الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
وَمَا توفيقي إِلَّا بِاللَّه رب الْعَالمين
الْحَمد لله الَّذِي بِلُطْفِهِ تصلح الْأَعْمَال وبكرمه وجوده تدْرك الآمال وعَلى وفْق مَشِيئَته تتصرف الْأَفْعَال وبإرادته تَتَغَيَّر الْأَحْوَال وَإِلَيْهِ الْمصير والمرجع والمآل سُبْحَانَهُ هُوَ الْبَاقِي بِلَا زَوَال المنزه عَن الْحُلُول والانتقال عَالم الْغَيْب وَالشَّهَادَة الْكَبِير المتعال ذُو الْعَرْش والمعارج والطول وَالْإِكْرَام والجلال نحمده على مَا أَسْبغ من الإنعام والإفضال وَمن بِهِ من الْإِحْسَان والنوال حمدا لَا توازنه الْجبَال ملْء السَّمَوَات وَالْأَرْض وعَلى كل حَال وَنُصَلِّي على رَسُوله وَنبيه وَخيرته من خلقه وَصفيه وخليله ووليه وحبيبه المفضال سيدنَا أبي الْقَاسِم مُحَمَّد بن عبد الله ذِي الشّرف الباذخ وَالْعلم الراسخ وَالْفضل الشامخ وَالْجمال والكمال صلى الله عَلَيْهِ وعَلى الْمَلَائِكَة المقربين والأنبياء وَالْمُرْسلِينَ وعترتهم الطيبين مَا أفل كَوْكَب وطلع هِلَال وعَلى آل مُحَمَّد وَصَحبه خير صحب وَأكْرم آل وعَلى تابعيهم بِإِحْسَان وَجَمِيع الْأَوْلِيَاء والأبدال وَعَفا عَن الْمُقَصِّرِينَ من أمته أولي الكسل والملال وحشرنا فِي زمرته مُتَمَسِّكِينَ بشرعته مقتدين بسنته متعظين بِمَا ضرب من الْأَمْثَال مزدحمين تَحت لوائه فِي جملَة أوليائه يَوْم لَا بيع فِيهِ وَلَا خلال
أما بعد فَإِنَّهُ بعد أَن صرفت جلّ عمري ومعظم فكري فِي اقتباس الْفَوَائِد الشَّرْعِيَّة واقتناص الفرائد الأدبية عَن لى أَن أصرف إِلَى علم التَّارِيخ بعضه فأحوز بذلك سنة الْعلم وفرضه اقْتِدَاء بسيرة من مضى من كل عَالم مرتضى فَقل إِمَام من الْأَئِمَّة إِلَّا ويحكى عَنهُ من أَخْبَار من سلف فَوَائِد جمة مِنْهُم إمامنا أَبُو عبد الله الشَّافِعِي رضى الله عَنهُ قَالَ مُصعب الزبيرِي مَا رَأَيْت أحدا أعلم بأيام النَّاس من الشَّافِعِي ويروى عَنهُ أَنه قَامَ على تعلم أَيَّام النَّاس وَالْأَدب عشْرين سنة وَقَالَ مَا أردْت بذلك إِلَّا الِاسْتِعَانَة على الْفِقْه
قلت وَذَلِكَ عَظِيم الْفَائِدَة جليل العائدة وَفِي كتاب الله تَعَالَى وَسنة رَسُوله صلى الله عليه وسلم من أَخْبَار الْأُمَم السالفة وأنباء الْقُرُون الخالفة مَا فِيهِ عبر لذوى البصائر واستعداد ليَوْم تبلى السرائر قَالَ الله عز وجل وَهُوَ أصدق الْقَائِلين {وَكُلاًّ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أنباء الرسُل مَا نُثَبِّت بِهِ فُؤَادَك وَجَاءَكَ فِي هَذِه الْحق وموعظة وذكرى للْمُؤْمِنين} وَقَالَ سُبْحَانَهُ {وَلَقَدْ جَاءَهم من الأنْبَاء مَاِ فِيهِ مزدجر حِكْمَة بَالِغَة فَمَا تغن النّذر}
وَحدث النَّبِي صلى الله عليه وسلم بِحَدِيث أم زرع وَغَيره مِمَّا جرى فِي الْجَاهِلِيَّة وَالْأَيَّام الإسرائيلية وَحكى عجائب مَا رَآهُ لَيْلَة أسرِي بِهِ وعرج وَقَالَ (حدثوا عَن بني إِسْرَائِيل وَلَا حرج) وَفِي صَحِيح مُسلم عَن سماك بن
حَرْب قَالَ قلت لجَابِر بن سمُره أَكنت تجَالس رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ نعم كثيرا كَانَ لَا يقوم من مُصَلَّاهُ الَّذِي صلى فِيهِ الصُّبْح أَو الْغَدَاة حَتَّى تطلع الشَّمْس فَإِذا طلعت قَامَ وَكَانُوا يتحدثون فَيَأْخُذُونَ فِي أَمر الْجَاهِلِيَّة فيضحكون ويبتسم صلى الله عليه وسلم
وَفِي سنَن أبي دَاوُد عَن عبد الله بن عَمْرو رضى الله عَنْهُمَا قَالَ كَانَ نَبِي الله صلى الله عليه وسلم يحدثنا عَن بني إِسْرَائِيل حَتَّى يصبح مَا يقوم إِلَّا إِلَى عُظم صَلَاة
قلت وَلم يزل الصَّحَابَة والتابعون فَمن بعدهمْ يتفاوضون فِي حَدِيث من مضى ويتذاكرون مَا سبقهمْ من الْأَخْبَار وانقضى ويستنشدون الْأَشْعَار ويتطلبون الْآثَار وَالْأَخْبَار وَذَلِكَ بَين من أفعالهم لمن اطلع على أَحْوَالهم وهم السَّادة الْقدْوَة فلنا بهم أُسْوَة فاعتنيت بذلك وتصفحته وبحثت عَنهُ مُدَّة وتطلبته فوقفت وَالْحَمْد لله على جملَة كَبِيرَة من أَحْوَال الْمُتَقَدِّمين والمتأخرين من الْأَنْبِيَاء وَالْمُرْسلِينَ وَالصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَالْخُلَفَاء والسلاطين وَالْفُقَهَاء والمحدثين والأولياء وَالصَّالِحِينَ وَالشعرَاء والنحويين وأصناف الْخلق البَاقِينَ وَرَأَيْت أَن المطلع على أَخْبَار الْمُتَقَدِّمين كَأَنَّهُ قد عاصرهم أَجْمَعِينَ وَأَنه عِنْدَمَا يفكر فِي أَحْوَالهم أَو يذكرهم كَأَنَّهُ مُشاهدهم ومحاضرهم فَهُوَ قَائِم لَهُ مقَام طول الْحَيَاة وَإِن كَانَ متعجل الْوَفَاة قَالَ
نعيم بن حَمَّاد كَانَ عبد الله بن الْمُبَارك يكثر الْجُلُوس فِي بَيته فَقيل لَهُ أَلا تستوحش قَالَ كَيفَ استوحش وَأَنا مَعَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابه وَفِي رِوَايَة قَالَ قيل لِابْنِ الْمُبَارك يَا أَبَا عبد الرَّحْمَن تكْثر الْقعُود فِي الْبَيْت وَحدك فَقَالَ أَنا وحدي أَنا مَعَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابه يَعْنِي النّظر فِي الحَدِيث
وَفِي رِوَايَة أُخْرَى وَأَنا مَعَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابه وَالتَّابِعِينَ لَهُم بِإِحْسَان
قلت وَقد أنشدت لبَعض الْفُضَلَاء
(كتاب أطالعه مؤنس
…
أحب إِلَيّ من الآنسه)
(وأدرسه فيريني الْقُرُون
…
حضورا وأعظمهم دارسه)
وَقد اخْتَار الله سُبْحَانَهُ لنا أَن نَكُون آخر الْأُمَم وأطلعنا على أنباء من تقدم لنَّتعظ بِمَا جرى على الْقُرُون الخلية {وتَعِيَها أذنٌ واعِيَة} {فَهَل تَرَى لَهُمْ من بَاقِيَة} ولنقتدي بِمن تقدمنا من الْأَنْبِيَاء وَالْأَئِمَّة الصلحاء وَنَرْجُو بِتَوْفِيق الله عز وجل أَن نَجْتَمِع بِمن يدْخل الْجنَّة مِنْهُم ونذاكرهم بِمَا نقل إِلَيْنَا عَنْهُم وَذَلِكَ على رغم أنف من عدم الْأَدَب وَلم يكن لَهُ فِي هَذَا الْعلم أرب بل أَقَامَ على غية وأكب والمرء مَعَ من أحب
هَذَا وَإِن الْجَاهِل بِعلم التَّارِيخ راكبُ عمياء خابط خبط عشواء ينْسب إِلَى من تقدم أَخْبَار من تَأَخّر ويعكس ذَلِك وَلَا يتدبر وَإِن رد عَلَيْهِ وهمه لَا يتأثر وَإِن ذكر فلجهله لَا يتَذَكَّر لَا يفرق بَين صَحَابِيّ وتابعي وحنفي ومالكي وشافعي وَلَا بَين خَليفَة وأمير وسلطان ووزير وَلَا يعرف من سيرة نبيه صلى الله عليه وسلم أَكثر من أَنه نَبِي مُرْسل فَكيف لَهُ بِمَعْرِِفَة أَصْحَابه وَذَلِكَ الصَّدْر
الأول الَّذين بذكرهم ترتاح النُّفُوس وَيذْهب البوس وَلَقَد رَأَيْت مَجْلِسا جمع ثَلَاثَة عشر مدرسا وَفِيهِمْ قَاضِي الْقُضَاة لذَلِك الزَّمَان وَغَيره من الْأَعْيَان فَجرى بَينهم وَأَنا أسمع ذكر من تحرم عَلَيْهِ الصَّدَقَة وهم ذَوُو الْقُرْبَى المذكورون فِي الْقُرْآن فَقَالَ جَمِيعهم بَنو هَاشم وَبَنُو عبد الْمطلب وَعدلُوا بأجمعهم فِي ذَلِك عَمَّا يجب فتعجبت من جهلهم حَيْثُ لم يفرقُوا بَين عبد الْمطلب وَالْمطلب وَلم يهتدوا إِلَى أَن الْمطلب هُوَ عَم عبد الْمطلب وَأَن عبد الْمطلب هُوَ ابْن هَاشم فَمَا أحقهم بلوم كل لائم إِذْ هَذَا أصل من أصُول الشَّرِيعَة قد أهملوه وَبَاب من أَبْوَاب الْعلم جهلوه وَلزِمَ من قَوْلهم إِخْرَاج بني الْمطلب من هَذِه الفضيله فابتغيت إِلَى الله تَعَالَى الْوَسِيلَة وأنفت لنَفْسي من ذَلِك الْمقَام فأخذتها بِعلم أَخْبَار الْأَنَام وَتَصْحِيح نسبتها وإيضاح محجتها فَإِن كثيرا مِمَّن يحفظ شَيْئا من الوقائع يفوتهُ معرفَة نسبتها إِلَى أَرْبَابهَا وَإِن نَسَبهَا خلط فِيهَا وصرفها عَن أَصْحَابهَا وَهُوَ بَاب وَاسع غزير الْفَوَائِد صَعب المصادر والموارد زلت فِيهِ قدم كثير من نقلة الْأَخْبَار ورواة الْآثَار
ثمَّ أردْت أَن أجمع من هَذَا الْعلم كتابا يكون حاويا لما حصلته وأتقن فِيهِ مَا خبرته فعمدت إِلَى أكبر كتاب وضع فِي هَذَا الْفَنّ على طَريقَة الْمُحدثين وَهُوَ تَارِيخ مَدِينَة دمشق حماها الله عز وجل الَّذِي صنفه الْحَافِظ الثِّقَة أَبُو الْقَاسِم على بن الْحسن العساكري رحمه الله وَهُوَ ثَمَانِي
مئة جُزْء فِي ثَمَانِينَ مجلدا فاختصرته وهذبته وزدته فَوَائِد من كتب أُخْرَى جليلة وأتقنته ووقف عَلَيْهِ الْعلمَاء وسَمعه الشُّيُوخ والفضلاء وَمر بِي فِيهِ من الْمُلُوك المتاخرين تَرْجَمَة الْملك الْعَادِل نور الدّين فأطربني مَا رَأَيْت من آثاره وَسمعت من أخباره مَعَ تَأَخّر زَمَانه وَتغَير خلانه
ثمَّ وقفت بعد ذَلِك فِي غير هَذَا الْكتاب على سيرة سيد الْمُلُوك بعده الْملك النَّاصِر صَلَاح الدّين فوجدتهما فِي المتاخرين كالعمرين رضي الله عنهما فِي الْمُتَقَدِّمين فَإِن كل ثَان من الْفَرِيقَيْنِ حذا حَذْو من تقدمه فِي الْعدْل وَالْجهَاد واجتهد فِي إعزاز دين الله أَي اجْتِهَاد وهما ملكا بَلْدَتنَا وسلطانا خطتنا الله تَعَالَى بهما فَوَجَبَ علينا القايم بِذكر فضلهما فعزمت على إِفْرَاد ذكر دولتيهما بتصنيف يتَضَمَّن التقريظ لَهما والتعريف فَلَعَلَّهُ يقف عَلَيْهِ من الْمُلُوك من يسْلك فِي ولَايَته ذَلِك السلوك فَلَا أبعد أَنَّهُمَا حجَّة من الله على الْمُلُوك الْمُتَأَخِّرين وذكرى مِنْهُ سُبْحَانَهُ فَإِن الذكرى تَنْفَع الْمُؤمنِينَ فَإِنَّهُم قد يستبعدون من أنفسهم طَريقَة الْخُلَفَاء الرَّاشِدين وَمن حذا حذوهم من الْأَئِمَّة السَّابِقين وَيَقُولُونَ نَحن فِي الزَّمن الْأَخير وَمَا لأولئك من نَظِير فَكَانَ فِيمَا قدر الله سُبْحَانَهُ من سيرة هذَيْن الْملكَيْنِ إِلْزَام الْحجَّة عَلَيْهِم بِمن هُوَ فِي عصرهم من بعض مُلُوك دهرهم فَلَنْ يعجز عَن التَّشَبُّه بهما أحد إِن وفْق الله تَعَالَى الْكَرِيم وسدد وَأخذت ذَلِك من قَول أبي صَالح شُعَيْب بن حَرْب الْمَدَائِنِي رحمه الله وَكَانَ أحد السَّادة الأكابر فِي الْحِفْظ وَالدّين قَالَ إِنِّي لأحسب يجاء بسفيان الثَّوْريّ يَوْم الْقِيَامَة حجَّة من الله تَعَالَى على هَذَا الْخلق يُقَال لَهُم إِن لم تدركوا نَبِيكُم فقد أدركتم سُفْيَان أَلا اقْتَدَيْتُمْ بِهِ وَهَكَذَا أَقُول هَذَانِ حجَّة على الْمُتَأَخِّرين من الْمُلُوك والسلاطين فَلِله درهما من ملكَيْنِ تعاقبا على حسن السِّيرَة وَجَمِيل السريرة وهما حَنَفِيّ وشافعي شفى الله بهما كل عي وَظَهَرت بهما من خالقهما الْعِنَايَة فتقاربا حَتَّى فِي
الْعُمر وَمُدَّة الْولَايَة وَهَذِه نُكْتَة قل من فطن لَهَا وَنبهَ عَلَيْهَا ولطيفة هَدَانِي الله بتوفيقه إِلَيْهَا وَذَلِكَ أَن نور الدّين رحمه الله ولد سنة إِحْدَى عشرَة وَخمْس مئة وَتُوفِّي سنة تسع وَسِتِّينَ وَولد صَلَاح الدّين رحمه الله سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَخمْس مئة وَتُوفِّي سنة تسع وَثَمَانِينَ فَكَانَ نور الدّين أسن من صَلَاح الدّين بِسنة وَاحِدَة وَبَعض أُخْرَى وَكِلَاهُمَا لم يستكمل سِتِّينَ سنة فَانْظُر كَيفَ اتّفق أَن بَين وفاتيهما عشْرين سنة وَبَين مولديهما إِحْدَى وَعشْرين سنة وَملك نور الدّين دمشق سنة تسع وَأَرْبَعين وملكها صَلَاح الدّين سنة سبعين فَبَقيت دمشق فِي المملكة النورية عشْرين سنة وَفِي المملكة الصلاحية تسع عشرَة سنة تمحى فِيهَا السَّيئَة وتكتب الْحَسَنَة وَهَذَا من عَجِيب مَا اتّفق فِي الْعُمر وَمُدَّة الْولَايَة ببلدة مُعينَة لملكين متعاقبين مَعَ قرب الشّبَه بَينهمَا فِي سيرتيهما وَالْفضل للمتقدم فَكَأَن زِيَادَة مُدَّة نور الدّين كالتنبيه على زِيَادَة فَضله والإرشاد إِلَى عظم مَحَله فَإِنَّهُ أصل ذَلِك الْخَيْر كُله مهد الْأُمُور بعدله وجهاده وهيبته فِي جَمِيع بِلَاده مَعَ شدَّة الفتق واتساع الْخرق وَفتح من الْبِلَاد مَا استعين بِهِ على مداومة الْجِهَاد فهان على من بعده على الْحَقِيقَة سلوك تِلْكَ الطَّرِيقَة لَكِن صَلَاح الدّين أَكثر جهادا وأعم بلادا صَبر وصابر ورابط وثابر
وَذخر الله لَهُ من الْفتُوح أنفسه وَهُوَ فتح الأَرْض المقدسة فرضى الله عَنْهُمَا فَمَا أحقهما بقول الشَّاعِر
(كم ترك الأول للْآخر)
(وألبس الله هاتيك الْعِظَام وَإِن
…
بلين تَحت الثرى عفوا وغفرانا)
(سقى ثرى أودعوه رَحْمَة مَلَأت
…
مثوى قُبُورهم روحا وريحانا)
وَقد سبقني إِلَى تدوين مآثرهما جمَاعَة من الْعلمَاء والأكابر الْفُضَلَاء
فَذكر الْحَافِظ الثِّقَة أَبُو الْقَاسِم عَليّ بن الْحسن الدِّمَشْقِي فِي تَارِيخه تَرْجَمَة حَسَنَة لنُور الدّين مَحْمُود بن زنكي رَحْمَة الله ولأجله تمم ذَلِك الْكتاب وَذكر اسْمه فِي خطبَته
وَذكر الرئيس أَبُو يعلى حَمْزَة بن أَسد التَّمِيمِي فِي مذيل التَّارِيخ الدِّمَشْقِي قِطْعَة صَالِحَة من أَوَائِل الدولة النورية إِلَى سنة خمس وَخمسين
وَخمْس مئة
وصنف الشَّيْخ الْفَاضِل عز الدّين أَبُو الْحسن عَليّ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الْكَرِيم الْجَزرِي عرف بِابْن الْأَثِير مجلدة فِي الْأَيَّام الأتابكية كلهَا وَمَا جرى فِيهَا وَفِيه شئ من أَخْبَار الدولة الصلاحية لتَعلق إِحْدَى الدولتين بِالْأُخْرَى لكَونهَا متفرعة عَنْهَا
وصنف القَاضِي بهاء الدّين أَبُو المحاسن يُوسُف بن رَافع بن تمبم الْموصِلِي عرف بِابْن شَدَّاد قَاضِي حلب مجلدة فِي الْأَيَّام الصلاحية وسَاق مَا تيَسّر فِيهَا من الْفتُوح واستفتح كِتَابه بشرح مَنَاقِب صَلَاح الدّين رَحمَه الله تَعَالَى
وصنف الإِمَام الْعَالم عماد الدّين الْكَاتِب أَبُو حَامِد مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن حَامِد الْأَصْفَهَانِي كتابين كِلَاهُمَا مسجوع متقن بالألفاظ الفصيحة والمعاني الصَّحِيحَة أَحدهمَا الْفَتْح الْقُدسِي اقْتصر فِيهِ على فتوح صَلَاح الدّين
وَسيرَته فاستفتحه بِسنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَخمْس مئة وَالثَّانِي الْبَرْق الشَّامي ذكر فِيهِ الوقائع والحوادث من الْغَزَوَات والفتوحات وَغَيرهمَا مِمَّا وَقع من سنة وُرُوده دمشق وَهِي سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَخمْس مئة إِلَى سنة وَفَاة صَلَاح الدّين وَهِي سنة تسع وَثَمَانِينَ فَاشْتَمَلَ على قِطْعَة كَبِيرَة من أَخْبَار أَوَاخِر الدولة النورية إِلَّا أَن الْعِمَاد فِي كِتَابيه طَوِيل النَّفس فِي السجع وَالْوَصْف يمل النَّاظر فِيهِ وَيذْهل طَالب معرفَة الوقائع عَمَّا سبق من القَوْل وينسيه فحذفت تِلْكَ الأسجاع إِلَّا قَلِيلا مِنْهَا استحسنتها فِي موَاضعهَا وَلم تَكُ خَارِجَة عَن الْغَرَض الْمَقْصُود من التَّعْرِيف بالحوادث والوقائع نَحْو مَا ستراه فِي أَخْبَار فتح بَيت الْمُقَدّس شرفه الله تَعَالَى وانتزعت الْمَقْصُود من الْأَخْبَار من بَين تِلْكَ الرسائل الطوَال والأسجاع المفضية إِلَى الملال وَأَرَدْت أَن يفهم الْكَلَام الْخَاص وَالْعَام واخترت من