الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الذبح
هو ما أنهر الدم وفرى الأدواج وذكر اسم الله عليه ولو بحجر أو نحوه ما لم يكن سنا أو ظفرا ويحرم تعذيب الذبيحة والمثل بها وذبحها لغير الله وإذا تعذر الذبح بوجه جاز الطعن والرمي وكان ذلك كالذبح وذكاة الجنين ذكاة أمه وما أبين من الحي فهو ميتة ويحل ميتتان ودمان السمك والجراد والكبد والطحال وتحل الميتة للمضطر.
أقول: أما كون الذبح ما أنهر الدم إلخ فلحديث رافع بن خديج في الصحيحين وغيرهما قال: قلت يا رسول الله إنا نلقى العدو غدا وليس معنا مدى فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكلوا ما لم يكن سنا أو ظفرا وسأحدثكم عن ذلك أما السن فعظم وأما الظفر فمدى الحبشة" وأخرج أبو داود من حديث ابن عباس وأبي هريرة قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شريطة الشيطان وهي التي تذبح فيقطع الجلد ولا تفري الآوداج" وفي إسناده عمر بن عبد الله الصنعاني وهو ضعيف وأخرج أحمد والبخارى من حديث كعب بن مالك أنها كانت لهم غنم ترعى بسلع فبصرت جارية لنا بشاة من غنمنا موتا فكسرت حجرا فذبحتها فقال: لهم لا تأكلوا حتى أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أرسل إليه من يسأله عن ذلك وأنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أرسل إليه فأمره بأكلها" وأخرج أحمد والنسائي وابن ماجه من حديث زيد بن ثابت أن ذئبا نيب شاة فذبحوها بمروره فرخص لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في أكلها" وأخرج أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه والحاكم وابن حبان من حديث عدي بن حاتم قال: قلت يا رسول الله إنا نصيد الصيد فلا نجد سكينا إلا الظرار وشقة العصا فقال: صلى الله عليه وسلم أمر الدم بما شئت واذكر اسم الله"
والظرار الحجر أو المدر وأخرج البخارى وغيره من حديث عائشة أن قوما قالوا يا رسول الله إن قوما يأتوننا باللحم لا ندرى أذكر اسم الله عليه أم لا فقال: "سموا عليه أنتم وكلوا" قالت: وكانوا حديثي عهد بكفر" وهذا لا ينافى وجوب التسمية على الذابح بل فيه الترخيص لغير الذابح إذا شك في اللحم هل ذكر اسم الله عليه عند الذبح أم لا؟ فإنه يجوز له أن يسمي ويأكل.
وأما كونه يحرم تعذيب الذبيحة فلحديث شداد بن أوس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته" أخرجه أحمد ومسلم والنسائي وابن ماجه من حديث ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أن تحد الشفار وأن توار ى عن البهائم وقال: إذا ذبح أحدكم فليجهز" وفي إسناده بن لهيعة وفيه مقال: معروف.
وأما تحريم المثلة فلما ورد في تحريمها من الأحاديث الثابتة في الصحيح وغيره وهى عامة.
وأما تحريم ذبحها لغير الله فلما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم من "لعن من ذبح لغير الله" كما في حديث مسلم رحمه الله تعالى وغيره ولقوله تعالى {وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ} [البقرة:173] وكان أهل الجاهلية يتقربون إلى الأصنام والنجوم بالذبح لأجلهم إما بالإهلال عند الذبح بأسمائهم وأما بالذبح على الأنصاب المخصوصة لهم فنهوا عن ذلك وهذا أحد مظان الشرك.
وأما جواز الطعن والرمي إذا تعذر الذبح فلحديث أبي العشراء عن أبيه قال: "قلت يا رسول الله أما تكون الذكاة إلا في الحلق واللبة قال: "لو طعنت في فخذها لأجزاك" أخرجه أحمد وأهل السنن وفي إسناده مجهولون وأبو العشراء لا يعرف من أبوه ولم يروعنه غير حماد بن سلمة فهو مجهول لا تقوم الحجة بروايته والذى يصلح للاستدلال به حديث رافع بن خديج في الصجيجين وغيرهما قال: "كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فند بعير من إبل القوم ولم
يكن معهم خيل فرماه رجل بسهم فحبسه فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لهذه البهائم أوابد كأوابد الوحش فما فعل منها هذا فافعلوا به هكذا.
وأما كون ذكاة الجنين ذكاة أمه فلحديث أبي سعيد عند أحمد وابن ماجه وأبي داود والترمذي والدارقطنى وابن حبان وصححه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "في الجنين ذكاته ذكاة امه" وللحديث طرق يقوى بعضها بعضا وفي الباب أحاديث عن جماعة من الصحابة تشهد له.
وأما كون ما أبين من الحي فهو ميتة فلحديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما قطع من بهيمة وهي حية فما قطع منها فهو ميتة" أخرجه ابن ماجه والبزار والطبراني وقد قيل أنه مرسل وأخرج أحمد والترمذي وأبو داود والدارمي والحاكم من حديث أبي واقد الليثي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"ما قطع من البهيمة وهي حية فهو ميتة" وأخرج ابن ماجه والطبراني وابن عدي نحوه من حديث تميم الدارى. وأما كونه يحل ميتتان ودمان فلحديث ابن عمر عن أحمد وابن ماجه والدارقطني والشافعي والبيهقى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أحل لنا ميتتان ودمان فأما الميتتان فالحوت والجراد وأما الدمان فالكبد والطحال" وفي إسناده عبد الرحمن بن زيد بن أسلم وهو ضعيف وفي الصحيحين وغيرهما من حديث ابن أبي أوفى قال: "غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سبع غزوات نأكل الجراد" وفيهما ايضا من حديث جابر "أن البحر ألقى حوتا ميتا فأكل منه الجيش فلما قدموا قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: كلوا رزقا أخرج الله لكم أطعمونا منه إن كان معكم فأتاه بعضهم بشيء" وفي البخارى عن عمر قوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ} [المائدة:96] قال: "صيده ما أصطيد وطعامه ما رمي به" وفيه عن ابن عباس "كل من صيد البحر صيد يهودي أو نصراني أو مجوسي انتهى" وإلى هذا ذهب الجمهور فقالوا: ميتة البحر حلال سواء ماتت بنفسها أو
بالصطياد وذهب الحنفية والهدوية إلى أنه لا يحل إلا ما مات بسبب آدمى أو بإلقاء الماء له أو جزره عنه وفكلوه وأما ما مات فيه فطفا فلا تاكلوه" وفي إسناده يحيى بن سليم وهو ضعيف الحفظ وقد روى من غير هذا الوجه وفيه ضعف.
وأما كونها تحل الميتة للمضطر فلقوله تعالى: {إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ} [الأنعام:119] وقد ثبت تحليل الميتة عند الجوع من حديث أبي واقد الليثي عن أحمد والطبراني برجال ثقات ومن حديث جابر ابن سمرة عند أحمد وأبي داود بإسناد لا مطعن فيه ومن حديث الفجيع العامري عن أبي داود وقد اختلف في المقدار الذى يحل تناوله وظاهر الآية أنه يحل ما يدفع الضرر لأن من اندفعت ضرورته فليس بمضطر.