الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مِنْ نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ زَوَالُ الْعَقْل
زَوَالُ الْعَقْلِ بِالنَّوْم
(خ م)، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:(بِتُّ لَيْلَةً عِنْدَ خَالَتِي مَيْمُونَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ، فَقُلْتُ لَهَا: إِذَا قَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأَيْقِظِينِي " فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقُمْتُ إِلَى جَنْبِهِ الأَيْسَرِ ، فَأَخَذَ بِيَدِي فَجَعَلَنِي مِنْ شِقِّهِ الأَيْمَنِ ، فَجَعَلْتُ إِذَا أَغْفَيْتُ يَأخُذُ بِشَحْمَةِ أُذُنِي، قَالَ: فَصَلَّى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً)(1) وفي رواية: (فَصَلَّى ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً ثُمَّ نَامَ حَتَّى نَفَخَ - وَكَانَ إِذَا نَامَ نَفَخَ - ثُمَّ أَتَاهُ الْمُؤَذِّنُ فَخَرَجَ فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأ (2) ") (3)
(1)(م) 185 - (763) ، (خ) 666
(2)
هَذَا مِنْ خَصَائِصه صلى الله عليه وسلم أَنَّ نَوْمه مُضْطَجِعًا لَا يَنْقُض الْوُضُوء؛ لِأَنَّ عَيْنَيْهِ تَنَامَانِ وَلَا يَنَام قَلْبه، فَلَوْ خَرَجَ حَدَثٌ لَأَحَسَّ بِهِ ، بِخِلَافِ غَيْره مِنْ النَّاس. شرح النووي على مسلم - (ج 3 / ص 110)
(3)
(خ) 666
(خ م)، عَنْ حُمَيْدٍ قَالَ:(سَأَلْتُ ثَابِتًا الْبُنَانِيَّ عن الرَّجُلِ يَتَكَلَّمُ بَعْدَ مَا تُقَامُ الصَلَاةُ ، فَحَدَّثَنِي عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ:)(1)(أُقِيمَتْ صَلَاةُ الْعِشَاءِ ، فَقَالَ رَجُلٌ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: لِي حَاجَةٌ ، " فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُنَاجِيهِ)(2)(فِي جَانِبِ الْمَسْجِدِ)(3)(فَمَا زَالَ يُنَاجِيهِ حَتَّى نَامَ أَصْحَابُهُ ، ثُمَّ جَاءَ فَصَلَّى بِهِمْ (4) ") (5)
(1)(خ) 617
(2)
(م) 126 - (376)
(3)
(خ) 616
(4)
فِي الْحَدِيثِ جَوَاز الْكَلَام بَعْد إِقَامَة الصَّلَاة لَا سِيَّمَا فِي الْأُمُور الْمُهِمَّة، وَلَكِنَّهُ مَكْرُوه فِي غَيْر الْمُهِمّ ، وَفِيهِ تَقْدِيم الْأَهَمّ فَالْأَهَمّ مِنْ الْأُمُور عِنْد اِزْدِحَامهَا ، فَإِنَّهُ صلى الله عليه وسلم إِنَّمَا نَاجَاهُ بَعْد الْإِقَامَة فِي أَمْر مُهِمّ مِنْ أُمُور الدِّين مَصْلَحَته رَاجِحَة عَلَى تَقْدِيم الصَّلَاة ، وَفِيهِ أَنَّ نَوْم الْجَالِس لَا يَنْقُض الْوُضُوء ، وَهَذِهِ هِيَ الْمَسْأَلَة الْمَقْصُودَة بِهَذَا الْبَاب، وَقَدْ اِخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِيهَا عَلَى مَذَاهِب: أَحَدُهَا أَنَّهُ إِذَا نَامَ جَالِسًا مُمَكِّنًا مَقْعَدَته مِنْ الْأَرْض لَمْ يُنْتَقَض، وَإِلَّا اُنْتُقِضَ ، سَوَاء قَلَّ أَوْ كَثُرَ سَوَاء كَانَ فِي الصَّلَاة أَوْ خَارِجهَا، وَهَذَا مَذْهَب الشَّافِعِيّ، وَعِنْده أَنَّ النَّوْم لَيْسَ حَدَثًا فِي نَفْسه ، وَإِنَّمَا هُوَ دَلِيل عَلَى خُرُوج الرِّيح ، فَإِذَا نَامَ غَيْر مُمَكِّن الْمَقْعَدَة غَلَبَ عَلَى الظَّنّ خُرُوج الرِّيح ، فَجَعَلَ الشَّرْع هَذَا الْغَالِب كَالْمُحَقَّقِ، وَأَمَّا إِذَا كَانَ مُمَكِّنًا فَلَا يَغْلِب عَلَى الظَّنّ الْخُرُوج ، (فَرْع) قَالَ الشَّافِعِيّ وَالْأَصْحَاب: لَا يُنْقَض الْوُضُوء بِالنُّعَاسِ ، وَهُوَ السُّنَّة ، قَالُوا: وَعَلَامَة النَّوْم أَنَّ فِيهِ غَلَبَة عَلَى الْعَقْل وَسُقُوط حَاسَّة الْبَصَر وَغَيْرهَا مِنْ الْحَوَاسّ، وَأَمَّا النُّعَاس فَلَا يَغْلِب عَلَى الْعَقْل ، وَإِنَّمَا تَفْتُر فِيهِ الْحَوَاسّ مِنْ غَيْر سُقُوطهَا ، وَلَوْ شَكَّ هَلْ نَامَ أَمْ نَعَسَ فَلَا وُضُوء عَلَيْهِ، وَيُسْتَحَبّ أَنْ يَتَوَضَّأ ، وَلَوْ تَيَقَّنَ النَّوْم وَشَكَّ هَلْ نَامَ مُمَكِّن الْمَقْعَدَة مِنْ الْأَرْض أَمْ لَا لَمْ يُنْقَض وُضُوءُهُ، وَيُسْتَحَبّ أَنْ يَتَوَضَّأ ، وَلَوْ نَامَ جَالِسًا ثُمَّ زَالَتْ أَلْيَتَاهُ أَوْ إِحْدَاهُمَا عَنْ الْأَرْض فَإِنْ زَالَتْ قَبْل الِانْتِبَاه اُنْتُقِضَ وُضُوءُهُ لِأَنَّهُ مَضَى عَلَيْهِ لَحْظَة وَهُوَ نَائِم غَيْر مُمَكِّن الْمَقْعَدَة، وَإِنْ زَالَتْ بَعْد الِانْتِبَاه أَوْ مَعَهُ أَوْ شَكَّ فِي وَقْت زَوَالهَا لَمْ يُنْتَقَض وُضُوءُهُ وَلَوْ نَامَ مُمَكِّنًا مَقْعَدَته مِنْ الْأَرْض مُسْتَنِدًا إِلَى حَائِط أَوْ غَيْره لَمْ يُنْتَقَض وُضُوءُهُ سَوَاء كَانَتْ بِحَيْثُ لَوْ رَفَعَ الْحَائِط لَسَقَطَ أَوْ لَمْ يَكُنْ ، وَلَوْ نَامَ مُحْتَبِيًا فَإِنْ كَانَ أَلْحَم الْبَدَن بِحَيْثُ يَنْطَبِقَانِ لَمْ يُنْتَقَض. شرح النووي (ج 2 / ص 95)
(5)
(م) 124 - (376) ، (خ) 5934 ، (س) 791 ، (د) 201
(م)، وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ:" كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَنَامُونَ ، ثُمَّ يَقُومُونَ فَيُصَلُّونَ وَلَا يَتَوَضَّئُونَ "(1)
(1)(م) 125 - (376) ، (ت) 518 ، (حم) 13971
(د)، وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ:" كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَنْتَظِرُونَ الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى تَخْفِقَ رُءُوسُهُمْ (1) ثُمَّ يُصَلُّونَ وَلَا يَتَوَضَّئُونَ (2) "(3)
(1) أَيْ: تَسْقُطُ أَذْقَانهمْ عَلَى صُدُورهمْ. عون المعبود - (ج 1 / ص 228)
(2)
قَالَ الْخَطَّابِيُّ: فِي هَذَا الْحَدِيث مِنْ الْفِقْه أَنَّ عَيْن النَّوْم لَيْسَ بِحَدَثٍ ، وَلَوْ كَانَ حَدَثًا لَكَانَ أَيُّ حَال وُجِدَ نَاقِضًا لِلطَّهَارَةِ ، كَسَائِرِ الْأَحْدَاث الَّتِي قَلِيلُهَا وَكَثِيرُهَا وَعَمْدُهَا وَخَطَؤُهَا سَوَاء فِي نَقْضِ الطَّهَارَة، وَإِنَّمَا هُوَ مَظِنَّة لِلْحَدَثِ ، مُوهِم لِوُقُوعِهِ مِنْ النَّائِم غَالِبًا ، فَإِذَا كَانَ بِحَالٍ مِنْ التَّمَاسُك فِي الِاسْتِوَاء فِي الْقُعُود الْمَانِع مِنْ خُرُوج الْحَدَث مِنْهُ ، كَانَ مَحْكُومًا بِبَقَاءِ الطَّهَارَة الْمُتَقَدِّمَة، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ ، بَلْ يَكُون مُضْطَجِعًا أَوْ سَاجِدًا أَوْ قَائِمًا أَوْ مَائِلًا إِلَى أَحَد شِقَّيْهِ أَوْ عَلَى حَالَة يَسْهُل مَعَهَا خُرُوج الْحَدَث مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُر بِذَلِكَ ، كَانَ أَمْره مَحْمُولًا عَلَى أَنَّهُ قَدْ أَحْدَثَ، لِأَنَّهُ قَدْ يَكُون مِنْهُ الْحَدَث فِي تِلْكَ الْحَال غَالِبًا، وَلَوْ كَانَ نَوْم الْقَاعِد نَاقِضًا لِلطَّهَارَةِ لَمْ يَجُزْ عَلَى عَامَّة أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ بَيْن أَظْهُرهمْ ، وَالْوَحْي يَنْزِل عَلَيْهِ أَنْ يُصَلُّوا مُحْدِثِينَ بِحَضْرَتِهِ، فَدَلَّ أَنَّ النَّوْم إِذَا كَانَ بِهَذِهِ الصِّفَة غَيْر نَاقِض لِلطُّهْرِ ، وَفِي قَوْله:(كَانَ أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَنْتَظِرُونَ إِلَخْ) دَلِيل عَلَى أَنَّ ذَلِكَ أَمْر كَانَ يَتَوَاتَر مِنْهُمْ ، وَأَنَّهُ قَدْ كَثُرَ حَتَّى صَارَ كَالْعَادَةِ لَهُمْ ، وَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَادِرًا فِي بَعْض الْأَحْوَال، وَذَلِكَ يُؤَكِّد مَا قُلْنَاهُ مِنْ أَنَّ عَيْن النَّوْم لَيْسَ بِحَدَثٍ. أ. هـ عون المعبود - (ج 1 / ص 228)
(3)
(د) 200 ، (حم) 13528
(يع)، وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَضَعُونَ جُنُوبَهُمْ فَيَنَامُونَ ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَتَوَضَّأ وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَتَوَضَّأ. (1)
(1)(يع) 3199 ، قال الألباني في تمام المنة ص100: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وانظر الإرواء تحت حديث: 114، وقال:(تنبيه): ساق المصنف هذا الحديث للاستدلال به على أن النوم اليسير من جالس وقائم لَا ينقض ،
ولا يخفى أن رواية أبي داود بلفظ " يضعون جنوبهم " تُبْطِل حَمْلَ الحديث على الجالس فضلا عن القائم ،
فلا مناصَّ للمُنْصِف من أحد أمرين: إما القول بأن النوم ناقض مطلقا - وهذا هو الذي نختاره - أو القول بأنه لَا ينقض مطلقا ولو مضطجعا لهذا الحديث ، وحَمْلُهُ على النوم اليسير يُفَنِّدُه ما ذكرناه من هذا اللفظ ، وكذا رواية الدارقطني وغيره بلفظ:" لقد رأيت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يُوقَظُون للصلاة حتى أني لأسمع لأحدهم غطيطا ثم يصلون ولا يتوضؤون " ، وهو صحيح عند أحمد كما بينته هناك أيضا ، والأخذ بهذا الحديث يستلزم رد الأحاديث الموجبة بالقول بالنقض ، وذلك لَا يجوز لاحتمال أن يكون الحديث كان قبل الإيجاب على البراءة الأصلية ،
ثم جاء الأمر بالوضوء منه، والله أعلم. أ. هـ
(جة)، وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " الْعَيْنُ وِكَاءُ السَّهِ (1) فَمَنْ نَامَ فَلْيَتَوَضَّأ (2) "(3)
(1) السَّهِ: اِسْم مِنْ أَسْمَاء الدُّبُر، (وَالْوِكَاء): الَّذِي تُشَدّ بِهِ الْقِرْبَة وَنَحْوهَا مِنْ الْأَوْعِيَة، وَالْمَعْنَى الْيَقَظَة وِكَاء الدُّبُر، أَيْ: حَافِظَة مَا فِيهِ مِنْ الْخُرُوج ، لِأَنَّهُ مَا دَامَ مُسْتَيْقِظًا أَحَسَّ بِمَا يَخْرُج مِنْهُ ، قَالَ اِبْن الْأَثِير: وَمَعْنَاهُ مَنْ كَانَ مُسْتَيْقِظًا كَانَ اِسْته كَالْمَسْدُودَةِ الْمُوكَى عَلَيْهَا، فَإِذَا نَامَ اِنْحَلَّ وِكَاؤُهَا، كَنَّى بِهِ عَنْ الْحَدَث بِخُرُوجِ الرِّيح. عون المعبود (ج1ص231)
(2)
قال الألباني في تمام المنة ص 100: فقد أمر صلى الله عليه وسلم كل نائم أن يتوضأ، ولا يُعَكِّر على عمومه - كما ظن البعض - أن الحديث أشار إلى أن النوم ليس ناقضا في نفسه بل هو مَظِنة خروج شيءٍ من الإنسان في هذه الحالة ، فإنا نقول: لَمَّا كان الأمر كذلك ، أمر صلى الله عليه وسلم كل نائم أن يتوضأ ولو كان متمكنا ، لأنه صلى الله عليه وسلم أخبر أن العينين وكاء السَّهْ ، فإذا نامت العينان انطلق الوكاء ، والمتمكن نائم فقد ينطلق وكاؤه ولو في بعض الأحوال ، كأن يميل يمينا أو يسارا ، فاقتضت الحكمة أن يؤمر بالوضوء كُلُّ نائم، والله أعلم ، وما اخترناه هو مذهب ابن حزم ، وهو الذي مال إليه أبو عبيد القاسم بن سلام في قصة طريفة حكاها عنه ابن عبد البر في " شرح الموطأ " (1/ 117 / 2) قال: " كنت أفتي أن من نام جالسا لَا وضوء عليه ، حتى قعد إلى جنبي رجل يوم الجمعة فنام ، فخرجت منه ريح ، فقلت: قم فتوضأ، فقال: لم أنم، فقلت: بلى وقد خرجت منك ريح تنقض الوضوء ، فجعل يحلف بالله ما كان ذلك منه ، وقال لي: بل منك خرجت ، فزايلت ما كنت أعتقد في نوم الجالس ، وراعيت غلبة النوم ومخالطته القلب ،
(فائدة هامة): قال الخطابي في " غريب الحديث "(ق 32/ 2): " وحقيقة النوم هو الغشية الثقيلة التي تهجم على القلب فتقطعه عن معرفة الأمور الظاهرة، و (الناعس): هو الذي رَهِقَه ثِقَلٌ فقطعه عن معرفة الأحوال الباطنة " ، وبمعرفة هذه الحقيقة من الفرق بين النوم والنعاس تزول إشكالات كثيرة ، ويتأكد القول بأن النوم ناقض مطلقا. أ. هـ
(3)
(جة) 477 ، (د) 203 ، (هق) 575 ، وحسنه الألباني في الإرواء: 113