الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب الديات
مقدار الدية
…
كتاب الديات
دية الرجل المسلم مائة من الإبل أو مائتا بقرة أو ألفا شاة أو ألف دينار أو اثنا عشر ألف درهم أو مائتا حلة وتغلظ دية العمد وشبهه بأن يكون المائة من الإبل في بطون أربعين منها أولادها ودية الذمي نصف دية المسلم ودية المرأة نصف دية الرجل والأطراف وغيرها كذلك في الزائد على الثلث وتجب الدية كاملة في العينين والشفتين واليدين والرجلين والبيضتين وفي الواحدة منها نصفها وكذلك تجب كاملة في الأنف واللسان والذكر والصلب وأرش المأمومة والجائفة ثلث دية المجني عليه وفي المنقلة عشر الدية ونصف عشرها وفي الهاشمة عشرها وفي كل سن نصف عشرها وكذا في الموضحة وما عدا هذه المسماة فيكون أرشه بمقدار نسبته إلى إحدها تقريبا وفي الجنين إذا خرج ميتا الغرة وفي العبد قيمته وأرشه بحبسها.
أقول: أما تقدير الدية بما ذكر فلحديث عطاء بن أبي رباح عن النبي صلى الله عليه وسلم وفي رواية عطاء عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدية على أهل الإبل مائة من الإبل وعلى أهل البقر مائتي بقرة وعلى أهل الشاة ألفي شاة وعلى أهل الحلل مائتي حلة رواه أبو داو د مسندا ومرسلا وفيه عنعنة محمد بن إسحاق وأخرج أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن من كان عقله في البقر مائتي بقرة ومن كان عقله في الشاء ألفي شاة وفي إسناده محمد بن راشد الدمشقي المكحولي وقد تكلم فيه غير واحد ووثقه جماعة وفي حديث عمرو بن حزم أن في النفس الدية مائة من الإبل وقد تقدم تخرجه في قتل الرجل بالمرأة وفيه أيضا وعلى أهل الذهب ألف دينار وأخرج أبو
داود من حديث ابن عباس أن رجلا من بنى عدى قتل فجعل النبي صلى الله عليه وسلم ديته اثنى عشر ألفا وأخرجه الترمذي مرفوعا ومرسلا وأخرج أبو داود من حديث عمرو بن شعيب تعن أبيه عن جده قال: كانت قيمة الدية على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانمائة دينار أو ثمانية آلاف درهم ودية أهل الكتاب على النصف من دية المسلمين قال: كان كذلك حتى استخلف عمر فقام خطيبا فقال: ألا إن الإبل قد غلت قال: ففرضها عمر على أهل الذهب ألف دينار وعلى أهل الورق اثنى عشر ألفا وعلى أهل البقر مائتى بقرة وعلى أهل الشاء ألفي شاة وعلى أهل الحلل مائتي حلة ولا يخفى أن هذا لا يعارض ما تقدم فقد وقع التصريح فيه برفع ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقد اختلف أهل العلم في مقادير الدية والحق ما ثبت من تقدير الشارع كما ذكرناه.
وأما كونها تغلظ دية العمد وشبهه أن يكون المائة من الإبل في بطون أربعين منها أولادها فلحديث عقبة بن أوس عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب يوم فتح مكة فقال: "ألا وإن قتيل خطأ العمد بالسوط والعصا والحجر فيه دية مغلظة مائة من الإبل منها أربعون من ثنية إلى بازل عامها كلهن خلفة" أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه والبخاري في تاريخه وساق اختلاف الرواة فيه وأخرجه لأيضا الدارقطني وأخرج أحمد وأبو داود من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "عقل شبه العمد مغلظ كالعمد ولا يقتل صاحبه وذلك أن ينزو الشيطان بين الناس فيكون دما في غير ضغينة ولا حمل سلاح" وأخرج أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه والبخاري في التاريخ والدارقطني من حديث عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ألا إن قتيل الخطأ شبه العمد قتيل السوط أو العصا فيه مائة من الإبل منها أربعون في بطونها أولادها" وصححه ابن حبان وابن القطان وأخرج هذا الحديث من تقدم ذكره من حديث ابن عمر وفي الباب أحاديث وقد ذهب جماهير العلماء من الصحابة والتابعين إلى أن القتل على ثلاثة أضرب عمد وخطأ وشبه عمد ففي العمد القصاص وفي الخطأ الدية وفي شبه العمد وهو ما كان بما مثله لا يقتل في العادة كالعصا والسوط والإبرة مع كونه قاصدا لقتل دية مغلظة وهي مائة من الإبل منها أربعون في بطونها
أولادها. وممن ذهب إلى هذا زيد بن علي والشافعية والحنفية وأحمد وإسحاق وقال مالك والليث والهادي: أن القتل ضربان: عمد وخطأ فالخطأ ما وقع بسبب من الأسباب أو من غير مكلف أو غير قاصد للمقتول ونحوه أو للقتل بما مثله لا يقتل في العادة والعمد ما عداه والأول لا قود فيه وقد حكى صاحب البحر الإجماع على هذا مع كون مذهب الجمهور على خلافه.
وأما كون دية الذمي نصف دية المسلم فلحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "عقل الكافر نصف دية المسلم" أخرجه أحمد والنسائي والترمذي وحسنه وابن الجارود وصححه وأخرجه أيضا ابن ماجه بنحوه وأخرج ابن حزم من حديث عقبة بن عامر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " دية المجوسي ثمانمائة درهم" وأخرجه أيضا الطحاوي والبيهقي وابن عدي وفي إسناده ابن لهيعة وهو ضعيف وأخرج الشافعي والدارقطني والبيهقي عن سعيد بن المسيب قال: كان عمر يجعل دية اليهودي والنصراني أربعة آلاف ودية المجوسي ثمانمائة وقد ذهب إلى كون دية الذمي نصف دية المسلم مالك وقال: الشافعي إن دية الكافر أربعة آلاف درهم كذا روى عنه والذي في منهاج النووي أن دية اليهودي والنصراني ثلث دية المسلم ودية المجوسي ثلثا عشر دية المسلم قال: شارحه المحلى أنه قال: بذلك عمر وعثمان وابن مسعود وحكى في البحر عن زيد بن علي والقاسمية وأبي حنيفة أن دية المجوسي كالذمي كدية الثوري والزهري وزيد بن علي وأبو حنيفة والهدوية إلى أن دية الذمي كدية المسلم وروى عن أحمد أن ديته مثل دية المسلم إن قتل عمدا وإلا فنصف الدية احتج القائلون بتنصيف دية الذمي بالنسبة غلى دية المسلم بما تقدم
واحتج القائلون بأنها كدية المسلم بقوله تعالى: {وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} [النساء:92] ويجاب بأن هذا الإطلاق مقيدا بما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم من كونها على النصف من دية المسلم.
وأما كون دية المرأة نصف دية الرجل والأطراف وغيرها كذلك في الزائد على الثلث فلحديث عمرو ابن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " عقل المرأة مثل عقل الرجل حتى يبلغ الثلث من ديته" أخرجة النسائي
والدارقطني وصححة ابن خزيمه وأخرج البيهقي من حديث معاذ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "دية المرأة نصف دية الرجل" قال: البيهقي إسناده لا يثبت مثله وأخرج ابن أبي شيبة والبهيقي عن علي رضي الله عنه أنه قال: "دية المرأة على النصف من دية الرجل في الكل" وأخرجه أيضا ابن أبي شيبة عن عمر وقد أفاد الحديث المذكور أن دية المرأة على النصف من دية الرجل وأن أرشها إلى الثلث من الدية مثل أرش الرجل وقد وقع الخلاف في ذلك بين السلف والخلف وأخرج مالك في الموطأ والبهيقي عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنه قال: سألت سعيد بن المسيب كم في أصبع المرأة قال: عشر من الإبل قلت فكم في الأصبعين قال: عشرون من الإبل قلت فكم في ثلاث أصابع قال: ثلاثون من الإبل قلت فكم في أربع قال: عشرون من الإبل قلت حتى عظم جرحها واشتدت مصيبتها نقص عقلها قال: سعيد أعراقي أنت؟ قلت بل عالم متثبت أو في الأمور متعلم قال: هي السنة يا ابن أخي.
وأما كونها تجب الدية كاملة في الأمور المذكورة فلحديث عمرو بن حزم الذي تقدم تخريجة وتصحيحة وفيه "أن في الأنف إذا أوعب جدعة الدية وفي السان وفي الشفتين الدية وفي البيضتين الدية وفي الذكر الدية وفي الصلب الدية وفي العينين الدية وفي الرجل الواحدة الدية نصف الدية وفي المأمومة ثلث الدية وفي الجائفة ثلث الدية وفي المنقلة خمس عشر من الإبل وفي كل أصبع من أصابع اليد والرجل عشر من الإبل وفي السن خمس من الإبل وفي الموضحة خمس من الإبل وأخرج أحمد من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في الأنف إذا جدع كله بالعقل وإذا جدعت أرنبته فنصف العقل وقضى في العين نصف العقل والرجل نصف العقل واليد نصف العقل وأما المأمومة ثلث العقل والمنقله خمسة عشر من الإبل" وقد أخرجه أبو داود وابن ماجه بدون ذكر العين والمنقلة وفي إسناده محمد بن راشد الدمشقي المكحولي وقد تكلم فيه جماعة ووثقه جماعة وأخرج الترمذي وصححه من حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: دية أصابع اليدين والرجلين
سواء عشر من الإبل لكل أصبع وأخرج نحوه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه وابن حبان من حديث أبي موسى وأخرج أحمد وأبو داود والنسائي من حديث عمرو ابن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " في كل أصبع عشر من الإبل وفي كل سن خمس من الإبل والأصابع سواء والأسنان سواء" وأخرج أحمد وأهل السنن وابن خزيمة وابن الجارود وصححاه من حديث عمرو ابن شعيب أيضا عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "في المواضح خمس من الإبل" وفي البخاري وغيره من حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "هذه وهذه يعني الخنصر والإبهام سواء وأخرج أبو داود وابن ماجه من حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الأسنان سواء الثنية والضرس سواء"
والمراد بالمأموة الجناية التي بلغت أم الدماغ أو الجلدة الدقيقة التي عليها وإلى إيجاب ثلث الدية فيها ذهب علي وعمر والحنيفة والشافعية والمراد بالجائفة الجناية التي تبلغ الجوف وإلى إيجاب ثلث الدية فيها ذهب الجمهور والمراد بالمنقلة التي تنقل العظام عن أماكنها وقد ذهب إلى إيجاب خمس عشرة ناقة فيها على وزيد ابن ثابت والعترة والشافعية والحنفية والمراد بالهاشمة التي تهشم العظم وقد أخرج الدارقطني والبهيقي وعبد الرزاق من حديث زيد بن ثابت أن النبي صلى الله عليه وسلم أوجب في الهاشمة عشرا من الإبل وقد قيل أنه موقوف لكن لذلك حكم الرفع في المقادير والمراد بالموضحة التي تبلغ العظم ولا تهشم وقد اختلف في المنقلة والهاشمة والموضحة هل هذا الأرش هو بالنسبة إلى الرأس فقط أم في الرأس وغيره والظاهر أن عدم الإستفصال في مقام الإحتمام ينزل منزلة العموم في المقال: كما تقرر في الأصول.
وأما كون ماعدا هذه الجنايات التي ورد الشرع بتقديرها يقدر أرشة بحسبها منسوبا إليها فلأن الجناية قد لزم أرشها بلا شك إذ لا يهدر دم المجنى عليه بدون سبب ومع عدم ورود الشرع بتقدير الأرش لم يبق إلا التقدير بالقياس على تقدير الشارع وبيان ذلك أن الموضحة إذا كان أرشها نصف عشر الدية كما
ثبت عن الشارع نظرنا إلى ما هو دون الموضحة من الجناية فإن أخدت الجناية نصف اللحم وبقي نصفة إلى العظم كان أرش هذه الجناية نصف أرش الموضحة وإن أخدت ثلثة كان الأرش ثلث الموضحة ثم هكذا وكذلك إذا كان المأخودة بعض الأصابع كان أرشة بنسبه ما أخذ من الأصبع إلى جميعها فأرش نصف الأصبع نصف عشر الدية ثم كذلك وهكذا الأسنان إذا ذهب نصف ألسن كان أرشه نصف أرش السن ويسلك هذا في الأمور التي تلزم فيها الدية كاملة كالأنف إذا كان الذاهب نصفة ففيه نصف الدية والذكر ونحو ذلك فهذا أقرب المسالك إلى الحق ومطابقة العدل وموافقة الشرع.
وأما كون في الجنين إذا خرج ميتا الغرة فلحديث أبي هريرة في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في جنين امرأة من بني لحيان سقط ميتا بغرة عبد أو أمه وهو ثابت في الصحيحن بنحو هذا من حديث المغيرة ومحمد بن مسلمة والغرة بضم المعجمة وتشديد الراء وأصلها البياض في وجة الفرس وهنا في العبد أو الأمة كأنه عبر بالغرة عن الجسم بكمالة وأما إذا خرج الجنين حيا ثم مات من الجناية ففيه الدية أو القود وهذا في الجنين الحر والخلاف في الغرة طويل قد اسوفيته في شرح المنتقى.
وأما كون في المملوك قيمتة أو أرشه بحسبها فلا خلاف في ذلك وإنما اختلفوا إذا جاوزت قيمة دية الحر هل تلزم الزيادة أم لا والأولى اللزوم وأرش الجناية عليه منسوب من قيمته فما كان فيه في الحر نصف الدية أو ثلثها أو عشرها ونحو ذلك ففيه في العبد نصف القيمة أو ثلثها أو عشرها ونحو ذلك.
وأما الدابة إذا قتلها قاتل ففيها قيمتها وإذا جنى عليها كان الأرش مقدار نقص قيتها بالجناية وهذا وإن لم يقم عليه دليل بخصوصه فهو معلوم من الأدله الكليه لأن العبد وسائر الدواب من جمله ما يملكه الناس فمن أتلفه كان الواجب عليه قيمته ومن جنى عليه جنايه تنقصه كان الواجب عليه أرش النقص كما لو جنى على غير مملوكه من غير الحيوانات وكان الأولى أن يكون المملوك كسائر الدواب يجب في الجناية عليه نقص القيمة.