الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نَجَاةُ الْمُوَحِّدِينَ مِنَ الْخُلُودِ فِي النَّار
قَالَ تَعَالَى: {إِنَّ اللهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ ، وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ (1) وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا} (2)
(1) فَأصبح مَا دُونَ الشِّرْكِ تَحْتَ إِمْكَانِ الْمَغْفِرَة، وَالْمُرَادُ بِالشِّرْكِ فِي هَذِهِ الْآيَة: الْكُفْر؛ لِأَنَّ مَنْ جَحَدَ نُبُوَّةَ مُحَمَّدِ صلى الله عليه وسلم مَثَلًا كَانَ كَافِرًا ، وَلَوْ لَمْ يَجْعَلْ مَعَ اللهِ إِلَهًا آخَر، وَالْمَغْفِرَةُ مُنْتَفِيَةٌ عَنْهُ بِلَا خِلَاف.
وَقَدْ يَرِد الشِّرْكُ وَيُرَادُ بِهِ مَا هُوَ أَخَصُّ مِنْ الْكُفْر، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {لَمْ يَكُنْ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْل الْكِتَاب وَالْمُشْرِكِينَ} .
قَالَ ابْن بَطَّال: الْآيَة تَرُدُّ عَلَى مَنْ يُكَفِّرُ بِالذُّنُوبِ ، كَالْخَوَارِجِ، وَيَقُول: إِنَّ مَنْ مَاتَ عَلَى ذَلِكَ يُخَلَّدُ فِي النَّار، لِأَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ:{وَيَغْفِر مَا دُون ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاء} مَنْ مَاتَ عَلَى كُلِّ ذَنْبٍ سِوَى الشِّرْك. (فتح - ج1ص127)
(2)
[النساء/48]
(3)
[المائدة: 38، 39]
(خ م)، وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ:(لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا (1) إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} شَقَّ ذَلِكَ عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم) (2)(وَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ ، أَيُّنَا لَمْ يَلْبِسْ إِيمَانَهُ بِظُلْمٍ؟)(3)(فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " لَيْسَ كَمَا تَظُنُّونَ)(4)(إِنَّمَا هُوَ الشِّرْكُ، أَلَمْ تَسْمَعُوا مَا قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ: {يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللهِ ، إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} (5) ") (6)
الشرح (7)
(1) أَيْ: لَمْ يَخْلِطُوا، تَقُول: لَبَسْتُ الْأَمْرَ بِالتَّخْفِيفِ، أَلْبَسَهُ بِالْفَتْحِ فِي الْمَاضِي وَالْكَسْرِ فِي الْمُسْتَقْبَل، أَيْ: خَلَطْتَه.
وَتَقُول: لَبِسْتُ الثَّوْب أَلْبِسُهُ بِالْكَسْرِ فِي الْمَاضِي ، وَالْفَتْح فِي الْمُسْتَقْبَل.
وَقَالَ مُحَمَّد بْنُ إِسْمَاعِيل التَّيْمِيُّ فِي شَرْحه: خَلْطُ الْإِيمَان بِالشِّرْكِ لَا يُتَصَوَّر فَالْمُرَاد أَنَّهُمْ لَمْ تَحْصُل لَهُمْ الصِّفَتَانِ: كُفْر مُتَأَخِّر عَنْ إِيمَان مُتَقَدِّم. أَيْ: لَمْ يَرْتَدُّوا.
وَيَحْتَمِل أَنْ يُرَاد أَنَّهُمْ لَمْ يَجْمَعُوا بَيْنهمَا ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، أَيْ: لَمْ يُنَافِقُوا ، وَهَذَا أَوْجَه. (فتح - ح32)
(2)
(خ) 4498
(3)
(خ) 3245
(4)
(خ) 6538
(5)
سورة لقمان آية: 13.
(6)
(خ) 3246، (م) 197 - (124)، (ت) 3067، (حم) 3589
(7)
قال الحافظ في الفتح ح32: الصَّحَابَةُ فَهِمُوا مِنْ قَوْله {بِظُلْمٍ} عُمُومَ أَنْوَاعِ الْمَعَاصِي، وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمْ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ذَلِكَ، وَإِنَّمَا بَيَّنَ لَهُمْ أَنَّ الْمُرَادَ أَعْظَمُ أَنْوَاعِ الظُّلْم ، وَهُوَ الشِّرْك، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ لِلظُّلْمِ مَرَاتِبَ مُتَفَاوِتَة.
قَالَ الْخَطَّابِيُّ: كَانَ الشِّرْكُ عِنْد الصَّحَابَةِ أَكْبَرَ مِنْ أَنْ يُلَقَّبَ بِالظُّلْمِ، فَحَمَلُوا الظُّلْمَ فِي الْآيَة عَلَى مَا عَدَاهُ- يَعْنِي مِنْ الْمَعَاصِي- فَسَأَلُوا عَنْ ذَلِكَ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة.
وَفِي الْمَتْن مِنْ الْفَوَائِد: الْحَمْلُ عَلَى الْعُمُومِ ، حَتَّى يَرِدَ دَلِيلُ الْخُصُوص.
وَأَنَّ النَّكِرَةَ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ تَعُمُّ، وَأَنَّ الْخَاصَّ يَقْضِي عَلَى الْعَامّ ، وَالْمُبَيَّنُ عَنْ الْمُجْمَل، وَأَنَّ اللَّفْظَ يُحْمَلُ عَلَى خِلَافِ ظَاهِرِهِ لِمَصْلَحَةِ دَفْع التَّعَارُضِ.
وَأَنَّ دَرَجَاتِ الظُّلْم تَتَفَاوَت، وَأَنَّ الْمَعَاصِي لَا تُسَمَّى شِرْكًا، وَأَنَّ مَنْ لَمْ يُشْرِكْ بِاللهِ شَيْئًا فَلَهُ الْأَمْن ، وَهُوَ مُهْتَدٍ.
فَإِنْ قِيلَ: فَالْعَاصِي قَدْ يُعَذَّب ، فَمَا هُوَ الْأَمْنُ وَالِاهْتِدَاءُ الَّذِي حَصَلَ لَهُ؟ ، فَالْجَوَاب أَنَّهُ آمِنٌ مِنْ التَّخْلِيدِ فِي النَّار، مُهْتَدٍ إِلَى طَرِيقِ الْجَنَّة. وَالله أَعْلَم. أ. هـ
قلت: وفي الحديث دليل على أن أولى تفسير لكتاب الله إنما هو بكتاب الله. ع
(خ م)، وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ:(" كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا غَزَا بِنَا قَوْمًا)(1)(لَمْ يُغِرْ حَتَّى يُصْبِحَ)(2)(وَكَانَ يَتَسَمَّعُ الْأَذَانَ)(3)(فَإِنْ سَمِعَ أَذَانًا أَمْسَكَ، وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ أَذَانًا أَغَارَ بَعْدَمَا يُصْبِحُ (4)") (5) (فَسَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ: اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " عَلَى الْفِطْرَةِ (6)"، ثُمَّ قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " خَرَجْتَ مِنَ النَّارِ (7) "، فَنَظَرُوا ، فَإِذَا هُوَ رَاعِي مِعْزًى) (8).
(1)(خ) 585
(2)
(خ) 2784 ، (م) 382
(3)
(م) 382
(4)
أَيْ: كَانَ يَتَثَبَّتُ فِيهِ ، وَيَحْتَاطُ فِي الْإِغَارَةِ ، حَذَرًا عَنْ أَنْ يَكُونَ فِيهِمْ مُؤْمِنٌ ، فَيُغِيرُ عَلَيْهِ غَافِلًا عَنْهُ ، جَاهِلًا بِحَالِهِ.
وفِيهِ بَيَانُ أَنَّ الْأَذَانَ شِعَارٌ لِدِينِ الْإِسْلَامِ ، لَا يَجُوزُ تَرْكُهُ، فَلَوْ أَنَّ أَهْلَ بَلَدٍ أَجْمَعُوا عَلَى تَرْكِهِ ، كَانَ لِلسُّلْطَانِ قِتَالُهُمْ عَلَيْهِ.
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ قِتَالِ مَنْ بَلَغَتْهُ الدَّعْوَةُ بِغَيْرِ دَعْوَةٍ. تحفة الأحوذي (4/ 291)
(5)
(خ) 2784 ، (م) 382
(6)
أَيْ: عَلَى الْإِسْلَام. شرح النووي على مسلم - (ج 2 / ص 107)
(7)
أَيْ: بِالتَّوْحِيدِ. شرح النووي على مسلم - (ج 2 / ص 107)
(8)
(م) 382 ، (ت) 1618
(صم)، وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: مَا زِلْنَا نُمْسِكُ عَنِ الاسْتِغْفَارِ لأَهْلِ الْكَبَائِرِ ، حَتَّى سَمِعْنَا مِنْ فِي نَبِيِّنَا صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:" {إِنَّ اللهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} ، قَالَ: فَإِنِّي أَخَّرْتُ شَفَاعَتِي لأَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ "، قَالَ: فَأَمْسَكْنَا عَنْ كَثِيرٍ مِمَّا كَانَ فِي أَنْفُسِنَا. (1)
(1)(صم) 830 ، (طس) 5942 ، (يع) 5813 ، وحسنه الألباني في ظلال الجنة: 830
(صم)، وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: كُنَّا نُوجِبُ لأَهْلِ الْكَبَائِرِ النَّارَ حَتَّى نَزَلَتْ هَذِهِ الْآية عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: {إِنَّ اللهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} ، " فَنَهَانَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نُوجِبَ لأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الدِّينِ النَّارَ "(1)
(1) حسنه الألباني في ظلال الجنة: 973
(صم)، وَعَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إِذَا اجْتَمَعَ أَهْلُ النَّارِ فِي النَّارِ ، وَمَعَهُمْ مَنْ شَاءَ اللهُ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ، يَقُولُ الْكُفَّارُ: أَلَمْ تَكُونُوا مُسْلِمِينَ؟، قَالُوا: بَلَى، قَالُوا: فَمَا أَغْنَى عَنْكُمْ إِسْلامُكُمْ وَقَدْ صِرْتُمْ مَعَنَا فِي النَّارِ؟، قَالُوا: كَانَتْ لَنَا ذُنُوبٌ فَأُخِذْنَا بِهَا، فَيَسْمَعُ اللهُ مَا قَالُوا، فَيَامُرُ بِمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ فَأُخْرِجُوا، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ أَهْلُ النَّارِ قَالُوا: يَا لَيْتَنَا كُنَّا مُسْلِمِينَ فَنَخْرُجُ كَمَا خَرَجُوا، وَقَرَأَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: {الر ، تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآَنٍ مُبِينٍ ، رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ} (1) "(2)
(1)[الحِجر/1، 2]
(2)
(صم) 843 ، (حب) 7432 ، وصححه الألباني في ظلال الجنة، وصحيح موارد الظمآن: 2202
(خ م)، وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ (1) وَفِي قَلْبِهِ وَزْنُ شَعِيرَةٍ مِنْ خَيْرٍ (2) وَيَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَفِي قَلْبِهِ وَزْنُ بُرَّةٍ (3) مِنْ خَيْرٍ، وَيَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَفِي قَلْبِهِ وَزْنُ ذَرَّةٍ (4) مِنْ خَيْرٍ "(5)
(1) قَوْله: (مَنْ قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى اِشْتِرَاطِ النُّطْقِ بِالتَّوْحِيدِ،
فَإِنْ قِيلَ: فَكَيْف لَمْ يَذْكُر الرِّسَالَة؟ ،
فَالْجَوَاب: أَنَّ الْمُرَادَ الْمَجْمُوع، وَصَارَ الْجُزْءُ الْأَوَّل عَلَمًا عَلَيْهِ ، كَمَا تَقُول: قَرَاتُ (قُلْ هُوَ الله أَحَد)، أَيْ: السُّورَةَ كُلَّهَا. (فتح) - (ج 1 / ص 70)
(2)
قَوْله (مِنْ خَيْر) قَدْ جَاءَ فِي بَعْض الرِّوَايَات (مِنْ إِيمَان) أَيْ: لَا يَقُولُ بِمُجَرَّدِ النِّفَاق ، بَلْ رَجُلٌ فِي قَلْبِهِ شَيْءٌ مِنْ إِيمَانٍ. حاشية السندي على ابن ماجه (ج 8 / ص 164)
(3)
البُرَّة: هِيَ الْقَمْحَة. (فتح - ح44)
(4)
(الذَّرَّة): هِيَ أَقَلُّ الْأَشْيَاءِ الْمَوْزُونَة.
وَقِيلَ: هِيَ الْهَبَاءُ الَّذِي يَظْهَرُ فِي شُعَاعِ الشَّمْسِ مِثْلَ رُءُوسِ الْإِبَر.
وَقِيلَ: هِيَ النَّمْلَة الصَّغِيرَة.
وَلِلْمُصَنِّفِ فِي أَوَاخِر التَّوْحِيد عَنْ أَنَس مَرْفُوعًا " أَدْخِلْ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ خَرْدَلَة، ثُمَّ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ أَدْنَى شَيْء " ، وَهَذَا مَعْنَى الذَّرَّة. (فتح - ح44)
(5)
(خ) 44 ، (م) 193
(خ)، وَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " لَيُصِيبَنَّ أَقْوَامًا سَفْعٌ (1) مِنَ النَّارِ عُقُوبَةً بِذَنُوبٍ أَصَابُوهَا، ثُمَّ يُدْخِلُهُمُ اللهُ الْجَنَّةَ بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ ، يُقَالُ لَهُمْ: الْجَهَنَّمِيُّونَ "(2)
(1) السَّفْعَة: لَفْحَةٌ تُغَيِّرُ لونَ الوجهِ إلى السواد.
(2)
(خ) 7012 ، (حم) 12511
(صم)، وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " يَكُونُ قَوْمٌ فِي النَّارِ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَكُونُوا، ثُمَّ يَرْحَمُهُمُ اللهُ ، فَيُخْرَجُونَ مِنْهَا، فَيَمْكُثُونَ فِي أَدْنَى الْجَنَّةِ فِي نَهْرٍ يُقَالُ لَهُ: الْحَيَوَانَ، لَوْ أَضَافَ أَحَدُهُمْ أَهْلَ الدُّنْيَا لأَطْعَمَهُمْ وَسَقَاهُمْ وَلَحَفَهُمْ ، وَلَزَوَّجَهُمْ لَا يَنْقُصُهُ ذَلِكَ شَيْئًا "(1)
(1)(صم) 834 ، (حب) 7428 ، وصححه الألباني في ظلال الجنة ، وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط في (حب): إسناده قوي.
(يع)، وَعَنْ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ ، وَأَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا يَأْتِي بِهِمَا عَبْدٌ مُحِقٌّ ، إِلَّا وَقَاهُ اللهُ حَرَّ النَّارِ "(1)
(1)(يع) 230 ، انظر الصَّحِيحَة: 3221
(جة)، وَعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَا مِنْ نَفْسٍ تَمُوتُ وَهِيَ تَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ ، وَأَنِّي رَسُولُ اللهِ ، يَرْجِعُ ذَلِكَ إِلَى قَلْبِ مُوقِنٍ ، إِلَّا غَفَرَ اللهُ لَهَا "(1)
(1)(جة) 3796 ، (حم) 22051 ، صَحِيح الْجَامِع: 5793، الصَّحِيحَة: 2278
(جة حم)، وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما قَالَ:(سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه يَقُولُ لِطَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ رضي الله عنه: مَا لِي أَرَاكَ قَدْ شَعِثْتَ وَاغْبَرَرْتَ مُنْذُ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ ، لَعَلَّكَ سَاءَتْكَ يَا طَلْحَةُ إِمَارَةُ ابْنِ عَمِّكَ (1)؟ - يَعْنِي أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه فَقَالَ: لَا) (2)(مَعَاذَ اللهِ ، إِنِّي لَأَجْدَرُكُمْ أَنْ لَا أَفْعَلَ ذَلِكَ)(3)(وَأَثْنَى عَلَى أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه وَلَكِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " إِنِّي لَأَعْلَمُ كَلِمَةً لَا يَقُولُهَا عَبْدٌ عِنْدَ مَوْتِهِ)(4)(إِلَّا وَجَدَ رُوحُهُ لَهَا رَوْحًا (5) حِينَ تَخْرُجُ مِنْ جَسَدِهِ ، وَكَانَتْ لَهُ نُورًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ) (6)
وفي رواية: (إِلَّا فَرَّجَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَتَهُ ، وَأَشْرَقَ لَوْنُهُ)(7)(وَكَانَتْ نُورًا لِصَحِيفَتِهِ ")(8)(فَلَمْ أَسْأَلْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْهَا ، وَلَمْ يُخْبِرْنِي بِهَا)(9) وفي رواية: (فَمَا مَنَعَنِي أَنْ أَسْأَلَهُ عَنْهَا إِلَّا الْقُدْرَةُ عَلَيْهِ حَتَّى مَاتَ)(10)
(فَذَلِكَ الَّذِي دَخَلَنِي ، قَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: فَأَنَا أَعْلَمُهَا ، قَالَ طَلْحَةُ: فَللهِ الْحَمْدُ ، فَمَا هِيَ؟ ، قَالَ: هِيَ الْكَلِمَةُ الَّتِي)(11)(أَرَادَ عَمَّهُ عَلَيْهَا)(12)(عِنْدَ الْمَوْتِ)(13)(وَلَوْ عَلِمَ كَلِمَةً أَنْجَى لَهُ مِنْهَا لَأَمَرَهُ)(14)(بِهَا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ ، فَقَالَ طَلْحَةُ: صَدَقْتَ، هِيَ وَاللهِ هِيَ)(15)(لَوْ عَلِمَ كَلِمَةً هِيَ أَفْضَلُ مِنْهَا ، لَأَمَرَهُ بِهَا)(16).
(1) أَيْ: أَمَا رَضِيتَ بِخِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه. حاشية السندي على ابن ماجه (7/ 185)
(2)
(حم) 252 ، (جة) 3795 ، وقال الشيخ شعيب الأرناءوط: صحيح بطرقه
(3)
(حم) 187 ، وقال الشيخ شعيب الأرناءوط: صحيح بطرقه.
(4)
(حم) 1387 ، (جة) 3795
(5)
(رَوْحًا) أَيْ: رَحْمَةً وَرِضْوَانًا. السندي (ج 7 / ص 185)
(6)
(حم) 187 ، (جة) 3795
(7)
(حم) 1386 ، وقال الشيخ شعيب الأرناءوط: إسناده صحيح.
(8)
(جة) 3795 ، (حم) 252
(9)
(حم) 187
(10)
(حم) 1386
(11)
(حم) 187
(12)
(جة) 3795
(13)
(حم) 1387
(14)
(جة) 3795
(15)
(حم) 1387
(16)
(حم) 252 ، انظر صَحِيح الْجَامِع: 2492، الصَّحِيحَة: 2492
(م)، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:" قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِعَمِّهِ: قُلْ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، أَشْهَدُ لَكَ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ "، قَالَ: لَوْلَا أَنْ تُعَيِّرَنِي قُرَيْشٌ ، يَقُولُونَ: إِنَّمَا حَمَلَهُ عَلَى ذَلِكَ الْجَزَعُ (1) لَأَقْرَرْتُ بِهَا عَيْنَكَ (2) فَأَنْزَلَ اللهُ عز وجل: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ ، وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ، وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} (3) " (4)
(1)(الْجَزَعُ): نَقِيضُ الصَّبْرِ.
وَذَهَبَ جَمَاعَاتٌ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ إِلَى أَنَّهُ (الْخَرَعُ) وَهُوَ: الضَّعْفُ وَالْخَوَرُ. تحفة الأحوذي - (ج 8 / ص 27)
(2)
(أَقَرَّ اللهُ عَيْنَه): أَيْ: بَلَّغَهُ اللهُ أُمْنِيَّتَه ، حَتَّى تَرْضَى نَفْسه ، وَتَقَرَّ عَيْنُه فَلَا تَسْتَشْرِف لِشَيْءٍ. شرح النووي على مسلم - (ج 1 / ص 98)
(3)
[القصص/56]
(4)
(م) 42 - (25) ، (ت) 3188
(خ حم)، وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ:(كَانَ غُلَامٌ مِنَ الْيَهُودِ يَخْدُمُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَمَرِضَ، " فَأَتَاهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَعُودُهُ)(1)(وَهُوَ بِالْمَوْتِ)(2)(فَقَعَدَ عِنْدَ رَأْسِهِ)(3)(فَدَعَاهُ إِلَى الْإِسْلَامِ ")(4)(فَنَظَرَ الْغُلَامُ إِلَى أَبِيهِ وَهُوَ عِنْدَهُ، فَقَالَ لَهُ أَبُوهُ: أَطِعْ أَبَا القاسِم، فَأَسْلَمَ ثُمَّ مَاتَ، " فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ عِنْدِهِ وَهُوَ يَقُولُ: الْحَمْدُ ِللهِ الَّذِي أَنْقَذَهُ بِي مِنَ النَّارِ)(5)(وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِأَصْحَابِهِ: صَلُّوا عَلَى أَخِيكُمْ ")(6)
الشرح (7)
(1)(خ) 1290
(2)
(حم) 13399 ، وقال الشيخ شعيب الأرناءوط: إسناده صحيح.
(3)
(خ) 1290 ، (د) 3095
(4)
(حم) 13399 ، (خ) 1290
(5)
(حم) 13399 ، (خ) 1290
(6)
(حم) 13762 ، وصححها الألباني في الإرواء: 2480
(7)
فِي الْحَدِيثِ جَوَازُ اِسْتِخْدَامِ الْمُشْرِك، وَعِيَادَتُه إِذَا مَرِضَ، وَفِيهِ حُسْنُ الْعَهْد، وَاسْتِخْدَامُ الصَّغِير، وَعَرْضُ الْإِسْلَامِ عَلَى الصَّبِيّ ، وَلَوْلَا صِحَّتُهُ مِنْهُ مَا عَرَضَهُ عَلَيْهِ ، وَفِي قَوْلِهِ " أَنْقَذَهُ بِي مِنْ النَّار " دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ صَحَّ إِسْلَامُه، وَعَلَى أَنَّ الصَّبِيَّ إِذَا عَقَلَ الْكُفْرَ وَمَاتَ عَلَيْهِ أَنَّهُ يُعَذَّب. فتح الباري (ج 4 / ص 427)
(حم)، وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ:" دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى رَجُلٍ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ يَعُودُهُ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: يَا خَالُ، قُلْ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ "، فَقَالَ: أَوَخَالٌ أَنَا أَوْ عَمٌّ؟ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" لَا، بَلْ خَالٌ ، فَقَالَ لَهُ: قُلْ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ "، قَالَ: هُوَ خَيْرٌ لِي؟ ، قَالَ:" نَعَمْ "(1)
(1)(حم) 12565، وصححه الألباني في أحكام الجنائز: 15 ، وقال شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط مسلم.
(حم)، وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ:" قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِرَجُلٍ: أَسْلِمْ "، قَالَ: أَجِدُنِي كَارِهًا، قَالَ:" أَسْلِمْ وَإِنْ كُنْتَ كَارِهًا "(1)
(1)(حم) 12080 ، (يع) 3879 ، صَحِيح الْجَامِع: 974 ، والصحيحة: 1454
(خ م حم)، وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ:(" كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ " وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ رضي الله عنه رَدِيفُهُ (1) عَلَى الرَّحْلِ) (2)(فَقَالَ: " يَا مُعَاذُ "، قَالَ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ وَسَعْدَيْكَ ، قَالَ: " يَا مُعَاذُ "، قَالَ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ وَسَعْدَيْكَ، قَالَ: " يَا مُعَاذُ " ، قَالَ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ وَسَعْدَيْكَ ، قَالَ: " مَا مِنْ عَبْدٍ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ ، صِدْقًا مِنْ قَلْبِهِ (3) إِلَّا حَرَّمَهُ اللهُ عَلَى النَّارِ) (4)(فَقَالَ مُعَاذٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَفَلَا أُخْبِرُ بِهَا النَّاسَ فَيَسْتَبْشِرُوا؟)(5)(قَالَ: " لَا ، إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَتَّكِلُوا عَلَيْهِ ")(6)(فَأَخْبَرَ بِهَا مُعَاذٌ عِنْدَ مَوْتِهِ تَأَثُّمًا (7)) (8).
(1) أَيْ: رَاكِبٌ خَلْفَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم.
(2)
(حم) 13768 ، (خ) 128
(3)
قَوْله: (صِدْقًا) فِيهِ اِحْتِرَازٌ عَنْ شَهَادَةِ الْمُنَافِق. (فتح - ح128)
(4)
(خ) 128 ، (م) 32
(5)
(م) 32 ، (خ) 128
(6)
(خ) 129 ، (م) 32
(7)
أَيْ: خَشْيَةَ الْوُقُوعِ فِي الْإِثْم ، وَالْمُرَادُ بِالْإِثْمِ الْحَاصِل مِنْ كِتْمَانِ الْعِلْم.
وَفِي الْحَدِيثِ جَوَاز الْإِرْدَاف، وَبَيَانُ تَوَاضُعِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَمَنْزِلَةُ مُعَاذِ بْن جَبَل مِنْ الْعِلْم ، لِأَنَّهُ خَصَّهُ بِمَا ذَكَرَ ، وَفِيهِ جَوَازُ اِسْتِفْسَارِ الطَّالِبِ عَمَّا يَتَرَدَّدُ فِيهِ، وَاسْتِئْذَانُهُ فِي إِشَاعَةِ مَا يَعْلَمُ بِهِ وَحْدَه. (فتح - ح128)
(8)
(م) 32 ، (خ) 128
(د حم)، وَعَنْ كَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ قَالَ:(قَالَ لَنَا مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ رضي الله عنه فِي مَرَضِهِ: قَدْ سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم شَيْئًا كُنْتُ أَكْتُمُكُمُوهُ)(1)(لَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أُحَدِّثَكُمُوهُ إِلَّا أَنْ تَتَّكِلُوا، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:)(2)(" مَنْ كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ (3) وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ ") (4)
(1)(حم) 22087 ، وقال الشيخ شعيب الأرناءوط: إسناده حسن.
(2)
(حم) 22113 ، قال الشيخ شعيب الأرناؤوط: حديث صحيح.
(3)
قَالَ الْحَافِظ فِي الْفَتْح: الْمُرَاد بِقَوْلِ لَا إِلَه إِلَّا الله فِي هَذَا الْحَدِيث وَغَيْره كَلِمَتَا الشَّهَادَة، فَلَا يَرِدُ إِشْكَالُ تَرْكِ ذِكْرِ الرِّسَالَة.
قَالَ الزَّيْن بْن الْمُنِير: قَوْل " لَا إِلَه إِلَّا الله " لَقَبٌ جَرَى عَلَى النُّطْقِ بِالشَّهَادَتَيْنِ شَرْعًا. عون المعبود - (ج 7 / ص 100)
(4)
(حم) 22087 ، (د) 3116 ، وحسنه الألباني في الإرواء: 687
(م)، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: كُنَّا قُعُودًا حَوْلَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَعَنَا أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ رضي الله عنهما فِي نَفَرٍ، " فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِنَا (1) فَأَبْطَأَ عَلَيْنَا " وَخَشِينَا أَنْ يُقْتَطَعَ دُونَنَا (2) فَفَزِعْنَا فَقُمْنَا، وَكُنْتُ أَوَّلَ مَنْ فَزِعَ، فَخَرَجْتُ أَبْتَغِي رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى أَتَيْتُ حَائِطًا (3) لِلأَنْصَار لِبَنِي النَّجَّارِ، فَدُرْتُ بِهِ هَلْ أَجِدُ لَهُ بَابًا؟ فَلَمْ أَجِدْ، فَإِذَا رَبِيعٌ (4) يَدْخُلُ فِي جَوْفِ حَائِطٍ مِنْ بِئْرٍ خَارِجَهُ (5) فَاحْتَفَزْتُ (6) كَمَا يَحْتَفِزُ الثَّعْلَبُ، فَدَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:" أَبُو هُرَيْرَةَ؟ "، قُلْتُ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ:" مَا شَأْنُكَ؟ "، قُلْتُ: كُنْتَ بَيْنَ أَظْهُرِنَا، فَقُمْتَ فَأَبْطَاتَ عَلَيْنَا، فَخَشِينَا أَنْ تُقْتَطَعَ دُونَنَا ، فَفَزِعْنَا، فَكُنْتُ أَوَّلَ مِنْ فَزِعَ، فَأَتَيْتُ هَذَا الْحَائِطَ ، فَاحْتَفَزْتُ كَمَا يَحْتَفِزُ الثَّعْلَبُ، وَهَؤُلَاءِ النَّاسُ وَرَائِي، " فَأَعْطَانِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَعْلَيْهِ ، وَقَالَ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، اذْهَبْ بِنَعْلَيَّ هَاتَيْنِ، فَمَنْ لَقِيتَ مِنْ وَرَاءِ هَذَا الْحَائِطِ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُسْتَيْقِنًا بِهَا قَلْبُهُ ، فَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ "، فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ لَقِيتُ عُمَرَ رضي الله عنه فَقَالَ: مَا هَاتَانِ النَّعْلَانِ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ؟ ، فَقُلْتُ: هَاتَانِ نَعْلَا رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَنِي بِهِمَا مَنْ لَقِيتُ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُسْتَيْقِنًا بِهَا قَلْبُهُ ، بَشَّرْتُهُ بِالْجَنَّةِ، فَضَرَبَ عُمَرُ بِيَدِهِ بَيْنَ ثَدْيَيَّ ، فَخَرَرْتُ لِاسْتِي (7) فَقَالَ: ارْجِعْ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، فَرَجَعْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأَجْهَشْتُ (8) بُكَاءً، وَرَكِبَنِي عُمَرُ (9) فَإِذَا هُوَ عَلَى أَثَرِي، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" مَا لَكَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ؟ "، فَقُلْتُ: لَقِيتُ عُمَرَ ، فَأَخْبَرْتُهُ بِالَّذِي بَعَثْتَنِي بِهِ، فَضَرَبَ بَيْنَ ثَدْيَيَّ ضَرْبَةً خَرَرْتُ لِاسْتِي، وَقَالَ: ارْجِعْ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" يَا عُمَرُ، مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا فَعَلْتَ؟ "، قَال: يَا رَسُولَ اللهِ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، أَبَعَثْتَ أَبَا هُرَيْرَةَ بِنَعْلَيْكَ ، مَنْ لَقِيَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُسْتَيْقِنًا بِهَا قَلْبُهُ بَشَّرَهُ بِالْجَنَّةِ؟ ، قَالَ:" نَعَمْ "، قَالَ: فلَا تَفْعَلْ، فَإِنِّي أَخْشَى أَنْ يَتَّكِلَ النَّاسُ عَلَيْهَا، فَخَلِّهِمْ يَعْمَلُون، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" فَخَلِّهِمْ (10) "(11)
(1) أَيْ: من بيننا.
(2)
أَيْ: يُصَاب بِمَكْرُوهِ مِنْ عَدُوٍّ ، إِمَّا بِأَسْرٍ ، وَإِمَّا بِغَيْرِهِ. شرح النووي (1/ 108)
(3)
قَالَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ: الْحَائِطُ الْبُسْتَانُ مِنْ النَّخْلِ إِذَا كَانَ عَلَيْهِ حَائِطٌ ، وَهُوَ الْجِدَارُ.
(4)
الرَّبِيعُ: الْجَدْوَلُ.
(5)
أَيْ: الْبِئْر فِي مَوْضِعٍ خَارِجٍ عَنْ الْحَائِط. شرح النووي (ج 1 / ص 108)
(6)
أَيْ: تَضَامَمْتُ لِيَسَعَنِي الْمَدْخَل. شرح النووي (ج 1 / ص 108)
(7)
الاست: اِسْم مِنْ أَسْمَاء الدُّبُر ، وَالْمُسْتَحَبُّ فِي مِثْلِ هَذَا الْكِنَايَةُ عَنْ قَبِيحِ الْأَسْمَاء ، وَبِهَذَا الْأَدَبِ جَاءَ الْقُرْآنُ الْعَزِيزُ وَالسُّنَنُ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى:{أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} ، {وَكَيْفَ تَاخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضكُمْ إِلَى بَعْضٍ} ، {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} ، {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ الْغَائِطِ} ، {فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} ، وَقَدْ يَسْتَعْمِلُونَ صَرِيحَ الِاسْمِ لِمَصْلَحَةٍ رَاجِحَة ، وَهِيَ إِزَالَةُ اللَّبْسِ أَوْ الِاشْتِرَاك ، أَوْ نَفْيُ الْمَجَاز ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي} ، وَكَقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم:" أَنِكْتَهَا " وَكَقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: " أَدْبَرَ الشَّيْطَان وَلَهُ ضُرَاط "، وَكَقَوْلِ أَبِي هُرَيْرَة رضي الله عنه:" الْحَدَثُ فُسَاءٌ أَوْ ضُرَاط " ، وَنَظَائِر ذَلِكَ كَثِيرَة، وَاسْتِعْمَال أَبِي هُرَيْرَة هُنَا لَفْظ الِاسْتِ مِنْ هَذَا الْقَبِيل.
وَأَمَّا دَفْع عُمَرَ رضي الله عنه لَهُ فَلَمْ يَقْصِدْ بِهِ سُقُوطَهُ وَإِيذَاءَهُ ، بَلْ قَصَدَ رَدَّهُ عَمَّا هُوَ عَلَيْهِ، وَضَرَبَ بِيَدِهِ فِي صَدْرِهِ لِيَكُونَ أَبْلَغَ فِي زَجْرِه. شرح النووي (1/ 108)
(8)
الجَهْشُ: أن يَفْزَعَ الإِنسانُ إلى الإنسانِ ، وَيَلْجأ إليه، وهو مع ذلك يريد البُكاء كما يَفْزَعُ الصَّبِيُّ إلى أمِّه وأبيه. النهاية في غريب الأثر (ج 1 / ص 851)
(9)
أَيْ: تَبِعَنِي وَمَشَى خَلْفِي فِي الْحَالِ بِلَا مُهْلَة. (النووي - ج 1 / ص 108)
(10)
قَالَ الْقَاضِي عِيَاض وَغَيْرُه مِنْ الْعُلَمَاء رحمهم الله: وَلَيْسَ فِعْلُ عُمَر ط وَمُرَاجَعَتُهُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اِعْتِرَاضًا عَلَيْهِ ، وَرَدًّا لِأَمْرِهِ ، إِذْ لَيْسَ فِيمَا بَعَثَ بِهِ أَبَا هُرَيْرَة غَيْرَ تَطْيِيبِ قُلُوبِ الْأُمَّةِ وَبُشْرَاهُمْ ، فَرَأَى عُمَرُ ط أَنَّ كَتْمَ هَذَا أَصْلَحَ لَهُمْ ، وَأَحْرَى أَنْ لَا يَتَّكِلُوا، وَأَنَّهُ أَعْوَدُ عَلَيْهِمْ بِالْخَيْرِ مِنْ مُعَجَّلِ هَذِهِ الْبُشْرَى ، فَلَمَّا عَرَضَهُ عَلَى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم صَوَّبَهُ فِيهِ. وَالله تَعَالَى أَعْلَم. شرح النووي (1/ 108)
(11)
(م) 31
(خ م حم)، وَعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه قَالَ:(بَيْنَمَا أَنَا رَدِيفُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم)(1)(عَلَى حِمَارٍ يُقَالُ لَهُ: عُفَيْرٌ)(2)(فَقَالَ: " يَا مُعَاذُ بْنَ جَبَلٍ " ، فَقُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ وَسَعْدَيْكَ ، " ثُمَّ سَارَ سَاعَةً ، ثُمَّ قَالَ: يَا مُعَاذُ " ، فَقُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ وَسَعْدَيْكَ ، " ثُمَّ سَارَ سَاعَةً ، ثُمَّ قَالَ: يَا مُعَاذُ " ، فَقُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ وَسَعْدَيْكَ (3)) (4)(قَالَ: " هَلْ تَدْرِي مَا حَقُّ اللهِ عَلَى عِبَادِهِ (5) وَمَا حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللهِ (6)؟ " ، فَقُلْتُ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ ، قَالَ: " حَقُّ اللهِ عَلَى عِبَادِهِ: أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا (7) وَحَقَّ الْعِبَادِ عَلَى اللهِ: أَنْ لَا يُعَذِّبَ مَنْ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا (8)) (9)
وفي رواية: (وَإِنَّ حَقَّ الْعِبَادِ عَلَى اللهِ أَنْ لَا يُعَذِّبَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ مِنْهُمْ ")(10)(فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ ، أَفَلَا أُبَشِّرُ بِهِ النَّاسَ؟ ، قَالَ: " لَا تُبَشِّرْهُمْ فَيَتَّكِلُوا (11) ") (12)
(1)(خ) 5622 ، (م) 30
(2)
(خ) 2701 ، (م) 30
(3)
تَكْرَارُ النِّدَاءِ لِتَاكِيدِ الِاهْتِمَامِ بِمَا يُخْبِرُهُ بِهِ ، وَيُبَالِغُ فِي تَفَهُّمِهِ وَضَبْطِهِ. فتح الباري (ج 18 / ص 339)
(4)
(خ) 5622 ، (م) 30
(5)
الْمُرَاد هُنَا: مَا يَسْتَحِقُّهُ اللهُ عَلَى عِبَادِهِ مِمَّا جَعَلَهُ مُحَتَّمًا عَلَيْهِمْ. فتح (18/ 339)
(6)
حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللهِ: مَا وَعَدَهُمْ بِهِ مِنْ الثَّوَابِ وَالْجَزَاءِ، فَحُقَّ ذَلِكَ وَوَجَبَ بِحُكْمِ وَعْدِهِ الصِّدْق. فتح الباري (ج 18 / ص 339)
(7)
الْمُرَاد بِالْعِبَادَةِ: عَمَلُ الطَّاعَاتِ ، وَاجْتِنَابُ الْمَعَاصِي ، وَعَطَفَ عَلَيْهَا عَدَمَ الشِّرْكِ ، لِأَنَّهُ تَمَامُ التَّوْحِيدِ، وَالْحِكْمَةُ فِي عَطْفِهِ عَلَى الْعِبَادَةِ أَنَّ بَعْضَ الْكَفَرَةِ كَانُوا يَدَّعُونَ أَنَّهُمْ يَعْبُدُونَ اللهَ ، وَلَكِنَّهُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ آلِهَةً أُخْرَى ، فَاشْتَرَطَ نَفْي ذَلِكَ.
قَالَ اِبْن حِبَّانَ: عِبَادَةُ الله: إِقْرَارٌ بِاللِّسَانِ ، وَتَصْدِيقٌ بِالْقَلْبِ ، وَعَمَلٌ بِالْجَوَارِحِ، وَلِهَذَا قَالَ فِي الْجَوَاب:" فَمَا حَقُّ الْعِبَادِ إِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ " فَعَبَّرَ بِالْفِعْلِ ، وَلَمْ يُعَبِّرْ بِالْقَوْلِ. فتح الباري (ج 18 / ص 339)
(8)
اِقْتَصَرَ عَلَى نَفْيِ الْإِشْرَاكِ لِأَنَّهُ يَسْتَدْعِي التَّوْحِيدَ بِالِاقْتِضَاءِ، وَيَسْتَدْعِي إِثْبَاتَ الرِّسَالَةِ بِاللُّزُومِ ، إِذْ مَنْ كَذَّبَ رَسُولَ اللهِ ، فَقَدْ كَذَّبَ اللهَ ، وَمَنْ كَذَّبَ اللهَ فَهُوَ مُشْرِك ، فَالْمُرَادُ: مَنْ مَاتَ حَالَ كَوْنِهِ مُؤْمِنًا بِجَمِيعِ مَا يَجِب الْإِيمَانُ بِهِ ،
وَلَيْسَ فِي قَوْلِه: " دَخَلَ الْجَنَّة " إِشْكَال ، لِأَنَّهُ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ التَّعْذِيبِ أَوْ بَعْدَه. (فتح - ح129)
(9)
(خ) 2701 ، (م) 30
(10)
(حم) 10808 ، وقال الشيخ شعيب الأرناءوط: إسناده صحيح.
(11)
قَالَ الْعُلَمَاءُ: يُؤْخَذُ مِنْ مَنْعِ مُعَاذٍ مِنْ تَبْشِيرِ النَّاسِ لِئَلَّا يَتَّكِلُوا أَنَّ أَحَادِيثَ الرُّخَصِ لَا تُشَاعُ فِي عُمُومِ النَّاسِ ، لِئَلَّا يَقْصُرَ فَهْمُهُمْ عَنْ الْمُرَادِ بِهَا، وَقَدْ سَمِعَهَا مُعَاذٌ ، فَلَمْ يَزْدَدْ إِلَّا اِجْتِهَادًا فِي الْعَمَلِ ، وَخَشْيَةً للهِ عز وجل فَأَمَّا مَنْ لَمْ يَبْلُغْ مَنْزِلَتَهُ ، فَلَا يُؤْمَنُ أَنْ يُقَصِّرَ ، اِتِّكَالًا عَلَى ظَاهِرِ هَذَا الْخَبَرِ، وَقَدْ عَارَضَهُ مَا تَوَاتَرَ مِنْ نُصُوصِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ أَنَّ بَعْضَ عُصَاةِ الْمُوَحِّدِينَ يَدْخُلُونَ النَّارَ، فَعَلَى هَذَا فَيَجِبُ الْجَمْعُ بَيْن الْأَمْرَيْنِ، وَقَدْ سَلَكُوا فِي ذَلِكَ مَسَالِك:
فَقِيلَ: الْمُرَادُ تَرْكُ دُخُولِ نَارِ الشِّرْك.
وَقِيلَ: تَرْكُ تَعْذِيبِ جَمِيعِ بَدَنِ الْمُوَحِّدِينَ ، لِأَنَّ النَّارَ لَا تَحْرِقُ مَوَاضِعَ السُّجُود. وَقِيلَ: لَيْسَ ذَلِكَ لِكُلِّ مَنْ وَحَّدَ وَعَبَدَ ، بَلْ يَخْتَصُّ بِمَنْ أَخْلَصَ، وَالْإِخْلَاصُ يَقْتَضِي تَحْقِيقَ الْقَلْبِ بِمَعْنَاهَا، وَلَا يُتَصَوَّر حُصُولُ التَّحْقِيقِ مَعَ الْإِصْرَارِ عَلَى الْمَعْصِيَةِ ، لِامْتِلَاءِ الْقَلْبِ بِمَحَبَّةِ اللهِ تَعَالَى وَخَشْيَتِهِ ، فَتَنْبَعِثُ الْجَوَارِحُ إِلَى الطَّاعَةِ وَتَنْكَفُّ عَنْ الْمَعْصِيَةِ. فتح الباري (ج8ص481)
(12)
(خ) 2701 ، (م) 30
وَلِلْحَسَنِ بْن سُفْيَان فِي مُسْنَده: " قَالَ: لَا، دَعْهُمْ فَلْيَتَنَافَسُوا فِي الْأَعْمَالِ، فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يَتَّكِلُوا "(فتح - ح129)
(حم)، وَعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " مَنْ لَقِيَ اللهَ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، يُصَلِّي الْخَمْسَ، وَيَصُومُ رَمَضَانَ، غُفِرَ لَهُ "، قُلْتُ: أَفَلَا أُبَشِّرُهُمْ يَا رَسُولَ اللهِ؟ ، قَالَ:" دَعْهُمْ يَعْمَلُوا "(1)
(1)(حم) 22081 ، الصَّحِيحَة: 1315
ثم قال الألباني: وقد ترجم البخاري رحمه الله لحديث معاذ بقوله: " بَابُ مَنْ خَصَّ بِالْعِلْمِ قَوْمًا دُونَ قوم ، كَرَاهِيَةَ أَنْ لَا يَفْهَمُوا.
وَقَالَ عَلِيٌّ: «حَدِّثُوا النَّاسَ بِمَا يَعْرِفُونَ ، أَتُحِبُّونَ أَنْ يُكَذَّبَ اللهُ وَرَسُولُهُ» ، ثم ساق إسناده بذلك ، وزاد آدم بن أبي إياس في " كتاب العلم " له:" ودعوا ما يُنكرون " ، أي ما يَشتبِه عليهم فهمُه.
ومثله قول ابن مسعود: " مَا أَنْتَ بِمُحَدِّثٍ قَوْمًا حَدِيثًا لَا تَبْلُغُهُ عُقُولُهُمْ، إِلَّا كَانَ لِبَعْضِهِمْ فِتْنَةً " رواه مسلم (1/ 11)
قال الحافظ: " وَمِمَّنْ كَرِهَ التَّحْدِيثَ بِبَعْضٍ دُونَ بَعْضٍ: أَحْمَدُ فِي الْأَحَادِيثِ الَّتِي ظَاهِرُهَا الْخُرُوجُ عَلَى السُّلْطَانِ ، وَمَالِكٌ فِي أَحَادِيثِ الصِّفَاتِ ، وَأَبُو يُوسُفَ فِي الْغَرَائِبِ ، وَمِنْ قَبْلِهِمْ أَبُو هُرَيْرَةَ ، كَمَا تَقَدَّمَ عَنْهُ فِي الْجِرَابَيْنِ ، وَأَنَّ الْمُرَادَ مَا يَقَعُ مِنَ الْفِتَنِ ، وَنَحْوُهُ عَنْ حُذَيْفَةَ ، وَعَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ أَنْكَرَ تَحْدِيثَ أَنَسٍ لِلْحَجَّاجِ بِقِصَّةِ الْعُرَنِيِّينَ ، لِأَنَّهُ اتَّخَذَهَا وَسِيلَةً إِلَى مَا كَانَ يَعْتَمِدُهُ مِنَ الْمُبَالَغَةِ فِي سَفْكِ الدِّمَاءِ بِتَاوِيلِهِ الْوَاهِي ، وَضَابِطُ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ يُقَوِّي الْبِدْعَةَ ، وَظَاهِرُهُ فِي الْأَصْلِ غَيْرُ مُرَادٍ ، فَالْإِمْسَاكُ عَنْهُ عِنْدَ مَنْ يُخْشَى عَلَيْهِ الْأَخْذُ بِظَاهِرِهِ مَطْلُوبٌ ، وَاللهُ أَعْلَمُ "
قال الألباني: هذا وقد اختلفوا في تأويل حديث الباب وما في معناه من تحريم النار على من قال لَا إله إِلَّا الله على أقوال كثيرة ذكر بعضها المنذري في " الترغيب "(2/ 238) وترى سائرها في " الفتح ".
والذي تطمئن إليه النفس ، وينشرح له الصدر ، وبه تجتمع الأدلة ولا تتعارض، أن تُحْمَل على أحوال ثلاثة:
الأولى: من قام بِلَوَازِم الشهادتين من التزام الفرائض ، والابتعاد عن الحرمات، فالحديث حينئذ على ظاهره، فهو يَدخل الجنة ، وتحرم عليه النار مطلقا.
الثانية: أن يموت عليها، وقد قام بالأركان الخمسة ، ولكنه ربما تهاون ببعض الواجبات ، وارتكب بعض المحرمات ، فهذا ممن يدخل في مشيئة الله، ويُغْفَر له كما في الحديث الآتي بعد هذا وغيره من الأحاديث المكفرات المعروفة.
الثالثة: كالذي قبله ، ولكنه لم يقم بحقها ، ولم تحجزه عن محارم الله ، كما في حديث أبي ذر المتفق عليه:" وإن زنى وإن سرق. . . " الحديث، ثم هو إلى ذلك لم يعمل من الأعمال ما يستحق به مغفرة الله، فهذا إنما تحرُم عليه النار التي وجبت على الكفار، فهو وإن دخلها، فلا يخلُد معهم فيها ، بل يخرج منها بالشفاعة أو غيرها ، ثم يدخل الجنة ولا بد، وهذا صريحٌ في قوله صلى الله عليه وسلم:" من قال لَا إله إِلَّا الله ، نفعته يوما من دهره، يصيبه قبل ذلك ما أصابه " ، وهو حديث صحيح برقم (1932) في الصحيحة. والله سبحانه وتعالى أعلم. أ. هـ
(خ م حم)، وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (" مَنْ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، وَأَنَّ عِيسَى عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ ، وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ (1) وَرُوحٌ مِنْهُ (2) وَأَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ ، وَأَنَّ النَّارَ حَقٌّ ، أَدْخَلَهُ اللهُ الْجَنَّةَ عَلَى مَا كَانَ مِنْ الْعَمَلِ (3)) (4)
وفي رواية: " أَدْخَلَهُ اللهُ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةِ شَاءَ (5) "(6)
(1) قَوْله: (وَكَلِمَته) إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ حُجَّةُ اللهِ عَلَى عِبَادِه ، أَبْدَعَهُ مِنْ غَيْر أَبٍ ، وَأَنْطَقَهُ فِي غَيْر أَوَانِه ، وَأَحْيَا الْمَوْتَى عَلَى يَدِه.
وَقِيلَ: سُمِّيَ كَلِمَةَ اللهِ لِأَنَّهُ أَوْجَدَهُ بِقَوْلِهِ كُنْ، فَلَمَّا كَانَ بِكَلَامِهِ سُمِّيَ بِهِ ، كَمَا يُقَال: سَيْفُ الله ، وَأَسَدُ الله.
وَقِيلَ: لَمَّا قَالَ فِي صِغَرِه {إِنِّي عَبْدُ الله} . فتح الباري (ج 10 / ص 237)
(2)
سُمِّيَ بِالرُّوحِ لِمَا كَانَ أَقْدَرَهُ عَلَيْهِ مِنْ إِحْيَاءِ الْمَوْتَى.
وَقِيلَ: لِكَوْنِهِ ذَا رُوحٍ ، وُجِدَ مِنْ غَيْر جُزْءٍ مِنْ ذِي رُوح. فتح الباري
(3)
أَيْ: يَدْخُل أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ عَلَى حَسَبِ أَعْمَالِ كُلٍّ مِنْهُمْ فِي الدَّرَجَات. فتح الباري (ج 10 / ص 237)
وقال النووي (1/ 103): هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى إِدْخَالِهِ الْجَنَّةَ فِي الْجُمْلَة ، فَإِنْ كَانَتْ لَهُ مَعَاصٍ مِنْ الْكَبَائِر ، فَهُوَ فِي الْمَشِيئَة ، فَإِنْ عُذِّبَ ، خُتِمَ لَهُ بِالْجَنَّةِ.
(4)
(خ) 3252 ، (حم) 22727
(5)
تَخْيِيرُه فِي الدُّخُولِ مِنْ أَبْوَابِهَا هُوَ بِخِلَافِ ظَاهِرِ حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة فِي بَدْءِ الْخَلْق ، فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ لِكُلِّ دَاخِلٍ الْجَنَّةَ بَابًا مُعَيَّنًا يَدْخُلُ مِنْهُ.
وَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُ فِي الْأَصْلِ مُخَيَّرٌ، لَكِنَّهُ يَرَى أَنَّ الَّذِي يَخْتَصُّ بِهِ أَفْضَلُ فِي حَقِّه ، فَيَخْتَارُهُ ، فَيَدْخُلُهُ مُخْتَارًا ، لَا مَجْبُورًا وَلَا مَمْنُوعًا مِنْ الدُّخُولِ مِنْ غَيْرِه. فتح الباري (ج 10 / ص 237)
(6)
(م) 28 ، (حم) 22728
(م)، وَعَنْ الصُّنَابِحِيِّ (1) قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه وَهُوَ فِي الْمَوْتِ ، فَبَكَيْتُ ، فَقَالَ: مَهْلًا ، لِمَ تَبْكِي؟ ، فَوَاللهِ لَئِنْ اسْتُشْهِدْتُ لَأَشْهَدَنَّ لَكَ ، وَلَئِنْ شُفِّعْتُ لَأَشْفَعَنَّ لَكَ ، وَلَئِنْ اسْتَطَعْتُ لَأَنْفَعَنَّكَ ، ثُمَّ قَالَ: وَاللهِ مَا مِنْ حَدِيثٍ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَكُمْ فِيهِ خَيْرٌ إِلَّا حَدَّثْتُكُمُوهُ ، إِلَّا حَدِيثًا وَاحِدًا ، وَسَوْفَ أُحَدِّثُكُمُوهُ الْيَوْمَ وَقَدْ أُحِيطَ بِنَفْسِي (2) سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:" مَنْ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ ، حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ النَّارَ (3) "(4)
(1) هُوَ أَبُو عَبْد الله ، عَبْد الرَّحْمَن بْن عُسَيْلَة الْمُرَادِيُّ ، وَالصُّنَابِح بَطْن مِنْ مُرَاد من اليمن ، وَهُوَ تَابِعِيّ جَلِيل ، رَحَلَ إِلَى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فَقُبِضَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ فِي الطَّرِيق وَهُوَ بِالْجُحْفَةِ ، قَبْل أَنْ يَصِل بِخَمْسِ لَيَالٍ أَوْ سِتٍّ ، فَسَمِعَ أَبَا بَكْر الصِّدِّيق وَخَلَائِق مِنْ الصَّحَابَة رضي الله عنهم وَقَدْ يَشْتَبِهُ عَلَى غَيْر الْمُشْتَغِل بِالْحَدِيثِ الصُّنَابِحِيُّ هَذَا بِالصُّنَابِحِ بْن الْأَعْسَر الصَّحَابِيِّ رضي الله عنه وَالله أَعْلَم. شرح النووي (1/ 104)
(2)
أي: قَرُبْتُ مِنْ الْمَوْتِ ، وَأَيِسْتُ مِنْ النَّجَاةِ وَالْحَيَاة. شرح النووي (1/ 104)
(3)
أَيْ: الْخُلُودَ فِيهَا كَالْكُفَّارِ. تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 437)
(4)
(م) 47 - (29) ، (ت) 2638
(طس)، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ ، نَفَعَتْهُ يَوْمًا مِنْ دَهْرِهِ، أَصَابَهُ قَبْلَ ذَلِكَ مَا أَصَابَهُ "(1)
(1)(طس) 6396 ، انظر صَحِيح الْجَامِع: 6434 ، الصَّحِيحَة: 1932
(م حب)، وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (" لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ)(1)(فَإِنَّهُ مَنْ كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ عِنْدَ الْمَوْتِ، دَخَلَ الْجَنَّةَ يَوْمًا مِنَ الدَّهْرِ، وَإِنْ أَصَابَهُ قَبْلَ ذَلِكَ مَا أَصَابَهُ ")(2)
(1)(م) 1 - (916) ، (حب) 3004 ، (ت) 976 ، (س) 1826 ،
(د) 3117 ، (جة) 1445 ، (حم) 11006
(2)
(حب) 3004 ، صَحِيح الْجَامِع: 5150 ، تلخيص أحكام الجنائز ص10
(م)، وَعَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ مَاتَ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ ، دَخَلَ الْجَنَّةَ "(1)
الشرح (2)
(1)(م) 43 - (26) ، (حم) 464
(2)
قَالَ الْقَاضِي عِيَاض: اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيمَنْ عَصَى اللهَ تَعَالَى مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَتَيْنِ ، فَقَالَتِ الْمُرْجِئَةُ: لَا تَضُرُّهُ الْمَعْصِيَةُ مَعَ الْإِيمَانِ.
وَقَالَتِ الْخَوَارِجُ: تَضُرُّهُ ، وَيَكْفُرُ بِهَا.
وَقَالَتِ الْمُعْتَزِلَةُ: يَخْلُدُ فِي النَّارِ إِذَا كَانَتْ مَعْصِيَتُهُ كَبِيرَةً ، وَلَا يُوصَفُ بِأَنَّهُ مُؤْمِنٌ وَلَا كَافِرٌ ، وَلَكِنْ يُوصَفُ بِأَنَّهُ فَاسِقٌ.
وَقَالَتِ الْأَشْعَرِيَّةُ: بَلْ هُوَ مُؤْمِنٌ ، وَإِنْ لَمْ يُغْفَرْ لَهُ وَعُذِّبَ ، فَلَا بُدَّ مِنْ إِخْرَاجِهِ مِنَ النَّارِ وَإِدْخَالِهِ الْجَنَّةَ.
قَالَ: وَهَذَا الْحَدِيثُ حُجَّةٌ عَلَى الْخَوَارِجِ وَالْمُعْتَزِلَةِ ، وَأَمَّا الْمُرْجِئَةُ ، فَإِنِ احْتَجَّتْ بِظَاهِرِهِ ، قُلْنَا: مَحْمَلُهُ عَلَى أَنَّهُ غُفِرَ لَهُ ، أَوْ أُخْرِجَ مِنَ النَّارِ بِالشَّفَاعَةِ ، ثُمَّ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ ، فَيَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم " دَخَلَ الْجَنَّةَ "، أَيْ: دَخَلَهَا بَعْدَ مُجَازَاتِهِ بِالْعَذَابِ وَهَذَا لَا بُدَّ مِنْ تَاوِيلِهِ ، لِمَا جَاءَ فِي ظَوَاهِرَ كَثِيرَةٍ مِنْ عَذَابِ بَعْضِ الْعُصَاةِ ، فَلَا بُدَّ مِنْ تَاوِيلِ هذا ، لِئَلَّا تَتَنَاقَضَ نُصُوصُ الشَّرِيعَةِ.
وفي قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم " وَهُوَ يَعْلَمُ " إِشَارَةٌ إِلَى الرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ مِنْ غُلَاةِ الْمُرْجِئَةِ إِنَّ مُظْهِرَ الشَّهَادَتَيْنِ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ ، وَإِنْ لَمْ يَعْتَقِدْ ذَلِكَ بِقَلْبِهِ ، وَقَدْ قَيَّدَ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ آخَرَ بِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم " غَيْرَ شَاكٍّ فِيهِمَا " ، وَهَذَا يُؤَكِّدُ مَا قُلْنَاهُ.
قَالَ الْقَاضِي: وَقَدْ يَحْتَجُّ بِهِ أَيْضًا مَنْ يَرَى أَنَّ مُجَرَّدَ مَعْرِفَةِ الْقَلْبِ نَافِعَةٌ دُونَ النُّطْقِ بِالشَّهَادَتَيْنِ ، لِاقْتِصَارِهِ عَلَى الْعِلْمِ.
وَمَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّ الْمَعْرِفَةَ مُرْتَبِطَةٌ بِالشَّهَادَتَيْنِ ، لَا تَنْفَعُ إِحْدَاهُمَا ، وَلَا تُنَجِّي مِنَ النَّارِ دُونَ الْأُخْرَى ، إِلَّا لِمَنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الشَّهَادَتَيْنِ لِآفَةٍ بِلِسَانِهِ ، أَوْ لَمْ تُمْهِلْهُ الْمُدَّةَ لِيَقُولَهَا ، بَلِ اخْتَرَمَتْهُ الْمَنِيَّةُ ، وَلَا حُجَّةَ لِمُخَالِفِ الْجَمَاعَةِ بِهَذَا اللَّفْظِ إِذْ قَدْ وَرَدَ مُفَسَّرًا فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ " مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ ، وَمَنْ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّااللهُ ، وَأَنِّي رَسُولُ اللهِ " ، وَقَدْ جَاءَ هَذَا الْحَدِيثُ وَأَمْثَالُهُ كَثِيرَةٌ فِي أَلْفَاظِهَا اخْتِلَافٌ ، وَلِمَعَانِيهَا عِنْدَ أَهْلِ التَّحْقِيقِ ائْتِلَافٌ ، فَجَاءَ هَذَا اللَّفْظُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَفِي رِوَايَةِ مُعَاذٍ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم " مَنْ كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ دخل الْجَنَّةَ " ، وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم " من لَقِيَ اللهَ لا يُشرك بِهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ " ، وَعَنْهُ صلى الله عليه وسلم " مَا مِنْ عَبْدٍ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ ، إِلَّا حَرَّمَهُ اللهُ عَلَى النَّارِ " ، وَنَحْوُهُ فِي حَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ ، وَعِتْبَانُ بْنُ مَالِكٍ ، وَزَادَ فِي حَدِيثِ عُبَادَةَ
" عَلَى مَا كَانَ مِنْ عَمَلٍ " ، وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ " لَا يَلْقَى اللهَ تَعَالَى بِهِمَا عَبْدٌ غَيْرُ شَاكٍّ فِيهِمَا إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ ، وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ " وَفِي حَدِيثِ أَنَسٍ " حَرَّمَ اللهُ عَلَى النَّارِ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ يبتغي بذلك وَجهَ اللهِ تعالى "
وهذه الْأَحَادِيثُ كُلُّهَا سَرَدَهَا مُسْلِمٌ رحمه الله فِي كِتَابِهِ ، فَحَكَى عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ السَّلَفِ رحمهم الله ، منهم ابن الْمُسَيَّبِ أَنَّ هَذَا كَانَ قَبْلَ نُزُولِ الْفَرَائِضِ ، وَالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هِيَ مُجْمَلَةٌ ، تَحْتَاجُ إِلَى شَرْحٍ ، وَمَعْنَاهُ: مَنْ قَالَ الْكَلِمَةَ ، وَأَدَّى حَقَّهَا وَفَرِيضَتَهَا ، وَهَذَا قَوْلُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ
وَقِيلَ: إِنَّ ذَلِكَ لِمَنْ قَالَهَا عِنْدَ النَّدَمِ وَالتَّوْبَةِ ، وَمَاتَ عَلَى ذَلِكَ ، وَهَذَا قَوْلُ الْبُخَارِيِّ.
وَهَذِهِ التَّاوِيلَاتُ إِنَّمَا هِيَ إِذَا حُمِلَتِ الْأَحَادِيثُ عَلَى ظَاهِرِهَا ، وَأَمَّا إِذَا نَزَلَتْ مَنَازِلَهَا ، فَلَا يُشْكِلُ تَاوِيلُهَا عَلَى مَا بَيَّنَهُ الْمُحَقِّقُونَ ، فَنُقَرِّرَ أَوَّلًا أَنَّ مَذْهَبَ أَهْلِ السُّنَّةِ بِأَجْمَعِهِمْ مِنَ السَّلَفِ الصَّالِحِ ، وَأَهْلِ الْحَدِيثِ ، وَالْفُقَهَاءِ ، وَالْمُتَكَلِّمِينَ عَلَى مَذْهَبِهِمْ مِنَ الْأَشْعَرِيِّينَ ، أَنَّ أَهْلَ الذُّنُوبِ فِي مَشِيئَةِ اللهِ تَعَالَ، ى وَأَنَّ كُلَّ مَنْ مَاتَ عَلَى الْإِيمَانِ ، وَتَشَهَّدَ مُخْلِصًا مِنْ قَلْبِهِ بِالشَّهَادَتَيْنِ ، فَإِنَّهُ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ ، فَإِنْ كَانَ تَائِبًا أَوْ سَلِيمًا مِنَ الْمَعَاصِي ، دَخَلَ الْجَنَّةَ بِرَحْمَةِ رَبِّهِ ، وَحَرُمَ عَلَى النَّارِ بِالْجُمْلَةِ ، فَإِنْ حَمَلْنَا اللَّفْظَيْنِ الْوَارِدَيْنِ عَلَى هَذَا فِيمَنْ هَذِهِ صِفَتُهُ ، كَانَ بَيِّنًا ، وَهَذَا مَعْنَى تَاوِيلَيْ الْحَسَنِ وَالْبُخَارِيِّ ، وَإِنْ كَانَ هَذَا مِنَ الْمُخَلِّطِينَ بِتَضْيِيعِ مَا أَوْجَبَ اللهُ تَعَالَى عَلَيْه، ِ أَوْ بِفِعْلِ مَا حُرِّمَ عَلَيْهِ ، فَهُوَ فِي الْمَشِيئَةِ ، لَا يُقْطَعُ فِي أَمْرِهِ بِتَحْرِيمِهِ عَلَى النَّارِ ، وَلَا بِاسْتِحْقَاقِهِ الْجَنَّةَ لِأَوَّلِ وَهْلَةٍ ، بَلْ يُقْطَعُ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ دُخُولِهِ الْجَنَّةَ آخِرًا ، وَحَالُهُ قَبْلَ ذَلِكَ فِي خَطَرِ الْمُشِيئَةِ ، إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى عَذَّبَهُ بِذَنْبِهِ ، وَإِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ بِفَضْلِهِ ، وَيُمْكِنُ أَنْ تَسْتَقِلَّ الْأَحَادِيثُ بِنَفْسِهَا وَيُجْمَعُ بَيْنَهَا ، فَيَكُونُ الْمُرَادُ بِاسْتِحْقَاقِ الْجَنَّةِ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ إِجْمَاعِ أَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ دُخُولِهَا لِكُلِّ مُوَحِّدٍ ، إِمَّا مُعَجَّلًا مُعَافًى ، وَإِمَّا مُؤَخَّرًا بَعْدَ عِقَابِهِ ، وَالْمُرَادُ بِتَحْرِيمِ النَّارِ: تَحْرِيمُ الْخُلُودِ ، خِلَافًا لِلْخَوَارِجِ والمعتزلةِ في المَسْأَلَتَيْن وَيَجُوزُ فِي حَدِيثِ " مَنْ كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ " أَنْ يَكُونَ خُصُوصًا لِمَنْ كَانَ هَذَا آخِرَ نُطْقِهِ ، وَخَاتِمَةَ لَفْظِهِ ، وَإِنْ كَانَ قَبْلُ مُخَلِّطًا ، فَيَكُونُ سَبَبًا لِرَحْمَةِ اللهِ تَعَالَى إِيَّاه، ُ وَنَجَاتِهِ رَاسًا مِنَ النَّارِ ، وَتَحْرِيمِهِ عَلَيْهَا ، بِخِلَافِ مَنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ آخِرَ كَلَامِهِ مِنَ الْمُوَحِّدِينَ الْمُخَلِّطِينَ
وَكَذَلِكَ مَا وَرَدَ فِي حَدِيثِ عُبَادَةَ مِنْ مِثْلِ هَذَا ، وَدُخُولُهُ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شَاءَ يَكُونُ خُصُوصًا لِمَنْ قَالَ مَا ذَكَرَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَقَرَنَ بِالشَّهَادَتَيْنِ حَقِيقَةَ الْإِيمَانِ وَالتَّوْحِيدِ الَّذِي وَرَدَ فِي حَدِيثِهِ ، فَيَكُونُ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ مَا يَرْجَحُ عَلَى سَيِّئَاتِهِ ، وَيُوجِبُ لَهُ الْمَغْفِرَةَ وَالرَّحْمَةَ ، وَدُخُولَ الْجَنَّةِ لِأَوَّلِ وَهْلَةٍ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى وَاللَهُ أَعْلَمُ.
قال النووي: هَذَا آخِرُ كَلَامِ الْقَاضِي عِيَاضٍ رحمه الله ، وَهُوَ فِي نِهَايَةِ الْحُسْنِ وَأَمَّا مَا حكاه عن ابن الْمُسَيَّبِ وَغَيْرِهِ ، فَضَعِيفٌ بَاطِلٌ ، وَذَلِكَ لِأَنَّ رَاوِيَ أَحَدِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه وَهُوَ مُتَأَخِّرُ الْإِسْلَامِ ، أَسْلَمَ عَامَ خَيْبَرَ سَنَةَ سَبْعٍ بِالِاتِّفَاقِ ، وَكَانَتْ أَحْكَامُ الشَّرِيعَةِ مُسْتَقِرَّةً ، وَأَكْثَرُ هَذِهِ الْوَاجِبَاتِ كَانَتْ فُرُوضُهَا مُسْتَقِرَّةً ، وَكَانَتِ الصَّلَاةُ وَالصِّيَامُ وَالزَّكَاةُ وَغَيْرُهَا مِنَ الْأَحْكَامِ قَدْ تَقَرَّرَ فَرْضُهَا وَكَذَا الْحَجُّ عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ فُرِضَ سَنَةَ خَمْسٍ أَوْ سِتٍّ ، وَهُمَا أَرْجَحُ مِنْ قَوْلِ مَنْ قَالَ سَنَةَ تِسْعٍ ، وَاللهُ أَعْلَمُ.
وَذَكَرَ الشَّيْخُ أَبُو عَمْرِو بْنُ الصَّلَاحِ رحمه الله تَاوِيلًا آخَرَ فِي الظَّوَاهِرِ الْوَارِدَةِ بِدُخُولِ الْجَنَّةِ بِمُجَرَّدِ الشَّهَادَةِ ، فَقَالَ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ اقْتِصَارًا مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ ، نَشَأَ مِنْ تَقْصِيرِهِ فِي الْحِفْظِ وَالضَّبْطِ ، لَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِدَلَالَةِ مَجِيئِهِ تَامًّا فِي رِوَايَةِ غَيْرِهِ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ نَحْوُ هَذَا التَّاوِيلِ.
قَالَ: وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ اخْتِصَارًا مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَا خَاطَبَ بِهِ الْكُفَّارَ عَبَدَةَ الْأَوْثَانِ الَّذِينَ كَانَ تَوْحِيدُهُمْ لِلَهِ تَعَالَى مَصْحُوبًا بِسَائِرِ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الْإِسْلَامُ ، وَمُسْتَلْزِمًا لَهُ ، وَالْكَافِرُ إِذَا كَانَ لَا يُقِرُّ بِالْوَحْدَانِيَّةِ ، كَالْوَثَنِيِّ وَالثَّنَوِيِّ ، فَقَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ ، وَحَالُهُ الْحَالُ الَّتِي حَكَيْنَاهَا ، حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ
وَلَا نَقُولُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ مَا قَالَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا مِنْ أَنَّ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ ، يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ ، ثُمَّ يُجْبَرُ عَلَى قَبُولِ سَائِرِ الْأَحْكَامِ ، فَإِنَّ حَاصِلَهُ رَاجِعٌ إِلَى أَنَّهُ يُجْبَرُ حِينَئِذٍ عَلَى إِتْمَامِ الْإِسْلَامِ ، وَيُجْعَلُ حُكْمُهُ حُكْمَ الْمُرْتَدِّ إِنْ لَمْ يَفْعَلْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُحْكَمَ بِإِسْلَامِهِ بِذَلِكَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَفِي أَحْكَامِ الْآخِرَةِ ، وَمَنْ وَصَفْنَاهُ مُسْلِمًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَفِي أَحْكَامِ الْآخِرَةِ. وَالله أَعْلَم. شرح النووي (1/ 221)
(جة)، وَعَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " يَدْرُسُ الْإِسْلَامُ (1) كَمَا يَدْرُسُ وَشْيُ الثَّوْبِ (2) حَتَّى لَا يُدْرَى مَا صِيَامٌ وَلَا صَلَاةٌ ، وَلَا نُسُكٌ ، وَلَا صَدَقَةٌ، وَلَيُسْرَى (3) عَلَى كِتَابِ اللهِ فِي لَيْلَةٍ فلَا يَبْقَى فِي الْأَرْضِ مِنْهُ آيَةٌ ، وَتَبْقَى طَوَائِفُ مِنْ النَّاسِ ، الشَّيْخُ الْكَبِيرُ وَالْعَجُوزُ ، يَقُولُونَ: أَدْرَكْنَا آبَاءَنَا عَلَى هَذِهِ الْكَلِمَةِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ ، فَنَحْنُ نَقُولُهَا "، فَقَالَ صِلَةُ (4) لِحُذَيْفَةَ: مَا تُغْنِي عَنْهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ ، وَهُمْ لَا يَدْرُونَ مَا صَلَاةٌ ، وَلَا صِيَامٌ ، وَلَا نُسُكٌ ، وَلَا صَدَقَةٌ؟ ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ: يَا صِلَةُ ، " تُنَجِّيهِمْ مِنْ النَّارِ ، تُنَجِّيهِمْ مِنْ النَّارِ ، تُنَجِّيهِمْ مِنْ النَّارِ "(5)
(1) مِنْ دَرَسَ الثَّوْبُ دَرْسًا ، إِذَا صَارَ عَتِيقًا. السندي (ج7ص416)
(2)
وَشْيُ الثَّوْب: نَقْشه. حاشية السندي على ابن ماجه - (ج 7 / ص 416)
(3)
أَي: يَذهب باللَّيْل. شرح سنن ابن ماجه للسيوطي وغيره (ص: 294)
(4)
هو صِلَة بن زُفَر ، تَابِعِيّ كَبِير من أهل الْكُوفَة.
(5)
(جة) 4049 ، انظر الصَّحِيحَة: 87
(حم)، وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ لَقِيَ اللهَ وَهُوَ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا ، دَخَلَ الْجَنَّةَ ، وَلَمْ تَضُرَّ مَعَهُ خَطِيئَةٌ ، كَمَا لَوْ لَقِيَهُ وَهُوَ مُشْرِكٌ بِهِ ، دَخَلَ النَّارَ ، وَلَمْ تَنْفَعْهُ مَعَهُ حَسَنَةٌ "(1)
(1)(حم) 6586 ، وقال شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح على شرط الشيخين وصحح إسناده أحمد شاكر.
(م)، وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ مَا الْمُوجِبَتَانِ (1)؟ ، فَقَالَ:" مَنْ مَاتَ لَا يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ ، وَمَنْ مَاتَ يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا دَخَلَ النَّارَ "(2)
(1) أَيْ: ما الْخَصْلَة الْمُوجِبَة لِلْجَنَّةِ، وَالْخَصْلَة الْمُوجِبَة لِلنَّارِ. شرح النووي على مسلم - (ج 1 / ص 198)
(2)
(م) 151 - (93) ، (حم) 15237
(خ م)، وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ:(" قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم كَلِمَةً " ، وَقُلْتُ أُخْرَى ، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:)(1)(" مَنْ مَاتَ يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا دَخَلَ النَّارَ " ، وَقُلْتُ أَنَا: وَمَنْ مَاتَ لَا يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ)(2).
(1)(خ) 4227 ، (م) 150 - (92)
(2)
(م) 150 - (92) ، (خ) 6305 ، (حم) 3552
(خ م)، وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ:(خَرَجْتُ لَيْلَةً مِنْ اللَّيَالِي ، " فَإِذَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَمْشِي وَحْدَهُ وَلَيْسَ مَعَهُ إِنْسَانٌ " ، فَظَنَنْتُ أَنَّهُ يَكْرَهُ أَنْ يَمْشِيَ مَعَهُ أَحَدٌ ، فَجَعَلْتُ أَمْشِي فِي ظِلِّ الْقَمَرِ (1)" فَالْتَفَتَ فَرَآنِي ، فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ "، فَقُلْتُ: أَبُو ذَرٍّ جَعَلَنِي اللهُ فِدَاءَكَ ، فَقَالَ:" تَعَالَ يَا أَبَا ذَرٍّ "، قَالَ: فَمَشَيْتُ مَعَهُ سَاعَةً) (2)(فَاسْتَقْبَلَنَا أُحُدٌ ، فَقَالَ: " يَا أَبَا ذَرٍّ ، مَا أُحِبُّ أَنَّ عِنْدِي مِثْلَ أُحُدٍ هَذَا ذَهَبًا ، تَمْضِي عَلَيَّ ثَالِثَةٌ (3) وَعِنْدِي مِنْهُ دِينَارٌ ، إِلَّا شَيْئًا أَرْصُدُهُ لِدَيْنٍ ، إِلَّا أَنْ أَقُولَ بِهِ فِي عِبَادِ اللهِ هَكَذَا ، وَهَكَذَا ، وَهَكَذَا - وَحَثَا عَنْ يَمِينِهِ ، وَعَنْ شِمَالِهِ ، وَبَيْنَ يَدَيْهِ ، وَمِنْ خَلْفِهِ - (4)) (5)
(ثُمَّ مَشَيْنَا ، فَقَالَ: يَا أَبَا ذَرٍّ " ، قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ)(6)(قَالَ: " إِنَّ الْمُكْثِرِينَ هُمْ الْمُقِلُّونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)(7)(إِلَّا مَنْ قَالَ هَكَذَا ، وَهَكَذَا وَهَكَذَا - مِثْلَمَا صَنَعَ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى)(8)(وَحَثَا)(9)(عَنْ يَمِينِهِ ، وَعَنْ شِمَالِهِ، وَمِنْ خَلْفِهِ)(10)(وَبَيْنَ يَدَيْهِ - وَعَمِلَ فِيهِ خَيْرًا)(11)(وَقَلِيلٌ مَا هُمْ)(12)(قَالَ: ثُمَّ مَشَيْنَا)(13)(سَاعَةً ، فَقَالَ لِي: اجْلِسْ هَاهُنَا)(14)(وَلَا تَبْرَحْ حَتَّى آتِيَكَ)(15)(فَأَجْلَسَنِي فِي قَاعٍ (16) حَوْلَهُ حِجَارَةٌ) (17)(ثُمَّ انْطَلَقَ فِي الْحَرَّةِ (18)) (19)(فِي سَوَادِ اللَّيْلِ)(20)(حَتَّى تَوَارَى عَنِّي)(21)(فَلَبِثَ عَنِّي فَأَطَالَ اللُّبْثَ ")(22)(فَتَخَوَّفْتُ أَنْ يَكُونَ قَدْ عَرَضَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَرَدْتُ أَنْ آتِيَهُ ، فَذَكَرْتُ قَوْلَهُ لِي: " لَا تَبْرَحْ حَتَّى آتِيَكَ " ، فَلَمْ أَبْرَحْ " حَتَّى أَتَانِي)(23)(فَسَمِعْتُهُ وَهُوَ مُقْبِلٌ يَقُولُ: وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ؟ " ، قَالَ: فَلَمَّا جَاءَ لَمْ أَصْبِرْ ، فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللهِ ، جَعَلَنِي اللهُ فِدَاءَكَ ، مَنْ تُكَلِّمُ فِي جَانِبِ الْحَرَّةِ؟ ، مَا سَمِعْتُ أَحَدًا يَرْجِعُ إِلَيْكَ شَيْئًا (24) فَقَالَ: " ذَلِكَ جِبْرِيلُ عليه السلام عَرَضَ لِي فِي جَانِبِ الْحَرَّةِ ، فَقَالَ: بَشِّرْ أُمَّتَكَ أَنَّهُ مَنْ مَاتَ لَا يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ ، فَقُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ وَإِنْ سَرَقَ؟ ، وَإِنْ زَنَى؟ ، قَالَ: نَعَمْ "، فَقُلْتُ [يَا رَسُولَ اللهِ] (25): وَإِنْ زَنَى؟ ، وَإِنْ سَرَقَ؟ ، قَالَ:" نَعَمْ "، قُلْتُ: وَإِنْ زَنَى؟ ، وَإِنْ سَرَقَ؟ ، قَالَ:" نَعَمْ ، وَإِنْ شَرِبَ الْخَمْرَ ") (26)
الشرح (27)
(1) أَيْ: فِي الْمَكَانِ الَّذِي لَيْسَ لِلْقَمَرِ فِيهِ ضَوْءٌ لِيُخْفِيَ شَخْصَه، وَإِنَّمَا اِسْتَمَرَّ يَمْشِي لِاحْتِمَالِ أَنْ يَطْرَأ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حَاجَةٌ فَيَكُونُ قَرِيبًا مِنْهُ. فتح (18/ 259)
(2)
(خ) 6078 ، (م) 94
(3)
أَيْ: تمرُّ عليَّ ثلاثة أيام.
(4)
الْمُرَاد بِيَمِينِهِ وَشِمَاله: جَمِيع وُجُوه الْمَكَارِم وَالْخَيْر. شرح النووي (3/ 430)
(5)
(خ) 6079 ، (م) 94
(6)
(م) 94 ، (خ) 6079
(7)
(خ) 6078 ، (م) 94
(8)
(م) 94 ، (خ) 6079
(9)
(حم) 21385
(10)
(خ) 6079
(11)
(خ) 6078 ، (م) 94
(12)
(خ) 6079
(13)
(م) 94 ، (خ) 6078
(14)
(خ) 6078 ، (م) 94
(15)
(خ) 6079 ، (م) 94
(16)
أَيْ: أَرْضٍ سَهْلَةٍ مُطَمْئِنَة. فتح الباري (ج 18 / ص 261)
(17)
(خ) 6078 ، (م) 94
(18)
الحَرَّة: مَكَانٌ مَعْرُوفٌ بِالْمَدِينَةِ مِنْ الْجَانِبِ الشَّمَالِيّ مِنْهَا ، وَكَانَتْ بِها الْوَقْعَةُ الْمَشْهُورَة فِي زَمَنِ يَزِيدِ بْن مُعَاوِيَة.
وَقِيلَ: الْحَرَّةُ: الْأَرْض الَّتِي حِجَارَتُهَا سُود، وَهُوَ يَشْمَلُ جَمِيعَ جِهَاتِ الْمَدِينَة الَّتِي لَا عِمَارَةَ فِيهَا. فتح الباري (ج 18 / ص 259)
(19)
(خ) 6078 ، (م) 94
(20)
(خ) 6079
(21)
(م) 94 ، (خ) 6079
(22)
(خ) 6078 ، (م) 94
(23)
(خ) 6079 ، (م) 94
(24)
أَيْ: مَا سَمِعْتُ أَحَدًا يُجيبُك على سُؤالِك.
(25)
(خ) 5913
(26)
(خ) 6078 ، (م) 94
(27)
قَالَ الزَّيْن بْنُ الْمُنِير: حَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ مِنْ أَحَادِيثِ الرَّجَاءِ الَّتِي أَفْضَى الِاتِّكَالُ عَلَيْهَا بِبَعْضِ الْجَهَلَةِ إِلَى الْإِقْدَامِ عَلَى الْمُوبِقَاتِ ، وَلَيْسَ هُوَ عَلَى ظَاهِرِهِ ، فَإِنَّ الْقَوَاعِدَ اسْتَقَرَّتْ عَلَى أَنَّ حُقُوقَ الْآدَمِيِّينَ لَا تَسْقُطْ بِمُجَرَّدِ الْمَوْتِ عَلَى الْإِيمَانِ وَلَكِنْ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ سُقُوطِهَا أَنْ لَا يَتَكَفَّلَ اللهُ بِهَا عَمَّنْ يُرِيدُ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ وَمِنْ ثَمَّ رَدَّ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَبِي ذَرٍّ اسْتِبْعَادَهُ.
وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ " دَخَلَ الْجَنَّةَ "، أَيْ: صَارَ إِلَيْهَا ، إِمَّا ابْتِدَاءً مِنْ أَوَّلِ الْحَالِ ، وَإِمَّا بَعْدَ أَنْ يَقَعَ مَا يَقَعُ مِنَ الْعَذَابِ ، نَسْأَلُ اللهَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ.
وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَبَائِرِ لَا يُخَلَّدُونَ فِي النَّارِ ، وَأَنَّ الْكَبَائِرَ لَا تَسْلُبُ اسْمَ الْإِيمَانِ ، وَأَنَّ غَيْرَ الْمُوَحِّدِينَ لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ.
وَالْحِكْمَةُ فِي الِاقْتِصَارِ عَلَى الزِّنَا وَالسَّرِقَةِ ، الْإِشَارَةُ إِلَى جِنْسِ حَقِّ اللهِ تَعَالَى وَحَقِّ الْعِبَادِ ، وَكَأَنَّ أَبَا ذَرٍّ اسْتَحْضَرَ قَوْلَهُ صلى الله عليه وسلم " لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ " لِأَنَّ ظَاهِرَهُ مُعَارِضٌ لِظَاهِرِ هَذَا الْخَبَرِ ، لَكِنَّ الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا عَلَى قَوَاعِدِ أَهْلِ السُّنَّةِ بِحَمْلِ هَذَا عَلَى الْإِيمَانِ الْكَامِلِ ، وَبِحَمْلِ حَدِيثِ الْبَابِ عَلَى عَدَمِ التَّخْلِيدِ فِي النَّارِ. فتح الباري (ج 3 / ص 111)
(د) ، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم " فَسَأَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الطَّالِبَ الْبَيِّنَةَ " ، فَلَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ ، " فَاسْتَحْلَفَ الْمَطْلُوبَ " ، فَحَلَفَ بِاللهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" بَلَى قَدْ فَعَلْتَ ، وَلَكِنْ قَدْ غُفِرَ لَكَ بِإِخْلَاصِ قَوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ (1) "(2)
(1) قَالَ أَبُو دَاوُد: يُرَادُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ لَمْ يَامُرْهُ بِالْكَفَّارَةِ.
(2)
(د) 3275 ، (حم) 2280 ، (هق) 19661 ، (مش) 440 ، (عبد بن حميد) 1374 ، (يع) 3368 ، انظر الصَّحِيحَة: 3064
(خ م حم)، وَعَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ رضي الله عنه قَالَ:(كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ ، فَنَفِدَتْ أَزْوَادُ الْقَوْمِ (1) وَأَصَابَ النَّاسَ مَجَاعَةٌ ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، لَوْ أَذِنْتَ لَنَا فَنَحَرْنَا نَوَاضِحَنَا (2) فَأَكَلْنَا وَادَّهَنَّا (3) فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" افْعَلُوا ") (4)(فَلَقِيَهُمْ عُمَرُ ، فَأَخْبَرُوهُ ، فَقَالَ: مَا بَقَاؤُكُمْ بَعْدَ إِبِلِكُمْ (5)؟ ، فَدَخَلَ عُمَرُ رضي الله عنه عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم) (6) (فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنْ فَعَلْتَ قَلَّ الظَّهْرُ (7)) (8)
(وَمَا بَقَاؤُهُمْ بَعْدَ إِبِلِهِمْ؟)(9)(وَلكِنْ لَوْ جَمَعْتَ مَا بَقِيَ مِنْ أَزْوَادِ الْقَوْمِ، فَدَعَوْتَ اللهَ عَلَيْهَا بِالْبَرَكَةِ، لَعَلَّ اللهَ أَنْ يَجْعَلَ فِي ذَلِكَ)(10)(فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " نَعَمْ ، فَدَعَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِنِطَعٍ (11) فَبَسَطَهُ، ثُمَّ دَعَا بِفَضْلِ أَزْوَادِهِمْ "، فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَجِيءُ بِكَفِّ ذُرَةٍ، وَيَجِيءُ الْآخَرُ بِكَفِّ تَمْرٍ، وَيَجِيءُ الْآخَرُ بِكِسْرَةٍ) (12) (وَذُو النَّوَى بِنَوَاهُ - قُلْتُ (13): وَمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ بِالنَّوَى؟ ، قَالَ: كَانُوا يَمُصُّونَهُ وَيَشْرَبُونَ عَلَيْهِ الْمَاءَ -) (14) (قَالَ: حَتَّى اجْتَمَعَ عَلَى النِّطَعِ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ يَسِيرٌ) (15) (قَالَ: فَتَطَاوَلْتُ لِأَحْزِرَهُ كَمْ هُوَ؟ ، فَحَزَرْتُهُ كَرَبْضَةِ الْعَنْزِ ، وَنَحْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً) (16) (" فَدَعَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَيْهِ بِالْبَرَكَةِ، ثُمَّ قَالَ: خُذُوا فِي أَوْعِيَتِكُمْ "، قَالَ: فَأَخَذُوا فِي أَوْعِيَتِهِمْ حَتَّى مَا تَرَكُوا فِي الْعَسْكَرِ وِعَاءً إِلَّا مَلَئُوهُ، وَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا ، وَفَضَلَتْ فَضْلَةٌ) (17) (" فَضَحِكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ (18)) (19)(ثُمَّ قَالَ: " أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللهِ (20)) (21)(لَا يَلْقَى اللهَ بِهِمَا عَبْدٌ غَيْرَ شَاكٍّ فِيهِمَا إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ ")(22)
وفي رواية: " لَا يَلْقَى اللهَ بِهِمَا عَبْدٌ غَيْرَ شَاكٍّ فِيهِمَا فَيُحْجَبَ عَن الْجَنَّةِ "(23)
وفي رواية: " لَا يَلْقَى اللهَ بِهِمَا عَبْدٌ غَيْرَ شَاكٍّ فِيهِمَا إِلَّا حُجِبَتْ عَنْهُ النَّارُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ "(24)
(1) أَيْ: فَنِيَ زَادُهُمْ (طعامهم). فتح الباري (ج 9 / ص 171)
(2)
النَّوَاضِح مِنْ الْإِبِل: الَّتِي يُسْتَقَى عَلَيْهَا. شرح النووي (ج 1 / ص 102)
(3)
لَيْسَ مَقْصُودُه مَا هُوَ الْمَعْرُوف مِنْ الِادِّهَان ، وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ: اِتَّخَذْنَا دُهْنًا مِنْ شُحُومِهَا. شرح النووي (ج1ص 102)
(4)
(م) 45 - (27) ، (خ) 2484
(5)
لِأَنَّ تَوَالِي الْمَشْيِ رُبَّمَا أَفْضَى إِلَى الْهَلَاك. فتح الباري (ج 9 / ص 171)
(6)
(خ) 2484
(7)
الْمُرَاد بِالظَّهْرِ هُنَا الدَّوَابّ، سُمِّيَتْ ظَهْرًا لِكَوْنِهَا يُرْكَب عَلَى ظَهْرهَا.
(8)
(م) 45 - (27) ، (خ) 2484
(9)
(خ) 2484
(10)
(م) 45 - (27) ، (حم) 11095
(11)
النِّطْع: بساط من جلد.
(12)
(م) 45 - (27)
(13)
السائل هو أَبُو صَالِح ، صاحبُ أبي هريرة.
(14)
(م) 44 - (27)
(15)
(م) 45 - (27) ، (خ) 2484
(16)
(م) 19 - (1729)
(17)
(م) 45 - (27) ، (خ) 2484
(18)
النواجذ: هي أواخُر الأسنان ، وقيل: التي بعد الأنياب.
(19)
(حم) 15487 ، وقال الأرناءوط: إسناده قوي ، وانظر الصحيحة تحت حديث: 3221
(20)
أَشَارَ إِلَى أَنَّ ظُهُورَ الْمُعْجِزَةِ مِمَّا يُؤَيِّدُ الرِّسَالَة. فتح الباري (ج 9 / ص 171)
(21)
(خ) 2484 ، (م) 27
(22)
(م) 44 - (27)
(23)
(م) 45 - (27)
(24)
(حم) 15487
(خ م س حم)، وَعَنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ:(أَتَى عِتْبَانُ بْنُ مَالِكٍ رضي الله عنه وَهُوَ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنْ الْأَنْصَارِ - رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ ، قَدْ أَنْكَرْتُ بَصَرِي (1) وَأَنَا أُصَلِّي لِقَوْمِي ، فَإِذَا كَانَتْ الْأَمْطَارُ سَالَ الْوَادِي الَّذِي بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ ، فَلَمْ أَسْتَطِعْ أَنْ آتِيَ مَسْجِدَهُمْ فَأُصَلِّيَ بِهِمْ ، فَوَدِدْتُ يَا رَسُولَ اللهِ أَنَّكَ تَأْتِينِي فَتُصَلِّيَ فِي بَيْتِي ، فَأَتَّخِذَهُ مُصَلًّى ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" سَأَفْعَلُ إِنْ شَاءَ اللهُ "، قَالَ عِتْبَانُ:" فَغَدَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه حِينَ ارْتَفَعَ النَّهَارُ ، فَاسْتَاذَنَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأَذِنْتُ لَهُ) (2) (فَلَمْ يَجْلِسْ حَتَّى قَالَ: أَيْنَ تُحِبُّ أَنْ أُصَلِّيَ مِنْ بَيْتِكَ؟ ") (3)(فَأَشَرْتُ لَهُ إِلَى نَاحِيَةٍ مِنْ الْبَيْتِ ، " فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَكَبَّرَ ")(4)(وَصَفَفْنَا خَلْفَهُ " فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ)(5)(ثُمَّ سَلَّمَ " ، وَسَلَّمْنَا حِينَ سَلَّمَ)(6)(فَحَبَسْتُهُ (7) عَلَى خَزِيرَةٍ (8) تُصْنَعُ لَهُ) (9)(فَتَسَامَعَتْ الْأَنْصَارُ بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَيْتِي فَأَتَوْهُ)(10)(حَتَّى كَثُرَ الرِّجَالُ فِي الْبَيْتِ)(11)(وَتَخَلَّفَ رَجُلٌ مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ: مَالِكُ بْنُ الدُّخْشُنِ ، وَكَانَ يُزَنُّ بِالنِّفَاقِ (12)) (13)(فَقَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ: أَيْنَ مَالِكُ بْنُ الدُّخْشُنِ؟ ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: ذَاكَ مُنَافِقٌ لَا يُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " لَا تَقُلْ ذَلِكَ ، أَلَا تَرَاهُ قَدْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ ، يُرِيدُ بِذَلِكَ وَجْهَ اللهِ؟ " ، فَقَالَ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ)(14)(أَمَّا نَحْنُ فَوَاللهِ لَنَرَى)(15)(وَجْهَهُ (16) وَنَصِيحَتَهُ إِلَى الْمُنَافِقِينَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" إِنَّ اللهَ قَدْ حَرَّمَ عَلَى النَّارِ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ ، يَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللهِ ") (17) وفي رواية (18): " لَنْ يُوَافِيَ عَبْدٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَقُولُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ يَبْتَغِي بِهِ وَجْهَ اللهِ ، إِلَّا حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ النَّارَ "
وفي رواية (19): " لَا يَشْهَدُ أَحَدٌ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ ، وَأَنِّي رَسُولُ اللهِ فَيَدْخُلَ النَّارَ ، أَوْ تَطْعَمَهُ "
وفي رواية (20): " مَنْ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللهِ، فَلَنْ تَطْعَمَهُ النَّارُ ، أَوْ قَالَ: لَنْ يَدْخُلَ النَّارَ (21) "
(1) أَيْ: أَصَابَنِي فِي بَصَرِي شيْءِ.
(2)
(خ) 415 ، (م) 33 ، (جة) 755
(3)
(خ) 840 ، (م) 33
(4)
(خ) 415 ، (م) 33
(5)
(خ) 414 ، (م) 33
(6)
(خ) 840 ، (م) 33
(7)
أَيْ: مَنَعْتُهُ مِنْ الرُّجُوعِ. فتح الباري (ج 2 / ص 145)
(8)
(الْخَزِيرَة): تُصْنَعُ مِنْ لَحْمٍ يُقَطَّعُ صِغَارًا ، ثُمَّ يُصَبُّ عَلَيْهِ مَاءٌ كَثِيرٌ، فَإِذَا نَضِجَ ذُرَّ عَلَيْهِ الدَّقِيق، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ لَحْمٌ ، فَهُوَ عَصِيدَة. (فتح2/ 145)
(9)
(خ) 1130 ، (م) 33
(10)
(حم) 16528 ، (خ) 1186
(11)
(خ) 1186 ، (م) 33
(12)
فلانٌ يُزَنُّ بكذا وكذا ، أَيْ: يُتَّهَمُ بِه. لسان العرب - (ج 13 / ص 200)
(13)
(حم) 16528
(14)
(خ) 415 ، (م) 33
(15)
(خ) 1186 ، (م) 33
(16)
أَيْ: تَوَجُّهَهُ. فتح الباري (ج 2 / ص 145)
(17)
(خ) 415 ، (م) 33
(18)
(خ) 6422
(19)
(م) 54 - (33)
(20)
(حم) 12407 ، وقال الشيخ شعيب الأرناءوط: إسناده صحيح.
(21)
قَالَ مَعْمَرٌ: فَكَانَ الزُّهْرِيُّ إِذَا حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ قَالَ: ثُمَّ نَزَلَتْ بَعْدَ ذَلِكَ فَرَائِضُ وَأُمُورٌ نَرَى أَنَّ الْأَمْرَ انْتَهَى إِلَيْهَا ، فَمَنْ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا يَغْتَرَّ فَلَا يَغْتَرَّ. (م) 264 - (33) ، (حم) 23821
قال الحافظ في الفتح (1/ 522): وَفِي كَلَامِهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ نَزَلَ فَرْضُهَا قَبْل هَذِهِ الْوَاقِعَة قَطْعًا، وَظَاهِرُهُ يَقْتَضِي أَنَّ تَارِكَهَا لَا يُعَذَّبُ إِذَا كَانَ مُوَحِّدًا وَقِيلَ: الْمُرَادُ أَنَّ مَنْ قَالَهَا مُخْلِصًا ، لَا يَتْرُكُ الْفَرَائِضَ ، لِأَنَّ الْإِخْلَاصَ يَحْمِلُ عَلَى أَدَاءِ اللَّازِمِ. وَتُعُقِّبَ بِمَنْعِ الْمُلَازَمَةِ.
وَقِيلَ: الْمُرَادُ: تَحْرِيمُ التَّخْلِيدِ ، أَوْ تَحْرِيمُ دُخُولِ النَّارِ الْمُعَدَّةِ لِلْكَافِرِينَ ، لَا الطَّبَقَةِ الْمُعَدَّةِ لِلْعُصَاةِ.
وَقِيلَ: الْمُرَادُ تَحْرِيمُ دُخُولِ النَّارِ ، بِشَرْطِ حُصُولِ قَبُولِ الْعَمَلِ الصَّالِحِ ، وَالتَّجَاوُزِ عَنِ السَّيِّئِ ، وَاللهُ أَعْلَمُ.
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفَوَائِدِ: أَنَّهُ كَانَ فِي الْمَدِينَةِ مَسَاجِدُ لِلْجَمَاعَةِ سِوَى مَسْجِدِهِ صلى الله عليه وسلم وَالتَّخَلُّفُ عَنِ الْجَمَاعَةِ فِي الْمَطَرِ وَالظُّلْمَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ ، وَاتِّخَاذُ مَوْضِعٍ مُعَيَّنٍ لِلصَّلَاةِ ، وَأَمَّا النَّهْيُ عَنْ إِيطَانِ مَوْضِعٍ مُعَيَّنٍ مِنَ الْمَسْجِدِ ، فَفِيهِ حَدِيثٌ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إِذَا اسْتَلْزَمَ رِيَاءً وَنَحْوَهُ ، وَفِيهِ تَسْوِيَةُ الصُّفُوفِ ، وَأَنَّ عُمُومَ النَّهْيِ عَنْ إِمَامَةِ الزَّائِرِ مَنْ زَارَهُ مَخْصُوصٌ بِمَا إِذَا كَانَ الزَّائِرُ هُوَ الْإِمَامَ الْأَعْظَمَ ، فَلَا يُكْرَهُ ، وَكَذَا مَنْ أَذِنَ لَهُ صَاحِبُ الْمَنْزِلِ ،
وَفِيهِ إِجَابَةُ الْفَاضِلِ دَعْوَةَ الْمَفْضُولِ ، وَالتَّبَرُّكُ بِالْمَشِيئَةِ ، وَالْوَفَاءُ بِالْوَعْدِ وَاسْتِصْحَابُ الزَّائِرِ بَعْضَ أَصْحَابِهِ إِذَا عَلِمَ أَنَّ الْمُسْتَدْعِيَ لَا يَكْرَهُ ذَلِكَ ، وَالِاسْتِئْذَانُ عَلَى الدَّاعِي فِي بَيْتِهِ ، وَإِنْ تَقَدَّمَ مِنْهُ طَلَبُ الْحُضُورِ ، وَأَنَّ اتِّخَاذَ مَكَانٍ فِي الْبَيْتِ لِلصَّلَاةِ لَا يَسْتَلْزِمُ وَقْفِيَّتَهُ ، وَلَوْ أُطْلِقَ عَلَيْهِ اسْمُ الْمَسْجِدِ ، وَفِيهِ اجْتِمَاعُ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ عَلَى الْإِمَامِ أَوِ الْعَالِمِ إِذَا وَرَدَ منزل بَعضهم ليستفيدوا مِنْهُ ، وَالتَّنْبِيهُ عَلَى مَنْ يُظَنُّ بِهِ الْفَسَادُ فِي الدِّينِ عِنْدَ الْإِمَامِ عَلَى جِهَةِ النَّصِيحَةِ ، وَلَا يُعَدُّ ذَلِكَ غِيبَةً ، وَأَنَّ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَتَثَبَّتَ فِي ذَلِكَ ، وَيَحْمِلَ الْأَمْرَ فِيهِ عَلَى الْوَجْهِ الْجَمِيلِ وَفِيهِ افْتِقَادُ مَنْ غَابَ عَنِ الْجَمَاعَةِ بِلَا عُذْرٍ ، وَأَنَّهُ لَا يَكْفِي فِي الْإِيمَانِ النُّطْقُ مِنْ غَيْرِ اعْتِقَادٍ ، وَأَنَّهُ لَا يُخَلَّدُ فِي النَّارِ مَنْ مَاتَ عَلَى التَّوْحِيدِ.
وَتَرْجَمَ عَلَيْهِ الْبُخَارِيُّ غَيْرَ تَرْجَمَةِ الْبَابِ وَالَّذِي قَبْلَهُ: الرُّخْصَةَ فِي الصَّلَاةِ فِي الرِّحَالِ عِنْدَ الْمَطَرِ ، وَصَلَاةِ النَّوَافِلِ جَمَاعَةً ، وَسَلَامِ الْمَامُومِ حِينَ يُسَلِّمُ الْإِمَامُ ، وَأَنَّ رَدَّ السَّلَامِ عَلَى الْإِمَامِ لَا يَجِبُ ، وَأَنَّ الْإِمَامَ إِذَا زَارَ قَوْمًا أَمَّهُمْ ، وَشُهُودَ عِتْبَانَ بَدْرًا ، وَأَكْلَ الْخَزِيرَةِ ، وَأَنَّ الْعَمَلَ الَّذِي يُبْتَغَى بِهِ وَجْهُ اللهِ تَعَالَى يُنَجِّي صَاحِبَهُ إِذَا قَبِلَهُ اللهُ تَعَالَى ، وَأَنَّ مَنْ نَسَبَ مَنْ يُظْهِرُ الْإِسْلَامَ إِلَى النِّفَاقِ وَنَحْوِهِ بِقَرِينَةٍ تَقُومُ عِنْدَهُ ، لَا يَكْفُرُ بِذَلِكَ وَلَا يَفْسُقُ ، بَلْ يُعْذَرُ بِالتَّاوِيلِ.
(خ م س حم)، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (" إِذَا أَسْلَمَ الْعَبْدُ فَحَسُنَ إِسْلَامُهُ (1) كَتَبَ اللهُ لَهُ كُلَّ حَسَنَةٍ كَانَ أَزْلَفَهَا (2) وَمُحِيَتْ عَنْهُ كُلُّ سَيِّئَةٍ كَانَ أَزْلَفَهَا ، ثُمَّ كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ الْقِصَاصُ (3)) (4)(فَكُلُّ حَسَنَةٍ يَعْمَلُهَا تُكْتَبُ لَهُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا ، إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ (5) وَكُلُّ سَيِّئَةٍ يَعْمَلُهَا تُكْتَبُ لَهُ بِمِثْلِهَا) (6)
(إِلَّا أَنْ يَتَجَاوَزَ اللهُ عَنْهَا (7)) (8)(حَتَّى يَلْقَى اللهَ ")(9)
(1) أَيْ: صَارَ إِسْلَامُهُ حَسَنًا بِاعْتِقَادِهِ وَإِخْلَاصِهِ ، وَدُخُولِهِ فِيهِ بِالْبَاطِنِ وَالظَّاهِرِ ، وَأَنْ يَسْتَحْضِرَ عِنْدَ عَمَلِهِ قُرْبَ رَبِّهِ مِنْهُ ، وَاطِّلَاعَهُ عَلَيْهِ ، كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ تَفْسِيرُ الْإِحْسَانِ فِي حَدِيثِ سُؤَالِ جِبْرِيلَ. (فتح الباري - ح41)
(2)
(أَزْلَفَ) أَيْ: أَسْلَفَ وَقَدَّمَ ، قَالَ النَّوَوِيّ: الصَّوَابُ الَّذِي عَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ - بَلْ نَقَلَ بَعْضهمْ فِيهِ الْإِجْمَاع - أَنَّ الْكَافِر إِذَا فَعَلَ أَفْعَالًا جَمِيلَة ، كَالصَّدَقَةِ وَصِلَة الرَّحِم ، ثُمَّ أَسْلَمَ وَمَاتَ عَلَى الْإِسْلَام ، أَنَّ ثَوَاب ذَلِكَ يُكْتَب لَهُ. اِنْتَهَى.
وَالْحَقّ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كِتَابَةِ الثَّوَابِ لِلْمُسْلِمِ فِي حَال إِسْلَامِهِ تَفَضُّلًا مِنْ اللهِ وَإِحْسَانًا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِكَوْنِ عَمَلِهِ الصَّادِرِ مِنْهُ فِي الْكُفْرِ مَقْبُولًا، وَالْحَدِيثُ إِنَّمَا تَضَمَّنَ كِتَابَةَ الثَّوَابِ ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْقَبُولِ.
وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْقَبُولُ يَصِيرُ مُعَلَّقًا عَلَى إِسْلَامِهِ ، فَيُقْبَلُ وَيُثَابُ إِنْ أَسْلَمَ ، وَإِلَّا فَلَا، وَهَذَا قَوِيّ، وَقَدْ جَزَمَ بِمَا جَزَمَ بِهِ النَّوَوِيُّ إِبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيّ وَابْنُ بَطَّال ، وَغَيْرُهُمَا مِنْ الْقُدَمَاء ، وَالْقُرْطُبِيُّ وَابْنُ الْمُنِيرِ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ.
وَقَالَ اِبْن بَطَّال: للهِ أَنْ يَتَفَضَّل عَلَى عِبَادِهِ بِمَا شَاءَ ، وَلَا اِعْتِرَاضَ لِأَحَدٍ عَلَيْهِ.
وَاسْتَدَلَّ غَيْرُهُ بِأَنَّ مَنْ آمَنَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَاب يُؤْتَى أَجْرَهُ مَرَّتَيْنِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ وَالْحَدِيثُ الصَّحِيح، وَهُوَ لَوْ مَاتَ عَلَى إِيمَانِهِ الْأَوَّل ، لَمْ يَنْفَعْهُ شَيْءٌ مِنْ عَمَلِهِ الصَّالِح، بَلْ يَكُونُ هَبَاءً مَنْثُورًا. فَدَلَّ عَلَى أَنَّ ثَوَابَ عَمَلِهِ الْأَوَّل يُكْتَبُ لَهُ مُضَافًا إِلَى عَمَلِهِ الثَّانِي، وَبِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا سَأَلَتْهُ عَائِشَةُ عَنْ اِبْن جُدْعَانَ ، وَمَا كَانَ يَصْنَعُهُ مِنْ الْخَيْرِ ، هَلْ يَنْفَعُهُ؟ ، فَقَالَ " إِنَّهُ لَمْ يَقُلْ يَوْمًا: رَبِّ اِغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّين "، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ قَالَهَا بَعْد أَنْ أَسْلَمَ، نَفَعَهُ مَا عَمِلَهُ فِي الْكُفْر. (فتح-ح41)
(3)
أَيْ: كِتَابَةُ الْمُجَازَاةِ فِي الدُّنْيَا. (فتح الباري - ح41)
(4)
(س) 4998
(5)
وَزَعَمَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ أَنَّ التَّضْعِيفَ لَا يَتَجَاوَزُ سَبْعمِائَةٍ، وَرُدَّ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالله يُضَاعِف لِمَنْ يَشَاء} وَالْآيَة مُحْتَمِلَة لِلْأَمْرَيْنِ، فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يُضَاعِفُ تِلْكَ الْمُضَاعَفَةِ ، بِأَنْ يَجْعَلَهَا سَبْعمِائَةٍ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ يُضَاعِفُ السَّبْعمِائَةِ بِأَنْ يَزِيدَ عَلَيْهَا.
وَالْمُصَرِّحُ بِالرَّدِّ عَلَيْهِ حَدِيثُ اِبْنُ عَبَّاس عِنْد (خ) 6126: " مَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا ، كَتَبَهَا اللهُ لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً ، فَإِنْ هُوَ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللهُ لَهُ عِنْدَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ ، إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ ، إِلَى أَضْعَافٍ كَثِيرَةٍ ". (فتح الباري - ح41)
(6)
(خ) 2442 ، (م) 129
(7)
وفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى الْخَوَارِج وَغَيْرِهِمْ مِنْ الْمُكَفِّرِينَ بِالذُّنُوبِ ، وَالْمُوجِبِينَ لِخُلُودِ الْمُذْنِبِينَ فِي النَّار، فَأَوَّلُ الْحَدِيثِ يَرُدُّ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ الزِّيَادَةَ وَالنَّقْصَ فِي الْإِيمَان ، لِأَنَّ الْحُسْنَ تَتَفَاوَتُ دَرَجَاتُه، وَآخِرُه يَرُدُّ عَلَى الْخَوَارِج وَالْمُعْتَزِلَة. (فتح الباري - ح41)
(8)
(س) 4998
(9)
(م) 205 - (129) ، (حم) 8201