الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قلت وَأنْشد أَبُو سعد السَّمْعَانِيّ فِي = ذيل تَارِيخ بَغْدَاد = قَالَ أَنْشدني عمي الإِمَام أَبُو الْقَاسِم أَحْمد بن مَنْصُور السَّمْعَانِيّ غير مرّة من لَفظه للأمير شبْل الدولة يَعْنِي مقَاتل بن عَطِيَّة بن مقَاتل الْبكْرِيّ
(كَانَ الْوَزير نظام الْملك لؤلؤة
…
ثمينة صاغها الرَّحْمَن من شرف)
(عزت وَلم تعرف الْأَيَّام قيمتهَا
…
فردّها غيرَة مِنْهُ إِلَى الصدف)
فصل
عَاشَ السُّلْطَان ملكشاه بعد نظام الْملك خَمْسَة وَثَلَاثِينَ يَوْمًا وَمَات فِي منتصف شَوَّال سنة خمس وَثَمَانِينَ وعمره ثَمَانِيَة وَثَلَاثُونَ عَاما وَنصف عَام
وَكَانَت مَمْلَكَته قد اتسعت اتساعا عَظِيما وخطب لَهُ من حُدُود الصين إِلَى الداروم من أَرض الشَّام وأطاعه الْيمن والحجاز
وَكَانَ يَأْخُذ الْخراج من ملك الْقُسْطَنْطِينِيَّة وأطاعه صَاحب طراز وأسبيجاب وكاشغر وبلاسغون وَغَيرهَا من الممالك الْبَعِيدَة وَملك سَمَرْقَنْد وَجَمِيع مَا وَرَاء النَّهر
ثمَّ ان صَاحب كاشغر عصى عَلَيْهِ فَسَار السُّلْطَان إِلَيْهِ فَلَمَّا قَارب كاشغر هرب صَاحبهَا مِنْهُ فَسَار فِي طلبه وَلم يزل حَتَّى ظفر بِهِ وَأحسن
إِلَيْهِ واستصحبه مَعَه إِلَى أصفهان وَعمل السُّلْطَان من الْخيرَات وأبواب الْبر كثيرا مِنْهَا مَا اصلحه وَعَمله من المصانع بطرِيق مَكَّة وحفر من الابار وَبنى مدرسة عِنْد قبر الإِمَام أبي حنيفَة رَحْمَة الله عَلَيْهِ وَبنى الْجَامِع الَّذِي بِظَاهِر بَغْدَاد عِنْد دَار السلطنة وَهُوَ الَّذِي بنى مَنَارَة الْقُرُون فِي طرف الْبر مِمَّا يَلِي الْكُوفَة بمَكَان يعرف بالسبعي وَبنى مثلهَا بسمرقند أَيْضا قيل إِنَّه خرج سنة من الْكُوفَة لتوديع الحجيج فجاوز العذيب وَبلغ السبعية بِقرب الواقصة وَبنى هُنَاكَ مَنَارَة نزل فِي أَثْنَائِهَا قُرُون الظبي وحوافر الْحمر الوحشية الَّتِي اصطادها فِي طَرِيقه
وَبعد مَوته تنَازع ابناه بكيارق وَمُحَمّد ودامت الحروب بَينهمَا نَحْو ثِنْتَيْ عشرَة سنة إِلَى أَن توفّي بكيارق واستقرت السلطنة لمُحَمد
وَفِي مُدَّة تِلْكَ الحروب ظَهرت الفرنج بالسَّاحل وملكوا أنطاكية أَولا ثمَّ غَيرهَا من الْبِلَاد
وَكَانَ السُّلْطَان قد أقطع أَخَاهُ تتش تَاج الدولة مَدِينَة دمشق وأعمالها وَمَا جاورها كطبرية وَالْبَيْت الْمُقَدّس فَلَمَّا توفى ملكشاه طمع تَاج الدولة فِي السلطنة فَسَار إِلَى حلب وَبهَا قسيم الدولة فَصَالحه وراسل بوزان صَاحب حران وياغي سغان صَاحب أنطاكية فسارا مَعَه نَحْو الرحبة ونصيبين فَأَخذهُمَا وراسل صَاحب الْموصل إِبْرَاهِيم بن قُرَيْش بن
بدران يَأْمُرهُ بِالْخطْبَةِ لَهُ وَأَن يُعْطِيهِ طَرِيقا إِلَى بَغْدَاد فَامْتنعَ فَالْتَقَيَا فَهزمَ صَاحب الْموصل
وَقتل وَأخذت بِلَاده
وَسَار إِلَى ميافارقين فملكها وَسَائِر ديار بكر
ثمَّ سَار إِلَى أذربيجان فَالتقى هُوَ وَابْن أَخِيه بكيارق بن ملكشاه فانتقل قسيم الدولة وبوزان إِلَى بكيارق فَرجع تَاج الدولة إِلَى الشَّام ورجعا إِلَى بلادهما بِأَمْر بكيارق ليمنعا تَاج الدولة عَن الْبِلَاد إِن قَصدهَا
فَجمع تَاج الدولة العساكر وَسَار عَن دمشق نَحْو حلب فَاجْتمع قسيم الدولة وبوزان وأمدهما السُّلْطَان ركن الدّين بكيارق بالأمير كربوقا وَهُوَ الَّذِي صَار فِيمَا بعد صَاحب الْموصل فَالْتَقوا بِالْقربِ من تل السُّلْطَان وَبَينه وَبَين حلب نَحْو من سِتَّة فراسخ فَانْهَزَمَ جَيش قسيم الدولة وَأخذ أَسِيرًا فَقتله تَاج الدولة صبرا وَدخل بوزان وكربوقا حلب فحصرهما تَاج الدولة حَتَّى فتحهَا وَأَخذهمَا أسيرين
وَأرْسل إِلَى حران والرها وكانتا لبوزان فَامْتنعَ من بهما من التَّسْلِيم فَقتل بوزان وأنفذ رَأسه وتسلم البلدين
وَأما كربوقا فَإِنَّهُ سجنه بحمص فَلم يزل إِلَى أَن أخرجه الْملك رضوَان بعد قتل أَبِيه تَاج الدولة
قَالَ ابْن الْأَثِير وَكَانَ قسيم الدولة أحسن النَّاس سياسة لرعيته وحفظا لَهُم وَكَانَت بِلَاده بَين عدل عَام وَرخّص شَامِل وَأمن وَاسع وَكَانَ قد شَرط على أهل كل قَرْيَة فِي بِلَاده مَتى أَخذ عِنْد أحدهم قفل أَو أحد من النَّاس غرم أَهلهَا جَمِيع مَا يُؤْخَذ من الْأَمْوَال من قَلِيل وَكثير فَكَانَت السيارة إِذا بلغت قَرْيَة من بِلَاده ألقوا رحالهم وناموا آمِنين وَقَامَ أهل الْقرْيَة يَحْرُسُونَهُمْ إِلَى أَن يرحلوا فأمنت الطّرق وتحدث الركْبَان بِحسن سيرته
وَفِي الْمحرم من سنة سبع وَثَمَانِينَ وَأَرْبع مئة توفّي الْخَلِيفَة الْمُقْتَدِي