الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وُجُوبَهَا لِأَنَّ مَالَهُ لَا يَتَعَيَّنُ صَرْفُهُ لَهُ وَإِنَّمَا بَيْعُ الْمَسْكَنِ وَالْخَادِمِ فِيهِ تَقْدِيمًا لِبَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ عَلَى الِانْتِفَاعِ بِهِمَا؛ لِأَنَّ تَحْصِيلَهُمَا بِالْكِرَاءِ أَسْهَلُ، فَسَقَطَ مَا قِيلَ إنَّهُ مُشْكِلٌ بِتَقْدِيمِ الْمَسْكَنِ وَالْخَادِمِ عَلَيْهَا وَالْمُقَدَّمُ عَلَى الْمُقَدَّمِ مُقَدَّمٌ، وَيُبَاعُ حَتْمًا جُزْءُ عَبْدِ غَيْرِ الْخِدْمَةِ فِيهَا وَلَوْ مَرْهُونًا وَالسَّيِّدُ مُعْسِرٌ بِقَدْرِ الزَّكَاةِ عَلَى أَوْجَهِ الْأَوْجَهِ فَإِنْ لَزِمَتْ الْفِطْرَةُ الذِّمَّةَ بِيعَ فِيهَا حَتْمًا مَا يُبَاعُ فِي الدَّيْنِ وَلَوْ عَبْدَ خِدْمَةٍ وَمَسْكَنًا وَإِنْ لَمْ يُبَاعَا ابْتِدَاءً لِالْتِحَاقِهَا بِالدُّيُونِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ لَا لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ لَهَا بَدَلٌ بِخِلَافِ الْفِطْرَةِ.
(وَمَنْ لَزِمَهُ فِطْرَتُهُ لَزِمَهُ فِطْرَةُ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ) بِزَوْجِيَّةٍ أَوْ مِلْكٍ أَوْ قَرَابَةٍ: أَيْ إذَا كَانُوا مُسْلِمَيْنِ وَوُجِدَ مَا يُؤَدَّى عَنْهُمْ كَمَا مَرَّ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي عَبْدِهِ وَلَا فَرَسِهِ صَدَقَةٌ إلَّا صَدَقَةَ الْفِطْرِ فِي الرَّقِيقِ» وَالْبَاقِي بِالْقِيَاسِ عَلَيْهِ بِجَامِعِ وُجُوبِ النَّفَقَةِ، وَدَخَلَ فِي عِبَارَتِهِ مَا لَوْ أَخْدَمَ زَوْجَتَهُ الَّتِي تُخْدَمُ عَادَةً أَمَتَهَا كَأَجْنَبِيَّةٍ وَأَنْفَقَ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ فِطْرَتُهَا كَنَفَقَتِهَا، بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيَّةِ الْمُؤَجَّرَةِ لِخِدْمَتِهَا كَمَا لَا تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهَا، وَكَذَا الَّتِي صَحِبَتْهَا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: لَا يَتَعَيَّنُ صَرْفُهُ لَهُ) أَيْ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا بَيْعُ الْمَسْكَنِ وَالْخَادِمِ فِيهِ) أَيْ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَرْهُونًا) الْمُتَبَادِرُ مِنْهُ أَنَّ جُزْأَهُ يُبَاعُ فِي حَالِ الرَّهْنِ فَتُقَدَّمُ الزَّكَاةُ عَلَى حَقِّ الْمُرْتَهِنِ وَهُوَ مُشْكِلٌ لِأَنَّ حَقَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِالْعَيْنِ، وَيُقَدَّمُ بِهِ عَلَى غَيْرِهِ حَتَّى مُؤَنِ تَجْهِيزِ الْمَالِكِ لَوْ مَاتَ، إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يُبَاعُ بَعْدَ فِكَاكِ الرَّهْنِ وَأَنَّهُ بِالْفِكَاكِ يَتَبَيَّنُ أَنَّهُ كَانَ مُوسِرًا بِخِلَافِ مَا لَوْ بِيعَ لَكِنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ، وَعَلَى مَا هُوَ الظَّاهِرُ يُمْكِنُ تَوْجِيهُهُ بِأَنَّ زَكَاةَ الْفِطْرِ لَمَّا وَجَبَتْ عَلَى بَدَنِ الْعَبْدِ كَانَتْ كَالْأَرْشِ وَالْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ يُقَدَّمُ بِهِ فَكَذَا الْمُسْتَحِقُّ. أَمَّا مَا وَجَبَ عَلَى السَّيِّدِ عَنْ نَفْسِهِ وَمُمَوِّنِهِ غَيْرِ الْمَرْهُونِ فَلَا يُبَاعُ فِيهِ الْمَرْهُونُ إلَّا بَعْدَ زَكَاتِهِ لِأَنَّهُ يَتَبَيَّنُ بِذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ مُوسِرًا قَبْلَ الْوُجُوبِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَزِمَتْ الْفِطْرَةُ الذِّمَّةَ بِيعَ) أَيْ بِأَنْ تَمَكَّنَ مِنْ إخْرَاجِهَا وَلَمْ يَفْعَلْ.
(قَوْلُهُ: أَوْ مِلْكٍ أَوْ قَرَابَةٍ) وَهَلْ يُثَابُ الْمُخْرَجُ عَنْهُ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي فَلْيُرَاجَعْ، كَمَا قِيلَ بِهِ فِي الْأُضْحِيَّةِ مِنْ أَنَّ ثَوَابَ الْأُضْحِيَّةِ لِلْمُضَحِّي وَيَسْقُطُ بِفِعْلِهِ الطَّلَبُ عَنْ أَهْلِ الْبَيْتِ (قَوْلُهُ: كَأَجْنَبِيَّةٍ) التَّنْظِيرُ فَهِيَ بِمَعْنَى أَوْ يَعْنِي أَخْدَمَهَا أَمَتَهَا أَوْ امْرَأَةً أَجْنَبِيَّةً إلَخْ، وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُ الْآتِي وَكَذَا الَّتِي صَحِبَتْهَا إلَخْ يُنَافِي هَذِهِ الزِّيَادَةَ، وَفِي نُسْخَةٍ أَمَتَهَا الْأَجْنَبِيَّةَ، وَعَلَيْهَا فَالتَّقْيِيدُ بِالْأَجْنَبِيَّةِ صِفَةٌ لَازِمَةٌ، أَوْ الْمُرَادُ الَّتِي لَيْسَتْ مِلْكًا لِلزَّوْجِ، وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُ مَا هُنَا بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَجْنَبِيَّةِ مَنْ أَتَى بِهَا مِنْ نَفْسِهِ لِلْخِدْمَةِ وَبِمَنْ صَحِبَتْهَا لِلنَّفَقَةِ مَنْ أَتَتْ بِهَا الزَّوْجَةُ وَاسْتَأْذَنَتْ الزَّوْجَ.
(قَوْلُهُ: الْمُؤَجَّرَةِ لِخِدْمَتِهَا) أَيْ وَلَوْ إجَارَةً فَاسِدَةً، وَمِثْلُ هَذَا مَا يَكْثُرُ وُقُوعُهُ فِي مِصْرِنَا وَقُرَاهَا مِنْ اسْتِئْجَارِ شَخْصٍ لِرَعْيِ دَوَابِّهِ مَثَلًا بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ فَإِنَّهُ لَا فِطْرَةَ لَهُ لِكَوْنِهِ مُؤَجَّرًا إجَارَةً إمَّا صَحِيحَةً وَإِمَّا فَاسِدَةً، بِخِلَافِ مَا لَوْ اسْتَخْدَمَهُ بِالنَّفَقَةِ أَوْ الْكِسْوَةِ فَتَجِبُ فِطْرَتُهُ كَخَادِمِ الزَّوْجَةِ، ثُمَّ قَالَ مَرَّةً أُخْرَى: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ خَادِمَ الزَّوْجَةِ اسْتِخْدَامُهُ وَاجِبٌ كَالزَّوْجَةِ، بِخِلَافِ مَنْ يَتَعَلَّقُ بِالزَّوْجِ مَثَلًا فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ اسْتِخْدَامُهُ وَهُوَ مُتَمَكِّنٌ مِنْ أَنْ يَخْدُمَ نَفْسَهُ أَوْ لَا يَفْعَلُ مَا يُحْوِجُ إلَى الِاسْتِخْدَامِ، وَإِنْ فَرَضَ اسْتِخْدَامَهُ بِلَا إيجَارٍ كَانَ كَالْمُتَبَرِّعِ بِالنَّفَقَةِ فَلَا فِطْرَةَ عَلَيْهِ.
ــ
[حاشية الرشيدي]
الْفِطْرَةُ الذِّمَّةَ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَالَهُ لَا يَتَعَيَّنُ صَرْفُهُ لَهُ) الضَّمِيرُ فِي لِأَنَّهُ لِلْفَاضِلِ وَفِي نُسَخٍ لِأَنَّ مَالَهُ إلَخْ
[يَلْزَمُهُ فِطْرَةُ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ]
(قَوْلُهُ: وَأَنْفَقَ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى الْأَمَةِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيَّةِ إلَخْ) بَيَانٌ لِلْمَفْهُومِ الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِهِ لَا أَجْنَبِيَّةٌ، وَكَانَ الْأَنْسَبُ أَنْ يَقُولَ: أَمَّا الْأَجْنَبِيَّةُ إلَخْ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يُبَيِّنَ مَا أَجْمَلَهُ أَوَّلًا فِي قَوْلِهِ لَا أَجْنَبِيَّةٌ فَكَأَنَّهُ قَالَ لَا أَجْنَبِيَّةٌ فَفِيهَا تَفْصِيلٌ ثُمَّ بَيَّنَ هَذَا التَّفْصِيلَ بِقَوْلِهِ بِخِلَافِ إلَخْ وَإِنْ كَانَ فِي سِيَاقِهِ قَلَاقَةٌ، وَكَانَ الْأَوْلَى حَذْفُ هَذَا الْإِجْمَالِ ثُمَّ يَقُولُ: وَخَرَجَ بِأَمَتِهَا الْأَجْنَبِيَّةُ ثُمَّ يُبَيِّنُ مَا فِيهَا، وَالْعِبَارَةُ لِلرَّوْضِ وَشَرْحِهِ، وَوَقَعَ فِي النُّسْخَةِ الَّتِي كَتَبَ عَلَيْهَا الشَّيْخُ كَأَجْنَبِيَّةٍ فَرَتَّبَ عَلَيْهَا مَا فِي حَاشِيَتِهِ وَاطَّلَعَ عَلَى نُسْخَةٍ أُخْرَى لَفْظُهَا الْأَجْنَبِيَّةُ، وَكُلُّ ذَلِكَ خِلَافُ مَا فِي الرَّوْضِ الَّذِي مَا هُنَا
لِتَخْدُمَهَا بِنَفَقَتِهَا بِإِذْنِهِ لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى الْمُؤَجَّرَةِ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ. وَقَالَ الرَّافِعِيُّ فِي النَّفَقَاتِ: تَجِبُ فِطْرَتُهَا وَهُوَ الْقِيَاسُ وَبِهِ جَزَمَ الْمُتَوَلِّي، وَالْأَوْجَهُ حَمْلُ الْأَوَّلِ عَلَى مَا إذَا كَانَ لَهَا مُقَدَّرٌ مِنْ النَّفَقَةِ لَا تَتَعَدَّاهُ. وَالثَّانِي عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا مُقَدَّرٌ وَتَأْكُلُ كِفَايَتَهَا كَالْإِمَاءِ، وَمِثْلُهَا عَبْدُ الْمَالِكِ فِي الْقِرَاضِ وَالْمُسَاقَاةِ إذَا شَرَطَ عَمَلَهُ مَعَ الْعَامِلِ وَنَفَقَتُهُ عَلَيْهِ فَإِنَّ فِطْرَتَهُ عَلَى سَيِّدِهِ.
أَمَّا مَنْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ كَزَوْجَتِهِ النَّاشِزَةِ فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ فِطْرَتُهُ، إلَّا الْمُكَاتَبَ كِتَابَةً فَاسِدَةً كَمَا مَرَّ، وَإِلَّا الزَّوْجَةَ الَّتِي حِيلَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا فَيَجِبُ عَلَيْهِ فِطْرَتُهَا دُونَ نَفَقَتِهَا.
وَلَيْسَ لِلزَّوْجَةِ مُطَالَبَةُ زَوْجِهَا بِإِخْرَاجِ فِطْرَتِهَا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، فَإِنْ كَانَ غَالِبًا فَلَهَا الِافْتِرَاضُ عَلَيْهِ لِنَفَقَتِهَا دُونَ فِطْرَتِهَا لِتَضَرُّرِهَا بِانْقِطَاعِ النَّفَقَةِ دُونَ الْفِطْرَةِ وَلِأَنَّ الزَّوْجَ هُوَ الْمُخَاطَبُ بِإِخْرَاجِهَا، قَالَهُ فِي الْبَحْرِ، وَكَذَا الْحُكْمُ فِي الْأَبِ الْعَاجِزِ.
(لَكِنْ)(لَا يَلْزَمُ الْمُسْلِمَ فِطْرَةُ الْعَبْدِ) أَيْ الرَّقِيقِ (وَالْقَرِيبِ وَالزَّوْجَةِ الْكُفَّارِ) وَإِنْ وَجَبَتْ نَفَقَتُهُمْ لِلْخَبَرِ الْمَارِّ مِنْ الْمُسْلِمِينَ (وَلَا الْعَبْدَ فِطْرَةُ زَوْجَتِهِ) حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً وَإِنْ وَجَبَتْ نَفَقَتُهَا فِي كَسْبِهِ وَنَحْوِهِ لِأَنَّهُ غَيْرُ أَهْلٍ لِفِطْرَةِ نَفْسِهِ فَكَيْفَ يَتَحَمَّلُهَا عَنْ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
فَرْعٌ] قَالَ حَجّ: وَهَلْ الْحُرَّةُ الْغَنِيَّةُ الْخَادِمَةُ لِلزَّوْجَةِ بِغَيْرِ اسْتِئْجَارٍ يَلْزَمُهَا بِنَاءً عَلَى مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ، وَتَبِعَهُ الْقَمُولِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهَا فِطْرَتُهَا خِلَافًا لِلرَّافِعِيِّ كَالْمُتَوَلِّي فِطْرَةَ نَفْسِهَا مَعَ أَنَّ نَفَقَتَهَا عَلَى زَوْجِ مَخْدُومَتِهَا اعْتِبَارًا بِهَا أَوْ لَا؛ لِأَنَّهَا تَابِعَةٌ لِلزَّوْجَةِ، وَهِيَ لَا تَلْزَمُهَا فِطْرَةُ نَفْسِهَا وَإِنْ كَانَتْ غَنِيَّةً وَالزَّوْجُ مُعْسِرٌ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ. وَالثَّانِي أَقْرَبُ إلَى كَلَامِهِمْ فِي النَّفَقَاتِ أَنَّ لَهَا حُكْمَهَا إلَّا فِي مَسَائِلَ اسْتَثْنَوْهَا لَيْسَتْ هَذِهِ مِنْهَا، وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم قَوْلُهُ الْغَنِيَّةُ قَيْدٌ بِهَا لِيَتَأَتَّى التَّرَدُّدُ اهـ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى الْمُؤَجَّرَةِ) أَيْ فَلَا فِطْرَةَ لَهَا كَمَا أَنَّ الْمُؤَجَّرَةَ لَا فِطْرَةَ لَهَا (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ حَمْلُ الْأَوَّلِ) أَيْ وَهُوَ عَدَمُ الْوُجُوبِ الْمَفْهُومُ مِنْ قَوْلِهِ وَكَذَا الَّتِي صَحِبَتْهَا إلَخْ، وَالثَّانِي هُوَ قَوْلُهُ وَقَالَ الرَّافِعِيُّ فِي النَّفَقَاتِ تَجِبُ فِطْرَتُهَا إلَخْ.
(قَوْلُهُ: فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ فِطْرَتُهُ) أَيْ وَتَجِبُ فِطْرَةُ الزَّوْجَةِ عَلَى نَفْسِهَا كَمَا يَأْتِي قَرِيبًا (قَوْلُهُ وَإِلَّا الزَّوْجَةَ الَّتِي حِيلَ بَيْنَهَا) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَتْ الْحَيْلُولَةُ وَقْتَ الْوُجُوبِ وَيُتَأَمَّلُ وَجْهُهُ حِينَئِذٍ، وَمِنْ الْحَيْلُولَةِ الْحَبْسُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ حَبَسَهَا بِحَقٍّ.
(قَوْلُهُ: بِإِخْرَاجِ فِطْرَتِهَا) قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ بَعْدُ مِثْلَ مَا ذُكِرَ: وَبَيَّنَهُ فِي الْكِفَايَةِ بِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ حَوَالَةً فَالْمُحِيلُ لَا يُطَالَبُ وَإِنْ كَانَتْ ضَمَانًا فَالْمَضْمُونُ عَنْهُ لَا يُطَالَبُ اهـ.
وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ: إنْ أُرِيدَ مَنْعُ الْمُطَالَبَةِ بِالْمُبَادَرَةِ أَوْ الدَّفْعِ إلَيْهَا فَمُسَلَّمٌ، وَإِنْ أُرِيدَ الْمُطَالَبَةُ بِأَصْلِ الدَّفْعِ عِنْدَ الِامْتِنَاعِ فَمَمْنُوعٌ لِأَنَّ أَقَلَّ مَرَاتِبِهِ أَمْرٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ نَهْيٌ عَنْ مُنْكَرٍ انْتَهَى. أَقُولُ: لَيْسَ الْكَلَامُ فِي ذَلِكَ وَلَا يَخْتَصُّ بِهَا هَذَا، وَلَوْ قِيلَ بِأَنَّ لَهَا الْمُطَالَبَةَ لِرَفْعِ صَوْمِهَا إنْ ثَبَتَ أَنَّهُ مُعَلَّقٌ حَتَّى تَخْرُجَ الزَّكَاةُ لَمْ يَبْعُدْ. وَفِي الِاتِّحَافِ لِابْنِ حَجَرٍ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ فِي أَنَّ صَوْمَ رَمَضَانَ لَا يُرْفَعُ إلَى اللَّهِ إلَّا بِزَكَاةِ الْفِطْرِ مَا نَصُّهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ كِنَايَةٌ عَنْ عَدَمِ تَرَتُّبِ فَائِدَتِهِ عَلَيْهِ إذَا لَمْ تَخْرُجْ زَكَاةُ الْفِطْرِ، لَكِنْ بِمَعْنَى تَوَقُّفِ تَرَتُّبِ ثَوَابِهِ الْعَظِيمِ عَلَى إخْرَاجِهَا عَلَيْهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْقَادِرِ عَلَيْهَا الْمُخَاطَبِ بِهَا عَنْ نَفْسِهِ فَحِينَئِذٍ لَا يَتِمُّ لَهُ جَمِيعُ مَا رُتِّبَ عَلَى صَوْمِ رَمَضَانَ مِنْ الثَّوَابِ وَغَيْرِهِ إلَّا بِإِخْرَاجِ زَكَاةِ الْفِطْرِ، وَيَتَرَدَّدُ النَّظَرُ فِي تَوَقُّفِ الثَّوَابِ عَلَى إخْرَاجِهِ زَكَاةَ مُمَوِّنِهِ، وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ التَّوَقُّفُ، ثُمَّ حِكْمَةُ التَّوَقُّفِ عَلَى إخْرَاجِهَا أَنَّهَا طُهْرَةٌ لِلصَّائِمِ فَلَا يَتِمُّ تَطْهِيرُهُ وَتَأَهُّلُهُ لِذَلِكَ الثَّوَابِ الْأَعْظَمِ إلَّا بِإِخْرَاجِهَا وَوُجُوبُهَا عَنْ الصَّغِيرِ وَنَحْوِهِ إنَّمَا هُوَ بِطَرِيقِ التَّبَعِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَبْعُدُ أَنَّ فِيهِ تَطْهِيرًا لَهُ أَيْضًا.
(قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ الزَّوْجَ هُوَ الْمُخَاطَبُ بِإِخْرَاجِهَا) أَيْ وَطَرِيقُهُ أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ يَدْفَعُهَا عَنْهُ بِبَلَدِهَا أَوْ يَدْفَعُهَا لِلْقَاضِي؛ لِأَنَّ لَهُ نَقْلُ الزَّكَاةِ، فَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ ذَلِكَ فِي ذِمَّتِهِ إلَى الْحُضُورِ وَيُعْذَرُ فِي التَّأْخِيرِ.
(قَوْلُهُ: لِلْخَبَرِ الْمَارِّ مِنْ الْمُسْلِمِينَ)
ــ
[حاشية الرشيدي]
عِبَارَتُهُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهَا) أَيْ مِثْلُ الْأَجْنَبِيَّةِ: يَعْنِي الَّتِي لَهَا مُقَدَّرٌ لَا تَتَعَدَّاهُ، وَالْمِثْلِيَّةُ إنَّمَا هِيَ فِي كَوْنِ الْفِطْرَةِ لَا تَتْبَعُ النَّفَقَةَ لَا غَيْرُ (قَوْلُهُ: وَنَفَقَتُهُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْعَامِلِ
غَيْرِهِ، وَاحْتَرَزَ بِهِ عَنْ الْمُبَعَّضِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ فِطْرَةُ أَصْلِهِ وَفَرْعِهِ وَرَقِيقِهِ وَزَوْجَتِهِ عَلَى مَا مَرَّ (وَلَا الِابْنَ فِطْرَةُ زَوْجَةِ أَبِيهِ) وَمُسْتَوْلِدَتِهِ وَإِنْ وَجَبَتْ نَفَقَتُهُمَا عَلَى الْوَلَدِ لِأَنَّ النَّفَقَةَ لَازِمَةٌ لِلْأَبِ مَعَ إعْسَارِهِ فَيَتَحَمَّلُهَا الْوَلَدُ بِخِلَافِ الْفِطْرَةِ، وَلِأَنَّ عَدَمَ الْفِطْرَةِ لَا يُمَكِّنُ الزَّوْجَةَ مِنْ الْفَسْخِ بِخِلَافِ النَّفَقَةِ (وَفِي الِابْنِ وَجْهٌ) أَيْ يَلْزَمُهُ فِطْرَةُ زَوْجَةِ أَبِيهِ.
وَيُسْتَثْنَى أَيْضًا مَسَائِلُ تَجِبُ فِيهَا النَّفَقَةُ دُونَ الْفِطْرَةِ كَقِنِّ بَيْتِ الْمَالِ، وَالْقِنِّ الْمَمْلُوكِ لِلْمَسْجِدِ وَالْمَوْقُوفِ وَلَوْ عَلَى مُعَيَّنٍ فَلَا تَجِبُ فِطْرَتُهُمْ وَإِنْ وَجَبَتْ مُؤْنَتُهُمْ.
وَلَوْ اشْتَرَى رَقِيقًا فَغَرَبَتْ عَلَيْهِ شَمْسُ لَيْلَةِ الْفِطْرِ وَهُمَا فِي خِيَارِ الْمَجْلِسِ أَوْ الشَّرْطِ فَفِطْرَتُهُ عَلَى مَنْ لَهُ الْمَلِكُ بِأَنْ يَكُونَ الْخِيَارُ لِأَحَدِهِمَا وَإِنْ لَمْ يَتِمَّ لَهُ الْمِلْكُ، وَإِنْ قُلْنَا بِالْوَقْفِ لِلْمِلْكِ بِأَنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا فَعَلَى مَنْ يَئُولُ إلَيْهِ الْمِلْكُ فِطْرَتُهُ، وَمَنْ مَاتَ قَبْلَ الْغُرُوبِ عَنْ رَقِيقٍ فَفِطْرَةُ رَقِيقِهِ عَلَى الْوَرَثَةِ وَلَوْ اسْتَغْرَقَ الدَّيْنُ التَّرِكَةَ، وَإِنْ مَاتَ بَعْدَهُ فَالْفِطْرَةُ عَنْهُ وَعَنْهُمْ فِي التَّرِكَةِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الدَّيْنِ وَالْمِيرَاثِ وَالْوَصَايَا، وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ وُجُوبِ فِطْرَةِ عَبْدٍ أَوْصَى بِهِ لِغَيْرِهِ قَبْلَ وُجُوبِهَا وَجَبَتْ فِي تَرِكَتِهِ أَوْ قَبْلَ وُجُوبِهَا وَقَبِلَ الْمُوصَى لَهُ الْوَصِيَّةَ وَلَوْ بَعْدَ وُجُوبِهَا فَالْفِطْرَةُ عَلَيْهِ، وَإِنْ رَدَّهَا فَعَلَى الْوَارِثِ فِطْرَتُهُ، فَلَوْ مَاتَ الْمُوصَى لَهُ قَبْلَ الْقَبُولِ وَبَعْدَ الْوُجُوبِ فَوَارِثُهُ قَائِمٌ مَقَامَهُ وَيَقَعُ الْمِلْكُ لِلْمَيِّتِ وَفِطْرَتُهُ فِي التَّرِكَةِ أَوْ يُبَاعُ جُزْءٌ مِنْهُ إنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ تَرِكَةٌ سِوَاهُ، وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْوُجُوبِ أَوْ مَعَهُ فَالْفِطْرَةُ عَلَى وَرَثَتِهِ إنْ قَبِلُوا الْوَصِيَّةَ لِأَنَّهُ وَقْتَ الْوُجُوبِ كَانَ فِي مِلْكِهِمْ.
(وَلَوْ)(أَعْسَرَ الزَّوْجُ) وَقْتَ الْوُجُوبِ (أَوْ كَانَ عَبْدًا)(فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ يَلْزَمُ زَوْجَتَهُ الْحُرَّةَ فِطْرَتُهَا) إذَا أَيْسَرَتْ (وَكَذَا) يَلْزَمُ (سَيِّدَ الْأَمَةِ) فِطْرَتُهَا وَالثَّانِي لَا يَلْزَمُهُمَا (قُلْت: الْأَصَحُّ الْمَنْصُوصُ لَا تَلْزَمُ الْحُرَّةَ) وَتَلْزَمُ سَيِّدَ الْأَمَةِ (وَاَللَّهُ) تَعَالَى (أَعْلَمُ) وَهَذَا الطَّرِيقُ الثَّانِي يُقَرِّرُ النَّصَّيْنِ، وَالْفَرْقُ كَمَالُ تَسْلِيمِ الْحُرَّةِ نَفْسَهَا، بِخِلَافِ الْأَمَةِ الْمُزَوَّجَةِ لِأَنَّ لِسَيِّدِهَا أَنْ يُسَافِرَ بِهَا وَيَسْتَخْدِمَهَا وَلِأَنَّهُ اجْتَمَعَ فِيهَا شَيْئَانِ: الْمِلْكُ وَالزَّوْجِيَّةُ، وَلَا يُنْتَقَضُ ذَلِكَ بِمَا لَوْ سَلَّمَهَا سَيِّدُهَا لَيْلًا وَنَهَارًا وَالزَّوْجُ مُوسِرٌ حَيْثُ تَجِبُ الْفِطْرَةُ عَلَى الزَّوْجِ قَوْلًا وَاحِدًا لِأَنَّهَا عِنْدَ الْيَسَارِ غَيْرُ سَاقِطَةٍ عَنْ السَّيِّدِ بَلْ يَحْمِلُهَا الزَّوْجُ مِنْهُ، وَيُسَنُّ لِلْحُرَّةِ الْمَذْكُورَةِ إخْرَاجُ فِطْرَتِهَا عَنْ نَفْسِهَا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ وَلِتَطْهِيرِهَا، وَظَاهِرٌ مِمَّا مَرَّ أَنَّ الْكَلَامَ فِي زَوْجَةٍ عَلَى
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَيْ لِقَوْلِهِ فِيهِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ.
(قَوْلُهُ: وَرَقِيقِهِ) أَيْ كَامِلَةً كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ الزِّيَادِيِّ نَقْلًا عَنْ الرَّمْلِيِّ (قَوْلُهُ وَمُسْتَوْلَدَتِهِ) أَيْ الْأَبِ
(قَوْلُهُ: فَعَلَى مَنْ يَئُولُ إلَيْهِ الْمِلْكُ) قَالَ سم عَلَى حَجّ فِي أَثْنَاءِ كَلَامٍ بَعْدَ نَقْلِهِ مَا ذُكِرَ عَنْ الشَّارِحِ: اُنْظُرْ إذَا قَارَنَ تَمَامُ الْبَيْعِ النَّاقِلِ لِلْمِلْكِ أَوَّلَ الْجُزْءِ مِنْ لَيْلَةِ الْعِيدِ فَإِنَّهُ لَمْ يَجْتَمِعْ الْجُزْءَانِ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ وَلَا فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي وَكَذَا لَوْ قَارَنَ الْمَوْتُ: أَيْ تَمَامُ الزَّهُوقِ ذَلِكَ لَمْ يَجْتَمِعْ جُزْءَانِ فِي مِلْكٍ وَاحِدٍ مِنْ الْمُوَرِّثِ وَالْوَارِثِ، وَكَذَا لَوْ قَارَنَ مَوْتُ الْمُوصِي ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَمْ يَجْتَمِعْ الْجُزْءَانِ فِي مِلْكِ الْمُوصَى لَهُ وَلَا فِي مِلْكِ وَارِثِهِ، وَالْمُتَّجَهُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ عَدَمُ الْوُجُوبِ عَلَى أَحَدٍ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا مُهَايَأَةٌ فِي عَبْدٍ مُشْتَرَكٍ مَثَلًا فَوَقَعَ أَحَدُ الْجُزْأَيْنِ آخِرَ نَوْبَةِ أَحَدِهِمَا وَالْآخَرُ أَوَّلَ نَوْبَةِ الْآخَرِ فَإِنَّ الظَّاهِرَ وُجُوبُهَا عَلَيْهِمَا لِأَنَّ الْأَصْلَ الْوُجُوبُ عَلَيْهِمَا إلَّا إذَا وَقَعَ زَمَنَ الْوُجُوبِ بِتَمَامِهِ فِي نَوْبَةِ أَحَدِهِمَا لِاسْتِقْلَالِهِ فِي جَمِيعِهِ حِينَئِذٍ مَرَّ (قَوْلُهُ: وَمَنْ مَاتَ قَبْلَ الْغُرُوبِ) تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إلَخْ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ هَذَا لَكِنَّهُ ذَكَرَهُ تَوْطِئَةً لِبَقِيَّةِ الْأَقْسَامِ (قَوْلُهُ: فَالْفِطْرَةُ عَنْهُ) أَيْ السَّيِّدِ (قَوْلُهُ: وَعَنْهُمْ) أَيْ الْأَرِقَّاءِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ وُجُوبِهَا) مُتَعَلِّقٌ بَأَوْصَى (قَوْلُهُ: فَالْفِطْرَةُ عَلَيْهِ) أَيْ الْمُوصَى لَهُ (قَوْلُهُ: وَيَقَعُ الْمِلْكُ لِلْمَيِّتِ) أَيْ الْمُوصَى لَهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ مَاتَ) أَيْ الْمُوصَى لَهُ.
(قَوْلُهُ وَلِتَطْهِيرِهَا) هَذَا كُلُّهُ حَيْثُ كَانَتْ مُوَافِقَةً لِلزَّوْجِ فِي مَذْهَبِهِ فَإِنْ كَانَتْ مُخَالِفَةً لَهُ فِي ذَلِكَ رَاعَتْ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ فَالْفِطْرَةُ عَنْهُ وَعَنْهُمْ) أَيْ وَعَنْ الرَّقِيقِ إذْ هُوَ اسْمُ جِنْسٍ يَشْمَلُ الْوَاحِدَ وَالْمُتَعَدِّدَ، فَالضَّمِيرُ فِي عَنْهُ لِلْمَيِّتِ