المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌سعة رحمة الله ومغفرته - الجامع الصحيح للسنن والمسانيد - جـ ١

[صهيب عبد الجبار]

فهرس الكتاب

- ‌(1) شَرَف أصحاب الحديث

- ‌(2) مُقَدِّمَة المؤلف

- ‌أَقْوَالُ الْعُلَمَاءِ فِي جَمْعِ أَسَانِيدِ الْأَحَادِيثِ وَمُتُونِهَا

- ‌مُحَاوَلَاتُ الْعُلَمَاءِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا جَمْعَ طُرُقِ الْحَدِيثِ فِي مَتْنٍ وَاحِد

- ‌منهج العمل في هذا الكتاب

- ‌طريقة شرح الحديث في الأجزاء الفقهية:

- ‌ طريقة البحث:

- ‌مَيِّزَاتُ الْجَامِعِ الصَّحِيحِ لِلسُّنَنِ وَالْمَسَانِيد

- ‌أقسام الكتاب

- ‌مفاتيح الرموز

- ‌كِتَابُ الْعَقِيدَة الأول

- ‌(1) الْإسْلَام

- ‌عُلُوُّ الْإسْلَام

- ‌الْمُؤمِنُ عَزِيزٌ عَلَى الله

- ‌أَرْكَانُ الْإِسْلَام

- ‌إسْلَامُ قَائِلِ الشَّهَادَتَيْن

- ‌الْإقْرَارُ بالشَّهَادَتَيْنِ يَعْصِمُ الدَّمَ وَالْمَالَ إِلَّا بِحَقِّ الْإِسْلَام

- ‌نَجَاةُ الْمُوَحِّدِينَ مِنَ الْخُلُودِ فِي النَّار

- ‌(2) اَلْإيمَان

- ‌أَرْكَانُ الْإيمَان

- ‌الْإِيمَانُ بِالله

- ‌تَنْزِيهُ الرَّبِ سُبْحَانَهُ عَنِ اتِّخَاذِ الشَّرِيكِ وَالْوَلَد

- ‌عَدَدُ أَسْمَاءِ اللهِ عز وجل

- ‌بَعْضُ صِفَاتِ الرَّبِّ عز وجل

- ‌غِنَى الرَّبِ عز وجل عَنْ خَلْقِه

- ‌عَظَمَةُ عَرْشِ الرَّبِّ سُبْحَانَهُ وَسَعَةُ كُرْسِيِّه

- ‌عُلُوُّ الرَّبِّ عز وجل عَلَى خَلْقِه

- ‌تَفَرُّدُ الرَّبِّ عز وجل بِالْقُدْرَةِ عَلَى الْخَلْق

- ‌تَفَرُّدُ الرَّبِّ عز وجل بِمَعْرِفَةِ الْغَيْب

- ‌سَعَةُ رَحْمَةِ اللهِ وَمَغْفِرَتِه

- ‌غَيْرَةُ الرَّبِّ عز وجل

- ‌صَبْرُ الرَّبِّ عز وجل

- ‌قُرْبُ الرَّبِّ عز وجل مِنْ عِبَادِه

- ‌الرَّبُّ عز وجل سِتِّيرٌ يُحِبُّ السَّتْر

- ‌مَحَبَّةُ الرَّبِّ عز وجل لِلْمَدْح

- ‌مَحَبَّةُ الرَّبِّ عز وجل لِأَوْلِيَائِهِ ، وَتَايِيدِهِ لَهُمْ بِنُصْرَتِهِ وَمَعِيَّتِه

- ‌استجابةُ اللهِ سَبْحَانَهُ لِدُعَاءِ عِبَادِه

- ‌حُسْنُ الظَّنِّ بِاللهِ تَعَالَى بِالرَّجَاء

- ‌كَرَاهِيَةُ الرَّبِّ لِقُنُوطِ عِبَادِهِ مِنْ رَحْمَتِه

- ‌كَرَاهِيَةُ الرَّبِّ لِلشِّرْك

- ‌كَرَاهِيَةُ الرَّبِّ لِلظُّلم

- ‌رُؤْيَةُ الْمُؤْمِنِينَ لِلهِ يَوْمَ الْقِيَامَة

- ‌بَدْءُ الْخَلْق

- ‌الحِكْمَةُ مِن إِيجَادِ الخَلْق

- ‌كَيْفِيَّةُ بَدْءِ الْخَلْق

- ‌الْإِيمَانُ بِالْمَلَائِكَة

- ‌وُجُوبُ الْإِيمَانِ بِالْمَلَائِكَة

- ‌صِفَةُ خَلْقِ الْمَلَائِكَة

- ‌خَصَائِصُ الْمَلَائِكَة

- ‌طَهَارَةُ الْمَلَائِكَة

- ‌جَمَالُ صُوَرِ بَعْضِهِم

- ‌الْمَلَائِكَةُ لَيْسُوا إنَاثًا

- ‌الْمَلَائِكَةُ لا يَأكُلُونَ الطَّعَامَ

- ‌قُدْرَةُ الْمَلَائِكَةِ عَلَى التَّشَكُّل

- ‌نُزُولُ جِبْرِيلَ فِي صُورَةِ دِحْيَة الْكَلْبِيّ

- ‌بَعْضُ الْمَخْلُوقَاتِ تَرَى الْمَلَائِكَة

- ‌ضَخَامَةُ أَحْجَامِهِم

- ‌الْمَلَائِكَة لَهَا أَجْنِحَة

- ‌قُوَّةُ الْمَلَائِكَة

- ‌الْمَلَائِكَةُ لَا يَعْصُونَ اللهَ مُطْلَقًا

- ‌الْمَلَائِكَةُ يَخَافُونَ كَثِيرًا مِنَ الله

- ‌الْمَلَائِكَةُ لَا يَدْخُلُونَ بَيْتًا فِيهِ كَلْب

- ‌الْمَلَائِكَةُ لَا يَدْخُلُونَ بَيْتًا فِيهِ صُورَة

- ‌الْمَلَائِكَةُ لَا يَدْخُلُونَ بَيْتًا فِيهِ جَرَس

- ‌الْمَلَائِكَةُ لَا يَدْخُلُونَ بَيْتًا فِيهِ بَوْلٌ مُنْتَقِع

- ‌الْمَلَائِكَةُ لَا يَصْحَبُونَ رُفْقَةً فِيهَا كَلْبٌ وَلَا جَرَسٌ وَلَا جِلْدُ نَمِرٍ

- ‌الْمَلَائِكَةُ لَا يَقْرَبُونَ الْجُنُب

- ‌الْمَلَائِكَةُ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ الْإنْسَان

- ‌نُزُولُ الْمَلَائِكَةِ فِي الْعِنَان

- ‌تَكْلِيمُ الرَّبِّ سُبْحَانَهُ لِلْمَلَائِكَة

- ‌جِبْرِيلُ عليه السلام

- ‌صِفَةُ جِبْرِيل

- ‌تَكْلِيمُ الرَّبِّ سُبْحَانَهُ لِجِبْرِيل

- ‌تسميةُ جبريلَ بالرُّوح

- ‌لِقَاءُ جِبْرِيلَ فِي بَدْءِ الْوَحْي

- ‌حُبُّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِقَاءَ جِبْرِيل

- ‌عَرْضُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الْقُرْآنَ عَلَى جِبْرِيلَ فِي رَمَضَان

- ‌تَعْلِيمُ جِبْرِيلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أُمُورَ الدِّين

- ‌عَدَاوَةُ الْيَهُودِ لِجِبْرِيل

- ‌وَظَائِفُ الْمَلَائِكَة

- ‌مِنْ وَظَائِفِ الْمَلَائِكَةِ تَبْلِيغُ رِسَالَاتِ اللَه

- ‌مِنْ وَظَائِفِ الْمَلَائِكَةِ كِتَابَةُ الْأَعْمَال

- ‌دُعَاءُ الْمَلَائكَةِ لِلْمُسْلِمِين

- ‌مُشَارَكَةُ الْمَلَائكَةِ الْمُؤمِنِينَ فِي الصَّلَوَات

- ‌مُشَارَكَةُ الْمَلَائكَةِ الْمُؤمِنِينَ فِي الْقِتَال

- ‌مِنْ وَظَائِفِ الْمَلَائِكَةِ إرْشَادُ الْمُسْلِمِ إلَى طَرِيقِ الْحَقّ

- ‌مِنْ وَظَائِفِ الْمَلَائِكَةِ التَّسْبِيحُ وَالتَّقْدِيسُ وَالصَّلَاة

- ‌مِنْ وَظَائِفِ الْمَلَائِكَةِ قَبْضُ أَرْوَاحِ الْبَشَرِ ، وَسُؤالِهِمْ فِي الْقَبْرِ ، وَتَعْذِيبِ الْعُصَاةِ والْكَفَرَة مِنْهُم

- ‌مِنْ وَظَائِفِ الْمَلَائِكَةِ تَشْيِيعُ جَنَائِزِ الصَّالِحِينَ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِم

- ‌الْإيمَانُ بِالْجِنّ

- ‌هَل الْجِنُّ يَمُوتُون

- ‌عَدَاوَةُ الشَّيْطَانِ لِلْإنسَان

- ‌وَسْوَسَةُ الشَّيْطَان

- ‌دُخُولُ الْجِنِّ فِي الْإنْسَانِ مِنْ حِينِ وِلَادَتِه

- ‌تَلَبُّس الْجِنّ بِالْآدَمِيِّ

- ‌أَمْرُ الْجِنِّيِّ بِالْخُرُوج

- ‌تَسَلُّطُ الشَّيْطَانِ عَلَى الْإِنْسَانِ عِنْدَ الْمَوْت

- ‌ظُهُورُ الْجِنِّ لِلْإنْسَانِ وَقُدْرَتِهِمْ عَلَى التَّشَكُّل

- ‌اسْتِرَاقُ الْجِنِّ السَّمْعَ مِنَ السَّمَاء

- ‌الْوِقَايَةُ مِنَ الشَّيَاطِين

- ‌الْإِيمَانُ بِالْكُتُبِ السَّمَاوِيَّة

- ‌الْإيمَانُ بِالرُّسُل

- ‌وُجُوبُ الْإيمَانِ بِالرُّسُل

- ‌الأنْبِيَاءُ دِينُهُمْ وَاحِد

- ‌وُجُوبُ اتِّباعِ الرُّسُل

- ‌نَماذِجُ مِن تَمَسُّكِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ بِإحْسَانٍ بِسُنَّتِه صلى الله عليه وسلم

- ‌رُجُوعُ الصَّحَابَةِ عَنْ آرائِهِمْ لَمَّا عَلِمُوا أَنَّهَا مُخَالِفَةٌ لِسُنَّةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌عَدَدُ الْأَنْبِيَاءِ وَالرُّسُل

- ‌صِفَاتٌ خَاصَّةٌ بِالْأَنْبِيَاء

- ‌الْأَنْبِيَاءُ لَا تُورَث

- ‌أَسْمَاؤُهُ صلى الله عليه وسلم

- ‌صِفَتُهُ صلى الله عليه وسلم فِي الْكُتُبِ السَّابِقَة

- ‌تَفْضِيلُهُ صلى الله عليه وسلم عَلَى سَائِرِ الْأَنْبِيَاء

- ‌دَلَائِلُ نُبُوَّتِهِ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ الْبِعْثَة

- ‌دَلَائِلُ نُبُوَّتِهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ الْبِعْثَة

- ‌انْشِقَاقُ الْقَمَرِ بِدُعَائِه صلى الله عليه وسلم

- ‌قُدُومُ الشَّجَرِ إلَيْه صلى الله عليه وسلم

- ‌إخْبَارُهُ صلى الله عليه وسلم بِمَا سَيَحْدُث

- ‌شِفَاءُ الْمَرْضَى بِبَرَكَتِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌تَكْثِيرُ الطَّعَامِ بِبَرَكَتِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌خُرُوجُ يَنَابِيعِ الْمَاءِ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌تَسْبِيحُ الْحَصَى بَيْنَ يَدَيْهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌تَسْلِيمُ الشَّجَرِ وَالْحَجَرِ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌مَعْرِفَةُ الْمَخْلُوقَاتِ بِنُبُوَّتِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌حَنِينُ الْجِذْعِ إلَيْهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌اسْتِجَابَةُ دُعَائِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌إسْرَاعُ الْخَيْلِ والْإِبِلِ بِبَرَكَتِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌حِمَايَةُ اللهِ لَهُ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَذَى الْخَلْق

- ‌طَيُّ الْأَرْضِ لَهُ صلى الله عليه وسلم

- ‌خُرُوجُ النَّخْلِ الَّذِي زَرَعَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ مِنْ عَامِه

- ‌إخْبَارُهُ صلى الله عليه وسلم بِبَعْضِ الْحَقَائِقِ الْعِلْمِيِّةِ الَّتِي لَمْ تُعْرَف إِلَّا فِي الْعَصْرِ الْحَدِيث

- ‌بَشَرِيَّتُه صلى الله عليه وسلم

الفصل: ‌سعة رحمة الله ومغفرته

‌سَعَةُ رَحْمَةِ اللهِ وَمَغْفِرَتِه

قَالَ تَعَالَى: {قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ ، وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} (1)

وَقَالَ تَعَالَى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ ، لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ ، إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} (2)

وَقَالَ تَعَالَى {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} (3)

(خ م حم)، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:

(" لَمَّا خَلَقَ اللهُ الْخَلْقَ)(4)(كَتَبَ كِتَابًا)(5)(عَلَى نَفْسِهِ)(6)(فَهُوَ مَوْضُوعٌ عِنْدَهُ)(7)(فَوْقَ الْعَرْشِ)(8)(إِنَّ رَحْمَتِي تَغْلِبُ غَضَبِي (9) ") (10)

(1)[الأعراف: 156]

(2)

[الزمر: 53]

(3)

[طه: 82]

(4)

(حم) 7520 ، (خ) 3022 ، وقال شعيب الأرناءوط: إسناده صحيح

(5)

(خ) 7114 ، (م) 2751

(6)

(خ) 6969 ، (م) 2751

(7)

(م) 2751 ، (خ) 3022

(8)

(خ) 3022 ، (م) 2751

(9)

قَالَ الْعُلَمَاء: الْمُرَادُ بِالسَّبْقِ وَالْغَلَبَةِ هُنَا: كَثْرَةُ الرَّحْمَةِ وَشُمُولُهَا، كَمَا يُقَال: غَلَبَ عَلَى فُلَانٍ الْكَرَمُ وَالشَّجَاعَةُ ، إِذَا كَثُرَا مِنْهُ. شرح النووي (ج 9 / ص 115)

(10)

(خ) 6969 ، (م) 2751

ص: 112

(ت)، وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:

" قَالَ اللهُ تبارك وتعالى: يَا ابْنَ آدَمَ، إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي (1) غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ فِيكَ (2) وَلَا أُبَالِي (3) يَا ابْنَ آدَمَ، لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ (4) ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي، غَفَرْتُ لَكَ وَلَا أُبَالِي ، يَا ابْنَ آدَمَ، إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ (5) الْأَرْضِ خَطَايَا (6) ثُمَّ لَقِيتَنِي لَا تُشْرِكُ بِي شَيْئًا، لَأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً "(7)

(1) أَيْ: مَا دُمْت تَدْعُونِي وَتَرْجُونِي. تحفة الأحوذي - (ج 8 / ص 437)

(2)

أَيْ: مِنْ الْمَعَاصِي وَإِنْ تَكَرَّرَتْ وَكَثُرَتْ. تحفة الأحوذي - (ج 8 / ص 437)

(3)

أَيْ: أَنِّي لَا تَعْظُمُ مَغْفِرَتُكَ عَلَيَّ. تحفة الأحوذي - (ج 8 / ص 437)

(4)

الْعَنَانُ: السَّحَابُ. تحفة الأحوذي - (ج 8 / ص 437)

(5)

أَيْ: بِمَا يُقَارِبُ مِلْأَهَا. تحفة الأحوذي - (ج 8 / ص 437)

(6)

أَيْ: بِتَقْدِيرِ تَجَسُّمِهَا. تحفة الأحوذي - (ج 8 / ص 437)

(7)

(ت) 3540 ، (حم) 21510 ، صَحِيح الْجَامِع: 4338 ، الصَّحِيحَة: 127

ص: 113

(حم)، وَعَنْ أبي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " يَقُولُ اللهُ عز وجل: مَنْ عَمِلَ حَسَنَةً ، فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا ، أَوْ أَزِيدُ ، وَمَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً ، فَجَزَاؤُهُ مِثْلُهَا ، أَوْ أَغْفِرُ "(1)

(1)(حم) 21398 ، (م) 22 - (2687)، وقال الأرناؤوط: إسناده صحيح.

ص: 114

(بز)، وعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " لَوْ تَعْلَمُونَ قَدْرَ رَحْمَةِ اللهِ لَاتَّكَلْتُمْ ، وَمَا عَمِلْتُمْ مِنْ عَمَلٍ ، وَلَوْ تَعْلَمُونَ قَدْرَ غَضَبِهِ ، مَا نَفَعَكُمْ شَيْءٌ "(1)

(1) زوائد البزار للهيثمي (4/ 85 / 3256)، انظر صَحِيح الْجَامِع: 5260، الصَّحِيحَة: 2167

ص: 115

(خ م حم)، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (" قَالَ اللهُ تَعَالَى: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي)(1)(إِنْ ظَنَّ بِي خَيْرًا فَلَهُ (2) وَإِنْ ظَنَّ شَرًّا فَلَهُ (3)) (4)(وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي (5) وَأَنَا مَعَهُ إِذَا دَعَانِي (6) فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ، ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي (7) وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ (8) ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ (9) وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ شِبْرًا ، تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا ، تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا، وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي ، أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً (10) ") (11)

(1)(خ) 6970 ، (م) 2675

(2)

أَيْ: ظَنَّ الْإِجَابَةَ عِنْدَ الدُّعَاء ، وَظَنَّ الْقَبُولَ عِنْدَ التَّوْبَة ، وَظَنَّ الْمَغْفِرَةَ عِنْدَ الِاسْتِغْفَار ، وَظَنَّ الْمُجَازَاةَ عِنْدَ فِعْلِ الْعِبَادَةِ بِشُرُوطِهَا ، تَمَسُّكًا بِصَادِقِ وَعْدِه، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ الْآخَر " اُدْعُوا اللهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالْإِجَابَةِ" ، وَلِذَلِكَ يَنْبَغِي لِلْمَرْءِ أَنْ يَجْتَهِدَ فِي الْقِيَامِ بِمَا عَلَيْهِ ، مُوقِنًا بِأَنَّ اللهَ يَقْبَلُهُ ، وَيَغْفِرُ لَهُ ، لِأَنَّهُ وَعَدَ بِذَلِكَ ، وَهُوَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَاد. فتح الباري (ج 20 / ص 481)

(3)

أَيْ: فَإِنْ اِعْتَقَدَ أَوْ ظَنَّ أَنَّ اللهَ لَا يَقْبَلُ تَوْبَتَهُ ، وَأَنَّهَا لَا تَنْفَعُهُ ، فَهَذَا هُوَ الْيَاسُ مِنْ رَحْمَةِ الله ، وَهُوَ مِنْ الْكَبَائِر، وَمَنْ مَاتَ عَلَى ذَلِكَ ، وُكِلَ إِلَى مَا ظَنَّ.

وَأَمَّا ظَنُّ الْمَغْفِرَةِ مَعَ الْإِصْرَار ، فَذَلِكَ مَحْضُ الْجَهْلِ وَالْغِرَّة ، وَهُوَ يَجُرُّ إِلَى مَذْهَبِ الْمُرْجِئَة. فتح الباري (ج 20 / ص 481)

(4)

(حم) 9065 ، انظر الصحيحة تحت حديث: 1663

(5)

أَيْ: مَعَهُ بِالرَّحْمَةِ وَالتَّوْفِيقِ وَالْهِدَايَةِ وَالرِّعَايَة ، وَهُوَ كَقَوْلِهِ {إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَع وَأَرَى} .وَالْمَعِيَّةُ الْمَذْكُورَةُ أَخَصُّ مِنْ الْمَعِيَّة الَّتِي فِي قَوْله تَعَالَى {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَمَا كُنْتُم} فَهذه مَعِيَّةٌ بِالْعِلْمِ وَالْإِحَاطَة. فتح الباري (ج 20 / ص 481)

(6)

(م) 2675 ، (حم) 10974

(7)

أَيْ: إِنْ ذَكَرَنِي بِالتَّنْزِيهِ وَالتَّقْدِيسِ سِرًّا ، ذَكَرْتُهُ بِالثَّوَابِ وَالرَّحْمَةِ سِرًّا.

وَقَالَ اِبْن أَبِي جَمْرَة: يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِثْلَ قَوْله تَعَالَى {فَاذْكُرُونِي أَذْكُركُمْ} وَمَعْنَاهُ: اُذْكُرُونِي بِالتَّعْظِيمِ ، أَذْكُركُمْ بِالْإِنْعَامِ ، وَقَالَ تَعَالَى {وَلَذِكْر الله أَكْبَر}

أَيْ: أَكْبَر الْعِبَادَات ، فَمَنْ ذَكَرَهُ وَهُوَ خَائِفٌ آمَنَهُ ، أَوْ مُسْتَوْحِشٌ آنَسَهُ، قَالَ تَعَالَى:{أَلَا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} . فتح الباري (ج 20 / ص 481)

(8)

أَيْ: جَمَاعَة.

(9)

قَالَ ابْن بَطَّال: هَذَا نَصٌّ فِي أَنَّ الْمَلَائِكَةَ أَفْضَلُ مِنْ بَنِي آدَم ، وَهُوَ مَذْهَبُ جُمْهُورِ أَهْل الْعِلْم ، وَعَلَى ذَلِكَ شَوَاهِدٌ مِنْ الْقُرْآن ، مِثْل {إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنْ الْخَالِدِينَ} وَالْخَالِد أَفْضَل مِنْ الْفَانِي ، فَالْمَلَائِكَةُ أَفْضَلُ مِنْ بَنِي آدَم وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الْمَعْرُوفَ عَنْ جُمْهُورِ أَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّ صَالِحِي بَنِي آدَمَ أَفْضَلُ مِنْ سَائِرِ الْأَجْنَاس ، وَالَّذِينَ ذَهَبُوا إِلَى تَفْضِيلِ الْمَلَائِكَةِ ، الْفَلَاسِفَةُ ، ثُمَّ الْمُعْتَزِلَة ، وَقَلِيلٌ مِنْ أَهْل السُّنَّةِ مِنْ أَهْلِ التَّصَوُّف ، وَبَعْضُ أَهْلِ الظَّاهِر ، فَمِنْهُمْ مَنْ فَاضَلَ بَيْنَ الْجِنْسَيْنِ ، فَقَالُوا: حَقِيقَةُ الْمَلَكِ أَفْضَلُ مِنْ حَقِيقَةِ الْإِنْسَان؛ لِأَنَّهَا نُورَانِيَّةٌ وَخَيِّرَة وَلَطِيفَةٌ ، مَعَ سَعَة الْعِلْمِ وَالْقُوَّةِ ، وَصَفَاءِ الْجَوْهَر.

وَهَذَا لَا يَسْتَلْزِمُ تَفْضِيلَ كُلَّ فَرْدٍ عَلَى كُلِّ فَرْدٍ ، لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ فِي بَعْضِ الْأَنَاسِيِّ مَا فِي ذَلِكَ وَزِيَادَة.

وَمِنْهُمْ مَنْ خَصَّ الْخِلَافَ بِصَالِحِي الْبَشَرِ وَالْمَلَائِكَة ، وَمِنْهُمْ مَنْ خَصَّهُ بِالْأَنْبِيَاءِ ، ثُمَّ مِنْهُمْ مَنْ فَضَّلَ الْمَلَائِكَةَ عَلَى غَيْر الْأَنْبِيَاء

وَمِنْهُمْ مَنْ فَضَلَّهُمْ عَلَى الْأَنْبِيَاء أَيْضًا ، إِلَّا عَلَى نَبِيّنَا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم.

وَمِنْ أَدِلَّةِ تَفْضِيلِ النَّبِيِّ عَلَى الْمَلَكِ أَنَّ اللهَ أَمَرَ الْمَلَائِكَةَ بِالسُّجُودِ لِآدَم عَلَى سَبِيِل التَّكْرِيم لَهُ ، حَتَّى قَالَ إِبْلِيسُ {أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْت عَلَيَّ} وَمِنْهَا قَوْله تَعَالَى {لِمَا خَلَقْت بِيَدَيَّ} لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِشَارَةِ إِلَى الْعِنَايَة بِهِ ، وَلَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ لِلْمَلَائِكَةِ وَمِنْهَا قَوْله تَعَالَى {إِنَّ الله اِصْطَفَى آدَم وَنُوحًا وَآل إِبْرَاهِيم وَآل عِمْرَان عَلَى الْعَالَمِينَ} ، وَمِنْهَا قَوْله تَعَالَى:{وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الْأَرْض} فَدَخَلَ فِي عُمُومِهِ الْمَلَائِكَة، وَالْمُسَخَّرُ لَهُ أَفْضَلُ مِنْ الْمُسَخَّر؛ وَلِأَنَّ طَاعَةَ الْمَلَائِكَةِ بِأَصْلِ الْخِلْقَة ، وَطَاعَةَ الْبَشَرِ غَالِبًا مَعَ الْمُجَاهَدَةِ لِلنَّفْسِ ، لِمَا طُبِعَتْ عَلَيْهِ مِنْ الشَّهْوَةِ وَالْحِرْصِ وَالْهَوَى وَالْغَضَب، فَكَانَتْ عِبَادَتُهُمْ أَشَقّ.

وَأَيْضًا فَطَاعَة الْمَلَائِكَة بِالْأَمْرِ الْوَارِد عَلَيْهِمْ ، وَطَاعَة الْبَشَر بِالنَّصِّ تَارَة ، وَبِالِاجْتِهَادِ تَارَة ، وَالِاسْتِنْبَاط تَارَة ، فَكَانَتْ أَشَقّ؛ وَلِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ سَلِمَتْ مِنْ وَسْوَسَة الشَّيَاطِين ، وَإِلْقَاء الشُّبَه ، وَالْإِغْوَاء الْجَائِزَة عَلَى الْبَشَر ، وَلِأَنَّ الْمَلَائِكَة تُشَاهِدُ حَقَائِق الْمَلَكُوت ، وَالْبَشَر لَا يَعْرِفُونَ ذَلِكَ إِلَّا بِالْإِعْلَامِ ، فَلَا يَسْلَم مِنْهُمْ مِنْ إِدْخَال الشُّبْهَة مِنْ جِهَة تَدْبِير الْكَوَاكِب ، وَحَرَكَة الْأَفْلَاك إِلَّا الثَّابِت عَلَى دِينه وَأَجَابَ بَعْضُ أَهْلِ السُّنَّة بِأَنَّ الْخَبَرَ الْمَذْكُورَ لَيْسَ نَصًّا وَلَا صَرِيحًا فِي الْمُرَاد ، بَلْ يَطْرُقُهُ اِحْتِمَالُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادَ بِالْمَلَأِ الَّذِينَ هُمْ خَيْرٌ مِنْ الْمَلَأِ الذَّاكِرِ ، الْأَنْبِيَاء وَالشُّهَدَاء ، فَإِنَّهُمْ أَحْيَاءٌ عِنْد رَبّهمْ ، فَلَمْ يَنْحَصِر ذَلِكَ فِي الْمَلَائِكَة. فتح الباري (ج 20 / ص 481)

(10)

قَوْله تَعَالَى: {وَإِنْ تَقَرَّبَ مِنِّي شِبْرًا} هَذَا الْحَدِيث مِنْ أَحَادِيث الصِّفَات، وَيَسْتَحِيلُ إِرَادَةُ ظَاهِرِه، وَمَعْنَاهُ: مَنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ بِطَاعَتِي ، تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بِرَحْمَتِي وَالتَّوْفِيق وَالْإِعَانَة، وَإِنْ زَادَ زِدْت، فَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي وَأَسْرَعَ فِي طَاعَتِي ، أَتَيْتُهُ هَرْوَلَة، أَيْ: صَبَبْتُ عَلَيْهِ الرَّحْمَةَ ، وَسَبَقْتُهُ بِهَا، وَلَمْ أُحْوِجْهُ إِلَى الْمَشْيِ الْكَثِيرِ فِي الْوُصُولِ إِلَى الْمَقْصُود، وَالْمُرَادُ أَنَّ جَزَاءَهُ يَكُونُ تَضْعِيفُهُ عَلَى حَسَبِ تَقَرُّبِهِ. شرح النووي على مسلم - (ج 9 / ص 35)

(11)

(خ) 6970 ، (م) 1 - (2675) ، (ت) 3603 ، (حم) 7416

ص: 116

(خ م جة حم)، وَعَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (" إِنَّ اللهَ خَلَقَ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِائَةَ رَحْمَةٍ (1) مِائَةَ جُزْءٍ (2) كُلُّ رَحْمَةٍ طِبَاقَ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ (3)) (4)(أَنْزَلَ مِنْهَا رَحْمَةً وَاحِدَةً بَيْنَ الْجِنِّ، وَالْإِنْسِ ، وَالْبَهَائِمِ ، وَالْهَوَامِّ)(5)(فَمِنْ ذَلِكَ الْجُزْءِ تَتَرَاحَمُ الْخَلَائِقُ)(6)(وَبِهَا يَتَعَاطَفُونَ)(7)(فَبِهَا تَعْطِفُ الْوَالِدَةُ عَلَى وَلَدِهَا)(8)(وَبِهَا تَعْطِفُ الْوُحُوشُ عَلَى أَوْلَادِهَا)(9)(وَالطَّيْرُ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ)(10)(حَتَّى تَرْفَعَ الدَّابَّةُ حَافِرَهَا عَنْ وَلَدِهَا خَشْيَةَ أَنْ تُصِيبَهُ)(11)(وَادَّخَرَ عِنْدَهُ لِأَوْلِيَائِهِ تِسْعًا وَتِسْعِينَ رَحْمَةً)(12)(فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ)(13)(ضَمَّهَا إِلَيْهَا)(14)(فَأَكْمَلَهَا بِهَذِهِ الرَّحْمَةِ)(15)(وَرَحِمَ بِهَا عِبَادَهُ)(16)(فَلَوْ يَعْلَمُ الْكَافِرُ)(17)(بِمَا)(18)(عِنْدَ اللهِ مِنْ الرَّحْمَةِ، لَمْ يَيْئَسْ مِنْ الْجَنَّةِ)(19)(أَحَدٌ (20)) (21)(وَلَوْ يَعْلَمُ الْمُؤْمِنُ)(22)(بِمَا)(23)(عِنْدَ اللهِ مِنْ الْعَذَابِ)(24)(مَا طَمِعَ فِي الْجَنَّةِ أَحَدٌ ")(25)

(1) قَالَ الْمُهَلَّب: الرَّحْمَة الَّتِي خَلَقَهَا الله لِعِبَادِهِ وَجَعَلَهَا فِي نُفُوسهمْ فِي الدُّنْيَا هِيَ الَّتِي يَتَغَافَرُونَ بِهَا يَوْم الْقِيَامَة التَّبَعَات بَيْنَهمْ ، قَالَ: وَيَجُوز أَنْ يَسْتَعْمِل اللهُ تِلْكَ الرَّحْمَة فِيهِمْ ، فَيَرْحَمهُمْ بِهَا ، سِوَى رَحْمَته الَّتِي وَسِعَتْ كُلّ شَيْء ، وَهِيَ الَّتِي مِنْ صِفَة ذَاته ، وَلَمْ يَزَلْ مَوْصُوفًا بِهَا، فَهِيَ الَّتِي يَرْحَمهُمْ بِهَا ، زَائِدًا عَلَى الرَّحْمَة الَّتِي خَلَقَهَا لَهُمْ.

قَالَ: وَيَجُوز أَنْ تَكُون الرَّحْمَة الَّتِي أَمْسَكَهَا عِنْدَ نَفْسه ، هِيَ الَّتِي عِنْدَ مَلَائِكَته الْمُسْتَغْفِرِينَ لِمَنْ فِي الْأَرْض؛ لِأَنَّ اِسْتِغْفَارهمْ لَهُمْ دَالٌّ عَلَى أَنَّ فِي نُفُوسهمْ الرَّحْمَة لِأَهْلِ الْأَرْض.

قُلْت: وَحَاصِل كَلَامه: أَنَّ الرَّحْمَة رَحْمَتَانِ: رَحْمَة مِنْ صِفَة الذَّات ، وَهِيَ لَا تَتَعَدَّد، وَرَحْمَة مِنْ صِفَة الْفِعْل ، وَهِيَ الْمُشَار إِلَيْهَا هُنَا ، وَلَكِنْ لَيْسَ فِي شَيْء مِنْ طُرُق الْحَدِيث أَنَّ الَّتِي عِنْدَ الله رَحْمَة وَاحِدَة ، بَلْ اِتَّفَقَتْ جَمِيع الطُّرُق عَلَى أَنَّ عِنْدَهُ تِسْعَة وَتِسْعِينَ رَحْمَة، وَزَادَ فِي حَدِيث سَلْمَان أَنَّهُ يُكْمِلهَا يَوْم الْقِيَامَة مِائَة بِالرَّحْمَةِ الَّتِي فِي الدُّنْيَا، فَتَعَدُّدُ الرَّحْمَة بِالنِّسْبَةِ لِلْخَلْقِ. فتح الباري (17/ 133)

(2)

(م) 2572

(3)

طباقُ الشيءِ: مِلْؤُه.

(4)

(م) 2753

(5)

(م) 2752

(6)

(م) 2752 ، (خ) 5654

(7)

(جة) 4293 ، (م) 2752

(8)

(م) 2753

(9)

(م) 2752 ، (جة) 4293

(10)

(م) 2753

(11)

(م) 2752 ، (خ) 5654

(12)

(حم) 10680 ، (م) 2752 ، انظر صحيح الجامع: 1766

(13)

(م) 2753 ، (حم) 11548

(14)

(حم) 11548 ، وقال الشيخ شعيب الأرناءوط: إسناده حسن.

(15)

(م) 2753 ، (حم) 10680

(16)

(م) 2752 ، (جة) 4293

(17)

(خ) 6104 ، (م) 2755

(18)

(حم) 8396

(19)

(خ) 6104 ، (م) 2755

(20)

الْمُرَاد أَنَّ الْكَافِر لَوْ عَلِمَ سَعَة الرَّحْمَة ، لَغَطَّى عَلَى مَا يَعْلَمهُ مِنْ عِظَم الْعَذَاب فَيَحْصُل بِهِ الرَّجَاء.

فالْحَدِيث اِشْتَمَلَ عَلَى الْوَعْد وَالْوَعِيد الْمُقْتَضَيَيْنِ لِلرَّجَاءِ وَالْخَوْف، فَمَنْ عِلْم أَنَّ مِنْ صِفَات الله تَعَالَى الرَّحْمَة لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَرْحَمَهُ ، وَالِانْتِقَام مِمَّنْ أَرَادَ أَنْ يَنْتَقِمَ مِنْهُ ، لَا يَامَنُ اِنْتِقَامَه مَنْ يَرْجُو رَحْمَتَه ، وَلَا يَيْأَسُ مِنْ رَحْمَتِه مَنْ يَخَافُ اِنْتِقَامَهُ، وَذَلِكَ بَاعِثٌ عَلَى مُجَانَبَة السَّيِّئَة ، وَلَوْ كَانَتْ صَغِيرَة ، وَمُلَازَمَةِ الطَّاعَة ، وَلَوْ كَانَتْ قَلِيلَة، وهَذِهِ الْكَلِمَة سِيقَتْ لِتَرْغِيبِ الْمُؤْمِن فِي سَعَةِ رَحْمَةِ الله ، الَّتِي لَوْ عَلِمَهَا الْكَافِر الَّذِي كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ يُخْتَم عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا حَظّ لَهُ فِي الرَّحْمَة ، لَتَطَاوَلَ إِلَيْهَا ، وَلَمْ يَيْأَس مِنْهَا، لِقَطْعِ نَظَره عَنْ الشَّرْط ، مَعَ تَيَقُّنه بِأَنَّهُ عَلَى الْبَاطِل ، وَاسْتِمْرَاره عَلَيْهِ عِنَادًا، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ حَال الْكَافِر ، فَكَيْف لَا يَطْمَع فِيهَا الْمُؤْمِن الَّذِي هَدَاهُ الله لِلْإِيمَانِ؟.

وَالْمَقْصُود مِنْ الْحَدِيث أَنَّ الْمُكَلَّف يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَكُون بَيْن الْخَوْف وَالرَّجَاء ، حَتَّى لَا يَكُون مُفْرِطًا فِي الرَّجَاء ، بِحَيْثُ يَصِير مِنْ الْمُرْجِئَة الْقَائِلِينَ: لَا يَضُرّ مَعَ الْإِيمَان شَيْء ، وَلَا فِي الْخَوْف ، بِحَيْثُ لَا يَكُون مِنْ الْخَوَارِج وَالْمُعْتَزِلَة ، الْقَائِلِينَ بِتَخْلِيدِ صَاحِب الْكَبِيرَة إِذَا مَاتَ عَنْ غَيْر تَوْبَة فِي النَّار، بَلْ يَكُون وَسَطًا بَيْنهمَا ، كَمَا قَالَ الله تَعَالَى:{يَرْجُونَ رَحْمَتَهُ ، وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ} [الإسراء: 57] وَمَنْ تَتَبَّعَ دِين الْإِسْلَام ، وَجَدَ قَوَاعِدَه أُصُولًا وَفُرُوعًا ، كُلَّهَا فِي جَانِب الْوَسَط. فتح الباري (ج 18 / ص 291)

(21)

(م) 2755

(22)

(خ) 6104 ، (م) 2755

(23)

(حم) 8396 ، وقال الشيخ شعيب الأرناءوط: إسناده صحيح.

(24)

(خ) 6104 ، (م) 2755

(25)

(حم) 8396 ، (م) 2755 ، صَحِيح الْجَامِع: 1766 ، والصحيحة: 1634

ص: 117

(خ م)، وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ: قَدِمَ سَبْيٌ (1) عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَإِذَا امْرَأَةٌ مِنْ السَّبْيِ تَبْتَغِي (2)[إِذْ](3) وَجَدَتْ صَبِيًّا فِي السَّبْيِ ، فَأَخَذَتْهُ فَأَلْصَقَتْهُ بِبَطْنِهَا وَأَرْضَعَتْهُ (4) فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" أَتَرَوْنَ (5) هَذِهِ الْمَرْأَةَ طَارِحَةً وَلَدَهَا فِي النَّارِ (6)؟ "، فَقُلْنَا: لَا وَاللهِ وَهِيَ تَقْدِرُ عَلَى أَنْ لَا تَطْرَحَهُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" لَلهُ أَرْحَمُ بِعِبَادِهِ مِنْ هَذِهِ بِوَلَدِهَا "(7)

الشرح (8)

(1) السبي: الأسرى من النساء والأطفال.

(2)

مِنْ الِابْتِغَاء، وَهُوَ: الطَّلَب والبحث عن الشيء.

(3)

(طس) 3011

(4)

عُرِفَ مِنْ سِيَاقِهِ أَنَّهَا كَانَتْ فَقَدَتْ صَبِيَّهَا ، وَتَضَرَّرَتْ بِاجْتِمَاعِ اللَّبَن فِي ثَدْيهَا، فَكَانَتْ إِذَا وَجَدَتْ صَبِيًّا أَرْضَعَتْهُ لِيَخِفَّ عَنْهَا، فَلَمَّا وَجَدَتْ صَبِيَّهَا بِعَيْنِهِ ، أَخَذَتْهُ فَالْتَزَمَتْهُ. فتح الباري - (ج 17 / ص 131)

(5)

أَيْ: أَتَظُنُّونَ؟. فتح الباري - (ج 17 / ص 131)

(6)

فِي الْحَدِيث جَوَازُ النَّظَرِ إلَى النِّسَاءِ الْمَسْبِيَّات، لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَنْهَ عَنْ النَّظَر إِلَى الْمَرْأَة الْمَذْكُورَة، بَلْ فِي سِيَاقِ الْحَدِيثِ مَا يَقْتَضِي إِذْنَهُ فِي النَّظَر إِلَيْهَا. فتح الباري - (ج 17 / ص 131)

(7)

(م) 2754 ، (خ) 5653

(8)

كَأَنَّ الْمُرَاد بِالْعِبَادِ هُنَا مَنْ مَاتَ عَلَى الْإِسْلَام، وَيُؤَيِّدُهُ مَا أَخْرَجَهُ أَحْمَد وَالْحَاكِم مِنْ حَدِيث أَنَس قَالَ:" مَرَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِه وَصَبِيٌّ عَلَى الطَّرِيق، فَلَمَّا رَأَتْ أُمّه الْقَوْم خَشِيَتْ عَلَى وَلَدهَا أَنْ يُوطَأ، فَأَقْبَلَتْ تَسْعَى وَتَقُول: اِبْنِي ، اِبْنِي، وَسَعَتْ فَأَخَذَتْهُ، فَقَالَ الْقَوْم: يَا رَسُول الله مَا كَانَتْ هَذِهِ لِتُلْقِي اِبْنهَا فِي النَّار، فَقَالَ: وَلَا الله بِطَارِحٍ حَبِيبه فِي النَّار " ، فَالتَّعْبِير بِحَبِيبِهِ يُخْرِج الْكَافِرَ ، وَكَذَا مَنْ شَاءَ إِدْخَالَهُ مِمَّنْ لَمْ يَتُبْ مِنْ مُرْتَكِبِي الْكَبَائِر، وَهُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلّ شَيْء ، فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ} [الأعراف: 156]

فَهِيَ عَامَّةٌ مِنْ جِهَة الصَّلَاحِيَّة ، وَخَاصَّةٌ بِمَنْ كُتِبَتْ لَهُ. فتح الباري (17/ 131)

ص: 118

(ك)، وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ صَبِيٌّ عَلَى ظَهْرِ الطَّرِيقِ، " فَمَرَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَمَعَهُ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ "، فَلَمَّا رَأَتْ أُمُّ الصَّبِيِّ الْقَوْمَ ، خَشِيَتْ أَنْ يُوطَأَ ابْنُهَا، فَأَقْبَلَتْ تَسْعَى وَقَالَتْ: ابْنِي ، ابْنِي، فَأَخَذَتْهُ، فَقَالَ الْقَوْمُ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا كَانَتْ هَذِهِ لَتُلْقِيَ ابْنَهَا فِي النَّارِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" وَلَا اللهُ عز وجل يُلْقِي حَبِيبَهُ فِي النَّارِ "(1)

(1)(ك) 194 ، (حم) 12037 ، صَحِيح الْجَامِع: 7095 ، الصَّحِيحَة: 2407 وقال شعيب الأرناءوط في: إسناده صحيح.

ص: 119

(خد)، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ وَمَعَهُ صَبِيٌّ، فَجَعَلَ يَضُمُّهُ إِلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" أَتَرْحَمُهُ؟ "، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ:" فَاللهُ أَرْحَمُ بِكَ مِنْكَ بِهِ، وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ "(1)

(1)(خد) 377 ، (ن) 7664 ، انظر صَحْيح الْأَدَبِ الْمُفْرَد: 298

ص: 120

(جة)، وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ اللهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي إِنَّ اللهَ وَضَعَ عَنْ أُمَّتِي (1) الْخَطَأَ ، وَالنِّسْيَانَ ، وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ "(2)

(1)(جة) 2045

(2)

(جة) 2043 ، (حب) 7219 ، وصححه الألباني في الإرواء: 82، وهداية الرواة: 6248

وقال الألباني في الإرواء: ومما يشهد له أيضا ما رواه مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما نزلت {ربنا لَا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا} قال الله تعالى: قد فعلت .. الحديث ، ورواه أيضا من حديث أبي هريرة.

وقول ابن رجب: " وليس واحد منهما مصرِّحًا برفعه " لَا يضرُّه ، فإنه لَا يُقال من قِبَل الرأي ، فَلَه حكم المرفوع كما هو ظاهر. أ. هـ

ص: 121

(ت جة حم)، وَعَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (" إِنَّ مِنْ قِبَلِ الْمَغْرِبِ بَابًا مَسِيرَةُ عَرْضِهِ سَبْعُونَ عَامًا)(1)(فَتَحَهُ اللهُ عز وجل لِلتَّوْبَةِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ)(2)(فلَا يَزَالُ ذَلِكَ الْبَابُ مَفْتُوحًا لِلتَّوْبَةِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ نَحْوِهِ ، فَإِذَا طَلَعَتْ مِنْ نَحْوِهِ لَمْ يَنْفَعْ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا ")(3)

(1)(ت) 3535

(2)

(حم) 18120 ، وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط: إسناده حسن.

(3)

(جة) 4070 ، (ت) 3536 ، (حم) 18125، انظر صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب: 3137 ، هداية الرواة: 2284

ص: 122

(م)، وَعَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ اللهَ عز وجل يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ ، لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ ، لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ ، حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا (1) "(2)

(1) بَسْط الْيَد: كِنَايَةٌ عَنْ قَبُولِ التَّوْبَة.

وَإِنَّمَا وَرَدَ لَفْظُ (بَسْط الْيَد) لِأَنَّ الْعَرَب إِذَا رَضِيَ أَحَدُهمْ الشَّيْء بَسَطَ يَده لِقَبُولِهِ وَإِذَا كَرِهَهُ قَبَضَهَا عَنْهُ، فَخُوطِبُوا بِأَمْرٍ حِسِّيّ يَفْهَمُونَهُ. شرح النووي (9/ 130)

(2)

(م) 2759 ، (حم) 19547

ص: 123

(ت د جة حم)، وعَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (" مَا مِنْ عَبْدٍ يُذْنِبُ ذَنْبًا)(1)(ثُمَّ يَقُومُ)(2)(فَيَتَوَضَّأُ فَيُحْسِنُ الْوُضُوءَ ، ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ)(3)(ثُمَّ يَسْتَغْفِرُ اللهَ تَعَالَى لِذَلِكَ الذَّنْبِ ، إِلَّا غَفَرَ اللهُ لَهُ ، وَقَرَأَ هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ: {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرْ اللهَ يَجِدْ اللهَ غَفُورًا رَحِيمًا} (4){وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ ، وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللهَ ، وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} (5) ") (6)

(1)(د) 1521 ، (ت) 406 ، 3006

(2)

(ت) 406 ، 3006

(3)

(جة) 1395 ، (ت) 406 ، (د) 1521

(4)

[النساء/110]

(5)

[آل عمران/135]

(6)

(حم) 47 ، (د) 1521 ، (ت) 406 ، (جة) 1395 ، انظر صَحِيح الْجَامِع: 5738، صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب: 1621

ص: 124

(خط)، وَعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَرَّ رَجُلٌ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِجُمْجُمَةٍ ، فَنَظَرَ إِلَيْهَا ، فَحَدَّثَ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ ، ثُمَّ قَالَ: يَا رَبِّ ، أَنْتَ أَنْتَ ، وَأَنَا أَنَا ، أَنْتَ الْعَوَّادُ بِالْمَغْفِرَةِ، وَأَنَا الْعَوَّادُ بِالذُّنُوبِ، وَخَرَّ للهِ سَاجِدًا، فَقِيلَ لَهُ: ارْفَعْ رَاسَكَ ، فَأَنْتَ الْعَوَّادُ بِالذُّنُوبِ، وَأَنَا الْعَوَّادُ بِالْمَغْفِرَةِ ، قَالَ: فَغُفِرَ لَهُ "(1)

(1)(خط) 2995 ، (كر) 2272 ، الصَّحِيحَة: 3231

ص: 125

(جة)، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " لَوْ أَخْطَاتُمْ حَتَّى تَبْلُغَ خَطَايَاكُمُ السَّمَاءَ، ثُمَّ تُبْتُمْ ، لَتَابَ عَلَيْكُمْ "(1)

(1)(جة) 4248 ، صَحِيح الْجَامِع: 5235 ، الصَّحِيحَة: 903

ص: 126

(طب)، وَعَنْ سَلَمَةَ بْنِ نُفَيْلٍ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إلَى رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: أَرَأَيْتَ رَجُلًا عَمِلَ الذُّنُوبَ كُلَّهَا فَلَمْ يَتْرُكْ مِنْهَا شَيْئًا وَهُوَ فِي ذَلِكَ لَمْ يَتْرُكْ حَاجَّةً وَلَا دَاجَّةً (1) إِلَّا أَتَاهَا فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ؟ ، قَالَ:" فَهَلْ أَسْلَمْتَ؟ "، قَالَ: أَمَّا أَنَا فَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّكَ رَسُولُ اللهِ ، قَالَ:" نَعَمْ، تَفْعَلُ الْخَيْرَاتِ، وَتَتْرُكُ السَّيِّئَاتِ، فَيَجْعَلُهُنَّ اللهُ لَكَ خَيْرَاتٍ كُلَّهُنَّ "، قَالَ: وَغَدَرَاتِي وَفَجَرَاتِي (2)؟ ، قَالَ:" نَعَمْ "، قَالَ: اللهُ أَكْبَرُ، فَمَا زَالَ يُكَبِّرُ حَتَّى تَوَارَى (3). (4)

(1) الحاجّ والحاجَّة: أحد الحُجاج ، والدَّاجُّ والدَّاجَّة: الأتْبَاع والأعْوانُ ، يُريد الجماعة الحاجَّة ، ومن معهم من أتباعهم. النهاية في غريب الأثر (1/ 895)

(2)

الفجرات: جمع فَجْرة ، وهي المرَّة من الفجور ، وهو اسم جامع لكل شر.

(3)

توارى: استتر واختفى وغاب.

(4)

(طب) 7235 ، (خط) 1156 ، الصَّحِيحَة: 3391 ، صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب: 3164

ص: 127

(خ م جة)، وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (" كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ رَجُلٌ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ إِنْسَانًا)(1)(ثُمَّ عَرَضَتْ لَهُ التَّوْبَةُ ، فَسَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الْأَرْضِ ، فَدُلَّ عَلَى رَاهِبٍ (2) فَأَتَاهُ فَقَالَ: إِنِّي قَتَلْتُ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا ، فَهَلْ لِي مِنْ تَوْبَةٍ؟ ، فَقَالَ: بَعْدَ تِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ نَفْسًا؟) (3)(لَا)(4) (لَيْسَتْ لَكَ تَوْبَةٌ ، فَقَتَلَهُ فَكَمَّلَ بِهِ مِائَةً ، ثُمَّ سَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الْأَرْضِ ، فَدُلَّ عَلَى رَجُلٍ عَالِمٍ ، فَقَالَ: إِنِّي قَتَلْتُ مِائَةَ نَفْسٍ ، فَهَلْ لِي مِنْ تَوْبَةٍ؟ ،

قَالَ: نَعَمْ (5) وَمَنْ يَحُولُ بَيْنَكَ وَبَيْنَ التَّوْبَةِ؟) (6)(اخْرُجْ مِنْ الْقَرْيَةِ الْخَبِيثَةِ الَّتِي أَنْتَ فِيهَا إِلَى الْقَرْيَةِ الصَّالِحَةِ ، قَرْيَةِ كَذَا وَكَذَا)(7)(فَإِنَّ بِهَا أُنَاسًا يَعْبُدُونَ اللهَ ، فَاعْبُدْ اللهَ مَعَهُمْ ، وَلَا تَرْجِعْ إِلَى أَرْضِكَ ، فَإِنَّهَا أَرْضُ سَوْءٍ ، فَانْطَلَقَ)(8)(يُرِيدُ الْقَرْيَةَ الصَّالِحَةَ)(9)(حَتَّى إِذَا نَصَفَ الطَّرِيقَ ، أَتَاهُ الْمَوْتُ ، فَاخْتَصَمَتْ فِيهِ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ وَمَلَائِكَةُ الْعَذَابِ ، فَقَالَتْ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ: جَاءَ تَائِبًا مُقْبِلًا بِقَلْبِهِ إلى اللهِ ، وَقَالَتْ مَلَائِكَةُ الْعَذَابِ: إِنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ ، فَأَتَاهُمْ مَلَكٌ فِي صُورَةِ آدَمِيٍّ ، فَجَعَلُوهُ بَيْنَهُمْ (10) فَقَالَ: قِيسُوا مَا بَيْنَ الْأَرْضَيْنِ فَإِلَى أَيَّتِهِمَا كَانَ) (11)(أَقْرَبَ ، فَأَلْحِقُوهُ بِأَهْلِهَا)(12)(فَأَوْحَى اللهُ إِلَى هَذِهِ أَنْ تَقَرَّبِي (13) وَأَوْحَى اللهُ إِلَى هَذِهِ أَنْ تَبَاعَدِي (14) فَقَاسُوهُ ، فَوَجَدُوهُ أَقْرَبَ بِشِبْرٍ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي أَرَادَ ، فَقَبَضَتْهُ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ (15) ") (16)

(1)(خ) 3283

(2)

فِيهِ إِشْعَارٌ بِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ بَعْدَ رَفْعِ عِيسَى عليه السلام لِأَنَّ الرَّهْبَانِيَّة إِنَّمَا اِبْتَدَعَهَا أَتْبَاعُه ، كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْقُرْآن. فتح الباري (ج 10 / ص 273)

(3)

(جة) 2626 ، (م) 2766

(4)

(خ) 3283 ، (م) 2766

(5)

هَذَا مَذْهَبُ أَهْلِ الْعِلْم، وَإِجْمَاعُهُمْ عَلَى صِحَّةِ تَوْبَةِ الْقَاتِلِ عَمْدًا، وَلَمْ يُخَالِفْ أَحَدٌ مِنْهُمْ إِلَّا اِبْن عَبَّاس ، وَأَمَّا مَا نُقِلَ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ مِنْ خِلَافِ هَذَا ، فَمُرَادُ قَائِلِه الزَّجْرُ عَنْ سَبَبِ التَّوْبَة، لَا أَنَّهُ يَعْتَقِدُ بُطْلَانَ تَوْبَتِه وَهَذَا الْحَدِيثُ ظَاهِرٌ فِيهِ، وَهُوَ إِنْ كَانَ شَرْعًا لِمَنْ قَبْلنَا، وَفِي الِاحْتِجَاجِ بِهِ خِلَاف ، فَلَيْسَ مَوْضِعَ خِلَاف، وَإِنَّمَا مَوْضِعُهُ إِذَا لَمْ يَرِدْ شَرْعُنَا بِمُوَافَقَتِهِ وَتَقْرِيرِه، فَإِنْ وَرَدَ ، كَانَ شَرْعًا لَنَا بِلَا شَكٍّ، وَهَذَا قَدْ وَرَدَ شَرْعُنَا بِهِ ، وَهُوَ قَوْله تَعَالَى:{وَاَلَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ الله إِلَهًا آخَر وَلَا يَقْتُلُونَ} إِلَى قَوْله: {إِلَّا مَنْ تَابَ} الْآيَة.

وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى: {وَمَنْ يَقْتُل مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّم خَالِدًا فِيهَا} فَالصَّوَاب فِي مَعْنَاهَا: أَنَّ جَزَاءَهُ جَهَنَّم، وَقَدْ يُجَازَى بِهِ، وَقَدْ يُجَازَى بِغَيْرِهِ ، وَقَدْ لَا يُجَازَى ، بَلْ يُعْفَى عَنْهُ، فَإِنْ قَتَلَ عَمْدًا مُسْتَحِلًّا لَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ وَلَا تَاوِيل، فَهُوَ كَافِرٌ مُرْتَدّ، يَخْلُدُ بِهِ فِي جَهَنَّمَ بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُسْتَحِلّ ، بَلْ مُعْتَقِدًا تَحْرِيمَه ، فَهُوَ فَاسِقٌ عَاصٍ مُرْتَكِبٌ كَبِيرَة، جَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا، لَكِنْ بِفَضْلِ اللهِ تَعَالَى أَخْبَرَ أَنَّهُ لَا يُخَلَّدُ مَنْ مَاتَ مُوَحِّدًا فِيهَا، فَلَا يَخْلُدُ هَذَا، وَقَدْ يُعْفَى عَنْهُ فَلَا يَدْخُلُ النَّارَ أَصْلًا، وَقَدْ لَا يُعْفَى عَنْهُ، بَلْ يُعَذَّبُ كَسَائِرِ الْعُصَاةِ الْمُوَحِّدِينَ، ثُمَّ يَخْرُجُ مَعَهُمْ إِلَى الْجَنَّة، وَلَا يُخَلَّدُ فِي النَّار، فَهَذَا هُوَ الصَّوَاب فِي مَعْنَى الْآيَة، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ يَسْتَحِقُّ أَنْ يُجَازَى بِعُقُوبَةٍ مَخْصُوصَةٍ أَنْ يَتَحَتَّم ذَلِكَ الْجَزَاء وَلَيْسَ فِي الْآيَةِ إِخْبَارٌ بِأَنَّهُ يُخَلَّدُ فِي جَهَنَّم، وَإِنَّمَا فِيهَا أَنَّهَا {جَزَاؤُهُ} أَيْ: يَسْتَحِقُّ أَنْ يُجَازَى بِذَلِكَ.

وَقِيلَ: الْمُرَاد بِالْخُلُودِ: طُول الْمُدَّة ، لَا الدَّوَام. شرح النووي (9/ 143)

(6)

(م) 2766 ، (جة) 2626

(7)

(جة) 2626

(8)

(م) 2766

(9)

(جة) 2626

(10)

أَيْ: جَعَلُوهُ بَيْنَهُمْ حَكَمًا.

(11)

(م) 2766

(12)

(جة) 2626

(13)

أَيْ: الْقَرْيَة الَّتِي قَصَدَهَا. فتح الباري (ج 10 / ص 273)

(14)

أَيْ: إِلَى الْقَرْيَة الَّتِي خَرَجَ مِنْهَا. فتح الباري (ج 10 / ص 273)

(15)

فِي الْحَدِيث فَضْلُ التَّحَوُّلِ مِنْ الْأَرْضِ الَّتِي يُصِيبُ الْإِنْسَانُ فِيهَا الْمَعْصِيَة ، لِمَا يَغْلِبُ بِحُكْمِ الْعَادَةِ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ.

وَفِيهِ فَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِد ، لِأَنَّ الَّذِي أَفْتَاهُ أَوَّلًا بِأَنْ لَا تَوْبَةَ لَهُ ، غَلَبَتْ عَلَيْهِ الْعِبَادَة ، فَاسْتَعْظَمَ وُقُوعَ مَا وَقَعَ مِنْ ذَلِكَ الْقَاتِل ، مِنْ اِسْتِجْرَائِهِ عَلَى قَتْلِ هَذَا الْعَدَدِ الْكَثِير، وَأَمَّا الثَّانِي فَغَلَبَ عَلَيْهِ الْعِلْم ، فَأَفْتَاهُ بِالصَّوَابِ، وَدَلَّهُ عَلَى طَرِيقِ النَّجَاة، وَفِيهِ أَنَّ لِلْحَاكِمِ إِذَا تَعَارَضَتْ عِنْدَهُ الْأَحْوَالُ ، وَتَعَدَّدَتْ الْبَيِّنَاتُ ، أَنْ يَسْتَدِلَّ بِالْقَرَائِنِ عَلَى التَّرْجِيح. فتح الباري (10/ 273)

(16)

(م) 2766 ، (خ) 3283

ص: 128

(حم)، وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ إِبْلِيسَ قَالَ لِرَبِّهِ: بِعِزَّتِكَ وَجَلَالِكَ ، لَا أَبْرَحُ أُغْوِي بَنِي آدَمَ مَا دَامَتْ الْأَرْوَاحُ فِيهِمْ ، فَقَالَ اللهُ: فَبِعِزَّتِي وَجَلَالِي ، لَا أَبْرَحُ أَغْفِرُ لَهُمْ مَا اسْتَغْفَرُونِي "(1)

(1)(حم) 11262 ، (ك) 7761 ،صَحِيح الْجَامِع: 1650 ، والصحيحة: 104

ص: 129

(حم)، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ للهِ عُتَقَاءَ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، لِكُلِّ عَبْدٍ مِنْهُمْ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ "(1)

(1)(حم) 7443 ، انظر صَحِيح الْجَامِع: 2169 ، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح على شرط الشيخين.

ص: 130

(طب)، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ اللهَ تبارك وتعالى يَقُولُ: مَنْ عَلِمَ أَنِّي ذُو قُدْرَةٍ عَلَى مَغْفِرَةِ الذُّنُوبِ، غَفَرْتُ لَهُ وَلَا أُبَالِي، مَا لَمْ يُشْرِكْ بِي شَيْئًا "(1)

(1)(طب) 11615 ، (ك) 7676 ، صَحِيح الْجَامِع: 4330 ، المشكاة: 2338

ص: 131

(م حم)، وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (" وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، لَوْ أَخْطَاتُمْ حَتَّى تَمْلَأَ خَطَايَاكُمْ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، ثُمَّ اسْتَغْفَرْتُمُ اللهَ لَغَفَرَ لَكُمْ)(1)(وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللهُ بِكُمْ، وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ ، فَيَسْتَغْفِرُونَ اللهَ فَيَغْفِرُ لَهُمْ ")(2)

الشرح (3)

(1)(حم) 13518 ، انظر صَحِيح الْجَامِع: 5235 ، الصَّحِيحَة: 1951

(2)

(م) 2749 ، (حم) 13518

(3)

قَالَ الطِّيبِيُّ: لَيْسَ الْحَدِيثُ تَسْلِيَةً لِلْمُنْهَمِكِينَ فِي الذُّنُوبِ كَمَا يَتَوَهَّمُهُ أَهْلُ الْغِرَّةِ بِاللهِ، فَإِنَّ الْأَنْبِيَاءَ صلى الله عليه وسلم إِنَّمَا بُعِثُوا لِيَرْدَعُوا النَّاسَ عَنْ غِشْيَانِ الذُّنُوبِ، بَلْ بَيَانٌ لِعَفْوِ اللهِ تَعَالَى وَتَجَاوُزِهِ عَنْ الْمُذْنِبِينَ ، لِيَرْغَبُوا فِي التَّوْبَةِ ، وَالْمَعْنَى الْمُرَادُ مِنْ الْحَدِيثِ هُوَ أَنَّ اللهَ كَمَا أَحَبَّ أَنْ يُعْطِيَ الْمُحْسِنِينَ، أَحَبَّ أَنْ يَتَجَاوَزَ عَنْ الْمُسِيئِينَ وَقَدْ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَسْمَائِهِ: الْغَفَّارُ ، الْحَلِيمُ ، التَّوَّابُ ، الْعَفُوُّ، وَلَمْ يَكُنْ لِيَجْعَلَ الْعِبَادَ شَانًا وَاحِدًا كَالْمَلَائِكَةِ مَجْبُولِينَ عَلَى التَّنَزُّهِ مِنْ الذُّنُوبِ ، بَلْ يَخْلُقُ فِيهِمْ مَنْ يَكُونُ بِطَبْعِهِ مَيَّالًا إِلَى الْهَوَى ، مُتَلَبِّسًا بِمَا يَقْتَضِيهِ ، ثُمَّ يُكَلِّفُهُ التَّوَقِّيَ عَنْهُ ، وَيُحَذِّرُهُ مِنْ مُدَانَاتِهِ ، وَيُعَرِّفُهُ التَّوْبَةَ بَعْدَ الِابْتِلَاءِ فَإِنْ وَفَّى فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ، وَإِنْ أَخْطَأَ الطَّرِيقَ ، فَالتَّوْبَةُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَأَرَادَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِهِ أَنَّكُمْ لَوْ كُنْتُمْ مَجْبُولِينَ عَلَى مَا جُبِلَتْ عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةُ ، لَجَاءَ اللهُ بِقَوْمٍ يَتَأَتَّى مِنْهُمْ الذَّنْبُ ، فَيَتَجَلَّى عَلَيْهِمْ بِتِلْكَ الصِّفَاتِ عَلَى مُقْتَضَى الْحِكْمَةِ، فَإِنَّ الْغَفَّارَ يَسْتَدْعِي مَغْفُورًا ، كَمَا أَنَّ الرَّزَّاقَ يَسْتَدْعِي مَرْزُوقًا. تحفة الأحوذي (6/ 317)

ص: 132

(خ م)، وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (" لَلهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ حِينَ يَتُوبُ إِلَيْهِ أَحَدِكُمْ كَانَ عَلَى رَاحِلَتِهِ بِأَرْضِ فَلَاةٍ (1)) (2)(مُهْلِكَةٍ ، فَنَامَ)(3)(فَانْفَلَتَتْ مِنْهُ وَعَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ)(4)(فَاسْتَيْقَظَ وَقَدْ ذَهَبَتْ ، فَطَلَبَهَا حَتَّى أَدْرَكَهُ الْعَطَشُ)(5)(فَأَيِسَ مِنْهَا)(6)(فَقَالَ: أَرْجِعُ إِلَى مَكَانِيَ الَّذِي كُنْتُ فِيهِ فَأَنَامُ حَتَّى أَمُوتَ ، فَوَضَعَ رَأْسَهُ عَلَى سَاعِدِهِ لِيَمُوتَ)(7)(قَدْ أَيِسَ مِنْ رَاحِلَتِهِ ، فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ إِذَا هُوَ بِهَا قَائِمَةً عِنْدَهُ، فَأَخَذَ بِخِطَامِهَا ، ثُمَّ قَالَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ: اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ - أَخْطَأَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ -)(8)(فَاللهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ الْعَبْدِ مِنْ هَذَا بِرَاحِلَتِهِ وَزَادِهِ ")(9)

(1) الْفَلَاةُ: الْقَفْرُ ، أَوْ الْمَفَازَةُ لَا مَاءَ فِيهَا ، وَالصَّحْرَاءُ الْوَاسِعَةُ. تحفة (6/ 290)

(2)

(م) 2747 ، (خ) 5950

(3)

(م) 2744 ، (خ) 5949

(4)

(م) 2747 ، (ت) 2498

(5)

(م) 2744 ، (خ) 5949

(6)

(م) 2747 ، (ت) 2498

(7)

(م) 2744 ، (خ) 5949

(8)

(م) 2747

(9)

(م) 2744

ص: 133

(خ م)، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (" قَالَتْ الْمَلَائِكَةُ: رَبِّ ذَاكَ عَبْدُكَ يُرِيدُ أَنْ يَعْمَلَ سَيِّئَةً)(1)(فَقَالَ اللهُ تَعَالَى: إِذَا أَرَادَ عَبْدِي أَنْ يَعْمَلَ سَيِّئَةً ، فلَا تَكْتُبُوهَا عَلَيْهِ حَتَّى يَعْمَلَهَا (2)) (3)

(فَأَنَا أَغْفِرُهَا لَهُ مَا لَمْ يَعْمَلْهَا)(4)(فَإِنْ عَمِلَهَا ، فَاكْتُبُوهَا بِمِثْلِهَا، وَإِنْ تَرَكَهَا مِنْ أَجْلِي ، فَاكْتُبُوهَا لَهُ حَسَنَةً، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَعْمَلَ حَسَنَةً فَلَمْ يَعْمَلْهَا ، فَاكْتُبُوهَا لَهُ حَسَنَةً، فَإِنْ عَمِلَهَا ، فَاكْتُبُوهَا لَهُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا ، إِلَى سَبْعِ مِائَةِ ضِعْفٍ ")(5)

(1)(م) 129 ، (حم) 8203

(2)

مَذْهَب الْقَاضِي أَبِي بَكْر بْن الطَّيِّب أَنَّ مَنْ عَزَمَ عَلَى الْمَعْصِيَة بِقَلْبِهِ ، وَوَطَّنَ نَفْسه عَلَيْهَا، أَثِمَ فِي اِعْتِقَاده وَعَزْمِه ، وَيُحْمَل مَا وَقَعَ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيث وَأَمْثَاله عَلَى أَنَّ ذَلِكَ فِيمَنْ لَمْ يُوَطِّنْ نَفْسَه عَلَى الْمَعْصِيَة، وَإِنَّمَا مَرَّ ذَلِكَ بِفِكْرِهِ مِنْ غَيْر اِسْتِقْرَار، وَيُسَمَّى هَذَا هَمًّا ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ الْهَمِّ وَالْعَزْم.

قَالَ الْقَاضِي عِيَاض رحمه الله: عَامَّةُ السَّلَفِ وَأَهْل الْعِلْم مِنْ الْفُقَهَاء وَالْمُحَدِّثِينَ عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْقَاضِي أَبُو بَكْر ، لِلْأَحَادِيثِ الدَّالَّة عَلَى الْمُؤَاخَذَة بِأَعْمَالِ الْقُلُوب، لَكِنَّهُمْ قَالُوا: إِنَّ هَذَا الْعَزْمَ يُكْتَبُ سَيِّئَةً ، وَلَيْسَتْ السَّيِّئَةُ الَّتِي هَمَّ بِهَا لِكَوْنِهِ لَمْ يَعْمَلهَا ، وَقَطَعَهُ عَنْهَا قَاطِعٌ غَيْرُ خَوْفِ الله تَعَالَى وَالْإِنَابَة ، لَكِنَّ نَفْس الْإِصْرَار وَالْعَزْم مَعْصِيَة ، فَتُكْتَب مَعْصِيَةً ، فَإِذَا عَمِلَهَا كُتِبَتْ مَعْصِيَةً ثَانِيَة.

فَإِنْ تَرَكَهَا خَشْيَةً للهِ تَعَالَى ، كُتِبَتْ حَسَنَة كَمَا فِي الْحَدِيث " وَإِنْ تَرَكَهَا مِنْ أَجْلِي " فَصَارَ تَرْكُهُ لَهَا لِخَوْفِ الله تَعَالَى ، وَمُجَاهَدَتِه نَفْسَه الْأَمَّارَةَ بِالسُّوءِ فِي ذَلِكَ ، وَعِصْيَانه هَوَاهُ ، حَسَنَةً ، فَأَمَّا الْهَمّ الَّذِي لَا يُكْتَب ، فَهِيَ الْخَوَاطِر الَّتِي لَا تُوَطَّنُ النَّفْس عَلَيْهَا، وَلَا يَصْحَبُهَا عَقْد وَلَا نِيَّة وَعَزْم.

وَقَدْ تَظَاهَرَتْ نُصُوص الشَّرْع بِالْمُؤَاخَذَةِ بِعَزْمِ الْقَلْبِ الْمُسْتَقِرّ ، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى:{إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيع الْفَاحِشَة فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَاب أَلِيم} الْآيَة ، وَقَوْله تَعَالَى:{اِجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنْ الظَّنّ ، إِنَّ بَعْض الظَّنّ إِثْم} .

وَقَدْ تَظَاهَرَتْ نُصُوص الشَّرْع وَإِجْمَاع الْعُلَمَاء عَلَى تَحْرِيم الْحَسَد ، وَاحْتِقَار الْمُسْلِمِينَ ، وَإِرَادَةِ الْمَكْرُوه بِهِمْ ، وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ أَعْمَال الْقُلُوب وَعَزْمهَا ، وَالله أَعْلَم. شرح النووي على مسلم - (ج 1 / ص 247)

(3)

(خ) 7062 ، (م) 128

(4)

(م) 129

(5)

(خ) 7062 ، (م) 128

ص: 134

(خ م)، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (" إِنَّ عَبْدًا أَذْنَبَ ذَنْبًا فَقَالَ: رَبِّ إِنِّي أَذْنَبْتُ ذَنْبًا فَاغْفِرْهُ لِي)(1)(فَقَالَ اللهُ تبارك وتعالى: أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْبًا، فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ ، وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ (2)) (3)(قَدْ غَفَرْتُ لِعَبْدِي ، ثُمَّ مَكَثَ مَا شَاءَ اللهُ (4) ثُمَّ أَذْنَبَ ذَنْبًا ، فَقَالَ: رَبِّ أَذْنَبْتُ ذَنْبًا آخَرَ فَاغْفِرْهُ لِي) (5)(فَقَالَ اللهُ تبارك وتعالى: عَبْدِي أَذْنَبَ ذَنْبًا، فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ)(6)(قَدْ غَفَرْتُ لِعَبْدِي، ثُمَّ مَكَثَ مَا شَاءَ اللهُ ، ثُمَّ أَذْنَبَ ذَنْبًا ، فَقَالَ: رَبِّ أَذْنَبْتُ ذَنْبًا آخَرَ ، فَاغْفِرْهُ لِي)(7)(فَقَالَ اللهُ تبارك وتعالى: أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْبًا، فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ ، وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ، قَدْ غَفَرْتُ لِعَبْدِي ، فَلْيَعْمَلْ مَا شَاءَ ")(8)

الشرح (9)

(1)(خ) 7068 ، (م) 2758

(2)

أَيْ: يُعَاقِب فَاعِلَهُ. فتح الباري (ج 21 / ص 89)

(3)

(م) 2758 ، (خ) 7068

(4)

أَيْ: مِنْ الزَّمَان. فتح الباري (ج 21 / ص 89)

(5)

(خ) 7068 ، (م) 2758

(6)

(م) 2758 ، (خ) 7068

(7)

(خ) 7068 ، (م) 2758

(8)

(م) 2758 ، (خ) 7068

(9)

أَيْ: مَا دُمْتَ تُذْنِبُ ثُمَّ تَتُوبُ غَفَرْتُ لَك. شرح النووي (ج9ص129)

وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ فِي الْمُفْهِم: يَدُلّ هَذَا الْحَدِيث عَلَى عَظِيم فَائِدَة الِاسْتِغْفَار ، وَعَلَى عَظِيم فَضْل الله وَسَعَة رَحْمَته وَحِلْمه وَكَرَمِهِ؛ لَكِنَّ هَذَا الِاسْتِغْفَار هُوَ الَّذِي ثَبَتَ مَعْنَاهُ فِي الْقَلْب مُقَارِنًا لِلِّسَانِ ، لِيَنْحَلّ بِهِ عَقْد الْإِصْرَار وَيَحْصُل مَعَهُ النَّدَم ، فَهُوَ تَرْجَمَة لِلتَّوْبَةِ، وَيَشْهَد لَهُ حَدِيث:" خِيَاركُمْ كُلّ مُفْتَن تَوَّاب "، وَمَعْنَاهُ الَّذِي يَتَكَرَّر مِنْهُ الذَّنْب وَالتَّوْبَة ، فَكُلَّمَا وَقَعَ فِي الذَّنْب عَادَ إِلَى التَّوْبَة ، لَا مَنْ قَالَ: أَسْتَغْفِرُ الله بِلِسَانِهِ وَقَلْبه مُصِرّ عَلَى تِلْكَ الْمَعْصِيَة، فَهَذَا الَّذِي اِسْتِغْفَاره يَحْتَاج إِلَى الِاسْتِغْفَار ، قَالَ الْقُرْطُبِيّ: وَفَائِدَة هَذَا الْحَدِيث أَنَّ الْعَوْد إِلَى الذَّنْب وَإِنْ كَانَ أَقْبَح مِنْ اِبْتِدَائِهِ؛ لِأَنَّ مُلَابَسَة الذَّنْب نَقْضٌ للتَّوْبَة؛ لَكِنَّ الْعَوْد إِلَى التَّوْبَة أَحْسَن مِنْ اِبْتِدَائِهَا؛ لِأَنَّ مُلَازَمَة الطَّلَب مِنْ الْكَرِيم وَالْإِلْحَاح فِي سُؤَاله وَالِاعْتِرَاف بِأَنَّهُ لَا غَافِر لِلذَّنْبِ سِوَاهُ، وَذَكَرَ النَّوَوِيّ فِي " كِتَاب الْأَذْكَار " عَنْ الرَّبِيع بْن خَيْثَمٍ أَنَّهُ قَالَ: لَا تَقُلْ: أَسْتَغْفِر الله وَأَتُوب إِلَيْهِ ، فَيَكُون ذَنْبًا وَكَذِبًا إِنْ لَمْ تَفْعَل ، بَلْ قُلْ: اللهمَّ اِغْفِرْ لِي وَتُبْ عَلَيَّ، قَالَ النَّوَوِيّ: هَذَا حَسَن، وَأَمَّا كَرَاهِيَة أَسْتَغْفِر الله وَتَسْمِيَته كَذِبًا فَلَا يُوَافَق عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ مَعْنَى أَسْتَغْفِر الله أَطْلُب مَغْفِرَته وَلَيْسَ هَذَا كَذِبًا، قَالَ: وَيَكْفِي فِي رَدّه حَدِيث اِبْن مَسْعُود بِلَفْظِ: مَنْ قَالَ أَسْتَغْفِر الله الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الْحَيّ الْقَيُّوم وَأَتُوب إِلَيْهِ غُفِرَتْ ذُنُوبه وَإِنْ كَانَ قَدْ فَرَّ مِنْ الزَّحْف، أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيّ قُلْت: هَذَا فِي لَفْظ أَسْتَغْفِر الله الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الْحَيّ الْقَيُّوم، وَأَمَّا أَتُوب إِلَيْهِ فَهُوَ الَّذِي عَنَى الرَّبِيع رحمه الله أَنَّهُ كَذِب ، وَهُوَ كَذَلِكَ إِذَا قَالَهُ وَلَمْ يَفْعَل التَّوْبَة كَمَا قَالَ، وَفِي الِاسْتِدْلَال لِلرَّدِّ عَلَيْهِ بِحَدِيثِ اِبْن مَسْعُود نَظَر ، لِجَوَازِ أَنْ يَكُون الْمُرَاد مِنْهُ مَا إِذَا قَالَهَا وَفَعَلَ شُرُوط التَّوْبَة. فتح الباري (ج 21 / ص 89)

ص: 135

(خ م س حم)، وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (" إنَّ رَجُلًا فِيمَنْ قَبْلَكُمْ أَعْطَاهُ اللهُ مَالًا وَوَلَدًا)(1)(فَأَسْرَفَ عَلَى نَفْسِهِ (2)) (3)(فَلَمْ يَعْمَلْ مِنْ الْخَيْرِ شَيْئًا قَطُّ إِلَّا التَّوْحِيدَ)(4)(فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قَالَ لِبَنِيهِ: أَيَّ أَبٍ كُنْتُ لَكُمْ؟ قَالُوا: خَيْرَ أَبٍ)(5)(قَالَ: فَإِنِّي لَمْ أَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ ، فَإِذَا أَنَا مُتُّ فَأَحْرِقُونِي)(6)(حَتَّى إِذَا صِرْتُ فَحْمًا فَاطْحَنُونِي)(7)(ثُمَّ اذْرُوا (8) نِصْفِيَ فِي الْبَرِّ) (9)(فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ)(10)(وَنِصْفِي فِي الْبَحْرِ)(11)(فَوَاللهِ لَئِنْ قَدَرَ عَلَيَّ رَبِّي لَيُعَذِّبَنِّي عَذَابًا مَا عَذَّبَهُ بِهِ أَحَدًا)(12)(مِنْ الْعَالَمِينَ (13)) (14)(فَلَمَّا مَاتَ الرَّجُلُ فَعَلُوا مَا أَمَرَهُمْ بِهِ)(15)(فَقَالَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا: أَدِّ مَا أَخَذْتَ مِنْهُ)(16) وفي رواية: (فَأَمَرَ اللهُ الْبَحْرَ فَجَمَعَ مَا فِيهِ ، وَأَمَرَ الْبَرَّ فَجَمَعَ مَا فِيهِ)(17)(فَإِذَا هُوَ قَائِمٌ)(18)(فِي قَبْضَةِ اللهِ (19)) (20)(فَقَالَ لَهُ: مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ؟، قَالَ: خَشْيَتُكَ يَا رَبِّ، قَالَ: فَغَفَرَ اللهُ لَهُ بِذَلِكَ ")(21)

(1)(خ) 7069 ، (م) 2757

(2)

أَيْ: أَسْرَفَ عَلَى نَفْسِهِ بِكَثْرَةِ الْمَعَاصِي.

(3)

(م) 2756 ، (س) 2079

(4)

(حم) 3785 ، 8027 ، وقال الشيخ شعيب الأرناءوط: إسناده صحيح.

(5)

(خ) 7069

(6)

(خ) 3291 ، (م) 2757

(7)

(خ) 6116 ، (حم) 3785

(8)

مِنْ قَوْله أَذْرَتْ الرِّيحُ الشَّيْء إِذَا فَرَّقَتْهُ بِهُبُوبِهَا. فتح الباري (10/ 284)

(9)

(خ) 7067 ، (م) 2756

(10)

(خ) 3291

(11)

(خ) 7067 ، (م) 2756

(12)

(خ) 3294 ، (م) 2756

(13)

قَالَ الْخَطَّابِيُّ: قَدْ يُسْتَشْكَل هَذَا فَيُقَال: كَيْف يُغْفَر لَهُ وَهُوَ مُنْكِر لِلْبَعْثِ وَالْقُدْرَة عَلَى إِحْيَاء الْمَوْتَى؟ ، وَالْجَوَاب أَنَّهُ لَمْ يُنْكِر الْبَعْث ، وَإِنَّمَا جَهِلَ ، فَظَنَّ أَنَّهُ إِذَا فُعِلَ بِهِ ذَلِكَ لَا يُعَاد فَلَا يُعَذَّب، وَقَدْ ظَهَرَ إِيمَانُه بِاعْتِرَافِهِ بِأَنَّهُ إِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ مِنْ خَشْيَة الله. فتح الباري (ج 10 / ص 284)

(14)

(خ) 7067 ، (م) 2756

(15)

(م) 2756 ، (خ) 3294

(16)

(س) 2079 ، (م) 2756

(17)

(خ) 7067 ، (م) 2756

(18)

(خ) 3294 ، (م) 2756

(19)

فيه دليل على أن الميت يحاسب جسداً وروحاً، وإلا لو كان يحاسب روحاً دون جسدٍ، أو في جسد آخر، لما قال الله للأرض: أَدِّ مَا أَخَذْت مِنْهُ ، والله أعلم. ع

وَلَيْسَ كَمَا قَالَ بَعْضهمْ إِنَّهُ خَاطَبَ رُوحه، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُنَاسِب قَوْله " فَجَمَعَهُ الله " لِأَنَّ التَّحْرِيق وَالتَّفْرِيق إِنَّمَا وَقَعَ عَلَى الْجَسَد، وَهُوَ الَّذِي يُجْمَع وَيُعَاد عِنْد الْبَعْث. فتح الباري (ج 10 / ص 284)

(20)

(حم) 3785 ، 8027

(21)

(م) 2756 ، (خ) 3294

ص: 136

(حم)، وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، لَتَدْخُلُنَّ الْجَنَّةَ كُلُّكُمْ ، إِلَّا مَنْ شَرَدَ عَلَى اللهِ كَشِرَادِ الْبَعِيرِ عَلَى أَهْلِهِ "(1)

(1)(حم) 22280 ، (ك) 184 ، (طس) 808 ، صَحِيح الْجَامِع: 4570 ، الصَّحِيحَة: 2043

ص: 137