الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(والنصر دَان وخيل الله مقبلة
…
ترجو الشَّهَادَة فِي الهيجا وتغتنم)
(صاب الْغَمَام عَلَيْهِم والسهام مَعًا
…
فَمَا دروا أيُّما الهطالة الدّيم)
(سروا لينتهبوا الْأَعْمَار فانتهبوا
…
قتلا ويغتنموا الْأَمْوَال فاغتنموا)
(وَأَقْبَلت خَيْلنَا تردي بخيلهم
…
مَجْنُونَة وعَلى أرماحنا القمم)
(وَأدبر الْملك الطاغي يزعزعه
…
حر الأسنة وَهُوَ البادر الشبم)
(وافوا دمشق وظنوا أَنَّهَا جدة
…
ففارقوها وَفِي أَيْديهم الْعَدَم)
(وأيقنوا مَعَ ضِيَاء الصُّبْح أَنهم
…
إِن لم يزولوا سرَاعًا زَالَت الخيم)
(فغادروا أَكثر القربان وانجفلوا
…
وخلفوا أكبر الصلبان وانهزموا)
(وحاولوا الْمَسْجِد الأدْنى فَمَا عبرت
…
عَن مَسْجِد الْقدَم الْأَقْصَى لَهَا قدم)
(مستسلمين لأيدي الْمُسلمين وَقد
…
أغرى القنا بتمادي خطفهم نهم)
(لَا يملك الجسُم دفعا عَن مقاتله
…
كَأَنَّهُ حِين يغشاهُ الردى صنم)
فصل
قَالَ ابْن الْأَثِير لما رَحل الفرنج عَن دمشق سَار معِين الدّين أنر إِلَى بعلبك وَأرْسل إِلَى نور الدّين وَهُوَ مَعَ أَخِيه سيف الدّين يسْأَله أَن يحضر عِنْده فاجتمعا فوصل إِلَيْهِمَا = كتاب القمص = صَاحب طرابلس يُشِير عَلَيْهِمَا
بِقصد حصن العريمة وَأَخذه مِمَّن فِيهِ من الفرنج
وَكَانَ سَبَب ذَلِك أَن ولد الفنش صَاحب جَزِيرَة صقلية خرج مَعَ ملك الألمان إِلَى الشَّام وتغلب على العريمة وَأَخذهَا من القمص وَأظْهر أَنه يُرِيد أَخذ طرابلس مِنْهُ أَيْضا وجد هَذَا الَّذِي ملك العُريمة هُوَ الَّذِي غزا إفريقية وَفتح مَدِينَة طرابلس الغرب فَلَمَّا استولى هَذَا على العريمة كَاتب القومص نور الدّين ومعين الدّين فِي قَصده فسارا إِلَيْهِ مجدين فصبحاه وكتبا إِلَى سيف الدّين يستنجدانه ويطلبان مِنْهُ المدد فأمدهما
فحصروا الْحصن وَبِه ابْن الفنش ونقبوا السُّور فأذعن الفرنج واستسلموا وألقوا بِأَيْدِيهِم
فَملك الْمُسلمُونَ الْحصن وَأخذُوا كل من بِهِ من رجل وَصبي وَامْرَأَة وَفِيهِمْ ابْن الفنش وأخربوا الْحصن وعادوا إِلَى سيف الدّين
وافتتح نور الدّين أَيْضا باسوطا وهاب
وَقَالَ الرئيس أَبُو يعلى قتل أَكثر من كَانَ فِيهِ يَعْنِي فِي حصن العريمة واسروا وَأخذُوا ولد الْملك وَأمه وَنهب مَا فِيهِ من الْعدَد والخيول والأثاث
وَعَاد عَسْكَر سيف الدّين إِلَى مخيمه بحمص وَنور الدّين عَاد إِلَى حلب وَمَعَهُ ولد الْملك وَأمه وَمن اسر مَعَهُمَا وانكفأ معِين الدّين إِلَى دمشق
قَالَ ووردت الْأَخْبَار فِي رَجَب من نَاحيَة حلب بِأَن نور الدّين صَاحبهَا كَانَ قد توجه فِي عسكره إِلَى نَاحيَة الْأَعْمَال الإفرنجية وَقصد فامية وظفر بعدة من الْحُصُون والمعاقل الإفرنجية وبعدة وافرة من الإفرنج وان صَاحب أنطاكية جمع الفرنج وقصده على حِين غَفلَة مِنْهُ فَنَال من عسكره وأثقاله وكراعه مَا أوجبته الأقدار النَّازِلَة وَانْهَزَمَ بِنَفسِهِ وَعَسْكَره وَعَاد إِلَى حلب سالما فِي عسكره لم يفقد مِنْهُ إِلَّا النَّفر الْيَسِير بعد قتل جمَاعَة وافرة من الإفرنج
وَأقَام بحلب أَيَّامًا بِحَيْثُ جدد مَا ذهب لَهُ من البرك وَمَا يحْتَاج إِلَيْهِ من آلَات الْعَسْكَر وَعَاد إِلَى منزله وَقيل لم يعد
وَذكر ابْن أَبى طي أَن أَسد الدّين لما كَانَ فِي نَفسه على نور الدّين من تَقْدِيم ابْن الداية عَلَيْهِ لم ينصح يَوْمئِذٍ وَهِي وَاقعَة يغرا وَمر بِهِ نور الدّين فَقَالَ لَهُ مَا هَذَا الْوُقُوف والغفلة فِي مثل هَذَا الْوَقْت والمسلمون قد انكسروا فَقَالَ يَا خوند إيش ننفع نَحن إِنَّمَا ينفع مجد الدّين أَبُو بكر فَهُوَ صَاحب الْأَمر
فاستدرك نور الدّين ذَلِك وَطيب قلب أَسد الدّين بعد ذَلِك والزم مجد الدّين أَن يعرف لأسد الدّين حَقه واصلح بَينهمَا
قَالَ وَقتل فِي هَذِه الكسرة شاهنشاه بن أَيُّوب أَخُو الْملك النَّاصِر وَقيل فِي كسرة البقيعة
قلت وَهُوَ وَالِد عز الدّين فرخشاه وتقي الدّين عمر والست عذرا الْمَنْسُوب إِلَيْهَا الْمدرسَة الْمدرسَة العذراوية دَاخل بَاب النَّصْر بِدِمَشْق وقبره الْآن بالتربة النجمية جوَار الْمدرسَة الحسامية بمقبرة العوينة ظَاهر دمشق رَحِمهم الله تَعَالَى
قلت وَلابْن مُنِير من قصيدة تقدّمت اعتذارا عَمَّا جرى فِي هَذِه الْغُزَاة قَالَ
(لم يشنه من مَاء يغراء أَن فر
…
الأشابات ذاد عَنْهَا انذلاقه)
(كَانَ فِيهَا لَيْث العرين حمى الأشبال
…
مِنْهُ غَضْبَان كالنار ماقه)
(وشبيه النَّبِي يَوْم حُنيْن
…
إِذْ تلافى أدواءهم درْيَاقه)
(وَهِي الْحَرْب فَحلهَا يحسن الكرة
…
إِن عض بأسها لَا نياقه)
وَقَالَ ابْن الْأَثِير وَفِي سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين أَيْضا سَار نور الدّين إِلَى يغرى وَقد اجْتمع بهَا الفرنج فِي قضهم وقضيضهم وَقد عزموا على قصد بِلَاد الْإِسْلَام فَالتقى بهم هُنَالك واقتتلوا أَشد قتال ثمَّ أنزل الله
نَصره على الْمُسلمين وَانْهَزَمَ الفرنج وَكَانُوا بَين قَتِيل وأسير وَفِي هَذِه الْوَقْعَة يَقُول القيسراني من قصيدة أَولهَا
(يَا لَيْت أَن الصد مصدود
…
أَو لَا فليت النّوم مَرْدُود)
(إِلَى مَتى تعرض عَن مغرم
…
فِي خَدّه للدمع أخدُود)
(قَالُوا عُيُون الْبيض بيض الظبي
…
قلت وَلَكِن هَذِه سود)
(يخَاف مِنْهَا وَهِي فِي جفنها
…
وَالسيف يخْشَى وَهُوَ مغمود)
ثمَّ خرج إِلَى الْمَدْح فَقَالَ
(وَكَيف لَا نثني على عيشنا الْمَحْمُود
…
وَالسُّلْطَان مَحْمُود)
(فليشكر النَّاس ظلال المنى
…
إِن رواق الْعدْل مَمْدُود)
(ونيرات الْملك وهاجة
…
وطالع الدولة مَسْعُود)
(وصارم الْإِسْلَام لَا ينثني
…
إِلَّا وشْلوُ الْكفْر مقدود)
(مَنَاقِب لم تَكُ مَوْجُودَة
…
إِلَّا وَنور الدّين مَوْجُود)
(مظفر فِي درعه ضيغم
…
عَلَيْهِ تَاج الْملك مَعْقُود)
(نَالَ الْمَعَالِي حَاكما مَالِكًا
…
فَهُوَ سُلَيْمَان وَدَاوُد)
(ترتشف الأفواه أسيافه
…
أَن رُضاب الْعِزّ مورود)
(وَكم لَهُ من وقعةٍ يَوْمهَا
…
عِنْد مُلُوك الشّرك مشهود)
(وَالْقَوْم إِمَّا مُرهق صرعة
…
أَو موثق بالقد مشدود)
(حَتَّى إِذا عَادوا إِلَى مثلهَا
…
قَالَت لَهُم هيبته عودوا)
(طَالب بثأر ضمنته الظبي
…
فَكل مَا تضمن مَرْدُود)
(وَالْكر والفر سِجَال الوغى
…
فطارد طورا ومطرود)
(وَإِنَّمَا الإفرنج من بغيها
…
عَاد وَقد عَاد لَهَا هود)
(قد حصحص الْحق فَمَا جَاحد
…
فِي قلبه بأسك مجحود)
(فَكل مصر بك مستفتح
…
وكل ثغر بك مسدود)
وَقَالَ أَيْضا قصيدة فِي نور الدّين وأنشده إِيَّاهَا بِظَاهِر حلب وَقد كسر الإفرنج على يغرا وَهَزَمَهُمْ إِلَى حصن حارم وَقد كَانَت الفرنج هزمت الْمُسلمين أَولا بِهَذَا الْموضع أَولهَا
(تفي بضمانها الْبيض الْحداد
…
وتقضي دينهَا السمر الصعاد)
(وتدرك ثارها من كل بَاغ
…
فوارس من عزائمها الجلاد)
(ويغشى حومة الهيجا همام
…
تشد بضبعه السَّبع الشداد)
(أظنوا أَن نَار الْحَرْب تخبو
…
وَنور الدّين فِي يَده الزِّنَاد)
(وجند كالصقور على صقور
…
إِذا انقضوا على الْأَبْطَال صادوا)
(إِذا أخفوا مكيدتهم أخافوا
…
وَإِن ابدوا عداوتهم أبادوا)
(ونصرة دولة حاميت عَنْهَا
…
وَهل تخشى وَأَنت لَهَا عماد)
(وَإِن نتل القوافي مَا تلته
…
بإنب مَا يؤبنها سناد)
(جرت بالنصر أَقْلَام العوالي
…
وَلَيْسَ سوى النجيع لَهَا مداد)
(وطالت أرؤس الأعلاج خصبا
…
فَنَادَى السَّيْف قد وَقع الْحَصاد)
(أحطت بهم فَكَانَ الْقَتْل صبرا
…
وَلَا طعن هُنَاكَ وَلَا طراد)
(وللإبرنز فَوق الرمْح رَأس
…
توسد والسنان لَهُ وساد)