المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ من شروط المبيع (العلم به) - نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج - جـ ٣

[الرملي، شمس الدين]

فهرس الكتاب

- ‌فَصْلٌ فِي دَفْنِ الْمَيِّتِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ

- ‌[اللَّحْدُ أَفْضَلُ مِنْ الشَّقِّ]

- ‌لَا يُدْفَنُ اثْنَانِ فِي قَبْرٍ)

- ‌[الْجُلُوس عَلَى الْقَبْرِ]

- ‌[التَّعْزِيَةُ لِأَهْلِ الْمَيِّتِ سُنَّةٌ]

- ‌[يَحْرُمُ النَّدْبُ وَالنَّوْحُ]

- ‌[الْبُكَاءُ عَلَى الْمَيِّتِ قَبْلَ الْمَوْتِ]

- ‌[اتِّبَاعُ الْمُسْلِمِ جِنَازَةَ قَرِيبِهِ الْكَافِرِ]

- ‌[لَا يَحْمِلُ الْجِنَازَةَ إلَّا الرِّجَالُ]

- ‌[اللَّغَطُ فِي سَيْرِ الْجِنَازَةِ]

- ‌[شُرُوطُ صِحَّةِ صَلَاةِ الْجِنَازَة]

- ‌[الدَّفْنُ بِالْمَقْبَرَةِ أَفْضَلُ مِنْ الدَّفْنُ بِالْبَيْتِ]

- ‌[الْمَبِيتُ بِالْمَقْبَرَةِ]

- ‌[الدَّفْنُ لَيْلًا]

- ‌[تَجْصِيصُ الْقَبْرِ وَالْبِنَاءُ عَلَيْهِ وَالْكِتَابَةُ عَلَيْهِ]

- ‌[زِيَارَةُ قُبُورِ الْمُسْلِمِينَ لِلرِّجَالِ]

- ‌[نَقْلُ الْمَيِّتِ قَبْلَ دَفْنِهِ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ آخَرَ]

- ‌كِتَابُ الزَّكَاةِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الْحَيَوَانِ

- ‌[الشَّرْطُ الْأَوَّلُ النَّعَم]

- ‌[الشَّرْطِ الثَّانِي النِّصَابُ]

- ‌فَصْلٌ فِي بَيَانِ كَيْفِيَّةِ الْإِخْرَاجِ لِمَا مَرَّ وَبَعْضِ شُرُوطِ الزَّكَاةِ

- ‌ أَسْبَابِ النَّقْصِ فِي الزَّكَاةِ

- ‌[الْخُلْطَةِ فِي الزَّكَاة]

- ‌بَابُ زَكَاةِ النَّبَاتِ

- ‌[نِصَابُ الْقُوتُ الَّذِي تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ]

- ‌ خَرْصُ الثَّمَرِ)

- ‌[شَرْطُ الْخَارِصِ]

- ‌بَابُ زَكَاةِ النَّقْدِ

- ‌[يُحَرَّمُ عَلَى الرَّجُلِ وَالْخُنْثَى حُلِيُّ الذَّهَبِ]

- ‌[تَحْلِيَةِ الْمُصْحَفِ بِالذَّهَبِ]

- ‌شَرْطُ زَكَاةِ النَّقْدِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الْمَعْدِنِ وَالرِّكَازِ وَالتِّجَارَةِ

- ‌[يُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الْمَعْدِن]

- ‌الرِّكَازِ

- ‌[شَرْطُ الرِّكَاز]

- ‌فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ زَكَاةِ التِّجَارَةِ

- ‌(شَرْطُ وُجُوبِ زَكَاةِ التِّجَارَةِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ

- ‌[تَأْخِيرَ زَكَاةِ الْفِطْرِ إلَى مَا بَعْدَ صَلَاةِ الْعِيدِ]

- ‌[يَلْزَمُهُ فِطْرَةُ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ]

- ‌(مَنْ أَيْسَرَ) بِبَعْضِ صَاعٍ وَهُوَ فِطْرَةُ الْوَاحِدِ (يَلْزَمُهُ)

- ‌[بَابُ مَنْ تَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ]

- ‌فَصْلٌ فِي أَدَاءِ الزَّكَاةِ

- ‌فَصْلٌ فِي تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ

- ‌كِتَابُ الصِّيَامِ

- ‌[إذَا الْهِلَالُ رُئِيَ بِبَلَدٍ لَزِمَ حُكْمُهُ الْبَلَدَ الْقَرِيبَ]

- ‌فَصْلٌ فِي أَرْكَانِ الصَّوْمِ

- ‌[يُسَنُّ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي شَرْطِ الصَّوْمِ]

- ‌فَصْلٌ شَرْطُ صِحَّةِ الصَّوْمِ مِنْ حَيْثُ الْفَاعِلِ وَالْوَقْتِ

- ‌فَصْلٌ فِي شُرُوطِ وُجُوبِ صَوْمِ رَمَضَانَ وَمَا يُبِيحُ تَرْكَ صَوْمِهِ

- ‌فَصْلٌ فِي فِدْيَةِ الصَّوْمِ الْوَاجِبِ

- ‌فَصْلٌ فِي مُوجِبِ كَفَّارَةِ الصَّوْمِ

- ‌[مَصْرِفُ فِدْيَةُ الصَّوْم]

- ‌بَابُ صَوْمِ التَّطَوُّعِ

- ‌ صَوْمُ يَوْمِ (عَرَفَةَ)

- ‌ صَوْمُ (أَيَّامِ) اللَّيَالِي (الْبِيضِ)

- ‌ صَوْمُ (سِتَّةٍ مِنْ شَوَّالٍ)

- ‌[صَوْمُ عَاشُورَاءَ]

- ‌(إفْرَادُ) يَوْمِ (الْجُمُعَةِ) بِالصَّوْمِ

- ‌[وَصَوْمُ الدَّهْرِ غَيْرُ الْعِيدِ]

- ‌كِتَابُ الِاعْتِكَافِ

- ‌[صَوْمُ تَطَوُّعٍ مِنْ غَيْرِ إذْنِ زَوْجِهَا وَهُوَ حَاضِرٌ]

- ‌[شُرُوطُ الْمُعْتَكِفِ]

- ‌فَصْلٌ فِي حُكْمِ الِاعْتِكَافِ الْمَنْذُورِ

- ‌[كِتَابُ الْحَجِّ]

- ‌[شُرُوط صِحَّة الْحَجّ وَالْعُمْرَة]

- ‌[شُرُوط وُجُوب الْحَجّ وَالْعُمْرَة]

- ‌[مَا يُشْتَرَطُ فِي وُجُوبِ نُسُكِ الْمَرْأَةِ]

- ‌بَابُ الْمَوَاقِيتِ لِلنُّسُكِ زَمَانًا وَمَكَانًا

- ‌[الْمِيقَات الزَّمَانِيّ]

- ‌الْمِيقَاتُ الْمَكَانِيُّ

- ‌بَابُ الْإِحْرَامِ

- ‌فَصْلٌ فِي رُكْنِ الْإِحْرَامِ وَمَا يُطْلَبُ لِلْمُحْرِمِ مِنْ الْأُمُورِ الْآتِيَةِ

- ‌[بَابُ دُخُولِ الْمُحْرِمِ مَكَّةَ]

- ‌فَصْلٌ فِيمَا يُطْلَبُ فِي الطَّوَافِ مِنْ وَاجِبَاتٍ وَسُنَنٍ

- ‌[وَاجِبَات الطَّوَاف]

- ‌[سُنَن الطَّوَاف]

- ‌فَصْلٌ فِيمَا يَخْتِمُ بِهِ الطَّوَافَ وَبَيَانُ كَيْفِيَّةِ السَّعْيِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ

- ‌(فَصْلٌ فِي الْمَبِيتِ بِالْمُزْدَلِفَةِ وَالدَّفْعِ مِنْهَا وَفِيمَا يُذْكَرُ مَعَهُمَا

- ‌ الْمَبِيتِ بِمِنًى لَيَالِيَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ

- ‌فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَرْكَانِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، وَبَيَانِ أَوْجُهِ أَدَائِهِمَا مَعَ مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ

- ‌بَابُ مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ

- ‌[مَا يَحِلّ مِنْ شجر الحرم وَمَا يحرم]

- ‌[أَنْوَاعِ الدِّمَاءِ فِي الْحَجّ]

- ‌بَابُ الْإِحْصَارِ وَالْفَوَاتِ

- ‌كِتَابُ الْبَيْعِ

- ‌[شُرُوط الْبَيْع] [

- ‌أَلْفَاظ الْبَيْع]

- ‌[يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بِالْكِنَايَةِ مَعَ النِّيَّةِ]

- ‌[شُرُوط الْعَاقِدِ]

- ‌[شِرَاء الْكَافِر الْمُصْحَف]

- ‌[شُرُوط الْمَبِيع]

- ‌[مِنْ شُرُوط الْمَبِيع طَهَارَة عَيْنه]

- ‌ مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ (النَّفْعُ)

- ‌[مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ إمْكَانُ تَسْلِيمِهِ]

- ‌ مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ (الْمِلْكُ)

- ‌ مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ (الْعِلْمُ بِهِ)

- ‌بَابُ الرِّبَا

- ‌[الْمُمَاثَلَةُ تُعْتَبَرُ فِي الْمَكِيلِ]

- ‌[بَاب الْبُيُوعِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا وَمَا يَتْبَعُهَا]

- ‌[الصُّوَر المستثناة مِنْ النَّهْي عَنْ بَيْع وَشَرْط]

- ‌[بَاعَ عَبْدًا بِشَرْطِ إعْتَاقِهِ]

- ‌فَصْلٌ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي مِنْ الْمَنْهِيَّاتِ الَّتِي لَا يَقْتَضِي النَّهْيُ فَسَادَهَا كَمَا قَالَ

- ‌[بَيْعُ الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ لِعَاصِرِ الْخَمْرِ وَالنَّبِيذِ]

- ‌فَصْلٌ فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ

- ‌[بَيْعُ الْعَرَبُونِ]

- ‌[جُمِعَ الْعَاقِدُ أَوْ الْعَقْدُ فِي صَفْقَةٍ مُخْتَلِفَيْ الْحُكْمِ]

الفصل: ‌ من شروط المبيع (العلم به)

أَوْ أَذِنَا لَهُ (صَحَّ) الْبَيْعُ وَغَيْرُهُ (فِي الْأَظْهَرِ) اعْتِبَارًا فِي الْعُقُودِ بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لِعَدَمِ احْتِيَاجِهَا لِنِيَّةٍ فَانْتِفِي، التَّلَاعُبُ وَبِفَرْضِهِ لَا يَضُرُّ لِصِحَّةِ نَحْوِ بَيْعِ الْهَازِلِ، الْوَقْفُ هُنَا وَقْفُ تَبَيُّنٍ لَا وَقْفُ صِحَّةٍ، وَإِنَّمَا لَمْ يَصِحَّ تَزْوِيجُ الْخُنْثَى وَإِنْ بَانَ وَاضِحًا وَلَا نِكَاحُ الْمُشْتَبِهَةِ عَلَيْهِ بِمَحْرَمِهِ، وَلَوْ بَانَتْ أَجْنَبِيَّةً لِوُجُودِ الشَّكِّ فِي حِلِّ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَهُوَ يُحْتَاطُ لَهُ فِي النِّكَاحِ مَا لَا يُحْتَاطُ لِوِلَايَةِ الْعَاقِدِ وَإِنْ اشْتَرَكَا فِي الرُّكْنِيَّةِ، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ عَدَمُ الِاخْتِصَاصِ بِظَنِّ الْمِلْكِ، وَأَنَّ الضَّابِطَ فِقْدَانُ الشَّرْطِ كَظَنِّ عَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّسْلِيمِ فَبَانَ بِخِلَافِهِ وَهَذَا مُرَادُهُمْ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحُوا بِهِ.

(الْخَامِسُ)

‌ مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ (الْعِلْمُ بِهِ)

أَيْ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ عَيْنًا فِي الْمُعَيَّنِ وَقَدْرًا وَصِفَةً فِيمَا فِي الذِّمَّةِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ الْآتِي لِلنَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ وَهُوَ مَا احْتَمَلَ أَمْرَيْنِ أَغْلَبُهُمَا أَخْوَفُهُمَا: أَيْ مَنْ شَأْنُهُ ذَلِكَ فَلَا يَعْتَرِضْ بِمُخَالَفَتِهِ لِقَضِيَّةِ كَلَامِهِمْ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ بَيْعِ نَحْوِ الْمَغْصُوبِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْأَغْلَبُ عَدَمَ الْعَوْدِ، وَقِيلَ مَا انْطَوَتْ عَنَّا عَاقِبَتُهُ، وَقَدْ يُغْتَفَرُ الْجَهْلُ لِلضَّرُورَةِ أَوْ الْمُسَامَحَةِ كَمَا سَنُبَيِّنُهُ فِي اخْتِلَاطِ حَمَامِ الْبُرْجَيْنِ وَكَمَا فِي بَيْعِ الْفُقَّاعِ وَمَاءِ السِّقَاءِ فِي الْكُوزِ، قَالَ جَمْعٌ: وَلَوْ لِشُرْبِ.

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: صَحَّ) أَيْ مَعَ الْحُرْمَةِ (قَوْلُهُ: فِي الْأَظْهَرِ) هَذَا ظَاهِرٌ إنْ كَانَتْ الصِّيغَةُ عَلَى سَبِيلِ الْجَزْمِ، أَمَّا لَوْ قَالَ إنْ كَانَ أَبِي مَاتَ فَقَدْ بِعْتُكهَا، فَقِيَاسُ مَا مَرَّ لِلشَّارِحِ فِيمَا لَوْ قَالَ: إنْ كَانَ اشْتَرَاهُ لِي وَكِيلِي بِكَذَا فَقَدْ بِعْتُكَهُ أَنْ يَجْرِيَ فِيهِ التَّفْصِيلُ بَيْنَ أَنْ يُخْبِرَ بِهِ وَيُصَدَّقُ الْمُخْبِرُ فَيَصِحُّ، وَبَيْنَ مَا إذَا لَمْ يُخْبِرْ بِهِ أَوْ أَخْبَرَ وَلَمْ يُصَدَّقْ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ، وَلَكِنْ تَقَدَّمَ أَنَّ مَسْأَلَةَ الْوَكِيلِ مُشْكِلَةٌ بِظَاهِرِ مَا تَقَدَّمَ فِي إنْ كَانَ مِلْكِي فَقَدْ بِعْتُكَهُ، وَتَقَدَّمَ لِلشَّارِحِ الْفَرْقُ ثُمَّ بِأَنَّ الشَّرْطَ فِي هَذِهِ أَثْبَتَهُ اللَّهُ فِي أَصْلِ الْبَيْعِ فَيَكُونُ اشْتِرَاطُهُ كَتَحْصِيلِ الْحَاصِلِ، إذْ لَا يَقَعُ عَقْدُ الْبَيْعِ لَهُ إلَّا فِي مِلْكِهِ، ثُمَّ رَأَيْت سم عَلَى حَجّ صَرَّحَ بِذَلِكَ فِيمَا ذَكَرَ وَنَحْوُهُ قَالَ كَمَا اعْتَمَدَهُ الْإِسْنَوِيُّ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ ابْنِ الصَّبَّاغِ فِي هَذِهِ وَنَظَائِرِهَا وَلَمْ يَذْكُرْ مُقَابِلَ الْأَظْهَرِ، وَعِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ: وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ لِظَنِّهِ أَنَّهُ لَيْسَ مِلْكَهُ (قَوْلُهُ: اعْتِبَارًا فِي الْعُقُودِ) وَمِثْلُهَا الْعِبَادَاتُ، فَالْعِبْرَةُ فِيمَا، بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَظَنِّ الْمُكَلَّفِ بِالنِّسْبَةِ لِسُقُوطِ الْقَضَاءِ لَا لِلِاتِّصَافِ بِالصِّحَّةِ فَإِنَّ الْعِبْرَةَ بِالنِّسْبَةِ لَهَا أَيْضًا بِمَا فِي ظَنِّ الْمُكَلَّفِ، فَمَنْ ظَنَّ أَنَّهُ مُتَطَهِّرٌ ثُمَّ بَانَ حَدَثُهُ حُكِمَ عَلَى صَلَاتِهِ بِالصِّحَّةِ وَسُقُوطِ الطَّلَبِ بِهَا، وَإِنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُ الْمَحَلِّيِّ فِي شَرْحِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ (قَوْلُهُ: وَبِفَرْضِهِ) أَيْ التَّلَاعُبِ (قَوْلُهُ: وَالْوَقْفُ هُنَا وَقْفُ تَبَيُّنٍ) وَيَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ الزَّوَائِدُ فَهِيَ لِلْمُشْتَرِي مِنْ وَقْتِ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ يَصِحَّ تَزْوِيجُ الْخُنْثَى) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ زَوْجًا أَوْ زَوْجَةً، بِخِلَافِ مَا لَوْ زَوَّجَ أُخْتَهُ مَثَلًا بِإِذْنِهَا فَإِنَّهُ يَصِحُّ لِرُجُوعِ التَّرَدُّدِ فِي أَمْرِهِ لِلشَّكِّ فِي وِلَايَةِ الْعَاقِدِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ بَانَ وَاضِحًا) لَا حَاجَةَ إلَى الْوَاوِ هُنَا وَلَا فِي قَوْلِهِ بَعْدَ، وَلَوْ بَانَتْ إلَخْ بَلْ تَرْكُهَا أَظْهَرُ لِوُضُوحِ الْبُطْلَانِ عِنْدَ عَدَمِ التَّبَيُّنِ (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ) أَيْ مِنْ صِحَّةِ بَيْعِ مَالِ مُوَرِّثِهِ إلَخْ فَإِنَّ الْحَاصِلَ فِيهَا عِنْدَ الْعَقْدِ ظَنُّ عَدَمِ الْمِلْكِ

(قَوْلُهُ: مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ) أَرَادَ بِهِ مَا يَشْمَلُ الثَّمَنَ (قَوْلُهُ: وَالْعِلْمُ بِهِ) هَلْ يَكْفِي عِلْمُ الْمُشْتَرِي حَالَ الْقَبُولِ فَقَطْ دُونَ حَالِ الْإِيجَابِ؟ وَالْوَجْهُ لَا انْتَهَى.

سم عَلَى حَجّ.

وَقَدْ يُنَازَعُ فِيهِ بِمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي التَّوْلِيَةِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ الْجَاهِلُ بِالثَّمَنِ وَلَّيْتُك الْعَقْدَ وَعَلِمَ الْمُوَلَّى بِهِ قَبْلَ الْقَبُولِ صَحَّ فَإِنَّ قِيَاسَهُ هُنَا الصِّحَّةُ، إلَّا أَنْ يُفَرَّقُ، بِأَنَّ التَّوْلِيَةَ لَمَّا سَبَقَ تَعَلُّقُ الْعِلْمِ بِهَا كَانَتْ كَالْمَعْلُومِ بِخِلَافِهِ هُنَا، وَيَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِالْمُقَارَنَةِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الْغَرَرُ (قَوْلُهُ: لِلضَّرُورَةِ) أَيْ فَلَا يُشْتَرَطُ الْعِلْمُ (قَوْلُهُ: وَكَمَا فِي بَيْعِ الْفُقَّاعِ) .

قَالَ فِي الْقَامُوسِ: الْفُقَّاعُ كَرُمَّانٍ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: عَدَمُ الِاخْتِصَاصِ بِظَنِّ الْمِلْكِ إلَخْ) يَعْنِي عَدَمَ اخْتِصَاصِ هَذَا الْحُكْمِ بِظَنِّ عَدَمِ الْمِلْكِ بَلْ يَجْرِي فِي ظَنِّ فَقْدِ سَائِرِ

[مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ الْعِلْمُ بِهِ]

الشُّرُوطِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْأَغْلَبُ عَدَمَ الْعَوْدِ) أَيْ كَأَنْ كَانَ الْغَاصِبُ غَيْرَ قَوِيِّ الشَّوْكَةِ لَكِنْ يَحْتَاجُ لِلتَّخْلِيصِ مِنْهُ لِمُؤَنِهِ (قَوْلُهُ: وَكَمَا فِي بَيْعِ الْفُقَّاعِ إلَخْ) أَيْ فَالْبَيْعُ مَحْكُومٌ بِصِحَّتِهِ وَاغْتُفِرَ فِيهِ عَدَمُ الْعِلْمِ لِلْمُسَامَحَةِ كَمَا لَا يَخْفَى.

ص: 405

دَابَّةٍ وَكُلِّ مَا الْمَقْصُودُ لُبُّهُ وَلَوْ انْكَسَرَ ذَلِكَ الْكُوزُ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي بِلَا تَقْصِيرٍ كَانَ ضَامِنًا لِقَدْرِ كِفَايَتِهِ مِمَّا فِيهِ؛ لِأَنَّهُ مَقْبُوضٌ بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ دُونَ مَا زَادَ عَلَيْهَا وَدُونَ الْكُوزِ لِكَوْنِهِمَا أَمَانَةً فِي يَدِهِ، فَإِنْ أَخَذَهُ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ ضَمِنَهُ؛ لِأَنَّهُ عَارِيَّةٌ دُونَ مَا فِيهِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُقَابَلٍ بِشَيْءٍ فَهُوَ فِي مَعْنَى الْإِبَاحَةِ وَلَوْ كَانَ لَهُ جُزْءٌ مِنْ دَارٍ يَجْهَلُ قَدْرَهُ فَبَاعَ كُلَّهَا صَحَّ فِي صِحَّتِهِ.

ــ

[حاشية الشبراملسي]

هَذَا الَّذِي يُشْرَبُ سُمِّيَ بِهِ لِمَا يَرْتَفِعُ فِي رَأْسِهِ مِنْ الزَّبَدِ انْتَهَى.

وَهُوَ مَا يُتَّخَذُ مِنْ الزَّبِيبِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مَقْبُوضٌ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ مَعَ قَوْلِهِ وَقَدْ يُغْتَفَرُ الْجَهْلُ فِي أَنَّ مُقْتَضَاهُ صِحَّةُ الْعَقْدِ عَلَى مَا ذَكَرَ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: وَجْهُ الِاغْتِفَارِ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ يُؤْخَذُ فِي الْعَادَةِ بِلَا صِيغَةٍ فَهُوَ مِنْ الْمُعَاطَاةِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَخَذَهُ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ) وَيَأْتِي مِثْلُ هَذَا التَّفْصِيلِ فِي فِنْجَانِ الْقَهْوَةِ وَنَحْوِهِ، فَإِنْ أَخَذَهُ بِلَا عِوَضٍ مِنْ الْمَالِكِ وَلَوْ بِمَأْذُونِهِ ضَمِنَ الظَّرْفَ دُونَ مَا فِيهِ، أَوْ بِعِوَضٍ ضَمِنَ مَا فِيهِ دُونَهُ.

وَمِنْ الْمَأْخُوذِ بِعِوَضٍ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ الْآنَ مِنْ أَمْرِ بَعْضِ الْحَاضِرِينَ لِسَاقِي الْقَهْوَةِ بِدَفْعِهِ لِشَخْصٍ آخَرَ بِلَا عِوَضٍ فَهُوَ غَيْرُ مَضْمُونٍ عَلَى الْآخِذِ، لِأَنَّ مَالِكَهُ إنَّمَا أَبَاحَ الشُّرْبَ مِنْهُ بِعِوَضٍ فَكَانَ كَمَا لَوْ سَلَّمَهُ لَهُ بِالْعِوَضِ.

وَبَقِيَ مَا لَوْ اخْتَلَفَ الدَّافِعُ وَالْآخِذُ فِي الْعِوَضِ وَعَدَمِهِ هَلْ يُصَدَّقُ الْأَوَّلُ أَوْ الثَّانِي؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ تَصْدِيقُ الْآخِذِ؛ لِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ مُوَافِقٌ لِلْغَالِبِ؛ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ ضَمَانِ الظَّرْفِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ تُوجَدْ قَرِينَةٌ بِصِدْقِ الدَّافِعِ كَكَوْنِ الْآخِذِ مِنْ الْفُقَرَاءِ الَّذِينَ جَرَتْ عَادَتُهُمْ بِأَنَّهُمْ لَا يَدْفَعُونَ ثَمَنًا (قَوْلُهُ: صَحَّ فِي حِصَّتِهِ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مَقْبُوضٌ بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ) لَا يُنَاسِبُ مَا صَرَّحَ بِهِ كَلَامُهُ مِنْ الصِّحَّةِ فِيمَا ذَكَرَ كَمَا أَشَرْنَا إلَيْهِ، وَلَعَلَّهُ بَنَى الْكَلَامَ هُنَا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُذْكَرْ بَدَلٌ كَمَا هُوَ الْمُعْتَادُ، وَحِينَئِذٍ فَهُوَ صَرِيحٌ فِيمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي مِنْ أَنَّ الْإِطْلَاقَ يَقْتَضِي الْبَدَلَ لِجَرَيَانِ الْعُرْفِ بِهِ، وَإِنْ أَشَارَ الشِّهَابُ سم فِي حَوَاشِي التُّحْفَةِ إلَى التَّوَقُّفِ فِيهِ، وَوَجْهُ صَرَاحَةِ كَلَامِ الشَّارِحِ فِيمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي أَنَّهُ مَحْمُولٌ كَمَا ذَكَرْنَاهُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَذْكُرْ بَدَلًا لِيَكُونَ فَاسِدًا حَتَّى يُوَافِقَ مَا قَدَّمَهُ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمُرَادَ الْبَدَلُ مِمَّنْ شَرِبَ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ إذَا أَمَرَ السَّقَّاءُ بِإِسْقَائِهِ، وَمِنْهُ الْجُبَّا الْمُتَعَارَفُ فِي الْقَهْوَةِ إذْ مَا هُنَا يُجْرَى فِيهَا حَرْفٌ بِحَرْفٍ، هَذَا كُلُّهُ فِيمَا إذَا انْكَسَرَ الْفِنْجَانُ مَثَلًا مِنْ يَدِ الشَّارِبِ، أَمَّا إذَا انْكَسَرَ مِنْ يَدِ غَيْرِهِ بِأَنْ دَفَعَهُ إلَى آخَرِ فَسَقَطَ مِنْ يَدِهِ فَإِنَّهُمَا يَضْمَنَانِ مُطْلَقًا وَالْقَرَارُ عَلَى مَنْ سَقَطَ مِنْ يَدِهِ.

وَوَجْهُهُ فِي صُورَةِ الْقَرْضِ مَا سَيَأْتِي أَنَّ الْمُسْتَعِيرَ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ إجَارَةً فَاسِدَةً ضَامِنٌ كَغَيْرِهِ وَأَمَّا إذَا انْكَسَرَ مِنْ يَدِ السَّاقِي فَاعْلَمْ أَنَّ السَّاقِيَ عَلَى قِسْمَيْنِ: فَقِسْمٌ يَسْتَأْجِرُهُ صَاحِبُ الْقَهْوَةِ لِيَسْقِيَ عِنْدَهُ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ فَهُوَ أَجِيرٌ لَا يَضْمَنُ مَا تَلِفَ بِيَدِهِ مِنْ الَّذِي اُسْتُؤْجِرَ لَهُ إلَّا بِتَقْصِيرٍ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي فِي الْإِجَارَةِ، وَقِسْمٌ يَشْتَرِي الْقَهْوَةَ لِنَفْسِهِ بِحَسَبِ الِاتِّفَاقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ صَاحِبِ الْقَهْوَةِ مِنْ أَنَّ كُلَّ كَذَا وَكَذَا مِنْ الْفَنَاجِينِ بِكَذَا وَكَذَا مِنْ الدَّرَاهِمِ، فَهَذَا يَجْرِي فِيهِ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ فِي كَلَامِهِ، إذْ الْقَهْوَةُ مَقْبُوضَةٌ لَهُ بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ وَالْفَنَاجِينُ مَقْبُوضَةٌ بِالْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ.

وَبَقِيَ قِسْمٌ ثَالِثٌ حَدَثَ الْآنَ وَهُوَ أَنَّ صَاحِبَ الْقَهْوَةِ يَخْشَى الضَّيَاعَ عَلَى الْفَنَاجِينِ فَيُسَلِّمُ لِلسَّاقِي مِقْدَارًا مَعْلُومًا مِنْ الْفَنَاجِينِ وَيَقْبِضُهُ لَهُ وَيَجْعَلُهُ فِي تَسْلِيمِهِ.

فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ قَهْوَةً يَأْتِي بِفِنْجَانٍ مِنْ تِلْكَ الْفَنَاجِينِ الَّتِي سَلَّمَهَا لَهُ يَأْخُذُ فِيهِ الْقَهْوَةَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْفَنَاجِينَ مَقْبُوضَةٌ لَهُ حِينَئِذٍ بِالْعَارِيَّةِ إذْ لَمْ يَقَعْ بَدَلٌ وَلَا فِي الْعُرْفِ حَتَّى يَكُونَ فِي نَظِيرِ اسْتِعْمَالِهَا، وَإِنَّمَا الْبَدَلُ فِي نَظِيرِ الْقَهْوَةِ لَا غَيْرُ، وَحِينَئِذٍ إذَا تَلِفَ مِنْهُ يَضْمَنُهَا ضَمَانَ الْعَارِيَّةِ وَيَضْمَنُ مَا فِيهَا بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ، هَذَا إذَا تَلِفَتْ فِي يَدِهِ، أَمَّا إذَا تَلِفَتْ فِي يَدِ الشَّارِبِ فَيَأْتِي فِيهِ مَا سَيَأْتِي فِي الْعَارِيَّةِ فِيمَا إذَا تَلِفَ الْمُعَارُ فِي يَدِ مَنْ أَخَذَهُ مِنْ الْمُسْتَعِيرِ هَكَذَا ظَهَرَ لِي فَلْيُتَأَمَّلْ.

ص: 406

كَمَا قَطَعَ بِهِ الْقَفَّالُ وَصَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ وَالرُّويَانِيُّ، وَالْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ صَاحِبِ التَّهْذِيبِ الْبُطْلَانُ، وَقَدْ يَدُلُّ لِلْأَوَّلِ قَوْلُهُمْ لَوْ بَاعَ عَبْدًا ثُمَّ ظَهَرَ اسْتِحْقَاقُ بَعْضِهِ صَحَّ فِي الْبَاقِي، وَلَمْ يَفْصِلُوا بَيْنَ عِلْمِ الْبَائِعِ بِقَدْرِ نَصِيبِهِ وَجَهْلِهِ بِهِ، وَهَلْ لَوْ بَاعَ حِصَّةً فَبَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ حِصَّتِهِ صَحَّ فِي حِصَّتِهِ الَّتِي يَجْهَلُ قَدْرَهَا كَمَا لَوْ بَاعَ الدَّارَ كُلَّهَا، أَوْ يُفَرَّقُ بِأَنَّهُ هُنَا لَمْ يَتَيَقَّنْ حَالَ الْبَيْعِ أَنَّهُ بَاعَ جَمِيعَ حِصَّتِهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ بَاعَ الدَّارَ كُلَّهَا كُلٌّ مُحْتَمَلٌ، لَعَلَّ الثَّانِيَ أَوْجُهُ، وَفِي الْبَحْرِ يَصِحُّ بَيْعُ غَلَّتِهِ مِنْ الْوَقْفِ إذَا عَرَفَهَا وَلَوْ قَبْلَ الْقَبْضِ كَبَيْعِ رِزْقِ الْأَجْنَادِ (فَبَيْعُ) اثْنَيْنِ عَبْدَيْهِمَا لِثَالِثٍ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَالْمَفْهُومُ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ حَجّ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يَدُلُّ لِلْأَوَّلِ) أَيْ الصِّحَّةِ (قَوْلُهُ: وَهَلْ لَوْ بَاعَ حِصَّةً) أَيْ مِنْ دَارٍ وَالْحَالُ أَنَّهُ يَجْهَلُ قَدْرَ حِصَّتِهِ مِنْهَا (قَوْلُهُ: أَوْ يُفَرَّقُ) أَيْ فَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ (قَوْلُهُ: بِأَنْ هُنَا لَمْ يَتَيَقَّنْ إلَخْ) وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَوْ تَيَقَّنَ بَيْعُ الْكُلِّ كَأَنْ عَلِمَ أَنَّ لَهُ دُونَ النِّصْفِ كَانَ كَبَيْعِ الْجَمِيعِ (قَوْلُهُ: وَلَعَلَّ الثَّانِيَ) هُوَ قَوْلُهُ: أَوْ يُفَرَّقُ (قَوْلُهُ: إذَا عَرَفَهَا) أَيْ بِإِفْرَازِهَا لَهُ أَوْ بِعِلْمِهِ بِقَدْرِهَا بِالْجُزْئِيَّةِ بَعْدَ رُؤْيَةِ الْجَمِيعِ لِلْعَاقِدَيْنِ (قَوْلُهُ: كَبَيْعِ رِزْقِ الْأَجْنَادِ) وَعِبَارَةُ الشَّارِحِ فِي بَابِ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَهُ بَيْعُ مَا لَهُ فِي يَدِ غَيْرِهِ أَمَانَةً كَوَدِيعَةٍ مَا نَصُّهُ: وَيَلْحَقُ بِهِ مَا أَفْرَزَهُ السُّلْطَانُ لِجُنْدِيٍّ تَمْلِيكًا كَمَا لَا يَخْفَى فَلَهُ بَعْدَ رُؤْيَتِهِ بَيْعُهُ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ رِفْقًا بِالْجُنْدِيِّ نَصَّ عَلَيْهِ وَمِنْ ثَمَّ مَلَكَهُ بِمُجَرَّدِ الْإِفْرَازِ انْتَهَى.

(قَوْلُهُ: فَبَيْعُ اثْنَيْنِ عَبْدَيْهِمَا إلَخْ) هَذَا كَقَوْلِ الْبَهْجَةِ: لَا أَنَّ بَيْعَ عَبِيدِ جَمْعٍ بِثَمَنٍ أَيْ فَلَا يَصِحُّ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم: قَيَّدَهُ فِي التَّنْبِيهِ بِمَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ كُلٌّ مَا يُقَابِلُ عَبْدَهُ مِنْ الثَّمَنِ، وَمَشَى عَلَيْهِ الْبُلْقِينِيُّ فِي تَدْرِيبِهِ، وَنَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ التَّنْبِيهِ وَأَقَرَّهُ، قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَاحْتَرَزَ بِهِ عَمَّا إذَا عَلِمَ التَّوْزِيعَ قَبْلَ الْعَقْدِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ، وَعَلَيْهِ يَدُلُّ كَلَامُهُمْ وَاسْتَدَلَّ بِفَرْعٍ ذَكَرُوهُ فِي الْوَكَالَةِ قَالَ: وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ احْتَرَزَ عَمَّا إذَا فَصَّلَ الثَّمَنَ مِثْلُ بِعْتُك الْعَبْدَيْنِ بِمِائَةٍ سِتُّونَ لِهَذَا وَأَرْبَعُونَ لِهَذَا فَإِنَّهُ يَصِحُّ، لَكِنْ قَدْ يُقَالُ: لَيْسَ الثَّمَنُ هُنَا وَاحِدًا بَلْ ثَمَنَيْنِ. اهـ شَرْحُ الْعُبَابِ.

أَقُولُ: وَقِيَاسُ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِالْعِلْمِ بِالتَّوَافُقِ قَبْلَ الْعَقْدِ أَنَّهُ لَوْ تَوَافَقَ مَعَهُ عَلَى خَمْسِمِائَةٍ دَرَاهِمَ وَخَمْسِمِائَةٍ دَنَانِيرَ مَثَلًا ثُمَّ قَالَ بِعْتُك بِأَلْفٍ دَرَاهِمَ وَدَنَانِيرَ صَحَّ وَحُمِلَ عَلَى مَا تَوَافَقَا عَلَيْهِ، وَكَذَا نَظَائِرُهُ مِنْ كُلِّ مَا يُشْتَرَطُ الْعِلْمُ بِهِ وَذَكَرَهُ فِي الْعَقْدِ إذَا تَوَافَقَا عَلَيْهِ قَبْلُ، وَهَذَا يَجْرِي فِي أُمُورٍ كَثِيرَةٍ يُقَالُ فِيهَا بِالْبُطْلَانِ عِنْدَ عَدَمِ ذِكْرِهَا فِي الْعَقْدِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَصَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ وَالرُّويَانِيُّ وَالْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ صَاحِبِ التَّهْذِيبِ الْبُطْلَانُ) هَذَا سَاقِطٌ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَإِسْقَاطُهُ هُوَ الصَّوَابُ أَمَّا أَوَّلًا فَلِأَنَّ الْبَغَوِيّ مِمَّنْ يَقُولُ بِالْبُطْلَانِ لَا بِالصِّحَّةِ كَمَا فِي التُّحْفَةِ وَغَيْرِهَا وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ وَالْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ صَاحِبِ التَّهْذِيبِ إذْ صَاحِبُ التَّهْذِيبِ هُوَ الْبَغَوِيّ وَأَمَّا ثَانِيًا فَلِمَا أَشَرْنَا إلَيْهِ مِنْ التَّنَاقُضِ فِي النِّسْبَةِ لِلْبَغَوِيِّ (قَوْلُهُ أَوْ يُفَرَّقُ بِأَنَّهُ هُنَا لَمْ يَتَيَقَّنْ حَالَ الْبَيْعِ أَنَّهُ بَاعَ جَمِيعَ حِصَّتِهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ تَيَقَّنَ ذَلِكَ بِأَنْ عَلِمَ أَنَّ مَا بَاعَهُ يَزِيدُ عَلَى حِصَّتِهِ أَنَّهُ يَصِحُّ وَقَضِيَّتُهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ عَلِمَ أَنَّ مَا بَاعَهُ أَقَلُّ مِنْ حِصَّتِهِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَمْ يَتَيَقَّنْ حَالَ الْبَيْعِ أَنَّهُ بَاعَ جَمِيعَ حِصَّتِهِ كَمَا إذَا كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَمْلِكُ فَوْقَ النِّصْفِ لَكِنَّهُ بَاعَ النِّصْفَ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنْ الْبُعْدِ عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ: إنَّهُ لَا أَثَرَ لِهَذَا الْفَرْقِ فِي الْحُكْمِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَفِي الْبَحْرِ يَصِحُّ بَيْعُ غَلَّتِهِ مِنْ الْوَقْفِ) أَيْ إذَا أُفْرِزَتْ أَوْ عُيِّنَتْ بِالْجُزْئِيَّةِ وَكَانَ قَدْ رَأَى الْجَمِيعَ: أَيْ وَلَا يَمْنَعُ مِنْ صِحَّةِ الْبَيْعِ عَدَمُ قَبْضِهِ إيَّاهَا، لَكِنْ سَيَأْتِي لَهُ فِي بَابِ الْهِبَةِ مَا نَصُّهُ: وَلَوْ تَبَرَّعَ مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الْأُجْرَةِ لِآخَرَ لَمْ يَصِحَّ، لِأَنَّهَا قَبْلَ قَبْضِهَا وَإِمَّا غَيْرُ مَمْلُوكَةٍ أَوْ مَجْهُولَةٍ، فَإِنْ قَبَضَ أَوْ وَكِيلُهُ مِنْهَا شَيْئًا قَبْلَ التَّبَرُّعِ وَعَرَفَ حِصَّتَهُ مِنْهُ وَرَآهُ هُوَ أَوْ وَكِيلُهُ وَأَذِنَ لَهُ فِي قَبْضِهِ وَقَبَضَهُ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا اهـ. وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْهِبَةِ مُلَخَّصٌ مِنْ إفْتَاءِ الْمُحَقِّقِ أَبِي زُرْعَةَ نَقَلَهُ عَنْهُ الْمُنَاوِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ فِي بَابِ الْهِبَةِ مِنْ الْكِتَابِ السَّادِسِ،

ص: 407

بِثَمَنٍ وَاحِدٍ مِنْ غَيْرِ بَيَانِ مَا لِكُلٍّ مِنْهُ وَبَيْعُ (أَحَدِ الثَّوْبَيْنِ) أَوْ الْعَبْدَيْنِ مَثَلًا وَإِنْ اسْتَوَتْ قِيمَتُهُمَا (بَاطِلٌ) كَمَا لَوْ بَاعَ بِأَحَدِهِمَا لِلْجَهْلِ بِعَيْنِ الْمَبِيعِ أَوْ الثَّمَنِ، وَقَدْ تَكُونُ الْإِشَارَةُ وَالْإِضَافَةُ كَافِيَةً عَنْ التَّعْيِينِ كَدَارِي وَلَمْ يَكُنْ لَهُ غَيْرُهَا وَكَهَذِهِ الدَّارُ وَلَوْ غَلِطَ فِي حُدُودِهَا.

(وَيَصِحُّ بَيْعُ صَاعٍ مِنْ صُبْرَةٍ) وَهِيَ الْكَوْمُ مِنْ الطَّعَامِ وَمِثْلُ ذَلِكَ بَيْعُ صَاعٍ مِنْ جَانِبٍ مِنْهَا مُعَيَّنٍ، وَخَرَجَ بِهَا نَحْوُ أَرْضٍ وَثَوْبٍ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (تُعْلَمُ صِيعَانُهَا) لِلْمُتَعَاقِدَيْنِ كَعَشْرَةٍ لِانْتِفَاءِ الْغَرَرِ وَيَنْزِلُ ذَلِكَ عَلَى الْإِشَاعَةِ فَلَوْ تَلِفَ بَعْضُهَا تَلِفَ بِقَدْرِهِ مِنْ الْبَيْعِ (وَكَذَا إنْ جُهِلَتْ) صِيعَانُهَا لَهُمَا يَصِحُّ الْبَيْعُ (فِي الْأَصَحِّ) لِتَسَاوِي أَجْزَائِهَا فَلَا غَرَرَ، وَلِلْمَالِكِ أَنْ يُعْطِيَ مِنْ أَسْفَلِهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَرْئِيًّا إذْ رُؤْيَةُ ظَاهِرِ الصُّبْرَةِ كَرُؤْيَةِ بَاطِنِهَا وَيَنْزِلُ عَلَى صَاعٍ مُبْهَمٍ، حَتَّى لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنْهَا غَيْرُهُ تَعَيَّنَ وَإِنْ صَبَّ عَلَيْهَا مِثْلَهَا أَوْ أَكْثَرَ لِتَعَذُّرِ الْإِشَاعَةِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فَتَنَبَّهْ لَهُ فَإِنَّهُ دَقِيقٌ جِدًّا، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي.

نَعَمْ إنْ كَانَ ثَمَّ عَهْدٌ أَوْ قَرِينَةٌ بِأَنْ اتَّفَقَا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ غَلِطَ فِي حُدُودِهَا) أَيْ إمَّا بِتَغَيُّرِهَا كَجَعْلِ الشَّرْقِيِّ غَرْبِيًّا وَعَكْسِهِ، أَوْ فِي مِقْدَارِ مَا يَنْتَهِي إلَيْهِ الْحَدُّ الشَّرْقِيُّ مَثَلًا لِتَقْصِيرِ الْغَالِطِ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي تَحْرِيرِ مَا حَدَّدَ بِهِ قَبْلُ؛ لِأَنَّ الرُّؤْيَةَ لِلْمَبِيعِ شَرْطٌ قَبْلَ الْعَقْدِ، فَلَوْ رَآهَا وَظَنَّ أَنَّ حُدُودَهَا تَنْتَهِي إلَى مَحَلَّةِ كَذَا فَبَانَ خِلَافُهُ فَالتَّقْصِيرُ مِنْهُ حَيْثُ لَمْ يُمْعِنْ النَّظَرَ فِيمَا يَنْتَهِي إلَيْهِ الْحَدُّ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ اشْتَرَى زُجَاجَةً ظَنَّهَا جَوْهَرَةً فَإِنَّهُ لَا خِيَارَ لَهُ وَإِنْ غَرَّهُ الْبَائِعُ وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلَهُ وَلَوْ غَلِطَ فِي حُدُودِهَا: أَيْ وَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي لِعَدَمِ الْخَلَلِ فِي ذَاتِ الْمَبِيعِ وَبَقِيَ مَا لَوْ أَشَارَ إلَيْهَا وَشَرَطَ أَنَّ مِقْدَارَهَا كَذَا مِنْ الْأَذْرُعِ كَأَنْ قَالَ بِعْتُك وَأَجَّرْتُك هَذِهِ الدَّارَ أَوْ الْأَرْضَ عَلَى أَنَّهَا عِشْرُونَ ذِرَاعًا، وَسَيَأْتِي مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ صِحَّةُ الْعَقْدِ وَثُبُوتُ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي إنْ نَقَصَتْ وَالْبَائِعُ إنْ زَادَتْ فِي قَوْلِهِ وَيَتَخَيَّرُ الْبَائِعُ فِي الزِّيَادَةِ إلَخْ

(قَوْلُهُ: وَهِيَ الْكَوْمُ مِنْ الطَّعَامِ) أَيْ الْبُرُّ وَنَحْوُهُ مِمَّا تَكْفِي رُؤْيَةُ ظَاهِرِهِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْكَوْمَ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَنَحْوِهَا لَا يُسَمَّى صُبْرَةً، وَعِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ: وَالصُّبْرَةُ مِنْ الطَّعَامِ جَمْعُهَا صُبَرٌ مِثْلُ غَرْفَةٍ وَغُرَفٍ، وَعَنْ ابْنِ دُرَيْدٍ: اشْتَرَيْت الشَّيْءَ صُبْرَةً: أَيْ بِلَا كَيْلٍ وَلَا وَزْنٍ اهـ.

وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي عَدَمِ اخْتِصَاصِ الصُّبْرَةِ بِكَوْنِهَا مِنْ الطَّعَامِ، وَيَأْتِي فِي الرِّبَا مَا يُوَافِقُهُ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّارِحِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ بَاعَ جُزَافًا إلَخْ مِمَّا نَصُّهُ: أَوْ صُبْرَةً دَرَاهِمَ بِأُخْرَى مُوَازَنَةً اهـ.

وَقَدْ يُقَالُ: مَا نُقِلَ عَنْ ابْنِ دُرَيْدٍ مَعْنًى آخَرُ لِلصُّبْرَةِ هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ عَدَمِ الْعِلْمِ بِقَدْرِ الْمَبِيعِ فَلَا يُفِيدُ اخْتِصَاصَهَا بِالطَّعَامِ وَلَا عَدَمَهُ (قَوْلُهُ: لَهُمَا) أَيْ أَوْ لِأَحَدِهِمَا حَجّ.

وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ بِأَنَّ الْعَالِمَ مِنْهُمَا بِقَدْرِهَا صِيغَتُهُ مَحْمُولَةٌ عَلَى أَنَّ الْمَبِيعَ جُزْءٌ شَائِعٌ وَصِيغَةُ الْجَاهِلِ مَحْمُولَةٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَيَّ صَاعٍ كَانَ فَلَمْ يَكُنْ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ مَعْلُومًا لَهُمَا فَالْقِيَاسُ الْبُطْلَانُ، وَقَدْ يُؤَيِّدُهُ إسْقَاطُ الشَّارِحِ لَهُ (قَوْلُهُ: أَنْ يُعْطِيَ مِنْ أَسْفَلِهَا) أَيْ فِي صُورَةِ الْجَهْلِ فَقَطْ، بِخِلَافِ صُورَةِ الْعِلْمِ فَإِنَّ الْبَيْعَ فِيهَا يَنْزِلُ عَلَى الْإِشَاعَةِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ صَبَّ عَلَيْهَا) هَلْ يَجْرِي فِي مَعْلُومَةِ الصِّيعَانِ مَعَ الْإِشَاعَةِ فَإِذَا تَلِفَ مِنْ الْجُمْلَةِ تَلِفَ مِنْ الْمَبِيعِ بِقَدْرِهِ يَنْبَغِي نَعَمْ اهـ سم عَلَى حَجّ.

وَبَقِيَ مَا لَوْ كَانَ الْمَبِيعُ صَاعًا مِنْ عَشَرَةٍ وَانْصَبَّ عَلَيْهَا عَشَرَةٌ أُخْرَى مَثَلًا وَتَلِفَ بَعْضُهَا وَبَقِيَتْ الْعَشَرَةُ فَهَلْ يُحْكَمُ بِأَنَّ الْبَاقِيَ شَرِكَةٌ عَلَى الْإِشَاعَةِ وَحُصْرُ التَّالِفِ فِيهَا يَخُصُّ الْبَائِعَ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ انْفِسَاخِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

وَهُوَ لَا يُنَافِي مَا نَقَلَهُ الشَّارِحُ هُنَا عَنْ الْبَحْرِ لِأَنَّ مَا هُنَا فِي الْغَلَّةِ نَحْو الثَّمَرَة وَمَا يَأْتِي فِي الْأُجْرَةِ إذْ هِيَ دَيْنٌ عِنْدَ الْمُسْتَأْجِرِ وَالدَّيْنُ إنَّمَا يُمْلَكُ بِقَبْضٍ صَحِيحٍ (قَوْلُهُ: بَيَانُ مَا لِكُلٍّ) أَيْ مِنْ الْعَبْدَيْنِ أَوْ الْمَالِكَيْنِ، وَقَوْلُهُ مِنْهُ: أَيْ مِنْ الثَّمَنِ

ص: 408

مَعَ الْجَهْلِ، وَيُفَارِقُ بَيْعَ ذِرَاعٍ مِنْ نَحْوِ أَرْضٍ مَجْهُولَةٍ الذُّرْعَانِ وَشَاءَ مِنْ قَطِيعٍ وَبَيْعِ صَاعٍ مِنْهَا بَعْدَ تَفْرِيقِ صِيعَانِهَا وَلَوْ بِالْكَيْلِ بِتَفَاوُتِ أَجْزَاءِ نَحْوِ الْأَرْضِ غَالِبًا وَبِأَنَّهَا بَعْدَ التَّفْرِيقِ صَارَتْ أَعْيَانًا مُتَمَيِّزَةً لَا دَلَالَةَ لِإِحْدَاهَا عَلَى الْأُخْرَى فَصَارَ كَبَيْعِ أَحَدِ الثَّوْبَيْنِ، وَمَحَلُّ الصِّحَّةِ هُنَا حَيْثُ لَمْ يُرِيدَا صَاعًا مُعَيَّنًا مِنْهَا أَوْ لَمْ يَقُلْ مِنْ بَاطِنِهَا أَوْ إلَّا مِنْهَا وَأَحَدُهُمَا يَجْهَلُ كَيْلَهَا لِلْجَهْلِ بِالْمَبِيعِ بِالْكُلِّيَّةِ وَحَيْثُ عَلِمَ بِأَنَّهَا تَفِي بِالْمَبِيعِ، أَمَّا إذَا لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ فَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ لِلشَّكِّ فِي وُجُودِ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ، صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْفَارِقِيُّ وَغَيْرُهُمَا، وَنَظَرَ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ هُنَا بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَقَطْ فَلَا أَثَرَ لِلشَّكِّ فِي ذَلِكَ إذْ لَا تَعَبُّدَ هُنَا، وَلَوْ كَانَتْ الصُّبْرَةُ عَلَى مَوْضِعٍ فِيهِ ارْتِفَاعٌ وَانْخِفَاضٌ فَإِنْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي بِذَلِكَ فَهُوَ كَبَيْعِ الْغَائِبِ؛ لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ يَمْنَعُ الرُّؤْيَةَ عَنْ إفَادَةِ التَّخْمِينِ؛ وَلِأَنَّهُ يَضْعُفُ فِي حَالَةِ الْعِلْمِ، فَإِنْ ظَنَّ الِاسْتِوَاءَ صَحَّ فِي الْأَصَحِّ وَثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ.

قَالَ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ: وَلَوْ كَانَ تَحْتَهَا حُفْرَةٌ صَحَّ الْبَيْعُ وَمَا فِيهَا لِلْبَائِعِ، لَكِنْ رَدَّهُ فِي الْمَطْلَبِ بِأَنَّ الْغَزَالِيَّ وَغَيْرَهُ جَزَمُوا بِالتَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا، لَكِنَّ الْخِيَارَ فِي هَذِهِ لِلْبَائِعِ وَفِي تِلْكَ لِلْمُشْتَرِي وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ.

وَيُكْرَهُ بَيْعُ الصُّبْرَةِ الْمَجْهُولَةِ لِأَنَّهُ يُوقِعُ فِي النَّدَمِ لِتَرَاكُمِ الصُّبْرَةِ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ غَالِبًا إلَّا الْمَذْرُوعَ لِأَنَّهُ لَا تَرَاكُمَ فِيهِ إذْ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ رُؤْيَةِ جَمِيعِهِ لِأَجْلِ صِحَّةِ الْبَيْعِ فَيَقِلُّ الْغَرَرُ، بِخِلَافِ الصُّبْرَةِ فَإِنَّهُ يَكْفِي رُؤْيَةُ أَعْلَاهَا، وَلَوْ قَالَ بِعْتُك نِصْفَهَا وَصَاعًا مِنْ النِّصْفِ الْآخَرِ صَحَّ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ إلَّا صَاعًا مِنْهُ لِضَعْفِ الْحَزْرِ، وَلَوْ قَالَ بِعْتُك كُلَّ صَاعٍ مِنْ نِصْفِهَا بِدِرْهَمٍ وَكُلَّ صَاعٍ مِنْ نِصْفِهَا الْآخَرِ بِدِرْهَمَيْنِ صَحَّ (وَلَوْ بَاعَ بِمَلِيءٍ) أَوْ مِلْءِ (ذَا الْبَيْتِ حِنْطَةً أَوْ بِزِنَةِ) أَوْ زِنَةِ (هَذِهِ الْحَصَاةِ ذَهَبًا أَوْ بِمَا بَاعَ بِهِ فُلَانٌ فَرَسَهُ) وَأَحَدُهُمَا يَجْهَلُ قَدْرَ ذَلِكَ (أَوْ بِأَلْفٍ دَرَاهِمَ وَدَنَانِيرَ لَمْ يَصِحَّ) الْبَيْعُ لِلْجَهْلِ بِأَصْلِ الْمِقْدَارِ فِي غَيْرِ الْأَخِيرَةِ وَبِمِقْدَارِ كُلٍّ مِنْ النَّوْعَيْنِ فِيهَا، وَإِنَّمَا حُمِلَ عَلَى التَّنْصِيفِ فِي نَحْوِ وَالرِّبْحُ بَيْنَنَا وَهَذَا لِزَيْدٍ وَعَمْرٍو؛ لِأَنَّهُ الْمُتَبَادَرُ مِنْهُ ثُمَّ لَا هُنَا، وَلِهَذَا لَوْ عَلِمْنَا قَبْلَ الْعَقْدِ مِقْدَارَ الْبَيْتِ وَالْحَصَاةِ وَثَمَنَ الْفَرَسِ كَانَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: وَيُفَارِقُ بَيْعَ ذَارِعٍ إلَخْ) أَيْ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ (قَوْلُهُ: صَاعًا مُعَيَّنًا) أَيْ وَمُبْهَمًا أَيْضًا وَيُصَوَّرُ ذَلِكَ بِمَا لَوْ اخْتَلَطَتْ وَرَقَةٌ مِنْ شَرْحِ الْمَحَلِّيِّ مَثَلًا بِشَرْحِ الْمَنْهَجِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: وَأَحَدُهُمَا) أَيْ وَالْحَالُ (قَوْلُهُ: وَحَيْثُ عُلِمَ) عَطْفٌ عَلَى حَيْثُ لَمْ يُرِيدَا إلَخْ (قَوْلُهُ: صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَنَظَرَ فِيهِ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: فَلَا أَثَرَ لِلشَّكِّ إلَخْ) قَالَ حَجّ: فَاَلَّذِي يَتَّجِهُ أَنَّهُ مَتَى بَانَ أَكْثَرُ مِنْهَا كَبِعْتُكَ مِنْهَا عَشَرَةً فَبَانَتْ تِسْعَةً بَانَ بُطْلَانُ الْبَيْعِ، وَكَذَا إذَا بَانَا سَوَاءً؛ لِأَنَّهُ خِلَافٌ صَرِيحٌ، مِنْ التَّبْعِيضِيَّةِ بَلْ وَالِابْتِدَائِيَّة (قَوْلُهُ: فَإِنْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي بِذَلِكَ) أَيْ بِالْإِخْبَارِ دُونَ الشَّهَادَةِ، أَمَّا إذَا عَلِمَ بِالْمُشَاهَدَةِ فَيَصِحُّ الْبَيْعُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ تَحْتَهَا حُفْرَةٌ) أَيْ بِالْإِخْبَارِ نَظِيرُ مَا تَقَدَّمَ فِي الدَّكَّةِ (قَوْلُهُ: وَمَا فِيهَا) أَيْ وَيَكُونُ مَا فِيهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: جَزَمُوا بِالتَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا) أَيْ الْحُفْرَةَ وَالدَّكَّةَ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الْخِيَارَ فِي هَذِهِ) أَيْ الْحُفْرَةَ (قَوْلُهُ: وَفِي تِلْكَ) أَيْ مَوْضِعٌ فِيهِ ارْتِفَاعٌ (قَوْلُهُ: وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ) خِلَافًا لحج حَيْثُ أَقَرَّ كَلَامَ الْبَغَوِيّ وَقَالَ: وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْحُفْرَةِ وَالِانْخِفَاضِ وَاضِحٌ

(قَوْلُهُ: إلَّا الْمَذْرُوعَ) الْأَوْلَى لَا الْمَذْرُوعَ (قَوْلُهُ: إلَّا صَاعًا مِنْهُ) أَيْ مِنْ النِّصْفِ الْمَبِيعِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ بِعْتُك كُلُّ صَاعٍ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ يَتَمَيَّزَ كُلٌّ مِنْ نِصْفَيْ الصُّبْرَةِ كَأَنْ يَقُولَ بِعْتُك كُلُّ صَاعٍ مِنْ الشَّرْقِيِّ بِكَذَا وَكُلُّ صَاعٍ مِنْ الْغَرْبِيِّ بِكَذَا، وَعَلَيْهِ فَلَوْ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ فِي الْمَبِيعِ فَهَلْ لَهُ رَدُّ أَحَدِ النِّصْفَيْنِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِتَعَدُّدِ الْعَقْدِ بِتَفْصِيلِ الثَّمَنِ، لَكِنْ يَبْقَى الْكَلَامُ فِيمَا لَوْ اخْتَلَفَ هَلْ الْمَرْدُودُ النِّصْفُ الَّذِي يُقَابَلُ كُلُّ

ــ

[حاشية الرشيدي]

(قَوْلُهُ فَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ لِلشَّكِّ) أَيْ إنْ وَفَّتْ بِالْمَبِيعِ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْعِبْرَةَ هُنَا إلَخْ) أَيْ الصُّورَةُ أَنَّهَا وَفَّتْ بِالْمَبِيعِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ بِعْتُك كُلَّ صَاعٍ مِنْ نِصْفِهَا بِدِرْهَمٍ وَكُلَّ صَاعٍ مِنْ نِصْفِهَا الْآخَرِ بِدِرْهَمَيْنِ صَحَّ) لَعَلَّ الصُّورَةَ أَنَّهُ اشْتَرَى

ص: 409

صَحِيحًا، إنْ قَالَ بِمَا بَاعَ بِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ الْمِثْلَ وَلَا نَوَاهُ؛ لِأَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ مَحْمُولٌ عَلَيْهِ.

نَعَمْ لَوْ انْتَقَلَ ثَمَنُ الْفَرَسِ إلَى الْمُشْتَرِي فَقَالَ لَهُ الْبَائِعُ الْعَالِمُ: بِأَنَّهُ عِنْدَهُ بِعْتُك بِمَا بَاعَ بِهِ فُلَانٌ فَرَسَهُ اتَّجَهَ صِحَّتُهُ وَتَنْزِيلُ الثَّمَنِ عَلَيْهِ فَيَتَعَيَّنُ وَيَمْتَنِعُ إبْدَالُهُ كَمَا أَفَادَهُ الْعَلَّامَةُ الْأَذْرَعِيُّ، وَكَمَا أَنَّ لَفْظَةَ الْمِثْلِ مُقَدَّرَةٌ فِيمَا ذَكَرَ تُقَدَّرُ زِيَادَتُهَا فِي نَحْوِ عَوَّضْتهَا عَنْ نَظِيرِ مِثْلِ صَدَاقِهَا عَلَى كَذَا فَيَصِحُّ عَنْ الصَّدَاقِ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ اُعْتِيدَتْ زِيَادَةُ لَفْظَةِ الْمِثْلِ فِي نَحْوِ ذَلِكَ وَخَرَجَ بِنَحْوِ حِنْطَةٍ وَذَهَبٍ مُنَكَّرًا الْمُشِيرِ إلَى أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ حَيْثُ كَانَ فِي الذِّمَّةِ الْمُعَيَّنُ كَبِعْتُكَ مِلْءَ أَوْ بِمِلْءِ ذَا الْكُوزِ مِنْ هَذِهِ الْحِنْطَةِ أَوْ الذَّهَبِ فَيَصِحُّ، وَإِنْ جَهِلَ قَدْرَهُ لِإِحَاطَةِ التَّخْمِينِ بِرُؤْيَتِهِ مَعَ إمْكَانِ الْأَخْذِ قَبْلَ تَلَفِهِ فَلَا غَرَرَ (وَلَوْ بَاعَ بِنَقْدٍ) دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ وَعَيَّنَ شَيْئًا اتَّبَعَ وَإِنْ عَزَّ، فَإِنْ كَانَ مَعْدُومًا أَصْلًا وَلَوْ مُؤَجَّلًا أَوْ مَعْدُومًا فِي الْبَلَدِ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا إلَى أَجَلٍ لَا يُمْكِنُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

صَاعٍ مِنْهُ بِدِرْهَمٍ أَوْ مِمَّا يُقَابَلُ كُلُّ صَاعٍ مِنْهُ بِدِرْهَمَيْنِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ) هِيَ غَايَةٌ (قَوْلُهُ: فَيَتَعَيَّنُ إلَخْ) وَلَوْ قَصَدَا مِثْلَهُ لِأَنَّهُ صَرِيحٌ فِي عَيْنِ مَا بَاعَ بِهِ وَالصَّرِيحُ لَا يَنْصَرِفُ عَنْ مَعْنَاهُ بِالنِّيَّةِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ عَنْ مَرَّ.

أَقُولُ: قَوْلُ سم وَالصَّرِيحُ إلَخْ قَدْ يَتَوَقَّفُ فِي ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَوْ أَتَى بِصَرِيحِ الْبَيْعِ وَقَالَ أَرَدْت خِلَافَهُ قُبِلَ مِنْهُ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: وَيَمْتَنِعُ إبْدَالُهُ) أَيْ فَلَوْ اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِ الثَّمَنِ بَعْدَ اتِّفَاقِهِمَا عَلَى الْعِلْمِ بِأَصْلِهِ فَيَنْبَغِي التَّحَالُفُ كَمَا لَوْ سَمَّيَا ثَمَنًا وَاخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِهِ بَعْدُ ثُمَّ يَفْسَخَانِهِ هُمَا أَوَأَحَدُهُمَا أَوْ الْحَاكِمُ (قَوْلُهُ: عَنْ نَظِيرٍ مِثْلِ صَدَاقِهَا) إلَخْ عِبَارَةُ حَجّ: عَنْ نَظِيرٍ أَوْ مِثْلٍ اهـ، وَهِيَ أَوْلَى (قَوْلُهُ: فَيَصِحُّ وَإِنْ جَهِلَ قَدْرَهُ إلَخْ) قَدْ يُشْعِرُ قَوْلُهُ: أَوْ بِمِلْءِ ذَا الْكُوزِ مِنْ هَذِهِ الْحِنْطَةِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْكُوزُ وَالْبَيْتُ أَوْ الْبُرُّ غَائِبًا عَنْهُمَا لَمْ يَصِحَّ، وَلَيْسَ مُرَادًا؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى التَّعْيِينِ حَاضِرًا كَانَ أَوْ غَائِبًا عَنْ الْبَلَدِ حَتَّى لَوْ قَالَ بِعْتُك مِلْءَ الْكُوزِ الْفُلَانِيِّ مِنْ الْبُرِّ الْفُلَانِيِّ وَكَانَا غَائِبَيْنِ بِمَسَافَةٍ بَعِيدَةٍ صَحَّ الْعَقْدُ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ وَخَرَجَ بِنَحْوِ إلَخْ فَإِنَّهُ جَعَلَ فِيهِ مُجَرَّدَ التَّعْيِينِ كَافِيًا، لَكِنْ يُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ يُحْتَمَلُ تَلَفُ الْكُوزِ أَوْ الْبُرِّ قَبْلَ الْوُصُولِ إلَى مَحَلِّهِمَا إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْغَرَرَ فِي الْمُعَيَّنِ دُونَ الْغَرَرِ فِيمَا فِي الذِّمَّةِ (قَوْلُهُ: وَعَيَّنَ شَيْئًا اُتُّبِعَ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إبْدَالُهُ بِغَيْرِهِ وَإِنْ سَاوَاهُ فِي الْقِيمَةِ، وَيُوَافِقُهُ مَا فِي سم عَلَى مَنْهَجٍ عِنْدَ قَوْلِهِ فَقَبِلَ بِصَحِيحِهِ لَمْ يَصِحَّ مِمَّا نَصُّهُ مِثْلُهُ مَا لَوْ أَوْجَبَ بِأَلْفٍ مِنْ نَقْدٍ فَقَبِلَ بِأَلْفٍ مِنْ نَقْدٍ آخَرَ مُخَالِفٍ لِلْأَوَّلِ فِي السِّكَّةِ دُونَ الْقِيمَةِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ مَرَّ، لَكِنْ قَدْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا سَيَذْكُرُ عَنْ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: مَا فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ مُصَوَّرٌ بِمَا إذَا اتَّحَدَ النَّقْدُ وَاخْتَلَفَ مِقْدَارُ الْمَضْرُوبِ فَقَطْ، عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ: مَا ذَكَرَهُ سم وَجْهُ الْبُطْلَانِ فِيهِ كَوْنُ الْقَبُولِ لَيْسَ عَلَى وَفْقِ الْإِيجَابِ، وَهُوَ يُفْسِدُ الصِّيغَةَ فَلْيُتَأَمَّلْ.

قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ: فَرْعٌ: وَإِنْ بَاعَ شَخْصٌ شَيْئًا بِدِينَارٍ صَحِيحٍ فَأَعْطَاهُ صَحِيحَيْنِ بِوَزْنِهِ: أَيْ الدِّينَارِ أَوْ عَكْسِهِ: أَيْ بَاعَهُ بِدِينَارَيْنِ صَحِيحَيْنِ فَأَعْطَاهُ دِينَارًا صَحِيحًا بِوَزْنِهِمَا لَزِمَهُ قَبُولُهُ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ لَا يَخْتَلِفُ بِذَلِكَ وَصُورَةُ الْعَكْسِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ فِيهَا فَأَعْطَاهُ دِينَارًا بِوَزْنِهِمَا لَا إنْ أَعْطَاهُ فِي الْأُولَى صَحِيحًا أَكْثَرَ مِنْ دِينَارٍ كَأَنْ يَكُونَ وَزْنُهُ دِينَارًا وَنِصْفًا فَلَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ لِضَرَرِ الشَّرِكَةِ إلَّا بِالتَّرَاضِي فَيَجُوزُ، فَلَوْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا كَسْرَهُ وَامْتَنَعَ الْآخَرُ لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ لِضَرَرِ الْقِسْمَةِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ مَعْدُومًا إلَخْ) قَدْ يُشْكِلُ عَلَى مَا قَدَّمَهُ فِي قَوْلِهِ وَلَا

ــ

[حاشية الرشيدي]

جَمِيعَ الصُّبْرَةِ وَإِلَّا فَأَيُّ نِصْفٍ يَكُونُ الصَّاعُ مِنْهُ بِدِرْهَمٍ أَوْ بِدِرْهَمَيْنِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا لَوْ عُلِمَا إلَخْ) رَاجِعٌ لِلتَّعْلِيلِ الَّذِي عَلَّلَ بِهِ الْمَتْنَ (قَوْلُهُ: الْعَالِمُ بِأَنَّهُ عِنْدَهُ) أَيْ مَعَ كَوْنِهِ رَآهُ الرُّؤْيَةَ الْكَافِيَةَ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ إذْ هُوَ حِينَئِذٍ بَيْعٌ بِمُعَيَّنٍ (قَوْلُهُ: وَعَيَّنَ شَيْئًا) أَيْ وَإِنْ عَزَّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ حَجّ

ص: 410

فِيهِ نَقْلُهُ إلَى الْبَلَدِ بِشَرْطِهِ لَمْ يَصِحَّ، أَوْ إلَى أَجَلٍ يُمْكِنُ فِيهِ النَّقْلُ عَادَةً صَحَّ، وَمِنْهُ مَا فُقِدَ بِمَحَلِّ الْعَقْدِ وَإِنْ كَانَ يُنْقَلُ إلَيْهِ لَكِنْ لِغَيْرِ الْبَيْعِ فَلَا وَإِنْ أَطْلَقَ (وَفِي الْبَلَدِ) أَيْ بَلَدِ الْبَيْعِ سَوَاءٌ أَكَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا مِنْ أَهْلِهَا وَيَعْلَمُ نُقُودَهَا أَوْ لَا عَلَى مُقْتَضَى إطْلَاقِهِمْ (نَقْدٌ غَالِبٌ) مِنْ ذَلِكَ وَغَيْرِ غَالِبٍ (تَعَيَّنَ) الْغَالِبُ وَإِنْ كَانَ مَغْشُوشًا أَوْ نَاقِصَ الْوَزْنِ إذْ الظَّاهِرُ إرَادَتُهُمَا لَهُ، فَإِنْ تَفَاوَتَتْ قِيمَةُ أَنْوَاعِهِ وَرَوَاجُهَا وَجَبَ التَّعْيِينُ، وَذِكْرُهُ النَّقْدَ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ أَوْ الْمُرَادُ مِنْهُ مُطْلَقُ الْعِوَضِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ غَلَبَ بِمَحَلِّ الْبَيْعِ عَرْضٌ كَفُلُوسٍ وَحِنْطَةٍ تَعَيَّنَ وَلَوْ مَعَ جَهْلِ وَزْنِهِ وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْفُلُوسَ لَا تَدْخُلُ فِي النَّقْدِ إلَّا مَجَازًا وَإِنْ أَوْهَمَتْ عِبَارَةُ الشَّارِحِ كَابْنِ الْمُقْرِي أَنَّهَا مِنْهُ، وَيَدْفَعُ الْإِيهَامَ أَنْ يُجْعَلُ قَوْلُهُ أَوْ فُلُوسٍ عَطْفًا عَلَى نَقْدٍ.

قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَمَحَلُّ الْحَمْلِ عَلَى الْفُلُوسِ إذَا سَمَّاهَا، أَمَّا إذَا سَمَّى الدَّرَاهِمَ فَلَا وَإِنْ رَاجَتْ؛ لِأَنَّ الْإِطْلَاقَ يَنْصَرِفُ إلَى الْفِضَّةِ.

نَعَمْ الْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِإِنْصَافٍ رَجَعَ فِي ذَلِكَ لِلْمُقِرِّ أَوْ بَاعَ بِهَا وَاخْتَلَفَتْ قِيمَتُهَا وَجَبَ الْبَيَانُ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ أَوْ اتَّفَقَتْ وَاخْتَلَفَا فِيمَا وَقَعَ الْعَقْدُ بِهِ تَحَالَفَا، وَلَا يُعَارِضُ ذَلِكَ مَا لَوْ قَالَ بِعْتُك بِمِائَةِ دِرْهَمٍ مِنْ صَرْفِ عِشْرِينَ بِدِينَارٍ حَيْثُ لَمْ يَصِحَّ لِلْجَهْلِ بِنَوْعِ الدَّرَاهِمِ وَإِنَّمَا عَرَّفَهَا بِالتَّقْوِيمِ وَهُوَ غَيْرُ مُنْضَبِطٍ وَلِهَذَا صَحَّ بِمِائَةٍ دَرَاهِمَ مِنْ دَرَاهِمِ الْبَلَدِ الَّتِي قِيمَةُ عِشْرِينَ مِنْهَا دِينَارٌ لِأَنَّهَا مُعَيَّنَةٌ حِينَئِذٍ، وَلَا تَصْرِيحُهُمْ فِي الْكِتَابَةِ الَّتِي بِدَرَاهِمَ أَنَّ السَّيِّدَ لَوْ وَضَعَ عَنْهُ دِينَارَيْنِ ثُمَّ قَالَ أَرَدْت مَا يُقَابِلُهُمَا مِنْ الدَّرَاهِمِ صَحَّ وَلَوْ جَهِلَاهُ، وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي سَائِرِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

تُرَدُّ صِحَّتُهُ فِي نَقْدٍ يَعِزُّ وُجُودُهُ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّهُ مِنْ الْعِزَّةِ يُمْكِنُ تَحْصِيلُهُ بِخِلَافِ الْمَعْدُومِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَصِحَّ) لِلْعَجْزِ عَنْ تَسْلِيمِهِ وَقْتَ وُجُوبِ التَّسْلِيمِ (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ) أَيْ فِي الصِّحَّةِ (قَوْلُهُ: بِمَحَلِّ الْعَقْدِ) أَيْ وَاعْتِيدَ نَقْلُهُ لِلْبَيْعِ مِنْ غَيْرِهَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ) قَسِيمُ قَوْلِهِ أَوْ مُؤَجَّلًا إلَخْ (قَوْلُهُ: لِغَيْرِ الْبَيْعِ فَلَا) يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا لَوْ اُعْتِيدَ نَقْلُهُ لِلْهَدِيَّةِ وَكَانَ الْمُهْدَى إلَيْهِ يَبِيعُهُ عَادَةً فَيَصِحُّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَطْلَقَ) قَسِيمُ قَوْلِهِ وَعَيَّنَ شَيْئًا اُتُّبِعَ (قَوْلُهُ: وَغَيْرِ غَالِبٍ تَعَيَّنَ) هُوَ شَامِلٌ لِمَا إذَا كَانَ الْغَالِبُ مَثَلًا النِّصْفَ مِنْ هَذَا وَالنِّصْفَ مِنْ هَذَا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: إذْ الظَّاهِرُ) هَذِهِ الْعِلَّةُ لَا تَتَأَتَّى فِي قَوْلِهِ أَوْ لَا.

(قَوْلُهُ: إرَادَتُهُمَا لَهُ) أَيْ وَلَا خِيَارَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: وَرَوَاجُهَا) أَيْ أَوْ رَوَاجُهَا (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ كَفُلُوسٍ تَمْثِيلًا لِلْعَرْضِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَوْهَمَتْ) إنَّمَا قَالَ أَوْهَمَتْ لِإِمْكَانِ عَطْفِ الْفُلُوسِ عَلَى قَوْلِهِ نَقْدٍ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَيَدْفَعُ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْإِطْلَاقَ) يَنْبَغِي تَخْصِيصُ ذَلِكَ بِمَا إذَا لَمْ يَحْدُثْ عُرْفٌ بِاسْتِعْمَالِ الدَّرَاهِمِ فِي غَيْرِ الْفِضَّةِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي حَجّ مَا يُصَرِّحُ بِهِ حَيْثُ قَالَ: بَلْ لَوْ اطَّرَدَ عُرْفُهُمْ بِالتَّعْبِيرِ بِالدِّينَارِ وَالْأَشْرَفِيِّ الْمَوْضُوعَيْنِ أَصَالَةً لِلذَّهَبِ كَمَا هُوَ الْمَنْقُولُ فِي الْأَوَّلِ، وَقَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ فِي الثَّانِي عَنْ عَدَدٍ مَعْلُومٍ مِنْ الْفِضَّةِ مَثَلًا بِحَيْثُ لَا يُطْلِقُونَهُ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ انْصَرَفَ لِذَلِكَ الْعَدَدِ عَلَى الْأَوْجَهِ كَمَا اقْتَضَاهُ تَعْلِيلُهُمْ بِأَنَّ الظَّاهِرَ إرَادَتُهُمَا لِلْغَالِبِ وَلَوْ نَاقِصًا (قَوْلُهُ: أَوْ بَاعَ بِهَا) أَيْ بِأَنْصَافٍ (قَوْلُهُ: وَلَا يُعَارِضُ ذَلِكَ) قَدْ يُقَالُ لَا مُعَارِضَةَ مِنْهُ أَصْلًا لِأَنَّ مَسْأَلَةَ التَّحَالُفِ مَفْرُوضَةٌ فِيمَا لَوْ عَيَّنَا نَوْعًا وَاخْتَلَفَا بَعْدَ الْعَقْدِ فِيهِ أَهُوَ مِنْ الْفُلُوسِ مَثَلًا أَوْ الْفِضَّةِ، فَالِاخْتِلَافُ بَعْدَ صِحَّةِ الْعَقْدِ وَفِيمَا لَوْ قَالَ وَزْنُ كُلِّ عِشْرِينَ بِدِينَارٍ لَمْ يَقَعْ تَعْيِينٌ لِشَيْءٍ لَا لَفْظًا وَلَا غَيْرَهُ، وَقَدْ يُقَالُ هُوَ اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ وَفِي الْبَلَدِ نَقْدٌ غَالِبٌ تَعَيَّنَ إنْ أَخَّرَ مَا فِي الشَّرْحِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ جَهِلَاهُ) اُنْظُرْهُ مَعَ أَنَّهُ إبْرَاءٌ اهـ سم عَلَى حَجّ.

وَلَعَلَّهُمْ تَسَامَحُوا فِي ذَلِكَ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْعِتْقِ، لَكِنَّ هَذَا لَا يَدْفَعُ الْإِشْكَالَ بِالنِّسْبَةِ لِقَوْلِهِ وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي سَائِرِ الدُّيُونِ إلَخْ، فَالْأَوْلَى

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ بِشَرْطِهِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ يُنْقَلُ لِلْبَيْعِ (قَوْلُهُ: عَادَةً) أَيْ بِأَنْ كَانَ يُنْقَلُ لِلْبَيْعِ (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمَعْدُومِ خِلَافًا لِمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ، وَلِهَذَا قَالَ بَعْدَهُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ: فَلَا يَصِحُّ، عَلَى أَنَّ هَذَا لَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَ مَا قَبْلَهُ مِنْ قَوْلِهِ وَإِنْ كَانَ يُنْقَلُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَا يُعَارِضُ ذَلِكَ) رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ وَالْمُرَادُ مُطْلَقُ الْعِوَضِ لِأَنَّهُ لَوْ غَلَبَ إلَخْ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ التُّحْفَةِ

ص: 411

الدُّيُونِ إذْ الْحَطُّ تَبَرُّعٌ مَحْضٌ لَا مُعَاوَضَةَ فِيهِ فَاعْتُبِرَ نِيَّةُ الدَّائِنِ فِيهِ، وَلَوْ بَاعَ بِوَزْنِ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ مِنْ فِضَّةٍ وَلَمْ يُبَيِّنْ أَهِيَ مَضْرُوبَةٌ أَمْ تِبْرٌ لَمْ يَصِحَّ لِتَرَدُّدِهِ وَلَوْ بَاعَهُ بِالدَّرَاهِمِ فَهَلْ يَصِحُّ وَيُحْمَلُ عَلَى ثَلَاثَةٍ، أَوْ يَبْطُلُ وَجْهَانِ فِي الْجَوَاهِرِ، وَجَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ بِالْبُطْلَانِ لَكِنَّهُ عَبَّرَ بِدَرَاهِمَ وَلَا فَرْقَ، بَلْ الْبُطْلَانُ مَعَ التَّعْرِيفِ أَوْلَى؛ لِأَنَّ أَلْ فِيهِ إنْ جُعِلَتْ لِلْجِنْسِ أَوْ لِلِاسْتِغْرَاقِ زَادَ الْإِيهَامُ أَوْ لِلْعَهْدِ فَلَا عَهْدَ هُنَا.

نَعَمْ إنْ كَانَ ثَمَّ عَهْدٌ أَوْ قَرِينَةٌ بِأَنْ اتَّفَقَا عَلَى ثَلَاثَةٍ مَثَلًا، ثُمَّ قَالَ: بِعْتُك بِالدَّرَاهِمِ وَأَرَادَ الْمَعْهُودَةَ احْتَمَلَ الْقَوْلَ بِالصِّحَّةِ (أَوْ) فِي الْبَلَدِ (نَقْدَانِ) فَأَكْثَرَ أَوْ عَرْضَانِ كَذَلِكَ (وَلَمْ يُغَلِّبْ أَحَدُهُمَا) وَتَفَاوَتَا قِيمَةً أَوْ رَوَاجًا (اُشْتُرِطَ التَّعْيِينُ) لِأَحَدِهِمَا لَفْظًا لَا نِيَّةً فَلَا تَكْفِي بِخِلَافِ نَظِيرِهِ مِنْ الْخُلْعِ؛ لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِيهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ هُنَا، وَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِ الِاكْتِفَاءُ بِنِيَّةِ الزَّوْجَةِ فِي النِّكَاحِ كَمَا يَأْتِي؛ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ تَمَّ ضَرْبٌ مِنْ الْمَنْفَعَةِ وَهُنَا ذَاتُ الْعِوَضِ فَاغْتُفِرَ ثُمَّ مَا لَمْ يُغْتَفَرْ هُنَا وَإِنْ كَانَ النِّكَاحُ مَبْنَاهُ عَلَى الِاحْتِيَاطِ وَالتَّعَبُّدِ أَكْثَرُ مِنْ غَيْرِهِ، فَإِنْ اتَّفَقَتْ النُّقُودُ وَنَحْوُهَا وَلَوْ صِحَاحًا وَمُكَسَّرَةً بِأَنْ لَمْ تَتَفَاوَتْ قِيمَةً وَغَلَبَةً صَحَّ الْعَقْدُ بِهَا مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ وَيُسَلِّمُ الْمُشْتَرِي مَا شَاءَ مِنْهَا، وَلَوْ أَبْطَلَ السُّلْطَانُ مَا بَاعَ بِهِ أَوْ أَقْرَضَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَيْرُهُ بِحَالٍ نَقَصَ سِعْرُهُ أَمْ زَادَ أَمْ عَزَّ وُجُودُهُ، فَإِنْ فُقِدَ وَلَهُ مِثْلٌ وَجَبَ وَإِلَّا فَقِيمَتُهُ وَقْتَ الْمُطَالَبَةِ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ قَدْ عَمَّتْ بِهَا الْبَلْوَى فِي زَمَنِنَا فِي الدِّيَارِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْجَوَابُ بِأَنَّهُمْ لَمْ يُبَالُوا بِالْجَهْلِ بِهِ لِإِمْكَانِ مَعْرِفَتِهِ بِالتَّقْوِيمِ بَعْدُ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ بَاعَ الْمُشْتَرِكُ بَعْدَ إذْنِ شَرِيكِهِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ قَدْرَ حِصَّتِهِ مِنْهُ حَيْثُ صَحَّ الْبَيْعُ مَعَ الْعِلْمِ بِعَدَمِ مَعْرِفَةِ مَا يَخُصُّهُ حَالَ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: دَرَاهِمَ مِنْ فِضَّةٍ) بَيَانٌ لِمَا بَاعَ بِهِ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ بَاعَهُ بِفِضَّةٍ وَزْنُهَا عَشَرَةُ دَرَاهِمَ (قَوْلُهُ: احْتَمَلَ الْقَوْلَ بِالصِّحَّةِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: أَوْ عَرَضَانِ كَذَلِكَ) أَيْ فَأَكْثَرَ (قَوْلُهُ: اُشْتُرِطَ التَّعْيِينُ) وَمِثْلُهُ مَا لَوْ تَبَايَعَ بِطَرَفَيْ بَلَدَيْنِ وَاخْتَلَفَ نَقْدُهُمَا فَلَا بُدَّ مِنْ التَّعْيِينِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِبَلَدِ الْمُبْتَدِئِ مِنْ الْعَاقِدَيْنِ.

[فَرْعٌ] لَوْ قَالَ بِعْتُك بِقِرْشٍ اُشْتُرِطَ تَعْيِينُ الْمُرَادِ مِنْهُ فِي الْعَقْدِ؛ لِأَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى الرِّيَالِ وَعَلَى الْكَلْبِ وَنَحْوِهِمَا مَا لَمْ يَغْلِبْ اسْتِعْمَالُهُ فِي نَوْعٍ مَخْصُوصٍ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ (قَوْلُهُ: فَلَا تَكْفِي) أَيْ النِّيَّةُ وَهُوَ شَامِلٌ لِمَا لَوْ اتَّفَقَا عَلَى أَحَدِ النَّقْدَيْنِ قَبْلَ الْعَقْدِ ثُمَّ نَوَيَاهُ عِنْدَهُ فَلَا يُكْتَفَى بِهِ، لَكِنْ فِي السَّلَمِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيُشْتَرَطُ ذِكْرُهَا: أَيْ الصِّفَاتِ فِي الْعَقْدِ مَا نَصُّهُ: ثُمَّ لَوْ تَوَافَقَا قَبْلَ الْعَقْدِ وَقَالَا أَرَدْنَا فِي حَالَةِ الْعَقْدِ مَا كُنَّا اتَّفَقْنَا عَلَيْهِ صَحَّ عَلَى مَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَهُوَ نَظِيرُ مَنْ لَهُ بَنَاتٌ وَقَالَ لِآخَرَ زَوَّجْتُك بِنْتِي وَنَوَيَا مُعَيَّنَةً لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ يُخَالِفُهُ اهـ.

وَقِيَاسُهُ أَنْ يُقَالَ هُنَا كَذَلِكَ فَلْيُتَأَمَّلْ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الصِّفَاتِ لَمَّا كَانَتْ تَابِعَةً اُكْتُفِيَ فِيهَا بِالنِّيَّةِ عَلَى مَا ذَكَرَ ثُمَّ بِخِلَافِ الثَّمَنِ هُنَا فَإِنَّهُ نَفْسُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَلَمْ يُكْتَفَى بِنِيَّتِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِيهِ) أَيْ فِي الْخُلْعِ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ) أَيْ فَإِنْ عَيَّنَ شَيْئًا اُتُّبِعَ كَمَا مَرَّ فَلَيْسَ لَهُ دَفْعُ غَيْرِهِ وَلَوْ أَعْلَى قِيمَةً مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَيُسَلِّمُ الْمُشْتَرِي مَا شَاءَ مِنْهَا) أَيْ حَيْثُ لَمْ يُعَيِّنْ الْبَائِعُ أَحَدَهَا وَإِلَّا وَجَبَ مَا عَيَّنَهُ وَلَا يَقُومُ غَيْرُهُ مَقَامَهُ وَإِنْ اتَّحِدَا رَوَاجًا وَقِيمَةً أَخْذًا مِمَّا مَرَّ لسم عَنْ الشَّارِحِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قِيلَ بِغَيْرِ الْمُعَيَّنِ مَعَ اخْتِلَافِهَا سِكَّةً لَا قِيمَةً لَمْ يَصِحَّ، وَمِمَّا مَرَّ لِلشَّارِحِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ عَيَّنَ نَقْدًا اُتُّبِعَ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ، لَكِنْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الرَّوْضِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ بَاعَ بِدِينَارٍ صَحِيحٍ وَدَفَعَ دِينَارَيْنِ صَغِيرَيْنِ بِوَزْنِهِ وَجَبَ قَبُولُهُمَا، إلَّا أَنْ يُقَالَ: مَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُ مِنْ أَنَّهُ إذَا قَبِلَ بِمُعَيَّنٍ وَجَبَ أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى قَبُولِ غَيْرِ مَا عَيَّنَهُ مِمَّا خَالَفَهُ فِي السِّكَّةِ أَوْ الْقِيمَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَبْطَلَ السُّلْطَانُ مَا بَاعَ بِهِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْبَيْعُ بِمُعَيَّنٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ أَوْ فِي الذِّمَّةِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَقِيمَتُهُ وَقْتَ الْمُطَالَبَةِ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: مِنْ فِضَّةٍ) مُتَعَلِّقٌ بِبَاعَ (قَوْلُهُ: بِنِيَّةِ الزَّوْجَةِ) أَيْ كَأَنْ قَالَ زَوَّجْتُك بِنْتِي وَلَهُ بَنَاتٌ وَقَصَدَا مُعَيَّنَةً (قَوْلُهُ: وَلَهُ مِثْلٌ) لَعَلَّ صُورَتَهُ كَمَا إذَا كَانَ الرِّيَالُ مَثَلًا أَنْوَاعًا وَأُبْطِلَ نَوْعٌ مِنْهَا

ص: 412

الْمِصْرِيَّةِ فِي الْفُلُوسِ، وَيَجُوزُ التَّعَامُلُ بِالْمَغْشُوشَةِ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ وَإِنْ جُهِلَ قَدْرُ غِشِّهَا سَوَاءٌ أَكَانَتْ لَهُ قِيمَةٌ لَوْ انْفَرَدَ أَمْ لَا اسْتَهْلَكَ فِيهَا أَمْ لَا، وَلَوْ فِي الذِّمَّةِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ رَوَاجُهَا فَتَكُونُ كَبَعْضِ الْمَعَاجِينِ الْمَجْهُولَةِ الْأَجْزَاءِ أَوْ مَقَادِيرِهَا وَإِنَّمَا لَمْ يَصِحَّ بَيْعُ تُرَابِ الْمَعْدِنِ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ النَّقْدُ وَهُوَ مَجْهُولٌ، وَمِثْلُ ذَلِكَ فِي انْتِفَاءِ الصِّحَّةِ بَيْعُ لَبَنٍ خُلِطَ بِمَاءٍ، وَنَحْوُ مِسْكٍ خُلِطَ بِغَيْرِهِ لِغَيْرِ تَرْكِيبٍ.

نَعَمْ بَحَثَ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ أَنَّ الْمَاءَ لَوْ قُصِدَ خَلْطُهُ بِاللَّبَنِ لِنَحْوِ حُمُوضَتِهِ وَكَانَ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ صَحَّ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَخَلْطِ غَيْرِ الْمِسْكِ بِهِ لِلتَّرْكِيبِ، وَمَتَى جَازَتْ الْمُعَامَلَةُ بِهَا وَضُمِنَتْ بِمُعَامَلَةٍ أَوْ إتْلَافٍ فَالْوَاجِبُ مِثْلُهَا إذْ هِيَ مِثْلِيَّةٌ لَا قِيمَتُهَا إلَّا إنْ فُقِدَ الْمِثْلُ فَتَجِبُ قِيمَتُهَا، وَحَيْثُ وَجَبَتْ الْقِيمَةُ أُخِذَتْ قِيمَةُ الدَّرَاهِمِ ذَهَبًا وَعَكْسُهُ.

(وَيَصِحُّ بَيْعُ الصُّبْرَةِ) مِنْ أَيِّ نَوْعٍ كَانَتْ (الْمَجْهُولَةِ الصِّيعَانِ) لِلْمُتَعَاقِدَيْنِ وَالْقَطِيعِ الْمَجْهُولِ الْعَدَدِ وَالْأَرْضِ أَوْ الثَّوْبِ الْمَجْهُولِ الذَّرْعِ (كُلَّ) بِالنَّصْبِ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ وَيَصِحُّ جُزْءُ أَيْضًا (صَاعٍ) أَوْ رَأْسٌ أَوْ ذِرَاعٌ (بِدِرْهَمٍ) لِأَنَّ الْمَبِيعَ مُشَاهَدٌ وَلَا يَضُرُّ الْجَهْلُ بِجُمْلَةِ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ بِالتَّفْصِيلِ وَالْغَرَرُ مُرْتَفِعٌ بِهِ كَمَا إذَا بَاعَ بِثَمَنٍ مُعَيَّنٍ جُزَافًا وَفَارَقَ عَدَمَ الصِّحَّةِ فِيمَا لَوْ بَاعَ ثَوْبًا بِمَا رُقِّمَ: أَيْ كُتِبَ عَلَيْهَا مِنْ الدَّرَاهِمِ الْمَجْهُولَةِ الْقَدْرِ بِأَنَّ الْغَرَرَ مُنْتَفٍ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّ مَا قَابَلَ كُلَّ صَاعٍ مَعْلُومُ الْقَدْرِ حِينَئِذٍ بِخِلَافِهِ فِي تِلْكَ، وَلَوْ قَالَ بِعْتُك صَاعًا مِنْهَا بِدِرْهَمٍ وَمَا زَادَ بِحِسَابِهِ صَحَّ فِي صَاعٍ فَقَطْ إذْ هُوَ الْمَعْلُومُ، أَوْ بِعْتُكهَا وَهِيَ عَشَرَةُ آصُعٍ كُلُّ صَاعٍ بِدِرْهَمٍ، وَمَا زَادَ بِحِسَابِهِ صَحَّ فِي الْعَشَرَةِ فَقَطْ لِمَا مَرَّ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ فِيهِمَا: عَلَى أَنَّ مَا زَادَ بِحِسَابِهِ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهُ شَرْطُ عَقْدٍ فِي عَقْدٍ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَوْ خَرَجَ بَعْضُ صَاعٍ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَيْ حَيْثُ أَمْكَنَ تَقْوِيمُهُ وَإِلَّا اُعْتُبِرَتْ قِيمَتُهُ فِي آخِرِ أَوْقَاتِ وُجُودِهِ فِيمَا يَظْهَرُ وَيُرْجَعُ لِلْغَارِمِ فِي بَيَانِ الْقَدْرِ حَيْثُ لَاقَ بِهِ عَادَةً إنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَنْ يَعْرِفُهُ؛ لِأَنَّهُ غَارِمٌ (قَوْلُهُ: أَخْذًا مِمَّا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ تَعَيَّنَ الْغَالِبُ وَإِنْ كَانَ مَغْشُوشًا (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ أَكَانَتْ لَهُ قِيمَةٌ) أَيْ الْغِشِّ (قَوْلُهُ: وَكَانَ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ صَحَّ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَمَتَى جَازَتْ الْمُعَامَلَةُ بِهَا) أَيْ بِالْمَغْشُوشَةِ (قَوْلُهُ: فَالْوَاجِبُ مِثْلُهَا) أَيْ صُورَةً فَالْفِضَّةُ الْعَدَدِيَّةُ تُضْمَنُ بِعَدَدِهَا مِنْ الْفِضَّةِ، وَلَا يَكْفِي مَا يُسَاوِيهَا قِيمَةً مِنْ الْقُرُوشِ إلَّا بِالتَّعْوِيضِ إنْ وُجِدَتْ شُرُوطُهُ، وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِي عَكْسِهِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْكَلَامَ فِي غَيْرِ الْفِضَّةِ الْمَقْصُوصَةِ أَمَّا هِيَ فَلَا يَجُوزُ الْبَيْعُ بِهَا فِي الذِّمَّةِ وَلَوْ بِالْوَزْنِ لِتَفَاوُتِهَا فِي الْقَصِّ وَاخْتِلَافِ قِيمَتِهَا.

وَأَمَّا الْبَيْعُ بِالْمُعَيَّنِ مِنْهَا فَلَا مَانِعَ مِنْهُ إذَا عُرِفَ كُلُّ نِصْفٍ مِنْهَا عَلَى حِدَتِهِ لِاخْتِلَافِ الْقَصِّ أَخْذًا مِنْ بَيْعِ الْوَرَقِ الْأَبْيَضِ الْآتِي (قَوْلُهُ: أُخِذَتْ قِيمَةُ الدَّرَاهِمِ ذَهَبًا) أَيْ حَذَرًا مِنْ الْوُقُوعِ فِي الرِّبَا فَإِنَّهُ لَوْ أَخَذَ بَدَلَ الدَّرَاهِمِ الْمَغْشُوشَةِ فِضَّةً خَالِصَةً كَانَ مِنْ قَاعِدَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ وَدِرْهَمٍ الْآتِيَةِ وَهِيَ بَاطِلَةٌ (قَوْلُهُ: وَعَكْسُهُ) أَيْ قِيمَةُ الذَّهَبِ دَرَاهِمَ

(قَوْلُهُ: مِنْ أَيِّ نَوْعٍ كَانَتْ) أَيْ مِنْ أَنْوَاعِ الطَّعَامِ (قَوْلُهُ: كُلَّ بِالنَّصْبِ) لَعَلَّهُ عَلَى الْحَالِ كَبِعْهُ مُدًّا بِكَذَا، أَوْ عَلَى بَدَلِ الْمُفَصَّلِ مِنْ الْمُجْمَلِ، وَكَوْنُ الْمُبْدَلِ عَلَى نِيَّةِ تَكْرَارِ الْعَامِلِ لَا يُنَافِي كَوْنَ الْكَلَامِ وَاحِدًا وَالصِّيغَةُ وَاحِدَةً وَلَعَلَّ هَذَا أَقْرَبُ تَأَمُّلٍ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: الْمَجْهُولَةِ الْقَدْرِ) أَيْ لِلْعَاقِدَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا (قَوْلُهُ: وَهِيَ عَشَرَةُ آصُعٍ إلَخْ) مِنْ جُمْلَةِ الصِّيغَةِ (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ إذْ هُوَ الْمَعْلُومُ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ إلَخْ) مُتَّصِلٌ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ كُلُّ صَاعٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَوْ خَرَجَ بَعْضُ صَاعٍ إلَخْ) يَتَبَادَرُ مِنْ ذَلِكَ تَصْوِيرُ الْمَسْأَلَةِ بِمَا إذَا خَرَجَتْ صِيعَانًا وَبَعْضَ صَاعٍ، فَلَوْ خَرَجَتْ بَعْضَ صَاعٍ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: مِنْ أَيِّ نَوْعٍ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَنْوَاعِ الطَّعَامِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَمْ يُجْعَلْ قَسِيمَ ذَلِكَ إلَّا الْقَطِيعُ وَالْأَرْضُ وَالثَّوْبُ فَمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ أَيِّ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الطَّعَامِ نَظَرَ فِيهِ إلَى مُجَرَّدِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ مِنْ أَنَّ الصُّبْرَةَ هِيَ الْكَوْمُ مِنْ الطَّعَامِ.

وَلَا يَخْفَى أَنَّا لَوْ أَرَدْنَاهُ لَمْ يَكُنْ لِهَذَا الْبَيَانِ مِنْ الشَّارِحِ كَبِيرُ فَائِدَةٍ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَوْ خَرَجَ بَعْضُ صَاعٍ) أَيْ فِي صُورَةِ الْمَتْنِ

ص: 413

صَحَّ الْبَيْعُ فِيهِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الدَّرَاهِمِ (وَلَوْ بَاعَهَا) أَيْ قَابَلَ جُمْلَةَ الصُّبْرَةِ أَوْ نَحْوَهَا كَأَرْضٍ وَثَوْبٍ بِجُمْلَةِ الثَّمَنِ وَبَعْضَهَا بِتَفْصِيلِهِ (بِمِائَةِ دِرْهَمٍ كُلُّ صَاعٍ) أَوْ رَأْسٍ أَوْ ذِرَاعٍ (بِدِرْهَمٍ صَحَّ) الْبَيْعُ (إنْ خَرَجَتْ مِائَةً) لِمُوَافَقَةِ الْجُمْلَةِ وَالتَّفْصِيلِ فَلَا غَرَرَ.

(وَإِلَّا) أَيْ لَمْ تَخْرُجْ مِائَةً بِأَنْ خَرَجَتْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ (فَلَا) يَصِحُّ الْبَيْعُ (عَلَى الصَّحِيحِ) لِتَعَذُّرِ الْجَمْعِ بَيْنَ جُمْلَةِ الثَّمَنِ وَتَفْصِيلِهِ، وَالثَّانِي يَصِحُّ تَغْلِيبًا لِلْإِشَارَةِ، وَلَا يُرَدُّ عَلَى الْأَوَّلِ مَا لَوْ بَاعَ صُبْرَةَ بُرٍّ بِصُبْرَةِ شَعِيرٍ مُكَايَلَةً فَإِنَّ الْبَيْعَ صَحِيحٌ وَإِنْ زَادَتْ إحْدَاهُمَا، ثُمَّ إنْ تَوَافَقَا فَذَاكَ وَإِلَّا فُسِخَ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ هُنَا عُيِّنَتْ كَمِيَّتُهُ، فَإِذَا اخْتَلَّ عَنْهَا صَارَ مُبْهَمًا بِخِلَافِهِ ثُمَّ؛ وَلِأَنَّ مُكَايَلَةَ وَقَعَ مُخَصَّصًا لِمَا قَبْلَهُ وَمُبِينًا أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ إلَّا كَيْلًا فِي مُقَابَلَةِ كَيْلٍ وَهَذَا لَا يُنَافِيهِ الصِّحَّةُ مَعَ زِيَادَةِ إحْدَاهُمَا، بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّ الزِّيَادَةَ أَوْ النَّقْصَ تُلْغِي قَوْلَهُ بِمِائَةٍ أَوْ كُلَّ صَاعٍ بِدِرْهَمٍ فَأَبْطَلَ، وَيَتَخَيَّرُ الْبَائِعُ فِي الزِّيَادَةِ وَالْمُشْتَرِي فِي النَّقْصِ أَيْضًا فِي بِعْتُك هَذَا عَلَى أَنَّ قَدْرَهُ كَذَا فَزَادَ أَوْ نَقَصَ وَالْمُشْتَرِي فَقَطْ إنْ زَادَ الْبَائِعُ قَوْلُهُ فَإِنْ نَقَصَ فَعَلَيَّ وَإِنْ زَادَ فَلَكَ وَإِنَّمَا لَمْ يَتَخَيَّرْ الْبَائِعُ هُنَا فِي الزِّيَادَةِ لِدُخُولِهَا فِي الْمَبِيعِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا مَرَّ فِي عَلَى أَنَّ لِي نِصْفَهُ أَنَّهُ بِمَعْنَى إلَّا نِصْفَهُ، فَكَذَا الْمَعْنَى هُنَا بِعْتُك هَذَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فَقَطْ فَهَلْ يَصِحُّ الْبَيْعُ بِبَعْضِ دِرْهَمٍ أَوْ لَا لِعَدَمِ صِدْقِ كُلِّ صَاعٍ بِدِرْهَمٍ فِيهِ نَظَرٌ اهـ سم عَلَى حَجّ.

أَقُولُ: وَلَا يَبْعُدُ الصِّحَّةُ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ تَقْدِيرُ مَا يُقَابِلُ قَدْرَ الصَّاعِ (قَوْلُهُ: صَحَّ الْبَيْعُ فِيهِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الدَّرَاهِم) وَفَارَقَ بَيْعَ الْقَطِيعِ كُلُّ شَاةٍ بِدِرْهَمٍ فَبَقِيَ بَعْضُ شَاةٍ بِأَنْ خَرَجَ بَاقِيهَا لِغَيْرِهِ فَإِنَّ الْبَيْعَ يَبْطُلُ فِيهِ بِأَنَّهُ يُتَسَامَحُ فِي التَّوْزِيعِ عَلَى الْمِثْلِيِّ لِعَدَمِ النَّظَرِ فِيهِ إلَى الْقِيمَةِ بِمَا لَمْ يُتَسَامَحْ بِهِ فِي التَّوْزِيعِ عَلَى الْمُتَقَوِّمِ اهـ حَجّ.

وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ بِأَنَّهُ يُتَسَامَحُ فِي التَّوْزِيعِ إلَخْ الْبُطْلَانُ فِيمَا لَوْ كَانَ الْمَبِيعُ أَرْضًا أَوْ ثَوْبًا فِي ذِرَاعٍ بِدِرْهَمٍ فَخَرَجَ بَعْضُ ذِرَاعٍ.

اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّمَا بَطَلَ فِي مَسْأَلَةِ الشَّاةِ لِمَا فِيهِ مِنْ ضَرَرِ الشَّرِكَةِ الْحَاصِلَةِ فِيهَا (قَوْلُهُ: بِتَفْصِيلِهِ) كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ كَأَنْ قَالَ بِمِائَةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: ثُمَّ إنْ تَوَافَقَا) أَيْ الْمُتَبَايِعَانِ بِأَنْ سَمَحَ رَبُّ الزَّائِدَةِ بِهِ أَوْ رَضِيَ رَبُّ النَّاقِصَةِ بِأَخْذِ قَدْرِهَا مِنْ الْأُخْرَى، وَعِبَارَةُ الشَّارِحِ فِي بَابِ الرِّبَا وَلَوْ بَاعَ صُبْرَةَ بُرٍّ بِصُبْرَةِ شَعِيرٍ جُزَافًا جَازَ لِانْتِفَاءِ اشْتِرَاطِ الْمُمَاثَلَةِ، فَإِنْ بَاعَهَا بِهَا مُكَايَلَةً وَخَرَجَتَا سَوَاءً صَحَّ، وَإِنْ تَفَاضَلَتَا وَسَمَحَ رَبُّ الزَّائِدِ بِإِعْطَائِهِ أَوْ رَضِيَ رَبُّ النَّاقِصِ بِقَدْرِهِ مِنْ الزَّائِدِ أُقِرَّ الْبَيْعُ، وَإِنْ تَشَاحَّا فُسِخَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الثَّمَنَ هُنَا) أَيْ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِهِ ثُمَّ) أَيْ فَإِنَّ الثَّمَنَ لَمْ تُعَيَّنْ كَمِيَّتُهُ بَلْ قُوبِلَتْ إحْدَى الصُّبْرَتَيْنِ مُجْمَلَةً بِالْأُخْرَى فَأَشْبَهَ مَا لَوْ قَالَ بِعْتُك هَذِهِ الصُّبْرَةَ بِشَرْطِ تَسَاوِيهِمَا فَكَانَ كَمَا لَوْ قَالَ بِعْتُك هَذَا الْعَبْدَ بِشَرْطِ كَوْنِهِ كَاتِبًا فَلَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَإِنَّ الْبَيْعَ صَحِيحٌ، وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ إذَا أَخْلَفَ الشَّرْطَ.

لَا يُقَالُ: الْكِتَابَةُ وَالْحَمْلُ خَارِجَانِ عَنْ كَمْيَّةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْمُكَايَلَةِ أَوْ الْكَيْلِ بِالْكَيْلِ فَإِنَّهُمَا يُفِيدَانِ أَمْرًا يَتَعَلَّقُ بِكَمِّيَّةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ.

لِأَنَّا نَقُولُ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الشَّرْطَ يَجِبُ خُرُوجُهُ عَنْ ذَاتِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ بِدَلِيلِ مَا لَوْ قَالَ بِعْتُك هَذَا الثَّوْبَ عَلَى أَنَّهُ عِشْرُونَ ذِرَاعًا مَثَلًا فَبَانَ زَائِدًا أَوْ نَاقِصَهَا فَإِنَّ الْبَيْعَ فِيهِ صَحِيحٌ، وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ إنْ بَانَ زَائِدًا وَلِلْمُشْتَرِي إنْ نَقَصَ (قَوْلُهُ: وَيَتَخَيَّرُ الْبَائِعُ إلَخْ) هُوَ ظَاهِرٌ فِيمَا لَوْ كَانَ الْمَبِيعُ ثَوْبًا أَوْ أَرْضًا.

أَمَّا لَوْ كَانَ أَشْيَاءَ مُتَعَدِّدَةً كَالثِّيَابِ فَيَبْطُلُ الْبَيْعُ إنْ خَرَجَ زَائِدًا عَلَى مَا قَدَّرَهُ وَيَصِحُّ بِقِسْطِهِ مِنْ الْمُسَمَّى إنْ نَقَصَ، وَعِبَارَةُ سم عَلَى بَهْجَةٍ: قَالَ فِي الْكِفَايَةِ: لَوْ قَالَ بِعْتُك هَذِهِ الرِّزْمَةَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: أَوْ بَعَّضَهَا) الظَّاهِرُ أَنَّهُ بِالتَّشْدِيدِ بِصِيغَةِ الْفِعْلِ مَعْطُوفًا عَلَى قَابَلَ، وَإِلَّا فَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَيْضًا مَا فِي هَذَا الْحَلِّ مِنْ الرَّكَاكَةِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ إنْ تَوَافَقَا) أَيْ الْعَاقِدَانِ فِي صُورَةِ الزِّيَادَةِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ لِلصُّبْرَتَيْنِ بِمَعْنَى الْمَبِيعَيْنِ فَهُوَ تَفْصِيلٌ لِمَا أَفَادَتْهُ الْغَايَةُ مِنْ الشِّقَّيْنِ (قَوْلُهُ: وَالْمُشْتَرَى فِي النَّقْصِ أَيْضًا) تَبِعَ فِي ذِكْرِهِ لَفْظَةَ أَيْضًا الْمُقْتَضِي سَبْقَ نَظِيرِهِ الشِّهَابِ حَجّ، لَكِنَّ ذَاكَ تَقَدَّمَ فِي كَلَامِهِ تَخَيَّرَ الْمُشْتَرَى عَلَى مُقَابِلِ الصَّحِيحِ الَّذِي قَالَ بِهِ الْأَكْثَرُونَ

ص: 414

الَّذِي قَدْرُهُ كَذَا، وَمَا زَادَ عَلَيْهِ وَمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ طَرْحِ شَيْءٍ عِنْدَ نَحْوِ الْوَزْنِ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ الْمَبِيعِ لَا يَعْمَلُ بِهِ، ثُمَّ إنْ شَرَطَ ذَلِكَ فِي الْعَقْدِ بَطَلَ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ كَلَامُ الْمَجْمُوعِ وَإِلَّا فَلَا، وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ مَثَلًا مِنْ أَرْضٍ لَيَحْفِرَهَا وَيَأْخُذَ تُرَابَهَا لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَخْذُ التُّرَابِ إلَّا بِأَكْثَرَ مِنْهَا.

وَسَيَأْتِي بَيَانُ الذِّرَاعِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فِي اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ (وَمَتَى كَانَ الْعِوَضُ) ثَمَنًا أَوْ مُثَمَّنًا (مُعَيَّنًا) قَالَ الشَّارِحُ: أَيْ مُشَاهَدًا لِأَنَّ الْمُعَيِّنَ صَادِقٌ بِمَا عَيَّنَ بِوَصْفِهِ، وَبِمَا هُوَ مُشَاهَدٌ: أَيْ مُعَايَنٌ، فَالْأَوَّلُ مِنْ التَّعْيِينِ وَالثَّانِي مِنْ الْمُعَايَنَةِ: أَيْ الْمُشَاهَدَةِ، وَهُوَ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ (كَفَتْ مُعَايَنَتُهُ) وَإِنْ جَهِلَا قَدْرَهُ؛ لِأَنَّ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُحِيطَ التَّخْمِينُ بِهِ.

وَعُلِمَ مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِالْمُعَايَنَةِ عَدَمُ اشْتِرَاطِ الشَّمِّ وَالذَّوْقِ فِي الْمَشْمُومِ وَالْمَذُوقِ.

(وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ) فِي غَيْرِ نَحْوِ الْفُقَّاعِ كَمَا مَرَّ (بَيْعُ الْغَائِبِ) وَهُوَ مَا لَمْ يَرَهُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

كُلُّ ثَوْبٍ بِدِرْهَمٍ عَلَى أَنَّهَا عَشَرَةُ أَثْوَابٍ وَقَدْ شَاهَدَ كُلَّ ثَوْبٍ مِنْهَا فَخَرَجَتْ تِسْعَةً صَحَّ وَلَزِمَهُ تِسْعَةُ دَرَاهِمَ، وَإِنْ خَرَجَتْ أَحَدَ عَشَرَ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ، بَطَلَ فِي الْكُلِّ قَطْعًا، بِخِلَافِ الْأَرْضِ وَالثَّوْبِ إذَا بَاعَهُ مُذَارَعَةً لِأَنَّ الثِّيَابَ تَخْتَلِفُ فَلَا يُمْكِنُ جَعْلُ الزَّائِدِ شَائِعًا فِي جَمِيعِهَا، وَمَا زَادَ فِي الْأَرْضِ مُشَبَّهً لِبَاقِيهِ فَأَمْكَنَ جَعْلُهُ مُشَاعًا فِي جَمِيعِهَا اهـ.

ثُمَّ قَالَ فِي الْعُبَابِ: وَلَوْ بَاعَ صُبْرَةً أَوْ أَرْضًا أَوْ ثَوْبًا أَوْ قَطِيعًا عَلَى أَنَّهُ كَذَا فَزَادَ أَوْ نَقَصَ صَحَّ الْبَيْعُ وَيَتَخَيَّرُ الْبَائِعُ إنْ زَادَ وَالْمُشْتَرِي إنْ نَقَصَ إلَخْ اهـ فَلْيُحَرَّرْ الْفَرْقَ بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا تَقَدَّمَ فِي الرِّزْمَةِ، وَلَا سِيَّمَا وَالْقَطِيعُ شَدِيدُ التَّفَاوُتِ كَأَثْوَابِ الرِّزْمَةِ أَوْ بِأَشَدَّ، وَمُجَرَّدُ تَفْصِيلِ الثَّمَنِ أَوْ إجْمَالِهِ لَا يَظْهَرُ الْفَرْقُ بِهِ، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الرِّزْمَةِ وَغَيْرِهَا مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّ الرِّزْمَةَ لَمَّا كَانَتْ أَشْيَاءَ مُتَعَدِّدَةً غَلَبَ فِيهَا التَّفَاوُتُ وَلَا كَذَلِكَ الثَّوْبُ الْوَاحِدُ مَثَلًا (قَوْلُهُ: مِنْ الثَّمَنِ) كَمَا لَوْ اشْتَرَى بِقِرْشٍ مَثَلًا وَدَفَعَ لَهُ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ نِصْفًا (قَوْلُهُ: لَا يُعْمَلُ بِهِ) وَمِنْهُ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ الْآنَ مِنْ طَرْحِ قَدْرٍ مُعْتَادٍ بَعْدَ الْوَزْنِ، وَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَنْوَاعِ كَحَطِّهِمْ لِكُلِّ مِائَةِ رِطْلٍ خَمْسَةً مَثَلًا مِنْ السَّمْنِ أَوْ الْجُبْنِ، وَهَلْ يَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ الْأَمَانَةِ عِنْدَهُ أَوْ حُكْمَ الْغَصْبِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي، وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُمَيِّزَ الزَّائِدَ وَيَتَصَرَّفَ فِيمَا عَدَاهُ أَخْذًا مِمَّا قَالُوهُ فِي بَابِ الْغَصْبِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ اخْتَلَطَ مَالُهُ بِمَالِ غَيْرِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ فِعْلُ ذَلِكَ، وَطَرِيقُ الصِّحَّةِ فِي ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ بِعْتُك الْمِائَةَ وَالْخَمْسَةَ مَثَلًا بِكَذَا (قَوْلُهُ: فَالْأَوَّلُ) هُوَ قَوْلُهُ: بِوَصْفِهِ وَالثَّانِي هُوَ قَوْلُهُ: وَبِمَا هُوَ مُشَاهَدٌ (قَوْلُهُ: وَإِنْ جَهِلَا قَدْرَهُ) أَيْ أَوْ جِنْسَهُ أَوْ صِفَتَهُ، لَعَلَّ اقْتِصَارَ الشَّارِحِ كَالْمَحَلِّيِّ عَلَى الْقَدْرِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ مَنْ رَأَى شَيْئًا عَرَفَ جِنْسَهُ وَصِفَتَهُ، وَعِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ: وَقَوْلُهُ: كَفَتْ مُعَايَنَتُهُ يَدْخُلُ فِيهِ مَعْرِفَةُ صِفَتِهِ مِنْ الْجِنْسِ وَغَيْرِهِ، فَلَوْ عَايَنَهُ وَشَكَّ أَشَعِيرٌ هُوَ أَوْ أُرْزٌ مَثَلًا هَلْ يَصِحُّ وَلَعَلَّ الْوَجْهَ الصِّحَّةُ كَمَا لَوْ اشْتَرَى زُجَاجَةً ظَنَّهَا جَوْهَرَةً اهـ.

وَقَوْلُهُ: كَمَا لَوْ اشْتَرَى إلَخْ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَتَرَجَّحَ عِنْدَهُ فِي الْمَبِيعِ صِفَةٌ تَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ مِنْ نَوْعِ كَذَا لِيَتِمَّ تَشْبِيهُهُ بِالزُّجَاجَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَالظَّاهِرُ: أَيْ مِنْ إطْلَاقِهِمْ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَنْ شَأْنُهُ أَنْ يُحِيطَ التَّخْمِينُ بِهِ) أَيْ فَلَوْ خَرَجَ مَا ظَنَّهُ الْبَائِعُ كَأَنْ خَرَجَ نُحَاسًا صَحَّ الْبَيْعُ وَلَا خِيَارَ لَهُ كَمَا لَوْ اشْتَرَى زُجَاجَةً ظَنَّهَا جَوْهَرَةً، وَهَذَا مَحَلُّهُ حَيْثُ لَمْ يَقُلْ اشْتَرَيْت بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ، فَإِنْ قَالَ ذَلِكَ حُمِلَتْ عَلَى الْفِضَّةِ، فَلَوْ بَانَ فُلُوسًا بَطَلَ الْعَقْدُ لِخُرُوجِهِ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ.

وَأَمَّا لَوْ بَانَ مِنْ الْفِضَّةِ الْمَغْشُوشَةِ بِحَيْثُ يُقَالُ فِيهَا نُحَاسٌ صَحَّ الْعَقْدُ وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ؛ لِأَنَّ الْجِنْسَ لَمْ يَنْتِفْ بِالْكُلِّيَّةِ أَخْذًا مِمَّا ذَكَرَهُ الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ فِيمَا لَوْ بَاعَ ثَوْبًا سَمَّاهُ حَرِيرًا فَبَانَ مُشْتَمِلًا عَلَى غَزْلٍ وَحَرِيرٍ وَالْحَرِيرُ أَكْثَرُ فَإِنَّهُ يَصِحُّ لِمَا ذَكَرَ

(قَوْلُهُ: نَحْوِ الْفُقَّاعِ) كَحَمَامِ الْبُرْجَيْنِ وَمَاءِ السِّقَاءِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا لَمْ يَرَهُ) أَيْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ إلَخْ) لَعَلَّ الصُّورَةَ أَنَّ الثَّلَاثَةَ الْأَذْرُعَ فِي الطُّولِ وَالْعَرْضِ وَالسُّمْكِ وَإِلَّا جَاءَ الْبُطْلَانُ مِنْ جِهَةِ الْجَهْلِ أَيْضًا وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ تَعْلِيلُ الْبُطْلَانِ هُنَا أَيْضًا بِأَنَّ تُرَابَ الْأَرْضِ مُخْتَلِفٌ فَلَا تَكْفِي رُؤْيَةُ ظَاهِرِهِ

ص: 415

الْمُتَعَاقِدَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا ثَمَنًا أَوْ مُثَمَّنًا، وَلَوْ كَانَ حَاضِرًا فِي مَجْلِسِ الْبَيْعِ وَبَالِغًا فِي وَصْفِهِ أَوْ سَمْعِهِ بِطَرِيقِ التَّوَاتُرِ كَمَا يَأْتِي أَوْ رَآهُ فِي ضَوْءٍ إنْ سَتَرَ الضَّوْءُ لَوْنَهُ كَوَرَقٍ أَبْيَضَ فِيمَا يَظْهَرُ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ مَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ مِنْ أَنَّهُ يَكْتَفِي بِالرُّؤْيَةِ الْعُرْفِيَّةِ مَعَ أَنَّ هَذَا مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ الْعُرْفُ الْمُطَّرِدُ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ كَلَامَهُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْعَيْبُ ظَاهِرًا بِحَيْثُ يَرَاهُ كُلُّ مَنْ نَظَرَ إلَى الْمَبِيعِ، وَحِينَئِذٍ فَالْمُرَادُ بِالرُّؤْيَةِ الْعُرْفِيَّةِ هِيَ مَا تَظْهَرُ لِلنَّاظِرِ مِنْ غَيْرِ مَزِيدِ تَأَمُّلٍ، وَرُؤْيَةُ نَحْوِ الْوَرَقِ لَيْلًا فِي ضَوْءٍ يَسْتُرُ مَعْرِفَةَ بَيَاضَهُ لَيْسَتْ كَذَلِكَ أَوْ مِنْ وَرَاءِ نَحْوِ زُجَاجٍ وَكَذَا مَاءٌ صَافٍ إلَّا الْأَرْضَ وَالسَّمَكَ؛ لِأَنَّ بِهِ صَلَاحُهُمَا، وَصَحَّتْ إجَارَةُ أَرْضٍ مَسْتُورَةٍ بِمَاءٍ وَلَوْ كَدِرًا لِأَنَّهَا أَوْسَعُ بِقَبُولِهَا التَّأْقِيتَ وَوُرُودِهَا عَلَى مُجَرَّدِ الْمَنْفَعَةِ وَذَلِكَ لِلنَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ؛ لِأَنَّ الرُّؤْيَةَ تُفِيدُ مَا لَمْ تُفِدْهُ الْعِبَارَةُ كَمَا يَأْتِي (وَالثَّانِي) وَبِهِ قَالَ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ (يَصِحُّ) الْبَيْعُ إنْ ذَكَرَ جِنْسَهُ وَإِنْ لَمْ يَرَيَاهُ (وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ) لِلْمُشْتَرِي (عِنْدَ الرُّؤْيَةِ) لِحَدِيثٍ فِيهِ ضَعِيفٍ بَلْ قَالَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الرُّؤْيَةُ الْمُعْتَبَرَةُ شَرْعًا (قَوْلُهُ: أَوْ رَآهُ فِي ضَوْءٍ إلَخْ) أَيْ نُورٍ نَاشِئٍ مِنْ نَحْوِ النَّارِ أَوْ الشَّمْسِ بِحَيْثُ لَا يَتَمَكَّنُ الرَّائِي مَعَهُ مِنْ مَعْرِفَةِ حَقِيقَةِ مَا رَآهُ، وَعِبَارَةُ حَجّ: أَوْ رَآهُ لَيْلًا وَلَوْ فِي ضَوْءٍ إنْ سَتَرَ إلَخْ، فَلَعَلَّ إسْقَاطَ الشَّارِحِ لَيْلًا إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى كَوْنِ الضَّوْءِ يَسْتُرُ لَوْنَهُ لَيْلًا كَانَ أَوْ نَهَارًا (قَوْلُهُ: مَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ إلَخْ) وَعِبَارَتُهُ: لَوْ طَلَبَ الرَّدَّ بِعَيْبٍ فِي عُضْوٍ ظَاهِرٍ قَالَ لَمْ أَرَهُ إلَى الْآنَ فَلَهُ الرَّدُّ؛ لِأَنَّ رُؤْيَةَ الْمَبِيعِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا التَّحَقُّقُ بَلْ تَكْفِي الرُّؤْيَةُ الْعُرْفِيَّةُ اهـ حَجّ.

وَمَحَلُّهُ كَمَا يَأْتِي فِي عَيْبٍ يُمْكِنُ عَدَمُ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ مَعَ الرُّؤْيَةِ الْعُرْفِيَّةِ.

أَمَّا إذَا بَعُدَ ذَلِكَ كَأَنْ بَاعَ مَجْذُوعَ الْأَنْفِ وَادَّعَى عَدَمَ مَعْرِفَةِ ذَلِكَ حِينَ رَآهُ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ ذَلِكَ، وَلَا يُنَافِي هَذَا مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي الرُّؤْيَةِ وَعَدَمِهَا صَدَقَ مُدَّعِيهَا؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ؛ لِأَنَّ مَا هُنَا مَفْرُوضٌ فِيمَا لَوْ اتَّفَقَا عَلَى رُؤْيَةِ الْمَبِيعِ وَاخْتَلَفَا فِي رُؤْيَةِ الْعَيْبِ فَقَطْ فَيُصَدَّقُ الْمُنْكِرُ؛ لِأَنَّ رُؤْيَتَهُ الْعُرْفِيَّةَ لَا تَسْتَلْزِمُ رُؤْيَةَ كُلِّ جُزْءٍ عَلَى التَّحْقِيقِ بِحَيْثُ يَبْعُدُ إنْكَارُهَا (قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّ هَذَا) اسْمُ الْإِشَارَةِ رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ أَوْ رَآهُ فِي ضَوْءٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَيْسَ الْعُرْفُ الْمُطَّرِدُ ذَلِكَ) أَيْ الرُّؤْيَةَ فِي الضَّوْءِ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ كَلَامَهُ) أَيْ كَلَامَ ابْنِ الصَّلَاحِ (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ رُؤْيَةً عُرْفِيَّةً (قَوْلُهُ: أَوْ مِنْ وَرَاءِ نَحْوِ زُجَاجٍ) أَيْ أَوْ الرُّؤْيَةَ مِنْ وَرَاءِ زُجَاجٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ بِهِ) أَيْ الْمَاءَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَدِرًا) أَيْ فَتَكْفِي الرُّؤْيَةُ مِنْ وَرَاءَهُ فِي الْإِجَارَةِ دُونَ الْبَيْعِ، وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ نَبَّهَ عَلَيْهَا وَلَمْ يَكْتَفِ بِصِحَّةِ بَيْعِهَا تَحْتَ الْمَاءِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا أَوْسَعُ) أَيْ مَعَ كَوْنِ الْمَاءِ مِنْ مَصَالِحِهَا كَمَا تَقَدَّمَتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ) رَاجِعٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَا يَصِحُّ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي إلَخْ) لَعَلَّ وَجْهَ حِكَايَةِ الثَّانِي مِنْ الْمُصَنِّفِ قُوَّةُ الْخِلَافِ فِيهِ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ بِهِ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ (قَوْلُهُ: إنْ ذَكَرَ جِنْسَهُ) قَالَ فِي الْكَنْزِ أَوْ نَوْعَهُ، وَعَلَيْهِ فَالْوَاوُ فِي كَلَامِ الْمَحَلِّيِّ بِمَعْنَى أَوْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَرَيَاهُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ بَاعَهُ ثَوْبًا مَطْوِيًّا رَأَيَا ظَاهِرَهُ فَقَطْ وَذَكَرَ لَهُ الْبَائِعُ أَنَّهُ كُلَّهُ بِالصِّفَةِ الْفُلَانِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي) وَكَذَا الْبَائِعُ عَلَى خِلَافٍ فِيهِ اهـ حَجّ.

قَالَ ع: اعْتَمَدَ الثَّانِيَ الْإِسْنَوِيُّ (قَوْلُهُ: لِحَدِيثٍ فِيهِ ضَعِيفٍ) لَفْظُهُ كَمَا فِي الْمَحَلِّيِّ «مَنْ اشْتَرَى مَا لَمْ يَرَهُ فَهُوَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

عَنْ بَاطِنِهِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ رَآهُ فِي ضَوْءٍ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ أَوْ رَآهُ لَيْلًا وَلَوْ فِي ضَوْءٍ إنْ سَتَرَ الضَّوْءُ لَوْنَهُ انْتَهَتْ. وَهِيَ الَّتِي يَتَنَزَّلُ عَلَيْهَا قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي وَرُؤْيَةُ نَحْوِ الْوَرَقِ لَيْلًا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ مَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: فَإِنْ قُلْت: صَرَّحَ ابْنُ الصَّلَاحِ بِأَنَّ الرُّؤْيَةَ الْعُرْفِيَّةَ كَافِيَةٌ، وَهَذَا مِنْهَا، وَعِبَارَتُهُ: وَلَوْ طَلَبَ الرَّدَّ بِعَيْبٍ فِي عُضْوٍ ظَاهِرٍ قَالَ لَمْ أَرَهُ إلَّا الْآنَ فَلَهُ الرَّدُّ، لِأَنَّ رُؤْيَةَ الْمَبِيعِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا التَّحْقِيقُ بَلْ تَكْفِي الرُّؤْيَةُ الْعُرْفِيَّةُ.

قُلْت: لَيْسَ الْعُرْفُ ذَلِكَ إلَخْ، فَأَسْنَدَ كَوْنَ الطَّرْدِ هَذَا مِنْ الرُّؤْيَةِ الْعُرْفِيَّةِ إلَى قَوْلِ الْمُسْتَشْكِلِ ثُمَّ مَنَعَ عَلَيْهِ دَعْوَاهُ فِي الْجَوَابِ، بِخِلَافِ الشَّارِحِ فَإِنَّهُ جَزَمَ بِكَوْنِ هَذَا مِنْ الرُّؤْيَةِ

ص: 416

الدَّارَقُطْنِيّ بَاطِلٌ، وَيَنْفُذُ قَبْلَ الرُّؤْيَةِ الْفَسْخُ دُونَ الْإِجَازَةِ، وَيَمْتَدُّ الْخِيَارُ امْتِدَادَ مَجْلِسِ الرُّؤْيَةِ، وَكَالْبَيْعِ: الصُّلْحُ وَالرَّهْنُ وَالْهِبَةُ وَالْإِجَارَةُ وَنَحْوُهَا بِخِلَافِ نَحْوِ الْوَقْفِ.

وَلَا يُنَافِيهِ مَا نُقِلَ عَنْ فَتَاوَى الْقَفَّالِ مِنْ الْجَزْمِ بِالْمَنْعِ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ فِي وَقْفِ مَا لَمْ يَرَهُ مِمَّا اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ مِلْكُهُ كَأَنْ وَرِثَهُ أَوْ اشْتَرَاهُ لَهُ وَكِيلُهُ، وَكَلَامُ الْقَفَّالِ فِيمَا لَمْ يَسْتَقِرَّ عَلَيْهِ مِلْكُهُ (وَ) عَلَى الْأَظْهَرِ (تَكْفِي) فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ (الرُّؤْيَةُ قَبْلَ الْعَقْدِ) وَلَوْ لِمَنْ عَمِيَ وَقْتَهُ (فِيمَا لَا) يَظُنُّ أَنَّهُ (يَتَغَيَّرُ غَالِبًا إلَى وَقْتِ الْعَقْدِ) كَأَرْضٍ وَحَدِيدٍ وَنُحَاسٍ وَآنِيَةٍ اكْتِفَاءً بِتِلْكَ الرُّؤْيَةِ، وَالْغَالِبُ بَقَاؤُهُ عَلَى مَا شَاهَدَهُ عَلَيْهِ.

نَعَمْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ ذَاكِرًا حَالَ الْعَقْدِ لِأَوْصَافِهِ الَّتِي رَآهَا كَأَعْمَى اشْتَرَى مَا رَآهُ قَبْلَ الْعَمَى وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَأَقَرَّهُ الْمُتَأَخِّرُونَ وَقَوْلُ الْمَجْمُوعِ إنَّهُ غَرِيبٌ: أَيْ نَقْلًا عَلَى أَنَّ غَيْرَهُ صَرَّحَ بِهِ أَيْضًا لَا مُدْرَكًا، إذْ النِّسْيَانُ يَجْعَلُ السَّابِقَ كَالْعَدَمِ فَيُفَوِّتُ شَرْطَ الْعِلْمِ بِالْمَبِيعِ فَلَا يُنَافِي تَصْحِيحَ غَيْرِهِ وَجَعْلَهُ تَقْيِيدًا لِإِطْلَاقِهِمْ وَانْتِصَارُ بَعْضِهِمْ لِتَضْعِيفِهِ بِجَعْلِهِمْ النِّسْيَانَ غَيْرَ دَافِعٍ لِلْحُكْمِ السَّابِقِ فِي مَسَائِلَ كَإِنْكَارِ الْمُوَكِّلِ الْوَكَالَةَ لِنِسْيَانٍ فَلَا يَكُونُ عَزْلًا، وَكَمَا لَوْ نَسِيَ فَأَكَلَ فِي صَوْمِهِ أَوْ جَامَعَ فِي إحْرَامِهِ فَلَا يَفْسُدُ، وَكَمَا لَوْ رَأَى الْمَبِيعَ ثُمَّ الْتَفَتَ عَنْهُ وَاشْتَرَاهُ غَافِلًا عَنْ أَوْصَافِهِ فَيَصِحُّ مَرْدُودٌ بِأَنَّ مَدَارَ الْعَزْلِ عَلَى مَا يُشْعِرُ بِعَدَمِ الرِّضَا بِالتَّصَرُّفِ، وَبُطْلَانُ الصَّوْمِ وَالْحَجِّ عَلَى مَا يُنَافِيهِمَا مِمَّا فِيهِ تَعَدٍّ وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ، وَمَدَارُ الْبَيْعِ عَلَى عَدَمِ الْغَرَرِ وَبِالنِّسْيَانِ يَقَعُ فِيهِ، وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْفَرْعِ الْأَخِيرِ هُوَ مَحَلُّ النِّزَاعِ فَلَا يُسْتَدَلُّ بِهِ، وَبِفَرْضِ كَوْنِ الْمَنْقُولِ فِيهِ مَا ذَكَرَ فَالْقَوْلُ فِيهِ ضَعِيفٌ جَدَّا فَلَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ، وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ لَوْ رَأَى الثَّمَرَةَ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا ثُمَّ اشْتَرَاهَا بَعْدَهُ مِنْ غَيْرِ تَجْدِيدِ رُؤْيَةٍ لَمْ يَصِحَّ وَإِنْ قَرُبَتْ الْمُدَّةُ، إلَّا أَنَّهَا تَتَغَيَّرُ بِنَحْوِ اللَّوْنِ فَكَانَتْ أَوْلَى مِمَّا يَغْلِبُ تَغَيُّرُهُ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ لِعَارِضٍ كَمَا يَأْتِي.

وَإِذَا صَحَّ فَوَجَدَهُ مُتَغَيِّرًا عَمَّا رَآهُ عَلَيْهِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

بِالْخِيَارِ إذَا رَآهُ» (قَوْلُهُ: وَنَحْوُهَا) لَعَلَّ مِنْ النَّحْوِ عِوَضُ الْخُلْعِ وَالصَّدَاقُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ نَحْوِ الْوَقْفِ) أَيْ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَلَعَلَّ مِنْ نَحْوِ الْوَقْفِ الْعِتْقُ، ثُمَّ رَأَيْت سم عَلَى حَجّ جَزَمَ بِالتَّمْثِيلِ بِهِ.

هَذَا وَفِي كَلَامِ ع التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْوَقْفِ وَغَيْرِهِ فِي عَدَمِ الصِّحَّةِ (قَوْلُهُ: مِنْ الْجَزْمِ بِالْمَنْعِ) أَيْ فِي الْوَقْفِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَوَّلَ) أَيْ وَهُوَ الْقَوْلُ بِالصِّحَّةِ (قَوْلُهُ: وَكَلَامُ الْقَفَّالِ فِيمَا لَمْ يَسْتَقِرَّ مِلْكُهُ) كَوَقْفِ مَا اشْتَرَاهُ لَهُ وَكِيلُهُ وَلَمْ يَرَهُ وَلَمْ يَقْبِضْهُ، لَكِنْ يُشْكِلُ عَلَى هَذَا مَا يَأْتِي فِي بَابِ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ فِي كَلَامِهِمْ مِنْ صِحَّةِ إعْتَاقِ وَقْفِ مَا لَمْ يَقْبِضْهُ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: ذَاكَ مُصَوَّرٌ بِمَا إذَا لَمْ يَقْبِضْهُ وَقَدْ رَآهُ قَبْلَ الشِّرَاءِ وَمَا هُنَا بِخِلَافِهِ وَمَعَ ذَلِكَ فِيهِ شَيْءٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لِمَنْ عَمِيَ وَقْتَهُ) أَيْ فَالْإِبْصَارُ وَقْتَ الْعَقْدِ إنَّمَا يُشْتَرَطُ لِلْعِلْمِ بِالْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، فَحَيْثُ عَلِمَهُ قَبْلُ وَاسْتَمَرَّ عِلْمُهُ لَا يُشْتَرَطُ إبْصَارُهُ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ أَوْجَبَ ثُمَّ عَمِيَ وَقَبِلَ الْمُشْتَرِي بَعْدُ أَوْ عَكْسُهُ صَحَّ الْعَقْدُ، وَلَا يُنَافِي هَذَا مَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ مِنْ اشْتِرَاطِ بَقَاءِ الْأَهْلِيَّةِ إلَى تَمَامِ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّ هَذَا أَهْلِيَّتُهُ بَاقِيَةٌ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهَا مَا يَتَمَكَّنُ مَعَهُ مِنْ التَّصَرُّفِ وَهَذَا مَوْجُودٌ فِيهِ (قَوْلُهُ: أَيْ نَقْلًا) خَبَرٌ لِقَوْلِهِ وَقَوْلِ الْمَجْمُوعِ (قَوْلُهُ: لَا مُدْرِكًا) بِضَمِّ الْمِيمِ مِنْ أَدْرَكَ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْمِصْبَاحِ (قَوْلُهُ: لِتَضْعِيفِهِ) أَيْ كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ (قَوْلُهُ: وَمَا ذَكَرَ فِي الْفَرْعِ الْأَخِيرِ) هُوَ مَا لَوْ رَأَى الْمَبِيعَ ثُمَّ الْتَفَتَ عَنْهُ (قَوْلُهُ: لَمْ يَصِحَّ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَإِذَا صَحَّ) أَيْ بِأَنْ كَانَ مِمَّا لَا يَتَغَيَّرُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

الْعُرْفِيَّةِ وَلَمْ يَجْعَلْهُ عَلَى لِسَانِ مُسْتَشْكِلٍ فَيُنَاقِضُهُ حَاصِلُ الْجَوَابِ كَمَا لَا يَخْفَى، ثُمَّ إنَّهُ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَذْكُرَ مَسْأَلَةَ ابْنِ الصَّلَاحِ الْمَذْكُورَةَ لِيَتَنَزَّلَ عَلَيْهَا قَوْلُهُ فِيمَا بَعْدُ عَلَى أَنَّ كَلَامَهُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْعَيْبُ ظَاهِرًا إلَخْ (قَوْلُهُ: الصُّلْحُ) أَيْ فِي بَعْضِ أَقْسَامِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي بَابِهِ (قَوْلُهُ: وَقْتَهُ) أَيْ الْعَقْدِ، وَالْمُرَادُ أَنَّ الشَّرْطَ تَقَدُّمُ الرُّؤْيَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي فَلَا يَضُرُّ كَوْنُ الْعَاقِدِ أَعْمَى عِنْدَ الْعَقْدِ.

(قَوْلُهُ: كَأَعْمَى) أَيْ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ ذَاكِرًا لِلْأَوْصَافِ فَلَيْسَ مُكَرَّرًا مَعَ مَا مَرَّ (قَوْلُهُ فَلَا يُنَافِي تَصْحِيحَ غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ صَاحِبِ الْمَجْمُوعِ، وَلَعَلَّ لَفْظَ لَهُ بَعْدَ لَفْظِ غَيْرِهِ سَاقِطٌ مِنْ النُّسَخِ (قَوْلُهُ: وَبُطْلَانِ الصَّوْمِ) بِالْجَرِّ

ص: 417

تَخَيَّرَ فَلَوْ اخْتَلَفَا فِي تَغَيُّرِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي بِيَمِينِهِ وَيَتَخَيَّرُ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ يَدَّعِي عَلَيْهِ أَنَّهُ رَآهُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ الْمَوْجُودَةِ الْآنَ وَرَضِيَ بِهِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا صَدَقَ الْبَائِعُ فِيمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي عَيْبٍ يُمْكِنُ حُدُوثُهُ؛ لِأَنَّهُمَا قَدْ اتَّفَقَا عَلَى وُجُودِهِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَالْأَصْلُ عَدَمُ وُجُودِهِ فِي يَدِ الْبَائِعِ (دُونَ مَا) يَظُنُّ أَنَّهُ (يَتَغَيَّرُ غَالِبًا) لِطُولِ مُدَّةٍ أَوْ عُرُوضِ أَمْرٍ آخَرَ كَالْأَطْعِمَةِ الَّتِي يُسْرِعُ لَهَا الْفَسَادُ، إذْ لَا ثِقَةَ حِينَئِذٍ بِبَقَائِهِ حَالَ الْعَقْدِ عَلَى أَوْصَافِهِ الْمَرْئِيَّةِ، وَلَا مُنَافَاةَ فِي كَلَامِهِ فِيمَا يَحْتَمِلُ التَّغَيُّرَ وَعَدَمَهُ عَلَى السَّوَاءِ كَمَا ادَّعَاهُ بَعْضُهُمْ مُعَلِّلًا بِأَنَّ قَضِيَّةَ مَفْهُومِ أَوَّلِهِ الْبُطْلَانُ وَآخِرُهُ الصِّحَّةُ وَالْأَصَحُّ فِيهِ الصِّحَّةُ كَالْأَوَّلِ بِشَرْطِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْمَرْئِيِّ بِحَالِهِ؛ لِأَنَّا نَمْنَعُ مُدَّعَاهُ، بَلْ هُوَ دَاخِلٌ فِي مَنْطُوقِ أَوَّلِ كَلَامِهِ وَمَفْهُومِ آخِرِهِ؛ لِأَنَّ الْقَيْدَ هُنَا لِلْمَنْفِيِّ كَمَا هُوَ الْأَصْلُ لَا لِلنَّفْيِ: أَيْ مَا لَا يَغْلِبُ تَغَيُّرُهُ سَوَاءٌ أَغَلَبَ عَدَمُ تَغَيُّرِهِ أَمْ اسْتَوَيَا دُونَ مَا يَغْلِبُ تَغَيُّره فَهُوَ دَاخِلٌ فِي مَنْطُوقِ الْأَوَّلِ وَمَفْهُومِ الثَّانِي فَلَا تَنَافِيَ كَذَا قِيلَ، وَقَدْ أَوْرَدَ الشَّارِحُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَلَيْهِ وَلَمْ يُدْخِلْهَا فِي كَلَامِهِ إذْ إدْخَالُهَا فِيهِ يَقْتَضِي إثْبَاتَ الْخِلَافِ فِيهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَالْأَوْجَهُ مَا جَرَى عَلَيْهِ الْمُصَحِّحُ وَالْإِدْخَالُ حِينَئِذٍ مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ لَا مِنْ حَيْثُ الْخِلَافُ، وَجَعْلُ الْحَيَوَانِ مِثَالًا هُوَ مَا دَرَجُوا عَلَيْهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ.

فَمَا ذَكَرَهُ فِي الْأَنْوَارِ مِنْ أَنَّهُ قَسِيمٌ لَهُ وَحُكْمُهُمَا وَاحِدٌ مَحَلُّ نَظَرٍ، وَإِنْ كَانَ يُمْكِنُ تَوْجِيهُهُ بِأَنَّهُ لَمَّا شَكَّ فِيهِ هَلْ هُوَ مِمَّا يَسْتَوِي فِيهِ الْأَمْرَانِ أَوْ لَا أُلْحِقَ بِالْمُسْتَوِي لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْمَانِعِ وَجُعِلَ قَسِيمًا لَهُ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الِاسْتِوَاءِ فِيهِ، وَمُقْتَضَى إنَاطَتِهِمْ التَّغَيُّرَ وَعَدَمُهُ بِالْغَالِبِ لَا بِوُقُوعِهِ بِالْفِعْلِ عَدَمُ النَّظَرِ لِهَذَا حَتَّى لَوْ غَلَبَ التَّغَيُّرُ فَلَمْ يَتَغَيَّرْ أَوْ عَدَمُهُ فَتَغَيَّرَ أَوْ اسْتَوَى فِيهِ الْأَمْرَانِ فَتَغَيَّرَ أَوْ لَمْ يَتَغَيَّرْ لَمْ يُؤَثِّرْ فِيمَا قَالُوهُ فِي كُلٍّ مِنْ الْأَقْسَامِ مِنْ الْبُطْلَانِ فِي الْأَوَّلِ وَالصِّحَّةِ فِي الْأَخِيرَيْنِ، وَوَجْهُهُ اعْتِبَارُ الْغَلَبَةِ وَعَدَمُهَا حَالَةَ الْعَقْدِ دُونَ الطَّارِئِ بَعْدَهُ.

(وَتَكْفِي) فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ (رُؤْيَةُ بَعْضِ الْمَبِيعِ إنْ دَلَّ عَلَى بَاقِيهِ) (

ــ

[حاشية الشبراملسي]

غَالِبًا (قَوْلُهُ: تَخَيَّرَ) أَيْ فَوْرًا فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّهُ خِيَارُ عَيْبٍ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُمَا قَدْ اتَّفَقَا عَلَى وُجُودِهِ) هَذِهِ الْعِلَّةُ مَوْجُودَةٌ فِيمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي تَغَيُّرِهِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْأُولَى مُصَوَّرَةٌ بِمَا قَبْلَ الْقَبْضِ فَلَا تُنَافِي هَذِهِ لَكِنَّ عُمُومَ كَلَامِهِمْ يُخَالِفُهُ، وَالْأَقْرَبُ أَنْ يُصَوَّرَ مَا هُنَا بِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى أَنَّ هَذِهِ الصِّفَةَ كَانَتْ مَوْجُودَةً عِنْدَ الْعَقْدِ وَاخْتَلَفَا فِي مُجَرَّدِ عِلْمِ الْمُشْتَرِي بِهَا فَصَدَقَ الْمُشْتَرِي عَمَلًا بِالْأَصْلِ كَمَا اقْتَضَاهُ قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْبَائِعَ يَدَّعِي عَلَيْهِ أَنَّهُ رَآهُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: مَفْهُومِ أَوَّلِهِ) هُوَ قَوْلُهُ: فِيمَا لَا يَتَغَيَّرُ غَالِبًا (قَوْلُهُ: وَآخِرُهُ) هُوَ قَوْلُهُ: دُونَ مَا يَتَغَيَّرُ (قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ فِيهِ) أَيْ فِيمَا يَحْتَمِلُ التَّغَيُّرَ وَعَدَمَهُ عَلَى السَّوَاءِ (قَوْلُهُ: بِشَرْطِهِ) أَيْ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ حَالَ الْعَقْدِ ذَاكِرًا لِأَوْصَافِهِ (قَوْلُهُ: يَقْتَضِي إثْبَاتَ إلَخْ) هَكَذَا فِي نُسَخٍ مُتَعَدِّدَةٍ، وَصَوَابُهُ عَدَمُ إثْبَاتِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ مَا جَرَى عَلَيْهِ الْمُصَحِّحُ) هُوَ ابْنُ قَاضِي عَجْلُونٍ مِنْ إدْخَالِ مَسْأَلَةِ الِاسْتِوَاءِ فِي الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: وَجَعْلُ الْحَيَوَانِ مِثَالًا) أَيْ لِمَا اسْتَوَى فِيهِ الْأَمْرَانِ (قَوْلُهُ: يُمْكِنُ تَوْجِيهُهُ) أَيْ مَا فِي الْأَنْوَارِ (قَوْلُهُ: مِنْ الْبُطْلَانِ فِي الْأَوَّلِ) هُوَ قَوْلُهُ: لَوْ غَلَبَ التَّغَيُّرُ وَقَوْلُهُ: وَالصِّحَّةُ فِي الْآخَرَيْنِ هُمَا

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: لِأَنَّهُمَا قَدْ اتَّفَقَا إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا فَإِنَّهُمَا لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى تَغَيُّرٍ بَلْ الْمُشْتَرِي يَدَّعِيهِ وَالْبَائِعُ يُنْكِرُ وُجُودَهُ مِنْ أَصْلِهِ فَافْتَرَقَا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ فَانْدَفَعَ مَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: يَقْتَضِي إثْبَاتَ الْخِلَافِ فِيهَا) صَوَابُهُ يَقْتَضِي عَدَمَ ثُبُوتِ الْخِلَافِ فِيهَا: أَيْ لِأَنَّ مَسْأَلَةَ الِاسْتِوَاءِ فِيهَا خِلَافٌ أَوْرَدَهُ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ، بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى لَا خِلَافَ فِيهَا، وَلَعَلَّ لَفْظَ عَدَمِ أَسْقَطَهُ النُّسَّاخُ (قَوْلُهُ: وَجَعَلَ الْحَيَوَانَ مِثَالًا) يَعْنِي لِلْمُسْتَوِي: أَيْ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: لِهَذَا) أَيْ التَّغَيُّرِ بِالْفِعْلِ

ص: 418

كَظَاهِرِ الصُّبْرَةِ) مِنْ نَحْوِ بُرٍّ وَلَوْزٍ وَأَدِقَّةٍ وَمِسْكٍ وَعَجْوَةٍ وَكَبِيسٍ فِي نَحْوِ قَوْصَرَّةٍ وَقُطْنٍ فِي عِدْلٍ وَبُرٍّ فِي بَيْتٍ وَإِنْ رَآهُ مِنْ كَوَّةٍ، وَكَذَلِكَ تَكْفِي رُؤْيَةُ أَعْلَى الْمَائِعَاتِ فِي ظُرُوفِهَا؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ اسْتِوَاءُ ظَاهِرِ ذَلِكَ وَبَاطِنِهِ، فَإِنْ تَخَالَفَا ثَبَتَ الْخِيَارُ، بِخِلَافِ صُبْرَةٍ نَحْوِ سَفَرْجَلٍ وَرُمَّانٍ وَبِطِّيخٍ لَا يَكْفِي فِيهَا مَا مَرَّ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَةِ جَمِيعِ كُلِّ وَاحِدَةٍ وَإِنْ غَلَبَ عَدَمُ تَفَاوُتِهَا، فَإِنْ رَأَى أَحَدَ جَانِبَيْ نَحْوِ بِطِّيخَةٍ كَانَ كَبَيْعِ الْغَائِبِ كَالثَّوْبِ الصَّفِيقِ يَرَى أَحَدَ وَجْهَيْهِ وَكَذَا تُرَابُ الْأَرْضِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ بَاعَهُ قَدْرَ ذِرَاعٍ طُولًا وَعُمْقًا مِنْ أَرْضٍ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ تُرَابَ الْأَرْضِ مُخْتَفٍ (وَ) تَكْفِي رُؤْيَةُ بَعْضِ الْمَبِيعِ الدَّالِّ عَلَى بَاقِيهِ نَحْوِ (أَنَمُوذَجً) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَالْمِيمِ وَفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ النُّونِ وَهَذَا هُوَ الشَّائِعُ لَكِنْ قَالَ صَاحِبُ الْقَامُوسِ: إنَّهُ لَحْنٌ إنَّمَا هُوَ بِفَتْحِ النُّونِ وَضَمِّ الْمِيمِ الْمُشَدَّدَةِ وَفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ (الْمُتَمَاثِلِ) أَيْ الْمُتَسَاوِي

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: أَوْ عَدَمُهُ فَتَغَيَّرَ وَقَوْلُهُ: أَوْ اسْتَوَى فِيهِ الْأَمْرَانِ

(قَوْلُهُ: وَأَدِقَّةٍ) جَمْعُ دَقِيقٍ (قَوْلُهُ: وَعَجْوَةٍ) أَيْ مَنْسُولَةٍ أَمَّا الَّتِي فِيهَا النَّوَى فَلَا يَكْفِي فِيهَا ذَلِكَ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ، وَيُحْتَمَلُ الْعُمُومُ أَخْذًا مِنْ إطْلَاقِ الشَّارِحِ، وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ لَهُ إذَا اخْتَلَفَ الظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ، وَلَعَلَّهُ الْأَقْرَبُ (قَوْلُهُ: فِي نَحْوِ قَوْصَرَّةٍ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ: إنْ عَرَفَ عُمْقَ ذَلِكَ وَسِعَتَهُ قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَهَذَا الشَّرْطُ لَا يَخْتَصُّ بِهَذِهِ الصُّورَةِ بَلْ يَأْتِي فِي رُؤْيَةِ الْحَبِّ مِنْ كُوَّةٍ أَوْ نَحْوِهَا خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ صَنِيعُهُ، عَلَى أَنَّ الْمَانِعَ مِنْ صِحَّةِ الْبَيْعِ فِي ذَلِكَ الْجَهْلُ بِالْمِقْدَارِ لَا عَدَمُ الرُّؤْيَةِ الَّذِي الْكَلَامُ فِيهِ اهـ سم عَلَى حَجّ.

وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّ مَحَلَّ الِاكْتِفَاءِ بِالْمُعَايَنَةِ فِي الْمُعَيَّنِ عَنْ مَعْرِفَةِ الْقَدْرِ حَيْثُ أَمْكَنَ مَعْرِفَةُ الْقَدْرِ مَعَ تِلْكَ الرُّؤْيَةِ وَإِلَّا فَلَا تَكْفِي (قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ تَكْفِي رُؤْيَةُ أَعْلَى الْمَائِعَاتِ إلَخْ) عِبَارَةُ حَجّ: وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ مِسْكٍ فِي فَأْرَتِهِ مَعَهَا أَوْ دُونَهَا إلَّا إنْ فَرَّغَهَا وَرَآهُمَا أَوْ رَآهَا فَارِغَةً ثُمَّ رَأَى أَعْلَاهُ بَعْدَ مِلْئِهَا مِنْهُ، وَيَصِحُّ بَيْعُ نَحْوِ سَمْنٍ رَآهُ فِي ظَرْفِهِ مَعَهُ مُوَازَنَةً إنْ عَلِمَا زِنَةَ كُلٍّ وَكَانَ لِلظَّرْفِ قِيمَةٌ، وَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِمَا إذَا قَصَدَ الظَّرْفَ أَخْذًا مِنْ تَعْلِيلِهِمْ الْبُطْلَانَ بِشَرْطِ بَذْلِ مَالٍ فِي مُقَابَلَةِ غَيْرِ مَالٍ.

وَيُرَدُّ بِأَنَّ ذِكْرَهُ يُشْعِرُ بِقَصْدِهِ فَلَا نَظَرَ لِقَصْدِهِ الْمُخَالِفِ لَهُ انْتَهَى.

فَقَوْلُهُ: إنْ عَلِمَا زِنَةَ كُلٍّ مَفْهُومُهُ بُطْلَانُ الْبَيْعِ مَعَ الْجَهْلِ. وَيُشْكِلُ ذَلِكَ بِالصِّحَّةِ فِيمَا لَوْ بَاعَ صُبْرَةً مَجْهُولَةَ الصِّيعَانِ كُلُّ صَاعٍ بِدِرْهَمٍ اكْتِفَاءً بِتَفْضِيلِ الثَّمَنِ، وَأَشَارَ لِلْجَوَابِ عَنْ مِثْلِهِ سم عَلَى مَنْهَجٍ حَيْثُ قَالَ: وَأَقُولُ لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ الْمَقْصُودَ هُوَ السَّمْنُ وَالْمِسْكُ وَالْجَهْلُ بِوَزْنِهِمَا يُورِثُ الْجَهْلَ بِالْمَبِيعِ كَاللَّبَنِ الْمَشُوبِ بِالْمَاءِ تَأَمَّلْ ا. هـ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَخَالَفَا) أَيْ الظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ صُبْرَةٍ نَحْوُ سَفَرْجَلٍ إلَخْ) مِنْ النَّحْوِ الْعِنَبُ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخَانِ وَنُوزِعَا فِيهِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.

وَلَعَلَّ وَجْهَ الْمُنَازَعَةِ أَنَّ الْعِنَبَ كَاللَّوْزِ وَنَحْوِهِ فِي عَدَمِ شِدَّةِ التَّفَاوُتِ بَيْنَ حَبَّاتِهِ بِخِلَافِ الْبِطِّيخِ، وَلَعَلَّ وَجْهَ مَا قَالَهُ الشَّيْخَانِ مَنْعُ عَدَمِ التَّفَاوُتِ بَيْنَ حَبَّاتِهِ فِي الْغَالِبِ بَلْ الْمُشَاهَدُ كَثْرَةُ التَّفَاوُتِ سِيَّمَا عِنْدَ اخْتِلَافِ الْأَشْجَارِ (قَوْلُهُ: لَا يَكْفِي فِيهَا مَا مَرَّ) هُوَ رُؤْيَةُ الظَّاهِرِ (قَوْلُهُ: بَلْ لَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَةِ جَمِيعِ كُلِّ وَاحِدَةٍ) أَيْ الرُّؤْيَةِ الْعُرْفِيَّةِ فَلَا يُشْتَرَطُ قَلْبُهَا وَرُؤْيَةُ وَجْهَيْهَا إلَّا إذَا غَلَبَ اخْتِلَافُ أَحَدِ وَجْهَيْهَا عَلَى مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: كَالثَّوْبِ الصَّفِيقِ) قَضِيَّةُ هَذَا التَّشْبِيهِ أَنَّ عَدَمَ الِاكْتِفَاءِ بِرُؤْيَةِ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ مَفْرُوضٌ فِيمَا لَوْ اخْتَلَفَتْ جَوَانِبُهَا (قَوْلُهُ: إنَّهُ لَحْنٌ) قَالَ النَّوَاجِيُّ: هَذِهِ دَعْوَةٌ لَا تَقُومُ عَلَيْهَا حُجَّةٌ فَمَا زَالَتْ الْعُلَمَاءُ قَدِيمًا وَحَدِيثًا يَسْتَعْمِلُونَ هَذَا اللَّفْظَ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ، حَتَّى إنَّ الزَّمَخْشَرِيّ وَهُوَ مِنْ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ سَمَّى كِتَابَهُ فِي النَّحْوِ الْأُنْمُوذَجُ، وَكَذَلِكَ الْحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ الْقَيْرَوَانِيُّ وَهُوَ إمَامُ الْمَغْرِبِ فِي اللُّغَةِ سَمَّى بِهِ كِتَابَهُ فِي صِنَاعَةِ الْأَدَبِ.

وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي الْمِنْهَاجِ: وَأُنْمُوذَجُ الْمُتَمَاثِلِ، وَلَمْ يُعَقِّبْهُ أَحَدٌ مِنْ الشُّرَّاحِ بَلْ نَقَلَ ابْنُ الْمُلَقِّنِ فِي إشَارَاتِ الْمِنْهَاجِ عَنْ كِتَابِ الْمُغْرِبِ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ لِنَاصِرِ بْنِ عَبْدِ السَّيِّدِ الْمُطَرِّزِيُّ شَارِحِ الْمَقَامَاتِ أَنَّهُ قَالَ: النَّمَاذِجُ بِالْفَتْحِ وَالْأُنْمُوذَجُ بِالضَّمِّ تَعْرِيبُ نَمُوذَهْ. قَالَ ابْنُ خِلِّكَانِ: وَلَهُ عَلَيْهِ شَرْحٌ سَمَّاهُ الْمُعَرَّبَ بِالْمُهْمَلَةِ فِي شَرْحِ الْمُغْرِبِ وَهُوَ كَبِيرٌ قَلِيلُ الْوُجُودِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا هُوَ بِفَتْحِ النُّونِ) أَيْ مِنْ غَيْرِ الْهَمْزَةِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ (وَمِسْكٍ إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى صُبْرَةٍ

ص: 419

الْأَجْزَاءِ كَالْحُبُوبِ وَيُسَمَّى بِالْعَيِّنَةِ.

نَعَمْ يُشْتَرَطُ إدْخَالُهُ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ وَإِذَا لَمْ يَرُدَّهُ إلَى الْمَبِيعِ وَاعْتِبَارُ الْإِسْنَوِيِّ خَلْطُهُ بِهِ قَبْلَ الْعَقْدِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْبَغَوِيّ مَمْنُوعٌ لِأَنَّ رُؤْيَتَهُ كَظَاهِرِ الصُّبْرَةِ وَأَعْلَى الْمَائِعِ فِي دَلَالَةِ كُلٍّ عَلَى الْبَاقِي، وَدَعْوَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يَرُدَّهُ إلَيْهِ يَكُونُ كَبَيْعِ عَيْنَيْنِ رَأَى إحْدَاهُمَا غَيْرَ صَحِيحَةٍ لِظُهُورِ الْفَرْقِ؛ لِأَنَّ مَا هُنَا فِي الْمُتَمَاثِلِ وَالْعَيِّنَتَانِ لَيْسَتَا كَذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يُدْخِلْهُ فِي الْبَيْعِ لَمْ يَصِحَّ وَإِنْ رَدَّهُ لِلْمَبِيعِ لِانْتِفَاءِ رُؤْيَةِ الْمَبِيعِ أَوْ بِشَيْءٍ مِنْهُ كَمَا لَوْ قَالَ بِعْتُك مِنْ هَذَا النَّوْعِ كَذَا (أَوْ) لَمْ يَدُلَّ عَلَى بَاقِيهِ بَلْ (كَانَ صِوَانًا) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَيَجُوزُ ضَمُّهُ (لِلْبَاقِي خِلْقَةً كَقِشْرِ) قَصَبِ السُّكْرِ الْأَعْلَى وَطَلْعِ النَّخْلِ (الرُّمَّانِ وَالْبِيضِ) وَالْقُطْنِ بَعْدَ تَفَتُّحِهِ وَامْتِنَاعِ السَّلَمِ فِيهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لِانْتِفَاءِ انْضِبَاطِهِ (وَالْقِشْرَةِ السُّفْلَى) وَهِيَ الَّتِي تُكْسَرُ عِنْدَ الْأَكْلِ وَكَذَا الْعُلْيَا إنْ لَمْ تَنْعَقِدْ (لِلْجَوْزِ وَاللَّوْزِ) لِأَنَّ صَلَاحَ بَاطِنِهِ فِي بَقَائِهِ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يَدُلَّ هُوَ عَلَيْهِ، فَقَوْلُهُ أَوْ كَانَ قَسِيمَ قَوْلِهِ إنْ دَلَّ، وَتَعْبِيرُهُ كَأَصْلِهِ بِخِلْقَةٍ صِفَةٌ لِبَيَانِ الْوَاقِعِ فِي الْأَمْثِلَةِ الْمَذْكُورَةِ وَنَحْوِهَا أَوْ اُحْتُرِزَ بِهِ عَنْ جِلْدِ الْكِتَابِ فَلَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَةِ جَمِيعِ أَوْرَاقِهِ، وَمِثْلُهُ الْوَرَقُ الْأَبْيَضُ.

وَلَا يُرَدُّ عَلَى طَرْدِهِ بَيْعُ الْقُطْنِ فِي جَوْزِهِ وَالدُّرِّ فِي صَدَفِهِ وَالْمِسْكِ فِي فَأْرَتِهِ: أَيْ حَيْثُ لَمْ يَرَهَا فَارِغَةً ثُمَّ يُعَادُ إلَيْهَا فَإِنَّهُ يَكْتَفِي بِرُؤْيَةِ أَعْلَاهَا كَمَا مَرَّ، وَعَلَى عَكْسِهِ الْفُقَّاعُ فِي كُوزِهِ وَالْخُشْكَنَانُ وَنَحْوُهُ وَالْجُبَّةُ الْمَحْشُوَّةُ بِالْقُطْنِ لِبُطْلَانِ بَيْعِ الْأَوَّلِ مَعَ أَنَّ صِوَانَهَا خِلْقِيٌّ دُونَ الْآخَرِ مَعَ أَنَّ صِوَانَهَا غَيْرُ خِلْقِيٍّ.

لِأَنَّا نَقُولُ: الْغَالِبُ فِي الْخِلْقِيِّ أَنَّ بَقَاءَهُ فِيهِ مِنْ مَصَالِحِهِ فَأُرِيدَ بِهِ مَا هُوَ الْغَالِبُ فِيهِ وَمِنْ شَأْنِهِ، وَتَرَدَّدَ الْأَذْرَعِيُّ فِي إلْحَاقِ الْفُرُشِ وَاللُّحُفِ بِمَا مَرَّ، وَرَجَّحَ غَيْرُهُ كَالْبَدْرِ ابْنِ شُهْبَةَ عَدَمَهُ؛ لِأَنَّ الْقُطْنَ فِيهَا مَقْصُودٌ لِذَاتِهِ بِخِلَافِ الْجُبَّةِ، وَبَحَثَ الدَّمِيرِيِّ الْإِلْحَاقَ، وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ نَحْوِ لُبِّ جَوْزٍ وَحْدَهُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: كَظَاهِرِ الصُّبْرَةِ) أَيْ كَرُؤْيَةِ ظَاهِرِ الصُّبْرَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهَا كَافِيَةٌ (قَوْلُهُ: بَلْ كَانَ صِوَانًا) الْأَوْلَى لَكِنَّهُ كَانَ إلَخْ (قَوْلُهُ: فِي هَذِهِ الْحَالَةِ) أَيْ فِي جَوْزِهِ بَعْدَ تَفَتُّحِهِ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ الْوَرَقُ الْأَبْيَضُ) أَيْ فِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَةِ جَمِيعِهِ (قَوْلُهُ: وَالْجُبَّةُ الْمَحْشُوَّةُ إلَخْ) أَيْ فَإِنَّهُ تَكْفِي رُؤْيَةُ ظَاهِرِهَا وَلَا يُشْتَرَطُ رُؤْيَةُ شَيْءٍ مِمَّا فِي الْبَاطِنِ.

[فَرْعٌ] سُئِلَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ عَنْ بَيْعِ السُّكَّرِ فِي قُدُورِهِ هَلْ يَصِحُّ وَيُكْتَفَى بِرُؤْيَةِ أَعْلَاهُ مِنْ رُءُوسِ الْقُدُورِ؟ .

فَأَجَابَ بِأَنَّهُ إنْ كَانَ بَقَاؤُهُ فِي الْقُدُورِ مِنْ مَصَالِحِهِ صَحَّ وَكَفَى رُؤْيَةُ أَعْلَاهُ مِنْ رُءُوسِ الْقُدُورِ وَإِلَّا فَلَا اهـ.

وَلَعَلَّ وَجْهَ ذَلِكَ أَنَّ رُؤْيَةَ أَعْلَاهُ لَا تَدُلُّ عَلَى بَاقِيهِ لَكِنَّهُ اكْتَفَى بِهَا إذَا كَانَ بَقَاؤُهُ فِي الْقُدُورِ مِنْ مَصَالِحِهِ لِلضَّرُورَةِ اهـ سم عَلَى حَجّ.

ثُمَّ إنْ اخْتَلَفَ الظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ ثَبَتَ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ (قَوْلُهُ: الْأَوَّلِ) أَيْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ وَهُوَ الْقُطْنُ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ: دُونَ الْآخَرِ: أَيْ الْقِسْمِ الْآخَرِ، وَهُوَ الْفُقَّاعُ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: بِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ نَحْوِ الْجُبَّةِ الْمَحْشُوَّةِ (قَوْلُهُ: كَالْبَدْرِ بْنِ شُهْبَةَ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: عَدَمَهُ) أَيْ الْإِلْحَاقَ فَيُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْبَيْعِ رُؤْيَةُ بَاطِنِهِ وَيَكْفِي فِيهَا

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَالْقُطْنِ بَعْدَ تَفَتُّحِهِ) لَا يَخْفَى أَنَّ إيرَادَهُ هُنَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَقْتَضِي أَنَّهُ تَكْفِي رُؤْيَةُ صُوَانِهِ بَعْدَ تَفَتُّحِهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا مَعْنَى لِاشْتِرَاطِ تَفَتُّحِهِ إذْ لَا مَعْنَى لَهُ إلَّا التَّمَكُّنُ مِنْ رُؤْيَةِ بَعْضِهِ وَحِينَئِذٍ فَهُوَ مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ لَا مِنْ الثَّانِي.

وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ: وَتُكْفَى رُؤْيَةُ الصُّوَانِ كَرُمَّانٍ إلَخْ.

قَالَ شَارِحُهُ: بِخِلَافِ جَوَازِ الْقُطْنِ اهـ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ تَنْعَقِدْ) يَعْنِي السُّفْلَى (قَوْلُهُ: الْقُطْنُ فِي جَوْزِهِ) أَيْ قَبْلَ تَفَتُّحِهِ (قَوْلُهُ: أَيْ حَيْثُ لَمْ يَرَهَا فَارِغَةً) أَيْ الْفَأْرَةَ (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) الَّذِي مَرَّ أَنَّهُ يُكْتَفَى بِرُؤْيَةِ أَعْلَى الْمِسْكِ، وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَرَ الْفَأْرَةَ فَارِغَةً فَفِي قَوْلِهِ كَمَا مَرَّ مُسَامَحَةٌ (قَوْلُهُ: وَالْأُوَلُ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ جَمْعُ أَوَّلَ وَكَذَلِكَ الْأُخَرُ خِلَافُ مَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: فَأُرِيدَ بِهِ مَا هُوَ الْغَالِبُ فِيهِ) أَيْ فَلَيْسَ الْمُرَادُ عُمُومَ الصُّوَانِ الْخِلْقِيِّ بَلْ نَوْعٌ مِنْهُ وَهُوَ مَا بَقَاؤُهُ فِيهِ مِنْ مَصَالِحِهِ، وَحِينَئِذٍ فَكَانَ الْأَوْلَى حَذْفَ قَوْلِهِ وَمِنْ شَأْنِهِ لِأَنَّهُ يُوهِمُ أَنَّهُ يُكْتَفَى بِرُؤْيَةِ الصُّوَانِ الَّذِي لَيْسَ الْبَقَاءُ فِيهِ مِنْ الْمَصَالِحِ لِأَنَّ مِنْ شَأْنِهِ أَنَّ الْبَقَاءَ فِيهِ مِنْ الْمَصَالِحِ، ثُمَّ إنَّ هَذَا الْجَوَابَ لَا يَدْفَعُ مَا وَرَدَ عَلَى الْعَكْسِ

ص: 420

فِي قِشْرِهِ لِأَنَّ تَسْلِيمَهُ غَيْرُ مُمْكِنٍ بِدُونِ كَسْرِ قِشْرِهِ فَيُؤَدِّي لِنَقْصِ عَيْنِ الْمَبِيعِ.

(وَتُعْتَبَرُ)(رُؤْيَةُ كُلِّ شَيْءٍ) غَيْرِ مَا مَرَّ (عَلَى مَا يَلِيقُ بِهِ) عُرْفًا، وَضَبَطَهُ فِي الْكَافِي بِأَنْ يَرَى مَا يَخْتَلِفُ مُعْظَمُ الْمَالِيَّةِ بِاخْتِلَافِهِ، فَفِي الدَّارِ رُؤْيَةُ الْبُيُوتِ وَالسُّقُوفِ وَالسُّطُوحِ وَالْجُدَرَانِ وَالْمُسْتَحَمِّ وَالْبَالُوعَةِ، وَكَذَا رُؤْيَةُ الطَّرِيقِ، وَفِي الْبُسْتَانِ رُؤْيَةُ أَشْجَارِهِ وَمَجْرَى مَائِهِ، وَكَذَا يُشْتَرَطُ رُؤْيَةُ الْمَالِ الَّذِي تَدُورُ بِهِ الرَّحَى كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ خِلَافًا لِابْنِ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ، وَلَا يُشْتَرَطُ رُؤْيَةُ أَسَاسِ جُدَرَانِ الْبُسْتَانِ وَلَا عُرُوقُ الْأَشْجَارِ وَنَحْوُهُمَا وَيُشْتَرَطُ فِي ذَلِكَ وَنَحْوِهِ رُؤْيَةُ الْأَرْضِ، وَلَوْ رَأَى آلَةَ بِنَاءِ الْحَمَّامِ وَأَرْضَهَا قَبْلَ بِنَائِهَا لَمْ يَكْفِ عَنْ رُؤْيَتِهَا كَمَا لَا يَكْفِي فِي التَّمْرِ رُؤْيَتُهُ رُطَبًا كَمَا لَوْ رَأَى سَخْلَةً أَوْ صَبِيًّا فَكَمُلَا لَا يَصِحُّ بَيْعُهُمَا بِلَا رُؤْيَةٍ أُخْرَى، وَلَا بُدَّ فِي السَّفِينَةِ مِنْ رُؤْيَةِ جَمِيعِهَا حَتَّى مَا فِي الْمَاءِ مِنْهَا كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُمْ، وَفِي الْأَمَةِ وَالْعَبْدِ مَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ كَالشَّعْرِ وَفِي الدَّابَّةِ جَمِيعِ أَجْزَائِهَا لَا رُؤْيَةُ لِسَانِ حَيَوَانٍ وَلَوْ آدَمِيًّا وَأَسْنَانِهِ وَأَجْزَاءٍ نَحْوُ فَرَسٍ وَبَاطِنِ حَافِرٍ وَقَدَمٍ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَخِيرَةِ خِلَافًا لِلْأَزْرَقِيِّ، وَلِهَذَا أَطْلَقُوا عَدَمَ اشْتِرَاطِ قَلْعِ النَّعْلِ وَفِي ثَوْبٍ وَنَشْرِهِ مَطْوِيٍّ وَرُؤْيَةِ وَجْهَيْهِ إنْ اخْتَلَفَا كَبِسَاطٍ وَكُلِّ مُنَقَّشٍ وَإِلَّا كَكِرْبَاسٍ كَفَتْ رُؤْيَةُ أَحَدِهِمَا، وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ اللَّبَنِ فِي الضَّرْعِ وَإِنْ حُلِبَ مِنْهُ شَيْءٌ وَرُئِيَ قَبْلَ الْبَيْعِ لِلنَّهْيِ عَنْهُ وَلِاخْتِلَاطِهِ بِالْحَادِثِ وَلِعَدَمِ تَيَقُّنِ وُجُودِ قَدْرِ اللَّبَنِ الْمَبِيعِ وَلِعَدَمِ رُؤْيَتِهِ، وَلَا بَيْعُ الصُّوفِ قَبْلَ جَزِّهِ أَوْ تَذْكِيَتِهِ لِاخْتِلَافِهِ بِالْحَادِثِ؛ وَلِأَنَّ تَسْلِيمَهُ إنَّمَا يُمْكِنُ بِاسْتِئْصَالِهِ وَهُوَ مُؤْلِمٌ لِلْحَيَوَانِ، فَإِنْ قَبَضَ قِطْعَةً وَقَالَ بِعْتُك هَذِهِ صَحَّ قَطْعًا، وَلَا بَيْعُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْبَعْضُ (قَوْلُهُ: لِنَقْصِ عَيْنِ الْمَبِيعِ) وَهُوَ الْقِشْرُ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْقِشْرَ وَاللُّبَّ فِيهِ يُرْغَبُ فِيهِ حِفْظُ اللُّبِّ فَتَزِيدُ قِيمَتُهُ وَبَعْدَ الْكَسْرِ إنَّمَا يُرَادُ لِمُجَرَّدِ الْوَقُودِ وَقِيمَتُهُ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ تَافِهَةٌ

(قَوْلُهُ: وَالسُّطُوحِ) جَمْعُ سَطْحٍ قَالَ فِي الْمُخْتَارِ وَسَطْحُ كُلِّ شَيْءٍ أَعْلَاهُ (قَوْلُهُ: وَكَذَا رُؤْيَةُ الطَّرِيقِ) أَيْ الَّتِي يُتَوَصَّلُ مِنْهَا إلَى الدَّارِ (قَوْلُهُ: لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ) أَيْ بِقُوَّتِهِ وَضَعْفِهِ (قَوْلُهُ: لَا بُدَّ فِي السَّفِينَةِ مِنْ رُؤْيَةِ جَمِيعِهَا) أَيْ وَلَوْ كَبِيرَةً جِدًّا كَالْمَلَاحِيِّ، وَلَوْ اُحْتِيجَ فِي رُؤْيَتِهَا إلَى صَرْفِ دَرَاهِمَ لِمَنْ يُقَلِّبُ السَّفِينَةَ مِنْ جَانِبٍ إلَى آخَرَ لِتَتَأَتَّى رُؤْيَتُهَا لَمْ تَجِبْ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِعَيْنِهِ، بَلْ إنْ أَرَادَ الْمُشْتَرِي التَّوَصُّلَ إلَى الرُّؤْيَةِ وَفَعَلَ ذَلِكَ كَانَ تَبَرُّعًا مِنْهُ، وَأَرَادَ الْبَائِعُ ذَلِكَ لِإِرَاءَةِ الْمُشْتَرِي أَوْ لِرُؤْيَةِ نَفْسِهِ لِيَصِحَّ الْبَيْعُ لَمْ يَرْجِعْ بِمَا صَرَفَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي.

نَعَمْ لَوْ اسْتَحَالَ قَلْبُهَا وَرُؤْيَةُ أَسْفَلِهَا فَيَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِظَاهِرِهَا مِمَّا لَمْ يَسْتُرْهُ الْمَاءُ وَجَمِيعُ الْبَاطِنِ فَلَوْ تَبَيَّنَ بَعْدَهُ تَغَيُّرُهَا ثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ (قَوْلُهُ: مَا فِي الْمَاءِ مِنْهَا) وَلَا تَكْفِي رُؤْيَتُهَا فِي الْمَاءِ وَلَوْ صَافِيًا (قَوْلُهُ: لَا رُؤْيَةَ إلَخْ) لَا هُنَا بِمَنْزِلَةِ إلَّا (قَوْلُهُ: فِي الْأَخِيرَةِ) وَهِيَ قَوْلُهُ: وَقَدَّمَ (قَوْلَهُ: خِلَافًا لِلْأَزْرَقِيِّ) فِي نُسْخَةٍ لِلْأَزْرَقِ وَمِثْلُهَا فِي حَجّ (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا أَطْلَقُوا عَدَمَ اشْتِرَاطِ إلَخْ) وَفِي نُسْخَةٍ أَطْبَقُوا عَلَى عَدَمِ وَمَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: لِأَنَّ تَسْلِيمَهُ غَيْرُ مُمْكِنٍ) أَيْ وَلِأَنَّ الْمَبِيعَ حِينَئِذٍ غَيْرُ مَرْئِيٍّ أَصْلًا

(قَوْلُهُ: وَكَذَا يُشْتَرَطُ رُؤْيَةُ الْمَاءِ الَّذِي تَدُورُ بِهِ الرَّحَى) أَيْ فِيمَا إذَا اشْتَرَى رَحًى تَدُورُ بِالْمَاءِ (قَوْلُهُ: وَلِاخْتِلَاطِهِ بِالْحَادِثِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الصُّورَةَ أَنَّهُ اشْتَرَى جَمِيعَ مَا فِي الضَّرْعِ، وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ وَلِعَدَمِ تَيَقُّنِ وُجُودِ قَدْرِ اللَّبَنِ الْمَبِيعِ أَنَّهُ اشْتَرَى مِنْهُ قَدْرًا مُعَيَّنًا، وَكَأَنَّهُ أَشَارَ إلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْبُطْلَانِ بَيْنَ أَنْ يَشْتَرِيَ الْكُلَّ أَوْ الْبَعْضَ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ: بَيْعُ اللَّبَنِ فِي الضَّرْعِ بَاطِلٌ، فَلَوْ قَالَ بِعْتُك مِنْ اللَّبَنِ الَّذِي فِي ضَرْعِ هَذِهِ الْبَقَرَةِ كَذَا لَمْ يَجُزْ عَلَى الْمَذْهَبِ لِعَدَمِ تَيَقُّنِ وُجُودِ ذَلِكَ الْقَدْرِ، وَقِيلَ فِيهِ قَوْلَا بَيْعِ الْغَائِبِ وَلَوْ طَلَبَ شَيْئًا مِنْ اللَّبَنِ فَأَرَاهُ ثُمَّ بَاعَهُ رِطْلًا مِمَّا فِي الضَّرْعِ فَوَجْهَانِ كَالْأُنْمُوذَجِ، وَذَكَرَ الْغَزَالِيُّ وَجْهَيْنِ فِيمَا لَوْ قَبَضَ قَدْرًا مِنْ الضَّرْعِ وَأَحْكَمَ شَدَّهُ وَبَاعَ مَا فِيهِ.

قُلْت الْأَصَحُّ فِي الصُّورَتَيْنِ الْبُطْلَانُ لِأَنَّهُ يَخْتَلِطُ بِغَيْرِهِ مِمَّا يَنْصَبُّ فِي الضَّرْعِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: وَلِعَدَمِ رُؤْيَتِهِ) لَا مَوْقِعَ لَهُ بَعْدَ قَوْلِهِ وَإِنْ حُلِبَ مِنْهُ شَيْءٌ وَرُئِيَ قَبْلَ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَبَضَ قَبَضَهُ)

ص: 421

الْأَكَارِعِ وَالرُّءُوسِ قَبْلَ الْإِبَانَةِ وَلَا الْمَذْبُوحِ أَوْ جِلْدِهِ أَوْ لَحْمِهِ قَبْلَ السَّلْخِ أَوْ السَّمْطِ لِجَهَالَتِهِ، وَكَذَا مَسْلُوخٌ لَمْ يُنَقَّ جَوْفُهُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَبِيعَ وَزْنًا فَإِنْ بِيعَ جُزَافًا صَحَّ، بِخِلَافِ السَّمَكِ وَالْجَرَادِ فَيَصِحُّ مُطْلَقًا لِقِلَّةِ مَا فِي جَوْفِهِ وَلَوْ بَاعَ ثَوْبًا عَلَى مِنْسَجٍ قَدْ نُسِجَ بَعْضُهُ عَلَى أَنْ يَنْسِجَ الْبَائِعُ بَاقِيَهُ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ جَزْمًا (وَالْأَصَحُّ إنْ وَصَفَهُ) أَيْ الْمُعَيَّنَ الَّذِي يُرَادُ بَيْعُهُ (بِصِفَةِ السَّلَمِ لَا يَكْفِي) عَنْ الرُّؤْيَةِ وَإِنْ بَالَغَ فِيهَا وَوَصَلَتْ حَدَّ التَّوَاتُرِ لِأَنَّهَا تُفِيدُ أُمُورًا تَقْصُرُ عَنْهَا الْعِبَارَةُ، وَفِي الْخَبَرِ «لَيْسَ الْخَبَرُ كَالْعِيَانِ» وَالثَّانِي يَكْفِي، وَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ ثَمَرَةَ الرُّؤْيَةِ الْمَعْرِفَةُ وَالْوَصْفُ يُفِيدُهَا، وَعُلِمَ مِنْ قَوْلِنَا الْمُعَيَّنِ عَدَمُ مُنَافَاةِ هَذَا لِمَا يَأْتِي لَهُ أَوْ السَّلَمُ فِي ثَوْبٍ صِفَتُهُ كَذَا لِأَنَّهُ فِي مَوْصُوفٍ فِي الذِّمَّةِ.

وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ كُلَّ عَقْدٍ اُشْتُرِطَتْ فِيهِ الرُّؤْيَةُ لَا يَصِحُّ مِنْ الْأَعْمَى، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: إلَّا شِرَاءَ مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ لِأَنَّ مَقْصُودَهُ الْعِتْقُ وَمُقْتَضَاهُ إلْحَاقُ الْبَصِيرِ بِهِ فِي ذَلِكَ (وَ) مِنْ ثَمَّ (يَصِحُّ سَلَمُ الْأَعْمَى) مُسْلِمًا إلَيْهِ أَوْ مُسْلِمًا؛ لِأَنَّهُ يَعْرِفُ الْأَوْصَافَ وَالسَّلَمُ يَعْتَمِدُ الْوَصْفَ دُونَ الرُّؤْيَةِ.

نَعَمْ لَوْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ مُعَيَّنًا ابْتِدَاءً وَكُلُّ مَنْ يَقْبِضُ لَهُ وَعَنْهُ وَإِلَّا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: وَالرُّءُوسُ قَبْلَ الْإِبَانَةِ) وَلَوْ مِنْ الْمَذْبُوحِ لِاسْتِتَارِ بَعْضِ أَجْزَائِهِ قَبْلَ الْقَطْعِ (قَوْلُهُ: لِجَهَالَتِهِ) أَيْ جَهَالَةِ الْمَقْصُودِ مِنْهُ فَإِنَّ الْجِلْدَ يَخْتَلِفُ ثِخَنًا وَرِقَّةً، وَكَذَلِكَ أَجْزَاءُ الْحَيَوَانِ (قَوْلُهُ: فَيَصِحُّ مُطْلَقًا) أَيْ وَزْنًا وَجُزَافًا ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ كَبِيرًا وَكَثُرَ مَا فِي جَوْفِهِ، وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ: لِقِلَّةِ مَا فِي إلَخْ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ مَنْ شَأْنُهُ الْقِلَّةُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَاعَ ثَوْبًا عَلَى مِنْسَجٍ) كَمَذْهَبٍ وَمَجْلِسٍ وَبَابُهُ ضَرَبَ اهـ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنْ يَنْسِجَ الْبَائِعُ) أَيْ أَوْ غَيْرُهُ وَفِي الْمُخْتَارِ أَنْ يَنْسِجَ مِنْ بَابِ ضَرَبَ (قَوْلُهُ: لَيْسَ الْخَبَرُ كَالْعِيَانِ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ، وَرَوَى كَثِيرُونَ مِنْهُمْ أَحْمَدُ وَابْنُ حِبَّانَ خَبَرَ «يَرْحَمُ اللَّهُ مُوسَى لَيْسَ الْمُعَايِنُ كَالْخَبَرِ أَخْبَرَهُ رَبُّهُ تبارك وتعالى أَنَّ قَوْمَهُ فُتِنُوا بَعْدَهُ فَلَمْ يُلْقِ الْأَلْوَاحَ، فَلَمَّا رَآهُمْ وَعَايَنَهُمْ أَلْقَى الْأَلْوَاحَ فَتَكَسَّرَ مِنْهَا مَا تَكَسَّرَ» اهـ حَجّ.

وَقَوْلُهُ: الْمُعَايَنُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَصْدَرًا مِيمِيًّا بِمَعْنَى الْعِيَانِ، فَإِنَّ مَا كَانَ مِنْ الْمَزِيدِ بِصِيغَةِ الْمَفْعُولِ اسْتَوَى فِيهِ الْمَصْدَرُ وَاسْمُ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَالْمَفْعُولُ، وَيَتَعَيَّنُ الْمُرَادُ بِالْقَرَائِنِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي نُسْخَةٍ كَالْمُخْبِرِ وَهِيَ ظَاهِرَةٌ، وَعَلَيْهِ فَالْمُعَايِنُ بِكَسْرِ الْيَاءِ اسْمُ فَاعِلٍ (قَوْلُهُ: إلَّا شِرَاءَ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ) أَيْ وَلَوْ شِرَاءً غَيْرَ ضِمْنِيٍّ.

وَفِي سم عَلَى مَنْهَجٍ عَنْ الزَّرْكَشِيّ أَنَّهُ يَصِحُّ شِرَاؤُهُ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَبَيْعُهُ الْعَبْدَ مِنْ نَفْسِهِ قَالَ: وَنَقَلَ مَرَّ أَنَّ بَعْضَهُمْ جَوَّزَ صِحَّةَ شِرَائِهِ الضِّمْنِيِّ اهـ.

وَمَفْهُومُهُ أَنَّ غَيْرَ الضِّمْنِيِّ لَا يَصِحُّ مِنْهُ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا اقْتَضَاهُ مَا نَقَلَهُ عَنْ الزَّرْكَشِيّ، وَقَوْلُهُ: مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ: أَيْ يُحْكَمُ بِعِتْقِهِ عَلَيْهِ فَيَدْخُلُ فِيهِ مَنْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّتِهِ أَوْ شَهِدَ بِهَا وَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ (قَوْلُهُ: وَمُقْتَضَاهُ إلْحَاقُ الْبَصِيرِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: مُسْلَمًا إلَيْهِ أَوْ مُسْلِمًا) قِيلَ فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمَصْدَرَ مُضَافٌ إلَى فَاعِلِهِ وَمَفْعُولِهِ فَيَكُونُ الْأَعْمَى فَاعِلًا فِي مَحَلِّ رَفْعٍ عَلَى أَنَّهُ فَاعِلٌ لِلسَّلَمِ وَمَفْعُولًا فِي مَحَلِّ نَصْبٍ، وَنَظَرَ فِيهِ عَلَى أَنَّ مِثْلَ هَذَا لَا يَجُوزُ عَرَبِيَّةً؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ الْوَاحِدَ لَا يَكُونُ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ لِأَمْرَيْنِ مُتَبَايِنَيْنِ، فَمُرَادُ الشَّارِحِ أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ فِي مَحَلِّ رَفْعٍ وَأَنَّهُ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ.

لَكِنْ قَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّهُ نَظِيرُ قَوْله تَعَالَى {وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ} [الأنبياء: 78] مِنْ أَنَّهُ مُضَافٌ لِفَاعِلِهِ وَمَفْعُولِهِ مَعًا (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ) هَذَا الِاسْتِدْرَاكُ لَيْسَ بِصَحِيحٍ؛ لِأَنَّ قَضِيَّتَهُ صِحَّةُ عَقْدِهِ عَلَى الْمُعَيَّنِ، وَإِنَّمَا يَحْتَاجُ لِلتَّوْكِيلِ فِي الْقَبْضِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا يَصِحُّ عَقْدُهُ إذَا كَانَ رَأْسُ الْمَالِ فِي الذِّمَّةِ، فَلَعَلَّ الْمُرَادَ الَّذِي أَرَادَ إقْبَاضَهُ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ كَانَ مُعَيَّنًا بِيَدِهِ قَبْلُ لَا أَنَّهُ عَقَدَ عَلَيْهِ، وَهُوَ مُعَيَّنٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَكُلُّ مَنْ يُقْبَضُ لَهُ وَعَنْهُ) أَيْ وَيُقْبَضُ عَنْهُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

أَيْ وَلَيْسَتْ عَلَى حَدِّ اللَّحْمِ كَمَا عُرِفَ مِمَّا قَدَّمَهُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: قَبْلَ السَّلْخِ) أَيْ لِمَا يُسْلَخُ، وَقَوْلُهُ أَوْ السَّمْطِ: أَيْ لِمَا يُسْمَطُ (قَوْلُهُ: وَوَصَلَتْ حَدَّ التَّوَاتُرِ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ وُصِلَ إلَيْهِ مِنْ طَرِيقِ التَّوَاتُرِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ مُعَيَّنًا إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَصِحُّ فِي الْمُعَيَّنِ مِنْ الْأَعْمَى وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ وَمَحَلُّهُ: أَيْ صِحَّةِ

ص: 422