الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب زكاة الذهب والفضة
هي إذا حال على أحدهما الحول ربع العشر ونصاب الذهب عشرون دينارا ونصاب الفضة مائتا درهم ولا شيء فيما دون ذلك ولا زكاة في غيرهما من الجواهر وأموال التجارة والمستغلات.
أقول: لا خلاف في وجوب الزكاة في الذهب والفضة مع النصاب والحول لحديث علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قد عفوت لكم عن صدقة الخيل والرقيق فهاتوا صدقة الرقة من كل أربعين درهما درهما وليس في تسعين ومائة شيء فإذا بلغت مائتين ففيها خمسة دارهم" أخرجه أحمد وأبوداود والترمذي والنسائي وفي لفظ: "وليس فيما دون المائتين زكاة" وفي إسناده مقال وقد حسنه ابن حجر ونقل الترمذي عن البخاري تصحيحه.
وأخرج أحمد ومسلم من حديث جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس فيما دون خمس أوراق من الورق صدقة وليس فيما دون خمس ذود من الإبل صدقة وليس فيما دون خمسة أوسق من التمر صدقة" وأخرجه أحمد والبخاري من حديث أبي سعيد.
وأخرج أبو داود من حديث علي رضي الله عنه قال: "إذا كانت لك مائتا درهم وحال عليها الحول ففيها خمسة دراهم وليس عليك شيء يعني من الذهب حتى يكون لك عشرون دينارا فإذا كان لك عشرون دينارا وحال عليها الحول ففيها نصف دينار" وفي إسناده مقال ولكن حسنه ابن حجر ونقل الترمذي عن البخاري تصحيحه كالحديث الأول وقد وقع الإجماع على أن
نصاب الفضة مائتا درهم ولم يخالف في ذلك إلا ابن حبيب الأندلسي والخمس الأواقي المذكورة في الحديث هي مائتا درهم لأن وزن كل أوقية أربعون درهما وذهب إلى أن نصاب الذهب عشرون دينارا الجمهور وقد روى عن الحسن وطاووس ما يخالف ذلك وهو مردود وذهب إلى أعتبار الحول الأكثر.
وذهب ابن عباس وابن مسعود وداود والصادق والباقر والناصر إلى أنه يجب على المالك إذا استفاد نصابا أن يزكيه في الحال تمسكا بما دل على مطلق الوجوب وهو إهمال للقيد.
وأما كونها لا تجب في الجواهر كالدر والياقوت والزمرد والماس واللؤلؤ والمرجان ونحوها فلعدم وجود دليل يدل على ذلك والبراءة الأصلية مستصحبة وقد تقدم في أول كتاب الزكاة ما يفيد هذا.
وأما كونها لا تجب في أموال التجارة فلما قدمنا من عدم قيام دليل يدل على ذلك وقد كانت التجارة في عصره صلى الله عليه وسلم قائمة في أنواع ما يتجر به ولم ينقل عنه مايفيد ذلك.
وأما ما أخرجه أبوداود والدارقطني والبزار من حديث جابر بن سمرة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا بأن نخرج الزكاة مما يعد للبيع" فقال ابن حجر في التلخيص: أن في إسناده جهالة.
وأما مارواه الحاكم والدارقطني عن عمران مرفوعا بلفظ: "في الإبل صدقتها وفي الغنم صدقتها وفي البز صدقته" بالزاي المعجمة فقد ضعف الحافظ في الفتح جميع طرقه وقال في واحدة منها: هذا الإسناد لا بأس به ولا يخفاك1 أن مثل هذا لا تقوم به الحجة لا سيما في التكاليف التي تعم بها البلوى على أنه قد قال ابن دقيق العيد: أن الذي رآه في المستدرك في هذا الحديث البر بضم الباء الموحدة وبالراء المهملة قال: والدارقطني رواه بالزاي
1 أقول تقدم أنه لا يتعدى إلا بعلى.
لكن من طريق ضعيفة وهذا مما يوجب الاحتمال فلا يتم الاستدلال فلو فرضنا أن الحاكم قد صحح إسناد هذا الحديث كما قال المحلى في شرح المنهاج: لكان مجرد الاحتمال مسقطا للاستدلال فكيف إذا قد عورض ذلك التصحيح بتضعيف الحفاظ لما صححه الحاكم مع تأخر عصرهم عنه واستدراكهم1 عليه ويؤيد عدم الوجوب ما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم في الصحيح من حديث أبي هريرة "ليس على المسلم صدقة في عبده ولا فرسه" وظاهر ذلك عدم وجوب الزكاة في جميع الأحوال وقد نقل ابن المنذر الإجماع على زكاة
التجارة وهذا النقل ليس بصحيح فأول من يخالف في ذلك الظاهرية وهم فرقة من فرق الإسلام.
وأما عدم وجوبها في المستغلات كالدور التي يكريها مالكها وكذلك الدواب ونحوها فلعدم الدليل كما قدمنا وأيضا حديث: "ليس على المسلم صدقة في عبده ولا فرسة" يتناول هذه الحالة أعني حالة استغلالها بالكراء لهما وإن كان لا حاجة إلى الإستدلال بل القيام مقام المنع يكفي.
1 وأيضا فكيف والحاكم كثير المجازفة في تصحيح الأحاديث الضعيفة من غير نظر إلى تضعيف غيره كيف وقد ضعفه غيره كما هنا! هـ.