فُتِحَتْ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: لَكِنَّ الْأَثَرَ ضَعِيفٌ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ عَلَى الْجَدِيدِ
وَهُوَ بِكَسْرِ الْقَافِ وَالطَّاءِ وَضَمِّهِمَا حَبُّ الْعُصْفُرِ؛ لِأَنَّ أُبَيًّا كَانَ يَأْخُذُ الْعُشْرَ مِنْهُ (وَ) فِي (الْعَسَلِ) سَوَاءٌ كَانَ نَحْلُهُ مَمْلُوكًا أَمْ أُخِذَ مِنْ الْأَمْكِنَةِ الْمُبَاحَةِ، كَذَا قَيَّدَهُ شَارِحٌ وَأَطْلَقَهُ غَيْرُهُ، وَلَعَلَّ الْأَوَّلَ لِكَوْنِ الْقَدِيمِ لَا يُوجِبُهُ فِي عَسَلِ غَيْرِهِ، وَذَلِكَ لِخَبَرِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَخَذَ مِنْهُ الْعُشْرَ، لَكِنْ قَالَ الْبُخَارِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ: لَا يَصِحُّ فِي زَكَاتِهِ شَيْءٌ
(وَنِصَابُهُ) أَيْ الْقُوتُ الَّذِي تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ (خَمْسَةُ أَوْسُقٍ) لِخَبَرِ «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ مِنْ التَّمْرِ صَدَقَةٌ» وَخَبَرِ مُسْلِمٍ «لَيْسَ فِي حَبٍّ وَلَا ثَمَرٍ صَدَقَةٌ حَتَّى يَبْلُغَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ» «وَقَدْ أَمَرَ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُخْرَصَ الْعِنَبُ كَمَا يُخْرَصُ النَّخْلُ، وَتُؤْخَذَ زَكَاتُهُ زَبِيبًا كَمَا تُؤْخَذُ زَكَاةُ النَّخْلِ تَمْرًا» ، وَالْوَسْقُ بِالْفَتْحِ عَلَى الْأَفْصَحِ وَهُوَ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الْجَمْعِ لِمَا جَمَعَهُ مِنْ الصِّيعَانِ، قَالَ تَعَالَى {وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ} [الانشقاق: 17] أَيْ جَمَعَ (وَهِيَ) أَيْ الْأَوْسُقُ الْخَمْسَةُ (أَلْفٌ وَسِتُّمِائَةِ رَطْلٍ بَغْدَادِيَّةٍ) إذْ الْوَسْقُ سِتُّونَ صَاعًا فَمَجْمُوعُ الْخَمْسَةِ ثَلَثُمِائَةِ صَاعٍ وَالصَّاعُ أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ فَيَكُونُ النِّصَابُ أَلْفَ مُدٍّ وَمِائَتَيْ مُدٍّ، وَالْمُدُّ رِطْلٌ وَثُلُثٌ بِالْبَغْدَادِيِّ وَقُدِّرَتْ بِالْبَغْدَادِيِّ؛ لِأَنَّهُ الرَّطْلُ الشَّرْعِيُّ، قَالَهُ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ (وَبِالدِّمَشْقِيِّ ثَلَثُمِائَةٍ وَسِتَّةٌ وَأَرْبَعُونَ رَطْلًا وَثُلُثَانِ) لِأَنَّ الرَّطْلَ الدِّمَشْقِيَّ سِتُّمِائَةِ دِرْهَمٍ وَالرَّطْلَ الْبَغْدَادِيَّ مِائَةٌ وَثَلَاثُونَ فِيمَا جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فَيُضْرَبُ فِي أَلْفٍ وَسِتِّمِائَةٍ تَبْلُغُ مِائَتَيْ أَلْفٍ وَثَمَانِيَةَ آلَافٍ يُقْسَمُ ذَلِكَ عَلَى سِتِّمِائَةٍ يَخْرُجُ بِالْقِسْمَةِ مَا ذُكِرَ.
(قُلْت: الْأَصَحُّ أَنَّهَا) بِالدِّمَشْقِيِّ (ثَلَثُمِائَةٍ وَاثْنَانِ وَأَرْبَعُونَ رَطْلًا وَسِتَّةُ أَسْبَاعِ رَطْلٍ، لِأَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ رَطْلَ بَغْدَادَ مِائَةٌ وَثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا وَأَرْبَعَةُ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ، وَقِيلَ بِلَا أَسْبَاعٍ وَقِيلَ وَثَلَاثُونَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) بَيَانُهُ أَنْ تَضْرِبَ مَا سَقَطَ مِنْ كُلِّ رَطْلٍ وَهُوَ دِرْهَمٌ وَثَلَاثَةُ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ فِي أَلْفٍ وَسِتِّمِائَةٍ تَبْلُغُ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ وَمِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَخَمْسَةً وَثَمَانِينَ دِرْهَمًا وَخَمْسَةَ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ يَسْقُطُ ذَلِكَ مِنْ مَبْلَغِ الضَّرْبِ الْأَوَّلِ فَيَكُونُ الزَّائِدُ عَلَى الْأَرْبَعِينَ بِالْقِسْمَةِ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ فِي الْمُحَرَّرِ لِضَبْطِ الْأَوْسُقِ بِالْأَرْطَالِ لَا بِالدِّمَشْقِيَّةِ وَلَا بِالْبَغْدَادِيَّةِ، بَلْ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ وَهِيَ بِالْمَنِّ الصَّغِيرِ ثَمَانِمِائَةِ مَنٍّ وَبِالْكَبِيرِ الَّذِي وَزْنُهُ سِتُّمِائَةِ دِرْهَمٍ ثَلَثُمِائَةٍ مَنٍّ وَسِتَّةٌ وَأَرْبَعُونَ مَنًّا وَثُلُثَا مَنٍّ فَاخْتَصَرَهُ الْمُصَنِّفُ بِمَا سَبَقَ، وَاسْتُفِيدَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الرَّطْلَ الدِّمَشْقِيَّ مُسَاوٍ لِلْمَنِّ الْكَبِيرِ، وَالْمَنُّ الصَّغِيرُ رَطْلَانِ بِالْبَغْدَادِيِّ، وَالنِّصَابُ تَحْدِيدٌ كَمَا صَحَّحَاهُ لِلْأَخْبَارِ السَّابِقَةِ، وَكَمَا فِي نِصَابِ الْمَوَاشِي وَغَيْرِهَا، وَالْعِبْرَةُ فِيهِ بِالْكَيْلِ عَلَى الصَّحِيحِ بِمَا كَانَ فِي زَمَنِهِ صلى الله عليه وسلم كَمَا فِي التَّجْرِبَةِ عَنْ الْأَصْحَابِ، وَإِنَّمَا قُدِّرَ بِالْوَزْنِ اسْتِظْهَارًا، أَوْ إذَا وَافَقَ الْكَيْلَ، وَالْمُعْتَبَرُ فِي الْوَزْنِ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ الْوَسَطُ فَإِنَّهُ يَشْتَمِلُ عَلَى الْخَفِيفِ وَالرَّزِينِ، فَكَيْلُهُ بِالْإِرْدَبِّ الْمِصْرِيِّ كَمَا قَالَهُ الْقَمُولِيُّ سِتَّةُ أَرَادِبَ وَرُبْعُ إرْدَبٍّ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ بِجَعْلِ الْقَدَحَيْنِ صَاعًا كَزَكَاةِ الْفِطْرِ وَكَفَّارَةِ الْيَمِينِ، وَإِنْ قَالَ السُّبْكِيُّ: إنَّهُ خَمْسَةُ أَرَادِبَ وَنِصْفٌ وَثُلُثٌ، وَأَنَّهُ اعْتَبَرَ الْقَدَحَ الْمِصْرِيَّ بِالْمُدِّ الَّذِي حَرَّرَهُ فَوَسِعَ مُدَّيْنِ وَسُبْعًا تَقْرِيبًا، فَالصَّاعُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
عَنْوَةً، وَأَنَّ عُمَرَ وَضَعَ عَلَى رُءُوسِ أَهْلِهَا الْجِزْيَةَ وَأَرْضِهَا الْخَرَاجَ، وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ الْخَرَاجَ بَعْدَ تَوْظِيفِهِ لَا يَسْقُطُ بِالْإِسْلَامِ، وَيَأْتِي قُبَيْلَ الْأَمَانِ مَا يَرُدُّ جَزْمَهُمْ بِفَتْحِهَا عَنْوَةً، وَصَرَّحَ أَئِمَّتُنَا بِأَنَّ النَّوَاحِيَ الَّتِي يُؤْخَذُ الْخَرَاجُ مِنْ أَرْضِهَا وَلَا يُعْلَمُ أَصْلُهُ يُحْكَمُ بِجَوَازِ أَخْذِهِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ بِحَقٍّ، وَيَمْلِكُ أَهْلَهَا فَلَهُمْ التَّصَرُّفُ فِيهَا بِالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ فِي الْيَدِ الْمِلْكُ، وَحِينَئِذٍ فَالْوَجْهُ أَنَّ إلَخْ مَا سَنَذْكُرُ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ أَكَانَ نَحْلُهُ مَمْلُوكًا إلَخْ) هَذَا لَا يُنَافِي قَوْلَهُ وَلَعَلَّ الْأَوَّلَ، وَعِبَارَةُ حَجّ: وَالْعَسَلُ مِنْ النَّحْلِ كَذَا قَيَّدَهُ شَارِحٌ إلَخْ وَهِيَ أَوْضَحُ مِنْ عِبَارَةِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: أَمْ أُخِذَ مِنْ الْأَمْكِنَةِ الْمُبَاحَةِ) اُنْظُرْ وَجْهَهُ عَلَى هَذَا
(قَوْلُهُ: وَهُوَ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الْجَمْعِ) أَيْ وَالْمُرَادُ هُنَا الْمَوْسُوقُ بِمَعْنَى الْمَجْمُوعِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ الرَّطْلُ الشَّرْعِيُّ) أَيْ الَّذِي وَقَعَ التَّقْدِيرُ بِهِ فِي زَمَنِ الصَّحَابَةِ وَاسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الْأَمْرُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: كَذَا قَيَّدَهُ الشَّارِحُ) أَيْ بِالنَّحْلِ
قَدَحَانِ إلَّا سُبْعَيْ مُدٍّ،
وَقَدْرُ كُلِّ خَمْسَةَ عَشَرَ مُدًّا سَبْعَةُ أَقْدَاحٍ، وَكُلُّ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا وَيْبَةٌ وَنِصْفٌ وَرُبْعٌ فَثَلَاثُونَ صَاعًا ثَلَاثُ وَيْبَاتٍ وَنِصْفٌ فَثَلَثُمِائَةِ صَاعٍ خَمْسَةٌ وَثَلَاثُونَ وَيْبَةً وَهِيَ خَمْسَةُ أَرَادِبَ وَنِصْفٌ وَثُلُثٌ، فَالنِّصَابُ عَلَى قَوْلِهِ خَمْسُمِائَةٍ وَسِتُّونَ قَدَحًا وَعَلَى الْأَوَّلِ سِتُّمِائَةٍ.
(وَيُعْتَبَرُ) فِي الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ بُلُوغُهُ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ حَالَةَ كَوْنِهِ (تَمْرًا) بِمُثَنَّاةٍ (أَوْ زَبِيبًا إنْ تَتَمَّرَ) الرُّطَبُ (أَوْ تَزَبَّبَ) الْعِنَبُ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «لَيْسَ فِي تَمْرٍ وَلَا حَبٍّ صَدَقَةٌ حَتَّى يَبْلُغَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ» فَاعْتُبِرَ فِي التَّمْرِ الْأَوْسُقُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَتَمَّرْ الرُّطَبُ وَلَمْ يَتَزَبَّبْ الْعِنَبُ (فَرُطَبًا وَعِنَبًا) أَيْ فَيُوَسَّقُ رُطَبًا وَعِنَبًا وَتُخْرَجُ الزَّكَاةُ مِنْهُمَا فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ أَكْمَلُ أَحْوَالِهِمَا، وَيُضَمُّ مَا لَا يُجَفَّفُ مِنْهُمَا إلَى مَا يُجَفَّفُ فِي إكْمَالِ النِّصَابِ لِاتِّحَادِ الْجِنْسِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَلْحَقْ ذَلِكَ بِالْخَضْرَاوَاتِ؛ لِأَنَّ جِنْسَهُ مِمَّا يَجِفُّ فَأُلْحِقَ نَادِرُهُ بِغَالِبِهِ، وَمِثْلُ مَا لَا يَجِفُّ أَصْلًا مَا جَافُّهُ رَدِيءٌ أَوْ اُحْتِيجَ لِقَطْعِهِ لِلْعَطَشِ.
قَالَ فِي الْعُبَابِ: أَوْ لَا يَجِفُّ إلَّا لِنَحْوِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فِيمَا يَظْهَرُ، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِمَّا صُرِّحَ بِهِ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ حَيْثُ، قَالَ: وَيُشْبِهُ أَنْ يَلْحَقَ بِهِ مَا إذَا كَانَتْ مُدَّةُ جَفَافِهِ طَوِيلَةً كَسَنَةٍ لِقِلَّةِ فَائِدَتِهِ، وَيَجِبُ اسْتِئْذَانُ الْعَامِلِ فِي قَطْعِهِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، فَإِنْ قَطَعَ مِنْ غَيْرِ اسْتِئْذَانِهِ أَثِمَ وَعُزِّرَ، وَعَلَى السَّاعِي أَنْ يَأْذَنَ لَهُ خِلَافًا لِمَا صَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ مِنْ الِاسْتِحْبَابِ.
نَعَمْ إنْ انْدَفَعَتْ الْحَاجَةُ بِقَطْعِ الْبَعْضِ لَمْ تَجُزْ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا (وَالْحَبُّ) أَيْ وَيُعْتَبَرُ فِي الْحَبِّ بُلُوغُهُ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ حَالَةَ كَوْنِهِ (مُصَفًّى مِنْ تِبْنِهِ) لِأَنَّهُ لَا يُدَّخَرُ فِيهِ، وَلَا يُؤْكَلُ مَعَهُ وَيَظْهَرُ اغْتِفَارُ قَلِيلٍ فِيهِ لَا يُؤَثِّرُ فِي الْكَيْلِ (وَمَا اُدُّخِرَ فِي قِشْرِهِ) وَلَمْ يُؤْكَلْ مَعَهُ (كَالْأُرْزِ وَالْعَلَسِ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَاللَّامِ نَوْعٌ مِنْ الْحِنْطَةِ كَمَا سَيَأْتِي، وَالْكَافُ فِي كَلَامِهِ اسْتِقْصَائِيَّةٌ إذْ لَيْسَ ثَمَّ مَا يُدَّخَرُ فِي قِشْرِهِ مِنْ الْحُبُوبِ غَيْرَ الشَّيْئَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرَهُمَا (فَعَشَرَةُ أَوْسُقٍ) نِصَابُهُ اعْتِبَارًا بِقِشْرِهِ الَّذِي ادِّخَارُهُ فِيهِ أَصْلَحُ لَهُ وَأَبْقَى بِالنِّصْفِ، فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ تَصْفِيَتُهُ مِنْ قِشْرِهِ، وَأَنَّ قِشْرَهُ لَا يَدْخُلُ فِي الْحِسَابِ.
نَعَمْ لَوْ حَصَلَتْ الْخَمْسَةُ أَوْسُقٍ مِنْ دُونِ الْعَشَرَةِ اعْتَبَرْنَاهُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ وَإِلَّا فَرُطَبًا وَعِنَبًا) قَضِيَّتُهُ امْتِنَاعُ إخْرَاجِ الْبُسْرِ وَعَدَمِ إجْزَائِهِ.
نَعَمْ إنْ لَمْ يَتَأَتَّ مِنْهُ رُطَبٌ فَالْوَجْهُ وُجُوبُ إخْرَاجِ الْبُسْرِ وَإِجْزَائِهِ م ر اهـ سم عَلَى حَجّ.
وَقَوْلُهُ نَعَمْ إنْ لَمْ يَتَأَتَّ مِنْهُ رُطَبٌ: أَيْ غَيْرُ رَدِيءٍ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا يَأْتِي (قَوْلُهُ: لِأَنَّ ذَلِكَ أَكْمَلُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُقَدَّرُ فِيهِ الْجَفَافُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ، وَأَنَّ قَوْلَهُ لِأَنَّ ذَلِكَ أَكْمَلُ أَحْوَالُهُمَا عِلَّةٌ لِإِجْزَاءِ الْمُخْرَجِ مِنْهَا بِتِلْكَ الصِّفَةِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ عَدَمُ اعْتِبَارِ الْجَفَافِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا تَعَذَّرَ الْجَفَافُ بِالْفِعْلِ لَا يَتَعَذَّرُ تَقْدِيرُهُ، لَا يُقَالُ: حَيْثُ لَمْ يَكُنْ لَهُ جَفَافٌ فَكَيْفَ يُمْكِنُ تَقْدِيرُهُ.
لِأَنَّا نَقُولُ: يُمْكِنُ اعْتِبَارُهُ بِالْقِيَاسِ إلَى مَا يَتَجَفَّفُ مِنْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ غَايَةَ الْأَمْرِ أَنَّ مَا لَا يَتَجَفَّفُ مَنْ قَامَ بِهِ مَا مُنِعَ مِنْ التَّجْفِيفِ، وَهُوَ لَا يُمْنَعُ أَنْ يَجِيءَ مِنْهُ مِثْلَ مَا يَجِيءُ مِنْ غَيْرِهِ بِفَرْضِ زَوَالِ الْمَانِعِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَأْخُوذٌ) ضَبَّبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ فِي الْعُبَابِ (قَوْلُهُ وَيَجِبُ اسْتِئْذَانُ الْعَامِلِ) أَيْ عَلَى الْمَالِكِ وَهُوَ رَاجِعٌ لِمَا بَعْدَ الْإِثْمِ، هَذَا وَاضِحٌ فِيمَا إذَا كَانَ ثَمَّ عَامِلٌ، وَإِلَّا وَجَبَ اسْتِئْذَانُ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ، وَلَوْ فَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدَوِيِّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَطَعَ مِنْ غَيْرِ اسْتِئْذَانِهِ أَثِمَ وَعُزِّرَ) أَيْ وَلَا ضَمَانَ سم (قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ انْدَفَعَتْ الْحَاجَةُ بِقَطْعِ الْبَعْضِ) أَيْ فِيمَا لَوْ احْتَاجَ لِقَطْعِهِ لِنَحْوِ عَطَشٍ (قَوْلُهُ: وَالْكَافُ فِي كَلَامِهِ اسْتِقْصَائِيَّةٌ) أَيْ أَنَّهَا دَلَّتْ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ سِوَاهُمَا، وَهِيَ الْوَاقِعَةُ فِي كَلَامِ الْفُقَهَاءِ وَهُمْ ثِقَاتٌ (قَوْلُهُ: فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ تَصْفِيَتُهُ) فِي فَتَاوَى الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ مَا نَصُّهُ: سُئِلَ الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ عَمَّنْ عَلَيْهِ زَكَاةُ أُرْزِ شَعِيرٍ وَضَرَبَ ذَلِكَ الْوَاجِبَ حَتَّى صَارَ أَبْيَضَ فَحَصَلَ مِنْهُ نِصْفُ أَصْلِهِ مَثَلًا، ثُمَّ أَخْرَجَهُ عَنْ الْأَرُزِّ الشَّعِيرِ هَلْ يُجْزِي أَوْ لَا؟ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَا يُجْزِي مَا أَخْرَجَهُ عَنْ وَاجِبِهِ اهـ.
أَقُولُ: هَذَا قَدْ يُنَافِيهِ قَوْلُ الشَّارِحِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا تَجِبُ تَصْفِيَتُهُ إلَخْ فَالْقِيَاسُ الْإِجْزَاءُ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ مَا فَعَلَهُ هُوَ الْأَصْلُ فِي حَقِّهِ، وَلَيْسَ فِيهِ تَصَرُّفٌ عَلَى الْفُقَرَاءِ فِي حَقِّهِمْ، وَإِنَّمَا أُسْقِطَ عَنْهُ تَبْيِيضُهُ تَخْفِيفًا عَلَيْهِ، وَلَيْسَ فِيهِ تَفْوِيتٌ عَلَى الْفُقَرَاءِ بَلْ فِيهِ رِفْقٌ بِهِمْ بِتَحَمُّلِ الْمُؤْنَةِ عَنْهُمْ.
وَبَقِيَ مَا لَوْ لَمْ يَضُرَّ بِهِ، وَشَكَّ فِيمَا حَصَلَ عِنْدَهُ هَلْ يَبْلُغُ خَالِصُهُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
دُونَهَا كَمَا بَحَثَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَكَلَامُهُمْ جَرَوْا فِيهِ عَلَى الْغَالِبِ، وَكَلَامُ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ يَدُلُّ لِذَلِكَ، وَنَقَلَ الشَّيْخَانِ عَنْ صَاحِبِ الْعُدَّةِ أَنَّ قِشْرَةَ الْبَاقِلَّا السُّفْلَى لَا تَدْخُلُ فِي الْحِسَابِ، لَكِنْ اسْتَغْرَبَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَقَالَ: إنَّهُ خِلَافُ قَضِيَّةِ كَلَامِ الْجُمْهُورِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَذْهَبَ الْمَنْصُوصَ الدُّخُولُ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهُوَ كَمَا قَالَ وَالْوَجْهُ تَرْجِيحُ الدُّخُولِ أَوْ الْجَزْمُ بِهِ، وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ ابْنِ كَجٍّ إنْ لَمْ يَكُنْ الْمَنْصُوصُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَلَا أَثَرَ لِلْقِشْرَةِ الْحَمْرَاءِ اللَّاصِقَةِ بِالْأَرُزِّ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ
(وَلَا يَكْمُلُ) فِي النِّصَابِ (جِنْسٌ بِجِنْسٍ) أَمَّا التَّمْرُ وَالزَّبِيبُ فَبِالْإِجْمَاعِ، وَأَمَّا الْحِنْطَةُ وَالشَّعِيرُ وَالْعَدَسُ وَالْحِمَّصُ فَبِالْقِيَاسِ لِانْفِرَادِ كُلٍّ بِاسْمٍ وَطَبْعٍ خَاصَّيْنِ (وَيُضَمُّ) فِيهِ (النَّوْعُ إلَى النَّوْعِ) كَأَنْوَاعِ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ وَغَيْرِهِمَا لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الِاسْمِ، وَإِنْ تَبَايَنَا فِي الْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ وَاخْتَلَفَ مَكَانُهُمَا (وَيُخْرِجُ مِنْ كُلٍّ) مِنْ النَّوْعَيْنِ أَوْ الْأَنْوَاعِ (بِقِسْطِهِ) لِانْتِفَاءِ الْمَشَقَّةِ فِيهِ، بِخِلَافِ الْمَوَاشِي فَإِنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ يُخْرِجُ نَوْعًا مِنْهَا بِشَرْطِ رِعَايَةِ الْقِيمَةِ وَالتَّوْزِيعِ كَمَا مَرَّ، وَلَا يُؤْخَذُ الْبَعْضُ مِنْ هَذَا وَالْبَعْضُ مِنْ الْآخَرِ لِلْمَشَقَّةِ (فَإِنْ عَسِرَ) لِكَثْرَةِ الْأَنْوَاعِ وَقِلَّةِ الْحَاصِلِ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ (أُخْرِجَ الْوَسَطُ) مِنْهَا دُونَ الْأَعْلَى وَالْأَدْنَى لِرِعَايَةِ الْجَانِبَيْنِ، فَلَوْ تَكَلَّفَ وَأَخْرَجَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ بِالْقِسْطِ جَازَ بَلْ هُوَ أَفْضَلُ كَمَا نَقَلَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ (وَيُضَمُّ الْعَلَسُ إلَى الْحِنْطَةِ؛ لِأَنَّهُ نَوْعٌ مِنْهَا) وَهُوَ قُوتُ صَنْعَاءِ الْيَمَنِ يَكُونُ فِي الْكِمَامِ حَبَّتَانِ وَثَلَاثٌ (وَالسُّلْتُ) بِضَمِّ السِّينِ وَسُكُونِ اللَّامِ (جِنْسٌ مُسْتَقِلٌّ) فَلَا يُضَمُّ إلَى غَيْرِهِ (وَقِيلَ شَعِيرٌ) فَيُضَمُّ لَهُ لِشَبَهِهِ بِهِ فِي بُرُودَةِ الطَّبْعِ (وَقِيلَ حِنْطَةٌ) فَيُضَمُّ إلَيْهِ لِشَبَهِهِ بِهَا لَوْنًا وَمَلَاسَةً، وَالْأَوَّلُ قَالَ: اكْتَسَبَ مِنْ تَرَكُّبِ الشَّبَهَيْنِ طَبْعًا انْفَرَدَ بِهِ وَصَارَ أَصْلًا بِرَأْسِهِ (وَلَا يُضَمُّ ثَمَرُ عَامٍ وَزَرْعُهُ) فِي إكْمَالِ النِّصَابِ (إلَى) ثَمَرِ وَزَرْعِ عَامٍ (آخَرَ) وَإِنْ فُرِضَ إطْلَاعُ ثَمَرِ الْعَامِ الثَّانِي قَبْلَ جِذَاذِ الْأَوَّلِ بِالْإِجْمَاعِ، وَلَوْ تُصُوِّرَ نَخْلٌ أَوْ كَرْمٌ يَحْمِلُ فِي الْعَامِ مَرَّتَيْنِ لَمْ يُضَمَّ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ بَلْ هُمَا كَثَمَرَةِ عَامَيْنِ (وَيُضَمُّ ثَمَرُ الْعَامِ) الْوَاحِدِ (بَعْضُهُ إلَى بَعْضٍ وَإِنْ اخْتَلَفَ إدْرَاكُهُ) لِاخْتِلَافِ أَنْوَاعِهِ وَبِلَادِهِ حَرَارَةً وَبُرُودَةً كَنَجْدٍ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
خَمْسَةَ أَوْسُقٍ أَوْ لَا هَلْ تَجِبُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ فِيهِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الْوُجُوبِ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ، وَلَا يُكَلَّفُ إزَالَةَ الْقِشْرِ لِيَخْتَبِرَ خَالِصَهُ هَلْ يَبْلُغُ نِصَابًا أَوْ لَا، وَلَا يُشْكِلُ ذَلِكَ بِمَا لَوْ اخْتَلَطَ إنَاءٌ مِنْ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَجُهِلَ الْأَكْثَرُ حَيْثُ كُلِّفَ امْتِحَانَهُ بِالسَّبْكِ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا ذُكِرَ، ثُمَّ لِأَنَّهُ هُنَاكَ تَحَقَّقَ الْوُجُوبُ وَجُهِلَ قَدْرُ الْوَاجِبِ، بِخِلَافِهِ هُنَا فَإِنَّهُ شَكَّ فِي أَصْلِ الْوُجُوبِ (قَوْلُهُ وَالْوَجْهُ تَرْجِيحُ الدُّخُولِ) مِنْ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ (قَوْلُهُ: وَلَا أَثَرَ لِلْقِشْرَةِ) خِلَافًا لحج
(قَوْلُهُ: وَيُخْرِجُ مِنْ كُلٍّ بِقِسْطِهِ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ أَخْرَجَ مِنْ أَحَدِ النَّوْعَيْنِ عَنْهُمَا لَا يَكْفِي، وَإِنْ كَانَ مَا أَخْرَجَ مِنْهُ أَعْلَى قِيمَةً مِنْ الْآخَرِ، وَلَيْسَ مُرَادًا لِأَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ عَلَى الْفُقَرَاءِ، وَلَيْسَ بَدَلًا عَنْ الْوَاجِبِ لِاتِّحَادِ الْجِنْسِ، وَقَدْ يُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ عُمُومِ قَوْلِ مَتْنِ الْمَنْهَجِ: وَيُجْزِي نَوْعٌ عَنْ نَوْعٍ آخَرَ لِرِعَايَةِ الْقِيمَةِ اهـ.
حَيْثُ عَدَلَ عَنْ التَّعْبِيرِ بِالْمَاشِيَةِ إلَى الْأَنْوَاعِ الشَّامِلَةِ لِلْمَاشِيَةِ وَلِغَيْرِهَا (قَوْلُهُ: وَلَا يُؤْخَذُ الْبَعْضُ إلَخْ) أَيْ لَا يُكَلَّفُ دَفْعَ ذَلِكَ بَلْ لَا يَجُوزُ فِيمَا لَوْ دَفَعَ نِصْفَ عَنْزٍ وَنِصْفَ نَعْجَةٍ مِنْ أَرْبَعِينَ عِشْرُونَ مِنْهَا مِنْ الضَّأْنِ وَعِشْرُونَ مِنْ الْمَعْزِ (قَوْلُهُ فَلَا يُضَمُّ إلَى غَيْرِهِ) .
[تَنْبِيهٌ] يَقَعُ كَثِيرًا أَنَّ الْبُرَّ يَخْتَلِطُ بِالشَّعِيرِ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الشَّعِيرَ إنْ قَلَّ بِحَيْثُ لَوْ مُيِّزَ لَمْ يُؤَثِّرْ فِي النَّقْصِ لَمْ يُعْتَبَرْ فَلَا يَجْزِي إخْرَاجُ شَعِيرٍ، وَلَا يَدْخُلُ فِي الْحِسَابِ وَإِلَّا لَمْ يُكَمَّلْ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ فَمَا كَمُلَ نِصَابُهُ أُخْرِجَ عَنْهُ مِنْ غَيْرِ الْمُخْتَلِطِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: يَحْمِلُ فِي الْعَامِ مَرَّتَيْنِ) أَيْ بِأَنْ يَنْفَصِلَ الْحَمْلُ الثَّانِي عَنْ الْحَمْلِ الْأَوَّلِ، وَأَمَّا مَا يَخْرُجُ مُتَتَابِعًا بِحَيْثُ يَتَأَخَّرُ بُرُوزُ الثَّانِي عَنْ بُرُوزِ الْأَوَّلِ بِنَحْوِ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ ثُمَّ يَتَلَاحَقُ بِهِ فِي الْكِبَرِ فَكَأَنَّهُ حَمْلٌ وَاحِدٌ (قَوْلُهُ: كَثَمَرَةِ عَامَيْنِ) أَيْ وَإِنْ كَانَ إطْلَاعُهُمَا فِي عَامٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ: وَإِنْ اخْتَلَفَ إدْرَاكُهُ) وَعَلَيْهِ فَلَوْ أَدْرَكَ بَعْضَهُ، وَلَمْ يَبْلُغْ نِصَابًا جَازَ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ، ثُمَّ إذَا أَدْرَكَ بَاقِيَهُ وَكَمُلَ بِهِ النِّصَابُ زَكَّى الْجَمِيعَ إنْ كَانَ الْأَوَّلُ بَاقِيًا أَوْ تَالِفًا، فَإِنْ سَبَقَ
ــ
[حاشية الرشيدي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .