المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌محبة الرب عز وجل لأوليائه ، وتاييده لهم بنصرته ومعيته - الجامع الصحيح للسنن والمسانيد - جـ ١

[صهيب عبد الجبار]

فهرس الكتاب

- ‌(1) شَرَف أصحاب الحديث

- ‌(2) مُقَدِّمَة المؤلف

- ‌أَقْوَالُ الْعُلَمَاءِ فِي جَمْعِ أَسَانِيدِ الْأَحَادِيثِ وَمُتُونِهَا

- ‌مُحَاوَلَاتُ الْعُلَمَاءِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا جَمْعَ طُرُقِ الْحَدِيثِ فِي مَتْنٍ وَاحِد

- ‌منهج العمل في هذا الكتاب

- ‌طريقة شرح الحديث في الأجزاء الفقهية:

- ‌ طريقة البحث:

- ‌مَيِّزَاتُ الْجَامِعِ الصَّحِيحِ لِلسُّنَنِ وَالْمَسَانِيد

- ‌أقسام الكتاب

- ‌مفاتيح الرموز

- ‌كِتَابُ الْعَقِيدَة الأول

- ‌(1) الْإسْلَام

- ‌عُلُوُّ الْإسْلَام

- ‌الْمُؤمِنُ عَزِيزٌ عَلَى الله

- ‌أَرْكَانُ الْإِسْلَام

- ‌إسْلَامُ قَائِلِ الشَّهَادَتَيْن

- ‌الْإقْرَارُ بالشَّهَادَتَيْنِ يَعْصِمُ الدَّمَ وَالْمَالَ إِلَّا بِحَقِّ الْإِسْلَام

- ‌نَجَاةُ الْمُوَحِّدِينَ مِنَ الْخُلُودِ فِي النَّار

- ‌(2) اَلْإيمَان

- ‌أَرْكَانُ الْإيمَان

- ‌الْإِيمَانُ بِالله

- ‌تَنْزِيهُ الرَّبِ سُبْحَانَهُ عَنِ اتِّخَاذِ الشَّرِيكِ وَالْوَلَد

- ‌عَدَدُ أَسْمَاءِ اللهِ عز وجل

- ‌بَعْضُ صِفَاتِ الرَّبِّ عز وجل

- ‌غِنَى الرَّبِ عز وجل عَنْ خَلْقِه

- ‌عَظَمَةُ عَرْشِ الرَّبِّ سُبْحَانَهُ وَسَعَةُ كُرْسِيِّه

- ‌عُلُوُّ الرَّبِّ عز وجل عَلَى خَلْقِه

- ‌تَفَرُّدُ الرَّبِّ عز وجل بِالْقُدْرَةِ عَلَى الْخَلْق

- ‌تَفَرُّدُ الرَّبِّ عز وجل بِمَعْرِفَةِ الْغَيْب

- ‌سَعَةُ رَحْمَةِ اللهِ وَمَغْفِرَتِه

- ‌غَيْرَةُ الرَّبِّ عز وجل

- ‌صَبْرُ الرَّبِّ عز وجل

- ‌قُرْبُ الرَّبِّ عز وجل مِنْ عِبَادِه

- ‌الرَّبُّ عز وجل سِتِّيرٌ يُحِبُّ السَّتْر

- ‌مَحَبَّةُ الرَّبِّ عز وجل لِلْمَدْح

- ‌مَحَبَّةُ الرَّبِّ عز وجل لِأَوْلِيَائِهِ ، وَتَايِيدِهِ لَهُمْ بِنُصْرَتِهِ وَمَعِيَّتِه

- ‌استجابةُ اللهِ سَبْحَانَهُ لِدُعَاءِ عِبَادِه

- ‌حُسْنُ الظَّنِّ بِاللهِ تَعَالَى بِالرَّجَاء

- ‌كَرَاهِيَةُ الرَّبِّ لِقُنُوطِ عِبَادِهِ مِنْ رَحْمَتِه

- ‌كَرَاهِيَةُ الرَّبِّ لِلشِّرْك

- ‌كَرَاهِيَةُ الرَّبِّ لِلظُّلم

- ‌رُؤْيَةُ الْمُؤْمِنِينَ لِلهِ يَوْمَ الْقِيَامَة

- ‌بَدْءُ الْخَلْق

- ‌الحِكْمَةُ مِن إِيجَادِ الخَلْق

- ‌كَيْفِيَّةُ بَدْءِ الْخَلْق

- ‌الْإِيمَانُ بِالْمَلَائِكَة

- ‌وُجُوبُ الْإِيمَانِ بِالْمَلَائِكَة

- ‌صِفَةُ خَلْقِ الْمَلَائِكَة

- ‌خَصَائِصُ الْمَلَائِكَة

- ‌طَهَارَةُ الْمَلَائِكَة

- ‌جَمَالُ صُوَرِ بَعْضِهِم

- ‌الْمَلَائِكَةُ لَيْسُوا إنَاثًا

- ‌الْمَلَائِكَةُ لا يَأكُلُونَ الطَّعَامَ

- ‌قُدْرَةُ الْمَلَائِكَةِ عَلَى التَّشَكُّل

- ‌نُزُولُ جِبْرِيلَ فِي صُورَةِ دِحْيَة الْكَلْبِيّ

- ‌بَعْضُ الْمَخْلُوقَاتِ تَرَى الْمَلَائِكَة

- ‌ضَخَامَةُ أَحْجَامِهِم

- ‌الْمَلَائِكَة لَهَا أَجْنِحَة

- ‌قُوَّةُ الْمَلَائِكَة

- ‌الْمَلَائِكَةُ لَا يَعْصُونَ اللهَ مُطْلَقًا

- ‌الْمَلَائِكَةُ يَخَافُونَ كَثِيرًا مِنَ الله

- ‌الْمَلَائِكَةُ لَا يَدْخُلُونَ بَيْتًا فِيهِ كَلْب

- ‌الْمَلَائِكَةُ لَا يَدْخُلُونَ بَيْتًا فِيهِ صُورَة

- ‌الْمَلَائِكَةُ لَا يَدْخُلُونَ بَيْتًا فِيهِ جَرَس

- ‌الْمَلَائِكَةُ لَا يَدْخُلُونَ بَيْتًا فِيهِ بَوْلٌ مُنْتَقِع

- ‌الْمَلَائِكَةُ لَا يَصْحَبُونَ رُفْقَةً فِيهَا كَلْبٌ وَلَا جَرَسٌ وَلَا جِلْدُ نَمِرٍ

- ‌الْمَلَائِكَةُ لَا يَقْرَبُونَ الْجُنُب

- ‌الْمَلَائِكَةُ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ الْإنْسَان

- ‌نُزُولُ الْمَلَائِكَةِ فِي الْعِنَان

- ‌تَكْلِيمُ الرَّبِّ سُبْحَانَهُ لِلْمَلَائِكَة

- ‌جِبْرِيلُ عليه السلام

- ‌صِفَةُ جِبْرِيل

- ‌تَكْلِيمُ الرَّبِّ سُبْحَانَهُ لِجِبْرِيل

- ‌تسميةُ جبريلَ بالرُّوح

- ‌لِقَاءُ جِبْرِيلَ فِي بَدْءِ الْوَحْي

- ‌حُبُّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِقَاءَ جِبْرِيل

- ‌عَرْضُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الْقُرْآنَ عَلَى جِبْرِيلَ فِي رَمَضَان

- ‌تَعْلِيمُ جِبْرِيلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أُمُورَ الدِّين

- ‌عَدَاوَةُ الْيَهُودِ لِجِبْرِيل

- ‌وَظَائِفُ الْمَلَائِكَة

- ‌مِنْ وَظَائِفِ الْمَلَائِكَةِ تَبْلِيغُ رِسَالَاتِ اللَه

- ‌مِنْ وَظَائِفِ الْمَلَائِكَةِ كِتَابَةُ الْأَعْمَال

- ‌دُعَاءُ الْمَلَائكَةِ لِلْمُسْلِمِين

- ‌مُشَارَكَةُ الْمَلَائكَةِ الْمُؤمِنِينَ فِي الصَّلَوَات

- ‌مُشَارَكَةُ الْمَلَائكَةِ الْمُؤمِنِينَ فِي الْقِتَال

- ‌مِنْ وَظَائِفِ الْمَلَائِكَةِ إرْشَادُ الْمُسْلِمِ إلَى طَرِيقِ الْحَقّ

- ‌مِنْ وَظَائِفِ الْمَلَائِكَةِ التَّسْبِيحُ وَالتَّقْدِيسُ وَالصَّلَاة

- ‌مِنْ وَظَائِفِ الْمَلَائِكَةِ قَبْضُ أَرْوَاحِ الْبَشَرِ ، وَسُؤالِهِمْ فِي الْقَبْرِ ، وَتَعْذِيبِ الْعُصَاةِ والْكَفَرَة مِنْهُم

- ‌مِنْ وَظَائِفِ الْمَلَائِكَةِ تَشْيِيعُ جَنَائِزِ الصَّالِحِينَ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِم

- ‌الْإيمَانُ بِالْجِنّ

- ‌هَل الْجِنُّ يَمُوتُون

- ‌عَدَاوَةُ الشَّيْطَانِ لِلْإنسَان

- ‌وَسْوَسَةُ الشَّيْطَان

- ‌دُخُولُ الْجِنِّ فِي الْإنْسَانِ مِنْ حِينِ وِلَادَتِه

- ‌تَلَبُّس الْجِنّ بِالْآدَمِيِّ

- ‌أَمْرُ الْجِنِّيِّ بِالْخُرُوج

- ‌تَسَلُّطُ الشَّيْطَانِ عَلَى الْإِنْسَانِ عِنْدَ الْمَوْت

- ‌ظُهُورُ الْجِنِّ لِلْإنْسَانِ وَقُدْرَتِهِمْ عَلَى التَّشَكُّل

- ‌اسْتِرَاقُ الْجِنِّ السَّمْعَ مِنَ السَّمَاء

- ‌الْوِقَايَةُ مِنَ الشَّيَاطِين

- ‌الْإِيمَانُ بِالْكُتُبِ السَّمَاوِيَّة

- ‌الْإيمَانُ بِالرُّسُل

- ‌وُجُوبُ الْإيمَانِ بِالرُّسُل

- ‌الأنْبِيَاءُ دِينُهُمْ وَاحِد

- ‌وُجُوبُ اتِّباعِ الرُّسُل

- ‌نَماذِجُ مِن تَمَسُّكِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ بِإحْسَانٍ بِسُنَّتِه صلى الله عليه وسلم

- ‌رُجُوعُ الصَّحَابَةِ عَنْ آرائِهِمْ لَمَّا عَلِمُوا أَنَّهَا مُخَالِفَةٌ لِسُنَّةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌عَدَدُ الْأَنْبِيَاءِ وَالرُّسُل

- ‌صِفَاتٌ خَاصَّةٌ بِالْأَنْبِيَاء

- ‌الْأَنْبِيَاءُ لَا تُورَث

- ‌أَسْمَاؤُهُ صلى الله عليه وسلم

- ‌صِفَتُهُ صلى الله عليه وسلم فِي الْكُتُبِ السَّابِقَة

- ‌تَفْضِيلُهُ صلى الله عليه وسلم عَلَى سَائِرِ الْأَنْبِيَاء

- ‌دَلَائِلُ نُبُوَّتِهِ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ الْبِعْثَة

- ‌دَلَائِلُ نُبُوَّتِهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ الْبِعْثَة

- ‌انْشِقَاقُ الْقَمَرِ بِدُعَائِه صلى الله عليه وسلم

- ‌قُدُومُ الشَّجَرِ إلَيْه صلى الله عليه وسلم

- ‌إخْبَارُهُ صلى الله عليه وسلم بِمَا سَيَحْدُث

- ‌شِفَاءُ الْمَرْضَى بِبَرَكَتِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌تَكْثِيرُ الطَّعَامِ بِبَرَكَتِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌خُرُوجُ يَنَابِيعِ الْمَاءِ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌تَسْبِيحُ الْحَصَى بَيْنَ يَدَيْهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌تَسْلِيمُ الشَّجَرِ وَالْحَجَرِ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌مَعْرِفَةُ الْمَخْلُوقَاتِ بِنُبُوَّتِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌حَنِينُ الْجِذْعِ إلَيْهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌اسْتِجَابَةُ دُعَائِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌إسْرَاعُ الْخَيْلِ والْإِبِلِ بِبَرَكَتِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌حِمَايَةُ اللهِ لَهُ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَذَى الْخَلْق

- ‌طَيُّ الْأَرْضِ لَهُ صلى الله عليه وسلم

- ‌خُرُوجُ النَّخْلِ الَّذِي زَرَعَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ مِنْ عَامِه

- ‌إخْبَارُهُ صلى الله عليه وسلم بِبَعْضِ الْحَقَائِقِ الْعِلْمِيِّةِ الَّتِي لَمْ تُعْرَف إِلَّا فِي الْعَصْرِ الْحَدِيث

- ‌بَشَرِيَّتُه صلى الله عليه وسلم

الفصل: ‌محبة الرب عز وجل لأوليائه ، وتاييده لهم بنصرته ومعيته

‌مَحَبَّةُ الرَّبِّ عز وجل لِأَوْلِيَائِهِ ، وَتَايِيدِهِ لَهُمْ بِنُصْرَتِهِ وَمَعِيَّتِه

قَالَ تَعَالَى: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ} (1)

وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ ، إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ ، وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ} (2)

وَقَالَ تَعَالَى: {كَتَبَ اللهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} (3)

وَقَالَ تَعَالَى: {إِنَّ اللهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آَمَنُوا ، إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ} (4)

وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَانْتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} (5)

(خ)، وَعَنْ عائشة رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " قَالَ اللهُ تَعَالَى: مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا (6) فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ (7) وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ (8) وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ (9) فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ ، كُنْتُ (10) سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا (11) وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ (12) "(13)

(1)[غافر/51]

(2)

[الصافات/171 - 173]

(3)

[المجادلة/21]

(4)

[الحج/38]

(5)

[الروم/47]

(6)

الْمُرَاد بِوَلِيِّ اللهِ: الْعَالِم بِاللهِ ، الْمُوَاظِبِ عَلَى طَاعَتِه ، الْمُخْلِصِ فِي عِبَادَتِه. فتح الباري - (ج 18 / ص 342)

(7)

أَيْ: أعْلَمْتُه بأني سأُحاربه ، حيث كان محارِباً لي بِمُعاداة أوليائي ، قال تعالى {فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله} [البقرة: 279] وهذا في الغاية القصوى من التهديد ، والمراد من عادى وليًّا لأجل وِلايته ، لا مطلقا، وإذا عُلِمَ ما في معاداته من الوعيد ، عُلِمَ ما في مُوَالاته من الثواب. فيض القدير (2/ 305)

(8)

فيه إشارة إلى إنه لا تُقَدَّمُ نافلةٌ على فريضة ، وإنما سُمِّيَت النافلةُ نافلةً إذا قُضِيَتِ الفريضةُ ، وإلا فلا يَتناولها إسم النافلة. شرح الأربعين النووية (1/ 34)

(9)

لَمَّا ذَكَرَ أَنَّ مُعَادَاةَ أَوْلِيَائِهِ مُحَارَبَةٌ لَهُ، ذَكَرَ بَعْدَ ذَلِكَ وَصْفَ أَوْلِيَائِهِ الَّذِينَ تَحْرُمُ مُعَادَاتُهُمْ، وَتَجِبُ مُوَالَاتُهُمْ، فَذَكَرَ مَا يُتَقَرَّبُ بِهِ إِلَيْهِ، وَأَصْلُ الْوِلَايَةِ الْقُرْبُ، وَأَصْلُ الْعَدَاوَةِ الْبُعْدُ، فَأَوْلِيَاءُ اللهِ هُمُ الَّذِينَ يَتَقَرَّبُونَ إِلَيْهِ بِمَا يُقَرِّبُهُمْ مِنْ هُ، وَأَعْدَاؤُهُ الَّذِينَ أَبْعَدَهُمْ عَنْهُ بِأَعْمَالِهِمِ الْمُقْتَضِيَةِ لِطَرْدِهِمْ وَإِبْعَادِهِمْ مِنْهُ، فَقَسَّمَ أَوْلِيَاءَهُ الْمُقَرَّبِينَ قِسْمَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: مَنْ تَقَرَّبَ إِلَيْهِ بِأَدَاءِ الْفَرَائِضِ، وَيَشْمَلُ ذَلِكَ فِعْلَ الْوَاجِبَاتِ، وَتَرْكَ الْمُحَرَّمَاتِ، لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ مِنْ فَرَائِضِ اللهِ الَّتِي افْتَرَضَهَا عَلَى عِبَادِهِ.

وَالثَّانِي: مَنْ تَقَرَّبَ إِلَيْهِ بَعْدَ الْفَرَائِضِ بِالنَّوَافِلِ، فَظَهَرَ بِذَلِكَ أَنَّهُ لَا طَرِيقَ يُوصِلُ إِلَى التَّقَرُّبِ إِلَى اللهِ تَعَالَى وَوِلَايَتِهِ وَمَحَبَّتِهِ ، سِوَى طَاعَتِهِ الَّتِي شَرَعَهَا عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ، فَمَنِ ادَّعَى وِلَايَةَ اللهِ وَمَحَبَّتَهُ بِغَيْرِ هَذَا الطَّرِيقِ، تَبَيَّنَ أَنَّهُ كَاذِبٌ فِي دَعْوَاهُ كَمَا كَانَ الْمُشْرِكُونَ يَتَقَرَّبُونَ إِلَى اللهِ تَعَالَى بِعِبَادَةِ مَنْ يَعْبُدُونَهُ مِنْ دُونِ هِ، كَمَا حَكَى اللهُ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ قَالُوا:{مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [الزمر: 3] وَكَمَا حَكَى عَنِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى أَنَّهُمْ قَالُوا: {نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ} [المائدة18] مَعَ إِصْرَارِهِمْ عَلَى تَكْذِيبِ رُسُلِهِ، وَارْتِكَابِ نَوَاهِيهِ، وَتَرْكِ فَرَائِضِهِ. فَلِذَلِكَ ذَكَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ أَوْلِيَاءَ اللهِ عَلَى دَرَجَتَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: الْمُتَقَرِّبُونَ إِلَيْهِ بِأَدَاءِ الْفَرَائِضِ، وَهَذِهِ دَرَجَةُ الْمُقْتَصِدِينَ أَصْحَابِ الْيَمِينِ وَأَدَاءُ الْفَرَائِضِ أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ ، كَمَا قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه: أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ أَدَاءُ مَا افْتَرَضَ اللهُ، وَالْوَرَعُ عَمَّا حَرَّمَ اللهُ ، وَصِدْقُ النِّيَّةِ فِيمَا عِنْدَ اللهِ عز وجل.

وَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي خُطْبَتِهِ: أَفْضَلُ الْعِبَادَةِ أَدَاءُ الْفَرَائِضِ، وَاجْتِنَابُ الْمَحَارِمِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ اللهَ عز وجل إِنَّمَا افْتَرَضَ عَلَى عِبَادِهِ هَذِهِ الْفَرَائِضَ لِيُقَرِّبَهُمْ مِنْهُ، وَيُوجِبَ لَهُمْ رِضْوَانَهُ وَرَحْمَتَهُ. وَأَعْظَمُ فَرَائِضِ الْبَدَنِ الَّتِي تُقَرِّبُ إِلَيْهِ: الصَّلَاةُ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:{وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ} [العلق: 19]، وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ» ، وَقَالَ:«إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ يُصَلِّي، فَإِنَّمَا يُنَاجِي رَبَّهُ» . وَقَالَ: «إِنَّ اللهَ يَنْصِبُ وَجْهَهُ لِوَجْهِ عَبْدِهِ فِي صَلَاتِهِ مَا لَمْ يَلْتَفِتْ» .

وَمِنَ الْفَرَائِضِ الْمُقَرِّبَةِ إِلَى اللهِ تَعَالَى: عَدْلُ الرَّاعِي فِي رَعِيَّتِهِ، سَوَاءٌ كَانَتْ رَعِيَّتُهُ عَامَّةً كَالْحَاكِمِ، أَوْ خَاصَّةً كَعَدْلِ آحَادِ النَّاسِ فِي أَهْلِهِ وَوَلَدِهِ ، كَمَا قَالَ صلى الله عليه وسلم:«كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ» . وَفِي " صَحِيحِ مُسْلِمٍ "، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَ رَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِنَّ الْمُقْسِطِينَ عِنْدَ اللهِ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ عَلَى يَمِينِ الرَّحْمَنِ - وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ - الَّذِينَ يَعْدِلُونَ فِي حُكْمِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ وَمَا وُلُّوا» .

الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ: دَرَجَةُ السَّابِقِينَ الْمُقَرَّبِينَ، وَهُمُ الَّذِينَ تَقَرَّبُوا إِلَى اللهِ بَعْدَ الْفَرَائِضِ بِالِاجْتِهَادِ فِي نَوَافِلِ الطَّاعَاتِ، وَالِانْكِفَافِ عَنْ دَقَائِقَ الْمَكْرُوهَاتِ بِالْوَرَعِ، وَذَلِكَ يُوجِبُ لِلْعَبْدِ مَحَبَّةَ اللهِ، كَمَا قَالَ «وَلَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ» فَمَنْ أَحَبَّهُ اللهُ، رَزَقَهُ مَحَبَّتَهُ وَطَاعَتَهُ ، وَالِاشْتِغَالَ بِذِكْرِهِ وَخِدْمَتِهِ، فَأَوْجَبَ لَهُ ذَلِكَ الْقُرْبَ مِنْهُ، وَالزُّلْفَى لَدَيْهِ، وَالْحَظْوَةَ عِنْدَهُ، كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى:{مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ ، أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ ، يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ ، وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ، ذَلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ ، وَاللهِ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [المائدة: 54]، فَفِي هَذِهِ الْآيَةِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ مَنْ أَعْرَضَ عَنْ حُبِّنَا وَتَوَلَّى عَنْ قُرْبِنَا، لَمْ نُبَالِ، وَاسْتَبْدَلْنَا بِهِ مَنْ هُوَ أَوْلَى بِهَذِهِ الْمِنْحَةِ مِنْهُ وَأَحَقُّ، فَمَنْ أَعْرَضَ عَنِ اللهِ ، فَمَا لَهُ مِنَ اللهِ بَدَلٌ، وَلِلهِ مِنْهُ أَبْدَالٌ.

وَمِنْ أَعْظَمِ مَا يُتَقَرَّبُ بِهِ إِلَى اللهِ تَعَالَى مِنَ النَّوَافِلِ: كَثْرَةُ تِلَاوَةِ الْقُرْآنِ، وَسَمَاعُهُ بِتَفَكُّرٍ وَتَدَبُّرٍ وَتَفَهُّمٍ، قَالَ خَبَّابُ بْنُ الْأَرَتِّ لِرَجُلٍ: تَقَرَّبْ إِلَى اللهِ مَا اسْتَطَعْتَ، وَاعْلَمْ أَنَّكَ لَنْ تَتَقَرَّبَ إِلَيْهِ بِشَيْءٍ هُوَ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ كَلَامِهِ. أخرجه الحاكم2/ 441

فَلَا شَيْءَ عِنْدَ الْمُحِبِّينَ أَحْلَى مِنْ كَلَامِ مَحْبُوبِهِمْ، فَهُوَ لَذَّةُ قُلُوبِهِمْ، وَغَايَةُ مَطْلُوبِهِمْ. قَالَ عُثْمَانُ: لَوْ طَهُرَتْ قُلُوبُكُمْ ، مَا شَبِعْتُمْ مِنْ كَلَامِ رَبِّكُمْ. أخرجه أبو نعيم في " الحلية " 7/ 300 بإسناد منقطع

وَمِنْ ذَلِكَ كَثْرَةُ ذِكْرِ اللهِ الَّذِي يَتَوَاطَأُ عَلَيْهِ الْقَلْبُ وَاللِّسَانُ ، وَفِي " مُسْنَدِ الْبَزَّارِ " «عَنْ مُعَاذٍ قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ أَخْبِرْنِي بِأَفْضَلِ الْأَعْمَالِ وَأَقْرَبِهَا إِلَى اللهِ تَعَالَى قَالَ: أَنْ تَمُوتَ وَلِسَانُكُ رَطْبٌ مِنْ ذِكْرِ اللهِ تَعَالَى».جامع العلوم والحكم (2/ 343)

(10)

أَيْ: صِرْتُ. فيض القدير - (ج 2 / ص 305)

(11)

اُسْتُشْكِلَ كَيْفَ يَكُونُ الْبَارِي عز وجل سَمْعَ الْعَبْدِ وَبَصَرَهُ إِلَخْ؟ ،

وَالْجَوَابُ مِنْ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّهُ وَرَدَ عَلَى سَبِيلِ التَّمْثِيلِ، وَالْمَعْنَى كُنْتُ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ فِي إِيثَارِهِ أَمْرِي ، فَهُوَ يُحِبُّ طَاعَتِي ، وَيُؤْثِرُ خِدْمَتِي كَمَا يُحِبُّ هَذِهِ الْجَوَارِح.

ثَانِيهَا: أَنَّ كُلِّيَّتَهُ مَشْغُولَةٌ بِي ، فَلَا يُصْغِي بِسَمْعِهِ إِلَّا إِلَى مَا يُرْضِينِي، وَلَا يَرَى بِبَصَرِهِ إِلَّا مَا أَمَرْتُهُ بِهِ ، وَلَا يَتَحَرَّكُ لَهُ جَارِحَةٌ إِلَّا فِي اللهِ ، وَلِلهِ، فَهِيَ كُلُّهَا تَعْمَلُ بِالْحَقِّ لِلْحَقِّ.

ثَالِثهَا: كُنْتُ لَهُ فِي النُّصْرَةِ كَسَمْعِهِ وَبَصَرِهِ وَيَدِهِ وَرِجْلِهِ فِي الْمُعَاوَنَةِ عَلَى عَدُوِّهِ. فتح الباري - (ج 18 / ص 342)

(12)

أَيْ: أَعَذْتُهُ مِمَّا يَخَاف، وَفِي حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ " وَإِذَا اِسْتَنْصَرَ بِي نَصَرْتُه ". فتح الباري (ج 18 / ص 342)

(13)

(خ) 6137 ، (حب) 347 ، (حم) 26236

ص: 149

(خ م ت حم)، وَعَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ قَالَ:(كُنَّا بِعَرَفَةَ، فَمَرَّ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَهُوَ عَلَى الْمَوْسِمِ (1) فَقَامَ النَّاسُ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ، فَقُلْتُ لِأَبِي: يَا أَبَتِ ، إِنِّي أَرَى اللهَ يُحِبُّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: وَمَا ذَاكَ؟، قُلْتُ: لِمَا لَهُ مِنْ الْحُبِّ فِي قُلُوبِ النَّاسِ، إنَّ أبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ اللهَ إِذَا أَحَبَّ عَبْدًا ، دَعَا جِبْرِيلَ فَقَالَ: إِنِّي أُحِبُّ فُلَانًا فَأَحِبَّهُ، قَالَ: فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ ، ثُمَّ يُنَادِي فِي أَهْلِ السَّمَاءِ، فَيَقُولُ: إِنَّ اللهَ عز وجل يُحِبُّ فُلَانًا فَأَحِبُّوهُ ، فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ) (2) (ثُمَّ تُوضَعُ لَهُ) (3) (الْمَحَبَّةُ فِي أَهْلِ الْأَرْضِ) (4) (فَذَلِكَ قَوْلُ اللهِ: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمْ الرَّحْمَنُ وُدًّا (5)} (6)) (7) (وَإِذَا أَبْغَضَ اللهُ عَبْدًا ، دَعَا جِبْرِيلَ فَقَالَ: إِنِّي أُبْغِضُ فُلَانًا فَأَبْغِضْهُ، قَالَ: فَيُبْغِضُهُ جِبْرِيلُ، ثُمَّ يُنَادِي فِي أَهْلِ السَّمَاءِ: إِنَّ اللهَ عز وجل يُبْغِضُ فُلَانًا فَأَبْغِضُوهُ، قَالَ: فَيُبْغِضُونَهُ ، ثُمَّ تُوضَعُ لَهُ الْبَغْضَاءُ فِي الْأَرْضِ) (8) (فَيُبْغَضُ ") (9)

(1) أَيْ: أَمِير الْحَجِيج. شرح النووي على مسلم - (ج 8 / ص 480)

(2)

(م)(2637) ، (خ) 3037

(3)

(خ) 3037 ، (م) 2637

(4)

(ت) 3161 ، وصححه الألباني في (الضعيفة) تحت حديث: 2208

(5)

قَالَ اِبْنُ كَثِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ: يُخْبِرُ تَعَالَى أَنَّهُ يَغْرِسُ لِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ - وَهِيَ الْأَعْمَالُ الَّتِي تُرْضِي اللهَ لِمُتَابَعَتِهَا الشَّرِيعَةَ الْمُحَمَّدِيَّةَ - يَغْرِسُ لَهُمْ فِي قُلُوبِ عِبَادِهِ الصَّالِحِينَ مَحَبَّةً وَمَوَدَّةً ، وَهَذَا أَمْرٌ لَا بُدَّ مِنْهُ وَلَا مَحِيدَ عَنْهُ. تحفة الأحوذي - (ج 7 / ص 492)

(6)

[مريم/96]

(7)

(ت) 3161

(8)

(م) 2637 ، (ت) 3161

(9)

(حم) 10623 ، وقال الشيخ شعيب الأرناءوط: إسناده صحيح.

ص: 150