المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌قدرة الملائكة على التشكل - الجامع الصحيح للسنن والمسانيد - جـ ١

[صهيب عبد الجبار]

فهرس الكتاب

- ‌(1) شَرَف أصحاب الحديث

- ‌(2) مُقَدِّمَة المؤلف

- ‌أَقْوَالُ الْعُلَمَاءِ فِي جَمْعِ أَسَانِيدِ الْأَحَادِيثِ وَمُتُونِهَا

- ‌مُحَاوَلَاتُ الْعُلَمَاءِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا جَمْعَ طُرُقِ الْحَدِيثِ فِي مَتْنٍ وَاحِد

- ‌منهج العمل في هذا الكتاب

- ‌طريقة شرح الحديث في الأجزاء الفقهية:

- ‌ طريقة البحث:

- ‌مَيِّزَاتُ الْجَامِعِ الصَّحِيحِ لِلسُّنَنِ وَالْمَسَانِيد

- ‌أقسام الكتاب

- ‌مفاتيح الرموز

- ‌كِتَابُ الْعَقِيدَة الأول

- ‌(1) الْإسْلَام

- ‌عُلُوُّ الْإسْلَام

- ‌الْمُؤمِنُ عَزِيزٌ عَلَى الله

- ‌أَرْكَانُ الْإِسْلَام

- ‌إسْلَامُ قَائِلِ الشَّهَادَتَيْن

- ‌الْإقْرَارُ بالشَّهَادَتَيْنِ يَعْصِمُ الدَّمَ وَالْمَالَ إِلَّا بِحَقِّ الْإِسْلَام

- ‌نَجَاةُ الْمُوَحِّدِينَ مِنَ الْخُلُودِ فِي النَّار

- ‌(2) اَلْإيمَان

- ‌أَرْكَانُ الْإيمَان

- ‌الْإِيمَانُ بِالله

- ‌تَنْزِيهُ الرَّبِ سُبْحَانَهُ عَنِ اتِّخَاذِ الشَّرِيكِ وَالْوَلَد

- ‌عَدَدُ أَسْمَاءِ اللهِ عز وجل

- ‌بَعْضُ صِفَاتِ الرَّبِّ عز وجل

- ‌غِنَى الرَّبِ عز وجل عَنْ خَلْقِه

- ‌عَظَمَةُ عَرْشِ الرَّبِّ سُبْحَانَهُ وَسَعَةُ كُرْسِيِّه

- ‌عُلُوُّ الرَّبِّ عز وجل عَلَى خَلْقِه

- ‌تَفَرُّدُ الرَّبِّ عز وجل بِالْقُدْرَةِ عَلَى الْخَلْق

- ‌تَفَرُّدُ الرَّبِّ عز وجل بِمَعْرِفَةِ الْغَيْب

- ‌سَعَةُ رَحْمَةِ اللهِ وَمَغْفِرَتِه

- ‌غَيْرَةُ الرَّبِّ عز وجل

- ‌صَبْرُ الرَّبِّ عز وجل

- ‌قُرْبُ الرَّبِّ عز وجل مِنْ عِبَادِه

- ‌الرَّبُّ عز وجل سِتِّيرٌ يُحِبُّ السَّتْر

- ‌مَحَبَّةُ الرَّبِّ عز وجل لِلْمَدْح

- ‌مَحَبَّةُ الرَّبِّ عز وجل لِأَوْلِيَائِهِ ، وَتَايِيدِهِ لَهُمْ بِنُصْرَتِهِ وَمَعِيَّتِه

- ‌استجابةُ اللهِ سَبْحَانَهُ لِدُعَاءِ عِبَادِه

- ‌حُسْنُ الظَّنِّ بِاللهِ تَعَالَى بِالرَّجَاء

- ‌كَرَاهِيَةُ الرَّبِّ لِقُنُوطِ عِبَادِهِ مِنْ رَحْمَتِه

- ‌كَرَاهِيَةُ الرَّبِّ لِلشِّرْك

- ‌كَرَاهِيَةُ الرَّبِّ لِلظُّلم

- ‌رُؤْيَةُ الْمُؤْمِنِينَ لِلهِ يَوْمَ الْقِيَامَة

- ‌بَدْءُ الْخَلْق

- ‌الحِكْمَةُ مِن إِيجَادِ الخَلْق

- ‌كَيْفِيَّةُ بَدْءِ الْخَلْق

- ‌الْإِيمَانُ بِالْمَلَائِكَة

- ‌وُجُوبُ الْإِيمَانِ بِالْمَلَائِكَة

- ‌صِفَةُ خَلْقِ الْمَلَائِكَة

- ‌خَصَائِصُ الْمَلَائِكَة

- ‌طَهَارَةُ الْمَلَائِكَة

- ‌جَمَالُ صُوَرِ بَعْضِهِم

- ‌الْمَلَائِكَةُ لَيْسُوا إنَاثًا

- ‌الْمَلَائِكَةُ لا يَأكُلُونَ الطَّعَامَ

- ‌قُدْرَةُ الْمَلَائِكَةِ عَلَى التَّشَكُّل

- ‌نُزُولُ جِبْرِيلَ فِي صُورَةِ دِحْيَة الْكَلْبِيّ

- ‌بَعْضُ الْمَخْلُوقَاتِ تَرَى الْمَلَائِكَة

- ‌ضَخَامَةُ أَحْجَامِهِم

- ‌الْمَلَائِكَة لَهَا أَجْنِحَة

- ‌قُوَّةُ الْمَلَائِكَة

- ‌الْمَلَائِكَةُ لَا يَعْصُونَ اللهَ مُطْلَقًا

- ‌الْمَلَائِكَةُ يَخَافُونَ كَثِيرًا مِنَ الله

- ‌الْمَلَائِكَةُ لَا يَدْخُلُونَ بَيْتًا فِيهِ كَلْب

- ‌الْمَلَائِكَةُ لَا يَدْخُلُونَ بَيْتًا فِيهِ صُورَة

- ‌الْمَلَائِكَةُ لَا يَدْخُلُونَ بَيْتًا فِيهِ جَرَس

- ‌الْمَلَائِكَةُ لَا يَدْخُلُونَ بَيْتًا فِيهِ بَوْلٌ مُنْتَقِع

- ‌الْمَلَائِكَةُ لَا يَصْحَبُونَ رُفْقَةً فِيهَا كَلْبٌ وَلَا جَرَسٌ وَلَا جِلْدُ نَمِرٍ

- ‌الْمَلَائِكَةُ لَا يَقْرَبُونَ الْجُنُب

- ‌الْمَلَائِكَةُ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ الْإنْسَان

- ‌نُزُولُ الْمَلَائِكَةِ فِي الْعِنَان

- ‌تَكْلِيمُ الرَّبِّ سُبْحَانَهُ لِلْمَلَائِكَة

- ‌جِبْرِيلُ عليه السلام

- ‌صِفَةُ جِبْرِيل

- ‌تَكْلِيمُ الرَّبِّ سُبْحَانَهُ لِجِبْرِيل

- ‌تسميةُ جبريلَ بالرُّوح

- ‌لِقَاءُ جِبْرِيلَ فِي بَدْءِ الْوَحْي

- ‌حُبُّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِقَاءَ جِبْرِيل

- ‌عَرْضُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الْقُرْآنَ عَلَى جِبْرِيلَ فِي رَمَضَان

- ‌تَعْلِيمُ جِبْرِيلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أُمُورَ الدِّين

- ‌عَدَاوَةُ الْيَهُودِ لِجِبْرِيل

- ‌وَظَائِفُ الْمَلَائِكَة

- ‌مِنْ وَظَائِفِ الْمَلَائِكَةِ تَبْلِيغُ رِسَالَاتِ اللَه

- ‌مِنْ وَظَائِفِ الْمَلَائِكَةِ كِتَابَةُ الْأَعْمَال

- ‌دُعَاءُ الْمَلَائكَةِ لِلْمُسْلِمِين

- ‌مُشَارَكَةُ الْمَلَائكَةِ الْمُؤمِنِينَ فِي الصَّلَوَات

- ‌مُشَارَكَةُ الْمَلَائكَةِ الْمُؤمِنِينَ فِي الْقِتَال

- ‌مِنْ وَظَائِفِ الْمَلَائِكَةِ إرْشَادُ الْمُسْلِمِ إلَى طَرِيقِ الْحَقّ

- ‌مِنْ وَظَائِفِ الْمَلَائِكَةِ التَّسْبِيحُ وَالتَّقْدِيسُ وَالصَّلَاة

- ‌مِنْ وَظَائِفِ الْمَلَائِكَةِ قَبْضُ أَرْوَاحِ الْبَشَرِ ، وَسُؤالِهِمْ فِي الْقَبْرِ ، وَتَعْذِيبِ الْعُصَاةِ والْكَفَرَة مِنْهُم

- ‌مِنْ وَظَائِفِ الْمَلَائِكَةِ تَشْيِيعُ جَنَائِزِ الصَّالِحِينَ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِم

- ‌الْإيمَانُ بِالْجِنّ

- ‌هَل الْجِنُّ يَمُوتُون

- ‌عَدَاوَةُ الشَّيْطَانِ لِلْإنسَان

- ‌وَسْوَسَةُ الشَّيْطَان

- ‌دُخُولُ الْجِنِّ فِي الْإنْسَانِ مِنْ حِينِ وِلَادَتِه

- ‌تَلَبُّس الْجِنّ بِالْآدَمِيِّ

- ‌أَمْرُ الْجِنِّيِّ بِالْخُرُوج

- ‌تَسَلُّطُ الشَّيْطَانِ عَلَى الْإِنْسَانِ عِنْدَ الْمَوْت

- ‌ظُهُورُ الْجِنِّ لِلْإنْسَانِ وَقُدْرَتِهِمْ عَلَى التَّشَكُّل

- ‌اسْتِرَاقُ الْجِنِّ السَّمْعَ مِنَ السَّمَاء

- ‌الْوِقَايَةُ مِنَ الشَّيَاطِين

- ‌الْإِيمَانُ بِالْكُتُبِ السَّمَاوِيَّة

- ‌الْإيمَانُ بِالرُّسُل

- ‌وُجُوبُ الْإيمَانِ بِالرُّسُل

- ‌الأنْبِيَاءُ دِينُهُمْ وَاحِد

- ‌وُجُوبُ اتِّباعِ الرُّسُل

- ‌نَماذِجُ مِن تَمَسُّكِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ بِإحْسَانٍ بِسُنَّتِه صلى الله عليه وسلم

- ‌رُجُوعُ الصَّحَابَةِ عَنْ آرائِهِمْ لَمَّا عَلِمُوا أَنَّهَا مُخَالِفَةٌ لِسُنَّةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌عَدَدُ الْأَنْبِيَاءِ وَالرُّسُل

- ‌صِفَاتٌ خَاصَّةٌ بِالْأَنْبِيَاء

- ‌الْأَنْبِيَاءُ لَا تُورَث

- ‌أَسْمَاؤُهُ صلى الله عليه وسلم

- ‌صِفَتُهُ صلى الله عليه وسلم فِي الْكُتُبِ السَّابِقَة

- ‌تَفْضِيلُهُ صلى الله عليه وسلم عَلَى سَائِرِ الْأَنْبِيَاء

- ‌دَلَائِلُ نُبُوَّتِهِ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ الْبِعْثَة

- ‌دَلَائِلُ نُبُوَّتِهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ الْبِعْثَة

- ‌انْشِقَاقُ الْقَمَرِ بِدُعَائِه صلى الله عليه وسلم

- ‌قُدُومُ الشَّجَرِ إلَيْه صلى الله عليه وسلم

- ‌إخْبَارُهُ صلى الله عليه وسلم بِمَا سَيَحْدُث

- ‌شِفَاءُ الْمَرْضَى بِبَرَكَتِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌تَكْثِيرُ الطَّعَامِ بِبَرَكَتِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌خُرُوجُ يَنَابِيعِ الْمَاءِ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌تَسْبِيحُ الْحَصَى بَيْنَ يَدَيْهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌تَسْلِيمُ الشَّجَرِ وَالْحَجَرِ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌مَعْرِفَةُ الْمَخْلُوقَاتِ بِنُبُوَّتِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌حَنِينُ الْجِذْعِ إلَيْهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌اسْتِجَابَةُ دُعَائِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌إسْرَاعُ الْخَيْلِ والْإِبِلِ بِبَرَكَتِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌حِمَايَةُ اللهِ لَهُ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَذَى الْخَلْق

- ‌طَيُّ الْأَرْضِ لَهُ صلى الله عليه وسلم

- ‌خُرُوجُ النَّخْلِ الَّذِي زَرَعَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ مِنْ عَامِه

- ‌إخْبَارُهُ صلى الله عليه وسلم بِبَعْضِ الْحَقَائِقِ الْعِلْمِيِّةِ الَّتِي لَمْ تُعْرَف إِلَّا فِي الْعَصْرِ الْحَدِيث

- ‌بَشَرِيَّتُه صلى الله عليه وسلم

الفصل: ‌قدرة الملائكة على التشكل

‌قُدْرَةُ الْمَلَائِكَةِ عَلَى التَّشَكُّل

قَالَ تَعَالَى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا ، فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا ، فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا ، فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا} (1)

وقَالَ تَعَالَى: {وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ ، وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ ، قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ ، فَاتَّقُوا اللهَ وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ ، قَالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ ، وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ ، قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ ، قَالُوا يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ ، لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ ، فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ} (2)

(1)[مريم/16، 17]

(2)

[هود: 77 - 81]

ص: 187

(خ م) ، وَعَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رضي الله عنها (1) أَنَّ الحَارِثَ بْنَ هِشَامٍ رضي الله عنه (2) سَأَلَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، كَيْفَ يَأْتِيكَ الْوَحْيُ (3)؟ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" أَحْيَانًا يَأْتِينِي مِثْلَ صَلْصَلَةِ الْجَرَسِ (4) وَهُوَ أَشَدُّهُ عَلَيَّ (5) فَيَفْصِمُ عَنِّي (6) وَقَدْ وَعَيْتُ عَنْهُ مَا قَالَ (7) وَأَحْيَانًا يَتَمَثَّلُ لِي الْمَلَكُ رَجُلًا (8) فَيُكَلِّمُنِي، فَأَعِي مَا يَقُولُ (9) "

قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها (10): وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ يَنْزِلُ عَلَيْهِ الْوَحْيُ فِي الْيَوْمِ الشَّدِيدِ الْبَرْدِ ، فَيَفْصِمُ عَنْهُ ، وَإِنَّ جَبِينَهُ لَيَتَفَصَّدُ (11) عَرَقًا " (12)

(1)(أُمّ الْمُؤْمِنِينَ) مَاخُوذٌ مِنْ قَوْله تَعَالَى {وَأَزْوَاجه أُمَّهَاتهمْ} (الأحزاب: 6) أَيْ: فِي الِاحْتِرَامِ وَتَحْرِيمِ نِكَاحِهِنَّ ، لَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا اخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى الرَّاجِحِ وَإِنَّمَا قِيلَ لِلْوَاحِدَةِ مِنْهُنَّ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ لِلتَّغْلِيبِ ، وَإِلَّا فَلَا مَانِعَ مِنْ أَنْ يُقَالَ لَهَا: أُمُّ الْمُؤْمِنَاتِ. فتح الباري لابن حجر (1/ 18)

(2)

هُوَ الْحَارِثُ بْنُ هِشَامٍ الْمَخْزُومِيِّ، أَخُو أَبِي جَهْل ، شَقِيقُهُ، أَسْلَمَ يَوْمَ الْفَتْح، وَكَانَ مِنْ فُضَلَاءِ الصَّحَابَة، وَاسْتُشْهِدَ فِي فُتُوح الشَّام. فتح الباري (1/ 18)

(3)

قَالَ الْكَرْمَانِيُّ: لَعَلَّ الْمُرَادَ مِنْهُ السُّؤَالُ عَنْ كَيْفِيَّةِ ابْتِدَاءِ الْوَحْيِ ، أَوْ عَنْ كَيْفِيَّةِ ظُهُورِ الْوَحْيِ. فتح الباري لابن حجر (1/ 19)

(4)

(الصَّلْصَلَةُ) فِي الْأَصْلِ: صَوْتُ وُقُوعِ الْحَدِيدِ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ ، ثُمَّ أُطْلِقَ عَلَى كُلِّ صَوْتٍ لَهُ طَنِينٌ.

فَإِنْ قِيلَ: الْمَحْمُودُ لَا يُشَبَّهُ بِالْمَذْمُومِ ، إِذْ حَقِيقَةُ التَّشْبِيهِ إِلْحَاقُ نَاقِصٍ بِكَامِلٍ ، وَالْمُشَبَّهُ الْوَحْيُ ، وَهُوَ مَحْمُودٌ ، وَالْمُشَبَّهُ بِهِ صَوْتُ الْجَرَسِ ، وَهُوَ مَذْمُومٌ ، لِصِحَّةِ النَّهْيِ عَنْهُ ، وَالتَّنْفِيرِ مِنْ مُرَافَقَةِ مَا هُوَ مُعَلَّقٌ فِيهِ ، وَالْإِعْلَامُ بِأَنَّهُ لَا تَصْحَبُهُمُ الْمَلَائِكَةُ ، كَمَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُمَا ، فَكَيْفَ يُشَبَّهُ مَا فَعَلَهُ الْمَلَكُ بِأَمْرٍ تَنْفِرُ مِنْهُ الْمَلَائِكَةُ؟.

وَالْجَوَابُ: أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ فِي التَّشْبِيهِ تَسَاوِي الْمُشَبَّهِ بِالْمُشَبَّهِ بِهِ فِي الصِّفَاتِ كُلِّهَا ، بَلْ وَلَا فِي أَخَصِّ وَصْفٍ لَهُ ، بَلْ يَكْفِي اشْتِرَاكُهُمَا فِي صِفَةٍ مَا ، فَالْمَقْصُودُ هُنَا بَيَانُ الْجِنْسِ ، فَذَكَرَ مَا أَلِفَ السَّامِعُونَ سَمَاعَهُ ، تَقْرِيبًا لِأَفْهَامِهِمْ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصَّوْتَ لَهُ جِهَتَانِ: جِهَةُ قُوَّةٍ ، وَجِهَةُ طَنِينٍ ، فَمِنْ حَيْثُ الْقُوَّةُ وَقَعَ التَّشْبِيهُ بِهِ ، وَمِنْ حَيْثُ الطَّرَبُ وَقَعَ التَّنْفِيرُ عَنْهُ ، وَعُلِّلَ بِكَوْنِهِ مِزْمَارُ الشَّيْطَانِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ النَّهْيُ عَنْهُ وَقَعَ بَعْدَ السُّؤَالِ الْمَذْكُورِ ، وَفِيهِ نَظَرٌ.

قِيلَ: وَالصَّلْصَلَةُ الْمَذْكُورَةُ صَوْتُ الْمَلَكِ بِالْوَحْيِ ، قَالَ الْخَطَّابِيُّ: يُرِيدُ أَنَّهُ صَوْتٌ مُتَدَارَكٌ ، يَسْمَعُهُ وَلَا يَتَبَيَّنُهُ أَوَّلَ مَا يَسْمَعُهُ حَتَّى يَفْهَمَهُ بَعْدُ.

وَقِيلَ: بَلْ هُوَ صَوْتُ حَفِيفِ أَجْنِحَةِ الْمَلَكِ ، وَالْحِكْمَةُ فِي تَقَدُّمِهِ أَنْ يَقْرَعَ سَمْعَهُ الْوَحْيُ ، فَلَا يَبْقَى فِيهِ مَكَانٌ لِغَيْرِهِ ، وَلَمَّا كَانَ الْجَرَسُ لَا تَحْصُلُ صَلْصَلَتُهُ إِلَّا مُتَدَارِكَةً ، وَقَعَ التَّشْبِيهُ بِهِ دُونَ غَيْرِهِ مِنَ الْآلَات. فتح الباري لابن حجر (1/ 20)

(5)

قَوْله: (وَهُوَ أَشَدّه عَلَيَّ) يُفْهَم مِنْهُ أَنَّ الْوَحْيَ كُلَّهُ شَدِيدٌ، وَلَكِنَّ هَذِهِ الصِّفَة أَشَدُّهَا ، وَهُوَ وَاضِح؛ لِأَنَّ الْفَهْمَ مِنْ كَلَامٍ مِثْلَ الصَّلْصَلَةِ أَشْكَلُ مِنْ الْفَهْمِ مِنْ كَلَامِ الرَّجُل بِالتَّخَاطُبِ الْمَعْهُود.

وقِيلَ: إِنَّهُ إِنَّمَا كَانَ يَنْزِلُ هَكَذَا إِذَا نَزَلَتْ آيَةُ وَعِيدٍ أَوْ تَهْدِيدٍ ، وَهَذَا فِيهِ نَظَرٌ ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ بِالْقُرْآنِ ، كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي حَدِيثِ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ فِي قِصَّةِ لَابِسِ الْجُبَّةِ الْمُتَضَمِّخِ بِالطِّيبِ فِي الْحَجِّ ، فَإِنَّ فِيهِ أَنَّهُ رَآهُ صلى الله عليه وسلم حَالَ نُزُولِ الْوَحْيِ عَلَيْهِ ، وَإِنَّهُ لَيَغِطُّ ، وَفَائِدَةُ هَذِهِ الشِّدَّةُ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الْمَشَقَّةِ من زِيَادَةِ الزُّلْفَى والدَّرَجَات. فَتْحِ (1/ 20)

(6)

أَيْ: يُقْلِعُ وَيَتَجَلَّى مَا يَغْشَانِي، وَيُرْوَى بِضَمِّ أَوَّلِهِ مِنَ الرُّبَاعِيِّ ، وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي ذَرٍّ: بِضَمِّ أَوَّلِهِ ، وَفَتْحِ الصَّاد ، عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ.

وَأَصْل الْفَصْم: الْقَطْع، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {لَا اِنْفِصَام لَهَا} [البقرة: 256].فَتْح (1/ 20 - 21)

(7)

أَيِ: وَعَيْتُ عَنْهُ الْقَوْلَ الَّذِي جَاءَ بِهِ. فتح الباري لابن حجر (1/ 21)

(8)

التَّمَثُّلُ مُشْتَقٌّ مِنَ الْمِثْلِ ، أَيْ: يَتَصَوَّرُ ، وَاللَّامُ فِي الْمَلَكِ لِلْعَهْدِ ، وَهُوَ جِبْرِيلُ وَقَدْ وَقَعَ التَّصْرِيحُ بِهِ فِي رِوَايَة ابن سَعْدٍ ، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمَلَكَ يَتَشَكَّلُ بِشَكْلِ الْبَشَرِ. فتح الباري لابن حجر (1/ 21)

(9)

قال الحافظ في الفتح (1/ 19 - 20): وَأُورِدَ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ الْحَدِيثُ وَهُوَ أَنَّ الْوَحْيَ مُنْحَصِرٌ فِي الْحَالَتَيْنِ ، حَالَاتٌ أُخْرَى ، إِمَّا مِنْ صِفَةِ الْوَحْيِ ، كَمَجِيئِهِ كَدَوِيِّ النَّحْلِ ، وَالنَّفْثِ فِي الرُّوْعِ ، وَالْإِلْهَامِ ، وَالرُّؤْيَا الصَّالِحَةِ ، وَالتَّكْلِيمِ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ بِلَا وَاسِطَةٍ ، وَإِمَّا مِنْ صِفَةِ حَامِلِ الْوَحْيِ ، كَمَجِيئِهِ فِي صُورَتِهِ الَّتِي خُلِقَ عَلَيْهَا لَهُ سِتُّمِائَةِ جَنَاحٍ ، وَرُؤْيَتِهِ عَلَى كُرْسِيٍّ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَقَدْ سَدَّ الْأُفُقَ. وَالْجَوَابُ: مَنْعُ الْحَصْرِ فِي الْحَالَتَيْنِ الْمُقَدَّمِ ذِكْرُهُمَا ، وَحَمْلُهُمَا عَلَى الْغَالِبِ ،

أَوْ حَمْلُ مَا يُغَايِرُهُمَا عَلَى أَنَّهُ وَقَعَ بَعْدَ السُّؤَالِ ، أَوْ لَمْ يَتَعَرَّضَ لِصِفَتَيِ الْمَلَكِ الْمَذْكُورَتَيْنِ لِنُدُورِهِمَا ، فَقَدْ ثَبَتَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهُ لَمْ يَرَهُ كَذَلِكَ إِلَّا مَرَّتَيْنِ ، أَوْ لَمْ يَاتِهِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ بِوَحْيٍ ، أَوْ أَتَاهُ بِهِ فَكَانَ عَلَى مِثْلِ صَلْصَلَةِ الْجَرَسِ ، فَإِنَّهُ بَيَّنَ بِهَا صِفَةَ الْوَحْي لَا صِفَةَ حَامِلِهِ ، وَأَمَّا فُنُونُ الْوَحْيِ ، فَدَوِيُّ النَّحْلِ لَا يُعَارِضُ صَلْصَلَةَ الْجَرَسِ ، لِأَنَّ سَمَاعَ الدَّوِيِّ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْحَاضِرِينَ ، كَمَا فِي حَدِيثِ عُمَرَ " يُسْمَعُ عِنْدَهُ كَدَوِيِّ النَّحْلِ " ، وَالصَّلْصَلَةِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَشَبَّهَهُ عُمَرُ بَدَوِيِّ النَّحْلِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى السَّامِعِينَ ، وَشَبَّهَهُ هُوَ صلى الله عليه وسلم بِصَلْصَلَةِ الْجَرَسِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَقَامِهِ ، وَأَمَّا النَّفْثُ فِي الرُّوْعِ ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى إِحْدَى الْحَالَتَيْنِ ، فَإِذَا أَتَاهُ الْمَلَكُ فِي مِثْلِ صَلْصَلَةِ الْجَرَسِ ، نَفَثَ حِينَئِذٍ فِي رُوْعِهِ ، وَأَمَّا الْإِلْهَامُ ، فَلَمْ يَقَعِ السُّؤَالُ عَنْهُ ، لِأَنَّ السُّؤَالَ وَقَعَ عَنْ صِفَةِ الْوَحْيِ الَّذِي يَأْتِي بِحَامِلٍ ، وَكَذَا التَّكْلِيمُ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ ، وَأما الرُّؤْيَا الصَّالِحَة ، فَقَالَ ابن بَطَّالٍ: لَا تَرِدُ ، لِأَنَّ السُّؤَالَ وَقَعَ عَمَّا يَنْفَرِدُ بِهِ عَنِ النَّاسِ ، لِأَنَّ الرُّؤْيَا قَدْ يَشْرَكُهُ فِيهَا غَيْرُهُ انتهى.

وَالرُّؤْيَا الصَّادِقَةُ وَإِنْ كَانَتْ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ ، فَهِيَ بِاعْتِبَارِ صِدْقِهَا لَا غَيْرُ ، وَإِلَّا لَسَاغَ لِصَاحِبِهَا أَنْ يُسَمَّى نَبِيًّا ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ.

(10)

قال الحافظ في الفتح (1/ 21): قَوْلُهُ (قَالَتْ عَائِشَةُ) هُوَ بِالْإِسْنَادِ الَّذِي قَبْلَهُ وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ حَرْفِ الْعَطْفِ ، كَمَا يَسْتَعْمِلُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ كَثِيرًا ، وَحَيْثُ يُرِيدُ التَّعْلِيقَ يَأْتِي بِحَرْفِ الْعَطْفِ ، وَنُكْتَةُ هَذَا الِاقْتِطَاعِ هُنَا ، اخْتِلَافُ التَّحَمُّلِ ، لِأَنَّهَا فِي الْأَوَّلِ أَخْبَرَتْ عَنْ مَسْأَلَةِ الْحَارِثِ ، وَفِي الثَّانِي أَخْبَرَتْ عَمَّا شَاهَدَتْ تَايِيدًا لِلْخَبَرِ الْأَوَّلِ.

(11)

قَوْلُهُ (لَيَتَفَصَّدُ) مَاخُوذٌ مِنَ الْفَصْدِ ، وَهُوَ قَطْعُ الْعِرْقِ لِإِسَالَةِ الدَّمِ ، شُبِّهَ جَبِينُهُ بِالْعِرْقِ الْمَفْصُودِ ، مُبَالَغَةً فِي كَثْرَةِ الْعَرَقِ.

وَفِي قَوْلِهَا فِي " الْيَوْمِ الشَّدِيدِ الْبَرْدِ " دِلَالَةٌ عَلَى كَثْرَةِ مُعَانَاةِ التَّعَبِ وَالْكَرْبِ عِنْدَ نُزُولِ الْوَحْيِ ، لِمَا فِيهِ مِنْ مُخَالَفَةِ الْعَادَةِ ، وَهُوَ كَثْرَةُ الْعَرَقِ فِي شِدَّةِ الْبَرْدِ ، فَإِنَّهُ يُشْعِرُ بِوُجُودِ أَمْرٍ طَارِئٍ زَائِدٍ عَلَى الطِّبَاعِ الْبَشَرِيَّةِ.

(12)

(خ) 2 ، (م) 87 - (2333) ، (ت) 3634 ، (س) 933 ، (حم) 25291

ص: 188

(خ م)، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (" إِنَّ ثَلَاثَةً فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ: أَبْرَصَ (1) وَأَقْرَعَ وَأَعْمَى أَرَادَ اللهُ أَنْ يَبْتَلِيَهُمْ (2) فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ مَلَكًا، فَأَتَى الْأَبْرَصَ فَقَالَ: أَيُّ شَيْءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟، قَالَ: لَوْنٌ حَسَنٌ ، وَجِلْدٌ حَسَنٌ ، وَيَذْهَبُ عَنِّي الَّذِي قَدْ قَذِرَنِي (3) النَّاسُ، فَمَسَحَهُ (4) فَذَهَبَ عَنْهُ قَذَرُهُ، وَأُعْطِيَ لَوْنًا حَسَنًا وَجِلْدًا حَسَنًا، قَالَ: فَأَيُّ الْمَالِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟، قَالَ: الْإِبِلُ ، فَأُعْطِيَ نَاقَةً عُشَرَاءَ (5) فَقَالَ: بَارَكَ اللهُ لَكَ فِيهَا، فَأَتَى الْأَقْرَعَ فَقَالَ: أَيُّ شَيْءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ ، قَالَ: شَعَرٌ حَسَنٌ، وَيَذْهَبُ عَنِّي هَذَا الَّذِي قَدْ قَذِرَنِي النَّاسُ فَمَسَحَهُ فَذَهَبَ عَنْهُ ، وَأُعْطِيَ شَعَرًا حَسَنًا، قَالَ: فَأَيُّ الْمَالِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟، قَالَ: الْبَقَرُ، فَأُعْطِيَ بَقَرَةً حَامِلًا ، فَقَالَ: بَارَكَ اللهُ لَكَ فِيهَا، فَأَتَى الْأَعْمَى فَقَالَ: أَيُّ شَيْءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟، قَالَ: أَنْ يَرُدَّ اللهُ إِلَيَّ بَصَرِي ، فَأُبْصِرَ بِهِ النَّاسَ، فَمَسَحَهُ (6) فَرَدَّ اللهُ إِلَيْهِ بَصَرَهُ، قَالَ: فَأَيُّ الْمَالِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟، قَالَ: الْغَنَمُ، فَأُعْطِيَ شَاةً وَالِدًا (7) فَأَنْتَجَ هَذَانِ (8) وَوَلَّدَ هَذَا (9) فَكَانَ لِهَذَا وَادٍ مِنْ الْإِبِلِ، وَلِهَذَا وَادٍ مِنْ الْبَقَرِ، وَلِهَذَا وَادٍ مِنْ الْغَنَمِ، ثُمَّ إِنَّهُ (10) أَتَى الْأَبْرَصَ فِي صُورَتِهِ وَهَيْئَتِهِ (11) فَقَالَ: رَجُلٌ مِسْكِينٌ ، قَدْ انْقَطَعَتْ بِيَ الْحِبَالُ فِي سَفَرِي (12) فلَا بَلَاغَ لِي الْيَوْمَ إِلَّا بِاللهِ ثُمَّ بِكَ ، أَسْأَلُكَ بِالَّذِي أَعْطَاكَ اللَّوْنَ الْحَسَنَ ، وَالْجِلْدَ الْحَسَنَ ، وَالْمَالَ ، بَعِيرًا أَتَبَلَّغُ عَلَيْهِ (13) فِي سَفَرِي، فَقَالَ: الْحُقُوقُ كَثِيرَةٌ ، فَقَالَ لَهُ: كَأَنِّي أَعْرِفُكَ، أَلَمْ تَكُنْ أَبْرَصَ يَقْذَرُكَ النَّاسُ ، فَقِيرًا ، فَأَعْطَاكَ اللهُ؟ ، فَقَالَ: إِنَّمَا وَرِثْتُ هَذَا الْمَالَ كَابِرًا عَنْ كَابِرٍ (14) فَقَالَ: إِنْ كُنْتَ كَاذِبًا فَصَيَّرَكَ اللهُ إِلَى مَا كُنْتَ ، وَأَتَى الْأَقْرَعَ فِي صُورَتِهِ ، فَقَالَ لَهُ مِثْلَ مَا قَالَ لِهَذَا، وَرَدَّ عَلَيْهِ مِثْلَ مَا رَدَّ عَلَى هَذَا ، فَقَالَ: إِنْ كُنْتَ كَاذِبًا فَصَيَّرَكَ اللهُ إِلَى مَا كُنْتَ، وَأَتَى الْأَعْمَى فِي صُورَتِهِ وَهَيْئَتِهِ، فَقَالَ: رَجُلٌ مِسْكِينٌ ، وَابْنُ سَبِيلٍ ، انْقَطَعَتْ بِيَ الْحِبَالُ فِي سَفَرِي، فلَا بَلَاغَ لِي الْيَوْمَ إِلَّا بِاللهِ ثُمَّ بِكَ ، أَسْأَلُكَ بِالَّذِي رَدَّ عَلَيْكَ بَصَرَكَ ، شَاةً أَتَبَلَّغُ بِهَا فِي سَفَرِي؟، فَقَالَ: قَدْ كُنْتُ أَعْمَى ، فَرَدَّ اللهُ إِلَيَّ بَصَرِي) (15)(وَفَقِيرًا فَقَدْ أَغْنَانِي)(16)(فَخُذْ مَا شِئْتَ ، وَدَعْ مَا شِئْتَ، فَوَاللهِ لَا أَجْهَدُكَ الْيَوْمَ شَيْئًا أَخَذْتَهُ لِلهِ (17) فَقَالَ: أَمْسِكْ مَالَكَ، فَإِنَّمَا ابْتُلِيتُمْ (18) وَقَدْ رَضِي اللهُ عَنْكَ ، وَسَخِطَ (19) عَلَى صَاحِبَيْكَ ") (20)

(1) البَرَص: بياضٌ يصيب الجِلْد.

(2)

الابتلاء: الاختبار والامتحان بالخير أو الشر.

(3)

أَيْ: اِشْمَأَزُّوا مِنْ رُؤْيَتِي. فتح الباري (ج 10 / ص 265)

(4)

أَيْ: مَسَحَ عَلَى جِسْمه.

(5)

الْعُشَرَاء: هِيَ الْحَامِل الَّتِي أَتَى عَلَيْهَا فِي حَمْلهَا عَشْرَة أَشْهُر مِنْ يَوْم طَرَقَهَا الْفَحْل. (فتح الباري)(ج10ص265)

(6)

أَيْ: مَسَحَ عَلَى عَيْنَيْهِ. فتح الباري (ج 10 / ص 265)

(7)

أَيْ: ذَات وَلَد وَيُقَال حَامِل. فتح الباري (ج 10 / ص 265)

(8)

أَيْ: صَاحِب الْإِبِل وَالْبَقَر.

(9)

أَيْ: صَاحِب الشَّاة. فتح الباري (ج 10 / ص 265)

(10)

أَيْ: المَلَك.

(11)

أَيْ: فِي الصُّورَةِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا لَمَّا اِجْتَمَعَ بِهِ وَهُوَ أَبْرَص ، لِيَكُونَ ذَلِكَ أَبْلَغَ فِي إِقَامَةِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِ. فتح الباري (ج 10 / ص 265)

(12)

أَيْ: تَقَطَّعَتْ بِهِ الْأَسْبَابُ الَّتِي يَقْطَعُهَا فِي طَلَب الرِّزْق. فتح الباري (10/ 265)

(13)

أَيْ: أَتَوَصَّل بِهِ إِلَى مُرَادِي.

(14)

الكابر: العظيم الكبير بين الناس ، والمراد أنه وَرِثه عن آبائه ، عن أجداده.

(15)

(م) 2964 ، (خ) 3277

(16)

(خ) 3277

(17)

أَيْ: لَا أَشُقُّ عَلَيْكَ فِي رَدِّ شَيْءٍ تَطْلُبهُ مِنِّي أَوْ تَاخُذهُ. (فتح الباري)(10/ 265)

(18)

أَيْ: امْتُحِنْتُمْ. فتح الباري (ج 10 / ص 265)

(19)

أَي: غضب.

(20)

(م) 2964 ، (خ) 3277

ص: 189

(م حم)، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (" خَرَجَ رَجُلٌ يَزُورُ أَخًا لَهُ فِي اللهِ فِي قَرْيَةٍ أُخْرَى)(1)(فَأَرْصَدَ اللهُ لَهُ مَلَكًا (2) فَجَلَسَ عَلَى طَرِيقِهِ) (3)(فَلَمَّا أَتَى عَلَيْهِ قَالَ: أَيْنَ تُرِيدُ؟ ، قَالَ: أُرِيدُ أَخًا لِي فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ، قَالَ: هَلْ لَهُ عَلَيْكَ مِنْ نِعْمَةٍ تَرُبُّهَا (4)؟ ، قَالَ: لَا) (5)(قَالَ: فَلِمَ تَأْتِيهِ؟)(6)(قَالَ: أَنِّي أَحْبَبْتُهُ فِي اللهِ عز وجل قَالَ: فَإِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكَ ، بِأَنَّ اللهَ قَدْ أَحَبَّكَ ، كَمَا أَحْبَبْتَهُ فِيهِ ")(7)

(1)(حم) 7906 ، (م) 38 - (2567)

(2)

أَيْ: أَقْعَدَهُ يَرْقُبُهُ.

(3)

(حم) 10252 ، (م) 38 - (2567)

(4)

أَيْ: تَقُومُ بِإِصْلَاحِهَا، وَتَنْهَضُ إِلَيْهِ بِسَبَبِ ذَلِكَ. النووي (8/ 366)

(5)

(م) 2567 ، (حم) 7906

(6)

(حم) 7906 ، وقال الشيخ شعيب الأرناءوط: إسناده صحيح.

(7)

(م) 38 - (2567) ، (حم) 7906 ، (حب) 572

ص: 190

(طس)، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ:" عَادَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ، فَلَمَّا دَنَا مِنْ مَنْزِلِهِ سَمِعَهُ يَتَكَلَّمُ فِي الدَّاخِلِ، فَلَمَّا اسْتَاذَنَ عَلَيْهِ ، دَخَلَ فَلَمْ يَرَ أَحَدًا ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: سَمِعْتُكَ تُكَلِّمُ غَيْرَكَ "، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَقَدْ دَخَلْتُ الدَّاخِلَ اغْتِمَامًا بِكَلَامِ النَّاسِ مِمَّا بِي مِنَ الْحُمَّى ، فَدَخَلَ عَلَيَّ دَاخِلٌ مَا رَأَيْتُ رَجُلًا قَطُّ بَعْدَكَ أَكْرَمَ مَجْلِسًا ، وَلَا أَحْسَنَ حَدِيثًا مِنْهُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" ذَلِكَ جِبْرِيَلُ، وَإِنَّ مِنْكُمْ لَرِجَالًا لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ يُقْسِمُ عَلَى اللهِ لأَبَرَّهُ "(1)

(1)(طس) 2717 ، (طب) 12321 ، الصَّحِيحَة: 3135

ص: 191

(حم)، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ لِلْمَسَاجِدِ أَوْتَادًا ، الْمَلَائِكَةُ جُلَسَاؤُهُمْ، إِنْ غَابُوا يَفْتَقِدُونَهُمْ، وَإِنْ مَرِضُوا عَادُوهُمْ ، وَإِنْ كَانُوا فِي حَاجَةٍ أَعَانُوهُمْ "(1)

(1)(حم) 9414 ، (ك) 3507 ، انظر الصَّحِيحَة: 3401 ، صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب: 329

ص: 192

(حم)، وَعَنْ حَارِثَةَ بْنِ النُّعْمَانِ رضي الله عنه قَالَ: مَرَرْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَجِبْرِيلُ عليه السلام جَالِسٌ مَعَهُ فِي الْمَقَاعِدِ ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ ثُمَّ أَجَزْتُ ، فَلَمَّا رَجَعْتُ " وَانْصَرَفَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: هَلْ رَأَيْتَ الَّذِي كَانَ مَعِي؟ " ، قُلْتُ: نَعَمْ ، قَالَ: " فَإِنَّهُ جِبْرِيلُ ، وَقَدْ رَدَّ عَلَيْكَ السَّلَامَ " (1)

(1)(حم) 23727 ، وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح.

ص: 193

(حم)، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: كُنْتُ مَعَ أَبِي عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَعِنْدَهُ رَجُلٌ يُنَاجِيهِ ، وَهُوَ كَالْمُعْرِضِ عَنْ الْعَبَّاسِ ، فَخَرَجْنَا مِنْ عِنْدِهِ ، فَقَالَ لِي الْعَبَّاسُ: أَلَمْ تَرَ إِلَى ابْنِ عَمِّكَ كَالْمُعْرِضِ عَنِّي؟ ، فَقُلْتُ: إِنَّهُ كَانَ عِنْدَهُ رَجُلٌ يُنَاجِيهِ ، فَقَالَ: أَوَكَانَ عِنْدَهُ أَحَدٌ؟ ، قُلْتُ: نَعَمْ ، فَرَجَعَ إِلَيْهِ ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ ، هَلْ كَانَ عِنْدَكَ أَحَدٌ؟ ، فَإِنَّ عَبْدَ اللهِ أَخْبَرَنِي أَنَّ عِنْدَكَ رَجُلًا تُنَاجِيهِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" هَلْ رَأَيْتَهُ يَا عَبْدَ اللهِ؟ "، قَالَ: نَعَمْ ، قَالَ:" ذَاكَ جِبْرِيلُ ، وَهُوَ الَّذِي شَغَلَنِي عَنْكَ "(1)

(1)(حم) 2848 ، (هق) 13122 ، وقال شعيب الأرناءوط: إسناده صحيح.

ص: 194