الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَأَرْشُ الْبَكَارَةِ مَضْمُونٌ فِي صَحِيحِ الْبَيْعِ دُونَ صَحِيحِ النِّكَاحِ، وَهَذَا مَا ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَابْنُ الْعِمَادِ.
وَالْأَصَحُّ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ وُجُوبُ مَهْرِ مِثْلِ ثَيِّبٍ وَأَرْشُ بَكَارَةٍ، وَعَلَى الْأَوَّلِ فَلَا يُنَافِي مَا يَأْتِي فِي الْغَصْبِ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى بِكْرًا مَغْصُوبَةً وَوَطِئَهَا جَاهِلًا أَنَّهُ يَلْزَمُهُ مَعَ أَرْشِ الْبَكَارَةِ مَهْرُ ثَيِّبٍ لِوُجُودِ الْعَقْدِ الْمُخْتَلِفِ فِي حُصُولِ الْمِلْكِ بِهِ هُنَا كَمَا فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ بِخِلَافِهِ ثَمَّ، وَلَوْ حَذَفَ الْعَاقِدَانِ الْمُفْسِدَ لِلْعَقْدِ وَلَوْ فِي مَجْلِسِ الْخِيَارِ لَمْ يَنْقَلِبْ صَحِيحًا، إذْ لَا عِبْرَةَ لِفَاسِدٍ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَلْحَقَا شَرْطًا صَحِيحًا أَوْ فَاسِدًا فِي مَجْلِسِ الْخِيَارِ فَإِنَّهُ يَلْحَقُ الْعَقْدَ؛ لِأَنَّ مَجْلِسَ الْعَقْدِ كَالْعَقْدِ.
(وَيُسْتَثْنَى) مِنْ النَّهْيِ عَنْ بَيْعٍ وَشَرْطٍ (صُوَرٌ) تَصِحُّ (كَالْبَيْعِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ أَوْ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْعَيْبِ أَوْ بِشَرْطِ قَطْعِ الثَّمَرِ) وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهَا فِي مَحَالِّهَا (وَ) بِشَرْطِ (الْأَجَلِ) فِي غَيْرِ الرِّبَوِيِّ لِأَوَّلِ آيَةِ الدَّيْنِ.
وَشَرْطُ الصِّحَّةِ أَنْ يُحَدِّدَهُ بِمَعْلُومٍ لَهُمَا كَإِلَى صَفَرٍ أَوْ رَجَبٍ لَا إلَى الْحَصَادِ وَنَحْوِهِ كَمَا يَأْتِي فِي السَّلَمِ بِتَفْضِيلِهِ الْمُطَّرِدِ هُنَا كَمَا لَا يَخْفَى، وَأَنْ لَا يَبْعُدَ بَقَاءُ الدُّنْيَا إلَيْهِ كَأَلْفِ سَنَةٍ وَإِلَّا بَطَلَ الْبَيْعُ لِلْعِلْمِ حَالَ الْعَقْدِ بِسُقُوطِ بَعْضِهِ، وَهُوَ يُؤَدِّي إلَى الْجَهْلِ بِهِ الْمُسْتَلْزِمِ لِلْجَهْلِ بِالثَّمَنِ؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ يُقَابِلُهُ قِسْطٌ مِنْهُ، وَقَوْلُ بَعْضِ الْأَصْحَابِ يَجُوزُ إيجَارُ الْأَرْضِ أَلْفَ سَنَةٍ شَاذٌّ غَيْرُ مَعْمُولٍ بِهِ، وَإِذَا صَحَّ كَأَنْ أَجَّلَ بِمَا لَا يَبْعُدُ بَقَاءُ الدُّنْيَا إلَيْهِ وَإِنْ بَعُدَ بَقَاءُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ إلَيْهِ كَمِائَتَيْ سَنَةٍ انْتَقَلَ بِمَوْتِ الْبَائِعِ لِوَارِثِهِ وَحَلَّ بِمَوْتِ الْمُشْتَرِي، وَلَا يَقْدَحُ السُّقُوطُ بِمَوْتِهِ إذْ هُوَ أَمْرٌ غَيْرُ مُتَيَقَّنٍ حَالَ الْعَقْدِ فَلَمْ يُنْظَرْ إلَيْهِ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ بِأَجَلٍ طَوِيلٍ لِمَنْ يُعْلَمُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
لَا أَرْشَ فِيهِ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي النِّكَاحِ) يَقْتَضِي أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الْمَقْبُوضِ بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ وَالْمَغْصُوبَةِ، وَقَوْلُهُ وَعَلَى الْأَوَّلِ يَقْتَضِي أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الْمَغْصُوبَةِ وَالْمَوْطُوءَةِ بِالنِّكَاحِ الْفَاسِدِ؛ لِأَنَّهَا الْمُخْتَلَفُ فِي وَاجِبِهَا (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ مَجْلِسَ الْعَقْدِ كَالْعَقْدِ) أَيْ غَالِبًا.
(قَوْلُهُ: وَيُسْتَثْنَى مِنْ النَّهْيِ إلَخْ) أَيْ مِنْ الْبُطْلَانِ اللَّازِمِ لِلنَّهْيِ الْمَذْكُورِ، وَلَوْ قَالَ: وَيُسْتَثْنَى مِنْ الْقَوْلِ بِبُطْلَانِ الْبَيْعِ مَعَ الشَّرْطِ صُوَرٌ إلَخْ لَكَانَ أَوْضَحَ (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ الرِّبَوِيِّ) أَفَادَ تَقْيِيدَهُ بِذَلِكَ فِي الْأَجَلِ دُونَ الرَّهْنِ، وَالْكَفِيلُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْعِوَضِ الَّذِي يُشْتَرَطُ فِيهِ الرَّهْنُ، أَوْ الْكَفِيلُ بَيْنَ كَوْنِهِ رِبَوِيًّا أَوْ غَيْرَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَشَرْطُ الصِّحَّةِ) أَيْ صِحَّةِ الْعَقْدِ مَعَ الْأَجَلِ (قَوْلُهُ بِمَعْلُومٍ لَهُمَا) أَيْ فَلَا يَكْفِي عِلْمُ أَحَدِهِمَا وَلَا عِلْمُ غَيْرِهِمَا كَمَا يُفْهَمُ مِنْ إطْلَاقِهِ، لَكِنْ سَيَأْتِي فِي السَّلَمِ أَنَّهُ يَكْفِي عِلْمُ الْعَاقِدَيْنِ أَوْ عِلْمُ عَدْلَيْنِ غَيْرِهِمَا، وَقِيَاسُهُ أَنْ يُقَالَ بِمِثْلِهِ هُنَا؛ لِأَنَّهُ أَضْيَقُ مِنْ الْبَيْعِ فَيَكْفِي عِلْمُ غَيْرِهِمَا (قَوْلُهُ: كَإِلَى صَفَرٍ إلَخْ) زَادَ حَجّ لَا فِيهِ (قَوْلُهُ: إلَى الْحَصَادِ) وَمِثْلُ ذَلِكَ التَّأْجِيلُ بِنُزُولِ سَيِّدِنَا عِيسَى؛ لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ (قَوْلُهُ وَنَحْوُهُ) أَيْ مَا لَمْ يُرِيدَا وَقْتَهُ الْمُعْتَادَ وَيَعْلَمَانِهِ (قَوْلُهُ: بِسُقُوطِ بَعْضِهِ) أَيْ الْأَجَلِ (قَوْلُهُ: شَاذٌّ) أَيْ لِمَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ الْعَقْدِ أَنْ لَا يُبْعِدَ بَقَاءَ الدُّنْيَا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَا يَقْدَحُ السُّقُوطُ) أَيْ لِلْأَجَلِ.
(قَوْلُهُ: بِمَوْتِهِ) أَيْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: إذْ هُوَ أَمْرٌ غَيْرُ مُتَيَقَّنٍ إلَخْ) هَذَا مُكَابَرَةٌ ظَاهِرَةٌ إذْ لَا شُبْهَةَ إذَا كَانَ التَّأْجِيلُ بِمِائَتَيْ سَنَةٍ مَثَلًا فِي تَيَقُّنِ الْعَاقِدَيْنِ عِنْدَ الْعَقْدِ السُّقُوطُ إذَا كَانَ كُلٌّ قَدْ بَلَغَ مِائَةَ سَنَةٍ مَثَلًا لِتَيَقُّنِهِمَا أَنَّهُمَا لَا يَعِيشَانِ الْمِائَتَيْنِ أَيْضًا فَتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ ظَنَّ عَدَمِ الْحَيَاةِ هُنَا نَاشِئٌ مِنْ الْعَادَةِ وَهِيَ غَيْرُ قَطْعِيَّةٍ، بِخِلَافِ عَدَمِ بَقَاءِ الدُّنْيَا فَإِنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ الْأَدِلَّةِ، فَالظَّنُّ فِيهَا أَقْوَى فَنَزَلَ مَنْزِلَةَ الْيَقِينِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ نَظَرَ إلَيْهِ وَقِيلَ بِالْبُطْلَانِ (قَوْلُهُ لِمَنْ يَعْلَمُ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِالْعِلْمِ هُنَا الظَّنُّ وَإِلَّا لَمْ تَصِحَّ الْمُلَازَمَةُ فِي قَوْلِهِ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ إلَخْ: أَيْ وَلَوْ نَظَرَ إلَى
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ وَعَلَى الْأَوَّلِ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْأَوَّلَ وَالثَّانِيَ إنَّمَا هُمَا فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ. أَمَّا الشِّرَاءُ الْفَاسِدُ فَلَيْسَ فِيهِ إلَّا قَوْلٌ وَاحِدٌ وَالْكَلَامُ فِيهِ فَالصَّوَابُ إسْقَاطُ قَوْلِهِ وَعَلَى الْأَوَّلِ، وَهَذَا الْفَرْقُ لِشَرْحِ الرَّوْضِ وَهُوَ يَقْتَضِي عَكْسَ الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ كَمَا لَا يَخْفَى، وَيَقْتَضِي أَنَّ عَقْدَ الْبَيْعِ لَوْ كَانَ مُجْمَعًا عَلَى فَسَادِهِ يَجِبُ فِيهِ مَهْرُ ثَيِّبٍ فَتَأَمَّلْ
[الصُّوَر المستثناة مِنْ النَّهْي عَنْ بَيْع وَشَرْط]
(قَوْلُهُ: انْتَقَلَ بِمَوْتِ الْبَائِعِ) أَيْ أَوْ الْمُشْتَرِي فِيمَا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ مُؤَجَّلًا (قَوْلُهُ: وَحَلَّ بِمَوْتِ الْمُشْتَرِي) أَيْ أَوْ الْبَائِعِ
عَادَةً أَنَّهُ لَا يَعِيشُ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ وَقَدْ صَرَّحُوا بِخِلَافِهِ (وَالرَّهْنُ) لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ لَا سِيَّمَا فِي مُعَامَلَةِ مَنْ لَا يُعْرَفُ حَالُهُ، وَشَرْطُهُ الْعِلْمَ بِهِ إمَّا بِالْمُشَاهَدَةِ أَوْ الْوَصْفِ بِصِفَاتِ السَّلَمِ، ثُمَّ الْكَلَامُ هُنَا فِي وَصْفٍ لَمْ يَرِدْ عَلَى عَيْنٍ مُعَيَّنَةٍ فَهُوَ مُسَاوٍ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْوَصْفَ لَا يَجْزِي عَنْ الرُّؤْيَةِ؛ لِأَنَّهُ فِي مُعَيَّنٍ لَا مَوْصُوفٍ فِي الذِّمَّةِ خِلَافًا لِمَنْ وَهِمَ فِيهِ وَأَنْ يَكُونَ غَيْرَ الْمَبِيعِ، فَلَوْ شَرَطَ رَهْنَهُ إيَّاهُ وَلَوْ بَعْدَ قَبْضِهِ فَسَدَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ إلَّا بَعْدَ الْبَيْعِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ اسْتِثْنَاءِ مَنْفَعَةٍ فِي الْمَبِيعِ، فَلَوْ رَهَنَهُ بَعْدَ قَبْضِهِ بِلَا شَرْطٍ مُفْسِدٍ صَحَّ.
(وَالْكَفِيلُ) لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ أَيْضًا، وَشَرْطُهُ الْعِلْمُ بِهِ بِالْمُشَاهَدَةِ، وَلَا نَظَرَ إلَى أَنَّهَا لَا تُعْلَمُ بِحَالِهِ؛ لِأَنَّ تَرْكَ الْبَحْثِ مَعَهَا تَقْصِيرٌ؛ وَلِأَنَّ الظَّاهِرَ عِنْوَانُ الْبَاطِنِ أَوْ بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ، وَلَا يَكْفِي وَصْفُهُ بِمُوسِرٍ ثِقَةٍ إذْ الْأَحْرَارُ لَا يُمْكِنُ الْتِزَامُهُمْ فِي الذِّمَّةِ لِانْتِفَاءِ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِمْ، بِخِلَافِ الْمَرْهُونِ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ، وَهَذَا جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ، وَإِلَّا فَقَدْ يَكُونُ الضَّامِنُ رَقِيقًا مَعَ صِحَّةِ الْتِزَامِهِ فِي الذِّمَّةِ وَصِحَّةُ ضَمَانِهِ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ، وَأَيْضًا فَكَمْ مِنْ مُوسِرٍ يَكُونُ مُمَاطِلًا، فَالنَّاسُ مُخْتَلِفُونَ فِي الْإِيفَاءِ وَإِنْ اتَّفَقُوا يَسَارًا وَعَدَالَةً، فَانْدَفَعَ بَحْثُ الرَّافِعِيِّ أَنَّ الْوَصْفَ بِهَذَيْنِ أَوْلَى مِنْ مُشَاهَدَةِ مَنْ لَا يُعْرَفُ حَالُهُ، وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْأَجَلِ وَالرَّهْنِ وَالْكَفِيلِ (الْمُعَيَّنَاتُ) بِمَا ذَكَرْنَاهُ وَإِلَّا فَسَدَ الْبَيْعُ وَغَلَبَ غَيْرُ الْعَاقِدِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ، إذْ الْأَكْثَرُ فِي الرَّهْنِ كَوْنُهُ غَيْرَ عَاقِلٍ، فَانْدَفَعَ قَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ صَوَابُهُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
غَيْرِ الْمُتَيَقَّنِ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ إلَخْ. وَلَنَا فِي ذَلِكَ مَا أَفَادَهُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ غَيْرُ مُتَيَقَّنٍ مِنْ الضَّرَرِ فِي الْمُتَيَقَّنِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: عَادَةً) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ عُلِمَ مَوْتُهُ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ مَثَلًا بِإِخْبَارِ مَعْصُومٍ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ، وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ اعْتِبَارًا بِمَا هُوَ الْغَالِبُ فِي أَحْوَالِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِهِ) أَيْ وَهُوَ الصِّحَّةُ (قَوْلُهُ: إمَّا بِالْمُشَاهَدَةِ) أَيْ وَيَحْصُلُ الْعِلْمُ إمَّا بِالْمُشَاهَدَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ الْوَصْفِ بِصِفَاتِ السَّلَمِ) سَيَأْتِي فِيهِ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي ذَلِكَ مِنْ مَعْرِفَةِ الْعَاقِدَيْنِ وَعَدْلَيْنِ بِالْوَصْفِ، فَقِيَاسُهُ أَنْ يَأْتِيَ مِثْلُهُ هُنَا، وَقَدْ يُفَرَّقُ عَلَى بَعْدُ أَنَّ الْمُسْلَمَ فِيهِ مَعْقُودٌ عَلَيْهِ فَضُويِقَ فِيهِ مَا لَمْ يُضَايَقْ فِي الرَّهْنِ وَبِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُمْكِنْ إثْبَاتُ الصِّفَاتِ عِنْدَ التَّنَازُعِ هُنَا لَمْ يَفُتْ إلَّا مُجَرَّدُ التَّوَثُّقِ مَعَ بَقَاءِ الْحَقِّ (قَوْلُهُ مِنْ أَنَّ) بَيَانٌ لِمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَكُونَ) أَيْ الْمَرْهُونُ.
(قَوْلُهُ: فَلَوْ رَهَنَهُ) أَيْ الْمَبِيعَ بَعْدَ قَبْضِهِ، ظَاهِرُهُ وَلَوْ فِي الْمَجْلِسِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ مَعَ الْآخَرِ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ إجَازَةٌ (قَوْلُهُ: بِلَا شَرْطٍ) أَيْ فِي الرَّهْنِ الْمَأْتِيِّ بِهِ كَأَنْ يَرْهَنَهُ بِشَرْطِ أَنْ تَحْدُثَ زَوَائِدُهُ مَرْهُونَةً (قَوْلُهُ عِنْوَانُ الْبَاطِنِ) أَيْ غَالِبًا (قَوْلُهُ: أَوْ بِاسْمِهِ) كَأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُمَا يَعْرِفَانِ ذَلِكَ الْمُسَمَّى الْمَنْسُوبَ وَإِلَّا كَانَ مِنْ قَبِيلِ الْغَائِبِ الْمَجْهُولِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَهَذَا جَرَى عَلَى الْغَالِبِ) أَيْ فَلَا فَرْقَ فِي الضَّامِنِ بَيْنَ كَوْنِهِ حُرًّا أَوْ رَقِيقًا بِإِذْنِهِ وَالْإِشَارَةُ رَاجِعَةٌ إلَى قَوْلِهِ إذْ الْأَحْرَارُ لَا يُمْكِنُ الْتِزَامُهُمْ (قَوْلُهُ: وَعَدَالَةً) فَإِنْ قُلْت: إذَا اتَّفَقُوا فِي الْعَدَالَةِ وَالْيَسَارِ، فَمَا مَعْنَى اخْتِلَافِهِمْ فِي الْوَفَاءِ مَعَ وُجُوبِهِ عَلَى الْمَدِينِ بِمُجَرَّدِ الطَّلَبِ؟ قُلْت: إنَّ اخْتِلَافَهُمْ لَيْسَ عَلَى وَجْهٍ مُحَرَّمٍ، وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ بَعْضَ الْمَدِينِينَ قَدْ يُوَفِّي مَا عَلَيْهِ بِلَا طَلَبٍ مِنْ صَاحِبِ الْحَقِّ وَالْآخَرُ لَا يُوَفِّي إلَّا بَعْدَ الطَّلَبِ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ عَدَالَتَهُ لِعَدَمِ وُجُوبِ الْوَفَاءِ عَلَيْهِ بِلَا طَلَبٍ، وَمِنْهُ أَيْضًا أَنَّ بَعْضَ الْمَدِينِينَ إذَا طُولِبَ بِسَعْيٍ فِي الْوَفَاءِ وَلَوْ بِبَيْعِ بَعْضِ مَالِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ جِنْسُ الدَّيْنِ بِمَالِهِ وَتَحْصِيلُ جِنْسِ الدَّيْنِ مَعَ الْمُسَاهَلَةِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالسَّعْيِ فِي تَحْصِيلِ جِنْسِ الدَّيْنِ وَلَوْ بِمَشَقَّةٍ وَبَعْضُهُمْ بِخِلَافِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: بِهَذَيْنِ) أَيْ بِمُوسِرٍ ثِقَةٍ (قَوْلُهُ كَوْنُهُ غَيْرَ عَاقِلٍ)
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: بَعْدَ قَبْضِهِ بِلَا شَرْطٍ) أَيْ بِلَا شَرْطِهِ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ فَهُوَ مَفْهُومُ قَوْلِهِ فَلَوْ شَرَطَ رَهْنَهُ إيَّاهُ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ التَّعْلِيلُ (قَوْلُهُ: مَعَ صِحَّةِ الْتِزَامِهِ فِي الذِّمَّةِ) أَيْ فِي حَدِّ ذَاتِهِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ وَصِحَّةُ ضَمَانِهِ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ.
وَأَجَابَ الشِّهَابُ ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ بِأَنَّ صِحَّةَ الْتِزَامِ الرَّقِيقِ إنَّمَا هِيَ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ رَقِيقًا لَا مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ كَفِيلًا وَهُوَ بِمَعْنَى مَا أَشَرْت إلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَكَمْ مِنْ مُوسِرٍ يَكُونُ مُمَاطِلًا) قَضِيَّتُهُ الصِّحَّةُ إذَا
الْمُعَيَّنِينَ "، وَشَرْطُ كُلٍّ مِنْهَا أَنْ يَكُونَ (لِثَمَنٍ) أَيْ عِوَضٍ (فِي الذِّمَّةِ) إذْ الْأَعْيَانُ لَا تَقْبَلُ التَّأْجِيلَ ثَمَنًا وَلَا مُثَمَّنًا وَلَا يَرْتَهِنُ بِهَا وَلَا تُضْمَنُ أَصَالَةً كَمَا يَأْتِي، فَلَوْ قَالَ اشْتَرَيْت بِهَذَا عَلَى أَنْ أُسَلِّمَهُ وَقْتَ كَذَا، أَوْ أَرْهَنُ بِهِ كَذَا، أَوْ يَكْفُلُنِي بِهِ زَيْدٌ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ تِلْكَ إنَّمَا شُرِعَتْ لِتَحْصِيلِ مَا فِي الذِّمَّةِ وَالْمُعَيَّنُ حَاصِلٌ، وَلَا يَرُدُّ عَلَى ذَلِكَ صِحَّةُ ضَمَانِ الْعَيْنِ الْمَبِيعَةِ وَالثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ بَعْدَ الْقَبْضِ فِيهِمَا.
وَكَذَا سَائِرُ الْأَعْيَانِ الْمَضْمُونَةِ لِلْعِلْمِ بِهِ مِنْ كَلَامِهِ الْآتِي فِي بَابِ الضَّمَانِ، وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ سِلْعَةٍ مِنْ اثْنَيْنِ عَلَى أَنْ يَتَضَامَنَا كَمَا فِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي الْحُسَيْنِ وَالْوَسِيطِ وَغَيْرِهِمَا؛ لِأَنَّهُ شَرَطَ عَلَى كُلِّ ضَمَانٍ غَيْرَهُ وَهُوَ خَارِجٌ عَنْ مَصْلَحَةِ عَقْدِهِ، وَلَوْ قَالَ اشْتَرَيْته بِأَلْفٍ عَلَى أَنْ يَضْمَنَهُ زَيْدٌ إلَى شَهْرٍ صَحَّ، وَإِذَا ضَمِنَهُ زَيْدٌ مُؤَجَّلًا تَأَجَّلَ فِي حَقِّهِ وَكَذَا فِي حَقِّ الْمُشْتَرِي عَلَى أَحَدِ وَجْهَيْنِ.
نَعَمْ مُقْتَضَى قَاعِدَةِ الشَّافِعِيِّ رُجُوعُ الْقَيْدِ وَهُوَ هُنَا إلَى شَهْرٍ لِجَمِيعِ مَا قَبْلَهُ وَهُوَ اشْتَرَيْت يُرَجِّحُهُ، وَيَصِحُّ شَرْطُ الثَّلَاثَةِ أَيْضًا فِي مَبِيعٍ فِي الذِّمَّةِ، وَلَا يَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّ ذِكْرَ الثَّمَنِ مِثَالٌ بَلْ قَدْ يُطْلَقُ عَلَى مَا يَشْمَلُ الْمَبِيعَ كَمَا قَرَّرْنَاهُ.
(وَالْإِشْهَادُ) لِلْأَمْرِ بِهِ فِي قَوْله تَعَالَى {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} [البقرة: 282] وَلِلْحَاجَةِ إلَيْهِ (وَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الشُّهُودِ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ ثُبُوتُ الْحَقِّ وَهُوَ حَاصِلٌ بِأَيِّ عُدُولٍ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَيْ فَلَا يُرَدُّ أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ عَبْدًا وَهُوَ عَاقِلٌ (قَوْلُهُ: وَلَا يُرَدُّ عَلَى ذَلِكَ) اسْمُ الْإِشَارَةِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ تِلْكَ إنَّمَا إلَخْ.
(قَوْلُهُ: صِحَّةُ ضَمَانِ الْعَيْنِ الْمَبِيعَةِ) وَهُوَ الْمُسَمَّى بِضَمَانِ الدَّرَكِ الْآتِي (قَوْلُهُ: لِلْعِلْمِ بِهِ) قَدْ يُقَالُ: لَا يَنْدَفِعُ الِاعْتِرَاضُ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ غَرَضَ الْمُعْتَرِضِ الْمُنَازَعَةُ فِي التَّعْلِيلِ بِصِحَّةِ ضَمَانِ الْأَعْيَانِ وَإِنْ كَانَتْ آتِيَةً فِي كَلَامِهِ، وَإِنَّمَا يَنْدَفِعُ لَوْ كَانَ مُرَادُهُ أَنَّ التَّعْلِيلَ بِمَا ذُكِرَ يَقْتَضِي عَدَمَ صِحَّةِ ضَمَانِ الْأَعْيَانِ، فَالْأَوْلَى فِي التَّعْلِيلِ أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ لَمَّا كَانَ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ ضَمَانِهَا كَوْنُهَا بَعْدَ الْقَرْضِ أَشْبَهَتْ مَا فِي الذِّمَّةِ، هَذَا وَالْأَوْلَى أَنْ تَجْعَلَ فِي قَوْلِهِ وَلَا يُرَدُّ عَلَى ذَلِكَ رَاجِعَةً إلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِثَمَنٍ فِي الذِّمَّةِ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنْ يَتَضَامَنَا) زَادَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بِخِلَافِ عَكْسِهِ اهـ. وَنَظَرَ فِيهِ وَالِدُ الشَّارِحِ وَقَالَ: اُنْظُرْ مَا صُورَتُهُ، ثُمَّ ذَكَرَ خِلَافًا فِي تَصْوِيرِهِ وَاسْتَقْرَبَ مِنْهُ أَنْ يَبِيعَ اثْنَانِ وَاحِدًا شَيْئًا بِثَمَنٍ فِي ذِمَّتِهِ ثُمَّ يَشْرِطُ كُلٌّ مِنْ الْبَائِعَيْنِ عَلَى صَاحِبِهِ أَنْ يَضْمَنَ لَهُ الْمُشْتَرِي أَيْ بِكَسْرِ الرَّاءِ اهـ. وَنَظَرَ فِيهِ بِأَنَّ هَذَا التَّصْوِيرَ وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا فِي نَفْسِهِ لَكِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي بَلْ بَيْنَ الْبَائِعَيْنِ، وَهُمَا بِالنَّظَرِ لِلضَّمَانِ أَجْنَبِيَّانِ عَنْ الْعَقْدِ فَلَا يَصْلُحُ حَمْلُ الْعَكْسِ عَلَى ذَلِكَ لِكَوْنِهِ لَيْسَ بَيْنَ الْعَاقِدَيْنِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ اكْتَفَى بِذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الْعَاقِدَيْنِ لِكَوْنِهِ صَحِيحًا فِي نَفْسِهِ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ كَوْنِهِ بَيْنَ الْعَاقِدَيْنِ فَيُحْمَلُ الْعَكْسُ عَلَى مُجَرَّدِ التَّخَالُفِ فَقَطْ. وَمَحَلُّ عَدَمِ الصِّحَّةِ إذَا وَقَعَ ذَلِكَ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ أَوْ قَبْلَ لُزُومِهِ. أَمَّا إذَا تَضَامَنَا بَعْدَ لُزُومِ الْعَقْدِ فَيَصِحُّ (قَوْلُهُ: تَأَجَّلَ فِي حَقِّهِ) أَيْ الضَّامِنِ.
(قَوْلُهُ: مُقْتَضَى قَاعِدَةِ الشَّافِعِيِّ إلَخْ) قَضِيَّةُ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ أَنْ يَتَأَجَّلَ فِي حَقِّ الْمُشْتَرِي وَإِنْ لَمْ يَضْمَنْهُ زَيْدٌ وَهُوَ خِلَافُ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ وَإِذَا ضَمِنَهُ زَيْدٌ إلَخْ اهـ سم أَقُولُ: وَالْأَقْرَبُ قَضِيَّةُ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: يُرَجِّحُهُ) قَالَ سم عَلَى حَجّ: خَالَفَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ فَقَالَ الَّذِي يَتَّجِهُ أَنَّهُ لَا يَتَأَجَّلُ؛ لِأَنَّهُ لَا مُلَازَمَةَ بَيْنَ الْأَصِيلِ وَالضَّامِنِ فِي الْحُلُولِ وَالتَّأْجِيلِ، فَلَا يَلْزَمُ مِنْ اشْتِرَاطِ الْأَجَلِ فِي حَقِّ الضَّامِنِ اشْتِرَاطُهُ فِي حَقِّ الْأَصِيلِ، وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ زَيْدًا أَنْشَأَ بَعْدَ الْبَيْعِ ضَمَانًا مُسْتَقِلًّا إلَى شَهْرٍ اهـ (قَوْلُهُ وَيَصِحُّ شَرْطُ الثَّلَاثَةِ) أَيْ الْأَجَلِ وَالرَّهْنِ وَالْكَفِيلِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: كَمَا قَرَّرْنَاهُ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ عِوَضٍ.
(قَوْلُهُ وَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الشُّهُودِ) أَيْ وَلَا كَوْنُ الْعِوَضِ فِي الذِّمَّةِ سم عَلَى مَنْهَجٍ،
ــ
[حاشية الرشيدي]
الْتَزَمَ كَوْنَهُ حَسَنَ الْإِيفَاءِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنْ يَضْمَنَهُ) أَيْ الْأَلْفَ (قَوْلُهُ: وَهُوَ اشْتَرَيْت) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَهُوَ بِأَلْفٍ وَيَضْمَنُ انْتَهَتْ، وَهِيَ الصَّوَابُ (قَوْلُهُ وَيَصِحُّ شَرْطُ الثَّلَاثَةِ أَيْضًا فِي مَبِيعٍ فِي الذِّمَّةِ) لَا حَاجَةَ
كَانُوا، وَلِهَذَا لَوْ عَيَّنَهُمْ لَمْ يَتَعَيَّنُوا وَلَوْ امْتَنَعُوا لَمْ يَتَخَيَّرْ، وَلَا أَثَرَ لِتَفَاوُتِ الْأَغْرَاضِ بِتَفَاوُتِهِمْ وَجَاهَةً وَنَحْوَهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَغْلِبُ قَصْدٌ وَلَا تَخْتَلِفُ بِهِ الْمَالِيَّةُ اخْتِلَافًا ظَاهِرًا، بِخِلَافِ مَا مَرَّ فِي الرَّهْنِ وَالْكَفِيلِ، وَالثَّانِي يُشْتَرَطُ كَمَا فِي الرَّهْنِ وَالْكَفِيلِ.
(فَإِنْ)(لَمْ يَرْهَنْ) الْمُشْتَرِي مَا شُرِطَ عَلَيْهِ رَهْنُهُ وَإِنْ أَتَى بِرَهْنٍ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ وَلَوْ أَعْلَى قِيمَةً مِنْهُ كَمَا شَمِلَهُ إطْلَاقُهُمْ، إذْ الْأَعْيَانُ لَا تَقْبَلُ الْأَبْدَالَ لِتَفَاوُتِ الْأَغْرَاضِ بِذَوَاتِهَا، أَوْ لَمْ يُشْهِدْ مَنْ شُرِطَ عَلَيْهِ الْإِشْهَادُ كَأَنْ مَاتَ قَبْلَهُ (أَوْ لَمْ يَتَكَفَّلْ الْعَيْنَ) بِأَنْ امْتَنَعَ أَوْ مَاتَ قَبْلَهُ وَإِنْ أَقَامَ لَهُ الْمُشْتَرِي ضَامِنًا غَيْرَهُ ثِقَةً (فَلِلْبَائِعِ الْخِيَارُ) إنْ شَرَطَ لَهُ، وَإِنْ شَرَطَ لِلْمُشْتَرِي فَلَهُ عِنْدَ فَوَاتِ الْمَشْرُوطِ مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ، وَهُوَ عَلَى الْفَوْرِ؛ لِأَنَّهُ خِيَارُ نَقْصٍ، وَلَا يُجْبَرُ مَنْ شُرِطَ عَلَيْهِ ذَلِكَ عَلَى الْقِيَامِ بِالْمَشْرُوطِ لِزَوَالِ الضَّرَرِ بِالْفَسْخِ، وَيَتَخَيَّرُ أَيْضًا فِيمَا إذَا لَمْ يُقْبِضْهُ الرَّهْنَ لِهَلَاكِهِ أَوْ غَيْرِهِ كَتَخَمُّرِهِ أَوْ تَعَلَّقَ أَرْشُ جِنَايَةٍ بِرَقَبَتِهِ أَوْ ظَهَرَ عَيْبٌ قَدِيمٌ بِهِ كَوَلَدٍ لِلدَّابَّةِ الْمَشْرُوطِ رَهْنُهَا وَكَظُهُورِ الْمَشْرُوطِ رَهْنُهُ جَانِيًا وَإِنْ عَفَا عَنْهُ مَجَّانًا أَوْ تَابَ فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ، خِلَافًا لِمَا فِي الْأَنْوَارِ إذْ نَقْصُ قِيمَتِهِ غَيْرُ مُنْجَبِرٍ بِمَا حَدَثَ بَعْدَ جِنَايَتِهِ مِنْ نَحْوِ تَوْبَةٍ وَعَفْوٍ كَمَا يَأْتِي، لَا إنْ مَاتَ بِمَرَضٍ سَابِقٍ أَوْ كَانَ عَيْنَيْنِ وَتَسَلَّمَ إحْدَاهُمَا فَمَاتَ أَوْ تَعَيَّبَ وَامْتَنَعَ الرَّاهِنُ مِنْ تَسْلِيمِ الْأُخْرَى
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَيُفِيدُهُ عَدَمُ تَقْيِيدِهِ فِي الْمَعْطُوفِ وَهُوَ قَوْلُهُ وَالْإِشْهَادُ (قَوْلُهُ: لَمْ يَتَعَيَّنُوا) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: فَيَجُوزُ إبْدَالُهُمْ بِمِثْلِهِمْ أَوْ فَوْقَهُمْ فِي الصِّفَاتِ، وَقَدْ يُقَالُ قِيَاسُ قَوْلِهِ وَلَا نَظَرَ لِتَفَاوُتِ إلَخْ جَوَازُ إبْدَالِهِمْ بِدُونِهِمْ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَنَحْوِهَا) كَاشْتِهَارِهِ بِالصَّلَاحِ (قَوْلُهُ قَصَدَهُ) أَيْ التَّفَاوُتَ.
(قَوْلُهُ: إذْ الْأَعْيَانُ لَا تَقْبَلُ الْأَبْدَالَ) أَيْ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى قَبُولِ بَدَلِ مَا شُرِطَ رَهْنُهُ، وَلَوْ أَعْلَى قِيمَةً، أَمَّا لَوْ تَرَاضَيَا بِالْإِبْدَالِ وَأَسْقَطَ الْبَائِعُ الْخِيَارَ فَيَصِحُّ وَيَكُونُ رَهْنَ تَبَرُّعٍ، وَمِنْ فَوَائِدِهِ أَنَّهُ لَوْ امْتَنَعَ مِنْ إقْبَاضِهِ أَوْ بَانَ مَعِيبًا لَمْ يَثْبُتْ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ (قَوْلُهُ: كَأَنْ مَاتَ قَبْلَهُ) وَكَذَا لَوْ امْتَنَعَ مِنْ الِاعْتِرَافِ بِالْحَقِّ عِنْدَ الشُّهُودِ فَمَا ذَكَرَهُ مُجَرَّدُ تَصْوِيرٍ وَمِنْ ثَمَّ عَبَّرَ بِالْكَافِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَقُومُ وَارِثُهُ مَقَامَهُ، وَفِيهِ نَظَرٌ اهـ. وَوَجْهُ النَّظَرِ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الشُّهُودِ ثُبُوتُ الْحَقِّ وَإِقْرَارُ الْوَارِثِ بِشِرَاءِ مُوَرِّثِهِ وَإِشْهَادُهُ عَلَيْهِ كَإِشْهَادِ الْمُوَرِّثِ فِي إثْبَاتِ الْحَقِّ، فَالْقِيَاسُ الصِّحَّةُ، وَوَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا لَوْ اشْتَرَى مَجُوسِيَّةً بِشَرْطِ عَدَمِ الْوَطْءِ هَلْ يَصِحُّ الْبَيْعُ أَمْ لَا؟ وَالْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنَّهُ إنْ شَرَطَ عَدَمَ الْوَطْءِ مُطْلَقًا لَمْ يَصِحَّ، أَوْ مَا دَامَ الْمَانِعُ قَائِمًا بِهَا صَحَّ أَخْذًا مِمَّا لَوْ بَاعَهُ ثَوْبَ حَرِيرٍ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَلْبَسَهُ إلَى آخِرِ مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: أَوْ مَاتَ قَبْلَهُ) أَيْ أَوْ أَعْسَرَ عَلَى مَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ إنَّهُ الْقِيَاسُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الْخِيَارُ (قَوْلُهُ: كَتَخَمُّرِهِ) أَيْ فَلَوْ تَخَلَّلَ قَبْلَ فَسْخِ الْبَائِعِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إنْ لَمْ تَنْقُصْ قِيمَتُهُ خَلَا مِنْ قِيمَتِهِ عَصِيرًا لَمْ يَتَخَيَّرْ وَإِلَّا تَخَيَّرَ (قَوْلُهُ: أَوْ تَعَلَّقَ) أَيْ قَبْلَ الْقَبْضِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ سم عَلَى حَجّ، وَهُوَ مُسْتَفَادٌ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: أَوْ غَيْرِهِ عَطْفٌ عَلَى هَلَاكِهِ، وَقَوْلُهُ كَتَخَمُّرٍ أَوْ تَعَلُّقٍ أَمْثِلَةٌ لَهُ، وَقَوْلُهُ لِهَلَاكِهِ مُتَعَلِّقٌ بِيَقْبِضُهُ (قَوْلُهُ: بِرَقَبَتِهِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ قَلَّ جِدًّا، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ تَعَلُّقَ الْجِنَايَةِ بِهِ قَدْ يُوَرِّثُ نَقْصًا فِي قِيمَتِهِ مِنْ حَيْثُ الْجِنَايَةُ (قَوْلُهُ: أَوْ ظَهَرَ عَيْبٌ) عَطْفٌ عَلَى لَمْ يَقْبِضْهُ (قَوْلُهُ كَوَلَدٍ لِلدَّابَّةِ الْمَشْرُوطِ رَهْنُهَا) أَيْ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَحْتَاجُ إلَى الْبَيْعِ، وَيَتَعَذَّرُ لِحُرْمَةِ التَّفْرِيقِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ وَلَدِهَا (قَوْلُهُ: لَا إنْ مَاتَ) أَيْ بَعْدَ الْقَبْضِ فَلَا خِيَارَ (قَوْلُهُ: فَمَاتَ) أَيْ الَّذِي تَسَلَّمَهُ (قَوْلُهُ: وَامْتَنَعَ الرَّاهِنُ مِنْ تَسْلِيمِ الْآخَرِ) أَيْ فَلَا خِيَارَ؛ لِأَنَّا لَوْ أَثْبَتْنَاهُ لَقُلْنَا لَهُ فَسْخُ الْبَيْعِ وَرَدُّ الْمَرْهُونِ وَهُوَ غَيْرُ مَقْدُورٍ عَلَى رَدِّهِ بِمَوْتِهِ، وَهَلْ يُجْبَرُ الْبَائِعُ عَلَى تَسْلِيمِ الْعَيْنِ الْأُخْرَى أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَمُقْتَضَى تَعْلِيلِهِمْ عَدَمُ الْإِجْبَارِ بِأَنَّ لِلْبَائِعِ مَنْدُوحَةً عَنْهُ بِالْفَسْخِ الْأَوَّلِ لِتَعَذُّرِ الْفَسْخِ عَلَيْهِ بِسُقُوطِ الْخِيَارِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
إلَيْهِ مَعَ قَوْلِهِ الْمَارِّ فِي حَلِّ الْمَتْنِ: أَيْ عِوَضٌ، فَكَانَ الْأَوْلَى غَيْرَ هَذَا التَّعْبِيرِ
. (قَوْلُهُ إنْ شَرَطَ لَهُ) أَيْ مَا ذُكِرَ
وَتَغَيَّرَ حَالُ الْكَفِيلِ بِإِعْسَارٍ أَوْ غَيْرِهِ قَبْلَ تَكَفُّلِهِ وَتَبَيَّنَ أَنَّهُ قَدْ كَانَ تَغَيَّرَ قَبْلَهُ مُلْحَقٌ بِالرَّهْنِ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّهُ الْقِيَاسُ.
(وَلَوْ)(بَاعَ عَبْدًا) أَيْ رَقِيقًا (بِشَرْطِ إعْتَاقِهِ) عَنْ الْمُشْتَرِي أَوْ أَطْلَقَ (فَالْمَشْهُورُ صِحَّةُ الْبَيْعِ وَالشَّرْطِ) لِخَبَرِ بَرِيرَةَ الْمَشْهُورِ وَلِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْعِتْقِ، عَلَى أَنَّ فِيهِ مَنْفَعَةً لِلْمُشْتَرِي فِي الدُّنْيَا بِالْوَلَاءِ وَفِي الْآخِرَةِ بِالثَّوَابِ وَلِلْبَائِعِ بِالتَّسَبُّبِ فِيهِ وَالثَّانِي لَا يَصِحَّانِ كَمَا لَوْ شَرَطَ بَيْعَهُ أَوْ هِبَتَهُ، وَقِيلَ يَصِحُّ الْبَيْعُ دُونَ الشَّرْطِ كَمَا فِي النِّكَاحِ، أَمَّا لَوْ شَرَطَ إعْتَاقَهُ عَنْ الْبَائِعِ أَوْ أَجْنَبِيٍّ فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مَعْنَى مَا وَرَدَ بِهِ الْخَبَرُ وَخَرَجَ بِإِعْتَاقِ الْمَبِيعِ شَرْطُ إعْتَاقِ غَيْرِهِ فَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ مَعَهُ لِانْتِفَاءِ كَوْنِهِ مِنْ مَصَالِحِهِ وَشَرْطِ إعْتَاقِ بَعْضِهِ.
نَعَمْ لَوْ عَيَّنَ الْمِقْدَارَ الْمَشْرُوطَ فَالْأَوْجَهُ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ الصِّحَّةُ، وَلَوْ بَاعَ بَعْضَهُ بِشَرْطِ إعْتَاقِهِ صَحَّ ذَلِكَ الْبَعْضُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْبَهْجَةِ وَأَصْلُهَا، وَمَحَلُّ صِحَّةِ شَرْطِ الْعِتْقِ حَيْثُ كَانَ الْمَشْرُوطُ عَلَيْهِ يَتَمَكَّنُ مِنْ الْوَفَاءِ، فَلَوْ شَرَطَ إعْتَاقَ قَرِيبِهِ مِنْ أَصْلٍ أَوْ فَرْعٍ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: بِالرَّهْنِ) فَيَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ.
(قَوْله وَلَوْ بَاعَ عَبْدًا) هَلْ مِثْلُ الْبَيْعِ السَّلَمُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَيَنْبَغِي عَدَمُ الصِّحَّةِ أَخْذًا مِنْ تَعْلِيلِهِمْ بِالْعِتْقِ النَّاجِزِ وَتَأَخُّرِ الْقَبْضِ فِي السَّلَمِ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ تَعْلِيقِ الْعِتْقِ (قَوْلُهُ: أَيْ رَقِيقًا) إنَّمَا فَسَّرَ بِذَلِكَ لِيَشْمَلَ الْأَمَةَ، وَعِبَارَةُ حَجّ: أَيْ قِنًّا. وَفَسَّرَ بِذَلِكَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْقِنَّ هُوَ الرَّقِيقُ، وَعِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ: الْقِنُّ الرَّقِيقُ يُطْلَقُ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ عَلَى الْوَاحِدِ وَغَيْرِهِ، وَرُبَّمَا جُمِعَ عَلَى أَقْنَانٍ وَأَقِنَّةٍ. قَالَ الْكِسَائِيُّ: الْقِنُّ مَنْ يُمْلَكُ هُوَ وَأَبَوَاهُ، وَأَمَّا مَنْ يَغْلِبُ عَلَيْهِ وَيُسْتَعْبَدُ فَهُوَ عَبْدُ مُمَلِّكِهِ. وَمَنْ كَانَتْ أُمُّهُ أَمَةً وَأَبُوهُ عَرَبِيًّا فَهُوَ هَجِينٌ (قَوْلُهُ: بِشَرْطِ إعْتَاقِهِ) وَمِثْلُهُ الْقَرْضُ وَالْهِبَةُ فَيَصِحُّ كُلٌّ مِنْهُمَا بِشَرْطِ الْعِتْقِ عَنْ الْمُقْتَرِضِ وَالْمُتَّهِبِ كَذَا قِيلَ، وَقَدْ يُقَالُ: الْأَقْرَبُ فِيهِمَا عَدَمُ الصِّحَّةِ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ هُنَا لَا يَحْصُلُ إلَّا بَعْدَ قَبْضِ الْمُقْرَضِ وَالْمَوْهُوبِ. لَا يُقَالُ: قَدْ يَكُونُ الْمُقْرَضُ وَالْمَوْهُوبُ فِي يَدِ الْمُقْتَرِضِ وَالْمُتَّهِبِ قَبْلَ الْعَقْدِ فَيَحْصُلُ الْقَبْضُ فِيهِمَا عَقِبَهُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: الْقَبْضُ فِيهِمَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إذْنٍ مِنْ الْمَالِكِ فِي الْقَبْضِ عَنْ الْهِبَةِ وَالْقَرْضِ، وَعَلَى مُضِيِّ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ الْقَبْضُ بَعْدَ الْعَقْدِ فَلَا يَتِمُّ الْقَبْضُ فِيهِمَا بَعْدَ الْعَقْدِ أَصْلًا، وَقَدْ يُؤَيِّدُ هَذَا أَنَّهُ إذَا شُرِطَ إعْتَاقُ الْبَعْضِ لَمْ يَضُرَّ مَعَ أَنَّ اعْتَاقَ غَيْرِ الْمَبِيعِ إنَّمَا حَصَلَ بِالسِّرَايَةِ مِنْ إعْتَاقِ الْجُزْءِ الْمَبِيعِ، وَوَجْهُ التَّأْيِيدِ مَا قَالَهُ حَجّ مِنْ أَنَّهُ صَحَّ؛ لِأَنَّهُ مَعَ ذَلِكَ يُسَمَّى عِتْقًا لِلْكُلِّ حَالًّا مُنَجَّزًا وَهُوَ الْمَقْصُودُ.
(قَوْلُهُ: عَنْ الْمُشْتَرِي) لَا فَرْقَ فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ مَعَ مَا ذُكِرَ وَلُزُومِ الْعِتْقِ لِلْمُشْتَرِي بَيْنَ كَوْنِ الْمُبْتَدِي بِالشَّرْطِ هُوَ الْبَائِعُ وَوَافَقَهُ الْمُشْتَرِي أَوْ عَكْسُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ اهـ سم عَلَى حَجّ مِنْ جُمْلَةِ كَلَامٍ طَوِيلٍ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: لِانْتِفَاءِ كَوْنِهِ مِنْ مَصَالِحِهِ) وَمِنْهُ مَا لَوْ بَاعَ أَحَدُ شَرِيكَيْنِ حِصَّتَهُ مِنْ شَرِيكِهِ بِشَرْطِ أَنْ يُعْتِقَ الشَّرِيكُ الْكُلَّ فَلَا يَصِحُّ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى شَرْطِ عِتْقِ غَيْرِ الْمَبِيعِ (قَوْلُهُ: وَشَرْطِ إعْتَاقِ بَعْضِهِ) أَيْ بَعْضِ الْمَبِيعِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ عَيَّنَ الْمِقْدَارَ إلَخْ) فَإِنْ أَبْهَمَهُ فَلَهُ خِلَافًا لحج حَيْثُ قَالَ: لَا فَرْقَ فِي الْبَعْضِ بَيْنَ الْمُعَيَّنِ وَغَيْرِهِ حَتَّى لَوْ بَاعَهُ بِشَرْطِ إعْتَاقٍ جَزْمًا صَحَّ الْبَيْعُ وَحَصَلَ بِهِ الْمَقْصُودُ مِنْ عِتْقِ الْكُلِّ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَعْتَقَ جُزْءًا وَإِنْ قَلَّ سَرَى إلَى بَاقِيه لِكَوْنِ الْجَمِيعِ فِي مِلْكِهِ اهـ. وَيُمْكِنُ رَدُّ مَا قَالَهُ بِأَنَّ الْمُبْهَمَ لَا تَتَأَتَّى الْمُطَابَقَةُ وَالدَّعْوَى بِهِ مِنْ الْبَائِعِ لِانْتِفَاءِ كَوْنِ الْمُدَّعَى بِهِ مَعْلُومًا فَامْتَنَعَ الْبَيْعُ بِشَرْطِ إعْتَاقِهِ لِلْإِبْهَامِ، قِيلَ عَلَى أَنَّهُ قَدْ لَا تَتَأَتَّى السِّرَايَةُ عِنْدَ الْإِعْتَاقِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَبِيعَ أَكْثَرَهُ وَهُوَ مُعْسِرٌ، فَإِذَا أَعْتَقَ الْبَاقِي لَا يَسْرِي، لَكِنَّ هَذَا جَارٍ فِي الْبَعْضِ مُعَيَّنًا كَانَ أَوْ مُبْهَمًا، وَقَدْ يُقَالُ بِعَدَمِ صِحَّةِ بَيْعِ شَيْءٍ مِنْهُ فِيمَا لَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ إعْتَاقَ شَيْءٍ مِنْهُ مُعَيَّنًا كَانَ أَوْ مُبْهَمًا؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ قِيلَ بِصِحَّةِ الشَّرْطِ نَزَلَ شَرْطُ إعْتَاقِ الْبَعْضِ مَنْزِلَةَ شَرْطِ إعْتَاقِ الْكُلِّ، وَهُوَ إذَا شَرَطَ إعْتَاقَ الْكُلِّ لَا يَجُوزُ بَيْعُ شَيْءٍ مِنْهُ قَبْلَ الْعِتْقِ.
(قَوْلُهُ: صَحَّ ذَلِكَ الْبَعْضُ) أَيْ حَيْثُ كَانَ بَاقِيه حُرًّا أَوْ كَانَ لِلْمُشْتَرِي وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقٌّ يَمْنَعُ صِحَّةَ الْعِتْقِ كَرَهْنٍ أَوْ لِغَيْرِهِ وَهُوَ مُوسِرٌ وَإِلَّا فَلَا لِعَدَمِ حُصُولِ الْمَقْصُودِ مِنْ الْعِتْقِ لِكُلِّهِ حَالًّا اهـ حَجّ. وَظَاهِرُ كَلَامِ الْبَهْجَةِ الْمَذْكُورِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ الشَّارِحَ مُتَشَوِّفٌ إلَى الْعِتْقِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْمَشْرُوطِ عِتْقَهُ يُؤَدِّي إلَى تَخْلِيصِ الرَّقَبَةِ مِنْ الرِّقِّ وَبَيْنَ كَوْنِهِ قَاصِرًا عَلَى مَا اشْتَرَاهُ، وَقِيَاسُ مَا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ فِيمَا لَوْ اشْتَرَى كُلَّهُ بِشَرْطِ إعْتَاقِ بَعْضٍ مُعَيَّنٍ
ــ
[حاشية الرشيدي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .