الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب الشركة
الناس شركاء في الماء والنار والكلأ وإذا تشاجر المستحقون للماء كان الأحق به الأعلى فالأعلى يمسكه إلى الكعبين ثم يرسله إلى من تحته ولا يجوز منع فضل الماء ليمنع به الكلأ وللإمام أن يحمي بعض المواضع لرعي دواب المسلمين في وقت الحاجة ويجوز الإشتراك في النقود والتجارات ويقسم الربح على ما تراضيا عليه وتجوز المضاربة به مالم تشتمل على ما لا يحل وإذا تشاجرا الشركاء في عرض الطريق كان سبعة أذرع ولا يمنع جار جاره أن يغرز خشبة في جداره ولا ضرر ولا ضرار بين الشركاء ومن ضار شريكه جاز للإمام عقوبته بقلع شجره أوبيع داره.
أقول: أما الاشتراك في الماء والنار والكلأ فلحديث أبي حراش عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المسلمون شركاء في ثلاث الماء والنار والكلأ" أخرجه أحمد وأبو داود وقد رواه أبو نعيم في الصحابة في ترجمه ابن حراش ولم يذكر الرجل وقد سئل أبو حاتم عنه فقال: أبو حراش لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم قال: ابن حجر رجاله ثقات وقد أخرج الحديث ابن ماجه عن ابن عباس وفي إسناده عبد الله بن حراش وهو متروك وقد صححه ابن السكن وأخرج ابن ماجه أيضا من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يمنع الماء والنار والكلأ" قال: ابن حجر إسناده صحيح وأخرج الخطيب من حديث عمر نحو ما في الباب وزاد "والملح" وفيه عبد الحكم بن ميسرة ورواه الطبراني بسند حسن عن زيد بن جبير عن ابن عمر وله عنده طريق أخرى وأخرجه أبو داود من حديث بهيثة عن ابيها وأخرجه ابن ماجه من حديث عائشة أنها قالت: "يا رسول الله ما الشيء الذي لا يحل منعه قال: "الملح والماء والنار" وإسناده ضعيف وأخرجه الطبراني عن أنس بلفظ "خصلتان لا يحل منعهما الماء والنار" وأخرجه العقيلي في الضعفاء من حديث
عبد الله بن سرجس وأحاديث الباب تنتهض بمجموعها وقد خصص الحديث بما وقع من الإجماع على أن الماء المحرز في الجرار ملك.
وأما كون الأحق بالماء الأعلى فالأعلى فلحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى في سبيل مهزور أن يمسك حتى يبلغ الكعبين ثم يرسل الأعلى على الأسفل" أخرجه أبو داود وابن ماجه قال: ابن حجر في الفتح وإسناده حسن وأخرجه الحاكم في المستردك من حديث عائشة وصححه الحكم وأعله الدارقطني بالوقف وأخرجه أبو داود وابن ماجه من حديث ثعلبة بن مالك وأخرجه عبد الرزاق من حديث أبي حاتم القرظي عن أبيه عن جده وأخرج ابن ماجه والبيهقي والطبراني من حديث عبادة أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى في شرب النحل من السيل أن الأعلى يشرب قبل الأسفل ويترك الماء إلى الكعبين ثم يرسل الماء إلى الأسفل الذي يليه وكذلك حتى تنقضي الحوائط أو بفنى الماء" وأحاديث الباب صالحة للإحتجاج بها.
وأما كونه لا يجوز منع فضل الماء ليمنع به الكلأ فلحديث أبي هريرة في الصحيحين وغيرهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تمنعوا فضل الماء لتمنعوا الكلأ" وفي لفظ لمسلم رحمه الله تعالى "لا يباع فضل الماء ليباع به الكلأ" وفي لفظ للبخاري "لا تبيعوا فضل الماء لتمنعوا به الكلأ" وفي الباب أحاديث وفي لفظ لأحمد من حديث أبي هريرة "ولا يمنع فضل ماء بعد أن يستغنى عنه".
وأما كون للأمام أن يحمي بعض المواضع لدواب المسلمين في وقت الحاجة فلحديث ابن عمر عند أحمد وابن حبان أن النبي صلى الله عليه وسلم حمى البقيع للخيل خيل المسلمين" وأخرجه أحمد وأبو داود والحاكم من حديث الصعب بن جثامة وزاد "لا حمى إلا لله ورسوله" وهذه الزيادة في صحيح البخاري وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم حمى البقيع وإن عمر رضي الله عنه حمى سرف والربذة".
وأما كونه يجوز الإشتراك في النقود والتجارات فلحديث السائب بن أبي سائب أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم "كنت شريكي في الجاهلية فكنت خير شريك لا تداريني ولاتماريني" أخرجه أبو داود وابن ماجه والنسائي والحاكم وصححه وفي لفظ لأبي داود وابن ماجه أن السائب المخزومي كان شريك النبي صلى الله عليه وسلم قبل البعثة فجاء يوم الفتح فقال: "مرحبا بأخي وشريكي لا يداري ولا يماري" وله طرق غير هذه وأخرج البخاري عن أبي المنهال أن زيد بن أرقم والبراء ابن عازب كانا شريكين فاشتريا فضة بنقد ونسيئة فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم فأمرهما "أن ما كان يدا بيد فخذوه وماكان نسيئة فردوه" وأخرج أبو داود والنسائي وابن ماجه عن ابن مسعود قال: "اشتركت أنا وعمار وسعد فيما نصيب يوم بدر قال: فجاء سغد بأسيرين ولم أجئ أنا وعمار بشيء" وفيه انقطاع وأخرج أحمد وأبو داود عن رويفع بن ثابت قال: "إن كان أحدنا في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليأخذ نقد أخيه على أن له النصف مما يغنم ولنا النصف وإن كان أحدنا ليطير له النصل والريش وللآخر القدح" وأخرجه الدارقطني والبيهقي.
وأما كونه تجوز المضاربة فقد روى عن حكيم بن حزام أنه كان يشترط على الرجل إذا أعطاه مالا مقارضة يضرب له به أن لا تجعل مالى في كبد رطبة ولا تحمله في بحر ولا تنزل به بطن مسيل فإن فعلت شيئا من ذلك فقد ضمنت مالى" وقد قيل إنه لم يصح في المضاربة شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم وإنما فعلها الصحابة منهم حكيم المذكور ومنهم علي كما رواه عبد الرزاق ومنهم ابن مسعود كما رواه الشافعي ومنهم العباس كما رواه البيهقي ومنهم جابر رواه البيهقي أيضا ومنهم أبو موسى وابن عمر كما رواه في الموطأ والشافعي والدارقطني ومنهم عمر كما رواه الشافعي ومنهم عثمان كما رواه البيهقي وقد روى في ذلك من المرفوع ما أخرجه ابن ماجه من حديث صهيب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاث فيهن البركة البيع إلى أجل والمقارضة وإخلاط البر بالشعير للبيت لا للبيع" ولكن في إسناده مجهولان.
وأما كونه إذا تشاجرا الشركاء في عرض الطريق كان سبعة أذرع فلحديث أبي هريرة في الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا اختلفتم في الطريق فاجعلوه سبعة أذرع" وأخرج معناه عبد الله بن أحمد في المسند والطبراني من حديث عبادة بن الصامت وأخرجه أيضا عبد الرزاق من حديث ابن عباس وأخرجه أيضا ابن عدي من حديث أنس.
وأما كونه لا يمنع جار جاره أن يغرز خشبه في جداره لحديث أبي هريرة في الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا يمنع جار جاره أن يغرز خشبة في جداره" وروى نحوه أحمد وابن ماجه والبيهقي عن جماعة من الصحابة.
وأما كونه لا ضرر ولا ضرار بين الشركاء فلحديث ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا ضرر ولا ضرار وللرجل أن يضع خشبة في حائط جاره وإذا اختلفتم في الطريق فاجعلوه سبعة أذرع" أخرجه أحمد وابن ماجه والبيهقي والطبراني وعبد الرزاق قال: ابن كثير أما حديث "لا ضرر ولا ضرار" فرواه ابن ماجه عن عبادة بن الصامت وروى من حديث ابن عباس وأبي سعيد الخدري وهو حديث مشهور انتهى.
فحديث ابن عباس هو المذكور في الباب وحديث عبادة أخرجه أيضا البيهقي وحديث أبي سعيد أخرجه ابن ماجه والدارقطني والحاكم والبيهقي وقد رواه من حديث ثعلبة بن مالك القرظى الطبراني في الكبير وأبو نعيم.
وأما كونه يجوز للإمام عقوبة من ضار شريكه بقلع شجره أو بيع داره فلحديث سمرة بن جندب أنه كان له عضد من نخل في حائط رجل من الأنصار قال: ومع الرجل أهله قال: وكان سمرة يدخل إلى نخله فيتأذى به الرجل ويشق عليه فطلب غليه أن يناقله فأبى فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فطلب إليه النبي صلى أن يبيعه فأبى فطلب إليه أن يناقله فأبى قال: فهبه لى ولك كذا وكذا أمرا رغبة فيه فأبى قال: أنت مضار فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
للأنصاري اذهب فاقلع نخلة" وهو من رواية جعفر بن محمد عن أبيه عن سمرة ولم يسمع منه وقد روى المحب الطبراني من أحاديث الأحكام عن واسع بن حبان قال: "كان لأبي لبابة عذق في حائط رجل فكلمه" ثم ذكره نحو قصة سمرة.