الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التَّطْهِيرُ بِالدَّلْك
(د حم حب)، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ:(" صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ ، فَلَمَّا كَانَ فِي بَعْضِ صَلَاتِهِ خَلَعَ نَعْلَيْهِ فَوَضَعَهُمَا عَنْ يَسَارِهِ " ، فَلَمَّا رَأَى النَّاسُ ذَلِكَ خَلَعُوا نِعَالَهُمْ)(1)(" فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَلَاتَهُ قَالَ: مَا حَمَلَكُمْ عَلَى إِلْقَاءِ نِعَالِكُمْ؟ " ، قَالُوا: رَأَيْنَاكَ أَلْقَيْتَ نَعْلَيْكَ فَأَلْقَيْنَا نِعَالَنَا)(2)(فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنِّي لَمْ أَخْلَعْهُمَا مِنْ بَأسٍ، وَلَكِنَّ جِبْرِيلَ)(3)(أَتَانِي أَخْبَرَنِي أَنَّ فِيهِمَا قَذَرًا)(4) وفي رواية: (خَبَثًا)(5)(فَأَلْقَيْتُهُمَا ، فَإِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ إِلَى الْمَسْجِدِ فَلْيَنْظُرْ فِي نَعْلَيْهِ ، فَإِنْ رَأَى فِيهِمَا قَذَرًا وفي رواية: (خَبَثًا)(6) فَلْيَمْسَحْهُمَا) (7)(بِالْأَرْضِ ثُمَّ لِيُصَلِّ فِيهِمَا ")(8)
تقدم شرحه
فَوائِدُ الْحَدِيث:
قَالَ فِي سُبُل السَّلَام: وَفِي الْحَدِيث دَلَالَة عَلَى شَرْعِيَّة الصَّلَاة فِي النِّعَال، وَعَلَى أَنَّ مَسْح النَّعْل مِنْ النَّجَاسَة مُطَهِّر لَهُ مِنْ الْقَذَر وَالْأَذَى، وَالظَّاهِر فِيهِمَا عِنْد الْإِطْلَاق النَّجَاسَة، وَسَوَاء كَانَتْ النَّجَاسَة رَطْبَة أَوْ جَافَّة، وَيَدُلّ لَهُ سَبَب الْحَدِيث اِنْتَهَى. عون650
(1)(حم) 11895 ، (د) 650
(2)
(د) 650 ، (حم) 11895
(3)
(حب) 2185 ، (د) 650، انظر صحيح موارد الظمآن: 312
(4)
(د) 650 ، (حب) 2185
(5)
(د) 651 ، (حم) 11169
(6)
(د) 651 ، (حم) 11169
(7)
(حم) 11895 ، (د) 650
(8)
(حم) 11169 ، (د) 650 ، صححه الألباني في الإرواء: 284، وصفة الصلاة ص 80، وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح.
(د)، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إِذَا وَطِئَ أَحَدُكُمْ بِنَعْلِهِ الْأَذَى، فَإِنَّ التُّرَابَ لَهُ طَهُورٌ "(1)
(1)(د) 385 ، 386 ، (حب) 1403
(س د جة)، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:(" كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَتَى الْخَلَاءَ، أَتَيْتُهُ بِمَاءٍ فِي تَوْرٍ (1) أَوْ رَكْوَةٍ (2) فَاسْتَنْجَى، ثُمَّ) (3) (دَلَكَ يَدَهُ بِالْأَرْضِ) (4) وفي رواية:(مَسَحَ يَدَهُ بِالتُّرَابِ)(5)(ثُمَّ أَتَيْتُهُ بِإِنَاءٍ آخَرَ فَتَوَضَّأَ ")(6)
(1)(التَّوْر): إِنَاء صَغِير مِنْ نحاس أَوْ حِجَارَة يُشْرَب مِنْهُ ، وَقَدْ يُتَوَضَّأ مِنْهُ وَيُؤْكَل مِنْهُ الطَّعَام. عون المعبود
(2)
(الرَّكْوَة): دَلْوٌ صَغِير مِنْ جِلْد يُتَوَضَّأ مِنْهُ وَيُشْرَب فِيهِ الْمَاء. عون المعبود - (ج 1 / ص 56)
(3)
(د) 45
(4)
(س) 50 ، (جة) 358
(5)
(جة) 359
(6)
(د) 45
(س)، وَعَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْبَجَلِيِّ رضي الله عنه قَالَ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، " فَأَتَى الْخَلَاءَ فَقَضَى حَاجَتَهُ ثُمَّ قَالَ: هَاتِ طَهُورًا يَا جَرِيرُ " ، فَأَتَيْتُهُ بِالْمَاءِ فَاسْتَنْجَى بِالْمَاءِ ، وَقَالَ بِيَدِهِ فَدَلَكَ بِهَا الْأَرْضَ "(1)
مَذَاهِبُ الْفُقَهَاءِ فِي الْمَسْأَلَة:
قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي الْمَعَالِم: كَانَ الْأَوْزَاعِيُّ رحمه الله يَسْتَعْمِل هَذَا الْحَدِيث عَلَى ظَاهِره وَقَالَ يُجْزِيه أَنْ يَمْسَح الْقَذَر فِي نَعْله أَوْ خُفّه بِالتُّرَابِ وَيُصَلِّي فِيهِ، وَرُوِيَ مِثْله فِي جَوَازه عَنْ عُرْوَة بْن الزُّبَيْر، وَكَانَ النَّخَعِيُّ يَمْسَح الْخُفّ وَالنَّعْل إِذَا مَسَحَهُمَا بِالْأَرْضِ حَتَّى لَا يَجِد لَهُ رِيحًا وَلَا أَثَرًا رَجَوْت أَنْ يَجْزِيه وَيُصَلِّي بِالْقَوْمِ.
وَقَالَ الشَّافِعِيّ: لَا تَطْهُر النَّجَاسَات إِلَّا بِالْمَاءِ سَوَاء كَانَتْ فِي ثَوْب أَوْ فِي الْأَرْض أَوْ حِذَاء. اِنْتَهَى.
وَقَالَ الْبَغَوِيُّ فِي شَرْح السُّنَّة: ذَهَبَ أَكْثَر أَهْل الْعِلْم إِلَى ظَاهِر الْحَدِيث وَقَالُوا إِذَا أَصَابَ أَكْثَر الْخُفّ أَوْ النَّعْل نَجَاسَة فَدَلَكَهُ بِالْأَرْضِ حَتَّى ذَهَبَ أَكْثَرهَا فَهُوَ طَاهِر وَجَازَتْ الصَّلَاة فِيهَا وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيّ فِي الْقَدِيم وَقَالَ فِي الْجَدِيد: لَا بُدّ مِنْ الْغَسْل بِالْمَاءِ. اِنْتَهَى.
قَالَ الشَّيْخ وَلِيّ اللَّه الدَّهْلَوِيُّ فِي حُجَّة اللَّه الْبَالِغَة: النَّعْل وَالْخُفّ يَطْهُر مِنْ النَّجَاسَة الَّتِي لَهَا جِرْم بِالدَّلْكِ، لِأَنَّهُ جِسْم صُلْب لَا يَتَخَلَّل فِيهِ النَّجَاسَة، وَالظَّاهِر أَنَّهُ عَامّ فِي الرَّطْبَة وَالْيَابِسَة. عون385
(1)(س) 51
قَال الْبُخَارِيُّ ج1ص90: وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «إِنْ وَطِئْتَ عَلَى قَذَرٍ رَطْبٍ فَاغْسِلْهُ ، وَإِنْ كَانَ يَابِسًا فَلَا»
قال الحافظ: هَذَا التَّعْلِيقُ وَصَلَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ ، وَقَالَ فِي آخِرِهِ " وَإِنْ كَانَ نَاسِيًا لَمْ يَضُرَّهُ "
مَذَاهِبُ الْفُقَهَاءِ فِي الْمَسْأَلَة:
اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ إِذَا تَنَجَّسَتِ النَّعْلُ وَمَا فِي مَعْنَاهَا بِمَائِعٍ، مِثْلَ الْبَوْلِ وَالدَّمِ وَالْخَمْرِ أَنَّهَا لا تَطْهُرُ إِلا بِالْغَسْلِ، وَعَلَى رِوَايَةِ الْمَالِكِيَّةِ الْقَائِلَةِ بِأَنَّ إِزَالَةَ النَّجَاسَةِ سُنَّةٌ، تَكُونُ مَعْفُوًّا عَنْهَا.
وَأَمَّا إِذَا كَانَتِ النَّجَاسَةُ ذَاتَ جِرْمٍ، فَإِنْ كَانَتْ يَابِسَةً فَالْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالصَّحِيحُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، أَنَّهَا تَطْهُرُ بِالدَّلْكِ أَيْضًا، وَأَمَّا إِذَا كَانَتِ النَّجَاسَةُ ذَاتَ جِرْمٍ وَرَطْبَةً، فَالْمَالِكِيَّةُ وَأَبُو يُوسُفَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ، وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، أَنَّهَا تَطْهُرُ أَيْضًا بِالدَّلْكِ.
وَالأَصْلُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الآثَارُ الَّتِي وَرَدَتْ فِي طَهَارَةِ النِّعَالِ بِالدَّلْكِ. وَمِنْ ذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم " أَنَّهُ قَالَ: إِذَا وَطِئَ أَحَدُكُمُ الأَذَى بِنَعْلِهِ فَإِنَّ التُّرَابَ لَهُ طَهُورٌ ". وَالْمَنْقُولُ فِي كُتُبِ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ النَّجَاسَةَ عِنْدَهُمْ لا تَطْهُرُ إِلا بِالْمَاءِ الْمُطْلَقِ، وَهَذِهِ أَيْضًا رِوَايَةٌ أُخْرَى عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ. (1)
ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ إِذَا أَصَابَتْ أَسْفَلَ الْخُفِّ أَوِ النَّعْلِ نَجَاسَةٌ فَإِنَّ تَطْهِيرَهُ يَكُونُ بِغَسْلِهِ، وَلا يُجْزِئُ لَوْ دَلَكَهُ كَالثَّوْبِ وَالْبَدَنِ، وَلا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ النَّجَاسَةُ رَطْبَةً أَوْ جَافَّةً، وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ قَوْلانِ فِي الْعَفْوِ عَنِ النَّجَاسَةِ الْجَافَّةِ إِذَا دُلِكَتْ، أَصَحُّهُمَا: الْقَوْلُ الْجَدِيدُ لِلشَّافِعِيِّ، وَهُوَ أَنَّهُ لا يَجُوزُ حَتَّى يَغْسِلَهُ، وَلا تَصِحُّ الصَّلاةُ بِهِ، وَالثَّانِي: يَجُوزُ لِمَا رَوَى أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ إِلَى الْمَسْجِدِ فَلْيَنْظُرْ؛ فَإِنْ رَأَى فِي نَعْلَيْهِ قَذَرًا أَوْ أَذًى فَلْيَمْسَحْهُ، وَلْيُصَلِّ فِيهِمَا ".
قَالَ الرَّافِعِيُّ: إِذَا قُلْنَا بِالْقَدِيمِ وَهُوَ الْعَفْوُ فَلَهُ شُرُوطٌ.
أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ لِلنَّجَاسَةِ جِرْمٌ يَلْتَصِقُ بِالْخُفِّ، أَمَّا الْبَوْلُ وَنَحْوُهُ فَلا يَكْفِي دَلْكُهُ بِحَالٍ.
الثَّانِي: أَنْ يَدْلُكَهُ فِي حَالِ الْجَفَافِ، وَأَمَّا مَا دَامَ رَطْبًا فَلا يَكْفِي دَلْكُهُ قَطْعًا.
الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ حُصُولُ النَّجَاسَةِ بِالْمَشْيِ مِنْ غَيْرِ تَعَمُّدٍ، فَلَوْ تَعَمَّدَ تَلْطِيخَ. الْخُفِّ بِهَا وَجَبَ الْغَسْلُ قَطْعًا.
وَنَقَلَ الْبُهُوتِيُّ عَنِ الإِنْصَافِ أَنَّ يَسِيرَ النَّجَاسَةِ إِذَا كَانَتْ عَلَى أَسْفَلِ الْخُفِّ وَالْحِذَاءِ بَعْدَ الدَّلْكِ يُعْفَى عَنْهُ عَلَى الْقَوْلِ بِنَجَاسَتِهِ. (2)
وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إِلَى أَنَّهُ إِذَا أَصَابَ الْخُفَّ نَجَاسَةٌ لَهَا جِرْمٌ، كَالرَّوْثِ وَالْعَذِرَةِ، فَجَفَّتْ، فَدَلَكَهُ بِالأَرْضِ جَازَ، وَالرَّطْبُ وَمَا لا جِرْمَ لَهُ كَالْخَمْرِ وَالْبَوْلِ لا يَجُوزُ فِيهِ إِلا الْغَسْلُ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يُجْزِئُ الْمَسْحُ فِيهِمَا إِلا الْبَوْلَ وَالْخَمْرَ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لا يَجُوزُ فِيهِمَا إِلا الْغُسْلُ كَالثَّوْبِ.
وَلأَبِي يُوسُفَ إِطْلاقُ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: " إِذَا أَصَابَ خُفَّ أَحَدِكُمْ أَوْ نَعْلَهُ أَذًى فَلْيَدْلُكْهُمَا فِي الأَرْضِ، وَلْيُصَلِّ فِيهِمَا، فَإِنَّ ذَلِكَ طَهُورٌ لَهُمَا " مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بَيْنَ الرَّطْبِ وَالْيَابِسِ، وَالْمُتَجَسِّدِ وَغَيْرِهِ، وَلِلضَّرُورَةِ الْعَامَّةِ. وَلأَبِي حَنِيفَةَ هَذَا الْحَدِيثُ. إِلا أَنَّ الرَّطْبَ إِذَا مُسِحَ بِالأَرْضِ يَتَلَطَّخُ بِهِ الْخُفُّ أَكْثَرَ مِمَّا كَانَ، فَلا يُطَهِّرُهُ بِخِلافِ الْيَابِسِ؛ لأَنَّ الْخُفَّ لا يَتَدَاخَلُهُ إِلا شَيْءٌ يَسِيرٌ وَهُوَ مَعْفُوٌّ عَنْهُ، وَلا كَذَلِكَ الْبَوْلُ وَالْخَمْرُ لأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ مَا يُجْتَذَبُ مِثْلُ مَا عَلَى الْخُفِّ، فَيَبْقَى عَلَى حَالِهِ، حَتَّى لَوْ لَصِقَ عَلَيْهِ طِينٌ رَطْبٌ فَجَفَّ، ثُمَّ دَلَكَهُ جَازَ، كَاَلَّذِي لَهُ جِرْمٌ، وَبِخِلافِ الثَّوْبِ لأَنَّهُ مُتَخَلَّلٌ فَتَتَدَاخَلُهُ أَجْزَاءُ النَّجَاسَةِ، فَلا تَزُولُ بِالْمَسْحِ، فَيَجِبُ الْغَسْلُ.
وَلِمُحَمَّدٍ الْقِيَاسُ عَلَى الثَّوْبِ وَالْبِسَاطِ، بِجَامِعِ أَنَّ النَّجَاسَةَ تَدَاخَلَتْ فِي الْخُفِّ تَدَاخُلَهَا فِيهِمَا.
قَالَ الْكَمَالُ: وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ أَكْثَرُ الْمَشَايِخِ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ لِعُمُومِ الْبَلْوَى.
وَقَالَ السَّرَخْسِيُّ عَنْ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ: وَهُوَ صَحِيحٌ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى لِلضَّرُورَةِ. (3)
وَفَرَّقَ الْمَالِكِيَّةُ بَيْنَ أَرْوَاثِ الدَّوَابِّ وَأَبْوَالِهَا وَبَيْنَ غَيْرِهَا مِنَ النَّجَاسَاتِ، فَإِذَا أَصَابَ الْخُفَّ شَيْءٌ مِنْ رَوْثِ الدَّوَابِّ وَأَبْوَالِهَا فَإِنَّهُ يُعْفَى عَنْهُ إِنْ دُلِكَ بِتُرَابٍ أَوْ حَجَرٍ أَوْ نَحْوِهِ حَتَّى زَالَتِ الْعَيْنُ، وَكَذَا إِنْ جَفَّتِ النَّجَاسَةُ بِحَيْثُ لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ يُخْرِجُهُ الْغُسْلُ سِوَى الْحُكْمِ.
وَقَيَّدَ بَعْضُهُمُ الْعَفْوَ بِأَنْ تَكُونَ إِصَابَةُ الْخُفِّ أَوِ النَّعْلِ بِالنَّجَاسَةِ بِمَوْضِعٍ يَطْرُقُهُ الدَّوَابُّ كَثِيرًا - كَالطُّرُقِ - لِمَشَقَّةِ الاحْتِرَازِ عَنْهُ.
قَالَ الدُّسُوقِيُّ نَقْلا عَنِ الْبُنَانِيِّ: وَهَذَا الْقَيْدُ نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ، وَالظَّاهِرُ اعْتِبَارُهُ، وَفِي كَلامِ ابْنِ الْحَاجِبِ إِشَارَةٌ إِلَيْهِ لِتَعْلِيلِهِ بِالْمَشَقَّةِ، كَمَا ذَكَرَ خَلِيلٌ أَنَّ الْعَفْوَ إِنَّمَا هُوَ لِعُسْرِ الاحْتِرَازِ، وَعَلَى هَذَا فَلا يُعْفَى عَمَّا أَصَابَ الْخُفَّ وَالنَّعْلَ مِنْ أَرْوَاثِ الدَّوَابِّ بِمَوْضِعٍ لا تَطْرُقُهُ الدَّوَابُّ كَثِيرًا وَلَوْ دَلْكًا.
وَإِنْ أَصَابَ الْخُفَّ أَوِ النَّعْلَ شَيْءٌ مِنَ النَّجَاسَاتِ غَيْرِ أَرْوَاثِ الدَّوَابِّ وَأَبْوَالِهَا، كَخُرْءِ الْكِلابِ أَوْ فَضْلَةِ الآدَمِيِّ أَوْ دَمٍ، فَإِنَّهُ لا يُعْفَى عَنْهُ، وَلا بُدَّ مِنْ غَسْلِهِ.
قَالَ الْحَطَّابُ نَقْلا عَنِ ابْنِ الْعَرَبِيِّ: وَالْعِلَّةُ نُدُورُ ذَلِكَ فِي الطُّرُقَاتِ، فَإِنْ كَثُرَ ذَلِكَ فِيهَا صَارَ كَرَوْثِ الدَّوَابِّ. (4)
(1) الطحطاوي ص 84، وفتح القدير 1/ 135، والاختيار 1/ 45، والدسوقي 1/ 74، والجمل على المنهج 1/ 183، والمغني مع الشرح الكبير 1/ 728
(2)
المجموع 1/ 598، كشاف القناع 1/ 189، الإنصاف 1/ 323.
(3)
الاختيار شرح المختار 1/ 31، 33 ط. مصطفى الحلبي 1936م، فتح القدير والعناية 1/ 136.
(4)
الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي 1/ 75. مواهب الجليل 1/ 154.