المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كتاب الهدايا يشرع فبولها ومكافأة عليها وتجوز بين المسلم والكافر ويحرم - الدراري المضية شرح الدرر البهية - جـ ٢

[الشوكاني]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الثاني

- ‌كتاب الزكاة

- ‌باب زكاة الحيوان

- ‌مدخل

- ‌فصل في زكاة الإبل

- ‌فصل في زكاة البقر

- ‌فصل في زكاة الغنم

- ‌فصل ولا يجمع بين متفرق من الأنعام

- ‌باب زكاة الذهب والفضة

- ‌باب زكاة النبات

- ‌باب مصارف الزكاة

- ‌باب صدقة الفطر

- ‌كتاب الخمس

- ‌كتاب الصيام

- ‌صيام رمضان

- ‌مدخل

- ‌فصل في ذكر مبطلات الصوم

- ‌فصل في وجوب القضاء ورخصة الفطر للمسافر

- ‌باب صوم التطوع

- ‌باب الاعتكاف

- ‌كتاب‌‌ الحج

- ‌ الحج

- ‌مدخل

- ‌فصل في وجوب تعيين الحج بالنية

- ‌فصل في محظورات الإحرام

- ‌فصل في ما يجب عمله أثناء الطواف

- ‌فصل في وجوب السعي بين الصفا والمروة

- ‌فصل في بيان مناسك الحج

- ‌فصل في بيان أفضل أنواع الهدي

- ‌باب العمرة المفردة

- ‌كتاب النكاح

- ‌مشروعيته

- ‌فصل في بيان أن نكاح المتعة منسوخ والتحليل حرام

- ‌فصل في بيان وجوب المهر وكراهة المغالاة فيه

- ‌فصل: والولد للفراش ولا عبرة بشبهه بغير صاحبه

-

- ‌كتاب‌‌ الطلاق

- ‌ الطلاق

- ‌فصل في بيان أنه إذا طلق الرجل امرأته فهو أحق برجعتها

- ‌باب الخلع

- ‌باب الايلاء

- ‌باب‌‌ الظهار

- ‌ الظهار

- ‌فصل في اللعان

- ‌باب‌‌ العدة والإحداد

- ‌ العدة والإحداد

- ‌فصل في الترهيب في وطء السبايا

- ‌باب ما جاء في النفقة

- ‌باب ما جاء في الرضاع

- ‌باب الحضانة

- ‌كتاب‌‌ البيع

- ‌ البيع

- ‌باب ما جاء في الربا

- ‌باب الخيارات

- ‌باب السلم

- ‌باب القرض

- ‌كتاب الشفعة

- ‌كتاب‌‌ الإجارة

- ‌ الإجارة

- ‌باب ما جاء في الإحياء والأقطاع

- ‌كتاب الشركة

- ‌كتاب الرهن

- ‌كتاب الوديعة والعارية

- ‌كتاب الغصب

- ‌كتاب العتق

- ‌كتاب الوقف

- ‌كتاب الهدايا

- ‌كتاب الهبات

- ‌كتاب الأيمان

- ‌كتاب النذر

- ‌كتاب الأطعمة

- ‌مدخل

- ‌باب ما جاء في الصيد

- ‌باب الذبح

- ‌باب ما جاء في الضيافة

- ‌باب آداب الأكل

- ‌كتاب الأشربة

- ‌كتاب اللباس

- ‌كتاب‌‌ الأضحية

- ‌ الأضحية

- ‌باب الوليمة

- ‌فصل ماجاء في العقيقة

- ‌كتاب الطب

- ‌كتاب الوكالة

- ‌كتاب الضمانة

- ‌كتاب الصلح

- ‌كتاب الحوالة

- ‌كتاب المفلس

- ‌كتاب اللقطة

- ‌كتاب القضاء

- ‌كتاب الخصومة

- ‌كتاب الحدود

- ‌باب حد الزنى

- ‌باب ما جاء حد السرقة

- ‌باب حد القذف

- ‌باب ما جاء في حد المحارب

- ‌باب من يستحق القتل حدا

- ‌كتاب القصاص

- ‌كتاب الديات

- ‌مقدار الدية

- ‌باب القسامة

- ‌كتاب الوصية

- ‌كتاب المواريث

- ‌كتاب الجهاد والسير

- ‌مدخل

- ‌فصل في تقسيم الغنائم

- ‌فصل في استرقاق العرب وعدمه

- ‌فصل في قتال البغاة حتى يعودوا إلى الحق

- ‌فصل في وجوب طاعة الإمام

الفصل: ‌ ‌كتاب الهدايا يشرع فبولها ومكافأة عليها وتجوز بين المسلم والكافر ويحرم

‌كتاب الهدايا

يشرع فبولها ومكافأة عليها وتجوز بين المسلم والكافر ويحرم الرجوع فيها وتجب التسوية بين الأولاد والرد لغير مانع شرعي مكروه.

أقول: أما كونه يشرع قبولها فلحديث أبي هريرة عند البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لو دعيت إلى كراع أو ذارع لأجبت ولو أهدي إلى كراع أو ذارع لقبلت" وأخرج أحمد والترمذي وصححه نحوه من حديث أنس وأخرج الطبراني من حديث أم حكيم الخزاعية قالت: "قلت يا رسول الله تكره رد اللطف قال: "ما أقبحه لو أهدي إلي كراع لقبلته" وأخرج أحمد برجال الصحيح من حديث خالد بن عدي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من جاءه من أخيه معروف من غير إشراف ولا مسألة فليقبله ولا يرده فإنما هو رزق ساقه الله إليه" وأخرج البخاري وغيره من حديث عائشة قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقبل الهدية ويثيب عليها" والأحاديث في قبوله الهدية والمكافأة عليها كثيرة وذلك معلوم منه صلى الله عليه وسلم.

وأما كونها تجوز بين المسلم والكافر فلأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل هدايا الكفار ويهدي لهم كما أخرجه أحمد والترمذي والبزار من حديث علي قال: "أهدى كسرى لرسول الله فقبل منه وأهدى له قيصر فقبل وأهدت له الملوك فقبل منها" وأخرج أبو داود من حديث بلال أنه أهدي إلى النبي صلى الله عليه وسلم عظم فدك" وفي الصحيحين من حديث أنس أن أكيدر دومة أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم جبة سندس" وأخرج أبو داود من حديثه أن ملك الروم أهدى إلى النبي صلى الله عليه وسلم مشتقة سندس فلبسها" وفيهما أيضا من حديث علي رضي الله عنه أن أكيدر دومة الجندل أهدى إلى النبي صلى الله عليه وسلم ثوب حرير فأعطاه عليا فقال: " شققه خمرا بين الفواطم" وأخرج البخاري من حديث أسماء بنت أبي بكر قالت: أتتنى أمي راغبة في عهد قريش وهي مشركة فسألت النبي صلى الله عليه وسلم أصلها؟

ص: 302

قال: "نعم" قال: ابن عيينة فأنزل الله تعالى فيها: {لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ} [الممتحنة:8] وقد أخرج أحمد والطبراني من حديث أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: إني قد أهديت إلى النجاشى حلة وأوقي من مسك ولا أرى النجاشي إلا قد مات ولا أرى هديتي إلا مردودة فإن ردت إلي فهي لك" وفي إسناده مسلم بن خالد الزنجي وثقه بن معين وغيره وضعفه جماعة والأحاديث في قبوله صلى الله عليه وسلم لهدايا الكفار كثيرة جدا.

وأما ما أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي وابن خزيمة وصححاه من حديث عياض بن حماد أنه أهدي للنبي صلى الله عليه وسلم هدية أو ناقة فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أسلمت قال: لا قال: إني نهيت عن زبد المشركين" وأخرج موسى بن عقبة في المغازي عن عبد الرحمن ابن كعب بن مالك أن عامر بن مالك الذي يقال له ملاعب الأسنة قدم على النبي صلى الله عليه وسلم وأهدى له فقال: "إني لا أقبل هدية مشرك" قال: في الفتح ورجاله ثقات إلا أنه مرسل وقال: الخطابي يشبه أن يكون هذا الحديث منسوخا وقيل إنما رد ذلك إليهم لقصد الإغاظة أو لئلا يميل إليهم ولا يجوز الميل إلى المشركين1، وأما قبوله لهدية من تقدم ذكره فهي لكونهم قد صاروا من أهل الكتاب وقيل إن الرد في حق من يريد بهديته التوود والمولاة والقبول في حق من يرجى لك تأنيسه وتأليفه ويمكن أن يكون النهي لمجرد الكراهة التي لا تنافي الحواز جمعا بين الأدلة وزبد المشركين هم بفتح الزاي وسكون الموحدة بعدها دال مهملة قال: في الفاتح هو الرفد انتهي.

وأما كونه يكره الرجوع فيها فلكون الهدية هي هبة لغة وشرعا وقد ورد في ذلك حديث ابن عباس عند البخاري وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "العائد في هبته كالعائد يعود في قيئه" وهو في مسلم أيضا وفي لفظ للبخاري "ليس لنا مثل السوء" وأخرج أحمد وأهل السنن وصححه الترمذي وابن حبان،

1 أو ليحملهم بذلك على المسارعة إلى الإسلام اهـ. لمحرره.

ص: 303

والحاكم من حديث ابن عمر وابن عباس رفعاه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يحل للرجل أن يعطي العطية فيرجع فيها إلا الوالد فيما يعطي ولده ومثل الرجل يعطي العطية ثم يرجع فيها كمثل الكلب أكل أكل حتى إذا شبع قاء ثم رجع في قيئه" وقد دل قوله: لا يحل على تحريم الرجوع من غير نظر إلى التمثيل الذي وقع الخلاف فيه هل يدل على الكراهة أو على التحريم وقد ذهب إلى التحريم جمهور العلماء إلا هبة الوالد لولده كذا قال: في الفتح.

وأما كونها تجب التسوية بين الأولاد فلحديث جابر عند مسلم وغيره قال: "قالت امرأة بشير انحل ابنى غلاما وأشهد لي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: إن ابنة فلان سألتني أن أنحل ابنها غلامي فقال: "له إخوة؟ " قال: نعم قال: "فكلهم أعطيت مثل ما أعطيته"؟ قال: لا قال: "فليس يصلح هذا وإني لا أشهد إلا على الحق" وفي لفظ لأحمد من حديث النعمان ابن بشير "لا تشهدني على جور وإن لبنيك عليك حق أن تعدل بينهم" وفي الصحيحين من حديثه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: له "أكل ولدك نحلته مثل هذا" فقال: لا فقال: " فأرجعه" وفي لفظ لمسلم من حديثه قال: "اتقوا الله واعدلوا في أولادكم فرجع أبي في تلك الصدقة" وكذا البخاري ولكنه بلفظ العطية وأخرج أحمد وأبو داود والنسائي من حديثه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اعدلوا بين أبنائكم اعدلوا بين أبنائكم اعدلوا بين أبنائكم" وأخرج الطبراني والبيهقي وسعيد بن منصور من حديث ابن عباس بلفظ: "سووا يبن أولادكم في العطية ولو كنت مفضلا أحدا لفضلت النساء" وفي إسناده سعيد بن يوسف وفيه ضعف وقد حسن في الفتح إسناده وهذه الأحاديث تدل على وجوب التسوية وأن التفضيل باطل جور يجب على فاعله استرجاعه وبه قال: طاوس والثورى وأحمد وإسحاق وبعض المالكية وذهب الجمهور إلى أن التسوية مستحبة فقط وأجابوا عن الأحاديث بما لا ينبغي الالتفات إليه.

وأما كون الرد لغير مانع شرعي مكروه فلما قدمنا في أول البحث من الأدلة فإن كان ثم مانع شرعي من قبول الهدية لم يحل قبولها وذلك كالهدايا

ص: 304

لأهل الولايات توصلا إلى أن يميلوا مع المهدي فإن ذلك رشوة وستأتي الأدلة على تحريمها وقد ورد في هدايا الأمراء مايفيد أنها لا تحل وسيأتي الكلام على طرق حديث هدايا الأمراء في كتاب القضاء والعلة أنها تئول إلى الرشوة إما في الحكم أو في شيء مما يجب قيام الأمراء به ومن ذلك الهدية إلى من يعلم المهدي القرآن وقد تقدم الدليل على ذلك في الإجارات وهكذا حلوان الكاهن ومهر البغي ونحوهما ومن ذلك الهدية لمن يقضي للمهدي حاجة لحديث أبي إمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من شفع لأخيه شفاعة فأهدي له هدية عليها فقبلها فقد أتى بابا عظيما من أبواب الربا" أخرجه أبو دواد من طريق القاسم ابن عبد الرحمن الأموي مولاهم الشامي وفيه مقال: وبالجملة فكل مانع شرعي قام الدليل على مانعيته من قبول الهدية له حكم ما ذكرناه.

ص: 305