الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اثْنَانِ مِنْ مَعْدِنٍ نِصَابًا زَكَّيَاهُ لِلْخُلْطَةِ، هَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ الْوَاجِدُ أَهْلًا لِوُجُوبِهَا كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ فَلَا زَكَاةَ فِيمَا وَجَدَهُ الْمُكَاتَبُ مَعَ أَنَّهُ يَمْلِكُهُ، وَأَمَّا مَا وَجَدَهُ الْعَبْدُ فَلِسَيِّدِهِ فَتَلْزَمُهُ زَكَاتُهُ وَيُمْنَعُ الذِّمِّيُّ مِنْ أَخْذِ الْمَعْدِنِ وَ
الرِّكَازِ
بِدَارِ الْإِسْلَامِ.
قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَيَنْقَدِحُ جَوَازُ مَنْعِهِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ؛ لِأَنَّهُ صَاحِبُ حَقٍّ فِيهِ اهـ.
وَبِهِ صَرَّحَ الْغَزَالِيُّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ
ثُمَّ شَرَعَ فِي الرِّكَازِ فَقَالَ (وَفِي الرِّكَازِ) أَيْ الْمَرْكُوزِ (الْخُمُسُ) رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَفَارَقَ وُجُوبَ رُبْعِ الْعُشْرِ فِي الْمَعْدِنِ بِعَدَمِ الْمُؤْنَةِ أَوْ خِفَّتِهَا (يُصْرَفُ) الْخُمُسُ وَكَذَا الْمَعْدِنُ (مَصْرِفَ الزَّكَاةِ عَلَى الْمَشْهُورِ) لِأَنَّهُ حَقٌّ وَاجِبٌ فِي الْمُسْتَفَادِ مِنْ الْأَرْضِ، فَأَشْبَهَ الْوَاجِبَ فِي الزَّرْعِ وَالثِّمَارِ، وَبِهِ انْدَفَعَ قِيَاسُهُ بِالْفَيْءِ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْوَاجِدُ أَهْلًا لِلزَّكَاةِ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ، وَالثَّانِي أَنَّهُ يُصْرَفُ لِأَهْلِ الْخُمُسِ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ جَاهِلِيٌّ حَصَلَ الظَّفَرُ بِهِ مِنْ غَيْرِ إيجَافِ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ فَكَانَ كَالْفَيْءِ، وَعَلَيْهِ فَيَجِبُ عَلَى الْمُكَاتَبِ وَالْكَافِرِ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ لِنِيَّةٍ
[شَرْطُ الرِّكَاز]
(وَشَرْطُهُ النِّصَابُ) وَلَوْ بِالضَّمِّ كَمَا مَرَّ (وَالنَّقْدُ) أَيْ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَضْرُوبًا (عَلَى الذَّهَبِ) لِأَنَّهُ مَالٌ مُسْتَفَادٌ مِنْ الْأَرْضِ فَاخْتَصَّ بِمَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ قَدْرًا وَنَوْعًا كَالْمَعْدِنِ، وَالثَّانِي لَا يُشْتَرَطَانِ لِلْخَبَرِ الْمَارِّ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي الْقَطْعُ بِالْأَوَّلِ (لَا الْحَوْلِ) فَلَا يُشْتَرَطُ بِلَا خِلَافٍ (وَهُوَ) أَيْ الرِّكَازُ بِمَعْنَى الْمَرْكُوزِ (الْمَوْجُودِ الْجَاهِلِيِّ) فِي مَوَاتٍ مُطْلَقًا سَوَاءٌ أَكَانَ بِدَارِ الْإِسْلَامِ أَمْ بِدَارِ الْحَرْبِ إنْ كَانُوا يَذُبُّونَ عَنْهُ، وَسَوَاءٌ أَحْيَاهُ الْوَاجِدُ أَمْ أَقْطَعَهُ أَمْ لَا، وَالْمُرَادُ بِجَاهِلِيِّ الدِّفْنِ مَا قَبْلَ مَبْعَثِهِ صلى الله عليه وسلم، وَيُعْتَبَرُ فِي كَوْنِهِ رِكَازًا أَنْ لَا يُعْلَمَ مَالِكُهُ بَلَغَتْهُ الدَّعْوَةُ وَعَانَدَ، وَإِلَّا فَهُوَ فَيْءٌ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ جَمْعٍ وَأَقَرَّهُ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ دَفِينَ مَنْ أَدْرَكَ الْإِسْلَامَ، وَلَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ رِكَازٌ، وَخَرَجَ مَا دُونَ النِّصَابِ مِنْ النَّقْدَيْنِ وَمَا يُوجَدُ مِنْ غَيْرِهِمَا فَلَا شَيْءَ فِيهِ لِمَا مَرَّ، وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى الدِّفْنِ وَالضَّرْبُ دَلِيلُهُ، وَلَا نَظَرَ إلَى احْتِمَالِ أَخْذِ مُسْلِمٍ لَهُ وَدَفْنِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ وَالظَّاهِرَ عَدَمُ الْأَخْذِ ثُمَّ الدَّفْنُ، وَإِلَّا فَلَوْ نَظَرْنَا لِذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَنَا رِكَازٌ بِالْكُلِّيَّةِ، فَقَدْ قَالَ السُّبْكِيُّ: الْحَقُّ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْعِلْمُ بِكَوْنِهِ مِنْ دِفْنِهِمْ بَلْ يُكْتَفَى بِعَلَامَةٍ مِنْ ضَرْبٍ أَوْ غَيْرِهِ وَهُوَ مُتَعَيِّنٌ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمَوْجُودُ مَدْفُونًا، فَلَوْ وَجَدَهُ ظَاهِرًا.
وَعُلِمَ أَنَّ السَّيْلَ وَالسَّبُعَ وَنَحْوَ ذَلِكَ أَظْهَرَهُ فَرِكَازٌ، أَوْ أَنَّهُ كَانَ ظَاهِرًا فَلُقَطَةٌ، فَإِنْ شَكَّ كَانَ كَمَا لَوْ تَرَدَّدَ فِي كَوْنِهِ ضَرْبَ الْجَاهِلِيَّةِ أَوْ الْإِسْلَامِ، قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ (فَإِنْ)(وُجِدَ) دَفِينٌ (إسْلَامِيٌّ) بِأَنْ كَانَ عَلَيْهِ اسْمُ مَلِكٍ مِنْ مُلُوكِ الْإِسْلَامِ أَوْ قُرْآنٌ (عُلِمَ مَالِكُهُ) بِعَيْنِهِ (فَلَهُ) لَا لِوَاجِدِهِ فَيَجِبُ رَدُّهُ عَلَى مَالِكِهِ إذْ مَالُ الْمُسْلِمِ لَا يُمْلَكُ بِمُجَرَّدِ الِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُعْلَمْ مَالِكُهُ (فَلُقَطَةٌ) يَعْرِفُهُ وَاجِدُهُ كَمَا يَعْرِفُ اللُّقَطَةَ الْمَوْجُودَةَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ (وَكَذَا إنْ)(لَمْ يُعْلَمْ مِنْ أَيِّ الضَّرْبَيْنِ) الْجَاهِلِيِّ وَالْإِسْلَامِيِّ (هُوَ) وَلَمْ يُوجَدْ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الزَّكَاةِ (قَوْلُهُ وَيُمْنَعُ الذِّمِّيُّ) نَدْبًا أَخْذًا مِنْ قَوْلِ حَجّ: إنَّ مَا أَخَذَهُ قَبْلَ الْإِزْعَاجِ يَمْلِكُهُ، وَمِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ، وَيَنْقَدِحُ جَوَازُ إلَخْ، وَلَوْ قِيلَ بِوُجُوبِهِ عَلَى الْإِمَامِ لَمْ يَبْعُدْ لِأَنَّ الْإِمَامَ يَجِبُ عَلَيْهِ رِعَايَةُ مَا فِيهِ الْمَصْلَحَةُ لِلْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ: مِنْ أَخْذِ الْمَعْدِنِ وَالرِّكَازِ) أَيْ وَمَا أَخَذَهُ قَبْلَ الْإِزْعَاجِ يَمْلِكُهُ كَحَطَبِهَا اهـ حَجّ (قَوْلُهُ وَيَنْقَدِحُ جَوَازُ مَنْعِهِ) أَيْ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِحْبَابِ لَا الْإِبَاحَةِ
(قَوْلُهُ: وَشَرْطُهُ) أَيْ وَاتِّحَادُ الْمَكَانِ الْمُسْتَخْرَجِ مِنْهُ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: إنْ كَانُوا يَذُبُّونَ عَنْهُ) الْأَوْلَى وَإِنْ كَانُوا إلَخْ لِأَنَّ مَا لَا يَذُبُّونَ عَنْهُ أَوْلَى بِكَوْنِهِ رِكَازًا مِمَّا يَذُبُّونَ عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَلَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ) أَيْ أَوْ بَلَغَتْهُ وَلَمْ يُعَانِدْ (قَوْلُهُ، وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَالْمُرَادُ بِجَاهِلِيِّ الدَّفْنِ مَا قَبْلَ مَبْعَثِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: بَلْ يُكْتَفَى بِعَلَامَةٍ مِنْ ضَرْبٍ إلَخْ) أَيْ
ــ
[حاشية الرشيدي]
الزَّكَاةُ
[الرِّكَازِ]
(قَوْلُهُ: مَا قَبْلَ مَبْعَثِهِ صلى الله عليه وسلم) شَمِلَ مَا إذَا دَفَنَهُ أَحَدٌ مِنْ قَوْمِ مُوسَى أَوْ عِيسَى مَثَلًا قَبْلَ نَسْخِ دِينِهِمْ وَفِي كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ مَا يُفِيدُ أَنَّهُ لَيْسَ بِرِكَازٍ وَأَنَّهُ لِوَرَثَتِهِمْ: أَيْ إنْ عَلِمُوا وَإِلَّا فَهُوَ مَالٌ ضَائِعٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَلْيُرَاجَعْ
عَلَيْهِ أَثَرٌ كَتِبْرٍ وَحُلِيٍّ وَإِنَاءٍ، أَوْ كَانَ يُضْرَبُ مِثْلُهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَالْإِسْلَامِ فَيَكُونُ لُقَطَةً يُفْعَلُ بِهِ مَا مَرَّ (وَإِنَّمَا)(يَمْلِكُهُ) أَيْ الرِّكَازَ (الْوَاجِدُ وَتَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ) فِيهِ (إذَا وَجَدَهُ فِي مَوَاتٍ) أَوْ فِي خَرَائِبِهِمْ أَوْ قِلَاعِهِمْ أَوْ قُبُورِهِمْ (أَوْ) وَجَدَهُ فِي (مِلْكٍ أَحْيَاهُ) ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَ الرِّكَازَ بِإِحْيَائِهِ الْأَرْضَ، وَلَوْ وَجَدَهُ فِي أَرْضِ الْغَانِمِينَ كَانَ لَهُمْ، أَوْ فِي أَرْضِ الْفَيْءِ فَلِأَهْلِهِ، أَوْ فِي دَارِ الْحَرْبِ فِي مِلْكٍ حَرْبِيٍّ فَهُوَ لَهُ، أَوْ فِي أَرْضٍ مَوْقُوفَةٍ عَلَيْهِ فَالْيَدُ لَهُ كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَأَقَرَّهُ.
(فَإِنْ)(وُجِدَ) أَيْ الرِّكَازُ (فِي مَسْجِدٍ أَوْ شَارِعٍ) أَوْ طَرِيقٍ نَافِذٍ (فَلُقَطَةٌ) ؛ لِأَنَّ الْيَدَ لِلْمُسْلِمِينَ عَلَيْهِ، وَقَدْ جُهِلَ مَالِكُهُ، وَلِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ وَلَا يَحِلُّ تَمَلُّكُ مَالِهِمَا بِغَيْرِ بَدَلٍ قَهْرًا (عَلَى الْمَذْهَبِ) وَقِيلَ الْمَوْجُودُ فِي الشَّارِعِ رِكَازٌ فَلَوْ سَبَّلَ مَالِكُهُ طَرِيقًا أَوْ مَسْجِدًا، أَوْ سَبَّلَ الْإِمَامُ أَرْضًا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ كَذَلِكَ كَانَ لُقَطَةً أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْيَدَ لِلْمُسْلِمِينَ وَزَالَتْ يَدُ الْمَالِكِ كَمَا قَالَهُ الْغَزِّيِّ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ لِأَنَّهُ جَاهِلِيٌّ فِي مَكَان غَيْرِ مَمْلُوكٍ فَأَشْبَهَ الْمَوَاتَ (أَوْ فِي مِلْكِ شَخْصٍ فَلِلشَّخْصِ إنْ ادَّعَاهُ) بِلَا يَمِينٍ كَأَمْتِعَةِ الدَّارِ إنْ لَمْ يَدَّعِهِ وَاجِدُهُ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ الْيَمِينِ وَالتَّقْيِيدِ بِدَعْوَى الْمَالِكِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا ذَكَرَاهُ وَإِنْ شَرَطَ السُّبْكِيُّ وَابْنُ الرِّفْعَةِ أَنْ لَا يَنْفِيَهُ وَإِنْ لَمْ يَدَّعِهِ وَصَوَّبَهُ الْإِسْنَوِيُّ كَسَائِرِ مَا بِيَدِهِ فَقَدْ رُدَّ بِالْفَرْقِ بَيْنَهُمَا إذْ يَدُهُ ثَمَّ ظَاهِرٌ مَعْلُومَةٌ لَهُ غَالِبًا بِخِلَافِهِ فَاعْتُبِرَ دَعْوَاهُ لَهُ لِاحْتِمَالِ أَنَّ غَيْرَهُ دَفَنَهُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَدَّعِهِ بِأَنْ سَكَتَ عَنْهُ أَوْ نَفَاهُ (فَلِمَنْ مَلَكَ مِنْهُ) أَوْ وَرَثَتِهِ فَإِنْ نَفَاهُ بَعْضُهُمْ سَقَطَ حَقُّهُ وَسُلِكَ بِالْبَاقِي مَا مَرَّ (وَهَكَذَا حَتَّى يَنْتَهِيَ إلَى الْمُحْيِي) لِلْأَرْضِ فَيَكُونُ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَدَّعِهِ؛ لِأَنَّهُ بِإِحْيَائِهَا مَلَكَ مَا فِيهَا وَلَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ مَنْقُولٌ فَيُسَلَّمُ إلَيْهِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ خُمُسُهُ يَوْمَ مِلْكِهِ وَيَلْزَمُ زَكَاةُ الْبَاقِي فِي السِّنِينَ الْمَاضِيَةِ.
وَلَوْ أَيِسَ مِنْ مَالِكِهِ فَقِيلَ يَتَصَدَّقُ الْإِمَامُ بِهِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
كَأَنْ يُوجَدَ عَلَيْهِ اسْمُ مَلِكٍ قَبْلَ مَبْعَثِهِ صلى الله عليه وسلم، بِخِلَافِ مَا وُجِدَ عَلَيْهِ اسْمُ مَلِكٍ مِنْ مُلُوكِهِمْ عُلِمَ وُجُودُهُ بَعْدَ مَبْعَثِهِ صلى الله عليه وسلم فَلَا يَكُونُ رِكَازًا بَلْ فَيْئًا (قَوْلُهُ أَوْ فِي أَرْضٍ مَوْقُوفَةٍ إلَخْ) قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ: فَرْعٌ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ إنْ وَجَدَهُ بِمَوْقُوفٍ بِيَدِهِ فَهُوَ رِكَازٌ كَذَا فِي التَّهْذِيبِ اهـ: أَيْ فَهُوَ لَهُ كَمَا اعْتَمَدَهُ مَرَّ، فَلَوْ نَفَاهُ مَنْ بِيَدِهِ الْوَقْفُ فَيَنْبَغِي أَنْ يُعْرَضَ عَلَى الْوَاقِفِ، فَإِنْ ادَّعَاهُ فَهُوَ لَهُ، وَإِلَّا فَلِمَنْ مَلَكَ مِنْهُ إنْ ادَّعَاهُ وَهَكَذَا إلَى الْمُحْيِي فَلْيُحَرَّرْ، وَانْظُرْ لَوْ كَانَ الْوَقْفُ بِيَدِ نَاظِرٍ غَيْرَ الْمُسْتَحِقِّ هَلْ يَكُونُ الْمَوْجُودُ فِيهِ لِلنَّاظِرِ أَوْ لِلْمُسْتَحِقِّ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ وَالنَّاظِرُ إنَّمَا يَتَصَرَّفُ لَهُ، الْأَقْرَبُ الثَّانِي وَانْظُرْ لَوْ كَانَ الْوَقْفُ لِلْمَسْجِدِ، هَلْ مَا يُوجَدُ فِيهِ لِلْمَسْجِدِ لَا يَبْعُدُ.
نَعَمْ وَعَلَيْهِ فَيَنْبَغِي لَوْ نَفَاهُ نَاظِرُهُ لَا يَصِحُّ نَفْيُهُ فَلْيُحَرَّرْ.
كُلُّ ذَلِكَ قَوْلُهُ فَلَوْ نَفَاهُ مَنْ بِيَدِهِ إلَخْ قِيَاسُ مَا اعْتَمَدَهُ مَرَّ فِي شَرْحِهِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَكْفِي فِيمَا وَجَدَهُ يَمْلِكُهُ عَدَمُ النَّفْيِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَدَّعِيَهُ أَنَّهُ هُنَا كَذَلِكَ (قَوْلُهُ كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَأَقَرَّاهُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَتْ الْيَدُ عَلَيْهِ لِغَيْرِهِ قَبْلَ وَقْفِهِ وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ سم (قَوْلُهُ: فَلِمَنْ مَلَكَ مِنْهُ) قِيَاسُ مَا قَدَّمَهُ فِيمَنْ وَجَدَهُ فِي مِلْكِهِ أَنَّهُ لَا يَكْتَفِي هُنَا مُجَرَّدُ عَدَمِ النَّفْيِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ دَعْوَاهُ، ثُمَّ مَا تُقْرَنُ مِنْ أَنَّهُ لِمَنْ مَلَكَ مِنْهُ أَوْ وَرَثَتِهِ ظَاهِرٌ إنْ عَلِمُوا بِهِ وَادَّعَوْهُ، أَوْ لَمْ يَعْلَمُوا وَأَعْلَمَهُمْ بِذَلِكَ وَإِعْلَامُهُ إيَّاهُمْ وَاجِبٌ لَكِنْ اطَّرَدَتْ الْعَادَةُ فِي زَمَانِنَا بِأَنَّ مَنْ نُسِبَ لَهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ تَسَلَّطَتْ عَلَيْهِ الظَّلَمَةُ بِالْأَذَى وَاتِّهَامِهِ بِأَنَّ هَذَا بَعْضُ مَا وَجَدَهُ فَهَلْ يَكُونُ ذَلِكَ عُذْرًا فِي عَدَمِ الْإِعْلَامِ، وَيَكُونُ فِي يَدِهِ كَالْوَدِيعَةِ فَيَجِبُ حِفْظُهُ وَمُرَاعَاتُهُ أَبَدًا أَوْ يَجُوزُ لَهُ صَرْفُهُ مَصْرِفَ بَيْتِ الْمَالِ كَمَنْ وَجَدَ مَالًا أَيِسَ مِنْ مَالِكِهِ وَخَافَ مِنْ دَفْعِهِ لِأَمِينِ بَيْتِ الْمَالِ أَنَّ أَمِينَ بَيْتِ الْمَالِ لَا يَصْرِفُهُ مَصْرِفَهُ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ الثَّانِي لِلْعُذْرِ الْمَذْكُورِ وَيَنْبَغِي لَهُ إنْ أَمْكَنَ دَفْعُهُ لِمَنْ مَلَكَ مِنْهُ تَقْدِيمُهُ عَلَى غَيْرِهِ إنْ كَانَ مُسْتَحَقًّا بِبَيْتِ الْمَالِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَدَّعِهِ) قَالَ سم
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ أَوْ فِي خَرَائِبِهِمْ) أَيْ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ الْمَفْهُومِينَ مِنْ لَفْظِ الْجَاهِلِيِّ الْمُتَقَدِّمِ (قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُ زَكَاةُ الْبَاقِي فِي السِّنِينَ الْمَاضِيَةِ)
أَوْ مَنْ هُوَ بِيَدِهِ لَكِنْ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ لَوْ وَجَدَ رِكَازًا بِدَارِ الْإِسْلَامِ أَوْ الْعَهْدِ وَعُرِفَ مَالِكُ أَرْضِهِ لَمْ يَمْلِكْهُ وَاجِدُهُ بَلْ يَجِبُ حِفْظُهُ، فَإِنْ أَيِسَ مِنْ مَالِكِهِ كَانَ لِبَيْتِ الْمَالِ كَسَائِرِ الْأَمْوَالِ الضَّائِعَةِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ لُقَطَةً كَمَا لَوْ وَجَدَهُ بِنَحْوِ طَرِيقٍ؛ لِأَنَّهُ وَجَدَهُ فِي مِلْكٍ فَكَانَ لِمَالِكِهِ بِخِلَافِهِ، ثُمَّ وَفَارَقَ هَذَا مَا قَبْلَهُ بِمَا عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ، وَقِيلَ إنَّ هَذَا فِيمَا إذَا عُرِفَ مَالِكُهُ ثُمَّ أَيِسَ مِنْ وُجُودِهِ، وَذَاكَ فِيمَا إذَا جُهِلَتْ عَيْنُ مَالِكِهِ ثُمَّ أَيِسَ مِنْ ذَلِكَ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْوُجُودَ بَعْدَ الْيَأْسِ مِنْ الْوُجُودِ بَعْدَ الْمَعْرِفَةِ أَقْرَبُ مِنْهُ بَعْدَ الْيَأْسِ مِنْ الْوُجُودِ بَعْدَ الْجَهْلِ بِالْعَيْنِ فَلِذَلِكَ رَاعَيْنَا تِلْكَ الْأَقْرَبِيَّةَ وَجَعَلْنَاهُ مِلْكَ بَيْتِ الْمَالِ حَتَّى يَسْهُلَ غُرْمُهُ لِوَاجِدِهِ إذَا جَاءَ بِخِلَافِهِ فِي الْحَالَةِ الْأُخْرَى لِبُعْدِ وُجُودِهِ فَمَكَّنَّا وَاجِدَهُ مِنْ التَّصَرُّفِ بِمَا مَرَّ، وَلَا يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ قَوْلَهُمْ لَوْ أَلْقَى هَارِبٌ أَوْ رِيحٌ ثَوْبًا بِحِجْرِهِ مَثَلًا أَوْ خَلَفَ مُورِثُهُ وَدِيعَةً وَجُهِلَ مَالِكُ ذَلِكَ لَمْ يَتَمَلَّكْهُ بَلْ يَحْفَظْهُ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ ضَائِعٌ لِحَمْلِهِ عَلَى مَا قَبْلَ الْيَأْسِ وَحِينَئِذٍ فَلَا فَرْقَ فِي وُجُوبِ حِفْظِهِ بَيْنَ مَعْرِفَةِ مَالِكِهِ ثُمَّ الْجَهْلِ بِهِ وَالْجَهْلِ بِهِ مِنْ أَصْلِهِ وَلَا يُعَكِّرُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُمْ الْآتِي فِي اللُّقَطَةِ: وَمَا وُجِدَ بِأَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ فَلِذِي الْيَدِ فِيهَا، فَإِنْ لَمْ يَدَّعِهِ فَلِمَنْ قَبْلَهُ وَهَكَذَا إلَى الْمُحْيِي، فَإِنْ لَمْ يَدَّعِهِ فَلُقَطَةٌ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ لَمْ يَدَّعِهِ هُنَا أَنَّهُ نَفَى مَالِكَهُ عَنْهُ، وَحِينَئِذٍ فَيَسْتَنِدُ إلَى وُجُودِهِ فِي الْأَرْضِ قَبْلَ الْإِحْيَاءِ
(وَلَوْ)(تَنَازَعَهُ) أَيْ الرِّكَازَ الْمَوْجُودَ بِمِلْكٍ (بَائِعٍ وَمُشْتَرٍ أَوْ مُكْرٍ وَمُكْتَرٍ وَمُعِيرٍ وَمُسْتَعِيرٌ) بِأَنْ قَالَ الْمُشْتَرِي وَالْمُكْتَرِي وَالْمُسْتَعِيرُ هُوَ لِي وَأَنَا دَفَنْته، وَقَالَ الْآخَرُ مِثْلُ ذَلِكَ أَوْ قَالَ الْبَائِعُ مَلَكْته بِالْإِحْيَاءِ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ: أَوْ فَالْوَاوُ بِمَعْنَاهَا فَكَانَ سَبَبُ إيثَارِهَا الْإِشَارَةَ إلَى مُغَايَرَةِ يَدِ الْمُسْتَعِيرِ لِيَدِ الْمُسْتَأْجِرِ (صُدِّقَ ذُو الْيَدِ بِيَمِينِهِ) إنْ أَمْكَنَ دَفْنُ مِثْلِهِ فِي زَمَنِ يَدِهِ، وَلَوْ عَلَى نُدُورٍ وَإِلَّا لَمْ يُصَدَّقْ، وَلَوْ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَدْفِنْهُ صَاحِبُ الْيَدِ فَهُوَ لِلْمَالِكِ اتِّفَاقًا، وَلَوْ تَنَازَعَا فِيهِ بَعْدَ رُجُوعِ الدَّارِ لِيَدِ الْمَالِكِ فَادَّعَى دَفْنَهُ بَعْدَ الرُّجُوعِ صُدِّقَ إنْ أَمْكَنَ أَوْ قَبْلَ نَحْوِ الْعَارِيَّةِ صُدِّقَ الْمُسْتَعِيرُ وَمَنْ مَرَّ مَعَهُ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ سَلَّمَ لَهُ حُصُولَ الرِّكَازِ فِي يَدِهِ فَيَدُهُ تَنْسَخُ الْيَدَ السَّابِقَةَ.
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَدَّعِهِ أَيْ مَا لَمْ يَنْفِهِ فَالشَّرْطُ فِيمَنْ قَبْلَ الْمُحْيِي أَنْ يَدَّعِيَهُ.
وَفِي الْمُحْيِي أَنْ لَا يَنْفِيَهُ مَرَّ اهـ لَكِنْ فِي الزِّيَادِيِّ مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ فَيَكُونُ لَهُ، أَيْ وَإِنْ لَمْ يَدَّعِهِ وَإِنْ نَفَاهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الدَّارِمِيُّ اهـ وَالْأَقْرَبُ مَا فِي الزِّيَادِيِّ (قَوْلُهُ: لَكِنْ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَذَاكَ فِيمَا إذَا جُهِلَتْ) اسْمُ الْإِشَارَةِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ الْعُهَدِ وَعَرَفَ مَالِكٌ أَرْضَهُ (قَوْلُهُ: وَوَجْهُ ذَلِكَ) أَيْ وَجْهُ قَوْلِهِ وَقِيلَ إنَّ هَذَا إلَخْ.
(قَوْلُهُ وَمُعِيرٍ) هِيَ بِمَعْنَى أَوْ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: أَوْ فَالْوَاوُ إلَخْ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَمُعِيرٍ.
ــ
[حاشية الرشيدي]
أَيْ بِرُبُعِ الْعُشْرِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْوُجُودَ) أَيْ لِلْمَالِكِ، وَقَوْلُهُ مِنْ الْوُجُودِ أَيْ لَهُ مُتَعَلَّقٌ بِالْيَأْسِ وَكَأَنَّ الْمَقَامَ لِلْإِضْمَارِ، وَقَوْلُهُ بَعْدَ الْمَعْرِفَةِ مُتَعَلِّقٌ بِالْوُجُودِ الْأَوَّلِ وَبِهَذَا يَظْهَرُ تَقْرِيرُ مَا بَعْدَهُ فَكَأَنَّهُ قَالَ: وُجُودُ الْمَالِكِ بَعْدَ الْيَأْسِ مِنْ وُجُودِهِ عِنْدَ تَقَدُّمِ مَعْرِفَتِهِ أَقْرَبُ مِنْ وُجُودِهِ بَعْدَ الْيَأْسِ مِنْهُ حَيْثُ لَمْ تَتَقَدَّمْ مَعْرِفَتُهُ.
وَاعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ هُنَا إلَى آخِرِ السِّوَادَةِ قَرَّرَهُ الشِّهَابُ حَجّ فِي إمْدَادِهِ لِاسْتِشْكَالِ الشِّهَابِ سم عَلَيْهِ مَا مَرَّ عَنْ الْمَجْمُوعِ وَمَا قَبْلَهُ مِنْ وُجُوهٍ كَمَا ذَكَرَهُ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: حَتَّى يَسْهُلَ غُرْمُهُ لِوَاجِدِهِ) لَعَلَّهُ لِمَالِكِهِ بَدَلَ لِوَاجِدِهِ، أَوْ الْمُرَادُ وَاجِدُهُ بِالْقُوَّةِ وَهُوَ الْمُحْيِي الْمَذْكُورُ