المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌التَّطْهِيرُ بِالصَّعِيد قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} (1) (د حم حب) - الجامع الصحيح للسنن والمسانيد - جـ ٢٣

[صهيب عبد الجبار]

فهرس الكتاب

- ‌الدُّخَان الْمُتَخَلِّف عَنْ حَرْق النَّجَاسَات

- ‌أَنْوَاعُ النَّجَاسَات

- ‌مَا يُعْفَى عَنْهُ مِنْ النَّجَاسَات

- ‌الْمِقْدَار الْقَلِيل مِنْ نَجِس الْعَيْن

- ‌قَلِيل الدَّم

- ‌قَلِيلُ الْبَوْل

- ‌مَا تَعُمّ بِهِ الْبَلْوَى

- ‌إِزَالَةُ النَّجَاسَة

- ‌حُكْم إِزَالَة النَّجَاسَة وَالتَّطَهُّر مِنْهَا وَالِاسْتِنْزَاه عَنْهَا

- ‌اِشْتِرَاط النِّيَّة لِإِزَالَة النَّجَاسَة

- ‌طُرُقُ إِزَالَةِ النَّجَاسَة

- ‌إِزَالَةُ النَّجَاسَةِ بِالْمَاء

- ‌حُكْمُ التَّطْهِير بِالْمَائِعَاتِ عَدَا الْمَاء

- ‌التَّطْهِيرُ بِالصَّعِيد

- ‌التطهير بالذَّكَاة الشَّرْعِيَّة

- ‌التَّطْهِيرُ بِالدِّبَاغ

- ‌تَعْرِيف اَلدِّبَاغ

- ‌مَا يُطْهُرُ بِالدِّبَاغ

- ‌مَا لَا يُطْهُرُ بِالدِّبَاغِ

- ‌التَّطْهِيرُ بِالْفَرْك

- ‌التَّطْهِيرُ بِالدَّلْك

- ‌إِزَالَةُ النَّجَاسَةِ بِالْمَسْح

- ‌تَطْهِيرُ مَا كَانَ أَمْلَسَ السَّطْحِ

- ‌إِزَالَة النَّجَاسَة بِمَطْعُوم آدَمِيّ

- ‌التَّطْهِير بِالنَّضْحِ

- ‌التَّطْهِير بِالنَّزْح

- ‌عَزْلُ الْجُزْءِ الْمُتَنَجِّس

- ‌الثَّوْبُ الطَّوِيلُ الذِي يَمَسُّ الْأَرْضَ النَّجِسَةَ وَالطَّاهِرَة

- ‌جَفَافُ النَّجَاسَةِ بِالشَّمْسِ أَوْ الْهَوَاء

- ‌اسْتِحَالَةُ النَّجَاسَة

- ‌تَحَوُّل النَّجَاسَة بِالنَّارِ

- ‌كَيْفِيَّةُ التَّطْهِيرِ مِنَ النَّجَاسَات

- ‌تَطْهِيرُ الْبَدَنِ وَالثَّوْب

- ‌تَطْهِيرُ الْأَرْض

- ‌تَطْهِيرُ الْمَاء

- ‌تَطْهِير الْبِئْر الْمُتَنَجِّسَة

- ‌ آلَةِ النَّزْحِ

- ‌حُلُولُ النَّجَاسَةِ فِي الْجَامِد

- ‌حُلُولُ النَّجَاسَةِ فِي الْمَائِع

- ‌تَطْهِيرُ مَا يَتَشَرَّبُ النَّجَاسَةَ

- ‌تَطْهِيرُ مَا لَاقَتْهُ نَجَاسَة الْكَلْب

- ‌لُعَاب اَلْكَلْب

- ‌شَعْر اَلْكَلْب

- ‌لَحْم اَلْكَلْب

- ‌عَرَق اَلْكَلْب

- ‌سُؤْر الْكَلْب

- ‌تَطْهِير مَا لَاقَتْهُ نَجَاسَةُ الْخِنْزِير

- ‌تَطْهِيرُ الْجَلَّالَة

- ‌الْإِخْبَار عَن النَّجَاسَة

- ‌الشَّكّ فِي وُجُود النَّجَاسَة وَزَوَالهَا

- ‌الِانْتِفَاعُ بِالنَّجَاسَات

- ‌ الْآنِيَة

- ‌تَعْرِيف الْآنِيَة

- ‌أَنْوَاع الْآنِيَة

- ‌آنِيَةُ الْجِلْد

- ‌الْآنِيَة الْمَأخُوذَة مِنْ الْحَيَوَان غَيْر الْجِلْد

- ‌آنِيَةُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّة

- ‌حُكْمُ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّة

- ‌حُكْمُ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ فِي الْإنَاءِ الْمُضَبَّبِ بِالْفِضَّة

- ‌الْوُضُوء مِنْ آنِيَة الذَّهَب وَالْفِضَّة

- ‌اِتِّخَاذ آنِيَة الذَّهَب وَالْفِضَّة لِلزِّينَةِ

- ‌اِقْتِنَاء آنِيَة الذَّهَب وَالْفِضَّة

- ‌الآنِيَةُ الْمُمَوَّهَةُ وَالْمُغَشَّاةُ بِالذَّهَبِ أَوِ الْفِضَّةِ

- ‌الْإِنَاء الْمُطَعَّم بِالذَّهَبِ

- ‌الْإِنَاء الْمُطَعَّم بِالْفِضَّةِ

- ‌الآنِيَةُ النَّفِيسَةُ مِنْ غَيْرِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ

- ‌الْأَوَانِي مِنْ غَيْرِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّة

- ‌آنِيَةُ الْمُشْرِكِين

- ‌آنِيَةُ أَهْلِ الْكِتَاب

- ‌آنِيَةُ غَيْرِ أَهْلِ الْكِتَاب

- ‌ التَّطْهِيرُ بِالْمَاء

- ‌أَقْسَامُ الْمَاء

- ‌الْمَاءُ الْمُطْلَق

- ‌تَعْرِيف الْمَاء الْمُطْلَق

- ‌حُكْمُ الْمَاءِ الْمُطْلَق

- ‌أَنْوَاعُ الْمَاءِ الْمُطْلَق

- ‌مَاءُ الْمَطَر

- ‌مَاءُ الثَّلْج

- ‌مَاءُ الْبَرَد

- ‌مَاءُ الْبَحْر

- ‌مَاء الْبِئْر

- ‌مَاءُ زَمْزَم

- ‌الْمَاءُ الآجِنُ (الرَّاكِد)

- ‌الْمَاءُ إِذَا خَالَطَهُ طَاهِرٌ وَلَمْ يُغَيِّرْ أَحَدَ أَوْصَافِه

- ‌الْمَاءُ الْكَثِيرُ إِذَا خَالَطَتْهُ نَجَاسَة

- ‌حَدُّ الْمَاءِ الْكَثِير

- ‌مِنْ أَقْسَامِ الْمَاءِ: الْمَاءُ الْمُسْتَعْمَل

- ‌حُكْمُ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَل

- ‌الْأَسْآر

- ‌سُؤْرُ الْآدَمِيّ

- ‌سُؤْر الْكَلْب

- ‌سُؤْرُ الْحَيَوَانِ غَيْرِ مَأكُولِ اللَّحْم

- ‌أَقْسَامُ الطَّهَارَة

- ‌مِنْ أَقْسَامِ الطَّهَارَة: الِاسْتِنْجَاءُ وَالِاسْتِجْمَار

- ‌آدَابُ دُخُولِ الْخَلَاءِ وَقَضَاءِ الْحَاجَة

- ‌إِعْدَادُ مَا يُتَطَهَّر بِهِ قَبْلَ قَضَاءِ الْحَاجَة

- ‌يَسْتَتِرُ عَنْ الْعُيُونِ عِنْدَ قَضَاءِ الْحَاجَة

- ‌إِنْ كَانَ فِي الصَّحْرَاءِ أَبْعَدَ عِنْدَ قَضَاءِ الْحَاجَة

- ‌لَا يَقْضِي حَاجَتَهُ فِي الطَّرِيقِ وَالظِّلِّ وَالْمَوَارِد

- ‌لَا يَبُولُ ولَا يَتَغَوَّطُ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا

- ‌لَا يَبُولُ فِي مُسْتَحَمِّه

- ‌جَوَازُ الْبَوْلِ فِي الْإنَاء

- ‌ذِكْرُ اللهِ عِنْدَ دُخُولِ الْخَلَاءِ وَالْخُرُوجِ مِنْه

- ‌عَدَمُ اِسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ وَاسْتِدْبَارِهَا عِنْدَ قَضَاءِ الْحَاجَة

- ‌اِسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ وَاسْتِدْبَارُهَا عِنْد قَضَاءِ الْحَاجَةِ فِي الْفَضَاء

- ‌اِسْتِقْبَال الْقِبْلَة وَاسْتِدْبَارهَا عِنْد قَضَاء الْحَاجَة فِي الْبُنْيَانِ

- ‌لَا يَرْفَعُ ثَوْبَهُ حَتَّى يَدْنُوَ مِنْ الْأَرْضِ عِنْدَ قَضَاءِ الْحَاجَة

- ‌اَلْبَوْلُ جَالِسًا

- ‌لَا يَرُدُّ السَّلَامَ أَثْنَاءَ قَضَاءِ الْحَاجَة

- ‌لَا يَمَسُّ ذَكَرَهُ بِيَمِينهِ أَثْنَاءَ الْبَوْل

- ‌لَا يَسْتَنْجِي وَلَا يَسْتَجْمِرْ بِالْيَمِين

- ‌مَا يُسْتَنْجَى وَيُسْتَجْمَرُ بِه

- ‌الاسْتِنْجَاءُ بِالْمَاء

- ‌الِاسْتِجْمَارُ بِالْحَجَرِ الطَّاهِر

- ‌مَا لَا يُسْتَنْجَى وَلَا يُسْتَجْمَر بِهِ

- ‌الاسْتِجْمَار بِالْعِظَامِ

- ‌الاسْتِنْجَاءُ وَالِاسْتِجْمَارُ بِالرَّجِيع

- ‌إِنْقَاءُ الْمَحَلِّ فِي الاسْتِنْجَاءِ وَالِاسْتِجْمَار

- ‌إِنْقَاءُ الْمَحَلِّ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ فِي الِاسْتِجْمَار

- ‌إِنْقَاءُ الْمَحَلِّ بِأَكْثَرِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ فِي الِاسْتِجْمَار

- ‌نَضْحُ الْمَاءِ عَلَى الْفَرْجِ وَالسَّرَاوِيلِ لِيُزِيلَ الْوَسْوَاسَ عَنْه

- ‌غَسْلُ الْيَدَيْنِ بَعْدَ الِاسْتِنْجَاء

- ‌مِنْ أَقْسَامِ الطَّهَارَةِ: الْوُضُوء

- ‌حُكْمُ الْوُضُوء

- ‌فَضْلُ الْوُضُوء

- ‌مَاءُ الْوُضُوء

- ‌فَضْلُ طَهُورِ الْمَرْأَة

- ‌الْمَاءُ الْمُسَخَّن

- ‌مِقْدَارُ مَاءِ الْوُضُوء

- ‌أَرْكَانُ وَفَرَائِضُ الْوُضُوء

- ‌نِيَّةُ الْوُضُوء

- ‌تَحْوِيلُ النِّيَّةِ فِي الْوُضُوءِ

- ‌التَّسْمِيَةُ عِنْدَ الْوُضُوء

- ‌الْمَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ وَالِاسْتِنْثَارُ فِي الْوُضُوء

- ‌غَسْلُ الْوَجْهِ فِي الْوُضُوء

- ‌تَخْلِيلُ اللِّحْيَةِ الْكَثَّةِ فِي الْوُضُوء

- ‌غَسْلُ الْيَدَيْنِ فِي الْوُضُوء

- ‌غَسْلُ الْيَدَيْنِ إِلَى الْمِرْفَقَيْن

- ‌تَخْلِيلُ أَصَابِعِ الْيَدَيْنِ فِي الْوُضُوء

- ‌مَسْحُ الرَّأسِ وَالْأُذُنَيْنِ فِي الْوُضُوء

- ‌صِفَةُ مَسْحِ الرَّأس

- ‌الْمَسْحُ عَلَى الْعِمَامَةِ وَالْخِمَار

- ‌غَسْلُ الرِّجْلَيْنِ إِلَى الْكَعْبَيْنِ فِي الْوُضُوء

- ‌تَخْلِيلُ أَصَابِعِ الرِّجْلَيْنِ فِي الْوُضُوء

- ‌التَّرْتِيبُ بَيْنَ الْأَعْضَاءِ فِي الْوُضُوء

- ‌التَّيَامُنُ فِي الْوُضُوء

- ‌الْمُوَالَاةُ فِي الْوُضُوء

- ‌دَلْكُ الْأَعْضَاءِ فِي الْوُضُوء

- ‌اِسْتِيعَابُ الْأَعْضَاءِ فِي الْوُضُوء

- ‌سُنَنُ وَآدَابُ الْوُضُوء

- ‌اِسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ أَثْنَاءَ الْوُضُوء

- ‌غَسْلُ الْكَفَّيْنِ قَبْلَ إِدْخَالِهِمَا فِي الْإنَاء

- ‌غَسْلُ الْيَدَيْنِ عِنْدَ الِاسْتِيقَاظِ مِنْ نَوْمِ لَيْل

- ‌التَّثْلِيثُ فِي الْوُضُوء

- ‌جواز الجمع بين التثنية والتثليث

- ‌حكم الزيادة على الثلاث

- ‌دَلْكُ الْأَعْضَاءِ فِي الْوُضُوء

- ‌إطَالَةُ الْغُرَّةِ وَالتَّحْجِيل

- ‌الِاقْتِصَادُ فِي مِيَاهِ الْوُضُوء

- ‌نَضْحُ الْفَرْجِ بَعْدَ الْوُضُوء

- ‌جواز الاسْتِعَانَة بِغَيْرِه فِي الْوُضُوء

- ‌تَنْشِيفُ أَعْضَاءِ الْوُضُوء

- ‌الدُّعَاءُ بَعْدَ الْوُضُوء

- ‌صَلَاةُ رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْوُضُوء

- ‌مُبَاحَاتُ الْوُضُوء

- ‌مَكْرُوهَاتُ الْوُضُوء

- ‌نَوَاقِضُ الْوُضُوء

- ‌مَا خَرَجَ مِنْ السَّبِيلَيْن

- ‌الْبَوْل

- ‌الْغَائِط

- ‌الْمَذْي

- ‌خُرُوجُ الرِّيحِ مِنْ الدُّبُر

- ‌خُرُوجُ الرِّيحِ مِنْ الْقُبُل

- ‌الدَّمُ الْخَارِجُ مِنْ السَّبِيلَيْن

- ‌مِنْ نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ مَسُّ فَرْجِ الْآدَمِيّ

- ‌مِنْ نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ زَوَالُ الْعَقْل

- ‌زَوَالُ الْعَقْلِ بِالنَّوْم

- ‌زَوَالُ الْعَقْلِ بِغَيْرِ النَّوْم

- ‌زَوَالُ الْعَقْلِ بِالْإِغْمَاءِ

- ‌مِنْ نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ أَكْلُ لُحُومِ الْإِبِل

- ‌مَا لَا يَنْقُضُ الوُضُوء

- ‌مَسُّ الْمَرْأَةِ وَتَقْبِيلُها لَا يَنْقُضُ الْوُضُوء

- ‌الْقَيْءُ لَا يَنْقُضُ الْوُضُوء

- ‌غَسْلُ الْمَيِّتِ لَا يَنْقُضُ الْوُضُوء

- ‌انْتِهَاءُ مُدَّةِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ لَا تَنْقُضُ الْوُضُوء

- ‌أَكْلُ مَا مَسَّتْهُ النَّارُ لَا يَنْقُضُ الْوُضُوء

- ‌استحباب المضمضة لمن أكل قبل الصلاة

- ‌جواز عدم المضمضة

- ‌حُكْمُ الْوُضُوءِ قَبْلَ الْأَكْل

- ‌حُكْمُ تَجْدِيدِ الْوُضُوء

- ‌مَا يُسَنُّ لَهُ الْوُضُوء

- ‌الْوُضُوءُ عِنْدَ ذِكْرِ اللَّه

- ‌يُسَنُّ الْوُضُوءُ عِنْدَ النَّوْم

- ‌مِنْ أَقْسَامِ الطَّهَارَة: الْغُسْل

- ‌مُوجِبَات الْغُسْل

- ‌خُرُوج الْمَنِيّ

- ‌مِنْ مُوجِبَاتِ الْغُسْلِ اِلْتِقَاءُ الْخِتَانَيْن

- ‌مِنْ مُوجِبَاتِ الْغُسْلِ انْقِطَاعُ الْحَيْض

- ‌مِنْ مُوجِبَاتِ الْغُسْلِ النِّفَاس

- ‌مِنْ مُوجِبَاتِ الْغُسْلِ إِسْلَامُ الْكَافِر

- ‌مِنْ مُوجِبَاتِ الْغُسْلِ الْمَوْت

- ‌كَيْفِيَّة الْغُسْل

- ‌أَرْكَان وَفَرَائِض الْغُسْل

- ‌النِّيَّة فِي الْغُسْل

- ‌التَّسْمِيَةُ فِي الْغُسْل

- ‌إِزَالَةُ النَّجَاسَةِ فِي الْغُسْل

- ‌الْمَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ فِي الْغُسْل

- ‌إِيصَالُ الْمَاءِ إِلَى جَمِيعِ الشَّعْرِ وَالْبَشَرَةِ فِي الْغُسْل

- ‌إِجْزَاءُ الْغُسْلِ عَنْ الْوُضُوء

- ‌سُنَنُ وَآدَابُ الْغُسْل

- ‌الِاسْتِتَارُ عَنْ أَعْيُنِ النَّاسِ فِي الْغُسْل

- ‌غَسْلُ الْيَدَيْنِ ثَلَاثًا فِي الْغُسْل

- ‌الْوُضُوءُ فِي الْغُسْل

- ‌الْحَثْو عَلَى الرَّأس ثَلَاثًا فِي الْغُسْل

- ‌الْبُدَاءَة بِالشِّقِّ الْأَيْمَن فِي الْغُسْل

- ‌مِقْدَارُ مَاءِ الْغُسْلِ والِاقْتِصَادِ فِيه

- ‌مَكْرُوهَات الْغُسْل

- ‌مَا يُسَنُّ لَهُ الْغُسْل

- ‌غُسْل الْجُمْعَة

- ‌غُسْل الْعِيدَيْنِ

- ‌الْغُسْل مِنْ تَغْسِيل الْمَيِّت

- ‌الْغُسْلُ مِنَ الْإِغْمَاء

- ‌الْغُسْلُ عِنْدَ الْإِحْرَام

- ‌الْغُسْل لِدُخُول مَكَّة

- ‌الْغُسْل لِلْوُقُوفِ بِعَرَفَة

- ‌مَكَان اَلْغُسْل

- ‌حُكْم دُخُول اَلْحَمَّام

- ‌دُخُول اَلنِّسَاء اَلْحَمَّام

- ‌اَلصَّلَاة فِي اَلْحَمَّام

- ‌مِنْ أَقْسَامِ الطَّهَارَة: التَّيَمُّم

- ‌حُكْمُ التَّيَمُّم

الفصل: ‌ ‌التَّطْهِيرُ بِالصَّعِيد قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} (1) (د حم حب)

‌التَّطْهِيرُ بِالصَّعِيد

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} (1)

(د حم حب)، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ:(" صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ ، فَلَمَّا كَانَ فِي بَعْضِ صَلَاتِهِ خَلَعَ نَعْلَيْهِ فَوَضَعَهُمَا عَنْ يَسَارِهِ " ، فَلَمَّا رَأَى النَّاسُ ذَلِكَ خَلَعُوا نِعَالَهُمْ)(2)(" فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَلَاتَهُ قَالَ: مَا حَمَلَكُمْ عَلَى إِلْقَاءِ نِعَالِكُمْ؟ " ، قَالُوا: رَأَيْنَاكَ أَلْقَيْتَ نَعْلَيْكَ فَأَلْقَيْنَا نِعَالَنَا)(3)(فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنِّي لَمْ أَخْلَعْهُمَا مِنْ بَأسٍ، وَلَكِنَّ جِبْرِيلَ)(4)(أَتَانِي أَخْبَرَنِي أَنَّ فِيهِمَا قَذَرًا)(5) وفي رواية: (خَبَثًا)(6)(فَأَلْقَيْتُهُمَا ، فَإِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ إِلَى الْمَسْجِدِ فَلْيَنْظُرْ فِي نَعْلَيْهِ ، فَإِنْ رَأَى فِيهِمَا قَذَرًا وفي رواية: (خَبَثًا)(7) فَلْيَمْسَحْهُمَا) (8)(بِالْأَرْضِ ثُمَّ لِيُصَلِّ فِيهِمَا ")(9)

تقدم شرحه

(1) سورة المائدة / 6.

(2)

(حم) 11895 ، (د) 650

(3)

(د) 650 ، (حم) 11895

(4)

(حب) 2185 ، (د) 650، انظر صحيح موارد الظمآن: 312

(5)

(د) 650 ، (حب) 2185

(6)

(د) 651 ، (حم) 11169

(7)

(د) 651 ، (حم) 11169

(8)

(حم) 11895 ، (د) 650

(9)

(حم) 11169 ، (د) 650 ، صححه الألباني في الإرواء: 284، وصفة الصلاة ص 80، وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح.

ص: 21

(خ م ت س)، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (" إِذَا شَرِبَ وفي رواية: (إِذَا وَلَغَ)(1) الْكَلْبُ فِي إِنَاءِ أَحَدِكُمْ) (2)(فَلْيُرِقْهُ ثُمَّ)(3)(لْيَغْسِلْهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ)(4)(أُولَاهُنَّ)(5)(أَوْ أُخْرَاهُنَّ)(6)(بِالتُّرَابِ)(7)(وَإِذَا وَلَغَتْ فِيهِ الْهِرَّةُ غُسِلَ مَرَّةً ")(8)

الشَّرْح:

(" إِذَا شَرِبَ وفي رواية: (إِذَا وَلَغَ الْكَلْبُ) يُقَالُ وَلَغَ يَلَغُ - بِالْفَتْحِ فِيهِمَا - إِذَا شَرِبَ بِطَرَفِ لِسَانِهِ، أَوْ أَدْخَلَ لِسَانَهُ فِيهِ فَحَرَّكَهُ، وَقَالَ ثَعْلَبٌ: هُوَ أَنْ يُدْخِلَ لِسَانَهُ فِي الْمَاءِ وَغَيْرِهِ مِنْ كُلِّ مَائِعٍ فَيُحَرِّكَهُ، زَادَ ابْنُ دُرُسْتَوَيْهِ: شَرِبَ أَوْ لَمْ يَشْرَبْ. وَقَالَ ابْنُ مَكِّيٍّ: فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَائِعٍ يُقَالُ لَعِقَهُ. وَقَالَ الْمُطَرِّزِيُّ: فَإِنْ كَانَ فَارِغًا يُقَالُ لَحِسَهُ. فتح172

قَوْلُهُ (إِذَا شَرِبَ) كَذَا هُوَ فِي الْمُوَطَّأِ، وَالْمَشْهُورُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ رِوَايَةِ جُمْهُورِ أَصْحَابِهِ عَنْهُ " إِذَا وَلَغَ "، وَهُوَ الْمَعْرُوفُ فِي اللُّغَةِ،

وَادَّعَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ أَنَّ لَفْظَ " شَرِبَ " لَمْ يَرْوِهِ إِلَّا مَالِكٌ، وَأَنَّ غَيْرَهُ رَوَاهُ بِلَفْظِ " وَلَغَ "، وَلَيْسَ كَمَا ادَّعَى فَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ الْمُنْذِرِ مِنْ طَرِيقَيْنِ عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ " إِذَا شَرِبَ " لَكِنَّ الْمَشْهُورَ عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ بِلَفْظِ إِذَا وَلَغَ، كَذَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ مِنْ طُرُقٍ عَنْهُ، وَقَدْ رَوَاهُ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ شَيْخُ مَالِكٍ بِلَفْظِ " إِذَا شَرِبَ " .. وَكَأَنَّ أَبَا الزِّنَادِ حَدَّثَ بِهِ بِاللَّفْظَيْنِ لِتَقَارُبِهِمَا فِي الْمَعْنَى؛ لَكِنَّ الشُّرْبَ كَمَا بَيَّنَّا أَخَصُّ مِنَ الْوُلُوغِ ، فَلَا يَقُومُ مَقَامَهُ.

وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ فِي قَوْلِهِ (إِذَا وَلَغَ) يَقْتَضِي قَصْرَ الْحُكْمِ عَلَى ذَلِكَ، لَكِنْ إِذَا قُلْنَا إِنَّ الْأَمْرَ بِالْغَسْلِ لِلتَّنْجِيسِ يَتَعَدَّى الْحُكْمَ إِلَى مَا إِذَا لَحِسَ أَوْ لَعِقَ مَثَلًا، وَيَكُونُ ذِكْرُ الْوُلُوغِ لِلْغَالِبِ.

وَأَمَّا إِلْحَاقُ بَاقِي أَعْضَائِهِ كَيَدِهِ وَرِجْلِهِ فَالْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ أَنَّهُ كَذَلِكَ لِأَنَّ فَمَهُ أَشْرَفُهَا فَيَكُونُ الْبَاقِي مِنْ بَابِ الْأَوْلَى، وَخَصَّهُ فِي الْقَدِيمِ الْأَوَّلِ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي الرَّوْضَةِ: إِنَّهُ وَجْهٌ شَاذٌّ. وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: إِنَّهُ الْقَوِيُّ مِنْ حَيْثُ الدَّلِيلِ، وَالْأَوْلَوِيَّةُ الْمَذْكُورَةُ قَدْ تُمْنَعُ لِكَوْنِ فَمِهِ مَحَلَّ اسْتِعْمَالِ النَّجَاسَاتِ. فتح172

(فِي إِنَاءِ أَحَدِكُمْ) قَوْلُهُ: (فِي إِنَاءِ أَحَدِكُمْ) ظَاهِرُهُ الْعُمُومُ فِي الْآنِيَةِ، وَمَفْهُومُهُ يُخْرِجُ الْمَاءَ الْمُسْتَنْقَعَ مَثَلًا، وَبِهِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ مُطْلَقًا، لَكِنْ إِذَا قُلْنَا بِأَنَّ الْغَسْلَ لِلتَّنْجِيسِ يَجْرِي الْحُكْمُ فِي الْقَلِيلِ مِنَ الْمَاءِ دُونَ الْكَثِيرِ، وَالْإِضَافَةُ الَّتِي فِي إِنَاءِ أَحَدِكُمْ يُلْغَى اعْتِبَارُهَا هُنَا لِأَنَّ الطَّهَارَةَ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى مِلْكِهِ، وَكَذَا قَوْلُهُ " فَلْيَغْسِلْهُ " لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى أَنْ يَكُونَ هُوَ الْغَاسِلَ. فتح172

(فَلْيُرِقْهُ) أَيْ: ليصبه.

قَالَ الْحَافِظُ: هَذَا يُقَوِّي الْقَوْلَ بِأَنَّ الْغَسْلَ لِلتَّنْجِيسِ، إِذِ الْمُرَاقُ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَاءً أَوْ طَعَامًا، فَلَوْ كَانَ طَاهِرًا لَمْ يُؤْمَرْ بِإِرَاقَتِهِ لِلنَّهْيِ عَنْ إِضَاعَةِ الْمَالِ، لَكِنْ قَالَ النَّسَائِيُّ: لَا أَعْلَمُ أَحَدًا تَابَعَ عَلِيَّ بْنَ مُسْهِرٍ عَلَى زِيَادَةِ فَلْيُرِقْهُ. وَقَالَ حَمْزَةُ الْكِنَانِيُّ: إِنَّهَا غَيْرُ مَحْفُوظَةٍ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: لَمْ يَذْكُرْهَا الْحُفَّاظُ مِنْ أَصْحَابِ الْأَعْمَشِ كَأَبِي مُعَاوِيَةَ وَشُعْبَةَ. وَقَالَ ابْنُ مَنْدَهْ: لَا تُعْرَفُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوِهِ إِلَّا عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ. قُلْتُ: قَدْ وَرَدَ الْأَمْرُ بِالْإِرَاقَةِ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ عَطَاءٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا أَخْرَجَهُ ابْنُ عَدِيٍّ، لَكِنْ فِي رَفْعِهِ نَظَرٌ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ. وَكَذَا ذَكَرَ الْإِرَاقَةَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَوْقُوفًا وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ. فتح172

قَال النَّوَوِيُّ (89 - (279): هَلْ الْإِرَاقَة وَاجِبَة لِعَيْنِهَا أَمْ لَا تَجِب إِلَّا إِذَا أَرَادَ اِسْتِعْمَال الْإِنَاء أَرَاقَهُ؟ فِيهِ خِلَاف؛ ذَكَرَ أَكْثَر أَصْحَابنَا أَنَّ الْإِرَاقَة لَا تَجِب لِعَيْنِهَا بَلْ هِيَ مُسْتَحَبَّة فَإِنْ أَرَادَ اِسْتِعْمَال الْإِنَاء أَرَاقَهُ، وَذَهَبَ بَعْض أَصْحَابنَا إِلَى أَنَّهَا وَاجِبَة عَلَى الْفَوْر وَلَوْ لَمْ يُرِدْ اِسْتِعْمَاله، حَكَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ مِنْ أَصْحَابنَا فِي كِتَابه الْحَاوِي وَيَحْتَجّ لَهُ بِمُطْلَقِ الْأَمْر وَهُوَ يَقْتَضِي الْوُجُوب عَلَى الْمُخْتَار وَهُوَ قَوْل أَكْثَر الْفُقَهَاء، وَيَحْتَجّ لِلْأَوَّلِ بِالْقِيَاسِ عَلَى بَاقِي الْمِيَاه النَّجِسَة، فَإِنَّهُ لَا تَجِب إِرَاقَتهَا بِلَا خِلَاف، وَيُمْكِن أَنْ يُجَاب عَنْهَا بِأَنَّ الْمُرَاد فِي مَسْأَلَة الْوُلُوغ الزَّجْر وَالتَّغْلِيظ وَالْمُبَالَغَة فِي التَّنْفِير عَنْ الْكِلَاب.

(ثُمَّ لْيَغْسِلْهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ) هَذَا يَقْتَضِي الْفَوْرَ، لَكِنْ حَمَلَهُ الْجُمْهُورُ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ ، إِلَّا لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَسْتَعْمِلَ ذَلِكَ الْإِنَاءَ. فتح172

وفي رواية: (طَهُور إِنَاء أَحَدكُمْ إِذَا وَلَغَ الْكَلْب فِيهِ أَنْ يَغْسِلَهُ سَبْع مَرَّات)(9)

(أُولَاهُنَّ ، أَوْ أُخْرَاهُنَّ بِالتُّرَابِ) اخْتَلَفَ الرُّوَاةُ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ فِي مَحَلِّ غَسْلَةِ التَّتْرِيبِ، فَلِمُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ مِنْ طَرِيقِ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ عَنْهُ " أُولَاهُنَّ " وَهِيَ رِوَايَةُ الْأَكْثَرِ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ وَكَذَا فِي رِوَايَةِ أَبِي رَافِعٍ الْمَذْكُورَةِ، وَاخْتُلِفَ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ عَنْهُ " أُولَاهُنَّ " أَيْضًا أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَقَالَ أَبَانُ عَنْ قَتَادَةَ " السَّابِعَةُ " أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَلِلشَّافِعِيِّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَيُّوبَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ " أُولَاهُنَّ أَوْ إِحْدَاهُنَّ فِي مَخْطُوطَةِ الرِّيَاضِ:(أَوْ أُخْرَاهُنَّ). ". وَفِي رِوَايَةِ السُّدِّيِّ عَنِ الْبَزَّارِ " إِحْدَاهُنَّ " وَكَذَا فِي رِوَايَةِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْهُ، فَطَرِيقُ الْجَمْعِ بَيْنَ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ أَنْ يُقَالَ إِحْدَاهُنَّ مُبْهَمَةٌ وَأُولَاهُنَّ وَالسَّابِعَةُ مُعَيَّنَةٌ وَ " أَوْ " إِنْ كَانَتْ فِي نَفْسِ الْخَبَرِ فَهِيَ لِلتَّخْيِيرِ فَمُقْتَضَى حَمْلِ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَحَدِهِمَا لِأَنَّ فِيهِ زِيَادَةً عَلَى الرِّوَايَةِ الْمُعَيَّنَةِ، وَهُوَ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ وَالْبُوَيْطِيُّ وَصَرَّحَ بِهِ الْمَرْعَشِيُّ وَغَيْرُهُ مِنَ الْأَصْحَابِ وَذَكَرَهُ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ وَالسُّبْكِيُّ بَحْثًا، وَهُوَ مَنْصُوصٌ كَمَا ذَكَرْنَا.

وَإِنْ كَانَتْ " أَوْ " شَكًّا مِنَ الرَّاوِي فَرِوَايَةُ مَنْ عَيَّنَ وَلَمْ يَشُكَّ أَوْلَى مِنْ رِوَايَةِ مَنْ أَبْهَمَ أَوْ شَكَّ، فَيَبْقَى النَّظَرُ فِي التَّرْجِيحِ بَيْنَ رِوَايَةِ أُولَاهُنَّ وَرِوَايَةِ السَّابِعَةِ، وَرِوَايَةُ أُولَاهُنَّ أَرْجَحُ مِنْ حَيْثُ الْأَكْثَرِيَّةُ وَالْأَحْفَظِيَّةُ وَمِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى أَيْضًا؛ لِأَنَّ تَتْرِيبَ الْأَخِيرَةِ يَقْتَضِي الِاحْتِيَاجَ إِلَى غَسْلَةٍ أُخْرَى لِتَنْظِيفِهِ، وَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ فِي حَرْمَلَةَ عَلَى أَنَّ الْأُولَى أَوْلَى وَاللهُ أَعْلَمُ. فتح172

(وَإِذَا وَلَغَتْ فِيهِ الْهِرَّةُ غُسِلَ مَرَّةً) قال الألباني في صحيح أبي داود - الأم (1/ 124): قلت: إسناده صحيح على شرطهما؛ وهو موقوف. وقد وردد مرفوعاً بإسناد على شرطهما أيضا ، وصححه الترمذي والدارقطني والحاكم والذهبي وكذا الطحاوي).إسناده: حدثنا مسدد: ثنا المعتمر- يعني: ابن سليمان-. (ح) وحدثنا محمد بن عبيد: ثنا حماد بن زيد جميعاً. وهذا إسناد صحيح، رجاله رجال الشيخين، وهو موقوف؛ لكن صح رفعه عن أيوب من طرق، كما ذكرنا آنفاً؛ فهو أولى. بل صح رفعه عن المعتمر بن سليمان نفسه؛ فقال الترمذي (1/ 151): حدثنا سَوَّار بن عبد الله العنبري: حدثنا المعتمر بن سليمان

به مرفوعاً؛ وفيه الزيادة، وقال:" حديث حسن صحيح ". وسوار هذا ثقة، غلظ من تكلم فيه، كما في "التقريب ". وقد تابعه المُقَدَّمي- وهو محمد بن أبي بكر الثقفي البصري-: أخرجه الطحاوي. وقد تابعه على هذه الزيادة مرفوعاً: قرة بن خالد قال: ثنا محمد بن سيرين

به؛ إلا أنه قال: " والهرة مرة أو مرتيهما ". أخرجه الحاكم (1/ 160 - 161) - وقال: " صحيح على شرط الشيخين "، ووافقه الذهبي-، والدارقطني، وقال:" قرة يشك. هذا صحيح ". واحتج به ابن حزم في "المحلَى"(1/ 117)؛ فهو منه تصحيح له- وأخرجه الطحاوي (1/ 11)، وقال: إنه " متصل الإسناد "، ثمّ صححه (10).

وأعل هذه الزيادة: المنذري في "مختصره "(رقم 65) بقوله: " وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ أَدْرَجَهُ بَعْضُ الرُّوَاةِ فِي حَدِيثِهِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَوَهِمُوا فِيهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ فِي وُلُوغِ الْكَلْبِ مَرْفُوعٌ وَفِي وُلُوغِ الْهِرِّ مَوْقُوفٌ "! وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ في "نصب الراية "(1/ 136): " قَالَ فِي التَّنْقِيحِ وَعِلَّتُهُ أَنَّ مُسَدَّدًا رَوَاهُ عَنْ مُعْتَمِرٍ فَوَقَفَهُ ، رَوَاهُ عَنْهُ أَبُو دَاوُدَ قَالَ فِي الْإِمَامِ: وَالَّذِي تَلَخَّصَ أَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِي رَفْعِهِ، وَاعْتَمَدَ التِّرْمِذِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ عَلَى عَدَالَةِ الرِّجَالِ عِنْدَهُ ، وَلَمْ يَلْتَفِتْ لِوَقْفِ مَنْ وَقَفَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ".

قال العلامة أحمد محمد شاكر في تعليقه على "الترمذي "- بعد أن نقل هذا الكلام-: " وهذا الذي قال العلامة ابن دقيق العيد في "الإمام " صحيح جيد، وأزيد عليه: أن مسدداً روى الحديث كله موقوفاً في ولوغ الكلب وفي ولوغ الهر. فلو كان هذا علة؛ لكان علة في الحديث كله، ولكنه ليس علة ولا شبيهاً بها؛ بل الرفع من باب زيادة الثقة، وهي مقبولة. فما صنعه الترمذي من تصحيح الحديث: هو الصواب ". أ. هـ

فَوائِدُ الْحَدِيث:

فِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ حُكْمَ النَّجَاسَةِ يَتَعَدَّى عَنْ مَحَلِّهَا إِلَى مَا يُجَاوِرُهَا بِشَرْطِ كَوْنِهِ مَائِعًا، وَعَلَى تَنْجِيسِ الْمَائِعَاتِ إِذَا وَقَعَ فِي جُزْءٍ مِنْهَا نَجَاسَةٌ، وَعَلَى تَنْجِيسِ الْإِنَاءِ الَّذِي يَتَّصِلُ بِالْمَائِعِ، وَعَلَى أَنَّ الْمَاءَ الْقَلِيلَ يَنْجُسُ بِوُقُوعِ النَّجَاسَةِ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ؛ لِأَنَّ وُلُوغَ الْكَلْبِ لَا يُغَيِّرُ الْمَاءَ الَّذِي فِي الْإِنَاءِ غَالِبًا، وَعَلَى أَنَّ وُرُودَ الْمَاءِ عَلَى النَّجَاسَةِ يُخَالِفُ وُرُودَهَا عَلَيْهِ لِأَنَّهُ أَمَرَ بِإِرَاقَةِ الْمَاءِ لَمَّا وَرَدَتْ عَلَيْهِ النَّجَاسَةُ، وَهُوَ حَقِيقَةٌ فِي إِرَاقَةِ جَمِيعِهِ وَأَمَرَ بِغَسْلِهِ، وَحَقِيقَتُهُ تَتَأَدَّى بِمَا يُسَمَّى غَسْلًا وَلَوْ كَانَ مَا يُغْسَلُ بِهِ أَقَلَّ مِمَّا أُرِيقَ. فتح172

واستدُل بالأمر بالغسل من ولوغ الكلب على نجاسة سؤره ولعابه. ذخيرة63

قَالَ الشَّوْكَانِيُّ: وَاسْتُدِلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا عَلَى نَجَاسَةِ الْكَلْبِ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ لُعَابُهُ نَجِسًا وَهُوَ عَرَقُ فَمِهِ، فَفَمُهُ نَجِسٌ، وَيَسْتَلْزِمُ نَجَاسَةَ سَائِرِ بَدَنِهِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ لُعَابَهُ جُزْءٌ مِنْ فَمِهِ، وَفَمُهُ أَشْرَفُ مَا فِيهِ فَبَقِيَّةُ بَدَنِهِ أَوْلَى، وَقَدْ ذَهَبَ إلَى هَذَا الْجُمْهُورُ.

وَقَالَ عِكْرِمَةُ وَمَالِكٌ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ: أَنَّهُ طَاهِرٌ. وَدَلِيلُهُمْ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} [المائدة: 4] وَلَا يَخْلُو الصَّيْدُ مِنْ التَّلَوُّثِ بِرِيقِ الْكِلَابِ، وَلَمْ نُؤْمَرْ بِالْغُسْلِ. وَأُجِيبَ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ إبَاحَةَ الْأَكْلِ مِمَّا أَمْسَكْنَ لَا تُنَافِي وُجُوبَ تَطْهِيرِ مَا تَنَجَّسَ مِنْ الصَّيْدِ، وَعَدَمُ الْأَمْرِ لِلِاكْتِفَاءِ بِمَا فِي أَدِلَّةِ تَطْهِيرِ النَّجِسِ مِنْ الْعُمُومِ، وَلَوْ سَلِمَ فَغَايَتُهُ التَّرْخِيصُ فِي الصَّيْدِ بِخُصُوصِهِ. وَاسْتَدَلُّوا أَيْضًا بِمَا ثَبَتَ عِنْدَ أَبِي دَاوُد مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ بِلَفْظِ:«كَانَتْ الْكِلَابُ تُقْبِلُ وَتُدْبِرُ زَمَانَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَسْجِدِ فَلَمْ يَكُونُوا يَرُشُّونَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ» وَهُوَ فِي الْبُخَارِيِّ. وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ بِزِيَادَةِ " وَتَبُولُ " وَرُدَّ بِأَنَّ الْبَوْلَ مُجْمَعٌ عَلَى نَجَاسَتِهِ، فَلَا يَصْلُحُ حَدِيثُ بَوْلِ الْكِلَابِ فِي الْمَسْجِدِ حُجَّةً يُعَارَضُ بِهَا الْإِجْمَاعُ.

وَأَمَّا مُجَرَّدُ الْإِقْبَالِ وَالْإِدْبَارِ فَلَا يَدُلَّانِ عَلَى الطَّهَارَةِ، وَأَيْضًا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ تَرْكُ الْغَسْلِ لِعَدَمِ تَعْيِينِ مَوْضِعِ النَّجَاسَةِ أَوْ لِطَهَارَةِ الْأَرْضِ بِالْجَفَافِ. قَالَ الْمُنْذِرِيُّ: إنَّهَا كَانَتْ تَبُولُ خَارِجَ الْمَسْجِدِ فِي مَوَاطِنِهَا ثُمَّ تُقْبِلُ وَتُدْبِرُ فِي الْمَسْجِدِ.

قَالَ الْحَافِظُ: وَالْأَقْرَبُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي ابْتِدَاءِ الْحَالِ عَلَى أَصْلِ الْإِبَاحَةِ، ثُمَّ وَرَدَ الْأَمْرُ بِتَكْرِيمِ الْمَسَاجِدِ وَتَطْهِيرِهَا وَجَعْلِ الْأَبْوَابِ عَلَيْهَا. وَاسْتَدَلُّوا عَلَى الطَّهَارَةِ أَيْضًا بِمَا سَيَأتِي مِنْ التَّرْخِيصِ فِي كَلْبِ الصَّيْدِ وَالْمَاشِيَةِ وَالزَّرْعِ. وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ التَّرْخِيصِ وَبَيْنَ الْحُكْمِ بِالنَّجَاسَةِ، غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ تَكْلِيفٌ شَاقٌّ وَهُوَ لَا يُنَافِي التَّعَبُّدَ بِهِ. أ. هـ

(1)(م) 279 ، (ت) 91 بسندٍ صححه الألباني، وصححه أيضا في صحيح الجامع: 8116

(2)

(خ) 170 ، (م) 279

(3)

(م) 279 ، (س) 66

(4)

(خ) 170 ، (م) 279

(5)

(م) 279 ، (س) 338

(6)

(ت) 91 ، (د) 73

(7)

(م) 279 ، (س) 338

(8)

(ت) 91 ، (د) 71

(9)

(م) 92 - (279)

(10)

قال الألباني: تنبيه: هكذا رواه جمع من الثقات عن أبي عاصم عن قرة

به. واختلف فيه على أبي بكرة بكار بن قتية: فرواه مرة هكذا: عند الطحاوي. ومرة قال: " والهرّة مثل ذلك "؛ بدل: " مرّة أو مرتين ": أخرجه الحاكم- وصححه-! وهو شاذ مخالف لرواية الجماعة.

ص: 22

(ت د)، وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ:(قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " يَا أَبَا ذَرٍّ ، إِنَّ الصَّعِيدَ الطَّيِّبَ)(1)(طَهُورُ الْمُسْلِمِ (2) وَإِنْ لَمْ يَجِدْ الْمَاءَ إِلَى عَشْرِ سِنِينَ ، فَإِذَا وَجَدَ الْمَاءَ فَلْيُمِسَّهُ بَشَرَتَهُ فَإِنَّ ذَلِكَ خَيْرٌ (3) ") (4)

مَذَاهِبُ الْفُقَهَاءِ فِي الْمَسْأَلَة:

أَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يُسْتَبَاحُ بِالتَّيَمُّمِ - عِنْدَ وُجُودِ سَبَبِهِ - مَا يُسْتَبَاحُ بِالْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ، وَالتَّيَمُّمُ يَكُونُ بِالتُّرَابِ الطَّهُورِ إِجْمَاعًا، وَاخْتَلَفُوا فِيمَا عَدَاهُ مِنْ أَجْزَاءِ الأَرْضِ، عَلَى تَفْصِيلٍ مَوْطِنُهُ باب التيمم (5)

قَالَ الْحَافِظُ: خَالَفَ ظَاهِرَ هَذَا الْحَدِيثِ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَفِيَّةُ، فَأَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَلَمْ يَقُولُوا بِالتَّتْرِيبِ أَصْلًا مَعَ إِيجَابِهِمُ التَّسْبِيعَ عَلَى الْمَشْهُورِ عِنْدَهُمْ؛ لِأَنَّ التَّتْرِيبَ لَمْ يَقَعْ فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ، قَالَ الْقَرَافِيُّ مِنْهُمْ: قَدْ صَحَّتْ فِيهِ الْأَحَادِيثُ، فَالْعَجَبُ مِنْهُمْ كَيْفَ لَمْ يَقُولُوا بِهَا. وَعَنْ مَالِكٍ رِوَايَةُ أَنَّ الْأَمْرَ بِالتَّسْبِيعِ لِلنَّدْبِ، وَالْمَعْرُوفُ عِنْدَ أَصْحَابِهِ أَنَّهُ لِلْوُجُوبِ لَكِنَّهُ لِلتَّعَبُّدِ لِكَوْنِ الْكَلْبِ طَاهِرًا عِنْدَهُمْ، وَأَبْدَى بَعْضُ مُتَأَخِّرِيهِمْ لَهُ حِكْمَةً غَيْرَ التَّنْجِيسِ كَمَا سَيَاتِي. وَعَنْ مَالِكٍ رِوَايَةٌ بِأَنَّهُ نَجِسُ؛ لَكِنَّ قَاعِدَتَهُ أَنَّ الْمَاءَ لَا يَنْجُسُ إِلَّا بِالتَّغَيُّرِ، فَلَا يَجِبُ التَّسْبِيعُ لِلنَّجَاسَةِ بَلْ لِلتَّعَبُّدِ، لَكِنْ يَرُدُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم فِي أَوَّلِ هَذَا الْحَدِيثِ فِيمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ وَهَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ طَهُورُ إِنَاءِ أَحَدِكُمْ لِأَنَّ الطَّهَارَةَ تُسْتَعْمَلُ إِمَّا عَنْ حَدَثٍ أَوْ خَبَثٍ، وَلَا حَدَثَ عَلَى الْإِنَاءِ فَتَعَيَّنَ الْخَبَثُ. وَأُجِيبَ بِمَنْعِ الْحَصْرِ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ وَقَدْ قِيلَ لَهُ طَهُورُ الْمُسْلِمِ؛ وَلِأَنَّ الطَّهَارَةَ تُطْلَقُ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ} وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم {السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ} وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ بِأَنَّ التَّيَمُّمَ نَاشِئٌ عَنْ حَدَثٍ فَلَمَّا قَامَ مَقَامَ مَا يُطَهِّرُ الْحَدَثَ سُمِّيَ طَهُورًا. وَمَنْ يَقُولُ بِأَنَّهُ يَرْفَعُ الْحَدَثَ يَمْنَعُ هَذَا الْإِيرَادَ مِنْ أَصْلِهِ وَهُوَ الصَّوَابُ لِظَاهِرِ الْكِتَابِ وَالسَّنَةِ، وَلَيْسَ مَعَ مَنْ مَنَعَ لَكَ حُجَّةٌ يَحْسُنُ الِاعْتِمَادُ عَلَيْهَا ..

وَالْجَوَابُ عَنِ الثَّانِي أَنَّ أَلْفَاظَ الشَّرْعِ إِذَا دَارَتْ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ اللُّغَوِيَّةِ وَالشَّرْعِيَّةِ حُمِلَتْ عَلَى الشَّرْعِيَّةِ إِلَّا إِذَا قَامَ دَلِيلٌ، وَدَعْوَى بَعْضِ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّ الْمَامُورَ بِالْغَسْلِ مِنْ وُلُوغِهِ الْكَلْبُ الْمَنْهِيُّ عَنِ اتِّخَاذِهِ دُونَ الْمَأذُونِ فِيهِ يَحْتَاجُ إِلَى ثُبُوتِ تَقَدُّمِ النَّهْيِ عَنِ الِاتِّخَاذِ عَنِ الْأَمْرِ بِالْغَسْلِ، وَإِلَى قَرِينَةٍ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مَا لَمْ يُؤْذَنْ فِي اتِّخَاذِهِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنَ اللَّامِ فِي قَوْلِهِ الْكَلْبُ أَنَّهَا لِلْجِنْسِ أَوْ لِتَعْرِيفِ الْمَاهِيَّةِ فَيَحْتَاجُ الْمُدَّعِي أَنَّهَا لِلْعَهْدِ إِلَى دَلِيلٍ، وَمِثْلُهُ تَفْرِقَةُ بَعْضِهِمْ بَيْنَ الْبَدَوِيِّ وَالْحَضَرِيِّ، وَدَعْوَى بَعْضِهِمْ أَنَّ ذَلِكَ مَخْصُوصٌ بِالْكَلْبِ الْكَلِبِ، وَأَنَّ الْحِكْمَةَ فِي الْأَمْرِ بِغَسْلِهِ مِنْ جِهَةِ الطِّبِّ ، لِأَنَّ الشَّارِعَ اعْتَبَرَ السَّبْعَ فِي مَوَاضِعَ ، مِنْهُ كَقَوْلِهِ {صُبُّوا عَلَيَّ مِنْ سَبْعِ قِرَبٍ} (6)، قَوْلُهُ {مَنْ تَصَبَّحَ بِسَبْعِ تَمَرَاتٍ عَجْوَةً} (7). وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الْكَلْبَ الْكَلِبَ لَا يَقْرَبُ الْمَاءَ ، فَكَيْفَ يُؤْمَرُ بِالْغَسْلِ مِنْ وُلُوغِهِ؟ ، وَأَجَابَ حَفِيدُ ابْنِ رُشْدٍ بِأَنَّهُ لَا يَقْرَبُ الْمَاءَ بَعْدَ اسْتِحْكَامِ الْكَلَبِ مِنْهُ، أَمَّا فِي ابْتِدَائِهِ فَلَا يَمْتَنِعُ.

وَهَذَا التَّعْلِيلُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ مُنَاسَبَةٌ لَكِنَّهُ يَسْتَلْزِمُ التَّخْصِيصَ بِلَا دَلِيلٍ وَالتَّعْلِيلُ بِالتَّنْجِيسِ أَقْوَى لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْمَنْصُوصِ، وَقَدْ ثَبَتَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ التَّصْرِيحُ بِأَنَّ الْغَسْلَ مِنْ وُلُوغِ الْكَلْبِ بِأَنَّهُ رِجْسٌ ، رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ الْمَرْوَزِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَلَمْ يَصِحَّ عَنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ خِلَافُهُ ، وَالْمَشْهُورُ عَنِ الْمَالِكِيَّةِ أَيْضًا التَّفْرِقَةُ بَيْنَ إِنَاءِ الْمَاءِ فَيُرَاقُ وَيُغْسَلُ وَبَيْنَ إِنَاءِ الطَّعَامِ فَيُؤْكَلُ ثُمَّ يُغْسَلُ الْإِنَاءُ تَعَبُّدًا لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْإِرَاقَةِ عَامٌّ فَيُخَصُّ الطَّعَامُ مِنْهُ بِالنَّهْيِ عَنْ إِضَاعَةِ الْمَالِ، وَعُورِضَ بِأَنَّ النَّهْيَ عَنِ الْإِضَاعَةِ مَخْصُوصٌ بِالْأَمْرِ بِالْإِرَاقَةِ وَيَتَرَجَّحُ هَذَا الثَّانِي بِالْإِجْمَاعِ عَلَى إِرَاقَةِ مَا تَقَعُ فِيهِ النَّجَاسَةُ مِنْ قَلِيلِ الْمَائِعَاتِ وَلَوْ عَظُمَ ثَمَنُهُ، فَثَبَتَ أَنَّ عُمُومَ النَّهْيِ عَنِ الْإِضَاعَةِ مَخْصُوصٌ بِخِلَافِ الْأَمْرِ بِالْإِرَاقَةِ، وَإِذَا ثَبَتَتْ نَجَاسَةُ سُؤْرِهِ كَانَ أَعَمَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ لِنَجَاسَةِ عَيْنِهِ أَوْ لِنَجَاسَةٍ طَارِئَةٍ كَأَكْلِ الْمَيْتَةِ مَثَلًا؛ لَكِنَّ الْأَوَّلَ أَرْجَحُ إِذْ هُوَ الْأَصْلُ؛ وَلِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى الثَّانِي مُشَارَكَةُ غَيْرِهِ لَهُ فِي الْحُكْمِ كَالْهِرَّةِ مَثَلًا، وَإِذَا ثَبَتَتْ نَجَاسَةُ سُؤْرِهِ لِعَيْنِهِ لَمْ يَدُلَّ عَلَى نَجَاسَةِ بَاقِيهِ إِلَّا بِطَرِيقِ الْقِيَاسِ كَأَنْ يُقَالَ: لُعَابُهُ نَجِسٌ فَفَمُهُ نَجِسٌ لِأَنَّهُ مُتَحَلِّبٌ مِنْهُ وَاللُّعَابُ عَرَقُ فَمِهِ وَفَمُهُ أَطْيَبُ بَدَنِهِ فَيَكُونُ عَرَقُهُ نَجِسًا وَإِذَا كَانَ عَرَقُهُ نَجِسًا كَانَ بَدَنُهُ نَجِسًا لِأَنَّ الْعَرَقَ مُتَحَلِّبٌ مِنَ الْبَدَنِ وَلَكِنْ هَلْ يَلْتَحِقُ بَاقِي أَعْضَائِهِ بِلِسَانِهِ فِي وُجُوبِ السَّبْعِ وَالتَّتْرِيبِ أَمْ لَا؟ تَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةِ إِلَى ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ النَّوَوِيِّ. فتح172

وقال ابن دقيق العيد: والحمل على التنجيس أولى ، لأنه متى دار الحكم بين كونه تعبدا وكونه معقول المعنى ، فالمعقول أولى ، لندرة التعبُّد بالنسبة إلى الأحكام المعقولة المعنى. أ. هـ طرح ج1ص122

قَالَ الْحَافِظُ: وَأَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَلَمْ يَقُولُوا بِوُجُوبِ السَّبْعِ وَلَا التَّتْرِيبِ، وَاعْتَذَرَ الطَّحَاوِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْهُمْ بِأُمُورٍ، مِنْهَا كَوْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَاوِيهِ أَفْتَى بِثَلَاثِ غَسَلَاتٍ فَثَبَتَ بِذَلِكَ نَسْخُ السَّبْعِ، وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَفْتَى بِذَلِكَ لِاعْتِقَادِهِ نَدْبِيَّةَ السَّبْعِ لَا وُجُوبَهَا أَوْ كَانَ نَسِيَ مَا رَوَاهُ، وَمَعَ الِاحْتِمَالِ لَا يَثْبُتُ النَّسْخُ، وَأَيْضًا فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ أَفْتَى بِالْغَسْلِ سَبْعًا وَرِوَايَةُ مَنْ رَوَى عَنْهُ مُوَافِقَةً فُتْيَاهُ لِرِوَايَتِهِ أَرْجَحُ مِنْ رِوَايَةِ مَنْ رَوَى عَنْهُ مُخَالَفَتُهَا مِنْ حَيْثُ الْإِسْنَادُ وَمِنْ حَيْثُ النَّظَرُ، أَمَّا النَّظَرُ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا الْإِسْنَادُ فَالْمُوَافَقَةُ وَرَدَتْ مِنْ رِوَايَةِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْهُ وَهَذَا مِنْ أَصَحِّ الْأَسَانِيدِ، وَأَمَّا الْمُخَالَفَةُ فَمِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ عَطَاءٍ عَنْهُ وَهُوَ دُونَ الْأَوَّلِ فِي الْقُوَّةِ بِكَثِيرٍ، وَمِنْهَا أَنَّ الْعَذِرَةَ أَشَدُّ فِي النَّجَاسَةِ مِنْ سُؤْرِ الْكَلْبِ، وَلَمْ يُقَيَّدْ بِالسَّبْعِ فَيَكُونُ الْوُلُوغُ كَذَلِكَ مِنْ بَابِ الْأَوْلَى.

وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهَا أَشَدَّ مِنْهُ فِي الِاسْتِقْذَارِ أَنْ لَا يَكُونَ أَشَدَّ مِنْهَا فِي تَغْلِيظِ الْحُكْمِ، وَبِأَنَّهُ قِيَاسٌ فِي مُقَابَلَةِ النَّصِّ وَهُوَ فَاسِدُ الِاعْتِبَارِ.

وَمِنْهَا دَعْوَى أَنَّ الْأَمْرَ بِذَلِكَ كَانَ عِنْدَ الْأَمْرِ بِقَتْلِ الْكِلَابِ، فَلَمَّا نُهِيَ عَنْ قَتْلِهَا نُسِخَ الْأَمْرُ بِالْغَسْلِ.

وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الْأَمْرَ بِقَتْلِهَا كَانَ فِي أَوَائِلِ الْهِجْرَةِ وَالْأَمْرُ بِالْغَسْلِ مُتَأَخِّرٌ جِدًّا لِأَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَعَبْدِ اللهِ بْنِ مُغَفَّلٍ، وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ مُغَفَّلٍ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَأمُرُ بِالْغَسْلِ وَكَانَ إِسْلَامُهُ سَنَةَ سَبْعٍ كَأَبِي هُرَيْرَةَ، بَلْ سِيَاقُ مُسْلِمٍ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْأَمْرَ بِالْغَسْلِ كَانَ بَعْدَ الْأَمْرِ بِقَتْلِ الْكِلَابِ. أ. هـ

قال في التحفة 91: تَنْبِيهٌ ذَكَرَ النِّيمَوِيُّ فِعْلَ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ إِذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي الْإِنَاءِ غَسَلَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ قَالَ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَآخَرُونَ وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ ثُمَّ ذَكَرَ قَوْلَ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ إِذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي الْإِنَاءِ فَأَهْرِقْهُ ثُمَّ اغْسِلْهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ قَالَ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالطَّحَاوِيُّ وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ انْتَهَى

قُلْتُ مَدَارُ فِعْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَوْلِهِ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ لَمْ يَرْوِهِمَا غَيْرُهُ وَهُوَ وَإِنْ كَانَ ثقة لكن كان له أوهام وكان يخطىء

قَالَ الْحَافِظُ فِي التَّقْرِيبِ صَدُوقٌ لَهُ أَوْهَامٌ

وَقَالَ الْخَزْرَجِيُّ فِي الْخُلَاصَةِ قَالَ أَحْمَدُ ثِقَةٌ يخطىء

قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ بَعْدَ رِوَايَتِهِ هَذَا مَوْقُوفٌ وَلَمْ يَرْوِهِ هَكَذَا غَيْرُ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ عَطَاءٍ اه

قَالَ الْبَيْهَقِيُّ تَفَرَّدَ بِهِ عَبْدُ الْمَلِكِ مِنْ أَصْحَابِ عَطَاءٍ ثُمَّ أَصْحَابُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَالْحُفَّاظُ الثِّقَاتُ مِنْ أَصْحَابِ عَطَاءٍ وَأَصْحَابُ أَبِي هُرَيْرَةَ يَرْوُونَ سَبْعَ مَرَّاتٍ وَفِي ذَلِكَ دَلَالَةٌ عَلَى خَطَأِ رِوَايَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الثَّلَاثِ وَعَبْدُ الْمَلِكِ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ مَا يُخَالِفُ الثِّقَاتِ لِمُخَالَفَتِهِ أَهْلَ الْحِفْظِ وَالثِّقَةِ فِي بَعْضِ رِوَايَتِهِ تَرَكَهُ شُعْبَةُ بْنُ الْحَجَّاجِ وَلَمْ يَحْتَجَّ بِهِ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ انْتَهَى

كَذَا ذكر العيني كَلَامَ الْبَيْهَقِيِّ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَيْهِ إِلَّا أَنَّهُ نَقَلَ عَنْ أَحْمَدَ وَالثَّوْرِيِّ أَنَّهُ مِنَ الْحُفَّاظِ وَعَنِ الثَّوْرِيِّ هُوَ ثِقَةٌ فَقِيهٌ مُتْقِنٌ وَعَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ثِقَةٌ ثَبْتٌ فِي الْحَدِيثِ ، وَقَدْ عَرَفْتَ أَنَّهُ ثقة يخطىء وَلَهُ أَوْهَامٌ وَلَمْ يَحْتَجَّ بِهِ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ فَكَيْفَ مَا رَوَاهُ مُخَالِفًا وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِإِسْنَادٍ أَصَحَّ مِنْ هَذَا أَنَّهُ أَفْتَى بِغَسْلِ الْإِنَاءِ سَبْعَ مَرَّاتٍ مُوَافِقًا لِحَدِيثِهِ الْمَرْفُوعِ فَفِي سُنَنِ الدَّارَقُطْنِيِّ ص 33 حَدَّثَنَا الْمَحَامِلِيُّ نَا حَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ نَا عَارِمٌ نَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الْكَلْبِ يَلَغُ فِي الْإِنَاءِ قَالَ يُهْرَاقُ وَيُغْسَلُ سَبْعَ مَرَّاتٍ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ صَحِيحٌ مَوْقُوفٌ انْتَهَى

وَقَوْلُ أَبِي هُرَيْرَةَ هَذَا أَرْجَحُ وَأَقْوَى إِسْنَادًا مِنْ قَوْلِهِ وَفِعْلِهِ الْمَذْكُورَيْنِ الْمُخَالِفَيْنِ لِحَدِيثِهِ الْمَرْفُوعِ كَمَا عَرَفْتَ فِي كَلَامِ الْحَافِظِ

فَقَوْلُهُ الْمُوَافِقُ لِحَدِيثِهِ الْمَرْفُوعِ يُقَدَّمُ عَلَى قَوْلِهِ وَفِعْلِهِ الْمَذْكُورَيْنِ وَأَمَّا قَوْلُ النِّيمَوِيِّ فِي التَّعْلِيقِ وَلَمْ يَرْوِ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ يَعْنِي أَصْحَابَ أَبِي هُرَيْرَةَ أَثَرًا مِنْ قَوْلِهِ أَوْ فِعْلِهِ خِلَافَ مَا رَوَاهُ مِنْهُ عطاء إلا بن سِيرِينَ فِي رِوَايَةٍ عِنْدَ الْبَيْهَقِيِّ

قَالَ فِي الْمَعْرِفَةِ: وَرُوِّينَا عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ وَمُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ قَوْلِهِ نَحْوَ رِوَايَتِهِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ وَلَمْ يَذْكُرْ السَّنَدَ حَتَّى يَنْظُرَ فِيهِ انْتَهَى فَمَبْنِيٌّ عَلَى قُصُورِ نَظَرِهِ أَوْ عَلَى فَرْطِ تَعَصُّبِهِ فَإِنَّ الْبَيْهَقِيَّ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ سَنَدَهُ فَالدَّارَقُطْنِيُّ ذَكَرَهُ فِي سُنَنِهِ وَقَالَ بَعْدَ رِوَايَتِهِ صَحِيحٌ مَوْقُوفٌ وَقَدْ صَرَّحَ الْحَافِظُ فِي الفتح بأنه سَنَدَهُ أَرْجَحُ وَأَقْوَى مِنْ سَنَدِ قَوْلِهِ الْمُخَالِفِ لِحَدِيثِهِ

وَالْعَجَبُ مِنْ النِّيمَوِيِّ إِنَّهُ رَأَى فِي سُنَنِ الدَّارَقُطْنِيِّ قَوْلَ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمُخَالِفَ لِرِوَايَتِهِ وَنَقَلَهُ مِنْهُ وَلَمْ يَرَ فِيهِ قَوْلَهُ الْمُوَافِقَ لِحَدِيثِهِ وَكِلَاهُمَا مَذْكُورَانِ فِي صَفْحَةٍ وَاحِدَةٍ

تَنْبِيهٌ آخَرُ قَالَ صَاحِبُ الْعَرْفِ الشَّذِيِّ وَجَوَابُ الْحَدِيثِ مِنْ قِبَلِنَا أَنَّ التَّسْبِيعَ مُسْتَحَبٌّ عِنْدَنَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الزَّيْلَعِيُّ شَارِحُ الْكَنْزِ ثُمَّ وَجَدْتُهُ مَرْوِيًّا عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي تحرير بن الْهُمَامِ انْتَهَى

قُلْتُ فَبَطَلَ بِهَذَا قَوْلُكُمْ بِادِّعَاءِ نَسْخِ التَّسْبِيعِ يَا مَعْشَرَ الْحَنَفِيَّةِ ثُمَّ حَمْلُ الْأَمْرِ بِالتَّسْبِيعِ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ يُنَافِيهِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم طَهُورُ إِنَاءِ أَحَدِكُمْ الْحَدِيثَ

ثُمَّ قَالَ وَلَوْ كَانَ التَّسْبِيعُ وَاجِبًا كَيْفَ اكْتَفَى بِالتَّثْلِيثِ قُلْتُ تَقَدَّمَ جَوَابُهُ فِي كَلَامِ الْحَافِظِ

ثُمَّ قَالَ وَفَتْوَى التَّثْلِيثِ مَرْفُوعَةٌ فِي كامل بن عَدِيٍّ عَنِ الْكَرَابِيسِيِّ وَهُوَ حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ تِلْمِيذُ الشَّافِعِيِّ وَهُوَ حَافِظٌ إِمَامٌ فَالْحَدِيثُ حَسَنٌ أَوْ صَحِيحٌ

قُلْتُ تَفَرَّدَ بِرَفْعِهَا الْكَرَابِيسِيُّ وَلَمْ يتابعه على ذلك أحد وقد صرح بن عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ بِأَنَّ الْمَرْفُوعَ مُنْكَرٌ قَالَ الْحَافِظُ فِي لِسَانِ الْمِيزَانِ مَا لَفْظُهُ قَالَ يعني بن عَدِيٍّ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ ثَنَا الْكَرَابِيسِيُّ ثَنَا إِسْحَاقُ الْأَزْرَقُ ثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ رَفَعَهُ إِذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي إِنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيُهْرِقْهُ وَلْيَغْسِلْهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثم أخرجه بن عَدِيٍّ مِنْ طَرِيقِ عُمَرَ بْنِ شَبَّةَ عَنْ إِسْحَاقَ مَوْقُوفًا ثُمَّ قَالَ تَفَرَّدَ الْكَرَابِيسِيُّ بِرَفْعِهِ وَلِلْكَرَابِيسِيِّ كُتُبٌ مُصَنَّفَةٌ ذَكَرَ فِيهَا الِاخْتِلَافَ وَكَانَ حَافِظًا لَهَا وَلَمْ أَجِدْ لَهُ مُنْكَرًا غَيْرَ مَا ذَكَرْتُ انْتَهَى مَا فِي اللِّسَانِ فَقَوْلُ صَاحِبِ الْعَرْفِ الشَّذِيِّ فَالْحَدِيثُ حَسَنٌ أَوْ صَحِيحٌ لَيْسَ مِمَّا يُلْتَفَتُ إِلَيْهِ تَنْبِيهٌ آخَرُ لِلْعَيْنِيِّ تَعَقُّبَاتٌ عَلَى كَلَامِ الْحَافِظِ الَّذِي نَقَلْنَاهُ عَنِ الْفَتْحِ كُلُّهَا مَخْدُوشَةٌ وَاهِيَةٌ لَا حَاجَةَ إِلَى نَقْلِهَا ثُمَّ دَفْعِهَا لَكِنْ لَمَّا ذَكَرَهَا صَاحِبُ بَذْلِ الْمَجْهُودِ وَصَاحِبُ الطِّيبِ الشَّذِيِّ وَغَيْرُهُمَا وَاعْتَمَدُوا عَلَيْهَا فَعَلَيْنَا أَنْ نَذْكُرَهَا وَنُظْهِرَ مَا فِيهَا مِنَ الْخَدَشَاتِ قَالَ الْعَيْنِيُّ كَوْنُ الْأَمْرِ بِقَتْلِ الْكِلَابِ فِي أَوَائِلِ الْهِجْرَةِ يَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ قَطْعِيٍّ وَلَئِنْ سَلَّمْنَا ذَلِكَ فَكَانَ يُمْكِنُ أَنْ يكون أبو هريرة وبن الْمُغَفَّلِ قَدْ سَمِعَا ذَلِكَ مِنْ صَحَابِيٍّ آخَرَ فَأَخْبَرَا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِاعْتِمَادِهِمَا صِدْقَ الرَّاوِي عَنْهُ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ كُلَّهُمْ عُدُولٌ انْتَهَى قُلْتُ قَدْ رَدَّ هَذَا التَّعَقُّبَ الْمَوْلَوِيُّ عَبْدُ الْحَيِّ اللَّكْنَوِيُّ فِي السِّعَايَةِ رَدًّا حَسَنًا فَقَالَ وَهَذَا تَعَقُّبٌ غَيْرُ مَرْضِيٍّ عِنْدِي فإن كون رواية أبي هريرة وبن الْمُغَفَّلِ بِوَاسِطَةِ صَحَابِيٍّ آخَرَ احْتِمَالٌ مَرْدُودٌ لِوُرُودِ سَمَاعِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَشَهَادَتِهِ عَلَى أَبْلَغِ وَجْهٍ بِسَمَاعِهِ أخرجه بن مَاجَهْ عَنْ أَبِي رَزِينٍ قَالَ رَأَيْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَضْرِبُ جَبْهَتَهُ بِيَدِهِ وَيَقُولُ يَا أَهْلَ الْعِرَاقِ أَنْتُمْ تَزْعُمُونَ أَنِّي أَكْذِبُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِيَكُونَ لَكُمْ الْهَنَاءُ وَعَلَيَّ الْإِثْمُ أَشْهَدُ لَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ إِذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي إِنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْسِلْهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ وكذا بن الْمُغَفَّلِ سَمِعَ أَمْرَ قَتْلِ الْكِلَابِ كَمَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْهُ وَحَسَّنَهُ قَالَ لِمَنْ يَرْفَعُ أَغْصَانَ الشَّجَرَةِ عَنْ وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَخْطُبُ فَقَالَ لَوْلَا أَنَّ الكلاب أُمَّةٌ مِنَ الْأُمَمِ لَأَمَرْتُ بِقَتْلِهَا فَاقْتُلُوا مِنْهَا كُلَّ أَسْوَدَ بَهِيمٍ وَمَا مِنْ بَيْتٍ يَرْتَبِطُونَ كَلْبًا إِلَّا نَقَصَ مِنْ عَمَلِهِمْ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطٌ إِلَّا كَلْبَ صَيْدٍ أَوْ كَلْبَ حَرْثٍ أَوْ كَلْبَ غَنَمٍ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ سَمِعَ بِلَا وَاسِطَةٍ نَسْخَ عُمُومِ الْقَتْلِ وَالرُّخْصَةَ فِي كَلْبِ الصَّيْدِ وَنَحْوَهُ وَظَاهِرُ سِيَاقِ مُسْلِمٍ عَنْهُ أَنَّ الْأَمْرَ بِالْغَسْلِ سَبْعًا وَقَعَ بَعْدَ ذَلِكَ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ صَرِيحًا رِوَايَةُ الطَّحَاوِيِّ فِي شَرْحِ مَعَانِي الْآثَارِ عَنْهُ

قَالَ إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِقَتْلِ الْكِلَابِ ثُمَّ قَالَ مَالِي وَلِلْكِلَابِ ثُمَّ قَالَ إِذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي إِنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْسِلْهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ وَعَفِّرُوهُ الثَّامِنَةَ بِالتُّرَابِ فَدَلَّ ذَلِكَ صَرِيحًا عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ بِالْغَسْلِ سَبْعًا كَانَ بَعْدَ نَسْخِ الْأَمْرِ بِقَتْلِ الْكِلَابِ لَا فِي ابْتِدَاءِ الْإِسْلَامِ انْتَهَى مَا فِي السِّعَايَةِ

قَالَ الْعَيْنِيُّ بَعْدَ ذِكْرِ احْتِمَالِ اعْتِقَادِ النَّدْبِ وَالنِّسْيَانِ هَذَا إساءة الظن بأبي هريرة فالاحتمال الناشىء مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ لَا يُسْمَعُ انْتَهَى

قُلْتُ قَدَّرَهُ صَاحِبُ السِّعَايَةِ فَقَالَ إِنَّ احْتِمَالَ النِّسْيَانِ وَاعْتِقَادَ النَّدْبِ لَيْسَ بِإِسَاءَةِ ظَنٍّ وَلَيْسَ فِيهِ قَدْحٌ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ انْتَهَى

قُلْتُ وَفِي احْتِمَالِ اعْتِقَادِ النَّدْبِ كَيْفَ يَكُونُ إِسَاءَةُ الظَّنِّ وَقَدْ قَالَ صَاحِبُ الْعَرْفِ الشَّذِيِّ وَجَوَابُ الْحَدِيثِ مِنْ قِبَلِنَا أَنَّ التَّسْبِيعَ مُسْتَحَبٌّ عِنْدَنَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الزَّيْلَعِيُّ وَصَاحِبُ الْكَنْزِ ثُمَّ وَجَدْتُهُ مرويا عن أبي حنيفة في تحرير بن الهمام انتهى

قال العيني بعد ما ذَكَرَ أَنَّ قِيَاسَ سُؤْرِ الْكَلْبِ عَلَى الْعَذِرَةِ قِيَاسٌ فِي مُقَابَلَةِ النَّصِّ وَهُوَ فَاسِدُ الِاعْتِبَارِ مَا لَفْظُهُ لَيْسَ هُوَ قِيَاسٌ فِي مُقَابَلَةِ النَّصِّ بَلْ هُوَ مِنْ بَابِ ثُبُوتِ الْحُكْمِ بِدَلَالَةِ النَّصِّ انْتَهَى

قُلْتُ قَدْ رَدَّهُ صَاحِبُ السِّعَايَةِ فَقَالَ هَذَا لَوْ تَمَّ لَدَلَّ عَلَى تَطْهِيرِ الْإِنَاءِ مِنْ سُؤْرِ الْكَلْبِ وَاحِدًا أَوْ ثَلَاثًا بِدَلَالَةِ النَّصِّ وَأَحَادِيثُ السَّبْعِ دَالَّةٌ بِعِبَارَتِهَا عَلَى اشْتِرَاطِ السَّبْعِ وَقَدْ تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ أَنَّ الْعِبَارَةَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الدَّلَالَةِ قَالَ وَأَيْضًا هَذَا مَنْقُوضٌ بِنَقْضِ الْوُضُوءِ بِالْقَهْقَهَةِ فِي الصَّلَاةِ مَعَ عَدَمِ نَقْضِهِ بِسَبِّ الْمُسْلِمِ فِي الصَّلَاةِ وَهُوَ أَشَدُّ مِنْهُ فَالْجَوَابَ الْجَوَابَ انْتَهَى

وَإِنْ شِئْتَ الْوُقُوفَ عَلَى مَا بَقِيَ مِنْ تَعَقُّبَاتِهِ مَعَ بَيَانِ مَا فِيهَا مِنَ الْخَدَشَاتِ فَارْجِعْ إلى السعاية

تنبيه اعلم أن الشيخ بن الْهُمَامِ قَدْ تَصَدَّى لِإِثْبَاتِ نَسْخِ أَحَادِيثِ السَّبْعِ فَذَكَرَ فِيهِ تَقْرِيرَاتٍ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَقَدْ رَدَّ تِلْكَ التَّقْرِيرَاتِ صَاحِبُ السِّعَايَةِ رَدًّا حَسَنًا وَقَالَ فِي أَوَّلِ كَلَامِهِ عَلَيْهَا مَا

لَفْظُهُ وَفِيهِ عَلَى مَا أَقُولُ خَدَشَاتٌ تُنَبِّهُكَ على أن تقريره كله من خرافة ناشيء عَنْ عَصَبِيَّةٍ مَذْهَبِيَّةٍ وَقَالَ فِي آخِرِ كَلَامِهِ عَلَيْهَا مَا لَفْظُهُ فَتَأَمَّلْ فِي هَذَا الْمَقَامِ فَإِنَّ الْمَقَامَ مِنْ مَزَالِّ الْأَقْدَامِ حَتَّى زَلَّ قَدَمُ الْهَجَّامِ بْنِ الْهُمَامِ انْتَهَى

وَلَعَلَّ صَاحِبَ بَذْلِ الْمَجْهُودِ عَنْ هَذَا غَافِلٌ فَذَكَرَ تِلْكَ التَّقْرِيرَاتِ الْمَرْدُودَةَ وَكَذَا ذَكَرَ تَعَقُّبَاتِ الْعَيْنِيِّ الْمَرْدُودَةَ وَاعْتَمَدَ عَلَيْهِمَا وَاغْتَنَمَهُمَا

وَكَذَلِكَ يَأتِي فِي أَمْثَالِ هَذِهِ الْمَبَاحِثِ بِالتَّقْرِيرَاتِ الْمَخْدُوشَةِ وَلَا يَظْهَرُ مَا فِيهَا مِنَ الْخَدَشَاتِ وَلَا يُشِيرُ إِلَى مَنْ ردها فلا أدري أنه يَأتِي بِهَا مَعَ الْوُقُوفِ عَلَى رَدِّهَا أَوْ مَعَ الْغَفْلَةِ عَنْ ذَلِكَ فَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ

فَإِنْ كَانَ لَا يَدْرِي فَتِلْكَ مُصِيبَةٌ وَإِنْ كَانَ يَدْرِي فَالْمُصِيبَةُ أَعْظَمُ وَقَدْ أَطَالَ فِي هذا البحث الفاضل للكنوي فِي السِّعَايَةِ الْكَلَامَ وَأَجَادَ وَقَالَ فِي آخِرِ الْبَحْثِ مَا لَفْظُهُ وَلَعَلَّ الْمُنْصِفَ غَيْرَ الْمُتَعَسِّفِ يَعْلَمُ بَعْدَ مُلَاحَظَةِ هَذَا الْبَحْثِ ضَعْفَ كَلَامِ أَرْبَابِ التَّثْلِيثِ وَقُوَّةَ كَلَامِ أَصْحَابِ التَّسْبِيعِ وَالتَّثْمِينِ انْتَهَى

قَوْلُهُ (وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ نَحْوَ هَذَا وَلَمْ يُذْكَرْ فِيهِ إِذَا وَلَغَتِ الْهِرَّةُ غُسِلَ مَرَّةً) قَالَ الْحَافِظُ فِي الدِّرَايَةِ بَعْدَ نَقْلِ هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ جَامِعِ التِّرْمِذِيِّ وَذَكَرَ قَوْلَهُ هَذَا وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَبَيَّنَ أَنَّ الْهِرِّ مَوْقُوفٌ انْتَهَى

وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ حَدِيثُ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ إِذَا وَلَغَ الْهِرُّ غُسِلَ مَرَّةً

فَقَدْ أَدْرَجَهُ بَعْضُ الرُّوَاةِ فِي حَدِيثِهِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي وُلُوغِ الْكَلْبِ وَوَهَمُوا فِيهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ فِي وُلُوغِ الْكَلْبِ مَرْفُوعٌ وَفِي وُلُوغِ الْهِرِّ مَوْقُوفٌ مَيَّزَهُ عَلِيُّ بْنُ نَصْرٍ الْجَهْضَمِيُّ عَنْ قُرَّةَ بْنِ خَالِدٍ عَنِ بن سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَوَافَقَهُ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنَ الثِّقَاتِ انْتَهَى

وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ فِي سُنَنِهِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرٍ النَّيْسَابُورِيِّ عَنْ حَمَّادٍ وَبَكَّارٍ عَنْ أَبِي عَاصِمٍ عَنْ قُرَّةَ بْنِ خَالِدٍ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم طَهُورُ الْإِنَاءِ إِذَا وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ يُغْسَلُ سَبْعَ مَرَّاتٍ الْأُولَى بِالتُّرَابِ وَالْهِرَّةُ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ قُرَّةُ يَشُكُّ

ثُمَّ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ قَالَ أَبُو بَكْرٍ كَذَا رَوَاهُ أَبُو عَاصِمٍ مَرْفُوعًا وَرَوَاهُ غَيْرُهُ عَنْ قُرَّةَ وُلُوغَ الكلب مرفوعا وولوغ الهر موقوفا. أ. هـ

قَالَ الْحَافِظُ: وَمِنْهَا إِلْزَامُ الشَّافِعِيَّةِ بِإِيجَابِ ثَمَانِ غَسَلَاتٍ عَمَلًا بِظَاهِرِ حَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُغَفَّلٍ الَّذِي أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَلَفْظُهُ " فَاغْسِلُوهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ وَعَفِّرُوهُ الثَّامِنَةَ فِي التُّرَابِ " وَفِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ " بِالتُّرَابِ " وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ الشَّافِعِيَّةِ لَا يَقُولُونَ بِظَاهِرِ حَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُغَفَّلٍ أَنْ يَتْرُكُوا هُمُ الْعَمَلَ بِالْحَدِيثِ أَصْلًا وَرَأسًا؛ لِأَنَّ اعْتِذَارَ الشَّافِعِيَّةِ عَنْ ذَلِكَ إِنْ كَانَ مُتَّجِهًا فَذَاكَ، وَإِلَّا فَكُلٌّ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ مَلُومٌ فِي تَرْكِ الْعَمَلِ بِهِ، قَالَهُ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ.

وَقَدِ اعْتَذَرَ بَعْضُهُمْ عَنِ الْعَمَلِ بِهِ بِالْإِجْمَاعِ عَلَى خِلَافِهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ ثَبَتَ الْقَوْلُ بِذَلِكَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي رِوَايَةِ حَرْبٍ الْكِرْمَانِيِّ عَنْهُ. فتح172

قَال النَّوَوِيُّ (89 - (279): وَأَمَّا الْجَمْع بَيْن الرِّوَايَات فَقَدْ جَاءَ فِي رِوَايَة (سَبْع مَرَّات)، وَفِي رِوَايَة (سَبْع مَرَّات أُولَاهُنَّ بِالتُّرَابِ)، وَفِي رِوَايَة (أُخْرَاهُنَّ أَوْ أُولَاهُنَّ)، وَفِي رِوَايَة (سَبْع مَرَّات السَّابِعَة بِالتُّرَابِ)، وَفِي رِوَايَة (سَبْع مَرَّات وَعَفِّرُوهُ الثَّامِنَة بِالتُّرَابِ). وَقَدْ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْره هَذِهِ الرِّوَايَات كُلّهَا وَفِيهَا دَلِيل عَلَى أَنَّ التَّقْيِيد بِالْأُولَى وَبِغَيْرِهَا لَيْسَ عَلَى الِاشْتِرَاط بَلْ الْمُرَاد إِحْدَاهُنَّ، وَأَمَّا رِوَايَة (وَعَفِّرُوهُ الثَّامِنَة بِالتُّرَابِ) فَمَذْهَبنَا وَمَذْهَب الْجَمَاهِير: أَنَّ الْمُرَاد اِغْسِلُوهُ سَبْعًا وَاحِدَة مِنْهُنَّ بِالتُّرَابِ مَعَ الْمَاء، فَكَأَنَّ التُّرَاب قَائِم مَقَام غَسْلَة فَسُمِّيَتْ ثَامِنَة لِهَذَا. أ. هـ

قَالَ الْحَافِظُ: وَنُقِلَ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ: هُوَ حَدِيثٌ لَمْ أَقِفْ عَلَى صِحَّتِهِ؛ وَلَكِنَّ هَذَا لَا يُثْبِتُ الْعُذْرَ لِمَنْ وَقَفَ عَلَى صِحَّتِهِ. وَجَنَحَ بَعْضُهُمْ إِلَى التَّرْجِيحِ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَلَى حَدِيثِ ابْنِ مُغَفَّلٍ، وَالتَّرْجِيحُ لَا يُصَارُ إِلَيْهِ مَعَ عدم إِمْكَانِ الْجَمْعِ، وَالْأَخْذُ بِحَدِيثِ ابْنِ مُغَفَّلٍ يَسْتَلْزِمُ الْأَخْذَ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ دُونَ الْعَكْسِ، وَالزِّيَادَةُ مِنَ الثِّقَةِ مَقْبُولَةٌ.

وَلَوْ سَلَكْنَا التَّرْجِيحَ فِي هَذَا الْبَابِ لَمْ نَقُلْ بِالتَّتْرِيبِ أَصْلًا لِأَنَّ رِوَايَةَ مَالِكٍ بِدُونِهِ أَرْجَحُ مِنْ رِوَايَةِ مَنْ أَثْبَتَهُ، وَمَعَ ذَلِكَ فَقُلْنَا بِهِ أَخْذًا بِزِيَادَةِ الثِّقَةِ. وَجَمَعَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ بِضَرْبٍ مِنَ الْمَجَازِ فَقَالَ: لَمَّا كَانَ التُّرَابُ جِنْسًا غَيْرَ الْمَاءِ جُعِلَ اجْتِمَاعُهُمَا فِي الْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ مَعْدُودًا بِاثْنَتَيْنِ. وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ بِأَنَّ قَوْلَهُ " وَعَفِّرُوهُ الثَّامِنَةَ بِالتُّرَابِ " ظَاهِرٌ فِي كَوْنِهَا غَسْلَةً مُسْتَقِلَّةً، لَكِنْ لَوْ وَقَعَ التَّعْفِيرُ فِي أَوَّلِهِ قَبْلَ وُرُودِ الْغَسَلَاتِ السَّبْعِ كَانَتِ الْغَسَلَاتُ ثَمَانِيَةً وَيَكُونُ إِطْلَاقُ الْغَسْلَةِ عَلَى التَّتْرِيبِ مَجَازًا. وَهَذَا الْجَمْعُ مِنْ مُرَجِّحَاتِ تَعَيُّنِ التُّرَابِ فِي الْأُولَى.

وَالْكَلَامُ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ وَمَا يَتَفَرَّعُ مِنْهُ مُنْتَشِرٌ جِدًّا، وَيُمْكِنُ أَنْ يُفْرَدَ بِالتَّصْنِيفِ؛ وَلَكِنَّ هَذَا الْقَدْرَ كَافٍ فِي هَذَا الْمُخْتَصَرِ. وَاللهُ الْمُسْتَعَانُ. فتح172

قَال النَّوَوِيُّ (89 - (279): وَلَا فَرْقَ بَيْن الْكَلْب الْمَأذُون فِي اِقْتِنَائِهِ وَغَيْره وَلَا بَيْن كَلْب الْبَدَوِيّ وَالْحَضَرِيّ لِعُمُومِ اللَّفْظ.

وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ عِنْدنَا بَيْن وُلُوغ الْكَلْب وَغَيْره مِنْ أَجْزَائِهِ فَإِذَا أَصَابَ بَوْله أَوْ رَوْثه أَوْ دَمه أَوْ عَرَقه أَوْ شَعْره أَوْ لُعَابه أَوْ عُضْو مِنْ أَعْضَائِهِ شَيْئًا طَاهِرًا فِي حَال رُطُوبَة أَحَدهمَا وَجَبَ غَسْله سَبْع مَرَّات إِحْدَاهُنَّ بِالتُّرَابِ، وَلَوْ وَلَغَ كَلْبَانِ أَوْ كَلْب وَاحِد مَرَّات فِي إِنَاء فَفِيهِ ثَلَاثَة أَوْجُه لِأَصْحَابِنَا: الصَّحِيح أَنَّهُ يَكْفِيه لِلْجَمِيعِ سَبْع مَرَّات. وَالثَّانِي: يَجِب لِكُلِّ وَلْغَة سَبْع. وَالثَّالِث: يَكْفِي لِوَلَغَاتِ الْكَلْب الْوَاحِد سَبْع، وَيَجِب لِكُلِّ كَلْب سَبْع.

وَلَوْ وَقَعَتْ نَجَاسَة أُخْرَى فِي الْإِنَاء الَّذِي وَلَغَ فِيهِ الْكَلْب كَفَى عَنْ الْجَمِيع سَبْع.

وَلَا تَقُوم الْغَسْلَة الثَّامِنَة بِالْمَاءِ وَحْده وَلَا غَمْس الْإِنَاء فِي مَاء كَثِير وَمُكْثه فِيهِ قَدْر سَبْع غَسَلَات مَقَام التُّرَاب عَلَى الْأَصَحّ.

وَقِيلَ: يَقُوم الصَّابُون وَالْأُشْنَان وَمَا أَشْبَهَهُمَا مَقَام التُّرَاب عَلَى الْأَصَحّ.

وَلَا فَرْقَ بَيْن وُجُود التُّرَاب وَعَدَمه عَلَى الْأَصَحّ.

وَلَا يَحْصُل الْغَسْل بِالتُّرَابِ النَّجَس عَلَى الْأَصَحّ.

وَلَوْ كَانَتْ نَجَاسَة الْكَلْب دَمه أَوْ رَوْثه فَلَمْ يَزُلْ عَيْنه إِلَّا بِسِتِّ غَسَلَات مَثَلًا فَهَلْ يُحْسَب ذَلِكَ غَسَلَات أَمْ غَسْلَة وَاحِدَة؟ ، أَمْ لَا يُحْسَب مِنْ السَّبْع أَصْلًا؟ ، فِيهِ ثَلَاثَة أَوْجُه ، أَصَحُّهَا: وَاحِدَة. وَأَمَّا الْخِنْزِير ، فَحُكْمه حُكْم الْكَلْب فِي هَذَا كُلّه ، هَذَا مَذْهَبنَا. وَذَهَبَ أَكْثَر الْعُلَمَاء إِلَى أَنَّ الْخِنْزِير لَا يَفْتَقِر إِلَى غَسْله سَبْعًا ، وَهُوَ قَوْل الشَّافِعِيّ ، وَهُوَ قَوِيّ فِي الدَّلِيل.

قَالَ أَصْحَابنَا: وَمَعْنَى الْغَسْلِ بِالتُّرَابِ: أَنْ يُخْلَط التُّرَاب فِي الْمَاء حَتَّى يَتَكَدَّر، وَلَا فَرْقَ بَيْن أَنْ يَطْرَحَ الْمَاء عَلَى التُّرَاب أَوْ التُّرَاب عَلَى الْمَاء أَوْ يَأخُذ الْمَاء الْكَدِر مِنْ مَوْضِع فَيَغْسِل بِهِ، فَأَمَّا مَسْح مَوْضِع النَّجَاسَة بِالتُّرَابِ فَلَا يُجْزِي، وَلَا إِدْخَال الْيَد فِي الْإِنَاء؛ بَلْ يَكْفِي أَنْ يُلْقِيه فِي الْإِنَاء وَيُحَرِّكهُ.

وَيُسْتَحَبّ أَنْ يَكُون التُّرَاب فِي غَيْر الْغَسْلَة الْأَخِيرَة لِيَأتِيَ عَلَيْهِ مَا يُنَظِّفهُ، وَالْأَفْضَل أَنْ يَكُون فِي الْأُولَى.

وَلَوْ وَلَغَ الْكَلْب فِي مَاء كَثِير بِحَيْثُ لَمْ يَنْقُص وَلُوغه عَنْ قُلَّتَيْنِ لَمْ يُنَجِّسهُ، وَلَوْ وَلَغَ فِي مَاء قَلِيل أَوْ طَعَام فَأَصَابَ ذَلِكَ الْمَاء أَوْ الطَّعَام ثَوْبًا أَوْ بَدَنًا أَوْ إِنَاء آخَر وَجَبَ غَسْله سَبْعًا إِحْدَاهُنَّ بِالتُّرَابِ.

وَلَوْ وَلَغَ فِي إِنَاء فِيهِ طَعَام جَامِد ، أُلْقِي مَا أَصَابَهُ وَمَا حَوْله ، وَانْتُفِعَ بِالْبَاقِي عَلَى طَهَارَته السَّابِقَة ، كَمَا فِي الْفَأرَة تَمُوت فِي السَّمْن الْجَامِد. أ. هـ

(1)(د) 333

(2)

أَطْلَقَ الشَّارِعُ عَلَى التَّيَمُّمِ أَنَّهُ وَضُوءٌ ، لِكَوْنِهِ قَامَ مَقَامَهُ. فتح135

(3)

لاحِظ أنه لم يأمره بإعادة ما صلى بدون وضوء. ع

(4)

(ت) 124 ، (د) 332 ، (س) 322 ، (حم) 21408 ، صححه الألباني في الإرواء: 153

(5)

فتح القدير 1/ 135، 136، والاختيار 1/ 45، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير 1/ 75، 83، 84، والمغني 1/ 52، 53 و 2/ 83، 84، والمحلى 1/ 94 وما بعدها، ونيل الأوطار 1/ 39، 83، 84، ومعاني الآثار للطحاوي 1/ 13، وسنن الدارقطني ص 24، 25

(6)

(خ) 198

(7)

(خ) 5445

ص: 23