الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَرْكَانُ الْإِسْلَام
(خ م)، عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ (1): شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، وَإِقَامِ الصَلَاةِ، وَصِيَامِ رَمَضَانَ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَحَجِّ الْبَيْتِ "(2)
(تَنْبِيهَات)(3)
(1) أَيْ: عَلَى خَمْسِ دَعَائِم.
فَإِنْ قِيلَ: الْأَرْبَعَةً الْمَذْكُورَةً مَبْنِيَّةُ عَلَى الشَّهَادَة ، إِذْ لَا يَصِحُّ شَيْءٌ مِنْهَا إِلَّا بَعْدَ وُجُودِهَا ، فَكَيْفَ يُضَمُّ مَبْنِيٌّ إِلَى مَبْنِيٍّ عَلَيْهِ فِي مُسَمًّى وَاحِد؟ ،
أُجِيبَ بِجَوَازِ اِبْتِنَاء أَمْرٍ عَلَى أَمْرٍ يَنْبَنِي عَلَى الْأَمْرَيْنِ أَمْرٌ آخَر.
فَإِنْ قِيلَ: الْمَبْنِيُّ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ غَيْر الْمَبْنِيِّ عَلَيْهِ.
أُجِيبَ: بِأَنَّ الْمَجْمُوعَ غَيْرٌ مِنْ حَيْثُ الِانْفِرَاد، عَيْنٌ مِنْ حَيْثُ الْجَمْع ، وَمِثَالُهُ الْبَيْتُ مِنْ الشَّعْر ، يُجْعَلُ عَلَى خَمْسَةِ أَعْمِدَة ، أَحَدُهَا أَوْسَط ، وَالْبَقِيَّة أَرْكَان،
فَمَا دَامَ الْأَوْسَطُ قَائِمًا ، فَمُسَمَّى الْبَيْتِ مَوْجُودٌ ، وَلَوْ سَقَطَ مَهْمَا سَقَطَ مِنْ الْأَرْكَانِ فَإِذَا سَقَطَ الْأَوْسَط ، سَقَطَ مُسَمَّى الْبَيْت، فَالْبَيْتُ بِالنَّظَرِ إِلَى مَجْمُوعِهِ شَيْءٌ وَاحِد وَبِالنَّظَرِ إِلَى أَفْرَادِهِ أَشْيَاء ، وَأَيْضًا فَبِالنَّظَرِ إِلَى أُسِّهِ وَأَرْكَانِهِ، الْأُسُّ أَصْلٌ، وَالْأَرْكَانُ تَبَعٌ وَتَكْمِلَة. (فتح الباري - ح8)
(2)
(خ) 8 ، (م) 16
(3)
أَحَدهَا: لَمْ يُذْكَرْ الْجِهَادَ لِأَنَّهُ فَرْضُ كِفَايَة ، وَلَا يَتَعَيَّنُ إِلَّا فِي بَعْضِ الْأَحْوَال، وَلِهَذَا جَعَلَهُ اِبْن عُمَرَ جَوَابَ السَّائِل، وَزَادَ فِي رِوَايَة عَبْد الرَّزَّاق فِي آخِره:" وَإِنَّ الْجِهَادَ مِنْ الْعَمَلِ الْحَسَن ".
ثَانِيهَا: فَإِنْ قِيلَ: لَمْ يَذْكُرْ الْإِيمَانَ بِالْأَنْبِيَاءِ وَالْمَلَائِكَةِ وَغَيْر ذَلِكَ مِمَّا تَضَمَّنَهُ سُؤَال جِبْرِيل عليه السلام.
أُجِيبَ: بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالشَّهَادَةِ تَصْدِيقُ الرَّسُولِ فِيمَا جَاءَ بِهِ، فَيَسْتَلْزِمُ جَمِيعَ مَا ذُكِرَ مِنْ الْمُعْتَقَدَات.
ثَالِثهَا: الْمُرَادُ بِإِقَامِ الصَّلَاةِ: الْمُدَاوَمَةُ عَلَيْهَا ، أَوْ مُطْلَقُ الْإِتْيَان بِهَا، وَالْمُرَادُ بِإِيتَاءِ الزَّكَاة: إِخْرَاجُ جُزْءٍ مِنْ الْمَالِ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوص. (فتح الباري - ح8)
(خ م)، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ:(" بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ رضي الله عنه إِلَى الْيَمَنِ)(1)(فَقَالَ: إِنَّكَ تَقْدَمُ عَلَى قَوْمٍ أَهْلِ كِتَابٍ ، فَلْيَكُنْ أَوَّلَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ (2)) (3)(شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ ، وَأَنِّي رَسُولُ اللهِ (4) فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ (5) فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللهَ قَدْ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ ، فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً فِي أَمْوَالِهِمْ (6) تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ (7) وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ) (8)(فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ ، فَخُذْ مِنْهُمْ)(9)(وَإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ (10)) (11)(وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ (12) فَإِنَّهَا لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللهِ حِجَابٌ (13) ") (14)
(1)(خ) 1331 ، (م) 19
(2)
فِي الحديثِ قَبُولُ خَبَرِ الْوَاحِدِ ، وَوُجُوبُ الْعَمَلِ بِهِ. فتح الباري (5/ 123)
(3)
(خ) 1389 ، (م) 19
(4)
وَقَعَتْ الْبُدَاءَةُ بِهِمَا لِأَنَّهُمَا أَصْلُ الدِّينِ الَّذِي لَا يَصِحُّ شَيْءٌ غَيْرُهُمَا إِلَّا بِهِمَا ، فَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ غَيْرَ مُوَحِّدٍ ، فَالْمُطَالَبَةُ مُتَوَجِّهَةٌ إِلَيْهِ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ الشَّهَادَتَيْنِ عَلَى التَّعْيِينِ، وَمَنْ كَانَ مُوَحِّدًا ، فَالْمُطَالَبَةُ لَهُ بِالْجَمْعِ بَيْنَ الْإِقْرَارِ بِالْوَحْدَانِيَّةِ ، وَالْإِقْرَارِ بِالرِّسَالَةِ، وَإِنْ كَانُوا يَعْتَقِدُونَ مَا يَقْتَضِي الْإِشْرَاكَ أَوْ يَسْتَلْزِمُهُ ، كَمَنْ يَقُولُ بِبُنُوَّةِ عُزَيْرٍ ، أَوْ يَعْتَقِدُ التَّشْبِيهَ ، فَتَكُونُ مُطَالَبَتُهُمْ بِالتَّوْحِيدِ لِنَفْيِ مَا يَلْزَمُ مِنْ عَقَائِدِهِمْ. فتح الباري (ج 5 / ص 123)
(5)
أَيْ: شَهِدُوا وَانْقَادُوا. فتح الباري (ج 5 / ص 123)
(6)
ذِكْرُ الصَّدَقَةِ أُخِّرَ عَنْ ذِكْرِ الصَّلَاةِ ، لِأَنَّهَا إِنَّمَا تَجِبُ عَلَى قَوْمٍ دُونَ قَوْمٍ ، وَلأَنَّهَا لَا تُكَرَّرُ تَكْرَارَ الصَّلَاةِ، وَتَمَامُهُ أَنْ يُقَالَ: بَدَأَ بِالْأَهَمِّ فَالْأَهَمِّ، وَذَلِكَ مِنْ التَّلَطُّفِ فِي الْخِطَابِ ، لِأَنَّهُ لَوْ طَالَبَهُمْ بِالْجَمِيعِ فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ ، لَمْ يَامَنْ النُّفْرَةَ. فتح الباري (ج 5 / ص 123)
(7)
اُسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ هُوَ الَّذِي يَتَوَلَّى قَبْضَ الزَّكَاةِ وَصَرْفَهَا ، إِمَّا بِنَفْسِهِ ، وَإِمَّا بِنَائِبِهِ، فَمَنْ اِمْتَنَعَ مِنْهَا ، أُخِذَتْ مِنْهُ قَهْرًا. فتح الباري (ج 5 / ص 123)
(8)
(خ) 1331 ، (م) 19
(9)
(خ) 1389 ، (م) 19
(10)
الْكَرَائِمُ: جَمْعُ كَرِيمَةٍ ، أَيْ: نَفِيسَةٍ، فَفِيهِ تَرْكُ أَخْذِ خِيَارِ الْمَالِ، وَالنُّكْتَةُ فِيهِ أَنَّ الزَّكَاةَ لِمُوَاسَاةِ الْفُقَرَاءِ ، فَلَا يُنَاسِبُ ذَلِكَ الْإِجْحَافَ بِمَالِ الْأَغْنِيَاءِ ، إِلَّا إِنْ رَضُوْا بِذَلِكَ. (فتح) - (ج 5 / ص 123)
(11)
(خ) 1425 ، (م) 19
(12)
أَيْ: تَجَنَّبْ الظُّلْمَ ، لِئَلَّا يَدْعُوَ عَلَيْكَ الْمَظْلُومُ ، وَالنُّكْتَةُ فِي ذِكْرِهِ عَقِبَ الْمَنْعِ مِنْ أَخْذِ الْكَرَائِمِ ، الْإِشَارَةُ إِلَى أَنَّ أَخْذَهَا ظُلْمٌ، وَلَكِنَّهُ عَمَّمَ إِشَارَةً إِلَى التَّحَرُّزِ عَنْ الظُّلْمِ مُطْلَقًا. فتح الباري (ج 5 / ص 123)
(13)
أَيْ: لَيْسَ لَهَا صَارِفٌ يَصْرِفُهَا وَلَا مَانِعٌ، وَالْمُرَادُ أَنَّهَا مَقْبُولَةٌ ، وَإِنْ كَانَ صَاحِبُهَا عَاصِيًا ، كَمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ أَحْمَدَ مَرْفُوعًا " دَعْوَةُ الْمَظْلُومِ مُسْتَجَابَةٌ، وَإِنْ كَانَ فَاجِرًا ، فَفُجُورُهُ عَلَى نَفْسِهِ " وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ. فتح الباري (ج 5 / ص 123)
(14)
(خ) 1425 ، (ت) 625
(خ م ت حم)، وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ:(" كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَجْلِسُ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ أَصْحَابِهِ (1)" ، فَيَجِيءُ الْغَرِيبُ (2) فلَا يَدْرِي أَيُّهُمْ هُوَ حَتَّى يَسْأَلَ، فَطَلَبْنَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نَجْعَلَ لَهُ مَجْلِسًا يَعْرِفُهُ الْغَرِيبُ إِذَا أَتَاهُ، فَبَنَيْنَا لَهُ دُكَّانًا (3) مِنْ طِينٍ ، " فَكَانَ يَجْلِسُ عَلَيْهِ (4) ") (5)(وَكُنَّا نَجْلِسُ بِجَنْبَتَيْهِ)(6)(فَبَيْنَمَا نَحْنُ ذَاتَ يَوْمٍ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم)(7)(إِذْ أَقْبَلَ رَجُلٌ (8) يَمْشِي) (9)
(شَدِيدُ بَيَاضِ الثِّيَابِ)(10)(كَأَنَّ ثِيَابَهُ لَمْ يَمَسَّهَا دَنَسٌ)(11)(شَدِيدُ سَوَادِ الشَّعَرِ)(12)(أَحْسَنُ النَّاسِ وَجْهًا، وَأَطْيَبُ النَّاسِ رِيحًا)(13)(لَا يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ السَّفَرِ، وَلَا يَعْرِفُهُ مِنَّا أَحَدٌ)(14)(فَسَلَّمَ مِنْ طَرَفِ السِّمَاطِ (15)) (16)(فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا مُحَمَّدُ، " فَرَدَّ عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم السَّلَامَ ")(17)(قَالَ: أَدْنُو يَا مُحَمَّدُ؟ ، قَالَ: " ادْنُهْ "، فَمَا زَالَ يَقُولُ: أَدْنُو مِرَارًا، وَيُقُولُ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " ادْنُ "، حَتَّى وَضَعَ يَدَهُ عَلَى رُكْبَتَيْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم)(18) وفي رواية: (فَأَسْنَدَ رُكْبَتَيْهِ إِلَى رُكْبَتَيْه ، وَوَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ)(19)(فَقَالَ: أَخْبِرْنِي مَا الْإِسْلَامُ (20)؟ ،قَالَ:" الْإِسْلَامُ أَنْ تَعْبُدَ اللهَ وَلَا تُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا (21)) (22) وفي رواية: (أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ) (23) (وَأَنْ تُقِيمَ الصَلَاةَ [الْمَكْتُوبَةَ] (24) وَتُؤَدِّيَ الزَّكَاةَ [الْمَفْرُوضَةَ] (25) وَتَصُومَ رَمَضَانَ) (26) (وَتَحُجَّ الْبَيْتَ إِنْ اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبِيلًا) (27) (وَتَعْتَمِرَ وَتَغْتَسِلَ مِنَ الْجَنَابَةِ ، وَأَنْ تُتِمَّ الْوُضُوءَ ") (28)(قَالَ: فَإِذَا فَعَلْتُ ذَلِكَ فَأَنَا مُسْلِمٌ؟)(29) وفي رواية: (إِذَا فَعَلْتُ ذَلِكَ فَقَدْ أَسْلَمْتُ؟)(30)(قَالَ: " نَعَمْ " ، قَالَ: صَدَقْتَ، فَلَمَّا سَمِعْنَا قَوْلَ الرَّجُلِ: صَدَقْتَ)(31)(عَجِبْنَا [مِنْهُ] (32) يَسْأَلُهُ وَيُصَدِّقُهُ (33)) (34) (ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَخْبِرْنِي مَا الْإِيمَانُ؟ ،
قَالَ: " الْإِيمَانُ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ (35) وَمَلَائِكَتِهِ (36) وَكُتُبِهِ (37) وَبِلِقَائِهِ (38) وَرُسُلِهِ (39) وَتُؤْمِنَ بِالْبَعْثِ الْآخِرِ (40)) (41) وفي رواية: (وَتُؤْمِنَ بِالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ) (42) [وَالْجَنَّةِ وَالنَّارِ] (43) (وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ كُلِّهِ) (44) (خَيْرِهِ وَشَرِّهِ (45) ") (46)(قَالَ: فَإِذَا فَعَلْتُ ذَلِكَ فَقَدْ آمَنْتُ؟، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " نَعَمْ "، قَالَ: صَدَقْتَ (47)) (48)(يَا مُحَمَّدُ، أَخْبِرْنِي مَا الإِحْسَانُ (49)؟ ، قَالَ:" الْإِحْسَانُ أَنْ تَعْبُدَ اللهَ أَنْ تَعْمَلَ للهِ (50) أَنْ تَخْشَى اللهَ (51) كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ ، فَإِنَّهُ يَرَاكَ (52) " قَالَ: صَدَقْتَ) (53)(يَا مُحَمَّدُ، أَخْبِرْنِي مَتَى السَّاعَةُ (54)؟ ، قَالَ: مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنْ السَّائِلِ (55) فِي خَمْسٍ (56) لَا يَعْلَمُهُنَّ إِلَّا اللهُ ، ثُمَّ تَلَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:{إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ ، وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ ، وَيَعْلَمُ مَا فِي الَأَرْحَامِ ، وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا ، وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ ، إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} (57) وَلَكِنْ سَأُخْبِرُكَ عَنْ أَشْرَاطِهَا (58)) (59)(إِذَا رَأَيْتَ الْأَمَةَ تَلِدُ رَبَّهَا (60) وفي رواية: (إِذَا وَلَدَتِ الْأَمَةُ رَبَّتَهَا)(61) فَذَاكَ مِنْ أَشْرَاطِهَا ،وَإِذَا كَانَ الْحُفَاةُ [الْجُفَاةُ](62) الْعُرَاةُ (63) الصُّمُّ الْبُكْمُ (64)[الْبُهْمُ (65)](66) مُلُوكَ الْأَرْضِ ، فَذَاكَ مِنْ أَشْرَاطِهَا، وَإِذَا رَأَيْتَ [رُعَاةَ الْإِبِلِ] (67) [وَالْغَنَمِ] (68) يَتَطَاوَلُونَ فِي الْبُنْيَانِ (69) فَذَاكَ مِنْ أَشْرَاطِهَا) (70) (قَالَ: وَمَنْ أُولَئِكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ ، قَالَ:" الْعُرَيْبُ (71) ") (72)(قَالَ: ثُمَّ قَامَ الرَّجُلُ)(73)(فَلَمَّا لَمْ نَرَ طَرِيقَهُ بَعْدُ)(74) فـ (قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " رُدُّوهُ عَلَيَّ " ، فَأَخَذُوا لِيَرُدُّوهُ)(75)(فَلَمْ يَجِدُوهُ (76)) (77)(فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " هَذَا جِبْرِيلُ جَاءَكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ (78)) (79) وفي رواية: (أَتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ مَعَالِمَ دِينِكُمْ (80) ") (81)
(1) أَيْ: فِي وَسَطِهِمْ وَمُعْظَمهمْ. عون المعبود - (ج 10 / ص 216)
(2)
أَيْ: الْمُسَافِر. عون المعبود - (ج 10 / ص 216)
(3)
قَالَ فِي الْقَامُوس: الدُّكَّان: بِنَاءٌ يُسَطَّحُ أَعْلَاهُ لِلْمَقْعَدِ. عون المعبود (10/ 216)
(4)
اسْتَنْبَطَ مِنْهُ الْقُرْطُبِيُّ اِسْتِحْبَابَ جُلُوسِ الْعَالِمِ بِمَكَانٍ يَخْتَصُّ بِهِ ، وَيَكُوُن مُرْتَفِعًا إِذَا اِحْتَاجَ لِذَلِكَ لِضَرُورَةِ تَعْلِيمِ وَنَحْوه. (فتح - ح50)
(5)
(س) 4991 ، (د) 4698
(6)
(د) 4698
(7)
(حم) 367 ، وقال شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط الشيخين
(8)
أَيْ: مَلَكٌ فِي صُورَة رَجُل. (فتح - ح50)
(9)
(خ) 4499
(10)
(م) 8 ، (ت) 2610
(11)
(س) 4991
(12)
(م) 8 ، (ت) 2610
(13)
(س) 4991
(14)
(م) 8 ، (ت) 2610
(15)
أَيْ: الْجَمَاعَة ، يَعْنِي الْجَمَاعَة الَّذِينَ كَانُوا جُلُوسًا عَنْ جَانِبَيْهِ. عون (10/ 216)
(16)
(د) 4698
(17)
(س) 4991 ، (د) 4698
(18)
(س) 4991
(19)
(م) 8 ، (س) 4990
(20)
قَدَّمَ السُّؤَالَ عَنْ الْإِيمَانِ لِأَنَّهُ الْأَصْل، وَثَنَّى بِالْإِسْلَامِ لِأَنَّهُ يُظْهِرُ مِصْدَاقَ الدَّعْوَى، وَثَلَّثَ بِالْإِحْسَانِ لِأَنَّهُ مُتَعَلِّق بِهِمَا.
وَفِي رِوَايَة عُمَارَة بْن الْقَعْقَاع: بَدَأَ بِالْإِسْلَامِ ، لِأَنَّهُ بِالْأَمْرِ الظَّاهِر ، وَثَنَّى بِالْإِيمَانِ لِأَنَّهُ بِالْأَمْرِ الْبَاطِن ، وَرَجَّحَ هَذَا الطِّيبِيّ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّرَقِّي.
وَلَا شَكَّ أَنَّ الْقِصَّة وَاحِدَة ، اِخْتَلَفَ الرُّوَاةُ فِي تَادِيَتِهَا، وَلَيْسَ فِي السِّيَاقِ تَرْتِيٌب، وَيَدُلّ عَلَيْهِ رِوَايَة مَطَرٍ الْوَرَّاق ، فَإِنَّهُ بَدَأَ بِالْإِسْلَامِ، وَثَنَّى بِالْإِحْسَانِ، وَثَلَّثَ بِالْإِيمَانِ فَالْحَقُّ أَنَّ الْوَاقِعَ أَمْرٌ وَاحِد، وَالتَّقْدِيمُ وَالتَّاخِيرُ وَقَعَ مِنْ الرُّوَاة. وَالله أَعْلَم.
(فتح - ح50)
(21)
قَالَ النَّوَوِيّ: يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْعِبَادَةِ مَعْرِفَةُ الله ، فَيَكُونُ عَطْفُ الصَّلَاة وَغَيْرِهَا عَلَيْهَا لِإِدْخَالِهَا فِي الْإِسْلَام، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْعِبَادَةِ الطَّاعَةُ مُطْلَقًا، فَيَدْخُلُ فِيهِ جَمِيعُ الْوَظَائِف، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ عَطْفُ الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامّ.
قُلْت: أَمَّا الِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ فَبَعِيد؛ لِأَنَّ الْمَعْرِفَةَ مِنْ مُتَعَلَّقَاتِ الْإِيمَان، وَأَمَّا الْإِسْلَام ، فَهُوَ أَعْمَالٌ قَوْلِيَّةٌ وَبَدَنِيَّة، وَقَدْ عَبَّرَ فِي حَدِيثِ عُمَر هُنَا بِقَوْلِهِ " أَنْ تَشْهَد أَنْ لَا إِلَه إِلَّا الله، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُول الله "، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَاد بِالْعِبَادَةِ فِي حَدِيث الْبَاب: النُّطْق بِالشَّهَادَتَيْنِ، وَبِهَذَا تَبَيَّنَ دَفْعُ الِاحْتِمَال الثَّانِي.
وَلَمَّا عَبَّرَ الرَّاوِي بِالْعِبَادَةِ ، اِحْتَاجَ أَنْ يُوَضِّحَهَا بِقَوْلِهِ " وَلَا تُشْرِك بِهِ شَيْئًا " ، وَلَمْ يَحْتَجْ إِلَيْهَا فِي رِوَايَة عُمَر ، لِاسْتِلْزَامِهَا ذَلِكَ. (فتح - ح50)
(22)
(س) 4991 ، (خ) 50 ، (م) 9
(23)
(م) 8 ، (س) 4990
(24)
(م) 9 ، (جة) 64
(25)
(م) 9 ، (جة) 64
(26)
(خ) 50 ، (م) 9
(27)
(م) 8 ، (س) 4990
(28)
(خز) 1 ، (حب) 173 ، (د) 4695 ، صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب: 175 ، 1101 ، وصححها الألباني في الإرواء تحت حديث: 3، وقال الأرنؤوط في (حب) 173: إسناده صحيح.
(29)
(خز) 1 ، (حب) 173
(30)
(س) 4991
(31)
(س) 4991
(32)
(جة) 63
(33)
قَالَ الْقُرْطُبِيّ: إِنَّمَا عَجِبُوا مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّ مَا جَاءَ بِهِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لَا يُعْرَفُ إِلَّا مِنْ جِهَتِه، وَلَيْسَ هَذَا السَّائِلُ مِمَّنْ عُرِفَ بِلِقَاءِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وَلَا بِالسَّمَاعِ مِنْهُ، ثُمَّ هُوَ يَسْأَلُ سُؤَالَ عَارِفٍ بِمَا يَسْأَلُ عَنْهُ ، لِأَنَّهُ يُخْبِرهُ بِأَنَّهُ صَادِقٌ فِيهِ، فَتَعَجَّبُوا مِنْ ذَلِكَ تَعَجُّبَ الْمُسْتَبْعِد لِذَلِكَ. وَالله أَعْلَم. (فتح - ح50)
(34)
(م) 8 ، (س) 4990
(35)
قَوْله: (قَالَ: الْإِيمَان أَنْ تُؤْمِن بِاللهِ إِلَخْ) دَلَّ الْجَوَابُ أَنَّهُ عَلِمَ أَنَّهُ سَأَلَهُ عَنْ مُتَعَلِّقَاتِهِ ، لَا عَنْ مَعْنَى لَفْظه، وَإِلَّا لَكَانَ الْجَوَاب: الْإِيمَان: التَّصْدِيق.
وَقَالَ الطِّيبِيّ: هَذَا يُوهِمُ التَّكْرَار، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَإِنَّ قَوْلَهُ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ مُتَضَمِّنٌ مَعْنَى أَنْ تَعْتَرِف بِهِ، وَلِهَذَا عَدَّاهُ بِالْبَاءِ، أَيْ: أَنْ تُصَدِّقَ مُعْتَرِفًا بِكَذَا.
قُلْت: وَالتَّصْدِيقُ أَيْضًا يُعَدَّى بِالْبَاءِ ، فَلَا يَحْتَاجُ إِلَى دَعْوَى التَّضْمِين.
وَقَالَ الْكَرْمَانِيُّ: لَيْسَ هُوَ تَعْرِيفًا لِلشَّيْءِ بِنَفْسِهِ، بَلْ الْمُرَادُ مِنْ الْمَحْدُودِ: الْإِيمَان الشَّرْعِيّ، وَمِنْ الْحَدِّ: الْإِيمَان اللُّغَوِيّ.
قُلْت: وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ إِنَّمَا أَعَادَ لَفْظَ الْإِيمَانِ لِلِاعْتِنَاءِ بِشَأْنِهِ تَفْخِيمًا لِأَمْرِهِ، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّل مَرَّة} فِي جَوَاب {مَنْ يُحْيِي الْعِظَام وَهِيَ رَمِيم} ، يَعْنِي أَنَّ قَوْله (أَنْ تُؤْمِنَ) يَنْحَلُّ مِنْهُ الْإِيمَان ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: الْإِيمَانُ الشَّرْعِيُّ تَصْدِيقٌ مَخْصُوصٌ، وَإِلَّا لَكَانَ الْجَوَاب: الْإِيمَانُ: التَّصْدِيق ، وَالْإِيمَانُ بِاللهِ هُوَ التَّصْدِيق بِوُجُودِهِ ، وَأَنَّهُ مُتَّصِفٌ بِصِفَاتِ الْكَمَالِ ، مُنَزَّهٌ عَنْ صِفَاتِ النَّقْص. (فتح - ح50)
(36)
الْإِيمَان بِالْمَلَائِكَةِ: هُوَ التَّصْدِيقُ بِوُجُودِهِمْ ، وَأَنَّهُمْ كَمَا وَصَفَهُمْ الله تَعَالَى {عِبَاد مُكْرَمُونَ} ، وَقَدَّمَ الْمَلَائِكَةَ عَلَى الْكُتُبِ وَالرُّسُلِ نَظَرًا لِلتَّرْتِيبِ الْوَاقِع؛ لِأَنَّهُ سبحانه وتعالى أَرْسَلَ الْمَلَكَ بِالْكِتَابِ إِلَى الرَّسُولِ ، وَلَيْسَ فِيهِ مُتَمَسَّكٌ لِمَنْ فَضَّلَ الْمَلَكَ عَلَى الرَّسُولِ. (فتح - ح50)
(37)
الْإِيمَانُ بِكُتُبِ الله: التَّصْدِيقُ بِأَنَّهَا كَلَامُ الله ، وَأَنَّ مَا تَضَمَّنَتْهُ حَقّ. (فتح - ح50)
(38)
قَوْله: (وَبِلِقَائِهِ) كَذَا وَقَعَتْ هُنَا بَيْن الْكُتُبِ وَالرُّسُل، وَكَذَا لِمُسْلِمٍ مِنْ الطَّرِيقَيْنِ، وَلَمْ تَقَع فِي بَقِيَّة الرِّوَايَات، وَقَدْ قِيلَ: إِنَّهَا مُكَرَّرَةٌ ، لِأَنَّهَا دَاخِلَةٌ فِي الْإِيمَان بِالْبَعْثِ.
وَالْحَقُّ أَنَّهَا غَيْرُ مُكَرَّرَة، فَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالْبَعْثِ: الْقِيَامُ مِنْ الْقُبُور وَالْمُرَاد بِاللِّقَاءِ: مَا بَعْد ذَلِكَ.
وَقِيلَ: اللِّقَاء يَحْصُلُ بِالِانْتِقَالِ مِنْ دَارِ الدُّنْيَا، وَالْبَعْثُ بَعْد ذَلِكَ ، وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا رِوَايَة مَطَر الْوَرَّاق ، فَإِنَّ فِيهَا " وَبِالْمَوْتِ ، وَبِالْبَعْثِ بَعْد الْمَوْت "، وَكَذَا فِي حَدِيث أَنَس ، وَابْن عَبَّاس. وَقِيلَ: الْمُرَاد بِاللِّقَاءِ: رُؤْيَة الله، ذَكَرَهُ الْخَطَّابِيُّ.
وَتَعَقَّبَهُ النَّوَوِيّ بِأَنَّ أَحَدًا لَا يَقْطَعُ لِنَفْسِهِ بِرُؤْيَةِ الله، فَإِنَّهَا مُخْتَصَّةٌ بِمَنْ مَاتَ مُؤْمِنًا وَالْمَرْءُ لَا يَدْرِي بِمَ يُخْتَمُ لَهُ، فَكَيْف يَكُونُ ذَلِكَ مِنْ شُرُوط الْإِيمَان؟.
وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ: الْإِيمَانُ بِأَنَّ ذَلِكَ حَقٌّ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ ، وَهَذَا مِنْ الْأَدِلَّة الْقَوِيَّة لِأَهْلِ السُّنَّةِ فِي إِثْبَاتِ رُؤْيَةِ الله تَعَالَى فِي الْآخِرَة ، إِذْ جُعِلَتْ مِنْ قَوَاعِد الْإِيمَان. (فتح - ح50)
(39)
الْإِيمَان بِالرُّسُلِ: التَّصْدِيقُ بِأَنَّهُمْ صَادِقُونَ فِيمَا أَخْبَرُوا بِهِ عَنْ اللهِ، وَدَلَّ الْإِجْمَالُ فِي الْمَلَائِكَةِ وَالْكُتُبِ وَالرُّسُلِ عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِذَلِكَ فِي الْإِيمَانِ بِهِمْ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيل، إِلَّا مَنْ ثَبَتَ تَسْمِيَتُه ، فَيَجِبُ الْإِيمَان بِهِ عَلَى التَّعْيِين. وَهَذَا التَّرْتِيب مُطَابِق لِلْآيَةِ {آمَنَ الرَّسُول بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبّه} وَمُنَاسَبَةُ التَّرْتِيبِ الْمَذْكُور ، وَإِنْ كَانَتْ الْوَاو لَا تُرَتِّبُ ، بَلْ الْمُرَادُ مِنْ التَّقَدُّمِ أَنَّ الْخَيْرَ وَالرَّحْمَةَ مِنْ الله، وَمِنْ أَعْظَمِ رَحْمَتِهِ أَنْ أَنْزَلَ كُتُبَهُ إِلَى عِبَادِه، وَالْمُتَلَقِّي لِذَلِكَ مِنْهُمْ الْأَنْبِيَاء، وَالْوَاسِطَةُ بَيْنَ اللهِ وَبَيْنَهُمْ الْمَلَائِكَة. (فتح - ح50)
(40)
أَمَّا الْبَعْثُ الْآخِر ، فَقِيلَ: ذَكَرَ " الْآخِرَ " تَاكِيدًا ، كَقَوْلِهِمْ أَمْسِ الذَّاهِب،
وَقِيلَ: لِأَنَّ الْبَعْثَ وَقَعَ مَرَّتَيْنِ: الْأُولَى: الْإِخْرَاجُ مِنْ الْعَدَمِ إِلَى الْوُجُود ، أَوْ مِنْ بُطُونِ الْأُمَّهَات بَعْدَ النُّطْفَةِ وَالْعَلَقَةِ إِلَى الْحَيَاة الدُّنْيَا.
وَالثَّانِيَة: الْبَعْثُ مِنْ بُطُونِ الْقُبُورِ إِلَى مَحَلِّ الِاسْتِقْرَار.
وَأَمَّا الْيَوْم الْآخِر ، فَقِيلَ لَهُ ذَلِكَ ، لِأَنَّهُ آخِرُ أَيَّامِ الدُّنْيَا ، أَوْ آخِرُ الْأَزْمِنَةِ الْمَحْدُودَة وَالْمُرَادُ بِالْإِيمَانِ بِهِ: التَّصْدِيقُ بِمَا يَقَعُ فِيهِ مِنْ الْحِسَاب، وَالْمِيزَان، وَالْجَنَّة وَالنَّار. (فتح - ح50)
(41)
(خ) 50 ، (م) 9
(42)
(حم) 184
(43)
(حم) 184 ، وقال الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط الشيخين.
(44)
(م) 10 ، (س) 4990
(45)
الْقَدَر مَصْدَر، تَقُول: قَدَرْتُ الشَّيْء ، بِتَخْفِيفِ الدَّالّ وَفَتْحهَا ، أَقْدِرُهُ بِالْكَسْرِ وَالْفَتْح ، قَدْرًا ، وَقَدَرًا: إِذَا أَحَطْتَ بِمِقْدَارِهِ.
وَالْمُرَاد أَنَّ الله تَعَالَى عَلِمَ مَقَادِيرَ الْأَشْيَاءِ وَأَزْمَانَهَا قَبْلَ إِيجَادِهَا، ثُمَّ أَوْجَدَ مَا سَبَقَ فِي عِلْمِهِ أَنَّهُ يُوجَد، فَكُلُّ مُحْدَثٍ صَادِرٌ عَنْ عِلْمِهِ ، وَقُدْرَتِهِ ، وَإِرَادَته، هَذَا هُوَ الْمَعْلُومُ مِنْ الدِّين بِالْبَرَاهِينِ الْقَطْعِيَّة، وَعَلَيْهِ كَانَ السَّلَفُ مِنْ الصَّحَابَةِ وَخِيَارِ التَّابِعِينَ، إِلَى أَنْ حَدَثَتْ بِدْعَةُ الْقَدَرِ فِي أَوَاخِرِ زَمَنِ الصَّحَابَة.
وَقَدْ حَكَى الْمُصَنِّفُونَ فِي الْمَقَالَاتِ عَنْ طَوَائِفَ مِنْ الْقَدَرِيَّة إِنْكَارَ كَوْنِ الْبَارِئ عَالِمًا بِشَيْءٍ مِنْ أَعْمَالِ الْعِبَادِ قَبْلَ وُقُوعِهَا مِنْهُمْ، وَإِنَّمَا يَعْلَمُهَا بَعْد كَوْنِهَا.
قَالَ الْقُرْطُبِيّ وَغَيْره: قَدْ اِنْقَرَضَ هَذَا الْمَذْهَبُ، وَلَا نَعْرِفُ أَحَدًا يُنْسَبُ إِلَيْهِ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ ، قَالَ: وَالْقَدَرِيَّةُ الْيَوْمَ مُطْبِقُونَ عَلَى أَنَّ اللهَ عَالِمٌ بِأَفْعَالِ الْعِبَادِ قَبْلَ وُقُوعِهَا، وَإِنَّمَا خَالَفُوا السَّلَفَ فِي زَعْمِهِمْ بِأَنَّ أَفْعَالَ الْعِبَادِ مَقْدُورَةٌ لَهُمْ ، وَوَاقِعَةٌ مِنْهُمْ عَلَى جِهَةِ الِاسْتِقْلَال، وَهُوَ مَذْهَبٌ بَاطِلٌ، مَعَ كَوْنِهِ أَخَفُّ مِنْ الْمَذْهَبِ الْأَوَّل ، وَأَمَّا الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْهُمْ ، فَأَنْكَرُوا تَعَلُّق الْإِرَادَةِ بِأَفْعَالِ الْعِبَاد ، فِرَارًا مِنْ تَعَلُّقِ الْقَدِيِم بِالْمُحْدَثِ، وَهُمْ مَخْصُومُونَ بِمَا قَالَ الشَّافِعِيّ: إِنْ سَلَّمَ الْقَدَرِيُّ بِالْعِلْمِ خُصِمَ. يَعْنِي يُقَال لَهُ: أَيَجُوزُ أَنْ يَقَعَ فِي الْوُجُودِ خِلَافُ مَا تَضَمَّنَهُ الْعِلْم؟ ، فَإِنْ مَنَعَ ، وَافَقَ قَوْلَ أَهْلِ السُّنَّة، وَإِنْ أَجَازَ ، لَزِمَهُ نِسْبَة الْجَهْل، تَعَالَى اللهُ عَنْ ذَلِكَ.
(فتح - ح50)
(46)
(م) 8 ، (ت) 2610
(47)
ظَاهِرُ السِّيَاق يَقْتَضِي أَنَّ الْإِيمَانَ لَا يُطْلَقُ إِلَّا عَلَى مَنْ صَدَّقَ بِجَمِيعِ مَا ذُكِرَ، وَقَدْ اِكْتَفَى الْفُقَهَاءُ بِإِطْلَاقِ الْإِيمَانِ عَلَى مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَرَسُولِه، وَلَا اِخْتِلَاف؛ لِأَنَّ الْإِيمَانَ بِرَسُولِ اللهِ الْمُرَادُ بِهِ الْإِيمَانُ بِوُجُودِهِ ، وَبِمَا جَاءَ بِهِ عَنْ رَبِّه، فَيَدْخُلُ جَمِيعُ مَا ذُكِرَ تَحْتَ ذَلِكَ. وَالله أَعْلَم. (فتح - ح50)
(48)
(س) 4991 ، (حم) 2926
(49)
تَقُول: أَحْسَنْتَ كَذَا ، إِذَا أَتْقَنْتَه، وَأَحْسَنْتَ إِلَى فُلَان ، إِذَا أَوْصَلْتَ إِلَيْهِ النَّفْعَ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمُرَاد ، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ إِتْقَانُ الْعِبَادَة.
وَقَدْ يُلْحَظ الثَّانِي بِأَنَّ الْمُخْلِصَ مَثَلًا ، مُحْسِنٌ بِإِخْلَاصِهِ إِلَى نَفْسِه.
وإِحْسَان الْعِبَادَة: الْإِخْلَاصُ فِيهَا ، وَالْخُشُوعُ ، وَفَرَاغُ الْبَالِ حَالَ التَّلَبُّسِ بِهَا ، وَمُرَاقَبَةُ الْمَعْبُود. (فتح - ح50)
(50)
(حم) 184 ، (حب) 173 ، وقال شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح.
(51)
(م) 10
(52)
أَشَارَ فِي الْجَوَابِ إِلَى حَالَتَيْنِ: أَرْفَعُهُمَا أَنْ يَغْلِبَ عَلَيْهِ مُشَاهَدَةُ الْحَقِّ بِقَلْبِهِ حَتَّى كَأَنَّهُ يَرَاهُ بِعَيْنِهِ ، وَهُوَ قَوْله " كَأَنَّك تَرَاهُ " أَيْ: وَهُوَ يَرَاكَ.
وَالثَّانِيَة: أَنْ يَسْتَحْضِرَ أَنَّ الْحَقَّ مُطَّلِعٌ عَلَيْهِ ، يَرَى كُلَّ مَا يَعْمَلُ، وَهُوَ قَوْله " فَإِنَّهُ يَرَاك " ، وَهَاتَانِ الْحَالَتَانِ يُثَمِّرُهُمَا مَعْرِفَةُ اللهِ وَخَشْيَتُه.
وَقَالَ النَّوَوِيّ: مَعْنَاهُ أَنَّكَ إِنَّمَا تُرَاعِي الْآدَابَ الْمَذْكُورَةَ إِذَا كُنْتَ تَرَاهُ وَيَرَاكَ، لِكَوْنِهِ يَرَاكَ ، لَا لِكَوْنِك تَرَاهُ ، فَهُوَ دَائِمًا يَرَاك، فَأَحْسِنْ عِبَادَتَه وَإِنْ لَمْ تَرَهُ، فَتَقْدِير الْحَدِيث: فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ ، فَاسْتَمِرَّ عَلَى إِحْسَانِ الْعِبَادَة ، فَإِنَّهُ يَرَاك. (فتح - ح50)
(53)
(خ) 50 ، (م) 10
(54)
أَيْ: مَتَى تَقُوم السَّاعَة؟ ، وَالْمُرَاد: يَوْم الْقِيَامَة. (فتح - ح50)
(55)
عَدَلَ عَنْ قَوْله (لَسْت بِأَعْلَم بِهَا مِنْك) إِلَى لَفْظٍ يُشْعِرُ بِالتَّعْمِيمِ ، تَعْرِيضًا لِلسَّامِعِينَ، أَيْ: أَنَّ كُلَّ مَسْئُولٍ وَكُلَّ سَائِلٍ فَهُوَ كَذَلِكَ.
قَالَ النَّوَوِيّ: يُسْتَنْبَطُ مِنْهُ أَنَّ الْعَالِمَ إِذَا سُئِلَ عَمَّا لَا يَعْلَمُ ، يُصَرِّح بِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُهُ، وَلَا يَكُونُ فِي ذَلِكَ نَقْصٌ مِنْ مَرْتَبَتِه، بَلْ يَكُونُ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى مَزِيدِ وَرَعِه. (فتح - ح50)
(56)
أَيْ: عِلْمُ وَقْتِ السَّاعَةِ دَاخِلٌ فِي جُمْلَةِ خَمْس ، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {فِي تِسْع آيَات} ، أَيْ: اِذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ بِهَذِهِ الْآيةِ فِي جُمْلَةِ تِسْعِ آيَات. (فتح - ح50)
(57)
[لقمان/34]
(58)
أَشْرَاط السَّاعَة: عَلَامَاتُهَا ، وَمِنْهَا مَا يَكُونُ مِنْ قَبِيلِ الْمُعْتَاد، وَمِنْهَا مَا يَكُونُ خَارِقًا لِلْعَادَةِ. (فتح - ح80)
(59)
(خ) 50 ، (م) 10
(60)
الْمُرَاد بِالرَّبِّ: الْمَالِكُ أَوْ السَّيِّد ، وَقَدْ اِخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ قَدِيمًا وَحَدِيثًا فِي مَعْنَى ذَلِكَ، وَقَدْ لَخَّصْتُهَا بِلَا تَدَاخُل:
الْأَوَّل: قَالَ الْخَطَّابِيُّ: مَعْنَاهُ اِتِّسَاعُ الْإِسْلَامِ ، وَاسْتِيلَاءُ أَهْلِهِ عَلَى بِلَادِ الشِّرْكِ وَسَبْيِ ذَرَارِيِّهِمْ، فَإِذَا مَلَكَ الرَّجُلُ الْجَارِيَةَ وَاسْتَوْلَدَهَا ، كَانَ الْوَلَد مِنْهَا بِمَنْزِلَةِ رَبِّهَا لِأَنَّهُ وَلَد سَيِّدهَا ، قَالَ النَّوَوِيّ وَغَيْره: إِنَّهُ قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ.
قُلْت: لَكِنَّ فِي كَوْنِهِ الْمُرَادُ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ اِسْتِيلَادَ الْإِمَاءِ كَانَ مَوْجُودًا حِينَ الْمَقَالَة، وَالِاسْتِيلَاءُ عَلَى بِلَادِ الشِّرْكِ وَسَبْيِ ذَرَارِيِّهِمْ وَاِتِّخَاذُهُمْ سَرَارِيَّ وَقَعَ أَكْثَرُهُ فِي صَدْرِ الْإِسْلَام، وَسِيَاقُ الْكَلَامِ يَقْتَضِي الْإِشَارَةَ إِلَى وُقُوعِ مَا لَمْ يَقَعْ مِمَّا سَيَقَعُ قُرْبَ قِيَامِ السَّاعَة.
الثَّانِي: أَنْ تَبِيعَ السَّادَةُ أُمَّهَاتِ أَوْلَادهمْ ، وَيَكْثُرُ ذَلِكَ ، فَيَتَدَاوَلُ الْمُلَّاكُ الْمُسْتَوْلَدَةَ حَتَّى يَشْتَرِيَهَا وَلَدُهَا ، وَلَا يَشْعُرُ بِذَلِكَ، وَعَلَى هَذَا ، فَاَلَّذِي يَكُونُ مِنْ الْأَشْرَاطِ غَلَبَةُ الْجَهْلِ بِتَحْرِيمِ بَيْعِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَاد ، أَوْ الِاسْتِهَانَةُ بِالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّة.
فَإِنْ قِيلَ: هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مُخْتَلَفٌ فِيهَا ، فَلَا يَصْلُحُ الْحَمْلُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ لَا جَهْلَ وَلَا اِسْتِهَانَةَ عِنْدَ الْقَائِلِ بِالْجَوَازِ.
قُلْنَا: يَصْلُحُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى صُورَةٍ اِتِّفَاقِيَّةٍ ، كَبَيْعِهَا فِي حَالِ حَمْلِهَا، فَإِنَّهُ حَرَامٌ بِالْإِجْمَاعِ.
الثَّالِث: أَنْ يَكْثُرَ الْعُقُوقُ فِي الْأَوْلَادِ ، فَيُعَامِلُ الْوَلَدُ أُمَّهُ مُعَامَلَةَ السَّيِّدِ أَمَتَه ، مِنْ الْإِهَانَةِ بِالسَّبِّ وَالضَّرْبِ وَالِاسْتِخْدَام ، فَأُطْلِقَ عَلَيْهِ رَبُّهَا مَجَازًا لِذَلِكَ.
أَوْ الْمُرَاد بِالرَّبِّ: الْمُرَبِّي ، فَيَكُونُ حَقِيقَة، وَهَذَا أَوْجَهُ الْأَوْجُهِ عِنْدِي لِعُمُومِهِ؛ وَلِأَنَّ الْمَقَامَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ حَالَةٌ تَكُونُ مَعَ كَوْنِهَا تَدُلُّ عَلَى فَسَادِ الْأَحْوَالِ مُسْتَغْرَبَة.
وَمُحَصَّلُهُ الْإِشَارَةُ إِلَى أَنَّ السَّاعَةَ يَقْرُبُ قِيَامُهَا عِنْد اِنْعِكَاسِ الْأُمُور ، بِحَيْثُ يَصِيرُ الْمُرَبَّى مُرَبِّيًا ، وَالسَّافِل عَالِيًا، وَهُوَ مُنَاسِبٌ لِقَوْلِهِ فِي الْعَلَامَة الْأُخْرَى:" أَنْ تَصِير الْحُفَاةُ مُلُوكَ الْأَرْضِ ".
قَالَ النَّوَوِيّ: يُجْمَع بَيْن مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ إِطْلَاقِ الرَّبِّ عَلَى السَّيِّدِ الْمَالِكِ فِي قَوْله " رَبّهَا " وَبَيْنَ مَا فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ ، وَهُوَ فِي الصَّحِيح " لَا يَقُلْ أَحَدُكُمْ أَطْعِمْ رَبَّكَ، وَضِّئْ رَبَّك، اِسْقِ رَبَّك، وَلْيَقُلْ: سَيِّدِي وَمَوْلَايَ " بِأَنَّ اللَّفْظَ هُنَا خَرَجَ عَلَى سَبِيلِ الْمُبَالَغَة ، أَوْ الْمُرَادُ بِالرَّبِّ هُنَا الْمُرَبِّي، وَفِي الْمَنْهِيّ عَنْهُ السَّيِّد، أَوْ أَنَّ النَّهْيَ عَنْهُ مُتَأَخِّرٌ، أَوْ مُخْتَصٌّ بِغَيْرِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم. (فتح - ح50)
(61)
(جة) 64 ، (خ) 4499
(62)
(حم) 9497 ، وقال شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط الشيخين.
(63)
الْحُفَاة الْعُرَاة: الْمُرَادُ بِهِمْ أَهْلُ الْبَادِيَة.
(64)
قِيلَ لَهُمْ (الصُّمّ الْبُكْم) مُبَالَغَةً فِي وَصْفِهِمْ بِالْجَهْلِ، أَيْ: لَمْ يَسْتَعْمِلُوا أَسْمَاعَهُمْ وَلَا أَبْصَارَهُمْ فِي شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ دِينِهِمْ ، وَإِنْ كَانَتْ حَوَاسُّهُمْ سَلِيمَة.
(فتح - ح50)
(65)
قَالَ الْقُرْطُبِيّ: الْأَوْلَى أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّهُمْ سُودُ الْأَلْوَان ، لِأَنَّ الْأُدْمَةَ غَالِبُ أَلْوَانهمْ.
وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَنَّهُمْ لَا شَيْءَ لَهُمْ ، كَقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم " يُحْشَر النَّاس حُفَاة عُرَاة بُهْمًا " ،
قَالَ: وَفِيهِ نَظَر؛ لِأَنَّهُ قَدْ نَسَبَ لَهُمْ الْإِبِل، فَكَيْفَ يُقَالُ لَا شَيْءَ لَهُمْ.
قُلْت: يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهَا إِضَافَةُ اِخْتِصَاصٍ لَا مِلْك، وَهَذَا هُوَ الْغَالِبُ ، أَنَّ الرَّاعِي يَرْعَى لِغَيْرِهِ بِالْأُجْرَةِ، وَأَمَّا الْمَالِكُ ، فَقَلَّ أَنْ يُبَاشِرَ الرَّعْيَ بِنَفْسِهِ. (فتح - ح50)
(66)
(خ) 50
(67)
(خ) 50
(68)
(جة) 64
(69)
أَيْ: تَفَاخَرُوا فِي تَطْوِيلِ الْبُنَيَانِ ، وَتَكَاثَرُوا بِهِ. (فتح - ح50)
(70)
(م) 10
(71)
الْمُرَاد بِهِمْ أَهْل الْبَادِيَة.
قَالَ الْقُرْطُبِيّ: الْمَقْصُودُ الْإِخْبَارُ عَنْ تَبَدُّلِ الْحَالِ ، بِأَنْ يَسْتَوْلِيَ أَهْلُ الْبَادِيَةِ عَلَى الْأَمْر ، وَيَتَمَلَّكُوا الْبِلَادَ بِالْقَهْرِ ، فَتَكْثُرُ أَمْوَالُهُمْ ، وَتَنْصَرِفُ هِمَمُهمْ إِلَى تَشْيِيدِ الْبُنْيَانِ وَالتَّفَاخُرِ بِهِ، وَقَدْ شَاهَدْنَا ذَلِكَ فِي هَذِهِ الْأَزْمَان ، وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْآخَر:" لَا تَقُوم السَّاعَة حَتَّى يَكُون أَسْعَد النَّاس بِالدُّنْيَا لُكَع اِبْن لُكَع "، وَمِنْهُ:" إِذَا وُسِّدَ الْأَمْر - أَيْ: أُسْنِدَ - إِلَى غَيْر أَهْله فَانْتَظِرُوا السَّاعَة " ، وَكِلَاهُمَا فِي الصَّحِيح. (فتح - ح48)
(72)
(حم) 17207 ، 17537 ، انظر الصَّحِيحَة: 1345
(73)
(م) 10
(74)
(حم) 17207
(75)
(م) 9
(76)
فِي الحديثِ أَنَّ الْمَلَكَ يَجُوزُ أَنْ يَتَمَثَّلَ لِغَيْرِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فَيَرَاهُ وَيَتَكَلَّمُ بِحَضْرَتِهِ وَهُوَ يَسْمَعُ، وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ عِمْرَان بْن حُصَيْنٍ أَنَّهُ كَانَ يَسْمَعُ كَلَامَ الْمَلَائِكَة. (فتح - ح50)
(77)
(حم) 374 ، وقال شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط مسلم.
(78)
قَالَ الْقَاضِي عِيَاض: اِشْتَمَلَ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى جَمِيعِ وَظَائِفِ الْعِبَادَاتِ الظَّاهِرَةِ وَالْبَاطِنَةِ مِنْ عُقُودِ الْإِيمَان ، اِبْتِدَاءً ، وَحَالًا ، وَمَآلًا ، وَمِنْ أَعْمَالِ الْجَوَارِح، وَمِنْ إِخْلَاصِ السَّرَائِر ، وَالتَّحَفُّظِ مِنْ آفَاتِ الْأَعْمَال، حَتَّى إِنَّ عُلُومَ الشَّرِيعَةِ كُلِّهَا رَاجِعَةٌ إِلَيْهِ ، وَمُتَشَعِّبَة مِنْهُ. (فتح - ح50)
(79)
(خ) 50 ، (م) 8 ، (د) 4695
(80)
أَيْ: مَسَائِله. حاشية السندي على ابن ماجه - (ج 1 / ص 55)
(81)
(ت) 2610 ، (جة) 63
(عب يع طب)، وَعَنْ حُذَيْفَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " الْإِسْلَامُ ثَمَانِيَةُ أَسْهُمٍ: الْإِسْلَامُ سَهْمٌ، وَالصَلَاةُ سَهْمٌ، وَالزَّكَاةُ سَهْمٌ ، وَحَجُّ الْبَيْتِ سَهْمٌ، وَالصِّيَامُ سَهْمٌ، وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ سَهْمٌ، وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ سَهْمٌ ، وَالْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ سَهْمٌ، وَقَدْ خَابَ مَنْ لَا سَهْمَ لَهُ "(1)
(1)(يع) 523 ، انظر صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب: 741 ، 2324
(ك هق)، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه (1) قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " الْإِسْلَامُ أَنْ تَعْبُدَ اللهَ لَا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمَ الصَلَاةَ، وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ، وَتَصُومَ رَمَضَانَ، وَتَحُجَّ الْبَيْتَ، وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ، وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَتَسْلِيمُكَ عَلَى أَهْلِكَ، فَمَنِ انْتَقَصَ شَيْئًا مِنْهُنَّ، فَهُوَ سَهْمٌ مِنَ الْإِسْلَامِ يَدَعُهُ، وَمَنْ تَرَكَهُنَّ كُلَّهُنَّ ، فَقَدْ وَلَّى الْإِسْلَامَ ظَهْرَهُ "(2)
(1) قال الذهبي في سيره (2/ 579): هو الإِمَامُ، الفَقِيْهُ، المُجْتَهِدُ، الحَافِظُ، صَاحِبُ رَسُوْلِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَبُو هُرَيْرَةَ الدَّوْسِيُّ، اليَمَانِيُّ، سَيِّدُ الحُفَّاظِ الأَثْبَاتِ ، اخْتُلِفَ فِي اسْمِهِ عَلَى أَقْوَالٍ جَمَّةٍ، أَرْجَحُهَا: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ صَخْرٍ.
وَيُقَالُ: كَانَ فِي الجَاهِلِيَّةِ اسْمُهُ عَبْدُ شَمْسٍ، أَبُو الأَسْوَدِ، فَسَمَّاهُ رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: عَبْدَ اللهِ، وَكَنَّاهُ أَبَا هُرَيْرَةَ.
وَالمَشْهُوْرُ عَنْهُ أَنَّهُ كُنِيَ بِأَوْلَادِ هِرَّةٍ بَرِّيَّةٍ ، قَالَ: وَجَدْتُهَا، فَأَخَذْتُهَا فِي كُمِّي، فَكُنِيْتُ بَذَلِكَ.
حَمَلَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عِلْماً كَثِيْراً طَيِّباً مُبَارَكاً فِيْهِ، لَمْ يُلْحَقْ فِي كَثْرَتِهِ، وَعَنْ: أُبَيٍّ، وَأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَأُسَامَةَ، وَعَائِشَةَ، وَالفَضْلِ، وَبَصْرَةَ بنِ أَبِي بَصْرَةَ، وَكَعْبٍ الحَبْرِ. حَدَّثَ عَنْهُ: خَلْقٌ كَثِيْرٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِيْنَ ، فَقِيْلَ: بَلَغَ عَدَدُ أَصْحَابِهِ ثَمَانِ مائَةٍ. سير أعلام النبلاء ج2ص579
(2)
(ك) 53 ، (هق) 7029 ، انظر صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب: 2324
(حم)، وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " ثَلَاث أَحْلِفُ عَلَيْهِنَّ: لَا يَجْعَلُ اللهُ عز وجل مَنْ لَهُ سَهْمٌ فِي الْإِسْلَامِ كَمَنْ لَا سَهْمَ لَهُ (1) وَأَسْهُمُ الْإِسْلَامِ ثَلَاثةٌ: الصّلَاةُ، وَالصَّوْمُ، وَالزَّكَاةُ وَلَا يَتَوَلَّى اللهُ عَبْدًا فِي الدُّنْيَا (2) فَيُوَلِّيهِ غَيْرَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ (3) وَلَا يُحِبُّ رَجُلٌ قَوْمًا (4) إِلَّا جَعَلَهُ اللهُ مَعَهُمْ (5) وَالرَّابِعَةُ لَوْ حَلَفْتُ عَلَيْهَا رَجَوْتُ أَنْ لَا آثَمَ (6) لَا يَسْتُرُ اللهُ عَبْدًا فِي الدُّنْيَا ، إِلَّا سَتَرَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ "(7)
(1) أَيْ: لا يساويه به في الآخرة. فيض القدير - (ج 3 / ص 392)
(2)
أَيْ: فيحفظه ويرعاه ويوفقه. فيض القدير - (ج 3 / ص 392)
(3)
بل كما يتولاه في الدنيا التي هي مزرعة الآخرة ، يتولاه في العُقْبى ، ولا يَكِلُهُ إلى غيره. فيض القدير - (ج 3 / ص 392)
(4)
أَيْ: في الدنيا. فيض القدير - (ج 3 / ص 392)
(5)
فمن أحب أهل الخير كان معهم ، ومن أحب أهل الشر كان معهم ، والمرء مع من أحب. فيض القدير - (ج 3 / ص 392)
(6)
أَيْ: رجوت أن لا يلحقني إثم بسبب حَلْفي عليها. فيض القدير (3/ 392)
(7)
(حم) ح25164، (ك) 49 ،صَحِيح الْجَامِع: 3021 ، والصَّحِيحَة: 1387
(م)، وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما قَالَ: أَتَى النُّعْمَانُ بْنُ قَوْقَلٍ رضي الله عنه (1) إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ ، أَرَأَيْتَ إِذَا صَلَّيْتُ الْمَكْتُوبَةَ ، وَصُمْتُ رَمَضَانَ ، وَأَحْلَلْتُ الْحَلَالَ ، وَحَرَّمْتُ الْحَرَامَ (2) وَلَمْ أَزِدْ عَلَى ذَلِكَ شَيْئًا ، أَأَدْخُلُ الْجَنَّةَ؟ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" نَعَمْ "، فَقَالَ: وَاللهِ لَا أَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ شَيْئًا. (3)
(1) هو الْأَنْصَارِيّ الْأَوْسِيّ، وَقَوْقَل جَدُّه ، وَرَوَى الْبَغَوِيُّ فِي الصَّحَابَة " أَنَّ النُّعْمَان بْن قَوْقَل قَالَ يَوْم أُحُد: أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ يَا رَبِّ أَنْ لَا تَغِيبَ الشَّمْسُ حَتَّى أَطَأ بِعَرْجَتِي فِي الْجَنَّة ، فَاسْتُشْهِدَ ذَلِكَ الْيَوْم، فَقَالَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: لَقَدْ رَأَيْتُهُ فِي الْجَنَّة ". فتح الباري (ج 8 / ص 435)
(2)
قَوْله: (وَحَرَّمْتُ الْحَرَام)، أَرَادَ بِهِ أَمْرَيْنِ: أَنْ يَعْتَقِدَهُ حَرَامًا، وَأَنْ لَا يَفْعَلَهُ ، بِخِلَافِ تَحْلِيل الْحَلَال ، فَإِنَّهُ يَكْفِي فِيهِ مُجَرَّدُ اِعْتِقَادِهِ حَلَالًا. النووي (1/ 78)
(3)
(م) 18 - (15)، (حم) 14434
(خز)، وَعَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ الْجُهَنِيِّ رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ مِنْ قُضَاعَةَ إلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ ، أَرَأَيْتَ إِنْ شَهِدْتُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ ، وَأَنَّكَ رَسُولُ اللهِ، وَصَلَّيْتُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ، وَصُمْتُ الشَّهْرَ، وَقُمْتُ رَمَضَانَ ، وَآتَيْتُ الزَّكَاةَ؟، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" مَنْ مَاتَ عَلَى هَذَا كَانَ مِنَ الصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ "(1)
(1)(خز) 2212 ، (حب) 3438 ، انظر صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب:749 ، وصححه الألباني في صحيح ابن خزيمة: 2212 ، وفي كتاب " قيام رمضان " ص12 وقال: صحيح الإسناد.
(هق)، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: أَتَى نَفَرٌ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ أَهْلَ قُرَانَا زَعَمُوا أَنَّهُ لَا يَنْفَعُ عَمَلٌ دُونَ الْهِجْرَةِ وَالْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللهِ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" حَيْثُمَا كُنْتُمْ فَأَحْسَنْتُمْ عِبَادَةَ اللهِ ، فَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ "(1)
(1)(هق) 17553 ، انظر الصَّحِيحَة: 3146
(حم)، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ لَقِيَ اللهَ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَأَدَّى زَكَاةَ مَالِهِ طَيِّبَةً بِهَا نَفْسُهُ مُحْتَسِبًا، وَسَمِعَ وَأَطَاعَ، دَخَلَ الْجَنَّةَ "(1)
(1)(حم) 8722 ، صَحِيح الْجَامِع: 3247 ، صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب: 1339
(س حم)، وَعَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ حَيْدَةَ رضي الله عنه قَالَ:(أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ ، مَا أَتَيْتُكَ حَتَّى حَلَفْتُ عَدَدَ أَصَابِعِي هَذِهِ أَنْ لَا آتِيَكَ)(1)(وَلَا آتِيَ دِينَكَ (2)) (3)(- وَضَرَبَ إِحْدَى يَدَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى -)(4)(وَإِنِّي كُنْتُ امْرَأً لَا أَعْقِلُ شَيْئًا إِلَّا مَا عَلَّمَنِي اللهُ عز وجل وَرَسُولُهُ (5)) (6)(وَإِنِّي أَسْأَلُكَ بِوَجْهِ اللهِ ، بِمَ بَعَثَكَ رَبُّنَا إِلَيْنَا؟ ، قَالَ: " بِالْإِسْلَامِ ")(7)(قُلْتُ: وَمَا الْإِسْلَامُ؟ ، قَالَ: " أَنْ تُسْلِمَ قَلْبَكَ للهِ تَعَالَى ، وَأَنْ تُوَجِّهَ وَجْهَكَ إِلَى اللهِ تَعَالَى ، وَتُصَلِّيَ الصَلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ ، وَتُؤَدِّيَ الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ ")(8)
(1)(حم) 20036 ، وقال الشيخ شعيب الأرناءوط: إسناده حسن.
(2)
يُرِيد أَنَّهُ كَانَ كَارِهًا لَهُ وَلِدِينِهِ صلى الله عليه وسلم إِلَّا أَنَّ اللهَ تَعَالَى مَنَّ عَلَيْهِ. شرح سنن النسائي - (ج 3 / ص 460)
(3)
(س) 2436
(4)
(حم) 20049 ، وقال الشيخ شعيب الأرناءوط: إسناده حسن.
(5)
مَقْصُودُهُ أَنَّهُ ضَعِيفُ الرَّايِ ، عَقِيمُ النَّظَرِ ، فَيَنْبَغِي لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَجْتَهِدَ فِي تَعْلِيمِه وَإِفْهَامِه. شرح سنن النسائي - (ج 3 / ص 460)
(6)
(س) 2436
(7)
(س) 2568 ، (حم) 20049
(8)
(حم) 20036 ، (س) 2436 ، وحسنه الألباني في الصحيحة: 369
(حم)، وَعَنْ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ مَا الْإِسْلَامُ؟ ، قَالَ:" أَنْ يُسْلِمَ قَلْبُكَ للهِ عز وجل وَأَنْ يَسْلَمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِكَ وَيَدِكَ، قَالَ: فَأَيُّ الْإِسْلَامِ أَفْضَلُ (1)؟ قَالَ: " الْإِيمَانُ "، قَالَ: وَمَا الْإِيمَانُ؟ ، قَالَ: " تُؤْمِنُ بِاللهِ، وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ ، وَبِالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ "، قَالَ: فَأَيُّ الْإِيمَانِ أَفْضَلُ؟ ، قَالَ: " الْهِجْرَةُ " ، قَالَ: فَمَا الْهِجْرَةُ؟ ، قَالَ: " أَنْ تَهْجُرَ السُّوءَ "، قَالَ: فَأَيُّ الْهِجْرَةِ أَفْضَلُ؟ ، قَالَ: " الْجِهَادُ "، قَالَ: وَمَا الْجِهَادُ؟ ، قَالَ: " أَنْ تُقَاتِلَ الْكُفَّارَ إِذَا لَقِيتَهُمْ، قَالَ: فَأَيُّ الْجِهَادِ أَفْضَلُ؟ ، قَالَ:" مَنْ عُقِرَ جَوَادُهُ ، وَأُهْرِيقَ دَمُهُ ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ثُمَّ عَمَلَانِ هُمَا أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ، إِلَّا مَنْ عَمِلَ عَمَلَا بِمِثْلِهِمَا: حَجَّةٌ مَبْرُورَةٌ، أَوْ عُمْرَةٌ "(2)
(1) أَيْ: أَيُّ خِصَال الْإِسْلَام أَفْضَلُ.
(2)
(حم) 17027 ، (عبد بن حميد) 301 ، (عب) 20107 ، (هب) 22 وصححه الألباني في كتاب الإيمان لابن تيمية ص5 ، وانظر الصحيحة تحت حديث: 551
(خ م س حم)، وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ:(" نُهِينَا فِي الْقُرْآنِ أَنْ نَسْأَلَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ شَيْءٍ (1) " ، فَكَانَ يُعْجِبُنَا أَنْ يَجيءَ الرَّجُلُ الْعَاقِلُ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ ، فَيَسْأَلَهُ وَنَحْنُ نَسْمَعُ (2)) (3) (فَبَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَسْجِدِ (4) إذْ دَخَلَ رَجُلٌ) (5) (مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ) (6) (عَلَى جَمَلٍ فَأَنَاخَهُ فِي الْمَسْجِدِ (7) ثُمَّ عَقَلَهُ (8) ثُمَّ قَالَ لَنَا: أَيُّكُمْ مُحَمَّدٌ؟) (9) (- وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مُتَّكِئٌ بَيْنَ ظَهْرَانَيْنا -
فَقُلْنَا: هَذَا الرَّجُلُ الَأَبْيَضُ (10) الْمُتَّكِئُ (11) فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ؟، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" قَدْ أَجَبْتُكَ (12) "، فَقَالَ الرَّجُلُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: إِنِّي سَائِلُكَ فَمُشَدِّدٌ عَلَيْكَ فِي الْمَسْأَلَةِ، فلَا تَجِدْ عَلَيَّ فِي نَفْسِكَ (13)) (14) (قَالَ:" لَا أَجِدُ فِي نَفْسِي، فَسَلْ عَمَّا بَدَا لَكَ ") (15)(فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ ، أَتَانَا رَسُولُكَ فَزَعَمَ لَنَا أَنَّكَ تَزْعُمُ (16) أَنَّ اللهَ أَرْسَلَكَ قَالَ: " صَدَقَ "، قَالَ: فَمَنْ خَلَقَ السَّمَاءَ؟ ، قَالَ:" اللهُ "، قَالَ: فَمَنْ خَلَقَ الْأَرْضَ؟ ، قَالَ:" اللهُ "، قَالَ: فَمَنْ نَصَبَ هَذِهِ الْجِبَالَ وَجَعَلَ فِيهَا مَا جَعَلَ؟ ، قَالَ:" اللهُ ") (17)(قَالَ: فَبِالَّذِي خَلَقَ السَّمَاءَ وَخَلَقَ الْأَرْضَ ، وَنَصَبَ هَذِهِ الْجِبَالَ، آللهُ أَرْسَلَكَ)(18)(إِلَى النَّاسِ كُلِّهِمْ؟)(19) وفي رواية: (أَنْشُدُكَ بِاللهِ (20) إِلَهِكَ وَإِلَهِ مَنْ كَانَ قَبْلَكَ، وَإِلَهِ مَنْ هُوَ كَائِنٌ بَعْدَكَ، آللهُ بَعَثَكَ إِلَيْنَا رَسُولًا؟) (21) (فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" اللَّهُمَّ نَعَمْ (22) ") (23)(قَالَ: فَأَنْشُدُكَ بِاللهِ إِلَهِكَ وَإِلَهِ مَنْ كَانَ قَبْلَكَ، وَإِلَهِ مَنْ كَائِنٌ بَعْدَكَ، آللهُ أَمَرَكَ أَنْ نَعْبُدَهُ وَحْدَهُ لَا نُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا؟، وَأَنْ نَخْلَعَ هَذِهِ الْأَنْدَادَ الَّتِي كَانَتْ آبَاؤُنَا تَعْبُدُهَا مِنْ دُونِهِ؟ ، قَالَ: " اللَّهُمَّ نَعَمْ " قَالَ: فَأَنْشُدُكَ بِاللهِ إِلَهِكَ وَإِلَهِ مَنْ كَانَ قَبْلَكَ، وَإِلَهِ مَنْ هُوَ كَائِنٌ بَعْدَكَ آللهُ أَمَرَكَ أَنْ نُصَلِّيَ هَذِهِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ؟ ، قَالَ: " اللَّهُمَّ نَعَمْ ")(24)(قَالَ: أَنْشُدُكَ بِاللهِ، آللهُ أَمَرَكَ أَنْ نَصُومَ هَذَا الشَّهْرَ مِنَ السَّنَةِ؟ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " اللَّهُمَّ نَعَمْ " ، قَالَ: أَنْشُدُكَ بِاللهِ، آللهُ أَمَرَكَ أَنْ تَاخُذَ هَذِهِ الصَّدَقَةَ مِنْ أَغْنِيَائِنَا (25) فَتَقْسِمَهَا عَلَى فُقَرَائِنَا (26)؟ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" اللَّهُمَّ نَعَمْ ") (27)(قَالَ: فَأَنْشُدُكَ بِهِ، آللهُ أَمَرَكَ أَنْ يَحُجَّ هَذَا الْبَيْتَ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا؟، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " اللَّهُمَّ نَعَمْ ")(28) وفي رواية: (ثُمَّ جَعَلَ يَذْكُرُ فَرَائِضَ الْإِسْلَامِ فَرِيضَةً فَرِيضَةً ، الزَّكَاةَ وَالصِّيَامَ، وَالْحَجَّ، وَشَرَائِعَ الْإِسْلَامِ كُلَّهَا، وَيُنَاشِدُهُ عِنْدَ كُلِّ فَرِيضَةٍ كَمَا نَاشَدَهُ فِي الَّتِي قَبْلَهَا)(29)(" ثُمَّ أَعْلَمَهُ مَا حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ ، فَلَمَّا فَرَغَ " ، قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللهِ)(30)(آمَنْتُ وَصَدَّقْتُ)(31)(بِمَا جِئْتَ بِهِ)(32)(وَسَأُؤَدِّي هَذِهِ الْفَرَائِضَ، وَأَجْتَنِبُ مَا نَهَيْتَنِي عَنْهُ ، ثُمَّ لَا أَزِيدُ وَلا أَنْقُصُ)(33)(وَأَنَا رَسُولُ مَنْ وَرَائِي مِنْ قَوْمِي ، وَأَنَا ضِمَامُ بْنُ ثَعْلَبَةَ، أَخُو بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ)(34)(قَالَ: ثُمَّ انْصَرَفَ رَاجِعًا إِلَى بَعِيرِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ وَلَّى: " إِنْ يَصْدُقْ ذُو الْعَقِيصَتَيْنِ يَدْخُلِ الْجَنَّةَ " ، قَالَ: فَأَتَى إِلَى بَعِيرِهِ فَأَطْلَقَ عِقَالَهُ، ثُمَّ خَرَجَ حَتَّى قَدِمَ عَلَى قَوْمِهِ، فَاجْتَمَعُوا إِلَيْهِ، فَكَانَ أَوَّلَ مَا تَكَلَّمَ بِهِ أَنْ قَالَ: بِئْسَتِ اللاتُ وَالْعُزَّى قَالُوا: مَهْ يَا ضِمَامُ، اتَّقِ الْبَرَصَ وَالْجُذَامَ، اتَّقِ الْجُنُونَ، قَالَ: وَيْلَكُمْ، إِنَّهُمَا وَاللهِ لَا يَضُرَّانِ وَلا يَنْفَعَانِ، إِنَّ اللهَ عز وجل قَدْ بَعَثَ رَسُولًا، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ كِتَابًا اسْتَنْقَذَكُمْ بِهِ مِمَّا كُنْتُمْ فِيهِ، وَإِنِّي أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، إِنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ مِنْ عِنْدِهِ بِمَا أَمَرَكُمْ بِهِ وَنَهَاكُمْ عَنْهُ، قَالَ: فَوَاللهِ مَا أَمْسَى مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَفِي حَاضِرِهِ رَجُلٌ وَلا امْرَأَةٌ إِلا مُسْلِمًا ، قَالَ: يَقُولُ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَمَا سَمِعْنَا بِوَافِدِ قَوْمٍ كَانَ أَفْضَلَ مِنْ ضِمَامِ بْنِ ثَعْلَبَةَ (35)) (36).
(1) أَيْ: مِمَّا لَا ضَرُورَةَ إِلَيْهِ. شرح النووي على مسلم - (ج 1 / ص 74)
كَأَنَّ أَنَسًا أَشَارَ إِلَى آيَة الْمَائِدَة، وَسَيَأْتِي بَسْطُ الْقَوْلِ فِيهَا فِي التَّفْسِيرِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى. (فتح - ح63)
(2)
زَادَ أَبُو عَوَانَة فِي صَحِيحه: " وَكَانُوا أَجْرَأ عَلَى ذَلِكَ مِنَّا " يَعْنِي أَنَّ الصَّحَابَةَ وَاقِفُونَ عِنْدَ النَّهْي، وَأُولَئِكَ يُعْذَرُونَ بِالْجَهْلِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بَلَغَهُمْ النَّهْيُ عَنْ السُّؤَال ، وَتَمَنَّوْهُ عَاقِلًا لِيَكُونَ عَارِفًا بِمَا يَسْأَل عَنْهُ ، وَظَهَرَ عَقْلُ ضِمَامٍ فِي تَقْدِيمِهِ الِاعْتِذَارَ بَيْنَ يَدَيْ مَسْأَلَتِهِ ، لِظَنِّهِ أَنَّهُ لَا يَصِلُ إِلَى مَقْصُودِهِ إِلَّا بِتِلْكَ الْمُخَاطَبَة. وَفِي رِوَايَة ثَابِتٍ مِنْ الزِّيَادَةِ أَنَّهُ سَأَلَهُ:" مَنْ رَفَعَ السَّمَاء وَبَسَطَ الْأَرْض " ، وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ الْمَصْنُوعَات، ثُمَّ أَقْسَمَ عَلَيْهِ بِهِ أَنْ يَصْدُقَهُ عَمَّا يَسْأَلُ عَنْهُ، وَكَرَّرَ الْقَسَمَ فِي كُلِّ مَسْأَلَةٍ تَاكِيدًا وَتَقْرِيرًا لِلْأَمْرِ، ثُمَّ صَرَّحَ بِالتَّصْدِيقِ، فَكُلُّ ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى حُسْنِ تَصَرُّفِهِ ، وَتَمَكُّنِ عَقْله، وَلِهَذَا قَالَ عُمَرُ فِي رِوَايَة أَبِي هُرَيْرَة:" مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَحْسَنَ مَسْأَلَةً وَلَا أَوْجَزَ مِنْ ضِمَام ". (فتح - ح63)
(3)
(م) 12 ، (س) 2091
(4)
أَيْ: مَسْجِدِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم. (فتح - ح63)
(5)
(خ) 63 ، (م) 12
(6)
(م) 12 ، (ت) 619
(7)
قَوْله: (فِي الْمَسْجِد) اِسْتَنْبَطَ مِنْهُ اِبْن بَطَّال وَغَيْرُهُ طَهَارَةَ أَبْوَالِ الْإِبِلِ وَأَرْوَاثِهَا إِذْ لَا يُؤْمَنُ ذَلِكَ مِنْهُ مُدَّةَ كَوْنِهِ فِي الْمَسْجِد، وَلَمْ يُنْكِرْهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَدَلَالَتُهُ غَيْرُ وَاضِحَة، وَإِنَّمَا فِيهِ مُجَرَّدُ اِحْتِمَال، وَيَدْفَعُهُ رِوَايَة أَبِي نُعَيْمٍ:" أَقْبَلَ عَلَى بَعِيرٍ لَهُ حَتَّى أَتَى الْمَسْجِدَ ، فَأَنَاخَهُ ، ثُمَّ عَقَلَهُ ، فَدَخَلَ الْمَسْجِد " ، فَهَذَا السِّيَاقُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مَا دَخَلَ بِهِ الْمَسْجِدَ.
وَأَصْرَح مِنْهُ: رِوَايَة اِبْن عَبَّاس عِنْد أَحْمَد وَالْحَاكِم وَلَفْظهَا: " فَأَنَاخَ بَعِيرَهُ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ ، فَعَقَلَهُ ثُمَّ دَخَلَ "، فَعَلَى هَذَا فِي رِوَايَة أَنَسٍ مَجَازُ الْحَذْفِ، وَالتَّقْدِير: فَأَنَاخَهُ فِي سَاحَةِ الْمَسْجِدِ، أَوْ نَحْو ذَلِكَ. (فتح - ح63)
(8)
أَيْ: شَدَّ عَلَى سَاق الْجَمَل - بَعْد أَنْ ثَنَى رُكْبَته - حَبْلًا. (فتح - ح63)
(9)
(خ) 63 ، (د) 486
(10)
الْأَبْيَض: أَيْ الْمُشْرَبُ بِحُمْرَةٍ ، كَمَا فِي رِوَايَة الْحَارِث بْن عُمَيْر " الْأَمْغَر " بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَة ، قَالَ حَمْزَة بْن الْحَارِث: هُوَ الْأَبْيَضُ الْمُشْرَبُ بِحُمْرَةٍ ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا يَأْتِي فِي صِفَتِهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ أَبْيَضَ ، وَلَا آدَمَ، أَيْ: لَمْ يَكُنْ أَبْيَضَ صِرْفًا. (فتح - ح63)
(11)
فِيهِ جَوَازُ اِتِّكَاءِ الْإِمَامِ بَيْن أَتْبَاعه.
وَفِيهِ مَا كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم عَلَيْهِ مِنْ تَرْكِ التَّكَبُّرِ ، لِقَوْلِهِ (بَيْن ظَهْرَانَيْنا) وَهِيَ بِفَتْحِ النُّون أَيْ: بَيْنهمْ، وَزِيدَ لَفْظ (الظَّهْر) لِيَدُلَّ عَلَى أَنَّ ظَهْرًا مِنْهُمْ قُدَّامَهُ ، وَظَهْرًا وَرَاءَهُ، فَهُوَ مَحْفُوف بِهِمْ مِنْ جَانِبَيْهِ. (فتح - ح63)
(12)
أَيْ: سَمِعْتُك، وَالْمُرَادُ إِنْشَاءُ الْإِجَابَة. (فتح - ح63)
(13)
أَيْ: لَا تَغْضَب.
(14)
(خ) 63 ، (س) 2092
(15)
(مي) 678 ، (خ) 63 ، (س) 2092 ، (حم) 2380
(16)
قَوْله: (زَعَمَ وَتَزْعُم) مَعَ تَصْدِيقِ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِيَّاهُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ (زَعَمَ) لَيْسَ مَخْصُوصًا بِالْكَذِبِ وَالْقَوْلِ الْمَشْكُوكِ فِيهِ، بَلْ يَكُونُ أَيْضًا فِي الْقَوْلِ الْمُحَقَّق، وَالصِّدْقِ الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ. شرح النووي (ج 1 / ص 74)
(17)
(م) 12 ، (س) 2091
(18)
(م) 12 ، (خ) 63
(19)
(خ) 63 ، (م) 12
(20)
نَشَدْتُكَ بِاللهِ: أَيْ سَأَلْتُكَ بِاللهِ. (فتح - ح63)
(21)
(مي) 678 ، (حم) 2380 ، وقال الألباني في السلسلة الضعيفة (10/ 762): هذا إسناد حسن ، وسكت عليه الحافظ (1/ 161) مشيراً بذلك إلى تقويته. أ. هـ وانظر فقه السيرة ص424
(22)
الْجَوَاب حَصَلَ بِنَعَمْ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ (اللَّهُمَّ) تَبَرُّكًا بِهَا، وَكَأَنَّهُ اسْتَشْهَدَ بِاللهِ فِي ذَلِكَ تَاكِيدًا لِصِدْقِهِ. (فتح - ح63)
(23)
(خ) 63 ، (م) 12
(24)
(مي) 678 ، (خ) 63 ، (م) 12 ، (حم) 2380
(25)
قَالَ اِبْن التِّين: فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمَرْءَ لَا يُفَرِّقُ صَدَقَتَهُ بِنَفْسِهِ. قُلْت: وَفِيهِ نَظَر. (فتح - ح63)
(26)
قَوْله: " عَلَى فُقَرَائِنَا " خَرَجَ مَخْرَجَ الْأَغْلَب ، لِأَنَّهُمْ مُعْظَمُ أَهْلِ الصَّدَقَة. (فتح - ح63)
(27)
(خ) 63 ، (م) 12
(28)
(س) 2094 ، (ت) 619
(29)
(مي) 678 ، (حم) 2380
(30)
(حم) 2254 ، وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط: حسن.
(31)
(س) 2094 ، (خ) 63
(32)
(خ) 63 ، (س) 2092
(33)
(حم) 2380 ، (مي) 678
(34)
(خ) 63 ، (س) 2092 ، (خز) 2383
(35)
فِي هَذَا الْحَدِيث مِنْ الْفَوَائِد غَيْر مَا تَقَدَّمَ: الْعَمَل بِخَبَرِ الْوَاحِد، وَلَا يَقْدَحُ فِيهِ مَجِيءُ ضِمَامٍ مُسْتَثْبِتًا ، لِأَنَّهُ قَصَدَ اللِّقَاءَ وَالْمُشَافَهَة ، وَقَدْ رَجَعَ ضِمَامٌ إِلَى قَوْمِهِ وَحْدَهُ ، فَصَدَّقُوهُ وَآمَنُوا.
وَفِيهِ نِسْبَةُ الشَّخْصِ إِلَى جَدِّهِ إِذَا كَانَ أَشْهَرَ مِنْ أَبِيهِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم يَوْم حُنَيْنٍ:" أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِب ". (فتح - ح63)
(36)
(حم) 2380، (مي) 678 ، وحسنه الألباني في فقه السيرة ص424 ، وقال الشيخ شعيب الأرناءوط: إسناده حسن.
(خ م س)، وَعَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ رضي الله عنه قَالَ:(جَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ (1) إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثَائِرَ الرَّاسِ (2) يُسْمَعُ دَوِيُّ صَوْتِهِ (3) وَلَا يُفْقَهُ مَا يَقُولُ ، حَتَّى دَنَا) (4) (مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم) (5) (فَإِذَا هُوَ يَسْأَلُ عَنْ الْإِسْلَامِ (6) فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ (7) فَقَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ ، قَالَ: " لَا ، إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ (8) ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" وَصِيَامُ رَمَضَانَ "، فَقَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُ؟ ، قَالَ:" لَا ، إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ " وَذَكَرَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الزَّكَاةَ " ، فَقَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ ، قَالَ: " لَا ، إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ ") (9) وفي رواية:(قَالَ: فَأَخْبِرْنِي بِمَا افْتَرَضَ اللهُ عَلَيَّ مِنْ الزَّكَاةِ ، " فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِشَرَائِعِ الْإِسْلَامِ (10)") (11) (قَالَ: فَأَدْبَرَ الرَّجُلُ وَهُوَ يَقُولُ: وَاللهِ لَا أَزِيدُ عَلَى هَذَا وَلَا أَنْقُصُ (12)) (13) (فَلَمَّا وَلَّى قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:) (14) (" أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ (15) ") (16)
وفي رواية: (" لَئِنْ صَدَقَ لَيَدْخُلَنَّ الْجَنَّةَ ")(17)
وفي رواية: " مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَذَا "(18)
(1) النَّجْدُ فِي الْأَصْل: مَا ارْتَفَعَ مِنْ الْأَرْض ، ضِدُّ الْتِّهَامة، سُمِّيَتْ بِهِ الْأَرْضُ الْوَاقِعَة بَيْنَ مَكَّةَ والْعِرَاق. عون المعبود - (ج 1 / ص 437)
(2)
الْمُرَادُ أَنَّ شَعْرَهُ مُتَفَرِّقٌ مِنْ تَرْكِ الرَّفَاهِيَة. (فتح - ح46)
(3)
الدَّوِيّ: صَوْتٌ مُرْتَفِعٌ مُتَكَرِّرٌ ، وَلَا يُفْهَم، وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ نَادَى مِنْ بُعْد. (فتح - ح46)
(4)
(خ) 46 ، (م) 11
(5)
(م) 11
(6)
أَيْ: عَنْ شَرَائِعِ الْإِسْلَام، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ سَأَلَ عَنْ حَقِيقَةِ الْإِسْلَام، وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُرْ لَهُ الشَّهَادَةَ لِأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّهُ يَعْلَمهَا ، أَوْ عَلِمَ أَنَّهُ إِنَّمَا يَسْأَلُ عَنْ الشَّرَائِعِ الْفِعْلِيَّة، أَوْ ذَكَرَهَا وَلَمْ يَنْقُلهَا الرَّاوِي لِشُهْرَتِهَا، وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُرْ الْحَجَّ لِأَنَّ الرَّاوِي اِخْتَصَرَهُ، وَيُؤَيِّدُ هَذَا القولَ مَا أَخْرَجَهُ الْمُصَنِّف فِي الصِّيَامِ عَنْ أَبِي سُهَيْلٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ:" فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم بِشَرَائِعِ الْإِسْلَام "، فَدَخَلَ فِيهِ بَاقِي الْمَفْرُوضَات ، بَلْ وَالْمَنْدُوبَات. (فتح - ح46) قال النووي (1/ 73): وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَمْ يَاتِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ذِكْرُ الْحَجّ، وَلَا جَاءَ ذِكْرُهُ فِي حَدِيثِ جِبْرِيلَ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَة، وَكَذَا غَيْرُ هَذَا مِنْ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ ، لَمْ يُذْكَرْ فِي بَعْضِهَا الصَّوْمُ، وَلَمْ يُذْكَرْ فِي بَعْضِهَا الزَّكَاةُ، وَذُكِرَ فِي بَعْضِهَا صِلَةُ الرَّحِمِ، وَفِي بَعْضِهَا أَدَاءُ الْخُمُسِ، وَلَمْ يَقَعْ فِي بَعْضِهَا ذِكْرُ الْإِيمَان، فَتَفَاوَتَتْ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ فِي عَدَد خِصَالِ الْإِيمَانِ زِيَادَةً وَنَقْصًا ، وَإِثْبَاتًا وَحَذْفًا.
وَقَدْ أَجَابَ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْهَا فَقَالَ: لَيْسَ هَذَا بِاخْتِلَافٍ صَادِرٍ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَلْ هُوَ مِنْ تَفَاوُتِ الرُّوَاةِ فِي الْحِفْظِ وَالضَّبْطِ؛ فَمِنْهُمْ مَنْ قَصَّرَ فَاقْتَصَرَ عَلَى مَا حَفِظَهُ فَأَدَّاهُ ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِمَا زَادَهُ غَيْرُهُ بِنَفْيٍ وَلَا إِثْبَاتٍ ، وَإِنْ كَانَ اِقْتِصَارُهُ عَلَى ذَلِكَ يُشْعِر بِأَنَّهُ الْكُلُّ ، فَقَدْ بَانَ بِمَا أَتَى بِهِ غَيْرُهُ مِنْ الثِّقَاتِ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِالْكُلِّ، وَأَنَّ اِقْتِصَارَهُ عَلَيْهِ كَانَ لِقُصُورِ حِفْظِهِ عَنْ تَمَامِهِ.
(7)
قَوْله: (خَمْس صَلَوَات) يُسْتَفَاد مِنْه أَنَّهُ لَا يَجِب شَيْء مِنْ الصَّلَوَات فِي كُلّ يَوْم وَلَيْلَة غَيْر الْخَمْس، خِلَافًا لِمَنْ أَوْجَبَ الْوِتْر ، أَوْ رَكْعَتَيْ الْفَجْر ، أَوْ صَلَاة الضُّحَى ، أَوْ صَلَاة الْعِيد ، أَوْ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْد الْمَغْرِب. (فتح - ح46)
(8)
كَأَنَّهُ قَالَ: لَا يَجِبُ عَلَيْكَ شَيْءٌ إِلَّا إِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَطَّوَّعَ ، فَذَلِكَ لَك. (فتح - ح46)
(9)
(خ) 1333 ، (م) 14
(10)
تَضَمَّنَتْ هَذِهِ الرِّوَايَة أَنَّ فِي الْقِصَّة أَشْيَاء أُجْمِلَتْ، مِنْهَا بَيَان نُصُبِ الزَّكَاة ، فَإِنَّهَا لَمْ تُفَسَّر فِي الرِّوَايَتَيْنِ، وَكَذَا أَسْمَاءُ الصَّلَوَات، وَكَأَنَّ السَّبَبَ فِيهِ شُهْرَةُ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ ، أَوْ الْقَصْدُ مِنْ الْقِصَّةِ بَيَانُ أَنَّ الْمُتَمَسِّكَ بِالْفَرَائِضِ نَاجٍ وَإِنْ لَمْ يَفْعَلَ النَّوَافِل. (فتح - ح46)
(11)
(خ) 6556 ، (س) 2090
(12)
يُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ أَنَّهُ لَا يُصَلِّي النَّافِلَةَ ، مَعَ أَنَّهُ لَا يُخِلُّ بِشَيْءٍ مِنْ الْفَرَائِض ، وَهَذَا مُفْلِحٌ بِلَا شَكٍّ ، وَإِنْ كَانَتْ مُوَاظَبَتُهُ عَلَى تَرْكِ السُّنَنِ مَذْمُومَة ، وَتُرَدُّ بِهَا الشَّهَادَةُ ، إِلَّا أَنَّهُ لَيْسَ بِعَاصٍ ، بَلْ هُوَ مُفْلِحٌ نَاجٍ. وَالله أَعْلَمُ. شرح النووي (1/ 73)
(13)
(خ) 46 ، (م) 11
(14)
(خ) 1333 ، (م) 14
(15)
وَقَعَ عِنْد (م) 11 ، (د) 392:" أَفْلَحَ وَأَبِيهِ إِنْ صَدَقَ " أَوْ " دَخَلَ الْجَنَّة وَأَبِيهِ إِنْ صَدَقَ "، فَإِنْ قِيلَ: مَا الْجَامِعُ بَيْن هَذَا وَبَيْن النَّهْيِ عَنْ الْحَلِفِ بِالْآبَاءِ؟ ، أُجِيبَ بِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ النَّهْيِ ، أَوْ بِأَنَّهَا كَلِمَةٌ جَارِيَةٌ عَلَى اللِّسَان ، لَا يُقْصَدُ بِهَا الْحَلِف، كَمَا جَرَى عَلَى لِسَانِهِمْ (عَقْرَى، حَلْقَى) وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، أَوْ فِيهِ إِضْمَارُ اِسْمِ الرَّبِّ ، كَأَنَّهُ قَالَ: وَرَبِّ أَبِيهِ.
وَقِيلَ: هُوَ خَاصٌّ ، وَيَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ، وَأَقْوَى الْأَجْوِبَةِ الْأَوَّلَانِ.
وَقال اِبْنُ بَطَّال: دَلَّ قَوْلُه " أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ " عَلَى أَنَّهُ إِنْ لَمْ يَصْدُقْ فِيمَا اِلْتَزَمَ لَا يُفْلِحْ، وَهَذَا بِخِلَافِ قَوْلِ الْمُرْجِئَة.
فَإِنْ قِيلَ: كَيْف أَثْبَتَ لَهُ الْفَلَاحَ بِمُجَرَّدِ مَا ذَكَرَ ، مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُر الْمَنْهِيَّات؟ ، أَجَابَ اِبْنُ بَطَّالٍ بِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ وَقَعَ قَبْلَ وُرُودِ فَرَائِضِ النَّهْي.
وَهُوَ عَجِيبٌ مِنْهُ ، لِأَنَّهُ جَزَمَ بِأَنَّ السَّائِلَ ضِمَام، وَأَقْدَمُ مَا قِيلَ فِيهِ: إِنَّهُ وَفَدَ سَنَةَ خَمْسٍ، وَقِيلَ: بَعْد ذَلِكَ، وَقَدْ كَانَ أَكْثَرُ الْمَنْهِيَّاتِ وَاقِعًا قَبْل ذَلِكَ.
وَالصَّوَاب أَنَّ ذَلِكَ دَاخِلٌ فِي عُمُومِ قَوْلِهِ " فَأَخْبَرَهُ بِشَرَائِع الْإِسْلَام " كَمَا أَشَرْنَا إِلَيْهِ
فَإِنْ قِيلَ: أَمَّا فَلَاحُهُ بِأَنَّهُ لَا يَنْقُصُ فَوَاضِح، وَأَمَّا بِأَنْ لَا يَزِيدَ ، فَكَيْفَ يَصِحّ؟ أَجَابَ النَّوَوِيُّ بِأَنَّهُ أَثْبَتَ لَهُ الْفَلَاحَ لِأَنَّهُ أَتَى بِمَا عَلَيْهِ ، وَلَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ إِذَا أَتَى بِزَائِدٍ عَلَى ذَلِكَ لَا يَكُون مُفْلِحًا؛ لِأَنَّهُ إِذَا أَفْلَحَ بِالْوَاجِبِ ، فَفَلَاحه بِالْمَنْدُوبِ مَعَ الْوَاجِب أَوْلَى
فَإِنْ قِيلَ: فَكَيْف أَقَرَّهُ عَلَى حَلِفِهِ وَقَدْ وَرَدَ النَّكِيرُ عَلَى مَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَفْعَلَ خَيْرًا؟ أُجِيبَ بِأَنَّ ذَلِكَ مُخْتَلِفٌ بِاخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ وَالْأَشْخَاصِ، وَهَذَا جَارٍ عَلَى الْأَصْلِ بِأَنَّهُ لَا إِثْمَ عَلَى غَيْرِ تَارِكِ الْفَرَائِض، فَهُوَ مُفْلِحٌ وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ أَكْثَرَ فَلَاحًا مِنْهُ. وَقَالَ الطِّيبِيّ: يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْكَلَامُ صَدَرَ مِنْهُ عَلَى طَرِيقِ الْمُبَالَغَةِ فِي التَّصْدِيقِ وَالْقَبُول، أَيْ: قَبِلْتُ كَلَامَكَ قَبُولًا لَا مَزِيدَ عَلَيْهِ مِنْ جِهَة السُّؤَال، وَلَا نُقْصَانَ فِيهِ مِنْ طَرِيق الْقَبُول.
وَقَالَ اِبْن الْمُنِير: يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ الزِّيَادَةُ وَالنَّقْصُ تَتَعَلَّقُ بِالْإِبْلَاغِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ وَافِد قَوْمِهِ لِيَتَعَلَّمَ وَيُعَلِّمهُمْ.
قُلْت: وَالِاحْتِمَالَانِ مَرْدُودَانِ بِرِوَايَةِ إِسْمَاعِيل بْن جَعْفَر، فَإِنَّ نَصَّهَا " لَا أَتَطَوَّع شَيْئًا، وَلَا أَنْقُصُ مِمَّا فَرَضَ اللهُ عَلَيَّ شَيْئًا ".
وَقِيلَ: مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ " لَا أَزِيدُ وَلَا أَنْقُصُ "، أَيْ: لَا أُغَيِّرُ صِفَةَ الْفَرْضِ ، كَمَنْ يَنْقُصُ الظُّهْرَ مَثَلًا رَكْعَةً ، أَوْ يَزِيدُ الْمَغْرِبَ.
قُلْت: وَيُعَكِّرُ عَلَيْهِ أَيْضًا لَفْظُ التَّطَوُّعِ فِي رِوَايَة إِسْمَاعِيل بْن جَعْفَر. (فتح- ح46)
(16)
(خ) 46 ، (م) 11
(17)
(س) 459 ، (خ) 1891
(18)
(خ) 1333 ، (م) 14
(س د طل حم)، وَعَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ قَالَ:(كُنْتُ فِي مَجْلِسٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِيهِمْ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ رضي الله عنه فَذَكَرُوا الْوِتْرَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: وَاجِبٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: سُنَّةٌ، فَقَالَ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ: أَمَّا أَنَا فَأَشْهَدُ أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " أَتَانِي جِبْرِيلُ عليه السلام فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ اللهَ عز وجل يَقُولُ لَكَ: إِنِّي قَدْ فَرَضْتُ عَلَى أُمَّتِكَ خَمْسَ صَلَوَاتٍ)(1)(مَنْ أَحْسَنَ وُضُوءَهُنَّ (2) وَصَلَّاهُنَّ لِوَقْتِهِنَّ، وَأَتَمَّ رُكُوعَهُنَّ) (3) (وَسُجُودَهُنَّ) (4) (وَخُشُوعَهُنَّ) (5) (وَلَمْ يُضَيِّعْ شَيْئًا مِنْهُنَّ اسْتِخْفَافًا بِحَقِّهِنَّ (6)) (7) (كَانَ لَهُ عِنْدِي عَهْدٌ أَنْ أَغْفِرَ لَهُ) (8) (وَأُدْخِلَهُ بِهِنَّ الْجَنَّةَ) (9) (وَمَنْ لَقِيَنِي) (10) (قَدْ انْتَقَصَ مِنْهُنَّ شَيْئًا اسْتِخْفَافًا بِحَقِّهِنَّ) (11) وفي رواية:(وَمَنْ لَمْ يَفْعَلْ)(12)(فَلَيْسَ لَهُ عِنْدِي عَهْدٌ، إِنْ شِئْتُ عَذَّبْتُهُ، وَإِنْ شِئْتُ رَحِمْتُهُ (13) ") (14)
(1)(طل) 573 ، انظر صَحِيح الْجَامِع: 77 ، الصَّحِيحَة: 842
(2)
أَيْ: بِمُرَاعَاةِ فَرَائِضِ الْوُضُوءِ وَسُنَنِه. عون المعبود - (ج 1 / ص 467)
(3)
(د) 425 ، (حم) 22756 ، انظر صحيح الجامع: 3242 ، وصحيح الترغيب والترهيب: 396 ، 370 ، 400
(4)
(طل) 573 ، (حم) 22756 ، وقال الأرناءوط: إسناده صحيح.
(5)
(د) 1420 ، (حم) 22756
(6)
أَيْ: اِحْتِرَازًا عَمًّا إِذَا ضَاعَ شَيْءٌ سَهْوًا وَنِسْيَانًا. شرح سنن النسائي (1/ 322)
(7)
(س) 461 ، (د) 1420
(8)
(حم) 22756 ، (د) 425
(9)
(طل) 573 ، (س) 461
(10)
(طل) 573
(11)
(جة) 1401
(12)
(د) 425
(13)
هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْمُحَافِظَ عَلَى الصَّلَوَاتِ يُوَفَّقُ لِلصَّالِحَاتِ ، بِحَيْثُ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ اِبْتِدَاء ،
وَمَعْنَى (عَذَّبَهُ) أَيْ: عَلَى قَدْرِ ذُنُوبِهِ ،
وَمَعْنَى (أَدْخَلَهُ الْجَنَّة) أَيْ: اِبْتِدَاءً بِمَغْفِرَتِهِ ، وَالله تَعَالَى أَعْلَم. شرح سنن النسائي - (ج 1 / ص 322)
(14)
(طل) 573 ، (س) 461 ، (د) 1420
(حم طس)، وَعَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:(بَيْنَمَا نَحْنُ جَلُوسٌ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُسْنِدِي ظُهُورِنَا إِلَى قِبْلَةِ مَسْجِدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم سَبْعَةُ رَهْطٍ ، أَرْبَعَةٌ مَوَالِينَا، وَثَلَاثَةٌ مِنْ عَرَبِنَا " إِذْ خَرَجَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَلَاةَ الظُّهْرِ حَتَّى انْتَهَى إِلَيْنَا ، فَقَالَ: مَا يُجْلِسُكُمْ هَاهُنَا؟ " ، فَقُلْنَا: نَنْتَظِرُ الصَلَاةَ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: " فَأَرَمَّ (1) قَلِيلًا ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: أَتَدْرُونَ مَا يَقُولُ رَبُّكُمْ عز وجل؟ " ، فَقُلْنَا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ ، قَالَ: " فَإِنَّ رَبَّكُمْ عز وجل يَقُولُ:) (2)(إِنِّي فَرَضْتُ عَلَى أُمَّتِكَ خَمْسَ صَلَوَاتٍ ، وَعَهِدْتُ عِنْدِي عَهْدًا ، أَنَّهُ)(3)(مَنْ صَلَّى الصَلَاةَ لِوَقْتِهَا ، وَحَافَظَ عَلَيْهَا ، وَلَمْ يُضَيِّعْهَا اسْتِخْفَافًا بِحَقِّهَا ، فَلَهُ عَلَيَّ عَهْدٌ أَنْ أُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ ، وَمَنْ لَمْ يُصَلِّهَا لِوَقْتِهَا ، وَلَمْ يُحَافِظْ عَلَيْهَا ، وَضَيَّعَهَا اسْتِخْفَافًا بِحَقِّهَا فلَا عَهْدَ لَهُ عَلَيَّ ، إِنْ شِئْتُ عَذَّبْتُهُ ، وَإِنْ شِئْتُ غَفَرْتُ لَهُ ")(4)
(1) أَيْ: سكت.
(2)
(حم) 18157 ، وحسنه الألباني في صحيح أبي داود تحت حديث: 456
(3)
(د) 430 ، (جة) 1403
(4)
(طس) 4764 ، (حم) 18157 ، (د) 430 ، (جة) 1403 ، انظر صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب: 401، الصَّحِيحَة: 4033
(خ ت س)، وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (" مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ ، وَأَقَامَ الصَلَاةَ)(1)(وَآتَى الزَّكَاةَ)(2)(وَصَامَ رَمَضَانَ)(3)(وَحَجَّ الْبَيْتَ)(4)(وَمَاتَ لَا يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا)(5)(كَانَ حَقًّا عَلَى اللهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ)(6) وفي رواية: (كَانَ حَقًّا عَلَى اللهِ أَنْ يَغْفِرَ لَهُ)(7)(هَاجَرَ فِي سَبِيلِ اللهِ)(8) وفي رواية: (جَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللهِ)(9)(أَوْ جَلَسَ فِي أَرْضِهِ الَّتِي وُلِدَ فِيهَا (10)) (11)(فَقَالَ مُعَاذٌ:)(12)(يَا رَسُولَ اللهِ، أَفَلَا نُخْبِرُ بِهَا النَّاسَ فَيَسْتَبْشِرُوا؟)(13)(قَالَ: " ذَرْ النَّاسَ يَعْمَلُونَ (14)) (15)(فَإِنَّ فِي الْجَنَّةِ مِائَةَ دَرَجَةٍ أَعَدَّهَا اللهُ لِلْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِهِ (16) مَا بَيْنَ الدَّرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، فَإِذَا سَأَلْتُمُ اللهَ فَاسْأَلُوهُ الْفِرْدَوْسَ (17) فَإِنَّهُ أَوْسَطُ الْجَنَّةِ، وَأَعْلَى الْجَنَّةِ (18) وَمِنْهُ (19) تَنْفَجِرُ أَنْهَارُ الْجَنَّةِ) (20)(الْأَرْبَعَةُ (21)) (22)(وَفَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ")(23)
وفي رواية (24): " فَإِذَا سَأَلْتُمُ اللهَ فَسَلُوهُ الْفِرْدَوْسَ ، فَإِنَّهُ سِرُّ الْجَنَّةِ، يَقُولُ الرَّجُلُ مِنْكُمْ لِرَاعِيهِ: عَلَيْكَ بِسِرِّ الْوَادِي، فَإِنَّهُ أَمْرَعُهُ (25) وَأَعْشَبُهُ "
(1)(خ) 6987 ، (حم) 8400
(2)
(س) 3132
(3)
(خ) 2637 ، (ت) 2529
(4)
(ت) 2529
(5)
(س) 3132
(6)
(خ) 2637 ، (حم) 8400
(7)
(ت) 2529 ، (س) 3132
(8)
(خ) 6987 ، (ت) 2529
(9)
(خ) 2637
(10)
قَوْله: (أَوْ جَلَسَ فِي أرضه) فِيهِ تَانِيسٌ لِمَنْ حُرِمَ الْجِهَاد ، وَأَنَّهُ لَيْسَ مَحْرُومًا مِنْ الْأَجْر، بَلْ لَهُ مِنْ الْإِيمَانِ وَالْتِزَامِ الْفَرَائِضِ مَا يُوَصِلُهُ إِلَى الْجَنَّة ، وَإِنْ قَصُرَ عَنْ دَرَجَة الْمُجَاهِدِينَ. فتح الباري - (ج 8 / ص 377)
(11)
(خ) 2637 ، (ت) 2529
(12)
(ت) 2529
(13)
(س) 3132 ، (خ) 6987
(14)
أَيْ: يَجْتَهِدُونَ فِي زِيَادَةِ الْعِبَادَةِ ، وَلَا يَتَّكِلُونَ عَلَى هَذَا الْإِجْمَالِ. تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 321)
(15)
(ت) 2529
(16)
الْمُرَاد: لَا تُبَشِّرْ النَّاسَ بِمَا ذَكَرْتُهُ مِنْ دُخُولِ الْجَنَّة لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ الْأَعْمَالَ الْمَفْرُوضَةَ عَلَيْهِ ، فَيَقِفُوا عِنْد ذَلِكَ ، وَلَا يَتَجَاوَزُوهُ إِلَى مَا هُوَ أَفْضَلُ مِنْهُ مِنْ الدَّرَجَاتِ الَّتِي تَحْصُلُ بِالْجِهَادِ، وَهَذِهِ هِيَ النُّكْتَةُ فِي قَوْله" أَعَدَّهَا الله لِلْمُجَاهِدِينَ" وَفِي هَذَا تَعَقُّبٌ عَلَى قَوْلِ بَعْضِ شُرَّاحِ الْمَصَابِيح:" سَوَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْن الْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللهِ وَبَيْنَ عَدَمِهِ ، وَهُوَ الْجُلُوسُ فِي الْأَرْضِ الَّتِي وُلِدَ الْمَرْءُ فِيهَا ".
وَوَجْه التَّعَقُّبِ: أَنَّ التَّسْوِيَةَ لَيْسَتْ فِي كُلَّ عُمُومِهَا ، وَإِنَّمَا هِيَ فِي أَصْلِ دُخُولِ الْجَنَّة ، لَا فِي تَفَاوُتِ الدَّرَجَاتِ كَمَا قَرَّرَتْهُ، وَالله أَعْلَم.
وَلَيْسَ فِي هَذَا السِّيَاقِ مَا يَنْفِي أَنْ يَكُونَ فِي الْجَنَّةِ دَرَجَاتٌ أُخْرَى أُعِدَّتْ لِغَيْرِ الْمُجَاهِدِينَ ، دُونَ دَرَجَةِ الْمُجَاهِدِينَ. فتح الباري - (ج 8 / ص 377)
(17)
الْفِرْدَوْس: هُوَ الْبُسْتَان الَّذِي يَجْمَعُ كُلَّ شَيْء.
وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي فِيهِ الْعِنَب.
وَقِيلَ: هُوَ بِالرُّومِيَّةِ.
وَقِيلَ: بِالْقِبْطِيَّةِ.
وَقِيلَ: بِالسُّرْيَانِيَّةِ.
وفِي الْحَدِيثِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ دَرَجَةَ الْمُجَاهِدِ قَدْ يَنَالُهَا غَيْرُ الْمُجَاهِد ، إِمَّا بِالنِّيَّةِ الْخَالِصَةِ ، أَوْ بِمَا يُوَازِيهِ مِنْ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَة ، لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ الْجَمِيعَ بِالدُّعَاءِ بِالْفِرْدَوْسِ بَعْدَ أَنْ أَعْلَمهُمْ أَنَّهُ أُعِدَّ لِلْمُجَاهِدِينَ. فتح الباري (ج 8 / ص 377)
(18)
الْمُرَاد بِالْأَوْسَطِ هُنَا: الْأَعْدَل ، وَالْأَفْضَل ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّة وَسَطًا} ، فَعَطَفَ الْأَعْلَى عَلَيْهِ لِلتَّاكِيدِ.
وَقَالَ الطِّيبِيُّ: الْمُرَادُ بِأَحَدِهَا: الْعُلُوُّ الْحِسِّيّ ، وَبِالْآخَرِ: الْعُلُوّ الْمَعْنَوِيّ.
وَقَالَ ابْن حِبَّانَ: الْمُرَادُ بِالْأَوْسَطِ: السَّعَة، وَبِالْأَعْلَى الْفَوْقِيَّة. فتح (8/ 377)
(19)
أَيْ: مِنْ الْفِرْدَوْس. فتح الباري - (ج 8 / ص 377)
(20)
(خ) 2637 ، (ت) 2529
(21)
أَيْ: أُصُولُ الْأَنْهَارِ الْأَرْبَعَةِ ، مِنْ الْمَاءِ ، وَاللَّبَنِ ، وَالْخَمْرِ ، وَالْعَسَلِ. تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 321)
(22)
(ت) 2531 ، (حم) 22790
(23)
(خ) 2637 ، (ت) 2529
(24)
(طب) ج18ص254ح635 ، وصححها الألباني في الصَّحِيحَة: 3972
(25)
أَيْ: أَخْصَبُه.
(د طص)، وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (" خَمْسٌ مَنْ جَاءَ بِهِنَّ مَعَ إِيمَانٍ دَخَلَ الْجَنَّةَ: مَنْ حَافَظَ عَلَى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ ، عَلَى وُضُوئِهِنَّ ، وَرُكُوعِهِنَّ ، وَسُجُودِهِنَّ ، وَمَوَاقِيتِهِنَّ ، وَصَامَ رَمَضَانَ ، وَحَجَّ الْبَيْتَ إِنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ، وَأَعْطَى الزَّكَاةَ طَيِّبَةً بِهَا (1) نَفْسُهُ ، وَأَدَّى الْأَمَانَةَ "، فَقَالُوا لِأَبِي الدَّرْدَاءِ: وَمَا أَدَاءُ الْأَمَانَةِ؟ ، قَالَ: الْغُسْلُ مِنْ الْجَنَابَةِ (2)) (3)(فَإِنَّ اللهَ لَمْ يَامَنِ ابْنَ آدَمَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ دِينِهِ غَيْرِهَا)(4).
(1) أَيْ: بِالزَّكَاةِ. عون المعبود - (ج 1 / ص 471)
(2)
الْأَمَانَةُ تَقَعُ عَلَى الطَّاعَةِ ، وَالْعِبَادَة ، وَالْوَدِيعَة ، وَالثِّقَة ، وَالْأَمَان، وَقَدْ جَاءَ فِي كُلٍّ مِنْهَا حَدِيث ، وَقَدْ فَسَّرَ أَبُو الدَّرْدَاءِ حَاصِلَ الْحَدِيثِ بِأَنَّهُ الْغُسْلُ مِنْ الْجَنَابَة. عون المعبود - (ج 1 / ص 471)
(3)
(د) 429
(4)
(طص) ج2/ص56/ح772 ، انظر صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب: 369
(يع)، وَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ وَعَدَهُ اللهُ عَلَى عَمَلٍ ثَوَابًا ، فَهُوَ مُنْجِزُهُ لَهُ، وَمَنْ وَعَدَهُ عَلَى عَمَلٍ عِقَابًا ، فَهُوَ فِيهِ بِالْخِيَارِ "(1)
(1)(يع) 3316 ، (طس) 8516 ، ، صححه الألباني في ظلال الجنة: 960 ، والصَّحِيحَة: 2463
وقال الألباني في الصَّحِيحَة: هذا الحديث يشهد لشطره الأول آيات كثيرة في القرآن الكريم كقوله تعالى: {وَعْدَ اللهِ لَا يُخْلِفُ اللهُ وَعْدَهُ} [الروم: 6] ،
وقوله: {وَنَتَجَاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ ، وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ} [الأحقاف: 16]
وأما الشطر الآخر، فيشهد له حديث عبادة بن الصامت مرفوعا بلفظ: "
…
ومن عَبَدَ اللهَ
…
وسَمِعَ وَعَصى، فإن الله تعالى من أمره بالخِيار، إن شاء رَحِمَه، وإن شاء عذبه ". أخرجه أحمد وغيره بسند حسن. أ. هـ
(خ م)، وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ:(قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ ، أَنُؤَاخَذُ بِمَا عَمِلْنَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ (1)؟ ، قَالَ:" مَنْ أَحْسَنَ فِي الْإِسْلَامِ (2) لَمْ يُؤَاخَذْ بِمَا عَمِلَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، وَمَنْ أَسَاءَ فِي الْإِسْلَامِ (3)) (4) (أُخِذَ بِعَمَلِهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَالْإِسْلَامِ ") (5)
(1) الْجَاهِلِيَّة: مَا قَبْل الْإِسْلَام. (فتح - ج1ص127)
(2)
الْمُرَادُ بِالْإِحْسَانِ هُنَا: الدُّخُولُ فِي الْإِسْلَام ِبِالظَّاهِرِ وَالْبَاطِن جَمِيعًا، وَأَنْ يَكُون مُسْلِمًا حَقِيقِيًّا ، فَهَذَا يُغْفَرُ لَهُ مَا سَلَفَ فِي الْكُفْرِ ، بِنَصِّ الْقُرْآنِ الْعَزِيِز وَالْحَدِيثِ الصَّحِيح:" الْإِسْلَامُ يَهْدِم مَا قَبْله " ، وَبِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ، وَهَذَا مَعْرُوفٌ فِي اِسْتِعْمَالِ الشَّرْع؛ يَقُولُونَ: حَسُنَ إِسْلَامُ فُلَان ، إِذَا دَخَلَ فِيهِ حَقِيقَةً بِإِخْلَاصٍ. شرح النووي على مسلم - (ج 1 / ص 234)
(3)
الْمُرَادُ بِالْإِسَاءَةِ: عَدَمُ الدُّخُولِ فِي الْإِسْلَامِ بِقَلْبِهِ ، بَلْ يَكُونُ مُنْقَادًا فِي الظَّاهِر لِلشَّهَادَتَيْنِ ، غَيْرَ مُعْتَقِدٍ لِلْإِسْلَامِ بِقَلْبِهِ؛ فَهَذَا مُنَافِقٌ بَاقٍ عَلَى كُفْرِهِ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ، فَيُؤَاخَذُ بِمَا عَمِلَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ قَبْلَ إِظْهَارِ صُورَةِ الْإِسْلَام ، وَبِمَا عَمِلَ بَعْد إِظْهَارِهَا ، لِأَنَّهُ مُسْتَمِرٌّ عَلَى كُفْرِه. شرح النووي (ج 1 / ص 234)
(4)
(خ) 6523 ، (م) 120
(5)
(م) 120 ، (خ) 6523
(طس)، وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ أَحْسَنَ فِيمَا بَقِيَ ، غُفِرَ لَهُ مَا مَضَى، وَمَنْ أَسَاءَ فِيمَا بَقِيَ، أُخِذَ بِمَا مَضَى وَمَا بَقِيَ "(1)
(1)(طس) 6806 ، انظر الصَّحِيحَة: 3389
(خ م)، وَعَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ رضي الله عنه قَالَ:(قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ ، أَرَأَيْتَ أُمُورًا كُنْتُ أَتَحَنَّثُ (1) بِهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، مِنْ صَدَقَةٍ ، وَعَتَاقَةٍ ، وَصِلَةِ رَحِمٍ ، فَهَلْ لِي فِيهَا مِنْ أَجْرٍ؟) (2) (فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" أَسْلَمْتَ عَلَى مَا سَلَفَ لَكَ مِنْ خَيْرٍ (3) ") (4)
(1) أَيْ: أَتَقَرَّبُ، وَالْحِنْثُ فِي الْأَصْلِ: الْإِثْم، وَكَأَنَّهُ أَرَادَ: أُلْقِي عَنِّي الْإِثْم. فتح الباري (ج 5 / ص 40)
(2)
(خ) 1369 ، (خ) 2107 ، (م) 123
(3)
ظَاهِرُهُ أَنَّ الْخَيْرَ الَّذِي أَسْلَفَهُ كُتِبَ لَهُ، وَالتَّقْدِير: أَسْلَمْتَ عَلَى قَبُولِ مَا سَلَفَ لَك مِنْ خَيْرٍ.
وَأَمَّا مَنْ قَالَ: إِنَّ الْكَافِرَ لَا يُثَابُ ، فَحُمِلَ مَعْنَى الْحَدِيثِ عَلَى وُجُوهٍ أُخْرَى ، مِنْهَا أَنَّكَ بِبَرَكَةِ فِعْلِ الْخَيْرِ هُدِيتَ إِلَى الْإِسْلَامِ ، لِأَنَّ الْمَبَادِئَ عُنْوَانُ الْغَايَات، أَوْ أَنَّك بِتِلْكَ الْأَفْعَالِ رُزِقْتَ الرِّزْقَ الْوَاسِع.
قَالَ اِبْن الْجَوْزِيِّ: قِيلَ: إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَرَّى عَنْ جَوَابِهِ، فَإِنَّهُ سَأَلَ: هَلْ لِي فِيهَا مِنْ أَجْرٍ؟ ، فَقَالَ: أَسْلَمْتَ عَلَى مَا سَلَفَ مِنْ خَيْرٍ ، وَالْعِتْقُ فِعْلُ خَيْر، كَأَنَّهُ أَرَادَ أَنَّك فَعَلْتَ الْخَيْرَ ، وَالْخَيْرُ يُمْدَحُ فَاعِلُهُ وَيُجَازَى عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا، فَقَدْ رَوَى مُسْلِم مِنْ حَدِيثِ أَنَس مَرْفُوعًا " أَنَّ الْكَافِرَ يُثَابُ فِي الدُّنْيَا بِالرِّزْقِ عَلَى مَا يَفْعَلُهُ مِنْ حَسَنَة ". فتح الباري (ج 5 / ص 40)
(4)
(خ) 2401 ، (م) 123