الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إخْبَارُهُ صلى الله عليه وسلم بِبَعْضِ الْحَقَائِقِ الْعِلْمِيِّةِ الَّتِي لَمْ تُعْرَف إِلَّا فِي الْعَصْرِ الْحَدِيث
(خ م)، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (" الطَّاعُونُ رِجْزٌ (1) أَوْ عَذَابٌ عُذِّبَ بِهِ) (2)(مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ (3)) (4)(ثُمَّ بَقِيَ مِنْهُ بَقِيَّةٌ، فَيَذْهَبُ الْمَرَّةَ ، وَيَأْتِي الْأُخْرَى)(5)(فَإِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأَرْضٍ فلَا تَدْخُلُوهَا، وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا ، فلَا تَخْرُجُوا مِنْهَا ")(6)
الشرح (7)
(1) أَيْ: عَذَابٍ. تحفة الأحوذي - (ج 3 / ص 128)
(2)
(خ) 6573
(3)
هُمْ الَّذِينَ أَمَرَهُمْ اللهُ تَعَالَى أَنْ يَدْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا فَخَالَفُوا، قَالَ تَعَالَى:
{فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِجْزًا مِنْ السَّمَاءِ} .
قَالَ اِبْنُ الْمَلِكِ: فَأُرْسِلَ عَلَيْهِمْ الطَّاعُونُ فَمَاتَ مِنْهُمْ فِي سَاعَةٍ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ أَلْفًا مِنْ شُيُوخِهِمْ وَكُبَرَائِهِمْ. تحفة الأحوذي - (ج 3 / ص 128)
(4)
(م) 2218
(5)
(خ) 6573
(6)
(خ) 5396
(7)
إن الإعجاز النبوي يتجلى في هذا الحديث في منع الشخص المقيم في أرض الوباء أن يخرج منها ، حتى وإن كان غير مصاب، فإن منع الناس من الدخول إلى أرض الوباء قد يكون أمراً واضحاً ومفهوماً ، ولكن منع من كان في البلدة المصابة بالوباء من الخروج منها حتى وإن كان صحيحاً معافى أمر غير واضح العلة، بل إن المنطق والعقل يفرض على الشخص السليم الذي يعيش في بلدة الوباء أن يفر منها إلى بلدة أخرى سليمة، حتى لا يصاب بالعدوى، ولم تُعرف العلة في ذلك إلا في العصور المتأخرة التي تقدم فيها العلم والطب.
فقد أثبت الطب الحديث - كما يقول الدكتور محمد على البار - أن الشخص السليم في منطقة الوباء قد يكون حاملاً للميكروب، وكثير من الأوبئة تصيب العديد من الناس، ولكن ليس كل من دخل جسمه الميكروب يصبح مريضاً، فكم من شخص يحمل جراثيم المرض دون أن يبدو عليه أثر من آثاره، فالحمى الشوكية، وحمى التيفود، والزحار، والباسيلي، والسل، بل وحتى الكوليرا والطاعون قد تصيب أشخاصاً عديدين دون أن يبدو على أي منهم علامات المرض، بل ويبدو الشخص وافر الصحة سليم الجسم، ومع ذلك فهو ينقل المرض إلى غيره من الأصحاء.
وهناك أيضاً فترة الحضانة، وهي الفترة الزمنية التي تسبق ظهور الأعراض منذ دخول الميكروب وتكاثره حتى يبلغ أشده، وفي هذه الفترة لا يبدو على الشخص أنه يعاني من أي مرض، ولكن بعد فترة من الزمن قد تطول وقد تقصر - على حسب نوع المرض والميكروب الذي يحمله - تظهر عليه أعراض المرض الكامنة في جسمه ، ففترة حضانة الإنفلونزا - مثلاً - هي يوم أو يومان، بينما فترة حضانة التهاب الكبد الفيروسي قد تطول إلى ستة أشهر، كما أن ميكروب السل قد يبقى كامناً في الجسم عدة سنوات دون أن يحرك ساكناً، ولكنه لا يلبث بعد تلك الفترة أن يستشري في الجسم.
فما الذي أدرى محمداً صلى الله عليه وسلم بذلك كله؟ ، ومن الذي علمه هذه الحقائق؟،
وهو الأمي الذي لا يقرأ ولا يكتب!، إنه العلم الرباني، والوحي الإلهي الذي سبق كل هذه العلوم والمعارف، ليبقى هذا الدين شاهداً على البشرية في كل زمان ومكان، ولتقوم به الحجة على العالمين، فيهلك من هلك عن بينة، ويحيى من حيَّ عن بينة. (موقع الإسلام ويب)
(خ م د)، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ:(خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ ، فَأَصَبْنَا سَبْيًا (1) مِنْ سَبْيِ الْعَرَبِ ، فَاشْتَهَيْنَا النِّسَاءَ) (2)(وَطَالَتْ عَلَيْنَا الْعُزْبَةُ (3) وَرَغِبْنَا فِي الْفِدَاءِ (4) فَأَرَدْنَا أَنْ نَسْتَمْتِعَ بِهِنَّ) (5)(وَلَا يَحْمِلْنَ ، فَأَرَدْنَا أَنْ نَعْزِلَ ، فَقُلْنَا: نَعْزِلُ وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ أَظْهُرِنَا قَبْلَ أَنْ نَسْأَلَهُ؟ ، فَسَأَلْنَاهُ عَنْ ذَلِكَ)(6)(فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ ، إِنَّا نُصِيبُ سَبْيًا ، وَنُحِبُّ الْأَثْمَانَ ، فَكَيْفَ تَرَى فِي الْعَزْلِ؟)(7)(فَقَالَ: " وَمَا ذَاكُمْ؟ " ، فَقُلْنَا: الرَّجُلُ تَكُونُ لَهُ الْمَرْأَةُ تُرْضِعُ ، فَيُصِيبُ مِنْهَا، وَيَكْرَهُ أَنْ تَحْمِلَ مِنْهُ ، وَالرَّجُلُ تَكُونُ لَهُ الْأَمَةُ ، فَيُصِيبُ مِنْهَا وَيَكْرَهُ أَنْ تَحْمِلَ مِنْهُ)(8)(وَإِنَّ الْيَهُودَ تُحَدِّثُ أَنَّ الْعَزْلَ الْمَوْءُودَةُ الصُّغْرَى (9) فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " كَذَبَتْ يَهُودُ (10)) (11) (إِذَا أَرَادَ اللهُ خَلْقَ شَيْءٍ ، لَمْ يَمْنَعْهُ شَيْءٌ) (12) وفي رواية: (لَيْسَتْ نَسَمَةٌ (13) كَتَبَ اللهُ أَنْ تَخْرُجَ إِلَّا هِيَ كَائِنَةٌ) (14) (فَإِنَّمَا هُوَ الْقَدَرُ (15) فلَا عَلَيْكُمْ أَنْ لَا تَفْعَلُوا ذَلِكَ (16) وَمَا مِنْ كُلِّ الْمَاءِ يَكُونُ الْوَلَدُ ") (17)
الشرح (18)
(1) السَّبْي: الأسرى من النساء والأطفال.
(2)
(خ) 2404
(3)
أَيْ: اِحْتَجْنَا إِلَى الْوَطْء. (النووي - ج 5 / ص 164)
(4)
أَيْ: خِفْنَا مِنْ الْحَبَل ، فَتَصِيرَ أُمُّ وَلَدْ يَمْتَنِعُ عَلَيْنَا بَيْعُهَا وَأَخَذُ الْفِدَاءِ فِيهَا ، فَيُسْتَنْبَطُ مِنْهُ مَنْعُ بَيْعِ أُمِّ الْوَلَد ، وَأَنَّ هَذَا كَانَ مَشْهُورًا عِنْدهمْ. (النووي 5/ 164)
(5)
(م) 1438
(6)
(خ) 3907 ، (م) 1438
(7)
(خ) 2116
(8)
(م) 1438 ، (س) 3327
(9)
الْوَادُ: دَفْنُ الْبِنْتِ حَيَّةً، وَكَانَتْ الْعَرَبُ تَفْعَلُ ذَلِكَ خَشْيَةَ الفقرِ وَالْعَارِ ، قَالَهُ النَّوَوِيُّ ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْيَهُودَ زَعَمُوا أَنَّ الْعَزْلَ نَوْعٌ مِنْ الْوَادِ ، لِأَنَّ فِيهِ إِضَاعَةً للنُّطْفَةِ الَّتِي أَعَدَّهَا اللهُ تَعَالَى لِيَكُونَ مِنْهَا الْوَلَدُ ، وَسَعْيًا فِي إِبْطَالِ ذَلِكَ بِعَزْلِهَا عَنْ مَحِلِّهَا. تحفة الأحوذي - (ج 3 / ص 210)
(10)
فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الْعَزْل ، وَلَكِنَّهُ مُعَارَضٌ بِمَا فِي حَدِيثِ جُدَامَة: أَنَّهُمْ سَأَلُوا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَنْ الْعَزْل، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" ذَلِكَ الْوَادُ الْخَفِيّ "، أَخْرَجَهُ مُسْلِم وَجُمِعَ بَيْنهمَا بِأَنَّ مَا فِي حَدِيثِ جُدَامَةَ مَحْمُولٌ عَلَى التَّنْزِيه ، وَتَكْذِيبُ الْيَهُودِ لِأَنَّهُمْ أَرَادُوا التَّحْرِيمَ الْحَقِيقِيّ.
وَقَالَ اِبْن الْقَيِّم: الَّذِي كَذَّبَ فِيهِ صلى الله عليه وسلم الْيَهُودُ هُوَ زَعْمُهُمْ أَنَّ الْعَزْلَ لَا يُتَصَوَّرُ مَعَهُ الْحَمْلُ أَصْلًا ، وَجَعَلُوهُ بِمَنْزِلَةِ قَطْعِ النَّسْلِ بِالْوَادِ ، فَأَكْذَبَهُمْ ، وَأَخْبَرَ أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ الْحَمْلَ إِذَا شَاءَ اللهُ خَلْقَه ، وَإِذَا لَمْ يُرِدْ خَلْقَهُ لَمْ يَكُنْ وَادًا حَقِيقَة، وَإِنَّمَا أَسْمَاهُ وَادًا خَفِيًّا فِي حَدِيثِ جُدَامَةَ بِأَنَّ الرَّجُل َإِنَّمَا يَعْزِلُ هَرَبًا مِنْ الْحَمْل ، فَأَجْرَى قَصْدَهُ لِذَلِكَ مَجْرَى الْوَاد ، لَكِنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْوَادَ ظَاهِرٌ بِالْمُبَاشَرَةِ ، اِجْتَمَعَ فِيهِ الْقَصْدُ وَالْفِعْل، وَالْعَزْلُ يَتَعَلَّقُ بِالْقَصْدِ فَقَطْ ، فَلِذَلِكَ وَصَفَهُ بِكَوْنِهِ خَفِيًّا. عون المعبود - (ج 5 / ص 55)
(11)
(د) 2171 ، (ت) 1136
(12)
(م) 1438 ، (حم) 11456 ، (ت) 1136
(13)
أَيْ: نَفْس. فتح الباري (ج 8 / ص 8)
(14)
(خ) 2116
(15)
أَيْ: الْمُؤَثِّرُ فِي وُجُودِ الْوَلَدِ وَعَدَمِهِ هو الْقَدَرُ ، لَا الْعَزْل ، فَأَيُّ حَاجَةٍ إِلَيْهِ. شرح سنن النسائي - (ج 5 / ص 34)
(16)
مَا عَلَيْكُمْ ضَرَرٌ فِي تَرْكِ الْعَزْل ، لِأَنَّ كُلَّ نَفْسٍ قَدَّرَ اللهُ تَعَالَى خَلْقَهَا لَا بُدَّ أَنْ يَخْلُقَهَا ، سَوَاءٌ عَزَلْتُمْ أَمْ لَا ، وَمَا لَمْ يُقَدِّرْ خَلْقَهَا لَا يَقَع ، سَوَاءٌ عَزَلْتُمْ أَمْ لَا ، فَلَا فَائِدَةَ فِي عَزْلكُمْ، فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ اللهُ تَعَالَى قَدَّرَ خَلْقَهَا سَبَقَكُمْ الْمَاء ، فَلَا يَنْفَعُ حِرْصُكُمْ فِي مَنْعِ الْخَلْق. شرح النووي على مسلم - (ج 5 / ص 164)
(17)
(م) 1438 ، (حم) 11456 ، (ت) 1136
(18)
قوله صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ كُلِّ الْمَاءِ يَكُونُ الْوَلَدُ» صريح في أنه ليس من كل الماء (المني) يكون الولد ، وإنما من جزء يسير منه ، وهذا متطابق مع ما اكتشفه العلم الحديث ، فقد كشف العلم الحديث أن عدد الحيوانات المنوية التي يقذفها الرجل يتراوح من مائتين إلى ثلاثمائة مليون منوي في القذفة الواحدة ، وأن حيوانا منوياً واحداً فقط هو الذي يقوم بتلقيح البويضة ، فَأنَّى لمن عاش قبل أربعة عشر قرناً أن يعلم هذه الحقيقة التي لم تُعرف إلا في القرن العشرين ، إذا لم يكن عِلْمُه قد جاء من لدن العليم الخبير؟.
إن هذه الإشارات النبوية الرائعة والتي كانت بكل تأكيد غيباً لا يستطيع أحد أن يراه أو يحسه في العصور الأولى، فأكثر ما كانت تعرفه البشرية في ذلك العصر عن الحمل والولادة ما هو ظاهر منه يرونه بأعينهم ، ولم يكن أحد منهم يعرف كيف تتم عملية التلقيح والإخصاب، فكل هذا يشهد بأن كل ما كان يُخْبِرُ به النبي صلى الله عليه وسلم إنما هو وحي أوحاه إليه الخالق العليم. ع
(خ م ت حب)، وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ:(كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه فَذَكَرَ الْقَوْمُ رَجُلًا ، فَذَكَرُوا مِنْ خُلُقِهِ ، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: أَرَأَيْتُمْ لَوْ قَطَعْتُمْ رَأْسَهُ؟ ، أَكُنْتُمْ تَسْتَطِيعُونَ أَنْ تُعِيدُوهُ؟ ، قَالُوا: لَا ، قَالَ: فَيَدَهُ؟ ، قَالُوا: لَا ، قَالَ: فَرِجْلَهُ؟ ، قَالُوا: لَا ، قَالَ: فَإِنَّكُمْ لَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تُغَيِّرُوا خُلُقَهُ ، حَتَّى تُغَيِّرُوا خَلْقَهُ)(1)(فَالشَّقِيُّ مَنْ شَقِيَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ ، وَالسَّعِيدُ مَنْ وُعِظَ بِغَيْرِهِ ، فَقِيلَ لَهُ: وَكَيْفَ يَشْقَى رَجُلٌ بِغَيْرِ عَمَلٍ؟)(2)(قَالَ: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ (3) - قَالَ: " إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ (4) فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ، ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً (5) مِثْلَ ذَلِكَ ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً (6) مِثْلَ ذَلِكَ (7)) (8) (ثُمَّ يَبْعَثُ اللهُ إِلَيْهِ مَلَكًا فَصَوَّرَهُ ، وَخَلَقَ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ ، وَجِلْدَهُ وَشَعْرَهُ ، وَلَحْمَهُ وَعِظَامَهُ (9)) (10) (وَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعٍ كَلِمَاتٍ (11): فَيَكْتُبُ رِزْقَهُ ، وَأَجَلَهُ ، وَعَمَلَهُ ، وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ) (12) (يَقُولُ: يَا رَبِّ ، أَذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى؟ ، فَيَجْعَلُهُ اللهُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى ، ثُمَّ يَقُولُ: يَا رَبِّ ، أَسَوِيٌّ أَوْ غَيْرُ سَوِيٍّ؟ ، فَيَجْعَلُهُ اللهُ سَوِيًّا أَوْ غَيْرَ سَوِيٍّ ، ثُمَّ يَقُولُ: يَا رَبِّ ، مَا رِزْقُهُ؟ ، فَيَقْضِي رَبُّكَ مَا شَاءَ ، وَيَكْتُبُ الْمَلَكُ ، ثُمَّ يَقُولُ: يَا رَبِّ ، مَا أَجَلُهُ؟ فَيَقُولُ رَبُّكَ مَا شَاءَ ، وَيَكْتُبُ الْمَلَكُ ، ثُمَّ يَقُولُ: يَا رَبِّ، مَا خُلُقُهُ؟ ، أَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ؟ ، فَيَجْعَلُهُ اللهُ شَقِيًّا أَوْ سَعِيدًا ، وَيَكْتُبُ الْمَلَكُ (13)) (14) (فَيَقْضِي اللهُ تَعَالَى إِلَيْهِ أَمْرَهُ، فَيَكْتُبُ مَا هُوَ لَاقٍ حَتَّى النَّكْبَةَ يُنْكَبُهَا (15)) (16) (ثُمَّ يَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ ") (17)
الشرح (18)
(1)(خد) 283 ، انظر صَحْيح الْأَدَبِ الْمُفْرَد: 215
(2)
(م) 2645
(3)
أي: الصَّادِقُ فِي قَوْلِه، الْمَصْدُوقُ فِيمَا يَأْتِيهِ مِنْ الْوَحْي الْكَرِيم. النووي (8/ 489)
(4)
قَالَ اِبْن الْأَثِير فِي النِّهَايَة: يَجُوزُ أَنْ يُرِيدَ بِالْجَمْعِ مُكْثَ النُّطْفَةِ فِي الرَّحِم،
أَيْ: تَمْكُثُ النُّطْفَةُ أَرْبَعِينَ يَوْمًا تُخَمَّر فِيهِ، حَتَّى تَتَهَيَّأ لِلتَّصْوِيرِ، ثُمَّ تُخْلَقُ بَعْدَ ذَلِكَ فتح الباري - (ج 18 / ص 437)
(5)
العَلَقة: الدَّمُ الْجَامِدُ الْغَلِيظ ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِلرُّطُوبَةِ الَّتِي فِيهِ، وَتَعَلُّقِهِ بِمَا مَرَّ بِهِ. فتح الباري - (ج 18 / ص 437)
(6)
المُضْغَة: قِطْعَةُ اللَّحْم سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا قَدْرُ مَا يَمْضُغُ الْمَاضِغُ. فتح (18/ 437)
(7)
يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ تَصَيُّرَهَا شَيْئًا فَشَيْئًا، فَيُخَالِطُ الدَّمُ النُّطْفَةَ فِي الْأَرْبَعِينَ الْأُولَى بَعْد اِنْعِقَادِهَا وَامْتِدَادِهَا، وَتَجْرِي فِي أَجْزَائِهَا شَيْئًا فَشَيْئًا حَتَّى تَتَكَامَلَ عَلَقَةً فِي أَثْنَاء الْأَرْبَعِينَ، ثُمَّ يُخَالِطُهَا اللَّحْم شَيْئًا فَشَيْئًا إِلَى أَنْ تَشْتَدَّ فَتَصِير مُضْغَة ،
وَلَا تُسَمَّى عَلَقَةً قَبْل ذَلِكَ مَا دَامَتْ نُطْفَة، وَكَذَا مَا بَعْد ذَلِكَ مِنْ زَمَان الْعَلَقَةِ وَالْمُضْغَة. فتح الباري - (ج 18 / ص 437)
(8)
(خ) 1226
(9)
حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ بِجَمِيعِ طُرُقِهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْجَنِينَ يَتَقَلَّبُ فِي مِائَة وَعِشْرِينَ يَوْمًا فِي ثَلَاثَة أَطْوَار ، كُلُّ طَوْرٍ مِنْهَا فِي أَرْبَعِينَ ، ثُمَّ بَعْدَ تَكْمِلَتِهَا يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ وَقَدْ ذَكَرَ اللهُ تَعَالَى هَذِهِ الْأَطْوَارَ الثَّلَاثَةَ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِمُدَّةٍ فِي عِدَّةِ سُوَرٍ، مِنْهَا فِي الْحَجّ ، وَدَلَّتْ الْآيَةُ الْمَذْكُورةُ عَلَى أَنَّ التَّخْلِيقَ يَكُونُ لِلْمُضْغَةِ، وَبَيَّنَ الْحَدِيثُ أَنَّ ذَلِكَ يَكُونُ فِيهَا إِذَا تَكَامَلَتْ الْأَرْبَعِينَ ، وَهِيَ الْمُدَّة الَّتِي إِذَا اِنْتَهَتْ سُمِّيَتْ مُضْغَة، وَذَكَرَ اللهُ النُّطْفَة ، ثُمَّ الْعَلَقَةَ ، ثُمَّ الْمُضْغَةَ فِي سُوَرٍ أُخْرَى ، وَزَادَ فِي سُورَةِ
(المؤمنون) بَعْد الْمُضْغَة {فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا ، فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا} الْآيَةَ وَيُؤْخَذُ مِنْهَا وَمِنْ حَدِيث الْبَاب أَنَّ تَصَيُّرَ الْمُضْغَةِ عِظَامًا بَعْد نَفْخ الرُّوح. فتح الباري - (ج 18 / ص 437)
(10)
(م) 2645
(11)
الْمُرَاد بِالْكَلِمَاتِ: الْقَضَايَا الْمُقَدَّرَة، وَكُلّ قَضِيَّةٍ تُسَمَّى كَلِمَةً. فتح (18/ 437)
(12)
(خ) 7016
(13)
جَمَعَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْكِتَابَةَ تَقَعُ مَرَّتَيْنِ: فَالْكِتَابَةُ الْأُولَى فِي السَّمَاء ، وَالثَّانِيَة فِي بَطْنِ الْمَرْأَة. فتح الباري - (ج 18 / ص 437)
فَالْمُرَاد بِجَمِيعِ مَا ذُكِرَ مِنْ الرِّزْقِ وَالْأَجَلِ وَالشَّقَاوَةِ وَالسَّعَادَةِ وَالْعَمَلِ وَالذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَة ، أَنَّهُ يَظْهَرُ ذَلِكَ لِلْمَلَكِ، وَيَامُرُهُ اللهُ بِإِنْفَاذِهِ وَكِتَابَتِه، وَإِلَّا فَقَضَاءُ اللهِ تَعَالَى سَابِقٌ عَلَى ذَلِكَ، وَعِلْمُهُ وَإِرَادَتُه لِكُلِّ ذَلِكَ مَوْجُودٌ فِي الْأَزَل ، وَالله أَعْلَم. شرح النووي على مسلم - (ج 8 / ص 493)
(14)
(م) 2645
(15)
(النَّكْبَةِ): مَا يُصِيبُ الْإِنْسَانَ مِنْ الْحَوَادِثِ. تحفة الأحوذي (7/ 359)
(16)
(حب) 6178 ، وصححه الألباني في ظلال الجنة: 186، وصحيح موارد الظمآن: 1520
(17)
(خ) 3154 ، 7016
(18)
اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ نَفْخَ الرُّوحِ لَا يَكُونُ إِلَّا بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ ،
وَقَدْ قِيلَ: إِنَّهُ الْحِكْمَةُ فِي عِدَّةِ الْمَرْأَةِ مِنْ الْوَفَاةِ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْر، وَهُوَ الدُّخُولُ فِي الشَّهْرِ الْخَامِسِ. وَمَعْنَى إِسْنَادِ النَّفْخِ لِلْمَلَكِ: أَنَّهُ يَفْعَلُهُ بِأَمْرِ الله، وَالنَّفْخُ فِي الْأَصْل: إِخْرَاجُ رِيحٍ مِنْ جَوْفِ النَّافِخِ ، لِيَدْخُلَ فِي الْمَنْفُوخ فِيهِ. فتح الباري - (ج 18 / ص 437)
(خ د جة حم)، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (" إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِي طَعَامِ أَحَدِكُمْ أَوْ شَرَابِهِ فَلْيَغْمِسْهُ)(1)(كُلَّهُ)(2)(فِيهِ)(3)(ثُمَّ لِيَنْزِعْهُ ، فَإِنَّ فِي إِحْدَى جَنَاحَيْهِ دَاءً وَالْأُخْرَى شِفَاءً)(4)
(وَإِنَّهُ يَتَّقِي بِجَنَاحِهِ الَّذِي فِيهِ الدَّاءُ ، فَلْيَغْمِسْهُ كُلُّهُ ")(5)
وفي رواية: " إِذَا وَقَعَ فِي الطَّعَامِ فَامْقُلُوهُ (6) فَإِنَّهُ يُقَدِّمُ السُّمَّ وَيُؤَخِّرُ الشِّفَاءَ "(7)
وفي رواية: " فَإِذَا وَقَعَ فِي الْإِنَاءِ فَأَرْسِبُوهُ ، فَيَذهبُ شِفَاؤهُ بِدَائِه "(8)
الشرح (9)
(1)(حم) 9719 ، (خ) 3142
(2)
(خ) 5445
(3)
(جة) 3505
(4)
(خ) 3142
(5)
(د) 3844
(6)
أَيْ: اِغْمِسُوهُ فِي الطَّعَام أَوْ الشَّرَاب، وَالْمَقْل: الْغَمْس.
(7)
(جة) 3504 ، انظر صَحِيح الْجَامِع: 4234 ، والصحيحة: 39
(8)
صَحِيح الْجَامِع: 4249
(9)
قال الألباني في الصحيحة: قد ثبت الحديث بهذه الأسانيد الصحيحة عن هؤلاء الصحابة الثلاثة: أبي هريرة ، وأبي سعيد ، وأنس، ثبوتا لا مجال لردِّه ولا للتشكيك فيه ، كما ثبت صِدْقُ أبي هريرة رضي الله عنه في روايته إياه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خلافا لبعض غُلاة الشيعة من المعاصرين، ومن تبعهم من الزائغين، حيث طعنوا فيه رضي الله عنه لروايته إياه ، واتهموه بأنه يكذب فيه على رسول الله صلى الله عليه وسلم وحاشاه من ذلك فهذا هو التحقيق العلمي يُثبت أنه بريء من كل ذلك، وأن الطاعنَ فيه هو الحقيق بالطعن فيه، لأنهم رموا صحابيًّا بالبَهْت، وردُّوا حديثَ رسول الله صلى الله عليه وسلم لِمجرد عدم انطباقه على عقولهم المريضة! ، وقد رواه عنه جماعة من الصحابة كما علمتَ، وليت شعري ، هل عَلِمَ هؤلاء بعدم تفرُّد أبي هريرة بالحديث - وهو حجة ولو تفرَّد - أم جهلوا ذلك؟، فإن كان الأول ، فلماذا يتعللون برواية أبي هريرة إياه ، ويوهمون الناس أنه لم يُتابعْهُ أحد من الأصحاب الكرام؟.
وإن كان الآخر ، فهلا سألوا أهلَ الاختصاص والعلم بالحديث الشريف؟ ، وما أحسن ما قيل: فإن كنت لا تدري فتلك مصيبةٌوإن كنت تدري فالمصيبة أعظمُ ثم إن كثيرا من الناس يتوهمون أن هذا الحديث يخالف ما يقرره الأطباء ، وهو أن الذباب يحمل بأطرافه الجراثيم، فإذا وقع في الطعام أو في الشراب علقت به تلك الجراثيم، والحقيقة أن الحديث لا يخالف الأطباء في ذلك، بل هو يؤيدهم ، إذ يُخبر أن في أحد جناحيه داء، ولكنه يزيد عليهم فيقول:" وفي الآخر شفاء " فهذا مما لم يُحِيطوا بعلمه، فوجب عليهم الإيمان به إن كانوا مسلمين، وإلا فالتوقُّفُ إذا كانوا من غيرهم ، إن كانوا عقلاءَ علماءَ! ، ذلك لأن العلمَ الصحيح يشهد أن عدم العلمِ بالشيء لا يستلزمُ العلمَ بعدمِه ، نقول ذلك على افتراض أن الطبَّ الحديث لم يشهدْ لهذا الحديث بالصحة ، وقد اختلفت آراء الأطباء حوله، وقرأتُ مقالات كثيرة في مجلات مختلفة ، كلٌّ يؤيد ما ذهب إليه تأييدا أو ردًّا، ونحن بصفتنا مؤمنين بصحة الحديث وأن النبي صلى الله عليه وسلم {لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى} ، لا يهمُّنا كثيرا ثبوت الحديث من وجهة نظر الطب، لأن الحديث برهانٌ قائم في نفسه ، لا يحتاج إلى دعم خارجي ، ومع ذلك ، فإن النفس تزداد إيمانا حين ترى الحديث الصحيح يوافقه العلم الصحيح، ولذلك فلا يخلو من فائدة أن أنقلَ إلى القراء خُلاصة محاضرة ألقاها أحد الأطباء في جمعية الهداية الإسلامية في مصر حول هذا الحديث ، قال:" يقع الذباب على المواد القذرة المملؤة بالجراثيم التي تنشأ منها الأمراض المختلفة، فينقُل بعضَها بأطرافه، ويأكلُ بعضا، فيتكون في جسمه من ذلك مادة سامة ، يسميها علماء الطب بـ " مُبْعِد البكتيريا " وهي تقتل كثيرا من جراثيم الأمراض، ولا يمكن لتلك الجراثيم أن تبقى حية أو يكون لها تأثير في جسم الإنسان في حال وجود " مُبْعِد البكتيريا " ، وأن هناك خاصية في أحد جناحي الذباب، هي أنه يحوِّلُ البكتريا إلى ناحيته، وعلى هذا ، فإذا سقط الذباب في شراب أو طعام ، وألقى الجراثيم العالقة بأطرافه في ذلك الشراب، فإن أقربَ مبيدٍ لتلك الجراثيم ، وأول واقٍ منها هو " مُبْعِد البكتيريا " الذي يحمله الذباب في جوفه ، قريبا من أحد جناحيه، فإذا كان هناك داء ، فدواؤه قريب منه وغمْسُ الذبابِ كلِّه وطرحُه كافٍ لقتل الجراثيم التي كانت عالقة، وكافٍ في إبطال عملها ".
وقد قرأتُ قديما في هذه المجلة بحثا إضافيا في هذا المعنى للطبيب الأستاذ سعيد السيوطي (مجلد العام الأول) ، وقرأت كلمة في مجلد العام الفائت
(ص 503) كلمة للطَّبِيبيْن: محمود كمال ، ومحمد عبد المنعم حسين ، نقلا عن مجلة الأزهر ، ثم وقفتُ على العدد (82) من " مجلة العربي " الكويتية
ص144 تحت عنوان: " أنت تسأل ونحن نجيب " بقلم المدعو (..)، جوابا له على سؤال عما لهذا الحديث من الصحة والضعف ، فقال: " أما حديثُ الذباب وما في جناحيه من داء وشفاء، فحديثٌ ضعيف، بل هو عَقْلا حديثٌ مفترى، فمن المُسَلَّمِ به أن الذباب يحمل من الجراثيم والأقذار
…
ولم يقلْ أحدٌ قط أن في جناحي الذبابة داءً وفي الآخر شفاء، إلَّا من وَضَع هذا الحديث أو افتراه، ولو صح ذلك لكشف عنه العلم الحديث الذي يقطع بمضارِّ الذباب ، ويحضُّ على مكافحته ".
وفي الكلام على اختصاره من الدَّسِّ والجهل ما لا بد من الكشف عنه ، دفاعا عن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وصيانةً له أن يَكْفُرَ به من قد يغترُّ بزخرف القول ،
فأقول: أولا: لقد زَعَمَ أن الحديثَ ضعيف، يعني من الناحية العلمية الحديثية ، بدليل قوله:" بل هو عَقْلا حديثٌ مُفْتَرَى " ، وهذا الزعمُ واضح البطلان، تعرف ذلك مما سبق من تخريج الحديث من طرق ثلاث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلها صحيحة ، وحسْبُك دليلا على ذلك أن أحدا من أهل العلم لم يقُلْ بِضَعْف الحديث كما فعل هذا الكاتب الجريء!.
ثانيا: لقد زعم أنه عَقْلا حديثٌ مُفْتَرَى ، وهذا الزعمُ ليس وضوحُ بطلانِهِ بأقلَّ من سابقِه، لأنه مجرد دعوى ، لم يَسُقْ دليلًا يؤيده به سوى الجهل بالعلم الذي لا يمكنه الإحاطة به، ألست تراه يقول: " ولم يقل أحد
…
، ولو صَحَّ لكَشفَ عنه العلمُ الحديث
…
"
فهل العلمُ الحديثُ - أيها المسكين - قد أحاطَ بكل شيء علما، أم أن أهله الذين لم يُصابوا بالغرور - كما أُصِيبَ من يُقلِّدُهُم مِنَّا - يقولون: إننا كلما ازددنا علما بما في الكون وأسراره، ازددنا معرفة بجهلنا! ، وأن الأمر بحق كما قال الله تبارك وتعالى:{وما أوتيتم من العلم إلا قليلا} .
وأما قوله: " إن العلم يقطع بمضار الذباب ، ويحض على مكافحته " فمغالطة مكشوفة، لأننا نقول: إن الحديث لم يَقُلْ نقيضَ هذا، وإنما تحدَّث عن قضية أخرى لم يكن العلم يعرف مُعالجتَها، فإذا قال الحديث:" إذا وقع الذباب .. " فلا أحد يَفهم، لا من العرب ، ولا من العجم - اللهم إلا العُجْم في عقولهم وأفهامهم - أن الشرعَ يبارك في الذباب ولا يكافحه.
ثالثا: قد نقلنا لك فيما سبق ما أثبته الطب اليوم، من أن الذباب يحمل في جوفه ما سموه بـ " مبعد البكتريا " ، القاتل للجراثيم ، وهذا وإن لم يكن موافقا لما في الحديث على وجه التفصيل، فهو في الجملة موافق لما استنكره الكاتب المُشَار إليه وأمثالُه من اجتماع الداء والدواء في الذباب، ولا يبْعُدُ أن يأتي يوم تَنْجَلي فيه معجزة الرسول صلى الله عليه وسلم في ثبوت التفاصيل المشار إليها علميا {وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ} ، وإن من عجيب أمر هذا الكاتب وتناقضه أنه في الوقت الذي ذهبَ فيه إلى تضعيف هذا الحديث، ذهبَ إلى تصحيح حديث " طَهُورُ الإناء الذي يَلِغُ فيه الكلب أن يُغْسَل سبع مرات إحداهن بالتراب "، فقال:" حديث صحيح متفق عليه " ، فإنه إذا كانت صحته جاءت من اتفاق العلماء أو الشيخين على صحته ، فالحديث الأول أيضا صحيح عند العلماء بدون خلاف بينهم، فكيف جازَ له تضعيف هذا وتصحيح ذاك؟! ، ثم تأويله تأويلا باطلا يؤدي إلى أن الحديث غير صحيح عنده في معناه، لأنه ذَكَر أن المقصود من العدد مجرد الكثرة، وأن المقصود من التراب هو استعمال مادة مع الماء من شأنها إزالة ذلك الأثر! ، وهذا تأويل باطل بَيِّنُ البطلان - وإن كان عزاه للشيخ محمود شلتوت عفا الله عنه -.
فلا أدري أي خَطَأَيْه أعظم، أهو تضعيفه للحديث الأول وهو صحيح، أم تأويله للحديث الآخر ، وهو تأويل باطل!.
وبهذه المناسبة، فإني أنصح القراء الكرام بأن لا يَثِقُوا بكل ما يُكتَب اليوم في بعض المجلات السائرة، أو الكُتُب الذائعة من البحوث الإسلامية، وخصوصا ما كان منها في علم الحديث، إلا إذا كانت بقلم من يُوثَق بدينه أولا، ثم بعلمه واختصاصه فيه ثانيا، فقد غلب الغرورُ على كثير من كُتَّاب العصر الحاضر، وخصوصا من يحمل منهم لقب " الدكتور "! ، فإنهم يكتبون فيما ليس من اختصاصهم، وما لا عِلْمَ لهم به، وإني لَأَعْرِفُ واحدًا من هؤلاء، أخرجَ حديثا إلى الناس كتابا جُلُّه في الحديث والسيرة، وزعمَ فيه أنه اعتمدَ فيه على ما صح من الأحاديث والأخبار في كتب السنة والسيرة! ، ثم هو أورد فيه من الروايات والأحاديث ما تفرَّدَ به الضعفاء والمتروكون والمتَّهمون بالكذب من الرواة ، كالواقدي وغيره، بل أورد فيه حديث:" نحن نَحْكُم بالظاهر والله يتولى السرائر" وجزمَ بِنِسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم {وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ} ، مع أنه مما لا أصل له عنه بهذا اللفظ، كما نبه عليه حُفَّاظُ الحديث كالسخاوي وغيره ، فاحذروا أيها القُرَّاء أمثال هؤلاء ، والله المستعان. أ. هـ
(خ م)، وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ:(جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنَّ أَخِي اسْتَطْلَقَ بَطْنُهُ (1) فَقَالَ:" اسْقِهِ عَسَلًا "، فَسَقَاهُ) (2) (ثُمَّ أَتَى الثَّانِيَةَ) (3) (فَقَالَ: إِنِّي سَقَيْتُهُ ، فَلَمْ يَزِدْهُ إِلَّا اسْتِطْلَاقًا) (4) (فَقَالَ:" اسْقِهِ عَسَلًا "، ثُمَّ أَتَاهُ الثَّالِثَةَ) (5) (فَقَالَ: إِنِّي سَقَيْتُهُ، فَلَمْ يَزِدْهُ إِلَّا اسْتِطْلَاقًا) (6) (فَقَالَ:" اسْقِهِ عَسَلًا") (7)(ثُمَّ جَاءَ الرَّابِعَةَ فَقَالَ: لَقَدْ سَقَيْتُهُ ، فَلَمْ يَزِدْهُ إِلَّا اسْتِطْلَاقًا)(8)(فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " صَدَقَ اللهُ وَكَذَبَ بَطْنُ أَخِيكَ ، اسْقِهِ عَسَلًا " فَسَقَاهُ فَبَرَأَ)(9).
الشرح (10)
(1) أَيْ: كَثُرَ خُرُوج مَا فِيهِ، يُرِيدُ الْإِسْهَالَ. فتح الباري - (ج 16 / ص 235)
(2)
(خ) 5386
(3)
(خ) 5360
(4)
(خ) 5386
(5)
(خ) 5360
(6)
(م) 2217
(7)
(خ) 5360
(8)
(م) 2217
(9)
(خ) 5360 ، (م) 2217
(10)
اتَّفَقَ الْأَطِبَّاءُ عَلَى أَنَّ الْمَرَضَ الْوَاحِدَ يَخْتَلِفُ عِلَاجُهُ بِاخْتِلَافِ السِّنِّ وَالْعَادَةِ وَالزَّمَانِ ، وَالْغِذَاءِ الْمَالُوفِ ، وَالتَّدْبِيرِ ، وَقُوَّةِ الطَّبِيعَةِ ، وَعَلَى أَنَّ الْإِسْهَالَ يَحْدُثُ مِنْ أَنْوَاعٍ ، مِنْهَا: الْهَيْضَةُ الَّتِي تَنْشَأُ عَنْ تُخَمَةٍ ، وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ عِلَاجَهَا بِتَرْكِ الطَّبِيعَةِ وَفِعْلِهَا ، فَإِنَّ احتَاجَتِ إِلَى مُسَهِّلٍ مُعَيَّنٍ ، أُعِينَتْ مَا دَامَ بِالْعَلِيلِ قُوَّةٌ ، فَكَأَنَّ هَذَا الرَّجُلَ كَانَ اسْتِطْلَاقُ بَطْنِهِ عَنْ تُخَمَةٍ أَصَابَتْهُ ، فَوَصَفَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْعَسَلَ لِدَفْعِ الْفُضُولِ الْمُجْتَمِعَةِ فِي نَوَاحِي الْمَعِدَةِ وَالْأَمْعَاءِ ، لِمَا فِي الْعَسَلِ مِنَ الْجَلَاءِ ، وَدَفْعِ الْفُضُولِ الَّتِي تُصِيبُ الْمَعِدَةَ مِنْ أَخْلَاطٍ لَزِجَةٍ تَمْنَعُ اسْتِقْرَارَ الْغِذَاءِ فِيهَا ، وَلِلْمَعِدَةِ خَمْلٌ كَخَمْلِ الْمِنْشَفَةِ ، فَإِذَا عَلِقَتْ بِهَا الْأَخْلَاطُ اللَّزِجَةُ أَفْسَدَتْهَا وَأَفْسَدَتِ الْغِذَاءَ الْوَاصِلَ إِلَيْهَا ، فَكَانَ دَوَاؤُهَا بِاسْتِعْمَالِ مَا يَجْلُو تِلْكَ الْأَخْلَاطَ وَلَا شَيْءَ فِي ذَلِكَ مِثْلُ الْعَسَلِ ، لَا سِيَّمَا إِنْ مُزِجَ بِالْمَاءِ الْحَارِّ ، وَإِنَّمَا لَمْ يُفِدْهُ فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ ، لِأَنَّ الدَّوَاءَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ لَهُ مِقْدَارٌ وَكَمِّيَّةٌ بِحَسَبِ الدَّاءِ ، إِنْ قَصُرَ عَنْهُ لم يَدْفَعهُ بِالْكُلِّيَّةِ ، وَإِن جَاوَزَهُ أَوْهَى الْقُوَّةَ ، وَأَحْدَثَ ضَرَرًا آخَرَ ، فَكَأَنَّهُ شَرِبَ مِنْهُ أَوَّلًا مِقْدَارًا لَا يَفِي بِمُقَاوَمَةِ الدَّاءِ ، فَأَمَرَهُ بِمُعَاوَدَةِ سَقْيِهِ ، فَلَمَّا تَكَرَّرَتِ الشَّرَبَاتُ بِحَسَبِ مَادَّةِ الدَّاءِ ، بَرَأَ بِإِذْنِ اللهِ تَعَالَى.
وَفِي قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم " وَكَذَبَ بَطْنُ أَخِيكَ " إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ هَذَا الدَّوَاءَ نَافِعٌ ، وَأَنَّ بَقَاءَ الدَّاءِ لَيْسَ لِقُصُورِ الدَّوَاءِ فِي نَفْسِهِ وَلَكِنْ لِكَثْرَةِ الْمَادَّةِ الْفَاسِدَةِ ، فَمِنْ ثَمَّ أَمَرَهُ بِمُعَاوَدَةِ شُرْبِ الْعَسَلِ لِاسْتِفْرَاغِهَا ، فَكَانَ كَذَلِكَ ، وَبَرَأَ بِإِذْنِ اللهِ.
قَالَ الْخَطَّابِيُّ: وَالطِّبُّ نَوْعَانِ: طِبُّ الْيُونَانِ ، وَهُوَ قِيَاسِيٌّ ، وَطِبُّ الْعَرَبِ وَالْهِنْدِ وَهُوَ تَجَارِبِيٌّ ، وَكَانَ أَكْثَرُ مَا يَصِفهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِمَنْ يَكُونُ عَلِيلًا عَلَى طَرِيقَةِ طِبِّ الْعَرَبِ ، وَمِنْهُ مَا يَكُونُ مِمَّا اطَّلَعَ عَلَيْهِ بِالْوَحْيِ ، وَقَدْ قَالَ صَاحِبُ كِتَابِ الْمِائَةِ فِي الطِّبِّ: إِنَّ الْعَسَلَ تَارَةً يَجْرِي سَرِيعًا إِلَى الْعُرُوقِ ، وَيَنْفُذُ مَعَهُ جُلُّ الْغِذَاءِ ، وَيُدِرُّ الْبَوْلَ ، فَيَكُونُ قَابِضًا ، وَتَارَةً يَبْقَى فِي الْمَعِدَةِ ، فَيُهَيِّجُهَا بِلَذْعِهَا حَتَّى يَدْفَعَ الطَّعَامَ وَيُسْهِلَ الْبَطْنَ ، فَيَكُونُ مُسْهِلًا ، فَإِنْكَارُ وَصْفِهِ لِلْمُسْهِلِ مُطْلَقًا قُصُورٌ مِنَ الْمُنْكِرِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: طِبُّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُتَيَقَّنٌ الْبُرْءُ ، لِصُدُورِهِ عَنِ الْوَحْي ، وَطِبُّ غَيْرِهِ أَكْثَرُهُ حَدْسٌ أَوْ تَجْرِبَةٌ ، وَقَدْ يَتَخَلَّفُ الشِّفَاءُ عَنْ بَعْضِ مَنْ يَسْتَعْمِلُ طِبَّ النُّبُوَّةِ ، وَذَلِكَ لِمَانِعٍ قَامَ بِالْمُسْتَعْمِلِ ، مِنْ ضَعْفِ اعْتِقَادِ الشِّفَاءِ بِهِ ، وَتَلَقِّيهِ بِالْقَبُولِ ، وَأَظْهَرُ الْأَمْثِلَةِ فِي ذَلِكَ الْقُرْآنُ الَّذِي هُوَ شِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ ، وَمَعَ ذَلِكَ فَقَدْ لَا يَحْصُلُ لِبَعْضِ النَّاسِ شِفَاءُ صَدْرِهِ ، لِقُصُورِهِ فِي الِاعْتِقَادِ وَالتَّلَقِّي بِالْقَبُولِ ، بَلْ لَا يَزِيدُ الْمُنَافِقَ إِلَّا رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِ ، وَمَرَضًا إِلَى مَرَضِهِ ، فَطِبُّ النُّبُوَّةِ لَا يُنَاسِبُ إِلَّا الْأَبْدَانَ الطَّيِّبَةَ ، كَمَا أَنَّ شِفَاءَ الْقُرْآنِ لَا يُنَاسِبُ إِلَّا الْقُلُوب الطّيبَة ، وَالله أعلم. فتح الباري - (ج 16 / ص 235)
(د)، وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ تَحْتَ الْبَحْرِ نَارًا ، وَتَحْتَ النَّارِ بَحْرًا "(1)(ضعيف)
الشرح (2)
(1)(د) 2489 ، (ضعيف)
(2)
استدل بهذا الحديث الدكتور علي محمد نصر، في بحثه (القول القويم في إعجاز القرآن الكريم)، والشيخ عبدالمجيد الزنداني، في محاضرته (معجزة القرآن في هذا الزمان)؛ على إنه إعجاز علمي للسنة، فقد أثبت العلم الحديث هذه الحقيقة التي أخبر بها الحديث، بل وأخبر بها القرآن، قال تعالى:{وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ} [الطور: 6] فقد أثبتت أجهزة التصوير العلمية الحديثة الدقيقة لتصوير أعماق البحار، أن في قيعان البحر العميقة ناراً ملتهبة.
وزاد الشيخ الزنداني على هذه القضية - قضية أن تحت البحر ناراً - زاد قضية أخرى، وهي أنه اكْتُشِفَ أيضاً وصُوِّرَ ماءٌ يخرج من النار التي تخرج من قاع البحار والمحيطات، فقال - وهو يشرح صُوَراً حقيقية لقيعان المحيطات والشقوق الموجودة فيها، حيث تخرج منها النيران -: " هذا سطح البحر، وهذه النار التي من أسفل، هذا مكان الشقوق وخروج النار، هذه نيران بأكملها، وقد جاء في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يركبن رجل البحر
…
»
ثم قال: " وفي بعض الأحيان، يحدث انفجار هائل، يضغط على سطح البحر؛ فيكوِّن موجة هائلة، فتدمر السفن القريبة، أو تَخْرُج النارُ إلى سطح البحر لذلك قيل: الجمع بين هذا الحديث وبين النصوص الأخرى التي تحثُّ على ركوب البحر، والانتفاع به ، وابتغاء فضل الله، بأن النهي ليس للتحريم "
ثم تابع الحديث عن الصُوَرِ فقال: " هذه صورة حقيقية من قيعان المحيطات، تَخْرُج النارُ كما ترون مع الماء من الأسفل، من الأعماق السفلى يطلع ماء، هذا الماء من أين يأتي؟ ، لا يدرون، هم إلى الآن لا يعلمون من أين يأتي، ولكنه يخرج ومعه تلك النيران، وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «فإن تحت البحر ناراً ، وتحت النار بحراً» ، ولعل هذا الماء من البحر الذي أسفل، فهم يرون ماءً يأتي، ولا يدرون من أين يأتي على وجه القطع، هناك نظريات ، ولكنهم ليسوا متأكدين ". أ. هـ
(حم)، وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما قَالَ:" رَأَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الشَّمْسَ حِينَ غَرَبَتْ ، فَقَالَ: فِي نَارِ اللهِ الْحَامِيَةِ لَوْلَا مَا يَزَعُهَا (1) مِنْ أَمْرِ اللهِ ، لَأَهْلَكَتْ مَا عَلَى الْأَرْضِ"(2)(ضعيف)
الشرح (3)
(1) أَيْ: يمنعُها ويكفُّها.
(2)
(حم) 6934 ، وقال شعيب الأرنؤوط في: إسناده ضعيف لجهالة الراوي عن عبد الله بن عمرو ، وكذلك قال أحمد شاكر.
قلت: لكن الحديث من الناحية العلمية صحيح. ع
(3)
تُعَرَّف الشمس علميا وعمليا (من واقع العلم التجريبي الثابت النهائي المدعم بالأجهزة والمؤيد بالخبراء والعلماء مسلمين وغير مسلمين) بأنها جُرم سماوي عملاق كروي يبلغ 1.3 مليون مثل كوكب الأرض!! ، تطلق أعمدة من النار شديد الارتفاع ، وشدة جاذبيتها يمنع إفلات أي شيء منها ، والمعروف أن الحياة بالنسبة لنا مستحيلة على الكوكبين القريبين من الشمس عطارد والزهرة ، حيث درجات الحرارة العالية، أما على كوكبنا ، فالمسألة ليست اعتدال الحرارة بسبب البعد المحسوب والدقيق لكوكب الأرض عن الشمس فحسب، بل إن طبقات الغلاف الجوي ترشِّح الأشعة الخطرة الآتية من الشمس باتجاهنا وتحجز الكثير جدا من حرارتها، حتى أن الطبقة الثالثة تصل حرارتها إلى1000 درجة مئوية!! ثم تهبط في الطبقة الثانية إلى 50 تحت الصفر!! ، ثم تعتدل إلى متوسطها التي نعرفها في الطبقة الأولى من 50 فوق الصفر.
فهناك مئات من العوامل - بلا أي مبالغة في ذلك الرقم - تقومُ على حمايةِ الأرض من مخاطر الشمس، سواءٌ كانت تلك العوامل من الشمس ، أو الأرض أو الغلاف الجوي .. فلا يَصِلُنا من الشمس سوى ما يُفيدنا من ضوء وحرارة.