الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(لَا زَالَ هَذَا الْملك يشمخ شَأْنه
…
أبدا وتكفت فِي الحضيض شناته)
(مَا أَخْطَأتك يَد الزَّمَان فدونه
…
من شَاءَ فلتسرع إِلَيْهِ هناته)
(أَنْت الَّذِي تحلي الْحَيَاة حَيَاته
…
وتهب أَرْوَاح القصيد هباته)
فصل
قَالَ ابْن الْأَثِير وفيهَا سَار نور الدّين إِلَى حصن أفامية وَهُوَ للفرنج أَيْضا وَبَينه وَبَين مَدِينَة حماة مرحلة وَهُوَ حصن منيع على تل مُرْتَفع عَال من أحصن القلاع وأمنعها وَكَانَ من بِهِ من الفرنج يغيرون على أَعمال حماة وشيزر وبنهبونها فَأهل تِلْكَ الْأَعْمَال مَعَهم تَحت الذل وَالصغَار
فَسَار نور الدّين إِلَيْهِ وحصره وضيق عَلَيْهِ وَمنع من بِهِ الْقَرار لَيْلًا وَنَهَارًا وتابع عَلَيْهِم الْقِتَال ليمنعوا الاسْتِرَاحَة فاجتمعت الفرنج من سَائِر بلادها وَسَارُوا نَحوه ليزحزحوه عَنْهَا فَلم يصلوا إِلَيْهِ إِلَّا وَقد ملك الْحصن وملأه ذخائر من طَعَام وَمَال وَسلَاح وَرِجَال وَجَمِيع مَا يحْتَاج إِلَيْهِ
فَلَمَّا بلغه قرب الفرنج سَار نحوهم فحين رَأَوْا جده فِي لقائهم رجعُوا واجتمعوا ببلادهم وَكَانَ قصاراهم أَن صالحوه على مَا أَخذ
ومدحه الشُّعَرَاء واكثروا مِنْهُم أَبُو الْحُسَيْن أَحْمد بن مُنِير قَالَ
(أَسْنَى الممالك مَا أطلت منارها
…
وَجعلت مرهفة الشفار دثارها)
(وأحق من ملك الْبِلَاد وَأَهْلهَا
…
رؤف تكنف عدله أقطارها)
(من عَم سَام الْخَافِقين وحامها
…
مننا وَزَاد هوى فخصّ نزارها)
(مضرية طبعت مضاربه وَإِن
…
عدته ذرْوَة فَارس أسوارها)
(آل الرّعية وَهِي تجْهَل آلها
…
وتعاف نطفتها وَتكره دارها)
(فَأقر ضجعتها وَأنْبت نيها
…
واساغ جرعتها واثبت زارها)
(ملك أَبوهُ سما لَهَا فسما بهَا
…
واجارها فعلت سُهيلا جارها)
(نهج السَّبِيل لَهُ فَأَوْضَعَ خَلفه
…
وشدا لَهُ يمن الْعلَا فأنارها)
(أنشرت يَا مَحْمُود مِلَّة أَحْمد
…
من بعد مَا شَمل البلى أبشارها)
(إِن جانأت عدل السنان قوامها
…
أَو نأنأت كَانَ الحسام جبارها)
(عقلت مَعَ العصم العواصم مذ غَدَتْ
…
هذي العزائم أسرها وإسارها)
(وتكفلت لَك ضُمر أنضيتها
…
فِي صونها أَن تسترد ضمارها)
(كلأت هواملها ورد مطارها
…
مَا أريشته وثقفت آطاها)
(كم حاولت من كفتيها غرَّة
…
غلب الْأسود فقلمت أظفارها)
(أَنى وحامي سرحها من لَو سمت
…
للفلك بَسْطته أحَال مدارها)
(فِي كل يَوْم من فتوحك سُورَة
…
للدّين يحمل سَفَره أسفارها)
(ومطيلة قصر المنابر إِن غَدا الخطباء
…
تنثر فَوْقهَا تقصارها)
(همم تحجلت الْمُلُوك وَرَاءَهَا
…
بِدَم العثار وَمَا اقتفت آثارها)
(وعزائم تستوئر الآساد عَن
…
نهش الفرائس إِن أحس أوارها)
(أبدا تقصر طول مشرفة الذرا
…
بالمشرفية أَو تطيل قصارها)
(فغرت أفامية فَمَا فهتمته
…
كوبار أجنادها الإران بوارها)
(أرهفت رَأْيك فَوق رايك تحتهَا
…
فحططت من شعفاتها أعَفارها)
(أدْركْت ثأرك فِي الْبُغَاة وَكنت يَا
…
مُخْتَار أمة احْمَد مختارها)
(عَارِية الزَّمن الْمُعير سما لَهَا
…
مِنْك المغير فاسترد معارها)
(زأر الهزبر فقيدت عاناتها
…
عصب الضلال وَأسْلمت أعيارها)
(ضاءت نجومك فَوْقهَا ولربما
…
باتت تنافثها النُّجُوم سرارها)
(أمست مَعَ الشعرى العبور وأصبحت
…
شعراء تستفلي الفحول شوارها)
(وَلكم فرعت بمقرباتك مثلهَا
…
تلعا وقلدت الكماة عذارها)
(حَتَّى إِذا اشتملتك أشرق سورها عزا وحلاها سناك سوارها)
(خر الصَّلِيب وَقد علت نغماتها
…
واستوبلت صلواته تكرارها)
(لما وعاها سمع أنطاكية
…
سرت الْوَقار وكشفت أستارها)
(فاليوم أضحت تستذم مجيرها
…
من جوره وَغدا تذم جوارها)
(علمت بِأَن ستذوق جرعة أُخْتهَا
…
إِن زر أطواق القباء وزارها)
(مَاض إِذا قرع الركاب لبلدة
…
أَلْقَت لَهُ قبل القراع إزَارهَا)
(وَإِذا مجانقه ركعن لصعبة الملقاة
…
أَسجد كالجدير جدارها)
(مَلأ الْبِلَاد مواهبا ومهابة
…
حَتَّى استرقت آيُهُ أحرارها)
(يذكى الْعُيُون إِذا أَقَامَ لعونها
…
أبدا ويفضي بالظبي أبكارها)
(أومى إِلَى رمم الندى فأعاشها
…
وهمى لسابقة المنى فأزارها)
(نبوىّ تَشْبِيه الْفتُوح كانما
…
أنصاره رجعت لَهُ أنصارها)
(أَحْيَا لصرح سلامها سلمانها
…
وأماس تَحت عمارها عمارها)
(إِن سَار سَار وَقد تقدم جَيْشه
…
رجف يقصع فِي اللها ذعارها)
(أَو حل حل حبا القروم بهيبة
…
سَلَب البدور بدارها أبدارها)
(وَإِذا الْمُلُوك تنافسوا درج الْعلَا
…
أربى بِنَفس أفرعته خِيَارهَا)
(وَنهى إِذا هيضت تدل بخيرها
…
وسطى تُذل إِذا عنت جبارها)
(تهدى لمحمود السجايا كاسمه
…
لَو لز فاعلة بهَا لأبارها)
(الْفَاعِل الفعلات ينظم فِي الدجى
…
بَين النُّجُوم حسودها أسمارها)
(ساع سعى والسابقات وَرَاءه
…
عنقًا فعصفر منتماه عثارها)
(كالمضرحي إِذا يصرصر رابئا
…
خرس البغاث وَهَاجَرت أوكارها)
(عرفت لنُور الدّين نور وقائع
…
تغشى إِذا اكتحلت بِهِ أبصارها)
(مَشْهُورَة سعطت وَقد حاولتها الأقدار
…
عَجزا أَن تشق غبارها)
(لله وَجهك وَالْوُجُوه كَأَنَّمَا
…
حطت بهَا أوقار هيت قارها)
(وَالْبيض تخنس فِي الصُّدُور صدورها
…
هبرا وتكتحل الشفور شفارها)
(وَالْخَيْل تدلج تَحت أرشية القنا
…
جذب المواتح عاورت آبارها)
(فَبَقيت تستجلي الْفتُوح عرائسا
…
متمليا صدر الْعلَا وصدارها)
(فِي دولة للنصر فَوق لوائها
…
زبر تنمق فِي الطلى أسطارها)
(فالدين موماة رفعت بهَا الصوى
…
وحديقة ضمنت يداك إبارها)
وَله فِيهِ من قصيدة أُخْرَى
(خنس الثعالب حِين زمجر مصحر
…
مَلأ الْبِلَاد هماهما وزئيرا)
(تركُوا مشاجرة الرماح لحاذق
…
جعلت مخافته الْقُصُور قبورا)
(لربيب حَرْب لم تزل فعلاته
…
كالراء يلْزم لَفظهَا التكريرا)
(أَسد إِذا مَا عَاد من ظفر بمفترس
…
أحد لمثله أظفورا)
(يتناذر الْأَعْدَاء مِنْهُ سطوة
…
ملْء الزَّمَان تغيظا وزفيرا)
(عرفُوا لنُور الدّين وَقع وقائع
…
وَفِي بهَا الْإِسْلَام أمس نذورا)
(أبدا يظافرك الْقَضَاء على الَّذِي
…
تبغي فترجع ظافرا منصورا)
(قوضت بالنقع الظهائر ظلمَة
…
وقفلت فاشتعل الدياجر نورا)
(وعَلى العواصم من دفاعك عَاصِم
…
ينسي الرشيد وينشر المنصورا)