الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3302 -
فيُرِيكَ عِزَّتَهُ وَيُبْدي لُطْفَهُ
…
والعَبْدُ فِي الغَفَلاتٍ عَنْ ذَا الشَّانِ
* * *
فصلٌ
3303 -
وَهُوَ الرَّفِيقُ يُحِبُّ أَهْلَ الرِّفقِ بَلْ
…
يُعْطِيهِمُ بالرِّفْقِ فَوْقَ أمَاني
3304 -
وَهُوَ القَرِيبُ وقُرْبُهُ المخْتَصُّ بالدَّ
…
اعِي وعابِدِه عَلَى الإيمَانِ
3302 - في طع: "يبدي لفظه"، تحريف.
- يقول الشيخ ابن سعدي -في كلام له جميل في معنى هذا البيت-:
"ولهذا قال المصنف "فيريك عزته" أي بامتحانك بما تكره، "ويبدي لطفه" في العواقب الحميدة السارة، فكم لله من لطف وكرم لا تدركه الأفهام ولا تتصوره الأوهام، وكم استشرف العبد على مطلب من مطالب الدنيا من ولاية أو رئاسة أو سبب من الأسباب المحبوبة، فيصرفه الله عنها، ويصرفها عنه رحمة به لئلا يضره في دينه، فيظل العبد حزينًا من جهله وعدم معرفته بربه، ولو علم ما ذخر له في الغيب وأريد إصلاحه فيه لحمد الله وشكره على ذلك، فإن الله بعباده رؤوف رحيم لطيف بأوليائه". الحق الواضح المبين (ص 34).
3303 -
كما في حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف، وما لا يعطي على ما سواه".
أخرجه البخاري في استتابة المرتدين، باب إذا عرّض الذمي أو غيره بسبِّ النبي صلى الله عليه وسلم ولم يصرح، رقم (6926)، ومسلم في البر والصلة، باب فضل الرفق، رقم (2593)، والترمذي في الاستئذان، باب ما جاء في التسليم على أهل الذمة، رقم (2702)، وابن ماجه في الأدب، باب الرفق، رقم (3689)، وأحمد 6/ 37.
3304 -
أي أن من أسمائه سبحانه: (القريب). وأن قربه تعالى خاص لا عام، وهو على نوعين: الأول: قربه من داعيه بالإجابة، وهذا يدل عليه مثل قوله =
3305 -
وَهُوَ المُجِيبُ يَقُولُ مَنْ يَدْعُو أُجِبْـ
…
ـهُ أَنَا المجِيبُ لِكُلِّ مَنْ نَادَانِي
3306 -
وَهُوَ المُجِيبُ لِدَعْوةِ الْمُضْطَرِّ إذْ
…
يَدعُوهُ فِي سِرٍّ وَفِي إِعْلَانِ
3307 -
وَهُوَ الجَوَادُ فجُودُهُ عَمَّ الوُجُو
…
دَ جَمِيعَهُ بالفَضْلِ والإحْسَانِ
= تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} [البقرة: 186] الثاني: قربه من مطيعه بالإثابة كما في قوله تعالى: {إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [الأعراف: 56] انظر: مختصر الصواعق 2/ 396، مجموع الفتاوى 8/ 232 - 243.
ومن أهل العلم من يرى أن قربه تعالى عام وخاص، فالعام كما في قوله تعالى:{وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} [ق: 16]. وأما الخاص فيدل عليه ما سبق، وهذا ما اختاره الشيخ ابن سعدي في الحق الواضح المبين ص 35. ولكن الناظم يرجح الأول. فانظر كلامه في الصواعق وتوجيهه لدليل أصحاب هذا القول 2/ 395.
3305 -
كما في قوله تعالى: {إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ} [هود: 61]، وقوله سبحانه:{وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غافر: 60].
- البيت ساقط من "س".
3306 -
كما في قوله تعالى: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ} [النمل: 62].
ومعنى كلام الناظم أن إجابته سبحانه وتعالى نوعان:
الأول: إجابة عامة لكل من دعاه دعاء عبادة أو دعاء مسألة، كما قال تعالى:{رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60].
الثاني: إجابة خاصة: وهي ما قام لها سبب يقتضيها كالاضطرار وطول السفر ودعوة المظلوم، ونحو ذلك. انظر: الحق الواضح المبين لابن سعدي (ضمن مجموعة من رسائله ص 35 - 36).
3307 -
يدل عليه حديث أبي ذر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يقول الله تعالى: يا عبادي إني حرّمت الظلم على نفسي
…
" الحديث، وفيه "ذلك بأني جواد ماجد أفعل ما أريد". =
3308 -
وَهُوَ الجَوَادُ فَلَا يُخَيِّبُ سَائِلًا
…
وَلوَ أنَّه مِنْ أمَّةِ الكُفْرَانِ
3309 -
وَهُوَ المُغيثُ لِكُلِّ مَخْلُوقَاتِه
…
وَلِذَا يُحِبُّ إغَاثَةَ اللَّهْفَانِ
* * *
= رواه الترمذي في صفة القيامة والرقائق والورع، باب (49) رقم (2497)، وابن ماجه في الزهد، باب ذكر التوبة، رقم (4257)، وأحمد 5/ 154.
وقال الترمذي: "هذا حديث حسن".
قلت: وأصله في صحيح مسلم في البر والصلة، باب تحريم الظلم، رقم (2577) من طريق أبي إدريس الخولاني عن أبي ذر من غير ذكر الشاهد.
- "جميعه" ساقط من ب.
- هذا البيت مؤخر في ب عن الذي بعده. وفي د: "عمّ الورى بالفضل والإنعام والإحسان".
3308 -
وهذا أمر مشهود دلّ عليه النقل والحس، فقد أخبر تعالى عن إجابته لدعاء الكافرين حين يلجأون إليه في الضراء، ثم كيف يعودون إلى كفرهم وغيهم بعد تفريج الكرب عنهم كما قال تعالى:{وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ (53) ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ} [النحل: 53، 54].
3309 -
"لذا": كذا في ف، د، ظ، ح. وفي غيرها:"كذا" ولعله تحريف.
ما عدا الأصلين وح. "يجيب إغاثة
…
".
- لم أقف على نص ثابت يدل على اسم المغيث لله تعالى، ولكن ثبت صفة له تعالى كما في قوله سبحانه:{إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ} [الأنفال: 9]، وكذلك دعاء النبي صلى الله عليه وسلم في الاستسقاء:"اللهم أغثنا".
أخرجه البخاري في الاستسقاء، باب الاستسقاء في خطبة الجمعة غير مستقبل القبلة، رقم (1014)، ومسلم في صلاة الاستسقاء، باب الدعاء في الاستسقاء، رقم (897)، من حديث أنس رضي الله عنه.
فصلٌ
3310 -
وَهُوَ الوَدُودُ يُحِبُّهُمْ ويُحِبُّهُ
…
أحْبَابُهُ والفَضْلُ لِلمنَّانِ
3311 -
وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ المحبَّةَ فِي قُلو
…
بِهمُ وَجَازَاهُمْ بحُبٍّ ثَانِ
3312 -
هَذَا هُوَ الإحْسَانُ حَقًّا لَا مُعَا
…
وَضةً وَلَا لِتَوَقُّعِ الشُّكْرَانِ
3313 -
لَكِنْ يُحبُّ شَكُورَهُمْ لا لاِحْتِيا
…
جٍ مِنْهُ لِلشُّكْرَانِ والإيمانِ
3314 -
وَهُوَ الشَّكُورُ فَلَنْ يُضَيِّعَ سَعْيَهُمْ
…
لَكِنْ يُضاعِفُهُ بِلَا حُسْبَانِ
3310 - كما في قوله تعالى: {وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ (14)} [البروج: 14]، والودود من الوُدّ وهو محبة الشيء، وهو كما أشار الناظم: فعول بمعنى مفعول، وفعول بمعنى فاعل، فالله عز وجل مودود في قلوب أوليائه، وهو سبحانه يَوَدُّ عباده الصالحين، كما قال سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ
…
} [المائدة: 54] انظر: المفردات ص 860، شأن الدعاء ص 74، اللسان 3/ 453، الحق الواضح المبين ص 37، النهج الأسمى 1/ 401.
3311 -
أي أنه سبحانه هو الذي جعل المحبة في قلوب أوليائه فضلًا منه ومنّة، ثم جازاهم على هذه المحبة محبة منه مقتضاها شكرهم وإثابتهم على تلك المحبة. فهذا هو الإحسان حقًا، فله الفضل أولًا وآخرًا، وليس للعباد من أنفسهم إلا النقص والقصور.
3313 -
كذا ورد البيت في الأصلين وس. وفي غيرها:
لكن يجبّ شَكورهم وشُكورهم
…
لا لاحتياج منه لِلشكرانِ
وقد محا بعضهم كلمة "والإيمان" من ف، وكتب في الحاشية:"وشكورهم". والشكور بفتح الشين: الشاكر الكثير الشكر، وبضمها: مصدر كالشكر، (ص).
3314 -
كما في قوله تعالى: {وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ} [التغابن: 17]. وشكره سبحانه لعباده بأنه لا يضيع سعيهم الصالح لوجهه، بل يجزيهم على اليسير بأضعاف مضاعفة كما أخبر أنه يجزي الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، فسبحانه ما أوسعه وأرحمه. =