الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب الغصب
…
كتاب الغضب
لا يأثم الغاضب ويجب عليه رد ماأخذه ولايحل مال امريء مسلم إلا بطيبة من نفسه وليس لعرق ظالم حق ومن زرعه في أرض قوم بغير إذنهم فليس له من الزرع شيء ومن غرس في أرض غيره غرسا رفعه ولايحل الإنتفاع بالمغضوب ومن اتلفه فعليه مثله أو قيمته
أقول: أما كونه يأثم الغاصب فلأنه أكل مال غيره بالباطل واستولى عليه عدوانا وقد قال الله تعالى: {وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [البقرة:188] وقال صلى الله عليه وسلم "لا يحل مال امريء مسلم إلا بطيبة من نفسه" أخرجه الدارقطني من طرق عن أنس مرفوعا وفي أسانيدها ضعف وأخرجه أحمد والدارقطني من حديث أبي مرة الرقاشي عن عمه وفي إسناده علي بن زيد بن جدعان وهو متكلم عليه وأخرجه الحاكم من حديث ابن عباس وأخرجه الدارقطني عنه من طريق أخرى وأخرج البيهقي وابن حبان والحاكم في صحيحيهما من حديث أبي حميد الساعدي وقد أخرج أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه من حديث السائب بن يزيد عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يأخذن أحدكم متاع أخيه جادا ولا لاعبا وإذا أخذ أحدكم عصا أخيه فليردها عليه" وحديث "إنما أموالكم ودماؤكم عليكم حرام" وهو ثابت في الصحيحين وغيرهما وهو مجمع على تحريم الغصب عند كافة المسلمين ومجمع على وجوب رد المغصوب إذا كان باقيا وعلى تسليم عوضه إذا كان تالفا.
وأما كونه ليس لعرق ظالم حق إلى آخره فلحديث رافع بن خديج أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من زرع في أرض قوم بغير إذنهم فليس له من الزرع شيء وله نفقته" أخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجه والترمذي والبيهقي والطبراني وابن أبي شيبة والطيالسي وأبو يعلي وحسنه البخاري.
وأما رفع الغرس عن أرض الغير فلما أخرجه أبو داود والدارقطني من حديث عروة بن الزبير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من أحيا أرضا فهي له وليس
لعرق ظالم حق" قال: ولقد أخبرني الذي حدثني هذا الحديث أن رجلين اختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم غرس أحدهما نخلا في أرض الآخر فقضى لصاحب الأرض بأرضه وأمر صاحب النخل أن يخرج نخله منها قال: فلقد رأيتها وإنها لتضرب أصولها بالفئوس وإنها لنخل عم وأخرج أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه والنسائي وأخرجه البخاري تعليقا من حديث سعيد بن زيد قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم "من أحيا أرضا ميتة فهي له وليس لعرق ظالم حق".
وأما كونه لا يحل الانتفاع بالمعصوب فلما تقدم من الأدلة القاضية بأنه لا يحل مال الغير لا عينا ولا انتفاعا وقد ورد في غصب الأرض التي لا ثمرة لغصبها إلا الانتفاع بها بالزرع ونحوه أحاديث منها عن عائشة في الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من ظلم شبرا من الأرض طوقه الله من سبع أرضين" وفيهما أيضا من حديث أبي سعيد نحوه وفي البخاري وغيره من حديث ابن عمر نحوه أيضا وفي مسلم من حديث أبي هريرة نحوه أيضا.
وأما كون من أتلفه فعليه مثله أو قيمته فلحديث عائشة "أنها لماكسرت إناء صفية الذي أهدت فيه إلى للنبي صلى الله عليه وسلم فقال لها: "إناء كإناء وطعام كطعام" أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي وحسنه الحافظ في الفتح وأخرج البخاري وغيره من حديث أنس رضي الله عنه أن خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم كان عند بعض نسائه فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين مع خادم لها بقصعة فيها طعام فضربت بيدها فكسرت القصعة فضمها وجعل فيها الطعام وقال: كلوا ودفع القصعة الصحيحة للرسول وحبس المكسورة" ولفظ الترمذي قال: أهدت بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم طعاما في قطعة فضربت عائشة القصعة بيدها فألقت ما فيها فقال: النبي صلى الله عليه وسلم " طعام بطعام وإناء بإناء" وقد استدل بذلك من قال: إن القيمى يضمن بمثله ولا يضمن بالقيمة إلا عند عدم المثل وهو الشافعي والكوفيون وقال: مالك إن القيمى يضمن بقيمته مطلقا وبه قالت: الهدوية قيل ولا خوف في أن المثلى يضمن بمثله ولكنه قد ورد في حديث المصراة الثابت في الصحيح ردها وصاعا من تمر واللبن مثلى والبحث مستوفى في مواطنه