الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب
الأضحية
الاضحية
…
كتاب الأضحية
تشرع لأهل كل بيت وأقلها شاة ووقتها بعد صلاة النحر إلى آخر أيام التشريق وأفضلها أسمنها ولا يجزى ما دون الجذع من الضأن والثني من المعز ولا الأعور والمريض والأعرج والعجف وأعضب القرن والأذن ويتصدق منها ويأكل ويدخر والذبح في المصلى أفضل ولا يأخذ من له أضحية من شعره وظفره بعد دخول عشر ذي الحجة حتى يضحي".
أقول: أما كونها تشرع لأهل كل بيت فلحديث أبي أيوب الأنصارى قال: كان الرجل في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يضحي بالشاة عنه وعن أهل بيته" أخرجه ابن ماجه والترمذي وصححه وأخرج نحوه ابن ماجه من حديث أبي شريحة بإسناد صحيح وأخرج أحمد وأبو داود والنسائي من حديث محنف بن سليم أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "أيها الناس على كل أهل بيت في كل عام أضحية" وفى إسناده أبو رملة واسمه عامر قال: الخطاب مجهول وقد اختلف في وجوب الأضحية فذهب الجمهور إلى أنها سنة غير واجبة وذهب ربيعة والأوزاعى وأبو حنيفة والليث وبعض المالكية إلى أنها واجبة على الموسر وحكى عن مالك والنخعي وتمسك القائلون بالوجوب بمثل حديث "على كل أهل بيت أضحية" المتقدم وبمثل حديث أبي هريرة عند أحمد وابن ماجه وصححه الحاكم وقال ابن حجر: في الفتح رجاله ثقات لكن اختلف في رفعه ووقفه الموقوف أشبه بالصواف قاله الطحاوي: وغيره قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من وجد سعة فلم يضح فلا يقربن مصلانا" ومن أدلة الموجبين قوله تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} والأمر للوجوب وقد قيل أن المراد تخصيص الرب تعالى بالنحر لا للأصنام ومن ذلك حديث جندب بن سفيان البجلي في الصحيحين وغيرهما قال: قال صلى الله عليه وسلم: "من كان ذبح قبل أن يصلي فليذبح مكانها أخرى ومن لم يكن ذبح حتى صلينا فليذبح باسم الله". ومن حديث جابر
نحوه وجعل الجمهور حديث أنه صلى الله عليه وسلم ضحى عن من لم يضح من أمته بكبش" كما في حديث جابر عند أحمد وأبي داود والترمذي وأخرج نحوه أحمد والطبراني والبزار من حديث أبي رافع بإسناد حسن قرينة صارفة لما تفيده أدلة الموجبين ولا يخفى أنه يمكن الجمع بأنه ضحى عن غير الواجدين من أمته كما يفيده قوله: "من لم يضح من أمته مع قوله: "على كل أهل بيت أضحية" وأما مثل حديث "أمرت بالأضحى ولم يكتب عليكم" ونحوه فلا تقوم بذلك الحجة لأن في أسانيدها من رمي بالكذب ومن هو ضعيف بمرة.
وأما كون أقلها شاة فلما تقدم.
وأما كون وقتها بعد صلاة عيد النحر فلقوله صلى الله عليه وسلم: "من كان ذبح قبل أن يصلي فليذبح مكانها أخرى ومن لم يكن ذبح حتى صلينا فليذبح باسم الله" وهو في الصحيحين كما تقدم قريبا وفي الباب أحاديث وفيها التصريح بأن المعتبر صلاة الإمام.
وأما كونه يمتد الوقت إلى آخر أيام التشريق فلحديث جبير بن مطعم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كل أيام التشريق ذبح" أخرجه أحمد وابن حبان في صحيحه والبيهقي وله طرق يقوي بعضها بعضا وقد روى أيضا من حديث جابر وغيره وقد روى نحو ذلك عن جماعة من الصحابة ومن بعدهم والخلاف في المسألة معروف.
وأما كون أفضل الضحايا أسمنها فلحديث أبي رافع أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا ضحى اشترى كبشين سمينين" الحديث وهو عند أحمد وغيره بإسناد حسن وأخرج البخارى من حديث أبي أمامة بن سهل "قال: كنا نسمن الأضحية بالمدينة وكان المسلمون يسمنون".
وأما كونه لا يجزيء ما دون الجذع من الضأن فلحديث جابر عند مسلم رحمه الله تعالى وغيره قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تذبحوا إلا مسنة إلا أن تعسر
عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن" وأخرج أحمد والترمذي من حديث أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "نعم أو نعمت الأضحية الجذع من الضأن" وأخرج أحمد وابن ماجه والبيهقي والطبراني من حديث أم بلال بنت هلال عن أبيها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يجوز الجذع من الضأن ضحية" وفي الصحيحين من حديث عقبة ابن عامر قال: قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحايا بين أصحابه فصارت لعقبة جذعة فقلت يا رسول الله أصابني جذع فقال: "ضح به" وقد ذهب إلى أنه يجزئ الجذع من الضأن الجمهور.
وأما كونه لا يجزئ دون الثنى من المعز فلحديث أبي بردة في الصحيحين وغيرهما أنه قال: يا رسول الله إن عندي داجنا جذعه من المعز فقال: "اذبحها ولا تصلح لغيرك".
وأما ما روي في الصحيحين وغيرهما من حديث عقبة أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه غنما يقسمها على صحابته ضحايا فبقي عتود فذكره للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: ضح به أنت" والعتود من ولد المعز ما أتى عليه حول فقد أخرج البيهقى عنه بإسناد صحيح أنه قال: أعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم غنما أقسمها ضحايا بين أصحابي فبقي عتود منها فقال: "ضح به أنت ولا رخصة لأحد فيه بعدك" وقد حكى النووى الاتفاق على أنه لا يجزئ الجزع من المعز.
وأما كونه لا يجزئ الأعور إلى آخر ما ذكر من المعيب فلحديث البراء عند أحمد وأهل السنن وصححه الترمذى وابن حبان والحاكم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أربع لا تجوز في الأضاحي العوراء البين عور ها والمريضة البين مرضها والعرجاء البين ضلعها والكسيرة التى لا تنقى" أي التي لا مخ لها وقد وقع في رواية العجفاء بدل الكسيرة وأخرج أحمد وأهل السنن وصححه الترمذى من حديث علي رضي الله عنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يضحى بأعضب القرن والأذن" قال: قتادة العضب النصف فأكثر من ذلك وأخرج أحمد وأبو داود والحاكم والبخارى في تاريخه قال: إنما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المصفرة والمستأصلة والبخقاء والمشيعة والكسيرة فالمصفرة التى
تستأصل أذنها حتى يبدو صماخها والمستأصلة التى ذهب قرنها من أصله والبخقاء التى تبخق عينها والمشيعة التى لا تتبع الغنم عجفا وضعفا والكسيرة التى لا تنقى وهذا التفسير هو في أصل الرواية وفي الباب أحاديث. وأما مسلوبة الإلية فأخرج أحمد وابن ماجه والبيهقى من حديث أبي سعيد قال: "اشتريت كبشا أضحى به فعدا الذئب فأخذ الإلية فسألت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "ضح به" وفي إسناده جابر الجعفي وهو ضعيف جدا.
وأما كون المضحي يتصدق منها ويأكل ويدخر فلحديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " كلوا وادخروا وتصدقوا" وهو في الصحيحين وفي الباب أحاديث.
وأما كون الذبح في المصلى أفضل فلحديث ابن عمر عند البخارى وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يذبح وينحر بالمصلى".
وأما كون المضحي لا يأخذ شعره وظفره بعد دخول عشر ذي الحجة حتى يضحي فلحديث أم سلمة رضي الله عنها عند مسلم رحمه الله وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا رأيتم هلال ذى الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره" وفي لفظ لمسلم رحمه الله تعالى وغيره أيضا "من كان له ذبح يذبحه فإذا أهل هلال ذى الحجة فلا يأخذ من شعره وأظفاره حتى يضحي" وقد اختلف العلماء في ذلك فدهب سعيد ابن المسيب وربيعة وأحمد وإسحاق وداود وبعض أصحاب الشافعى إلى أنه يحرم عليه أخذ شيء من شعره وأظفاره حتى يضحي في وقت الأضحية وقال: الشافعى وأصحابه مكروه كراهة تنزيه وحكى المهدي في البحر عن الإمام يحيى والهدوية والشافعي أن ترك الحلق والتقصير لمن أراد التضحية مستحب وقال: أبو حنيفة لا يكره.