الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَا تَعُمّ بِهِ الْبَلْوَى
(ت) ، عَنْ حُمَيْدَةَ بِنْتِ عُبَيْدِ بْنِ رِفَاعَةَ، عَنْ كَبْشَةَ بِنْتِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ - وَكَانَتْ عِنْدَ ابْنِ أَبِي قَتَادَةَ - أَنَّ أَبَا قَتَادَةَ رضي الله عنه دَخَلَ عَلَيْهَا، قَالَتْ: فَسَكَبْتُ لَهُ وَضُوءًا ، فَجَاءَتْ هِرَّةٌ تَشْرَبُ ، فَأَصْغَى لَهَا الْإنَاءَ حَتَّى شَرِبَتْ ، قَالَتْ كَبْشَةُ: فَرَآنِي أَنْظُرُ إِلَيْهِ ، فَقَالَ: أَتَعْجَبِينَ يَا بِنْتَ أَخِي؟ ، فَقُلْتُ: نَعَمْ ، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " إِنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجَسٍ ، إِنَّمَا هِيَ مِنْ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ أَوْ الطَّوَّافَاتِ "(1)
تقدم شرحه
(1)(ت) 92 ، (س) 68 ، (د) 75 ، (جة) 367 ، وصححه الألباني في الإرواء: 173
(ت)، وَعَنْ أُمِّ وَلَدٍ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَتْ: قُلْتُ لِأُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها: إِنِّي امْرَأَةٌ أُطِيلُ ذَيْلِي ، وَأَمْشِي فِي الْمَكَانِ الْقَذِرِ ، فَقَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " يُطَهِّرُهُ مَا بَعْدَهُ "(1)
الشَّرْح:
(عَنْ أُمِّ وَلَدٍ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ) وَفِي رِوَايَةِ مَالِكٍ فِي الْمُوَطَّأِ وَأَبِي دَاوُدَ عَنْ أُمِّ وَلَدٍ لِإِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، قَالَ الزُّرْقَانِيُّ اِسْمُهَا حُمَيْدَةُ تَابِعِيَّةٌ صَغِيرَةٌ مَقْبُولَةٌ، وَقَالَ الْحَافِظُ فِي التَّقْرِيبِ حُمَيْدَةُ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، يُقَالُ هِيَ أُمُّ وَلَدٍ لِإِبْرَاهِيمَ بْنِ عَوْفٍ ، مَقْبُولَةٌ مِنْ الرَّابِعَةِ. تحفة143
(قَالَتْ: قُلْتُ لِأُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها: إِنِّي امْرَأَةٌ أُطِيلُ ذَيْلِي) الذَّيْلُ بِفَتْحِ الذَّالِ هُوَ طَرَفُ الثَّوْبِ الَّذِي يَلِي الْأَرْضَ وَإِنْ لَمْ يَمَسَّهَا. تحفة143
(وَأَمْشِي فِي الْمَكَانِ الْقَذِرِ) أَيْ: فِي الْمَكَانِ النَّجِسِ. تحفة143
(فَقَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " يُطَهِّرُهُ) أَيْ: الذَّيْلَ. تحفة143
(مَا بَعْدَهُ ") أَيْ: يُطَهِّرُ الْمَكَانُ الَّذِي بَعْدَ الْمَكَانِ الْقَذِرِ بِزَوَالِ مَا يَتَشَبَّثُ بِالذَّيْلِ مِنْ الْقَذَرِ، قَالَ الْخَطَّابِيُّ كَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ إِنَّمَا هُوَ فِيمَا جُرَّ عَلَى مَا كَانَ يَابِسًا لَا يَعْلَقُ بِالثَّوْبِ مِنْهُ شَيْءٌ، فَأَمَّا إِذَا جُرَّ عَلَى رَطْبٍ فَلَا يُطَهِّرُهُ إِلَّا بِالْغَسْلِ، وَقَالَ أَحْمَدُ لَيْسَ مَعْنَاهُ إِذَا أَصَابَهُ بَوْلٌ ثُمَّ مَرَّ بَعْدَهُ عَلَى الْأَرْضِ أَنَّهَا تُطَهِّرُهُ وَلَكِنَّهُ يَمُرُّ بِالْمَكَانِ فَيُقَذِّرُهُ ثُمَّ يَمُرُّ بِمَكَانٍ أَطْيَبَ مِنْهُ فَيَكُونُ هَذَا بِذَاكَ، لَا عَلَى أَنَّهُ يُصِيبُهُ مِنْهُ شَيْءٌ، وَقَالَ مَالِكٌ فِيمَا رُوِيَ عَنْهُ إِنَّ الْأَرْضَ يُطَهِّرُ بَعْضُهَا بَعْضًا، وَإِنَّمَا هُوَ أَنْ يَطَأَ الْأَرْضَ الْقَذِرَةَ ثُمَّ يَطَأَ الْأَرْضَ الْيَابِسَةَ النَّظِيفَةَ فَإِنَّ بَعْضَهُمَا يُطَهِّرُ بَعْضًا، فَأَمَّا النَّجَاسَةُ مِثْلُ الْبَوْلِ وَنَحْوِهِ يُصِيبُ الثَّوْبَ أَوْ بَعْضَ الْجَسَدِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُطَهِّرُهُ إِلَّا الْغَسْلُ، قَالَ وَهَذَا إِجْمَاعُ الْأُمَّةِ اِنْتَهَى كَلَامُهُ. قَالَ الزُّرْقَانِيُّ وَذَهَبَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إِلَى حَمْلِ الْقَذَرِ فِي الْحَدِيثِ عَلَى النَّجَاسَةِ وَلَوْ رَطْبَةً، وَقَالُوا يُطَهِّرُهُ الْأَرْضُ الْيَابِسَةُ لِأَنَّ الذَّيْلَ لِلْمَرْأَةِ كَالْخُفِّ وَالنَّعْلِ لِلرَّجُلِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي رِوَايَةِ اِبْنِ مَاجَهْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قِيلَ يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّا نُرِيدُ الْمَسْجِدَ فَنَطَأُ الطَّرِيقَةَ النَّجِسَةَ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم " الْأَرْضُ يُطَهِّرُ بَعْضُهَا بَعْضًا " لَكِنَّهُ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ كَمَا قَالَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ اِنْتَهَى. وَقَالَ الشَّيْخُ الْأَجَلُّ وَلِيُّ اللهِ الْمُحَدِّثُ الدَّهْلَوِيُّ فِي الْمُسَوَّى شَرْحِ الْمُوَطَّأِ تَحْتَ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ: إِنْ أَصَابَ الذَّيْلَ نَجَاسَةُ الطَّرِيقِ ثُمَّ مَرَّ بِمَكَانٍ آخَرَ وَاخْتَلَطَ بِهِ طِينُ الطَّرِيقِ وَغُبَارُ الْأَرْضِ وَتُرَابُ ذَلِكَ الْمَكَانِ وَيَبِسَتْ النَّجَاسَةُ الْمُتَعَلِّقَةُ فَيَطْهُرُ الذَّيْلُ النَّجِسُ بِالتَّنَاثُرِ أَوْ الْفَرْكِ وَذَلِكَ مَعْفُوٌّ عَنْهُ عِنْدَ الشَّارِعِ بِسَبَبِ الْحَرَجِ وَالضِّيقِ، كَمَا أَنَّ غَسْلَ الْعُضْوِ وَالثَّوْبِ مِنْ دَمِ الْجِرَاحَةِ مَعْفُوٌّ عَنْهُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَكَمَا أَنَّ النَّجَاسَةَ الرَّطْبَةَ الَّتِي أَصَابَتْ الْخُفَّ تَزُولُ بِالدَّلْكِ. وَيَطْهُرُ الْخُفُّ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ بِسَبَبِ الْحَرَجِ، وَكَمَا أَنَّ الْمَاءَ الْمُسْتَنْقَعَ الْوَاقِعَ فِي الطَّرِيقِ وَإِنْ وَقَعَ فِيهِ النَّجَاسَةُ مَعْفُوٌّ عَنْهُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ بِسَبَبِ الْحَرَجِ، وَإِنِّي لَا أَجِدُ الْفَرْقَ بَيْنَ الثَّوْبِ الَّذِي أَصَابَهُ دَمُ الْجِرَاحَةِ وَالثَّوْبِ الَّذِي أَصَابَهُ الْمَاءُ الْمُسْتَنْقَعُ وَبَيْنَ الذَّيْلِ الَّذِي تَعَلَّقَتْ بِهِ نَجَاسَةٌ رَطْبَةٌ ثُمَّ اِخْتَلَطَ بِهِ غُبَارُ الْأَرْضِ وَتُرَابُهَا وَطِينُ الطَّرِيقِ فَتَنَاثَرَتْ بِهِ النَّجَاسَةُ أَوْ زَالَتْ بِالْفَرْكِ، فَإِنَّ حُكْمَهَا وَاحِدٌ، وَمَا قَالَ الْبَغَوِيُّ إِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مَحْمُولٌ عَلَى النَّجَاسَةِ الْيَابِسَةِ الَّتِي أَصَابَتْ الثَّوْبَ ثُمَّ تَنَاثَرَتْ بَعْدَ ذَلِكَ فَفِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّ النَّجَاسَةَ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِالذَّيْلِ فِي الْمَشْيِ فِي الْمَكَانِ الْقَذِرِ تَكُونُ رَطْبَةً فِي غَالِبِ الْأَحْوَالِ، وَهُوَ مَعْلُومٌ بِالْقَطْعِ فِي عَادَةِ النَّاسِ، فَإِخْرَاجُ الشَّيْءِ الَّذِي تَحَقَّقَ وُجُودُهُ قَطْعًا أَوْ غَالِبًا عَنْ حَالَتِهِ الْأَصْلِيَّةِ بَعِيدٌ، وَأَمَّا طِينُ الشَّارِعِ يُطَهِّرُهُ مَا بَعْدَهُ فَفِيهِ نَوْعٌ مِنْ التَّوَسُّعِ فِي الْكَلَامِ؛ لِأَنَّ الْمَقَامَ يَقْتَضِي أَنْ يُقَالَ هُوَ مَعْفُوٌّ عَنْهُ أَوْ لَا بَأسَ بِهِ، لَكِنْ عَدَلَ عَنْهُ بِإِسْنَادِ التَّطْهِيرِ إِلَى شَيْءٍ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مُطَهِّرًا لِلنَّجَاسَةِ، فَعُلِمَ أَنَّهُ مَعْفُوٌّ عَنْهُ، وَهَذَا أَبْلَغُ مِنْ الْأَوَّلِ اِنْتَهَى، وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ مُحَمَّدٌ فِي مُوَطَّئِهِ بَعْدَ رِوَايَةِ حَدِيثِ الْبَابِ مَا لَفْظُهُ: قَالَ مُحَمَّدٌ لَا بَأسَ بِذَلِكَ مَا لَمْ يَعْلَقْ بِالذَّيْلِ قَذَرٌ فَيَكُونُ أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ الْكَبِيرِ الْمِثْقَالِ، فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَا يُصَلِّيَن فِيهِ حَتَّى يَغْسِلَهُ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ اِنْتَهَى. تحفة143
قلت: لاحِظ أنه صلى الله عليه وسلم لم يأمرها بِتَرك الإسبال. ع
(1)(ت) 143 ، (د) 383 ، (جة) 531 ، (حم) 26531
(د جة حم)، وَعَنْ امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ قَالَتْ:(قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ ، إِنَّ لَنَا طَرِيقًا إِلَى الْمَسْجِدِ مُنْتِنَةً ، فَكَيْفَ نَفْعَلُ إِذَا مُطِرْنَا؟)(1)(قَالَ: " فَبَعْدَهَا طَرِيقٌ أَنْظَفُ مِنْهَا؟ " ، قُلْتُ: نَعَمْ ، قَالَ: " فَهَذِهِ بِهَذِهِ ")(2) وفي رواية: (إِنَّ هَذِهِ تَذْهَبُ بِذَلِكَ)(3)
الشَّرْح:
(عَنْ امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ): هِيَ صَحَابِيَّة مِنْ الْأَنْصَار كَمَا ذَكَرَهُ الْإِمَام اِبْن الْأَثِير فِي أُسْد الْغَابَة فِي مَعْرِفَة الصَّحَابَة، وَجَهَالَة الصَّحَابِيّ لَا تَضُرّ، لِأَنَّ الصَّحَابَة كُلّهمْ عُدُول. وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي الْمَعَالِم: وَالْحَدِيث فِيهِ مَقَال لِأَنَّ اِمْرَأَة مِنْ بَنِي عَبْد الْأَشْهَل مَجْهُولَة وَالْمَجْهُول لَا تَقُوم بِهِ الْحُجَّة فِي الْحَدِيث. اِنْتَهَى. وَرَدَّ عَلَيْهِ الْمُنْذِرِيُّ فِي مُخْتَصَره فَقَالَ مَا قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ، فَفِيهِ نَظَر، فَإِنَّ جَهَالَة اِسْم الصَّحَابِيّ غَيْر مُؤَثِّرَة فِي صِحَّة الْحَدِيث. عون384
(قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ ، إِنَّ لَنَا طَرِيقًا إِلَى الْمَسْجدِ مُنْتِنَةً) أَيْ: ذَات نَجِسَة. وَالطَّرِيق يُذَكَّر وَيُؤَنَّث، أَيْ: فِيهِمَا أَثَر الْجِيَف وَالنَّجَاسَات. عون384
(فَكَيْفَ نَفْعَلُ إِذَا مُطِرْنَا؟) أَيْ: إِذَا جَاءَنَا الْمَطَر. عون384
(قَالَ: " فَبَعْدَهَا طَرِيقٌ أَنْظَفُ مِنْهَا؟ " ، قُلْتُ: نَعَمْ ، قَالَ: " فَهَذِهِ بِهَذِهِ) أَيْ: مَا حَصَلَ التَّنَجُّس بِتِلْكَ يُطَهِّرهُ اِنْسِحَابه عَلَى تُرَاب هَذِهِ الطَّيِّبَة. عون384
مَذَاهِبُ الْفُقَهَاءِ فِي الْمَسْأَلَة:
ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ يُعْفَى فِي النَّجَاسَةِ عَنْ بَوْلِ الْهِرَّةِ وَالْفَأرَةِ وَخُرْئِهِمَا فِيمَا تَظْهَرُ فِيهِ حَالَةُ الضَّرُورَةِ، فَيُعْفَى عَنْ خُرْءِ الْفَأرَةِ إِذَا وَقَعَ فِي الْحِنْطَةِ وَلَمْ يَكْثُرْ حَتَّى يَظْهَرَ أَثَرُهُ، وَيُعْفَى عَنْ بَوْلِهَا إِذَا سَقَطَ فِي الْبِئْرِ لِتَحَقُّقِ الضَّرُورَةِ، بِخِلافِ مَا إِذَا أَصَابَ أَحَدُهُمَا ثَوْبًا أَوْ إِنَاءً مَثَلا فَإِنَّهُ لا يُعْفَى عَنْهُ لإِمْكَانِ التَّحَرُّزِ، وَيُعْفَى عَنْ بَوْلِ الْهِرَّةِ إِذَا وَقَعَ عَلَى نَحْوِ ثَوْبٍ لِظُهُورِ الضَّرُورَةِ، بِخِلافِ مَا إِذَا أَصَابَ خُرْؤُهَا أَوْ بَوْلُهَا شَيْئًا غَيْرَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لا يُعْفَى عَنْهُ.
وَيُعْفَى عَنْ بُخَارِ النَّجِسِ وَغُبَارِ سِرْقِينٍ، فَلَوْ مَرَّتِ الرِّيحُ بِالْعَذِرَاتِ وَأَصَابَتِ الثَّوْبَ لا يَتَنَجَّسُ إِلا أَنْ يَظْهَرَ أَثَرُ النَّجَاسَةِ فِي الثَّوْبِ، وَقِيلَ: يَتَنَجَّسُ إِنْ كَانَ مَبْلُولا لاتِّصَالِهَا بِهِ.
وَيُعْفَى عَنْ رَشَاشِ الْبَوْلِ إِذَا كَانَ رَقِيقًا كَرُءُوسِ الإِبَرِ بِحَيْثُ لا يُرَى وَلَوْ مَلأَ الثَّوْبَ أَوِ الْبَدَنَ، فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ كَالْعَدَمِ لِلضَّرُورَةِ، وَمِثْلُهُ الدَّمُ الَّذِي يُصِيبُ الْقَصَّابَ فَيُعْفَى عَنْهُ فِي حَقِّهِ لِلضَّرُورَةِ، فَلَوْ أَصَابَ الرَّشَاشُ ثَوْبًا ثُمَّ وَقَعَ ذَلِكَ الثَّوْبُ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ تَنَجَّسَ الْمَاءُ لِعَدَمِ الضَّرُورَةِ حِينَئِذٍ، وَمِثْلُ هَذَا أَثَرُ الذُّبَابِ الَّذِي وَقَعَ عَلَى نَجَاسَةٍ ثُمَّ أَصَابَ ثَوْبَ الْمُصَلِّي فَإِنَّهُ يُعْفَى عَنْهُ.
وَيُعْفَى عَمَّا يُصِيبُ الْغَاسِلَ مِنْ غُسَالَةِ الْمَيِّتِ مِمَّا لا يُمْكِنُهُ الامْتِنَاعُ عَنْهُ مَا دَامَ فِي تَغْسِيلِهِ.
وَيُعْفَى عَنْ طِينِ الشَّوَارِعِ وَلَوْ كَانَ مَخْلُوطًا بِنَجَاسَةٍ غَالِبَةٍ مَا لَمْ يُرَ عَيْنُهَا.
وَيُعْفَى فِي النَّجَاسَةِ الْمُخَفَّفَةِ عَمَّا دُونَ رُبُعِ الثَّوْبِ كُلِّهِ أَوْ رُبُعِ الْبَدَنِ كُلِّهِ.
وَإِنَّمَا تَظْهَرُ الْخِفَّةُ فِي غَيْرِ الْمَائِعِ، لأَنَّ الْمَائِعَ مَتَى أَصَابَتْهُ نَجَاسَةٌ تَنَجَّسَ، لا فَرْقَ بَيْنَ مُغَلَّظَةٍ وَمُخَفَّفَةٍ، وَلا عِبْرَةَ فِيهِ لِوَزْنٍ أَوْ مِسَاحَةٍ.
وَيُعْفَى عَنْ بَعْرِ الإِبِلِ وَالْغَنَمِ إِذَا وَقَعَ فِي الْبِئْرِ أَوْ فِي الإِنَاءِ، مَا لَمْ يَكْثُرْ كَثْرَةً فَاحِشَةً أَوْ يَتَفَتَّتْ فَيَتَلَوَّنَ بِهِ الشَّيْءُ الَّذِي خَالَطَهُ.
وَالْقَلِيلُ الْمَعْفُوُّ عَنْهُ هُوَ مَا يَسْتَقِلُّهُ النَّاظِرُ إِلَيْهِ، وَالْكَثِيرُ عَكْسُهُ.
وَأَمَّا رَوْثُ الْحِمَارِ وَخَثْيُ الْبَقَرِ وَالْفِيلِ فَإِنَّهُ يُعْفَى عَنْهُ فِي حَالَةِ الضَّرُورَةِ وَالْبَلْوَى، سَوَاءٌ كَانَ يَابِسًا أَوْ رَطْبًا. (4)
وَعَدَّ الْمَالِكِيَّةُ مِنَ الْمَعْفُوِّ عَنْهُ مَا يَأتِي: أ - سَلَسُ الأَحْدَاثِ كَبَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ أَوْ مَذْيٍ أَوْ وَدْيٍ أَوْ مَنِيٍّ إِذَا سَالَ شَيْءٌ مِنْهَا بِنَفْسِهِ، فَلا يَجِبُ غَسْلُهُ عَنِ الْبَدَنِ أَوِ الثَّوْبِ أَوِ الْمَكَانِ الَّذِي لا يُمِكُنُ التَّحَوُّلُ عَنْهُ إِلَى مَكَانٍ آخَرَ إِذَا حَصَلَ شَيْءٌ مِنْهَا وَلَوْ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّةً.
ب - بَلَلُ الْبَاسُورِ إِذَا أَصَابَ يَدَ صَاحِبِهِ أَوْ ثَوْبِهِ كُلَّ يَوْمٍ وَلَوْ مَرَّةً، وَأَمَّا يَدُهُ فَلا يُعْفَى عَنْ غَسْلِهَا إِلا إِذَا كَثُرَ اسْتِعْمَالُهَا فِي إِرْجَاعِهِ بِأَنْ يَزِيدَ عَنْ مَرَّتَيْنِ كُلَّ يَوْمٍ، وَإِنَّمَا اكْتُفِيَ فِي الثَّوْبِ وَالْبَدَنِ بِمَرَّةٍ وَاحِدَةٍ فِي الْيَوْمِ وَلَمْ يُكْتَفَ فِي الْيَدِ إِلا بِمَا زَادَ عَلَى اثْنَتَيْنِ لأَنَّ الْيَدَ لا يَشُقُّ غَسْلُهَا إِلا عِنْدَ الْكَثْرَةِ بِخِلافِ الثَّوْبِ وَالْبَدَنِ.
ج - مَا يُصِيبُ ثَوْبَ أَوْ بَدَنَ الْمُرْضِعَةِ مِنْ بَوْلِ أَوْ غَائِطِ رَضِيعِهَا - وَلَوْ لَمْ يَكُنْ وَلِيدَهَا - إِذَا اجْتَهَدَتْ فِي التَّحَرُّزِ عَنْهُمَا حَالَ نُزُولِهِمَا، وَلَكِنْ يُنْدَبُ لَهَا إِعْدَادُ ثَوْبٍ لِلصَّلاةِ.
د - مَا يُصِيبُ ثَوْبَ أَوْ بَدَنَ الْجَزَّارِ وَنَازِحِ الْمَرَاحِيضِ وَالطَّبِيبِ الَّذِي يُعَالِجُ الْجُرُوحَ، وَلَكِنْ يُنْدَبُ لَهُمْ إِعْدَادُ ثَوْبٍ لِلصَّلاةِ.
هـ - مَا يُصِيبُ ثَوْبَ الْمُصَلِّي أَوْ بَدَنَهُ أَوْ مَكَانَهُ مِنْ دَمِهِ أَوْ دَمِ غَيْرِهِ، آدَمِيًّا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ وَلَوْ خِنْزِيرًا، إِذَا كَانَتْ مِسَاحَتُهُ لا تَزِيدُ عَنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ الْبَغْلِيِّ، وَهُوَ الدَّائِرَةُ السَّوْدَاءُ الَّتِي تَكُونُ فِي ذِرَاعِ الْبَغْلِ، وَلا عِبْرَةَ بِالْوَزْنِ، وَمِثْلُ الدَّمِ فِي ذَلِكَ الْقَيْحُ وَالصَّدِيدُ.
و- مَا يُصِيبُ ثَوْبَهُ أَوْ بَدَنَهُ أَوْ مَكَانَهُ مِنْ بَوْلِ أَوَرَوْثِ خَيْلٍ أَوْ بِغَالٍ أَوْ حَمِيرٍ إِذَا كَانَ مِمَّنْ يُبَاشِرُ رَعْيَهَا أَوْ عَلْفَهَا أَوْ رَبْطَهَا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، فَيُعْفَى عَنْهُ لِمَشَقَّةِ الاحْتِرَازِ.
ز - أَثَرُ ذُبَابٍ أَوْ نَامُوسٍ أَوْ نَمْلٍ صَغِيرٍ يَقَعُ عَلَى النَّجَاسَةِ وَيَرْفَعُ شَيْئًا مِنْهَا فَيَتَعَلَّقُ بِرِجْلِهِ أَوْ فَمِهِ، ثُمَّ يَقَعُ عَلَى ثَوْبِهِ أَوْ بَدَنِهِ لِمَشَقَّةِ الاحْتِرَازِ، أَمَّا أَثَرُ النَّمْلِ الْكَبِيرِ فَلا يُعْفَى عَنْهُ لِنُدْرَتِهِ.
ح - أَثَرُ دَمِ مَوْضِعِ الْحِجَامَةِ بَعْدَ مَسْحِهِ بِخِرْقَةٍ وَنَحْوِهَا، فَيُعْفَى عَنْهُ إِلَى أَنْ يَبْرَأَ فَيَغْسِلَهُ.
ط - مَا يُصِيبُ ثَوْبَهُ أَوْ رِجْلَهُ مِنْ طِينِ الْمَطَرِ أَوْ مَائِهِ الْمُخْتَلِطِ بِنَجَاسَةٍ مَا دَامَ مَوْجُودًا فِي الطُّرُقِ وَلَوْ بَعْدَ انْقِطَاعِ الْمَطَرِ، فَيُعْفَى عَنْهُ بِشُرُوطٍ ثَلاثَةٍ: أَوَّلا: أَنْ لا تَكُونَ النَّجَاسَةُ الْمُخَالِطَةُ أَكْثَرَ مِنَ الطِّينِ أَوِ الْمَاءِ تَحْقِيقًا أَوْ ظَنًّا.
ثَانِيًا: أَنْ لا تُصِيبَهُ النَّجَاسَةُ بِدُونِ مَاءٍ أَوْ طِينٍ.
ثَالِثًا: أَنْ لا يَكُونَ لَهُ مَدْخَلٌ فِي الإِصَابَةِ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ الطِّينِ أَوِ الْمَاءِ، كَأَنْ يَعْدِلَ عَنْ طَرِيقٍ خَالِيَةٍ مِنْ ذَلِكَ إِلَى طَرِيقٍ فِيهَا ذَلِكَ.
ي - الْمِدَّةُ السَّائِلَةُ مِنْ دَمَامِلَ أَكْثَرَ مِنَ الْوَاحِدِ، سَوَاءٌ سَالَتْ بِنَفْسِهَا أَوْ بِعَصْرِهَا وَلَوْ غَيْرَ مُحْتَاجٍ إِلَيْهِ، لأَنَّ كَثْرَتَهَا مَظِنَّةُ الاحْتِيَاجِ إِلَى الْعَصْرِ، فَيُعْفَى عَمَّا سَالَ عَنْهَا وَلَوْ زَادَ عَلَى قَدْرِ الدِّرْهَمِ، وَأَمَّا الدُّمَّلُ الْوَاحِدُ فَيُعْفَى عَمَّا سَالَ مِنْهُ بِنَفْسِهِ أَوْ بِعَصْرٍ احْتِيجَ إِلَيْهِ، فَإِنْ عُصِرَ بِغَيْرِ حَاجَةٍ فَلا يُعْفَى إِلا عَنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ.
ك - خُرْءُ الْبَرَاغِيثِ وَلَوْ كَثُرَ، وَإِنْ تَغَذَّتْ بِالدَّمِ الْمَسْفُوحِ، فَخُرْؤُهَا نَجِسٌ وَلَكِنْ يُعْفَى عَنْهُ.
وَأَمَّا دَمُهَا فَإِنَّهُ كَدَمِ غَيْرِهَا لا يُعْفَى عَمَّا زَادَ مِنْهُ عَلَى قَدْرِ الدِّرْهَمِ الْبَغْلِيِّ كَمَا تَقَدَّمَ.
ل - الْمَاءُ الْخَارِجُ مِنْ فَمِ النَّائِمِ إِذَا كَانَ مِنَ الْمَعِدَةِ بِحَيْثُ يَكُونُ أَصْفَرَ مُنْتِنًا فَإِنَّهُ نَجِسٌ، وَلَكِنْ يُعْفَى عَنْهُ إِذَا لازَمَ.
م - الْقَلِيلُ مِنْ مَيْتَةِ الْقُمَّلِ فَيُعْفَى مِنْهُ عَنْ ثَلاثَةٍ فَأَقَلَّ.
ن - أَثَرُ النَّجَاسَةِ عَلَى السَّبِيلَيْنِ بَعْدَ إِزَالَةِ عَيْنِ النَّجَاسَةِ بِمَا يُزِيلُهَا مِنْ حَجَرٍ وَنَحْوِهِ فَيُعْفَى عَنْهُ، وَلا يَجِبُ غَسْلُهُ بِالْمَاءِ مَا لَمْ يَنْتَشِرْ كَثِيرًا، فَإِنِ انْتَشَرَ تَعَيَّنَ غَسْلُهُ بِالْمَاءِ، كَمَا يَتَعَيَّنُ الْمَاءُ فِي إِزَالَةِ النَّجَاسَةِ عَنْ قُمَّلِ الْمَرْأَةِ. (5)
وَقَالُوا فِي الْمُعْتَمَدِ عِنْدَهُمْ: إِنَّ رَمَادَ نَجِسٍ طَاهِرٌ مُطْلَقًا، سَوَاءٌ أَكَلَتِ النَّارُ النَّجَاسَةَ أَكْلا قَوِيًّا أَوْ لا.
وَأَمَّا دُخَانُ النَّجَاسَةِ فَفِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ نَجِسٌ، وَهُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ وَالتُّونُسِيُّ وَالْمَازِرِيُّ وَأَبُو الْحَسَنِ وَابْنُ عَرَفَةَ، قَالَ بَعْضُهُمْ: وَهُوَ الْمَشْهُورُ، وَاخْتَارَ ابْنُ رُشْدٍ طَهَارَةَ دُخَانِ النَّجَاسَةِ كَالرَّمَادِ. (6)
وَقَالُوا: يُعْفَى عَمَّا تَعَلَّقَ بِذَيْلِ ثَوْبِ الْمَرْأَةِ الْيَابِسِ مِنَ الْغُبَارِ النَّجِسِ. (7)
- وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ: يُعْفَى عَنْ أُمُورٍ: مِنْهَا مَا لا يُدْرِكُهُ الْبَصَرُ الْمُعْتَدِلُ مِنَ النَّجَاسَةِ وَلَوْ مُغَلَّظَةً.
وَمِنْهَا الأَثَرُ الْبَاقِي بِالْمَحَلِّ بَعْدَ الاسْتِنْجَاءِ بِالْحَجَرِ، فَيُعْفَى عَنْهُ بِالنِّسْبَةِ لِصَاحِبِهِ.
وَمِنْهَا طِينُ الشَّارِعِ الْمُخْتَلِطُ بِالنَّجَاسَةِ الْمُحَقَّقَةِ، فَإِذَا شَكَّ فِي نَجَاسَةِ ذَلِكَ الطِّينِ أَوْ ظَنَّ كَانَ طَاهِرًا، لا نَجِسًا مَعْفُوًّا عَنْهُ، وَإِنَّمَا يُعْفَى عَنْهُ بِشُرُوطٍ أَرْبَعَةٍ: أَوَّلا: أَنْ لا تَظْهَرَ عَلَيْهِ النَّجَاسَةُ.
ثَانِيًا: أَنْ يَكُونَ الْمَارُّ مُحْتَرِزًا عَنْ إِصَابَتِهَا، بِحَيْثُ لا يُرْخِي ذَيْلَ ثِيَابِهِ وَلا يَتَعَرَّضُ لِرَشَاشٍ نَحْوَ سِقَاءٍ.
ثَالِثًا: أَنْ تُصِيبَهُ النَّجَاسَةُ وَهُوَ مَاشٍ أَوْ رَاكِبٌ، أَمَّا إِذَا سَقَطَ عَلَى الأَرْضِ فَتَلَوَّثَتْ ثِيَابُهُ فَلا يُعْفَى عَنْهُ لِنُدْرَةِ الْوُقُوعِ.
رَابِعًا: أَنْ تَكُونَ النَّجَاسَةُ فِي ثَوْبٍ أَوْ بَدَنٍ.
وَمِمَّا يُعْفَى عَنْهُ عِنْدَهُمُ الدَّمُ الْبَاقِي عَلَى اللَّحْمِ وَعِظَامِهِ، فَقِيلَ: إِنَّهُ طَاهِرٌ، وَظَاهِرُ كَلامِ الْحَلِيمِيِّ وَجَمَاعَةٍ أَنَّهُ نَجِسٌ مَعْفُوٌّ عَنْهُ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ كَمَا قَالَ الشِّرْبِينِيُّ الْخَطِيبُ.
وَمِنْهَا دُخَانُ النَّجَاسَةِ فَإِنَّهُ نَجِسٌ يُعْفَى عَنْ قَلِيلِهِ وَعَنْ يَسِيرِهِ عُرْفًا.
وَمِنْهَا بُخَارُ النَّجَاسَةِ إِنْ تَصَاعَدَ بِوَاسِطَةِ نَارٍ فَنَجِسٌ، لأَنَّ أَجْزَاءَ النَّجَاسَةِ تَفْصِلُهَا النَّارُ بِقُوَّتِهَا لَكِنْ يُعْفَى عَنْ قَلِيلِهِ، وَإِلا بِأَنْ كَانَ كَالْبُخَارِ الْخَارِجِ مِنْ نَجَاسَةِ الْكَنِيفِ فَطَاهِرٌ.
وَصَرَّحَ الزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّ مِنَ الْمَعْفُوِّ عَنْهُ غُبَارَ النَّجَاسَةِ الْيَابِسَةِ.
وَمِنْهَا الْمَاءُ السَّائِلُ مِنْ فَمِ النَّائِمِ إِنْ كَانَ مِنَ الْمَعِدَةِ، كَأَنْ خَرَجَ مُنْتِنًا بِصُفْرَةٍ فَنَجِسٌ، لا إِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِهَا، أَوْ شَكَّ فِي أَنَّهُ مِنْهَا فَطَاهِرٌ.
وَقِيلَ: إِنْ كَانَ مُتَغَيِّرًا فَنَجِسٌ وإِلا فَطَاهِرٌ، فَإِنِ ابْتُلِيَ بِهِ شَخْصٌ لِكَثْرَتِهِ مِنْهُ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: فَالظَّاهِرُ الْعَفْوُ. (8)
- وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ يُعْفَى عَنِ النَّجَاسَةِ الْمُغَلَّظَةِ لأَجْلِ مَحَلِّهَا فِي ثَلاثَةِ مَوَاضِعَ: أَحَدُهَا: مَحَلُّ الاسْتِنْجَاءِ، فَيُعْفَى فِيهِ عَنْ أَثَرِ الاسْتِجْمَارِ بَعْدَ الإِنْقَاءِ وَاسْتِيفَاءِ الْعَدَدِ.
الثَّانِي: أَسْفَلُ الْخُفِّ وَالْحِذَاءِ إِذَا أَصَابَتْهُ نَجَاسَةٌ فَدَلَّكَهَا بِالأَرْضِ حَتَّى زَالَتْ عَيْنُ النَّجَاسَةِ، فَفِيهِ ثَلاثُ رِوَايَاتٍ: إِحْدَاهَا: يُجْزِئُ دَلْكُهُ بِالأَرْضِ، وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ هِيَ الأُولَى كَمَا قَالَ ابْنُ قُدَامَةَ، وَالثَّانِيَةُ: يَجِبُ غَسْلُهُ كَسَائِرِ النَّجَاسَاتِ، وَالثَّالِثَةُ: يَجِبُ غَسْلُهُ مِنَ الْبَوْلِ وَالْعَذِرَةِ دُونَ غَيْرِهِمَا.
الثَّالِثُ: إِذَا جَبَّرَ عَظْمَهُ بِعَظْمٍ نَجِسٍ فَانْجَبَرَ لَمْ يَلْزَمْهُ قَلْعُهُ إِذَا خَافَ الضَّرَرَ، لأَنَّهَا نَجَاسَةٌ بَاطِنَةٌ يَتَضَرَّرُ بِإِزَالَتِهَا، فَأَشْبَهَتْ دِمَاءَ الْعُرُوقِ.
وَيُعْفَى عَنْ يَسِيرِ دَمٍ وَقَيْحٍ وَصَدِيدٍ، وَالْيَسِيرُ مَا يَعُدُّهُ الإِنْسَانُ فِي نَفْسِهِ يَسِيرًا، وَإِنَّمَا يُعْفَى عَنِ الْيَسِيرِ إِذَا أَصَابَ غَيْرَ مَائِعٍ وَمَطْعُومٍ.
وَمِمَّا يُعْفَى عَنْهُ يَسِيرُ سَلَسِ بَوْلٍ بَعْدَ تَمَامِ التَّحَفُّظِ لِمَشَقَّةِ التَّحَرُّزِ.
وَمِنْهَا دُخَانُ نَجَاسَةٍ وَغُبَارُهَا وَبُخَارُهَا مَا لَمْ تَظْهَرْ لَهُ صِفَةٌ.
وَمِنْهَا قَلِيلُ مَاءٍ تَنَجَّسَ بِمَعْفُوٍّ عَنْهُ.
وَمِنْهَا النَّجَاسَةُ الَّتِي تُصِيبُ عَيْنَ الإِنْسَانِ وَيَتَضَرَّرُ بِغَسْلِهَا.
وَمِنْهَا الْيَسِيرُ مِنْ طِينِ الشَّارِعِ الَّذِي تَحَقَّقَتْ نَجَاسَتُهُ بِمَا خَالَطَهُ مِنَ النَّجَاسَةِ. (9)
(1)(د) 384 ، (جة) 533
(2)
(جة) 533 ، (د) 384 ، (حم) 27492
(3)
(حم) 27493 ، وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح.
(4)
حاشية ابن عابدين 1/ 210، ومراقي الفلاح ص 84، 85، 188 ـ 190.
(5)
حاشية الدسوقي 1/ 71 ـ 78.
(6)
حاشية الدسوقي 1/ 57، 58.
(7)
حاشية الدسوقي 1/ 74.
(8)
مغني المحتاج 1/ 79 ـ 81، 192، والمنثور في القواعد 3/ 266.
(9)
المغني مع الشرح الكبير 1/ 725 ـ 729، والمغني 1/ 411 ـ 412 ط دار الفكر، وشرح منتهى الإرادات 1/ 102 ـ 103، وكشاف القناع 1/ 192.