الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإمام يفعل ماهو الأحوط للإسلام والمسلمين في الأسرى فيقتل أو يأخذ الفداء أو يمن وقال: الزهري ومجاهد وطائفة لا يجوز أخد الفداء من أسرى الكفار أصلا وعن الحسن وعطاء لا يقتل الأسير بل يخير المن والفداء وعن مالك لا يجموز المن بغير فداء وعن الحنفية لا يجوز المن أصلا لا بفداء ولا بغيره
فصل في استرقاق العرب وعدمه
ويجوز استرقاق العرب وقتل الجاسوس وإدا أسلم الحربي قبل القدرة عليه أحرز أمواله وإذا أسلم عبد لكافر صار حرا والأرض المغنومة أمرها إلى الإمام فيفعل الأصلح من قيمتها أو تركها مشتركة بين الغانمين أو بين جميع المسلمين ومن أمنه أحد المسلمين صار أمنا والرسول كالمؤمن ويجوز مهادنة الكفار ولو بشرط وإلى أجل أكثره عشر سنين ويجوز تأييد المهادنة بالجزية ويمنع المشركون وأهل الذمة من السكون في جزيرة العرب.
أقول: أما كونه يجوز استرقاق العرب فلحديث أبي هريرة في الصحيحين وغيرعما أنه كان عند عائشة سبية من بني تميم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أعتقيها فإنها من ولد إسمعيل" وأخرج البخاري وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: حين جاء وفد هوزان مسلمين فسألوه أن يرد إليهم أموالهم وسبيهم فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم " أحب الحديث إلي أصدقه فاختاروا إحدى الطائفتين إما السبي وإما المال" الحديث وفي الصحيحين وغيرهما من حديث ابن عمر أن جويرية بنت الحارث من سبي المصطلق كاتبت عن نفسها ثم تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن يقضي كتابها فلما تزوجها قال: الناس أصهار رسول الله صلى الله عليه وسلم فأرسلوا ما بأيديهم من السبي أخرجه أحمد من حديث عائشة وقد ذهب إلى جواز
استرقاق العرب الجمهور وحكى في البحر عن العترة والحنفية أنه لا يقبل مشركي العرب الأ الإسلام أوالسيف واستدل بقوله تعالى: {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} [التوبة:5] الآية ولا يخفي أنه لا دليل في الآية على المطلوب ولو سلم ذلك كان ما وقع منه صلى الله عليه وسلم مخصصا لذلك وقد صرح القرآن الكريم بالتخير بين المن والفداء فقال: {فَإِمَّا مَنّاً بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} [محمد:4] ولم يفرق بين عربي وعجمي واستدلوا بما أخرجه الشافعي والبيهقي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم حنين: "لو كان الإسترقاق جائزا على العرب لكان اليوم إنما هو أسرى" وفي إسناده الواقدي وهو ضعيف جدا ورواه الطبراني من طريق أخرى فيها يزيد بن عياض وهو أشد ضعفا من الواقدي وقد خصت الهدوية عدم جواز الاسترقاق بذكور العرب لا بإناثهم وقد أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم الفدية من ذكور العرب في بدر وهو فرع الاسترقاق وأما قتل الجاسوس فلحديث سلمة بن الأكوع عند البخاري وغيره قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم عين وهو في سفر فجلس عند بعض أصحابه يتحدث ثم انسل فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "اطلبوه فاقتلوه" فسبقهم إليه فقتله فنفلني رسول الله صلى الله عليه وسلم سلبه وهو متقن على قتل الجاسوس الحربي.
وأما المعاهد والذمى فقال: مالك والأوزعي ينتقص عهده بذلك وأخرج أحمد وأبو داود عن فرات بن حبان أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقتله وكان عينا لأبي سفيان وحليفا لرجل من الأنصار فهو بحلقة من الأنصار فقال: إني مسلم فقال: رجل من الأنصار يارسول الله إنه يقول إنه مسلم فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم إن منكم رجالا نكلهم إلى إيمانهم منهم قرات بن خبان وفي إسناده أبو همام الدلال محمد بن محبب ولا يحتج بحديثه وهو يرويه عن سفيان ولكنه قد روى الحديث المذكور عن سفيان بشر بن السرى وهو ممن اتفق على الاحتجاج به البخاري ومسلم رحمهما الله ورواه عن الثوري ايضا عباد ابن الأزرق العباداني وهو ثقه.
وأما كونه إذا اسلم الحربي قبل القدره عليه أحرز ماله فلحديث صخر بن
عيلة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أسلم الرجل فهو أحق بأرضه وماله" أخرجة أحمد وأبو داود ورجاله ثقات وفي لفظ أن القول إذا أسلموا أحرزوا أموالهم ودماءهم وأخرج أبو يعلى من حديث أبي هريرة مرفوعا "من أسلم على شيء فهو له" وضعفه ابن عدي بياسين الزيات الراوي له عن أبي هريرة قال: البيهقي إنما يروى عن ابن أبي مليكة عن عروة مرسلا وقد أخرجه عن عروة مرسلا سعيد بن منصور برجال ثقات أن النبي صلى الله عليه وسلم حاصر بني قريضة فأسلم ثعلبة وأسيد بن سعية فأحرز لهما إسلامهما أموالهما وأولادهما الصغار ومما يدل على ذلك الحديث الصحيح الثابت من طرق أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها" وقد ذهب الجمهور إلى أن الحربي إذا أسلم طوعا كانت له جميع أمواله في ملك فلا فرق بين من أسلم في دار الحرب أو في دار الإسلام.
وأما كونه إذا أسلم عبد الكافر صار حرا فلحديث ابن عباس عند أحمد وابن أبي شيبة قال: أعتق رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الطائف من خرج إليه من عبيد المشركين وأخرجه أيضا سعيد بن منصور مرسلا وقصة أبي بكرة في تدليه من حصن الطائف مذكورة في صحيح البخاري ورواه أبو داود عن الشعبي عن رجل من ثقيف قال: سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرد إلينا أبا بكرة وكان مملوكنا فأسلم قبلنا فقال: "لا هو طليق رسوله" وأخرج أبو داود والترمذي وصححه من حديث علي قال: خرج عبدان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية قبل الصلح فكتب إليه مواليهم فقالوا: والله يا محمد ما خرجوا إليك رغبه في دينك إنما خرجوا هربا من الرق فقال: ناس صدقوا يا رسول الله ردهم إليهم فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: "ما أراكم تنتبهون يا معشر قريش حتى يبعث الله عليكم من يضرب أعناقكم على هذا" وأبى أن يردهم وقال: "هم عتقاء الله عز وجل" وأخرج أحمد عن أبي سعيد الأعشم قال: قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في العبد إذا جاء وأسلم ثم جاء مولاه فأسلم أنه حر وإذا جاء المولى ثم جاء العبد بعد ما أسلم مولاه فهو أحق به وهو مرسل.
وأما كون الأرض المغنومة أمرها إلى الإمام يفعل الأصلح من تلك الوجوه فلأن النبي صلى الله عليه وسلم قسم أرض قريظة والنضير بين الغانمين وقسم نصف أرض خيبر بين المسلمين وجعل النصف الآخر لما ينزل به الوفود والأمور ونوائب الناس كما أخرجه أحمد وأبو داود من حديث بشير بن يسار عن رجل من الصحابة وأخرج أيضا نحوه أبو داود من حديث سهل بن أبي حثمة وقد ترك الصحابة ما غنموه من الأرض مشتركة بين جميع المسلمين يقسمون خراجها بينهم وقد ذهب إلى ماذكرناه جمهور الصحابة ومن بعدهم وعمل عليه الخلفاء الراشدون وأخرج مسلم رحمه الله وغيره من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أيما قرية أتيتموها فأقمتم فيها فسهمكم فيها وأيما قرية عصت الله ورسوله فخمسها لله ورسوله ثم هي لكم".
وأما كون من أمنه أحد المسلمين صار آمنا فلحديث علي رضي الله عنه عند أحمد وأبي داود والنسائي والحاكم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم" وأخرج أحمد وأبو داود وابن ماجه من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا بلفظ "يد المسلمين على من سواهم تتكافأ دماؤهم ويجير عليهم أدناهم ويرد عليهم أقصاهم وهم يد على من سواهم" وأخرجه ابن حبان في صحيحة من حديث ابن عمر مطولا وأخرجه ابن ماجه من حديث معقل بن يسار مختصرا بلفظ المسلمون يد على من سواهم تتكافأ دماؤعم وأخرجه الحاكم من حديث أبي هريرة مختصرا أيضا وأخرجه مسلم رحمة الله من حديث أبي هريره أيضا بلفظ "إن ذمة المسلمين واحدة فمن أخفر مسلما فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين" وهو في الصحيحين من حديث علي رضي الله عنه وأخرجه البخاري من حديث أنس وفي الباب أحاديث وقد أجمع أهل العلم على أن من أمنه أحد من المسلمين صار آمنا قال: ابن المنذر أجمع أهل العلم على جواز أمان المرأة انتهى.
وأما العبد فأجاز أمانة الجمهور.
وأما الصبي فقال: ابن المنذر أجمع أول العلم على أمان الصبي غير جائز انتهى وأما المجنون فلا يصح أمانه بلا خلاف.
وأما كون الرسول كالمؤمن فلحديث ابن مسعود عند أحمد وأبي داود والنسائي والحاكم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لرسولي مسيلمة "لو كنت قاتلا رسولا لقتلتكما" وأخرج أحمد وأبو داود من حديث نعيم بن مسعود الأشجعي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهما: "والله لولا أن الرسل لا تقتل لضربت أعناقكما" وقد أخرج أحمد وأبو داود والنسائي وابن حبان وصححه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأبي رافع لما بعثته قريش إليه: فقال: يا رسول الله لا أرجع إليهم فقال: له رسول الله صلى الله عليه وسلم "إني لا أخيس بالعهد ولا أحبس البرد ولكن ارجع إليهم فإن كان في قلبك الذي فيه الآن يعني الإسلام فارجع".
وأما كونه تجوز مهادنة الكفار ولو بشرط وإلى أجل أكثره عشر سنين فلحديث أنس عند مسلم رحمه الله وغيره أن قريشا صالحوا النبي صلى الله عليه وسلم فاشترطوا عليه أن من جاء منكم لا نرده عليكم ومن جاء منا رددتموه علينا فقالوا: يا رسول الله أتكتب هذا قال: "نعم إنه من ذهب منا إليهم فأبعده الله ومن جاء منهم سيجعل الله له فرجا ومخرجا" وهو في البخاري وغيره من حديث المسور بن مخرمة ومروان مطولا وفيه أن مدة الصلح بينه صلى الله عليه وسلم وبين قريش عشر سنين وقد اختلف أهل العلم في جواز مصالحة الكفار على رد من جاء منهم مسلما وفعله صلى الله عليه وسلم يدل على جواز ذلك ولم يثبت ما يقتضي نسخه.
وأما قدر مدة الصلح فذهب الجمهور إلى أنه يجوز أن يكون أكثر من عشر سنين لأن الله سبحانه قد أمرنا بمقاتلة الكفارفي كتابه العزيز فلا يجوز مصالحتهم بدون شيء من جزية أو نحوها ولكنه لما وقع ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم كان دليلا على الجواز إلى المدة التي وقع عليها الصلح ولا تجوز الزيادة عليها رجوعا إلى الأصل وهو وجوب مقاتلة الكفار ومناجزتهم الحرب وقد قيل أنها لا تجوز مجاوزة أربع سنين وقيل ثلاثة سنين ولا تجوز مجاوزة سنتين.
وأما كونه يجوز تأييد المهادنة بالجزية فلما تقدم من أمره صلى الله عليه وسلم بدعاء الكفار إلى ثلاث خصال منها الجزية وحديث عمرو بن عوف الأنصاري في الصحيحين وغيرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث أبا عبيدة بن الجراح إلى البحرين يأتي بجزيتها وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو صالح أهل البحرين وأمر عليهم العلاء ابن الحضرمي وأخرج أبو عبيدة عن الزهري مرسلا قال: قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم الجزية من أهل البحرين وكانوا مجوسا وأخرج أبوداود من حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث خالدا إلى أكيدر دومة فأخده فأتوا به فحقن دمه وصالحه على الجزية وأخرج أبو عبيد في كتاب الأموال عن الزهري أن أول من أعطى الجزية أهل نجران وكانوا نصارى وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم على أهل اليمن على كل حالم دينارا كل سنة أو قيمته من المعافر يعني أهل الذمة منهم رواه الشافعي في مسنده عن عمر بن عبد العزيز وهو ثابت في حديث معاذ المشهور عند أبي داود وأخرج البخاري وغيره من حديث المغيرة ابن شعبة أنه قال: لعامل كسرى أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نقاتلكم حتى تعبدوا الله وحده أو تؤدوا الجزية وأخرج البخاري عن ابن أبي نجيح قال: قلت لمجاهد ماشأن أهل الشام عليهم أربعة دنانير وأهل اليمن عليهم دينار قال: جعل ذلك من قبيل اليسار وقد وقع الإتفاق على أنها تقبل الجزية من كفار العجم من اليهود والنصارى والمجوس وقال: مالك والأوزعي وفقهاء الشام أنها أقبل من جميع الكفار من العرب وغيرهم وقال: الشافعي بأن الجزية تقبل من أهل الكتاب عربا كانوا أو عجما ويلحق بهم المجوس في ذلك وقد استدل من لم يجوز أخذها إلا من العجم فقط بما وقع في حديث ابن عباس عند أحمد والترمذي وحسنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لقريش: "أنه يريد منهم كلمه تدين لهم بها العرب وتؤدى إليهم بها العجم الجزية يعني كلمة الشهادة" وليس هذا مما ينفي أخذ الجزية من العرب ولا سيما مع قوله صلى الله عليه وسلم في حديث سليمان ابن بريدة المتقدم: "وإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال أو خلال" وفيها الجزية.
وأما كونه يمنع المشركون وأهل الذمة من السكون ي حزيرة العرب
فلحديث ابن عباس في الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى عند موته بثلاث: "أخرجوا المشركين من جزيرة العرب وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم ونسيت الثالثة" والشك من سليمان الأحول وأخرج مسلم رحمه الله وغيره من حديث عمر أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب حتى لا أدع فيها إلا مسلما" وأخرج أحمد من حديث عائشة أن آخر ما عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن قال: "لا يترك بجزيرة العرب دينان" وهو من رواية ابن إسحاق قال: حدثني صالح بن كيسان عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عنها والأدلة هذه قد دلت على إخراج كل مشرك من جزيرة العرب سواء كان ذميا أو غير ذمي وقيل إنما يمنعون من الحجاز فقط استدلالا بما أخرجه أحمد والبيهقي من حديث أبي عبيدة بن الجراح قال: آخر ما تكلم به صلى الله عليه وسلم: "أخرجوا يهود الحجاز وأهل نجران من جزيرة العرب" وهذا لا يصلح لتخصيص العام لما تقرر في الأصول من أن التخصيص بموافق العام لا يصح وقد حكى ابن حجر في فتح البارى عن الجمهور أن الذي يمنع منه المشركون من جزيرة العرب هو الحجاز خاصة قال: وهو مكة والمدينة وما والاهما لا فيما سوى ذلك مما يطلق عليه اسم الجزيرة وعن الحنفية يجوز مطلقا إلا المسجد الحرام وعن مالك يجوز دخولهم الحرم للتجارة وقال: الشافعي لا يدخلون الحرم أصلا إلا بإذن الإمام وذهب الهدوية إلى أنه يجوز الإذن لهم بسكون جزيرة العرب لمصلحة المسلمين.