الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل في وجوب تعيين الحج بالنية
يجب تعيين نوع الحج بالنية من تمتع أو قران أو إفراد والأول أفضلها ويكون الإحرام من المواقيت المعروفة ومن كان دونها فمهله أهله حتى أهل مكة من مكة.
أقول: أما تعيين الحج بالنية فلما تقدم في الوضوء وقد ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث عائشة قال: "خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: من أراد منكم أن يهل بحج أو عمرة فليفعل ومن أراد أن يهل بحج فليهل ومن أراد أن يهل بعمرة فليهل قالت: وأهل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج وأهل به ناس معه وأهل ناس معه بالعمرة والحج وأهل ناس بعمرة وكنت فيمن أهل بعمرة" وفي البخاري من حديث جابر أن إهلال النبي صلى الله عليه وسلم من ذي الحليفة حين استوت به راحلته" وفي الصحيحين من حديث ابن عمر قال: "بيداؤكم هذه التى تكذبون فيها على رسول الله صلى الله عليه وسلم وما أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا من عند المسجد" يعني مسجد ذي الحليفة وقد وقع الخلاف في المحل الذي أهل منه رسول الله صلى الله عليه وسلم على حسب اختلاف الرواة فمنهم من روى أنه أهل من المسجد ومنهم من روى أنه أهل حين استقلت به راحلته ومنهم من روى أنه أهل لما علا شرف البيداء وقد جمع بين ذلك ابن عباس فقال: إنه أهل في جميع هذه المواضع فنقل كل راو ما سمع.
وأما كون التمتع أفضل الأنواع الثلاثة فاعلم أن هذه المسألة قد طال فيها النزاع واضطربت فيها الأقوال فمنهم من قال: إن أفضل أنواعه القران لكونه صلى الله عليه وسلم حج قرانا على ماهو الصحيح وإن كان قد ورد ما يدل على أنه حج إفراد لكن الأحاديث الصحيحة الثابتة في الصحيحين وغيرهما من طرق عدة مصرحة بأنه أهل بحجة وعمرة فلولم يرد عنه صلى الله عليه وسلم ما يدل على أن غير ما فعله أفضل مما فعله لكان القران أفضل الأنواع لكنه ورد ما يدل على ذلك،
ففي الصحيحين وغيرهما من حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يا أيها الناس أحلوا فلولا الهدي معي فعلت كما فعلتم قال: فأحللنا حتى وطئنا النساء وفعلنا كما يفعل الحلال حتى إذا كان يوم التروية وجعلنا مكة بظهر أهللنا بالحج" وثبت مثل ذلك من حديث جماعة من الصحابة بألفاظ منها "لو استقبلت من أمري ما استدبرت ماسقت من الهدي ولجعلتها عمرة" وقد ذهب إلى هذا جمع من الصحابة والتابعين ومن بعدهم كمالك وأحمد ومن أهل البيت الباقر والصادق والناصر وإسماعيل وموسى ابن جعفر الصادق والإمامية وهو الحق لأنه لم يعارض هذه الأدلة معارض قفد أوضح فيها صلى الله عليه وسلم أن نوع التمتع أفضل من النوع الذي فعله وهو القران وقد أوضحت حجج الأقوال وما احتج به كل فريق في شرح المنتقى وكذلك أوضحت أن حجه صلى الله عليه وسلم كان قرانا فليرجع إليه.
وأما كون الإحرام من المواقيت فلحديث ابن عباس في الصحيحين وغيرهما قال: "وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل المدنية ذا الحليفة ولأهل الشام الجحفة ولأهل نجد قرن المنازل ولأهل اليمن يلملم قال: فهن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن لمن كان يريد الحج والعمرة" فمن كان دونهن فمهله من أهله وكذلك حتى أهل مكة يهلون منها ومثله في الصحيحين أيضا من حديث ابن عمر وفي رواية من حديث لأحمد أنه قاس الناس ذات عرق بقرن" وفي البخاري من حديثه أن عمر قال: لأهل البصرة والكوفة أنظروا حذو قرن من طريقكم" قال: فحد لهم ذات عرق.