الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
وَفِي هَذِه السّنة ولد لنُور الدّين بحمص ابْن سَمَّاهُ أَحْمد وهنأه بِهِ ابْن مُنِير فِي بعض قصائده ثمَّ توفّي بِدِمَشْق وقبره خلف قبر مُعَاوِيَة رضي الله عنه دَاخل الحظيرة فِي مَقَابِر الْبَاب الصَّغِير
وقصيدة ابْن مُنِير قد تقدم بَعْضهَا فِي أول الْكتاب وَمِنْهَا فِي ذكر الْمَوْلُود
(توالت الأعيادُ لَا زلت لَهَا
…
تبلي ديابيج الْبَقَاء وتجد)
(الْفطر والميلاد والمولود لَو
…
قابله بدر التّمام لسجد)
(ثَلَاثَة تعرب عَن ثَلَاثَة
…
لمثلهَا يذخر حمدا من حمد)
(فتح مُبين وطلاب مدرك
…
ودولة مَا تَنْتَهِي إِلَى أمد)
وَله من أُخْرَى
(وَجئْت بأحمدٍ فملأت حمداً
…
موارد كَانَ معدنُها عذَابا)
(تهلل وَجه ملكك يَوْم أَهْدَت
…
قوابلُه لَك الْملك الّلبابا)
(شبيهك لَا يُغَادر مِنْك شَيْئا
…
سنا وَحيا وبذلا واستلابا)
(قسيم الْحَمد إِلَّا أَن حرفا
…
من اسْمك زَاد للمعنى منابا)
(أَلا لله يَوْم فَرَّ عَنهُ
…
وَركب نصّ بالبشرى الرّكابا)
قَالَ أَبُو يعلى فِي أَوَاخِر صفر توجه مجير الدّين فِي الْعَسْكَر وَمَعَهُ مؤيد الدّين الْوَزير إِلَى نَاحيَة حصن بُصرى وَنزل عَلَيْهِ محاصرا لسرخاك واليه لمُخَالفَته وجوره وَأَرَادَ مجير الدّين الْمصير إِلَى حصن صرخد
لمشاهدته فَاسْتَأْذن مُجَاهِد الدّين واليه فِي ذَلِك فَقَالَ لَهُ هَذَا الْمَكَان بحكمك وَأَنا فِيهِ وَال من قبلك
وأنفذ إِلَى وَلَده سيف الدّين مُحَمَّد النَّائِب فِيهِ بإعداد مَا يحْتَاج إِلَيْهِ وتلقي مجير الدّين بِمَا يجب لَهُ
فَخرج إِلَيْهِ فِي أَصْحَابه وَمَعَهُ المفاتيح وأخلى الْحصن من الرِّجَال وَدخل إِلَيْهِ فِي خواصه وسر بذلك وتعجب من فعل مُجَاهِد الدّين وشكره على ذَلِك وَعَاد إِلَى مخيمه على بصرى وحاربها عدَّة أَيَّام إِلَى أَن اسْتَقر الصُّلْح وَالدُّخُول فِيمَا أَرَادَ وَعَاد إِلَى دمشق
قَالَ وَفِي شَوَّال توفّي الْأَمِير سعد الدولة أَو عبد الله مُحَمَّد بن المحسن بن الملحي وَدفن فِي مَقَابِر الْكَهْف وَكَانَ فِيهِ أدب وافر وَكِتَابَة حَسَنَة ونظم جيد
وَتقدم وَالِده فِي حلب فِي التَّدْبِير والسياسة وَعرض الأجناد
قَالَ ابْن الْأَثِير وفيهَا توفّي السُّلْطَان مَسْعُود بن مُحَمَّد بن ملكشاه بهمذان وعهد إِلَى ابْن أَخِيه ملكشاه بن السُّلْطَان مَحْمُود بن مُحَمَّد وخطب لَهُ بِبِلَاد الْجَبَل
وَكَانَ الْغَالِب على الْبِلَاد والعساكر أَيَّام السُّلْطَان مَسْعُود خاصبك بن بلنكرى فَقَامَ بِأَمْر ملكشاه وَلم يمهله غير قَلِيل حَتَّى قبض عَلَيْهِ وَكتب إِلَى أَخِيه الْملك مُحَمَّد بن مَحْمُود وَهُوَ بخوزستان يستدعيه إِلَيْهِ ليخطب لَهُ بالسلطنة وَكَانَ غَرَض خاصبك أَن يقبض عَلَيْهِ أَيْضا فيخلو وَجهه من مُنَازع من السلجوقية وَحِينَئِذٍ يطْلب السلطنة لنَفسِهِ
فَلَمَّا كَاتب مُحَمَّدًا أَجَابَهُ إِلَى الْحُضُور عِنْده وَسَار إِلَيْهِ وَهُوَ بهمذان وَاجْتمعَ
بِهِ وخدمه خاصّبك خدمَة عَظِيمَة فَلَمَّا كَانَ الْغَد دخل عَلَيْهِ خاصبك فَقتله مُحَمَّد وَألقى رَأسه إِلَى أَصْحَابه فَتَفَرَّقُوا وَاسْتقر مُحَمَّد وَثبتت قدمه وَاسْتولى على بِلَاد الْجَبَل جَمِيعهَا
وَكَانَ قتل خاصبك سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَبَقِي مطروحا حَتَّى أَكلته الْكلاب
وَكَانَ ابْتِدَاء أمره أَنه كَانَ من بعض أَوْلَاد التركمان فخدم السُّلْطَان فَمَال إِلَيْهِ وَقدمه حَتَّى فاق سَائِر الْأُمَرَاء وَاسْتولى على أَكثر الْبِلَاد وَهُوَ كَانَ السَّبَب فِي أَكثر الْحَوَادِث الشاغلة للسُّلْطَان مَسْعُود فَإِن الْأُمَرَاء الأكابر كَانُوا يأنفون من اتّباعه لما كَانَ يُقابلهم بِهِ من الهوان والاحتشام عَلَيْهِم
وَذكر الْوَزير يحيى بن هُبَيْرَة فِي = كتاب الإفصاح = أَنه لما تطاول على الْخَلِيفَة المقتفي أَصْحَاب مَسْعُود وأساؤوا الْأَدَب وَلم يُمكن المجاهرة بالمحاربة اتّفق الرأى على الدُّعَاء على مَسْعُود بن مُحَمَّد شهرا كَمَا دَعَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم على رعل وذكوان شهرا فابتدأ هُوَ والخليفة سِرّا كل وَاحِد فِي مَوْضِعه يَدْعُو سحرًا من لَيْلَة تسع وَعشْرين من جُمَادَى الأولى سنة سبع وَأَرْبَعين وَخمْس مئة وَاسْتمرّ الْأَمر على ذَلِك كل لَيْلَة فَلَمَّا كَانَ لَيْلَة تسع وَعشْرين من جُمَادَى الْآخِرَة كَانَ موت مَسْعُود على سَرِيره لم يزدْ عَن الشَّهْر