الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دُخُولُ الْجِنِّ فِي الْإنْسَانِ مِنْ حِينِ وِلَادَتِه
(خ م حم)، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (" مَا مِنْ مَوْلُودٍ يُولَدُ)(1)(مِنْ بَنِي آدَمَ ، إِلَّا)(2)(يَطْعُنُ الشَّيْطَانُ فِي جَنْبَيْهِ بِإِصْبَعِهِ حِينَ يُولَدُ)(3)(أَلَمْ تَرَوْا إِلَى الصَّبِيِّ حِينَ يَسْقُطُ كَيْفَ يَصْرُخُ؟ " ، قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ ، قَالَ: " فَذَاكَ حِينَ)(4)(يَلْكُزُهُ الشَّيْطَانُ فِي حِضْنَيْهِ (5)) (6)(فَيَسْتَهِلُّ صَارِخًا مِنْ مَسِّ الشَّيْطَانِ إِيَّاهُ (7) إِلَّا مَرْيَمَ ابْنَةَ عِمْرَانَ ، وَابْنَهَا عِيسَى عليهما السلام (8)(ذَهَبَ يَطْعُنُ ، فَطَعَنَ فِي الْحِجَابِ (9) ") (10)(ثُمَّ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ: {وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} (11)) (12).
(1)(خ) 4274
(2)
(خ) 3248
(3)
(خ) 3112 ، (حم) 7866
(4)
(حم) 8801 ، وقال الشيخ الأرناؤوط: إسناده صحيح.
(5)
(حِضْنَيْهِ): تَثْنِيَة حِضْن، وَهُوَ الْجَنْب، وَقِيلَ: الْخَاصِرَة. النووي (9/ 12)
(6)
(حم) 8801 ، (م) 2366
(7)
أَيْ: سَبَبُ صُرَاخ الصَّبِيّ أَوَّل مَا يُولَد ، الْأَلَمُ مِنْ مَسّ الشَّيْطَان إِيَّاهُ، وَالِاسْتِهْلَال: الصِّيَاح. فتح الباري (ج10ص231)
(8)
(خ) 4274 ، (م) 2366
(9)
الْمُرَاد بِالْحِجَابِ: الْجِلْدَةُ الَّتِي فِيهَا الْجَنِين ، أَيْ: فِي الْمَشِيمَةِ الَّتِي فِيهَا الْوَلَدُ أَوْ الثَّوْبُ الْمَلْفُوفُ عَلَى الطِّفْل.
قَالَ الْقُرْطُبِيّ: هَذَا الطَّعْنُ مِنْ الشَّيْطَانِ هُوَ اِبْتِدَاءُ التَّسْلِيط، فَحَفِظَ اللهُ مَرْيَمَ وَابْنَهَا مِنْهُ بِبَرَكَةِ دَعْوَةِ أُمِّهَا حَيْثُ قَالَتْ:{إِنِّي أُعِيذُهَا بِك وَذُرِّيَّتَهَا مِنْ الشَّيْطَان الرَّجِيم} وَلَمْ يَكُنْ لِمَرْيَم ذُرِّيَّةٌ غَيْرُ عِيسَى. فتح (10/ 231)
(10)
(خ) 3112 ، (حم) 10783
(11)
[آل عمران/36]
(12)
(خ) 4274 ، (م) 2366
(م)، وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَقَدْ وُكِّلَ بِهِ قَرِينُهُ مِنْ الْجِنِّ ، وَقَرِينُهُ مِنْ الْمَلَائِكَةِ "، قَالُوا: وَإِيَّاكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ ، قَالَ:" وَإِيَّايَ ، وَلَكِنَّ اللهَ أَعَانَنِي عَلَيْهِ فَأَسْلَمَ (1) فلَا يَامُرُنِي إِلَّا بِخَيْرٍ "(2)
(1) مَعْنَاهُ: أَنَّ الْقَرِين أَسْلَمَ ، وَصَارَ مُؤْمِنًا ، لَا يَامُرنِي إِلَّا بِخَيْرٍ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّة مُجْتَمِعَةٌ عَلَى عِصْمَةِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم مِنْ الشَّيْطَانِ فِي جِسْمِهِ وَخَاطِرِهِ وَلِسَانِه ، وَفِي هَذَا الْحَدِيث: إِشَارَةٌ إِلَى التَّحْذِيرِ مِنْ فِتْنَةِ الْقَرِينِ وَوَسْوَسَتِهِ وَإِغْوَائِهِ، فَأَعْلَمَنَا بِأَنَّهُ مَعَنَا لِنَحْتَرِز مِنْهُ بِحَسَبِ الْإِمْكَان. شرح النووي (9/ 195)
(2)
(م) 2814 ، (حم) 3648
(حم)، وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ لَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " لَا تَلِجُوا عَلَى الْمُغِيبَاتِ (1) فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنْ أَحَدِكُمْ مَجْرَى الدَّمِ "، قُلْنَا: وَمِنْكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ ، قَالَ:" وَمِنِّي، وَلَكِنَّ اللهَ أَعَانَنِي عَلَيْهِ فَأَسْلَمَ "(2)
(1) الْمُغِيبَاتُ: جَمَاعَةُ الْمُغِيبَةِ ، وَالْمُغِيبَةُ: الْمَرْأَةُ الَّتِي يَكُونُ زَوْجُهَا غَائِبًا.
(2)
(حم) 14364 ، (ت) 1172 ، (طس) 8984 ، (مش) 110 ، وقال الألباني في (ت): صحيح ، الطرف الأول يشهد له ما قبله ، وسائره في الصحيح ، انظر ابن ماجة (1779)،تخريج فقه السيرة (6)،هداية الرواة: 3055
(م حم)، وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسِ بْنِ مَخْرَمَةَ بْنِ الْمُطَّلِبِ قَالَ:(قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: أَلَا أُحَدِّثُكُمْ عَنِّي وَعَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟، قُلْنَا: بَلَى، قَالَتْ: لَمَّا كَانَتْ لَيْلَتِي الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيهَا عِنْدِي، " انْقَلَبَ (1) فَوَضَعَ رِدَاءَهُ، وَخَلَعَ نَعْلَيْهِ فَوَضَعَهُمَا عِنْدَ رِجْلَيْهِ، وَبَسَطَ طَرَفَ إِزَارِهِ عَلَى فِرَاشِهِ فَاضْطَجَعَ، فَلَمْ يَلْبَثْ إِلَّا رَيْثَمَا ظَنَّ أَنِّي قَدْ رَقَدْتُ، فَأَخَذَ رِدَاءَهُ رُوَيْدًا ، وَانْتَعَلَ رُوَيْدًا، وَفَتَحَ الْبَابَ فَخَرَجَ، ثُمَّ أَجَافَهُ (2) رُوَيْدًا ") (3) (قَالَتْ: فَغِرْتُ عَلَيْهِ) (4)(فَجَعَلْتُ دِرْعِي فِي رَاسِي، وَاخْتَمَرْتُ، وَتَقَنَّعْتُ (5) إِزَارِي (6) ثُمَّ انْطَلَقْتُ عَلَى إِثْرِهِ، " حَتَّى جَاءَ الْبَقِيعَ (7) فَقَامَ فَأَطَالَ الْقِيَامَ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ انْحَرَفَ " ، فَانْحَرَفْتُ، " فَأَسْرَعَ " ، فَأَسْرَعْتُ " فَهَرْوَلَ " فَهَرْوَلْتُ، " فَأَحْضَرَ " فَأَحْضَرْتُ (8) فَسَبَقْتُهُ فَدَخَلْتُ، فَلَيْسَ إِلَّا أَنْ اضْطَجَعْتُ ، " فَدَخَلَ فَقَالَ: مَا لَكِ يَا عَائِشُ حَشْيَا رَابِيَةً (9)؟ " فَقُلْتُ: لَا شَيْءَ، قَالَ: " لَتُخْبِرِينِي أَوْ لَيُخْبِرَنِّي اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ " ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي .. فَأَخْبَرْتُهُ، قَالَ: " فَأَنْتِ السَّوَادُ (10) الَّذِي رَأَيْتُ أَمَامِي؟ " ، قُلْتُ: نَعَمْ) (11) (قَالَ: " يَا عَائِشَةُ أَغِرْتِ؟ " ، فَقُلْتُ: وَمَا لِي لَا يَغَارُ مِثْلِي عَلَى مِثْلِكَ؟) (12) (قَالَ: " أَظَنَنْتِ أَنْ يَحِيفَ (13) اللهُ عَلَيْكِ وَرَسُولُهُ؟ " ، فَقُلْتُ: مَهْمَا يَكْتُمِ النَّاسُ يَعْلَمْهُ اللهُ، نَعَمْ ، " فَلَهَدَنِي (14) رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي صَدْرِي لَهْدَةً أَوْجَعَتْنِي) (15)(ثُمَّ قَالَ: أَقَدْ جَاءَكِ شَيْطَانُكِ؟ " فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ ، أَوْ مَعِيَ شَيْطَانٌ؟ ، قَالَ: " نَعَمْ " ، قُلْتُ: وَمَعَ كُلِّ إِنْسَانٍ؟ ، قَالَ: " نَعَمْ "، قُلْتُ: وَمَعَكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: " نَعَمْ، وَلَكِنَّ رَبِّي أَعَانَنِي عَلَيْهِ حَتَّى أَسْلَمَ ")(16)
(1) أَيْ: رَجَعَ مِنْ صَلَاة الْعِشَاء. شرح سنن النسائي - (ج 5 / ص 377)
(2)
أَيْ: أَغْلَقَهُ، وَإِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ صلى الله عليه وسلم فِي خُفْيَةٍ لِئَلَّا يُوقِظَهَا وَيَخْرُجَ عَنْهَا، فَرُبَّمَا لَحِقَهَا وَحْشَةٌ فِي اِنْفِرَادِهَا فِي ظُلْمَةِ اللَّيْل. شرح النووي (ج 3 / ص 401)
(3)
(م) 974 ، (س) 3963
(4)
(م) 2815
(5)
التقنُّع: تغطية الرأس وأكثر الوجه برداء أو غيره.
(6)
الإزار: ثوب يحيط بالنصف الأسفل من البدن.
(7)
الْبَقِيع: مَقْبَرَة الْمُسْلِمِينَ بالمدينة.
(8)
الْإِحْضَار: الْعَدْوُ.
(9)
(حَشْيَا) أَيْ مُرْتَفِعَةَ النَّفَسِ مُتَوَاتِرَتَهُ كَمَا يَحْصُل لِلْمُسْرِعِ فِي الْمَشْي. شرح سنن النسائي - (ج 3 / ص 278)
وَقَوْله: (رَابِيَة) أَيْ: مُرْتَفِعَة الْبَطْن. شرح النووي (ج 3 / ص 401)
(10)
أَيْ: الشَّخْص.
(11)
(م) 974 ، (س) 3963
(12)
(م) 2815
(13)
الْحَيْف بِمَعْنَى الْجَوْر ، أَيْ: بِأَنْ يَدْخُلَ الرَّسُولُ فِي نَوْبَتِكِ عَلَى غَيْرِك ، وَذِكْرُ اللهِ لِتَعْظِيمِ الرَّسُولِ ، وَالدَّلَالَةُ عَلَى أَنَّ الرَّسُولَ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَفْعَلَ بِدُونِ إِذْنٍ مِنْ الله تَعَالَى ، وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الْقَسْمَ عَلَيْهِ وَاجِبٌ ، إِذْ لَا يَكُونُ تَرْكُهُ جَوْرًا إِلَّا إِذَا كَانَ وَاجِبًا. شرح سنن النسائي (ج 3 / ص 278)
(14)
اللَّهْد: الدَّفْعُ الشَّدِيدُ فِي الصَّدْر ، وَهَذَا كَانَ تَادِيبًا لَهَا مِنْ سُوءِ الظَّنِّ. شرح سنن النسائي (ج 3 / ص 278)
(15)
(م) 974 ، (س) 3963
(16)
(م) 2815 ، (س) 3960
(خ م)، وَعَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ:(" كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُعْتَكِفًا)(1)(فِي الْمَسْجِدِ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ ")(2)(فَأَتَيْتُهُ أَزُورُهُ لَيْلًا)(3)(وَعِنْدَهُ أَزْوَاجُهُ)(4)(فَتَحَدَّثْتُ عِنْدَهُ سَاعَةً)(5)(ثُمَّ قُمْتُ فَانْقَلَبْتُ ، " فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَعِي لِيَقْلِبَنِي (6) "
- وَكَانَ مَسْكَنِي فِي دَارِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ (7) - فَمَرَّ رَجُلَانِ مِنْ الْأَنْصَارِ ، فَلَمَّا رَأَيَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَسْرَعَا ، فَقَالَ لَهُمَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" عَلَى رِسْلِكُمَا (8)) (9) (هَذِهِ زَوْجَتِي) (10) (صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ "، فَقَالَا: سُبْحَانَ اللهِ يَا رَسُولَ اللهِ (11) - وَكَبُرَ عَلَيْهِمَا ذَلِكَ -) (12) وفي رواية (13): (فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ ، مَنْ كُنْتُ أَظُنُّ بِهِ فَلَمْ أَكُنْ أَظُنُّ بِكَ)(فَقَالَ: " إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنْ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ (14)) (15)
(وَإِنِّي خَشِيتُ أَنْ يَقْذِفَ فِي قُلُوبِكُمَا شَيْئًا (16) ") (17)
(1)(خ) 3281
(2)
(خ) 2035
(3)
(خ) 3281
(4)
(خ) 2038
(5)
(خ) 2035
(6)
أَيْ: يَرُدَّنِي إِلَى بَيْتِي ، وَفِيهِ أَنَّهُ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِد مَعَهَا لِتَبْلُغَ مَنْزِلهَا، وَفِي هَذَا حُجَّةٌ لِمَنْ رَأَى أَنَّ الِاعْتِكَافَ لَا يَفْسُدُ إِذَا خَرَجَ فِي وَاجِبٍ ، وَأَنَّهُ لَا يَمْنَعُ الْمُعْتَكِفَ مِنْ إِتْيَانِ الْمَعْرُوف. عون المعبود - (ج 5 / ص 357)
(7)
الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ اِخْتِصَاصَ صَفِيَّةَ بِذَلِكَ ، لِكَوْنِ بُيُوتِ رُفْقَتِهَا أَقْرَبَ مِنْ مَنْزِلِهَا ، فَخَشِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَيْهَا. فتح الباري (ج 6 / ص 326)
(8)
أَيْ: عَلَى هِينَتِكُمَا فِي الْمَشْي ، فَلَيْسَ هُنَا شَيْءٌ تَكْرَهَانِهِ. فتح (6/ 326)
(9)
(خ) 3281
(10)
(م) 2174
(11)
(سُبْحَان الله) حَقِيقَةً تُنَزِّه اللهَ تَعَالَى عَنْ أَنْ يَكُونَ رَسُولُهُ مُتَّهَمًا بِمَا لَا يَنْبَغِي ، أَوْ كِنَايَةٌ عَنْ التَّعَجُّب مِنْ هَذَا الْقَوْل. عون المعبود - (ج 5 / ص 357)
(12)
(خ) 2035
(13)
(م) 23 - (2174) ، عن أنس " أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ مَعَ إِحْدَى نِسَائِهِ، فَمَرَّ بِهِ رَجُلٌ، فَدَعَاهُ
…
(14)
قِيلَ: هُوَ عَلَى ظَاهِرِهِ ، وَأَنَّ الله تَعَالَى أَقَدَرَهُ عَلَى ذَلِكَ.
وَقِيلَ: هُوَ عَلَى سَبِيل الِاسْتِعَارَة مِنْ كَثْرَةِ إِغْوَائِهِ، وَكَأَنَّهُ لَا يُفَارِقُ كَالدَّمِ ، فَاشْتَرَكَا فِي شِدَّة الِاتِّصَال وَعَدَمِ الْمُفَارَقَةِ. فتح الباري (ج 6 / ص 326)
(15)
(خ) 2039 ، (م) 2175
(16)
لَمْ يَنْسُبْهُمَا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إِلَى أَنَّهُمَا يَظُنَّانِ بِهِ سُوءًا ، لِمَا تَقَرَّرَ عِنْده مِنْ صِدْقِ إِيمَانِهِمَا ، وَلَكِنْ خَشِيَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُوَسْوِسَ لَهُمَا الشَّيْطَان ذَلِكَ ، لِأَنَّهُمَا غَيْرُ مَعْصُومَيْنِ ، فَقَدْ يُفْضِي بِهِمَا ذَلِكَ إِلَى الْهَلَاكِ ، فَبَادَرَ إِلَى إِعْلَامهمَا حَسْمًا لِلْمَادَّةِ وَتَعْلِيمًا لِمَنْ بَعْدَهُمَا إِذَا وَقَعَ لَهُ مِثْل ذَلِكَ ، كَمَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ رحمه الله، فَقَدْ رَوَى الْحَاكِمُ أَنَّ الشَّافِعِيَّ كَانَ فِي مَجْلِس اِبْن عُيَيْنَةَ ، فَسَأَلَهُ عَنْ هَذَا الْحَدِيث فَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إِنَّمَا قَالَ لَهُمَا ذَلِكَ لِأَنَّهُ خَافَ عَلَيْهِمَا الْكُفْرَ إِنْ ظَنَّا بِهِ التُّهْمَةَ ، فَبَادَرَ إِلَى إِعْلَامِهِمَا نَصِيحَةً لَهُمَا قَبْلَ أَنْ يَقْذِفَ الشَّيْطَانُ فِي نُفُوسهمَا شَيْئًا يَهْلِكَانِ بِهِ.
وَفِي الْحَدِيث مِنْ الْفَوَائِد: جَوَازُ اِشْتِغَالِ الْمُعْتَكِفِ بِالْأُمُورِ الْمُبَاحَةِ مِنْ تَشْيِيعِ زَائِرِهِ ، وَالْقِيَام مَعَهُ ، وَالْحَدِيث مَعَ غَيْره، وَإِبَاحَةِ خَلْوَةِ الْمُعْتَكِفِ بِالزَّوْجَةِ، وَزِيَارَةِ الْمَرْأَةِ لِلْمُعْتَكِفِ.
وَبَيَانِ شَفَقَتِهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى أُمَّتِهِ وَإِرْشَادِهِمْ إِلَى مَا يَدْفَعُ عَنْهُمْ الْإِثْمَ.
وَفِيهِ التَّحَرُّزُ مِنْ التَّعَرُّضِ لِسُوءِ الظَّنِّ ، وَالِاحْتِفَاظِ مِنْ كَيَدِ الشَّيْطَانِ ، وَالِاعْتِذَار، قَالَ اِبْن دَقِيق الْعِيد: وَهَذَا مُتَأَكِّدٌ فِي حَقِّ الْعُلَمَاء وَمَنْ يُقْتَدَى بِهِ ، فَلَا يَجُوزُ لَهُمْ أَنْ يَفْعَلُوا فِعْلًا يُوجِبُ سُوءَ الظَّنِّ بِهِمْ ، وَإِنْ كَانَ لَهُمْ فِيهِ مَخْلَصٌ ، لِأَنَّ ذَلِكَ سَبَبٌ إِلَى إِبْطَال الِانْتِفَاعِ بِعِلْمِهِمْ.
وَمِنْ ثَمَّ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاء: يَنْبَغِي لِلْحَاكِمِ أَنْ يُبَيِّن لِلْمَحْكُومِ عَلَيْهِ وَجْهَ الْحُكْم إِذَا كَانَ خَافِيًا ، نَفْيًا لِلتُّهْمَةِ.
وَفِيهِ جَوَازُ خُرُوجِ الْمَرْأَةِ لَيْلًا. فتح الباري (6/ 326)
(17)
(خ) 3101 ، (م) 2175
(م د)، وَعَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ رضي الله عنه قَالَ:(كُنَّا إِذَا حَضَرْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم طَعَامًا، لَمْ نَضَعْ أَيْدِيَنَا (1) حَتَّى يَبْدَأَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَيَضَعَ يَدَهُ (2) وَإِنَّا حَضَرْنَا مَعَهُ مَرَّةً طَعَامًا ، فَجَاءَتْ جَارِيَةٌ (3) كَأَنَّهَا تُدْفَعُ (4) فَذَهَبَتْ لِتَضَعَ يَدَهَا فِي الطَّعَامِ ، " فَأَخَذَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهَا " ثُمَّ جَاءَ أَعْرَابِيٌّ كَأَنَّمَا يُدْفَعُ ، " فَأَخَذَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ الشَّيْطَانَ يَسْتَحِلُّ الطَّعَامَ أَنْ لَا يُذْكَرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ (5)) (6) (وَإِنَّهُ لَمَّا أَعْيَيْتُمُوهُ) (7) (جَاءَ بِهَذِهِ الْجَارِيَةِ لِيَسْتَحِلَّ بِهَا ، فَأَخَذْتُ بِيَدِهَا ، فَجَاءَ بِهَذَا الْأَعْرَابِيِّ لِيَسْتَحِلَّ بِهِ ، فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، إِنَّ يَدَهُ فِي يَدِي مَعَ [أَيْدِيهِمَا (8)] (9) ثُمَّ ذَكَرَ اسْمَ اللهِ وَأَكَلَ ") (10)
(1) أَيْ: فِي الطَّعَام. عون المعبود - (ج 8 / ص 275)
(2)
فِيهِ بَيَانُ هَذَا الْأَدَب، وَهُوَ أَنَّهُ يَبْدَأُ الْكَبِيرُ وَالْفَاضِلُ فِي غَسْلِ الْيَدِ لِلطَّعَامِ وَفِي الْأَكْل. عون (ج8ص275)
(3)
أَيْ: بِنْتٌ صَغِيرَة. عون المعبود - (ج 8 / ص 275)
(4)
يَعْنِي لِشِدَّةِ سُرْعَتِهَا ، كَأَنَّهَا مَدْفُوعَةٌ. شرح النووي (ج 7 / ص 53)
(5)
مَعْنَاهُ: أَنَّهُ يَتَمَكَّنُ مِنْ أَكْلِ الطَّعَامِ إِذَا شَرَعَ فِيهِ إِنْسَانٌ بِغَيْرِ ذِكْرِ اللهِ تَعَالَى ،
وَأَمَّا إِذَا لَمْ يَشْرَعْ فِيهِ أَحَدٌ ، فَلَا يَتَمَكَّن. شرح النووي (ج 7 / ص 53)
(6)
(م) 2017 ، (د) 3766
(7)
(حم) 23421 ، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح.
(8)
مَعْنَاهُ أَنَّ يَدِي فِي يَدِ الشَّيْطَانِ مَعَ يَدِ الْجَارِيَةِ وَالْأَعْرَابِيّ. النووي (ج7ص53)
(9)
(د) 3766
(10)
(م) 2017 ، (د) 3766
(أبوالشيخ)، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " قَالَ إِبْلِيسُ: يَا رَبِّ ، كُلُّ خَلْقِكِ قَدْ سَبَّبْتَ أَرْزَاقَهُمْ ، فَمَا رِزْقِي؟ ، قَالَ: كُلُّ مَا لَمْ يُذْكَرِ اسْمِي عَلَيْهِ "(1)
(1) أخرجه أبو الشيخ في " كتاب العظمة "(12/ 128 / 1) ، وأبو نعيم في " الحلية "(8/ 126)، والضياء المقدسي في " الأحاديث المختارة " (257/ 2) انظر الصَّحِيحَة: 708
(حم)، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيُنْضِي (1) شَيَاطِينَهُ شِيْطِانَهُ (2) كَمَا يُنْضِي أَحَدُكُمْ بَعِيرَهُ فِي السَّفَرِ "(3)
(1) أَنْضَيْتُ الثوبَ ، وانْتَضَيْتُه: أَخْلَقْتُه وأَبَلَيْتُه ، ونَضَا الخِضابُ ، نَضْواً ، ونُضُوّاً: ذَهَبَ لَوْنُه. لسان العرب (ج15ص 329)
(يُنْضِي شيطانَه) أي: يُهْزِلُهُ ، ويجعله نضوا ، أي: مهزولا لكثرة إذلاله له ، وجعْلِه أسيرا تحت قهرِه وتصرُّفِه ، ومن أعزَّ سلطانَ اللهِ أعزَّه الله ، وسَلَّطَهُ على عدوِّه. فيض القدير - (ج 2 / ص 488)
(2)
هذه وردت برواية ضعيفة في ضعيف الجامع: 1772
(3)
(حم) 8927 ، انظر الصَّحِيحَة: 3586