المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كتاب‌ ‌ البيع البيع … كتاب البيع المعتبر فيه مجرد التراضي ولو بإشارة من قادر - الدراري المضية شرح الدرر البهية - جـ ٢

[الشوكاني]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الثاني

- ‌كتاب الزكاة

- ‌باب زكاة الحيوان

- ‌مدخل

- ‌فصل في زكاة الإبل

- ‌فصل في زكاة البقر

- ‌فصل في زكاة الغنم

- ‌فصل ولا يجمع بين متفرق من الأنعام

- ‌باب زكاة الذهب والفضة

- ‌باب زكاة النبات

- ‌باب مصارف الزكاة

- ‌باب صدقة الفطر

- ‌كتاب الخمس

- ‌كتاب الصيام

- ‌صيام رمضان

- ‌مدخل

- ‌فصل في ذكر مبطلات الصوم

- ‌فصل في وجوب القضاء ورخصة الفطر للمسافر

- ‌باب صوم التطوع

- ‌باب الاعتكاف

- ‌كتاب‌‌ الحج

- ‌ الحج

- ‌مدخل

- ‌فصل في وجوب تعيين الحج بالنية

- ‌فصل في محظورات الإحرام

- ‌فصل في ما يجب عمله أثناء الطواف

- ‌فصل في وجوب السعي بين الصفا والمروة

- ‌فصل في بيان مناسك الحج

- ‌فصل في بيان أفضل أنواع الهدي

- ‌باب العمرة المفردة

- ‌كتاب النكاح

- ‌مشروعيته

- ‌فصل في بيان أن نكاح المتعة منسوخ والتحليل حرام

- ‌فصل في بيان وجوب المهر وكراهة المغالاة فيه

- ‌فصل: والولد للفراش ولا عبرة بشبهه بغير صاحبه

-

- ‌كتاب‌‌ الطلاق

- ‌ الطلاق

- ‌فصل في بيان أنه إذا طلق الرجل امرأته فهو أحق برجعتها

- ‌باب الخلع

- ‌باب الايلاء

- ‌باب‌‌ الظهار

- ‌ الظهار

- ‌فصل في اللعان

- ‌باب‌‌ العدة والإحداد

- ‌ العدة والإحداد

- ‌فصل في الترهيب في وطء السبايا

- ‌باب ما جاء في النفقة

- ‌باب ما جاء في الرضاع

- ‌باب الحضانة

- ‌كتاب‌‌ البيع

- ‌ البيع

- ‌باب ما جاء في الربا

- ‌باب الخيارات

- ‌باب السلم

- ‌باب القرض

- ‌كتاب الشفعة

- ‌كتاب‌‌ الإجارة

- ‌ الإجارة

- ‌باب ما جاء في الإحياء والأقطاع

- ‌كتاب الشركة

- ‌كتاب الرهن

- ‌كتاب الوديعة والعارية

- ‌كتاب الغصب

- ‌كتاب العتق

- ‌كتاب الوقف

- ‌كتاب الهدايا

- ‌كتاب الهبات

- ‌كتاب الأيمان

- ‌كتاب النذر

- ‌كتاب الأطعمة

- ‌مدخل

- ‌باب ما جاء في الصيد

- ‌باب الذبح

- ‌باب ما جاء في الضيافة

- ‌باب آداب الأكل

- ‌كتاب الأشربة

- ‌كتاب اللباس

- ‌كتاب‌‌ الأضحية

- ‌ الأضحية

- ‌باب الوليمة

- ‌فصل ماجاء في العقيقة

- ‌كتاب الطب

- ‌كتاب الوكالة

- ‌كتاب الضمانة

- ‌كتاب الصلح

- ‌كتاب الحوالة

- ‌كتاب المفلس

- ‌كتاب اللقطة

- ‌كتاب القضاء

- ‌كتاب الخصومة

- ‌كتاب الحدود

- ‌باب حد الزنى

- ‌باب ما جاء حد السرقة

- ‌باب حد القذف

- ‌باب ما جاء في حد المحارب

- ‌باب من يستحق القتل حدا

- ‌كتاب القصاص

- ‌كتاب الديات

- ‌مقدار الدية

- ‌باب القسامة

- ‌كتاب الوصية

- ‌كتاب المواريث

- ‌كتاب الجهاد والسير

- ‌مدخل

- ‌فصل في تقسيم الغنائم

- ‌فصل في استرقاق العرب وعدمه

- ‌فصل في قتال البغاة حتى يعودوا إلى الحق

- ‌فصل في وجوب طاعة الإمام

الفصل: ‌ ‌كتاب‌ ‌ البيع البيع … كتاب البيع المعتبر فيه مجرد التراضي ولو بإشارة من قادر

‌كتاب‌

‌ البيع

البيع

كتاب البيع

المعتبر فيه مجرد التراضي ولو بإشارة من قادر على النطق ولا يجوز بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام والكلب والسنور والدم وعسب الفحل وكل حرام وفضل الماء وما فيه غرر كالسمك في الماء وحبل الحبلة والمنابذة والملامسة وما في الضرع والعبد الآبق والمغانم حتى تقسم والثمر حتى يصلح والصوف في الظهر والسمن في اللبن والمحاقلة والمزابنة والمعاومة والمخاضرة والعربون والعصير إلى من يتخذه خمرا والكالئ بالكالئ وما اشتراه قبل قبضه والطعام حتى يجري فيه الصاعان ولا يصح الاستثناء في البيع إلا إذا كان معلوما ومنه استثناء المبيع ولا يجوز التفريق بين المحارم ولا أن يبيع حاضرلباد والتناجش والبيع على البيع وتلقي الركبان والاحتكار والتسعير ويجب وضع الجوائح ولا يحل سلف وبيع ولاشرطان في بيع ولا بيعتان في بيعة وربح مالم يضم وبيع ماليس عند البائع ويجوز بشرط عدم الخداع والخيار في المجلس ثابت مالم يتفرقا.

أقول: أما كون المعتبر مجرد التراضي ولو بإشارة من قادر على النطق فلكونه لم يرد ما يدل على ما اعتبره بعض أهل العلم من ألفاظ مخصوصة وأنه لا يجوز البيع بغيرها ولا يفيدهم ماورد في الروايات من نحو بعتك وبعت منك فإنا لا ننكر أن البيع يصح ذلك وإنما النزاع في كونه لا يصح إلا بها ولم يرد في ذلك شيء وقد قال الله تعالى: {تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ} [النساء:29] فدل ذلك على أن مجرد التراضي هو المناط ولا بد من الدلالة عليه بلفظ أو إشارة أو كناية بأي لفظ وقع وعلى أي صفة كان وبأي إشارة مفيدة حصل وقال صلى الله عليه وسلم: "لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيبة من نفسه" فإذا وجدت طيبة النفس مع التراضي فلا يعتبر غير ذلك.

ص: 250

وأما كونه لا يجوز بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام فلحديث جابر في الصحيحين وغيرهما أنه سمع صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام".

وأما عدم جواز بيع الكلب والسنور فلما في الصحيحين وغيرهما من حديث ابن مسعود قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ثمن الكلب" وفيهما من حديث أبي جحيفة نحوه وفي صحيح مسلم رحمه الله تعالى وغيره من حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الكلب والسنور" وأخرج النسائي باسناد رجاله ثقات قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ثمن الكلب إلا كلب الصيد.

وأما الدم فلحديث أبي جحيفة في الصحيحين قال: إن رسول الله حرم ثمن الدم.

وأما عسب الفحل وهو ماء الفحل يكريه صاحبه لينزي به فلما أخرجه البخاري من حديث ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن عسب الفحل" ومثله مافي صحيح مسلم من حديث جابر وفي الباب أحاديث ورخص في الكرامة وهي ما يعطى على عسب الفحل من غير شرط شيء عليه كذا في الحجة.

وأما الحرام فلما في الصحيحين وغيرهما من حديث جابر قيل يارسول الله أرأيت شحوم الميتة فإنه يطلي بها السفن ويدهن بها الجلود ويستصبح بها الناس؟ فقال: "لا وهو حرام" ثم قال: "قاتل الله اليهود إن شاء الله لما حرم شحومها جملوه1 ثم باعوه فأكلوا ثمنه" وأخرج أحمد وأبو داود من حديث ابن

1 آي أذابوه! هـ.

ص: 251

عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لعن الله اليهود حرمت عليهم الشحوم فباعوها وأكلوا أثمانها وإن الله إذا حرم على قوم أكل شيء حرم عليهم ثمنه".

وأما فضل الماء فلحديث أياس بن عبدة أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع فضل الماء" رواه أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي وصححه وقال: القشيري هو على شرط الشيخين ولحديث جابر عند مسلم وأحمد وابن ماجه بنحوه وقد ورد مقيدا في الصحيحين من حديث أبي هريرة مرفوعا بلفظ "لا يمنع فضل الماء ليمنع به فضل الكلأ" وفي لفظ "لا يباع الماء ليمنع به الكلأ" وهو في مسلم.

وأما مافيه غرر فلحديث أبي هريرة عند مسلم وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الغرر" وأخرج أحمد من حديث ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تشتروا السمك في الماء فإنه غرر" وفي إسناده يزيد ابن أبي زياد وقد رجح البيهقي وقفه ولكنه داخل في بيع الغرر.

وأما حبل الحبلة فلنهيه صلى الله عليه وسلم عن ذلك كما في مسلم وغيره من حديث ابن عمر وفي الصحيحين كان أهل الجاهلية يتبايعون لحوم الجزور إلى حبل الحبلة أن تنتج الناقة ما في بطنها ثم تحمل التي نتجت فنهاهم صلى الله عليه وسلم عن ذلك وقد قيل إنه بيع ولد الناقة الحامل في الحال وقيل بيع ولد ولدها كما في الرواية وقد ورد النهي عن شراء ما في بطون الأنعام كما في حديث أبي سعيد عند أحمد وابن ماجه والبزار والدارقطني وفي إسناده شهر بن حوشب وفيه ضعف.

وأما المنابذة والملامسة فلحديث أبي سعيد في الصحيحين قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الملامسة والمنابذة في البيع" والملامسة يلمس ثوب الآخر بيده بالليل والنهار ولا يقلبه والمنابذة أن ينبذ الرجل إلى الرجل بثوبه ويكون ذلك بيعهما من غير نظر ولا تراض كذا في الرواية وفي الباب عن أنس عند البخاري ومسلم.

ص: 252

وأما ما في الضرع والعبد الآبق والمغانم والثمرة حتى تصلح والصوف في الظهر والسمن في اللبن فلحديث أبي سعيد رضي الله عنه المتقدم في النهي عن شراء مافي بطون الأنعام فإن فيه النهي عن بيع ما في ضروعها وعن شراء العبد الآبق وعن شراء المغانم حتى تقسم وقد ورد النهي عن بيع المغانم حتى تقسم من حديث ابن عباس عند النسائي ومن حديث أبي هريرة عند أحمد وأبي داود وقد روى النهي عن بيع الثمر حتى يطعم والصوف على الظهر واللبن في الضرع والسمن في اللبن من حديث ابن عباس عند الدارقطني والبيهقي وفي إسناده عمر بن فروح وقد وثقه يحيى بن معين وغيره وأحاديث النهي عن بيع الغرر تشد من عضد جميع ما في هذه الروايات لأن الغرر يصدق على جميع هذه الصور وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما من حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها نهى البائع والمبتاع" وأخرج نحوه مسلم من حديث أبي هريرة وفي الصحيحين من حديث أنس نحوه.

وأما المحاقلة والمزابنة والمعاومة والمخاضرة فلحديث أنس عند البخاري قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المحاقلة والمخاضرة والمنابذة والملامسة والمزابنة" وفي الصحيحين من حديث جابر قال: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن المحاقلة والمزابنة والمعاومة" وفي الباب أحاديث المحاقلة بيع ثمر النخلة لأكثر من سنة في عقد واحد والجميع بيع غرر وجهالة والمخاصرة بيع الثمرة خضراء قبل بدو صلاحها.

وأما بيع العربون فلما أخرجه أحمد والنسائي وأبو داود من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: "نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع العربون" وبيع العربون هو أن يعطي المشتري درهما أو نحوه قبل البيع على أنه إذا ترك الشراء كان الدرهم للبائع بغير شيء ولا يعارض هذا ما أخرجه عبد الرازق في مسنده عن زيد بن أسلم أنه سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن العربون في البيع فأجاوه لأن في إسناده إبراهيم بن أبي يحيى وهو ضعيف وأيضا الحديث مرسل.

ص: 253

وأما بيع العصير إلى من يتخذ خمرا فلحديث "لعن الله بائع الخمر وشاربها ومشتريها وعاصرها" وأخرجه الترمذي وابن ماجه ورجاله ثقات من حديث أنس وأخرج نحوه أحمد وابن ماجه وأبو داود وفي إسناده عبد الرحمن بن عبد الله الغافقي وقد قيل إنه غير معروف وقيل إنه معروف وهو من أمراء الأندلس وصحح الحديث ابن السكن وأخرج الطبراني في الأوسط عن بريدة مرفوعا "من حبس العنب أيام القطاف حتى يبيعه من يهودي أو نصراني أو ممن يتخذه خمرا فقد تقحم النار على بصيرة" وإسناده حسن وفي الباب أحاديث.

وأما بيع الكالئ بالكالئ أي المعدوم بالمعدوم فلحديث ابن عمر عند الدارقطني والحاكم وصححه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الكالئ بالكالئ" ويؤيده ما أخرجه الطبراني عن رافع بن خديج أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع كاليء بكاليء دين بدين" وفي إسناده موسى بن عبيدة الربذي وهو ضعيف وقد قال: أحمد فيه لا تحل الرواية عنه عندي ولا أعرف هذا الحديث عن غيره وقال: ليس في هذا أيضا حديث صحيح ولكن إجماع الناس على أنه لا يجوز بيع دين بدين انتهى وتقوية الأحاديث الواردة في اشتراط التقابض كحديث "إذا كان يدا بيد" وهو في الصحيح وحديث "مالم يتفرقا وبينكما شيء".

وأما بيع ما اشتراه قبل قبضه فلحديث جابر عند مسلم وغيره قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا ابتعت طعاما فلا تبعه حتى تستوفيه" وأخرج مسلم أيضا وغيره قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تباع السلع حتى تستوفى" وأخرج أحمد من حديث حكيم ابن حزام أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: له "إذا اشتريت شيئا فلا تبعه حتى تقبضه1" وفي إسناده العلا ابن خالد الواسطي وأخرج أبو داود والدارقطني والحاكم وابن حبان وصححاه من حديث زيد بن ثابت أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن تباع السلع حيث تبتاع حتى يجوزها التجار إلى رحالهم" وفي الباب أحاديث وقد ذهب إلى ذلك الجمهور.

1 في الأصل تقضيه 1هـ هامش الأصل.

ص: 254

وأما كونه لا يصح الاستنثاء في المبيع إلا إذا كان معلوما فلحديث جابر عند مسلم وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثنيا" وزاد النسائي والترمذي وابن حبان وصححاه إلا إن يعلم والمراد أن يبيع شيئا ويستثني منه شيئا مجهولا إلا إذا كان معلوما فيصح ومن الثنيا المعلومة استثنى جابر لظهر جملة إلى المدينة بعد أن باعه من النبي صلى الله عليه وسلم وهو في الصحيحين وغيرهما من حديثه.

وأما كونه لا يجوز التفريق بين المحارم فلحديث أبي أيوب قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من فرق بين والدة وولدها فرق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة" وأخرج أحمد والترمذي والدارقطني والحاكم وصححه وحديث علي أمرني النبي صلى الله عليه وسلم أن أبيع غلامين أخوين فبعتهما وفرقت بينهما فذكرت ذلك له فقال: أدركهما فارتجعهما ولا تبعمها إلا جمعيا" وأخرجه أحمد وقد صححه ابن خزيمة وابن الجاورد وابن حبان والحاكم وغيرهم حديث أبي موسى قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من فرق بين الوالد وولده وبين الأخ وأخيه" أخرجه ابن ماجه والدارقطني ولا بأس بإسناده وحديث علي أنه فرق بين جارية وولدها فنهاه النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك ورد البيع" أخرجه أبو داود والدارقطني والحاكم وصححه وقد أعل بالانقطاع وفي الباب أحاديث وقد قيل إنه مجمع على ذلك وفيه نظر1.

وأما بيع الحاضر للباد فلحديث ابن عمر قال: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن يبع حاضر لباد" أخرجه البخاري وأخرج مسلم رحمه الله تعالى وغيره من حديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يبيع حاضر لباد دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض" وفي الصحيحين من حديث أنس قال: "نهينا أن يبيع حاضر لباد وإن كان أخاه لأبيه وأمه".

وأما التناجس وهو الزيادة في ثمن السلعة مواطأة لرفع ثمنها فلحديث

1 في المنهاج بيع حاضر لباد هو أن يقدم غريب بمتاع تعم الحاجة إليه ليبيعه بسعر يومه فيقول بلدي اتركه عندي لأبيعه على التدريج.

ص: 255

أبي هريرة في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن أن يبيع حاضر لباد وأن تناجشوا" وفيهما من حديث ابن عمر قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النجش".

وأما البيع على البيع فلحديث ابن عمر عند أحمد والنسائي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يبع أحدكم على بيع أخيه" وهو في الصحيحين أيضا بنحو ذلك وفيهما أيضا من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا: "لا يبيع الرجل على بيع أخيه" وقد ورد أن من باع من رجلين فهو للأول منهما" أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي وحسنه وصححه أبو زرعة وأبو حاتم والحاكم.

وأما تلقي الركبان فلحديث أبي هريرة عند مسلم وغيره قال: نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يتلقى الجلب فإن تلقاه إنسان فابتاعه فصاحب السلعة فيها بالخيار إذا ورد السوق" وفي الصحيحين من حديث ابن مسعود قال: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن تلقي البيوع" وفيهما أيضا نحو ذلك من حديث ابن عمر وابن عباس.

وأما الاحتكار فلحديث ابن عمر عند أحمد والحاكم وابن أبي شيبة والبزار وأبي يعلي مرفوعا: "من أحتكر الطعام أربعين ليلة فقد برئ من الله وبرئ الله منه" وفي إسناده أصبغ بن عبد زيد وفيه مقال: وأخرج مسلم رحمه الله وغيره من حديث معمر بن عبد الله مرفوعا: "لا يحتكر إلا خاطئ" وأخرج نحوه أحمد والحاكم من حديث أبي هريرة.

وأما التسعير فلحديث أنس عند أحمد وأبي داود والترمذي وابن ماجه والدارمي والبزار وأبي يعلى أن السعر غلا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله سعر لنا فقال: " إن الله هو المسعر القابض الباسط الرزاق وإني لأرجو أن ألقى الله وليس أحد منكم يطالبني بمظلمة في دم ولا مال" وصححه ابن حبان والترمذي وفي الباب أحاديث.

وأما ووضع الجوائح فلحديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم وضع الجوائح" أخرجه أحمد والنسائي وأبو داود وأخرجه أيضا مسلم رحمه الله بلفظ: "أمر

ص: 256

بوضع الجوائح" وفي لفظ لمسلم وغيره "إن كنت بعت من أخيك ثمرا فأصابتها جائحة فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئا بم تأخذ مال أخيك" وفي الباب عن عائشة في الصحيحين وعن انس فيهما أيضا وقد ذهب إلى ذلك الشافعي وأبو حنيفة والليث وسائر الكوفيين.

وأما كونه لايحل سلف وبيع وشرطان في بيع فلحديث عبد الله بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لايحل سلف وبيع ولا شرطان في بيع ولاربح مالم يضمن ولاتبع ماليس عندك" أخرجه أحمد وأبوداود والنسائي والترمذي وصححه وكذلك صححه ابن خزيمة والحاكم والمراد بالسلف هنا القرض قال: مالك هو أن يقرضه قرضا ثم يبايعه عليه يزداد عليه وهو فاسد لأنه إنما يقرضه على أن يحابيه في الثمن وقد يكون السلف بمعنى السلم وذلك مثل أن يقول أبيعك عبدي هذا بألف على أن تسلفني ماله في كذا وكذا والشرطان في بيع أن يقول بعتك هذا بألف إن كان نقدا وبألفين إن كان سيئة وقيل هو أن يقول بعتك ثوبي بكذا وعلى قصارته وخياطته.

وأما البيعتان في بيعة فلحديث أبي هريرة عند احمد والنسائي وأبي داود والترمذي وصححه "أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيعتين في بيعة" ولفظ أبي داود: "من باع بيعتين في بيعة فله أو كسهما أو الربا" وأخرجه احمد من حديث عبد الله بن مسعود قال: "نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن صفقتين في صفقة" قال: سماك هو الرجل يبيع البيع فيقول هو بنسئ كذا وبنقد كذا ورجاله رجال الصحيح وما ذكره سماك هو معنى البيعتين في بيعة وقد تقدم تفسير الشرطين في بيع مثل هذا وليس بصحيح بل المراد بالشرطين في بيعه أن البيع واحد شرط فيه شرطان وهنا البيع البيعان.

وأما ربح مالم يضمن فلما تقدم في دليل لايحل سلف وبيع وهو ان يبيع شيئا لم يدخل في ضمانه كالبيع قبل القبض.

وأما بيع ماليس عند البائع فلحديث حكيم بن حزام قال: قلت يارسول

ص: 257

الله يأتيني الرجل فيسألني عن البيع ليس عندي أبيعه منه ثم ابتاعه من السوق فقال: لا تبع ماليس عندك" أخرجه أحمد وأهل السنن وصححه الترمذي وابن حبان والمراد بقوله: ماليس عندك ماليس في ملكك وقدرتك.

وأما كونه يجوز شرط عدم الخداع فلحديث ابن عمر في الصحيحين قال: "ذكر رجل لرسول الله أنه يخدع في البيوع فقال: "من بايعت فقل لا خلابة" وفي الباب أحاديث والخلابة الخديعة وظاهره أن من قال بذلك ثبت له الخيار سواء غبن أو لم يغبن.

وأما كون الخيار في المجلس ثابتا مالم يفترقا فلحديث حكيم بن حزام في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "البيعان بالخيار مالم يفترقا" وفيهما أيضا نحوه من حديث ابن عمر وفي الباب أحاديث وقد ذهب إلى إثبات خيار المجلس جماعة من الصحابة منهم علي وأبو برزة الأسلمي وابن عمر وابن عباس وأبو هريرة وغيرهم ومن التابعين شريح والشعبي وطاوس وعطاء وابن أبي مليكة نقل ذلك عنهم البخاري ونقل ابن المنذر القول به أيضا عن سعيد بن المسيب والزهري وابن أبي ذئب من أهل المدينة وعن الحسن البصري والأوزاعي وابن جريح وغيرهم وبالغ ابن حزم فقال: لا يعرف لهم مخالف من التابعين إلا النخعي وحده ونقل صاحب البحر ذلك عن الصادق والباقر وزين العابدين وأحمد بن عيسى والناصر والإمام يحيى وحكاه أيضا عن الشافعي وأحمد وإسحاق وأبي ثور وذهب الحنفية والمالكية وغيرهم إلى أنها إذا وجبت الصفقة فلا خيار والحق القول الأول.

ص: 258