المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب محرمات الإحرام - نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج - جـ ٣

[الرملي، شمس الدين]

فهرس الكتاب

- ‌فَصْلٌ فِي دَفْنِ الْمَيِّتِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ

- ‌[اللَّحْدُ أَفْضَلُ مِنْ الشَّقِّ]

- ‌لَا يُدْفَنُ اثْنَانِ فِي قَبْرٍ)

- ‌[الْجُلُوس عَلَى الْقَبْرِ]

- ‌[التَّعْزِيَةُ لِأَهْلِ الْمَيِّتِ سُنَّةٌ]

- ‌[يَحْرُمُ النَّدْبُ وَالنَّوْحُ]

- ‌[الْبُكَاءُ عَلَى الْمَيِّتِ قَبْلَ الْمَوْتِ]

- ‌[اتِّبَاعُ الْمُسْلِمِ جِنَازَةَ قَرِيبِهِ الْكَافِرِ]

- ‌[لَا يَحْمِلُ الْجِنَازَةَ إلَّا الرِّجَالُ]

- ‌[اللَّغَطُ فِي سَيْرِ الْجِنَازَةِ]

- ‌[شُرُوطُ صِحَّةِ صَلَاةِ الْجِنَازَة]

- ‌[الدَّفْنُ بِالْمَقْبَرَةِ أَفْضَلُ مِنْ الدَّفْنُ بِالْبَيْتِ]

- ‌[الْمَبِيتُ بِالْمَقْبَرَةِ]

- ‌[الدَّفْنُ لَيْلًا]

- ‌[تَجْصِيصُ الْقَبْرِ وَالْبِنَاءُ عَلَيْهِ وَالْكِتَابَةُ عَلَيْهِ]

- ‌[زِيَارَةُ قُبُورِ الْمُسْلِمِينَ لِلرِّجَالِ]

- ‌[نَقْلُ الْمَيِّتِ قَبْلَ دَفْنِهِ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ آخَرَ]

- ‌كِتَابُ الزَّكَاةِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الْحَيَوَانِ

- ‌[الشَّرْطُ الْأَوَّلُ النَّعَم]

- ‌[الشَّرْطِ الثَّانِي النِّصَابُ]

- ‌فَصْلٌ فِي بَيَانِ كَيْفِيَّةِ الْإِخْرَاجِ لِمَا مَرَّ وَبَعْضِ شُرُوطِ الزَّكَاةِ

- ‌ أَسْبَابِ النَّقْصِ فِي الزَّكَاةِ

- ‌[الْخُلْطَةِ فِي الزَّكَاة]

- ‌بَابُ زَكَاةِ النَّبَاتِ

- ‌[نِصَابُ الْقُوتُ الَّذِي تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ]

- ‌ خَرْصُ الثَّمَرِ)

- ‌[شَرْطُ الْخَارِصِ]

- ‌بَابُ زَكَاةِ النَّقْدِ

- ‌[يُحَرَّمُ عَلَى الرَّجُلِ وَالْخُنْثَى حُلِيُّ الذَّهَبِ]

- ‌[تَحْلِيَةِ الْمُصْحَفِ بِالذَّهَبِ]

- ‌شَرْطُ زَكَاةِ النَّقْدِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الْمَعْدِنِ وَالرِّكَازِ وَالتِّجَارَةِ

- ‌[يُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الْمَعْدِن]

- ‌الرِّكَازِ

- ‌[شَرْطُ الرِّكَاز]

- ‌فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ زَكَاةِ التِّجَارَةِ

- ‌(شَرْطُ وُجُوبِ زَكَاةِ التِّجَارَةِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ

- ‌[تَأْخِيرَ زَكَاةِ الْفِطْرِ إلَى مَا بَعْدَ صَلَاةِ الْعِيدِ]

- ‌[يَلْزَمُهُ فِطْرَةُ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ]

- ‌(مَنْ أَيْسَرَ) بِبَعْضِ صَاعٍ وَهُوَ فِطْرَةُ الْوَاحِدِ (يَلْزَمُهُ)

- ‌[بَابُ مَنْ تَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ]

- ‌فَصْلٌ فِي أَدَاءِ الزَّكَاةِ

- ‌فَصْلٌ فِي تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ

- ‌كِتَابُ الصِّيَامِ

- ‌[إذَا الْهِلَالُ رُئِيَ بِبَلَدٍ لَزِمَ حُكْمُهُ الْبَلَدَ الْقَرِيبَ]

- ‌فَصْلٌ فِي أَرْكَانِ الصَّوْمِ

- ‌[يُسَنُّ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي شَرْطِ الصَّوْمِ]

- ‌فَصْلٌ شَرْطُ صِحَّةِ الصَّوْمِ مِنْ حَيْثُ الْفَاعِلِ وَالْوَقْتِ

- ‌فَصْلٌ فِي شُرُوطِ وُجُوبِ صَوْمِ رَمَضَانَ وَمَا يُبِيحُ تَرْكَ صَوْمِهِ

- ‌فَصْلٌ فِي فِدْيَةِ الصَّوْمِ الْوَاجِبِ

- ‌فَصْلٌ فِي مُوجِبِ كَفَّارَةِ الصَّوْمِ

- ‌[مَصْرِفُ فِدْيَةُ الصَّوْم]

- ‌بَابُ صَوْمِ التَّطَوُّعِ

- ‌ صَوْمُ يَوْمِ (عَرَفَةَ)

- ‌ صَوْمُ (أَيَّامِ) اللَّيَالِي (الْبِيضِ)

- ‌ صَوْمُ (سِتَّةٍ مِنْ شَوَّالٍ)

- ‌[صَوْمُ عَاشُورَاءَ]

- ‌(إفْرَادُ) يَوْمِ (الْجُمُعَةِ) بِالصَّوْمِ

- ‌[وَصَوْمُ الدَّهْرِ غَيْرُ الْعِيدِ]

- ‌كِتَابُ الِاعْتِكَافِ

- ‌[صَوْمُ تَطَوُّعٍ مِنْ غَيْرِ إذْنِ زَوْجِهَا وَهُوَ حَاضِرٌ]

- ‌[شُرُوطُ الْمُعْتَكِفِ]

- ‌فَصْلٌ فِي حُكْمِ الِاعْتِكَافِ الْمَنْذُورِ

- ‌[كِتَابُ الْحَجِّ]

- ‌[شُرُوط صِحَّة الْحَجّ وَالْعُمْرَة]

- ‌[شُرُوط وُجُوب الْحَجّ وَالْعُمْرَة]

- ‌[مَا يُشْتَرَطُ فِي وُجُوبِ نُسُكِ الْمَرْأَةِ]

- ‌بَابُ الْمَوَاقِيتِ لِلنُّسُكِ زَمَانًا وَمَكَانًا

- ‌[الْمِيقَات الزَّمَانِيّ]

- ‌الْمِيقَاتُ الْمَكَانِيُّ

- ‌بَابُ الْإِحْرَامِ

- ‌فَصْلٌ فِي رُكْنِ الْإِحْرَامِ وَمَا يُطْلَبُ لِلْمُحْرِمِ مِنْ الْأُمُورِ الْآتِيَةِ

- ‌[بَابُ دُخُولِ الْمُحْرِمِ مَكَّةَ]

- ‌فَصْلٌ فِيمَا يُطْلَبُ فِي الطَّوَافِ مِنْ وَاجِبَاتٍ وَسُنَنٍ

- ‌[وَاجِبَات الطَّوَاف]

- ‌[سُنَن الطَّوَاف]

- ‌فَصْلٌ فِيمَا يَخْتِمُ بِهِ الطَّوَافَ وَبَيَانُ كَيْفِيَّةِ السَّعْيِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ

- ‌(فَصْلٌ فِي الْمَبِيتِ بِالْمُزْدَلِفَةِ وَالدَّفْعِ مِنْهَا وَفِيمَا يُذْكَرُ مَعَهُمَا

- ‌ الْمَبِيتِ بِمِنًى لَيَالِيَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ

- ‌فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَرْكَانِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، وَبَيَانِ أَوْجُهِ أَدَائِهِمَا مَعَ مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ

- ‌بَابُ مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ

- ‌[مَا يَحِلّ مِنْ شجر الحرم وَمَا يحرم]

- ‌[أَنْوَاعِ الدِّمَاءِ فِي الْحَجّ]

- ‌بَابُ الْإِحْصَارِ وَالْفَوَاتِ

- ‌كِتَابُ الْبَيْعِ

- ‌[شُرُوط الْبَيْع] [

- ‌أَلْفَاظ الْبَيْع]

- ‌[يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بِالْكِنَايَةِ مَعَ النِّيَّةِ]

- ‌[شُرُوط الْعَاقِدِ]

- ‌[شِرَاء الْكَافِر الْمُصْحَف]

- ‌[شُرُوط الْمَبِيع]

- ‌[مِنْ شُرُوط الْمَبِيع طَهَارَة عَيْنه]

- ‌ مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ (النَّفْعُ)

- ‌[مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ إمْكَانُ تَسْلِيمِهِ]

- ‌ مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ (الْمِلْكُ)

- ‌ مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ (الْعِلْمُ بِهِ)

- ‌بَابُ الرِّبَا

- ‌[الْمُمَاثَلَةُ تُعْتَبَرُ فِي الْمَكِيلِ]

- ‌[بَاب الْبُيُوعِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا وَمَا يَتْبَعُهَا]

- ‌[الصُّوَر المستثناة مِنْ النَّهْي عَنْ بَيْع وَشَرْط]

- ‌[بَاعَ عَبْدًا بِشَرْطِ إعْتَاقِهِ]

- ‌فَصْلٌ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي مِنْ الْمَنْهِيَّاتِ الَّتِي لَا يَقْتَضِي النَّهْيُ فَسَادَهَا كَمَا قَالَ

- ‌[بَيْعُ الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ لِعَاصِرِ الْخَمْرِ وَالنَّبِيذِ]

- ‌فَصْلٌ فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ

- ‌[بَيْعُ الْعَرَبُونِ]

- ‌[جُمِعَ الْعَاقِدُ أَوْ الْعَقْدُ فِي صَفْقَةٍ مُخْتَلِفَيْ الْحُكْمِ]

الفصل: ‌باب محرمات الإحرام

يُعْتَدُّ بِالْبَقِيَّةِ لِعَدَمِ التَّفْرِيقِ. .

وَالثَّانِي لَا يَلْزَمُهُ التَّفْرِيقُ (وَعَلَى الْقَارِنِ دَمٌ) لِوُجُوبِهِ عَلَى الْمُتَمَتِّعِ بِالنَّصِّ وَفِعْلُ الْمُتَمَتِّعِ أَكْثَرُ مِنْ فِعْلِ الْقَارِنِ فَإِذَا لَزِمَهُ الدَّمُ قَارَنَ أَوْلَى لِخَبَرِ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم ذَبَحَ عَنْ نِسَائِهِ الْبَقَرَ يَوْمَ النَّحْرِ قَالَتْ عَائِشَةُ: وَكُنَّ قَارِنَاتٍ» (كَدَمِ التَّمَتُّعِ) فِي أَحْكَامِهِ الْمُتَقَدِّمَةِ جِنْسًا وَسِنًّا وَبَدَلًا عِنْدَ الْعَجْزِ؛ لِأَنَّهُ فَرْعٌ عَنْ دَمِ التَّمَتُّعِ (قُلْت) كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ (بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ) الْقَارِنُ (مِنْ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ) وَمَرَّ بَيَانُ حَاضِرِيهِ وَأَنْ لَا يَعُودَ قَبْلَ الْوُقُوفِ لِلْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ عَنْ الْمِيقَاتِ فَإِنْ عَادَ سَقَطَ عَنْهُ الدَّمُ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) ؛ لِأَنَّ دَمَ الْقِرَانِ فَرْعٌ عَنْ دَمِ التَّمَتُّعِ وَدَمُ التَّمَتُّعِ غَيْرُ وَاجِبٍ عَلَى الْحَاضِرِ فَفَرْعُهُ كَذَلِكَ، وَذِكْرُ هَذَا الشَّرْطِ إيضَاحٌ، وَإِلَّا فَتَشْبِيهُهُ بِدَمِ التَّمَتُّعِ كَمَا مَرَّ يُغْنِي عَنْهُ، وَلَوْ اسْتَأْجَرَ اثْنَانِ آخَرَ أَحَدُهُمَا لِحَجٍّ وَالْآخَرُ لِعُمْرَةٍ فَتَمَتَّعَ عَنْهُمَا أَوْ اعْتَمَرَ أَجْبَرَ عَنْ نَفْسِهِ ثُمَّ حَجَّ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ، فَإِنْ كَانَ قَدْ تَمَتَّعَ بِالْإِذْنِ مِنْ الْمُسْتَأْجِرَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا فِي الْأُولَى وَمِنْ الْمُسْتَأْجِرِ فِي الثَّانِيَةِ فَعَلَى كُلٍّ مِنْ الْآذِنَيْنِ أَوْ الْآذِنُ وَالْأَجِيرُ نِصْفُ الدَّمِ إنْ أَيْسَرَا وَإِنْ أَعْسَرَا أَوْ أَحَدُهُمَا فِيمَا يَظْهَرُ فَالصَّوْمُ عَلَى الْأَجِيرِ، أَوْ تَمَتَّعَ بِلَا إذْنٍ مِمَّنْ ذَكَرَ لَزِمَهُ دَمَانِ دَمٌ لِلتَّمَتُّعِ وَدَمٌ لِأَجْلِ الْإِسَاءَةِ بِمُجَاوَزَتِهِ الْمِيقَاتَ، وَلَوْ وَجَدَ الْمُتَمَتِّعُ الْفَاقِدُ لِلْهَدْيِ الْهَدْيَ بَيْنَ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ وَالصَّوْمِ لَزِمَهُ الْهَدْيُ لَا إنْ وَجَدَهُ بَعْدَ شُرُوعِهِ فِي الصَّوْمِ فَلَا يَلْزَمُهُ وَإِنَّمَا يُسْتَحَبُّ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ. .

‌بَابُ مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ

أَيْ الْمُحَرَّمَاتِ بِهِ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ الْأَخْبَارُ الصَّحِيحَةُ كَخَبَرِ «سُئِلَ صلى الله عليه وسلم مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ مِنْ الثِّيَابِ؟ فَقَالَ: لَا يَلْبَسُ الْقُمُصَ وَلَا الْعَمَائِمَ وَلَا السَّرَاوِيلَاتِ وَلَا الْبَرَانِسَ وَلَا الْخِفَافَ إلَّا أَحَدٌ لَا يَجِدُ نَعْلَيْنِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

حَوَائِجِهِمْ، فَإِذَا أَقَامَ بِمَكَّةَ فَرَقَ بِقَدْرِ ذَلِكَ وَبِقَدْرِ السَّيْرِ الْمُعْتَادِ إلَى أَهْلِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ التَّوَجُّهُ إلَيْهِمْ بِدُونِ خُرُوجِ الْحَاجِّ فَهِيَ ضَرُورِيَّةٌ بِالنِّسْبَةِ لَهُ كَالْإِقَامَةِ الَّتِي تُفْعَلُ فِي الطَّرِيقِ وَمِنْ ذَلِكَ عَشَرَةُ أَيَّامٍ لِدُورِهِ الْمَعْرُوفَةِ فَيُفَرِّقُ بِجَمِيعِ ذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ

(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ فَرْعٌ عَنْ دَمِ التَّمَتُّعِ) أَيْ مَبْنِيٌّ عَلَى دَمِ التَّمَتُّعِ (قَوْلُهُ: لِأَجْلِ الْإِسَاءَةِ إلَخْ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَعُدْ لِلْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ مِنْ الْمِيقَاتِ (قَوْلُهُ: لَا إنْ وَجَدَهُ بَعْدَ شُرُوعِهِ إلَخْ) أَيْ وَإِذَا فَعَلَهُ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الصَّوْمِ فَهَلْ يَسْقُطُ بَقِيَّتُهُ لِفِعْلِهِ مَا هُوَ الْأَصْلُ وَيَقَعُ مَا فَعَلَهُ نَفْلًا مُطْلَقًا أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ عَجَزَ عَنْ الْإِعْتَاقِ فِي كَفَّارَةِ الْوِقَاعِ أَوْ الظِّهَارِ وَشَرَعَ فِي الصَّوْمِ ثُمَّ قَدَرَ عَلَى الْإِعْتَاقِ فَفَعَلَهُ فَإِنَّ مَا صَامَهُ يَقَعُ نَفْلًا مُطْلَقًا.

(بَابُ مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ) أَيْ الْمُحَرَّمَاتُ بِهِ [فَائِدَةٌ] مُحَصِّلُ مَا فِي حَاشِيَةِ الْإِيضَاحِ لِلشَّارِحِ أَنَّ كُلًّا مِنْ إتْلَافِ الْحَيَوَانِ الْمُحْتَرَمِ وَمِنْ الْجِمَاعِ فِي الْحَجِّ

ــ

[حاشية الرشيدي]

لِخَبَرِ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم ذَبَحَ عَنْ نِسَائِهِ الْبَقَرَ» ) لَعَلَّهُ سَقَطَ مِنْهُ وَاوُ الْعَطْفِ قَبْلَ لَفْظِ لِخَبَرِ مِنْ الْكَتَبَةِ وَكَأَنَّهُ إنَّمَا لَمْ يُقَدِّمْهُ عَلَى الْقِيَاسِ كَمَا صَنَعَ فِي التُّحْفَةِ لِأَنَّهُ لَيْسَ نَصًّا فِي أَنَّ الذَّبْحَ عَنْ الْقِرَانِ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَأْتِ بِهِ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ إلَّا لِمُجَرَّدِ الِاسْتِئْنَاسِ لِلْقِيَاسِ حَيْثُ عَبَّرَ عَنْهُ بَعْدَ تَصْدِيرِهِ الْقِيَاسَ الْمَارَّ بِقَوْلِهِ وَرَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ عَائِشَةَ إلَخْ (قَوْلُهُ فَعَلَى كُلٍّ مِنْ الْآذِنَيْنِ) أَيْ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ أَوْ الْآذِنُ وَالْأَجِيرُ.

[بَابُ مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ]

ص: 329

فَلْيَلْبَسْ الْخُفَّيْنِ وَلْيَقْطَعْهُمَا أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ، وَلَا يَلْبَسُ مِنْ الثِّيَابِ شَيْئًا مَسَّهُ زَعْفَرَانٌ أَوْ وَرْسٌ، وَلَا تَنْتَقِبُ الْمَرْأَةُ وَلَا تَلْبَسُ الْقُفَّازَيْنِ» وَإِنَّمَا وَقَعَ الْجَوَابُ عَمَّا لَا يَلْبَسُ؛ لِأَنَّهُ مَحْصُورٌ بِخِلَافِ مَا يَلْبَسُ وَإِنْ كَانَ هُوَ الْمَسْئُولُ عَنْهُ إذْ الْأَصْلُ الْإِبَاحَةُ، وَتَنْبِيهًا عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَنْبَغِي السُّؤَالُ عَمَّا لَا يَلْبَسُ، وَأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الْجَوَابِ مَا يُحَصِّلُ الْمَقْصُودَ وَإِنْ لَمْ يُطَابِقْ السُّؤَالَ صَرِيحًا لِخَبَرِ «نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ لُبْسِ الْقُمُصِ وَالْأَقْبِيَةِ وَالسَّرَاوِيلَاتِ وَالْخِفَافِ إلَّا أَنْ لَا يَجِدَ النَّعْلَيْنِ» وَقَدْ عَدَّ الْمُحَرَّمَاتِ فِي الرَّوْنَقِ وَاللُّبَابِ عِشْرِينَ شَيْئًا، وَجَرَى عَلَى ذَلِكَ الْبُلْقِينِيُّ فِي تَدْرِيبِهِ، وَقَالَ فِي الْكِفَايَةِ: إنَّهَا عَشْرَةٌ: أَيْ وَالْبَاقِيَةُ مُتَدَاخِلَةٌ.

قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُصَنِّفَ بَالَغَ فِي اخْتِصَارِ أَحْكَامِ الْحَجِّ لَا سِيَّمَا هَذَا الْبَابُ وَأَتَى فِيهِ بِصِيغَةٍ تَدُلُّ عَلَى حَصْرِ الْمُحَرَّمَاتِ فِيمَا ذَكَرَهُ، وَالْمُحَرِّرُ سَالِمٌ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ قَالَ: يَحْرُمُ فِي الْإِحْرَامِ أُمُورٌ مِنْهَا كَذَا وَكَذَا اهـ.

وَالْمُصَنِّفُ عَدَّهَا سَبْعَةً فَقَالَ (أَحَدُهَا سَتْرُ بَعْضِ رَأْسِ الرَّجُلِ) وَإِنْ قَلَّ كَبَيَاضِ خَلْفِ أُذُنِهِ فَيَجِبُ كَشْفُ جَمِيعِهِ مِنْهُ مَعَ كَشْفِ جُزْءٍ مِمَّا يُحَاذِيهِ مِنْ الْجَوَانِبِ، إذْ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ، وَلَيْسَتْ الْأُذُنُ مِنْ الرَّأْسِ خِلَافًا لِمَنْ وَهَمَ فِيهِ، وَلَوْ جَاوَزَ شَعْرُ رَأْسِهِ حَدَّهُ بِحَيْثُ لَمْ يَجُزْ الْمَسْحُ عَلَيْهِ فَهَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ سَتْرُهُ هُنَا كَمَا يُجْزِئُ تَقْصِيرُهُ أَوْ لَا كَمَا لَا يُجْزِئُ الْمَسْحُ عَلَيْهِ؟ مَحَلُّ احْتِمَالٍ، وَالْأَوْجَهُ الثَّانِي (بِمَا يُعَدُّ سَاتِرًا) عُرْفًا وَإِنْ لَمْ يُحِطْ بِهِ كَقَلَنْسُوَةٍ وَطِينٍ وَمَرْهَمٍ وَحِنَّاءَ ثَخِينٍ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي الْمُحْرِمِ الَّذِي خَرَّ عَنْ بَعِيرِهِ مَيِّتًا: لَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا» بِخِلَافِ مَا لَا يُعَدُّ سَاتِرًا كَخَيْطٍ شَدَّهُ بِهِ وَلَمْ يَكُنْ عَرِيضًا كَالْعِصَابَةِ وَمَحْمُولٌ كَقُفَّةِ وَضَعَهَا عَلَى رَأْسِهِ لَا بِقَصْدِ السِّتْرِ وَإِلَّا لَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ كَمَا جَزَمَ بِهِ جَمْعٌ وَمُقْتَضَاهُ الْحُرْمَةُ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ نَحْوَ الْقُفَّةِ لَوْ اسْتَرْخَى عَلَى رَأْسِهِ بِحَيْثُ صَارَ كَالْقَلَنْسُوَةِ وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ يُحْمَلُ يَحْرُمُ وَتَجِبُ الْفِدْيَةُ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ سِتْرَهُ، فَإِنْ انْتَفَى شَرْطٌ مِمَّا ذَكَرَ لَمْ يَحْرُمْ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْأَذْرَعِيِّ، وَمَاءٍ غَطَسَ فِيهِ وَلَوْ كَدِرًا أَوْ طِينًا وَحِنَّاءَ رَقِيقَيْنِ وَلَبَنٍ وَعَسَلٍ رَقِيقٍ وَهَوْدَجٍ اسْتَظَلَّ بِهِ وَإِنْ مَسَّهُ أَوْ قَصَدَ السِّتْرَ بِذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ وَفَارَقَ نَحْوَ الْقُفَّةِ بِأَنَّ تِلْكَ يُقْصَدُ السِّتْرُ بِهَا عُرْفًا بِخِلَافِ هَذِهِ وَنَحْوِهَا، وَتَوَسَّدَ وِسَادَةً أَوْ عِمَامَةً وَسَتَرَهُ بِمَا لَا يُلَاقِيهِ كَأَنْ رَفَعَهُ بِنَحْوِ عُودٍ بِيَدِهِ أَوْ بِيَدِ غَيْرِهِ وَإِنْ قَصَدَ السِّتْرَ فِيمَا يَظْهَرُ، وَإِنَّمَا عَدَّ نَحْوَ الْمَاءِ الْكَدِرِ سَاتِرًا فِي الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ ثَمَّ عَلَى مَا مَنَعَ إدْرَاكَ لَوْنِ الْبَشَرَةِ وَهُنَا عَلَى السَّاتِرِ الْعُرْفِيِّ وَإِنْ لَمْ يَمْنَعْ إدْرَاكَهَا، وَمِنْ ثَمَّ كَانَ السِّتْرُ بِالزُّجَاجِ هُنَا كَغَيْرِهِ، فَانْدَفَعَ مَا تَوَهَّمَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ اتِّحَادِ الْبَابَيْنِ، وَمَا بَنَاهُ عَلَيْهِ مِنْ أَنَّ السَّاتِرَ الرَّقِيقَ الَّذِي يَحْكِي الْبَشَرَةَ لَا يَضُرُّ هُنَا فَقَدْ صَرَّحَ الْإِمَامُ هُنَا بِأَنَّهُ يَضُرُّ، وَلَا اعْتِبَارَ بِمَا فِي نُكَتِ النَّسَائِيّ مِمَّا يَقْتَضِي ضَعْفَهُ، وَلَوْ شَدَّ خِرْقَةً عَلَى جُرْحٍ بِرَأْسِهِ لَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ بِخِلَافِهِ فِي الْبَدَنِ؛ لِأَنَّ الرَّأْسَ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الْمُحِيطِ وَغَيْرِهِ بِخِلَافِ الْبَدَنِ وَأَفْهَمَتْ عِبَارَتُهُ جَوَازَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

كَبِيرَةٌ، وَأَنَّ بَقِيَّةَ الْمُحَرَّمَاتِ صَغِيرَةٌ اهـ سم عَلَى حَجّ.

وَقَوْلُهُ وَمِنْ الْجِمَاعِ ظَاهِرُهُ وَلَوْ بَيْنَ التَّحَلُّلَيْنِ وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ، وَقَوْلُهُ فِي الْحَجِّ قَدْ يُخْرِجُ الْعُمْرَةَ وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ الثَّانِي) وَعَلَيْهِ فَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّقْصِيرِ أَنَّ الْبَشَرَةَ هُنَا هِيَ الْمَقْصُودَةُ بِالْحُكْمِ كَالْوُضُوءِ، وَإِنَّمَا أَجْزَأَ تَقْصِيرُهُ؛ لِأَنَّهُ مَنُوطٌ بِالشَّعْرِ لَا الْبَشَرَةِ فَلَمْ يُشْبِهْ مَا نَحْنُ فِيهِ حَجّ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَا يُعَدُّ سَاتِرًا كَخَيْطٍ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ قُصِدَ بِهِ السِّتْرُ وَيَدُلُّ لَهُ مَا سَيَأْتِي مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ نَحْوِ الْقُفَّةِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ كَقُفَّةٍ) وَمِثْلُ الْقُفَّةِ فِيمَا ذَكَرَ وَضْعُ الْيَدِ عَلَى رَأْسِهِ بِقَصْدِ السِّتْرِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ) أَيْ بِأَنْ قَصَدَ السِّتْرَ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ الْحَمْلِ (قَوْلُهُ: وَمُقْتَضَاهُ) أَيْ مُقْتَضَى قَوْلِهِ وَإِلَّا لَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ (قَوْلُهُ: مِمَّا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: فَإِنْ انْتَفَى شَرْطٌ مِمَّا ذَكَرَ) أَيْ بِأَنْ لَمْ تَسْتَرْخِ عَلَى رَأْسِهِ أَوْ كَانَ فِيهِ شَيْءٌ يُحْمَلُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ شَدَّ خِرْقَةً عَلَى جُرْحٍ بِرَأْسِهِ لَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ) أَيْ مِنْ غَيْرِ حُرْمَةٍ كَمَا يَأْتِي

ص: 330

سَتْرِ وَجْهِهِ، وَعَلَيْهِ إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ وَخَبَرُ مُسْلِمٍ فِي الَّذِي وَقَصَتْهُ نَاقَتُهُ «لَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ وَلَا وَجْهَهُ» قَالَ السُّهَيْلِيُّ: ذِكْرُ الْوَجْهِ فِيهِ وَهْمٌ مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ.

قَالَ فِي الشَّامِلِ: هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا يَجِبُ كَشْفُهُ مِنْ الْوَجْهِ لِتَحَقُّقِ كَشْفِ الرَّأْسِ وَصَحَّ خَمِّرُوا وَجْهَهُ وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ (إلَّا) سِتْرَ بَعْضِ رَأْسِ الرَّجُلِ أَوْ كُلِّهِ (لِحَاجَةٍ) مِنْ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَوْ مُدَاوَاةٍ كَأَنْ جُرِحَ رَأْسُهُ فَشَدَّ عَلَيْهِ خِرْقَةً فَيَجُوزُ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78] نَعَمْ تَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ كَمَا مَرَّ قِيَاسًا عَلَى الْحَلْقِ بِسَبَبِ الْأَذَى (وَلُبْسِ الْمَخِيطِ) كَقَمِيصٍ وَخُفٍّ وَقُفَّازٍ وَخِبَاءٍ، وَإِنْ لَمْ يُخْرِجْ يَدَيْهِ مِنْ كُمِّهِ وَخَرِيطَةٍ لِخِضَابِ لِحْيَتِهِ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْقُفَّازَيْنِ وَسَرَاوِيلَ وَتُبَّانٍ (وَالْمَنْسُوجِ) كَدِرْعٍ مِنْ زَرَدٍ سَوَاءٌ أَكَانَ السَّاتِرُ خَاصًّا بِمَحَلِّ السَّتْرِ كَكِيسِ اللِّحْيَةِ أَوْ لَا، كَأَنْ سَتَرَ بِبَعْضِهِ بَعْضَ الْبَدَنِ عَلَى وَجْهٍ جَائِزٍ وَبِبَعْضِهِ الْآخَرِ بَعْضَهُ عَلَى وَجْهٍ مُمْتَنِعٍ، كَإِزَارٍ شَقَّهُ نِصْفَيْنِ وَلَفَّ عَلَى سَاقٍ نِصْفَهُ بِعَقْدٍ أَوْ خَيْطٍ وَإِنْ لَمْ يَلُفَّ النِّصْفَ الْآخَرَ عَلَى السَّاقِ الْآخَرِ فِيمَا يَظْهَرُ وَإِنْ أَوْهَمَ تَعْبِيرُهُمَا كَغَيْرِهِمَا بِقَوْلِهِمْ أَوْ شَقَّهُ نِصْفَيْنِ وَلَفَّ كُلَّ نِصْفٍ عَلَى سَاقٍ وَعَقَدَهُ خِلَافَهُ (وَالْمَعْقُودُ) كَجُبَّةِ لَبَدٍ سَوَاءً فِي ذَلِكَ الْمُتَّخَذُ مِنْ قُطْنٍ وَكَتَّانٍ وَغَيْرِهِمَا لِلْخَبَرِ السَّابِقِ (فِي سَائِرِ) أَيْ جَمِيعِ أَجْزَاءِ (بَدَنِهِ) وَالْمُعْتَبَرُ فِي اللُّبْسِ الْعَادَةُ فِي كُلِّ مَلْبُوسٍ إذْ بِهِ يَحْصُلُ التَّرَفُّهُ، فَلَوْ ارْتَدَى بِالْقَمِيصِ أَوْ الْقَبَاءِ أَوْ الْتَحَفَ بِهِمَا أَوْ ائْتَزَرَ بِالسَّرَاوِيلِ فَلَا فِدْيَةَ، كَمَا لَوْ ائْتَزَرَ بِإِزَارٍ لَفَّقَهُ مِنْ رِقَاعٍ أَوْ أَدْخَلَ رِجْلَيْهِ فِي سَاقَيْ الْخُفِّ، وَيَلْحَقُ بِهِ لُبْسُ السَّرَاوِيلِ فِي إحْدَى رِجْلَيْهِ أَوْ أَلْقَى قَبَاءً أَوْ فَرَجِيَّة عَلَيْهِ وَهُوَ مُضْطَجِعٌ وَكَانَ بِحَيْثُ لَوْ قَامَ أَوْ قَعَدَ لَمْ يَسْتَمْسِكْ عَلَيْهِ إلَّا بِمَزِيدِ أَمْرٍ، وَلَوْ زَرَّ الْإِزَارَ أَوْ خَاطَهُ حَرُمَ نَصَّ عَلَيْهِ أَوْ عَقَدَهُ بِتِكَّةٍ فِي حُجْزَةِ لِحَاجَةِ إحْكَامِهِ فَلَا، لَكِنَّهُ يُكْرَهُ كَمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي، وَلَهُ شَدُّهُ بِخَيْطٍ وَلَوْ مَعَ عَقْدِ الْإِزَارِ لِحَاجَةِ ثُبُوتِهِ، بِخِلَافِ عَقْدِ الْإِزَارِ فِي عُرًى إنْ تَقَارَبَتْ وَعَقْدُ الرِّدَاءِ كَذَلِكَ وَإِنْ تَبَاعَدَتْ وَعَقْدُ طَرَفَيْ رِدَائِهِ بِخَيْطٍ أَوْ دُونَهُ أَوْ خَلَّلَهُمَا بِخِلَالٍ كَمَا مَرَّ فَلَيْسَ لَهُ شَيْءٌ مِنْهَا لِشِبْهِهِ بِالسَّرَاوِيلِ أَوْ الْمَخِيطِ مِنْ حَيْثُ اسْتِمْسَاكِهِ بِنَفْسِهِ، وَفَارَقَ الْإِزَارُ الرِّدَاءَ فِيمَا ذَكَرَ بِأَنَّ الْأَزْرَارَ الْمُتَبَاعِدَةَ تُشْبِهُ الْعَقْدَ وَهُوَ فِيهِ مُمْتَنِعٌ لِعَدَمِ احْتِيَاجِهِ إلَيْهِ غَالِبًا بِخِلَافِ الْإِزَارِ، وَلَهُ شَدُّ طَرَفِ إزَارِهِ فِي طَرَفِ رِدَائِهِ مِنْ غَيْرِ عَقْدٍ لَكِنَّهُ يُكْرَهُ، وَلَهُ بِلَا حَاجَةِ تَقْلِيدٍ نَحْوُ سَيْفٍ وَشَدُّ نَحْوُ هِمْيَانٍ وَمِنْطَقَةٍ وَلَفُّ عِمَامَةٍ بِوَسَطِهِ وَلَا يَعْقِدُهَا وَلُبْسُ خَاتَمٍ وَإِدْخَالُ يَدِهِ فِي كُمٍّ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

كَوْنِهِ يُعَدُّ سَاتِرًا عُرْفًا أَوْ لَا يُعَدُّ وَقَصَدَ بِنَحْوِ الْقُفَّةِ السِّتْرَ (قَوْلُهُ: وَمَاءٌ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ كَخَيْطٍ شَدَّهُ (قَوْلُهُ: إلَّا لِحَاجَةٍ) وَيَظْهَرُ ضَبْطُهَا فِي هَذَا الْبَابِ بِمَا لَا يُطَاقُ الصَّبْرُ عَلَيْهِ عَادَةً وَإِنْ لَمْ يُبَحْ التَّيَمُّمُ كَحَرٍّ وَبَرْدٍ إلَخْ اهـ حَجّ وَبِبَعْضِ الْهَوَامِشِ الصَّحِيحَةِ عَنْ سم مَا نَصُّهُ: سَأَلْت بَعْضَ شُيُوخِ الْحِجَازِ عَنْ الْمُحْرِمِ إذَا لَبِسَ عِمَامَتَهُ لِلْعُذْرِ فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ نَزْعُهَا لِأَجْلِ مَسْحِ كُلِّ الرَّأْسِ وَهَلْ تَكَرُّرُ ذَلِكَ لَلسُّنَّةِ وَهَلْ تَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ لِلنَّزْعِ وَالتَّكْرَارِ، أَوْ لِلنَّزْعِ فَقَطْ؟ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ نَزْعُهَا لِذَلِكَ وَلَهُ التَّكْرِيرُ، وَتَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ لِلنَّزْعِ وَلَا تَلْزَمُهُ لِلتَّكْرِيرِ فِي الْوُضُوءِ الْوَاحِدِ اهـ رحمه الله وَهُوَ قَرِيبٌ (قَوْلُهُ: وَتُبَّانٌ) قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: وَالتُّبَّانُ بِالضَّمِّ وَالتَّشْدِيدِ سِرْوَالٌ صَغِيرٌ مِقْدَارُ شِبْرٍ يَسْتُرُ الْعَوْرَةَ الْمُغَلَّظَةَ وَقَدْ يَكُونُ لِلْمَلَّاحِينَ اهـ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَلُفَّ) قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: مِنْ بَابِ رَدِّ (قَوْلُهُ: أَوْ الْقَبَاءَ) بِأَنْ وَضَعَ أَسْفَلَهُ عَلَى عَاتِقِيهِ اهـ حَجّ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ جَعَلَ غِشَاءً عَلَى عَاتِقِيهِ وَبِطَانَتُهُ إلَى خَارِجٍ كَانَ سَاتِرًا فَتَجِبُ فِيهِ الْفِدْيَةُ وَهُوَ قَرِيبٌ (قَوْلُهُ: وَيَلْحَقُ بِهِ) أَيْ إدْخَالُ رِجْلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ زَرَّ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ بِزِرٍّ وَاحِدٍ أَوْ أَزْرَارٍ مُتَبَاعِدَةٍ، وَسَيَأْتِي أَنَّهُ إنَّمَا يَضُرُّ زَرُّهُ بِالْأَزْرَارِ إنْ تَقَارَبَتْ فِي عُرًى بِخِلَافِ الْمُتَبَاعِدَةِ فَلَعَلَّ مَا هُنَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: أَوْ عَقَدَهُ بِتِكَّةٍ) التِّكَّةُ بِكَسْرِ التَّاءِ وَالْحُجْزَةُ بِإِثْبَاتِ الْجِيمِ كَمَا هُنَا وَبِحَذْفِهَا كَمَا فِي الْمُهَذَّبِ لُغَتَانِ مَشْهُورَتَانِ ذَكَرَهُمَا صَاحِبُ الْمُجْمَلِ وَالصِّحَاحِ وَآخَرُونَ وَهِيَ الَّتِي تُجْعَلُ فِيهَا التِّكَّةُ اهـ مَجْمُوعٌ لِلنَّوَوِيِّ (قَوْلُهُ: وَهُوَ فِيهِ) أَيْ الرِّدَاءِ (قَوْلُهُ: هِمْيَانٌ) اسْمٌ لِكِيسِ الدَّرَاهِمِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَلَوْ زَرَّ الْإِزَارَ) أَيْ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي قَرِيبًا بِأَنْ تَكُونَ فِي عُرًى مُتَقَارِبَةٍ، فَالْإِطْلَاقُ هُنَا لِلِاتِّكَالِ عَلَى مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ أَوْ خَلَّلَهُمَا بِخِلَالٍ كَمَا مَرَّ) لَمْ يَمُرَّ لَهُ هَذَا.

ص: 331

مُنْفَصِلٍ عَنْهُ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ جَوَازُ الِاحْتِبَاءِ بِحَبْوَةٍ أَوْ غَيْرِهَا، وَقَدْ أَبْدَى بَعْضُ الْعُلَمَاءِ حِكْمَةً فِي تَحْرِيمِ لُبْسِ الْمَخِيطِ وَغَيْرِهِ مِمَّا مُنِعَ مِنْهُ الْمُحْرِمُ وَهِيَ خُرُوجُ الْإِنْسَانِ عَنْ عَادَتِهِ فَيَكُونَ مُذَكِّرًا لَهُ مَا هُوَ فِيهِ مِنْ عِبَادَةِ رَبِّهِ فَيَشْتَغِلَ بِهَا. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَخَرِيطَةُ اللِّحْيَةِ لَا تَدْخُلُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّ اللِّحْيَةَ لَا تَدْخُلُ فِي مُسَمَّى الْبَدَنِ (إلَّا إذَا) كَانَ لُبْسُهُ لِحَاجَةٍ كَحَرٍّ وَبَرْدٍ فَيَجُوزُ مَعَ الْفِدْيَةِ أَوْ (لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ) أَيْ الْمَخِيطِ وَنَحْوِهِ فَيَجُوزُ لَهُ مِنْ غَيْرِ فِدْيَةٍ لُبْسُ السَّرَاوِيلِ الَّتِي لَا يَتَأَتَّى الِاتِّزَارُ بِهَا عِنْدَ فَقْدِ الْإِزَارِ، فَإِنْ تَأَتَّى حَرُمَ لُبْسُهُ حِينَئِذٍ وَلُبْسُ خُفٍّ قُطِعَ أَسْفَلُ كَعْبَيْهِ أَوْ مُكَعَّبٍ: أَيْ مَدَاسٍ وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالزُّرْمُوزَةِ، أَوْ زُرْبُولٍ لَا يَسْتُرُ الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ اسْتَتَرَ ظَهْرُ الْقَدَمَيْنِ لِمَا صَحَّ مِنْ «قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم فِي خُطْبَةِ عَرَفَاتٍ السَّرَاوِيلُ لِمَنْ لَمْ يَجِدْ الْإِزَارَ وَالْخِفَافُ لِمَنْ لَمْ يَجِدْ النَّعْلَيْنِ» أَيْ مَعَ قَطْعِ الْخُفَّيْنِ أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ بِقَرِينَةِ الْخَبَرِ الْمَارِّ، وَالْأَصْلُ فِي مُبَاشَرَةِ الْجَائِزِ نَفْيُ الضَّمَانِ وَاسْتِدَامَةُ لُبْسِ ذَلِكَ بَعْدَ قُدْرَتِهِ عَلَى النَّعْلِ وَالْإِزَارُ مُوجِبَةٌ لِلدَّمِ وَخَرَجَ بِمَنْ لَمْ يَجِدْ الْوَاجِدُ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ لُبْسُ ذَلِكَ لِلْخَبَرِ، وَالْمُرَادُ بِالنَّعْلِ التَّاسُومَةُ وَمِثْلُهَا قَبْقَابٌ لَمْ يَسْتُرْ سَيْرُهُ جَمِيعَ الْأَصَابِعِ، أَمَّا الْمَدَاسُ الْمَعْرُوفُ الْآنَ فَيَجُوزُ لُبْسُهُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُحِيطٍ بِالْقَدَمِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَتَأَتَّى مِنْ السَّرَاوِيلِ إزَارٌ أَوْ لَا لِإِطْلَاقِ الْخَبَرِ وَإِضَاعَةِ الْمَالِ بِجَعْلِهِ إزَارًا فِي بَعْضِ صُوَرِهِ وَلِتَأَتِّي الْمَنْفَعَةِ الْمَقْصُودَةِ مِنْ النَّعْلِ بَعْدَ قَطْعِهِ مِنْ غَيْرِ عَمَلٍ بِخِلَافِ الْخُفِّ، وَلِوُرُودِ الْأَمْرِ بِقَطْعِهِ وَجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِسُهُولَةِ أَمْرِهِ وَالْمُسَامَحَةِ فِيهِ بِخِلَافِ السَّرَاوِيلِ فَسَقَطَ الْقَوْلُ بِإِشْكَالِهِ، وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ عَدَمَ جَوَازِ قَطْعِهِ إذَا وُجِدَ الْمُكَعَّبُ؛ لِأَنَّهُ إضَاعَةُ مَالٍ وَهُوَ مُتَّجَهٌ، وَلَوْ قَدَرَ عَلَى أَنْ يَسْتَبْدِلَ بِهِ إزَارًا مِثْلَهُ قِيمَةً وَجَبَ إنْ لَمْ يَمْضِ زَمَنٌ تَبْدُو فِيهِ عَوْرَتُهُ وَإِلَّا فَلَا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَلَوْ بِيعَ مِنْهُ إزَارٌ أَوْ نَعْلٌ نَسِيئَةً أَوْ وُهِبَا لَهُ وَلَوْ مِنْ أَصْلٍ أَوْ فَرْعٍ لَمْ يَلْزَمْهُ قَبُولُهُ أَوْ أُعِيرَ لَهُ لَزِمَهُ.

وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ يَجِيءُ حِينَئِذٍ فِي الشِّرَاءِ نَسِيئَةً، وَفِي قَرْضِ الثَّمَنِ مَا مَرَّ فِي التَّيَمُّمِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ لُبْسُ الْخُفِّ الْمَقْطُوعِ وَإِنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ وَهُوَ بَعِيدٌ، بَلْ الْأَوْجَهُ عَدَمُهُ إلَّا لِحَاجَةٍ كَخَشْيَةِ تَنَجُّسِ رِجْلَيْهِ أَوْ نَحْوِ بَرْدٍ أَوْ حَرٍّ أَوْ كَوْنِ الْحَفَاءِ غَيْرَ لَائِقٍ بِهِ، وَلَا فَرْقَ فِي جَمِيعِ مَا تَقَرَّرَ بَيْنَ الْبَالِغِ وَالصَّبِيِّ إلَّا أَنَّ الْإِثْمَ يَخْتَصُّ بِالْمُكَلَّفِ، وَيَأْثَمُ الْوَلِيُّ إذَا أَقَرَّ الصَّبِيَّ عَلَى ذَلِكَ وَلَا بَيْنَ طُولِ زَمَنِ اللُّبْسِ وَقِصَرِهِ (وَوَجْهُ الْمَرْأَةِ) وَلَوْ أَمَةً كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ (كَرَأْسِهِ) أَيْ الرَّجُلِ فِي حُرْمَةِ السَّتْرِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: جَوَازَ الِاحْتِبَاءِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: عِنْدَ فَقْدِ الْإِزَارِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَنْقُصْ بِفَتْقِهِ وَفِي حَجّ أَنَّ مَحَلَّ جَوَازِ ذَلِكَ إنْ نَقَصَ بِفَتْقِهِ وَإِلَّا وَجَبَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ اسْتَتَرَ ظَهْرُ الْقَدَمَيْنِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ اسْتَتَرَ الْعَقِبُ وَعَلَيْهِ فَلَا حَاجَةَ إلَى قَطْعِ مَا يَسْتُرُ الْأَصَابِعَ مِنْ الزُّرْمُوزَةِ أَوْ الزُّرْبُورِ (قَوْلُهُ: وَاسْتِدَامَةُ لُبْسِهِ) أَيْ وَإِنْ قَلَّتْ (قَوْلُهُ: مُوجِبَةٌ لِلدَّمِ) أَيْ وَحُرْمَةُ الِاسْتِدَامَةِ كَمَا يَأْتِي فِي سَاتِرِ وَجْهِ الْمَرْأَةِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَسْتُرْ سَيْرُهُ جَمِيعَ الْأَصَابِعِ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا سَتَرَ جَمِيعَ الْأَصَابِعِ ضَرَّ، وَهُوَ مُشْكِلٌ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ حُرْمَةِ الزُّرْمُوزَةِ مَعَ أَنَّهَا سَاتِرَةٌ لِظَهْرِ الْقَدَمِ مَعَ جَمِيعِ الْأَصَابِعِ إلَّا أَنْ يُعَلَّلَ مَا مَرَّ بِمَا إذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهَا فَاغْتُفِرَ لُبْسُهَا لِلْحَاجَةِ بِخِلَافِ مَا هُنَا، ثُمَّ رَأَيْت فِي حَجّ مَا يُصَرِّحُ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَمَّا الْمَدَاسُ الْمَعْرُوفُ الْآنَ) وَهُوَ مَا يَكُونُ اسْتِمْسَاكُهُ بِسُيُورٍ عَلَى الْأَصَابِعِ (قَوْلُهُ لَمْ يَلْزَمْهُ قَبُولُهُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ فِي النَّسِيئَةِ لِأَجَلٍ يُوسِرُ فِيهِ كَأَنْ أُجِّلَ مُدَّةً يَصِلُ فِيهَا إلَى مَالِهِ وَقِيَاسُ مَا فِي التَّيَمُّمِ خِلَافُهُ ثُمَّ رَأَيْتُ قَوْلَهُ وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَفِي فَرْضِ الثَّمَنِ مَا مَرَّ فِي التَّيَمُّمِ) أَيْ فَيَجِبُ حَيْثُ كَانَ لِأَجَلٍ مَعَ زِيَادَةٍ تَلِيقُ بِالْأَجَلِ وَكَانَ مُوسِرًا وَقْتَ حُلُولِهَا

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: أَوْ مُكَعَّبٍ إلَخْ) أَيْ وَالصُّورَةُ أَنَّهُ فَاقِدٌ لِلنَّعْلِ كَمَا هُوَ الْفَرْضُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ اسْتَتَرَ ظَهْرُ الْقَدَمَيْنِ) أَيْ وَلَوْ مَعَ الْأَصَابِعِ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهَا قَبْقَابٌ) أَيْ فَيَجُوزُ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: وَلِتَأَتِّي الْمَنْفَعَةِ الْمَقْصُودَةِ مِنْ النَّعْلِ إلَخْ) تُرَاجَعُ لَهُ نُسْخَةٌ صَحِيحَةٌ، وَعِبَارَةُ الْإِمْدَادِ: وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَأْتِيَ مِنْ السَّرَاوِيلِ أَزْرَارٌ أَوْ لَا لِإِطْلَاقِ الْخَبَرِ وَإِضَاعَةِ الْمَالِ بِجَعْلِهِ أَزْرَارًا فِي بَعْضِ صُوَرِهِ وَفَارَقَ الْخُفُّ لِلْأَمْرِ بِقَطْعِهِ وَلِجَرَيَانِ الْعَادَةِ إلَى آخِرِ مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ عَدَمَ جَوَازِ قَطْعِهِ) أَيْ

ص: 332

لِوَجْهِهَا أَوْ بَعْضِهِ إلَّا لِحَاجَةٍ فَيَجُوزُ مَعَ الْفِدْيَةِ، وَعَلَى الْحُرَّةِ أَنْ تَسْتُرَ مِنْهُ مَا لَا يَتَأَتَّى سِتْرُ جَمِيعِ رَأْسِهَا إلَّا بِهِ احْتِيَاطًا لِلرَّأْسِ، إذْ لَا يُمْكِنُ اسْتِيعَابُ سِتْرِهِ إلَّا بِسِتْرِ قَدْرٍ يَسِيرٍ مِمَّا يَلِيهِ مِنْ الْوَجْهِ، وَالْمُحَافَظَةُ عَلَى سِتْرِهِ بِكَمَالِهِ لِكَوْنِهِ عَوْرَةً أَوْلَى مِنْ الْمُحَافَظَةِ عَلَى كَشْفِ ذَلِكَ الْقَدْرِ مِنْ الْوَجْهِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْأَمَةَ لَا تَسْتُرُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ رَأْسَهَا لَيْسَ بِعَوْرَةٍ، وَهُوَ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْإِسْعَادِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ، وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُ الْمَجْمُوعِ: مَا ذُكِرَ فِي إحْرَامِ الْمَرْأَةِ وَلُبْسِهَا لَمْ يُفَرِّقُوا فِيهِ بَيْنَ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ؛ لِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ قَوْلِهِ وَشَذَّ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فَحَكَى وَجْهًا أَنَّ الْأَمَةَ كَالرَّجُلِ، وَوَجْهَيْنِ فِي الْمُبَعَّضَةِ هَلْ هِيَ كَالْأَمَةِ أَوْ كَالْحُرَّةِ اهـ.

وَعَلَى ظَاهِرِ الْمَجْمُوعِ يُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الِاعْتِنَاءَ بِالرَّأْسِ حَتَّى مِنْ الْأَمَةِ أَكْثَرُ، وَلِلْمَرْأَةِ أَنْ تُرْخِيَ عَلَى وَجْهِهَا ثَوْبًا مُتَجَافِيًا عَنْهُ بِنَحْوِ خَشَبَةٍ وَإِنْ لَمْ يُحْتَجْ لِذَلِكَ لِحَرٍّ وَفِتْنَةٍ، فَإِنْ وَقَعَتْ مِنْ غَيْرِ اخْتِيَارٍ فَأَصَابَ وَجْهَهَا فَإِنْ رَفَعَتْهُ فَوْرًا فَلَا فِدْيَةَ وَإِلَّا أَثِمَتْ وَوَجَبَتْ، وَلَا يَبْعُدُ جَوَازُ السِّتْرِ مَعَ الْفِدْيَةِ حَيْثُ تَعَيَّنَ طَرِيقًا لِدَفْعِ نَظَرِ مُحْرِمٍ (وَلَهَا) أَيْ لِلْمَرْأَةِ (لُبْسُ الْمَخِيطِ) وَغَيْرِهِ فِي الرَّأْسِ وَغَيْرِهِ (إلَّا الْقُفَّازَ) فَلَيْسَ لَهَا سِتْرُ الْكَفَّيْنِ وَلَا أَحَدِهِمَا بِهِ (فِي الْأَظْهَرِ) لِلْخَبَرِ الْمَارِّ؛ وَلِأَنَّهُ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الذَّكَرِ مَلْبُوسُ عُضْوٍ لَيْسَ بِعَوْرَةٍ فَأَشْبَهَهُ خُفُّ الرَّجُلِ وَخَرِيطَةُ لِحْيَتِهِ، إذْ هُوَ شَيْءٌ يُعْمَلُ لِلْيَدَيْنِ يُحْشَى بِقُطْنٍ وَيَكُونُ لَهُ مَا يُزَرُّ بِهِ عَلَى السَّاعِدَيْنِ مِنْ الْبَرْدِ وَتَلْبَسُهُ الْمَرْأَةُ فِي يَدَيْهَا، وَمُرَادُ الْفُقَهَاءِ مَا يَشْمَلُ الْمَحْشُوَّ وَالْمَزْرُورَ وَغَيْرَهُمَا وَبِكَوْنِهِ مَلْبُوسَ عُضْوٍ غَيْرِ عَوْرَةٍ فِي الصَّلَاةِ فَارَقَ خُفَّهَا وَأُلْحِقَتْ الْأَمَةُ بِالْحُرَّةِ احْتِيَاطًا، وَخَرَجَ بِهِ سِتْرُ يَدِ الْمَرْأَةِ بِغَيْرِهِ كَكُمٍّ وَخِرْقَةٍ لَفَتَّهَا عَلَيْهَا بِشَدٍّ أَوْ غَيْرِهِ كَمَا صَحَّحَاهُ فَيَجُوزُ لَهَا جَمِيعُ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يُحْتَجْ لِخِطَابٍ وَنَحْوِهِ؛ وَلِأَنَّ عِلَّةَ تَحْرِيمِ الْقُفَّازِ عَلَيْهَا مَا مَرَّ وَهِيَ غَيْرُ مَوْجُودَةٍ هُنَا، وَالرَّجُلُ مِثْلُهَا فِي مُجَرَّدِ لَفِّ الْخِرْقَةِ، وَيَحْرُمُ عَلَى الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ سَتْرُ وَجْهِهِ مَعَ رَأْسِهِ وَتَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ، وَلَيْسَ لَهُ سَتْرُ وَجْهِهِ مَعَ كَشْفِ رَأْسِهِ خِلَافًا لِمُقْتَضَى كَلَامِ ابْنِ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ، وَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ إذْ لَا نُوجِبُهَا بِالشَّكِّ نَعَمْ لَوْ أَحْرَمَ بِغَيْرِ حَضْرَةِ الْأَجَانِبِ جَازَ لَهُ كَشْفُ رَأْسِهِ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ مُحْرِمًا قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَيُسَنُّ أَنْ يَسْتَتِرَ بِالْمَخِيطِ لِجَوَازِ كَوْنِهِ رَجُلًا وَيُمْكِنُهُ سِتْرُهُ بِغَيْرِهِ، هَكَذَا ذَكَرَهُ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ.

وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ: لَا خِلَافَ أَنَّا نَأْمُرُهُ بِالسَّتْرِ وَلُبْسِ الْمَخِيطِ كَمَا نَأْمُرُهُ بِأَنْ يَسْتَتِرَ فِي صَلَاتِهِ كَالْمَرْأَةِ.

وَفِي أَحْكَامِ الْخَنَاثَى لِابْنِ الْمُسْلِمِ مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتُرَ رَأْسَهُ وَأَنْ يَكْشِفَ وَجْهَهُ وَأَنْ يَسْتُرَ بَدَنَهُ إلَّا الْمَخِيطَ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ احْتِيَاطًا.

قَالَ الْأَذْرَعِيُّ كَالْإِسْنَوِيِّ وَمَا قَالَهُ حَسَنٌ اهـ.

وَلَكِنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ عَنْ الْمَجْمُوعِ.

(الثَّانِي) مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ (اسْتِعْمَالُ الطِّيبِ) لِلْمُحْرِمِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ وَلَوْ أَخْشَمَ بِمَا يُقْصَدُ مِنْهُ رِيحُهُ غَالِبًا وَلَوْ مَعَ غَيْرِهِ كَمِسْكٍ وَعُودٍ وَكَافُورٍ وَوَرْسٍ وَزَعْفَرَانٍ وَرَيْحَانٍ وَوَرْدٍ وَيَاسَمِينٍ وَنَرْجِسَ وَآسٍ وَسَوْسَنٍ وَمَنْثُورٍ وَنَمَّامٍ وَغَيْرِهَا مِمَّا يُتَطَيَّبُ بِهِ وَلَا يُتَّخَذُ مِنْهُ الطِّيبُ وَشَرْطُ الرَّيَاحِينِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ رَأْسَهَا لَيْسَ بِعَوْرَةٍ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: وَوَجَبَتْ) أَيْ وَتَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَلَا يَبْعُدُ جَوَازُ السِّتْرِ) أَيْ بَلْ يَنْبَغِي وُجُوبُهُ وَلَا يُنَافِيهِ التَّعْبِيرُ بِالْجَوَازِ؛ لِأَنَّهُ جَوَازٌ بَعْدَ مَنْعٍ فَيَصْدُقَ بِالْوَاجِبِ (قَوْلُهُ: وَالرَّجُلُ مِثْلُهَا فِي مُجَرَّدِ لَفٍّ) أَيْ فِي لَفِّهَا مَعَ الشَّدِّ فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ مِنْ حُرْمَةِ شَدِّ نِصْفِ الْإِزَارِ بِسَاقِهِ (قَوْلُهُ: إذْ لَا نُوجِبُهَا بِالشَّكِّ) وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ سَتَرَ وَجْهَهُ وَلَبِسَ الْمَخِيطَ فِي إحْرَامٍ وَاحِدٍ لَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ لِتَحَقُّقِ مُوجِبِهَا هُنَا أَيْضًا اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَلَكِنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ عَنْ الْمَجْمُوعِ) أَيْ فَالْمُعْتَمَدُ مَا فِي الْمَجْمُوعِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

الْخُفِّ.

(قَوْلُهُ: مِمَّا يُتَطَيَّبُ بِهِ وَلَا يُتَّخَذُ مِنْهُ الطَّيِّبُ) عِبَارَةُ الْإِمْدَادِ مَعَ مَتْنِ الْإِرْشَادِ بَعْدَ كَلَامٍ ذَكَرَهُ نَصُّهَا: وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ التَّطَيُّبَ إنَّمَا يَحْرُمُ بِمَا يُقْصَدُ رِيحُهُ: أَيْ بِأَنْ يَكُونَ مُعْظَمُ الْمَقْصُودِ مِنْهُ ذَلِكَ بِالتَّطَيُّبِ بِهِ أَوْ بِاِتِّخَاذِ الطِّيبِ مِنْهُ أَوْ يَظْهَرُ فِيهِ هَذَا الْغَرَضُ كَزَعْفَرَانٍ وَوَرْدٍ وَيَاسَمِينٍ وَوَرْسٍ وَهُوَ أَشْهَرُ طِيبٍ فِي بِلَادِ الْيَمَنِ وَغَيْرِهَا مِنْ كُلِّ مَا يُطْلَبُ

ص: 333

كَوْنُهَا رَطْبَةً وَفِي الْمَجْمُوعِ عَنْ النَّصِّ أَنَّ الْكَاذِيَ بِالْمُعْجَمَةِ وَلَوْ يَابِسًا طِيبٌ وَلَعَلَّهُ أَنْوَاعٌ، وَيَكُونُ ذَلِكَ مِنْ نَوْعٍ إذَا رُشَّ عَلَيْهِ مَاءٌ ظَهَرَ رِيحُهُ، وَمِثْلُهُ الْفَاغِيَةُ وَهِيَ ثَمَرُ الْحِنَّاءِ، لَكِنْ إنْ كَانَتْ رَطْبَةً فِيمَا يَظْهَرُ وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ حُرْمَةُ مَا هُوَ طِيبٌ بِنَفْسِهِ بِالْأَوْلَى كَدُهْنِ بَنَفْسَجٍ أَوْ وَرْدٍ أَوْ يَاسَمِينٍ أَوْ آسٍ أَوْ كَاذِيٍّ، وَالْمُرَادُ بِهِ نَحْوُ شَيْرَجٍ يُطْرَحُ فِيهِ ذَلِكَ، أَمَّا لَوْ طُرِحَ نَحْوُ الْبَنَفْسَجِ عَلَى نَحْوِ السِّمْسِمِ أَوْ اللَّوْزِ فَأَخَذَ رَائِحَتَهُ ثُمَّ اُسْتُخْرِجَ دُهْنُهُ فَلَا حُرْمَةَ فِيهِ وَلَا فِدْيَةَ، وَسَوَاءٌ فِي حُرْمَةِ مَا ذُكِرَ أَكَانَ اشْتِمَالُهُ لِذَلِكَ (فِي) مَلْبُوسِهِ مِنْ (ثَوْبِهِ) أَوْ غَيْرِهِ كَخُفٍّ أَوْ نَعْلٍ لِلْخَبَرِ الْمَارِّ (أَوْ) فِي (بَدَنِهِ) قِيَاسًا عَلَى ثَوْبِهِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَلَوْ بَاطِنًا بِأَكْلٍ أَوْ إسْعَاطٍ أَوْ احْتِقَانٍ فَيَجِبُ مَعَ التَّحْرِيمِ فِي ذَلِكَ الْفِدْيَةُ إذَا كَانَ عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ فِي ذَلِكَ الطِّيبِ، فَلَوْ شَدَّ نَحْوَ مِسْكٍ أَوْ عَنْبَرٍ فِي طَرَفِ ثَوْبِهِ أَوْ وَضَعَتْهُ الْمَرْأَةُ فِي جَيْبِهَا أَوْ لَبِسَتْ حُلِيًّا مَحْشُوًّا بِهِ حَرُمَ كَمَا يَأْتِي، وَلَا يَضُرُّ وَضْعُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ عَلَى هَيْئَتِهِ الْمُعْتَادَةِ، وَشَمُّهُ وَلَا شَمُّ مَاءِ الْوَرْدِ إذْ التَّطَيُّبُ بِهِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ نَحْوُ مِسْكٍ إنَّمَا يَكُونُ بِصَبِّهِ عَلَى بَدَنِهِ أَوْ ثَوْبِهِ وَلَا حَمْلُ الْعُودِ وَأَكْلُهُ وَالْإِلْصَاقُ بِبَاطِنِ الْبَدَنِ كَهُوَ بِظَاهِرِهِ، فَلَوْ كَانَ فِي مَأْكُولٍ بَقِيَ فِيهِ رِيحُ الطِّيبِ أَوْ طَعْمُهُ حَرُمَ؛ لِأَنَّ الرِّيحَ هُوَ الْغَرَضُ الْأَعْظَمُ مِنْ الطِّيبِ وَالطَّعْمُ مَقْصُودٌ مِنْهُ أَيْضًا، بِخِلَافِ اللَّوْنِ وَحْدَهُ، وَمِنْهُ إدْخَالُهُ فِي الْإِحْلِيلِ وَالِاكْتِحَالِ بِنَحْوِ إثْمِدٍ مُطَيَّبٍ وَلَوْ خَفِيَتْ رَائِحَةُ الطِّيبِ لِنَحْوِ غُبَارٍ، فَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ أَصَابَهُ مَاءٌ فَاحَتْ حَرُمَ اسْتِعْمَالُهُ وَإِلَّا فَلَا، وَإِنَّمَا عُفِيَ عَنْ رَائِحَةِ النَّجَاسَةِ بَعْدَ غَسْلِهَا؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ إزَالَةُ الْعَيْنِ وَقَدْ حَصَلَتْ.

وَالْقَصْدُ مِنْ الطِّيبِ الرَّائِحَةُ وَهِيَ مَوْجُودَةٌ، وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ مَا لَا يُدْرِكُهُ الطَّرْفُ مِنْ الطِّيبِ كَغَيْرِهِ إذَا ظَهَرَ لَهُ رِيحٌ وَإِلَّا فَلَا، وَلَا تَطَيُّبَ بِفَاكِهَةٍ كَتُفَّاحٍ وَسَفَرْجَلٍ وَأُتْرُجٍّ وَنَارِنْجٍ وَغَيْرِهَا؛ لِأَنَّهَا تُقْصَدُ لِلْأَكْلِ غَالِبًا، وَلَا بِنَحْوِ دَوَاءٍ كَقُرُنْفُلٍ وَقِرْفًا وَسُنْبُلَ وَدَارِ صِينِيٍّ وَعَفْصٍ وَحَبٍّ مُحْلَبٍ وَمُصْطَكَا وَسَائِرِ الْأَبَازِيرِ الطَّيِّبَةِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا غَالِبًا التَّدَاوِي بِهَا، وَلَا بِنَحْوِ زَهْرِ بَادِيَةٍ كَشِيحٍ وَقَيْصُومٍ وَشَقَائِقَ إذْ لَا يُقْصَدُ مِنْهَا الطِّيبُ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ كَوْنُ الْبُعَيْثِرَانِ طِيبًا؛ لِأَنَّهُ مُسْتَنْبَتٌ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: أَوْ كَاذِي) وَدُهْنُ أُتْرُجٍّ بِأَنْ أُغْلِيَ فِيهِ وَإِنْ كَانَ الْأُتْرُجُّ غَيْرَ طِيبٍ إذْ لَا تَلَازُمَ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَشَمَّهُ) أَيْ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ أَخْذِهَا بِيَدِهِ وَشَمِّهَا أَوْ وَضْعِ أَنْفِهِ عَلَيْهَا لِلشَّمِّ كَمَا شَرَطَهُ ابْنُ كَجٍّ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ وَلَا حَمْلُ الْعُودِ وَأَكْلُهُ) قَدْ يُنَافِي هَذَا مَا تَقَدَّمَ فِي جَعْلِ ضَابِطِ مَا يَحْرُمُ التَّطَيُّبَ بِهِ أَنَّهُ كُلُّ مَا تُقْصَدُ رَائِحَتُهُ كَالْمِسْكِ وَالْعُودِ مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ بِأَكْلٍ أَوْ إسْعَاطٍ أَوْ احْتِقَانٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ أَكْلَ الْعُودِ لَمَّا لَمْ يُعَدَّ مِنْ التَّطَيُّبِ بِهِ عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فِي اسْتِعْمَالِهِ لَمْ يَحْرُمْ (قَوْلُهُ: وَالْإِلْصَاقُ بِبَاطِنِ الْبَدَنِ) وَهُوَ دَاخِلُ الْجَوْفِ وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ فِي مَعْنَى التَّعْلِيلِ لِقَوْلِهِ وَأَكْلُهُ (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ) أَيْ التَّطَيُّبُ (قَوْلُهُ: عَنْ رَائِحَةِ النَّجَاسَةِ) أَيْ حَيْثُ عَسُرَ زَوَالُهَا

ــ

[حاشية الرشيدي]

لِلتَّطَيُّبِ وَاِتِّخَاذِ الطِّيبِ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يُسَمَّ طِيبًا، وَرَيْحَانٌ فَارِسِيٌّ وَغَيْرُهُ، وَنَرْجِسُ وَآسٌ وَسَوْسَنٌ وَمَنْثُورٌ وَنَمَّامٌ وَغَيْرُهُ مِمَّا يُتَطَيَّبُ بِهِ وَلَا يُتَّخَذُ مِنْهُ الطِّيبِ انْتَهَى الْمَقْصُودُ مِنْهَا، وَبِهَا تَعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ مِنْ الْخَلَلِ.

وَاعْلَمْ أَنَّ جَمِيعَ هَذِهِ السِّوَادَةِ لَفْظُ الْإِمْدَادِ مَعَ مَتْنِهِ إلَّا قَلِيلًا (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ) عِبَارَةُ الْإِمْدَادِ: وَعُلِمَ بِهَذَيْنِ النَّوْعَيْنِ حُرْمَةُ إلَخْ وَمُرَادُهُ بِالنَّوْعَيْنِ مَا قَدَّمَهُمَا فِيمَا نَقَلْنَاهُ عَنْهُ فِي الْقَوْلَةِ السَّابِقَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَضُرُّ وَضْعُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ إلَخْ) سَقَطَ قَبْلَهُ كَلَامٌ هُوَ مُرَتَّبٌ عَلَيْهِ مِنْ النُّسَخِ، وَعِبَارَةُ الْإِمْدَادِ بَعْدَ قَوْلِهِ كَمَا يَأْتِي نَصُّهَا: وَشَمُّ نَحْوِ الْوَرْدِ تَطَيُّبٌ إنْ أَلْصَقَهُ بِأَنْفِهِ وَلَا تَضُرُّ مُمَاسَّتُهُ لِبَدَنِهِ أَوْ ثَوْبِهِ وَلَا جُلُوسُهُ بِدُكَّانٍ وَكَانَ يَقْصِدُ شَمَّ ذَلِكَ وَلَا وَضْعُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَالْإِلْصَاقُ بِبَاطِنِ الْبَدَنِ إلَخْ) أَيْ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْإِمْدَادِ: وَلَا بِنَحْوِ زَهْرِ بَادِيَةٍ كَشِيحٍ وَقَيْصُومٍ وَشَقَائِقَ وَإِذْخِرٍ وَخِزَامًا إذْ لَا يُقْصَدُ مِنْهَا الطِّيبُ وَإِلَّا لَاسْتُنْبِتَتْ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ إلَخْ، فَلَعَلَّ قَوْلَهُ وَإِلَّا لَاسْتُنْبِتَتْ سَقَطَ مِنْ النُّسَخِ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْأَخْذِ، ثُمَّ قَالَ فِي الْإِمْدَادِ: وَالْمَدَارُ فِي الِاسْتِنْبَاتِ عَلَى مَا مِنْ شَأْنِهِ

ص: 334

وَمِثْلُهَا نَحْوُ الْعُصْفُرِ وَالْحِنَّاءِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ لَوْنُهَا وَنَوْرُ نَحْوِ التُّفَّاحِ وَالْأُتْرُجِّ وَالنَّارِنْجِ وَالْكُمَّثْرَى بِجَامِعِ عَدَمِ قَصْدِ الطِّيبِ مِنْهُ وَلَا بِنَحْوِ بَانٍ وَدُهْنِهِ عَلَى مَا نَقَلَهُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ عَنْ النَّصِّ وَاعْتَمَدَهُ، وَأَطْلَقَ الْجُمْهُورُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا طِيبٌ، وَحَمَلَ الشَّيْخَانِ الْخِلَافَ عَلَى تَوَسُّطٍ ذَكَرَهُ جَمَاعَاتٌ، وَنَقَلَهُ الْمَحَامِلِيُّ عَنْ النَّصِّ وَهُوَ أَنَّ دُهْنَ الْبَانِ الْمَنْشُوشِ وَهُوَ الْمَغْلِيِّ فِي الطِّيبِ طِيبٌ وَغَيْرَ الْمَنْشُوشِ لَيْسَ بِطِيبٍ، وَالْإِغْلَاءُ لَيْسَ بِشَرْطٍ بَلْ الْمَدَارُ عَلَى الطَّرْحِ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي دُهْنِ الْبَنَفْسَجِ، وَأَيَّدَهُ الْقُونَوِيُّ بِقَوْلِ الْإِمَامِ الْأَدْهَانُ نَوْعَانِ: دُهْنُ طِيبٍ مِثْلُ الْبَانِ الْمَنْشُوشِ بِطِيبٍ، وَدُهْنٌ لَيْسَ بِطِيبٍ مِثْلُ سَلِيخَةِ الْبَانِ غَيْرُ مَنْشُوشٍ.

قَالَ أَبُو زُرْعَةَ تَبَعًا لِابْنِ الْمُلَقِّنِ: إنَّمَا يَأْتِي هَذَا الْحَمْلُ فِي دُهْنِ الْبَانِ دُونَ الْبَانِ نَفْسِهِ فَالْخِلَافُ فِيهِ مُحَقَّقٌ، وَرَدَّهُ الْجَوْجَرِيُّ بِأَنَّ هَذَا الدُّهْنَ كَمَا يَكُونُ إذَا أُغْلِيَ فِيهِ الطِّيبُ طِيبًا، كَذَلِكَ الْبَانُ إذَا أُغْلِيَ فِي الطِّيبِ الَّذِي هُوَ دُهْنٌ كَمَاءِ الْوَرْدِ يَكُونُ طِيبًا ثُمَّ نَظَرَ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ طَائِفَةٍ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ الْمَذْكُورِ بِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا تَعَلُّقَ لَهُمَا بِالطِّيبِ أَصْلًا فَإِنَّ نَحْوَ الشَّيْرَجِ إذَا أُغْلِيَ فِيهِ الْوَرْدُ يَصِيرُ طِيبًا بِوَاسِطَةِ الْوَرْدِ، أَوْ أُلْقِيَ السِّمْسِمُ فِي مَاءِ الْوَرْدِ وَأُغْلِيَ يَصِيرُ طِيبًا فَكَيْفَ يَتَّضِحُ الْقَوْلُ بِأَنَّهُمَا طِيبَانِ عَلَى أَنَّ الطِّيبَ فِي الْبَانِ مَحْسُوسٌ، وَقَدْ يُقَالُ قَدْ نَقَلَا عَنْ اتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ فِي دُهْنِ الْبَنَفْسَجِ أَنَّهُ طِيبٌ، وَقَدْ قَطَعَ الدَّارِمِيُّ، وَأَقَرَّاهُ فِي دُهْنِ الْأُتْرُجِّ: أَنَّهُ مِثْلُهُ مَعَ كَوْنِ الْأُتْرُجِّ لَيْسَ بِطِيبٍ قَطْعًا، فَأَوْلَى أَنْ يَكُونَ دُهْنُ الْبَانِ كَذَلِكَ لِلْخِلَافِ فِي أَنَّ الْبَانَ طِيبٌ، فَالتَّحْقِيقُ تَأْوِيلُ كَلَامِهِمَا بِأَنْ يُقَالَ مُرَادُهُمَا بِالطِّيبِ الْمَغْلِيِّ فِي الطِّيبِ الْبَانُ، وَأَبْرَزَ الضَّمِيرَ لِنُكْتَةِ تَسْمِيَتِهِ طِيبًا إذْ هِيَ مَحَلُّ الْخِلَافِ، فَحِينَئِذٍ يُطَابِقُ مَا قَالَاهُ فِي الْبَنَفْسَجِ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِدُهْنِهِ مَا أُغْلِيَ فِيهِ، وَعَلَى نَظِيرِهِ فِي دُهْنِ الْبَانِ يُحْمَلُ كَلَامُ الْجُمْهُورِ لَا أَنَّهَا تُرَوَّحُ سِمْسِمُهُ بِهِ.

وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ كَلَامُ الْغَزَالِيِّ وَإِمَامِهِ وَمَا رَدَّ بِهِ عَلَى أَبِي زُرْعَةَ مَحَلُّ نَظَرٍ، وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ كَلَامَهُمَا غَيْرُ مُتَأَتٍّ فِي الْبَانِ وَأَنَّ الْمُعْتَمَدَ فِيهِ أَنَّهُ طِيبٌ نَعَمْ مَنْ قَالَ إنَّهُ لَيْسَ بِطِيبٍ يَحْمِلُ عَلَى يَابِسٍ لَا يَظْهَرُ رِيحُهُ بِرَشِّ الْمَاءِ عَلَيْهِ.

وَيَعْتَبِرُ لِوُجُوبِ الْفِدْيَةِ بِشَيْءٍ مِمَّا مَرَّ كَوْنَ الْمُحْرِمِ عَامِدًا عَالِمًا بِتَحْرِيمِهِ وَبِالْإِحْرَامِ وَبِكَوْنِهِ طِيبًا وَإِنْ جَهِلَ وُجُوبَ الْفِدْيَةِ فِي كُلِّ أَنْوَاعِهِ أَوْ جَهِلَ الْحُرْمَةَ فِي بَعْضِهَا مُخْتَارًا عَاقِلًا إلَّا السَّكْرَانَ لِحُرْمَةِ التَّطَيُّبِ حِينَئِذٍ، بِخِلَافِ النَّاسِي وَإِنْ كَثُرَ مِنْهُ قِيَاسًا عَلَى أَكْلِهِ فِي الصَّوْمِ، وَلَا يَصِحُّ قِيَاسُهُ عَلَى الصَّلَاةِ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى أَفْعَالٍ مُتَجَدِّدَةٍ مُبَايِنَةٍ لِلْعِبَادَةِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ؛ فَوُقُوعُ الْفِعْلِ مَعَ ذَلِكَ يُشْعِرُ بِمَزِيدِ التَّقْصِيرِ، بِخِلَافِ الْإِحْرَامِ فَإِنَّهُ مُجَرَّدُ اسْتِدَامَةِ التَّجَرُّدِ الَّذِي يَقَعُ فِي الْعَادَةِ كَثِيرًا فَهَيْئَتُهُ غَيْرُ مُذَّكَّرَةٍ كَهَيْئَتِهَا، بَلْ قَدْ لَا يُوجَدُ تَذَكُّرٌ أَصْلًا كَمَا لَوْ كَانَ غَيْرَ مُتَجَرِّدٍ، وَبِخِلَافِ الْجَاهِلِ بِالتَّحْرِيمِ أَوْ بِكَوْنِهِ طِيبًا فَلَا حُرْمَةَ وَلَا فِدْيَةَ لِمَا صَحَّ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُوجِبْ الْفِدْيَةَ عَلَى مَنْ لَبِسَ مُطَيَّبًا جَاهِلًا.

قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ: وَلَوْ ادَّعَى فِي زَمَانِنَا الْجَهْلَ بِتَحْرِيمِ الطِّيبِ وَاللُّبْسِ فَفِي قَبُولِهِ وَجْهَانِ اهـ.

وَالْأَوْجَهُ عَدَمُهُ إنْ كَانَ مُخَالِطًا لِلْعُلَمَاءِ بِحَيْثُ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ عَادَةً وَإِلَّا قُبِلَ، وَلَوْ لَطَّخَهُ غَيْرُهُ بِطِيبٍ فَالْفِدْيَةُ عَلَى الْمُلَطِّخِ: أَيْ وَكَذَا عَلَيْهِ إنْ تَوَانَى فِي إزَالَتِهِ، وَتَجِبُ بِنَقْلِ طِيبٍ أَحْرَمَ بَعْدَهُ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ لَا إنْ انْتَقَلَ بِوَاسِطَةِ نَحْوِ عَرَقٍ أَوْ حَرَكَةٍ، وَتَجِبُ أَيْضًا بِسَبَبِ مَسِّ طِيبٍ كَأَنْ دَاسَهُ عَالِمًا بِهِ وَبِلَزْقِ عَيْنِهِ بِهِ وَعَبِقَتْ بِهِ الْعَيْنُ أَوْ عَبِقَتْ بِهِ مِنْ غَيْرِ عِلْمِهِ فَعَلِمَ وَتَوَانَى فِي قَلْعِهِ لَا إنْ مَسَّهُ وَقَدْ عَلِمَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: وَمِثْلُهَا) أَيْ زُهُورُ الْبَادِيَةِ (قَوْلُهُ: أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا) أَيْ الْبَانَ وَدُهْنَهُ (قَوْلُهُ: وَأَبْرَزَ الضَّمِيرَ) اُنْظُرْ أَيَّ مَوْضِعٍ أَرَادَ بِإِبْرَازِ الضَّمِيرِ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ: وَإِنَّمَا أَبْدَلَ الضَّمِيرَ بِالظَّاهِرِ فِي قَوْلِهِ مِثْلَ الْبَانِ الْمَنْشُوشِ بِالطِّيبِ مَعَ أَنَّهُ كَانَ الظَّاهِرُ عَلَى مُقْتَضَى الْجَمْعِ الْمَذْكُورِ أَنْ يَقُولَ مِثْلَ دُهْنِ الْبَانِ الْمَنْشُوشِ بِهِ (قَوْلُهُ: لِوُجُوبِ الْفِدْيَةِ بِشَيْءٍ مِمَّا مَرَّ) أَيْ وَمِمَّا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَطَّخَهُ غَيْرُهُ بِطِيبٍ) أَيْ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي الْحَلْقِ، وَلَلْمُحْرِم مُطَالَبَةُ الْمُطَيِّبِ بِالْفِدْيَةِ أَخْذًا مِنْ ذَلِكَ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَعَبِقَتْ بِهِ) الْعَبَقُ مَصْدَرُ عَبِقَ بِهِ الطِّيبُ: أَيْ لَزِقَ وَبَابُهُ طَرِبَ اهـ مُخْتَارٌ.

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 335

عَبَقَ رِيحِهِ فَقَطْ بِأَنْ عَلِمَ بِهِ وَظَنَّ كَوْنَهُ يَابِسًا لَا يَعْبَقُ بِهِ عَيْنُهُ وَكَانَ رَطْبًا وَعَبِقَتْ بِهِ فَدَفَعَهُ فَوْرًا فَلَا فِدْيَةَ كَمَا رَجَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ، وَعَلِمَ أَنَّهُ لَا أَثَرَ بِعَبَقِ الرِّيحِ فَقَطْ بِنَحْوِ مَسِّهِ وَهُوَ يَابِسٌ أَوْ جُلُوسِهِ فِي دُكَّانِ عَطَّارٍ أَوْ عِنْدَ مُتَجَمِّرٍ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ تَطْيِيبًا، بِخِلَافِ احْتِوَائِهِ عَلَى مِجْمَرَةٍ بِأَنْ يَجْعَلَهَا تَحْتَهُ؛ لِأَنَّ التَّطَيُّبَ بِهِ لَيْسَ إلَّا بِذَلِكَ، لَكِنْ جَزَمَ الزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّهُ لَوْ طَرَحَهُ فِي نَارٍ أَمَامَهُ وَلَمْ يَجْعَلْهُ تَحْتَهُ حَرُمَ، وَلَا مُنَافَاةَ؛ لِأَنَّهُ مَتَى عَبِقَتْ الْعَيْنُ بِبَدَنِهِ أَوْ ثَوْبِهِ حَرُمَ وَإِنْ كَانَ أَمَامَهُ وَمَتَى عَبِقَ الرِّيحُ فَقَطْ فَلَا وَإِنْ كَانَ تَحْتَهُ، وَالْمَاءُ الْمُبَخَّرُ كَالثَّوْبِ فِيمَا ذَكَرَ، وَتَجِبُ بِنَوْمٍ أَوْ جُلُوسٍ أَوْ وُقُوفٍ بِفِرَاشٍ أَوْ مَكَان مُطَيَّبٍ مِنْ غَيْرِ حَائِلٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ذَلِكَ وَبِسَبَبِ تَوَانٍ فِي دَفْعِ مَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ مِنْ الطِّيبِ بِنَفْضٍ أَوْ غَيْرِهِ مَعَ الْإِمْكَانِ وَلَوْ كَانَ الْمُلْقَى رِيحًا، إذْ الِاسْتِدَامَةُ هُنَا كَالِابْتِدَاءِ بِخِلَافِ الْإِيمَانِ، وَإِنَّمَا جَازَ الدَّفْعُ بِنَفْسِهِ وَإِنْ اسْتَلْزَمَ الْمُمَاسَّةَ وَطَالَ زَمَنُهَا؛ لِأَنَّ قَصْدَهُ الْإِزَالَةُ.

وَمِنْ ثَمَّ جَازَ لَهُ نَزْعُ الثَّوْبِ مِنْ رَأْسِهِ وَلَمْ يَلْزَمْهُ شَقُّهُ وَإِنْ تَعَدَّى بِلُبْسِهِ كَمَا اقْتَصَّاهُ إطْلَاقُهُمْ، وَظَاهِرُ تَعْبِيرِهِمْ بِلَمْ يَلْزَمْهُ أَنَّهُ يَجُوزُ وَإِنْ نَقَصَتْ بِذَلِكَ قِيمَتُهُ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ مُبَادَرَتَهُ لِلْخُرُوجِ عَنْ الْمَعْصِيَةِ قَطَعَتْ النَّظَرَ عَنْ كَوْنِهِ إضَاعَةَ مَالٍ. نَعَمْ الْأَوْلَى أَنْ يَأْمُرَ مَنْ يُزِيلُهُ حَيْثُ لَا تَرَاخِيَ فِيهِ. أَمَّا إذَا لَمْ يُمْكِنْ لِنَحْوِ زَمَانَةٍ وَفَقْدِ مَنْ يُزِيلُهُ أَوْ أُجْرَتِهِ بِأَنْ لَمْ يَفْضُلْ عَنْهُ شَيْءٌ مِمَّا يَلْزَمُهُ صَرْفُهُ فِي الْفِطْرَةِ أَوْ كَوْنُهَا زَائِدَةً عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ فَلَا فِدْيَةَ، وَلَوْ تَوَقَّفَتْ إزَالَتُهُ عَلَى الْمَاءِ وَلَمْ يَجِدْ إلَّا مَا يَكْفِيهِ لِلْوُضُوءِ فَإِنْ كَفَى مَاؤُهُ لِإِزَالَتِهِ تَوَضَّأَ بِهِ ثُمَّ أَزَالَهُ وَإِلَّا قَدَّمَهُ، وَإِطْلَاقُ جَمْعٍ كَنَصِّ الْأُمِّ تَقْدِيمَ إزَالَتِهِ مَحْمُولٌ عَلَى الشِّقِّ الْأَخِيرِ أَوْ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَتَغَيَّرْ بِهِ الْمَاءُ، وَلَا تَجِبُ بِحَمْلِ مِسْكٍ فِي فَارَةٍ لَمْ تُشَقَّ عَنْهُ أَوْ وَرْدٍ فِي نَحْوِ مِنْدِيلٍ وَإِنْ شَمَّ الرِّيحَ أَوْ قَصَدَ التَّطَيُّبَ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ إذْ لَا يُعَدُّ بِذَلِكَ مُتَطَيِّبًا، فَإِنْ فُتِحَتْ الْخِرْقَةُ أَوْ شُقَّتْ الْفَارَةُ وَجَبَتْ كَمَا قَالُوهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ نَظَرَ فِيهِ الشَّيْخَانِ، وَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ مِنْ أَنَّ حَمْلَ الْفَارَةِ الْمَشْقُوقَةِ أَوْ الْمَفْتُوحَةِ لِمُجَرَّدِ النَّقْلِ لَا يَضُرُّ غَيْرُ بَعِيدٍ إنْ لَمْ يَشُدَّهَا فِي ثَوْبِهِ وَقَصَرَ الزَّمَنُ بِحَيْثُ لَا يُعَدُّ فِي الْعُرْفِ مُتَطَيِّبًا، وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ مُجَرَّدَ مَسِّ الْيَابِسِ لَا يَضُرُّ إلَّا إنْ لَزِقَ بِهِ عَيْنُهُ أَوْ حَمَلَهُ بِنَحْوِ يَدِهِ أَوْ خِرْقَةٍ غَيْرِ مَشْدُودَةٍ وَلَمْ يَقْصِدْ بِهِ النَّقْلَ بِشَرْطِهِ الْمَارِّ.

وَبَحَثَ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّ لِمَنْ طَهُرَتْ مِنْ نَحْوِ حَيْضٍ، وَهِيَ مُحْرِمَةٌ أَنْ تَسْتَعْمِلَ قَلِيلَ قُسْطٍ، أَوْ أَظْفَارٍ لِإِزَالَةِ الرِّيحِ الْكَرِيهِ لَا لِلتَّطَيُّبِ كَالْمُعْتَدَّةِ وَأَوْلَى؛ لِأَنَّ أَمْرَ الطِّيبِ أَخَفُّ لِوُجُوبِ إزَالَتِهِ عِنْدَ الشُّرُوعِ فِي الْعِدَّةِ لَا الْإِحْرَامِ، لَكِنَّ فِي بَابِ الْغُسْلِ مَنَعَ الْمُحْرِمَةَ مِنْ الطِّيبِ مُطْلَقًا، وَفِي الْجَوَاهِرِ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ لِلْمُحْرِمِ شِرَاءُ الطِّيبِ وَمَخِيطٍ وَأَمَةٍ اهـ.

وَبِمَا أَطْلَقَهُ فِي الْأَمَةِ أَفْتَى الْبَارِزِيُّ، لَكِنْ قَالَ الْجُرْجَانِيُّ: يُكْرَهُ لَهُ شِرَاؤُهَا، وَظَاهِرُهُ عَدَمِ الْفَرْقِ بَيْنَ مَنْ لِلْخِدْمَةِ وَالتَّسَرِّي وَوُجِّهَ بِأَنَّهَا بِالْقَصْدِ تَتَأَهَّلُ لِلْفِرَاشِ (وَدُهْنُ شَعْرِ الرَّأْسِ) لِلْمُحْرِمِ (أَوْ اللِّحْيَةِ) وَلَوْ لِامْرَأَةٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُطَيِّبًا كَسَمْنٍ وَزُبْدٍ وَشَحْمٍ وَشَمْعٍ ذَائِبَيْنِ وَمُعْتَصَرٍ مِنْ نَحْوِ حَبٍّ كَزَيْتٍ وَشَيْرَجٍ، وَأَلْحَقَ بِهِمَا الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ سَائِرَ شُعُورِ الْوَجْهِ قَالَ: وَهُوَ الْقِيَاسُ، وَاعْتَمَدَهُ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ خِلَافًا لِقَوْلِ ابْنِ النَّقِيبِ: لَا يَلْحَقُ بِهَا الْحَاجِبُ وَالْهُدْبُ وَمَا يَلِي الْوَجْهَ اهـ.

قِيلَ وَمَا قَالَهُ فِي الْأَخِيرِ ظَاهِرٌ، وَمِثْلُهُ شَعْرُ الْخَدِّ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: وَيُوَجَّهُ) أَيْ الْجَوَازُ (قَوْلُهُ: مِمَّا يَلْزَمُهُ صَرْفُهُ فِي الْفِطْرَةِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ فَاضِلًا عَنْ دِينِهِ وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ فَيُشْتَرَطُ هُنَا فَضْلُهُ عَنْ الدِّينِ وَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ فِي الْفِطْرَةِ (قَوْلُهُ: عَلَى الشِّقِّ الْأَخِيرِ) هُوَ قَوْلُهُ وَإِلَّا قَدَّمَهُ (قَوْلُهُ: مِنْ الطِّيبِ مُطْلَقًا) هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: يُكْرَهُ لَهُ شِرَاؤُهَا) هُوَ الْمُعْتَمَدُ.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ ظَاهِرٌ) مُعْتَمَدٌ، وَعِبَارَةُ حَجّ: إلَّا شَعْرَ الْخَدِّ وَالْجَبْهَةِ، وَيُوَجَّهُ بِمَا يَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: وَمَا قَالَهُ فِي الْأَخِيرِ ظَاهِرٌ) هُوَ قَوْلُهُ وَمَا يَلِي الْوَجْهَ (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ) .

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَإِلَّا قَدَّمَهُ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَاءُ الْوُضُوءِ بَعْدُ لِلْوُضُوءِ يَكْفِي الْإِزَالَةُ لِلتَّطَيُّبِ وَكَانَ يَكْفِي إزَالَتُهُ إنْ لَمْ يَتَوَضَّأْ قَدَّمَ إزَالَةَ التَّطَيُّبِ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ شَعْرُ الْخَدِّ) مِنْ تَمَامِ الْقِيلِ وَالْقَائِلُ هُوَ الشِّهَابُ حَجّ فِي إمْدَادِهِ

ص: 336

إذْ لَا يُقْصَدُ تَنْمِيَتُهُمَا بِحَالٍ، وَسَوَاءٌ فِي الشَّعْرِ أَكَانَ كَثِيرًا أَمْ قَلِيلًا إذْ التَّحْرِيمُ مَنُوطٌ بِمَا يَصْدُقُ بِهِ التَّزَيُّنُ فَإِنَّهُمْ عَلَّلُوهُ بِمَا فِيهِ مِنْ التَّزَيُّنِ الْمُنَافِي لِحَالِ الْمُحْرِمِ.

فَإِنَّ الْحَاجَّ أَشْعَثُ أَغْبَرُ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَالْمُحَرَّرِ وَالْكِتَابِ وَالْأَنْوَارِ وَغَيْرِهَا دُهْنُ شَعْرِ الرَّأْسِ أَوْ اللِّحْيَةِ انْتَهَى.

فَظَاهِرُهَا شُمُولُ الْجَمِيعِ، وَبِتَقْدِيرِ عَدَمِهِ فَالشَّعْرُ جَمْعٌ وَأَقَلُّهُ ثَلَاثُ شَعَرَاتٍ، وَعِبَارَةُ كَثِيرِينَ: وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يَدْهُنَ رَأْسَهُ أَوْ لِحْيَتَهُ، كَذَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَسَوَاءٌ أَيْضًا الرَّأْسُ وَاللِّحْيَةُ الْمَحْلُوقَانِ وَغَيْرُهُمَا لِمَا فِيهِ مِنْ تَزْيِينِ الشَّعْرِ وَتَنْمِيَتِهِ الْمُنَافِيَيْنِ لِخَبَرِ «الْمُحْرِمُ أَشْعَثُ أَغْبَرُ» أَيْ شَأْنُهُ الْمَأْمُورُ بِهِ ذَلِكَ، بِخِلَافِ اللَّبَنِ وَإِنْ كَانَ يُسْتَخْرَجُ مِنْهُ السَّمْنُ، أَمَّا رَأْسُ الْأَقْرَعِ وَالْأَصْلَعِ وَذَقَنُ الْأَمْرَدِ فَلَا لِانْتِفَاءِ الْمَعْنَى، وَإِنَّمَا حَرُمَ تَطْيِيبُ الْأَخْشَمِ وَلَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى هُنَا مُنْتَفٍ بِالْكُلِّيَّةِ بِخِلَافِهِ ثَمَّ، فَإِنَّ الْمَعْنَى فِيهِ التَّرَفُّهُ بِالطِّيبِ وَإِنْ كَانَ الْمُتَطَيِّبُ أَخْشَمَ عَلَى أَنَّ لَطِيفَةَ الشَّمِّ قَدْ يَبْقَى مِنْهَا بَقِيَّةٌ وَإِنْ قُلْت؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَزُلْ وَإِنَّمَا عَرَضَ مَانِعٌ فِي طَرِيقِهَا فَحَصَلَ الِانْتِفَاعُ بِالشَّمِّ فِي الْجُمْلَةِ وَإِنْ قَلَّ، وَلَوْ كَانَ بَعْضُ الرَّأْسِ أَصْلَعَ جَازَ دَهْنُهُ هُوَ فَقَطْ دُونَ الْبَاقِي وَخَرَجَ بِالرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ وَمَا أُلْحِقَ بِهِمَا مَا عَدَا ذَلِكَ مِنْ الْبَدَنِ ظَاهِرًا أَوْ بَاطِنًا وَسَائِرُ شُعُورِهِ وَأَكْلُهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُصِيبَ اللِّحْيَةَ أَوْ الشَّارِبَ أَوْ الْعَنْفَقَةَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَجَعَلَهُ فِي شَجَّةٍ بِنَحْوِ رَأْسِهِ لِمَا مَرَّ وَفَارَقَ حُرْمَةَ الْإِسْعَاطِ بِالطِّيبِ بِأَنَّ الْقَصْدَ هُنَا تَنْمِيَةُ الشَّعْرِ وَلَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ شَيْءٌ بِوَجْهٍ وَهُنَاكَ ظُهُورُ الرَّائِحَةِ وَهِيَ تَظْهَرُ بِالْجُشَاءِ وَغَيْرِهِ، وَالْمَحْرَمُ هُنَا يُوجِبُ الْفِدْيَةَ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ، أَمَّا خَضْبُ شَعْرِ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ بِحِنَّاءٍ رَقِيقٍ وَنَحْوِهِ فَلَا يُوجِبُهَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِطِيبٍ وَلَا فِي مَعْنَاهُ، وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ الدُّهْنَ عَقِبَ الطِّيبِ لِتَقَارُبِهِمَا فِي الْمَعْنَى بِجَامِعِ التَّرَفُّهِ مِنْ غَيْرِ إزَالَةِ عَيْنٍ، وَإِلَّا فَهُوَ قِسْمٌ مُسْتَقِلٌّ لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ عَدَمِ الْفَرْقِ فِي الدَّهْنِ بَيْنَ الْمُطَيِّبِ وَغَيْرِهِ.

الدَّهْنُ بِفَتْحِ الدَّالِ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى التَّدْهِينِ وَتَعْبِيرُهُ بِأَوْ يُفِيدُ التَّنْصِيصَ عَلَى تَحْرِيمِ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى انْفِرَادِهِ (وَلَا يُكْرَهُ غَسْلُ بَدَنِهِ وَرَأْسِهِ بِخَطْمِيٍّ وَنَحْوِهِ) كَسِدْرٍ مِنْ غَيْرِ نَتْفِ شَعْرٍ إذْ الْقَصْدُ مِنْهُ إزَالَةُ الْوَسَخِ لَا التَّنْمِيَةُ.

نَعَمْ الْأَوْلَى تَرْكُهُ، وَاكْتِحَالٌ بِغَيْرِ مُطَيِّبٍ لَيْسَ فِيهِ زِينَةٌ كَالتُّوتْيَا، بِخِلَافِ مَا فِيهِ زِينَةٌ كَالْإِثْمِدِ فَيُكْرَهُ إلَّا لِحَاجَةِ رَمَدٍ وَنَحْوِهِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْجُمْهُورِ.

وَقَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: إنَّهُ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَالْكَرَاهَةُ فِي الْمَرْأَةِ أَشَدُّ، وَلِلْمُحْرِمِ احْتِجَامٌ وَفَصْدٌ مَا لَمْ يَقْطَعْ بِهِمَا شَعْرًا وَلَمْ يُضْطَرَّ إلَيْهِمَا حِينَئِذٍ، وَإِنْشَادُ شِعْرٍ مُبَاحٍ، وَنَظَرٌ فِي مِرْآةٍ وَتَسْرِيحُ شَعْرِهِ بِرِفْقٍ خَشْيَةَ الِانْتِتَافِ الْمُوجِبِ لِلدَّمِ، وَلَا دَمَ عَلَيْهِ إنْ شَكَّ هَلْ نَتَفَ الْمُشْطُ شَيْئًا مِنْ شَعْرِهِ حَالَ التَّسْرِيحِ أَوْ اُنْتُتِفَ بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ.

نَعَمْ يُكْرَهُ حَكُّ شَعْرِهِ لَا جَسَدِهِ بِأَظْفَارِهِ لَا بِأَنَامِلِهِ وَتَسْرِيحُهُ وَتَفْلِيَتُهُ.

(الثَّالِثُ) مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ (إزَالَةُ الشَّعْرِ) مِنْ الرَّأْسِ أَوْ غَيْرِهِ بِحَلْقٍ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ إحْرَاقٍ أَوْ قَصٍّ أَوْ نُورَةٍ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ مُحْرِمٍ آخَرَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة: 196] وَقِيسَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَيْ مِثْلَ مَا يَلِي الْوَجْهَ عَلَى هَذَا الْقِيلِ (قَوْلُهُ وَأَقَلُّهُ ثَلَاثُ شَعَرَاتٍ) هَذَا التَّأْوِيلُ يَقْتَضِي جَوَازَ مَا دُونَ الثَّلَاثِ وَهُوَ غَيْرُ مُرَادٍ عَلَى مَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ إلَخْ (قَوْلُهُ وَمَا أُلْحِقَ بِهِمَا) أَيْ مِنْ بَقِيَّةِ شُعُورِ الْوَجْهِ عَلَى مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَأَكْلُهُ) .

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: فَظَاهِرُهَا شُمُولُ الْجَمِيعِ) أَيْ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ الْمَارِّ، وَمُرَادُهُ بِالْقَلِيلِ مَا يَشْمَلُ الشَّعْرَةَ وَبَعْضَهَا وَإِنْ كَانَ خِلَافَ ظَاهِرِ عِبَارَتِهِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ لَفْظَ السُّؤَالِ الَّذِي أَجَابَ عَنْهُ وَالِدُهُ بِمَا ذَكَرَ هَلْ يُشْتَرَطُ فِي دَهْنِ الشَّعْرِ أَنْ يَكُونَ ثَلَاثَ شَعَرَاتٍ أَوْ يَحْصُلُ بِالْوَاحِدَةِ أَوْ بَعْضِهَا كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ اهـ.

ثُمَّ إنَّ فِي فَهْمِ الْمَقْصُودِ مِنْ الْإِفْتَاءِ الْمَذْكُورِ حَزَازَةٌ

(قَوْلُهُ: أَوْ مُحْرِمٌ آخَرُ) لَا خَفَاءَ أَنَّ حُرْمَةَ حَلْقِ شَعْرِ الْمُحْرِمِ الْآخَرِ لَا تَعَلُّقَ لَهَا بِإِحْرَامِ نَفْسِهِ، بَلْ هِيَ مِنْ حَيْثُ إحْرَامُ الْمَحْلُوقِ بِدَلِيلِ أَنَّ الْحَلَالَ الْحَالِقَ كَذَلِكَ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا يَأْتِي

ص: 337

بِشَعْرِ الرَّأْسِ شَعْرُ سَائِرِ الْجَسَدِ لَا إنْ أَبَانَهُ مَعَ جِلْدِهِ وَإِنْ حَرُمَتْ إبَانَةُ الْجِلْدِ مِنْ حَيْثِيَّةٍ أُخْرَى؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ.

نَعَمْ تُسَنُّ الْفِدْيَةُ وَمِثْلُهُ فِي ذَلِكَ الظُّفُرُ (أَوْ الظُّفُرُ) مِنْ يَدِهِ أَوْ رِجْلِهِ أَوْ مِنْ مُحْرِمٍ آخَرَ قَلْمًا أَوْ غَيْرَهُ قِيَاسًا عَلَى الْحَلْقِ بِجَامِعِ التَّرَفُّهِ وَالْمُرَادُ بِالظُّفُرِ وَالشَّعْرِ الْجِنْسُ فَيَصْدُقُ بِالْوَاحِدِ وَبِبَعْضِهِ (وَتَكْمُلُ الْفِدْيَةُ فِي) إزَالَةِ (ثَلَاثِ شَعَرَاتٍ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ جَمْعُ شَعْرَةٍ بِسُكُونِهَا وَلَاءً (أَوْ) إزَالَةُ (ثَلَاثَةِ أَظْفَارٍ) كَذَلِكَ بِأَنْ اتَّحَدَ الزَّمَانُ وَالْمَكَانُ وَحُكْمُ مَا فَوْقَ الثَّلَاثِ حُكْمُهَا كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى حَتَّى لَوْ حَلَقَ شَعْرَ رَأْسِهِ وَشَعْرَ بَدَنِهِ وَلَاءً أَوْ أَزَالَ أَظْفَارَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ كَذَلِكَ لَزِمَهُ فِدْيَةٌ وَاحِدَةٌ؛ لِأَنَّهُ يُعَدُّ فِعْلًا وَاحِدًا، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ النَّاسِي لِلْإِحْرَامِ وَالْجَاهِلُ بِالْحُرْمَةِ لِعُمُومِ الْآيَةِ كَسَائِرِ الْإِتْلَافَاتِ، وَهَذَا بِخِلَافِ النَّاسِي وَالْجَاهِلِ فِي التَّمَتُّعِ بِاللُّبْسِ وَالطِّيبِ وَالدُّهْنِ وَالْجِمَاعِ وَمُقَدَّمَاتِهِ لِاعْتِبَارِ الْعِلْمِ وَالْقَصْدِ فِيهِ وَهُوَ مُنْتَفٍ فِيهَا.

نَعَمْ لَوْ أَزَالَهَا مَجْنُونٌ أَوْ مُغْمَى عَلَيْهِ أَوْ صَبِيٌّ غَيْرُ مُمَيِّزٍ لَمْ تَلْزَمْهُ الْفِدْيَةُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَؤُلَاءِ وَبَيْنَ الْجَاهِل وَالنَّاسِي أَنَّهُمَا يَعْقِلَانِ فِعْلَهُمَا فَنُسِبَا إلَى تَقْصِيرٍ بِخِلَافِ هَؤُلَاءِ، عَلَى أَنَّ الْجَارِيَ عَلَى قَاعِدَةِ الْإِتْلَافِ وُجُوبُهَا عَلَيْهِمْ أَيْضًا، وَمِثْلُهُمْ فِي ذَلِكَ النَّائِمُ، وَلَوْ حَلَقَ مُحْرِمٌ أَوْ حَلَالٌ رَأْسَ مُحْرِمٍ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهِ فَالدَّمُ عَلَى الْحَالِقِ كَمَا لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ بِنَائِمٍ أَوْ مَجْنُونٍ أَوْ غَيْرِ مُمَيِّزٍ أَوْ مُغْمَى عَلَيْهِ إذْ هُوَ الْمُقَصِّرُ؛ وَلِأَنَّ الشَّعْرَ فِي يَدِ الْمُحْرِمِ كَالْوَدِيعَةِ لَا الْعَارِيَّةِ، وَضَمَانُ الْأُولَى مُخْتَصٌّ بِالْمُتْلِفِ وَلِلْمَحْلُوقِ الْمُطَالَبَةُ بِهِ، وَإِنْ قُلْنَا إنَّ الْمُودَعَ لَا يُخَاصَمُ؛ لِأَنَّ نُسُكَهُ يَتِمُّ بِأَدَائِهِ وَلِوُجُوبِهِ بِسَبَبِهِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجُزْ لِلزَّوْجَةِ مُطَالَبَةُ زَوْجِهَا بِإِخْرَاجِ فِطْرَتِهَا؛ لِأَنَّ الْفِدْيَةَ فِي مُقَابَلَةِ إتْلَافِ جُزْءٍ مِنْهُ فَسَاغَ لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِخِلَافِ الْفِطْرَةِ، وَلَوْ أَخْرَجَهُ الْمَحْلُوقُ مِنْ غَيْرِ إذْنِ الْحَالِقِ لَمْ يَسْقُطُ، بِخِلَافِ قَضَاءِ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ الْفِدْيَةَ شَبِيهَةٌ بِالْكَفَّارَةِ. أَمَّا لَوْ كَانَ بِأَمْرِهِ أَوْ مَعَ سُكُوتِهِ وَقُدْرَتِهِ عَلَى الدَّفْعِ فَالْفِدْيَةُ عَلَيْهِ لِتَفْرِيطِهِ فِيمَا عَلَيْهِ حِفْظُهُ؛ وَلِأَنَّهُمَا وَإِنْ اشْتَرَكَا فِي الْحُرْمَةِ فِي صُورَةِ الْأَمْرِ فَقَدْ انْفَرَدَ الْمَحْلُوقُ بِالتَّرَفُّهِ، وَمَحَلُّ قَوْلِهِمْ الْمُبَاشَرَةُ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْأَمْرِ مَا لَمْ يَعُدْ النَّفْعُ عَلَى الْآمِرِ، أَلَا تَرَى

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَيْ الدُّهْنَ

(قَوْلُهُ: لَا إنْ أَبَانَهُ مَعَ جِلْدِهِ) وَقِيَاسُ مَا ذُكِرَ عَدَمُ التَّحَلُّلِ بِهِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وُجُوبُهَا عَلَيْهِمْ أَيْضًا) لَكِنْ لَمَّا كَانَ فِيهِ حَقٌّ لِلَّهِ خُفِّفَ عَنْهُ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَالسَّبَبُ فِي خُرُوجِ ذَلِكَ عَنْ الْقَاعِدَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ) أَفْهَمَ أَنَّهُ إنْ حَلَقَهُ بِاخْتِيَارِهِ كَانَ الدَّمُ عَلَى الْمَحْلُوقِ وَسَيَأْتِي التَّصْرِيحُ بِهِ فِي كَلَامِهِ (قَوْلُهُ: فَالدَّمُ عَلَى الْحَالِقِ) أَيْ مَعَ إثْمِهِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ إذْنِ الْحَالِقِ لَمْ يَسْقُطْ) اُنْظُرْ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا تَقَدَّمَ فِي الْفِطْرَةِ عَنْ سَمِّ عَلَى مَنْهَجٍ فِيمَا لَوْ كَانَ الزَّوْجُ مُوسِرًا وَأَخْرَجَتْ الزَّوْجَةُ عَنْ نَفْسِهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ مِنْ أَنَّهَا لَا رُجُوعَ لَهَا؛ لِأَنَّهَا مُتَبَرِّعَةٌ؛ وَلِأَنَّهَا عَلَى الزَّوْجِ كَالْحَوَالَةِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَالْمُحِيلُ لَوْ أَدَّى بِغَيْرِ إذْنِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ انْتَهَى.

فَإِنَّ مَفْهُومَهُ السُّقُوطُ عَنْ الزَّوْجِ وَالْحَالُ أَنَّهَا أَدَّتْ بِغَيْرٍ إذْنٍ مِنْهُ، وَلَعَلَّهُ أَنَّ الصَّوْمَ ثَمَّ مُعَلَّقٌ عَلَى إخْرَاجِ الْفِطْرَةِ فَلَهَا غَرَضٌ فِي ذَلِكَ لِرَفْعِ صَوْمِهَا، وَبِأَنَّهُ لَمَّا وَجَبَتْ الْفِطْرَةُ عَلَيْهَا أَصَالَةً وَتَحَمَّلَهَا الزَّوْجُ عَنْهَا سِيَّمَا إذَا قُلْنَا إنَّ تَحَمُّلَهُ مِنْ بَابِ الضَّمَانِ فَإِنَّ الْفِطْرَةَ عَلَى ذَلِكَ التَّقْدِيرِ تَكُونُ مُتَعَلِّقَةً بِهَا حَتَّى يَدْفَعَهَا الزَّوْجُ صَحَّ إخْرَاجُهَا عَنْ نَفْسِهَا لِمُلَاقَاةِ الْوُجُوبِ لَهَا ابْتِدَاءً، بِخِلَافِ الْحَالِقِ فَإِنَّ ضَمَانَهُ لِبَدَلِ الشَّعْرِ مِنْ قَبِيلِ ضَمَانِ مَا أَتْلَفَهُ، فَالضَّمَانُ مُتَعَلِّقٌ بِهِ خَاصَّةً وَلَمْ يَتَعَلَّقْ مِنْهُ أَثَرٌ بِالْمَحْلُوقِ فَقَوِيَ شَبَهُهُ بِالْكَفَّارَةِ، وَهِيَ لَوْ أَخْرَجَهَا غَيْرُ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ بِلَا إذْنٍ لَمْ يُعْتَدَّ بِهَا لِانْتِفَاءِ النِّيَّةِ وَهِيَ لَا تَصِحُّ بِدُونِهَا (قَوْلُهُ فَقَدْ انْفَرَدَ الْمَحْلُوقُ) وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْحَالِقَ لَا يُطَالَبُ بِشَيْءٍ فَلَيْسَ طَرِيقًا فِي الضَّمَانِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَعُدْ النَّفْعُ عَلَى الْآمِرِ) بِهَذَا فَارَقَ مَا لَوْ جَرَحَهُ غَيْرُهُ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ دَفْعِهِ حَيْثُ لَا يَسْقُطُ الضَّمَانُ عَنْ الْجَارِحِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ مَنْفَعَةٌ تَعُودُ عَلَى الْمَجْرُوحِ وَإِنَّمَا يَلْحَقُهُ بِهِ.

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِتَكْمِيلِ الْفِدْيَةِ، أَمَّا الِاقْتِصَارُ عَلَى فِدْيَةٍ وَاحِدَةٍ فَأَمْرٌ آخَرُ (قَوْلُهُ: لِاعْتِبَارِ الْعِلْمِ وَالْقَصْدِ فِيهِ) يُشْبِهُ الْمُصَادَرَةَ.

ص: 338

أَنَّهُ لَوْ أَمَرَ الْغَاصِبُ قَصَّابًا بِذَبْحِ شَاةٍ غَصَبَهَا لَمْ يَضْمَنْهَا إلَّا الْغَاصِبُ: أَيْ ضَمَانًا مُسْتَقِرًّا وَإِلَّا فَهُوَ طَرِيقٌ فِيهِ، وَلَوْ طَارَتْ نَارٌ إلَى شَعْرِهِ فَأَحْرَقَتْهُ وَأَطَاقَ الدَّفْعَ لَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ وَإِلَّا فَلَا، وَلَوْ أَزَالَ الْمُحْرِمُ ذَلِكَ مِنْ حَلَالٍ لَمْ تَجِبُ فِدْيَةٌ عَلَى الْمُحْرِمِ وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ إذْ لَا حُرْمَةَ لِشَعْرِهِ مِنْ حَيْثُ الْإِحْرَامُ.

وَاسْتُثْنِيَ مِنْ إطْلَاقِ وُجُوبِ الْفِدْيَةِ عَلَى الْحَالِفِ مَا لَوْ أَمَرَ حَلَالٌ حَلَالًا بِحَلْقِ مُحْرِمٍ نَائِمٍ أَوْ نَحْوِهِ، فَالْفِدْيَةُ عَلَى الْآمِرِ إنْ جَهِلَ الْحَالِقُ أَوْ أُكْرِهَ أَوْ أَكَانَ أَعْجَمِيًّا يَعْتَقِدُ وُجُوبَ طَاعَةِ آمِرِهِ وَإِلَّا فَعَلَى الْحَالِقِ، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ أَمَرَ مُحْرِمٌ مُحْرِمًا أَوْ حَلَالٌ مُحْرِمًا أَوْ عَكْسُهُ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ، وَصَرِيحُ مَا تَقَرَّرَ أَنَّهُمَا لَوْ كَانَا مَعْذُورَيْنِ فَالْفِدْيَةُ عَلَى الْحَالِقِ، وَقِيَاسُهُ أَنَّهُمَا لَوْ كَانَا غَيْرَ مَعْذُورَيْنِ أَنْ تَكُونَ عَلَى الْحَالِقِ أَيْضًا وَهُوَ ظَاهِرٌ (وَالْأَظْهَرُ أَنَّ فِي) إزَالَةِ (الشَّعْرَةِ) الْوَاحِدَةِ أَوْ الظُّفُرِ الْوَاحِدِ أَوْ بَعْضِ شَيْءٍ مِنْ أَحَدِهِمَا (مُدَّ طَعَامٍ وَفِي الشَّعْرَتَيْنِ) أَوْ الظُّفُرَيْنِ (مُدَّيْنِ) إذْ تَبْعِيضُ الدَّمِ فِيهِ عَسِرٌ، وَالشَّارِعُ قَدْ عَدَلَ الْحَيَوَانَ بِالْإِطْعَامِ فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ وَغَيْرِهِ، وَالشَّعْرَةُ الْوَاحِدَةُ هِيَ النِّهَايَةُ فِي الْقِلَّةِ، وَالْمُدُّ أَقَلُّ مَا وَجَبَ فِي الْكَفَّارَاتِ فَقُوبِلَتْ الشَّعْرَةُ بِهِ، وَالثَّانِي فِي الشَّعْرَةِ دِرْهَمٌ وَفِي الشَّعْرَتَيْنِ دِرْهَمَانِ؛ لِأَنَّ الشَّاةَ كَانَتْ تُقَوَّمُ فِي عَصْرِهِ صلى الله عليه وسلم بِثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ وَاعْتُبِرَتْ تِلْكَ الْقِيمَةُ عِنْدَ الْحَاجَةِ لِلتَّوْزِيعِ.

وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يَخْتَارَ أُدُمًا أَوْ لَا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، خِلَافًا لِلْعِمْرَانِيِّ فَقَدْ بَسَطَ الْكَلَامَ عَلَى رَدِّ التَّقْيِيدِ الْمَذْكُورِ جَمْعٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ كَالْبُلْقِينِيِّ وَابْنِ الْعِمَادِ وَتَمَسَّكُوا بِإِطْلَاقِ الشَّيْخَيْنِ (وَلِلْمَعْذُورِ) فِي الْحَلْقِ لِإِيذَاءِ قُمَّلٍ أَوْ وَسَخٍ أَوْ حَرٍّ أَوْ جِرَاحَةٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ (أَنْ يَحْلِقَ وَيَفْتَدِيَ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا} [البقرة: 196] الْآيَةَ، وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ قَالَ فِي أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ، أَتَيْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: اُدْنُ، فَدَنَوْت مِنْهُ، فَقَالَ: اُدْنُ، فَدَنَوْت، فَقَالَ: أَيُؤْذِيك هَوَامُّ رَأْسِك؟ قَالَ ابْنُ عَوْفٍ: وَأَظُنُّهُ قَالَ نَعَمْ، قَالَ: فَأَمَرَنِي بِفِدْيَةٍ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نَسْكِ نَسِيكَةٍ» قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَكَذَا يَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ فِي كُلِّ مُحْرِمٍ أُبِيحَ لِلْحَاجَةِ إلَّا لُبْسَ السَّرَاوِيلِ وَالْخُفَّيْنِ الْمَقْطُوعَيْنِ كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّ سِتْرَ الْعَوْرَةِ وَوِقَايَةَ الرِّجْلِ عَنْ النَّجَاسَةِ مَأْمُورٌ بِهِمَا فَخَفَّفَ فِيهِمَا وَالْحَصْرُ فِيمَا قَالَهُ كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ مَمْنُوعٌ، فَقَدْ اسْتَثْنَى صُوَرًا لَا فِدْيَةَ فِيهَا كَإِزَالَةِ شَعْرٍ نَبَتَ فِي بَاطِنِ عَيْنٍ وَتَضَرَّرَ بِهِ وَكَقَتْلِ صَيْدٍ صَائِلٍ وَحَيَوَانٍ مُؤْذٍ وَكَقَطْعِ مَا انْكَسَرَ مِنْ ظُفُرِهِ وَتَأَذَّى بِهِ فَقَطَعَ الْمُؤْذِي مِنْهُ فَقَطْ، وَإِنَّمَا لَزِمَتْهُ فِي حَلْقِ الشَّعْرِ لِكَثْرَةِ الْقَمْلِ؛ لِأَنَّ الْأَذَى حَصَلَ مِنْ غَيْرِ الْمُزَالِ بِخِلَافِهِ هُنَا، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ طَالَ شَعْرُ حَاجِبِهِ أَوْ رَأْسِهِ وَغَطَّى عَيْنَيْهِ جَازَ لَهُ قَطْعُ الْمُغَطِّي فَقَطْ وَلَا فِدْيَةَ.

(الرَّابِعُ) مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الضَّرَرُ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَهُوَ) أَيْ الْقَصَّابُ طَرِيقٌ فِيهِ وَمَحَلُّ عَدَمِ الْقَرَارِ عَلَى الْقَصَّابِ حَيْثُ جَهِلَ الْغَصْبَ وَإِلَّا فَالضَّمَانُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ الْإِحْرَامُ) أَمَّا مِنْ حَيْثُ التَّصَرُّفُ فِي بَدَنِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَيَحْرُمُ وَيُعَزَّرُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ ظَاهِرٌ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ الْمُبَاشِرُ (قَوْلُهُ: وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي إزَالَةِ الشَّعْرَةِ (قَوْلُهُ: لِإِيذَاءِ قُمَّلٍ إلَخْ) أَيْ لَا يُحْتَمَلُ عَادَةً، وَلَا يُنَافِي هَذَا مَا مَرَّ فِي نَحْوِ الْمُنْكَسِرِ وَشَعْرِ الْعَيْنِ؛ لِأَنَّ مِنْ شَأْنِهِ أَنَّهُ لَا يَصْبِرُ عَلَيْهِ فَاكْتَفَى فِيهِ بِأَدْنَى تَأَذٍّ بِخِلَافِ هَذَا وَمِنْ ثَمَّ لَمْ تَجِبْ هُنَاكَ فِدْيَةٌ انْتَهَى حَجّ (قَوْلُهُ أَنْ يَحْلِقَ) مِنْ بَابِ ضَرَبَ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: وَتَضَرَّرَ بِهِ) وَلَوْ أَدْنَى ضَرَرٍ انْتَهَى حَجّ (قَوْلُهُ وَتَأَذَّى) أَيْ وَإِنْ قَلَّ التَّأَذِّي انْتَهَى حَجّ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَالشَّعْرَةُ الْوَاحِدَةُ هِيَ النِّهَايَةُ فِي الْقِلَّةِ) مُرَادُهُ بِالشَّعْرَةِ هُنَا مَا يَشْمَلُ بَعْضَهَا (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِلْعِمْرَانِيِّ) أَيْ فِي تَقْيِيدِهِ ذَلِكَ بِمَا إذَا اخْتَارَ الدَّمَ، فَإِنْ اخْتَارَ صَوْمًا وَجَبَ يَوْمٌ أَوْ يَوْمَيْنِ أَوْ إطْعَامًا فَصَاعٌ أَوْ صَاعَانِ (قَوْلُهُ التَّقْيِيدُ الْمَذْكُورُ) يَعْنِي الْمَعْلُومَ مِمَّا ذَكَرَ (قَوْلُهُ وَحَيَوَانٍ مُؤْذٍ) أَيْ كَالْقَمْلِ، لَكِنَّ اسْتِثْنَاءَ هَذَا غَيْرُ ظَاهِرٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْمُحَرَّمِ الَّذِي أُبِيحَ بَلْ هُوَ حَلَالٌ مُطْلَقًا

ص: 339

(الْجِمَاعُ) بِالْإِجْمَاعِ عَلَى الْمُحْرِمِ إحْرَامًا مُطْلَقًا أَوْ بِحَجٍّ أَوْ بِعُمْرَةٍ أَوْ بِهِمَا وَلَوْ بِبَهِيمَةٍ فِي قُبُلٍ أَوْ دُبُرٍ بِذَكَرٍ مُتَّصِلٍ أَوْ بِمَقْطُوعٍ وَلَوْ مِنْ بَهِيمَةٍ أَوْ بِقَدْرِ الْحَشَفَةِ مِنْ فَاقِدِهَا حَتَّى يَحْرُمَ عَلَى الْمَرْأَةِ الْحَلَالِ تَمْكِينُ الْمُحْرِمِ مِنْهُ، وَيَحْرُمُ عَلَى الْحَلَالِ أَيْضًا حَالَ إحْرَامِ الْمَرْأَةِ مَا لَمْ يُرِدْ بِهِ تَحْلِيلَهَا بِشَرْطِهِ الْآتِي لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ} [البقرة: 197] أَيْ فَلَا تَرْفُثُوا وَلَا تَفْسُقُوا، فَلَفْظُهُ خَبَرٌ وَمَعْنَاهُ النَّهْيُ، إذْ لَوْ بَقِيَ عَلَى الْخَبَرِ امْتَنَعَ وُقُوعُهُ فِي الْحَجِّ؛ لِأَنَّ إخْبَارَ اللَّهِ صِدْقٌ قَطْعًا مَعَ أَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ كَثِيرًا.

وَالْأَصْلُ فِي النَّهْيِ الْفَسَادُ، وَالرَّفَثُ فَسَّرَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ بِالْجِمَاعِ وَتَحْرُمُ بِهِ مُقَدِّمَاتُهُ أَيْضًا كَقُبْلَةٍ وَنَظَرٍ وَلَمْسٍ وَمُعَانَقَةٍ بِشَهْوَةٍ وَلَوْ مَعَ عَدَمِ إنْزَالٍ أَوْ مَعَ حَائِلٍ، وَلَا دَمَ فِي النَّظَرِ بِشَهْوَةٍ وَالْقُبْلَةِ بِحَائِلٍ وَإِنْ أَنْزَلَ، بِخِلَافِ مَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ الْمُقَدِّمَاتِ فَإِنَّ فِيهَا الدَّمَ وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ إنْ بَاشَرَ عَمْدًا بِشَهْوَةٍ وَالِاسْتِمْنَاءِ فِي أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الدَّمِ فِيهِ مِنْ الْإِنْزَالِ.

وَفِي الْأَنْوَارِ أَنَّهَا تَجِبُ فِي تَقْبِيلِ الْغُلَامِ بِشَهْوَةٍ، وَكَأَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْ تَصْوِيرِ الْمُصَنِّفِ فِيمَنْ قَبَّلَ زَوْجَتَهُ لِوَدَاعٍ أَنَّهُ إنْ قَصَدَ الْإِكْرَامَ أَوْ أَطْلَقَ فَلَا فِدْيَةَ أَوْ لِلشَّهْوَةِ أَثِمَ وَفَدَى، وَيَنْدَرِجُ دَمُ الْمُبَاشَرَةِ فِي بَدَنَةِ الْجِمَاعِ الْوَاقِعِ بَعْدَهَا: أَيْ أَوْ بَدَلَهَا، وَكَذَا فِي شَاتِهِ كَالْوَاقِعِ بَعْدَ الْجِمَاعِ الْمُفْسِدِ أَوْ بَيْنَ التَّحَلُّلَيْنِ فِيمَا يَظْهَرُ سَوَاءٌ أَطَالَ الزَّمَنُ بَيْنَ الْمُقَدِّمَاتِ وَالْجِمَاعِ أَمْ قَصَرَ، وَذَلِكَ قِيَاسًا عَلَى حُرْمَةِ الْعَقْدِ الْآتِي بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّهَا تَدْعُو إلَى الْوَطْءِ الْمُحَرَّمِ أَكْثَرَ مِنْهُ، أَمَّا حَيْثُ لَا شَهْوَةَ فَلَا حُرْمَةَ وَلَا فِدْيَةَ اتِّفَاقًا (وَتَفْسُدُ بِهِ الْعُمْرَةُ) الْمُفْرَدَةُ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْهَا، أَمَّا غَيْرُ الْمُفْرَدَةِ فَهِيَ تَابِعَةٌ لِلْحَجِّ صِحَّةً وَفَسَادًا (وَكَذَا) يَفْسُدُ (الْحَجُّ) بِالْجِمَاعِ الْمَذْكُورِ (قَبْلَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ) سَوَاءٌ أَكَانَ قَبْلَ الْوُقُوفِ وَهُوَ إجْمَاعٌ أَوْ بَعْدَهُ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ، وَسَوَاءٌ أَفَاتَهُ الْحَجُّ أَمْ لَا كَمَا فِي الْأُمِّ، وَلَوْ كَانَ الْمُجَامِعُ فِي النُّسُكِ رَقِيقًا أَمْ صَبِيًّا مُمَيِّزًا، إذْ عَمْدُ الصَّبِيِّ عَمْدٌ وَالرَّقِيقُ مُكَلَّفٌ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ النُّسُكُ مُتَطَوَّعًا بِهِ أَمْ مَفْرُوضًا بِنَذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ لِنَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ كَالْأَجِيرِ.

أَمَّا النَّاسِي وَالْمَجْنُونُ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالنَّائِمُ وَالْمُكْرَهُ وَالْجَاهِلُ لِقُرْبِ عَهْدِهِ بِالْإِسْلَامِ أَوْ نَشْئِهِ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ الْعُلَمَاءِ فَلَا يَفْسُدُ بِجِمَاعِهِمْ، وَلَوْ جَامَعَ بَعْدَ الْإِفْسَادِ لَزِمَهُ شَاةٌ.

وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ يَفْسُدُ أَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ إحْرَامُهُ مُجَامِعًا وَهُوَ كَذَلِكَ وَلَوْ أَحْرَمَ حَالَ نَزْعِهِ انْعَقَدَ صَحِيحًا عَلَى أَوْجَهِ الْأَوْجُهِ؛ لِأَنَّ النَّزْعَ لَيْسَ بِجِمَاعٍ، وَكَذَا رَدُّهُ فَإِنَّهَا إذَا وُجِدَتْ أَثْنَاءَ الْعُمْرَةِ أَوْ الْحَجِّ وَلَوْ بَعْدَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ تُفْسِدُهُ وَإِنْ قَصُرَ زَمَنُهَا لِمُنَافَاتِهَا لَهُ كَغَيْرِهِ مِنْ الْعِبَادَاتِ، وَلَا يُشْكِلْ هَذَا بِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ ارْتَدَّ فِي أَثْنَاءِ وُضُوئِهِ لَمْ يَبْطُلْ مَا مَضَى بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ أَسْلَمَ كَمَّلَ بِنِيَّةٍ مَعَ أَنَّهُ لَا يُكْمِلُ هُنَا؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ فِي الْوُضُوءِ يُمْكِنُ تَوْزِيعُهَا عَلَى أَعْضَائِهِ فَلَمْ يَلْزَمْ مِنْ بُطْلَانِ بَعْضِهَا بُطْلَانُ كُلِّهَا، بِخِلَافِهَا فِي الْحَجِّ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَوْزِيعُهَا عَلَى أَجْزَائِهِ فَكَانَ الْمُنَافِي لَهَا مُبْطِلًا لَهَا مِنْ أَصْلِهَا فَنَاسَبَ فَسَادُهُ بِهَا مُطْلَقًا، وَقَوْلُهُ قَبْلَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ قَيْدٌ فِي الْحَجِّ خَاصَّةً كَمَا تَقَرَّرَ، إذْ الْعُمْرَةُ لَيْسَ لَهَا إلَّا تَحَلُّلٌ وَاحِدٌ كَمَا مَرَّ (وَتَجِبُ بِهِ) أَيْ الْجِمَاعِ الْمُفْسِدِ لِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ وَلَوْ نَفْلًا لَا بِرِدَّةٍ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: وَتَحْرُمُ بِهِ مُقَدِّمَاتُهُ) أَيْ وَيَجِبُ فِيهَا الدَّمُ عَلَى مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَنْزَلَ) أَيْ وَإِنْ تَعَمَّدَ وَعَلِمَ الْإِنْزَالَ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: الْجِمَاعُ الْوَاقِعُ بَعْدَهَا) مَفْهُومُهُ أَنَّ الْمُبَاشَرَةَ بَعْدَ الْجِمَاعِ لَا يَنْدَرِجُ دَمُهَا فِي بَدَنَةِ الْجِمَاعِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ، وَنَقَلَ بِالدَّرْسِ عَنْ سَمِّ عَلَى الْغَايَةِ التَّصْرِيحَ بِهِ (قَوْلُهُ: أَمَّا حَيْثُ لَا شَهْوَةَ) أَيْ فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: فَلَا يَفْسُدُ بِجِمَاعِهِمْ) أَيْ بِالْجِمَاعِ مِنْ الرَّجُلِ وَبِدُخُولِ الْحَشَفَةِ فِي فَرْجِ الْمَرْأَةِ (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ شَاةٌ) وَتَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِهِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ النَّزْعَ لَيْسَ بِجِمَاعٍ) أَيْ حَيْثُ قَصَدَ بِالنَّزْعِ التَّرْكَ قِيَاسًا عَلَى مَا مَرَّ فِي الصَّوْمِ (قَوْلُهُ: بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ أَسْلَمَ كَمَّلَ بِنِيَّةٍ) جَدِيدَةٍ غَيْرِ الْأُولَى

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: أَوْ بِمَقْطُوعٍ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَرْأَةِ: أَيْ بِأَنْ اسْتَدْخَلَتْ ذَكَرًا مَقْطُوعًا فَيَحْرُمُ عَلَيْهَا وَيَفْسُدُ حَجُّهَا وَإِنْ كَانَتْ لَا تَجِبُ عَلَيْهَا الْفِدْيَةُ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَالِاسْتِمْنَاءُ) أَيْ وَبِخِلَافِ الِاسْتِمْنَاءِ (قَوْلُهُ: قِيَاسًا عَلَى حُرْمَةِ الْعَقْدِ الْآتِي) دَلِيلٌ لِقَوْلِهِ وَتَحْرُمُ مُقَدِّمَاتُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: تُفْسِدُهُ) بِمَعْنَى تُبْطِلُهُ

ص: 340

(بَدَنَةً) مِنْ الْإِبِلِ ذَكَرًا كَانَتْ أَوْ أُنْثَى لِفَتْوَى جَمْعٍ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - بِذَلِكَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُعْرَفَ لَهُمْ مُخَالِفٌ، وَخَرَجَ بِالْمُفْسِدِ مَا لَوْ جَامَعَ فِي الْحَجِّ بَيْنَ التَّحْلِيلَيْنِ أَوْ ثَانِيًا بَعْدَ جِمَاعِهِ الْأُولَى قَبْلَ التَّحَلُّلَيْنِ فَتَجِبُ بِهِ شَاةٌ وَالْوُجُوبُ فِي الْجَمِيعِ عَلَى الرَّجُلِ دُونَهَا، وَإِنْ فَسَدَ نُسُكُهَا بِأَنْ كَانَتْ مُحْرِمَةً مُمَيِّزَةً مُخْتَارَةً عَامِدَةً عَالِمَةً بِالتَّحْرِيمِ كَمَا فِي كَفَّارَةِ الصَّوْمِ فَهِيَ عَنْهُ فَقَطْ سَوَاءٌ أَكَانَ الْوَاطِئُ زَوْجًا أَمْ سَيِّدًا أَمْ وَاطِئًا بِشُبْهَةٍ أَمْ زَانِيًا، وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ مِنْ حِكَايَةِ الِاتِّفَاقِ عَلَى لُزُومِ الْبَدَنَةِ لَهَا طَرِيقَةٌ مَرْجُوحَةٌ، وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ مَا مَرَّ.

وَاعْلَمْ أَنَّ الْبَدَنَةَ حَيْثُ أُطْلِقَتْ فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ أَوْ الْفِقْهِ فَالْمُرَادُ بِهَا كَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ الْبَعِيرُ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى وَشَرْطُهَا سِنٌّ يُجْزِئُ فِي الْأُضْحِيَّةِ، وَقَالَ كَثِيرٌ مِنْ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ أَوْ أَكْثَرِهِمْ: تُطْلَقُ عَلَى الْبَعِيرِ وَالْبَقَرَةِ، وَالْمُرَادُ هُنَا مَا مَرَّ فَإِنَّ الْبَقَرَةَ لَا تُجْزِئُ إلَّا عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ الْبَدَنَةِ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْبَقَرَةِ أَيْضًا فَسَبْعُ شِيَاهٍ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْهَا قَوَّمَ الْبَدَنَةَ بِالنَّقْدِ الْغَالِبِ، وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ بِسِعْرِ مَكَّةَ فِي غَالِبِ الْأَحْوَالِ، كَذَا نَقَلَهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ نَصِّ الْمُخْتَصَرِ وَعَنْ الْقَاضِيَيْنِ أَبِي الطَّيِّبِ وَالْحُسَيْنِ، وَفِي شَرْحِ السُّبْكِيّ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ بِسِعْرِ مَكَّةَ حَالَ الْوُجُوبِ، وَجَرَى عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَابْنُ النَّقِيبِ، وَلَيْسَتْ الْمَسْأَلَةُ فِي الشَّرْحَيْنِ وَلَا فِي الرَّوْضَةِ، وَيَشْتَرِي بِهِ طَعَامًا وَيَتَصَدَّقُ بِهِ عَلَى مَسَاكِينِ الْحَرَمِ، وَأَقَلُّ مَا يُجْزِئْ أَنْ يَدْفَعَ الْوَاجِبَ إلَى ثَلَاثَةٍ إنْ قَدَرَ، وَالْمُرَادُ بِالطَّعَامِ الْمُجْزِئِ فِي الْفِطْرَةِ، فَإِنْ عَجَزَ صَامَ عَنْ كُلٍّ مُدٍّ يَوْمًا (وَ) يَجِبُ عَلَى مَنْ أَفْسَدَ نُسُكَهُ بِوَطْءٍ لَا بِرِدَّةٍ (الْمُضِيُّ فِي فَاسِدِهِ) بِأَنْ يَأْتِيَ بِجَمِيعِ مُعْتَبَرَاتِهِ وَيَجْتَنِبَ سَائِرَ مَنْهِيَّاتِهِ وَإِلَّا لَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ أَيْضًا لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196] إذْ هُوَ يَشْمَلُ الْفَاسِدَ أَيْضًا، وَبِهِ أَفْتَى جَمَاعَةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم وَلَا مُخَالِفَ لَهُمْ، بِخِلَافِ سَائِرِ الْعِبَادَاتِ لِلْخُرُوجِ مِنْهَا بِالْفَسَادِ إذْ لَا حُرْمَةَ لَهَا بَعْدَهُ.

نَعَمْ يَجِبُ الْإِمْسَاكُ بَقِيَّةَ النَّهَارِ فِي صَوْمِ رَمَضَانَ لِحُرْمَةِ زَمَانِهِ كَمَا مَرَّ، أَمَّا مَا فَسَدَ بِالرِّدَّةِ فَلَا يَجِبُ إتْمَامُهُ وَإِنْ أَسْلَمَ فَوْرًا؛ لِأَنَّهَا أَحْبَطَتْهُ بِالْكُلِّيَّةِ وَلِذَلِكَ لَمْ تَجِبْ فِيهَا كَفَّارَةٌ (وَ) يَجِبُ مَعَ الْإِتْمَامِ وَالْكَفَّارَةِ (الْقَضَاءُ) اتِّفَاقًا (وَإِنْ كَانَ نُسُكَهُ تَطَوُّعًا) مِنْ صَبِيٍّ أَوْ قِنٍّ لِفَتْوَى الصَّحَابَةِ بِذَلِكَ مِنْ غَيْرِ مُخَالِفٍ؛ وَلِأَنَّ إحْرَامَ الصَّبِيِّ صَحِيحٌ وَتَطَوُّعَهُ كَتَطَوُّعِ الْبَالِغِ فِي اللُّزُومِ بِالشُّرُوعِ.

قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَإِيجَابُهُ عَلَيْهِ لَيْسَ إيجَابَ تَكْلِيفٍ بَلْ مَعْنَاهُ تَرَتُّبُهُ فِي ذِمَّتِهِ كَغَرَامَةِ مَا أَتْلَفَ، وَلَوْ كَانَ مَا فَسَدَ بِالْجِمَاعِ قَضَاءً وَجَبَ قَضَاءُ الْمَقْضِيِّ لَا الْقَضَاءِ، فَلَوْ أَحْرَمَ بِالْقَضَاءِ عَشْرَ مَرَّاتٍ وَأَفْسَدَ الْجَمِيعَ لَزِمَهُ قَضَاءٌ وَاحِدٍ عَنْ الْأَوَّلِ وَكَفَّارَةٌ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْعَشْرِ، وَيَلْزَمُ الْمُفْسِدَ فِي الْقَضَاءِ الْإِحْرَامُ مِمَّا أَحْرَمَ مِنْهُ فِي الْأَدَاءِ مِنْ مِيقَاتٍ أَوْ قَبْلَهُ مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ أَوْ غَيْرِهَا، وَإِنْ كَانَ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ وَلَوْ غَيْرَ مُرِيدٍ نُسُكًا لَزِمَهُ فِي الْقَضَاءِ الْإِحْرَامُ مِنْهُ إلًّا إنْ سَلَكَ فِيهِ غَيْرَ طَرِيقِ الْأَدَاءِ فَإِنَّهُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: بِأَنْ كَانَتْ مُحْرِمَةً مُمَيِّزَةً مُخْتَارَةً) أَيْ فَلَوْ كَانَتْ مُكْرَهَةً أَوْ نَاسِيَةً أَوْ جَاهِلَةً لَمْ يَفْسُدْ نُسُكُهَا (قَوْلُهُ: كَمَا فِي كَفَّارَةِ الصَّوْمِ فَهِيَ عَنْهُ) لِلصَّيْمَرِيِّ مَا لَوْ كَانَ حَلَالًا وَهِيَ مُحْرِمَةٌ أَوْ كَانَ مِمَّنْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْفِدْيَةُ لِكَوْنِهِ مَجْنُونًا وَعِبَارَةُ حَجّ: وَلَمْ يُبَيِّنْ مَنْ تَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ وَهُوَ الرَّجُلُ خَاصَّةً كَمَا بَسَطَتْهُ فِي الْحَاشِيَةِ إنْ كَانَ زَوْجًا مُكَلَّفًا مُحْرِمًا وَإِلَّا فَعَلَيْهَا حَيْثُ لَمْ يُكْرِهَا كَمَا لَوْ زَنَتْ أَوْ مَكَّنَتْ غَيْرَ مُكَلَّفٍ اهـ.

وَعِبَارَةُ سَمِّ عَلَى مَنْهَجٍ قَالَ مَرَّ. وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهَا مُطْلَقًا وَإِنْ كَانَ الْوَاطِئُ غَيْرَ مُحْرِمٍ زَوْجًا أَوْ أَجْنَبِيًّا كَالصَّوْمِ اهـ (قَوْلُهُ: وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَفِي شَرْحِ السُّبْكِيّ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ بِسِعْرِ مَكَّةَ إلَخْ) قَالَ حَجّ بَعْدَمَا ذَكَرَ وَأَوْجَهُ مِنْهُمَا اعْتِبَارُ حَالَةِ الْأَدَاءِ كَمَا يَأْتِي فِي الْكَفَّارَاتِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ عَجَزَ صَامَ عَنْ كُلِّ مُدٍّ يَوْمًا) وَهَلْ الْعِبْرَةُ فِي قِيمَةِ الطَّعَامِ بِوَقْتِ الْأَدَاءِ أَوْ بِسِعْرِ مَكَّةَ غَالِبَ الْأَحْوَالِ كَمَا اُعْتُبِرَ ذَلِكَ فِي قِيمَةِ الْبَدَنَةِ أَمْ وَقْتَ الْوُجُوبِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَقِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ اعْتِبَارُ غَالِبِ الْأَحْوَالِ (قَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ وَإِيجَابُهُ) أَيْ الْقَضَاءُ عَلَيْهِ أَيْ الصَّبِيِّ (قَوْلُهُ: وَجَبَ قَضَاءُ الْمَقْضِيِّ) .

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 341

يُحْرِمُ مِنْ قَدْرِ مَسَافَةِ الْإِحْرَامِ فِي الْأَدَاءِ إنْ لَمْ يَكُنْ جَاوَزَ فِيهِ الْمِيقَاتَ غَيْرَ مُحْرِمٍ وَإِلَّا أَحْرَمَ مِنْ قَدْرِ مَسَافَةِ الْمِيقَاتِ، وَعَلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ أَفْرَدَ الْحَجَّ ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ مِنْ أَدْنَى الْحِلِّ ثُمَّ أَفْسَدَهَا كَفَاهُ أَنْ يُحْرِمَ فِي قَضَائِهَا مِنْ أَدْنَى الْحِلِّ وَأَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ سُلُوكُ طَرِيقِ الْأَدَاءِ لَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ قَدْرِ مَسَافَتِهِ، وَلَا يَلْزَمُهُ فِي الْقَضَاءِ أَنْ يُحْرِمَ فِي الزَّمَنِ الَّذِي أَحْرَمَ فِيهِ بَلْ لَهُ التَّأْخِيرُ عَنْهُ وَالتَّقْدِيمُ عَلَيْهِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَجُوزُ الْإِحْرَامُ فِيهِ وَفَارَقَ الْمَكَانَ فَإِنَّهُ يَنْضَبِطُ بِخِلَافِ الزَّمَانِ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ) أَيْ قَضَاءُ الْفَاسِدِ (عَلَى الْفَوْرِ) لِقَوْلِ جَمْعٍ مِنْ الصَّحَابَةِ مِنْ غَيْرِ مُخَالِفٍ كَأَنْ يَأْتِيَ بِالْعُمْرَةِ عَقِبَ التَّحَلُّلِ وَتَوَابِعِهِ وَبِالْحَجِّ فِي سَنَتِهِ إنْ أَمْكَنَهُ بِأَنْ يَحْصُرَهُ الْعَدُوُّ بَعْدَ الْإِفْسَادِ فَيَتَحَلَّلَ ثُمَّ يَزُولَ الْحَصْرُ وَبِأَنْ يَرْتَدَّ بَعْدَهُ أَوْ يَتَحَلَّلَ كَذَلِكَ لِمَرَضٍ شُرِطَ التَّحَلُّلُ بِهِ ثُمَّ يُشْفَى وَالْوَقْتُ بَاقٍ فَيَشْتَغِلُ بِالْقَضَاءِ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ أَتَى بِهِ مِنْ قَابِلٍ، وَلَا يُشْكِلُ تَسْمِيَةُ مَا ذُكِرَ قَضَاءً وَإِنْ وَقَعَ فِي وَقْتِهِ وَهُوَ الْعُمُرُ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ هُنَا مَعْنَاهُ اللُّغَوِيُّ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إنَّهُ أَدَاءٌ لَا قَضَاءٌ؛ وَلِأَنَّهُ بِالْإِحْرَامِ بِالْأَدَاءِ تَضِيقُ وَقْتِهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَفْسَدَ الصَّلَاةَ فَإِنَّهَا لَا تَتَضَيَّقُ وَإِنْ قَالَ جَمْعٌ مِنْهُمْ الْقَاضِي بِخِلَافِهِ؛ لِأَنَّ آخِرَ وَقْتِهَا لَمْ يَتَعَيَّنْ بِالشُّرُوعِ فِيهَا فَلَمْ يَكُنْ بِفِعْلِهَا بَعْدَ الْإِفْسَادِ مُوقِعًا لَهَا فِي غَيْرِ وَقْتِهَا وَالنُّسُكُ بِالشُّرُوعِ فِيهِ تَضَيَّقَ وَقْتُهُ ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً فَإِنَّهُ يَنْتَهِي بِوَقْتِ الْفَوَاتِ فَكَانَ فِعْلُهُ فِي السُّنَّةِ الثَّانِيَةِ خَارِجَ وَقْتِهِ فَصَحَّ وَصْفُهُ بِالْقَضَاءِ، وَلَوْ خَرَجَتْ الْمَرْأَةُ لِقَضَاءِ نُسُكِهَا لَزِمَ الزَّوْجَ زِيَادَةُ نَفَقَةِ السَّفَرِ مِنْ زَادٍ وَرَاحِلَةٍ ذَهَابًا وَإِيَابًا؛ لِأَنَّهَا غَرَامَةٌ تَتَعَلَّقُ بِالْجِمَاعِ فَلَزِمَتْهُ كَالْكَفَّارَةِ وَلَوْ غَضِبَتْ لَزِمَهُ الْإِنَابَةُ عَنْهَا مِنْ مَالِهِ، وَمُؤْنَةُ الْمَوْطُوءَةِ بِزِنًا أَوْ شُبْهَةٍ عَلَيْهَا، وَأَمَّا نَفَقَةُ الْحَضَرِ فَلَا تَلْزَمُ الزَّوْجَ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهَا، وَيُسَنُّ افْتِرَاقُهُمَا مِنْ حِينِ الْإِحْرَامِ إلَى أَنْ يَفْرَعَ التَّحَلُّلَانِ وَافْتِرَاقُهُمَا فِي مَكَانِ الْجِمَاعِ آكَدُ لِلِاخْتِلَافِ فِي وُجُوبِهِ، وَلَوْ أَفْسَدَ مُفْرِدُ نُسُكِهِ فَتَمَتَّعَ فِي الْقَضَاءِ أَوْ قَرَنَ جَازَ وَكَذَا عَكْسُهُ، وَلَوْ أَفْسَدَ الْقَارِنُ نُسُكَهُ لَزِمَهُ بَدَنَةٌ وَاحِدَةٌ لِانْغِمَارِ الْعُمْرَةِ فِي الْحَجِّ وَلَزِمَهُ دَمٌ لِلْقِرَانِ الَّذِي أَفْسَدَهُ؛ لِأَنَّهُ لَزِمَ بِالشُّرُوعِ فَلَا يَسْقُطُ بِالْإِفْسَادِ وَلَزِمَهُ دَمٌ آخَرُ لِلْقِرَانِ الَّذِي الْتَزَمَهُ بِالْإِفْسَادِ فِي الْقَضَاءِ وَلَوْ أَفْرَدَهُ؛ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ بِالْإِفْرَادِ، وَلَوْ فَاتَ الْقَارِنَ الْحَجُّ لِفَوَاتِ الْوُقُوفِ فَاتَتْ الْعُمْرَةُ تَبَعًا لَهُ وَلَزِمَهُ دَمَانِ دَمٌ لِلْفَوَاتِ وَدَمٌ لِأَجْلِ الْقِرَانِ وَفِي الْقَضَاءِ دَمٌ ثَالِثٌ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ أَنَّهُ عَلَى التَّرَاخِي كَالْأَدَاءِ.

(الْخَامِسُ) مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ (اصْطِيَادُ كُلِّ)

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَيْ وَهُوَ الْأَصْلِيُّ حَجًّا كَانَ أَوْ عُمْرَةً (قَوْلُهُ وَيَلْزَمُهُ فِي الْقَضَاءِ إلَخْ) قِيلَ وَكَأَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِ الْقَاضِي يَلْزَمُ الْأَجِيرَ رِعَايَةُ زَمَنِ الْأَدَاءِ أَنَّ هَذَا حَقٌّ آدَمِيٌّ. وَرُدَّ بِأَنَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى وُقُوعِ الْقَضَاءِ لِلْمَيِّتِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْقَضَاءَ هُنَا مَعْنَاهُ) أَيْ الْمُرَادُ بِهِ مَعْنَاهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ خَرَجَتْ الْمَرْأَةُ لِقَضَاءِ نُسُكِهَا) أَيْ الَّذِي أَفْسَدَهُ الزَّوْجُ بِوَطْئِهِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهَا غَرَامَةٌ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا جَوَابُ مَا تَوَقَّفَ فِيهِ سَمِّ فِيمَا تَقَدَّمَ مِمَّا حَاصِلُهُ أَنَّهَا إنْ كَانَتْ مُخْتَارَةً فَهِيَ مُقَصِّرَةٌ فَلَا شَيْءَ عَلَى الزَّوْجِ وَإِنْ كَانَتْ مُكْرَهَةً لَمْ يَفْسُدْ حَجُّهَا.

وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنْ تَخْتَارَ الْأَوَّلَ، وَنَقُولُ هَذِهِ الْغَرَامَةُ لَمَّا نَشَأَتْ مِنْ الْجِمَاعِ الَّذِي هُوَ فِعْلُهُ لَزِمَتْهُ، وَهَذَا قَرِيبٌ مِنْ لُزُومِ الزَّوْجِ مَاءُ غُسْلِهَا مِنْ الْجَنَابَةِ حَيْثُ حَصَلَتْ بِجِمَاعِهِ (قَوْلُهُ: وَافْتِرَاقُهُمَا فِي مَكَانِ الْجِمَاعِ) أَيْ الْمُفْسِدِ لِلْحَجِّ الْأَوَّلِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ سُلُوكُ طَرِيقِ الْأَدَاءِ) لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالْمَسْأَلَةِ قَبْلَهُ بَلْ هُوَ رَاجِعٌ لِأَصْلِ الْحُكْمِ: أَيْ عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ إلَّا إنْ سَلَكَ فِيهِ غَيْرَ طَرِيقِ الْأَدَاءِ إلَخْ أَنَّ لَهُ أَنْ يَسْلُكَ فِي الْقَضَاءِ غَيْرَ طَرِيقِ الْأَدَاءِ، لَكِنْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ قَدْرِ مَسَافَتِهِ (قَوْلُهُ مِنْ قَدْرِ مَسَافَتِهِ) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ جَاوَزَ فِي الْأَدَاءِ الْمِيقَاتَ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: كَأَنْ يَأْتِيَ بِالْعُمْرَةِ عَقِبَ التَّحَلُّلِ) الْكَافُ بِالنِّسْبَةِ لِلْعُمْرَةِ اسْتِقْصَائِيَّةٌ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَنْتَهِي بِوَقْتِ الْفَوَاتِ إلَخْ) هُوَ ظَاهِرٌ فِيمَا لَوْ قَضَاهُ مِنْ قَابِلٍ وَالْمُدَّعَى أَعَمُّ كَمَا مَرَّ.

ص: 342

صَيْدٍ (مَأْكُولٍ بَرِّيٍّ) مِنْ طَيْرٍ أَوْ غَيْرِهِ كَبَقَرِ وَحْشٍ وَجَرَادٍ وَكَذَا إوَزٍّ، لَكِنْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَالْبَطُّ الَّذِي لَا يَطِيرُ مِنْ الْإِوَزِّ لَا جَزَاءَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِصَيْدٍ (قُلْت) كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ (وَكَذَا مُتَوَلِّدٌ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمَأْكُولِ الْبَرِّيِّ الْوَحْشِيِّ بِأَنْ يَكُونَ مِنْ أَحَدِ أُصُولِهِ وَإِنْ بَعُدَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ (وَمِنْ غَيْرِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) كَمُتَوَلِّدٍ بَيْنَ حِمَارٍ وَحْشِيٍّ وَحِمَارٍ أَهْلِيٍّ وَبَيْنَ شَاةٍ وَظَبْيٍ أَوْ بَيْنَ ضَبُعٍ وَذِئْبٍ؛ لِأَنَّهُ الِاحْتِيَاطُ، وَمِنْ ثَمَّ غَلَبَ حُكْمُ الْبَرِّ فِيمَا لَوْ كَانَ يَعِيشُ فِيهِ وَفِي الْبَحْرِ كَمَا يَأْتِي، وَإِنَّمَا لَمْ تَجِبْ الزَّكَاةُ فِي الْمُتَوَلِّدِ بَيْنَ الزَّكَوِيِّ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ بَابِ الْمُوَاسَاةِ، وَخَرَجَ بِمَا ذُكِرَ الْبَحْرِيُّ وَهُوَ مَا لَا يَعِيشُ إلَّا فِي الْبَحْرِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ} [المائدة: 96] وَلَوْ كَانَ الْبَحْرُ فِي الْحَرَمِ، وَكَالْبَحْرِ الْغَدِيرِ وَالْبِئْرِ وَالْعَيْنِ إذْ الْمُرَادُ بِهِ الْمَاءُ، فَإِنْ عَاشَ فِي الْبَرِّ أَيْضًا فَبَرِّيٌّ كَطَيْرِهِ الَّذِي يَغُوصُ فِيهِ إذْ لَوْ تُرِكَ فِيهِ لَهَلَكَ، وَالْإِنْسِيُّ كَنَعَمٍ وَإِنْ تَوَحَّشَ إذْ لَا يُسَمَّى صَيْدًا وَغَيْرُ الْمَأْكُولِ، وَالْمُتَوَلِّدُ مِنْ ذَلِكَ مِنْهُ مَا هُوَ مُؤْذٍ طَبْعًا فَيُنْدَبُ قَتْلُهُ كَالْفَوَاسِقِ الْخَمْسِ فَقَدْ صَحَّ أَمْرُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِقَتْلِ خَمْسٍ فَوَاسِقَ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ: الْغُرَابُ الَّذِي لَا يُؤْكَلُ وَالْحِدَأَةُ وَالْعَقْرَبُ وَالْفَأْرَةُ وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ، وَأُلْحِقَ بِهَا الْأَسَدُ وَالنَّمِرُ وَالذِّئْبُ وَالدُّبُّ وَالنَّسْرُ وَالْعُقَابُ وَالْبُرْغُوثُ وَالْبَقُّ وَالزُّنْبُورُ وَكُلُّ مُؤْذٍ.

وَلَا يُكْرَهُ تَنْحِيَةُ قَمْلٍ عَنْ بَدَنِ مُحْرِمٍ أَوْ ثِيَابِهِ، بَلْ بَحَثَ بَعْضُهُمْ سَنَّ قَتْلِهِ كَالْبُرْغُوثِ، نَعَمْ قُمَّلُ رَأْسِهِ أَوْ لِحْيَتِهِ يُكْرَهُ التَّعَرُّضُ لَهُ لِئَلَّا يَنْتِفَ الشَّعْرَ، فَإِنْ قَتَلَهُ فَدَى الْوَاحِدَةَ وَلَوْ بِلُقْمَةٍ نَدْبًا وَقَوْلُهُمْ لَا يُكْرَهُ تَنْحِيَتُهُ صَرِيحٌ فِي جَوَازِ رَمْيِهِ حَيًّا إنْ لَمْ يَكُنْ فِي مَسْجِدٍ وَكَالْقَمْلِ الصِّئْبَانِ وَهُوَ بِيضُهُ، وَمِنْهُ مَا يَنْفَعُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: وَكَذَا إوَزٌّ) مُعْتَمَدٌ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الْبَطِّ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهَا مِنْ بَابِ الْمُوَاسَاةِ) أَيْ وَمَا هُنَا مِنْ بَابِ ضَمَانِ الْمُتْلَفَاتِ (قَوْلُهُ: إذْ لَوْ تُرِكَ فِيهِ لَهَلَكَ) يُتَأَمَّلْ قَوْلُهُ إذْ لَوْ تُرِكَ فِيهِ إلَخْ، فَإِنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْ الَّذِي يَعِيشُ فِيهِمَا أَنَّهُ إذَا تُرِكَ فِي أَحَدِهِمَا عَلَى الدَّوَامِ اسْتَمَرَّ حَيًّا، إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ بِكَوْنِهِ يَعِيشُ فِيهِ أَنَّ الْعَادَةَ جَارِيَةٌ بِأَنَّهُ إذَا نَزَلَ الْمَاءَ لَا يُسْرِعُ إلَيْهِ الْمَوْتُ كَغَيْرِهِ مِنْ الطُّيُورِ بَلْ يَمْكُثُ مُدَّةً لَا يَلْحَقُهُ ضَرَرٌ بِهَا فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ إذَا تُرِكَ فِيهِ دَائِمًا يَمُوتُ (قَوْلُهُ: وَالْإِنْسِيُّ كَنَعَمٍ) دَخَلَ فِيهِ الْبَقَرُ (بِنَوْعَيْهِ قَوْلُهُ وَغَيْرُ الْمَأْكُولِ) إنَّمَا أَخْرَجَ غَيْرَ الْمَأْكُولِ مِنْ الْأَقْسَامِ الْآتِيَةِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَخْلُو مِنْ أَحَدِهَا لِلْعِلْمِ بِحُكْمِهِ مِمَّا مَرَّ وَهُوَ حُرْمَةُ التَّعَرُّضِ لَهُ إنْ تَوَلَّدَ بَيْنَ بَرِّيٍّ وَوَحْشِيٍّ مَأْكُولٍ وَغَيْرِهِ، فَكَانَ الْأَوْلَى عَدَمَ ذِكْرِهِ (قَوْلُهُ: وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ) عِبَارَةُ حَجّ: بَلْ يَجِبُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ قَتْلُ الْعَقُورِ اهـ.

وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ حَجّ عَلَى حَالَةِ الصِّيَالِ فَيُوَافِقَ مَا أَفْتَى بِهِ مَرَّ (قَوْلُهُ: وَكُلُّ مُؤْذٍ) وَمِنْهُ الْقَمْلُ فَيُنْدَبُ قَتْلُهُ (قَوْلُهُ: وَلَا يُكْرَهُ تَنْحِيَةُ قَمْلٍ عَنْ بَدَنِ مُحْرِمٍ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ بِمَحَلٍّ كَثُرَ شَعْرُهُ كَالْعَانَةِ وَالصَّدْرِ وَالْإِبْطِ، وَقِيَاسُ الْكَرَاهَةِ فِي شَعْرِ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ الْكَرَاهَةُ هُنَا إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ هَذَا يَنْدُرُ انْتِتَافُهُ بِمِثْلِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: بَلْ بَحَثَ بَعْضُهُمْ) جَزَمَ بِهِ حَجّ (قَوْلُهُ: صَرِيحٌ فِي جَوَازِ رَمْيِهِ حَيًّا إنْ لَمْ يَكُنْ فِي مَسْجِدٍ) أَيْ وَهُوَ كَذَلِكَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: مَأْكُولٍ بَرِّيٍّ) أَوْ وَحْشِيٍّ وَهُوَ مَفْهُومٌ مِنْ ذِكْرِ الِاصْطِيَادِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الشِّهَابُ حَجّ وَكَانَ عَلَى الشَّارِحِ أَنْ يَذْكُرَهُ لِيَتَأَتَّى لَهُ ذِكْرُ مَفْهُومِهِ الْآتِي (قَوْلُهُ: لَكِنْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْبَطُّ إلَخْ) عِبَارَةُ الْإِمْدَادِ كَالْقُوتِ وَكَذَا إوَزٌّ، لَكِنْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: إنْ نَهَضَ بِجَنَاحِهِ وَإِلَّا فَكَالدَّجَاجِ قَالَ الرُّويَانِيُّ: وَهُوَ الْقِيَاسُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَالْبَطُّ الَّذِي لَا يَطِيرُ مِنْ الْإِوَزِّ لَا جَزَاءَ فِيهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِصَيْدٍ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ غَلَبَ حُكْمُ الْبَرِّ فِيمَا لَوْ كَانَ يَعِيشُ فِيهِ وَفِي الْبَحْرِ) اُنْظُرْ مَعَ مَا يَأْتِي فِي الْأَطْعِمَةِ مِنْ أَنَّ مَا يَعِيشُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ مِنْ حَيَوَانِ الْبَحْرِ غَيْرُ مَأْكُولٍ فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ هُنَا مِنْ حَيَوَانِ الْبَرِّ فَلْيُنْظَرْ مَا صُورَتُهُ وَسَيَأْتِي مَا فِي طَيْرِ الْمَاءِ قَرِيبًا (قَوْلُهُ: وَغَيْرُ الْمَأْكُولِ وَالْمُتَوَلَّدِ مِنْهُ) أَيْ وَخَرَجَ ذَلِكَ أَيْضًا، وَقَوْلُهُ مِنْهُ مَا هُوَ مُؤْذٍ إلَخْ لَعَلَّهُ سَقَطَ قَبْلَ لَفْظِ فَإِنَّ مِنْ النُّسَّاخِ.

وَعِبَارَةُ الْإِمْدَادِ: وَغَيْرُ الْمَأْكُولِ وَمَا تَوَلَّدَ مِنْهُ فَإِنَّ مِنْهُ مَا هُوَ مُؤْذٍ إلَخْ (قَوْلُهُ وَالْمُتَوَلِّدُ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ غَيْرِ الْمَأْكُولِ بِأَنْ كَانَ كُلٌّ مِنْ أَبَوَيْهِ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَكُنْ فِي مَسْجِدٍ)

ص: 343

وَيَطِيرُ كَصَقْرٍ وَبَازٍ فَلَا يُسَنُّ قَتْلُهُ وَلَا يُكْرَهُ، وَمِنْهُ مَا لَا يَظْهَرُ فِيهِ نَفْعٌ وَلَا ضَرَرَ كَخَنَافِسَ وَجِعْلَانٍ وَسَرَطَانٍ وَرَخَمَةٍ فَيُكْرَهُ قَتْلُهُ، وَيَحْرُمُ قَتْلُ النَّمْلِ السُّلَيْمَانِيِّ وَالنَّحْلِ وَالْخُطَّافِ وَالضُّفْدُعُ وَالْهُدْهُدُ وَالْقِرْدُ، أَمَّا غَيْرُ السُّلَيْمَانِيِّ وَهُوَ الصَّغِيرُ الْمُسَمَّى بِالذَّرِّ فَيَجُوزُ قَتْلُهُ بِغَيْرِ الْإِحْرَاقِ كَمَا فِي الْمُهِمَّاتِ عَنْ الْبَغَوِيّ وَالْخَطَّابِيِّ، وَكَذَا بِالْإِحْرَاقِ إنْ تَعَيَّنَ طَرِيقًا لِدَفْعِهِ، وَخَرَجَ مَا تَوَلَّدَ بَيْنَ وَحْشِيٍّ غَيْرِ مَأْكُولٍ وَإِنْسِيٍّ مَأْكُولٍ كَمُتَوَلِّدٍ بَيْنَ ذِئْبٍ وَشَاةٍ، وَمَا تَوَلَّدَ بَيْنَ غَيْرِ مَأْكُولَيْنِ أَحَدُهُمَا وَحْشِيٍّ كَمُتَوَلِّدٍ بَيْنَ حِمَارٍ وَذِئْبٍ فَلَا يَحْرُمُ التَّعَرُّضُ لِشَيْءٍ مِنْهَا، وَالْمَشْكُوكِ فِي تَوَحُّشِهِ أَوْ أَكْلِهِ أَوْ أَكَلَ أَوْ تَوَحَّشَ أَحَدُ أُصُولِهِ نَعَمْ يُنْدَبُ فِدَاؤُهُ (وَكَذَا يَحْرُمُ ذَلِكَ) الِاصْطِيَادُ الْمَذْكُورُ (فِي الْحَرَمِ عَنْ الْحَلَالِ) وَلَوْ كَافِرًا مُلْتَزِمًا لِلْإِجْمَاعِ الْمُسْتَنِدِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ} [المائدة: 96] أَيْ أَخْذُهُ " مَا دُمْتُمْ حُرُمًا وَلِمَا صَحَّ مِنْ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ «إنَّ هَذَا الْبَلَدَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللَّهِ، لَا يُعْضَدُ شَجَرُهُ وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهُ» الْحَدِيثَ، وَقِيسَ بِمَكَّةَ بَاقِي الْحَرَمِ وَبِالتَّنْفِيرِ غَيْرُهُ مِنْ نَحْوِ الْإِمْسَاكِ وَالْجَرْحِ بِالْأَوْلَى.

(فَإِنْ أَتْلَفَ) مَنْ حَرُمَ عَلَيْهِ مَا ذُكِرَ (صَيْدًا) مِمَّا ذُكِرَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَمْلُوكًا (ضَمِنَهُ) بِمَا يَأْتِي لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا} [المائدة: 95] الْآيَةَ، وَقِيسَ بِالْمُحْرِمِ الْحَلَالِ فِي الْحَرَمِ، وَلَا فَرْقَ فِي الضَّمَانِ بَيْنَ النَّاسِي لِلْإِحْرَامِ أَوْ كَوْنِهِ فِي الْحَرَمِ وَجَاهِلِ الْحُرْمَةِ وَإِنْ عُذِرَ بِقُرْبِ إسْلَامٍ أَوْ نَحْوِهِ، وَقَيَّدَ الْمُتَعَمِّدَ فِي الْآيَةِ وَمِنْكُمْ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ فَيَحْرُمَ التَّعَرُّضُ لِشَيْءٍ مِنْ أَجْزَائِهِ مِنْ لَبَنٍ وَبَيْضٍ وَشَعْرٍ وَيَضْمَنُهَا بِالْقِيمَةِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ فِي وَرَقِ شَجَرِ الْحَرَمِ جَزَاءً؛ لِأَنَّهُ لَا يَضُرُّ الشَّجَرَ، وَجَزُّ الشَّعْرِ يَضُرُّ الْحَيَوَانَ فِي الْحَرِّ وَالْبَرْدِ، وَلَوْ حَصَلَ مَعَ تَعَرُّضِهِ لِنَحْوِ اللَّبَنِ نَقْصٌ فِي الصَّيْدِ ضَمِنَهُ أَيْضًا، فَقَدْ سُئِلَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه عَمَّنْ حَلَبَ عَنْزًا مِنْ الظِّبَاءِ وَهُوَ مُحْرِمٌ فَقَالَ: تَقُومُ الْعَنْزُ بِلَبَنٍ وَبِلَا لَبَنٍ وَيَنْظُرُ نَقْصَ مَا بَيْنَهُمَا فَيَتَصَدَّقُ بِهِ وَهَذَا النَّصُّ لَا يَقْتَضِي اخْتِصَاصَ الضَّمَانِ بِحَالَةِ النَّقْصِ كَمَا فَهِمَهُ الْإِسْنَوِيُّ بَلْ هُوَ لِبَيَانِ كَيْفِيَّةِ التَّقْوِيمِ وَمَعْرِفَةِ الْمَغْرُومِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ الشَّارِحُ فِيمَا مَرَّ فِي الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: فَلَا يُسَنُّ قَتْلُهُ وَلَا يُكْرَهُ) أَيْ فَيَكُونُ مُبَاحًا (قَوْلُهُ: فَيُكْرَهُ قَتْلُهُ) قَضِيَّتُهُ جَوَازُ قَتْلِ الْكَلْبِ الَّذِي لَا نَفْعَ فِيهِ وَلَا ضَرَرَ، وَالْمُعْتَمَدُ عِنْدَ الشَّارِحِ حُرْمَةُ قَتْلِهِ، وَعِبَارَتُهُ فِي بَابِ التَّيَمُّمِ نَصُّهَا: وَخَرَجَ بِالْمُحْتَرَمِ الْحَرْبِيُّ وَالْمُرْتَدُّ وَالزَّانِي الْمُحْصَنُ وَتَارِكُ الصَّلَاةِ وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ، وَأَمَّا غَيْرُ الْعَقُورِ فَمُحْتَرَمٌ لَا يَجُوزُ قَتْلُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَمِثْلُ غَيْرِ الْعَقُورِ الْهِرَّةُ فَيَحْرُمُ قَتْلُهَا (قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ قَتْلُ النَّمْلِ السُّلَيْمَانِيِّ) هَذَا الْقِسْمُ لَمْ يُجْعَلُ لَهُ ضَابِطًا يُعْلَمُ مِنْهُ كُلُّ مَا يَحْرُمُ، بَلْ قَضِيَّةُ التَّقْسِيمِ السَّابِقِ عَدَمُ حُرْمَةِ قَتْلِ مَا ذُكِرَ إذْ غَايَتُهُ أَنَّهُ لَا نَفْعَ فِيهِ وَلَا ضَرَرَ وَقَدْ جَعَلَ قَتْلَهُ مَكْرُوهًا (قَوْلُهُ: وَالْخُطَّافِ) أَيْ الْمُسَمَّى بِعُصْفُورِ الْجَنَّةِ (قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ قَتْلُهُ) بَلْ يُنْدَبُ لِكَوْنِهِ مِنْ الْمُؤْذِيَاتِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: نَعَمْ يُنْدَبُ فِدَاؤُهُ) أَيْ بِمِثْلِهِ إنْ كَانَ لَهُ مِثْلٌ وَإِلَّا فَبِقِيمَتِهِ عَلَى مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: لَا يُعْضَدُ شَجَرُهُ) أَيْ لَا يُقْطَعُ، قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: يُقَالُ عَضَدَ الشَّجَرَ مِنْ بَابِ ضَرَبَ قَطَعَهُ وَعَضَّدَهُ مِنْ بَابِ نَصَرَ أَعَانَهُ.

(قَوْلُهُ: وَيَضْمَنُهَا بِالْقِيمَةِ) هَذَا وَاضِحٌ فِيمَا لَهُ قِيمَةٌ، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ قِيمَةٌ هَلْ تَسْقُطُ أَوْ لَا؟ الظَّاهِرُ الْأَوَّلُ، وَيَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ قِيمَتُهُ فِي مَحَلِّ الْإِتْلَافِ وَزَمَانِهِ (قَوْلُهُ: وَمَعْرِفَةُ الْمَغْرُومِ) أَيْ فَلَوْ لَمْ تَنْقُصْ الْأُمُّ قُوِّمَ اللَّبَنُ مُسْتَقِلًّا وَغَرِمَ قِيمَتَهُ.

ــ

[حاشية الرشيدي]

لَيْسَ مِنْ جُمْلَةِ مَا صَرَّحَ بِهِ كَلَامُهُمْ الْمَذْكُورُ وَإِنَّمَا هُوَ تَقْيِيدٌ لَهُ مِنْ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: لِلْإِجْمَاعِ الْمُسْتَنِدِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ} [المائدة: 96] إلَخْ) هُوَ دَلِيلٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا مَرَّ الْخَامِسُ اصْطِيَادُ كُلِّ مَأْكُولٍ إلَخْ، وَقَوْلُهُ لِمَا صَحَّ مِنْ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم إلَخْ دَلِيلٌ لِقَوْلِهِ وَيَحْرُمُ ذَلِكَ فِي الْحَرَمِ عَلَى الْحَلَالِ.

(قَوْلُهُ: لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ} [المائدة: 95] إلَخْ) لَيْسَ فِيهِ دَلِيلٌ لِلْحَلَالِ بِالْحَرَمِ، فَهُوَ إنَّمَا قِيسَ عَلَى الْمُحْرِمِ كَمَا يَأْتِي وَبِهِ تَعْلَمُ مَا فِي كَلَامِهِ الْآتِي (قَوْلُهُ: وَمِنْكُمْ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ) أَيْ وَإِلَّا فَالْكَافِرُ حُكْمُهُ كَذَلِكَ كَمَا مَرَّ، وَصَرَّحَ الشِّهَابُ حَجّ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِهِ كَالشَّارِحِ وَمِنْكُمْ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ

ص: 344

وَمَحَلُّ ضَمَانِ الْبَيْضِ مَا لَمْ يَكُنْ مَذَرًا أَوْ مَذَرًا مِنْ النَّعَامِ، وَإِنْ كَانَ مَذَرًا مِنْهُ ضَمِنَ قِشْرَهُ؛ لِأَنَّ لَهُ قِيمَةً إذْ يُنْتَفَعُ بِهِ، بِخِلَافِ الْمَذَرِ مِنْ غَيْرِهِ، وَلَوْ كَسَرَهُ عَنْ فَرْخٍ فَمَاتَ وَجَبَ مِثْلُهُ مِنْ النَّعَمِ أَوْ طَارَ وَسَلِمَ لَمْ يَجِبْ شَيْءٌ، وَلَوْ نَفَّرَهُ عَنْ بَيْضِهِ أَوْ أَحْضَنَ بَيْضَهُ دَجَاجَةٌ وَفَسَدَ بِبَعْضِ الصَّيْدِ ضَمِنَهُ حَتَّى لَوْ تَفَرَّخَ كَانَ مِنْ ضَمَانِهِ حَتَّى يَمْتَنِعَ، فَإِنْ كَانَ الصَّيْدُ مَمْلُوكًا لَزِمَهُ مَعَ الضَّمَانِ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى الضَّمَانُ لِلْآدَمِيِّ وَإِنْ أَخَذَهُ مِنْهُ بِرِضَاهُ كَعَارِيَّةٍ، لَكِنَّ الْمَغْرُومَ لِحَقِّ اللَّهِ مَا يَأْتِي مِنْ الْمِثْلِ ثُمَّ الْقِيمَةِ، وَالْمَغْرُومُ لِحَقِّ الْآدَمِيِّ الْقِيمَةُ مُطْلَقًا.

وَقَدْ أَلْغَزَ ابْنُ الْوَرْدِيِّ بِذَلِكَ فَقَالَ:

عِنْدِي سُؤَالٌ حَسَنٌ مُسْتَظْرَفٌ

فَرْعٌ عَلَى أَصْلَيْنِ قَدْ تَفَرَّعَا

قَابِضُ شَيْءٍ بِرِضَا مَالِكِهِ

وَيَضْمَنُ الْقِيمَةَ وَالْمِثْلَ مَعًا

وَخَرَجَ بِمَا مَرَّ الصَّيْدُ الْمَمْلُوكُ فِي الْحَرَمِ بِأَنْ صَادَهُ فِي الْحِلِّ فَمَلَكَهُ ثُمَّ دَخَلَ بِهِ الْحَرَمَ فَلَا يَحْرُمُ عَلَى حَلَالٍ، التَّعَرُّضُ لَهُ بِبَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِمَا مِنْ أَكْلٍ أَوْ ذَبْحٍ، بِخِلَافِ الْمُحْرِمِ لِإِحْرَامِهِ، وَيَزُولُ مِلْكُ الْمُحْرِمِ عَنْ صَيْدٍ أَحْرَمَ وَهُوَ فِي مِلْكِهِ بِإِحْرَامِهِ فَيَلْزَمُهُ إرْسَالُهُ، وَإِنْ تَحَلَّلَ حَتَّى لَوْ قَتَلَهُ بَعْدَ التَّحَلُّلِ ضَمِنَهُ وَيَصِيرُ مُبَاحًا فَلَا غُرْمَ لَهُ إذَا قَتَلَ أَوْ أَرْسَلَ، وَمَنْ أَخَذَهُ وَلَوْ قَبْلَ إرْسَالِهِ وَلَيْسَ مُحْرِمًا مَلَكَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُرَادُ لِلدَّوَامِ فَتَحْرُمُ اسْتِدَامَتُهُ كَاللِّبَاسِ بِخِلَافِ النِّكَاحِ وَلَوْ مَاتَ فِي يَدِهِ ضَمِنَهُ وَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ إرْسَالِهِ إذَا كَانَ يُمْكِنُهُ إرْسَالُهُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ، وَلَوْ أَحْرَمَ أَحَدُ مَالِكَيْهِ تَعَذَّرَ إرْسَالُهُ فَيَلْزَمُهُ رَفْعُ يَدِهِ عَنْهُ.

قَالَ الْإِمَامُ: وَلَمْ يُوجِبُوا عَلَيْهِ السَّعْيَ فِي مِلْكِ نَصِيبِ شَرِيكِهِ لِيُطْلِقَهُ لَكِنْ تَرَدَّدُوا فِي أَنَّهُ لَوْ تَلِفَ هَلْ يَضْمَنُ نَصِيبَهُ اهـ.

تَرَدَّدَ الزَّرْكَشِيُّ فِيمَا لَوْ كَانَ يَمْلِكُ الصَّبِيُّ صَيْدًا هَلْ يَلْزَمُ الْوَلِيَّ إرْسَالُهُ وَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ كَمَا يَغْرَمُ قِيمَةَ النَّفَقَةِ الزَّائِدَةِ بِالسَّفَرِ؟ وَالْأَوْجَهُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ مَحْظُورَاتِ إحْرَامِهِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ إرْسَالُهُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ مَذَرًا مِنْهُ) أَيْ مِنْ النَّعَامِ (قَوْلُهُ: أَوْ طَارَ وَسَلِمَ لَمْ يَجِبْ شَيْءٌ) أَيْ بَدَلَ الْفَرْخِ أَمَّا الْبَيْضُ فَإِنْ كَانَ مِنْ النَّعَامِ ضَرَّ قِشْرَهُ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: حَتَّى يَمْتَنِعَ) أَيْ يَسْتَقِلَّ بِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ فَرْعٌ عَلَى أَصْلَيْنِ) أَيْ قَاعِدَتَيْنِ (قَوْلُهُ: حَتَّى لَوْ قَتَلَهُ بَعْدَ التَّحَلُّلِ) وَانْظُرْ هَلْ يَصِيرُ مَيْتَةً كَمَذْبُوحِ الْمُحْرِمِ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِانْتِفَاءِ إحْرَامِ الذَّابِحِ وَكَوْنِ الصَّيْدِ لَيْسَ حَرَمِيًّا (قَوْلُهُ: فَتَحْرُمُ اسْتِدَامَتُهُ) أَيْ بِإِحْرَامِ مَالِكِهِ فَلَا غُرْمَ بِإِرْسَالِ غَيْرِهِ لَهُ أَوْ قَتْلِهِ (قَوْلُهُ فَيَلْزَمُهُ رَفْعُ يَدِهِ عَنْهُ) أَيْ وَعَلَيْهِ فَالْقِيَاسُ أَنَّ الشَّرِيكَ غَيْرَ الْمُحْرِمِ لَهُ الِاسْتِيلَاءُ عَلَيْهِ بِتَمَامِهِ فَيَمْلِكُهُ وَيَتَصَرَّفُ فِيهِ بِمَا أَرَادَ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ قَبْلُ وَمَنْ أَخَذَهُ وَلَوْ قَبْلَ إرْسَالِهِ وَلَيْسَ مُحْرِمًا مَلَكَهُ وَأَمَّا لَوْ اسْتَوْلَى عَلَيْهِ غَيْرُ الشَّرِيكِ فَيَصِيرُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشَّرِيكِ الْقَدِيمِ (قَوْلُهُ فِي مِلْكِ نَصِيبِ شَرِيكِهِ) بِأَنْ يَتَمَلَّكَهُ مِنْهُ (قَوْلُهُ لِيُطْلِقَهُ) أَيْ مَالِكُهُ (قَوْلُهُ: هَلْ يَضْمَنُ نَصِيبَهُ) الظَّاهِرُ عَدَمُ الضَّمَانِ لِعَدَمِ اسْتِيلَائِهِ عَلَى حِصَّةِ شَرِيكِهِ لَكِنْ قَالَ سَمِّ عَلَى حَجّ مَا نَصُّهُ: قَالَ الشَّارِحُ فِي شَرْحِهِ: وَاَلَّذِي يَتَّجِهُ تَرْجِيحُهُ مِنْهُ أَخْذًا مِمَّا قَرَّرْته آنِفًا أَنَّهُ يَضْمَنُ نَصِيبَهُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ يُمْكِنُهُ إزَالَةُ مِلْكِهِ عَنْ نَصِيبِهِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ، وَتَعْبِيرُ الْإِمَامِ بِلُزُومِ الدَّفْعِ يَقْتَضِي ذَلِكَ، إذْ الْأَصْلُ فِي مُبَاشَرَةِ مَا لَا يَجُوزُ الْفِدْيَةُ، وَلَا نَظَرَ لِمَا ذَكَرَ مِنْ عَدَمِ تَأَتِّي إطْلَاقِ حِصَّتِهِ عَلَى مَا بَقِيَ؛ لِأَنَّهُ كَانَ يُمْكِنُهُ إزَالَةُ مِلْكِهِ عَنْ نَصِيبِهِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ وَلَوْ بِنَحْوِ وَقْفِهِ فَلَا يُقَالُ قَدْ لَا يَجِدُ مَنْ يَهَبُهُ لَهُ أَوْ يَرْضَى بِشِرَائِهِ مَثَلًا.

(قَوْلُهُ: وَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُرْسِلْهُ؛ لِأَنَّهُ سَبَبٌ فِي خُرُوجِهِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

لَكِنْ لَك مَنْعُهُ بِأَنَّ الْآيَةَ فِي خُصُوصِ الْمُحْرِمِ وَعَامَّةٌ فِي صَيْدِ الْحَرَمِ وَغَيْرِهِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَيَصِيرُ مُبَاحًا) يَعْنِي يَسْتَمِرُّ عَلَى إبَاحَتِهِ الْمُسْتَصْحَبَةِ مِنْ حَالِ الْإِحْرَامِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَا يُرَادُ لِلدَّوَامِ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ فَيَلْزَمُهُ إرْسَالُهُ

ص: 345

وَيَغْرَمُ قِيمَتُهُ؛ لِأَنَّهُ الْمُوَرِّطُ لَهُ فِي ذَلِكَ وَمَنْ مَاتَ عَنْ صَيْدٍ وَلَهُ قَرِيبٌ مُحْرِمٌ وَرِثَهُ كَمَا يَمْلِكُهُ بِالرَّدِّ بِالْعَيْبِ، وَلَا يَزُولُ مِلْكُهُ عَنْهُ إلَّا بِإِرْسَالِهِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَيَجِبُ إرْسَالُهُ كَمَا لَوْ أَحْرَمَ وَهُوَ فِي مِلْكِهِ، وَلَوْ بَاعَهُ صَحَّ وَضَمِنَ الْجَزَاءَ مَا لَمْ يُرْسِلْ حَتَّى لَوْ مَاتَ فِي يَدِ الْمُشْتَرَى لَزِمَ الْبَائِعَ الْجَزَاءُ، وَفَرَّقَ ابْنُ الْمُقْرِي بَيْنَ مَا كَانَ فِي مِلْكِهِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ حَيْثُ تَوَقَّفَ عَلَى الْإِرْسَالِ بِأَنَّهُ دَخَلَ فِي مِلْكِهِ قَهْرًا بِالْإِرْثِ فَلَا يَزُولُ قَهْرًا، وَدُخُولُهُ فِي الْإِحْرَامِ رِضًا بِزَوَالِ مِلْكِهِ.

وَمَا اعْتَرَضَ بِهِ الْجَوْجَرِيُّ مِنْ كَوْنِ الْمَمْلُوكِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ بِالْإِرْثِ يَزُولُ مِلْكُهُ عَنْهُ بِالْإِحْرَامِ قَهْرًا مَعَ أَنَّهُ دَخَلَ فِي مِلْكِهِ قَهْرًا، فَكَوْنُهُ فِي الْإِحْرَامِ لَا تَأْثِيرَ لَهُ، وَمِنْ أَنَّ دُخُولَهُ فِي الْإِحْرَامِ رِضًا بِزَوَالِ مِلْكِهِ عَمَّا فِي مِلْكِهِ وَعَمَّا سَيَمْلِكُهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ يُرَدُّ بِمَنْعِ مَا ذَكَرَهُ إذْ الِابْتِدَاءُ أَقْوَى مِنْ الدَّوَامِ، فَكَانَ ابْتِدَاءُ طُرُوُّ الْإِحْرَامِ عَلَى الْمَمْلُوكِ وَلَوْ بِالْإِرْثِ مُزِيلًا لِمِلْكِهِ؛ لِأَنَّهُ أَقْوَى مِنْهُ، بِخِلَافِ مَا تَجَدَّدَ حَالَ الْإِحْرَامِ بِنَحْوِ الْإِرْثِ فَإِنَّ الْإِحْرَامَ ضَعْفٌ عَنْ مَنْعِ دُخُولِهِ فِي الْمِلْكِ فَلْيَضْعُفَ عَنْ إزَالَةِ الْمِلْكِ بَعْدَ وُجُودِهِ بِالْأَوْلَى.

وَقَوْلُهُ دُخُولُهُ فِي الْإِحْرَامِ إلَخْ مَمْنُوعٌ أَيْضًا إذْ مَا سَيَمْلِكُهُ غَيْرُ مُحَقَّقٍ وَلَا مَظْنُونٍ غَالِبًا فَلَا أَثَرَ لِهَذَا الرِّضَا إنْ سَلِمَ وُجُودُهُ، وَكَمَا مَنَعَ الْإِحْرَامُ دَوَامَ الْمِلْكِ يَمْنَعُ ابْتِدَاءَهُ اخْتِيَارًا كَشِرَاءٍ وَهِبَةٍ وَقَبُولِ وَصِيَّةٍ وَحِينَئِذٍ فَيَضْمَنُهُ بِقَبْضٍ نَحْوَ شِرَاءٍ أَوْ عَارِيَّةٍ أَوْ وَدِيعَةٍ لَا نَحْوَ هِبَةٍ، ثُمَّ إنْ أَرْسَلَهُ ضَمِنَ قِيمَتَهُ لِلْمَالِكِ وَسَقَطَ الْجَزَاءُ بِخِلَافِهِ فِي الْهِبَةِ لَا ضَمَانَ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ الْفَاسِدَ كَالصَّحِيحِ فِي الضَّمَانِ، وَالْهِبَةُ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ، وَإِنْ رَدَّهُ لِمَالِكِهِ سَقَطَتْ الْقِيمَةُ وَضَمِنَهُ بِالْجَزَاءِ حَتَّى يُرْسِلَهُ فَيَسْقُطَ ضَمَانُ الْجَزَاءِ، وَلَوْ بَاعَهُ ثُمَّ أَحْرَمَ ثُمَّ أَفْلَسَ الْمُشْتَرِي لَمْ يَكُنْ لَهُ الرُّجُوعُ فِيهِ لَكِنْ يَبْقَى حَقُّهُ حَتَّى يَتَحَلَّلَ فَحِينَئِذٍ يَرْجِعُ فِيهِ كَمَا نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ فَيَكُونَ تَعَذُّرُ الرُّجُوعِ فِي الْحَالِ عُذْرًا فِي التَّأْخِيرِ، وَعَلَيْهِ لَوْ وَجَدَ الْمُحْرِمُ بِثَمَنِ الصَّيْدِ الَّذِي بَاعَهُ قَبْلُ عَيْبًا كَانَ لَهُ الرَّدُّ بَعْدَ تَحَلُّلِهِ، وَشَرْطُ الضَّمَانِ فِيمَا مَرَّ بِمُبَاشَرَةٍ أَوْ غَيْرِهَا عَلَى خِلَافِ الْقَاعِدَةِ فِي خِطَابِ الْوَضْعِ كَوْنُ الصَّائِدِ مُمَيِّزًا لِيَخْرُجَ الْمَجْنُونُ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالنَّائِمُ وَالطِّفْلُ الَّذِي لَا يُمَيِّزُ، وَمَنْ انْقَلَبَ عَلَى فَرْخٍ وَضَعَهُ الصَّيْدُ فِي فِرَاشِهِ جَاهِلًا بِهِ وَأَتْلَفَهُ.

وَالسَّبَبُ فِي خُرُوجِ ذَلِكَ عَنْ الْقَاعِدَةِ الْمَذْكُورَةِ أَنَّهُ حَقُّ اللَّه تَعَالَى فَفَرَّقَ بَيْنَ مَنْ هُوَ مِنْ أَهْلِ التَّمْيِيزِ وَغَيْرِهِ، وَمَعْنَى كَوْنِهِ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى: أَيْ أَصَالَةً وَفِي بَعْضِ حَالَاتِهِ، إذْ مِنْهَا الصِّيَامُ فَلَا نَظَرَ لِكَوْنِ الْفِدْيَةِ تُصْرَفُ لِلْفُقَرَاءِ، ثُمَّ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

عَنْ مِلْكِهِ بِالْإِحْرَامِ (قَوْلُهُ: وَمَنْ مَاتَ) أَيْ شَخْصٌ غَيْرُ مُحْرِمٍ (قَوْلُهُ: وَرِثَهُ) أَيْ الْمُحْرِمُ (قَوْلُهُ: حَيْثُ تَوَقَّفَ إلَخْ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَتَوَقَّفْ زَوَالُ مِلْكِهِ عَلَى إرْسَالٍ، بِخِلَافِ مَا لَوْ دَخَلَ فِي مِلْكِهِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ حَيْثُ إلَخْ، وَلَعَلَّ فِي الْعِبَارَةِ سَقْطًا، وَالْأَصْلُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ حَيْثُ لَمْ يَتَوَقَّفْ زَوَالُ مِلْكِهِ عَلَى إرْسَالٍ وَبَيْنَ مَا دَخَلَ فِي مِلْكِهِ وَهُوَ مُحْرِمٌ (قَوْلُهُ: وَمَا اعْتَرَضَ بِهِ) أَيْ عَلَى الْفَرْقِ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ لَوْ وَجَدَ الْمُحْرِمُ بِثَمَنِ الصَّيْدِ) : أَيْ الْمُعَيَّنِ فِي الْعَقْدِ أَمَّا مَا فِي الذِّمَّةِ فَلَا يَتَوَقَّفُ رَدُّهُ عَلَى التَّحَلُّلِ، وَلَيْسَ رَدُّهُ فَوْرِيًّا؛ لِأَنَّ مَا فِي الذِّمَّةِ لَا يُمْلَكُ إلَّا بِالتَّرَاضِي (قَوْلُهُ: وَضْعُهُ الصَّيْدَ فِي فِرَاشِهِ) أَيْ أَوْ وَقَعَ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ: وَفِي بَعْضِ حَالَاتِهِ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ كَيْفَ كَانَ الصَّيْدُ حَقًّا لِلَّهِ مَعَ أَنَّ بَدَلَهُ يُصْرَفُ لِلْفُقَرَاءِ؟ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ وَجَبَ أَصَالَةً لِلَّهِ تَعَالَى وَقَدْ جَعَلَهُ الشَّارِعُ لِلْفُقَرَاءِ فَكَأَنَّهُ تَعَالَى أَمَرَ بِدَفْعِ مَا مَلَكَهُ لِلْفُقَرَاءِ، وَمِنْ ثَمَّ لَا يَسْقُطُ بِإِسْقَاطِهِمْ كَالْوَكِيلِ فِي الْقَبْضِ إذَا أَسْقَطَ الدَّيْنَ عَنْ الْمَدِينِ، وَهَذَا الْجَوَابُ يَطَّرِدُ فِي كُلِّ مَا وَجَبَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ أَحْرَمَ وَهُوَ فِي مِلْكِهِ) التَّشْبِيهُ فِي مُجَرَّدِ وُجُوبِ الْإِرْسَالِ (قَوْلُهُ حَتَّى لَوْ مَاتَ فِي يَد الْمُشْتَرِي لَزِمَ الْبَائِعَ الْجَزَاءُ) كَأَنَّ هَذِهِ الْغَايَةَ بَيَانٌ لِلْمُرَادِ مِنْ الضَّمَانِ الْمَذْكُورِ قَبْلَهَا فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَحِينَئِذٍ فَيَضْمَنُهُ بِقَبْضٍ بِنَحْوِ شِرَاءٍ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَإِنْ قَبَضَهُ بِشِرَاءٍ أَوْ عَارِيَّةٍ أَوْ وَدِيعَةٍ لَا هِبَةٍ وَأَرْسَلَهُ ضَمِنَ قِيمَتَهُ لِلْمَالِكِ وَإِنْ رَدَّهُ لِمَالِكِهِ سَقَطَتْ الْقِيمَةُ لَا الْجَزَاءُ مَا لَمْ يُرْسِلْ انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ: بِثَمَنِ الصَّيْدِ) أَيْ الْمُعَيَّنِ (قَوْلُهُ: مِنْهَا الصِّيَامُ) بَيَانٌ لِبَعْضِ حَالَاتِهِ

ص: 346

ضَمَانُ السَّيِّدِ هُنَا: إمَّا بِمُبَاشَرَةٍ أَوْ سَبَبٍ أَوْ وَضْعِ يَدٍ، فَالْأَوَّلُ كَالْقَتْلِ وَنَحْوِهِ، وَالثَّانِي هُوَ مَا أَثَّرَ فِي التَّلَفِ وَلَمْ يُحَصِّلْهُ فَيَضْمَنَ مَا تَلِفَ مِنْ الصَّيْدِ بِنَحْوِ صِيَاحِهِ أَوْ وُقُوعِ حَيَوَانٍ أَصَابَهُ سَهْمٌ عَلَيْهِ أَوْ وُقُوعِهِ بِشَبَكَةٍ نَصَبَهَا فِي الْحَرَمِ أَوْ وَهُوَ مُحْرِمٌ وَإِنْ نَصَبَهَا بِمِلْكِهِ أَوْ وَقَعَ الصَّيْدُ بِهَا بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ بَعْدَ التَّحَلُّلِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْبَغَوِيّ، قَالَ لِتَعَدِّيهِ حَالَ نَصْبِهَا، وَأَخَذَ مِنْهُ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ لَوْ نَصَبَهَا بِغَيْرِ الْحَرَمِ وَهُوَ حَلَالٌ لَمْ يَضْمَنْ مَا تَلِفَ بِهَا وَإِنْ أَحْرَمَ؛ وَلَوْ أَرْسَلَ مُحْرِمٌ كَلْبًا مُعَلَّمًا عَلَى صَيْدٍ أَوْ حَلَّ رِبَاطَهُ وَالسَّيِّدُ حَاضِرٌ ثُمَّ أَوْ غَائِبٌ ثُمَّ ظَهَرَ فَقَتَلَهُ ضَمِنَ كَحَلَالٍ فَعَلَ ذَلِكَ فِي الْحَرَمِ، وَكَذَا يَضْمَنُ لَوْ انْحَلَّ رِبَاطُهُ بِتَقْصِيرِهِ فِي الرَّبْطِ فَقَتَلَ صَيْدًا حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا ثُمَّ ظَهَرَ، وَفَارَقَ مَا ذُكِرَ عَدَمَ الضَّمَانِ بِإِرْسَالِ الْكَلْبِ لِقَتْلِ آدَمِيٍّ بِأَنَّ الْكَلْبَ مُعَلَّمٌ لِلِاصْطِيَادِ فَاصْطِيَادُهُ بِإِرْسَالِهِ كَاصْطِيَادِهِ بِنَفْسِهِ وَلَيْسَ مُعَلَّمًا لِقَتْلِ الْآدَمِيِّ فَلَمْ يَكُنْ الْقَتْلُ مَنْسُوبًا إلَى الْمُرْسِلِ بَلْ إلَى اخْتِيَارِ الْكَلْبِ، وَلِهَذَا لَوْ أَرْسَلَ كَلْبًا غَيْرَ مُعَلَّمٍ عَلَى صَيْدٍ فَقَتَلَهُ لَمْ يَضْمَنْهُ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْجُرْجَانِيُّ وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَعَزَاهُ إلَى نَصِّهِ فِي الْإِمْلَاءِ، وَحَكَاهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ فَقَطْ، ثُمَّ قَالَ: وَفِيهِ نَظَرٌ وَيَنْبَغِي أَنْ يَضْمَنَهُ؛ لِأَنَّهُ سَبَبٌ اهـ.

قَالَ فِي الْخَادِمِ: قَضِيَّةُ إطْلَاقِ غَيْرِهِمْ التَّسْوِيَةَ بَيْنَ الْمُعَلَّمِ وَغَيْرِهِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ كَلَامِ هَؤُلَاءِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْكَلْبُ ضَارِبًا، وَقَضِيَّةُ الْفَرْقِ السَّابِقِ: أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْكَلْبُ مُعَلَّمًا لِقَتْلِ الْآدَمِيِّ فَأُرْسِلَ عَلَيْهِ فَقَتَلَهُ ضَمِنَ كَالضَّارِي، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَلَوْ اسْتَرْسَلَ كَلْبٌ فَزَادَ عَدْوُهُ بِإِغْرَاءِ مُحْرِمٍ لَمْ يَضْمَنْهُ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الِاسْتِرْسَالِ لَا يَنْقَطِعُ بِالْإِغْرَاءِ وَيَضْمَنُ مَا تَلِفَ مِنْهُ بِحَفْرِ بِئْرٍ حَفَرَهَا وَهُوَ مُحْرِمٌ بِالْحِلِّ أَوْ الْحَرَمِ وَهُوَ مُتَعَدٍّ بِالْحَفْرِ كَأَنْ حَفَرَ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ إذْنِهِ، أَوْ وَهُوَ حَلَالٌ فِي الْحَرَمِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَعَدِّيًا بِهِ كَأَنْ حَفَرَهَا بِمِلْكِهِ، أَوْ مَوَاتٍ؛ لِأَنَّ حُرْمَةَ الْحَرَمِ لَا تَخْتَلِفُ فَصَارَ كَنَصْبِ شَبَكَةٍ فِيهِ فِي مِلْكِهِ، بِخِلَافِ حُرْمَةِ الْمُحْرِمِ فَلَا يَضْمَنُ مَا تَلِفَ مِنْ ذَلِكَ بِمَا حَفَرَهُ خَارِجَ الْحَرَمِ بِغَيْرِ عُدْوَانٍ كَمَا لَوْ تَلِفَ بِهِ بَهِيمَةٌ أَوْ آدَمِيٌّ، وَلَوْ دَلَّ الْمُحْرِمُ آخَرَ عَلَى صَيْدٍ لَيْسَ فِي يَدِهِ فَقَتَلَهُ أَوْ أَعَانَهُ بِآلَةٍ أَوْ نَحْوِهَا أَثِمَ وَلَا ضَمَانَ، أَوْ بِيَدِهِ وَالْقَاتِلُ حَلَالٌ ضَمِنَ الْمُحْرِمُ؛ لِأَنَّ حِفْظَهُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْقَاتِلِ، وَلَوْ رَمَاهُ قَبْلَ إحْرَامِهِ فَأَصَابَهُ بَعْدَهُ أَوْ عَكْسٌ ضَمِنَ تَغْلِيبًا الْإِحْرَامِ فِيهِمَا وَإِنَّمَا أُهْدِرَ مُسْلِمٌ رَمَاهُ فَارْتَدَّ لِتَقْصِيرِهِ، وَلَوْ رَمَى صَيْدًا فَنَفَذَ مِنْهُ إلَى صَيْدٍ آخَرَ ضَمِنَهُمَا وَالثَّالِثُ التَّعَدِّي

ــ

[حاشية الشبراملسي]

لِلَّهِ تَعَالَى مِنْ الْحُقُوقِ الْمَالِيَّةِ كَالزَّكَاةِ وَالْكَفَّارَاتِ وَغَيْرِهِمَا.

(قَوْلُهُ: إمَّا بِمُبَاشَرَةٍ أَوْ سَبَبٍ) أَرَادَ بِهِ مَا يَشْمَلُ الشَّرْطَ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَمْسَكَهُ مُحْرِمٌ حَتَّى قَتَلَهُ حَلَالٌ لَزِمَهُ الْجَزَاءُ وَلَا رُجُوعَ لَهُ بِهِ عَلَى الْقَاتِلِ (قَوْلُهُ: أَصَابَهُ) صِفَةُ حَيَوَانٍ، وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ: أَيْ عَلَى الصَّيْدِ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَوْ نَصَبَهَا بِغَيْرِ الْحَرَمِ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ صَاحَ لِدَفْعِ صَائِلٍ مَثَلًا فَمَاتَ صَيْدٌ أَوْ رَمَى سَهْمًا لِبَعِيرٍ نَدَّ فَوَقَعَ الْبَعِيرُ عَلَى صَيْدٍ فَقَتَلَهُ عَدَمُ الضَّمَانِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ أَوْ وُقُوعُ حَيَوَانٍ أَصَابَهُ سَهْمٌ عَلَيْهِ أَنَّ تِلْكَ مُصَوَّرَةٌ بِمَا إذَا تَعَدَّى الْمُحْرِمُ بِرَمْيِ الْحَيَوَانِ بِالسَّهْمِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي وَلَوْ تَلِفَ بِهِ فِي نِفَارِهِ صَيْدٌ ضَمِنَهُ أَيْضًا، بِخِلَافِ هَذِهِ فَإِنَّهُ لَمْ يَتَعَدَّ فِيهَا بِرَمْيِ السَّهْمِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَحْرَمَ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: فَقَتَلَهُ لَمْ يَضْمَنْهُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: وَعَزَاهُ إلَى نَصِّهِ) أَيْ الشَّافِعِيِّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ اسْتَرْسَلَ كَلْبٌ) أَيْ بِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ أَثِمَ وَلَا ضَمَانَ) عَلَى الدَّالِّ وَالْمُعِينِ.

وَأَمَّا الْمَدْلُولُ وَالْمُعَانُ، فَإِنْ كَانَ مُحْرِمًا ضَمِنَ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: أَوْ بِيَدِهِ) أَيْ الدَّالِّ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: أَوْ سَبَبٍ) مُرَادُهُ بِهِ مَا يَشْمَلُ الشَّرْطَ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ أَمْثِلَتِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُتَعَدٍّ) مَفْهُومُهُ سِيَّمَا مَعَ قَوْلِهِ الْآتِي فِي الْحَلَالِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَعَدِّيًا أَنَّهُ إنْ كَانَ مُحْرِمًا وَحَفَرَ فِي الْحَرَمِ لَا يَضْمَنُ إلَّا إذَا كَانَ مُتَعَدِّيًا وَلَيْسَ مُرَادًا إذْ كَيْفَ يَضْمَنُ الْحَلَالُ بِالْحَفْرِ فِي الْحَرَمِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَعَدِّيًا وَلَا يَضْمَنُ الْمُحْرِمُ بِالْحَفْرِ فِي الْحَرَمِ إلَّا مَعَ التَّعَدِّي مَعَ تَعَدُّدِ الْمُقْتَضِي فِيهِ وَسَيَأْتِي

ص: 347

بِوَضْعِ الْيَدِ عَلَيْهِ فَيَضْمَنَ الْمُحْرِمُ صَيْدًا وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ بِتَلَفٍ حَصَلَ لَهُ وَهُوَ فِي يَدِهِ وَلَوْ بِنَحْوِ وَدِيعَةٍ كَالْغَاصِبِ أَوْ بِمَا فِي يَدِهِ كَأَنْ تَلِفَ بِنَحْوِ رَفْسِ مَرْكُوبِهِ كَمَا لَوْ هَلَكَ بِهِ آدَمِيٌّ أَوْ بَهِيمَةٌ، وَلَوْ كَانَ مَعَ الرَّاكِبِ سَائِقٌ وَقَائِدٌ فَالْأَوْجَهُ اخْتِصَاصُ الضَّمَانِ بِالْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْيَدَ لَهُ، وَلَا يَضْمَنَ مَا تَلِفَ بِإِتْلَافِ بَعِيرِهِ وَإِنْ فَرَّطَ أَخْذًا مِمَّا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَأَقَرَّهُ، أَنَّهُ لَوْ حَمَلَ مَا يُصَادُ بِهِ فَانْفَلَتَ بِنَفْسِهِ وَقُتِلَ لَمْ يَضْمَنْ، وَإِنْ فَرَّطَ وَفَارَقَ انْحِلَالَ رِبَاطِ الْكَلْبِ بِتَقْصِيرِهِ بِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ الرَّبْطِ غَالِبًا دَفْعُ الْأَذَى فَإِذَا انْحَلَّ بِتَقْصِيرِهِ فَوَّتَ الْغَرَضَ بِخِلَافِ حَمْلِهِ، وَلَوْ رَمَاهُ بِسَهْمٍ فَأَخْطَأَهُ أَوْ أَرْسَلَ عَلَيْهِ كَلْبًا فَلَمْ يَقْتُلْهُ أَثِمَ وَلَا جَزَاءَ، وَلَوْ كَانَ الْمُتْلِفُ لِمَا فِي يَدِ الْمُحْرِمِ مُحْرِمًا ضَمِنَ وَكَانَ ذُو الْيَدِ طَرِيقًا عَلَى الْأَصَحِّ، بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ حَلَالًا فَإِنَّ الضَّامِنَ وَهُوَ ذُو الْيَدِ وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْمُتْلِفِ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ ضَمَانِ الصَّيْدِ وَلَوْ أُكْرِهَ مُحْرِمٌ عَلَى قَتْلِهِ ضَمِنَهُ وَرَجَعَ بِمَا غَرِمَهُ عَلَى مُكْرِهِهِ وَإِنَّمَا يَضْمَنُ مَا تَلِفَ فِي يَدِهِ إنْ كَانَ أَخَذَهُ لِغَيْرِ مَصْلَحَةِ الصَّيْدِ لَا إنْ أَخَذَهُ لِمَصْلَحَتِهِ كَمُدَاوَاتِهِ أَوْ تَخْلِيصِهِ مِنْ نَحْوِ سَبُعٍ أَوْ هِرَّةٍ اخْتَطَفَتْهُ فَمَاتَ فِي يَدِهِ، قَالَ الرَّافِعِيُّ: لِأَنَّهُ قَصَدَ الْمَصْلَحَةَ فَجُعِلَتْ يَدُهُ يَدَ وَدِيعَةٍ كَمَا لَوْ أَخَذَ الْمَغْصُوبُ مِنْ الْغَاصِبِ لِيَرُدَّهُ إلَى مَالِكِهِ فَتَلِفَ فِي يَدِهِ وَكَانَ الْغَاصِبُ حَرْبِيًّا أَوْ رَقِيقًا لِلْمَالِكِ، وَلَا يُنَافَى هَذَا قَوْلَهُمَا أَنَّ الْوَدِيعَ يَضْمَنُ كَمَا مَرَّ، إذْ مَعْنَى هَذَا أَنَّ قَصْدَهُ مَصْلَحَةَ الصَّيْدِ أَخْرَجَ الْيَدَ عَنْ وَضْعِهَا الْأَصْلِيِّ فِي هَذَا الْبَابِ وَأَلْحَقَهَا بِيَدِ الْوَدِيعِ الْمَبْحُوثِ عَنْهَا فِي بَابِ الْوَدِيعَةِ، فَلَيْسَ مَعْنَى قَوْلِ الرَّافِعِيِّ فَجُعِلَتْ يَدُهُ يَدَ وَدِيعَةٍ أَنَّ يَدَهُ صَارَتْ كَالْيَدِ الْمُسْتَوْدَعَةِ صَيْدًا بَلْ كَالْمُسْتَوْدَعَةِ غَيْرَهُ فِي عَدَمِ الضَّمَانِ لِلْمَعْنَى الْمَذْكُورِ، وَلَا يَضْمَنُ أَيْضًا بِإِتْلَافِهِ لِمَا صَالَ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى غَيْرِهِ لِأَجْلِ دَفْعٍ لَهُ عَنْ نَفْسٍ مُحْتَرَمَةٍ أَوْ عُضْوٍ كَذَلِكَ أَوْ مَالٍ بَلْ أَوْ اخْتِصَاصٍ فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّ الصِّيَالَ أَلْحَقَهُ بِالْمُؤْذِيَاتِ، وَلَوْ قَتَلَهُ لِلدَّفْعِ رَاكِبُهُ الصَّائِلُ عَلَيْهِ ضَمِنَهُ، وَإِنْ كَانَ لَا يُمْكِنُ دَفْعُ رَاكِبِهِ إلَّا بِقَتْلِهِ؛ لِأَنَّ الْأَذَى لَيْسَ مِنْهُ كَمَا فِي إيجَابِ الْفِدْيَةِ بِحَلْقِ شَعْرِ رَأْسِهِ لِإِيذَاءِ الْقُمَّلِ.

نَعَمْ يَرْجِعُ بِمَا غَرِمَهُ عَلَى الرَّاكِبِ وَلَا ضَمَانَ وَلَا إثْمَ بِقَتْلِ جَرَادٍ عَمَّ طَرِيقَهُ، وَلَمْ يَطَأْ إلَّا مَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْ وَطْئِهِ؛ لِأَنَّهُ مُلْجَأٌ إلَى ذَلِكَ فَأَشْبَهَ دَفْعَهُ لِصِيَالِهِ، وَكَالْجَرَادِ مَا لَوْ بَاضَ بِفِرَاشِهِ وَلَمْ يُمْكِنْهُ دَفْعُهُ إلَّا بِالتَّعَرُّضِ لِبَيْضِهِ فَإِذَا نَحَّاهُ وَفَسَدَ لَمْ يَضْمَنْهُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ فَالْأَوْجَهُ اخْتِصَاصُ الضَّمَانِ بِالْأَوَّلِ) أَيْ الرَّاكِبِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَضْمَنُ) أَيْ الْمُحْرِمُ وَقَوْلُهُ لِمَا تَلِفَ: أَيْ مِنْ الصَّيْدِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ فَرَّطَ) أَيْ أَوْ أَغْرَاهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أُكْرِهَ مُحْرِمٌ عَلَى قَتْلِهِ) أَيْ الصَّيْدِ، وَقَوْلُهُ ضَمِنَهُ: أَيْ الْمُحْرِمُ (قَوْلُهُ عَلَى مُكْرِهِهِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ الْمُكْرَهُ حَلَالًا، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا قَبْلَهُ بِمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الْحَلَالَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ ضَمَانِ الصَّيْدِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِي هَذَا) أَيْ عَدَمُ الضَّمَانِ فِيمَا لَوْ أَخَذَ الصَّيْدَ لِمَصْلَحَتِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ اخْتِصَاصٌ) أَيْ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الصِّيَالَ أَلْحَقَهُ بِالْمُؤْذِيَاتِ) وَعَلَيْهِ فَلَوْ كَانَ الْحَيَوَانُ مَأْكُولًا وَصَادَفَ أَنْ دَفَعَهُ بِآلَةٍ قَطَعَتْ حُلْقُومَهُ وَمَرِيئَهُ فَهَلْ يَكُونُ مَيْتَةً أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ ثُمَّ رَأَيْت سَمِّ عَلَى حَجّ تَرَدَّدَ فِي ذَلِكَ وَكَتَبَ عَلَى مَيْتَةٍ مَرَّ، ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَ الشَّارِحِ الْآتِي وَمَذْبُوحُ الْمُحْرِمِ إلَخْ وَمَا يَأْتِي بِهَامِشِهِ عَنْ حَجّ (قَوْلُهُ: نَعَمْ يَرْجِعُ بِمَا غَرِمَهُ عَلَى الرَّاكِبِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الرَّاكِبَ بِصِيَالِهِ أَلْجَأَهُ إلَى قَتْلِ الْمَرْكُوبِ فَيَضْمَنُ (قَوْلُهُ: وَلَا إثْمَ بِقَتْلِ جَرَادٍ) أَيْ وَلَوْ وَجَدَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

أَنَّ حُرْمَةَ الْحَرَمِ لَا تَخْتَلِفُ (قَوْلُهُ فَيَضْمَنُ الْمُحْرِمُ صَيْدًا وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ) أَيْ بِالْجَزَاءِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: أَوْ بِمَا فِي يَدِهِ) لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى بِتَلَفٍ أَوْ وَهُوَ فِي يَدِهِ، وَأَيًّا مَا كَانَ فَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ الصَّيْدَ الَّذِي رَفَسَتْهُ دَابَّتُهُ مَثَلًا إلَّا إنْ كَانَ الصَّيْدُ فِي يَدِهِ أَيْضًا، وَظَاهِرٌ أَنَّ الْحُكْمَ أَعَمُّ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ بِتَلَفٍ إلَخْ تَفْسِيرًا لِوَضْعِ الْيَدِ وَيَدَّعِي أَنَّ رَفْسَ الدَّابَّةِ مَثَلًا وَضْعُ يَدٍ بِالْقُوَّةِ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ: وَيَضْمَنُ الصَّيْدَ بِالْيَدِ أَوْ بِاَلَّذِي فِيهَا انْتَهَتْ

ص: 348

وَمِنْهُ يُؤْخَذُ تَنْفِيرُهُ إذَا أَضَرَّ بِأَكْلِهِ مَتَاعَهُ مَثَلًا أَوْ بِبَوْلِهِ، وَيَضْمَنُ حَلَالٌ فَرْخًا حَبَسَ أُمَّهُ حَتَّى تَلِفَ وَالْفَرْخُ فِي الْحَرَمِ دُونَ أُمِّهِ؛ لِأَنَّ حَبْسَهَا جِنَايَةٌ عَلَيْهِ، وَلَا يَضْمَنُهَا؛ لِأَنَّهُ أَخَذَهَا مِنْ الْحِلِّ أَوْ هِيَ فِي الْحَرَمِ دُونَهُ ضَمِنَهُمَا، أَمَّا هُوَ فَكَمَا لَوْ رَمَاهُ مِنْ الْحَرَمِ إلَى الْحِلِّ، وَأَمَّا هِيَ فَلِكَوْنِهَا فِي الْحَرَمِ وَالْفَرْخُ، مِثَالٌ إذْ كُلُّ صَيْدٍ وَوَلَدُهُ كَذَلِكَ إذَا كَانَ يَتْلَفُ لِانْقِطَاعِ مُتَعَهِّدِهِ وَخَرَجَ بِالْحَلَالِ الْمُحْرِمُ فَيَضْمَنُ مُطْلَقًا، وَلَوْ نَفَّرَ مُحْرِمٌ صَيْدًا وَلَوْ فِي الْحِلِّ أَوْ نَفَّرَهُ حَلَالٌ فِي الْحَرَمِ فَهَلَكَ بِسَبَبِ التَّنْفِيرِ بِنَحْوِ صَدْمَةٍ أَوْ أَخْذِ سَبُعٍ أَوْ قَتْلِ حَلَالٍ لَهُ فِي الْحِلِّ ضَمِنَهُ وَيَسْتَمِرُّ فِي ضَمَانِهِ حَتَّى يَسْكُنَ، وَلَوْ تَلِفَ بِهِ فِي نِفَارِهِ صَيْدٌ آخَرُ ضَمِنَهُ أَيْضًا، وَيَضْمَنُ حَلَالٌ أَيْضًا بِإِرْسَالِهِ وَهُوَ فِي الْحِلِّ إلَى صَيْدٍ فِي الْحِلِّ أَيْضًا سَهْمًا مَرَّ فِي الْحَرَمِ فَأَصَابَهُ وَقَتَلَهُ أَوْ بِإِرْسَالِهِ وَهُمَا فِي الْحِلِّ أَيْضًا كَلْبًا مُعَلَّمًا تَعَيَّنَ الْحَرَمُ عِنْدَ الْإِرْسَالِ لِطَرِيقِهِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ هِيَ الطَّرِيقَ الْمَأْلُوفَةَ؛ لِأَنَّهُ أَلْجَأَهُ إلَى الدُّخُولِ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَتَعَيَّنْ؛ لِأَنَّ لَهُ اخْتِيَارًا وَلَا كَذَلِكَ السَّهْمُ.

وَلَوْ دَخَلَ صَيْدٌ رُمِيَ إلَيْهِ أَوْ إلَى غَيْرِهِ وَهُوَ فِي الْحِلِّ الْحَرَمَ فَقَتَلَهُ السَّهْمُ فِيهِ ضَمِنَهُ، وَكَذَا لَوْ أَصَابَ صَيْدًا فِيهِ كَانَ مَوْجُودًا فِيهِ قَبْلَ رَمْيِهِ إلَى صَيْدٍ فِي الْحِلِّ، وَلَا يَضْمَنُ مُرْسِلُ الْكَلْبِ بِذَلِكَ إلَّا إنْ عَدِمَ الصَّيْدُ مَلْجَأً غَيْرَ الْحَرَمِ عِنْدَ هَرَبِهِ. وَنَقَلَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ لَوْ أَرْسَلَ كَلْبًا أَوْ سَهْمًا مِنْ الْحِلِّ إلَى صَيْدٍ فِيهِ فَوَصَلَ إلَيْهِ فِي الْحِلِّ وَتَحَامَلَ الصَّيْدُ بِنَفْسِهِ أَوْ نَقَلَ الْكَلْبُ لَهُ فِي الْحَرَمِ فَمَاتَ فِيهِ لَمْ يَضْمَنْهُ، وَلَمْ يَحِلَّ أَكْلُهُ احْتِيَاطًا لِحُصُولِ قَتْلِهِ فِي الْحَرَمِ، وَلَوْ رَمَى فِي الْحِلِّ صَيْدًا كُلَّهُ أَوْ قَوَائِمَهُ فِي الْحَرَمِ وَاعْتَمَدَ عَلَيْهَا أَوْ عَكْسَهُ ضَمِنَهُ تَغْلِيبًا لِلْحُرْمَةِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَضْمَنْ مَنْ سَعَى مِنْ الْحَرَمِ إلَى الْحِلِّ أَوْ مِنْ الْحِلِّ إلَى الْحِلِّ، لَكِنْ سَلَكَ فِي أَثْنَاءِ سَعْيِهِ الْحَرَمَ فَقَتَلَ الصَّيْدَ مِنْ الْحِلِّ؛ لِأَنَّ ابْتِدَاءَ الصَّيْدِ مِنْ حِينِ الرَّمْيِ أَوْ نَحْوِهِ لَا مِنْ حِينِ السَّعْيِ، فَإِنْ أَخْرَجَ يَدَهُ مِنْهُ وَنَصَبَ شَبَكَةً لَمْ يَضْمَنْ مَا يَنْعَقِلُ بِهَا، وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ لَوْ أَخْرَجَ يَدَهُ مِنْ الْحَرَمِ وَرَمَى إلَى صَيْدٍ فَقَتَلَهُ لَمْ يَضْمَنْهُ، وَلَا أَثَرَ لِكَوْنِ غَيْرِ قَوَائِمِهِ فِي الْحَرَمِ كَرَأْسِهِ إنْ أَصَابَ مَا فِي الْحِلِّ وَإِلَّا ضَمِنَهُ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ، هَذَا فِي الْقَائِمِ فَغَيْرُهُ الْعِبْرَةُ بِمُسْتَقَرِّهِ، وَلَوْ كَانَ نِصْفُهُ فِي الْحِلِّ وَنِصْفُهُ فِي الْحَرَمِ حَرُمَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

طَرِيقًا غَيْرَهُ عَلَى مَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ يُؤْخَذُ تَنْفِيرُهُ) أَيْ جَوَازُ تَنْفِيرِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: إذَا أَضَرَّ بِأَكْلِهِ مَتَاعَهُ إلَخْ) عِبَارَةُ حَجّ: فِي جُمْلَةِ مَا يَجُوزُ التَّنْفِيرُ لِأَجْلِهِ أَوْ كَانَ يُنَجِّسُ مَتَاعَهُ بِمَا يَنْقُصُ قِيمَتُهُ لَوْ لَمْ يُنَفِّرْهُ، فَأَفْهَمَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ تَنْقُصُ قِيمَتُهُ لَمْ يَجُزْ تَنْفِيرُهُ وَإِطْلَاقُ الشَّارِحِ يُخَالِفُهُ وَفِي سَمِّ عَلَى مَنْهَجٍ فِي أَثْنَاءِ كَلَامٍ مَا نَصُّهُ: وَهَلْ يَلْحَقُ بِذَلِكَ أَيْضًا مَا لَوْ اسْتَوْطَنَ الْمَسْجِدَ الْحَرَام وَصَارَ يُلَوِّثُ الْمَسْجِدَ بِرَوْثِهِ فَيَجُوزُ تَنْفِيرُهُ عَنْ الْمَسْجِدِ صَوْنًا لَهُ عَنْ رَوْثِهِ وَإِنْ عُفِيَ عَنْهُ بِشَرْطِهِ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ اهـ رحمه الله.

أَقُولُ: الْأَقْرَبُ أَنَّهُ كَذَلِكَ وَلَوْ مَعَ الْعَفْوِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ لَا تُوجَدُ شُرُوطُهُ وَتَقْذِيرُ الْمَسْجِدِ مِنْهُ صِيَالٌ عَلَيْهِ فَيُمْنَعَ مِنْهُ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءً أَخَذَ أُمَّهُ مِنْ الْحِلِّ أَوْ الْحَرَمِ كَانَتْ أُمُّهُ فِي الْحَرَمِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَيَسْتَمِرُّ فِي ضَمَانِهِ حَتَّى يَسْكُنَ) أَيْ فَلَوْ انْفَلَتَ وَلَمْ يَعْرِفْ لَهُ حَالًا بَعْدُ فَيَنْبَغِي عَدَمُ الضَّمَانِ لِكَوْنِهِ الْأَصْلَ (قَوْلُهُ: كَلْبًا مُعَلَّمًا) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ بِإِرْسَالِ غَيْرِ الْمُعَلَّمِ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِكَلَامٍ الْمَاوَرْدِيُّ السَّابِقِ وَتَقَدَّمَ مَا فِيهِ مِنْ الْخِلَافِ وَالْمُتَبَادَرُ مِنْهُ عَدَمُ الضَّمَانِ (قَوْلُهُ: ضَمِنَهُ) وَإِنْ أَصَابَهُ السَّهْمُ خَارِجَ الْحَرَمِ (قَوْلُهُ: كَانَ مَوْجُودًا فِيهِ) أَيْ وَاسْتَمَرَّ وَاحْتَرَزَ بِهِ عَمَّا لَوْ رَمَى إلَى صَيْدٍ فِي الْحِلِّ فَدَخَلَ بَعْدَ الرَّمْيِ صَيْدُ الْحَرَمِ فَأَصَابَهُ السَّهْمُ فِي مُرُورِهِ فَلَا ضَمَانَ لِعَدَمِ تَقْصِيرِ الرَّامِي، إلَّا أَنَّ هَذَا يُشْكِلُ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ قَوْلُ الشَّارِحِ فَقَتَلَهُ السَّهْمُ فِيهِ ضَمِنَهُ (قَوْلُهُ تَغْلِيبًا لِلْحُرْمَةِ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: فَقَتَلَهُ السَّهْمُ فِيهِ) إنْ كَانَتْ الصُّورَةُ أَنَّ السَّهْمَ أَصَابَهُ خَارِجَ الْحَرَمِ ثُمَّ دَخَلَ الْحَرَمَ فَسَيَأْتِي فِيمَا نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ، وَإِنْ كَانَتْ الصُّورَةُ أَنَّهُ إنَّمَا أَصَابَهُ فِي الْحَرَمِ فَلَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ أَصْلِهَا لِعِلْمِهَا بِالْأَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ وَيَضْمَنُ حَلَالٌ أَيْضًا بِإِرْسَالِهِ وَهُوَ فِي الْحِلِّ إلَى صَيْدٍ فِي الْحِلِّ أَيْضًا سَهْمًا مَرَّ فِي الْحَرَمِ فَلْتُحَرَّرْ.

ص: 349

كَمَا جَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ تَغْلِيبًا لِلْحُرْمَةِ.

وَيَضْمَنُ الْمُحْرِمُ وَمَنْ بِالْحَرَمِ الصَّيْدَ بِمِثْلِهِ مِنْ النَّعَمِ لَا مِنْ نَوْعِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} [المائدة: 95] وَالْمُرَادُ بِهِ ذَلِكَ تَقْرِيبًا لَا تَحْقِيقًا وَفِي الصُّورَةِ لَا فِي الْقِيمَةِ، فَيَفْدِي الْكَبِيرَ وَالصَّغِيرَ وَالصَّحِيحَ وَالْمَرِيضَ وَالسَّمِينَ وَالْهَزِيلَ وَالْمَعِيبَ بِمِثْلِهِ رِعَايَةً لِلْمُمَاثَلَةِ الَّتِي اقْتَضَتْهَا الْآيَةُ، وَأَيْضًا كَمَا اُعْتُبِرَتْ الْمُمَاثَلَةُ الصُّورِيَّةُ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْأَجْنَاسِ فَكَذَلِكَ تُعْتَبَرُ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْأَسْنَانِ وَالصِّفَاتِ وَلَوْ أَعْوَرَ يَمِينٍ بِيَسَارٍ، وَلَا يُؤَثِّرُ اخْتِلَافُ نَوْعِ الْعَيْبِ، وَيُجْزِئُ الذَّكَرُ عَنْ الْأُنْثَى وَعَكْسُهُ وَالذَّكَرُ أَفْضَلُ، وَفِي الْحَامِلِ حَامِلٌ وَلَا تُذْبَحُ بَلْ تُقَوَّمُ بِمَكَّةَ مَحَلَّ ذَبْحِهَا، وَيَتَصَدَّقُ بِقِيمَتِهَا طَعَامًا أَوْ يَصُومُ عَنْ كُلِّ مُدٍّ يَوْمًا، فَإِنْ أَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا وَمَاتَتْ فَكَقَتْلِ الْحَامِلِ، وَإِنْ عَاشَتْ ضَمِنَ نَقْصَهَا أَوْ حَيًّا أَوْ مَاتَا ضَمِنَهُمَا أَوْ مَاتَ دُونَهَا وَضَمِنَ نَقْصَهَا وَإِذَا تَقَرَّرَ أَنَّ مِثْلَ الصَّيْدِ مِنْ النَّعَمِ يُعْرَفُ إمَّا بِنَصٍّ أَوْ بِحُكْمِ عَدْلَيْنِ مِنْ الصَّحَابَةِ فَمَنْ بَعْدَهُمْ وَاحْتِيجَ إلَى بَيَانِ مَا نُقِلَ إلَيْنَا مِنْ ذَلِكَ (فَفِي) إتْلَافِ (النَّعَامَةِ) بِفَتْحِ النُّونِ ذَكَرًا كَانَتْ أَوْ أُنْثَى (بَدَنَةٌ) كَمَا حَكَمَ بِهِ عُمَرُ وَعَلِيٌّ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَمُعَاوِيَةُ فَلَا تُجْزِئُ بَقَرَةٌ وَلَا سَبْعُ شِيَاهٍ أَوْ أَكْثَرُ؛ لِأَنَّ جَزَاءَ الصَّيْدِ تُرَاعَى فِيهِ الْمُمَاثَلَةُ كَمَا مَرَّ.

(وَفِي) وَاحِدٍ مِنْ (بَقَرِ الْوَحْشِ وَ) فِي وَاحِدٍ مِنْ (حِمَارِهِ) أَيْ الْوَحْشِ (بَقَرَةٌ) أَيْ وَاحِدٌ مِنْ الْبَقَرِ (وَ) فِي (الْغَزَالِ عَنْزٌ) وَهِيَ أُنْثَى الْمَعْزِ الَّتِي تَمَّ لَهَا سَنَةٌ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: وَفِي الظَّبْيِ تَيْسٌ إذْ الْعَنْزُ إنَّمَا هُوَ وَاجِبُ الظَّبْيَةِ: أَيْ أَصَالَةً لَكِنَّهُمْ جَرَوْا فِي التَّعْبِيرِ بِذَلِكَ عَلَى وَفْقِ الْأَثَرِ الْآتِي، وَوَلَدُ الظَّبْيَةِ يُسَمَّى غَزَالًا مِنْ وِلَادَتِهِ إلَى أَنْ يَقْوَى وَيَطْلُعَ قَرْنَاهُ ثُمَّ يُسَمَّى الذَّكَرُ ظَبْيًا وَالْأُنْثَى ظَبْيَةً، وَهُمَا اللَّذَانِ وَاجِبُهُمَا الْعَنْزُ عَلَى مَا تَقَرَّرَ أَمَّا الْغَزَالُ فَوَاجِبُهُ إنْ كَانَ ذَكَرًا جَدْيٌ أَوْ جَفْرٌ عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ جِسْمُ الصَّيْدِ وَإِنْ كَانَ أُنْثَى فَعَنَاقٌ أَوْ جَفْرَةٌ ذَلِكَ لِمَا صَحَّ أَنَّ عُمَرَ قَضَى فِي الْكُلِّ بِذَلِكَ إلَّا الْوَبْرَ فَرَوَى الشَّافِعِيُّ عَنْ عَطَاءٍ وَمُجَاهِدٍ أَنَّهُمَا حَكَمَا فِيهِ بِشَاةٍ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَيْ حُرْمَةِ الْحَرَمِ

(قَوْلُهُ: وَلَا يُؤَثِّرُ اخْتِلَافُ نَوْعِ الْعَيْبِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ اخْتِلَافُ مَحَلِّهِ حَيْثُ اتَّحَدَ نَوْعُهُ. وَعِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ حُرْمَةٌ عَطْفًا عَلَى مَا يُجْزِئُ: وَالْمَعِيبُ بِالْمَعِيبِ إذَا اتَّحَدَ جِنْسُ الْعَيْبِ كَالْعَوَرِ وَإِنْ كَانَ عَوَرُ أَحَدِهِمَا فِي الْيَمِينِ وَالْآخَرُ فِي الْيَسَارِ، وَإِنْ اخْتَلَفَ كَالْعَوَرِ وَالْجَرَبِ فَلَا (قَوْلُهُ: فَكَقَتْلِ الْحَامِلِ) أَيْ فَتُضْمَنُ بِحَامِلٍ مِثْلِهَا لَكِنْ لَا تُذْبَحُ (قَوْلُهُ: أَنَّهُمَا حَكَمَا فِيهِ بِشَاةٍ) ضَعِيفٌ وَيَأْتِي قَرِيبًا أَنَّ فِيهِ جَلُولَاءَ فَمَا نُقِلَ عَنْ عَطَاءٍ وَمُجَاهِدٍ مَذْهَبُهُمَا

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَإِذَا تَقَرَّرَ أَنَّ مِثْلَ الصَّيْدِ مِنْ النَّعَمِ يُعْرَفُ إمَّا بِنَصٍّ إلَخْ) لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ تَقْرِيرُ هَذَا وَهُوَ إنَّمَا سَيَأْتِي بَعْدُ وَعُذْرُهُ أَنَّهُ تَابِعٌ لِلْإِمْدَادِ، لَكِنَّ ذَاكَ قَدْ تَقَدَّمَ لَهُ تَقْرِيرُ هَذَا فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: فَفِي إتْلَافِ النَّعَامَةِ إلَخْ) مُرَادُهُ بِالْإِتْلَافِ هُنَا مَا يَشْمَلُ نَحْوَ التَّلَفِ فِي الْيَدِ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ وَفِي الظَّبْيِ تَيْسٌ إلَخْ) هُوَ تَابِعٌ فِي هَذَا لِلْإِمْدَادِ لَكِنَّ عِبَارَةَ الْإِرْشَادِ: وَفِي الظَّبْيِ عَنْزٌ، وَهِيَ الَّتِي قَالَ الْإِمْدَادُ عَقِبَهَا: وَالْأَوْلَى إلَخْ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ تَابِعٌ فِي هَذِهِ السِّوَادَةِ بِلَفْظِهَا لِلْإِمْدَادِ مَعَ أَنَّ بَعْضَهَا غَيْرُ مُنَاسِبٍ هُنَا وَبَعْضُهَا غَيْرُ صَوَابٍ كَمَا يُعْرَفُ بِالتَّأَمُّلِ.

وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَثَرَ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَفْقَ الْأَثَرِ الْآتِي هُوَ مَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّهُ قَضَى فِي الضَّبُعِ بِكَبْشٍ وَفِي الْغَزَالِ بِعَنْزٍ وَفِي الْأَرْنَبِ بِعَنَاقٍ وَفِي الْيَرْبُوعِ بِجَفَرَةٍ اهـ.

ثُمَّ إنَّهُ تَابِعٌ فِي هَذَا التَّعْبِيرِ لِلْإِمْدَادِ، وَالصَّوَابُ إسْقَاطُ قَوْلِهِ هُنَا فِي الْكُلِّ أَوْ تَأْخِيرُ الْأَثَرِ عَمَّا سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ وَفِي الظَّبْيِ تَيْسٌ) أَيْ أَوْ عَنْزٌ كَمَا عُلِمَ مِنْ جَوَازِ الْأُنْثَى عَنْ الذَّكَرِ وَعَكْسُهُ، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ، وَقَدْ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ أَصَالَةً، وَإِنَّمَا قَالَ وَالْأَوْلَى وَلَمْ يَقُلْ وَالصَّوَابُ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَرَادَ بِالْغَزَالِ الظَّبْيَةَ تَجَوُّزًا، وَلَوْ قَالَ وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ وَفِي الظَّبْيِ عَنْزٌ لَكَانَ أَنْسَبَ، لَكِنَّ عُذْرَهُ مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: إلَّا الْوَبَرَ) هُوَ تَابِعٌ فِيهِ لِلْإِمْدَادِ أَيْضًا، لَكِنَّ الْوَبَرَ مَذْكُورٌ فِي مَتْنِ الْإِرْشَادِ لَا هُنَا (قَوْلُهُ: بِمَا

ص: 350

(وَ) فِي (الْأَرْنَبِ عَنَاقٌ) وَهِيَ أُنْثَى الْمَعْزِ إذَا قَوِيَتْ مَا لَمْ تَبْلُغْ سَنَةً كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي تَحْرِيرِهِ وَغَيْرِهِ، وَفِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ أَنَّهَا أُنْثَى الْمَعْزِ مِنْ حِينِ تُولَدُ حَتَّى تَرْعَى (وَ) فِي (الْيَرْبُوعِ) أَوْ الْوَبْرِ بِإِسْكَانِ الْمُوَحَّدَةِ (جَفْرَةٌ) وَهِيَ أُنْثَى الْمَعْزِ إذَا بَلَغَتْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَفَصَلَتْ عَنْ أُمِّهَا وَالذَّكَرُ جَفْرٌ؛ لِأَنَّهُ جَفَرَ جَنْبَاهُ: أَيْ عَظُمَا، قَالَ بَعْدَ تَفْسِيرِ الْعَنَاقِ وَالْجَفْرَةُ بِمَا ذُكِرَ: هَذَا مَعْنَاهُمَا لُغَةً، لَكِنْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْجَفْرَةِ هُنَا مَا دُونَ الْعَنَاقِ إذْ الْأَرْنَبُ خَيْرٌ مِنْ الْيَرْبُوعِ اهـ.

وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْوَاجِبَ فِي الْيَرْبُوعِ غَيْرُ جَفْرَةٍ؛ لِأَنَّهَا بِمُقْتَضَى التَّفْسِيرِ الْمَذْكُورِ وَإِنَّمَا تَكُونُ بَعْدَ سِنِّ الْعَنَاقِ وَادَّعَى أَنَّ ذَلِكَ مُخَالِفٌ لِلْمَنْقُولِ وَالدَّلِيلُ.

قَالَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: الْجَفْرَةُ مَحْمُولَةٌ عَلَى مَا دُونَ الْعَنَاقِ، إذْ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ فِي تَفْسِيرِهَا مَا فِي الْمَجْمُوعِ وَالتَّحْرِيرِ وَغَيْرِهِمَا، وَفِي الضَّبُعِ كَبْشٌ وَالثَّعْلَبِ شَاةٌ وَالضَّبِّ وَأُمِّ حُبَيْنٍ جَدْيٌ.

(وَمَا لَا نَقْلَ فِيهِ) مِنْ الصَّيْدِ عَنْ السَّلَفِ (يَحْكُمُ بِمِثْلِهِ) مِنْ النَّعَمِ (عَدْلَانِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} [المائدة: 95] أَيْ وَلَوْ ظَاهِرًا أَوْ بِلَا اسْتِبْرَاءِ سَنَةٍ فِيمَا يَظْهَرُ أَوْ كَانَا قَاتِلَيْهِ خَطَأً أَوْ لِاضْطِرَارٍ لَا تَعَدِّيًا، وَيُعْتَبَرُ كَوْنُهُمَا فَقِيهَيْنِ بِهَذَا الْبَابِ فَطِنَيْنِ، وَمَا فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّ اسْتِحْبَابَ الْفِقْهِ مَحْمُولٌ عَلَى زِيَادَتِهِ، وَمُقْتَضَى قَوْلِ الْمَاوَرْدِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّ ذَلِكَ حُكْمٌ فَلَا يَجُوزُ بِقَوْلِ مَنْ لَا يُجَوِّزُ حُكْمَهُ اشْتِرَاطُ ذُكُورِيَّتِهِمَا وَحُرِّيَّتِهِمَا وَهُوَ كَذَلِكَ، أَمَّا قَاتَلَاهُ عُدْوَانًا مَعَ الْعِلْمِ بِالتَّحْرِيمِ فَلَا يَحْكُمَانِ لِفِسْقِهِمَا إلَّا إنْ تَابَا وَأَصْلَحَا، وَهَذَا صَرِيحٌ فِي كَوْنِ ذَلِكَ كَبِيرَةً، وَوَجْهُهُ أَنَّهُ إتْلَافُ حَيَوَانٍ مُحْتَرَمٍ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ وَلَا فَائِدَةٍ، فَقَوْلُ الْقُونَوِيِّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ بِفِسْقٍ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَلَوْ حَكَمَ عَدْلَانِ بِالْمِثْلِ وَآخَرَانِ بِالْقِيمَةِ أَوْ بِمِثْلٍ آخَرَ قُدِّمَ مَنْ حَكَمَ بِالْمِثْلِ فِي الْأُولَى؛ لِأَنَّ مَعَهُمَا زِيَادَةَ عِلْمٍ بِمَعْرِفَةِ دَقِيقِ الشَّبَهِ وَيُخَيَّرُ فِي الثَّانِيَةِ كَمَا فِي اخْتِلَافِ الْمُفْتِينَ، وَعُلِمَ أَنَّهُ لَوْ حَكَمَ صَحَابِيٌّ وَسَكَتَ الْبَاقُونَ عُمِلَ بِهِ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْأَصْحَابِ؛ لِأَنَّهُ أَوْلَى مِنْ حُكْمِ عَدْلَيْنِ.

وَفِي مَعْنَاهُ قَوْلُ كُلِّ مُجْتَهِدٍ غَيْرِ صَحَابِيٍّ مَعَ سُكُوتِ الْبَاقِينَ (وَ) وَجَبَ (فِيمَا لَا مِثْلَ لَهُ) مِمَّا لَا نَقْلَ فِيهِ كَالْجَرَادِ وَبَقِيَّةِ الطُّيُورِ غَيْرِ الْحَمَامِ سَوَاءٌ أَكَانَ أَكْبَرَ جُثَّةً مِنْهُ أَمْ أَصْغَرَ أَمْ مِثْلَهُ (الْقِيمَةُ) عَمَلًا بِالْأَصْلِ فِي الْمُتَقَوِّمَاتِ وَقَدْ حَكَمَتْ الصَّحَابَةُ بِهَا فِي الْجَرَادِ، أَمَّا مَا لَا مِثْلَ لَهُ مِمَّا فِيهِ نَقْلٌ وَهُوَ الْحَمَامُ وَالْمُرَادُ مَا عَبَّ وَهَدَرَ كَالْفَوَاخِتِ وَالْيَمَامِ وَالْقُمْرِيِّ وَكُلِّ ذِي طَوْقٍ، سَوَاءً اتَّفَقَا ذُكُورَةً أَمْ أُنُوثَةً أَمْ اخْتَلَفَا شَاةً مِنْ ضَأْنٍ أَوْ مَعْزٍ بِحُكْمِ الصَّحَابَةِ وَمُسْتَنِدُهُ تَوْقِيفٌ بَلَغَهُمْ وَإِلَّا فَالْقِيَاسُ إيجَابُ الْقِيمَةِ، وَلَوْ أَتْلَفَ مُحْرِمَانِ قَارِنَانِ صَيْدًا وَجَبَ عَلَيْهِمَا جَزَاءٌ وَاحِدٌ لِاتِّحَادِ الْمُتْلَفِ، وَإِنْ تَعَدَّدَتْ أَسْبَابُ الْجَزَاءِ بِتَعَدُّدِ الْجَمَاعَةِ الْمُتْلِفِينَ، وَكَوْنُهُمْ قَارِنِينِ وَكَوْنُهُ فِي الْحَرَمِ كَمَا يَتَّحِدُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي تَحْرِيرِهِ وَغَيْرِهِ) مِنْهُ الْمَجْمُوعُ (قَوْلُهُ: وَفِي الضَّبُعِ كَبْشٌ) عِبَارَةُ حَجّ: الضَّبُعُ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى عِنْدَ جَمْعٍ وَلِلْأُنْثَى فَقَطْ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ، وَأَمَّا الذَّكَرُ فَضِبْعَانٌ بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ.

(قَوْلُهُ: أَوْ لِاضْطِرَارٍ لَا تَعَدِّيًا) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْمُحْرِمَ الْمُضْطَرَّ إذَا ذَبَحَ صَيْدًا لِاضْطِرَارِهِ وَجَبَتْ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ كَمَا تَجِبُ عَلَى الْمُضْطَرِّ بَدَلَ مَا أَكَلَهُ مِنْ طَعَامِ غَيْرِهِ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْبَهْجَةِ وَشَرْحِهَا وَسَيَأْتِي أَنَّ مَذْبُوحَهُ لِذَلِكَ لَا يَكُونُ مَيْتَةً بَلْ يَحِلُّ لَهُ وَلِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا إنْ تَابَا وَأَصْلَحَا) أَيْ فَيُحَكَّمَانِ بِهِ حَالًا وَلَا يَتَوَقَّفُ ذَلِكَ عَلَى اسْتِبْرَاءٍ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ حَكَمَ عَدْلَانِ) أَيْ بِأَنَّهُ لَا مِثْلَ لَهُ وَإِنَّمَا الْوَاجِبُ فِيهِ الْقِيمَةُ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي اخْتِلَافِ الْمُفْتِينَ) أَيْ الْمُجْتَهِدِينَ أَمَّا غَيْرُهُمَا فَيَنْبَغِي أَنَّ مَنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ صِدْقُهُ فِي إصَابَةِ الْمَنْقُولِ أَخَذَ بِقَوْلِهِ وَإِلَّا لَمْ يَأْخُذْ بِقَوْلِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِلتَّعَارُضِ بِلَا مُرَجِّحٍ (قَوْلُهُ: مَا عَبَّ) بَابُهُ رَدَّ قَالَهُ فِي مُخْتَارِ الصِّحَاحِ (وَقَوْلُهُ وَهَدَرَ) مُضَارِعُهُ يَهْدِرُ بِالْكَسْرِ (قَوْلُهُ: وَالْقُمْرِيُّ) هُوَ بِضَمِّ الْقَافِ كَمَا فِي الْمُخْتَارِ (قَوْلُهُ: شَاةٌ مِنْ ضَأْنٍ) أَيْ فَفِيهِ شَاةٌ مِنْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

ذَكَرَ) يَعْنِي بِمَا هُنَا فِي الْجَفَرَةِ وَبِمَا مَرَّ عَنْ أَصْلِ الرَّوْضَةِ فِي الْعَنَاقِ أَمَّا عَلَى مَا مَرَّ فِيهِ عَنْ التَّحْرِيرِ وَغَيْرِهِ فَلَا حَاجَةَ إلَى هَذَا الْمُرَادِ

(قَوْلُهُ: شَاةٌ مِنْ ضَأْنٍ) لَعَلَّهُ سَقَطَ قَبْلَ لَفْظِ فِيهِ مِنْ الْكَتَبَةِ (قَوْلُهُ: وَكَوْنُهُمْ) أَيْ الصَّيْدِ وَالْقَارِنَانِ،

ص: 351

تَغْلِيظُ الدِّيَةِ وَإِنْ تَعَدَّدَتْ أَسْبَابُهُ، بِخِلَافِ كَفَّارَةِ الْآدَمِيِّ فَإِنَّهَا تَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْقَاتِلِينَ؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَجَزَّأُ، وَلَوْ قَتَلَهُ حَلَالٌ وَمُحْرِمٌ لَزِمَ الْمُحْرِمَ نِصْفُ الْجَزَاءِ فَقَطْ، إذْ شَرِيكُ الْحَلَالِ يَلْزَمُهُ بِقِسْطِهِ بِحَسَبِ الرُّءُوسِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ التَّوْزِيعَ هُنَا عَلَى الرُّءُوسِ فِي الْجِرَاحَاتِ وَالضَّرَبَاتِ، وَلَا يُنَافِيهِ مَا يَأْتِي فِي الْجِنَايَاتِ فِي الضَّرَبَاتِ؛ لِأَنَّهَا ثَمَّ يَظْهَرُ تَأْثِيرُهَا فَأَمْكَنَ التَّوْزِيعُ عَلَيْهَا بِخِلَافِهِ هُنَا، إذْ الصَّيْدُ لَيْسَ لَهُ سَطْحُ بَدَنٍ تَظْهَرُ فِيهِ الضَّرَبَاتُ فَاسْتَوَى فِيهِ الْجَارِحُ وَالضَّارِبُ، أَوْ أَتْلَفَ مُحْرِمَانِ قَارِنَانِ أَحَدَ امْتِنَاعَيْ نَعَامَةٍ وَجَبَ مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهَا عَلَيْهِمَا بَلْ بَعْضُ الِامْتِنَاعِ كَذَلِكَ فَيَجِبُ النَّقْصُ لِإِجْزَاءٍ كَامِلٍ، وَلَوْ جَرَحَ ظَبْيًا وَانْدَمَلَ جُرْحُهُ بِلَا أَزْمَانٍ فَنَقَصَ عُشْرُ قِيمَتِهِ فَعَلَيْهِ عُشْرُ شَاةٍ شَاةً لَا عَشَرَةُ قِيمَتِهَا، فَإِنْ بَرِئَ وَلَا نَقْصَ فِيهِ، فَالْأَرْشُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ كَالْحُكُومَةِ إلَيْهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْآدَمِيِّ، فَيُقَدِّرُ الْحَاكِمُ فِيهِ شَيْئًا بِاجْتِهَادِهِ مُرَاعِيًا فِي الِاجْتِهَادِ مِقْدَارَ مَا أَصَابَهُ مِنْ الْوَجَعِ، وَعَلَيْهِ فِي غَيْرِ الْمِثْلِيِّ أَرْشُهُ.

وَلَوْ أَزْمَنَ صَيْدًا لَزِمَهُ جَزَاؤُهُ كَامِلًا، فَإِنْ قَتَلَهُ مُحْرِمٌ آخَرُ فَعَلَى الْقَاتِلِ جَزَاؤُهُ مُزْمِنًا، أَوْ قَتَلَهُ الْمُزْمِنُ قَبْلَ الِانْدِمَالِ فَعَلَيْهِ جَزَاءٌ وَاحِدٌ، أَوْ بَعْدَهُ فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ مُزْمِنًا، وَلَوْ جَرَحَ صَيْدًا فَغَابَ فَوَجَدَهُ مَيِّتًا وَشَكَّ أَمَاتَ بِجُرْحِهِ أَمْ بِحَادِثٍ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ غَيْرُ الْأَرْشِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ عَمَّا زَادَ.

وَمَذْبُوحُ الْمُحْرِمِ مِنْ الصَّيْدِ مَيْتَةٌ فَلَا يَحِلُّ لَهُ وَإِنْ تَحَلَّلَ وَلَا لِغَيْرِهِ إنْ كَانَ حَلَالًا كَصَيْدٍ حَرَمِيٍّ ذَبَحَهُ حَلَالٌ فَيَكُونُ مَيْتَةً؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَمْنُوعٌ مِنْ الذَّبْحِ لِمَعْنًى فِيهِ كَالْمَجُوسِيِّ، فَإِنْ كَانَ الْمَذْبُوحُ مَمْلُوكًا لَزِمَهُ أَيْضًا الْقِيمَةُ لِمَالِكِهِ، وَلَوْ كَسَرَ أَحَدُهُمَا بَيْضَ صَيْدٍ أَوْ قَتَلَ جَرَادًا حُرِّمَ عَلَيْهِ تَغْلِيظًا كَمَا نَقَلَهُ فِي الْبَيْضِ الْمُصَنِّفُ فِي مَجْمُوعِهِ عَنْ جَمْعٍ وَالْقَطْعُ بِهِ عَنْ آخَرِينَ، وَقَالَ بَعْدَهُ بِأَوْرَاقٍ: إنَّهُ الْأَصَحُّ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ دُونَ الْحَلَالِ،

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الضَّأْنِ إلَخْ، وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِيهَا إجْزَاؤُهَا فِي الْأُضْحِيَّةِ.

أَقُولُ: وَقِيَاسُ قَوْلِهِمْ فِيمَا لَهُ مِثْلٌ فِي الصَّيْدِ أَنَّ فِي الْكَبِيرِ كَبِيرَةٌ وَفِي الصَّغِيرِ صَغِيرَةٌ أَنَّهُ يَجِبُ هُنَا فِي الْحَمَامَةِ الْكَبِيرَةِ شَاةٌ مُجْزِئَةٌ فِي الْأُضْحِيَّةِ وَفِي الْحَمَامَةِ الصَّغِيرَةِ شَاةٌ صَغِيرَةٌ غَيْر مُجْزِئَة فِي الْأُضْحِيَّةِ (قَوْلُهُ: لَزِمَ الْمُحْرِمَ نِصْفُ الْجَزَاءِ) أَيْ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْحَلَالِ (قَوْلُهُ: لَيْسَ لَهُ سَطْحُ بَدَنٍ إلَخْ) أَيْ غَالِبًا (قَوْلُهُ: أَحَدَ امْتِنَاعَيْ نَعَامَةٍ) وَهُوَ الْعَدْوُ وَالطَّيَرَانُ (قَوْلُهُ: وَجَبَ مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهَا) وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي الظَّبْيِ أَنْ يَشْتَرِيَ بِمَا لَزِمَهُمَا جُزْءَ بَدَنَةٍ نِسْبَتُهَا إلَيْهِ كَنِسْبَةِ مَا نَقَصَ مِنْ الْقِيمَةِ لِجُمْلَتِهَا (قَوْلُهُ: مِقْدَارَ مَا أَصَابَهُ مِنْ الْوَجَعِ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِقْدَارٌ أَصْلًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي مُقَابَلَتِهِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَحِلُّ لَهُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ اُضْطُرَّ، وَعِبَارَةُ حَجّ: وَمَذْبُوحُ الْمُحْرِمِ وَمَنْ بِالْحَرَمِ لِصَيْدٍ لَمْ يُضْطَرَّ أَحَدُهُمَا لِذَبْحِهِ مَيْتَةٌ، ثُمَّ قَالَ: وَمَفْهُومُ لَمْ يُضْطَرَّ الْمَذْكُورُ أَنَّهُ لَوْ ذَبَحَهُ لِلِاضْطِرَارِ حَلَّ لَهُ وَلِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ حَلَالًا) أَيْ أَوْ مُحْرِمًا بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَسَرَ أَحَدُهُمَا) أَيْ الْمُحْرِمُ وَالْحَلَالُ بِالْحَرَمِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَوْجَهُ دُونَ الْحَلَالِ) أَيْ فَيَحِلُّ لَهُ تَنَاوُلُ مَا كَسَرَهُ الْمُحْرِمُ مِنْ الْبَيْضِ وَإِنْ حَرُمَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

وَفِي نُسَخٍ كَوْنُهُ بِالْإِفْرَادِ.

وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَمْ يُقَيِّدْ الصُّورَةَ فِيمَا مَرَّ بِالْحَرَمِ وَلَعَلَّهُ سَقَطَ مِنْ الْكَتَبَةِ بِدَلِيلِ مَا هُنَا (قَوْلُهُ: لَيْسَ لَهُ سَطْحُ بَدَنٍ) أَيْ لَا يَظْهَرُ بَدَنُهُ لِاسْتِتَارِهِ بِالرِّيشِ أَوْ نَحْوِهِ (قَوْلُهُ: حَرُمَ عَلَيْهِ تَغْلِيظًا) أَيْ أَكْلُهُ (قَوْلُهُ: كَمَا نَقَلَهُ فِي الْبَيْضِ الْمُصَنِّفُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْإِمْدَادِ: وَلَوْ كَسَرَ أَحَدُهُمَا بَيْضَ صَيْدٍ أَوْ قَتَلَ جَرَادًا حَرُمَ عَلَيْهِ تَغْلِيظًا عَلَيْهِ لَا عَلَى غَيْرِهِ، كَمَا نَقَلَ فِي الْمَجْمُوعِ تَصْحِيحَهُ فِي الْبَيْضِ عَنْ جَمْعٍ وَالْقَطْعُ بِهِ عَنْ آخَرِينَ، وَقَالَ بَعْدَ ذَلِكَ بِأَوْرَاقٍ: إنَّهُ أَصَحُّ، لَكِنْ قَالَ هُنَا: إنَّ الْأَشْهَرَ الْحُرْمَةُ.

وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ إبَاحَةَ ذَلِكَ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى فِعْلٍ بِدَلِيلِ حِلِّ ابْتِلَاعِهِ بِدُونِهِ، ثُمَّ رَأَيْت الْقَمُولِيَّ جَرَى عَلَى الثَّانِي فَقَالَ: إذَا حَلَبَ الْمُحْرِمُ لَبَنَ صَيْدِ حَرَمٍ عَلَى غَيْرِهِ كَكَسْرِ الْبَيْضِ وَغَيْرِهِ، وَغَيْرُهُ اعْتَرَضَهُ بِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ فِي الْبَيْضِ وَجْهٌ فَقَدْ صَوَّبَ فِي الْمَجْمُوعِ حِلَّهُ انْتَهَتْ.

وَبِهَا يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ فَإِنَّ كَلَامَ الْمَجْمُوعِ كُلَّهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْغَيْرِ عَكْسُ مَا صَنَعَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: دُونَ الْحَلَالِ) أَيْ فِي غَيْرِ الْحَرَمِ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ

ص: 352