الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صَوْمَهُ بَطَلَ وَإِنْ نَزَعَ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ هَتْكَ الْحُرْمَةِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ وَصَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ، (أَمَّا إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِطُلُوعِهِ حَتَّى طَلَعَ بِأَنْ عَلِمَ بَعْدَ الِاسْتِدَامَةِ فَمَكَثَ أَوْ نَزَعَ حَالًا) فَإِنَّهُ وَإِنْ أَفْطَرَ لِأَنَّ بَعْضَ النَّهَارِ مَضَى وَهُوَ مَجَامِعُ فَأَشْبَهَ الْغَالِطَ بِالْأَكْلِ لَكِنْ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، وَقَدْ أَجَابَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَمَّا قِيلَ: كَيْفَ يَعْلَمُ الْفَجْرَ بِمُجَرَّدِ طُلُوعِهِ وَطُلُوعُهُ الْحَقِيقِيُّ يَتَقَدَّمُ عَلَى عِلْمِنَا بِهِ بِجَوَابَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهَا مَسْأَلَةٌ وُضِعَتْ عَلَى التَّقْدِيرِ وَلَا يَلْزَمُ وُقُوعُهَا، وَالثَّانِي أَنَّا إنَّمَا تَعَبَّدْنَا بِمَا تَطْلُعُ عَلَيْهِ وَلَا مَعْنَى لِلصُّبْحِ إلَّا ظُهُورُ الضَّوْءِ لِلنَّاظِرِ وَمَا قَبْلَهُ لَا حُكْمَ لَهُ، فَالْعَارِفُ بِالْأَوْقَاتِ وَمَنَازِلِ الْقَمَرِ يُدْرِكُ أَوَّلَ الصُّبْحِ الْمُعْتَبَرِ زَادَ فِي الرَّوْضَةِ.
قُلْت: هَذَا الثَّانِي هُوَ الصَّحِيحُ.
فَصْلٌ شَرْطُ صِحَّةِ الصَّوْمِ مِنْ حَيْثُ الْفَاعِلِ وَالْوَقْتِ
(الْإِسْلَامُ) فَلَا يَصِحُّ صَوْمُ الْكَافِرِ أَصْلِيًّا كَانَ أَوْ مُرْتَدًّا وَلَوْ نَاسِيًا لِلصَّوْمِ.
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: تَضَمَّنَتْ عِبَارَةُ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ أَنَّهُ لَوْ ارْتَدَّ بِقَلْبِهِ نَاسِيًا لِلصَّوْمِ ثُمَّ أَسْلَمَ فِي يَوْمِهِ أَنَّهُ لَا يُفْطِرُ، وَلَا أَحْسِبُ الْأَصْحَابَ يَسْمَحُونَ بِهِ وَلَا أَنَّهُ أَرَادَهُ وَإِنْ شَمِلَهُ لَفْظُهُ اهـ.
وَقَدْ عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ الْإِسْلَامُ جَمِيعَ النَّهَارِ أَنَّهُ يُفْطِرُ هُنَا (وَالْعَقْلُ) أَيْ التَّمْيِيزُ فَلَا يَصِحُّ صَوْمُ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ كَمَنْ زَالَ عَقْلُهُ وَلَوْ بِشُرْبِ دَوَاءٍ لَيْلًا كَالصَّلَاةِ (وَالنَّقَاءُ عَنْ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ) إجْمَاعًا فَلَا يَصِحُّ صَوْمُ الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِمَا الْإِمْسَاكُ كَمَا قَالَهُ فِي الْأَنْوَارِ (جَمِيعَ النَّهَارِ) هُوَ قَيْدٌ فِي الْأَرْبَعَةِ فَلَوْ طَرَأَ فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ رِدَّةٌ أَوْ جُنُونٌ أَوْ حَيْضٌ أَوْ نِفَاسٌ بَطَلَ صَوْمُهُ كَمَا لَوْ جُنَّ فِي خِلَالِ صَلَاتِهِ، (وَلَوْ وَلَدَتْ وَلَمْ تَرَ مَا بَطَلَ صَوْمُهَا أَيْضًا) كَمَا صَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَالتَّحْقِيقِ (وَلَا يَضُرُّ النَّوْمُ الْمُسْتَغْرِقُ) لِلنَّهَارِ (عَلَى الصَّحِيحِ) لِبَقَاءِ أَهْلِيَّةِ الْخِطَابِ مَعَهُ إذْ النَّائِمُ يَتَنَبَّهُ إذَا نُبِّهَ، وَلِهَذَا يَجِبُ قَضَاءُ الصَّلَاةِ الْفَائِتَةِ بِالنَّوْمِ دُونَ الْفَائِتَةِ بِالْإِغْمَاءِ.
وَالثَّانِي يَضُرُّ كَالْإِغْمَاءِ (وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْإِغْمَاءَ لَا يَضُرُّ إذَا أَفَاقَ لَحْظَةً مِنْ نَهَارِهِ) أَيْ لَحْظَةً كَانَتْ اكْتِفَاءً بِالنِّيَّةِ مَعَ الْإِفَاقَةِ فِي جُزْءٍ لِأَنَّهُ فِي الِاسْتِيلَاءِ عَلَى الْعَقْلِ فَوْقَ النَّوْمِ وَدُونَ الْجُنُونِ، فَلَوْ قُلْنَا إنَّ الْمُسْتَغْرِقَ مِنْهُ لَا يَضُرُّ كَالنَّوْمِ لَأَلْحَقْنَا الْأَقْوَى
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: وَإِنْ نَزَعَ) غَايَةً (قَوْلُهُ: فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ) أَيْ وَإِنْ بَطَلَ صَوْمُهُ، وَعِبَارَةُ سم عَلَى حَجّ: حَاصِلُهُ أَنَّ مَدَارَ الْبُطْلَانِ عَلَى الْمُكْثِ بَعْدَ الطُّلُوعِ وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ بِهِ وَمَدَارُ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عَلَى الْمُكْثِ بَعْدَهُ مَعَ الْعِلْمِ بِهِ.
(فَصْلُ شَرْطِ الصَّوْمِ)(قَوْلُهُ: أَنَّهُ يُفْطِرُ هُنَا) أَيْ فِيمَا لَوْ ارْتَدَّ بِقَلْبِهِ نَاسِيًا (قَوْلُهُ أَيْ التَّمْيِيزُ) الْأَوْلَى أَنْ يُفَسَّرَ هُنَا بِالْغَرِيزَةِ وَإِنْ فُسِّرَ بِالتَّمْيِيزِ فِي نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ (قَوْلُهُ وَإِنْ طَرَأَ فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ رِدَّةٌ) أَيْ وَلَوْ نَاسِيًا كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: لِبَقَاءِ أَهْلِيَّةِ الْخِطَابِ مَعَهُ) أَيْ وَيُثَابُ عَلَى صِيَامِهِ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ إذَا أَفَاقَ لَحْظَةً) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْإِغْمَاءُ بِفِعْلِهِ وَفِي حَجّ تَقْيِيدُ عَدَمِ الضَّرَرِ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ بِفِعْلِهِ فَإِنْ كَانَ بِفِعْلِهِ بَطَلَ صَوْمُهُ (قَوْلُهُ فَلَوْ قُلْنَا إنَّ الْمُسْتَغْرِقَ) أَيْ الْإِنْمَاءَ الْمُسْتَغْرِقَ إلَخْ
ــ
[حاشية الرشيدي]
[فَصْلٌ شَرْطُ صِحَّةِ الصَّوْمِ مِنْ حَيْثُ الْفَاعِلِ وَالْوَقْتِ]
(فَصْلٌ شَرْطُ الصَّوْمِ الْإِسْلَامُ)(قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ الْفَاعِلُ وَالْوَقْتُ) ذِكْرُ الْوَقْتِ هُنَا لَا يُنَاسِبُ كَوْنَ الْإِسْلَامِ وَمَا بَعْدَهُ مِمَّا يَرْجِعُ لِلْفَاعِلِ فَقَطْ هُوَ الْخَبَرَ مَعَ عَدَمِ عَطْفِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْوَقْتِ عَلَيْهِ وَمِنْ ثَمَّ اقْتَصَرَ الْمُحَقِّقُ الْمَحَلِّيُّ عَلَى قَوْلِهِ مِنْ حَيْثُ الْفَاعِلُ، وَأَمَّا الشِّهَابُ حَجّ فَلَمَّا أَرَادَ إفَادَةَ أَنَّ الْفَصْلَ مَعْقُودٌ لِمَا يَتَعَلَّقُ بِالْوَقْتِ أَيْضًا حَلَّ الْمَتْنَ عَلَى وَجْهٍ يَصِحُّ مَعَهُ ذَلِكَ، وَعِبَارَتُهُ مَعَ الْمَتْنِ: فَصْلٌ فِي شُرُوطِ الصَّوْمِ مِنْ حَيْثُ الْفَاعِلُ وَالْوَقْتُ، وَكَثِيرٌ مِنْ سُنَنِهِ وَمَكْرُوهَاتِهِ شَرْطُ صِحَّةِ الصَّوْمِ مِنْ حَيْثُ الزَّمَنُ قَابِلِيَّةُ الْوَقْتِ وَمِنْ حَيْثُ الْفَاعِلُ الْإِسْلَامُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَاسِيًا لِلصَّوْمِ) أَيْ وَلَا يُقَالُ إنَّهُ كَالْأَكْلِ أَوْ
بِالْأَضْعَفِ، وَلَوْ قُلْنَا إنَّ اللَّحْظَةَ مِنْهُ تَضُرُّ كَالْجُنُونِ لَأَلْحَقْنَا الْأَضْعَفَ بِالْأَقْوَى، فَتَوَسَّطْنَا وَقُلْنَا إنَّ الْإِفَاقَةَ فِي لَحْظَةٍ كَافِيَةٌ، وَالثَّانِي يَضُرُّ مُطْلَقًا، وَالثَّالِثُ لَا يَضُرُّ إذَا أَفَاقَ أَوَّلَ النَّهَارِ.
وَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا: لَوْ شَرِبَ دَوَاءً لَيْلًا فَزَالَ عَقْلُهُ نَهَارًا فَفِي التَّهْذِيبِ إنْ قُلْنَا لَا يَصِحُّ الصَّوْمُ فِي الْإِغْمَاءِ فَهَهُنَا أَوْلَى وَإِلَّا فَوَجْهَانِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ بِفِعْلِهِ.
قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَيُعْلَمُ مِنْهُ الصِّحَّةُ فِي شُرْبِ الدَّوَاءِ: أَيْ إذَا أَفَاقَ فِي بَعْضِ النَّهَارِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، وَلَعَلَّهُ فَهِمَ أَنَّ كَلَامَ الْبَغَوِيّ فِيمَا لَا يُزِيلُ الْعَقْلَ رَأْسًا بَلْ يَغْمُرُهُ كَالْإِغْمَاءِ مَعَ أَنَّ كَلَامَهُ مَفْرُوضٌ فِيمَا يُزِيلُهُ، وَحِينَئِذٍ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُسْتَغْرِقِ وَغَيْرِهِ وَلَوْ مَاتَ فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ بَطَلَ صَوْمُهُ كَمَا لَوْ مَاتَ فِي أَثْنَاءِ صَلَاتِهِ، وَقِيلَ لَا كَمَا لَوْ مَاتَ فِي أَثْنَاءِ نُسُكِهِ؛ وَلَوْ شَرِبَ الْمُسْكِرَ لَيْلًا وَبَقِيَ سُكْرُهُ جَمِيعَ النَّهَارِ لَزِمَهُ الْقَضَاءُ وَإِنْ صَحَّا فِي بَعْضِهِ فَهُوَ كَالْإِغْمَاءِ فِي بَعْضِ النَّهَارِ قَالَهُ فِي التَّتِمَّةِ، وَيُؤْخَذُ مِمَّا مَرَّ أَنَّ عَقْلَهُ هُنَا لَمْ يَزُلْ
(وَلَا يَصِحُّ صَوْمُ الْعِيدِ) أَصْغَرَ أَوْ أَكْبَرَ وَلَوْ عَنْ وَاجِبٍ لِلنَّهْيِ عَنْهُ فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ (وَكَذَا التَّشْرِيقُ فِي الْجَدِيدِ) وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ بَعْدَ يَوْمِ الْأَضْحَى لِمَا صَحَّ مِنْ النَّهْيِ عَنْ صِيَامِهَا (وَلَوْ كَانَ صَوْمُهَا لِمُتَمَتِّعٍ عَادِمٍ لِلْهَدْيِ لِعُمُومِ النَّهْيِ عَنْهُ) ، وَفِي الْقَدِيمِ لَهُ صِيَامُهَا عَنْ الثَّلَاثَةِ الْوَاجِبَةِ فِي الْحَجِّ لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ فِيهَا
(وَلَا يَحِلُّ)(التَّطَوُّعُ) بِالصَّوْمِ (يَوْمَ الشَّكِّ بِلَا سَبَبٍ) يَقْتَضِي صَوْمَهُ لِقَوْلِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ «مَنْ صَامَ يَوْمَ الشَّكِّ فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ صلى الله عليه وسلم» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحُوهُ.
قِيلَ وَالْمَعْنَى فِيهِ الْقُوَّةُ عَلَى صَوْمِ رَمَضَانَ، وَضَعَّفَهُ السُّبْكِيُّ بِعَدَمِ كَرَاهَةِ صَوْمِ شَعْبَانَ، وَيُرَدُّ بِأَنَّ إدْمَانَ الصَّوْمِ يُقَوِّي النَّفْسَ عَلَيْهِ وَلَيْسَ فِي صَوْمِ شَعْبَانَ إضْعَافٌ بَلْ تَقْوِيَةٌ، بِخِلَافِ صَوْمِ يَوْمٍ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُ يُضْعِفُ النَّفْسَ عَمَّا بَعْدَهُ فَيَكُونُ فِيهِ افْتِتَاحٌ لِلْعِبَادَةِ مَعَ كَسَلٍ وَضَعْفٍ وَهُوَ غَيْرُ مُنَاسِبٍ، وَمِنْ ثَمَّ حَرُمَ الصَّوْمُ بَعْدَ نِصْفِ شَعْبَانَ بِلَا سَبَبٍ مِمَّا يَأْتِي إنْ لَمْ يَصِلْهُ بِمَا قَبْلَهُ لِخَبَرِ «إذَا انْتَصَفَ شَعْبَانُ فَلَا تَصُومُوا» وَفُهِمَ مِنْهُ أَنَّهُ (لَوْ صَامَ الْخَامِسَ عَشْرَ وَتَالِيَهُ ثُمَّ أَفْطَرَ السَّابِعَ عَشَرَ) حَرُمَ عَلَيْهِ صَوْمُ الثَّامِنَ عَشَرَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ صَوْمُ يَوْمٍ بَعْدَ النِّصْفِ لَمْ يُوصَلْ بِمَا قَبْلَهُ (فَلَوْ صَامَهُ) تَطَوُّعًا مِنْ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: بَطَلَ صَوْمُهُ) أَيْ فَلَا يُعَامَلُ مُعَامَلَةَ الصَّائِمِينَ فِي الْغُسْلِ وَالتَّكْفِينِ بَلْ يُسْتَعْمَلُ الطِّيبُ وَنَحْوُهُ فِي كَفَنِهِ مِمَّا يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُهُ لِلصَّائِمِ (قَوْلُهُ: فِي أَثْنَاءِ صَلَاتِهِ) أَيْ فَلَا يُثَابُ عَلَى مَا فَعَلَهُ مِنْهَا ثَوَابُ الصَّلَاةِ وَلَكِنْ يُثَابُ عَلَى مُجَرَّدِ الذِّكْرِ فَقَطْ، وَلَا حُرْمَةَ عَلَيْهِ حَيْثُ أَحْرَمَ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ مَا يَسَعُهَا (قَوْلُهُ: وَبَقِيَ سُكْرُهُ جَمِيعَ النَّهَارِ) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ تَعَدَّى بِسُكْرِهِ أَمْ لَا وَبِهِ صَرَّحَ سم عَلَى بَهْجَةٍ وَصَرَّحَ بِمِثْلِهِ أَيْضًا فِي الْإِغْمَاءِ فَلْيُرَاجَعْ
(قَوْلُهُ: مَا صَحَّ مِنْ النَّهْيِ عَنْ صِيَامِهَا) قَالَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ الْكَبِيرِ وَفِي مُسْلِمٍ «إنَّهَا أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرِ اللَّهِ عز وجل» اهـ.
قَالَ فِي النِّهَايَةِ: وَيُرْوَى أَيْ قَوْلُهُ وَشُرْبٌ بِالضَّمِّ وَالْفَتْحِ وَهُمَا بِمَعْنًى وَالْفَتْحُ أَقَلُّ اللُّغَتَيْنِ وَبِهَا قَرَأَ أَبُو عَمْرٍو {شُرْبَ الْهِيمِ} [الواقعة: 55] وَقَالَ الْبَيْضَاوِيُّ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ: أَيْ الْإِبِلِ الَّتِي بِهَا الْهُيَامُ: أَيْ بِضَمِّ الْهَاءِ وَهُوَ دَاءٌ يُشْبِهُ الِاسْتِسْقَاءَ جَمْعُ أَهْيَمُ وَهَيْمَاءُ يُرِيدُ أَنَّهَا أَيَّامٌ لَا يَجُوزُ صَوْمُهَا
(قَوْلُهُ: حَرُمَ عَلَيْهِ صَوْمُ الثَّامِنَ عَشَرَ) أَيْ فَشَرْطُ الْجَوَازِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
الْجِمَاعِ أَوْ نَحْوِهِمَا مِمَّا يَنْفَعُ فِيهِ النِّسْيَانُ (قَوْلُهُ: وَيُعْلَمُ مِنْهُ الصِّحَّةُ فِي شُرْبِ الدَّوَاءِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: إنَّ هَذَا هُوَ مَوْضُوعُ كَلَامِ الْبَغَوِيّ إذْ صُورَتُهُ أَنَّهُ أَفَاقَ بَعْضَ النَّهَارِ وَإِلَّا لَمْ تَأْتِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ أَصْلِهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَلْيُرَاجَعْ أَصْلُ كَلَامِ الْإِسْنَوِيِّ (قَوْلُهُ: وَلَعَلَّهُ فَهِمَ أَنَّ كَلَامَ الْبَغَوِيّ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْفَهْمَ هُوَ الْمُتَعَيِّنُ فِي كَلَامِ الْبَغَوِيّ بِدَلِيلِ أَنَّهُ بَنَاهُ عَلَى الْإِغْمَاءِ وَلَمْ يَجْعَلْ الْمُقْتَضِي لِلْبُطْلَانِ بِهِ حَيْثُ جَعَلْنَا الْإِغْمَاءَ غَيْرَ مُبْطِلٍ، إلَّا أَنَّهُ بِفِعْلِهِ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ الْبَغَوِيّ تَجَوَّزَ فِي قَوْلِهِ فَزَالَ عَقْلُهُ فَعَبَّرَ بِالزَّوَالِ عَنْ التَّغْطِيَةِ، عَلَى أَنَّ حَمْلَ الزَّوَالِ فِي كَلَامِهِ حَقِيقَتُهُ يُنَافِيهِ حِكَايَةُ الْوَجْهَيْنِ فِيمَا إذَا قُلْنَا إنَّ الْإِغْمَاءَ لَا يَضُرُّ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَلَوْ شَرِبَ الْمُسْكِرَ لَيْلًا) شَمِلَ مَا إذَا كَانَ مُتَعَدِّيًا، وَبِهِ صَرَّحَ الشِّهَابُ سم
غَيْرِ سَبَبٍ (لَمْ يَصِحَّ فِي الْأَصَحِّ) كَيَوْمِ الْعِيدِ بِجَامِعِ التَّحْرِيمِ.
وَالثَّانِي يَصِحُّ لِأَنَّهُ قَابِلٌ لِلصَّوْمِ فِي الْجُمْلَةِ كَمَا سَيَأْتِي عَقِبَهُ، وَالْخِلَافُ كَالْخِلَافِ فِي الصَّلَاةِ فِي وَقْتِ النَّهْيِ
(وَلَهُ)(صَوْمُهُ عَنْ الْقَضَاءِ وَالنَّذْرِ) الْمُسْتَقَرُّ فِي ذِمَّتِهِ وَالْكَفَّارَةُ فَيَحِلُّ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ مُسَارَعَةً إلَى بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ كَنَظِيرِهِ فِي الصَّلَاةِ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَا تُقَدِّمُوا أَيْ لَا تَتَقَدَّمُوا رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ إلَّا رَجُلًا كَانَ يَصُومُ صَوْمًا فَلْيَصُمْهُ» وَقِيسَ بِالْوِرْدِ الْبَاقِي بِجَامِعِ السَّبَبِ، وَلَا يُشْكَلُ الْخَبَرُ بِخَبَرِ «إذَا انْتَصَفَ شَعْبَانُ» لِتَقَدُّمِ النَّصِّ عَلَى الظَّاهِرِ.
قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: فَلَوْ أَخَّرَ صَوْمًا لِيُوقِعَهُ يَوْمَ الشَّكِّ فَقِيَاسُ كَلَامِهِمْ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا تَحْرِيمُهُ، (وَشَمِلَ إطْلَاقُهُ قَضَاءَ الْمُسْتَحَبِّ) وَهُوَ نَظِيرُ قَوْلِهِمْ بِجَوَازِ قَضَاءِ الْفَائِتَةِ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ وَإِنْ كَانَتْ نَافِلَةً.
وَصُورَةُ قَضَاءِ الْمُسْتَحَبِّ هُنَا أَنْ يَشْرَعَ فِي صَوْمِ نَفْلٍ ثُمَّ يُفْسِدُهُ فَإِنَّهُ يُسَنُّ قَضَاؤُهُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَأَفْهَمَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ صَوْمُهُ احْتِيَاطًا لِرَمَضَانَ إذْ لَا فَائِدَةَ لَهُ لِعَدَمِ وُقُوعِهِ عَنْهُ فَلَا احْتِيَاطَ، وَلَا يَصِحُّ نَذْرُ يَوْمِ الشَّكِّ كَنَذْرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَالْعِيدَيْنِ لِأَنَّهُ مَعْصِيَةٌ (وَكَذَا لَوْ وَافَقَ عَادَةَ تَطَوُّعِهِ) سَوَاءٌ أَكَانَ يَسْرُدُ الصَّوْمَ أَمْ يَصُومُ يَوْمًا مُعَيَّنًا كَالِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ أَوْ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا فَوَافَقَ صَوْمُهُ يَوْمَ الشَّكِّ فَلَهُ صِيَامُهُ لِلْخَبَرِ الْمَارِّ، وَتَثْبُتُ عَادَتُهُ الْمَذْكُورَةُ بِمَرَّةٍ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -،
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَنْ يَصِلَ الصَّوْمَ إلَى آخِرِ الشَّهْرِ، فَمَتَى أَفْطَرَ يَوْمًا مِنْ النِّصْفِ الثَّانِي حَرُمَ عَلَيْهِ الصَّوْمُ وَلَمْ يَنْعَقِدْ مَا لَمْ يُوَافِقْ عَادَةً لَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.
وَبَقِيَ مَا لَوْ صَامَ شَعْبَانَ كُلَّهُ بِقَصْدِ أَنْ لَا يَصُومَ الْيَوْمَ الْأَخِيرَ أَوْ النِّصْفَ كُلَّهُ بِهَذَا الْقَصْدِ ثُمَّ عِنْدَ آخِرِ الشَّهْرِ عَنَّ لَهُ صِيَامُهُ فَهَلْ يَصِحُّ صَوْمُهُ نَظَرًا لِاتِّصَالِ الصَّوْمِ بِمَا قَبْلَهُ أَوْ لَا يَصِحُّ نَظَرًا لِلْقَصْدِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَلَا نَظَرَ لِهَذَا الْقَصْدِ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ رَفَضَ النِّيَّةَ نَهَارًا (قَوْلُهُ: فِي وَقْتِ النَّهْيِ) وَالرَّاجِحُ مِنْهُ عَدَمُ الصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ
(قَوْلُهُ: وَلَهُ صَوْمُهُ عَنْ الْقَضَاءِ) وَلَوْ مَنْدُوبًا كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: إلَّا رَجُلًا) عِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ إلَّا رَجُلٌ اهـ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا جَائِزٌ مِنْ حَيْثُ الْعَرَبِيَّةِ وَالْأَفْصَحُ الرَّفْعُ لَكِنْ تُرَاجَعُ الرِّوَايَةُ (قَوْلُهُ: وَلَا يُشْكَلُ الْخَبَرُ) أَيْ حَيْثُ دَلَّ عَلَى جَوَازِ الْوُرُودِ وَنَحْوِهِ بِقَوْلِهِ إلَّا رَجُلٌ إلَخْ، وَدَلَّ خَبَرُ إذَا انْتَصَفَ عَلَى امْتِنَاعِهِ لِإِطْلَاقِهِ وَقَوْلُهُ لِتَقَدُّمِ النَّصِّ: أَيْ هَذَا الْخَبَرُ عَلَى الظَّاهِرِ: أَيْ خَبَرِ إذَا انْتَصَفَ اهـ سم عَلَى شَرْحِ الْبَهْجَةِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ أَخَّرَ صَوْمًا) أَيْ وَلَوْ وَاجِبًا (قَوْلُهُ: فَقِيَاسُ كَلَامِهِمْ) مُعْتَمَدٌ: أَيْ بَلْ وَقِيَاسُ ذَلِكَ أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ تَحَرَّى تَأْخِيرَهُ لِيُوقِعَهُ فِي النِّصْفِ الثَّانِي مِنْ شَعْبَانَ حَرُمَ عَلَيْهِ أَيْضًا وَلَمْ يَنْعَقِدْ (قَوْلُهُ وَشَمِلَ إطْلَاقُهُ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يُقَيِّدْ الْقَضَاءَ بِالْوَاجِبِ (قَوْلُهُ: وَصُورَةُ قَضَاءِ الْمُسْتَحَبِّ) يُتَأَمَّلُ قَصْرُهُ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ، فَإِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِهِمْ يُنْدَبُ قَضَاءُ النَّفْلِ الْمُؤَقَّتِ أَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ بِهَذِهِ الصُّورَةِ بَلْ مِثْلُهَا عَاشُورَاءُ وَتَاسُوعَاءُ وَغَيْرُهَا (قَوْلُهُ: وَلَا يَصِحُّ نَذْرُ يَوْمِ الشَّكِّ) أَيْ مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ شَكٌّ وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ بِذَلِكَ وَقْتُ النَّذْرِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمٍ بِعَيْنِهِ كَالْخَمِيسِ الْآتِي مَثَلًا ثُمَّ طَرَأَ شَكٌّ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ تَبَيَّنَ عَدَمُ انْعِقَادِ نَذْرِهِ فَلَا يَصِحُّ صَوْمُهُ (قَوْلُهُ: وَتَثْبُتُ عَادَتُهُ الْمَذْكُورَةُ) وَعَلَيْهِ فَلَوْ صَامَ فِي أَوَّلِ شَعْبَانَ يَوْمَيْنِ مُتَفَرِّقَيْنِ ثُمَّ أَفْطَرَ بَاقِيَهُ فَوَافَقَ يَوْمُ الشَّكِّ يَوْمًا لَوْ أَدَامَ الْأَوَّلَ مِنْ صَوْمِ يَوْمٍ وَفِطْرِ يَوْمٍ لَوَقَعَ يَوْمُ الشَّكِّ مُوَافِقًا لِيَوْمِ الصَّوْمِ صَحَّ صَوْمُهُ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ صَامَ يَوْمًا قَبْلَ الِانْتِصَافِ عَلِمَ أَنَّهُ يُوَافِقُ آخِرَ شَعْبَانَ وَاتَّفَقَ أَنَّ آخِرَ شَعْبَانَ حَصَلَ فِيهِ شَكٌّ فَلَا يَحْرُمُ صَوْمُهُ لِأَنَّهُ صَارَ عَادَةً لَهُ (قَوْلُهُ بِمَرَّةٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ السَّنَةِ الْمَاضِيَةِ وَبَيْنَ مَا قَبْلَهَا إلَى آخِرِ عُمْرِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَفِي فَتَاوَى وَلَدِ الشَّارِحِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ خِلَافًا لِلشِّهَابِ حَجّ
(قَوْلُهُ وَصُورَةُ قَضَاءِ الْمُسْتَحَبِّ هُنَا أَنْ يَشْرَعَ فِي صَوْمِ نَفْلٍ ثُمَّ يُفْسِدُهُ) أَيْ مَثَلًا وَإِلَّا فَتَصْوِيرُهُ لَا يَنْحَصِرُ فِي ذَلِكَ، إذْ الْمُسْتَحَبُّ الْمُؤَقَّتُ يُسْتَحَبُّ قَضَاؤُهُ مُطْلَقًا كَصَوْمِ عَرَفَةَ وَعَاشُورَاءَ (قَوْلُهُ: وَتَثْبُتُ عَادَتُهُ الْمَذْكُورَةُ بِمَرَّةٍ) أَيْ بِأَنْ يَصُومَ نَظِيرَ ذَلِكَ الْيَوْمِ مِنْ نِصْفِ شَعْبَانَ الْأَوَّلِ ثُمَّ يَمْنَعَهُ مِنْ صَوْمِهِ فِي النِّصْفِ الثَّانِي مَانِعٌ لَمْ يَزُلْ إلَّا فِي يَوْمِ الشَّكِّ، وَإِلَّا فَالصَّوْمُ فِي النِّصْفِ الثَّانِي مِنْهُ مُطْلَقًا بِلَا سَبَبٍ مَمْنُوعٌ
وَيَجِبُ أَنْ يُفْطِرَ بَيْنَ الصَّوْمَيْنِ نَفْلًا أَوْ فَرْضًا، إذْ الْوِصَالُ حَرَامٌ وَهُوَ أَنْ يَصُومَ يَوْمَيْنِ فَأَكْثَرَ وَلَا يَتَنَاوَلُ بِاللَّيْلِ مَطْعُومًا عَمْدًا بِلَا عُذْرٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَقَضِيَّتُهُ (أَنَّ الْجِمَاعَ وَنَحْوَهُ لَا يَمْنَعُ الْوِصَالَ) .
قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَعْنَى لِأَنَّ تَحْرِيمَ الْوِصَالِ لِلضَّعْفِ: أَيْ عَنْ الصِّيَامِ وَنَحْوِهِ مِنْ الطَّاعَاتِ، وَتَرْكُ الْجِمَاعِ وَنَحْوِهِ لَا يُضْعِفُ بَلْ يُقَوِّي، لَكِنْ قَالَ فِي الْبَحْرِ: هُوَ أَنْ يَسْتَدِيمَ جَمِيعَ أَوْصَافِ الصَّائِمِينَ، وَذَكَرَ الْجُرْجَانِيُّ وَابْنُ الصَّلَاحِ نَحْوَهُ قَالَ: وَتَعْبِيرُ الرَّافِعِيِّ: أَيْ وَغَيْرِهِ بِأَنْ يَصُومَ يَوْمَيْنِ يَقْتَضِي أَنَّ الْمَأْمُورَ بِالْإِمْسَاكِ كَتَارِكِ النِّيَّةِ لَا يَكُونُ امْتِنَاعُهُ لَيْلًا مِنْ تَعَاطِي الْمُفْطِرِ وِصَالًا لِأَنَّهُ لَيْسَ بَيْنَ صَوْمَيْنِ إلَّا أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ
(وَهُوَ) أَيْ يَوْمُ الشَّكِّ (يَوْمُ الثَّلَاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ)(إذَا تَحَدَّثَ النَّاسُ بِرُؤْيَتِهِ) وَلَمْ يَعْلَمْ مَنْ رَآهُ (أَوْ شَهِدَ بِهَا صِبْيَانٌ أَوْ عَبِيدٌ أَوْ فَسَقَةٌ) أَوْ نِسَاءٌ وَظَنَّ صَدِّقْهُمْ،، أَوْ عَدْلٌ وَلَمْ يَكْتَفِ بِهِ وَإِنَّمَا لَمْ يَصِحَّ صَوْمُهُ عَنْ رَمَضَانَ لِعَدَمِ ثُبُوتِ كَوْنِهِ مِنْهُ.
نَعَمْ مَنْ (اعْتَقَدَ صِدْقَ مَنْ قَالَ إنَّهُ رَآهُ مِمَّنْ ذُكِرَ يَصِحُّ مِنْهُ صَوْمُهُ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ) كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ، وَمَرَّ صِحَّةُ نِيَّةِ مُعْتَقِدِ ذَلِكَ وَلَوْ بِقَوْلٍ وَاحِدٍ مِمَّنْ ذَكَرَ وُقُوعَ الصَّوْمِ عَنْ رَمَضَانَ إذَا تَبَيَّنَ كَوْنُهُ مِنْهُ فَلَا تَنَافِيَ بَيْنَ مَا ذُكِرَ فِي الْمَوَاضِعِ الثَّلَاثِ كَمَا زَعَمَهُ بَعْضُهُمْ، وَأُجِيبَ عَمَّا زَعَمَهُ أَيْضًا بِأَجْوِبَةٍ أُخْرَى فِيهَا نَظَرٌ، وَأَجَابَ الْعِرَاقِيُّ عَنْ ذَلِكَ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ السُّبْكِيّ بِأَنَّ كَلَامَهُمْ هُنَاكَ فِيمَا إذَا تَبَيَّنَ كَوْنُهُ مِنْ رَمَضَانَ وَهُنَا فِيمَا إذَا لَمْ يَتَبَيَّنْ شَيْءٌ، فَلَيْسَ الِاعْتِمَادُ عَلَى هَؤُلَاءِ فِي الصَّوْمِ بَلْ فِي النِّيَّةِ فَقَطْ، فَإِذَا نَوَى اعْتِمَادًا عَلَى قَوْلِهِمْ ثُمَّ تَبَيَّنَ لَيْلًا كَوْنُهُ مِنْ رَمَضَانَ لَا يَحْتَاجُ إلَى تَجْدِيدِ نِيَّةٍ أُخْرَى: أَلَا تَرَاهُمْ لَمْ يَذْكُرُوا هَذَا فِيمَا يَثْبُتُ بِهِ الشَّهْرُ وَإِنَّمَا ذَكَرُوهُ فِيمَا يَعْتَمِدُ عَلَيْهِ فِي النِّيَّةِ اهـ.
وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْكَلَامُ فِي يَوْمِ الشَّكِّ فِي عُمُومِ النَّاسِ لَا فِي أَفْرَادِهِمْ، فَيَكُونُ شَكًّا بِالنِّسْبَةِ إلَى غَيْرِ مَنْ ظُنَّ صِدْقُهُمْ وَهُوَ أَكْثَرُ النَّاسِ دُونَ أَفْرَادِ؛ مَنْ اعْتَقَدَ صِدْقَهُمْ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
مَا يُخَالِفُهُ وَنَصُّهَا: سُئِلَ الشَّيْخُ الرَّمْلِيُّ هَلْ الْعِبْرَةُ بِعَادَتِهِ الْقَدِيمَةِ أَوْ السَّنَةِ الْمَاضِيَةِ فَأَجَابَ بِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِعَادَتِهِ فِي السَّنَةِ الْمَاضِيَةِ لَا الْقَدِيمَةِ، وَكَتَبَ سم عَلَى شَرْحِ الْبَهْجَةِ قَوْلُهُ بِأَنْ اعْتَادَ إلَخْ قَدْ يُسْتَشْكَلُ تَصْوِيرُ الْعَادَةِ ابْتِدَاءً لِأَنَّ ابْتِدَاءَ الصَّوْمِ بَعْدَ النِّصْفِ بِلَا سَبَبٍ مُمْتَنِعٌ فَيَحْتَاجُ لِعَادَةٍ وَيُنْقَلُ الْكَلَامُ إلَيْهَا فَيَتَسَلْسَلُ، وَيُجَابُ بِأَنْ يُصَوِّرَ ذَلِكَ بِمَا إذَا صَامَ الِاثْنَيْنِ مَثَلًا قَبْلَ النِّصْفِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ لَهُ صَوْمَهُ بَعْدَهُ لِأَنَّهُ صَارَ عَادَةً لَهُ، وَلَوْ اخْتَلَفَتْ عَادَتُهُ كَأَنْ اعْتَادَ الِاثْنَيْنِ فِي عَامٍ وَالْخَمِيسَ فِي آخَرَ فَهَلْ يُعْتَبَرُ الْأَخِيرُ أَوْ نَقُولُ كُلٌّ صَارَ عَادَةً لَهُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ الثَّانِي.
نَعَمْ إنْ عَزَمَ عَلَى هَجْرِ أَحَدِهِمَا وَالْإِعْرَاضِ عَنْهُ فَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يُعْتَبَرَ اهـ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَيُمْكِنُ حَمْلُ مَا نُقِلَ عَنْ إفْتَاءِ وَالِدِ الشَّارِحِ الْمُتَقَدِّمِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ أَنْ يُفْطِرَ) بَيَانُ فَائِدَةٍ مُسْتَقِلَّةٍ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الْوِصَالُ (قَوْلُهُ: لَكِنْ قَالَ فِي الْبَحْرِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ) أَيْ فَلَا فَرْقَ فِي حُرْمَةِ الْوِصَالِ بَيْنَ كَوْنِهِ بَيْنَ صَوْمَيْنِ وَأَنْ لَا
(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَكْتَفِ بِهِ) أَيْ عَلَى الْمَرْجُوحِ السَّابِقِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ تَبَيَّنَ لَيْلًا كَوْنَهُ مِنْ رَمَضَانَ) قَالَ سم عَلَى شَرْحِ الْبَهِيَّةِ، قَوْلُهُ لَيْلًا يُتَّجَهُ عَلَى هَذَا الْجَوَابِ أَنَّ التَّبَيُّنَ نَهَارًا كَذَلِكَ، وَلَعَلَّ اقْتِصَارَ الشَّارِحِ عَلَى قَوْلِهِ لَيْلًا لِيَتَأَتَّى قَوْلُهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى تَجْدِيدِ نِيَّةٍ أُخْرَى
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَمَرَّ صِحَّةُ نِيَّةِ مُعْتَقِدِ ذَلِكَ) أَيْ ظَانِّهِ كَمَا مَرَّ تَفْسِيرُهُ بِهِ فِي كَلَامِهِ وَهُوَ الَّذِي يَنْتَفِي بِهِ التَّنَافِي.
وَحَاصِلُ ذَلِكَ كَمَا قَرَّرَهُ حَجّ فِي مَبْحَثِ النِّيَّةِ أَنَّ ظَنَّ صِدْقِ هَؤُلَاءِ مُصَحِّحٌ لِلنِّيَّةِ فَقَطْ، ثُمَّ إنْ تَبَيَّنَ كَوْنُهُ مِنْ رَمَضَانَ بِشَهَادَةٍ مُعْتَبَرَةٍ صَحَّ صَوْمُهُ اعْتِمَادًا عَلَى هَذِهِ النِّيَّةِ، وَإِنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ فَهُوَ يَوْمُ شَكٍّ يَحْرُمُ صَوْمُهُ، هَذَا إذَا لَمْ يَعْتَقِدْ صِدْقَهُمْ، فَإِنْ اعْتَقَدَ ذَلِكَ بِأَنْ وَقَعَ الْجَزْمُ بِخَبَرِهِمْ؛ صَحَّ الصَّوْمُ اعْتِمَادًا عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ: كَمَا زَعَمَهُ بَعْضُهُمْ) يَعْنِي التَّنَافِي وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: وَإِنْ زَعَمَهُ بَعْضُهُمْ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ كَلَامَهُمْ هُنَاكَ) يَعْنِي فِي مَبْحَثِ النِّيَّةِ فَهَذَا جَمْعٌ بَيْنَ مَوْضِعَيْنِ فَقَطْ عَلَى أَنَّهُ هُوَ عَيْنُ الْجَمْعِ الَّذِي قَبْلَهُ، فَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَهُ (قَوْلُهُ: فَإِذَا نَوَى اعْتِمَادًا عَلَى قَوْلِهِمْ) أَيْ بِأَنْ كَانَ الْوَاقِعُ مُجَرَّدَ الظَّنِّ كَمَا عُلِمَ (قَوْلُهُ: بِالنِّسْبَةِ إلَى غَيْرِ مَنْ ظَنَّ صِدْقَهُمْ)
لِوُثُوقِهِ بِهِمْ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَيْسَ بِشَكٍّ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَنْ رَآهُ مِنْ الْفُسَّاقِ وَالْعَبِيدِ وَالنِّسَاءِ بَلْ هُوَ رَمَضَانُ فِي حَقِّهِمْ قَطْعًا وَمَرَّ أَنَّ الْجَمْعَ فِي الصِّبْيَانِ وَنَحْوِهِمْ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فَالِاثْنَانِ كَذَلِكَ.
وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّ يَوْمَ الشَّكِّ يَحْصُلُ بِمَا ذُكِرَ سَوَاءٌ أَطْبَقَ الْغَيْمُ أَمْ لَا، لَكِنْ قَيَّدَهُ صَاحِبُ الْبَهْجَةِ تَبَعًا لِلطَّاوُسِيِّ وَالْبَارِزِيِّ وَالْقُونَوِيِّ بِعَدَمِ إطْبَاقِ الْغَيْمِ فَمَعَ إطْبَاقِهِ لَا يُورِثُ شَيْءٌ مِمَّا ذُكِرَ الشَّكَّ وَالْأَوَّلُ كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ أَوْجَهُ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ وَالسَّمَاءُ مُصْحِيَةٌ تَبِعَ فِيهِ مَنْ ذُكِرَ، وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى التَّمْثِيلِ وَقَدْ عَمَّتْ الْبَلْوَى كَثِيرًا بِثُبُوتِ هِلَالِ الْحِجَّةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مَثَلًا ثُمَّ يَتَحَدَّثُ النَّاسُ بِرُؤْيَتِهِ لَيْلَةَ الْخَمِيسِ وَظُنَّ صِدْقُهُمْ وَلَمْ يَثْبُتْ فَهَلْ يُنْدَبُ صَوْمُ يَوْمِ السَّبْتِ لِكَوْنِهِ يَوْمَ عَرَفَةَ عَلَى تَقْدِيرِ كَمَالِ ذِي الْقَعْدَةِ أَمْ يَحْرُمُ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ يَوْمَ الْعِيدِ؟ وَقَدْ أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِالثَّانِي لِأَنَّ دَفْعَ مَفْسَدَةِ الْحَرَامِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى تَحْصِيلِ مَصْلَحَةِ الْمَنْدُوبِ (وَلَيْسَ إطْبَاقُ الْغَيْمِ) لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ (بِشَكٍّ) لِأَنَّا تَعَبَّدْنَا فِيهِ بِإِكْمَالِ الْعِدَّةِ فَلَا يَكُونُ هُوَ يَوْمُ شَكٍّ بَلْ يَكُونُ مِنْ شَعْبَانَ لِلْخَبَرِ الْمَارِّ، (وَلَا أَثَرَ لِظَنِّنَا رُؤْيَتَهُ لَوْلَا السَّحَابُ لِبُعْدِهِ عَنْ الشَّمْسِ وَلَوْ كَانَتْ السَّمَاءُ مُصْحِيَةً) وَتَرَاءَى النَّاسُ الْهِلَالَ فَلَمْ يَتَحَدَّثْ بِرُؤْيَتِهِ فَلَيْسَ بِيَوْمِ شَكٍّ، وَقِيلَ هُوَ يَوْمُ شَكٍّ، وَلَوْ كَانَ فِي السَّمَاءِ قِطَعُ سَحَابٍ يُمْكِنُ أَنْ يُرَى الْهِلَالُ مِنْ خِلَالِهَا وَأَنْ يَخْفَى تَحْتَهَا وَلَمْ يَتَحَدَّثْ بِرُؤْيَتِهِ فَقِيلَ هُوَ يَوْمُ شَكٍّ وَقِيلَ لَا، قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: الْأَصَحُّ لَيْسَ بِشَكٍّ
(وَيُسَنُّ تَعْجِيلُ الْفِطْرِ) بِتَنَاوُلِ شَيْءٍ كَمَا فِي الْجَوَاهِرِ، وَقَضِيَّتُهُ عَدَمُ حُصُولِ سُنَّةِ التَّعْجِيلِ بِالْجِمَاعِ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ لِمَا فِيهِ مِنْ إضْعَافِ الْقُوَّةِ وَالضَّرَرِ، وَمَحَلُّ النَّدْبِ إذَا تَحَقَّقَ الْغُرُوبُ أَوْ ظَنَّهُ بِأَمَارَةٍ لِخَبَرِ «لَا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، (وَيُكْرَهُ تَأْخِيرُهُ إنْ قَصَدَ ذَلِكَ وَرَأَى أَنَّ فِيهِ فَضِيلَةً) وَإِلَّا فَلَا بَأْسَ بِهِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ، وَفِيهِ عَنْ صَاحِبِ الْبَيَانِ أَنَّهُ يُكْرَهُ أَنْ يَتَمَضْمَضَ بِمَاءٍ وَيَمُجُّهُ وَأَنْ يَشْرَبَهُ وَيَتَقَيَّأَهُ إلَّا لِضَرُورَةٍ، قَالَ: وَكَأَنَّهُ شُبِّهَ بِالسِّوَاكِ لِلصَّائِمِ بَعْدَ الزَّوَالِ لِكَوْنِهِ يُزِيلُ الْخَلُوفَ اهـ.
وَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ إنَّهُ إنَّمَا يَتَأَتَّى عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ كَرَاهَةَ السِّوَاكِ لَا تَزُولُ بِالْغُرُوبِ وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى خِلَافِهِ يُرَدُّ بِأَنَّ الظَّاهِرَ تَأْتِيهِ مُطْلَقًا لِوُضُوحِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا (وَيُسَنُّ الْفِطْرُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: فَالِاثْنَانِ كَذَلِكَ) وَمِثْلُهُمَا الْوَاحِدُ كَمَا تَقَدَّمَ لَهُ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ هُوَ يَوْمُ شَكٍّ) اُنْظُرْ مَا فَائِدَةُ الْخِلَافِ مَعَ أَنَّهُ يَحْرُمُ صَوْمُهُ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ، إذْ بِفَرْضِ أَنَّهُ لَيْسَ بِشَكٍّ هُوَ يَوْمٌ مِنْ النِّصْفِ الثَّانِي مِنْ شَعْبَانَ وَصَوْمُهُ حَرَامٌ ثُمَّ رَأَيْت سم عَلَى شَرْحِ الْبَهْجَةِ قَالَ مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ وَإِذَا انْتَصَفَ شَعْبَانُ حَرُمَ الصَّوْمُ إلَخْ، هَذَا قَدْ يُوجِبُ أَنَّهُ لَا خُصُوصِيَّةَ لِيَوْمِ الشَّكِّ لِأَنَّهُ مَعَ الْوَاصِلِ بِمَا قَبْلَهُ يَجُوزُ صَوْمُ يَوْمِ الشَّكِّ وَغَيْرِهِ، وَمَعَ عَدَمِ الْوَصْلِ يَمْتَنِعُ صَوْمُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَّا أَنْ تُجْعَلَ الْخُصُوصِيَّةُ أَنَّهُ عِنْدَ عَدَمِ الْوَصْلِ يَحْرُمُ صَوْمُ يَوْمِ الشَّكِّ مِنْ جِهَتَيْنِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ.
وَقَدْ يُقَالُ أَيْضًا: فَائِدَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِي التَّعَالِيقِ كَمَا لَوْ قَالَ إنْ كَانَ الْيَوْمُ الْفُلَانِيُّ يَوْمَ شَكٍّ فَعَبْدِي حُرٌّ أَوْ نَحْوُهُ فَيُؤَاخَذُ بِذَلِكَ حَيْثُ قُلْنَا إنَّهُ شَكٌّ
(قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ تَعْجِيلُ الْفِطْرِ) يَنْبَغِي سَنُّ ذَلِكَ وَلَوْ مَارًّا بِالطَّرِيقِ، وَلَا تَنْخَرِمُ مُرُوءَتُهُ بِهِ أَخْذًا مِمَّا ذَكَرُوهُ مِنْ طَلَبِ الْأَكْلِ يَوْمَ عِيدِ الْفِطْرِ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَلَوْ مَارًّا بِالطَّرِيقِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُحْتَمَلٌ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: أَوْ ظَنَّهُ بِأَمَارَةٍ) قَدْ يُخَالِفُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الِاخْتِلَافِ فِي جَوَازِ الْفِطْرِ إذَا ظَنَّ الْغُرُوبَ بِالِاجْتِهَادِ وَهُوَ مُقْتَضٍ لِنَدْبِ التَّأْخِيرِ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ) أَيْ الصَّائِمَ (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَشْرَبَهُ) أَيْ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِ الْفِطْرِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: لِوُضُوحِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا) أَيْ وَهُوَ أَنَّ السِّوَاكَ مُسْتَحَبٌّ وَلَا يُكْرَهُ إلَّا لِسَبَبٍ وَقَدْ زَالَ بِخِلَافِ الْمَضْمَضَةِ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ مَطْلُوبَةً فَإِزَالَةُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
يَعْنِي: اعْتَقَدَهُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا بَعْدَهُ
(قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ عَدَمُ حُصُولِ سُنَّةِ التَّعْجِيلِ بِالْجِمَاعِ) وَقَضِيَّتُهُ أَيْضًا عَدَمُ حُصُولِهَا بِالِاسْتِقَاءَةِ، أَوْ إدْخَالِ نَحْوِ عُودٍ فِي أُذُنِهِ، أَوْ إحْلِيلِهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ مَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّعْلِيلِ يَأْبَى ذَلِكَ، ثُمَّ إنَّ قَضِيَّةَ تَعْبِيرِهِ بِلَفْظِ كَمَا فِي نَقْلِهِ كَلَامَ الْجَوَاهِرِ الْمُؤْذِنَةِ بِأَنَّهُ مُوَافِقٌ لَهُ أَنْ يَعْتَمِدَهُ وَهُوَ لَهُ وَهُوَ مُحْتَمِلٌ يُؤْذِنُ بِأَنَّهُ
عَلَى تَمْرٍ، وَإِلَّا)
بِأَنْ لَمْ يَجِدْهُ (فَمَاءٌ) لِخَبَرِ «إذَا كَانَ أَحَدُكُمْ صَائِمًا فَلْيُفْطِرْ عَلَى التَّمْرِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ التَّمْرَ فَعَلَى الْمَاءِ فَإِنَّهُ طَهُورٌ» صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ وَوَرَدَ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُفْطِرُ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى رُطَبَاتٍ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَعَلَى تَمَرَاتٍ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَسَا حُسْوَاتٍ مِنْ مَاءٍ» ، وَقَضِيَّةُ هَذَا الْخَبَرِ تَقْدِيمُ الرُّطَبِ عَلَى التَّمْرِ وَأَنَّ السُّنَّةَ تَثْلِيثُ مَا يُفْطِرُ عَلَيْهِ مِنْ رُطَبٍ وَغَيْرِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا اقْتَضَاهُ فِي الثَّانِي نَصُّ حَرْمَلَةَ وَتَصْرِيحُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ بِهِ فِي الْمَاءِ وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ بِتَمْرٍ إذْ هُوَ اسْمُ جِنْسٍ جَمْعِيٍّ وَتَعْبِيرُ جَمْعٍ بِتَمْرِهِ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ يَحْصُلُ بِهَا أَصْلُ السُّنَّةِ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ مَنْ هُوَ بِمَكَّةَ وَغَيْرُهُ خِلَافًا لِلْمُحِبِّ الطَّبَرِيِّ (وَتَأْخِيرُ السُّحُورِ) لِخَبَرِ «لَا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ وَأَخَّرُوا السَّحُورَ» وَلِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ مُخَالَفَةِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَلِأَنَّ تَأْخِيرَ السُّحُورِ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى عَلَى الْعِبَادَةِ وَصَحَّ «تَسَحَّرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ قُمْنَا إلَى الصَّلَاةِ وَكَانَ قَدْرُ مَا بَيْنَهُمَا خَمْسِينَ آيَةً» وَفِيهِ ضَبْطٌ لِقَدْرِ مَا يَحْصُلُ بِهِ سُنَّةُ التَّأْخِيرِ وَيُسَنُّ السَّحُورُ أَيْضًا لِخَبَرِ «تَسَحَّرُوا فَإِنَّ فِي السَّحُورِ بَرَكَةً» وَلِخَبَرِ الْحَاكِمِ فِي صَحِيحِهِ «اسْتَعِينُوا بِطَعَامِ السَّحَرِ عَلَى صِيَامِ النَّهَارِ وَبِقَيْلُولَةِ النَّهَارِ عَلَى قِيَامِ اللَّيْلِ» وَالسَّحُورُ بِفَتْحِ السِّينِ الْمَأْكُولُ وَبِضَمِّهَا الْأَكْلُ حِينَئِذٍ وَيَحْصُلُ بِقَلِيلِ الْمَطْعُومِ وَكَثِيرِهِ لِخَبَرِ «تَسَحَّرُوا وَلَوْ بِجَرْعَةِ مَاءٍ» وَيَدْخُلُ وَقْتُهُ بِنِصْفِ اللَّيْلِ، وَمَحَلُّ اسْتِحْبَابِهِ إذَا رَجَا بِهِ مَنْفَعَةً أَوْ لَمْ يَخْشَ بِهِ ضَرَرًا كَمَا قَالَهُ الْمَحَامِلِيُّ، وَلِهَذَا قَالَ الْحَلِيمِيُّ: إذَا كَانَ شَبْعَانَ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَتَسَحَّرَ لِأَنَّهُ فَوْقَ الشِّبَعِ اهـ.
وَمُرَادُهُ إكْثَارُ الْأَكْلِ وَمَحَلُّهُ أَيْضًا (مَا لَمْ يَقَعْ فِي شَكٍّ) بِأَنْ يَتَرَدَّدَ فِي بَقَاءِ اللَّيْلِ وَحِينَئِذٍ فَتَرْكُهُ أَوْلَى لِخَبَرِ «دَعْ مَا يَرِيبُك إلَى مَا لَا يَرِيبُك»
(وَلْيَصُنْ لِسَانَهُ عَنْ الْكَذِبِ وَالْغِيبَةِ) وَنَحْوِهِمَا مِنْ مُشَاتَمَةٍ وَسَائِرَ جَوَارِحِهِ عَنْ الْجَرَائِمِ فَلَا يَبْطُلُ الصَّوْمُ بِارْتِكَابِهَا، بِخِلَافِ ارْتِكَابِ مَا يَجِبُ اجْتِنَابُهُ مِنْ حَيْثُ الصَّوْمِ كَالِاسْتِقَاءَةِ، وَإِنَّمَا طُلِبَ الْكَفُّ عَنْ ذَلِكَ لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
الْخَلُوفِ بِهَا تُعَدُّ عَيْنًا حَيْثُ لَا غَرَضَ (قَوْلُهُ عَلَى تَمْرٍ) وَلْيُنْظَرْ هَلْ يُقَدَّمُ اللَّبَنُ عَلَى الْعَسَلِ.
أَقُولُ: يَنْبَغِي أَنْ يُقَدَّمَ الْعَسَلُ لِأَنَّهُمْ نَظَرُوا لِلْحُلْوِ فِي هَذَا الْمَحَلِّ بَعْدَ فَقْدِ التَّمْرِ وَالْمَاءِ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا وَرَدَ، وَكَتَبَ سم عَلَى مَنْهَجِ عَمِيرَةَ: قِيلَ الْحِكْمَةُ كَوْنُهُ مَدْخُولَ النَّارِ وَقِيلَ تَفَاؤُلًا بِالْحَلَاوَةِ وَقِيلَ لِنَفْعِ الْبَصَرِ اهـ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَمَاءٌ) قَالَ سم عَلَى حَجّ: وَفِي حُصُولِهِ بِنَحْوِ مِلْحٍ وَمَاءِ مِلْحٍ نَظَرٌ، وَكَذَا بِنَحْوِ تُرَابٍ وَحَجَرٍ لَا يَضُرُّ وَالْحُصُولُ مُحْتَمَلٌ اهـ.
أَقُولُ: أَشَارَ بِقَوْلِهِ مُحْتَمَلٌ إلَى أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ أَيْضًا بِعَدَمِ الْحُصُولِ، وَيُوَجَّهُ أَنَّ الْغَرَضَ الْمَطْلُوبَ مِنْ تَعْجِيلِ الْفِطْرِ بِإِزَالَةِ حَرَارَةِ الصَّوْمِ بِمَا يُصْلِحُ الْبَدَنَ وَهُوَ مُنْتَفٍ مَعَ ذَلِكَ مَعَ أَنَّ تَنَاوُلَ التُّرَابِ وَالْمَدَرِ مَعَ انْتِفَاءِ الضَّرَرِ مَكْرُوهٌ فَلَا يَنْبَغِي حُصُولُ السُّنِّيَّةِ بِهِ (قَوْلُهُ: عَلَى التَّمْرِ) أَيْ وَعَلَى الْعَجْوَةِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِلْمُحِبِّ الطَّبَرِيِّ) أَيْ حَيْثُ قَالَ: يُقَدِّمُ مَنْ بِمَكَّةَ مَاءَ زَمْزَمَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ فَوْقَ الشِّبَعِ) أَيْ مَا يَأْكُلُهُ مَثَلًا
(قَوْلُهُ: فَلَا يَبْطُلُ الصَّوْمُ) أَيْ ثَوَابُهُ.
[فَرْعٌ] لَوْ تَابَ هَلْ يَسْلَمُ الصَّوْمُ مِنْ النَّقْصِ؟ مَحَلُّ نَظَرٍ، وَيُحْتَمَلُ بَقَاؤُهُ وَأَنْ يَكُونَ غَايَتُهَا دَفْعَ الْإِثْمِ خَادِم
ــ
[حاشية الرشيدي]
لَا يَعْتَمِدُ هَذِهِ الْقَضِيَّةَ فَلْيُرَاجَعْ مُخْتَارُهُ فِي الْمَسْأَلَةِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ لَمْ يَجِدْهُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ أَفْطَرَ عَلَى الْمَاءِ مَعَ وُجُودِ التَّمْرِ لَا تَحْصُلُ لَهُ سُنَّةُ الْفِطْرِ عَلَى الْمَاءِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ اسْتِحْبَابِهِ إذَا رَجَا مَنْفَعَةً) اُنْظُرْهُ مَعَ مَا مَرَّ وَيَأْتِي مِنْ حُصُولِ السُّنَّةِ بِالْقَلِيلِ كَالْكَثِيرِ (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَخْشَ بِهِ ضَرَرًا) هُوَ كَذَا بِأَوْ فِي النُّسَخِ وَلَعَلَّهُ تَحْرِيفٌ مِنْ الْكَتَبَةِ، وَإِلَّا فَاَلَّذِي فِي الْقُوتِ عَنْ تَجْرِيدِ التَّجْرِيدِ وَلَمْ يَخْشَ بِالْوَاوِ وَهِيَ الْأَصْوَبُ كَمَا لَا يَخْفَى، لَكِنَّ قَضِيَّتَهُ أَنَّهُ لَا يُسَنُّ إلَّا إذَا رَجَا مَنْفَعَةً
(قَوْلُهُ: فَلَا يَبْطُلُ الصَّوْمُ بِارْتِكَابِهَا) هُوَ بِالْفَاءِ فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ، وَهُوَ الَّذِي أَلْجَأَ الشَّيْخَ فِي الْحَاشِيَةِ إلَى ضَبْطِ يُبْطِلُ بِضَمِّ أَوَّلِهِ فَيَكُونُ فَاعِلُهُ ضَمِيرًا يَعُودُ عَلَى الصَّائِمِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَا بَعْدَهُ لَا يُلَائِمُهُ، لَكِنْ هُوَ فِي نُسْخَةٍ بِالْوَاوِ بَدَلَ
وَشَرَابَهُ»
وَلِخَبَرِ الْحَاكِمِ فِي صَحِيحِهِ «لَيْسَ الصِّيَامُ مِنْ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ فَقَطْ الصِّيَامُ مِنْ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ» وَلِأَنَّهُ يُحْبِطُ الثَّوَابَ، فَالْمُرَادُ أَنَّ كَمَالَ الصَّوْمِ إنَّمَا يَكُونُ بِصِيَانَتِهِ عَنْ اللَّغْوِ وَالْكَلَامِ الرَّدِيءِ لَا أَنَّ الصَّوْمَ يَبْطُلُ بِهِمَا فَإِنْ شَتَمَهُ أَحَدٌ فَلْيَقُلْ إنِّي صَائِمٌ لِخَبَرِ «الصِّيَامُ جُنَّةٌ، فَإِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ صَائِمًا فَلَا يَرْفُثُ وَلَا يَجْهَلُ، فَإِنْ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أَوْ شَاتَمَهُ فَلْيَقُلْ إنِّي صَائِمٌ إنِّي صَائِمٌ مَرَّتَيْنِ» يَقُولُهُ بِلِسَانِهِ بِنِيَّةِ وَعْظِ الشَّاتِمِ وَدَفْعِهِ بِاَلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ كَمَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ جَمْعٍ وَصَحَّحَهُ، ثُمَّ قَالَ: فَإِنَّ جَمَعَ فِيهِ بَيْنَ لِسَانِهِ وَقَلْبِهِ فَحَسَنٌ.
وَقَالَ: إنَّهُ يُسَنُّ تَكْرَارُهُ مَرَّتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى إمْسَاكِ صَاحِبِهِ.
عَنْهُ وَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ وَلَا أَظُنُّ أَحَدًا يَقُولُهُ مَرْدُودٌ بِالْخَبَرِ الْمَارِّ (وَنَفْسُهُ عَنْ الشَّهَوَاتِ) مِنْ الْمَسْمُوعَاتِ وَالْمُبْصَرَاتِ وَالْمَشْمُومَاتِ وَالْمَلَابِسِ إذْ ذَلِكَ سِرُّ الصَّوْمِ وَمَقْصُودُهُ الْأَعْظَمُ لِتَنْكَسِرَ نَفْسُهُ عَنْ الْهَوَى وَتَقْوَى عَلَى التَّقْوَى بِكَفِّ جَوَارِحِهِ عَنْ تَعَاطِي مَا يَشْتَهِيهِ.
قَالَ فِي الدَّقَائِقِ: وَلَا يَمْتَنِعُ هَذَا الْعَطْفُ لِأَنَّ النَّوْعَيْنِ اشْتَرَكَا فِي الْأَمْرِ بِهِمَا، لَكِنَّ الْأَوَّلَ أَمْرُ إيجَابٍ، وَالثَّانِي اسْتِحْبَابٌ اهـ.
وَالْأَوْجَهُ مَا جَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَمَا تَمَحَّلَهُ الشَّارِحُ لِعِبَارَةِ الرَّافِعِيِّ بَعِيدٌ.
قَالَهُ فِي الْأَنْوَارِ، وَيُكْرَهُ أَنْ يَقُولَ بِحَقِّ الْخَتْمِ الَّذِي عَلَى فَمِي.
(وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَغْتَسِلَ مِنْ الْجَنَابَةِ) وَالْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ (قَبْلَ الْفَجْرِ) لِيُؤَدِّيَ الْعِبَادَةَ عَلَى الطَّهَارَةِ وَلِيَخْرُجَ مِنْ خِلَافِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْقَائِلِ بِوُجُوبِهِ، لَكِنْ نُقِلَ عَنْهُ الرُّجُوعُ عَنْ ذَلِكَ، وَخَشْيَةً مِنْ وُصُولِ الْمَاءِ إلَى بَاطِنِ الْأُذُنِ أَوْ الدُّبُرِ أَوْ غَيْرِهِمَا، وَيَنْبَغِي أَنْ يَغْسِلَ هَذِهِ الْمَوَاضِعَ إنْ لَمْ يَتَهَيَّأْ لَهُ الْغُسْلُ الْكَامِلُ.
قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَقِيَاسُ الْمَعْنَى الْأَوَّلِ اسْتِحْبَابُ الْمُبَادَرَةِ إلَى الِاغْتِسَالِ عَقِبَ الِاحْتِلَامِ نَهَارًا.
قَالَ الْمَحَامِلِيُّ وَالْجُرْجَانِيُّ: يُكْرَهُ لِلصَّائِمِ دُخُولُ الْحَمَّامِ: يَعْنِي مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ لِجَوَازِ أَنْ يَضُرَّهُ فَيُفْطِرُ.
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهَذَا لِمَنْ يَتَأَذَّى بِهِ دُونَ مَنْ اعْتَادَهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ مِنْ حَيْثُ انْتِفَاءِ الضَّرَرِ أَمَّا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ تَرَفُّهٌ لَا يُنَاسِبُ الصَّائِمَ فَمَرْدُودٌ (وَأَنْ يَحْتَرِزَ عَنْ الْحِجَامَةِ) وَالْفَصْدِ لِلِاخْتِلَافِ فِيهِمَا كَمَا مَرَّ (وَالْقُبْلَةِ) وَلَيْسَ مُكَرَّرًا مَعَ مَا مَرَّ إذْ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
اهـ عَمِيرَةَ (قَوْلُهُ: لَيْسَ الصِّيَامُ مِنْ الْأَكْلِ) أَيْ بِأَنْ يَتْرُكَهُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ جَمَعَ فِيهِ بَيْنَ قَلْبِهِ وَلِسَانِهِ فَحَسَنٌ) .
[فَائِدَةٌ] قَالَ حَجّ فِي فَتَاوِيهِ الْحَدِيثِيَّةِ: هَلْ الذِّكْرُ اللِّسَانِيُّ أَفْضَلُ أَوْ غَيْرُهُ؟ وَعِبَارَتُهُ: وَالذِّكْرُ الْخَفِيُّ قَدْ يُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهِ مَا هُوَ بِالْقَلْبِ فَقَطْ وَمَا هُوَ بِالْقَلْبِ وَاللِّسَانِ بِحَيْثُ يُسْمِعُ نَفْسَهُ وَلَا يَسْمَعُهُ غَيْرُهُ وَمِنْهُ «خَيْرُ الذِّكْرِ الْخَفِيُّ» أَيْ لِأَنَّهُ لَا يَتَطَرَّقُ إلَيْهِ الرِّيَاءُ، وَأَمَّا حَيْثُ لَمْ يُسْمِعْ نَفْسَهُ فَلَا يُعَدُّ بِحَرَكَةِ لِسَانِهِ وَإِنَّمَا الْعِبْرَةُ بِمَا فِي قَلْبِهِ عَلَى أَنَّ جَمَاعَةً مِنْ أَئِمَّتِنَا وَغَيْرِهِمْ يَقُولُونَ: لَا ثَوَابَ فِي ذِكْرِ الْقَلْبِ وَحْدَهُ وَلَا مَعَ اللِّسَانِ حَيْثُ لَمْ يُسْمِعْ نَفْسَهُ، وَيَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى أَنَّهُ لَا ثَوَابَ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ الذِّكْرِ الْمَخْصُوصِ، أَمَّا اشْتِغَالُ الْقَلْبِ بِذَلِكَ وَتَأَمَّلْهُ لِمَعَانِيهِ وَاسْتِغْرَاقِهِ فِي شُهُودِهِ فَلَا شَكَّ أَنَّهُ بِمُقْتَضَى الْأَدِلَّةِ يُثَابُ عَلَيْهِ مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ الثَّوَابَ الْجَزِيلَ، وَيُؤَيِّدُهُ خَبَرُ الْبَيْهَقِيّ «الذِّكْرُ الَّذِي لَا تَسْمَعُهُ الْحَفَظَةُ يَزِيدُ عَلَى الذِّكْرِ الَّذِي تَسْمَعُهُ الْحَفَظَةُ سَبْعِينَ ضِعْفًا» اهـ بِحُرُوفِهِ (قَوْلُهُ: عَنْ الْهَوَى) بِالْقَصْرِ (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ أَنْ يَقُولَ بِحَقِّ الْخَتْمِ إلَخْ) وَمِثْلُهُ الْخَاتَمُ الَّذِي عَلَى فَمِ الْعِبَادِ وَوَجْهُ الْكَرَاهَةِ أَنَّهُ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ
(قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَغْسِلَ هَذِهِ الْمَوَاضِعَ) أَيْ قَبْلَ الْفَجْرِ بِنِيَّةِ رَفْعِ الْجَنَابَةِ (قَوْلُهُ: وَقِيَاسُ الْمَعْنَى الْأَوَّلِ) هُوَ قَوْلُهُ لِيُؤَدِّيَ الْعِبَادَةَ عَلَى
ــ
[حاشية الرشيدي]
الْفَاءِ وَلَا غُبَارَ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ مَا جَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ إلَخْ) هَذَا لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِمَا قَبْلَهُ وَإِنْ أَوْهَمَهُ كَلَامُهُ وَحَاصِلُ الْمُرَادِ مِنْهُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ عَدَلَ إلَى قَوْلِهِ وَلْيَصُنْ لِسَانَهُ فَاللَّامُ الْأَمْرِ عَنْ عِبَارَةِ الْمُحَرَّرِ الْمُفِيدَةِ لِاسْتِحْبَابِ ذَلِكَ لِمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي الدَّقَائِقِ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ لَا مَسْنُونٌ.
وَأَجَابَ عَنْهُ الشَّارِحُ الْجَلَالُ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ الِاسْتِحْبَابَ مِنْ حَيْثُ الصَّوْمُ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ وَاجِبٌ فِي حَدِّ ذَاتِهِ، قَالَ: فَلَا حَاجَةَ إلَى عُدُولِ الْمِنْهَاجِ عَمَّا فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ، وَاسْتَبْعَدَهُ الشَّارِحُ هُنَا بِمَا تَرَى
(قَوْلُهُ: أَمَّا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ تَرَفُّهٌ لَا يُنَاسِبُ الصَّائِمَ فَمَرْدُودٌ) فِي هَذَا الرَّدِّ نَظَرٌ لَا يَخْفَى لِأَنَّ التَّرَفُّهَ إنَّمَا هُوَ
الْأَوَّلُ فِي حُكْمِهَا وَهُنَا فِي أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ تَرْكُهَا (وَذَوْقُ الطَّعَامِ) أَوْ غَيْرِهِ خَوْفَ الْوُصُولِ إلَى حَلْقِهِ أَوْ تَعَاطِيهِ لِغَلَبَةِ شَهْوَتِهِ نَعَمْ إنْ احْتَاجَ إلَى مَضْغِ نَحْوِ خُبْزٍ لِطِفْلِ لَمْ يُكْرَهْ (وَالْعِلْكُ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمَضْغُ وَبِكَسْرِهَا الْمَعْلُوكُ لِأَنَّهُ يَجْمَعُ الرِّيقَ، فَإِنْ ابْتَلَعَهُ أَفْطَرَ فِي وَجْهٍ ضَعِيفٍ، وَإِنْ أَلْقَاهُ عَطَّشَهُ وَمِنْ ثَمَّ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَمَحَلُّهُ فِي غَيْرِ مَا يَتَفَتَّتُ، أَمَّا هُوَ فَإِنْ تَيَقَّنَ وُصُولَ بَعْضِ جُرْمِهِ عَمْدًا إلَى جَوْفِهِ أَفْطَرَ وَحِينَئِذٍ يَحْرُمُ مَضْغُهُ، بِخِلَافِ مَا إذَا شَكَّ أَوْ وَصَلَ طَعْمُهُ أَوْ رِيحُهُ لِأَنَّهُ مُجَاوِرٌ، وَكَالْعِلْكِ فِي ذَلِكَ اللِّبَانُ الْأَبْيَضُ فَإِنْ كَانَ لَوْ أَصَابَهُ الْمَاءُ يَبِسَ وَاشْتَدَّ كُرِهَ مَضْغُهُ وَإِلَّا حَرُمَ.
قَالَهُ الْقَاضِي
(وَأَنْ يَقُولَ عِنْدَ) أَيْ عَقِبَ (فِطْرِهِ: «اللَّهُمَّ لَك صُمْت وَعَلَى رِزْقِك أَفْطَرْت» ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ لَكِنَّهُ مُرْسَلٌ، وَرُوِيَ أَيْضًا أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم، كَانَ يَقُولُ حِينَئِذٍ «اللَّهُمَّ ذَهَبَ الظَّمَأُ وَابْتَلَّتْ الْعُرُوقُ وَثَبَتَ الْأَجْرُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى» (وَأَنْ يُكْثِرَ الصَّدَقَةَ) وَالْجُودَ وَزِيَادَةَ التَّوْسِعَةِ عَلَى الْعِيَالِ وَالْإِحْسَانَ إلَى ذَوِي الْأَرْحَامِ وَالْجِيرَانِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ أَجْوَدَ النَّاسِ بِالْخَيْرِ وَكَانَ أَجْوَدَ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ» وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ تَفْرِيغُ قُلُوبِ الصَّائِمِينَ وَالْقَائِمِينَ لِلْعِبَادَةِ بِدَفْعِ حَاجَتِهِمْ، وَمِنْ ثَمَّ سُنَّ أَنْ يُفْطِرَهُمْ بِأَنْ يُعَشِّيَهُمْ لِمَا صَحَّ مِنْ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ وَلَا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْءٌ» فَإِنْ عَجَزَ عَنْ عَشَائِهِمْ فَطَّرَهُمْ بِشَرْبَةٍ أَوْ تَمْرَةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا
(وَتِلَاوَةُ الْقُرْآنِ فِي رَمَضَانِ) فِي كُلِّ مَكَان غَيْرِ نَحْوِ الْحَشِّ حَتَّى الْحَمَّامِ وَالطَّرِيقِ إنْ لَمْ يَلْتَهِ عَنْهَا بِأَنْ أَمْكَنَهُ تَدَبُّرُهَا لِخَبَرِ «إنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يَلْقَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ» وَهِيَ أَنْ يَقْرَأَ عَلَى غَيْرِهِ وَيَقْرَأَ غَيْرُهُ عَلَيْهِ وَالتِّلَاوَةُ فِي الْمُصْحَفِ أَفْضَلُ، وَيُسَنُّ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ وَالْجَهْرُ إنْ أَمِنَ الرِّيَاءَ وَلَمْ يُشَوِّشْ عَلَى نَحْوِ مُصَلٍّ أَوْ نَائِمٍ (وَأَنْ يَعْتَكِفَ فِيهِ) أَيْ فِي رَمَضَانَ وَأَنْ يُكْثِرَ مِنْ ذَلِكَ لِلِاتِّبَاعِ.
رَوَاهُ الشَّيْخَانِ: وَلِأَنَّهُ أَقْرَبُ لِصَوْنِ النَّفْسِ عَنْ ارْتِكَابِ مَا لَا يَلِيقُ (لَا سِيَّمَا) بِالتَّشْدِيدِ وَالتَّخْفِيفِ، وَهِيَ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَا بَعْدَهَا أَوْلَى، بِالْحُكْمِ مِمَّا قَبْلَهَا لَا مُسْتَثْنًى بِهَا، وَالسِّيُّ بِالْكَسْرِ وَالتَّشْدِيدِ الْمِثْلُ وَمَا مَوْصُولَةٌ أَوْ زَائِدَةٌ وَيَجُوزُ رَفْعُ مَا بَعْدَهَا عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَإٍ مَحْذُوفٍ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
الطَّهَارَةُ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ احْتَاجَ) قَضِيَّةُ اقْتِصَارِهِ عَلَى ذَلِكَ كَرَاهَةُ ذَوْقِ الطَّعَامِ لِغَرَضِ إصْلَاحِهِ لِمُتَعَاطِيهِ، وَيَنْبَغِي عَدَمُ كَرَاهَتِهِ لِلْحَاجَةِ وَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ مُفْطِرٌ غَيْرَهُ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَعْرِفُ إصْلَاحَهُ مِثْلُ الصَّائِمِ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُ فِي غَيْرِ مَا يَتَفَتَّتُ) أَيْ فِي عِلْكِ مَا لَا يَتَفَتَّتُ (قَوْلُهُ وَكَالْعِلْكِ ذَلِكَ) أَيْ فِي ذَلِكَ التَّفْصِيلِ (قَوْلُهُ اللِّبَانُ الْأَبْيَضُ) وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالشَّامِ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ لَوْ أَصَابَهُ الْمَاءُ يَبِسَ) أَيْ مَاءُ الْفَمِ وَهُوَ الرِّيقُ أَوْ مَا يُدْخِلُهُ فَمَه لِإِيبَاسِهِ (قَوْلُهُ: وَاشْتَدَّ كُرْهُ) أَيْ بِحَيْثُ لَا يَتَحَلَّلُ مِنْهُ شَيْءٌ
(قَوْلُهُ: كَانَ يَقُولُ) أَيْ فَيَجْمَعُ الصَّائِمُ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ: وَأَنْ يُكْثِرَ الصَّدَقَةَ إلَخْ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِهِ أَنْ يُعَالِجَ نَفْسَهُ عَلَى جَعْلِ ذَلِكَ كَالطَّبِيعَةِ لَهُ بِاعْتِيَادِهِ لِلصَّدَقَةِ فَيَكُونُ مِنْ عَطْفِ السَّبَبِ عَلَى الْمُسَبِّبِ
(قَوْلُهُ: وَيَقْرَأُ غَيْرَهُ) أَيْ وَلَوْ غَيَّرَ مَا قَرَأَهُ الْأَوَّلُ، فَمِنْهُ مَا يُسَمَّى بِالْمُدَارَسَةِ الْآنَ وَهِيَ الْمُعَبَّرُ عَنْهَا فِي كَلَامِهِمْ بِالْإِدَارَةِ (قَوْلُهُ: وَالتِّلَاوَةُ) أَيْ وَإِنْ قَوِيَ حِفْظُهُ لِأَنَّهُ يُجْمَعُ فِيهِ بَيْنَ النَّظَرِ فِي الْمُصْحَفِ وَبَيْنَ الْقِرَاءَةِ.
وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ مَا لَمْ يَذْهَبْ خُشُوعُهُ وَتَدَبُّرُهُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
خِلَافُ السُّنَّةِ لَا مَكْرُوهٌ (قَوْلُهُ: وَذَوْقُ الطَّعَامِ) وَهُوَ مَكْرُوهٌ بِدَلِيلِ الِاسْتِدْرَاكِ الْآتِي، وَكَانَ عَلَى الشَّارِحِ أَنْ يَذْكُرَ حُكْمَ الْكَرَاهِيَةِ هُنَا تَمْهِيدًا لِلِاسْتِدْرَاكِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَيَقَّنَ وُصُولَ بَعْضِ جِرْمِهِ عَمْدًا) قَدْ يُقَالُ: قِيَاسُ مَا مَرَّ فِيمَا لَوْ وَضَعَ مَاءً فِي فَمِهِ لِغَيْرِ غَرَضٍ مِنْ الْفِطْرِ مُطْلَقًا أَنَّهُ يُفْطِرُ هُنَا وَإِنْ لَمْ يَتَعَمَّدْ وَإِلَّا فَمَا الْفَرْقُ
(قَوْلُهُ: وَمَا مَوْصُولَةٌ أَوْ زَائِدَةٌ) أَيْ أَوْ نَكِرَةٌ مَوْصُوفَةٌ كَمَا فِي كَلَامِ غَيْرِهِ، وَهُوَ الَّذِي يُنَزَّلُ عَلَيْهِ مَا يَأْتِي عَنْ الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ وَيَجُوزُ رَفْعُ مَا بَعْدَهَا: أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا مَوْصُولَةٌ، أَوْ مَوْصُوفَةٌ، وَقَوْلُهُ وَنَصْبُهُ: أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا نَكِرَةٌ مَوْصُوفَةٌ