الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب القسامة
…
باب ماجاء في القسامة
إذا كان القاتل من جماعة محصورين ثبتت وهي خمسون يمينا يختارهم ولي القتيل والدية إن نكلوا عليهم وإن حلفوا سقطت وإن التبس الأمر كانت من بيت المال.
أقول: أما كون القسامة خمسين يمينا فلقوله صلى الله عليه وسلم: "فتبرئكم يهود بخمسين يمينا" وهو في الصحيحين من حديث سهل بن أبي حثمة.
وأما كون الدية إن نكلوا عليهم وإن حلفوا فما أخرجه مسلم رحمه الله تعالى وغيره من حديث أبي سلمة بن عبد الرحمن وسليمان عن يسار عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم أقر القسامة على ما كانت عليه في الجاهليه وقد ثبت أنهم في الجاهلية كانوا يخيرون المدعى عليهم بين أن يحلفوا خمسين يمينا أو يسلموا الدية كما في القسامة التي كانت في بني هاشم كما أخرجة البخاري والنسائي من حديث ابن عباس وهي قصة طويلة وفيها أن القاتل كان معينا وأن أبا طالب قال له: اختر منا إحدى ثلاث إن شئت أن تؤدي مائة من الإبل فإنك قتلت صاحبنا وإن شئت حلف خمسون من قومك أنك لم تقتله فإن أبيت قتلناك به فأتى قومه فأخبرهم فقالوا نحلف فأتته امرأة من بني هاشم كانت تحت رجل منهم كانت قد ولدت منه فقالت: يا أبا طالب أحب أن تجير ابني هذا الرجل من الخمسين ولا تصبر يمينه حيث تصبر الأيمان ففعل فأتاه رجل منهم فقال: يا أبا طالب أردت خمسين أن يحلفوا مكان مائة من الإبل فيصيب كل رجل منهم بعيران إن هذان البعيران فاقبلهما مني ولا
تصبر يميني حيث تصبر الأيمان فقبلها وجاء ثمانية وأربعون فحلفوا قال ابن عباس: فوالذي نفسى بيده ما حال الحول ومن الثمانية والأربعين عين تطرف.
وأما كون الديه مع التباس الأمر تكون من بيت فلحديث سهل بن أبي حثمه قال: انطلق عبد الله بن سهل ومحيص بن مسعود إلى خبير وهو يومئذ صلح فتفرقا فأتى محيصه إلى عبد الله بن سهل وهو يتشحط في دمه قتيلا فدفنه ثم قدم المدينه فانطلق عبد الرحمن بن سهل وحويصة ومحيصة ابنا مسعود إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذهب عبد الرحمن يتكلم فقال: "كبر كبر" وهو أحدث القوم فسكت فتكلما فقال: "أتحلفون وتستحقون قاتلكم أو صاحبكم"؟ فقالوا وكيف نحلف ولم نشهد ولم نر؟ قال: "فتبرئكم يهود بخمسين يمينا"؟ فقالوا كيف نأخذ أيمان قوم كفار؟ فعقله النبي صلى الله عليه وسلم من عنده وهو في الصحيحين وغيرهما وفي لفظ فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبطل دمه فوداه بمائة من إبل الصدقة وقد اختلف أهل العلم في كيفية القسامة اختلافا كثيرا وما ذكرناه هو أقرب إلى الحق وأوفق لقواعد الشريعة المطهرة وقد وقع في رواية من حديث سهل المذكور أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يقسم خمسون منكم على رجل منهم فيدفع برمتة" فقالوا: أمر لم نشهده كيف نحلف. وقد أخرج أحمد والبيهقي عن أبي سعيد قال: وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم قتيلا بين قريتين فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فذرع ما بينهما فوجد أقرب إلى أحد الجانبين بشبر فألقى ديته عليهم قال: البهيقي تفرد به أبو إسرائيل عن عطية ولا يحتج بهما وقال العقلي: هذا الحديث ليس له أصل وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبه والبهيقي عن الشعبي أن قتيلا وجد بين وداعة وشاكر فأمرهم عمر ابن الخطاب أن يقيسوا ما بينهما فوجدوه إلى وداعة أقرب وأحلفهم خمسين يمينا كل رجل ما قتله ولا علمت قاتلا ثم أغرمهم الدية فقالوا: يا أمير المؤمنين لا أيماننا دفعت عن أموالنا ولا أموالنا دفعت عن أيماننا فقال: عمر كذلك الحق وأخرج نحوه الدارقطني والبهيقي عن سعيد ابن المسيب وفيه أن عمر قال: إنما قضيت عليكم بقضاء نبيكم صلى الله عليه وسلم قال:
البهيقي رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم منكرا وفيه عمر بن صبيح أجمعوا على تركه وقال الشافعي: ليس بثابت إنما رواه الشعبي عن الحارث الأعور وهذا لا تقوم به حجة لضعف إسناده على فرض رفعة وأما مع عدم الرفع فليس في ذلك حجة ورد بإسناد صحيح أو غير صحيح فالرجوع إلى قسامة الجاهلية التي قررها النبي صلى الله عليه وسلم هو الصواب وقد تقدم ذكرها وقد أخرج أبو داود من حديث أبي سلمه ابن عبد الرحمن وسليمان بن يسار عن رجل من الأنصار أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لليهود وبدأ بهم: "يحلف منكم خمسون رجلا" فأبوا فقال: للأنصار: " استحلفوا" فقالوا: نحلف على الغيب يا رسول الله؟ فجعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم دية على اليهود لأنه وجد بين أظهرهم وهذا إذا صح لا يخالف ما ذكرناه من وجوب الدية على المتهمين إذا لم يحلفوا ولكن مخالف لما ثبت في الصحيحين إن كانت هذه القصة هي تلك القصة وقد قال: بعض أهل العلم إن هذا الحديث ضعيف لا يلتفت إليه.