الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب الوديعة والعارية
يجب على الوديع والمستعير تأدية الأمانة إلى من أئتمنه ولايخن من خانه ولاضمان عليه إذا تلفت بدون جنايته وخيانته ولايجوز منع الماعون كالدلو والقدر وإطراق الفحل وحلب المواشي لمن يحتاج ذلك والحمل عليها في سبيل الله.
أقول: أما كونه يجب على كل واحد منهما تأدية المانة فلقول الله تعالى {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء:58] ولقوله صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك" أخرجه أبو داود والترمذي وحسنه والحاكم وصححه من حديث أبي هريرة وفي إسناده طلق بن غنام عن شريك وقد استشهد له الحاكم بحديث أبي التياح عن أنس وفي إسناده أيوب بن سويد وهو مختلف فيه وقد تفرد به كما قال: الطبراني وأخرجه ابن الجوزي في العلل المتناهية من حديث أبي بن كعب وفي إسناده من لا يعرف وأخرجه أيضا الدارقطني عنه وأخرجه البيهقي والطبراني عن أبي أمامة بسند ضعيف وأخرجه الدارقطني والطبراني وأبو نعيم من حديث أنس وأخرجه أحمد وأبوداود والبيهقي عن رجل من الصحابة وفي إسناده مجهول غير الصحابي.
وأما كونه لا ضمان إذا تلفت العين المستعارة والمستودعة فلحديث عمرو ابن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا ضمان على مؤتمن" أخرجه الدارقطني وفي إسناده ضعف وقد وقع الإجماع على أن الوديع لا يضمن إلا لجناية على العين لما أخرجه الدارقطني في الحديث السابق من طريق أخرى بلفظ "ليس على المستعير غير المغل ضمان ولا المستودع غير المغل ضمان" والمغل هو الخائن والجاني خائن وأما المستعير فقد ذهب إلى أنه لا يضمن إلا لجناية أو خيانة العترة والحنفية والمالكية وحكى في الفتح عن الجمهور أن
المستعير يضمنها إذا تلفت في يده إلا إذا كان التلف على الوجه المأذون فيه وأخرج أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه والحاكم وصححه من حديث الحسن عن سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "على اليد ما أخذت حتى تؤديه" وفي سماع الحسن من سمرة مقال: مشهور وأخرج أحمد وأبو داود والنسائي والحاكم من حديث صفوان بن أمية أن النبي صلى الله عليه وسلم استعار منه يوم حنين أدرعا فقال: أغصبا يا محمد قال: " بل عارية مضمونة".
وأما كونه لا يجوز منع الماعون كالدلو والقدر فلحديث ابن مسعود قال: "كنا نعد الماعون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم عارية الدلو والقدر" أخرجه أبوداود وحسنه المنذري وروى عن ابن مسعود وابن عباس أنهما فسرا قوله تعالى: {وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} [الماعون:7] أنه متاع البيت الذي يتعاطاه الناس بينهم من الفأس والدلو والحبل الماعون الزكاة.
وأما كونه لا يجوز منع إطراق الفحل وحلب المواشي والحمل عليها في سبيل الله فلما أخرجه مسلم رحمه الله وغيره من حديث جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم صلى قال: "ما من صاحب إبل ولا بقر ولا غنم لا يؤدي حقها إلا أقعد لها يوم القيامة بقاع قرقرة تطؤه ذات الظلف بظلفها وتنطحه ذات القرن بقرنها قلنا يارسول الله وما حقها؟ قال: " إطراق فحلها وإعارة دلوها ومنحتها وحلبها على الماء وحمل عليها في سبيل الله" والمراد باطراق فحلها عاريته من يحتاج أن يطرق به ماشيته والمراد بمنحتها أن يعطي المحتاج لينتفع بحلبها ثم يزدها وأما الحمل عليها في سبيل الله فإذا طلب ذلك من لا ماشية له من صاحب المواشي التي فيها زيادة على حاجته.