الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَكْلِيمُ الرَّبِّ سُبْحَانَهُ لِجِبْرِيل
(م)، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ:" تَلَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَوْلَ اللهِ عز وجل فِي إِبْرَاهِيمَ: {رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنْ النَّاسِ ، فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي ، وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (1) وَقَوَلَ عِيسَى عليه السلام: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ ، وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (2) فَرَفَعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَدَيْهِ وَقَالَ: اللَّهُمَّ أُمَّتِي ، أُمَّتِي ، وَبَكَى ، فَقَالَ اللهُ عز وجل: يَا جِبْرِيلُ ، اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ - وَرَبُّكَ أَعْلَمُ - فَسَلْهُ مَا يُبْكِيكَ؟ ، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ عليه السلام فَسَأَلَهُ ، فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِمَا قَالَ - وَهُوَ أَعْلَمُ - فَقَالَ اللهُ: يَا جِبْرِيلُ ، اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ فَقُلْ لَهُ: إِنَّا سَنُرْضِيكَ فِي أُمَّتِكَ وَلَا نَسُوءُكَ "(3)
الشرح (4)
(1)[إبراهيم/36]
(2)
[المائدة/118]
(3)
(م) 346 - (202)
(4)
هَذَا الْحَدِيث مُشْتَمِل عَلَى أَنْوَاع مِنْ الْفَوَائِد مِنْهَا: بَيَان كَمَال شَفَقَة النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عَلَى أُمَّته ، وَاعْتِنَائِهِ بِمَصَالِحِهِمْ، وَاهْتِمَامه بِأَمْرِهِمْ.
وَمِنْهَا: اِسْتِحْبَاب رَفْع الْيَدَيْنِ فِي الدُّعَاء.
وَمِنْهَا: الْبِشَارَة الْعَظِيمَة لِهَذِهِ الْأُمَّة - زَادَهَا الله تَعَالَى شَرَفًا - بِمَا وَعَدَهَا الله تَعَالَى بِقَوْلِهِ: (سَنُرْضِيك فِي أُمَّتك وَلَا نَسُوءك) ، وَهَذَا مِنْ أَرْجَى الْأَحَادِيث لِهَذِهِ الْأُمَّة أَوْ أَرْجَاهَا.
وَمِنْهَا: بَيَان عِظَم مَنْزِلَة النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عِنْد الله تَعَالَى ، وَعَظِيم لُطْفه سُبْحَانه بِهِ صلى الله عليه وسلم وَالْحِكْمَة فِي إِرْسَال جِبْرِيل لِسُؤَالِهِ صلى الله عليه وسلم إِظْهَار شَرَف النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وَأَنَّهُ بِالْمَحِلِّ الْأَعْلَى فَيُسْتَرْضَى وَيُكْرَم بِمَا يُرْضِيه وَالله أَعْلَم.
وَهَذَا الْحَدِيث مُوَافِق لِقَوْلِ الله عز وجل: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيك رَبّك فَتَرْضَى} ، وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى:(وَلَا نَسُوءك)، فَقَالَ صَاحِب (التَّحْرِير): هُوَ تَاكِيد لِلْمَعْنَى ، أَيْ: لَا نُحْزِنك؛ لِأَنَّ الْإِرْضَاء قَدْ يَحْصُل فِي حَقّ الْبَعْض بِالْعَفْوِ عَنْهُمْ ، وَيَدْخُل الْبَاقِي النَّار ، فَقَالَ تَعَالَى: نُرْضِيك وَلَا نُدْخِل عَلَيْك حُزْنًا ، بَلْ نُنَجِّي الْجَمِيع. وَالله أَعْلَم. شرح النووي على مسلم - (ج 1 / ص 348)
(خ م ت حم)، وَعَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ قَالَ:(كُنَّا بِعَرَفَةَ، فَمَرَّ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَهُوَ عَلَى الْمَوْسِمِ (1) فَقَامَ النَّاسُ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ، فَقُلْتُ لِأَبِي: يَا أَبَتِ ، إِنِّي أَرَى اللهَ يُحِبُّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: وَمَا ذَاكَ؟، قُلْتُ: لِمَا لَهُ مِنْ الْحُبِّ فِي قُلُوبِ النَّاسِ، إنَّ أبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ اللهَ إِذَا أَحَبَّ عَبْدًا ، دَعَا جِبْرِيلَ فَقَالَ: إِنِّي أُحِبُّ فُلَانًا فَأَحِبَّهُ، قَالَ: فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ ، ثُمَّ يُنَادِي فِي أَهْلِ السَّمَاءِ، فَيَقُولُ: إِنَّ اللهَ عز وجل يُحِبُّ فُلَانًا فَأَحِبُّوهُ ، فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ) (2) (ثُمَّ تُوضَعُ لَهُ) (3) (الْمَحَبَّةُ فِي أَهْلِ الْأَرْضِ) (4) (فَذَلِكَ قَوْلُ اللهِ: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمْ الرَّحْمَنُ وُدًّا (5)} (6)) (7) (وَإِذَا أَبْغَضَ اللهُ عَبْدًا ، دَعَا جِبْرِيلَ فَقَالَ: إِنِّي أُبْغِضُ فُلَانًا فَأَبْغِضْهُ، قَالَ: فَيُبْغِضُهُ جِبْرِيلُ، ثُمَّ يُنَادِي فِي أَهْلِ السَّمَاءِ: إِنَّ اللهَ عز وجل يُبْغِضُ فُلَانًا فَأَبْغِضُوهُ، قَالَ: فَيُبْغِضُونَهُ ، ثُمَّ تُوضَعُ لَهُ الْبَغْضَاءُ فِي الْأَرْضِ) (8) (فَيُبْغَضُ ") (9)
(1) أَيْ: أَمِير الْحَجِيج. شرح النووي على مسلم - (ج 8 / ص 480)
(2)
(م)(2637) ، (خ) 3037
(3)
(خ) 3037 ، (م) 2637
(4)
(ت) 3161 ، وصححه الألباني في (الضعيفة) تحت حديث: 2208
(5)
قَالَ اِبْنُ كَثِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ: يُخْبِرُ تَعَالَى أَنَّهُ يَغْرِسُ لِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ - وَهِيَ الْأَعْمَالُ الَّتِي تُرْضِي اللهَ لِمُتَابَعَتِهَا الشَّرِيعَةَ الْمُحَمَّدِيَّةَ - يَغْرِسُ لَهُمْ فِي قُلُوبِ عِبَادِهِ الصَّالِحِينَ مَحَبَّةً وَمَوَدَّةً ، وَهَذَا أَمْرٌ لَا بُدَّ مِنْهُ وَلَا مَحِيدَ عَنْهُ. تحفة الأحوذي - (ج 7 / ص 492)
(6)
[مريم/96]
(7)
(ت) 3161
(8)
(م) 2637 ، (ت) 3161
(9)
(حم) 10623 ، وقال الشيخ شعيب الأرناءوط: إسناده صحيح.